| فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 10:50 pm | |
| الماسونية وموقف الدين منها
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هى الماسونية وما موقف الدين منها؟
الجواب الماسونية جمعية سرية يهودية يرجع تاريخها إلى العصر الرومانى، تأسست فى مدينة " أورشليم " زمن الوالى " هيرودوس أغريبا " ملك اليهودية من سنة 37 - 44 بعد الميلاد، وهو حفيد "هيرودوس الكبير " الذى قتل أطفال بيت لحم، خشية أن يكون فيهم المسيح الذى سيقضى على ملكه. وكان الغرض من تأسيسها مناهضة الدين المسيحى، ثم تطور غرضها إلى مناهضة الأديان عامة وإعادة مجد إسرائيل والعودة إلى أرض فلسطين، ثم عدل اسمها وظهرت بنشاطها فى المحاربة وسميت " الجمعية الماسونية " أو البنائين الأحرار، وكان ذلك سنة 1717 م وشعارهم: المثلث والفرجار، وأسسوا فى بريطانيا أول محفل ماسونى، جعلوا شعاره: الحرية والإخاء والمساواة، وأصدر فى لندن القرار التالى الذى يبين حقيقة أغراضهم: 1 - المحافظة على اليهودية. 2 - محاربة الأديان عامة والكاثوليكية خاصة. 3- بث روح الإلحاد والإباحة بين الشعوب. ثم تأسست لها محافل فى أمريكا وغيرها، وقد اغتر بشعارها بعض المسلمين فانضم إليها، حتى إذا ما ظهر له هدفها تبرأ منها، وخاف أكثرهم أن يذيع أسرارها حتى لا يقتل، وتوجد شهادات لكبار الكتاب الغربيين ونشرات رسمية يهودية وأبحاث من مختصين، تبين تخطيط اليهود الواسع لإفساد العالم تحت شعارات براقة يجب أن يتنبه إليها المسلمون، فمن أكبر شعاراتهم: الأديان تفرقنا والماسونية تجمعنا. جاء فى دائرة المعارف الماسونية الصادرة فى "فيلادلفيا" سنة 1906 م: يجب أن يكون كل محفل رمزا لهيكل اليهود، وهو بالفعل كذلك، وأن يكون كل أستاذ على كرسيه ممثلا لملك اليهود، وكل ماسونى تجسيدا للعامل اليهودى. وجاء فى نشرة ماسونية صادرة فى لندن سنة 1935: إن أمنيتنا هى تنظيم جماعة من الناس يكونون أحرارا جنسيا، نريد أن نخلق الناس الذين لا يخجلون من أعضائهم التناسلية، ولذلك أسسوا نوادى للعراة فى دول كثيرة، وسعوا بكل وسيلة لتدمير مقومات الشعوب غير اليهودية والقضاء على القيم الأخلاقية. وحتى لا يفتضح أمرها أكثر، وللحرص على انتشارها بشكل أوسع ظهرت الماسونية تحت عناوين مختلفة، وأنشأت فروعا متعددة، منها: البناى برث، والكيوانى، والليونز، والاكستشانج، وشهود يهوه، ومنها الاتحاد والترقى، ونادى القلم، ونادى الصلبان الزاهرة، وكذلك الروتارى. وقد ذكر بعضها " تشارلس ماردن، فى كتابه " الروتارى وأخوته " الذى نشر سنة 1936 م، وهذه نبذة بسيطة عنها: 1 - بناى برث، أو أبناء العهد، أنشئت فى نيويورك سنة 1843 م على نظام الماسونية، واقتصرت فى قبول الأعضاء بمحافلها على اليهود، ثم انتشرت فروعها فى العالم كله. يقول " فوستر دالاس " فى حفل أقامته هذه المؤسسة فى 8 من مايو سنة 1956 م: إن مدنية الغرب قامت فى أساسها على العقيدة اليهودية، ولذلك يجب على الدول الغربية أن تعمل بعزم أكيد من أجل الدفاع عن المدنية فى معقلها الحالى "إسرائيل ". 2 - الكيوانى، أصل التسمية من الكلمة الهندية " كى-وانى " أى اعرف بنفسك كيف تجعل صوتك مسموعا، ومع عدم وضوح العلاقة بين العنوان والهدف، فقد أسسه بعض الماسونيين فى "ديترويت " بأمريكا، ورخص لهم به فى 21 من يناير سنة 1915 م. وفى مايو سنة 1917 م ظهرت المنظمة العالمية لنوادى الليونز إلى الوجود وعقدت اجتماعاتها الأولى فى شيكاغو، الوطن الأم لنوادى الروتارى وجاء فى جريدة الأهرام الصادرة فى 2 / 12 / 1985 م أن وزيرة التأمينات والدولة للشئون الاجتماعية تدشن اليوم فى فندق شيراتون القاهرة أحدث ناد لسيدات الليونز ويحمل رقم 19 فى قائمة نوادى الليونز سيدات ورجال، ويتم فى حفل التدشين تسليم الإشارات والشهادات للمؤسسات البالغ عددها 27 مؤسسة، وذكر الخبر أسماء هيئه النادى، الذى أطلق عليه اسم " نادى سيدات ليونز شمال القاهرة ". 4 - الاكستنشانج، تأسس فى ديترويت فى 27 / 3 / 1916 م بمساعى تاجر المجوهرات " تشارلس بركى ". وفى أغسطس سنة 1917 م عقد المؤتمر الوطنى الأول. 5 - شهود يهوه مؤسسة يهودية ترتدى ثوبا مسيحيا، أخذت اسم "يهوه " كما جاء فى التوراة، تأسست فى ولاية بنسلفانيا بأمريكا سنة 1884 م ثم انتقلت إلى نيويورك سنة 1909 م. ومن طرق دعوتها اقتحام البيوت لإلقاء دروس دينية من التوراة، وهى من أخطر الجمعيات اليهودية، لأنها تخدع الجماهير المسيحية الساذجة وتدخل نبوءات التوراة المحرفة فى النفوس بعودة اليهود إلى أرض الميعاد. لقد كشف أمر الماسونية سنة 1951 م فى مجلة القوات المسلحة حين تظاهر صحفى باعتناقها وعرف أسرارها. وفى صحف سرية كانت مرسلة إلى جهة ما بمعرفة ضابط أمريكى، عبث ولده برباطها فتبعثرت، فقرأ ما فيها ونشرها، فقتلوه، والظابط اسمه " سبير سفيتش " ألف كتابا بالعنوان "الدنيا لعبة إسرائيل " ترجم إلى العربية، وقدم له وزير التعليم بالسعودية. وكان للماسونية محافل وجمعيات فى مصر صدر قرار وزارة الشئون الاجتماعية بحلها فى 18 / 4 / 1964 (8/397) ________________________________________ الروتارى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نسمع عن تشكيل يطلق عليه اسم " الروتارى " فهل فيه تعاليم تخالف تعاليم الإسلام؟
الجواب جاء فى المصادر التى كتبها المنتسبون إلى الروتارى، والمعلقون عليه أن المحامى اليهودى " بول هاريس " الذى كان يعيش فى شيكاغو أحس بالوحدة وبحاجته الملحة إلى الزمالة والصداقة، ففكر فى جمع بعض الأصدقاء فى مكتبه فى روح أخوية، ليتدارسوا كيفية رفع مستوى كل منهم. وأول اجتماع كان فى 23 من فبراير سنة 1905 م حضره أربعة من الأصدقاء، واتفقوا على أن يكون الاجتماع أسبوعيا فى مكان عمل واحد منهم، ومن هنا جاء اسم: " الروتارى ". ولما كثر عددهم وضاقت بهم أماكن العمل أصبحت اجتماعاتهم حول موائد للطعام، مع مناقشة ما يرون من مسائل. ثم أنشأوا ناديا ثانيا فى " فرنسيسكو " سنة 1908 م، وتكونت نواد خارج أمريكا، كان أولها نادى " وينينج " فى كندا سنة 1912، ثم انتشرت فى كثير من البلاد، حتى صار عددها 17800 فى 154 دولة ومنطقة جغرافية حسب إحصاء نوفمبرسنة 1978 م. وهذه النوادى تعقد مؤتمرات كان أولها فى شيكاغو سنة 1910 م وكان أول مؤتمر خارج أمريكا سنة 1921 م فى " أدنبرة " باسكوتلاندا حيث أطلق عليه اسم: الروتارى الدولى. وفى سنة 1922 م عقد المؤتمر فى " لوس أنجلوس " بأمريكا، واستمرت المؤتمرات تنعقد سنويا منذ ذلك التاريخ، وكان آخرها رقم 69 فى طوكيو سنة 1978 م. ونوادى الروتارى تعتبر أعضاء فى مؤسسة الروتارى الدولية، ومقرها مدينهَ " أفنسنون " بولاية " ألينوى " بالولايات المتحدة الأمريكية. تبين أن فكرة النادى نبعت من الحاجة إلى، طرد شبح الوحدة والعزلة وإلى الاندماج مع الناس، والتفكير فى تحسين حال الزملاء الذين يجمعهم النادى، ثم وضح نادى الروتارى فى مصر الغرض من إنشائه وركزه فى أمور أربعة: 1 - توسيع مدى التعارف لإتاحة الفرصة للخدمة. 2- بلوغ مستوى خلقى سام فى الأعمال والمهن. 3 - تمسك كل روتارى بمبدأ الخدمة فى حياته الشخصية العملية والاجتماعية. 4 - تعزيز روح التفاهم الدولى والنية الصادقة وحب السلام، وذلك بتوثيق أواصر الزمالة فى العالم بين الروتاريين أصحاب الأعمال والمهن. وهذه الأغراض فى شكلها وفى جملتها قد تغرى بالانضمام إلى هذه النوادى، أو على الأقل عدم التعرض لنشاطها ما دام يستهدف تحقيق هذه الأغراض. ومن المعلوم أن هناك صلة بينها وبين الماسونية، ومن شواهد ذلك: 1 - أن شعار جميع الأعضاء هو " الأديان تفرقنا والروتارى يجمعنا" وهو شعار الماسونية. وقد قرر مجلس إدارة الروتارى الدولى فى اجتماع عام 40 / 1941 م أن نوادى الروتارى تضم أعضاء من مختلف الأديان والمبادئ، ولكل أن يتمسك بعقيدته الدينية، مع الاحترام الكامل لعقيدة الآخرين. وقد وضع الأديان كلها فى مستوى واحد من الاحترام، بصرف النظر عما هو سماوى أو أرضى، وفى ذلك -كما يقال -غسل القلوب والعقول تمهيدا لغرس ما يراد فيها مما تخطط له الماسونية من سيطرة الدين اليهودى وأفكار التلمود التى استغنوا بها عن التوراة. 2 - أن المجموعة الأولى التى اشتركت مع "بول هاريس " فى تأسيس الروتارى كانت أعضاء فى المحافل الماسونية، بل إنه فى بعض الحالات قصرت عضوية النادى على الماسون فقط مثل نادى "أدنبرة " فى بريطانيا سنة 1921 م. 3 - يقول الصحفى التركى (شهاب طان) -كما جاء فى كتاب "فى زنزانات إسرائيل " -. ولكن المحافل الماسونية غيرت اسم بعضها إلى جمعيات الروتارى بعد أن عرفت أسرارها وأهدافها. 4 - حذر الفاتيكان من خطر هذه الأندية، فصدر مرسوم من المجلس الأعلى فى 0 2 من كانون أول سنة 1950 م قرر فيه الكرادلة ما يأتى: " دفاعا عن العقيدة والفضيلة تقرر عدم السماح لرجال الدين بالانتساب إلى الهيئة المسماة بنوادى الروتارى، وعدم الاشتراك فى اجتماعاتها ". 5 - أن بعض الجمعيات والتنظيمات الحديثة التى دخلت المحيط الإسلامى ظهر أن لها صلة قوية بتنظيمات غربية تستهدف مصالح الغرب وبخاصة اليهود، كجمعية: " أصدقاء الشرق الأوسط الأمريكية " التى يعمل " هوبكنز " نائبا لرئيسها، وقد كان قسيسا ومنتسبا لطائفة خطيرة، وله نشاط واسع فى السياسة لصالح أمريكا وبريطانيا، وقد قاطعت شخصيات إسلامية هامة مؤتمره الذى عقد سنة 1954 م. فى " بحمدون " بلبنان، معلنة أن الإسلام ليس فى حاجة إلى توجيهات أجنبية. إن أقل ما يقال فى الروتارى وأمثاله أنها تشكيلات تحوم حولها الشبهة لما يأتى: 1 - أن المؤسسين الأول يهود، ونحن نعرف ماضيهم وما ارتكبوه من جرائم فى حق الإنسانية كلها، وسجل القرآن كثيرا منها، وما يزال العرب والمسلمون يعانون منهم إلى اليوم. 2 - هل عقمت تعاليم الإسلام وأفكار المسلمين أن تضع أهدافا إنسانية كالتى يدعيها المؤسسون للروتارى؟ وهل نحن فى حاجة إلى ما يضعه لنا الأجنبى المعروف بعدائه، والذى يصبغه بألوان ينخدع بها المصابون بعقدة الخواجة؟ . 3 - إن اللمسة الروحية تنقص هذه النوادى فالاهتمام كله فى الخدمة بالمفهوم الذى يعرفه من تورط فيها وقتا أو راقب نشاطها، دون اهتمام بالثواب الأخروى فهو أمر ثانوى، وقد فطن لخطرها آباء الكنيسة المسيحية، فقد خطب " تشيسترون " فى حفل أقيم سنة 1931 م فى نيويورك، ووصف منظمة الروتارى بأنها تنقصها اللمسة الروحية وأن شيئا غير أخلاقى يهيمن عليها وعلى علاقات أفرادها. انتهى. 4 - جاء فى جريدة "الشهاب " بتاريخ 13 / 5 / 1964 م أن أول مؤتمر ماسونى روتارى عقد فى " رامات غان " بفلسطين المحتلة، وامتدحوا فيه إسرائيل. هذه هى نوادى الروتارى من كلام أعضائها والمتصلين بها، والمسلمون بالذات ليسوا فى حاجة إليها، وإذا كان لبعض أعضائها نشاط دينى فهو ليس نتيجة الانتساب إليها، وإذا كان لبعض الشخصيات اتصال بها فى مناسبة ما فليس ذلك شهادة بأنها بعيدة عن الشبهة، ومن أراد أن يباشر نشاطا اجتماعيا لا شبهة فيه فما أكثر ميادينه البريئة، ولتكن لنا شخصية مستقلة فى فكرها وسلوكها، تتخذ مقوماتها من الدين الذى أكمله الله وأتم به النعمة، ووعد على التمسك به حياة طيبة فى الدنيا والأخرى. الروتارى فى مصر: فى مطلع سنة 1928 م زار مصر المستر " جلاكستين " وهو من أعضاء نادى " هامر سميث " بانجلترا، وتقابل مع مجموعة من الرجال كانوا يجتمعون على الغداء مرة فى كل أسبوع، فدعاهم إلى إنشاء أول ناد للروتارى فى المنطقة، فوافقوا وأصبح عددهم 16 وفى يناير 1929 م بعث الروتارى الدولى مندوبا عنه هو المستر دافيد سن من كالجرى بكندا لحضور أول اجتماع للنادى فى 2 من يناير سنة 1929م فى فندق شبرد وكان عدد الأعضاء 22 عضوا، وبعث الروتارى الدولى مندوبا عنه هو المستر " كوك بونينج " من هولندا ليسلم رئيس النادى وقتذاك المستر "مارتن " شهادة تأسيس النادى المؤرخة فى 11 من مارس 1929 م. وتمت تلك المراسم على متن السفينة " مصر " فى 8 / 12 / 1929 م. وفى الفترة من سنة 29- 1939 م كان أغلب الأعضاء من الأجانب ولم يكن من بين الأعضاء المؤسسين، وعددهم 22، إلا خمسة من المصريين، منهم اثنان فقط من المسلمين، وكانت اللغة المستعملة هى الإنجليزية، ولم يشترك أحد من المصريين فى مجلس الإدارة حتى عام 1931 م، وكانت رئاسة النادى لغيرهم حتى سنة 1934 م، ومنذ سنة 1939 م أنشئت نواد فى الإسكندرية وبورسعيد والمنصورة والزقازيق وأسيوط، والمشتركون فيها خليط من المسلمين والمسيحيين واليهود. والمقر الدائم لنادى الروتارى المصرى رقم 3 شارع بهلر، افتتح فى 21 من مارس 1955 م. ومن 14 من أبريل سنة 1959 م انتقلت اجتماعاته من فندق سميراميس إلى فندق النيل هيلتون وهو تابع لوزارة الشئون الاجتماعية. ومن أراد أن يعرف أسماء الأعضاء والرؤساء فليرجع إلى كتاب "العيد الذهبى للروتارى فى مصر " 1929 -1979 م فى 13 من مارس 1979 - 15 من مارس 1979 م. هذا مختصر من بحث طويل عن الروتارى ربما أنشره فى فرصة أخرى (8/398) ________________________________________ الدروز
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال من هم الدروز وهل هم مسلمون؟
الجواب هم أتباع أبى محمد الدرزى - بفتح الدال المشددة - وكانوا أولا من الإسماعيلية ثم خرجوا عليهم، ويسكنون سوريا ولبنان. تقوم عقيدتهم على تأليه الحاكم بأمر الله الفاطمى وبرجعته، ويتخذون سنة 408 هجريه مبدأ لتاريخهم الذى أعلن فيه الدعاة الوهية الحاكم، وهم يعتبرون فى الرسميات مسلمين، وإن كانت مبادئهم الدينية سرية لا يصرحون بها، فنشأت شائعات عن عقائدهم وعباداتهم، حتى كانت حملة الجيش السورى على جبل الدروز فى أواخر عهد "الشيشكلى" فعثر على بعض مخطوطاتهم التى شرحت مذهبهم، وألف بعض مؤرخى العصر الحديث كتابا عليهم. يقولون بالتقية أى التظاهر بموافقة الآخرين، ويقولون أيضا بالتناسخ وهم ثلاث درجات: الأولى: العقل أو العقال -بتشديد القاف المفتوحة - وهم رجال الدين ذوو النفوذ الكبير، والثانية: الأجاويد المطلعون على تعاليم الدين والملتزمون بها، والثالثة: العامة أو الجهال. وليس لهم مساجد بل خلوات خاصة لا يدرى ما يجرى فيها،ولا يصومون إلا ما يقال عن الشيوخ العقَّل من صيام أيام غير رمضان، ولا يحجون إلى الكعبة، بل إلى خلوة البياضية فى بلدة "حاصبية" التابعة لبيروت، ويقال إنهم لا يقرون تعدد الزوجات ولا الرجعة فى الطلاق، ولا يورثون البنات. هذا بعض ما تسرب من المعلومات عنهم فى الكتب والأخبار، ونظرا للسرية التامة ولتشددهم فى مبدأ التقية فإن حقيقة مذهبهم لا يعرف منها إلا القليل، لكن كتب عنهم، عصام الجيتاوى كلاما تفصيليا نشرته مجلة " المجتمع " التى صدرت بالكويت بتاريخ 25/ 4 /1978 م، فيرجع إليه. وقد صدرت عن دار الإفتاء المصرية فتوى فى15 من ديسمبر سنة 1934 م مأخوذة عن ابن عابدين (رد المختار - الجزء الثالث - باب المرتد) نصها: تنبيه، يعلم مما هنا حكم الدروز والنيامنة فإنهم فى البلاد الشامية يظهرون الإسلام والصوم والصلاة مع أنهم يعتقدون تناسخ الأرواح، وحل الخمر والزنا، وأن الألوهية تظهر فى شخص بعد شخص، ويجحدون الحشر والصوم والصلاة والحج، ويقولون: المسمى بها غير المعنى المراد، ويتكلمون فى جناب نبينا صلى الله عليه وسلم كلمات فظيعة، وللعلامة المحقق عبد الرحمن العمادى فيهم فتوى مطولة، وذكر فيهم أنهم ينتحلون عقائد النصيرية والإسماعيلية الذين يلقَّبون بالقرامطة والباطنية الذين ذكرهم صاحب المواقف، ونقل عن علماء المذاهب الأربعة أنه لا يحل إقرارهم فى ديار الإسلام بجزية ولا غيرها، ولا تحل مناكحتهم ولا ذبائحهم - انتهى. وقال ابن عابدين أيضا فى رد المحتار فى فصل المحرمات عند قول المصنف: وحرم نكاح الوثنية بالإجماع ما نصه: قلت: وشمل ذلك الدروز والنصيرية والنيامنة فلا تحل مناكحتهم ولا تؤكل ذبيحتهم، لأنهم ليس لهم كتاب سماوى. انتهى (الفتاوى الإسلامية - المجلد الأول صفحة 202) (8/399) ________________________________________ الشياطين...... لماذا؟
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال لماذا خلق الله الشياطين؟
الجواب خلق الله الشياطين ليمتحن بها بنى آدم هل يستجيبون لأمر الله أو لأمر الشيطان، وإيمان المؤمن لا تكون له قيمته إذا كان نابعا منه ذاتيا بحكم أنه خلق مؤمنا كالملائكة، فإن استقر الإيمان بعد الانتصار فى معركة الشيطان الذى أقسم أن يغوى الناس أجمعين كان جزاء هذا المؤمن عظيما، لأنه حصل بتعب وكد ومجاهدة، دفع بها أجر الحصول على تكريم الله له. والحياة الدنيا لابد فيها من معركة بين الخير والشر، لتتناسب مع خلق الله لأدم على وضع يتقلب فيه بين الطاعة والمعصية، وقد تزعَّم الشيطان، هذه المعركة انتقاما من آدم الذى طرد من الجنة بسبب عدم السجود له فقال: {قال فبما أغويتنى لأقعدن لهم صراطك المستقيم. ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين} الأعراف: 16، 17. \\\وحذر الله الإنسان من طاعة الشيطان فقال، {ألم أعهد إليكم يا بنى اثم أن لاتعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين} وقال: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا} فاطر: 6. فمجاهدة الشيطان بعصيانه لها ثواب، ووجوده يساعد على الحركة القائمة على المتقابلات، والحركة سر الحياة، وقد سئل أحد العلماء: لماذا خلق الله إبليس فقال: لنتقرب إلى الله بالاستعاذة منه وعصيانه، فكل شر فيه خير ولو بقدر (8/400) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 10:51 pm | |
| خلق الأصنام
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال أرجو تفسير قوله تعالى: {أم خلقوا السماوات والأرض} الطور: 36؟
الجواب هذه آية من سورة الطور جاء قبلها قوله تعالى: {أم خلقوا من غير شىء أم هم الخالقون. أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون} الطور: 35، 36. وهما من ضمن الأساليب التى ترد على المشركين الذين كذَبوا الرسول صلى الله عليه وسلم فى دعوته أن هناك إلهًا واحدًا خلقهم جميعًا، وأن الأصنام التى يعبدونها عاجزة عن خلق أى شىء. فتستنكر الآية الأولى أنهم خلقوا من غير شىء أى من غير إله خلقهم وقدرهم كما قال ابن عباس، ولم يعرفوا المادة التى خلقوا منها وهى ماء مهين سواه الله ونفخ فيه من روحه، فهل خلقوا هم أنفسهم أو خلقتهم الأصنام التى يعبدونها. والآية الثانية تستنكر أن الأصنام خلقت أى شىء، بل هى نفسها مخلوقة وصنعها من يعبدونها بأيديهم، وأين كان هؤلاء الأصنام حين خلق السموات والأرض، وما داموا لم يخلقوا السموات والأرض ولم يخلقوا أنفسهم فبأى شىء يستحقون العبادة؟ إن المشركين لا يؤمنون بالحق الذى جاءهم به محمد-صلى الله عليه وسلم - ولا يوقنون بإجابة صحيحة عن هذه التساؤلات (8/401) ________________________________________ الجن والتوراة والإنجيل
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال جاء فى القرآن الكريم قول الجن للرسول صلى الله عليه وسلم {إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى} فلمَ لم يذكروا الكتاب الذى أنزل على عيسى، وهل آمن هؤلاء الجن بسيدنا موسى وكانوا من اليهود؟
الجواب من المعلوم أن الرسالات السابقة كانت خاصة لأقوام دون آخرين ولعصر دون آخر، وهنا يقال: لماذا لم يذكر الجن الكتاب الذى نزل على عيسى وهو الإنجيل، واقتصروا على ذكر كتاب موسى وهو التوراة مع أن الإنجيل نزل بعدها وهو أقرب عهدا بالقراَن؟ قال المفسرون: هؤلاء الجن من منطقة لم يرسل إليها عيسى، وكانت داخلة ضمن حدود الرسالة الموسوية فهم آمنوا بموسى ولم يبلغهم دعوة عيسى: وقيل إن التوراة كانت مشهورة لأن كثيرا من أنبياء بنى إسرائيل تتابعوا على الحكم بها، فعرفها الجن أكثر من معرفتهم للإنجيل وقيل: إن كلام الجن ليس فيه حصر لما أنزل من الكتب، وبالتالى ليس فيه نفى لنزول الإنجيل بعد ما ذكروا التوراة. وقيل: إن التوراة كتاب شريعة مفصَّلة فالجن الذين آمنوا بها كانوا أشد اتصالا بمعرفة ما فيها أكثر من الإنجيل الذى كان أكثره مواعظ وأخلاقا. هذا بعض ما ظهر لى من الإجابة على هذا السؤال (8/402) ________________________________________ الشيعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال من هم الشيعة وما هى أهم فرقهم الموجودة الآن؟
الجواب الشيعة هم أتباع سيدنا على رضى الله عنه والموالون لاَل البيت، والمسلمون جميعا مأمورون بحب آل البيت وتكريمهم وقد وردت فى ذلك عدة نصوص، منها قول الله تعالى {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة فى القربى} الشورى: 23، وقوله: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} الأحزاب: 33، وذلك على خلاف للمفسرين فى تحديد القربى وأهل البيت. وقوله صلى الله عليه وسلم "أذكركم الله فى أهل بيتى" ثلاث مرات رواه مسلم وقوله:"يا أيها الناس ارقبوا محمدا فى أهل بيته " رواه البخارى. غير أن بعضا من المسلمين اشتد حبهم لسيدنا على وذريته، وتغالوا فى تكريمهم لدرجة أن بعضهم اعتقد ألوهية سيدنا على، وبعضهم اعتقد أنه النبى المرسل وغلط جبريل فنزل بالوحى على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال، إنهما شريكان فى النبوة، وقالوا إنه الإمام بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بالنص الجلى أو الخفى، دون أبى بكر وعمر وعثمان وان الإمامة لا تخرج عنه ولا عن أولاده، وإن خرجت فبظلم أو بتقية. وأشهر فرقهم الموجودة الآن خمسة: 1 - الزيدية: وهم أتباع زيد بن على بن الحسين، لما دعى الشيعة لحرب الأمويين سألوه رأيه فى أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، فأثنى عليهما فرفضوه وسموا بالرافضة وهم يوجدون الآن فى اليمن، ومذهبهم قريب من مذهب أهل السنة، وهم وإن اعتقدوا أفضلية على على أبى بكر وعمر أجازوا إمامة المفضول مع قيام الفاضل. 2 - الإمامية: وهم الذين قالوا بإمامة اثنى عشر من آل البيت، ويسمون بالاثنى عشرية وبالموسوية، لأن الأئمة عندهم هم: على، الحسن، الحسين، على زين العابدين بن الحسين، وكانت الإمامة لابنه الأكبر "زيد" فلما رفضوه كما تقدم ولوا بدله أخاه محمدا الباقر، ثم جعفر الصادق، وكان له ستة أولاد، أكبرهم إسماعيل ثم موسى، ولما مات إسماعيل فى حياة أبيه أوصى والده بالإمامه إلى ابنه موسى الكاظم، وبعد وفاة جعفر انقسم الأتباع فمنهم من استمر على إمامة إسماعيل وهم: الإسماعيلية أو السبعية، والباقون اعترفوا بموسى الكاظم، وهم الموسوية، ومن بعده على الرضا، ثم ابنه محمد الجواد، ثم ابنه على الهادى، ثم ابنه الحسن العسكرى نسبة إلى مدينة العسكر "سامرا" وهو الإمام الحادى عشر، ثم ابنه محمد الإمام الثانى عشر، وقد مات ولم يعقب فوقف تسلسل الأئمة وكانت وفاته سنة265 هـ. ويقول الإمامية: إنه دخل سردابا فى "سامرا" فلم يمت، وسيرجع بعد ذلك باسم المهدى المنتظر. وهذه الطائفة منتشرة فى إيران والعراق وسوريا ولبنان، ومنهم جماعات متفرقة فى أنحاء العالم، ولهم كتب ومؤلفات كثيرة من أهمها كتاب "الوافى" فى ثلاثة مجلدات كبيرة جمعت كثيرا مما فى كتبهم الأخرى، كتب عليه أحد أهل السنة نقدا سماه "الوشيعة فى نقد عقائد الشيعة" وكان ذلك فى فبراير سنة1935 م كما كتب رئيس أهل السنة بباكستان "محمد عبد الستار التونسوى" رسالة فى ذلك. ومن أهم أصولهم: 1 - تكفير الصحابة ولعنهم، وبخاصة أبو بكر وعمر رضى الله عنهما إلا عددا قليلا جدا كانوا موالين لعلى رضى الله عنه. وقد رووا عن الباقر والصادق: ثلاثة لا يكلَّمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. من ادعى إمامة ليست له ومن جحد إماما من عند الله، ومن زعم أن أبا بكر وعمر لهما نصيب فى الإسلام. ويقولون: إن عائشة وحفصة رضى الله عنهما كافرتان مخلدتان، مؤولين عليهما قول الله تعالى {ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط} التحريم: 10. 2 - ادعاء أن القرآن الموجود فى المصاحف الآن ناقص، لأن منافقى الصحابة (هكذا) حذفوا منه ما يخص عليا وذريته، وأن القرآن الذى نزل به جبريل على محمد سبعة آلاف آية، والموجود الآن 6263 والباقى مخزون عند آل البيت فيما جمعه على، والقائم على أمر آل البيت يخرج المصحف الذى كتبه على، وهو غائب بغيبة الإمام. 3-رفض كل رواية تأتى عن غير أئمتهم، فهم عندهم معصومون بل قال بعضهم: إن عصمتهم أثبت من عصمة الأنبياء. 4 - التقية: وهى إظهار خلاف العقيدة الباطنة، لدفع السوء عنهم. 5 - الجهاد غير مشروع الآن، وذلك لغيبة الإمام، والجهاد مع غيره حرام ولا يطاع، ولا شهيد فى حرب إلا من كان من الشيعة، حتى لو مات على فراشه. وهناك تفريعات كثيرة على هذه الأصول منها: عدم اهتمامهم بحفظ القرآن انتظارا لمصحف الإمام، وقولهم بالبداء بمعنى أن الله يبدو له شىء لم يكن يعلمه من قبل ويتأسف على ما فعل، والجمعة معطَّلة فى كثير من مساجدهم وذلك لغيبة الإمام، ويبيحون تصوير سيدنا محمد وسيدنا على وصورهما تباع أمام المشاهد والأضرحة، ويدينون بلعن أبى بكر وعمر. . . 3 - الإسماعيلية: وهى تدين لإسماعيل بن جعفر الصادق، وهم أجداد الفاطميين والقرامطة، يعتقدون التناسخ والحلول، وبعضهم يدعى ألوهية الإمام بنوع من الحلول، وبعضهم يدعى رجعة من مات من الأئمة بصورة التناسخ. وهذه الفرقة طائفتان، إحداهما فى الهند وتسمى " البهرة" ويتركزون فى بومباى، يعترفون بالأركان الخمسة الواردة فى الحديث وهو: " بنى الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا" رواه البخارى. ويزيدون عليه ركنا اسمه " الطهارات " ويتضمن تحريم الدخان والموسيقى والأفلام، وهم فى صلواتهم يجمعون بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، ولا يصلون الجمعة ويحتفلون بغدير "خم " فى 18 من ذى الحجة كل عام، حيث تمت فيه الوصية لعلى (مجلة العربى سبتمبر 1975، المصور 20/1/ 1978) . والطائفة الأخرى فى "سلمية" بسوريا وفى زنجبار وشرقى أفريقيا وتسمى "الأغاخانية" نسبة إلى زعيمهم " أغاخان ". 4 - النصيرية: وهم أتباع أحد وكلاء الحسن العسكرى واسمه محمد بن نُصير، والذين تسموا فى عهد الاحتلال الفرنسى بسوريا باسم "العلويين ". ومن كتاب "تاريخ العلويبن " لمحمد أمين غالب الطويل، وهو نصيرى ومن غيره من الكتب والمراجع نوجز أهم مبادئهم فيما يلى: (1) الولاية لعلى، زاعمين أن النبى صلى الله عليه وسلم بايعه ثلاث مرات سرًّا، ومرة رابعة جهرا. (ب) عصمة الأئمة، لأن الخطايا رجس وقد قال الله فى أهل البيت: "ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ". وبناء على ذلك يعتقدون أن الإمام أعلى من بعض الوجوه من الأنبياء، لأنهم معرضون للخطأ ولم يرد فى القرآن ما ينزههم عنه، أما الأئمة فمعصومون بنص القرآن. (ج) التقية: أو التكتم فى الدين فإخفاء عقيدتهم من كمال الإيمان. (د) علم الباطن: فهو فى زعمهم مختص بهم،وهم على صواب دائم فى تفسير القرآن وعلم أسراره لأنهم معصومون. وبناء على هذه الأصول قالوا بألوهية متحدة الحقيقة مثلثة الأجزاء فالألوهية معنى وحقيقة، وهو علي، ولها اسم وحجاب، وهو محمد، ولها باب يوصل إليها، وهو سلمان، فعلي رب العالمين، والقرآن منه، وكل نبى بعث فهو الذى بعثه ليتكلم بلسانه، وكان هو مع كل رسول متجسدا فى صورة وصى له، ويرمزون إلى هذا الثالوث برمز" ع. م. س ". ولهم تفريعات على ذلك: فالعبادات الواردة فى القرآن بما فيها من أوامر ونواه، هى أسماء أماكن، والأشهر الحُرم عندهم هى: فاطمة والحسن والحسين وعلى ابنه، والقيامة عندهم فى قيامة المحتجب صاحب الزمان. والمنتسبون إلى هذا المذهب طبقات، منهم متعلمون لا يدينون به، لكن لا يجدون عوضا عنه، ومنهم الشيوخ والرؤساء المتمسكون، ومنهم العامة الذين يعيشون على غير هدى، والحكم عليهم مذكور مع الدروز (8/403) ________________________________________ ذرية إبليس
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل ذرية إبليس نتجت عن زواج، وهل فى الجن ذكر وأنثى؟
الجواب يقول الله تعالى {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دونى وهم لكم عدو} . الكهف: 50، تفيد هذه الآية الكريمة أن إبليس له ذرية، ولكن كيف أتت هذه الذرية؟ ومع أن معرفة الجواب ليست مهمة لكن العلماء شغلوا أنفسهم به، فنقلوا من الأقوال ما نقلوا واستنبطوا ما شاء لهم الاستنباط وذكر القرطبى حديثا فى ذلك قال إنه صحيح وهو "لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، فبها باض الشيطان وفرَّخ " ذكره الحميدى فى الجمع بين الصحيحين عن الإمام أبى بكر الباقلانى أنه خرجه فى كتابه عن سلمان عن النبى صلى الله عليه وسلم وإذا كان هذا الحديث يدل على أن للشيطان ذرية من صلبه كما قال القرطبى وهو موافق لما جاء فى الآية الكريمة فإن عبارة "باض الشيطان وفرخ " ليست نصا قاطعا فى أن الذرية نتجت عن وضع الشيطان للبيض ثم التفريخ كما يحدث للطيور، فقد يكون المراد ذرية إبليس يكثر وجودها فى الأسواق من أجل الإفساد. يقول القشيرى أبو نصر: والجملة أن الله تعالى أخبر أن لإبليس أتباعا وذرية وأنهم يوسوسون إلى بنى آدم وهم أعداؤهم، ولا يثبت عندنا كيفية فى كيفية التوالد منهم وحدوث الذرية عن إبليس، فيتوقف الأمر فيه على نقل صحيح. انتهى، وهذا هو الكلام الصحيح. يقول الشعبى: سألنى رجل فقال: هل لإبليس زوجة؟ فقلت: إن ذلك عرس لم أشهده. ثم ذكرت قوله تعالى {أفتتخذونه وذريته أولياء} فعلمت أنه لا تكون ذرية إلا من زوجة، فقلت نعم. وينقل القرطبى "ج 10 ص 420 " عن مجاهد أن إبليس أدخل فرجه فى فرج نفسه فباض خمس بيضات، فهذا أصل ذريته، وقيل: أن الله تعالى خلق له فى فخذه اليمنى ذكرا، وفى اليسرى فرجا، فهو ينكح هذا بهذا، فيخرج له كل يوم عشر بيضات، يخرج من كل بيضة سبعون شيطانا وشيطانة، فهو يخرج وهو يطير. . . ذلك بعض ما فى الكتب وغيره كثير مما أربأ بالمسلمين اليوم أن يعنوا به (8/404) ________________________________________ الوضوء
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل كان الوضوء للصلاة مشروعا فى الأديان السابقة؟
الجواب هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء وضحه الزرقانى فى شرحه للمواهب اللدنية للقسطلانى " الجزء الخامس " وخلاصة ما جاء فيه: قيل إنه خاص بالأمة الإسلامية، وكان من قبل ذلك للأنبياء خاصة وليس للأفراد، ولكن عورض هذه القول بأن "سارة " زوج إبراهيم عليهما السلام لما استدعاها الطاغية توضأت وقامت تصلى فعصمها اللَّه منه، والحديث رواه البخارى ومسلم. وهذا الطاغية مختلف فيه، فقيل: هو عمرو بن امرئ القيس بن سبأ وكان على مصركما ذكره السهيلى وهو قول ابن هشام فى التيجان، وقيل: اسمه صادق وكان على الأردن، كما حكاه ابن قتيبة، وقيل: سنان بن علوان. . . بن سام بن نوج، حكاه الطبرى، ويقال: إنه الضحاك الذى ملك الأقاليم. ولا تهمنا معرفته، بل المهم أن سارة تحصنت بالوضوء والصلاة فمنعها اللَّه من شر،وهى لم تكن نبية كما قال الجمهور، وعلى هذا فالوضوء كان للأفراد أيضا كما كان للأنبياء. وفى قصة جريج الراهب الذى اتهمته المرأة بالزنا بها ونسبت إليه غلاما منها، قام وتوضأ وصلى وسأل الغلام فنطق باسم والده الحقيقى، وبرأ اللَّه جريجا، والحديث رواه أحمد عن أم سلمة. فالظاهر أن خصوصية أمة محمد صلى الله عليه وسلم فى الغرة والتحجيل، لا فى أصل الوضؤ. وحديث هذا وضوئى ووضوء الأنبياء من قبلى ضعيف. وروى الطبرانى أن النبى صلى الله عليه وسلم دعا بوَضُوء، فتوضأ واحدة واحدة وقال " هذا وضوء لا يقبل اللَّه الصلاة إلا به "، ثم توضأ مرتين مرتين وقال " (هذا وضوئى ووضوء الأنبياء من قبلى ". " الزرقانى على المواهب ج 5 ص 368 " (8/405) ________________________________________ نقض الوضوء بمس الفرج؟
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل ينتقض الوضوء بمس الفرج؟
الجواب 1 -عن بُسْرَة بنت صفوان قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من مس ذكره فلا يصلى حتى يتوضأ " رواه الخمسة وصححه الترمذى، قال البخارى: هو أصح شىء فى هذا الباب. 2 -وعن بسرة أيضا قالت: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول " ويتوضأ من مس الذكر" رواه أحمد والنسائى. 3-وعن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: " ويل للذين يمسون فروجهم ولا يتوضأون ". أخرجه الدارقطنى. 4 -وعن أم حبيبة رضى اللَّه عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم قال " من مس فرجه فليتوضأ " رواه ابن ماجه وصححه أحمد. 5 -سئل النبى صلى الله عليه وسلم عن الرجل يمس ذكره: أعليه وضوء؟ فقال: "إنما هو بضعة منك " رواه أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه وأحمد، وصححه عمر بن القلاس، وقال: هو عندنا أثبت من حديث بسرة، وصححه ابن حبان. بناء على الأحاديث الأربعة الأولى قال جماعة من الصحابة والتابعين بنقض الوضوء بمس الفرج، وعليه جمهور الفقهاء، على أن يكون المس بغير حائل، لحديث رواه أحمد وابن حيان والحاكم وصححاه " من أفض بيده إلى ذكره ليس دونه ستر فقد وجب عليه الوضوء" وإليك بعض التفصيل لأقوال الفقهاء: أ- قالت المالكية: ينتقض الوضوء بمسي الإنسان ذكر نفسه المتصل به، فلو مس ذكر غيره يكون لامسا يجرى عليه حكم اللمس - وقد تقدم ذلك فى نقض الوضوء باللمس -ويشترط أن يكون بدون حائل وببطن الكف أو باطن الأصابع أو جنبها أو رأس الأصبع، ولا ينتقض بمس امرأة فرجها ولو أدخلت فيه إصبعها ولو التذت، ولا بمس حلقة الدبر، ولا بإدخال أصبعه فيه على الأصح وإن كان حراما لغير حاجة، أما مس دبر غيره أو فرج امرأته فهو لمس يجرى عليه حكم الملامسة- وقد تقدم. ب - وقالت الشافعية: مس الذكر المتصل أو المنفصل الذى لم يتجزأ ينقض الوضوء بشرط عدم الحائل، وأن يكون ببطن الكف أو الأصابع، ولا فرق بين ذكر نفسه أو غيره، ولو صغيرا أو ميتا، ومثله مس حلقة الدبر وقبل المرأة. ج - وقالت الحنابلة: ينتقض الوضوء بمس ذكر الآدمى من نفسه ومن غيره صغيرا أو كبيرا، حيا أو ميتا، بشرط الاتصال وبغير حائل وباليد ظهرا أو بطنا إلا الأظافر، وينتقض بمس حلقة دبره أو دبر غيره، وبمس فرج الأنثى، ولا ينتقض بمس امرأة فرج نفسها، إلا إذا أولجت إصبعها إلى الداخل. وبناء على الحديث الخامس ذهب بعض الصحابة والتابعين، وعليه أبو حنيفة والثورى إلى أن مس الذكر غير ناقض للوضوء وردوا على رأى الجمهور بأن الوضوء الوارد فى الأحاديث الأولى هو الوضوء اللغوى أى غسل اليدين. أما الجمهور فردوا رأى الأحناف بأن الحديث الخامس الذى اعتمدوا عليه ضعفه الإمام الشافعى وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطنى والبيهقى وابن الجوزى، وادعى ابن حبان والطبرانى واَخرون أنه منسوخ، وقالوا: إن راوى هذا الحديث وهو طلق بن على روى أيضا حديث " من مس فرجه فليتوضأ " كما صححه الطبرانى، فقيل سمع. أولا عدم النقض، ثم سمع آخرا النقض. وبهذا يظهر رجحان رأى الجمهور وهو النقض (8/406) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 10:52 pm | |
| ما يخرج من القبل
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجب الغسل نتيجة لنزول سائل أبيض عند الاستيقاظ من النوم؟
الجواب السائل الذى يخرج من القبل - الذكر أو الفرج - عادة أربعة أنواع: البول والمذى والودى والمنى، والبول نجس لابد من تطهير ما يصيبه بغسله، والمذى سائل أبيض لزج يخرج عند التفكير فى الناحية الجنسية أو الملاعبة، وربما لا يحس الإنسان بخروجه، وهو يكون من الرجل والمرأة إلا أنه منها أكثر، وهو نجس بالاتفاق، يجب غسل ما أصاب البدن أو الثوب منه، ولا يجب الاغتسال أى غسل الجسم كله منه، روى البخارى وغيره أن عليا رضى اللَّه عنه كان مذاء واستحيا أن يسأل النبى عن حكمه لأنه زوج بنته فاطمة، فأمر رجلا أن يسأله فقال له " توضأ واغسل ذكرك " غسل الذكر يكون قبل الوضوء. والودى ماء أبيض ثخين يخرج بعد البول، وهو كالمذى والبول نجس باتفاق ولا يجب منه الاغتسال، روى البيهقى ذلك عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما. والمنى ماء يخرج بلذة وتدفق ويعرف برائحته كالعجين أو طلع النخل، وهذا يوجب الغسل باتفاق، ففى الحديث الذى رواه مسلم "الماء من الماء " أى الاغتسال بالماء يكون من نزول الماء أى المنى. وفى حديث البخارى ومسلم أن أم سليم قالت: يا رسول اللَّه، إن اللَّه لا يستحى من الحق، فهل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ قال: "نعم، إذا رأت الماء ". ولكن مع وجوب الغسل هل يكون المنى طاهرا بحيث لو أصاب الملابس مثلا لا تنجس ويمكن أن يصلى فيها، أو يكون نجسا كالبول لابد من تطهير ما يصيبه؟ جمهور العلماء على أنه طاهر، لأنه الأصل الذى خلق منه الإنسان الطاهر الذى لا ينجس حيا ولا ميتا، ولا يوجد دليل على نجاسته، فعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن المنى يصيب الثوب فقال " إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق، وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بإذخرة" رواه الدارقطنى والبيهقى، واختلف فى رفعه إلى النبى ووقفه على ابن عباس، والإذخر نوع من الحشائش. وقال جماعة: إن المنى نجس، واستدلوا بحديث رواه الدارقطنى والبزار وأبو عوانة عن عائشة رضى الله عنها قالت: كنت أفرك المنى من ثوب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا كان يابسا، وأغسله إذا كان رطبا. ورد عليه الجمهور، بأن فرك النجاسة لا يطهرها، وإنما فعلت عائشة ذلك من باب الحياء أن يظهر النبى صلى الله عليه وسلم أمام الناس وفيه آثار الجماع، وهو أمر مستحب فليس عملها نصا فى نجاسته (8/407) ________________________________________ الوضوء فى الحمام
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال فى الأبنية الحديثة يوجد حوض الغسل وأدوات الاستحمام وقضاء الحاجة فى حجرة واحدة. فهل يجوز أن أتوضأ فى هذا المكان. وهل يجوز أن أسمى وأذكر الله أثناء الوضوء؟
الجواب من المعروف عند الفقهاء أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وأن الكراهة تراعى قبل الندب والاستحباب، كما تراعى الحرمة قبل الوجوب، وذلك للاحتياط على الأقل 0 ومعلوم أن المكان الواحد الذى يجمع هذه المرافق يغلب عليه التلوث والتعرض للنجاسة إن لم تكن هناك عناية بالغة بالنظافة 0 والوضوء من الصنبور " الحنفية " داخل الحمام مكروه إن خشى الإنسان النجاسة من تساقط المياه على الأرض المنتجسة، ووجد مكانا آخر يتوضأ فيه غير هذا المكان، فإن أمن النجاسة أو لم يوجد مكان آخر للوضوء فلا بأس بالوضوء فى الحمام 0 ومن آداب قضاء الحاجة عدم الكلام ومنه الذكر والدعاء وقراءة القرآن، حتى لو عطس لا يحمد الله، ولو سلَّم عليه إنسان لا يرد عليه السلام. ولو سمع الأذان لا يجيب المؤذن، أى لا يقول مثل قوله. فقد روى مسلم فى صحيحه عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن رجلا مر على النبى صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه السلام. ورأى العلماء أن هذا المنع لا يقتصر على حالة قضاء الحاجة "التبول والتغوط " بل يشمل وجود الإنسان فى هذا البيت المعد لقضاء الحاجة. وعليه فإن المتوضئ فى الحمام لا يسمى ولا يذكر الله أثناء الوضوء ولا قبله ولا بعده حتى يخرج منه، والحكم هو الكراهة لا الحرمة، فليس فى المخالفة عقوبة، والأفضل عدمها. . مع التنبيه على أن النية الواجبة فى الوضوء أو الغسل محلها القلب، ولا يجب التلفظ بها باللسان، فلا داعى لهذه النية القولية ما دام فى الحمام، ويكتفى بالنية القلبية عند من يقول بوجوبها. ومحل كراهة الكلام إذا لم تكن هناك ضرورة أو حاجة تدعو إليه، كالتنبيه على خطر أو الرد على من ينادى ونحو ذلك، فإن وجدت فلا كراهة، والضرورة تقدر بقدرها (8/408) ________________________________________ الحمامات العامة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الإسلام فى دخول الحمامات العامة؟
الجواب الحمامات أماكن خاصة للاستحمام، وكانت للبيوت الموسرة حمامات خاصة بها، ثم اقيمت حمامات عامة للناس، وهى قديمة موجودة قبل الإسلام، يقول المقريزى، فى خططه " ج 3 ص 129 ": قال محمد بن إسحاق فى كتاب " المبتدى": إن أول من اتخذ الحمامات والطلاء بالنورة سليمان وإنه لما دخله ووجد حميمه قال: أوَّاه من عذاب الله أواه! ! وذكر المستحى فى تاريخه أن أول من بنى الحمامات فى القاهرة " العزيز باللَّه نزار بن المعز " وكان بها ثمانون حماما فى سنة 685 ط. وأقل حمامات كانت ببغداد زمن الناصر أحمد بن المستنصر ألفا حمام. انتهىـ. . ولهذه الحمامات آثار باقية إلى الآن بالشام. وهى آخذة فى الانقراض. وقد ألف الحافظ ابن كثير كتابا فى الحمام. ووردت فيه أحاديث كثيرة لم يتفق على صحة شىء منها، قال المنذرى: وأحاديث الحمام كلها معلولة، وإن ما يصح منها فهو عن الصحابة "نيل الأوطار ج 1 ص 277 ". ومن هذه الأحاديث ما يأتى: 1 - روى أبو داود وابن ماجه عن ابن عمرو أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " إنها ستفتح لكم أرض العجم،،ستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات. فلا يدخلها الرجال إلا بالإزار، وامنعوا النساء، إلا مريضة أو نفساء " نيل الأوطار ج اص 178 والترغيب والترهيب ج اص 65. وقد تكلم فى هذا الحديث بما يضعف حجيته. 2 -وأخرج المنذرى فى كتابه " الترغيب والترهيب "ج اص 66 أن نساء من أهل حمص، أو من أهل الشام دخلن على عائشة فقالت: أنتن اللاتى تدخلن نساءكن الحمامات؟ سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول " ما من امرأة تضع ثيابها فى غير بيت زوجها إلا هتكت الستر بينها وبين ربها " رواه الترمذى وقال: حديث حسن وأبو داودو وابن ماجه والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. وروى معنى هذا الحديث عن أم سلمة حين دخل عليها نساء حمص. رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانى والحاكم. 3- وعن طاووس عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " احذروا بيتا يقال له الحمام ". قالوا: يا رسول اللَّه ينقى الوسخ. قال " فاستتروا " رواه البزار وقال: رواه الناس عن طاووس مرسلا. قال الحافظ المنذرى: رواته كلهم محتج بهم فى الصحيح. ورواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. ورواه الطبرانى فى الكبير بنحو ما رواه الحاكم " الترغيب ج اص 65 " وصححه الألبانى. 4 -عن عائشة قالت: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول " الحمام حرام على نساء أمتى " رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد " الترغيب ج 1 ص 65". د -وعن جابر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئرر. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام ". رواه النسائى والحاكم وصححه، وحسنه الترمذى "المرجع السابق " وفي ص 66 روى مثله عن طريق أبى سعيد الخدرى. قال القرطبي فى تفسيره "ج 12 ص 224 ": حرم العلماء دخول الحمام بغير مئزر، وصح عن ابن عباس أنه دخل الحمام وهو محرم بالجُحْفَة، فدخوله للرجال بالمآزر جائز، وكذلك النساء للضرورة، والأولى بهن البيوت إن أمكن. وذكر حديثا لم يصح: أن النبى صلى الله عليه وسلم لقى أم الدرداء عندما خرجت من الحمام فقال لها " والذي نفسى بيده ما من امرأة تضع ثيابها فى غير بيت أحد من أمهاتها إلا وهى هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن عز وجل " وذكر حديثا هو أصح إسنادا عن طاووس عن ابن عباس " تقدم تحت رقم 3 ". ثم يقول القرطبي: دخول الحمام فى زماننا حرام على أهل الفضل والدين، لعدم مراعاة الأدب فى ستر العورة، لا سيما بالديار المصرية، ثم ذكر أن العلماء اشترطوا لدخوله عشرة شروط: أ - أن يدخل بنية التداوى أو التطهر من العرق إثر الحمى. 2 -أن يتعمد أوقات الخلوة أو قلة الناس. 3-أن يستر عورته بإزار صفيق. 4 -أن يكون نظره إلى الأرض أو الحائط، لئلا يقع على محظور. د -أن يغير ما يرى من منكر برفق، نحو، استتر سترك الله. 6 -إن دلكه أحد فلا يمكنه من عورته، من سرته إلى ركبته. 7 - أن يدخل بأجرة معلومة بشرط أو بعادة الناس. 8 -عدم الإسراف فى الماء. 9 -إن لم يقدر على دخوله وحده اتفق مع أمناء على الدين على كرائه. 10 -أن يتذكر به جهنم. وذكر حديثا فيه مدح دخوله الحمام، لانه يذكر الإنسان بالنار، فيستعيذ منها ويسأل الجنة، وفيه ذم دخول بيت العروس، لأنه يرغبه فى الدنيا وينسيه الآخرة، ولكن الحديث ليس صحيحا. وجاء فى القرطبي أيضا أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة: إنه بلغنى أن نساء أهل الذمة يدخلن الحمامات مع نساء المسلمين، فامنع من ذلك، وحُلْ دونه، فإنه لا يجوز أن ترى الذمية عرية المسلمة. فقام أبو عبيدة وابتهل وقال: أيما امرأة تدخل الحمام من غير عذر لا تريد إلا أن تبيض وجهها فسوَّد الله وجهها يوم تبيض الوجوه. انتهىـ. "ج 12 ص 224 ". وفى الشوكانى "ج 1 ص 145 " أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يدخل الحمام ويتنور، أى يستعمل النورة لإزالة الشعر، ولم يبين درجة هذا الحديث، مع أن الحمام لم يكن معروفا ببلاد العرب، أو لم يكن شائعا على الأقل، ويبدو-إن صح هذا الحديث - أن المراد به مكان منعزل يستحم فيه الشخص، وليس حماما عاما بالمعنى المعروف. وإذا كانت الحمامات المبنية لا يرغب فى دخولها، فما بالك بالحمامات المكشوفة فى النوادى والساحات، وعلى الشواطىء التى لا يلتزم فيها حجاب يستر العورة ولا يعزل الجنسين بعضهما عن بعض؟ إنها أشد نكرا (8/409) ________________________________________ سلس البول
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال عندى مرض فى المسالك البولية ولا أتحكم في البول فكيف أصل ووضوئى لا يستمر إلا دقائق بسيطة لا تسع أداء الصلاة؟
الجواب قال العلماء: إن الوضوء ينتقض بالخارج من السبيلين إن كان خروجه فى حال الصحة فإن خرج حال المرض كالسلس كان صاحبه معذورا، وللفقهاء فى ذلك خلاف: 1 -فالشافعية قالوا: ما خرج على وجه السلس يجب على صاحبه التحفظ منه، بأن يحشو محل الخروج ويعصبه، فإن فعل ذلك ثم توضأ ثم خرج منه شىء فهو غير ضار فى إباحة الصلاة وغيرها بهذا الوضوء، وذلك بشرط أن يقدم الاستنجاء على الوضوء، وأن يوالى بين الاستنجاء وبين الوضوء والصلاة، وأن تكون هذه الأعمال بعد دخول الوقت، ويصلى بهذا الوضوء فرضا وما شاء من النوافل، وتكون النية فى الوضوء هى الاستباحة، لا رفع الحدث لأنه لا يرفع بل مستمر. 2 - والمالكية قالوا: لا ينتقض الوضوء بما خرج حال المرض كالسلس، بشرط أن يلازم أغلب أوقات الصلاة أو نصفها، وأن يكون غير منضبط، وألا يقدر على رفعه بعلاج ونحوه، وذلك على المشهور من مذهب مالك، وهناك رأى بأن السلس لا ينتقض وضوءه ولكن يستحب منه الوضوء إذا لم يلازم كل الزمن، ومن استوفى السلس هذه الشروط ندب الوضوء منه، ويصلى صاحب السلس بوضوئه ما شاء إلى أن ينتقض بناقض آخر. 3 - والحفنيه قالوا: من به سلس بول أو ريح أو استحاضة مثلا يقال له معذور، إذا استمر عذره وقتا كاملا لصلاة مفروضة، ويتوضأ لوقت كل صلاة ويصلى ما شاء من الفرائض والنوافل، وينتقض وضؤه بخروج الوقت على تفصيل فى ذلك، وعلى المعذور أن يدفع عذره بكل ما يستطيع. 4 -والحنابلة قالوا: لا ينتقض وضوء من به سلس، بشرط أن يغسل المحل ويعصبه جيدا، وأن يكون الحدث دائما، وأن يكون الوضوء بعد دخول الوقت، وعليه أن يتوضأ لكل وقت، ويصلى بوضوئه مع الفرض ما شاء من فروض ونوافل " ملخص من الفقه على المذاهب الأربعة نشر وزارة الأوقاف " (8/410) ________________________________________ أذكار الوضوء
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نسمع بعض من يتوضأون يأتون بأذكار خاصة تتناسب مع أعضاء الوضوء، فهل لهذه الأذكار أصل صحيح؟
الجواب 1 -ليكن معلوما أن من لم يذكر اللَّه أثناء الوضوء فوضوءه صحيح، ومن تكلم بكلام الدنيا فوضوءه أيضا صحيح. 2 - لكن هل الأفضل السكوت أو ذكر اللَّه؟ قال جماعة: الأفضل السكوت، وذلك لاتباع النبى صلى الله عليه وسلم. وقال جماعة: الذكر أفضل، وذلك للأمر بالذكر عموما، وعدم ورود نهى عنه من النبى صلى الله عليه وسلم. والخلاف جاء بسبب الحديث " من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " رواه البخارى ومسلم. فالقائلون بالسكوت قالوا: إن إحداث ذكر يعتبر إحداثا لأمر ليس من الدين، والقائلون بالذكر قالوا: الذكر مطلوب بوجه عام دون التقيد بزمان أو مكان كما قال تعالى {يا أيها الذين أمنوا اذكروا اللَّه ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا} الأحزاب: 41، 42، فالذكر أثناء الوضوء داخل تحت الأمر العام، وعليه فليس فيه إحداث أمر فى الدين ليس منه 3-تسن التسمية فى أول الوضوء، لحديث " كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه ببسم اللَّه الرحمن الرحيم فهو أقطع " وفى رواية بالحمد للَّه. رواه أبو داود وغيره وحسنه ابن الصلاح وغيره ولحديث " لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه " رواه أبو داود وغيره، ولأحاديث أخرى فى سنن البيهقى وحكم هو وغيره بضعفها. ومن تركها سهوا أو عمدا فوضوءه صحيح على رأى جمهور العلماء. وقال الحنابلة بوجوبها لو تركت عمدا بطل الوضوء. ويسن بعد الانتهاء من الوضوء قول: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ففى حديث مسلم أن من قالها فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء. وقى رواية الترمذى زيادة " اللهم اجعلنى من التوابين واجعلنى من المتطهرين " وفى رواية ضعيفة للنسائى زيادة " سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ". كما رويت أحاديث ضعيفة فى تكرار الشهادة ثلاث مرات " الأذكار للنووى ص 32 " أما الذكر أثناء الوضوء، فقد ورد فيه حديث صحيح عن أبى موسى الأشعرى أنه أتى النبى صلى الله عليه وسلم بوَضوء-بفتح الواو أى الماء الذى يتوضأ به -فسمعته يقول "اللهم اغفر لى ذنبى، ووسع لى فى دارى، وبارك لى فى رزقى " وفيه اختلاف فى مكان هذا الذكر، فرواه ابن السنى على أنه فى خلال الوضوء، ورواه النسائى على أنه بعد الوضوء، وفيه أن أبا موسى قال: يا نبى اللَّه سمعتك تدعو بكذا وكذا، قال " وهل تركن من شىء "؟ . 4 -أما الدعاء على أعضاء الوضوء فلم يرد فيه شىء عن النبى صلى الله عليه وسلم. يقول النووى فى كتابه " الأذكار". قال الفقهاء: يستحب فيه دعوات جاءت عن السلف وزادوا ونقصوا فيها، فالمتحصل مما قالوه: أن يقول بعد التسمية: الحمد للَّه الذى جعل الماء طهورا، ويقول عند المضمضة: اللهم اسقنى من حوض نبيك صلى الله عليه وسلم كأسا لا أظمأ بعده أبدا، ويقول عند الاستنشاق: اللهم لا تحرمنى رائحة نعيمك وجناتك، ويقول عند غسل الوجه: اللهم بيض وجهى يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، ويقول عند غسل اليدين: اللهم أعطنى كتابى بيمينى وحاسبنى حسابا يسيرا، اللهم لا تعطنى كتابى بشمالى ولا من وراء ظهرى، ويقول عند مسح الرأس اللهم حرم شعرى وبشرى على النار، وأظلنى تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك. ويقول عند مسح الأذنين: اللهم اجعلنى من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ويقول عند غسل الرجلين: اللهم ثبت قدمى على الصراط المستقيم. فهذه الأدعية وإن لم يرد بها حديث عن النبى صلى الله عليه وسلم لا بأس بها، وبخاصة أنها وردت عن السلف، وداخلة تحت الأمر العام بذكر اللَّه ولم يرد نهى عنها (8/411) ________________________________________ التيمم لضيق الوقت
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال قمت من النوم قبل شروق الشمس بدقائق ولو توضأت أو اغتسلت فاتنى وقت الصبح، فهل يجوز لى أن أتيمم لإدراك الصلاة أو لا يجوز؟
الجواب إذا وجد الماء وكان الإِنسان قادرا على استعماله ولكنه خشى باستعماله خروج الوقت بحيث لو تطهر لا يدركه، ولو تيمم لأدركه، فللعلماء فى ذلك خلاف. 1 - فأبو حنيفة يقول: لا يجوز التيمم إذا خاف فوات الوقت، ويجوز إذا خاف فوت صلاة الجنازة أو العيد، وقال: الصلاة فى هذه الحالة ثلاثة أنواع، نوع لا يخشى فوته أصلا، وذلك لعدم توقيته، كالنوافل المطلقة غير المؤقتة، ونوع يخشى فواته بدون بدل عنه، كالجنازة والعيدين، ونوع يخشى فواته مع وجود بدل عنه كالجمعة والصلوات المكتوبة المفروضة، فان للجمعة بدلا هو الظهر، وللمكتوبات المفروضة بدلا هو قضاؤها فى غير وقتها. فأما النوافل فإنه لا يتيمم لها مع وجود الماء، إلا إذا كانت مؤقتة كالسنن الراتبة بعد الظهر والمغرب والعشاء، فإن أخرها بحيث لو توضأ فات وقتها فإن له أن يتيمم ويدركها وأما الجنازة والعيد فإنه يتيمم لهما مع وجود الماء إن خاف فواتهما لحديث " إذا فاجأتك جنازة وأنت على غير وضوء فتيمم ". وأما الجمعة والمكتوبة فإنه لا يتيمم لهما مع وجود الماء، بل يجب الوضؤ ولو خاف فوت الوقت، ويصلى بدلها ظهرا، ويقضى المكتوبة، فإن تيمم وصلاها فى الوقت وجبت عليه إعادتها. 2 -والشافعى يقول: لا يتيمم مطلقا خوف خروج الوقت، أو خوف فوات الجنازة أو العيد، لأنه يكون قد تيمم مع فقد شرط التيمم، وهو عدم وجود الماء، فالجمعة لو فاتت تقضى ظهرا، والصلوات المفروضة لو فاتت تقضى فى غير وقتها، والصلوات الأخرى غير واجبة أو غير مؤقتة فلا داعى لصلاتها بالتيمم. 3-وقال مالك: إذا خشى باستعمال الماء فى الأعضاء الأربعة فى الحدث الأصغر، وتعميم الجسد بالماء فى الحدث الأكبر-خروج الوقت، فإنه يتيمم ويصلى، ولا يعيد الصلاة على المعتمد، أما صلاة الجنازة فإنه لا يتيمم لها إلا إذا كان فاقدا للماء وتعينت عليه بأن لم يوجد شخص متوضىء يصلى عليها بدله، وإذا كان تيمم للفرض فإنه يصح له أن يصلى بتيممه على الجنازة تبعا، وأما الجمعة ففى صحة التيمم لها قولان والمشهور لا يتيمم لها. 4 -وقال الحنابلة: لا يجوز التيمم لخوف خروج الوقت إلا إذا كان المتيمم مسافرا وعلم وجود الماء فى مكان قريب، وأنه إذا قصده وتوضأ منه يخاف خروج الوقت، فإنه يتيمم فى هذه الحالة، ويصلى ولا إعادة عليه، وكذلك لو وصل إلى الماء وقد ضاق الوقت عن الطهارة به، أو لم يضق لكنه علم أنه يوزع بالنوبة وأن النوبة لا تصل إليه إلا بعد خروج الوقت، فإنه فى هذه الحالة يتيمم ويصلى ولا إعادة عليه. " الفقة على المذاهب الأربعة نشر وزارة الأوقاف " (8/412) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 10:54 pm | |
| الكولونيا
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يقول بعض الناس إن الكولونيا والعطور المحلولة فى الكحول نجسة، فهل هذا صحيح؟
الجواب الحكم فى استعمال الكولونيا والعطور المحلولة فى الكحول متوقف على حكم الكحول نفسه. هل هو نجس أو طاهر، وقد اختلفت أنظار العلماء فيه، بناء على أنه من قبيل المسكرات كالخمر أو من قبيل المواد السامة أو شديدة الضرر، والكل متفقون على حرمة شربه، فهو مسكر وكل مسكر خمر وكل خمر حرام، كما جاء فى السنة النبوية والإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار كما جاء فى السنة أيضا بنصوص كثيرة. والقائلون بأنه كالخمر اختلفوا فى نجاسته، فالأئمة الأربعة على أن الخمر نجسة، بدليل قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} المائدة: 90،حيث قالوا: إن الرجس هو النجس أو المستقذر والخبيث، والشرع قد حكم عليها بأنها رجس وأمر باجتنابها فتكون مع حرمتها نجسة، وعلى هذا يكون الكحول نجسا. وخالف فى هذا الحكم الإمام ربيعة شيخ الإمام مالك، والليث بن سعد، والمزنى صاحب الإمام الشافعى، وبعض المتأخرين من البغداديين والقرويين، فقالوا: إن الخمر طاهرة، واستدل سعد بن الحداد القروى على طهارتها بِسَكْبِها فى طرق المدينة عند ما جاء النص بتحريمها، حيث قال: لو كانت نجسة ما فعل الصحابة ذلك، ولنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه كما نهى عن التخلى فى الطرق -أى البول والغائط فيها-وعلى هذا يكون الكحول طاهرا. وهؤلاء ردُّوا دليل الجمهور على نجاستها-وهو الآية المذكورة - فقالوا: إن الرجس إذا أريد به النجس فالنجاسة هنا حكمية، كنجاسة المشركين الواردة فى قوله تعالى {إنما المشركون نجس} التوبة: 28،ولا شك أن كل محرم نجس حكما، ويقوى ذلك أن الرجس وصف به كل ما ذكر فى الآية مع الخمر، وهو الميسر والأنصاب والأزلام، ولم يقل أحد بنجاسة هذه الأشياء نجاسة عينية، فالخمر لذلك ليست نجاستها عينية بل هى حكمية، ويبقى القول بنجاستها العينية محتاجا إلى دليل، وأجاب الجمهور على ادعاء أن نجاسة الخمر لا نص فيها، وعلى أنه لا يلزم من كونها محرمة أن تكون نجسة، فقالوا: إن قوله تعالى {رجس} يدل على نجاستها، لأن الرجس فى اللسان -أى اللغة العربية - النجاسة، ثم لو التزمنا ألا نحكم بحكم إلا إذا وجدنا فيه دليلا منصوصا لتعطلت الشريعة، فإن النصوص فيها قليلة. لكن كما قدمنا إذا كان الرجس هو النجاسة فهو محتمل للنجاسة الحسية والمعنوية كما ذكر فى المشركين، فالدلالة اللفظية هنا ظنية، وليست قطعية، ولو صح قولهم -كما قدمنا-للزم عليه نجاسة الميسر والأنصاب والأزلام، ولم يقل أحد بنجاستها نجاسة حسية،- وقد يرد عليهم بأن الأصل فى الأشياء الإباحة والطهارة ما لم يدل دليل على غير ذلك، ولا يوجد دليل على نجاستها، أما الدليل على حرمتها فثابت بالكتاب والسنة ومن هنا يعوزكم الدليل الخالى من الاحتمال على نجاستها. كما أجاب الجمهور القائلون بنجاسة الخمر على دليل القائلين بطهارتها وهو سَكْبُها فى طرق المدينة، بأن الصحابة فعلت ذلك لأنه لم يكن لهم سروب - حفر تحت الأرض -أى المجارى، ولا آبار يريقون الخمر فيها، لأن الغالب من أحوالهم اْنهم لم يكن لهم (كُنُف) فى بيوتهم. والضرورات تبيح المحظورات. وهذا الخلاف كله فى الخمر المتخذة من عصير العنب، أما باقى المسكرات المتخذة من.الشعير والعسل والتين وغيرها فالأئمة الثلاثة على نجاستها، والمذهب المفتى به عند الحنفية أنها نجسة أيضا وإن قال بعضهم بطهارتها. والخلاصة أن الخمر نجسة عند الجمهور، فيكون الكحول نجسا أيضا عندهم، أما عند غير الجمهور فهى طاهرة، وبالتالى يكون الكحول طاهرا أيضا. هذا عند من جعل الكحول من المسكرات، أما من جعله من المواد السامة والضارة فهو طاهر كطهارة الحشيش والأفيون وكل ضار، حيث لم يقل أحد بنجاستها نجاسة عينية، وإن كانت نجسة حكما بمعنى أنها محرَّمة. ومن القائلين بطهارة الخمر من المتأخرين الشوكانى والصنعانى صاحب " سبل السلام " وصدِّيق حسن خان فى كتابه " الروضة البهية " ذاهِبَا إلى أن الأصل الطهارة فلا ينقل عنها إلا ناقل صحيح، والشيخ محمد رشيد رضا فى تفسير " المنار " مال إلى القول بعدم نجاسة الكحول والخمر، وكذلك العطور المختلطة به، لعدم وجود الدليل الصحيح على النجاسة، ولأن الرجس فى الخمر رجس حكمى بمعنى التحريم، والكحول موجود فى كثير من المواد الغذائية بنسب متفاوتة وهو غير مستقذر لأنه يستعمل فى التطهير، وشيوع استعماله فى الأغراض الطبية والنظافة وغيرها يجعل القول بنجاسته من باب الحرج وهو منفى بنص القرآن، كما حكى الغزالى وجها فى الخمر المحترمة وهى التى اعتصرت بقصد أن تتخذ خلا. ثم ذكر القول بأن ما اعتصره أهل الكتاب من المحترمة، بناء على عدم تكليفهم بفروع الشريعة، فكل خمور أهل الكتاب طاهرة على هذا الوجه. وينتهى الشيخ محمد رشيد رضا فى تفسيره إلى أن الخمر مختلف فى نجاستها عند علماء المسلمين، وان النبيذ طاهر عند أبى حنيفة وفيه الكحول قطعا، وأن الكحول ليس خمرا، وأن الأعطار الإفرنجية ليست كحولا، وإنما يوجد فيها الكحول كما يوجد فى غيرها من المواد الطاهرة بالإجماع، وأنه لا وجه. للقول بنجاستها حتى عند القائلين بنجاسة الخمر " انظر تفسير المنار- المجلد الرابع ص 505، 821، 866 ". هذا بعض من المعركة التى، دارت حول نجاسة الكحول وطهارته بسطناها فى كتابنا " الإسلام ومشاكل الحياة "ج 1. وما دام الأمر خلافيا فلعل من التيسير بعد شيوع استعماله فى الطب والتطهير والتحاليل المختلفة والعطور وغيرها - الميل إلى القول بطهارته إن جعل من المواد السامة والضارة، وإن كان يستعمل أحيانا كالخمر فإن نجاستها غير متفق عليها، وبخاصة إن كانت من غير عصير العنب، وهو يستخرج الآن من مواد مختلفة. وعليه فلا يجب غسل ما أصابته الكولونيا من البدن والملابس وغيرها، وتصح الصلاة مع وجودها. " انظر الفتاوى الإسلامية المجلد الخامس ص 1652 " (8/413) ________________________________________ الدواجن التى تتغذى بالنجاسات
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم أكل الطيور والحيوانات التى تتغذى على النجاسات؟
الجواب ثار الجدل فى هذه الأيام حول لحم الدجاج الذى يضاف إلى علفه بعض المواد النجسة أو الكيماوية التى تسرع نموها وتزيد حجمها أو وزنها، وكان محور الجدل فى نقطتين، إحداهما صحية والأخرى دينية. وقد اختلف ذوو الاختصاص والخبرة فى تأثير ذلك على صحة الإنسان، ما بين مثبت للضرر، وبخاصة فى علاقته بالفشل الكلوى والسرطان، وناف لهذا الضرر، وبخاصة بهذه الصورة الرهيبة، مع إشارة بعضهم إلى أن ما يمكن أن يكون من ضرر فهو ليس بهذا الحجم الذى يحرم تناول هذه اللحوم. ومبدئيا نقول: مادام لم يجزم أهل الذكر بوجود الضرر البيِّن الذى يؤثر تأثيرا بالغا بالصحة والمال والعقل وسائر ما حاطه الإسلام بالرعاية من أجل تأدية الإنسان وظيفته فى الحياة على الوجه المطلوب، فلا وجه للقول شرعا بمنع تناوله لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، فما دامت العلة، وهى الضرر المذكور غير محققة فالأصل فى الأشياء الحل، فإن تحققت كان المنع، وقد جاء الشرع لتحقيق المصلحة ومنع المفسدة، والله سبحانه يقول {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} البقرة:195 والنبى صلى الله عليه وسلم يقول فى الحديث " لا ضرر ولا ضرار" رواه ابن ماجه والدارقطنى وغيرهما مسندا: ورواه مالك فى الموطأ مرسلا، كما قال النووى فى متن " الأربعين حديثا النووية " وقال: حديث حسن. وعلماء الإسلام تحدثوا عن هذا الموضوع من قديم الزمان بناء على نصوص وردت فى ذلك منها: 1 - عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الجلالة وشرب ألبانها حتى تحبس. أخرجه الدارقطنى والحاكم والبيهقى، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وقال البيهقى: ليس بالقوى. 2 - عن ابن عمر أيضا: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها، رواه الخمسة إلا النسائى. وقال الشوكانى " نيل الأوطار ج 8 ص 128 ": حسَّنه الترمذى، واختلف فيه على لد ابن أبى نجيح " فقيل: عن مجاهد عنه، وقيل: عن مجاهد مرسلا، وقيل: عن مجاهد عن ابن عباس. 3 - عن ابن عباس رضى الله عنهما: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شرب لبن الجلاَّلة، رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وصححه الترمذى، وقال الشوكانى:،وأخرجه أيضا أحمد وابن حبان والحاكم والبيهقى، وصححه أيضا ابن دقيق العيد، ولفظه: وعن الجلالة وشرب ألبانها. 4 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحُمر الأهلية، وعن الجلالة، عن ركوبها وأكل لحومها رواه أحمد والنسائى وأبو داود- وقال الشوكانى: أخرجه أيضا الحاكم والدارقطنى والبيهقى، وفى الباب عن أبى هريرة مرفوعا، وفيه النهى عن الجلالة، قال فى التلخيص: إسناده قوى. هذا بعض ما ورد عن الجلالة، والكلام فى هذا الموضوع يدور حول تعريف الجلالة ومناط النهى، ودرجة هذا النهى وما ينبغى أن يتخذ حيالها. وما هو المنهى عنه منها. أ- فالجلالة هى كل ما يتناول العَذِرَة - بكسر الذال - والأرواث، مأخوذ من الجَلَّة-بفتح الجيم -وهى البعرة، وهى تشمل الإبل والبقر والغنم والدجاج والأوز وغيرها من كل ما يتناول هذه المواد. قال العلماء: ولا يطلق عليها وصف الجلاَّلة إلا إذا كان غالب علفها من النجس، كما جزم به النووى فى تصحيح التنبيه، يقول الخطابى: فأما إذا رعت الكلأ واعتلفت الحب، وكانت تتناول مع ذلك شيئا من الجلة فليست بجلالة، وإنما هى كالدجاج المخلاّة ونحوها من الحيوان الذى ربما نال الشىء منها وغالب غذائه وعلفه من غيره، فلا يكره أكلها، وجاء فى حياة الحيوان الكبرى للدميرى " مادة سخلة " قوله واختلفوا فيما يناط به الحرمة والكراهة، فقال الرافعى عن " تتمة التتمة ": إنه إن كان أكثر أكلها الطاهرات فليست بجلالة، والأصح أنه لا اعتبار بالكثرة، بل بالرائحة، فإن كان يوجد فى مرقتها أو فيها أدنى ريح النجاسة وإن قلَّ فالموضع موضع النهى، وإلا فلا، وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن موضع النهى ما إذا وجدت رائحة النجاسة بتمامها أو كانت تقرب من الرائحة، فأما إذا كانت الرائحة التى توجد يسيرة فلا اعتبار بها، والصحيح الأول، إلحاقا لها بالتغير اليسير بالنجاسة فى المياه: فإن علفت الجلالة علفا طاهرا مدة حتى طاب لحمها وزالت النجاسة زالت.الكراهة، ولا تقدر مدة العلف عندنا بزمن، بل المعتبر زوال الرائحة بأى وجه كان. ب - يؤخذ من هذا أن مناط النهى هو وجود رائحة النجاسة وتغير اللحم أو اللبن أو البيض، وذلك تابع فى الغالب إلى كثرة ما تعلف به الدابة من النجاسة أو قوة تأثيره، يقول الدميرى: ثم إن لم يظهر بسبب ذلك تغير فى لحمها فلا تحريم ولا كراهة، ويقول القرطبى فى تفسيره "ج 7 ص 122" بعد ذكر الجلالة: هذا نهى تننزيه وتنظف، وذلك أنها إذا اغتذت الجلة وهى العذرة وجدنتن رائحتها فى لحومها. ب - فإذا وجدت الرائحة أو تغير اللحم طعما وقال العلماء بمنع تناول لحمها وما ينتج عنه. فما هى درجة هذا المنع هل هى الحرمة أو الكراهة؟ يقول الشوكانى: والنهى حقيقة فى التحريم فأحاديث الباب ظاهرها تحريم أكل لحم الجلالة وشرب لبنها وركوبها، وقد ذهبت الشافعية إلى تحريم أكل لحم الجلالة، وحكاه فى البحر عن الثورى وأحمد بن حنبل، وقيل: يكره فقط، كما فى اللحم المذكى إذا أنتن قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: لو غذَّى شاة عشر سنين بأكل حرام لم يحرم عليه أكلها ولا على غيره، وهذا أحد احتمالى البغوى. قال الدميرى فى السخلة المرباة بلبن كلبة أن لها حكم الجلالة، فيكره أكلها كراهة تنزيه على الأصح فى الشرح الكبير والروضة والمنهاج، وبه جزم الرويانى والعراقيون. وقال أبو إسحاق المروزى والقفال: كراهة تحريم، ورجحه الإمام الغزالى والبغوى والرافعى فى المحرر. ثم قال الدميرى: وسئل سحنون "من فقهاء المالكية "عن خروف أرضعته خنزيره فقال: لا بأس بأكله، وقال الطبرى: العلماء مجمعون على أن الجَدى إذا اغتذى بلبن كلبة أو خنزيره لا يكون حراما ولا خلاف فى أن ألبان الخنازير نجسة كالعذرة، وقال غيره: المعنى فيه أن لبن الخنزيرة لا يدرك فى الخروف إذا ذبح بذوق ولا شم ولا رائحة، فقد نقله الله تعالى وأحاله كما يحيل الغذاء، وإنما حرم الله تعالى أكل أعيان النجاسات المدركات بالحواس، كذا قاله أبو الحسن على بن خلف بن بطال القرطبى فى شرح البخارى [ووفاته سنة تسع وأربعين وأربعمائة، وهو أحد شيوخ أبى عمرو بن عبد البر رحمة الله تعالى عليه] انتهى ما فى الدميرى. د - وإذا كان المنع من أكل لحم الجلالة وشرب لبنها منوطا بوجود النتن والتغير فى الطعم والرائحة، فكيف تزول هذه العلة حتى يزول المنع؟ قال جماعة: يكفى زوال الرائحة والطعم بأية وسيلة من الوسائل، وقال آخرون: لابد من حبس الدابة مدة حتى تزول الرائحة. وقال جماعة من هؤلاء لابد مع الحبس من العلف الطيب، وبدون ذلك يكره أكل اللحم وشرب اللبن، جاء فى تفسير القرطبى: وقال أصحاب الرأى والشافعى وأحمد: لا تؤكل حتى تحبس أياما وتعلف علفا غيرها، - يعنى غير الجلة - فإذا طاب لحمها أكلت. وكان ابن عمر يحبس الدجاج ثلاثا ثم يذبح، وقال إسحاق: لا بأس بأكلها بعد أن يغسل لحمها غسلا جيدا، وكان الحسن لا يرى بأسا بأكل لحم الجلالة، وكذلك مالك بن أنس. ويقول القرطبى: ومن هذا الباب نهُى أن تلقى فى الأرض العذرة عن ابن عمر أنه كان يكرى أرضه ويشترط ألا تُدْمن - تُسَمَّد - بالعذرة، وروى أن رجلا كان يزرع أرضه بالعذرة فقال له عمر: أنت الذى تطعم الناس ما يخرج منهم. انتهى. يقول الدميرى فى كتابه حياة الحيوان " مادة دجاج " وفى الكامل والميزان فى ترجمة غالب بن عبد الله الجزرى وهو متروك -عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يأكل دجاجة أمر بها فربطت أياما ثم يأكلها بعد ذلك. وذكر فى مادة " سخلة " حديث ابن عمر فى نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وشرب ألبانها حتى تحبس. وجاء فى" نيل الأوطار "للشوكانى: قال ابن رسلان فى شرح السنن: وليس للحبس مدة مقدرة، وعن بعضهم: فى الإبل والبقر أربعين يوما، وفى الغنم سبعة أيام، وفى الدجاج ثلاثة، واختاره فى المهذب والتحرير، قال الإمام المهدى فى البحر: فإن لم تحبس وجب غسل أمعائها ما لم يستحل ما فيه استحالة تامة ... وقد اختلف فى طهارة لبن الجلالة، فالجمهور على الطهارة، لأن النجاسة تستحيل فى بلطنها، فيطهر بالاستحالة، كالدم يستحيل فى أعضاء الحيوانات لحما ويصير لبنا. ويقول الدميرى فى " مادة سخلة " بعد نقل ما قيل عن مدة الحبس وأنها محمولة على الغالب عندهم: فإن لم تعلف لم يزُل المنع بغسل اللحم بعد الذبح.ولا بطبخه وشَيَّه وتجفيفه فى الهواء وإن زالت الرائحة بمرور الزمان عند صاحب التهذيب، وقيل بخلافه. ر- هذا، والممنوع فى الجلالة بوصف كونها جلالة، هو أكل لحمها وشرب لبنها وكذلك أكل البيض، وأيضا حمل الأمتعة عليها، وركوبها بغير حائل بين ما يحمل عليها وبين جلدها، وذلك على سبيل الكراهة فى الركوب. بعد العرض لأحاديث الجلالة وأقوال العلماء نستخلص أن الدواب التى يخلط علفها بمادة نجسة ولم يظهر فساد فى لحمها أو لبنها أو بيضها، ولا ضرر فى تناوله لا يحرم أكل ذلك ولا يكره، لزوال علة النهى وهى الفساد، أما إن كان علفها كله من مادة نجسة وظهر فساد اللحم واللبن والبيض فالخلاف موجود بين الحكم بالحرمة أو الكراهة التحريمية أو الكراهة التنزيهية، وإن لم يكن فساد فلا حرمة، والأولى علفها بمادة طيبة مدة من الزمان حتى تقبل النفس عليها، فإن بعض النفوس لا تقبل الحلال الذى لا شك فى حله، فقد امتنع النبى صلى الله عليه وسلم عن أكل لحم الضب وهو حلال، وجاء فى الصحيحين أنه قيل له: أحرام هو؟ قال " لا، ولكنه لم يكن بأرض قومى فأجدنى أعافه " وفى رواية مسلم " لا آكله ولا أحرمه " وفى رواية " كلوه فإنه حلال، ولكنه ليس من طعامى ". وكلام الأطباء والمختصين فى هذا المقام له وزنه إن أجمعوا عليه (8/414) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 10:55 pm | |
| الفسيخ
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم أكل الفسيخ والأسماك المملحة؟
الجواب نشرت مجلة الأزهر فى المجلد الخامس صفحة 243 إجابة للمرحوم الشيخ يوسف الدجوى عن الأسماك المحفوظة بالتمليح جاء فيها، مع زيادة للتوضيح: إن السمك لا شك فى طهارته حيا أو ميتا لحديث " أحلت لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد والكبد والطحال " رواه أحمد والشافعى وابن ماجه والبيهقى والدارقطنى، وهو ضعيف، وصحح الإمام أحمد وقفه على ابن عمر، كما قاله أبو زرعة وأبو حاتم، ومثل هذا له حكم المرفوع، لأن قول الصحابى: أحل لنا كذا وحرم علينا كذا، مثل قوله أمِرْنا ونُهينا. ولحديث الخمسة أى أحمد وأصحاب السنن الأربعة وقد سئل الرسول عن الوضوء بماء البحر فقال لا هو الطهور ماؤه الحل ميتته ". لكن الدم المسفوح نجس، وهو السائل عن مقره فى حال الحياة بنحو الفصد أو بعد الموت ولو بعد التذكية الشرعية من سائر الحيوانات ولو من السمك، خلافا للقابسى وابن العربى، حيث قالا: إن الدم المسفوح من السمك طاهر. فالسمك إذا مُلِّح ووضع بعضه على بعض صار فسيخا، فإن لم يتحلل منه دم مسفوح كان طاهرا وحل أكله، أما إن خرج منه دم مسفوح بواسطة الضغط عليه بمثقل مثلا فقد صار نجسا لا يحل منه إلا الصف الأعلى، مع غسله قبل أكله، أما الطبقات السفلى فلا يحل أكلها على القول المشهور، وذلك لنجاستها بمرور الدم عليها وعدم إمكان تطهيرها لامتزاجها بالدم. ويحل أكل جميعه على رأى القابسى وابن العربى، وعلى المشهور إن شك فى كونه من الصف الأعلى أو غيره جاز أكله، لأن الطعام لا يطرح بالشك. هذا هو حكم الفسيخ على مذهب الإمام مالك، ومذهب الحنفية أن السمك لا دم له، فإذا ملِّح حتى صار فسيخا حَل أكله، سواء أكان من الصف الأعلى أم من غيره، وذلك كله ما لم يخش ضرره، وإلا حرم أكله من أجل الضرر لا من أجل النجاسة. انتهى. بعد هذا العرض يكون أكل الفسيخ حلالا عند الأحناف وبعض المالكية، فليست الحرمة متفقا عليها، والدين يسر، وذلك بشرط عدم الضرر من أكله، ويختم الشيخ الدجوى كلامه بقوله: والورع تركه (8/415) ________________________________________ دخول بيت الخلاء بما فيه قرآن
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز دخول بيت الخلاء بحلية أو كتاب فيه اسم الله أو شىء من القرآن؟
الجواب روى أصحاب السنن وصححه الترمذى عن أنس رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء نزع خاتمه، وقد صح أن نقش خاتمه كان " محمد رسول الله " وذلك أن بيوت الخلاء مستقذرة وتأوى إليها الشياطين والحشرات والهوام، ولذلك كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدخلها يقول " اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث " رواه البخارى ومسلم، والخبث -بضم الخاء والباء-جمع خبيث، والخبائث جمع خبيثة، والمراد بهم ذكور الشياطين وإناثهم، وليس من اللائق أن توضع الأشياء الكريمة أو يدخل بها فى مثل هذه الأمكنة. هذا هو حكم الدخول بأى شىء فيه اسم الله مثل " ما شاء الله " أما الدخول بالقرآن أو بأية منه فقال الأحناف والشافعية بكراهته، وقال المالكية والحنابلة بحرمته، وذلك لمجرد الدخول إذا كان حامله طاهرا أما إذا كان غير طاهر من الحدثين فانه يحرم حمله بصرف النظر عن الدخول وعدم الدخول به فى بيت الخلاء، وذلك عند الشافعية. ثم قالوا: محل حرمة الدخول أو كراهته إذا لم يكن القرآن مستورا بما يمنع وصول الرائحة الكريهة إليه ولم يخف الضياع عليه، فإن اتخذ كحجاب مجلد، أو خاف ضياعه أو ضياع الحلية المكتوب عليها القرآن جاز الدخول به. فالمرأة الحاملة لحلية فيها القرآن إن كانت فى بيتها يجب أو يستحب أن تخلعها عند دخول بيت الخلاء، وذلك للأمن عليها. أما إذا كانت فى سفر أو محل عام أو فى محل عمل فيه غيرها وخافت عليها الضياع لو خلعتها فلا بأس بدخول بيت الخلاء وهى لابسة لها. " انظر: كتاب الفقه على المذاهب الأربعة نشر وزارة الأوقاف، ونيل الأوطار للشوكانى ج 1 ص 85، 86، والفتاوى الإسلامية، المجلد الخامس ص 1599 (8/416) ________________________________________ نقض الوضوء بخروج الدم
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل ينتقض الوضوء بخروج الدم؟
الجواب عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أصابه قىء أو رعاف أو قلس أو مذى فلينصرف فليتوضأ، ثم لِيَبن على صلاته وهو فى ذلك لا يتكلم " رواه ابن ماجه والدارقطنى، وهو حديث ضعيف كما قاله غير واحد، وقال الحفاظ من أصحاب ابن جريح: يروونه عن ابن جريح عن أبيه عن النبى مرسلا، أى سقط منه الصحابى، وصحح كونه مرسلا الدارقطنى وأبو حاتم والبيهقى. 2 - وورد أيضا حديث لا إذا رعف أحدكم فى صلاته فلينصرف فليغسل عنه الدم ثم لِيُعدْ وضوءه وليستقبل صلاته لا وهو ضعيف أيضا. 3 - وعن ابن عمر رضى الله عنهما عند مالك فى الموطأ: أنه كان إذا رعف رجع فتوضأ ولم يتكلم ثم يرجع ويبنى. الرعاف هو الدم الذى ينزل من الأنف. والقىء ما يخرج من المعدة إلى الحلق. والقلس -بفتح القاف وسكون اللام أو فتحها - ما خرج من الحلق أو الجوف ملء الفم أو دونه وليس بقىء، قاله الجوهرى فى الصحاح وابن الأثير فى النهاية. والمذى هو الماء الأبيض الرقيق الذى ينزل من القبل عقب ثوران الشهوة بدون لذة أو تدفق. 4 - أصيب عباد بن بشر بسهام وهو يصلى فاستمر فى صلاته، رواه البخارى تعليقا بدون سند، ورواه أبو داود وابن خزيمة. 5 - عن أنس قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتوضأ، ولم يزد على غسل محاجمه، وهو حديث ضعيف. بناء على هذه المرويات اختلف الفقهاء فى نقض الوضوء بالدم الخارج من الجسم، فقال الشافعى وأصحابه بعدم نقض الوضوء بخروج الدم من غير السبيلين لا القُبل والدبر" إلا إذا كان من ثقبة تحت المعدة تقوم مقام السبيلين فى خروج الفضلات، وكذلك قال مالك بعدم النقض بخروج الدم من غير السبيلين إلا إذا كان من ثقبة تحت المعدة أو من الفم إذا صار ذلك مخرجا للفضلات يقوم مقام السبيلين مع بعض التوضيحات عندهما فى الخارج من الثقبة. وسند هؤلاء فى عدم النقض للوضوء بالرعاف والحجامة والجرح أن الأصل عدم النقض للمتوضئ إلا بما يدل عليه دليل مقبول، ولا يوجد هذا الدليل. يقول الشوكانى: لا يصار إلى القول بأن الدم أو القئ ناقض إلا بدليل ناهض، والجزم بالوجوب قبل صحة المستند كالجزم بالتحريم قبل صحة النقل، والكل من التقول على الله بما لم يقل [يشير بهذا إلى قوله تعالى {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب} النحل: 116،ويؤيد قول هؤلاء الحديث عباد بن بشر، فإنه يبعد ألا يطلع النبى صلى الله عليه وسلم على مثل هذه الواقعة العظيمة ولم ينقل أنه أخبره بأن وضوءه بطل كما يؤيد هذا القول حديث احتجام النبى صلى الله عليه وسلم وعدم وضوئه وإن كان ضعيفا. أما أبو حنيفة وأصحابه فقالوا بنقض الوضوء بالرعاف وبنزول الدم من أى مكان فى الجسم، بشرط السيلان الذى يجاوز به الدم محل خروجه، وكذلك قال أحمد بن حنبل بشرط كثرة الخارج من الدم. وسند هؤلاء هو المرويات الثلاثة الأولى، وهى ضعيفة. أما المذى فهو نافض للوضوء باتفاق لخروجه من القبل. فإذا خرج بعض الدم من الأسنان أو من أثر الحلافة أو من سكين أو غير ذلك فالوضوء صحيح على مذهب جمهور الفقهاء، والواجب هو تطهير المحل الذى أصابه الدم. " نيل الأوطار للشوكانى ج 1 ص 257 - 209، الفقه على المذاهب الأربعة " (8/417) ________________________________________ قص الشعر وتقليم الظفر للجنب
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز قص الشعر أو الظفر أثناء الجنابة قبل الغسل؟
الجواب جاء فى شرح الإقناع لمتن أبى شجاع "ج 1 ص 60 "فى فقه الشافعية: قال فى الإحياء -أى إحياء علوم الدين للأمام الغزالى- لا ينبغى أن يحلق أو يقلم أو يستحد -يحلق عانته- أو يخرج دما، أو يُبين -يقطع- من نفسه جزًا وهو جنب، إذْ ترد سائر أجزائه فى الآخرة فيعود جنبا، ويقال: إن كَل شعرة تطالبه بجنابتها. لكن هذا الكلام لا دليل فيه على منع ذلك أثناء الجنابة، ولا فى مطالبة الجز المفصول بجنابته يوم القيامة، وقد وُجِّه مثل هذا السؤال لابن تيمية كما قال السفارينى فى كتابة " غذاء الألباب ج 1 ص 382 " فأجاب: قد ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه لما ذكر الجنب قال " إن المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا " فال: وما أعلم لكراهة إزالة شعر الجنب وظفره دليلا شرعيا، بل قد قال النبى صلى الله عليه وسلم للذى أسلم " ألق عنك شعر الكفر واختتن " فأمر الذى أسلم بذلك ولم بأمره بتأخير الاختتان وإزالة الشعر حتى يغتسل، فإطلاق كلامه يقتضى جواز الأمرين، وكذلك تؤمر الحائض بالامتشاط فى غسلها مع أن الامتشاط يذهب ببعض الشعر، فعلمنا عدم كراهة ذلك. وأن ما يقال فيه مما ذكر لا أصل له. قال عطاء: يحتجم الجنب ويقلم أظفاره ويحلق رأسه وإن لم يتوضأ، رواه البخارى. وعلى هنا فلا كراهة فى قص الشعر والظفر أثناء الجنابة. أما دفن قلامة الظفر ومشاطة الشعر فله موضع آخر (8/418) ________________________________________ |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 11:37 pm | |
| الدراسة الدينية أثناء الجنابة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال سألت مدرسة للدين عن حمل كتاب الدين وفيه آيات قرآنية وأحاديث نبوية وأحيانا تقرأ بعض الآيات وهى فى عادتها الشهرية، وأحيانا تقرأ القرآن وهى مكشوفة الرأس، فما رأى الدين فى ذلك؟
الجواب يحرم على الجنب -ومن الجنابة الحيض والنفاس- الصلاة والطواف والمكث فى المسجد وقراءة القراَن ومس المصحف وحمله. كما يحرم على الحائض والنفساء الصيام، وعلى الرجل اعتزالها حتى تطهر. أما حملها لكتاب الدين فليس ممنوعا، لأنه ليس بمصحف ولا ينطبق عليه قول الله تعالى {إنه لقرآن كريم. فى كتاب مكنون. لا يمسه إلا المطهرون} الواقعة: 77-79، وأما قراءتها للقرآن من غير مس المصحف ولا حمله فممنوعة أيضا عند جمهور الفقهاء، وذلك للحديث الذى رواه أصحاب السنن أن النبى صلى الله عليه وسلم كان لا يحجبه عن القراءة شىء إلا الجنابة، وصحح الترمذى هذا الحديث، وقيل: إنه حديث حسن يصلح للاحتجاج به، وكذلك للحديث الذى رواه أحمد عن على رضى الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم قرأ شيئا من القرآن، ثم قال " هكذا لمن ليس بجنب،. أما الجنب فلا ولا آية " قال الهيثمى: رجاله موثقون قال الشوكانى: فإن صح هذا الحديث صلح للاستدلال به على التحريم. كما تمسكوا بحديث رواه أبو داود والترمذى وابن ماجه عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال " لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن " وقد ضعف هذا الحديث وغير الجمهور أجازوا للحائض والجنب قراءة القراَن، ومنهم أهل الظاهر والطبرى والبخارى الذى قال: لا بأس أن تقرأ الحائض الآية، ولم ير ابن عباس بالقراءة للجنب بأسا. قال ابن حجر: لم يصح عند البخارى شىء من الأحاديث الواردة فى منع الجنب والحائض وإن كان مجموع ما ورد فى ذلك تقوم به الحجة عند غيره، لكن أكثرها قابل للتأويل. هذا، وذهب أبو حنيفة، إلى قراءة ما دون الآية (انظر الجزء الثانى من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام) . وبعد عرض هذه الآراء يختار قول الجمهور فى المنع، ولا يجوز للحائض أن تقرأ شيئا من القرآن عند دراسة لدين ما دامت لا توجد ضرورة لقراءتها. كالامتحان مثلا، ويمكنها أن تؤجل دراسة الباب الذى فيه القرآن حتى تطهر، فإن تحتمت القراءة جازت قراءة آية أو أقل أى الاقتصار على الضرورى، محافظة على قدسية القرآن. أما قراءة الأحاديث النبوية وذكر الله بما ليس بقرآن، والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم وإجابة المؤذن فلا حرمة ولا كراهة فيها مع الجنابة. وقراءة القرآن جائزة ورأس المرأة مكشوف أو كانت بملابس البيت ما دام لا يوجد اْجنبى يراها، وإن كان الأفضل الستر الكامل والطهارة واستقبال القبلة، وذلك لزيادة الأجر. ولا يجوز لمن عندها العذر الموجب للغسل أن تدخل المسجد وتمكث فيه لحضور مجلس علم حتى تطهر، لأن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك كما رواه أبو داود وابن ماجه، ويمكنها أن تتلقى العلم بعيدا عن المسحد أو فى مكان ملحق به لا يصلى فيه. أما حمل المصحف ومسه ففى موضع آخر. توجيهات للجنب من المستحب أن يبادر الجنب بالطهارة بالغسل لأنها كمال ولأن فيها تنشيطا للبدن وتعويضا لما فقد من قوة، ويكره له أن يؤخرها إلا إذا كان هناك عذر، وهنا يستحب له أن يتوضأ بدل الغسل لمزاولة أعمال غير التى حرمت عليه كالأكل والشرب والنوم والسفر وإن ترك الطهارة بالغسل أو الوضوء عند التمكن من أحدهما كانْ ذلك مكروها لأنه يدل على الاستهانة وقد يصير عادة له. ومما ورد فى استحباب المبادرة بالطهارة ما ثبت فى صحيح مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ، وما رواه أبو داود والنسائى وابن حبان فى صحيحه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جنب " وما رواه البزار بإسناد صحيح عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: " ثلاثة لا تقربهم الملائكة الجنب والسكران والمتضمخ بالخلوق " وهو طيب كان خاصا بالنساء. وما روى من أن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر والجنب. ويكره للجنب تشييع الجنازة لأن الملائكة تشيع بعض الجنازات كما ثبت فى الصحيح، وربما لا تشيع لوجود جنب مع المشيعين فيمنع الرحمة عن الجنازة. يقول العلماء: إن الملائكة التى لا تقرب الجنب حتى يغتسل أو يتوضأ هم ملائكة الرحمة، أما الحفظة وغيرهم فلا يفارقونه أبدا، والمراد بالصورة المجسمة وبالكلب غير ما أذن فيه كالحراسة والصيد، ولا بأس من الذبح مع الجنابة وذكر اسم الله، وإن كان الأولى الطهارة (8/419) ________________________________________ التيمم
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هي فروض التيمم، وما أسباب نزول آياته في القرآن الكريم؟
الجواب يجوز للإنسان أن يتيمم بدلاً من الوضوء أو الغسل في عدة حالات، منها: إذا لم يجد الماء أصلاً، أو وجده ولكن لا يكفيه للطهارة، أو كان به جراحة أو مرض وخاف من الماء زيادة المرض أو تأخر الشفاء أو كان الماء شديد البرودة وغلب على ظنه حصول ضرر باستعماله وقد عجز عن تسخينه، أو كان الماء قريبا منه وخاف من طلبه فوت الرفقة أو خاف على نفسه أو عرضه أو ماله ضرر من عدو أو حيوان مفترس مثلا، وكذلك إذا عجز عن استخراج الماء من العمق، أو خاف تهمة له يتضرر بها عند استعمال الماء في الغسل، كمن بات عند صديق متزوج وأصبح جنباً بالاحتلام مثلا أو كان محتاجًا إلى الماء في شرب أو طبخ أو عجن أو إزالة نجاسة، أو خاف من استعماله خروج وقت الصلاة. والتيمم يكون بالتراب الطاهر وكل ما كان من جنس الأرض كالرمل والحجر والجص، وكيفيته: أن يقدم النية ثم يضرب الصعيد الطاهر بيديه ويسمح بهما وجهه ويديه إلى الرسغين، ويكفى في ذلك ضربة واحدة كما تدل عليه الأحاديث القوية. وقال بعض الأئمة، لابد من ضربتين، إحداهما للوجه، والأخرى لليدين، على أن يكون مسحهما إلى المرفقين لا إلى الرسغين. ويصلي بالتيمم الواحد للوقت ما شاء من الفرائض والنوافل، وقال بعض الأئمة: لا يصلي بالتيمم الواحد إلا فرضا واحدًا وما شاء من النوافل، واشترط بعضهم لصحة التيمم دخول وقت الصلاة ولم يشترط البعض الآخر. والتيمم ينتقض بكل ما ينتقض به الوضوء والغسل، وكذلك ينتقض بوجود الماء أو القدرة على استعماله لمن عجز عنه. أما سبب نزول آية التيمم في القرآن الكريم فقد ورد فيه حديث السيدة عائشة رضي اللَّه عنها الذي رواه البخارى ومسلم وغيرهما، قلت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء انقطع عقد لى، فأقام النبي صلى الله عليه وسلم على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معه ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر رضي اللَّه عنه فقالوا: ألا ترى إلى ما صنعت عائشة؟ فجاء أبو بكر والنبي صلى الله عليه وسلم على فخذي قد نام، فعاتبني وقال ما شاء اللَّه أن يقول، وجعل يطعن بيده خاصرتي فما يمنعني من التحرك إلا مكان النبي صلى الله عليه وسلم على فخذي فنام حتى أصبح على غير ماء، فأنزل اللَّه تعالى آية التيمم {فتيمموا صعيدًا طيبًا} قال أسيد بن حضير: ما هي أول بركتكم يا آل أبي بكر، فقالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحته (8/420) ________________________________________ حمل كيس البول
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال عملت لى عملية جراحية تحول بها مجرى البول إلى أنبوبة تصب فى كيس أحمله، وقد تتسرب منه بعض النقط، فكيف أصلى؟
الجواب معلوم أن الصلاة لا تقبل بغير طهارة من الحدث والنجس، وخروج شىء من السبيلين المعتادين وهما القبل والدبر، من بول أو غائط أو ريح يبطل الوضوء أما الخارج من غير السبيلين كفتحة فى البطن، فقد اختلف فيه العلماء، فالشافعية والمالكية يقولون: إذا انقطع الخروج من السبيلين أو من أحدهما، أو انسد المخرج المعتاد لعارض، فإن الخارج ينقض الوضوء، والحنابلة يقولون بالنقض فى كل الأحوال. أما الحنفية فيقولون: إن الخارج النجس من غير السبيلين ينقض الوضوء إذا سال وتجاوز موضع خروجه واستمر نزوله وكان صاحبه معذورا. والحالة الواردة فى السؤال ينطبق عليها حكم سلس البول، فصاحبها يوالى بين الاستنجاء والوضوء والصلاة ويصلى بالوضوء فى الوقت ما شاء من الفرائض والنوافل، " فتاوى معاصرة للشيخ جاد الحق على جاد الحق ص 81، 82" (8/421) ________________________________________ الصبيان والمساجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يصحب بعض المصلين أولادهم إلى المساجد فيعارضهم آخرون لما يحدث منهم من تشويش، فما رأى الدين فى ذلك؟
الجواب نحن مأمورن بأن نعود أولادنا منذ الصغر على الصلاة والصيام وسائر أعمال الخير، حتى إذا بلغوا حد التكليف كانت ممارستها سهلة عليهم، وفى ذلك يقول النبى صلى الله عليه وسلم " مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم فى المضاجع ". رواه أبو داود بإسناد حسن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وثبت أن الصحابة عندما فرض الصيام كانوا يصومون أطفالهم، ويحضرون لهم كرات الصوف ليتسلوا بها حتى يحين وقت الإفطار، كما رواه البخارى ومسلم عن الربيِّع بنت معوِّذ. وكما يندب تدريب الأولاد على الصلاة والطاعات فى المنازل، يندب تدريبهم على الأعمال الجماعية لتقوية روح الاجتماع فى نفوسهم، ومن ذلك شهودهم لصلاة الجمع والجماعات فى المساجد، وتحدث الفقهاء عن ترتيب صفوف الجماعة فقالوا: يكون الرجال فى الصفوف الأولى ثم يليهم الصبيان ثم يليهم النساء. ومع ذلك جاء حديث عن النبى صلى الله عليه وسلم يقول: "جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل سيوفكم واتخدوا على أبوابها المطاهر وجمروها فى الجمع " رواه ابن ماجه عن واثلة بن الأسقع ورواه الطبرانى فى معجمه الكبير عن أبى الدرداء وأبى أمامة وواثلة، ورواه أيضا فى الكبير بتقديم وتأخير من رواية مكحول عن معاذ ولم يسمع منه. هكذا قال الحافظ المنذرى فى كتابه " الترغيب والترهيب ". وإذا كان فى الحديث ضعف فإن هناك مرويات قوية بخصوص ما جاء فيه، ويمكن قبوله فى فضائل الأعمال التى منها المحافظة على نظافة المساجد وتوفير الجو الهادى الذى يليق بمكانتها ويساعد المتعبدين على أداء عبادتهم فى خشوع، ومن أجل هذا نهى الحديث عن الأمور المذكورة فيه. وقد جاء فيه تجنيب الصبيان والمجانين للمساجد لأن الغالب منهم صدور أعمال تتنافى مع كرامة المسجد وتؤذى المتعبدين، وحتى لا يكون هناك تعارض بين صلاة الصبيان فى المساجد والأمر بإبعادهم عنها قال العلماء: إن التجنيب يكون للأطفال غير المميزين الذين يكثر منهم العبث، أما المميزون العقلاء فلا بأس باصطحابهم إلى المساجد ومشاركتهم للكبار فى الصلاة والعبادة وأعمال الخير، مع متابعة تنبيههم على المحافظة على آداب المساجد والآداب الاجتماعية بوجه عام. وقد حدث أن النبى صلى الله عليه وسلم أخذ الحسن معه إلى المسجد فكان يركب على ظهره وهو ساجد فى الصلاة فيطيل السجود رحمة به، كما جاء فى روايات لأحمد والنسائى والحاكم وغيرهما، وحمل العلماء ذلك على ضمان ألا يكون فى دخولهم المسجد تشويش وعبث، أما ترك الأطفال يعبثون بدون رقابة فهو الممنوع. وكذلك لم يكن اصطحاب النبى للأطفال اعتياديا ومستمرا، بل فلتات أو فى بعض الأحيان (8/422) ________________________________________ الكلام أثناء الوضوء
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى الحديث أثناء الوضوء؟
الجواب الحديث أثناء الوضوء لا يبطله وإن كان مكروها، فالمستحب الانصراف إلى العبادة ومقدماتها وذلك لإتقانها، وإن كان هناك كلام فليكن بذكر الله وبالخير، وسوف يجىء الكلام عن الأذكار التى تقال عند الوضوء، قبله أو أثناءه أو بعده (8/423) ________________________________________ التطهير بالمسح
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز أن يكتفى فى تطهير السكين من أثر الدم بمسحها دون غسلها؟
الجواب كان الصحابة رضى اللَّه عنهم يصلون وهم حاملو سيوفهم وقد أصابها الدم فكانوا يمسحونها ويجتزئون بذلك، ويقاس على السيوف كل صقيل ليست له مسام مثل المرآة والسكين والظفر والعظم والزجاج والأوانى، فيكتفى بالمسح الذى يزول به أثر النجاسة "فقه السنة ص ا 3 من المجلد الأول نشر دار الكتاب العربى-بيروت " (8/424) ________________________________________ الوشم
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال سمعت من أحد العلماء أن الرجل الذى بيديه وشم لا يصح أن يكون إماما فى الصلاة فهل هذا صحيح؟
الجواب قال الخطيب الشافعى: الوشم -وهو غرز الجلد بالإبرة-حرام للنهى عنه، فتجب إزالته وذلك إذا لم يخف ضررا من الأضرار التى تبيح التيمم - بإحداث مرض أو زيادته - فإن خاف لم تجب إزالته ولا إثم بعد التوبة. وهذا كله إذا فعله برضاه بعد بلوغه، وإلا فلا تلزمه إزالته، وتصح صلاته وإمامته لغيره، ولا ينجس ما وضع يده فيه مثلا إذا كان عليها وشم. ومن هذا يعلم أن الرجل المذكور فى السؤال تجب عليه إزالة الوشم الذى فعله باختياره بعد البلوغ، وهذا إن كانت إزالته بطريقة لا تضر العضو الموشوم، فإن كانت الإزالة تضره فلا حرج وتصح صلاته، أما من وُشِمَ صغيرا فلا يجب عليه إزالة الوشم وبالتالى تصح صلاته وإمامته. والوشم منهى عنه بحديث "لعن اللَّه الواشمة والمستوشمة" والصحيح أن حرمته مرتبطة بقصد الغش والتدليس، أو الفتنة والإغراء، وإن كان البعض حرمه لأن فيه تغييرا لخلق اللَّه، ولأن الدم النجس انعقد بسبب اللون الموشوم به،ولا تزول نجاسته بالغسل كسائر النجاسات، ومن هنا حكم بعدم صحة الصلاة إلا بعد إزالته إن أمكن بدون ضرر كما تقدم توضيحه. وكان الوشم معروفا عند العرب قبل الإسلام كغيرهم من الأمم. وكان يقصد به الجمال إن كان فى شفتى المرأة، ويعرف باللَّمَى، فاللمياء حسنة فى أعين الرجال عندهم، كما قصد به فى بعض البلاد تمييز القبائل بعضها عن بعض، بخطوط ذات اتجاهات وأعداد متنوعة، كالموجودة فى بلاد النوبة جنوبى مصر، كما يعمل لأغراض أخرى فى مواضع معينة من الجسم من أجل الجمال فى عرف بعض القبائل، أو إظهار البأس والقوة وغير ذلك من الأغراض. ولزيادة المعلومات عنه انظر ص 298 من الجزء الثالث من كتابنا "الأسرة تحت رعاية الإسلام" (8/425) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 11:38 pm | |
| احتلام الضيف
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يحدث أن ينزل إنسان ضيفا على إنسان آخر ويعتريه فى نومه الاحتلام الذى يوجب الغسل، فكيف يتصرف منعا للشبهة؟
الجواب إذا علم الضيف من صلته القوية وصداقته المتينة لصاحب البيت أنه لا يظن به سوءا كان عليه أن يطلب الاستحمام للصلاة، أما إذا تيقَّن أو غلب على ظنه أنه سيتهمه بسوء فإنه يمكن بأسلوبه اللبق أن يطلب ذلك، كأن يدعى أنه يريد النظافة لطول عهده مثلا بالاستحمام أو يريد التبرد من شدة الحر مثلا، وذلك محاولة أن يصرف ذهن صاحبه عن الظن السيئ به، وذلك على مثال ما قال العلماء للمصلى الذى يخرج منه ناقض "للوضوء" وهو فى الصلاة فإنه ينصرف منها واضعا يده على أنفه لإيهام الناس أن به رعافا لا أنه أحدث فى الصلاة. على أن جماعة من العلماء قالوا: يجوز له التيمم عند ضيق الوقت ويصلى حتى لا تفوته الصلاة، ثم يتصرف فى الغسل بعد ذلك بطريقة تنقذه من هذا الحرج. هذا وخوف اتهام الضيف بالسوء يكون لو نام فى الدور أو الشقة التى فيها حريم، أما لو كان نائما فى مكان منعزل عن الحريم فالواجب عليه أن يغتسل فى البيت أو خارجه، ولا يعبأ بشك صاحب البيت، لأنه حينئذ يكون متجنيا عليه وظالما له، وبخاصة إذا كان الضيف معروفا بالخلق الطيب واستقامة السلوك، فلا يخشى بأسا من الاغتسال، فالمؤمن المستقيم جدير بأن يدفع اللَّه عنه قالة السوء. وإذا أعيته الحيل لدفع الشكوك والظنون السيئة عنه قال بعض العلماء: إنه صار كالسجين فى بيت صديقه، فيسقط عنه الغسل اتقاء للتهمة، ولأن الضرورات تبيح المحظورات، وهنا يقول بعض علماء الحنفية: يجب عليه أن يصلى بدون غسل فى الوقت، لحرمة الوقت ولكن صلاة غير حقيقية، بل يتشبه بالمصلين فى الحركات ولا ينوى ولا يقرأ ولا يصلى إماما، ثم يعيد الصلاة بعد التمكن من الغسل. وقال بعض المحققين: يستحسن له أن يتوضأ عقب الاحتلام ويصلى الصلاة الصورية رمزا لمواظبته على طاعة اللَّه ثم يعيدها بعد الغسل "نور الإسلام - مايو - 1949 م " (8/426) ________________________________________ نجاسة الخنزير
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الفراجين "الفُرش " التى تصنع من شعر الخنزير؟
الجواب معلوم أن لحم الخنزير يحرم أكله كما قال تعالى {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير} المائدة: 3، وتحريم أكل اللحم يشمل تحريم كل أجزائه من الشحم والكبد والطحال وغيرها، لقوله تعالى {قل لا أجد فيما أوحى إلىَّ محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس} الأنعام:145، لأن الضمير فى قوله {فإنه رجس} عائد على لفظ الخنزير لا على لفظ "لحم " لأن تحريم اللحم معلوم بالنص عليه، فلو عاد الضمير عليه لزم خلو الكلام من فائدة التأسيس، فوجب عوده إلى كلمة "خنزير" ليفيد الكلام تحريم بقية أجزائه. ومع تحريم أكل أى جزء منه فهو نجس، لأن الله وصفه بأنه رجس، والرجس هو النجس، وجمهور الفقهاء على نجاسته حيا وميتا بدليل هذه الآية، وإن كان فى الدليل مناقشة، فقد يراد بالنجاسة النجاسة الحكمية وهى حرمة الأكل، وليس النجاسة العينية، كنجاسة المشركين فى قوله تعالى {إنما المشركون نجس} فالمراد نجاسة الاعتقاد وليس النجاسة العينية، حيث لم يقل أحد بأن المشرك ينجس. على مثل ما جاء فى قوله {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان} فنجاسة الأنصاب والأزلام حكمية وهى الحرمة وليست نجاسة عينية. ولما كانت الآية لا تدل دلالة قطعية على نجاسة الخنزير نجاسة عينية استدل بعض العلماء على ذلك بالقياس على نجاسة الكلب، لأنه أسوأ حالا منه حيث لا يجوز الانتفاع به، لكن هذا الدليل غير مسلَّم، لأن الحشرات لا ينتفع بها ومع ذلك هى طاهرة. ومن هنا قال النووى: ليس لنا-أى الشافعية-دليل على نجاسة الخنزير، بل مقتضى المذهب طهارته كالأسد والذئب والفأر، وقال ابن المنذر الإجماع على نجاسة الخنزير، لكن دعوى الإجماع فيها نظر، لأن مالكا يخالف فيه ويقول بطهارته. نخلص من هذا إلى أن الخنزير يحرم أكله، أما طهارته فالجمهور على أنه نجس، والبعض قال إنه طاهر كالحمار والذئب يحرم أكلهما ومع ذلك طاهران. وكل حيوان لم يذبح ذبحا شرعيا أو كان مما يحرم أكله حتى لو كان طاهرا حال حياته كالحمار فإنه يعتبر "ميتة" ولحم الميتة مع حرمة أكله نجس، والنجاسة تشمل الجلد والشعر وكل ما يتصل به، غير أن جلد الميتة يطهر بالدباغ عند الجمهور، إلا جلد الكلب والخنزير فلا يطهره الدباغ، ومثله الفراء والشعر، ومذهب داود الظاهرى وأبى يوسف أن الدباغ يطهر كل جلود الميتة حتى الكلب والخنزير، لأن الأحاديث الواردة فى ذلك (من هذه الأحاديث ما رواه مسلم " أيما إهاب دبغ فقد طهر" وما رواه الدارقطنى " طهور كل أديم دباغه ".) لم يفرق فيها بين الكلب والخنزير وما سواهما، ذكره النووى فى شرح صحيح مسلم ونقله الشوكانى فى نيل الأوطار " ج 1ص 75". وعليه فلا يجوز استعمال جلد الخنزير وشعره فى ملابس أو أحذية أو غيرهما على رأى جمهور العلماء. هذا هو حكم شعر الخنزير إذا أخذ بعد موته، أما إذا أخذ حال حياته فإن حكمه كحكم ميتته، وميتته نجسة فشعره بالتالى نجس، وذلك لحديث رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين "ما قطع من حى فهو كميتته " [الإقناع للخطيب ج 1 ص 24] واستثنى العلماء من هذا الحديث شعر وصوف ووبر مأكول اللحم فهى طاهرة، وعلى هذا لا يجوز استعمال شعر الخنزير إذا قص منه وهو حى فى عمل الفراجين "الفرش " حتى لو غلى هذا الشعر وعقم سواء أخذ حال الحياة أو بعد الموت، لأن هذه الإجراءات الصحية لا تطهره، بل هى للتأكيد من خلوه من الأمراض المعدية، والنجاسة باقية، لأنها نجاسة عين لا تطهر بهذه الوسائل مطلقا، بخلاف الشيء الطاهر الذى لاقته النجاسة فإنه يقال عنه إنه متنجس، ويطهر بالغسل بالماء على ما هو مفصل فى كتب الفقه. هذا، وقد يُقرأ فى بعض الكتب أن شعر الخنزير يجوز الانتفاع به فى خرازة النعال، لما روى أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال لا بأس، كما رواه ابن خويز منداد، فكانت الخرازة به موجودة فى عهد النبى وبعده، ولم يعلم أنه أنكرها ولا أحد من الأئمة بعده. لكن جواز خرازة النعال بشعر الخنزير لا ينفى نجاسته، ولذلك لا يجوز المسح على النعل المخروز به ولا الصلاة فيه، وإن أجاز بعضهم ذلك فهو عند الضرورة "حياة الحيوان الكبرى للدميرى-خنزير برى" (8/427) ________________________________________ الوضوء من لحوم الإبل
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال وردت أحاديث تأمر بالوضوء من لحوم الإبل ومما مسته النار، وتنهى عن الصلاة فى مبارك الإبل دون مرابض الغنم، فهل هذا صحيح وما الحكمة فى ذلك؟
الجواب روى مسلم أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم: أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال "إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ" قال الرجل: أتوضأ من لحوم الإبل، قال: "نعم فتوضأ من لحوم الإبل " قال الرجل: أصلى فى مرابض الغنم؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم "نعم " قال الرجل: أصلى فى مبارك - الإبل؟ قال "لا". وروى مسلم أيضا "إنما الوضوء مما مست النار، توضأوا مما مست النار". وروى أبو داود عن جابر: "كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار"؟ ذهب أكثر العلماء إلى أن أكل لحوم الإبل لا ينقض الوضوء، قال النووى: ممن ذهب إلى ذلك الخلفاء الأربعة وابن مسعود وأبى بن كعب وابن عياض. . . وجماهير من التابعين، ومالك وأبو حنيفة والشافعى وأصحابهم، محتجين بحديث جابر المذكور وهو عام يشمل لحوم الإبل وغيرها، وذهب أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه ويحيى ابن يحيى وأبو بكر بن المنذر وابن خزيمة،، وحكى عن أصحاب الحديث وعن جماعة من الصحابة، إلى انتقاض الوضوء بأكل لحوم الإبل اعتمادا على الحديثين الأولين. والجمع بين أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالوضوء من لحوم الإبل وما كان عليه فى آخر الأمر من ترك الوضوء مما مست النار-هذا الجمع فيه كلام كثير لعلماء الأصول لا يتسع له المقام، وقد رأى بعض العلماء أن الأمر بالوضوء يراد به غسل اليدين، أى الوضوء اللغوى. وإن كان هذا الرأى فيه مناقشة عند إيراده للجمع بين الوضوء وعدمه. والمختار للفتوى هو رأى جمهور الفقهاء من عدم نقض الوضوء بأكل لحوم الإبل أو ما مسته النار ... . أما الصلاة فى مبارك الإبل فهى حرام عند أحمد، وقال: لا تصح،فإن صلى فعليه الإعادة، وسئل مالك عمن لا يجد إلا عطن إبل هل يصلى فيه؟ فقال: لا يصلى فيه، قيل: فإن بسط عليه ثوبا؟ قال: لا، وقال ابن حزم: لا تحل فى عطن إبل. أما جمهور الفقهاء فقالوا: إن الصلاة تصح فى مبارك الإبل، وحملوا النهى على الكراهة إذا لم تكن هناك نجاسة، وعلى التحريم إن وجدت النجاسة، وليست علة قولهم هى النجاسة، فإنها موجودة فى مرابض الغنم، بل لأن الإبل فيها نفور، فربما نفرت والإنسان يصلى فيؤدى نفورها إلى قطع الصلاة أو إلى أذى يحصل له منها، أو يشوش بخاطره ويلهيه عن الخشوع، ويؤيد هذا التعليل حديث أحمد بإسناد صحيح "لا تصلوا فى أعطان الإبل فإنها خلقت من الجن، ألا ترون إلى عيونها وهيئتها إذا نفرت " أما الصلاة فى مرابض الغنم فهى جائزة بنص الحديث لعدم وجود العلة الموجودة فى مبارك الإبل (8/428) ________________________________________ التيمم
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هو القدر الواجب مسحه من اليدين بالتراب عند التيمم؟
الجواب روى البخارى ومسلم عن عمار بن ياسر رضى الله عنه أنه لما أصابته الجنابة ولم يجد ماء تمرغ فى التراب قال له الرسول صلى الله عليه وسلم "إنما كان يكفيك هكذا" وضرب بكفيه الأرض "ونفخ فيهما " ثم مسح بهما وجهه وكفيه. وجاء فى رواية الدارقطنى أنه قال له "ثم تمسح بهما وجهك وكفيك إلى الرسغين ". يفيد هذا أن ضرب الأرض بالكفين كان مرة واحدة، وأنه مسح بهما وجهه وكفيه إلى الرسغين وليس إلى المرفقين. وجمهور الفقهاء على أن الضرب يكون مرتين، مرة للوجه ومرة لليدين، وذلك لورود حديث بذلك "التيمم ضربتان " والشافعية والحنفية قالوا: مسح اليدين يكون إلى المرفقين، أما المالكية والحنابلة فقالوا: الفرض هو المسح إلى الكوعين "الرسغين ". وأما المسح إلى المرفقين فهو سنة، كما فى "فقه المذاهب الأربعة ". وفى نيل الأوطار للشوكانى ج 1 ص 286، 287 مناقشة للأدلة ظهر منها أن حديث " التيمم ضربتان، ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين " ضعيف، ونقل عن النووى فى شرح مسلم أن المسح إلى المرفقين هو قول مالك وأبى حنيفة، وأن المسح إلى الكفين هو مذهب أحمد، الأمر يحتاج إلى توفيق بين ما فى فقه المذاهب والنقل عن النووى، لكن الخلاصة أن هناك رأيين فى عدد الضربات أحدهما يكتفى بضربة واحدة، والآخر يوجب ضربتين، وكذلك هناك رأيان فى القدر الواجب مسحه من اليدين، أحدهما إلى الرسغين والآخر إلى المرفقين (8/429) ________________________________________ إزالة النجاسة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل هناك رأى يقول: إن إزالة النجاسة وتطهير البدن والثوب منها أمر مستحب غير واجب، بحيث تصح الصلاة مع النجاسة؟
الجواب جاء فى تفسير القرطبى"الجامع لأحكام القرآن "ج 8 ص 262: اختلف العلماء فى إزالة النجاسة من الأبدان والثياب - بعد إجماعهم على التجاوز والعفو عن دم البراغيث ما لم يتفاحش - على ثلاثة أقوال: الأول: أن إزالتها واجبة مفروضة، فلا تجوز صلاة من صلى بثوب نجس عالما كان بذلك أو ساهيا، وهو قول الشافعى وأحمد، ورواه ابن وهب عن مالك، وهو قول أبى الفرج المالكى والطبرى، إلا أن الطبرى قال: إن كانت النجاسة قدر الدرهم أعاد الصلاة، وهو قول أبى حنيفة وأبى يوسف فى مراعاة قدر الدرهم، قياسا على حلقة الدبر. الثانى: أن إزالة النجاسة واجبة بالسنة من الثياب والأبدان، وجوب سنة وليس بفرض، قالت بذلك طائفة، فمن صلى بثوب نجس أعاد الصلاة فى الوقت فإن خرج الوقت فلا شىء عليه، هذا قول مالك وأصحابه إلا أبا الفرج ورواية ابن وهب عنه، وقال مالك فى يسير الدم: لا تعاد منه الصلاة فى الوقت ولا بعده. وتعاد من يسير البول والغائط، ونحو هذا كله من مذهب مالك قول الليث. الثالث: قال ابن القاسم: تجب إزالة النجاسة فى حال الذّكْر دون النسيان، وهى من مفرداته. والقول الأول أصح، بدليل أن النبى صلى الله عليه وسلم مر على قبرين فقال "إنهما ليعذبان، وما يعذبان فى كبير، أما أحدهما فكان يمشى بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله " رواه البخارى ومسلم، ولا يعذب الإنسان إلا على ترك واجب. وروى أحمد وابن ماجه والحاكم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "أكثر عذاب القبر من البول ". واحتج من قال بأن إزالتها سنة والصلاة بها صحيحة بخلع النبى نعليه فى الصلاة لما أعلمه جبريل عليه السلام أن فيهما قذرا وأذى كما رواه أبو داود وغيره، قالوا: ولمَّا لم يعد الرسول صلى الله عليه وسلم ما صلى دل على أن إزالتها سنة وصلاته صحيحة، ويعيد ما دام فى الوقت، طلبا للكمال. وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن إزالة النجاسة واجبة عن بدن المصلى وثوبه ومكانه، إلا ما عفى عنه لتعذر إزالته أو عسر الاحتراز منه، دفعا للحرج، أما عن ثوب المصلى فلقوله تعالى: {وثيابك فطهر} المدثر: 4، وأما عن البدن فلأن البدن أولى بالطهارة من الثوب المنصوص على طهارته فى الآية. والمالكية لهم قولان مشهوران فى إزالة النجاسة، أحدهما أنها تجب شرطا فى صحة الصلاة، وثانيهما أنها سنة، وشرط وجوبها أو سنيتها أن يكون ذاكرا للنجاسة قادرا على إزالتها، فإن صلى أحد بالنجاسة وكان ناسيا أو عاجزا عن إزالتها فصلاته صحيحة على القولين، ويندب له إعادتها فى الوقت، أما إن صلى بها عامدا أو جاهلا فصلاته باطلة على القول الأول وصحيحة على القول الثانى، فتجب عليه إعادة الصلاة أبدا، فى الوقت أو بعده على القول الأول لبطلانها، ويندب له إعادتها أبدا على القول الثانى. انتهى. 2 - وجاء فى كتاب المغنى لابن قدامة "ج 1 ص 717". أن الطهارة من النجاسة فى البدن والثوب شرط لصحة الصلاة فى قول أكثر أهل العلم منهم مالك والشافعى وأصحاب الرأى [الأحناف] . ويروى عن ابن عباس أنه قال: ليس على ثوب جنابة، ونحوه عن سعيد بن جبير والنخعى، وقال ابن أبى ليلى: ليس فى ثوب إعادة، ورأى طاوس دمًا كثر فى ثوبه وهو فى الصلاة فلم يباله، يقول ابن قدامة: ولنا -أى الحنابلة- قول الله تعالى {وثيابك فطهر} قال ابن سيرين: هو الغسل بالماء، وعن أسماء بنت أبى بكر قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يكون فى الثوب فقال "اقرصيه وصلى فيه ". وفى لفظ قالت: سمعت امرأة تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تصلى إحدانا بثوبها إذا رأت الطهر، أتصلى فيه؟ قال: "تنظر فيه، فإن رأت فيه دما فلتقرصه بشىء من ماء، ولتنضح ما لم تر، ولتصل فيه "رواه أبو داود ثم ذكر حديث صاحبى القبرين، وقال: لأنها - أى طهارة الثوب - إحدى الطهارتين - الحدث والنجس - فكانت شرطا للصلاة كالطهارة من الحدث. انتهى. والخلاصة أن طهارة الثوب والبدن شرط لصحة الصلاة عند جمهور الأئمة وليست شرطا عند بعض التابعين كسعيد بن جبير وطاوس وبعض العلماء كالنخعى وابن أبى ليلى، وعن ابن عباس روايتان. ودليل الجمهور "فى الثوب "" قوله تعالى {وثيابك فطهر} والمراد غسل النجاسة بالماء كما قال ابن سيرين، ويؤيده قول النبى صلى الله عليه وسلم لعائشة عن دم الحيض فى الثوب " اقرصيه وصلى فيه " وفَسَّر القرص بالغسل كما فى رواية لأبى داود " فلتقرصيه بشىء من ماء". وفى بعض روايات أبى داود: بلَّته بريقها ثم قصعته بظفرها. وهو يدل على العفو، لأن الريق لا يطهر به ودليل الجمهور "فى البدن " حديث الاستبراء أو الاستنزاه من البول، وقياسه على طهارته من الحدث. وشبهة المخالفين عدم وجود آية فى ذلك، أى فى غسل الثياب، وأن الثياب ليس عليه جنابة، وعدم مبالاة طاوس بالدم الكثير فى الصلاة. والرد عليهم أن الآية موجودة وهى {وثيابك فطهر} وأن عدم الجنابة على الثوب لا ينافى نجاسته، وعدم مبالاة طاوس لا تدل على صحة الصلاة، فهو رأى له، ولعل الدم الكثير كان دم براغيث يشق الاحتراز عنه. أما طهارة المكان فقد يستدل عليها بصب الماء على بول الأعرابى فى المسجد (8/430) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 11:44 pm | |
| التطهير بماء زمزم
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نحن نعلم أن ماء زمزم مقدس، فهل يجوز التطهر منه بالوضوء والغسل؟
الجواب جاء فى فتاوى النووى المسماة بالمسائل المننثورة، فى المسألة الخامسة: لا تكره الطهارة بماء زمزم عندنا-الشافعية-وبه قال العلماء كافة، إلا أحمد فى رواية. دليلنا أنه لم يثت فيه نهى، وثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال " الماء طهور لا ينجسه شىء"-أخرجه أحمد من حديث أبى سعيد الخدرى - وأما ما يقال عن العباس من النهى عن الاغتسال بماء زمزم فليس بصحيح عنه. انتهى (8/431) ________________________________________ الإسراف فى الماء
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نحن نعلم أن الإسراف بوجه علم مذموم، فهل الإسراف فى الماء عند الوضوء أو الغسل مذموم على الرغم من توافر الماء؟
الجواب من المعلوم أنه من السنة فى الوضوء والغسل أن يكون ثلاث مرات، حتى يتأكد الإنسان من طهارة ما يغسل، مع العناية بالأماكن التى تحتاج إلى مزيد من النظافة. وما زاد على المرات الثلاثة التى عمت العضو كله أو البدن كله كان إسرافا منهيا عنه، بالنصوص العامة المعروفة. ذلك إلى جانب نصوص خاصة بذلك: جاء فى "كشف الغمة" للشعرانى "ج 1 ص 61 " حديث "لا تسرف فى الماء ولو كنت على طرف نهر جار"وحديث "لا تسرف " قيل: يا رسول الله: وفى الوضوء إسراف؟ قال "نعم، وفى كل شىء إسراف لما رواه الحاكم وابن عساكر مرسلا. وحديث "لا تسرف " رواه ابن ماجه عن ابن عمر. وجاء فى "المغنى لابن قدامة ج 1 ص 228" عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بسعد بن أبى وقاص وهو يتوضأ، فقال " ما هذا السرف "؟ فقال: أفى الوضوء إسراف؟ قال " نعم وإن كنت على نهر جار" رواه ابن ماجه. وعن أبى بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن للوضوء شيطانا يقال له "ولهان " فاتقوا وسواس الماء" رواه أحمد وابن ماجه. هذا، وروى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد. وروى مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يغسله الصاع من الماء من الجنابة ويوضئه المد. وتحدث ابن قدامة فى صفحة 226 عن الصاع والمد بالتقديرات المعروفة قديما. ورأى الفقهاء فيها. والمهم أن الزيادة على ما يعم العضو ثلاث مرات يعد إسرافا. وحكم هذا الإسراف أنه مكروه إذا كان الماء مملوكا أو مباحا، أما الماء الموقوف على من يتطهر. ومنه ماء المرافق العامة-فإن الزيادة فيه على الثلاث حرام، لكونها غير مأذون فيها. أخرج أحمد والنسائى وابن ماجه وأبو داود وابن خزيمة من طرق صحيحة أن أعرابيا سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن الوضوء فأراه ثلاثا ثلاثا وقال "هذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم " قال ابن المبارك: لا آمن إذا زاد فى الوضوء على الثلاث أن يأثم. وقال أحمد وإسحاق: لا يزيد على الثلاث إلا رجل مبتلى " نيل الأوطار ج 1 ص 190 " (8/432) ________________________________________ البول قائما
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل صحيح أن التبول والإنسان واقف منهى عنه، مع أن كثيرا من دورات المياه فى الأماكن العامة يكون التبول فيها عن قيام؟
الجواب جاء فى "زاد المعاد" لابن القيم "ج 1 ص 43" أن أكثر ما كان يبول النبى صلى الله عليه وسلم وهو قاعد، يرتاد لبوله اللين الرخو من الأرض، وإذا كانت هناك أرض صلبة أخذ عودا من الأرض فنكت به حتى يثرى، يعنى حتى يكون فيه ثرى ورماد، وقالت عائشة رضى الله عنها: من حدثكم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يبول قائما فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا قاعدا. وقد روى مسلم فى صحيحه من حديث حذيفة أنه بال قائما، فقيل هذا بيان للجواز، وقيل: إنما فعله من وجع كان بمأبطه، وقيل: فعله استشفاء. قال الشافعى رحمه الله: والعرب تستشفى من وجع الصلب بالبول قائما، والصحيح أنه إنما فعل ذلك تنزها وبعدا من إصابة البول، فإنه إنما فعل هذا لما أتى سباطة قوم - وهو ملقى الكناسة، ويسمى المزبلة وهى تكون مرتفعة - فلو بال فيها الرجل قاعدا لارتد عليه بوله، وهو صلى الله عليه وسلم استتر بها وجعلها بينه وبين الحائط، فلم يكن بد من بوله قائما، والله أعلم. ثم قال ابن القيم: وقد ذكر الترمذى عن عمر بن الخطاب قال: رآنى النبى صلى الله عليه وسلم وأنا أبول قائما، فقال " يا عمر لا تبل قائما" فما بلت قائما بعد، قال الترمذى: وإنما رفعه عبد الكريم بن أبى المخارق، وهو ضعيف عند أهل الحديث. وفى مسند البزار وغيره من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاث من الجفاء، أن يبول الرجل قائما، أو يمسح جبهته قبل أن يفرغ من صلاته، أو ينفخ فى سجوده " ورواه الترمذى وقال: هو غير محفوظ، وقال البزار: لا نعلم من رواه عن عبد الله بن بريدة إلا سعيد بن عبيد الله، ولم يجرحه بشىء، وقال ابن أبى حاتم، هو بصرى ثقة مشهور. فالخلاصة أن التبول من قيام مكروه وليس بحرام، لما يترتب عليه من خوف التلوث من الرشاش، واطلاع الغير على العورة (8/433) ________________________________________ الاستنجاء من الريح
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجب الاستنجاء من الريح الخارج من الدبر؟
الجواب شرع الاستنجاء لإزالة النجاسة الخارجة من السبيلين، القبل والدبر، وهى البول والغائط وما فى حكمهما من مائع وجامد، والريح الخارج من اسبر ليس نجسا، وبالتالى لا يجب الاستنجاء منه، حيث لم يرد نص فيه، والبلوى تكثر به، ولعدم حصر ما يصيبه من الجسم أو الثوب، بل قال بعض الأئمة بكراهة الاستنجاء منه، والدين يسر، فلو خرج الريح بعد الاستنجاء لا يجب الاستنجاء مرة ثانية حتى لو كان المحل لا يزال رطبا. جاء فى كتاب "الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع " للشربينى الخطيب ما نصه: نقل الماوردى وغيره الإجماع على أنه لا يجب الاستنجاء من النوم والريح. قال ابن الرفعة: ولم يفرق الأصحاب بين أن يكون المحل رطبا أو يابسا، ولو قيل بوجوبه إذا كان المحل رطبا لم يبعد، كما قيل به فى دخان النجاسة. وهذا مردود، فقد قال الجرجانى: إن ذلك مكروه، وصرح الشيخ نصر الدين المقدسى بتأثيم فاعله، والظاهر كلام الجرجانى "ج 1 ص 47 ". وجاء فى المغنى لابن قدامة"ج 1 ص 141 "ما نصه: وليس على من نام أو خرجت منه ريح استنجاء، ولا نعلم فى هذا خلافا، قال أبو عبد الله: ليس فى الريح استنجاء فى كتاب الله ولا فى سنة رسوله إنما عليه الوضوء، وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم "من استنجى من ريح فليس منا" رواه الطبرانى فى معجمه الصغير، إلى أن قال: لأن الاستنجاء إنما شرع لإزالة. النجاسة ولا نجاسة هاهنا. أى فى النوم والريح (8/434) ________________________________________ مآذن المساجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يقول بعض الناس: إن المآذن الموجودة فى المساجد بدعة لا يقرها الدين فهل هنا صحيح؟
الجواب من المعلوم أن الأذان شرع لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة وندائهم لشهود صلاة الجماعة فى المسجد، وهو علامة على أن أهل هذا الحى الذى أذن فيه مسلمون، وللمؤذن ثواب عظيم لأنه يدل الناس على الخير، والدال على الخير كفاعله كما صح فى الحديث، ولقول النبى صلى الله عليه وسلم " لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شىء إلا شهد له يوم القيامة" رواه البخارى وأحمد والنسائى وابن ماجه. ومن أجل كثرة من يستجيبون للأذان فيصلون، وكثرة من يسمعون ليشهدوا للمؤذن كان من السنة رفع الصوت بأقصى ما يمكن، ولهذا استعان الأولون عليه بأن يؤذن المؤذن على مكان مرتفع، وحدث فى أيام النبى صلى الله عليه وسلم أن بلالا كان يؤذن من فوق بناء مرتفع بجوار المسجد، روى أبو داود والبيهقى أن امرأة من بنى النجار قالت: كان بيتى من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر، وجاء فى كتاب "خلاصة الوفا" للسمهودى "ص 192 " أن دار عبد الله بن عمر كان فيها اسطوانة فى قبلة المسجد يؤذن عليها بلال، يرقى إليها بأقتاب. والقتب هو رحل البعير الذى يوضع على ظهره ليركب الراكب. فاتخاذ مكان عال للأذان عليه مشروع ومستحب، وتبعا لسنة التطور بنيت أبراج عالية فى المساجد للأذان، وهى التى تسمى بالمآذن أو المنارات، لأن الأنوار كانت ترفع عليها فى مناسبات الأفراح، أو لأنها منارات وعلامات تدل على المساجد أو إسلام أهلها، كما أن للإسلام صُوًى ومنارات هى شرائعه التى تدل عليه كما قال ابن الأثير فى النهاية. وجاء فى خلاصة الوفا للسفهودى "ص 191" أن عمر بن عبد العزيز جعل لمسجد النبى صلى الله عليه وسلم أربع منارات فى زواياه الأربع، طول كل منها نحو ستين ذراعا، وعرضها ثمانية أذرع فى ثمانية، وأن إحداها جددت سنة 706 هـ أيام الناصر محمد بن قلاوون، وكان طول بعض المنارات فى بعض التجديدات قد بلغ مائة وعشرين ذراعا فى عهد الأشرف قايتباى 892 هـ. وجاء فى خطط المقريزى "ج 4 ص 27" أن معاوية بن أبى سفيان أمر ببناء منار لمسجد الفسطاط "عمرو بن العاص " وإن كان عمر بن الخطاب نهى عَمْرًا عن اتخاذ المنابر والمآذن كما فى صبح الأعشى "ج 3 ص 341" لكن بعد وفاة عمر اتخذت "مساجد مصر ج 1 ص 64". وعلى مدى التاريخ بنيت المآذن وارتفعت شامخة، وأذِّن من فوقها وامتلأت الأجواء بإعلان الشهادتين والدعوة للصلاة، فأى ضرر فى ذلك؟ ومهما يكن من شىء فإن لم تكن فيها فائدة فليس فيها ضرر، وإذا كانت للمشيدين لها نيات فالله يجزيهم بما نووا، لكنها على كل حال مظهر من المظاهر الإسلامية، وبخاصة فى هذه الأيام التى تحتاج إلى تكثيف للدعوة للإسلام بكل الوسائل الممكنة. فالمآذن ليست بدعة منكرة، وإذا كان المؤذن يرقى فوقها لإبلاغ صوته لأكبر عدد ممكن، فإن مكبرات الصوت الآن ساعدت كثيرا على بلوغ الصوت مدى بعيدا، مع الرجاء ألا نقنع برفع المآذن ونقصر فى ارتياد المساجد، بل ينبغى أن يكون هناك تناسب بين المظهر والمخبر، والإعلان والواقع (8/435) ________________________________________ كشف الجبهة عند السجود
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجب أن تكون الجبهة مكشوفة عند السجود، وما الحكم فيما لو جاء طرف الخمار على موضع السجود فسجدت عليه؟
الجواب الأعضاء التى يسجد عليها الإنسان سبعة هى اليدان والركبتان والقدمان والجبهة، وهى كلها من العورة فى الصلاة بالنسبة إلى المرأة يجب سترها على خلاف فى القدمين عند بعض الفقهاء، وذلك فيما عدا الجبهة فلا يجب سترها، لأن الوجه ليس بعورة فى الصلاة. لكن هل يجوز سترها أو لا يجوز؟ الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل قالوا: يجوز سترها بحيث لا تلمس موضع السجود وهى مكشوفة. والإمام الشافعى قال: يجب كشفها ولا يجوز أن يحول بينها وبين موضع السجود حائل. وعلى رأى الجمهور يجوز السجود على جزء من الملبوس الذى يتحرك بحركة المصلى، كالكم وطرف الثوب وطرف الخمار، وكور العمامة التى يلبسها الرجال. ودليلهم على هذا ما رواه البخارى ومسلم عن أنس قال: كنا نصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر مكان السجود. كما قاسوا الجبهة على بقية أعضاء السجود حيث يصح السجود وهى مستورة. وممن رخص فى السجود على طرف الثوب عطاء وطاوس من التابعين، وكذلك النخعى والشعبى والأوزاعى، وذلك لاتقاء شدة الحر والبرد من الرمل أو الحصباء التى يسجدون عليها. ورخص أيضا فى السجود على كور العمامة ومثله -طرف الخمار الحسن البصرى ومكحول وعبد الرحمن بن زيد. وسجد شريح القاضى على برنسه، والبرنس: كل ثوب رأسه منه ملتزق به، من دُراعة أو جبة أو مِمْطر أو غيره، وقال الجوهرى: هو قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها فى صدر الإسلام. وهو من البرس -بكسر الباء -وهو القطن والنون زائدة، وقيل: إنه غير عربى كما فى النهاية لابن الأثير: وما روى من أن النبى صلى الله عليه وسلم سجد على كور العمامة فسنده ضعيف، والاستدلال هو القياس على طرف الثوب المتقدم ذكره. ودليل الشافعى على وجوب كشف الجبهة حديث رواه مسلم عن خباب قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فى جباهنا وأكفنا فلم يُشكنا-يعنى لم يُزل شكوانا بالترخيص بالسجود على حائل يقينا حرارة الأرض -كما قال فى الاستدلال على ذلك: لو سجد على ما هو حامل له لأشبه ما إذا سجد على يديه -أى وضع جبهته على يديه وهو ممنوع. قال ابن قدامة فى "المغنى ج 1 ص 561، 652": المستحب مباشرة المصلى بالجبهة واليدين ليخرج من الخلاف ويأخذ بالعزيمة. قال أحمد: لا يعجبنى-أى الستر. إلا فى الحر والبرد. وكان ابن عمر يكره السجود على كور العمامة. وكان عبادة بن الصامت إذا قام إلى الصلاة يحسر عمامته، أى يكشف جبهته بإزاحة العمامة عنها. وقال النخعى: أسجد على جبهتى أحب إلىَّ. فالخلاصة: أن الجمهور على جواز السجود على طرف الثوب والكم والخمار وكور العمامة، ولكن يكره إلا عند الحاجة كَشدة الحر والبرد فى موضع السجود. أما الشافعى فلا يرى جواز ذلك أبدا، ورخص فى المنديل الذى يحمله فى يده أن يضعه ليسجد عليه، كما رخص فى ستر الجبهة لعذر كجراحة يخاف من نرغ العصابة أو الساتر حصول مشقة. أما السجود على اليد أو اليدين فلا يجوز، وتبطل الصلاة به عند الجمهور. وأبو حنيفة رخص فيه مع كراهة "الفقه على المذاهب الأربعة " (8/436) ________________________________________ المسبوق وتحمل الإمام الفاتحة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال إذا دخل الإنسان فوجد الجماعة قائمة فنوى الصلاة ولم يدرك الفاتحة أو بعضها فركع الإمام هل يركع أو ينتظره لقراءة الفاتحة أو ما بقى منها، وإذا ركع هل تحسب له ركعة أم لا تحسب لأنه لم يقرأ الفاتحة؟
الجواب ثبت فى الحديث الذى رواه الجماعة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " قال الأئمة الثلاثة مالك والشافعى وأحمد: قراءة الفاتحة لا بد منها لصحة الصلاة، فلو تركت كلها أو ترك بعضها بطلت الصلاة، وعند أبى حنيفة: الفرض هو قراءة ما تيسر من القرآن ولا يتحتم أن يكون الفاتحة، ومناقشة هذا الرأى ليس محلها هنا، ويمكن الاطلاع عليها فى نيل الأوطار للشوكانى "ج 2 ص 218" وكل ذلك فيمن يقدر على القراءة. وقراءة الفاتحة مفروضة فى كل ركعة كما علم النبى صلى الله عليه وسلم المسىء لصلاته، وكما رواه البخارى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقروها فى كل ركعة ورأى أبو حنيفة أنها تقرأ فى الركعتين الأوليين، وفيما زاد تجوز قراءتها أو التسبيح أو السكوت. ولو نسى المصلى قراءتها بطلت صلاته عند الشافعية والحنابلة، أما المالكية فقالوا: إن كان النسيان فى صلاة ثنائية بطلت، وإن كان فى ثلاثية أو رباعية ففى ذلك روايات عن مالك، رواية بالبطلان، ورواية بالصحة مع سجود السهو، ورواية بإعادة الركعة التى نسى فيها الفاتحة مع سجود السهو بعد السلام. هذا هو الحكم بالنسبة للمنفرد وللإمام، أما المأموم فقد ذكرنا حكمه فى إجابة سابقة عن القراءة خلف الإمام، وملخصها: أن قراءة الفاتحة واجبة على المأموم عند الشافعية ومكروهة كراهة تحريم عند الحنفية، فى الصلاة السرية والجهرية، ومندوبة فى السرية مكروهة فى الجهرية عند المالكية، وكذلك قال الحنابلة: إنها مستحبة فى السرية وفى سكتات الإمام من الجهرية وكره حال قراءة الإمام فى الصلاة الجهرية. وبعد استعراض الآراء ومناقشة الأدلة انتهى الشوكانى إلى قوة الرأى القائل بوجوب قراءتها على الإمام والمأموم فى كل ركعة. ثم قال: ومن هنا يتبين لك ضعف ما ذهب إليه الجمهور أن من أدرك الإمام راكعا دخل معه واعتد بتلك الركعة وإن لم يدرك شيئا من القراءة، واستدلوا على ذلك بحديث أبى هريرة "من أدرك الركوع من الركعة الأخيرة فى صلاته يوم الجمعة فليضف إليها ركعة أخرى" رواه الدارقطنى من طريق ياسين بن معاذ وهو متروك، وأخرجه الدارقطنى بلفظ "إذا أدرك أحدكم الركعتين يوم الجمعة فقد أدرك، وإذا أدرك ركعة فليركع إليها أخرى" وقال الشوكانى: فى أحد السندين راو متروك وفى الآخر راو ضعيف، وأن الحديث هو فى الجمعة وذلك يشعر بأن غيرها مخالف لها، ثم وضح بطلان رأى الجمهور. وذكر أن السبكى كان يختار عدم الاعتداد بالركعة لمن لا يدرك الفاتحة. وأن حديث أبى بكرة الذى ركع ليدرك الرسول فى الركوع، وأن الرسول قال له " لا تعد" فيه مناقشة فى معنى "لا تعد" وأن حديث "ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" يشمل فوت الركعة والركن والذكر المفروض لأن الكل فرض لا تتم الصلاة إلا به، فلا يجوز تخصيص شىء من ذلك بغير نص آخر، ثم انتهى الشوكانى إلى القول بأن العلامة محمد بن إسماعيل الأمير ألَّف رسالة رجح فيها مذهب الجمهور، وكتب هو أبحاثا فى الجواب عليها. فخلاصة الموضوع: أن المسبوق إن أدرك مع الإمام الركوع ولم يقرأ الفاتحة أو شيئا منها فاتتة الركعة خلافا للجمهور الذى قال بالاعتداد بالركعة، وحجتهم ضعيفة، ودعوى الإجماع غير صحيحة "نيل الأوطار للشوكانى ج 2 ص 218 ت 228 " (8/437) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 11:45 pm | |
| الكلام فى دورات المياه
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز للمتوضىء فى دورة المياه أن يستعيذ بالله من الشيطان؟
الجواب من الأماكن التى يكره ذكر اسم الله فيها، بل يكره الكلام مطلقا بيوت الخلاء "المراحيض" وإذا أراد الإنسان أن يتوضأ فليكن فى مكان غير المرحاض، وذلك خشية التعرض للنجاسة، فإذا لم يجد غيره توضأ فيه وأخذ الحيطة حتى لا يتلوث بالنجاسة. ومع الوضوء يكره، له أن يذكر الله، وإذا نوى الوضوء فالنية بالقلب لا باللسان. والاستعاذة بالله لا تكون داخل المرحاض، وإنما قبل دخوله كما كان النبى صلى الله عليه وسلم يفعل، حيث كان يقول "اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث" رواه البخارى ومسلم. وجاء فى كتاب " الأذكار للنووى ص 20" أن الذكر والكلام فى بيوت الخلاء وعند قضاء الحاجة فيها مكروه إلا للضرورة، حتى إذا عطس لا يحمد الله، ولا يرد السلام، ولا يجيب المؤذن. والكراهة تنزيهية لا تحريمية، أى لا عقاب فيها. ومهما كانت دورات المياه الحديثة نظيفة ومجهزة بآلات طرد النجاسة فالأفضل عدم الوضوء فيها إذا وُجد مكان آخر، وكذلك يكره الكلام والذكر أيًّا كان (8/438) ________________________________________ تطهير حبل الغسيل
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يحدث أن بعض الطيور تنجس بروثها الحبال التى ننشر عليها الثياب المغسولة لتجف، وقد يصعب علينا معرفة مكان النجاسة فكيف نتصرف؟
الجواب قال بعض العلماء وهم المالكية: إن فضلات مأكول اللحم طاهرة فلا حاجة إلى غسل ما يصاب بها، ولو تنجس الحبل بغير ذرق الطيور المأكولة فإن جفافها بالشمس أو الريح يطهرها، ولا حاجة لصب الماء عليها (8/439) ________________________________________ غسل دهن الشعر
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجب على المرأة عند الغسل أن تزيل الزيوت والمواد التى فى شعرها؟
الجواب روى أحمد وأبو داود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "من ترك موضع شعرة من جنابة لم يصبها الماء فعل الله به كذا وكذا من النار ". قال العلماء: لابد من وصول الماء إلى كل جزء من الجسم من جلد أو ظفر أو شعر، ولو لم يصل الماء إلا بنقض الضفائر المشدودة فلابد من نقضها، أما إذا كانت غير مشدودة بقوة ويمكن للماء أن يصل إلى كل الأجزاء والمواضع فلا داعى لنقضها كما صح فى حديث مسلم عن أم سلمة، وفى سنن ابن ماجه عن عائشة. وعليه فلابد من إزالة الدهن أو غسله جيدا حتى يزول. ورخص الإمام مالك للعروس فى أيامها الأولى إن كان فى شعرها دهن أو طيب له جرم ألا تغسل رأسها، لما فى ذلك من إتلاف المال، ويكفيها المسح على الشعر. ولا يترخص فى ذلك لغير العروس. وفى أيامها الأولى فقط، بل قال: إذا كان الطيب فى جسمها كله تيممت "الفقه على المذاهب الأربعة". لكن جاء فى فتوى الشيخ أحمد هريدى بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1966 م أن المالكية قالوا: يجب على المرأة عند الغسل جمع الشعر المضفور وتحريكه ليعمه الماء، وطبقا لما ذكر فإنه يجب على المرأة عند الغسل من الجنابة إزالة ما على الشعر من الطيب مما يمنع من وصول الماء إلى باطنه ولو عروسا، ولا يمنع من هذا الوجوب أن تكون المرأة قد صففت شعرها على أى وجه كان، وأنفقت فى ذلك مالا قليلا أو كثيرا. "الفتاوى الإسلامية - المجلد الخامس ص 1648،1649" (8/440) ________________________________________ تطهير المصقول بمسحة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل صحيح أن السكين التى عليها دم يمكن أن تطهر بمسحها بقطنة دون غسل بالماء؟
الجواب فى فقه المذاهب الأربعة عند الحنفية أن من وسائل تطهير النجاسة المسح الذى يزول به أثر النجاسة، ويطهر به الصقيل الذى لا مسام له كالسيف والمرآة والظفر والعظم والزجاج والآنية المدهونة ونحو ذلك، وفيه أيضا عندهم أن القطن إذا تنجس يطهر بندفه ولا حاجة إلى غسله (8/441) ________________________________________ الفراء
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يقول بعض الناس: إن الفراء الذى تلبسه النساء نجس فهل هذا صحيح؟
الجواب الفراء الذى يتخذ من جلود بعض الحيوانات اختلف العلماء فى طهارته ونجاسته تبعا لاختلافهم فى حل أكل الحيوان المأخوذ منه وحرمته، وفى حكم طهارة جلد الميتة عن طريق الدباغ. فقال الشافعى: يحل أكل الثعلب ولكن إذا ذبح ذبحا شرعيا، فلو مات بدون ذلك فلحمه نجس وكذلك جلده ولكنه يطهر بالدباغ، وحرمه أحمد بن حنبل، وكرهه أبو حنيفة ومالك. على أن بعض القائلين بحرمة أكله أجازوا استعمال فروه للبس لا للصلاة فيه. وقد ذكر النووى فى شرح صحيح مسلم "ج 4 ص 54" سبعة مذاهب فى طهارة جلد الميت بالدباغ، وجاء فى أحد الأقوال أنه يطهر كل الجلود حتى جلود الخنازير والكلاب. وذلك ظاهرا وباطنا، أى تستعمل للصلاة عليها والصلاة فيها، وهو مذهب الظاهرية، وحكى عن أبى يوسف صاحب الإمام أبى حنيفة. وعلى هذا فلا مانع من لبس الفراء والصلاة فيه. وجاء فى كتاب "غذاء الألباب " للسفارينى ج 2 ص 220- 222 كلام كثير عن حكم الفراء من هذه الحيوانات. وذكر أن أول من اتخذ الفراء والجلود من مثل السنجاب ولبسها وألبسها هو"شيخ شاه " الملقب عند العجم "بيش داديان " كان ملكا عادلا، وله كتاب فى الإلهيات، حتى قال العجم بنوته، وهو أول من ترك الملك وتخلى للعبادة، فقتل فى معبده، وانتقم له "طمهورث " من القتلة، وبنى موضعه مدينة "بلخ " (8/442) ________________________________________ الوضوء بالماء المالح
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز الوضوء من ماء البحر الملح؟
الجواب نعم يجوز فقد روى أحمد وأصحاب السنن أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هو الطهور ماؤه الحل ميتته " وقال الترمذى حسن صحيح، والميتة هى السمك الذى يموت (8/443) ________________________________________ دخول الخلاء بما فيه قرآن
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ألبس "دَلاَّية" منقوشا عليها اسم الله، فهل يجوز دخول الحمَّام بها؟
الجواب روى أحمد وأصحاب السنن عن أنس رضى الله عنه قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء نزع خاتمه، قال الترمذى: حديث صحيح وقد صح أن نقش خاتمه "محمد رسول الله ". بيوت الخلاء مستقذرة طبعا، وهى أكثر الأمكنة التى تردها الحشرات والهوام بل والشياطين، كما يشير إليه قوله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء "اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث " أى ذكور الشياطين وإناثها. رواه الجماعة. وليس من اللائق أن توضع الأشياء الكريمة أو يدخل بها فى مثل هذه الأمكنة، وذلك إن لم يكن تشريعا منصوصا عليه فهو ذوق واحترام. وبناء على هذا قال الحنفية والشافعية: يكره دخول المرحاض بالمصحف أو بعضه ولو آية واحدة، وقال مالك وأحمد: يحرم ذلك، ومحل المنع إذا لم يتخذه حرزا، بأن يكون مستورا بما يمنع وصول الرائحة إليه، أو لم يخف عليه الضياع، فإن كان مصونا أو خاف ضياعه لو تركه خارج المرحاض جاز الدخول به. هذا فى القرآن، أما فيما ينقش عليه اسم كريم فقالوا: يكره دخول بيت الخلاء بما فيه اسم الله، من أوراق وغيرها كالحلية التى نقش عليها اسم الله، ومعنى الكراهة، عدم العقوبة على الدخول بذلك، ومحله أيضا إذا لم يكن مغَّلفا بما يمنع وصول الرائحة إليه، أو لم يخف عليه الضياع إذا تركه خارجا "نيل الأوطار للشوكانى ج 1 ص 85، 86، غذاء الألباب للسفاريني ج 2 ص 246، الفقه على المذاهب الأربعة (8/444) ________________________________________ الوضوء مما تشرب منه المواشى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال أنا أعمل راعيا للمواشى، وأحيانا يصيبنى بعض رشاش من بولها، وقد تشرب من ماء واحتاج إلى الوضوء مما بقى منه، فما رأى الدين فى ذلك؟
الجواب قال تعالى {وثيابك فطهر} المدثر: 4 وقال صلى الله عليه وسلم "الطهور شطر الإيمان " رواه مسلم. أكثر الفقهاء على أن طهارة الثوب والبدن شرط لصحة الصلاة، ونقل عن الإمام مالك قول بأن إزالة النجاسة سنة وليست بفرض، وفى قول قديم للشافعى أنها غير شرط لصحة الصلاة "نيل الأوطار للشوكانى ج 2 ص 123 ". فعلى هذين القولين تجوز الصلاة فى الثوب إذا كانت فيه نجاسة، وهذا الحكم فى النجاسة المتفق على أنها نجاسة كالبول والغائط وهناك أشياء مختلف فى نجاستها منها أبوال الحيوانات التى يؤكل لحمها وكذلك أرواثها، مثل البقر والإبل والغنم والدجاج والحمام والعصافير، فقد قال الإمام مالك: إنها ليست نجسة، وعلى هذا يجوز لراعى المواشى أن يصلى بالملابس التى أصيبت ببعض البول أو الروث من مأكول اللحم، وليس منه الحمار والكلب، وإن كان الأفضل تطهيرها مراعاة للنظافة والصحة. أما الوضوء من الماء المتبقى من شرب الحيوانات، فقد جاء فيه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يُصغى إلى الهرة الإناء حتى تشرب -أى يميل الإناء الذى فيه ماء لتشرب منه القطة: ثم يتوضأ بفضلها، أى بما بقى فى الإناء وقال "إنها ليست بنجس " رواه أحمد وأصحاب السنن وقال الترمذى: حسن صحيح. وروى أنه سئل: أنتوضأ بما أفضلت الحُمُر؟ قال "نعم وبما أفضلت السباع كلها" أخرجه الشافعى والدارقطنى والبيهقى. وقال: له أسانيد يقوي بعضها بعضا. بناء على هذا قال العلماء: إن الحيوانات الطاهرة -غير الكلب والخنزير-إذا شربت من الماء وكان كثيرا لا ينجس مطلقا، أما إذا كان قليلا كملء دلو أو قِدْرٍ فإنه لا ينجس أيضا ما دمنا لا نعلم أنها وضعت فى فمها شيئا نجسا، وغالب حيوانات الحقل كالبقرة والغنم لا تأكل نجسا، وعلى هذا فإن الماء المتبقى من شربها تجوز الطهارة به، ومع ذلك لو وجد ماء غيره أنظف منه يكون الوضوء منه أفضل (8/445) ________________________________________ القبلة وقضاء الحاجة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال سمعنا أنه لا يجوز أن يكون الإنسان متوجها إلى القبلة وهو يقضى حاجة البول، فماذا نفعل وبعض البيوت قد يكون الاتجاه فى ذلك إلى القبلة دون قصد؟
الجواب روى مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا جلس أحدكم لحاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها". يدل هذا الحديث على احترام القبلة، فلا يكون الإنسان أثناء قضاء حاجته المعروفة متوجها إليها ولا موليا ظهره إياها، وذلك أمر مندوب إليه وليس واجبا، فلو لم يفعل ذلك لم يرتكب إثما، بدليل أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يلتزمه، فقد روى الجماعة عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: رقيت يوما بيت حفصة -وهى أخته أم المؤمنين -فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم على حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة، ورأى جماعة من الفقهاء أن حرمة استقبال القبلة واستدبارها أو كراهته إنما يكون فى الصحراء والخلاء، حيث لا يوجد بناء ولا حواجز، أما إذا كان ذلك فى البنيان فلا حرمة ولا كراهة. ومعلوم أن أماكن قضاء الحاجة فى المدن وغيرها توجد فى أبنية مستورة، فلا ينطبق عليها هذا الحديث. ويؤيد ذلك ما رواه أبو داود وابن خزيمة والحاكم بسند حسن -كما فى فتح البارى لابن حجر-أن ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة يبول إليها، فقال له مروان: أليس قد نُهى عن ذلك؟ قال: بلى، إنما نُهى عن هذا فى الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شىء فلا بأس (8/446) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 11:46 pm | |
| تطهير الملابس فى الغسالة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز أن نضع ملابس الأطفال المتنجسة مع الملابس الأخرى فى غسالة واحدة لتصير طاهرة؟
الجواب جاء فى الأحاديث النبوية وأقوال الفقهاء ما يفيد أن الماء الكثير لا ينجس بملاقاة النجاسة له إلا إذا غيرت طعمه أو لونه أو رائحته، أما الماء القليل فإنه ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة له، سواء غيرت شيئا من طعمه أو لونه أو رائحته أو لم تغير، والماء يكون قليلاً إذا كان في حدود خمسمائة رطل والماء الذى يكون فى الغسالة العادية فى البيوت يعتبر ماءً قليلا، وعليه فلو وضعت فيه ملابس متنجسة فإنه ينجس، وكذلك ينجس كل شىء أصابه هذا الماء. والإمام الشافعى يرى أن الماء القليل ينجس إذا وضعت الملابس المتنجسة فيه، أى كانت واردة عليه، أما لو وضعت الملابس قبل الماء ثم صب عليها كان الماء واردا فإن الغُسالة بضم الغين -وهى الماء المتخلف عن الغسل لا يكون نجسا، وتكون الملابس قد تطهرت إذا كان الماء خاليا من المنظفات التى تضاف إليه، أى كان ماء مطلقا لا يتغير بشىء آخر من الطاهرات وزالت عين النجاسة ولونها ورائحتها. وتيسيرًا للغسل ووقاية من النجاسة يمكن وضع الملابس المتنجسة -وهى ملابس الأطفال فى الغالب- فى "البانيو" أو فى وعاء كبير ثم يصب عليها الماء وتزال عين النجاسة، وتعصر بعد ذلك فتكون طاهرة من النجاسة ولأجل التنظيف أكثر تغسل فى الغسَّالة مع المنظفات مرة أو أكثر، وفى النهاية تشطف بماء صافٍ فيتم غسلها وتطهيرها على هذه الصورة. ومن الأفضل غسل ملابس الكبار إذا كانت طاهرة وحدها، ثم تغسل ملابس الأطفال على النحو الذى ذكرناه، لتستريح النفس ويبعد الوسواس (8/447) ________________________________________ متى فرضت الطهارة للصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال لفت نظرى أن آية الوضوء التى فى سورة المائدة مدنية، مع أن الصلاة فرضت فى مكة، فهل كان النبى صلى الله عليه وسلم يصليها بغير وضوء؟
الجواب يقول الله سبحانه {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ... } المائدة: 6 نزلت هذه الآية بغسل هذه الأعضاء فقط -وهى المعتبرة فى الوضوء- بالمدينة.، وفيها أيضا الطهارة من الجنابة، كما نزلت بالمدينة آية سورة النساء: 43 الموجبة للغسل من الجنابة، ومعه التيمم بدل الغسل وبدل الوضوء الذى ينتقض بالبول والغائط. والمعروف أن الصلاة فرضت بمكة، وتحددت بخمس فى اليوم والليلة فى ليلة المعراج قبل الهجرة، فهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلى فى مكة بغير وضوء وبدون غسل من الجنابة؟ يقول ابن عبد البر: إن أهل السِّير- التاريخ - اتفقوا على أن غسل الجنابة فرض على النبى صلى الله عليه وسلم بمكة لما افترضت الصلاة وأنه لم يصل قط إلا بوضوء، وهذا ما لا يجهله أحد. وفى مستدرك الحاكم حديث ابن عباس: دخلت فاطمة على النبى صلى الله عليه وسلم وهى تبكى فقالت: هؤلاء الملأ من قريش تعاهدوا ليقتلوك فقال "ايتونى بوضوء، فتوضأ ... قال فى الفتح - فتح البارى لابن حجر- وهذا يصلح ردا على من أنكر وجود الوضوء قبل الهجرة، لا على من أنكر وجوبه. فالمتفق عليه أن الوضوء ومثله الغسل للصلاة كان موجودا بمكة، لكن الخلاف فى: هل كان وجوده على سبيل الندب أو على سبيل الوجوب؟ قال جماعة بالندب، بناء على أن الأمر به فى آيتى المائدة والنساء هو للوجوب، وهما نازلتان بالمدينة، وجزم بذلك ابن الجهم المالكى وقال آخرون بالوجوب. قال القرطبى-كما نقله ابن مفلح -: إن آية الوضوء - النازلة بالمدينة- إنما نزلت ليكون فرضها المتقدم -يعنى على إنزالها-متلوًّا فى التنزيل أى أن الوضوء كان مفروضا بمكة ولكن بغير القرآن ثم نزل به القرآن فى المدينة. وابن حزم جزم بأن الوضوء لم يشرع -لا وجوبا ولا ندبا- إلا فى المدينة، ومعنى ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه صلوا فى مكة بغير وضوء، وكلامه مردود بمرويات ليست قوية، منها ما أخرجه ابن لهيعة فى المغازى أن جبريل علَّم النبى الوضوء عند نزوله عليه بالوحى، وهو حديث مرسل سقط منه الصحابى، وما رواه أحمد والدارقطنى من رواية ابن لهيعة أيضا مرفوعا وليس مرسلا: أن جبريل أتى النبى صلى الله عليه وسلم فى أول ما أوحى إليه فعلمه الوضوء والصلاة، فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من ماء فنضح بها فرجه. هل يفهم من هذا أنه استنجى بعد الوضوء، وأن النضح ليس فيه مس للفرج، أو أن مس الفرج غير ناقض للوضوء؟ معروف أن ابن لهيعة وضعه العلماء فى الضعفاء، قيل مطلقا وقيل بعد أن مرض. ومن المرويات ما أخرجه ابن ماجه من حديث أسامة عن أبيه، وأخرجه الطبرانى فى الأوسط من طريق الليث بن سعد عن عقيل موصولا، وهو أن جبريل علَّم النبى الوضوء بمكة. وفى ثبوت هذا كلام. فالخلاصة أن الفقهاء أجمعوا على أن الطهارة للصلاة بالوضوء والغسل واجبة، وأن آية الوجوب نزلت بالمدينة، والصلاة التى صلاها الرسول وأصحابه بمكة أو قبل نزول الآية فى المدينة فيها خلاف: هل كانت بوضوء أو لا؟ والجمهور على أنها كانت بوضوء، وابن حزم هو الذى قال بعدم مشروعيته إذ ذاك، ومن قال بمشروعية الوضوء بمكة اختلفوا هل كان واجبا أو مندوبا؟ قيل بالندب وقيل بالوجوب. ونحن لا يهمنا من ذلك إلا ما استقر عليه العمل بعد الأمر به فى آيتى النساء والمائدة فى وجوب الطهارة للصلاة بالوضوء والغسل، أما ما حدث قبل ذلك فالخلاف فيه لا أثر له فى حياتنا نحن. يراجع الشوكانى فى نيل الأوطار، والمواهب اللدنية للقسطلانى فى باب الخصائص لمعرفة إن كان الوضوء خاصا بأمة محمد أو كان قبل ذلك - وانظر ص 83 من المجلد الثانى من هذه الفتاوى (8/448) ________________________________________ الحمل والحيض
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال أنا حامل وفى بعض الأحيان ينزل علىَّ دم، هل يعتبر حيضا فأمتنع عن الصلاة والصوم،أو يعتبر نزيفا لا يمنع من الصلاة والصوم؟
الجواب اختلف العلماء فى الدم الذى ينزل من الحامل هل هو دم حيض أم لا، فرأى أبو حنيفة ومن قبله عطاء والشعبى أنه ليس حيضا ولا يأخذ حكمه، لقوله تعالى: {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد} الرعد: 8 على معنى أن الحيض هو انقطاع دم الحيض أثناء الحمل، والازدياد هو دم النفاس بعد الوضع، وهو رأى الأمام أحمد أيضا. ورأى مالك والشافعى فى أحد قوليه أن الحامل تحيض، وهو تأويل ابن عباس للآية بأنه حيض الحبالى، وكذلك روى عكرمة ومجاهد وهو قول عائشة وأنها كانت تفتى النساء الحوامل إذا حضن أن يتركن الصلاة والصحابة إذ ذاك متوافرون، ولم ينكر منهم أحد عليها، فصار كالإجماع قاله ابن القصار، وذكر القرطبى فى تفسيره "ج 9 ص 286" حادثة أيام عمر استدل بها على أن الحامل تحيض، ثم قال: احتج المخالف -وهو أبو حنيفة ومن معه- بأن قال: لو كانت الحامل تحيض وكان ما تراه المرأة فى الدم حيضا لما صح استبراء الأمة بحيض، وهو إجماع وروى عن مالك فى كتاب محمد: ما يقتضى أنه ليس بحيض. انتهى. وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن من شروط الحيض أن يكون الرحم خاليا من الحمل، فما تراه الحامل من الدم يكون دم فساد، لكن المالكية والشافعية قالوا: إنه يكون دم حيض، إلا أن الشافعية قالوا: تعتبر مدة حيضها فى الحمل كعادتها فى غيره، أما المالكية فإنهم قالوا: إن رأت الحامل الدم بعد شهرين من حملها إلى ستة أشهر فإن مدة حيضها تقدر بعشرين يوما إن استمر الدم، وفى ستة أشهر إلى آخر الحمل تقدر بثلاثين يوما، أما إذا رأت الدم فى الشهر الأول أو الثانى من حملها كانت كالمعتادة، وفسروا ذلك بأن حيضها يقدَّر بثلاثة أيام زيادة على أكثر عادتها استظهارا، فإن اعتادت خمسة أيام ثم تمادى حيضها مكثت ثمانية أيام، فإن استمر بها الدم فى الحيضة الثالثة كانت عادتها ثمانية، لأن العادة تثبت بمرة، فتمكث أحد عشر يوما، فإن تمادى فى الحيضة الرابعة تمكث أربعة عشر يوما، فإن تمادى بعد ذلك فلا تزيد على الخمسة عشر يوما، ويكون الدم الخارج بعد الخمسة عشر، أو بعد الاستظهار بثلاثة أيام على أكثر العادة قبل الخمسة عشر يوما -دم استحاضة. انتهى. هذا هو الحكم الشرعى فى رأى الفقهاء فى الدم الذى ينزل على الحامل هل هو حيض أو لا؟ ولعل الطب له كلام فى هذا الموضوع، يمكن به التمييز بين دم الحيض والنزيف، بناء على ما قيل: إن دم الحيض أعداد للرحم لاستقبال البويضة الملقحة فإن استقرت فيه يقال لا توجد فرصة لاستقبال بويضة أخرى ليوجد حملان فى الرحم بينهما مدة، ولو وجدت بويضتان معا كان الحمل توأما، فهل يمكن أن تحل بالرحم بويضة ثم بعد فترة تحل بويضة أخرى فيكون هناك حملان، أحدهما قبل الآخر؟ وقد يولدان معا أو يوجد فاصل بينهما فى الوضع، لعل هناك جوابا يوضح ذلك عند المختصين. هذا، وقد جاء فى المغنى لابن قدامة "ج 1 ص 375" أن الحامل لا تحيض، إلا أن تراه قبل ولادتها بيومين أو ثلاثة فيكون دم نفاس، وهو مذهب أحمد وأبى حنيفة ورأى جمهور التابعين. وقال مالك والشافعى: ما تراه من الدم حيض إذا أمكن، لأنه دم صادف عادة فكان حيضا كغير الحامل، واستدل لمذهب أحمد بالحديث "لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل -أى غير حامل- حتى تستبرأ بحيضة" موجها ذلك بأن وجود الحيض علامة على براءة الرحم، فدل على أنه لا يجتمع مع الحمل وقال: إن الحامل لا يعتادها الحيض غالبا، فلم يكن ما تراه فيه حيضا كالآيسة، قال أحمد إنما يعرف النساء الحمل بانقطاع الدم. وحمل رأى عائشة فى أنه حيض على ما تراه الحامل من الدم قريبا من ولادتها فهو نفاس لا تصلِّى فيه. ورأيى أن مذهب أبى حنيفة وأحمد أيسر فى التطبيق فلا يعدُّ دم الحامل حيضا، إلا ما يرى قبيل الولادة فيكون نفاسا لا تصلى ولا تصوم - فيه، ومذهب مالك فيه صعوبة بالصورة التى ذكرت فى كتاب الفقة على المذاهب الأربعة، ولا يجب التعصب لرأى فى الفروع ودين الله يسر (8/449) ________________________________________ سن اليأس
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال أنا بلغت من العمر خمسين سنة، والعادة الشهرية غير منتظمة،فقد يمر شهران وثلاثة دون أن أرى دما، وإذا نزل كان بسيطا ثم ينقطع مدة طويلة، فما حكم الشرع فى هذه الحالة، هل يعتبر الدم بعد هذه السن حيضا؟
الجواب سن اليأس هو السن الذى لا يكون معه للمرأة حيض ولا حمل، ومن الأحكام الشرعية الخاصة به أن عدة المطلقة تنتهى بثلاثة أشهر، مثلها مثل الصغيرة التى لم تر الحيض، قال تعالى {واللائى يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائى لم يحضن} الطلاق: 4. واختلف الفقهاء فى سن اليأس فهو عند الحنفية خمس وخمسون سنة على المختار، وعند الحنابلة خمسون سنة، وعند المالكية من خمسين إلى سبعين، بمعنى أنه يرجع فى هذه المدة إلى ذوى الخبرة من النساء أو غيرهم فيما إذا كان الدم الذى ينزل من المرأة دم حيض أو غيره، وعند الشافعية لا آخر له، والغالب أن ينقطع الدم بعد اثنتين وستين سنة، فهو سن الإياس من الحيض غالبا "فقه المذاهب الأربعة". وفى فقه الحنفية الذى يجرى عليه العمل فى المحاكم المصرية -أن القول قول المرأة فى انقطاع الحيض أو نزوله عليها، وتصدق إذا ادعت رؤيتها دم الحيض مع هذه السن ومع ذكر علاماته وتُحلف اليمين بطلب خصمها إذا لم يصدقها فيما ادعت. "الفتاوى الإسلامية المجلد التاسع ص 3287" (8/450) ________________________________________ سلس المنى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال رجل ينزل منه المنى كثيرا على الرغم من علاج نفسه، فهل كلما نزل عليه منى يجب عليه الغسل؟
الجواب قال العلماء: إذا خرج المنى من غير شهوة، كأن نزل لمرض أو برد فلا يجب عليه الغسل، وذلك لحديث رواه أحمد عن على رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له "فإذا فضخت الماء فاغتسل " أى خرج منك المنى بشدة. ويروى عن مجاهد أنه كان فى حلقة بالمسجد ومعه أصحاب ابن عباس: طاوس وعكرمة وسعيد بن جبير، وكان ابن عباس قائما يصلى، فسألهم رجل وقال: إنى كلما بُلْتُ تبعه الماء الدافق، وهو المنى، فقالوا: عليه الغسل، ولكن الرجل لم يقتنع، ولما انتهى ابن عباس من الصلاة استدعى الرجل، وعجب من إفتائهم إياه بما لم يرد فى الكتاب والسنة، بل بالرأى، وذكر قول النبى صلى الله عليه وسلم "فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد" ثم سأل الرجل: أرأيت إذا كانت ذلك منك، أتجد شهوة فى قبلك؟ قال: لا، قال: فهل تجد خدرا فى جسدك؟ قال: لا، قال: إنما هذه أبردة يجزيك منها الوضوء، يعنى إصابة بالبرد لا يجب منها الغسل. نقل هذا الحكم الشوكانى فى نيل الأوطار "ج 1 ص 240". وحكم سلسل المنى وسلسل البول والريح مقيس على حكم الاستحاضة التى تزيد على أكثر مدة الحيض [عشرة أيام عند الحنفية وخمسة عشر يوما عند غيره] وذلك لورود النص فيها، فالحنفية والحنابلة يكتفون بوضوء واحد لوقت كل صلاة، والشافعية يوجبون الوضوء لكل فريضة (8/451) ________________________________________ الماء المتنجس
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الماء الذى وقعت فيه نجاسة هل تنجسه حتى لو كان كثيرا؟
الجواب قال العلماء: إن غيرت النجاسة طعم الماء أو لونه أو ريحه صار نجسا، لا يجوز استعماله فى الطهارة إجماعا، نقل ذلك ابن المنذر وغيره، وإن لم تغير النجاسة شيئا من ذلك، أى من أوصافه الثلاثة، فهو طاهر فى نفسه، ومطهر لغيره، سواء أكان الماء قليلا أو كثيرا، ودليل ذلك حديث "الماء طهور لا ينجسه شىء" رواه أحمد والشافعى وأبو داود والنسائى والترمذى وحسّنه. وهذا الحديث جاء عند سؤال الصحابة عن التوضؤ من بئر بضاعة -وهى بئر بالمدينة يبلغ عمق الماء فيها نصف قامة الرجل تقريبا، من وقف فيها وصل الماء إلى عانته إذا كان الماء كثيرا، فإذا نقص وصل الماء إلى ما دون العورة، وكان الماء فيها متغيرا. ومن هنا قال العلماء: لا يضر تغير الماء بما فى مقره وممره. والإمام مالك أخذ بذلك كما أخذ به الحسن البصرى والثورى والنخعى وداود الظاهرى. وقال الإِمام الغزالى: وددت لو أن مذهب الشافعى فى المياه كان كمذهب مالك، ذلك أن الشافعى أخذ بحديث ابن عمر مرفوعا "إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث" رواه الخمسة. وطعن فيه ابن عبد البر. القلتان بالرطل المصرى أربعمائة وستة وأربعون رطلا وثلاثة أسباع الرطل، وبالمساحة ذراع وربع ذراع طولا وعرضا وعمقا بذراع الآدمى المتوسط، وفى المكان المدور كالبئر تكون المساحة ذراعا عرضا، وذراعا ونصف ذراع عمقا، وثلاثة أذرع وسبع ذراع محيطا، وفى المكان المثلث ذراع ونصف عرضا ومثل ذلك طولا وذراعان عمقا " فقه المذاهب الأربعة ". ومهما يكن من الخلاف فى تنجس الماء بما يلقى فيه من المواد النجسة فإن عدم التطهر به أقرب إلى المحافظة على الصحة، وأبعد عن الضرر الذى نهى عنه الدين (8/452) ________________________________________ تشريع الوضوء
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل كان المسلمون يصلُّون قبل الهجرة بدون وضوء حيث فرضى الوضوء فى سورة النساء وهى سورة مدنية؟
الجواب شرع الوضوء للصلاة بالآية السادسة من سورة المائدة، وأما الآية الثالثة والأربعون من سورة النساء فهى لمشروعية الغسل من الجنابة، وكلتا الآيتين نزلتا بالمدينة، والصلاة فرضت بمكة، فهل كان الرسول يصليها بدون وضوء؟ ابن حزم يقول: الوضوء لم يشرع إلا بالمدينة، بناء على آية المائدة، وقال العلماء إنه كان مشروعا بمكة، مع الخلاف فى كونه كان واجبا أو مندوبًا، والجمهور على وجوبه وجزم ابن الجهم المالكى بأنه كان مندوبًا. ونقل ابن عبد البر اتفاق أهل االجنابة فرض على النبى صلى الله عليه وسلم وهو بمكة كما فرضت الصلاة بمكة، وأنه لم يصل قط إلا بوضوء، يجهله عالم بالأخبار. ومما يدل على أن الوضوء كان مشروعًا بمكة ما وراه الحاكم فى المستدرك عن ابن عباس رضى الله عنهما أن فاط صلى الله عليه وسلم دخلت عليه وهى تبكى لأن الملأ من قريش تعاهدوا على قتله، فقال " ائتونى بوضوء.. .. ومن الأدلة أيضًا ما رواه أحمد والطبرانى أن جبريل عليه السلام علَّم النبى صلى الله عليه وسلم الوضوء عند نزوله عليه بالوحى {اقرأ باسم ربك} [العلق: 1] . وقيل ب جبريل بقوله {يا أيها المدثر} التى فيها {وثيابك فطهِّر} [المدثر: 4] . فالخلاصة أن الوضوء كان مشروعًا بمكة، والتشريع كما يكون بالقرآن يكون بالسنة. ولما نزلت أية المائدة تأمر بالوضوء للصلاة اختلف العلماء فى مدى هذا الأمر فقيل للوجوب عند كل صلاة حتى لو لم ينتقض الوضوء فلا تصح صلاته بوضوء واحد، وقيل للوجوب إذا انتقض، وللندب إذا لم ينتقض حيث يسن تجديد الوضوء لكل صلاة. وكان من عادة النبى صلى الله عليه وسلم تجديد الوضوء لكل صلاة، ولكن خالف هذه العادة يوم الفتح فصلَّ بوضوء واحد، ولما سأله عمر عن ذلك قال " تعمدته يا عمر "، وذلك حتى لا يظن الناس أنه واجب فيشق عليهم، مثل ذلك فى خيبر، النصوص المثبتة لذلك يرجع إليها فى فتح البارى لابن حجر: كتاب الوضوء، وفى كتاب الموا بشرح الزرقانى (ج 7 ص 6 4 2، 47 2) (8/453) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 11:47 pm | |
| التطهر بالماء المستعمل وبالماء الفائض
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى استعمال الماء الفائض من اغتسال المرأة فى الوضوء أو الاغتسال من الجنابة؟
الجواب روى أحمد وأصحاب السنن الأربعة أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة. وروى مسلم وأحمد أنه كان يغتسل بفضل ميمونة، وفى رواية لأحمد وابن ماجه أنه توضأ بفضل غسلها من الجنابة. وروى أحمد وأبو داود والنسائى والترمذى وقال: حديث حسن صحيح: " أن بعض أزواج النبى @ اغتسلت فى جفنة -إناء كبير-فجاء النبى @ ليتوضأ منها يغتسل، فقالت له: يا رسول الله إنى كنت جنبا فقال "إن الماء لا يجنب ". وفى هذه الأحاديث تضارب فى الظاهر بعضها ينهى عن التطهر بفضل طهور المرأة وبعضها يجيزه. وبعيدا عن الترجيح بين الروايات من جهة السند، أقول: إن التطهر بفضل الماء الذى تطهر به الغير يطلق على معنيين: الأول: التطهر بالماء الذى استعمل قبل ذلك فى التطهر. الثانى: التطهر بالماء الباقى من كمية الماء الذى سبق التطهر ببعضه، ويصور بأن كمية من الماء فى جفنة أو إناء مثلا أخذ واحد منها بعضا وتطهر به وبقى فى الإناء بعض اَخر دون استعمال له. أما بالنسبة للإطلاق الأول: فالماء الذى استعمل من قبل فى الطهارة لا يجوز التطهر به فى إزالة نجاسة أو وضوء أو غسل، وهو ما عليه جمهور الفقهاء، وإن كان هو طاهرا فى نفسه لا يتنجس ما يصيبه، وأجاز مالك فى رواية عنه جواز استعماله مرة أخرى فى الطهارة. وبالنسبة للإطلاق الثانى: يجوز التطهر بالماء الباقى فى الإناء بعد أن أخذ منه شخص بعضه وتطهر به، لأن الماء الباقى لا يجنب كما صرح به الحديث الأخير أى لا يصير جنبا. وبهذا التوضيح يمكن الجمع بين الأحاديث الناهية عن التطهر بفضل الماء والأحاديث المجيزة له. وهذا ما قام به الخطابى وذكره الشوكانى فى "نيل الأوطار"ج 1 ص 37 ونص عبارته "وقد جمع بين الأحاديث بحمل أحاديث النهى على ما تساقط من الأعضاء لكونه قد صار مستعملا، والجواز على ما بقى من الماء". وينبغى ألا تحمل أحاديث النهى على احتقار المرأة، التى تطهرت بماء فلا يجوز التطهر بفضله، فذلك شامل للرجال والنساء، غاية الأمر أن الحادثة التى وردت فيها الأحاديث كانت بين الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجاته. وخلاصة الحكم أن الماء الذى استعمل مرة فى الطهارة برفع الحدث الأصغر بالوضوء أو الحدث الأكبر بالغسل لا يجوز استعماله مره أخرى فى الطهارة، وهو ما عليه جمهور الفقهاء، وأجازه مالك فى رواية، أما الماء الباقى بعد التطهر فيجوز التطهر به مرة أخرى ما دام باقيا على طهوريته (8/454) ________________________________________ حكم بول الصبى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال تقول سائلة يحدث أن طفلى الرضيع يبول على ملابسى وأجد مشقة فى قلعها وغسلها من أجل الصلاة، فهل يكفى المسح عليها دون حاجة إلا غسلها؟
الجواب جاء فى صحيح البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنِّكهم بالتمر، فأتته أم قيس بنت محصن بابن لها لم يأكل الطعام، فبال في حجره صلى الله عليه وسلم فلم يزد على أن دعا بماء فنضحه، أى رشه على ثوبه ولم يغسله غسلا، وروى أحمد وأصحاب السنن إلا النسائى قوله صلى الله عليه وسلم " بول الغلام ينضح عليه وبول الجارية يغسل " قال قتادة: وهذا ما لم يطعما، فإن طعما غسل بولهما. ذكر النووى فى شرح صحيح مسلم اختلاف العلماء فى كيفية طهارة بول الولد والبنت وقال إن القول بوجوب غسلهما، والقول بالاكتفاء بنضجهما شاذان ضعيفان، واختار القول الصحيح المشهور عند الشافعية والحنابلة وما ذهب إليه ابن وهب من أصحاب مالك، وروى عن أبى حنيفة-وهو نضح بول الولد وغسل بول البنت كما يدل عليه حديث أحمد ومن معه، وحكم بصحته الحافظ ابن حجر فى الفتح. (أبو حنيفة ومالك يقولان بوجوب غسلهما فى المشهور عنهما) مسلم ج 3 ص 193. والنضح -كما اختاره النووى من أقوال العلماء - هو غمر الثوب بالماء غمرا كثيرا لا يبلغ درجة جريانة وتقاطره، ولا يشترط عصره، والشرط فى الاكتفاء بالنضح كما قال قتادة إلا يطعم الرضيع شيئا غير لبن المرضع، فلو تناول طعاما على جهة التغذية فإنه يجب غسل بوله بلا خلاف، وعليه فإن الأولاد الذين يعتمدون الآن على الغذاء الصناعى أكثر من لبن المرضع يجب غسل بولهم ولا يكتفى بالنضح والرش، ولا يجوز المسح كما يقول السؤال (8/455) ________________________________________ الحكمة من التفريق بين بول الصبى والصبية
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل هناك من حكمة للتفريق بين بول الصبى وبول الصبية؟
الجواب مبدئيا أقول: تنفيذ الأحكام الشرعية لا يشترط له النص على حكمة مشروعيتها، ولا فهم هذه الحكمة، فإن كانت منصوصة فبها، وإلا كان علينا الاتباع ولا بأس من البحث لالتماس حكمة للتشريع، وسواء صح ما وصل إليه البحث أو لم يصح فذلك لا يؤثر على الحكم الشرعى، وقد حاول العلماء أن يجدوا حكمة لهذا التفريق فأتوا بوجوه ذكر صاحب كفاية الأخيار فى فقه الشافعية عن الشيخ تقى الدين ابن دقيق العيد أنها ركيكة جدًا لا تستحق أن تذكر، وهى راجعة إلى اختلاف طبيعة البول لكل منهما تحتاج فى تحقيقها إلى ذوى الخبرة، ومن أقرب الوجوه أن النفوس أشد تعلقا بالصبيان ولذلك يميلون إلى حملهم كثيرا فخفف الله عنهم طهارة بولهم، وهذا المعنى مفقود غالبا بالنسبة للإناث، فجرى الغسل فيهن على القياس، هذا ما قالوه فىَ ذلك (8/456) ________________________________________ بول الطفل
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يحدث أن طفلى الرضيع يبول على ملابسى وأجد مشقة فى خلعها وغسلها من أجل الصلاة، فهل يكفى المسح عليها دون حاجة إلى غسلها، وهل هناك فرق بين بول الطفل وبول الطفلة؟
الجواب جاء فى صحيح البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرِّك عليهم يدعو لهم بالبركة - ويحنكهم بالتمر، فأتته أم قيس بنت محصن بابن لها لم يأكل الطعام، فبال فى حجره صلى الله عليه وسلم فلم يزد على أن دعا بماء فنضحه، أى رشه على ثوبه ولم يغسله غسلا. وروى أحمد وأصحاب السنن إلا النسائى قوله صلى الله عليه وسلم "بول الغلام ينضح عليه، وبول الجارية يغسل " قال قتادة: وهذا ما لم يطعما، فإن طعما غسل بولهما. يؤخذ من هذا أن بول الطفل والطفلة نجس، ويجب تطهير الثوب منهما، فقد ثبت ذلك من فعل النبى صلى الله عليه وسلم ومن قوله، والتطهير يكون بنضح بول الطفل الذكر، وبغسل بول الطفلة الأنثى، والشرط فى ذلك عدم تغذيهما بالطعام كما قال قتادة. والإمام النووى ذكر فى شرح صحيح مسلم " ج 3 ص 193 " اختلاف العلماء فى كيفية طهارة بول الولد والبنت -وقال إن القول بوجوب غسلهما والقول بالاكتفاء بنضحهما شاذان ضعيفان -أى القول بوجوب الغسل مطلقا فيهما، والقول بالاكتفاء بالنضح مطلقا فيهما شاذان ضعيفان -واختار القول الصحيح المشهور عند الشافعية والحنابلة وما ذهب إليه ابن وهب من أصحاب مالك، وروى عن أبى حنيفة، وهو نضح بول الولد وغسل بول البنت، كما يدل عليه حديث أحمد ومن معه، وحكم بصحته الحافظ ابن حجر فى الفتح. [أبو حنيفة ومالك يقولان بوجوب غسلهما فى المشهور عنهما] . والنضح -كما اختاره النووى من أقوال العلماء -هو غمر الثوب بالماء غمرا كثيرا لا يبلغ درجة جريانه وتقاطره ولا يشترط عصره، والشرط فى الاكتفاء بالنضح -كما قال قتادة - ألا يطعم الرضيع شيئا غير لبن المرضع. فلو تناول طعاما على جهة التغذية فإنه يجب غسل بوله بلا خلاف. وعليه فإن الأولاد الذين يعتمدون الآن على الغذاء الصناعى أكثر من لبن المرضع يجب غسل بولهم، ولا يكتفى بالنضح والرش، ولا يجوز المسح كما جاء فى السؤال. أما عن الفرق فى الحكم بين الصبى والصبية فأقول: إن تنفيذ الأحكام الشرعية لا يشترط له النص على حكمة مشروعيتها. فإن كانت منصوصة فبها، وإلا كان علينا الاتباع ولا مانع من البحث لمعرفة حكمة التشريع وسواء صح ما وصل إليه البحث أو لم يصح فذلك لا يؤثر على الحكم الشرعى. وقد حاول العلماء أن يجدوا حكمة لهذا التفريق فأتوا بوجوه ذكر صاحب "كفاية الأخيار" فى فقه الشافعية عن الشيخ تقى الدين بن دقيق العيد أنها ركيكة جدا لا تستحق أن تذكر، وهى راجعة إلى اختلاف طبيعة البول لكل من الولد والبنت تحتاج فى تحقيقها إلى ذوى الخبرة. ومن أقرب الوجوه أن النفوس أشد تعلقا بالصبيان الذكور، ولذلك يميل الناس وبخاصة الآباء والأمهات إلى حملهم كثيرا، فخفف الله عنهم فى طهارة بولهم. وهذا المعنى مفقود غالبا بالنسبة للإناث فجرى الغسل فيهن على القياس. هذا ما قالوه، والله أعلم بصحته، وإن كان الحكم لا يتغير (8/457) ________________________________________ تجديد الوضوء لكل صلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز للإنسان ان يصلِّى بالوضوء الواحد فرضين أو ثلاثة، أو لابد من الوضوء لكل فرض؟
الجواب إذا توضأ الإنسان ولم ينتقض وضوءه يجوز أن يصلى به أكثر من فرض من فروض الصلاة، ولكن الأفضل أن يجدد هذا الوضوء الذى لم ينتقض أما إن نقض فالواجب أن يتوضأ للصلاة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء ومع كل وضوء بسواك " رواه أحمد بإسناد حسن، ويقول "من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات " رواه أبو داود والترمذى وابن ماجه "الترغيب والترهيب للحافظ المنذرى"ج 1 ص 73. وقال بعد ذلك. وأما الحديث الذى يروى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال " الوضوء على الوضوء نور على نور" فلا يحضرنى له أصل من حديث النبى صلى الله عليه وسلم ولعله من كلام بعض السلف. هذا، وقد كان من عادة النبى صلى الله عليه وسلم تجديد الوضوء لكل صلاة ولكن خالف هذه العادة يوم الفتح، فصلى الصلوات الخمس بوضوء واحد، ولما سأله عمر عن ذلك قال " تعمدته يا عمر" وذلك حتى لا تظن أنه واجب فيشق عليهم، وفعل مثل ذلك فى خيبر، والنصوص المثبتة لذلك يرجع إليها فى فتح البارى لابن حجر "كتاب الوضوء" وفى كتاب المواهب اللدنية بشرح الزرقانى "ج 7 ص 246، 247 " (8/458) ________________________________________ النوم والوضوء
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل ينتقض الوضوء بالنوم؟
الجواب من الأمور التى ينتقض بها الوضوء النوم المستغرق الذى لا يبقى معه إدراك مع عدم تمكن المقعدة من الأرض، فالذى ينام على جنبه أو على ظهره ينتقض وضوءه، أما الذى ينام جالسا فإن كان متمكنا من المقعد لا يميل يمنة ولا يسرة مثلا فإن وضوءه لا ينتقض. وبهذا يمكن التوفيق بين النصوص التى فيها نقض الوضوء بالنوم مطلقا، والنصوص التى ليس فيها نقض الوضوء بالنوم. فمما جاء بالنقض مطلقا حديث رواه أحمد والنسائى والترمذى وصححه عن صفوان بن عسال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرًا - مسافرين - ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط وبول ونوم. والمراد أن الخف لا ينزع عند انتقاض الوضوء بالغائط أو البول أو النوم وينزع عند الحنابلة الموجبة للغسل والسفر جمع سافر كصاحب وصحب، وهو الخارج للسفر. ومما جاء بعدم النقض بالنوم حديث رواه مسلم وأبو داود والترمذى كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رءوسهم، ثم يصلون ولا يتوضئون، وفى رواية أخرى، لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظون للصلاة حتى لأسمع لأحدهم غطيطا ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون. ومن الأحاديث الواردة فى النقض ما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه " العين وكاء السه، فمن نام فليتوضأ" والوكاء هو الخيط الذى يربط به الكيس، والسه هو الدبر. ومما ورد فى عدم النقض ما رواه مسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: بتُّ عند خالتى مميونة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى للصلاة-فقمت إلى جنبه الأيسر فأخذ بيدى فجعلنى من شقه الأيمن، فجعلت إذا أغفيت - نمت أو نعست - يأخذ بشحمة أذنى قال: فصلى إحدى عشرة ركعة. والنووى فى شرحه لصحيح مسلم "ج 4 ص 73" ذكر ثمانية مذاهب فى نقض الوضوء بالنوم: الأول -أنه لا ينقض الوضوء على أى حال كان.وهو محكى عن أبى موسى الأشعرى من الصحابة، وسعيد بن المسيب من التابعين وغيرهما. الثانى-أنه ينقض الوضوء بكل حال، وهو مذهب الحسن البصرى والمزنى وإسحاق بن راهويه، وهو قول غريب للشافعى، وأخذ به ابن المنذر وروى معناه عن ابن عباس وأنس وأبى هريرة. الثالث - أن كثير النوم ينقض بكل حال، وقليله لا ينقض بحال، وهذا مذهب الزهرى وربيعة والأوزاعى، ومذهب مالك وكذلك أحمد فى إحدى الروايتين. الرابع -أنه إذا نام على هيئة من هيئات المصلين كالراكع والساجد والقائم والقاعد لا ينتقض وضوءه، سواء كان فى الصلاة أو لم يكن، وإن نام مضطجعا أو مستلقيا على قفاه انتقض.وهذا مذهب أبى حنيفة وداود، وهو قول للشافعى غريب. الخامس -أنه لا ينقض إلا نوم الراكع والساجد، روى هذا عن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى. السادس - أنه لا ينقض إلا نوم الساجد، وروى أيضا عن أحمد رضى الله عنه. السابع -أنه لا ينقض النوم فى الصلاة بكل حال وينقض خارج الصلاة، وهو قول ضعيف للشافعى رحمه الله تعالى. الثامن -أنه إذا نام جالسا ممكنا مقعدته من الأرض لم ينتقض، وإلا انتقض، سواء قل أو كثر سواء كان فى الصلاة أو خارجها، وهذا مذهب الشافعى، وعنده أن النوم ليس حدثا فى نفسه، وإنما هو دليل على خروج الريح، فإذا نام غير ممكن المقعدة غلب على الظن خروج الريح. فجعل الشرع هذا الغالب كالمحقق. ثم قال النووى: قال أصحابنا: وكان من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا ينتقض وضوءه بالنوم مضطجعا للحديث الصحيح عن ابن عباس قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه، ثم صلى ولم يتوضأ. ثم ذكر النووى فروعا فيها حكم النعاس وهو النوم الخفيف الذى تفتر فيه الحواس من غير سقوطها وفيها حكم القاعد المحتبى إذا نام وفيه ثلاثة أقوال، فيرجع إليها فى المرجع المذكور (8/459) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 11:47 pm | |
| وضع اليدين فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هو الوضع الصحيح لليدين أثناء القيام فى الصلاة؟
الجواب اتفق العلماء على أنه لم يرد ما يوجب على المصلى أن تكون يداه فى وضع معين وهو في قيام الصلاة، فليس ذلك ركنا ولا شرطا من شروط صحة الصلاة. وحجتهم فى ذلك حديث المسىء صلاته، فإن النبى صلى الله عليه وسلم لما علمه كيفية الصلاة لم يتعرض فيها لوضع اليدين. فدل ذلك على عدم وجوبه. ولكن اختلفوا بعد ذلك فى الوضع المختار لليدين أثناء القيام فى الصلاة. 1 -فقيل: يسن وضع إحدى اليدين على الأخرى، وهو قول أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. روى ذلك عن علي وأبى هريرة، وعن النخعى وسعيد بن جبير، وعن الثورى والشافعى وأصحاب الرأى. . وحكاه ابن المنذر عن مالك، كما نقله ابن الحكم عنه أيضا. 2 - وقيل: يسن إرسال اليدين. أى تركهما إلى الجانبين، رواه ابن المنذر عن ابن الزبير، وعن الحسن البصرى، كما نقله النووى عن الليث بن سعد، ونقله ابن القاسم عن مالك، وهو ظاهر مذهبه الذى عليه أصحابه، كما نقله المهدى فى البحر عن القاسمية والناصرية والباقر " من الشيعة". 3 - وقيل: يخير المصلى بين وضع يديه وبين إرسالهما دون ترجيح واحد منهما. نقله ابن سيد الناس عن الأوزاعى وجاء فى كلام الشافعى ما يشير إليه. وأصحاب الرأى الأول الذين قالوا بسنية وضع اليدين إحداهما على الأخرى قالوا: إن ذلك يكون بوضع اليد اليمنى على اليد اليسرى. وحجتهم فى ذلك ما ياتى: (أ) عن أبى حازم عن سهل بن سعد قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى فى الصلاة. قال أبو حازم: لا أعلمه إلا ينمى ذلك إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. رواه البخارى. (ب) عن وائل بن حجر أنه وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال فى وصفه، ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد. رواه مسلم وأحمد. وفى رواية لأحمد وأبى داود: ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد. (ج) عن ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم مر به وهو واضع شماله على يمينه. فأخذ يمينه فوضعها على شماله. رواه أبو داود. (د) عن غطيف قال: ما نسيت من الأشياء فلم أنس أنى رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واضعا يمينه على شماله فى الصلاة: رواه أحمد فى مسنده. (هـ) عن قبيصة بن هلب عن أبيه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه. رواه الترمذى وقال: حديث حسن. إلى غير ذلك من الأحاديث التى أوصلها بعضهم إلى عشرين حديثا مروية عن ثمانية عشر من الصحابة والتابعين. وحكى الحافط عن ابن عبد البر أنه قال: لم يأت عن النبى صلى لله عليه وسلم فيه خلاف. وأصحاب هذا القول اختلفوا فى أمرين، الأمر الأول في كيفية وضع اليد اليمنى على اليسرى، والأمر الثانى فى مكان وضعهما على الصدر. أما الأمر الأول فقد ورد فى حديث وائل بن حجر الذى سبق ذكره، وجاء فيه أن النبى صلى الله عليه وسلم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسر والرسغ والساعد. وصور الفقهاء ذلك، كما فى شرح المنهاج وغيره، فقالوا: بأن يقبض بيمينه كوع يساره وبعض ساعدها والرسغ. روى بعضه مسلم، وبعضه ابن خزيمة، والباقى أبو داود. وقيل يخير بين بسط أصابع اليمنى فى عرض المفصل وبين نشرها صوب الساعد. والمعتمد الأول. ويفرج بين أصابع يسراه وسطا. قال الإمام الشافعى: والقصد من القبض المذكور تسكين اليدين، فإن أرسلهما ولم يعبث بهما فلا باس، كما نص عليه فى " الأم " والكوع هو العظم الذى يلى إبهام اليد، والرسغ هو المفصل بين الكف والساعد، أما البوع فهو العظم الذى يلى إبهام الرجل. وأما الأمر الثانى فقد ورد فيه ما يأتى: (أ) عن وائل بن حجر قال: صليت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره. أخرجه ابن خزيمة فى صحيحه. (ب) عن أبى جرير الضبى عن أبيه قال: رأيت عليا يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة. وفى إسناده أبو طالوت عبد السلام بن أبى حازم. قال أبو داود: يكتب حديثه. (ب) أخرج أبو داود عن طاوس قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى. ثم يشد بهما على صدره وهو فى الصلاة. وهذا الحديث مرسل، أى سقط منه الصحابى. (د) عن على رضى اللَّه عنه: أن من السنة فى الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة. رواه أحمد وأبو داود وفى إسناده عبد الرحمن ابن إسحاق الكونى. قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يضعفه. وقال البخارى: فيه نطر. وقال النووى: هو ضعيف بالاتفاق. وإزاء هذه النصوص اختلف فى مكان وضع اليدين: 1 -فقال كثيرون: يسن أن يكون وضعهما تحت الصدر وفوق السرة. اعتمادا على النصوص الثلاثة الأولى، وهو قول سعيد بن جبير، وعليه أحمد فى رواية عنه ومالك فى روايته التى قال فيها بمشروعية وضع اليدين لا إرسالهما. وعليه الشافعى أيضا. قال فى شرح المنهاج: ويسن جعل يديه تحت صدره وفوق سرته فى قيامه، لما صح من فعله صلى الله عليه وسلم. وحكمة جعلهما تحت صدره أن يكون فوق أشرف الأعضاء وهو القلب، فإنه تحت الصدر مما يلى الجانب الأيسر. والعادة أن من احتفط على شىء جعل يديه عليه. 2 -وقال جماعة: يسن وضعهما تحت السرة، استنادا إلى الأثر الرابع المروى عن على. وقد علمت أنه ضعيف، وعليه أبو حنيفة وسفيان الثورى، وإسحاق بن راهويه وأبو إسحاق المروزى من أصحاب الشافعى. وعليه أحمد فى رواية ثانية عنه. 3-وهناك قول ثالث بالتخيير بينهما بلا ترجيح، وهو قول الأوزاعى وابن المنذر الذى قال فى بعض تصانيفه: لم يمبت عن النبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك شىء فهو مخير. وكذلك هو قول أحمد فى رواية ثالثة عنه كما قال ابن قدامة فى " المغنى " لأن الجميع مروى، والأمر فى ذلك واسع. قال الشوكانى فى " نيل الأوطار ": ولا شىء فى الباب أصح من حديث وائل بن حجر أهـ. وهو قول الأكثرين. أما أصحاب الرأى الثانى وهو إرسال اليدين إلى الجانبين لا وضعهما على الصدر فحجتهم فى ذلك ما يأتى: (أ) حديث جابر بن سمرة، قال: خرج علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "مالى أراكم رافعى أيديكم كأنها أخناب خيل شمس؟ اسكنوا فى الصلاة " رواه مسلم وأبو داود. قالوا: إن وضع اليدين على الصدر رفع لهما، ورفعهما منهى عنه 0 ورد ذلك بان هذا الحديث ورد على سبب خاص، فإن مسلما رواه أيضا عن جابر بلفظ: كنا إذا صلينا مع النبى صلى الله عليه وسلم وقلنا: السلام عليكم ورحمة اللَّه، السلام عليكم ورحمة اللَّه، وأشار بيديه إلى الجانبين، فقال لهم النبى صلى الله عليه وسلم " علام تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شُمس، إنما يكفى أحدكم أن يضع يديه على فخذه. ثم يسلم على أخيه من على يمينه ومن على شماله ". كما رد هذا الحديث بأن قياس وضع اليدين على الصدر على رفعهما عند السلام قياس مع الفارق، فإن وضعهما على الصدر ضم وتسكين لهما. أما رفهما عند السلام فحركة واضحة لا تناسب الخشوع. (ب) قالوا: إن وضع اليدين على الصدر مناف للخشوع المأمور به فى الصلاة، ورد قولهم هذا بأن المنافاة للخشوع ممنوعة. بل أن وضعهما على الصدر هو المساعد على الخشوع قال الحافظ: قال العلماء: الحكمة من هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل، وهو أمنع للعبث وأقرب إلى الخشوع. قال المهدى فى البحر: ولا معنى لقول أصحابنا " الشيعة ": ينافى الخشوع والسكون. (ج) كما احتجوا أيضا على أن إرسال اليدين سنة بأن النبى صلى الله عليه وسلم علم المسىء صلاته كيف يصلى، ولم يذكر وضع اليمين على الشمال. كذا حكاه ابن سيد الناس عنهم. قال الشوكانى: وهو عجيب، فإن النزاع فى استحباب الوضع لا وجوبه، وترك ذكره فى حديث المسىء صلاته إنما يكون حجة على القائل بالوجوب. وقد علم أن النبى صلى الله عليه وسلم اقتصر على ذكر الفرائض فى حديث المسىء أنتهى. هذا وعدم ذكر النبى صلى الله عليه وسلم لوضع اليدين فى حديث المسىء صلاته لا ينفى استحبابه الذى دل عليه قوله وفعله كما مر ذكره. أما أصحاب الرأى الثالث وهو التخيير بين وضع اليدين على الصدر وإرسالهما إلى الجانبين فاحتجوا بأن عدم ذكر شىء عنهما فى حديث المسىء صلاته يدل على عدم تعين كيفية خاصة، ورد ذلك بأن المأثور عن النبى صلى الله عليه وسلم فى قوله وفعله يعين استحباب وضعهما لا إرسالهما. وخلاصة الموضوع أن أرجح الأقوال هو استحباب قبض اليد اليمنى على رسغ اليد اليسرى، ووضعهما على أسفل الصدر فوق السرة، ويجوز إرسالهما عند السكون، وذلك هو قول الشافعية، هذا وليس هناك دليل صحيح على أن اليدين يسن وضعهما لأعلى الصدر عند العنق وأن أخذ بعض الناس من قوله تعالى {فصل لربك وانحر} أن المراد: ضع يدك اليمنى على اليسرى تحت النحر، تفسير لا أصل له يعتمد عليه، يقول ابن كثير: ويروى هذا عن على ولا يصح. كما ذكره الشوكانى، لأن المعنى-الصحيح للآية: اجعل يا محمد صلاتك وتقربك بنحر الإبل للَّه لا للأصنام كما يفعل المشركون. وأنبه إلى أن الأمر واسع كما قال ابن قدامة،. ولا يجوز التعصب لرأى من الآراء، والخلاف والتنازع فى هذه الهيئة البسيطة مع عدم الاهتمام بالخشوع الذى هو روح الصلاة والأساس الأول فى قبولها عند اللَّه، هو ظاهرة مرضية لا صحية. والإسلام قد نهى عن الجدل وبخاصة فى هذه الهيئات البسيطة (8/460) ________________________________________ قراءة البسملة فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم قراءة البسملة فى الصلاة؟
الجواب بسم اللَّه الرحمن الرحيم، آية من القرآن الكريم باتفاق العلماء، وهى آية من النمل {إنه من سليمان وإنه بسم اللَّه الرحمن الرحيم} أما كونها آية من كل ومن الفاتحة بالذات ففيه خلاف بين الفقهاء، بعضهم جعلها فاصلة بين كل سورتين، وبعضهم جعلها آية من كل، وعلى هذا لو لم يقرأها المصلى مع الفاتحة هل تصح صلاته أو لا تصح؟ هناك ثلاثة مذاهب مشهورة فى هذه المسالة، المذهب الأول أنها آية من الفاتحة ومن كل، فقراءتها واجبة فى الفاتحة، وحكمها حكم الفاتحة فى السر والجهر، وأقوى دليل لهذا المذهب حديث نعيم قال: صليت وراء أبى هريرة فقرأ بسم اللَّه الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن -أى الفاتحة- وجاء فى آخر الحديث قوله: " والذى نفسى بيده إنى لأشبهكُمْ صلاة برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ". رواه النسائى وابن خزيمة وابن حبان، وقال الحافظ ابن حجر: هو أصح حديث ورد فى البسملة. المذهب الثانى أنها آية مستقلة نزلت للتبرك والفصل بين السور، وقراءتها فى الفاتحة جائزة بل مستحبة، لكنها غير واجبة وتصح الصلاة بدونها، وهذا المذهب يقول: لا يجهر بالبسملة، ولكن تقال سرا. والدليل عليه قول أنس: صليت خلف الرسول وأبى بكر وعمر وعثمان وكانوا لا يجهرون ببسم اللَّه الرحمن الرحيم، رواه النسائى وابن حبان بإسناد على شرط الشيخين. والمذهب الثالث أنها ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها، وتصح الصلاة بدونها، وقراءتها مكروهة فى الفرض دن النافلة، وليس لهذا المذهب دليل قوى. ويمكن أن يقال:أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يجهر بها أحيانا وأحيانا كان يسر بقراءتها، وما دام الأمر خلافيا فلا يجوز التعصب لرأى من الآراء، وأرى أن الإتيان بها ينفع ولا يضر، وأن عدم الإتيان بها لا يفسد الصلاة (8/461) ________________________________________ قول آمين بعد الفاتحة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجب على من يقرا الفاتحة فى الصلاة أن يقول بعدها " آمين " وهل يجهر بها أو يسر؟
الجواب كلمة آمين معناها: اللهم استجب، وفيها لغتان مشهورتان: المد على وزن فاعيل مثل ياسين، والقصر على وزن يمين. وهى ليست من القراَن، ويسن قولها بعد كل دعاء، روى أبو داود عن أبى زهير النميرى أن النبى صلى الله عليه وسلم وجد رجلا يلح فى المسألة، أى الدعاء، فوقف يسمع منه ثم قال " أوجب إن ختم " وسئل عن الختم فقال "بآمين ". وفى الخبر " لقننى جبريل آمين عند فراغى من فاتحة الكتاب وقال: إنه كالخاتم على الكتاب. وثبت فى الحديث " إذا أمنَ الإمام فأمنوا، فإنه مَنْ وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه البخارى ومسلم وغيرهما بعبارات مختلفة ويستحب التأمين فى الصلاة للإمام والمأموم والمنفرد. يقول النووى فى " الأذكار ": ويجهر به الإمام والمنفرد فى الصلاة الجهرية، والصحيح أن المأموم أيضا يجهر به، سواء كان الجمع قليلا أو كثيرا، ويستحب أن يكون تأمين المأموم مع تأمين الإمام لا قبله ولا بعده - للحديث المتقدم - وليس فى الصلاة موضع يستحب أن يقترن فيه قول المأموم بقول الإمام إلا فى قوله آمين. وأما باقى الأقوال فيتأخر قول المأموم. وجاء فى تفسير القرطبى "ج 1 ص 129" أن العلماء اختلفوا: هل يقولها الإمام وهل يجهر بها فذهب الشافعى ومالك فى رواية المدنيين إلى ذلك، وقال الكوفيون وبعض المدنيين: لا يجهر بها. وروى ابن القاسم عن مالك أن الإمام لا يقولها بل يقولها المأمون، والدليل حديث مسلم " إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قال غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا: آمين، يحبكم اللَّه " والصحيح قول الإمام لها لحديث أبى داود والدارقطنى عن وائل بن حُجْر: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا قرأ "ولا الضالين " قال " آمين " يرفع بها صوته. وقال عطاء "آمين " دعاء، أمَّن ابن الزبير ومن وراءه، حتى إن للمسجد للجَّة أى صوتا أو دويا، قال الترمذى: وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، يرون أن يرفع الرجل صوته بالتأمين لا يخفيها، وبه يقول الشافعى وأحمد وإسحاق، وفى الموطا والصحيحين قال ابن شهاب: وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول "آمين " وفى سنن ابن ماجه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا قال " غير المغضوب عليهم ولا للضالين " قال " آمين " حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد. يقول القرطبى: قال أصحاب أبى حنيفة: الإخفاء بآمين أولى من الجهر بها، لأنه دعاء وقد قال اللَّه تعالى " ادعوا ربكم تضرعا وخفية " ورد عليه بأن إخفاء الدعاء أفصل لما يدخله من الرياء. أما صلاة الجماعة فشهودها إشهار شعار ظاهر، وإظهار حق يُنْدَبُ العباد إلى إظهاره، وقد ندب الإمام إلى إشهار قراءة الفاتحة المشتملة على الدعاء والتأمين فى آخرها، فإذا كان الدعاء مما يُسنُّ الجهر فيه فالتأمين على الدعاء تابع له وجارٍ مجراه. وهذا بيِّن. ثم تحدث القرطبى عن أن كلمة " آمين " لم تكتب قبلنا إلا لموسى وهارون عليهما السلام. ذكر حديث ابن ماجه " ما حسدتكم اليهود على شىء ما حسدتكم على السلام والتأمين " والمراد بالسلام هو تحية المسلمين لأنها تحية أهل الجنة، هذا وذكر الحافظ المنذرى هذا الحديث وقال: رواه ابن ماجه بإسناد صحيح وابن خزيمة فى صحيحه وأحمد ولفظه: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذكرت عنده اليهود فقال " إنهم لم يحسدونا على شىء كما حسدونا على الجمعة هدانا اللَّه لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التى هدانا اللَّه لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام آمين ". يؤخذ من هذا أنه يندب قول آمين لكل مصلٍّ قراءة الفاتحة كما يندب الجهر بها للإمام والمأموم وتحرى موافقة المأموم للإمام فيها، وذلك على رأى جمهور الفقهاء وفيه إظهار لشعيرة الصلاة والاجتماع عليها، وهو أولى بالأتباع من رأى أبى حنيفة لأمرين: أنه رأى الأغلبية الذى تؤيده النصوص القوية، وأن فيه إشهارًا وإعلامًا بشعيرة إسلامية ومظهرا من مظاهر الوحدة (8/462) ________________________________________ ركعتان قبل المغرب
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل هناك ركعتان سنة قبلية لصلاة المغرب؟
الجواب هناك أحاديث عامة يؤخذ من عمومها مشروعية صلاة ركعتين قبل المغرب، وهناك أحاديث خاصة بمشروعيتها. فمن الأحاديث العامة ما رواه البخارى ومسلم " بين كل أذانين - الأذان والإقامة - صلاة لمن شاء " وما رواه ابن حبان فى صحيحه " ما من صلاة مفروضة إلا وببن يديها ركعتان ". ومن الأحاديث الخاصة ما رواه البخارى ومسلم أن الصحابة كانوا يصلون ركعتين قبل المغرب قبل أن يخرج إليهم النبى صلى الله عليه وسلم. وفى رواية لمسلم وأبى داود، وقال أنس رآنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأمرنا ولم ينهنا، وقال عقبة: كنا نفعل على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كما رواه البخارى ومسلم، وجاء حديث البخارى وأحمد وأبى داود " صلوا ركعتين قبل المغرب لمن شاء ". يؤخذ من هذا أن مشروعية صلاة ركعتين قبل المغرب ثابتة بقول النبى صلى الله عليه وسلم وبإقراره، وكون الرسول لم يصلها لا ينفى الاستحباب، كما أن مشروعيتها ثابتة بفعله أيضا كما رواه ابن حبان. وبعض الفقهاء لم يستحبها بناء على ما روى عن عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما أنه لم ير أحدا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يصليهما. لكن رواية المثبت، وهو أنس، تقدم على رواية النافى وهو ابن عمر ذلك إلى جانب أن الأحاديث السابقة لم يرد ما ينسخها، فتبقى محكمة. وما يقال من أن صلاتهما تؤدى إلى تأخير صلاة المغرب قول مردود بأمر النبى بهما وبإقراره لهما، وبأن زمنهما يسير لا تتأخر به الصلاة عن أول وقتها " نيل الأوطار للشوكانى ج 2 ص 8 ". وجاء فى المواهب اللدنية القسطلانى (ج 2 ص 272، 273) أنهما مستحبتان عند الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وأصحاب الحديث، وعن الخلفاء الأربعة وجماعة من الصحابة أنهم كانوا لا يصلونها، رواه عنهم محمد بن نصر وغيره من طريق إبراهيم النخعى عنهم، وهو منقطع كما قال الزرقانى شارح المواهب، فادعى بعض المالكية نسخهما، وتُعُقِّب بأن دعوى النسخ لا دليل عليها. وعن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: حق على كل مؤمن إذا أذن المؤذن أن يركع ركعتين. ويتابع القسطلانى كلامه فيقول: وعن مالك قول أخر باستحبابهما، وهو عند الشافعية وجه رجحه النووي ومن اتبعه، وقال فى شرح مسلم: مجموع الأدلة يرشد إلى استحباب تخفيفهما، وقال المحب الطبري: لم يرد نفى استحبابهما لأنه لا يمكن أن يأمر بما لا يستحب، بل هذا الحديث من أول الأدلة على استحبابهما. وروى مسلم عن أنس: كنا بالمدينة إذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السوارى فركعوا ركعتين، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت، من كثرة من يصليهما. وبعد، فأرجو من المسلمين ألا يثيروا فتنة بسبب التعصب لمسائل فرعية خلافية. فمن شاء صلاهما ومن شاء لم يصلهما كما أرجو ألا يبادروا بالحكم على الأشياء قبل دراستها والتثبت منها ومعرفة آراء العلماء فيها، وأن تكون دعوتهم إلى ما يريدون دعوة قائمة على الحكمة والموعظة الحسنة (8/463) ________________________________________ عدد ركعات التراويح
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل صلى الرسول صلى الله عليه وسلم التراويح عشرين ركعة؟
الجواب روى البخارى وغيره عن السيدة عائشة رضى اللَّه عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم ما كان يزيد فى رمضان ولا فى غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلى ثلاثا. وقولها: " يصلى أربعا " لا ينافى أنه كان يسلم من ركعتين، وذلك لقول النبى صلى الله عليه وسلم " صلاة الليل مثنى مثنى ". وقولة " يصلى ثلاثا" معناه أنه يوتر بواحدة والركعتان شفع. روى مسلم عن عروة عن السيدة عائشة قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة، وجاء فى بعض الطرق لهذا الحديث: يسلم من كل ركعتين. وروى ابن حبان وابن خزيمة فى صحيحيهما عن جابر رضى اللَّه عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى بهم ثمانى ركعات والوتر، ثم انتظروه فى القابلة فلم يخرج إليهم. هذا هو ما صح من فعل النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يصح عنه شىء غيرذلك. لكن صح أن الناس كانوا يصلون على عهد عمر وعثمان وعلى رضى اللَّه عنهم عشرين ركعة، وهو رأى جمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة وداود. قال الترمذى: وأكثر أهل العلم على ما روى عن عمر وعلى وغيرهما من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم عشرين ركعة. وهو قول الثورى وابن المبارك والشافعى. وقال: هكذا أدركت الناس بمكة يصلون عشرين ركعة، وذهب مالك إلى أنها ست وثلاثون ركعة غير الوتر. قال الزرقانى فى شرح المواهب اللدنية: وذكر ابن حبان أن التراويح كانت أولا إحدى عشرة ركعة، وكانوا يطيلون القراءة، فثقل عليهم، فخففوا القراءة وزادوا فى عدد الركعات. فكانوا يصلون عشرين ركعة غير الشفع والوتر بقراءة متوسطة. ثم خففوا القراءة وجعلوا الركعات ستا وثلاثين غير الشفع والوتر. ومضى الأمر على ذلك. هذا، وقد قال الحافظ فى الجمع بين الروايات: أن ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة وتخفيفها، فحيث تطؤل القراءة تقلل الركعات، وبالعكس. وبه جزم الداودى وغيره. ثم ذكر الحافظ أن أهل المدينة كانوا يصلونها ستا وثلاثين لمساواة أهل مكة، فإنهم كانوا يطوفون سبعا بين كل ترويحتين، فجعل أهل المدينة مكان كل سبع أربع ركعات (8/464) ________________________________________ اختلاف الصلاتين بين الإمام والمأموم
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل تصح صلاة الظهر خلف إمام يصلى العصر؟
الجواب لو صلى المأموم الظهر خلف إمام يصلى العصر مثلا، أو صلى خلف إمام يصلى نافلة، أو صلى أداء خلف قضاء فهل تصح الصلاة؟ الإمام الشافعى أجاز الإقتداء بأى إمام يصلى أية صلاة، فرضا كانت أو نافلة قضاء أو أداء، ما دامت صلاة الإمام ذات ركوع وسجود، والممنوع هو صلاة فرض أو نفل خلف من يصلى صلاة الجنازة لخلوها من الركوع والسجود. وخلف صلاة الكسوف. أما عند غير الشافعى فقد جاء فى فقه المذاهب الأربعة: أنه لا يجوز إقتداء المفترض بالمتنقل إلا عند الشافعية، وأن من شروط صحة الإمامة اتحاد فرض الإمام والمأموم، فلا تصح صلاة ظهر خلف عصر، ولا ظهر أداء خلف ظهر قضاء ولا عكسه، ولا ظهر يوم السبت خلف ظهر يوم الأحد وإن كان كل منهما قضاء، وذلك عند الأحناف والمالكية، أما الشافعية والحنابلة فقالوا: يصح الإقتداء فى كل ما ذكر، إلا أن الحنابلة قالوا: لا يصح ظهر خلف عصر ولا عكسه ونحو ذلك، والشافعية قالوا: يشترط اتحاد صلاة المأموم وصلاة الإمام فى الهيئة والنظام، فلا يصح ظهر مثلا خلف صلاة جنازة لاختلاف الهيئة، ولا صلاة صبح مثلا خلف صلاة كسوف، لأن صلاة الكسوف ذات قيامين وركوعين ومذهب الشافعى أيسر المذاهب فى هذا الموضوع (8/465) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 11:52 pm | |
| انفراد المأموم عن الصف
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم المأموم الذى يصلى منفردا خلف الصفوف؟
الجواب 1 - عن أنس رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم " سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة " رواه البخارى ومسلم، وفى رواية للبخارى عن أبى هريرة " فإن إقامة الصف من حسن الصلاة ". 2 - وعن أنس رضى الله عنه قال، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل علينا بوجهه قبل أن يكبر فيقول " تراصوا واعتدلوا " رواه البخارى ومسلم. 3- وعن أبى أمامة رضى الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم " سووا صفوفكم، وحافوا بين مناكبكم، ولينوا فى أيدى إخوانكم، وسدوا الخلل فإن الشيطان يدخل فيها بينكم بمنزلة الحذف " يعنى أولاد الضأن الصغار. رواه أحمد. 4 - وعن جابر بن سمرة رضى اللَّه عنه قال: خرج علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال " ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها " فقلنا يا رسول اللَّه كيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال " يتمون الصف الأول، يتراصون فى الصف " رواه الجماعة إلا البخارى والترمذى. التسوية والاعتدال والإقامة والاستقامة معناها: اتخاذ سمت واحد وعدم الاعوجاج، والتراص عدم وجود فرج، وقد يراد به التسوية. تدل هذه الأحاديث على ندب التسوية فى الصفوف وسد الفرج وإتمام الصف الأول، وجاءت أحاديث صحيحة بفضل الصلاة فى الصف الأول، وأنه خير من الصف الذى يليه. وبهذا يعلم أن المصلى لو دخل فوجد الجماعة مقامة وأن الصف الأول غير تام أو فيه فرجة فانفراده بصف مكروه، ولا خلاف فى ذلك، لكن هل مع الكراهة تصح صلاته أو تبطل وعليه إعادتها؟ الجواب عن ذلك يترتب على بيان الحكم فيمن لم يجد فرصة فى الصف الأول فصلى وحده، وقد وردت فى ذلك أحاديث منها: 1 - عن على بن شيبان أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلى خلف الصف فوقف حتى انصرف الرجل فقال له " استقبل صلاتك، فلا صلاة لمنفرد خلف الصف " رواه أحمد وابن ماجه، وقال أحمد: انه حديث حسن. 2 - عن وابصة بن معبد أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلى خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد صلاته. أخرجه الخمسة إلا النسائى، ورواه الدارقطنى وابن حبان وحسنه الترمذى. 3 - عن أبى بكرة أنه انتهى إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فقال " زادك اللَّه حرصا ولا تعد "، أخرجه أحمد والبخارى وأبو داود والنسائى وابن حبان. إزاء هذه الأحاديث اختلف السلف فيمن لم يجد فرجه ولا سعة فى الصف الأول فصلى وحده. أ - فقالت طائفة: لا يجوز ولا تصح صلاته. وممن قال به النخعى وأحمد وإسحاق، وحجتهم الحديثان الأولان، وعلى قولهم هذا يكون الحكم من باب أولى على من تمكن من الدخول فى الصف الأول ولم يدخل بل صلى وحده. ب - وقالت طائفة أخرى: تجوز صلاته ولا إعادة عليه، ومنهم الحسن البصرى والأوزاعى ومالك والشافعى وأصحاب الرأى، وحجتهم فى ذلك الحديث الثالث، حيث لم يأمر النبى صلى الله عليه وسلم أبا بكرة بالإعادة، ومثل هذا الحكم فيمن صلى وحده مع وجود فرجة فى الصف الأول. ورد هؤلاء على حجة الأولين بأن الأمر بالإعادة فى حديث وابصة هو للندب، للمبالغة فى المحافظة على الأولى والأحسن. ومن متمسكاتهم ما روى أن الشافعى كان يضعف حديث وابصة ويقول: لو ثبت لقلت به، ولكن البيهقى-وهو من الشافعية- قال: إن الخبر المذكور ثابت وهناك اتجاه للجمع بين الأخبار، وهو: أن الأمر بالإعادة يحمل على من انفرد عن الصف لغير عذر، والأمر على سبيل الوجوب عند أحمد والندب عند غيره، ويحمل عدم الأمر بالإعانة على من انفرد عن الصف لعذر، مع خشية الفوات لو انضم إلى الصف. وفسّر الشراح قول النبى صلى الله عليه وسلم لأبى بكرة " ولا تعد " بمعنى لا تعد إلى التأخر عن الصلاة، أو لا تعد إلى الإتيان إلى الصلاة مسرعا، وذلك مبنى على الخلاف فى التاء من " تعد" هل هى مفتوحة أو مضمومة. وعلى هذا من لم يجد فرجة ولا سعة فى الصف فما الذى يفعله؟ قيل: يقف منفردا ولا يجذب إلى نفسه أحدا، لأنه لو جذبه إليه لفؤت عليه فضيلة الصف الأول، ولأوقع الخلل فى الصف. وبهذا قال الطبرى، وحكاه عن مالك. وقال أكثر أصحاب الشافعى: يجذب إلى نفسه واحدا، ويستحب للمجذوب أن يساعده، وروى عن عطاء والنخعى أن الداخل إلى الصلاة والصفوف قد استوت واتصلت يجوز أن يجذب إلى نفسه واحدا ليقوم معه، واستقبح ذلك أحمد وإسحاق، وكرهه الأوزاعى ومالك. وقال بعضهم: جذب الرجل فى الصف ظلم. واستدل القائلون بالجواز بما رواه الطبرانى فى الأوسط والبيهقى من حديث وابصة: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لرجل صلى خلف الصف " أيها المصلى، هلا دخلت فى الصف أو جررت رجلا من الصف، أعد صلاتك " وهو ضعيف ورواه أبو داود مرسلا، وما رواه الطبرانى عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما فى جذب رجل إليه إسناده واه. " انظر نيل الأوطار للشوكانى ج 3 ص 226 " (8/466) ________________________________________ القراءة خلف الإمام
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم قراءة المأموم خلف الإمام؟
الجواب قراءة المأموم خلف الإمام فيها خلاف كبير للفقهاء، نشرت خلاصته فى كتاب " الإسلام ومشاكل الحياة " جاء فيها: أن القراءة إما أن تكون للفاتحة أو للسورة والآية، فقراءة المأموم للفاتحة واجبة عند الإمام الشافعى إلا إذا كان مسبوقا بجميع الفاتحة أو بعضها فإن الإمام يتحمل عنه ما سبق به فى الركعة الأولى إن كان الإمام أهلا للتحمل، ودليله حديث " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " رواه البخارى ومسلم. وعند الحنفية مكروهة كراهة تحريم فى الصلاة السرية والجهرية لحديث " من كان له إمام فقراءة الإمام قراءة له " وهو حديث ضعيف وقد أثر هذا المنع عن ثمانين من كبار الصحابة، وإعمالا للنصين قال الشافعى: إن عدم قراءة المأموم خاص بالسورة لا بالفاتحة. وعند المالكية أن القراءة خلف الإمام مندوبة فى الصلاة السرية، مكروهة فى الصلاة الجهرية، إلا إذا قصد مراعاة الخلاف فتندب. وكذلك قال الحنابلة إنها مستحبة فى السرية وفى سكتات الإمام فى الجهرية، وتكره حال قراءة الإمام فى الصلاة الجهرية. هذا حكم قراءة الفاتحة، أما قراءة غيرها فهى سنة عند الشافعية إذا لم يسمع المأموم قراءة الإمام، أما إذا سمع فلا تسن له. وقال الحنفية: لا يجوز للمأموم أن يقرأ خلف الإمام مطلقا لا الفاتحة ولا السورة، وقال المالكية: تكره القراءة للمأموم فى الجهرية وإن لم يسمع أو سكت الإمام. وقد روى فى ذلك حديث عبادة بن الصامت، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: " إنى أراكم تقرءون وراء إمامكم " قال: قلنا يا رسول اللَّه إى واللَّه، قال: " لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن يقرأ بها " رواه أبو داود والترمذى. وفى لفظ: " فلا تقرءوا بشىء من القرآن إذا جهرت به إلا بأم القرآن " رواه أبو داود والنسائى والدارقطنى وكلهم ثقات. هذا وروى أبو داود وأحمد والترمذى وقال حديث حسن، عن الحسن بن سمرة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يسكت سكتتين، إذا استفتح الصلاة - يعنى بعد تكبير الإحرام -وإذا فرغ من قراءة الفاتحة. قال الخطابى: إنما كان يسكت فى الموضعين ليقرأ من خلفه فلا ينازعونه القراءة إذا قرأ. وفى الحديث المتقدم الذى رواه أبو داود وغيره قال النووى، عن أصحاب الشافعى: يسكت قدر قراءة المأمومين للفاتحة، وقد ذهب إلى استحباب هذه السكتات الثلاثة - قبل دعاء الاستفتاح، وبعد الفاتحة، وقبل الركوع - الأوزاعى والشافعى وأحمد وإسحاق. وقال أصحاب الرأى- أبو حنيفة وأصحابه -ومالك: السكتة مكروهة. وللمأموم أن يختار من هذه الآراء ما يشاء دون تعصب ضد من يختار رأيا آخر، والموضوع مبسوط فى تفسير القرطبى " ج 1 ص 117 -127 " لمن أراد الإطلاع على أدلة الأقوال ومناقشتها، فيرجع إليه (8/467) ________________________________________ إمامة الفاسق
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يجوز لرجل يتعاطى المخدرات أن يكون إماما فى الصلاة؟
الجواب روى البخارى أن عبد اللَّه بن عمر كان يصلى خلف الحجاج ابن يوسف الثقفى، وروى مسلم أن أبا سعيد الخدرى صلى خلف مروان صلاة العيد، وصلى عبد الله بن مسعود خلف الوليد بن عقبة بن أبى معيط وكان يشرب الخمر، وفى مرة صلى الصبح بالمصلين أربع ركعات فجلده عثمان بن عفان على ذلك، وكان الصحابة والتابعون يصلون خلف ابن عبيد، وكان متهما بالإلحاد وداعيا إلى الضلال. فكل من صحت صلاته لنفسه صحت صلاته لغيره ما لم يكن أقل منه. ولكن الصلاة خلف المنحرفين مكروهة، فقد حدث أن رجلا أمَّ قوما فبصق جهة القبلة والرسول ينظر إليه فقال: " لا يصلى لكم " فمنعوه من الصلاة من أجل ذلك، ولما شكا للرسول قال له " نعم، إنك آذيت اللَّه ورسوله " رواه أبو داود وابن حبان، وسكت عنه أبو داود والمنذرى فهو حديث مقبول. فإذا وجد شخص مستقيم كانت الصلاة خلفه أولى. أما إذا تحتم المشبوه أو المنحرف لأن وظيفته الإمامة مثلا جازت الصلاة خلفه مع القيام بواجب نصحه ليرضى عنه الناس ويستريحوا لإمامته، فقد جاء فى الحديث الذى رواه ابن ماجه وابن حبان فى صحيحه " ثلاثة لا يقبل اللَّه منهم صلاة: إمام قوم وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها غضبان، وأخوان متصارمان ". هذا، ومع كون الصلاة خلف الفاسق مكروهة فهى صحيحة غير باطلة، ويؤيد ذلك إلى جانب ما سبق من روايات البخارى ومسلم حديث البيهقى " صلوا خلف كل بر وفاجر، صلوا خلف كل بر وفاجر، وجاهدوا مع كل بر وفاجر". جاء فى تفسير القرطبى "ج 1 ص 326 " قوله: وأما أهل البدع من أهل الأهواء كالمعتزلة والجهمية وغيرها فذكر البخارى عن الحسن: صَل وعليه بدعته، وقال أحمد لا يصلى خلف أحد من أهل الأهواء إذا كان داعية إلى هواه، وقال مالك: ويصلى خلف أئمة الجور، ولا يصلى خلف أهل البدع من القدرية وغيرهم، وقال ابن المنذر: كل من أخرجته بدعته إلى الكفر لم تجز الصلاة خلفه، ومن لم يكن كذلك فالصلاة خلفه جائزة، ولا يجوز تقديم مَنْ هذه صفته. ثم قال القرطبى: وأما الفاسق بجوارحه كالزانى وشارب الخمر ونحو ذلك فاختلف المذهب - المالكى-فيه، فقال ابن حبيب: من صلى وراء من شرب الخمر فإنه يعيد أبدا-حتمًا -إلا أن يكون الوالى الذى تؤدى إليه الطاعة، فلا إعادة على من صلى خلفه إلا أن يكون حينئذ سكران، قاله من لقيت من أصحاب مالك. ثم ذكر القرطبى حديثا فيه " ولا يؤمَّن فاجر برًا إلا أن يكون ذا سلطان " وحكم بأنه ضعيف (8/468) ________________________________________ الأذان والطهارة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل صحيح أن المؤذن إذا لم يكن طاهرا يكون سببا فى كثرة الأمراض؟
الجواب لم يقل أحد من الفقهاء بأن المؤذن يجب أن يكون متطهرا من الحدث والنجس، وأن الأذان بغير طهارة باطل، ولكن الطهارة أفضل، وما يقال من أن الأذان بغير وضوء يكثر الآفات فلا أصل له، وهو كلام يقصد منه الحث على الطهارة (8/469) ________________________________________ القيام للأذان
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نرى بعض الناس إذا سمعوا الأذان يظلون واقفين ولا يجلسون، فما هو رأى الدين فى ذلك؟
الجواب إذا سمع الإنسان الأذان وهو واقف لا يلزمه الاستمرار فى الوقوف حتى ينتهى الأذان، فله أن يجلس ويتحرك كما يشاء، ولم يرد بذلك حديث صحيح ولا ضعيف، كما أنه لا يشرع له الجلوس عند سماع الأذان إذا كان مضطجعا، فله أن يحكى ألفاظ الأذان مع المؤذن وهو مضطجع، لأن الآية وردت فى جواز ذكر الله تعالى على كل حال لأولى الألباب قال تعالى {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والأرض} آل عمران: 191، وروى مسلم فى صحيحه عن عائشة رضى الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه (8/470) ________________________________________ تقبيل الأصابع عند الأذان
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نرى بعض من يسمعون الأذان يقبلون أصابعهم ويمسحون بها عيونهم عند ذكر النبى صلى الله عليه وسلم، فهل هذا مشروع؟
الجواب مسح العينين بالأصابع عند سماع الشهادة برسالة النبى صلى الله عليه وسلم فى الأذان، وقول: مرحبا بحبيبى محمد بن عبد الله وقرة عينى، والدعاء بالشفاعة -لم يرد به نص صحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم. وقد عزا الديلمى فى الفردوس هذا الفعل لأبى بكر الصديق رضى الله عنه وأن النبى صلى الله عليه وسلم قال - لما رآه فعل ذلك "من فعل مثل ما فعل خليلى فقد حلت له شفاعتى" وهو غير صحيح كما قال الحافظ السخاوى، بل اخترعت أحاديث تذكر أن من فعل ذلك لم ترمد عيناه أبدا، منها ما ذكره أحمد بن أبى بكر الرداد اليمنى فى كتابه " موجبات الرحمة وعزائم المغفرة " بسند فيه انقطاع ومجاهيل أن الذى قال ذلك هو الخضر عليه السلام. وما ذكره شمس الدين محمد بن صالح المدنى فى تاريخه مرويا عن الحسن رضى الله عنه. وما ذكره صاحب " المسائل الملقوطة " أن نور الدين الخراسانى العالم المشهور بمدية شيراز كان يفعل ذلك من غير رواية حديث، ولما تركه مرضت عيناه، فرأى الرسول صلى الله عليه وسلم فى المنام فأمره أن يعود لمسح عينيه ففعل فبرئت عيناه. ذكر ذلك الشيخ عبد الله محمد الصديق الغمارى الحسنى " مجلة الإسلام - المجلد الرابع - العدد 29 " وذكر فى حاشية الصعيدى على كفاية الطالب الربانى على رسالة أبى زيد القيروانى فى مذهب الإمام مالك (ج 1 ص 165 المطبعة العثمانية) وانظر المنحة الوهبية ج 2 ص 36 (8/471) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 11:54 pm | |
| الأوقات التى تكره فيها الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هى الأوقات التى تحرم أو تكره فيها الصلاة؟
الجواب روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس " وروى مسلم أن عمرو بن عبسة سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال له " صل صلاة الصبح ثم اقعد عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع، فإنها تطلع بين قرنى شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صل فان الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم اقعد عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفىء فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلى العصر، ثم اقعد عن الصلاة حتى تغرب، فإنها تغرب بين قرنى شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار ". وروى الجماعة إلا البخارى عن عقبة بن عامر قال: ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلى فيهن وأن نقبر فيها موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وحين تضَيَّفُ - تميل - للغروب حتى تغرب. فالأوقات المذكورة فى هذه الأحاديث خمسة: بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، وعند طلوعها حتى ترتفع قدر رمح، وعند استواء الشمس فى وسط السماء، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، وعند غروبها. وهناك وقت آخر جاء فى صحيح مسلم وهو عند إقامة الصلاة " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة". والصلاة المنهى عنها فى هذه الأوقات هى النافلة عند الجمهور، وقصرها الشافعى على النافلة التى لا سبب لها، أو التى لها سبب متأخر كالاستخارة. وأبو حنيفة منع كل أنواع الصلاة حتى المفروضة، ما عدا عصر اليوم وصلاة الجنازة. هذا هو الحكم إجمالا، وهناك تفصيلات فى المذاهب نلخصها فيما يلى: أولا: مذهب الحنفية: قالوا: يكره التنفل تحريما فى أوقات هى: 1 - بعد طلوع الفجر قبل صلاة الصبح، إلا سنتها فلا تكره. 2-بعد طلوع الصبح حتى تطلع الشمس، فلا يصلى فى هذا الوقت نافلة ولو سنة الفجر إذا فاته، لأنها متى فاتت وحدها سقطت ولا تعاد. 3-بعد صلاة فرض العصر إلى غروب الشمس. 4 - بعد الغروب قبل صلاة المغرب إذا أطال، أما صلاة ركعتين خفيفتين فهى مباحة لأنه لم يثبت دليل على الكراهة. 5-عند خروج الخطيب من خلوته للخطبة. 6 - عند إقامة المؤذن للصلاة المكتوبة، إلا سنة الفجر إذا أمن فوت الجماعة فى الصبح. 7 -قبل صلاة العيد وبعدها. 8-بين الظهر والعصر المجموعتين فى عرفة جمع تقديم، ولو سنة الظهر. 9 -بين المغرب والعشاء المجموعتين فى المزدلفة جمع تأخير، ولو سنة المغرب. 10 -عند ضيق وقت المكتوبة. وإذا وقع النفل فى وقت من هذه الأوقات انعقد مع الكراهة التحريمية، ويجب قطعه وأداوه فى وقت الجواز. ولا تنعقد صلاة الفريضة والجنازة وسجدة التلاوة فى ثلاثة أوقات: 1-وقت طلوع الشمس حتى ترتفع، فلو شرع فى صلاة الصبح ثم طلعت عليه الشمس أثناءها بطلت صلاته. 2-وقت توسط الشمس فى كبد السماء إلى أن تزول. 3-عند احمرار الشمس حتى تغيب، ويستثنى من ذلك عصر اليوم الحاضر، فإنه يصح أداؤه عند غروب الشمس مع الكراهة التحريمية. ثانيا - مذهب الحنابلة: قالوا: يحرم التنفل ولا ينعقد ولو كان له سبب فى أوقات ثلاثة: 1 -من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس قدر رمح، ما عدا ركعتى الفجر فإنها تصح فى هذا الوقت قبل صلاة الصبح، وتحرم ولا تنعقد بعده. 2 -من صلاة العصر ولو مجموعة مع الظهر تقديما إلى غروب الشمس. إلا سنة الظهر فإنها تجوز بعد العصر المجموعة مع الظهر. 3- عند توسط الشمس، فى كبد السماء حتى تزول، ما عدا ركعتى الطواف فإنها تصح فى هذه الأوقات مع كونها نافلة، ومثلها تحية المسجد حال خطبة الإمام، أما صلاة الجنازة فتحرم وقت توسط الشمس فى كبد السماء، وفى وقت شروعها فى الغروب حتى يتكامل، وفى وقت طلوعها حتى يتكامل، ولا تنعقد إلا لعذر. ثالثا - الشافعة: قالوا: تكره النافلة التى ليس لها سبب تحريما، وكذلك التى لها سبب متأخر، ولا تنعقد فى خمسة أوقات: 1 - بعد صلاة الصبح أداء إلى أن تطلع الشمس. 2 -عند طلوعها إلى ارتفاعها قد رمح. 3-بعد صلاة العصر أداء ولو مجموعة مع الظهر فى وقته. 4 - عند اصفرار الشمس حتى تغرب. هـ -عند استواء الشمس فى كبد السماء حتى تزول. ويستثنى من ذلك الصلاة بمكة، فإنها تنعقد بلا كراهة فى أى وقت من الأوقات كما يستشنى أيضا من الاستواء يوم الجمعة. نعم تحرم الصلاة مطلقا بعد جلوس الخطيب على المنبر يوم الجمعة إلا تحية المسجد، ويكره تنزيها التنفل عند إقامة الصلاة المكتوبة غير الجمعة، أما هى فيحرم التنفل عند إقامتها إن ترتب عليه فوات ركوعها الثانى مع الإمام. رابعا - المالكية: قالوا: يحرم التنفل فى سبعة أوقات: 1 -من ابتداء طلوع الشمس إلى تمامه. 2 -من ابتداء غروب الشمس إلى تمامه. 3-حال خطبة الجمعة اتفاقا، والعيد على الراجح. 4 - حال خروج الإمام للخطبة. 5 - حال ضيق الوقت الاختيارى أو الضرورى للمكتوبة. 6 - حال تذكر الفائتة. 7 - حال إقامة الصلاة للإمام الراتب. ويكره التنفل فى خمسة أوقات: 1 -بعد طلوع الفجر إلى قبيل طلوع الشمس، ما عدا سنة الفجر وصلاة الشفع والوتر إذا لم يصلهما حتى طلع الفجر، وصلاة الجنازة وسجود التلاوة فى أحوال خاصة. 2-بعد طلوع الشمس حتى ترتفع قدر رمح. 3-بعد أداء صلاة العصر إلى قبيل الغروب، ما عدا بعض أشياء. 4 -بعد تمام الغروب إلى أن تصلى المغرب. 5 - قبل صلاة العيد أو بعدها بالمصلى. هذه هى أقوال المذاهب الأربعة، وأيها يطمئن إليه القلب فلا حرج فى أتباعه. ولا يجوز أن يخطئ بعضنا بعضا فى ذلك، وإن كان مذهب الشافعى فى رأيى أقرب إلى الحق. هذا وجمهور العلماء على جواز قضاء الصلاة الفائتة فى الوقت الذى بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر، لحديث البخارى ومسلم "من نسى صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك " (8/472) ________________________________________ صلاة غير المحجبة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال أنا غير محجبة ولكن أصوم رمضان 0 فهل يقبل الله صلاتى وصيامى؟
الجواب العبادة إذا صحت يرجى أن يقبلها الله إذا كانت خالصة لوجهه، ولا ينبغى أن نجزم بالقبول، فالأمر مفوض إلى الله سبحانه وهو القائل "إنما يتقبل الله من المتقين " والراجح أن المراد بالمتقين هنا المؤمنون لا المشركون، لأنها وردت فى قصة هابيل وقابيل، أما المتقون من المؤمنين فهم الذين لا يعصون الله، وإن عصوه بادروا بالتوبة، وهؤلاء أعمالهم الصالحة مقبولة كما أخبر الله، وذلك من باب التفضل منه، وليس من باب الوجوب عليه وهم فى الدرجة العليا من القبول. أما المؤمنون الذين يعصون الله فإن أعمالهم الصالحة لا يحرمهم الله من قبولها، كما قال سبحانه {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} الكهف: 30، إلى جانب أن يعاقبهم الله على سيئاتهم كما قال سبحانه {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} الزلزلة: 7، 8. فالتى تصلى وتصوم صوما صحيحا خالصا لوجه الله يرجى قبول عملها، ومع ذلك تعاقب على خلع الحجاب لأنه معصية، وإذا كان الله سبحانه وتعالى يقول {إن الحسنات يذهبن السيئات} هود: 114، فهو أعلم بحجم المعصية وهل يمكن لثواب الطاعة أن يذهب عقابها، ذلك أمر موكول إليه سبحانه. والمؤمن لا ينبغى أن يركن إلى العفو ويؤمل المغفرة، وينزع من قلبه الخشية والخوف من الله حتى لا يتمادى فى العصيان. بل الواجب عليه إذا فعل معصية أن يبادر بالاستغفار والتوبة حتى يغفر الله له. قال تعالى {وإنى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} طه: 82، وفى الحديث الذى رواه الترمذى " اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن ". وأنبه إلى أن المتمردة على الحجاب غير خائفة من الله، لا تبالى بأمره ولا تخشى عقابه، فهل إذا صلت أو صامت تكون خائفة من عقاب الله إذا لم تصل ولم تصم؟ لو كانت صلاتها أو صيامها مع هذا الخوف اللازم للقبولا لكان لهذا الخوف أثره على سلوكها فالتزمت الحجاب، فتمردها على الحجاب أمارة على أنها كانت تصلى وتصوم بدون خوف من الله، وبالتالى لا يقبل الله منها صلاتها ولا صيامها. قال تعالى {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت: 45، وفى المأثور: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا. روى من حديث الحسن مرسلا بإسناد صحيح. ورواه الطبرانى وأسنده ابن مردويه فى تفسيره بإسناد لين، والطبرانى من قول ابن مسعود: من لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهه عن المنكر لم يزدد من الله إلا بعدا وإسناده صحيح " العراقى على الإحياء ج 1 ص 134 " وفى الحديث الصحيح أن امرأة ذكرت عند الرسول صلى الله عليه وسلم بكثرة صيامها وصلاتها غير أنها تؤذى جيرانها بلسانها فأخبر أنها لا خير فيها وأنها فى النار. فالخلاصة أن علامة قبول الطاعة استقامة السلوك، مع العلم بأن قبول العبادة شىء وصحتها شىء آخر، فقد تكون الصلاة صحيحة بأركانها وشروطها ولكنها غير مقبولة عند الله ولا يحكم عليها بأنها باطلة فليس هناك ربط بين الصحة والقبول. وقد جاء فى الحديث " إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته أو تسعها أو ثمنها أو سبعها أو سدسها أو خمسها أو ربعها أو ثلثها أو نصفها " رواه أبو داود والنسائى وابن حبان فى صحيحه. ومع كل ما تقدم لا ننسى قوله الله تعالى {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} النساء: 48، لكن لا ينبغى أن نرتكن على المشيئة فربما لا يشاء الله المغفرة للإنسان، كما لا ينبغى الارتكان على قوله تعالى {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم، إن الله غفور رحيم} التوبة: 102، بل ينبغى أن نبادر بالتوبة من المعصية رجاء أن يختم الله لنا بالخير (8/473) ________________________________________ القراءة فى الصلاة من المصحف
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نرى كثيرا ممن يصلون التراويح يمسكون المصحف بأيديهم ويقرءون منه ثم يضمونه ويضعونه فى جيوبهم أو على كرسى، ثم يأخذونه مرة ثانية، فما رأى الدين فى ذلك؟
الجواب معلوم أن قراءة بعض القرآن بعد الفاتحة سنة فى الركعتين الأوليين من الصلاة، وذلك للإمام والمنفرد، ولو تركت القراءة فالصلاة صحيحة وإن قلَّ ثوابها. وإذا أحب المصلى أن يقرأ فليقرأ ما يحفظه ولو كرره فى الركعات والصلوات، ولا يلزمه تغيير ما يحفظه، فإذا أراد أن يقرأ ما لم يحفظ احتاج إلى مصحف أو مكتوب فيه قرآن، فهل يجوز ذلك؟ أخرج الإمام مالك أن ذكوان مولى السيدة عائشة رضى الله عنها كان يؤمها فى رمضان ويقرأ من المصحف، ولا بأس بذلك كما ذهب إليه الشافعية، والشرط ألا يفعل حركات تبطل الصلاة، كوضع المصحف ثم حمله وفتحه ليقرأ منه، فإن ثلاث حركات ليس بينها فاصل طويل تبطل الصلاة، وقد يستعان على عدم كثرة الحركات بوضع المصحف ذى الخط الكبير على شىء مرتفع أمام المصلى ليقرأ منه الصفحة والصفحتين، ولا يحتاج إلى تقليب الأوراق كثيرا، والقليل من التقليب لا يبطل الصلاة، قال النووى فى المجموع: ولو قلَّب أوراق المصحف أحيانا فى صلاته لم تبطل. من هذا نرى أن القراءة فى الصلاة من المصحف جائزة عند المالكية، ولكن محل ذلك هو فى التراويح والنوافل، أما فى صلاة الفرض، فمكروهة، لكن الصلاة صحيحة، وكذلك جائزة عند الشافعية والحنابلة كالمالكية فى الجواز فى النفل والكراهة فى الفرض مع صحة الصلاة، أما الحنفية فقد نقل عن الإمام أبى حنيفة أنها تبطل الصلاة إذا لم يكن حافظا، لأنه عمل طويل. ولأن التلقُّن من المصحف كالتلقن من غيره، ومثل الحنفية الظاهرية فى البطلان. ومن أدلة المجيزين ما سبق ذكره عن مولى السيدة عائشة وأخرجه مالك. وسئل الزهرى عن رجل يقرأ فى رمضان فى المصحف فقال: كان خيارنا يقرءون فى المصحف، ومن أدلة المانعين ما رواه ابن أبي داود فى " كتاب المصاحف " أن ابن عباس قال: نهانا أمير المؤمنين أن نؤم الناس فى المصاحف. وروى عن بعض التابعين كراهته. والشرط عند الجواز عدم الفعل الكثير. والأولى أن يكون ذلك لغير الحافظين وفى النوافل، واختلافهم رحمة (8/474) ________________________________________ الذكر بين ركعات التراويح
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال للذين يصلون التراويح جماعة بعض أذكار يقولونها بين كل ركعتين أو أربع ركعات، ويرى بعضهم أنها بدعة غير مشروعة، فما هو رأى الدين فى ذلك؟
الجواب ليس هناك نص يمنع من الذكر أو الدعاء أو قراءة القراَن فى الفصل بين كل ركعتين من التراويح أو كل أربع منها مثلا، وهو داخل تحت الأمر العام بالذكر فى كل حال. وكون السلف الذين يؤخذ عنهم التشريع لم يفعلوه لا يدل على منعه، إلى جانب أن النقل عنهم فى منع الذكر المذكور غير موثوق به. وهذا االفاصل يشبه ما كان يفعله أهل مكة من قيامهم بالطواف حول البيت سبعا بين كل ترويحتين، الأمر الذى جعل أهل المدينة يزيدون عدد التراويح على العشرين، تعويضا عن هذا الطواف، وهو أسلوب تنظيمى يعرفون به عدد ما صلوه، إلى جانب ما فيه من تنشيط للمصلين، فلا مانع مطلقا، وبهذا لا يدخل تحت اسم البدعة، فالنصوص العامة تشهد له، فضلا عن عدم معارضته لها، ولئن يسمى بدعة فهو على نسق قول عمر رضى الله عنه: نعمت البدعة هذه، عند ما رأى تجمع المسلمين لصلاة التراويح خلف أبى بن كعب (8/475) ________________________________________ حكم صلاة الجماعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل صحيح أن صلاة الجماعة واجبة، ومن صلى منفردا أثم وبطلت صلاته؟
الجواب وردت عن النبى صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث صحيحة فى صلاة الجماعة تحث عليها وتبين فضلها وتحذر من تركها والتهاون فيها. وللعلماء إزاء هذه الأحاديث آراء ألخصها فيما يلى: الرأى الأول: قال أحمد بن حنبل: إنها فرض عين على كل قادر عليها، وذهب إلى ذلك عطاء والأوزاعى وأبو ثور، ومن أهل الحديث ابن خزيمة، وابن حبان، كما ذهب إليه الظاهرية الذين يأخذون بظاهر النصوص. ومع قول هؤلاء بفريضة الجماعة اختلفوا. هل الفرضية شرط فى صحة الصلاة فتبطل بدونها، أو ليست شرطا فتصح بدون جماعة مع الإثم؟ والمجال لا يتسع لتفصيل ذلك. ومن أدلة الموجبين وجوبا عينيا للجماعة فى الصلاة ما يأتى: 1 - حديث مسلم والنسائى وغيرهما عن أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال: أتى النبى صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: يا رسول الله ليس لى قائد يقودنى إلى المسجد، فسأله أن يرخص له ليصلى فى بيته، فرخص له، فلما ولى الرجل دعاه فقال " هل تسمع النداء بالصلاة"؟ قال: نعم. قال " فأجب ". وجاء مثل هذا فى رواية أحمد وابن حبان والطبرانى، وفيها أن الأعمى هو عبد الله ابن أم مكتوم. ووجه الاستدلال فى هذا الحديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يرخص فى تركها للأعمى-وله عذره -فكيف بالصحيح الذى لا عذر له؟ . 2 -حديث مسلم وغيره عن أبى الشعثاء المحاربى قال: كنا قعودا فى المسجد فأذن المؤذن فقام رجل من المسجد يمشى، فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم. ووجه الاستدلال أن تارك الصلاة مع الجماعة عاص، وهذا يدل على وجوب الجماعة. 3- حديث مسلم وغيره عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " لقد هممت أن آمر فتيتى فيجمعوا لى حزما من الحطب، ثم آتى قوما يصلُّون فى بيوتهم ليست بهم علة فأحرِّقها عليهم " فقيل ليزيد بن الأصم: الجمعة عنى أو غيرها؟ قال: صمت أذناى إن لم أكن سمعت أبا هريرة يأثره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر جمعة ولا غيرها. ووجه الاستدلال أن هم النبى صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت المتخلفين عن الجماعة يدل على معصيتهم وهذا يدل على وجوبها. الرأى الثانى: قال مالك وأبو حنيفة وكثير من الشافعية: إن صلاة الجماعة سنة مؤكدة، ومما استدلوا به ما يأتى: 1 -حديث (إذا صليتما فى رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة) رواه الخمسة عن يزيد بن الأسود إلا ابن ماجه. ووجه الاستدلال أنه حكم على الصلاة جماعة بأنها نافلة، ويلزمه أن الصلاة الأولى وقعت صحيحة وأجزأت عن الفريضة. 2 - حديث (والذى ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام فى جماعة أعظم أجرا من الذى يصليها ثم ينام) رواه البخارى ومسلم. ووجه الاستدلال أن التفضيل فى الأجر يدل على أن الصلاة مع غير الإمام لها أجر، ويقتضى ذلك أن تكون صحيحة، غير أن أجر الجماعة أعظم، ذلك أن أفعل التفضيل يقتضى المشاركة وزيادة، كما هو معروف. وهناك أحاديث أخرى ترغب فى صلاة الجماعة بما يفيد أن ثوابها أعظم من الصلاة المنفردة وإن صحت. وقد أجاب هؤلاء على أدلة الموجبين للجماعة فقالوا: (أ) إن عدم ترخيص النبى صلى الله عليه وسلم لابن أم مكتوم بالتخلف عن الجماعة ليس دليلا على وجوبها حتى على ذوى الأعذار، وإنما ذلك لما يعلمه من حرص عبد الله على الخير مهما كلفه من جهد، ولما يعلمه أيضا من ذكائه وفطنته واستطاعته حضور الجماعة بغير قائد، ويدل على هذا أن الرسول عليه الصلاة والسلام رخص لغيره ممن له عذر أن يصلى في بيته ولا يذهب للجماعة فى المسجد، فقد روى البخارى ومسلم أن عتبان بن مالك -وهو ممن شهد بدرا - قال: يا رسول الله قد أنكرت بصرى - أى ضعف نظرى - وأنا أصلى لقومى، فإذا كانت الأمطار سال الوادى بينى وبينهم، لم أستطع أن آتى مسجدهم فأصلى بهم، ووددت يا رسول أنك تأتينى فتصلى في بيتى فاتخذه مصلى فاستجاب له وصلى فيه ركعتين. ولا يقال إن الترخيص لعتبان -وهو لعذر-دليل على أن الجماعة واجبة على غير المعذورين، لأنها لو كانت واجبة لقال له: انظر من يصلى معك فى بيتك، فعدم أمره بذلك دليل على أن الجماعة سنة. (ب) إن حديث الهم بتحريق بيوت المتخلفين عن الجماعة لا يدل على وجوبها، بل يدل على عدم الوجوب لأمرين، الأول: أن همه بترك الصلاة وإنابة واحد يصلى بالناس دليل على عدم وجوبها، وإلا فكيف يترك واجبا؟ ولا يقال إنه لو عاد من تحريق البيوت لأمكنه أن يجد جماعة يصلى بهم، لأن وجود جماعة غير مضمون، والثانى أن الجماعة لو كانت واجبة تستحق تحريق بيوت المتخلفين، ما تأخر عن تحريقها معاقبة لهم على المعصية، لكنه لم يفعل فدل ذلك على عدم وجوبها وغايته أنها هامة. 3 -إن أحاديث الهم بالتحريق وردت فى شأن المنافقين لتخلفهم كثيرا عن الفجر والعشاء، وذلك فى رواية أبى هريرة نفسه التى اتفق عليها البخارى ومسلم، فقد جاء فى آخرها (والذى نفسى بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء) والعرق بقية لحم أو عظم عليه لحم، والمرماتان ما بين ظلف الشاة من اللحم. فالحديث منصب على من يكثرون التخلف وبخاصة عن الفجر والعشاء، وهذا دأب الذين فيهم نفاق، جاء فى بعض روايات الشيخين (إن أثقل صلاة على المنافقين هى الفجر والعشاء) . 4 -إن الوعيد بتحريق بيوت المتخلفين عن الجماعة يراد به الزجر لا حقيقته لأن الإحراق لا يكون إلا للكفار والإجماع على منع إحراق المسلمين. 5 -إن فريضة الجماعة يراد بها صلاة الجمعة كما جاء عن ابن مسعود فى صحيح مسلم، لكن رد هذا بأن التهديد يجوز أن يكون للتخلف عن الجمعة وعن الصلوات الأخرى وبخاصة الفجر والعشاء. 6 -إن فريضة الجماعة كانت فى أول الأمر لحرص النبى صلى الله عليه وسلم على حضور الناس جميعا معه لتبليغ الوحى وإرشادهم ثم نسخ الوجوب. قال الحافظ ابن حجر: ويدل على النسخ الأحاديث الواردة فى تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، أى المنفرد لأن الأفضلية تقتضى الاشتراك فى أصل التفضيل، ومن لازمه الجواز، هذا بعض ما قيل فى مناقشة أدلة الموجبين، إلى جانب أن الوجوب فيه حرج، والأرض كلها مسجد. الرأى الثالث: قال الشافعى فى أحد قوليه وجمهور المتقدمين من أصحابه وكثير من المالكية والحنفية: إن صلاة الجماعة فرض كفاية، يجب على أهل كل محلة أن يقيموها، وإذا أقامها بعضهم سقط الطلب عن الباقين، وكانت فى حقهم سنة - وذلك لإظهار شعيرة الإسلام بإجابة المؤذن وإقامة الصلاة، وسند هذا القول ما ورد من الأحاديث المؤكدة لفضلها والمحذرة من تركها، ويوضحه أو يبين حكمته ما قاله ابن مسعود-كما رواه مسلم -: ولو أنكم صليتم فى بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وفى رواية أبى داود لكفرتم. والمراد بسنة النبى دينه وطريقته لا السنة بمعنى المندوب، فإن ترك المندوب لا يؤدى إلى الكفر والضلال. وهذا الرأى الثالث له وجاهته وهو كون الجماعة فرض كفاية على المجموع يسقط بأداء بعضهم، وسنة مؤكدة فى حق الجميع أى فى حق كل واحد على حدة. وأداء الجماعة فى المسجد أفضل من أدائها فى البيت أو السوق بنص حديث البخارى ومسلم " صلاة الرجل فى جماعة تفضل صلاته فى بيته وفى سوقه خمسا وعشرين درجة، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد فإذا دخل المسجد كان فى صلاة ما كانت تحبسه، وما تزال الملائكة نصلى عليه ما دام فى مجلسه الذى صلى فيه، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يحدث فيه ". وقد رأى جماعة أن من له زوجة أو أولاد يصلى بهم فى بيته ولو تركهم وصلى فى المسجد مع الناس لتركوا الصلاة فإن صلاته جماعة بهم أفضل من تركهم وصلاته فى المسجد ما دام هناك من يقيم صلاة الجماعة فيه غيره، وأما حديث " لا صلاة لجار المسجد إلا فى المسجد " فليس بصحيح، ولو صح لكان المراد به نفى الكمال لا تفى صحة الصلاة - ذكره المناوى فى " فيض القدير " على " الجامع الصغير" للسيوطى. وكان المسلمون الأولون حريصين على صلاة الجماعة وإقامتها فى المسجد مضاعفة الثواب، حتى إن الرجل منهم كان يؤتى به يهادى بين الرجلين -أى يسندانه -حتى يقام فى الصف كما رواه مسلم عن ابن مسعود. وقد اخترنا الرأى الثالث جمعا بين الأحاديث التى يشعر ظاهرها بالوجوب وبين الأحاديث التى تدل على الندب لما فيها من الفضل، والجمع بين الأحاديث أفضل من إهدار بعضها. وهذا كله فى حق الرجال أما صلاة الجماعة للنساء فى المسجد فليست واجبة ولا مندوبة، لأن صلاة المرأة فى بيتها أفضل، كما نصت على ذلك الأحاديث المقبولة، ولو صلت فى بيتها جماعة كان أفضل على ألا تكون إماما لرجل. ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى تفسير القرطبى "ج 1 ص 348 " والمغنى لابن قدامة ج 2 ص 2 (8/476) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 11:55 pm | |
| المصافحة بعد الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الشرع فى مصافحة المصلين بعضهم لبعض عقب الانتهاء من صلاة الجماعة، وقولهم " حرما " وهل هذه بدعة محرمة؟
الجواب مصافحة المسلم لأخيه عند اللقاء أصلها مستحب، وذلك لتوكيد الألفة والمحبة بين المسلمين، وقد وردت فى ذلك نصوص تدل على أنها كانت عادة جارية فعلها الصحابة كما أخرجه البخارى وغيره، وأقرها الرسول صلى الله عليه وسلم، بل حبب فيها بمثل قوله " ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا " رواه أبو داود والترمذى وقال: حديث حسن. ولم تكن المصافحة عقب الانتهاء من صلاة الجماعة معروفة أيام النبى صلى الله عليه وسلم ولكن حدثت بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، بتأويل أن المصلين جماعة كانوا مع الله فى رحلة روحية، حطوا الرحال منها بالتسليم الذى برره البعض بأنه تحية لمن على يمين المصلى من الملائكة وغيرهم، لأنه كان منصرفا عنهم أثناء الصلاة. ومع السلام عليهم كانوا يتصافحون بهذا المفهوم، ويدعو بعضهم لبعض أن يكون اللقاء فى الصلاة فى الحرم الشريف الذى تشد الرحال إليه لمضاعفة ثواب الصلاة وغيرها من الطاعات، ويختصرون هذا الدعاء بقولهم " حرما " كما يدعون لبعضهم بعد الوضوء أن يمن الله عليهم بالوضوء من ماء زمزم فى حج أو عمرة. وتضاربت الأقوال فى هذا العمل الذى لم يكن أيام الرسول والصحابة وهم من يؤخذ عنهم التشريع فقال بعضهم إنه بدعة بالمعنى المذموم وهو كل بدعة ضلالة وقال بعضهم: إنه بدعة ولكن لا يوجد ما يصفها بأنها مذمومة وضلالة. حيث لم يرد نهى عنها، وكم من الأمور الحسنة حدثت بعد عهد التشريع ورأى الناس حاجتهم إليها فأخذوا بها وحرصوا عليها. جاء فى كتاب " غذاء الألباب " للسفارينى ج 1 ص 283 أن ابن تيمية سئل عن المصافحة بعد العصر والفجر هل هى سنة مستحبة أم لا؟ فأجاب بقوله: أما المصافحة عقب الصلاة فبدعة لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستحبها أحد من العلماء انتهى، قال السفارينى: ظاهر كلام العز بن عبد السلام من الشافعية أنها بدعة مباحة، وظاهر كلام الإمام النووى أنها سنة قال الحافظ ابن حجر فى شرح البخارى: قال النووى: وأصل المصافحة سنة وكونهم حافظوا عليها فى بعض الأحوال لا يخرج ذلك عن أصل السنة. قال الحافظ: وللنظر فيه مجال، وبعضهم أطلق تحريمها انتهى. ويتوجه مثل ذلك عقب الدروس ونحوها من أنواع مجامع الخيرات. والوجه المختار أنها غير محرمة، وقد تدخل تحت ندب المصافحة عند اللقاء الذى يكفر الله به السيئات، وأرجو ألا يحتد النزاع فى مثل هذه الأمور. التى تفيد ولا تضر، وحديث مسلم صريح فى أن من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة (8/477) ________________________________________ أين يصلى العيد؟
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل الأفضل صلاة العيد فى الخلاء أم فى المسجد؟
الجواب عن أبى هريرة رضى الله عنه أنهم أصابهم مطر فى يوم عيد فصلى بهم صلى الله عليه وسلم صلاة العيد فى المسجد، رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم، وسكت عنه أبو داود والمنذرى، أى لم يبينا درجته، وهو حديث ضعيف فى إسناده رجل مجهول، وهو عيسى بن عبد الأعلى، قال فيه الذهبى لا يكاد يعرف وقال هذا حديث منكر. وأكثر الأحاديث الواردة فى صلاة العيد تذكر أن النبى صلى الله عليه وسلم فعلها فى " المصلى " والمراد به غير المسجد وعبر عنه أحيانا بالجبانة. وهذا الحديث على الرغم من ضعفه، يفيد أن الرسول عليه الصلاة والسلام صلاها فى المسجد لعذر المطر، حيث لا يوجد فى المصلى ما يتقى ومن هنا اختلف العلماء فى أفضلية صلاة العيد، هل تكون فى المصلى أو فى المسجد، فالإمام مالك يقول إن فعلها فى الجبانة أى فى غير المسجد، أفضل، واستدل بما ثبت من مواظبته عليه الصلاة والسلام على الخروج إلى الصحراء، فإن كان هناك عذر كمطر فالأفضل المسجد. والأمام الشافعى ذهب إلى أن المسجد أفضل، لأنه خير البقاع فى الأرض، والأحاديث واردة بكثرة فى فضل التردد عليها والصلاة فيها، قال فى الفتح: قال الشافعى فى الأم: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج فى العيدين إلى المصلى بالمدينة، وهكذا من بعده إلا من عذر مطر ونحوه، وكذا عامة أهل البلدان إلا أهل مكة، ثم أشار الشافعى إلى أن سبب ذلك سعة المسجد وضيق أطراف مكة، قال: فلو عمر بلد وكان مسجد أهله يسعهم فى الأعياد لم أر أن يخرجوا منه، فإن لم يسعهم كرهت الصلاة فيه ولا إعادة قال الحافظ: ومقتضى هذا أن العلة تدور على الضيق والسعة لا لذات الخروج إلى الصحراء، لأن المطلوب حصول عموم الاجتماع، فإذا حصل فى المسجد مع أولويته كان أولى. فأنت ترى أن حجة الأولين هى فعله صلى الله عليه وسلم وهو قدوة حسنة، لكن يقال: إن الفعل واقعة حال لا تنفى غيرها، ولم يرد من الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بفعلها فى غير المسجد عند الاختيار، ولا نهى عن فعلها فى المسجد، ولعل اختيار الرسول فعلها فى غير المسجد كان لأمرين، الأول ضيق المسجد لأنه دعا النساء أيضا لشهود صلاة العيد، كما ثبت فى الصحيحين وغيرهما، حتى الحيض منهن، والحيض لا يدخلن المسجد، والثانى إظهار شعيرة من شعائر الإسلام وإعلان الفرح بيوم العيد لما فيه من فضل الله على المسلمين، والاجتماع الواسع شعار كل الناس فى أعيادهم، والتوجيهات التى يلقيها على الحاضرين تعم أكبر عدد من المسلمين لم يكن ليوجد لو حضروا فى المسجد، ولذلك عندما حث على الصدقات توجه إلى حيث يجتمع النساء وذكرهن ووعظهن فجمع منهن خيرا كثيرا لمساعدة من لا يجدون سعة ولا يستطيعون التمتع ببهجة العيد لضيق ذات أيديهم. ويقع فى نفسى بناء الحكم على نتيجة إقامة الصلاة وأثرها، فإن كان هناك مسجد واحد كبير فى محلة يسع كل الناس بما فيهم من لا يصلون العيد كانت صلاتها فيه أفضل، وذلك لأفضلية المسجد على غيره، ولحصول التجمع وفرصة التلاقى، تبادل التهانى بين كل أهل البلدة. فإذا تعددت المساجد وضاق مسجد واحد عن استيعاب أهل البلد كان فعلها فى الخلاء أفضل، وذلك لأن التعارف وتبادل التهانى وشهود التوجيهات العامة الموحدة يحدث فى المصلى بشكل لا يوجد فى كل مسجد على حدة، حيث لا يتم التعارف الشامل، والإسلام يحب من المسلمين أن يظهروا وحدتهم وتعاونهم، وفى تجمعهم على شكل واسع إعلان عن قوة الإسلام ودعاية تجتذب لها قلوب غير المسلمين، والمظاهر إذا كانت تستهدف خيرا كانت مشروعة، وشواهد ذلك كثيرة (8/478) ________________________________________ اجتماع العيد والجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال إذا وافق أول أيام العيد يوم جمعة فهل يسقط أداء الجمعة عمن صلى العيد؟
الجواب روى أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائى أن زيد بن أرقم شهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا، فصلى العيد أول النهار ثم رخص فى الجمعة وقال " من شاء أن يجمع فليجمع " فى إسناده مجهول، فهو حديث ضعيف. وفى رواية لأبى داود وابن ماجه عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " قد اجتمع فى يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون " فى إسناده كلام، وصحح أحمد بن حنبل أنه مرسل، أى سقط منه الصحابى. وروى النسائى وأبو داود أنه اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير، فأخر الخروج حتى تعالى النهار، ثم خرح فخطب ثم نزل فصلى، ولم يصل للناس يوم الجمعة، أى لم يصل العيد، ولما ذكر ذلك لابن عباس قال: أصاب السنة. يلاحظ أنه صلى الجمعة بدليل تقديم الخطبة على الصلاة. وجاء فى رواية لأبى داود أنه فى عهد ابن الزبير اجتمع يوم الجمعة ويوم الفطر، فجمعهما جميهعا فصلاهما ركعتين بكرة، لم يزد عليهما حتى صلى العصر. رجالهما رجال الصحيح. إزاء هذه النصوص الخاصة باجتماع يوم الجمعة والعيد، قال الأحناف والمالكية: لا تجزئ صلاة منهما عن صلاة الأخرى، فكل منهما مطلوب، ولا تجزئ صلاة عن صلاة بل لا يجوز الجمع بينهما. فالجمع رخصة خاصة بالظهر مع العصر، وبالمغرب مع العشاء. والحنابلة يقولون: من صلى العيد سقطت عنه الجمعة، إلا الإمام فلا تسقط عنه إذا وجد العدد الكافى لانعقاد الجمعة، أما إذا لم يوجد فلا تجب صلاة الجمعة. وفى رواية عن أحمد أن الجمعة لو صليت أول النهار قبل الزوال أغنت عن العيد، بناء على أن وقتها يدخل بدخول وقت صلاة العيد. والشافعية قالوا: إن صلاة العيد تغنى عن صلاة الجمعة لأهل القرى التى لا يوجد فيها عدد تنعقد بهم الجمعة ويسمعون الأذان من البلد الذى تقام فيه الجمعة، فيذهبون لصلاتها، ودليلهم قول عثمان فى خطبته: أيها الناس إنه قد اجتمع عيدان فى يومكم، فمن أراد من أهل العالية- قال النووى: وهى قريبة من المدينة من جهة الشرق - أن يصلى معنا الجمعة فليصل، ومن أراد أن ينصرف فليفعل. وجاء فى فتاوى ابن تيمية أن أقوال الفقهاء فى اجتماع يوم الجمعة ويوم العيد ثلاثة: أحدها: أن الجمعة على من صلى العيد ومن لم يصله، كقول مالك وغيره. الثانى: أن الجمعة سقطت عن السواد الخارج عن المصر، كما يروى ذلك عن عثمان بن عفان واتبع ذلك الشافعى. الثالث: أن من صلى العيد سقطت عنه الجمعة، لكن ينبغى للإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من أحب، كما فى السنن عن النبى صلى الله عليه وسلم. وعليه أحمد. ثم قال: وهذا المنقول هو الثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه وأصحابه، وهو قول من بلغه من الأئمة كأحمد وغيره، والذين خالفوه لم يبلغهم ما فى ذلك من السنن والآثار. فالموضوع خلافى، لكن القول بالاكتفاء بصلاة العيد عن صلاة الجمعة أقوى ويستوى فى ذلك أهل القرى والأمصار، والإمام وغير الإمام، فالمقصود من الصلاتين قد حصل، وهو صلاة جمعتين مع الخطبة، اجتمع الناس لأداء صلاة الجماعة وسماع الموعظة، فبأى من الصلاتين حصل ذلك كفى. " انظر: نيل الأوطار للشوكانى ج 3 ص 299 والفتاوى الإسلامية-المجلد الأول ص 71 وفتاوى ابن تيمية -المجلد 24 ص 212 " (8/479) ________________________________________ زخرفة المساجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال سمعنا أن زخرفة المساجد من علامات الساعة، فهل هذا صحيح؟
الجواب روى أحمد وأصحاب السنن إلا الترمذى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس فى المساجد ". قال العلماء: تكره زخرفة المساجد باللونين الأحمر والأصفر، ونقشه وتزيينه، لئلا تشغل قلب المصلى، وهذا واضح فى الزخرفة من الداخل، أما من الخارج فقد تدخل تحت التباهى بمظهرها، والتباهى بفعل الخير حرام يبطل الثواب. وهذا الحكم بالكراهة مقرر عند المالكية والحنابلة. وأجاز الحنفية نقش المسجد بالمال الحلال،، ما عدا المحراب فيكره، لأنه يلهى المصلى، وما دامت العلة هى الإلهاء فيكره النقش فى أى مكان فيه إلهاء. وروى عن أبى حنيفة الترخيص فى ذلك، كما روى عن أبى طالب المكى عدم الكراهة فى تزيين المحاريب. فالمنع من التزيين لا يتعدى الكراهة إلى الحرمة، وذلك من أجل توفير الجو المناسب للمصلى والمتعبد لتحقيق الخشوع، أما الشكل الخارجى للمسجد فإن حان القصد به مجرد الفخر والتباهى كان ممنوعا، لكن لو كان لإظهار عناية المسلمين بمساجدهم فى مقابل تنافس غيرهم فى ذلك فلا مانع، كما أثر أن عمر رضى الله عنه لما زار الشام وقابله عامله معاوية بحفاوة غير معهودة سأله عن ذلك فقال: نحن فى بلد يهتم بهذه المظاهر، فقال: لا آمرك ولا أنهاك. من هنا نعرف أن للظروف دخلا فى بعض أنواع السلوك. أما الكتابة على جدران المسجد وسقفه فهى داخلة ضمن الزخرفة، وكرهها الجمهور من أجل شغل المصلى عن الخشوع، وإذا كانت الكتابة آيات قرآنية فحكمها فى مكان آخر (8/480) ________________________________________ الآكل فى المسجد والتدخين
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى تناول الأكل فى المسجد؟ وما حكم التدخين فيه؟
الجواب تناول الطعام فى المسجد لا مانع منه ما لم يكن هناك تلويث له أو انبعاث رائحة كريهة بسببه، والذين يعتكفون في المساجد يتناولون طعامهم فيها، ويقدم الإفطار للصائمين فى كثير من المساجد دون نكير ولا اعتراض، جاء فى فتاوى الإمام النووى " الفتوى رقم 76 " أن الأكل فى المساجد جائز ولا يمنع منه لكن ينبغى أن يبسط الآكل شيئا ويصون المسجد ويحترز من سقوط الفتات والفاكهة وغيرها فى المسجد، وذلك فيما ليس له رائحة كريهة كالثوم والبصل، وإلا كره. 2 -أما التدخين فى حد ذاته فيتلخص حكمه فى أنه حرام إن حصل منه ضرر كبير على الصحة والمال، وإلا كان مكروها، والأولى صرف ثمنه فى مصارف الخير، " انطر رسالتى الخاصة بذلك -مطبوعة ملحقة بمجلة الأزهر ". ولما كان التدخين يؤذى غير المدخن برائحته، والملائكة تتأذى مما يتأذى به الإنسان كان التدخين فى المسجد بالذات مكروها بل أشد كراهة، كالثوم والبصل اللذين جاء النهى عن دخول من يأكلهما المسجد حتى لو حرم من ثواب صلاة الجماعة، فالإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار، والمسجد ينبغى أن يصان عن كل خبيث، كما ينبغى أن نحرص على حضور الملائكة، وهم ملائكة الرحمة ففى ذلك خير كثير (8/481) ________________________________________ المؤذن والمقيم
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يشترط أن يكون مقيم الصلاة غير المؤذن، أو يجوز أن يقوم بهما شخص واحد؟
الجواب لا يوجد دليل يحتم أن يكون المؤذن هو المقيم للصلاة، كما لا يوجد دليل يمنع أن يكون الأذان من شخص والإقامة من شخص آخر (8/482) ________________________________________ المساجد تحت العمارات
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى الصلاة بالمساجد الموجودة أسفل العمارات؟ وهل الصلاة فى المساجد الأخرى أفضل؟
الجواب مما اختص الله به الأمة الإِسلامية أنه جعل الأرض كلها مسجدا، فأينما أدركت الإنسان الصلاة صلى، وما دامت الأرض قد خصصها صاحبها للصلاة وصلى الناس فيها صارت مسجدا وله أحكام كل المساجد، وتكون الصلاة فيه أفضل من الصلاة فى أية بقعة أخرى من الأرض. والمساجد نفسها بينها تفاضل، فأفضلها المسجد الحرام بمكة، لأن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة فيما سواه، ثم مسجد المدينة لأن الصلاة فيه بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، ثم المسجد الأقصى لان الصلاة فيه بخمسمائة صلاة، وفى كل ذلك وردت أحاديث. أما باقى المساجد فهى سواء فى الثواب. وبعض العلماء قال: المسجد الكبير أولى من المسجد الصغير للصلاة، وقال البعض: المسجد البعيد أولى لكثرة الخطا إليه، وكل ذلك خلاف فى الأفضلية، أما الصلاة فى أى مسجد منها فهى صلاة صحيحة لا غبار عليها. وتقام فيها الجماعات والجمع والأعياد وغيرها، على رأى الجمهور الذى يسوى بين المساجد فى صحة الجمعة، لا فرق بين القديم والجديد (8/483) ________________________________________ الصلاة فى الطائرة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل تصح الصلاة أثناء تحليق الطائرة فى الجو وهى غير ملامسة للأرض وماذا يعمل لو كان الإنسان غير متطهر؟
الجواب الصلاة جائزة فى الطائرة وهى محلقة فى الجو، وبالأولى إذا كانت رابضة على الأرض، والمالكية لا يجيزونها فيها وهى فى الجو، لأن شرط السجود عندهم أن يتصل المسجود عليه بالأرض اتصالا حقيقيا، ورأى الجمهور أقوى، والإنسان يضطر إلى الصلاة فى الطائرة إذا لم يأخذ برخصة الجمع بين صلاتى الظهر والعصر، وبين صلاتى المغرب والعشاء، أو كان تحليقها فى وقت الفجر الذى لا يجمع مع غيره. ومهما يكن من شىء فإن التطهر للصلاة لابد منه إن أمكن بالماء فيها، وإلا فيكون بالتيمم، ويتحرى اتجاه القبلة - والملاحون يعرفون ذلك بالتقريب -إن لم تكن معه " بوصلة " يتعرف بها القبلة، وزمن أداء الصلاة قصير، لأن الرباعية تصلى ركعتين قصرا، فإن لم يستطع الصلاة من وقوف -لحصول دوار مثلا- فليصل قاعدا، والمهم أن الصلاة ممكنة فى الطائرة إن أراد أن يحافظ على الصلاة، وليست فيها مشقة حتى يجوز تأخيرها إلى حين الهبوط وانتهاء الرحلة (8/484) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 11:55 pm | |
| الدعاء فى التشهد فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل هناك دعاء مخصوص يقوله المصلى بعد التشهد الأخير، وهل هو فرض أو سنة؟
الجواب الدعاء بعد التشهد الأخير فى الصلاة وقبل السلام ليس ركنا ولا فرضا ولا واجبا، بل هو سنة فقط، لو ترك لا تبطل االصلاة. وقد وردت أحاديث كثيرة ترغب فيه، منها ما جاء عن ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم علمهم التشهد ثم قال فى آخره " ثم لتختر من المسألة ما تشاء " رواه مسلم. وإذا استحب الدعاء بما يشاء الإنسان فالأفضل أن يكون بالمأثور فى القرآن والسنة، مثل " ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " وما جاء فى الحديث الذى رواه مسلم: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكون آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: " اللهم اغفر لى ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به منى، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت " وما رواه أيضا " إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ باللَّه من أربع، يقول: اللهم إنى أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة ألمسيح الدجال ". أما الدعاء بغير المأثور فإليك ما قال فيه الفقهاء، منقولا من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة: قال الأحناف: لا يجوز أن يدعو بما يشبه كلام الناس، كأن يقول: اللهم زوجنى فلانة، أو أعطنى كذا من الذهب والفضة والمناصب، لأنه يبطلها قبل القعود بقدر التشهد، ويفوت الواجب بعده قبل السلام. وقال المالكية: له أن يدعو بما شاء من خيرى الدنيا والآخرة. وقال الشافعية: يسن الدعاء بخيرى الدين والدنيا، ولا يجوز أن يدعو بشىء محرم أو مستحيل أو معلق، فإن دعا بشىء من ذلك بطلت صلاته. وقال الحنابلة: له أن يدعو بما ورد أو بأمر الآخرة ولو لم يشبه ما ورد، وله أن يدعو لشخص معين بغير كاف الخطاب، وتبطل الصلاة بكاف الخطاب مثل: اللهم أدخلك الجنة يا والدى. أما لو قال: اللهم أدخله الجنة فلا بأس به، وليس له أن يدعو بما يقصد منه ملاذ الدنيا وشهواتها، كأن يقول: اللهم ارزقنى جارية حسناء، أو طعاما لذيذا ونحوه، فإن فعل ذلك بطلت صلاته، ولا بأس بإطالة الدعاء ما لم يشق على مأموم (8/485) ________________________________________ مرور الحيوانات أمام المصلى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل هناك حديث يقول إن مرور الكلب أو الحمار أمام المصلى يبطل الصلاة؟
الجواب روى مسلم وغيره عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب، ويقى ذلك مثل مؤخرة الرحل " وعن أبى ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا قام أحدكم يصلى فإنه يستره مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود" قال عبد اللَّه بن الصامت: يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخى سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتنى فقال " الكلب الأسود شيطان ". وروى البخارى ومسلم عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى صلاته من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة، ورويا عن ابن عباس أنه قال: أقبلت راكبا على حمار أتان والنبى صلى الله عليه وسلم يصلى، فمررت على بعض الصف ونزلت فأرسلت الأتان ترتع فدخلت فى الصف فلم ينكر علىَّ أحد. وروى أبو داود عن الفضل بن عباس قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن فى بادية فصلى فى صحراء ليس بين يديه سترة، وحمارة لنا وكلبة يعبثان بين يديه فما بالى ذلك. أمام هذه الأحاديث التى وردت فى كتب الصحاح من رواية البخارى ومسلم. رأى الأئمة الثلاثة أن الصلاة لا تبطل بمرور شىء من هذه الثلاثة المذكورة ولا من غيرها، فقد روى أبو داود عن أبى سعيد قوله صلى الله عليه وسلم " لا يقطع الصلاة شىء " ورأى أحمد بن حنبل بطلان الصلاة بها. استنادا إلى حديثى أبى هريرة وأبى ذر، ورُدَّ على حديث عائشة بأن البطلان بالمرور لا باللبث، وهو فى التطوع بصلاة الليل وهو أسهل. وعلى حديث ابن عباس بأن سترة الإمام سترة لمن خلفه. وعلى حديث أبى سعيد بأنه ضعيف. وإن كانت تفرقته بين الفرض والنفل لم يسلَم بها أتباعه " المغنى لابن قدامة ج 2 ص 80 - 85 " وتمسك الحنابلة بهذا الحكم بشدة، لدرجة أنهم رووا حديثا عن أبى داود عن ابن عباس - قال الروى أحسبه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذكر فيه غير الثلاثة وهو " إذا صلى أحدكم إلى غير سترة فإنه يقطع صلاته الكلب والحمار والخنزير والمجوسى واليهودى والمرأة، ويجزى عنه إذا مروا بين يديه قذفة بحجر" لكن ابن قدامة رفض هذا الحديث لعدم الجزم برفعه وفيه ما هو متروك بالإجماع وهو ما عدا الثلاث: المرأة والكلب والحمار، وفى هامش المغنى عن هذا الحديث: إن زيادة الخنزير والمجوسى واليهودى فيها نكارة. وأرى أن الحديث الخاص بهذه الثلاثة لا يقصد منه إبطال الصلاة، بل قد يكون المقصود إبطال الخشوع فيها أو نقصه، لما يحدث للمصلى من خوف من هذين الحيوانين واشتهاء للمرأة. وفيه حث على اتخاذ السترة حتى لا تسمح بمرور هذه الأشياء أمامه، ولفت نظرى ما ذكره ابن قدامة أن عائشة قالت معترضة على هذا الحكم: عدلتمونا بالكلاب والحمر، مع أن الرسول كان يصلى وهى معترضة أمامه. وأقول: ليست تسوية فى ألتحقير أبدا، فالفرق كبير، ولكن الموضوع أساسه الاحتياط لعدم الانشغال فى الصلاة رَهَبًا بمثل الكلب الأسود والحمار، ورَغَبًا بمثل المرأة، وأثرها فى الانشغال لا ينكر، ومقام الرسول يأبى الانشغال بمثل ذلك، فما كان يبالى كما تذكر الروايات ولكن غيره.يتأثر فى أغلب الأحوال على الوجه المذكور (8/486) ________________________________________ الاقتداء بالمسبوق
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال مأموم مسبوق قام ليكمل صلاته بعد سلام الإمام هل يصح أن يقتدى به أحد؟
الجواب للفقهاء فى ذلك خلاف: فالحنفية قالوا: لا يصح الاقتداء بالمسبوق بعد قيامه لإِتمام صلاته. والمالكية وافقوهم: على ذلك، إذا كان المسبوق أدرك ركعة مع إمامه، لكن لو أدرك أقل من ركعة، صح الاقتداء به. والشافعية قالوا: من اقتدى بمأموم مسبوق بعد أن سلم الإِمام، أو نوى مفارقته: صح الاقتداء، وهذا فى غير الجمعة أما فى صلاتها فلا يصح الاقتداء. الحنابلة وافقوهم: على ذلك. " الفقه على المذاهب الأربعة ". وما دام هناك اختلاف فلا يصح التعصب لرأى (8/487) ________________________________________ السفر الدائم واداء الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز قصر الصلاة والإِفطار فى رمضان لمن تكون مهمتهم دوام السفر؟
الجواب من المعلوم أن قصر الصلاة رخصة للمسافر كما قال تعالى {وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} النساء: 101، وأن الإِفطار رخصة للمسافر كما قال سبحانه {ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} البقرة: 185، كما روى أبو داود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة". وذلك كله مع الشروط التى اشترطها الفقهاء لاستعمال هذه الرخصة. والسفر قد يكون مؤقتا وقد يكون دائما، والسفر الدائم يطلق على معنيين، أولهما أن يكون معه أهله وكل ما يحتاجه، وثانيهما ألا يكون معه أهله ولكنه كثير الأسفار أو مهنته هى السفر كسائقى القطارات والطيارين والبحارين. والسفر المؤقت يرخص فى القصر والفطر، أما مديم السفر الذى معه أهله وكل حاجاته فهو كالمقيم لا يجوز له قصر الصلاة ولا الفطر فى رمضان، اللهم إلا إذا كان الصيام يضره فله الفطر وقد يجب إذا كان الضرر بالغا يؤدى إلى هلاك النفس. جاء فى " المغنى لابن قدامة ج 2 ص 14 " فى فقه الحنابلة أن الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل - يسأل عن الملاح أيقصر ويفطر فى السفينة؟ فقال: أما إذا كانت السفينة بيته فإنه يتم ويصوم. قيل له: وكيف تكون بيته؟ قال: لا يكون له بيت غيرها، معه فيها أهله، وهو فيها مقيم، وهذا قول عطاء. وجاء فى شرح الشرقاوى على التحرير "ج 1 ص 441 " فى فقه الشافعية أنه لا يباح الفطر لمديم السفر، لأنه يؤدى إلى إسقاط الوجوب كلية، إلا أن يقصد القضاء فى أيام أخر فى سفره. أما الذى يسافر كثيرا بحكم عمله، وليس معه أهله فله قصر الصلاة والفطر، لأنه ستكون له أيام يقيم فيها فيقضى الصيام هذا، والقصر عزيمة عند الحنفية، ومن أتمَّ لا يجوز له الجمع "فتاوى الشيخ جاد الحق ج 5ص 53" (8/488) ________________________________________ البسملة فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى عدم ذكر البسملة فى الصلوات التى تصلى جهرا؟
الجواب البسملة فى الفاتحة فيها ثلاث مذاهب، مذهب يقول: إنها لمجرد الفصل بين السور، فلا تجب قراءتها فى الفاتحة، والصلاة بدون قراءتها صحيحة، بل قال: قراءتها مكروهة فى الفرض دون النافلة، وليس لهذا المذهب دليل قوى. ومذهب يقول: إنها اَية من الفاتحة، وقراءتها واجبة فيها، ولا تصح الصلاة بدونها، وتعطى حكم الفاتحة فى الإِسرار أو الجهر بها. وأقوى دليل لهذا المذهب حديث يقول راويه: صليت وراء أبى هريرة فقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم " ثم قرأ بأم القراَن -الفاتحة-وجاء فى اَخر الحديث قوله: والذى نفسى بيده إنى لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه النسائى وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما، وقال الحافظ ابن حجر: هو أصح حديث ورد فى البسملة. ومذهب يقول: قراءتها فى الفاتحة جائزة، بل مستحبة، ولكنها غير واجبة، فتصح الصلاة بدونها، لكن هذا المذهب يقول: لا يجهر بالبسملة ولكن تقال سراً، والدليل عليه قول أنس صليت خلف الرسول وأبي بكر وعمر وعثمان وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم. رواه النسائى وابن حبان بإسناد على شرط الشيخين. ويمكن أن يقال: إن النبى صلى الله عليه وسلم كان يجهر بها أحيانا، ويسر بها أحيانا أخرى، وما دام الأمر خلافيا فلا يجوز التعصب لأى رأى. وأرى أن الإِتيان بها ينفع ولا يضر، وأن عدم الإِتيان بها لا يبطل الصلاة (8/489) ________________________________________ تحية المسجد والقرآن يقرأ
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال دخلت المسجد فوجدت قارئاً يقرأ القرآن، فهل أصلى تحية المسجد أو أجلس لاستماع القرآن؟
الجواب لو دخل أحد المسجد والقرآن يقرأ بصوت مرتفع، سواء أكان ذلك فى يوم الجمعة قبل صلاتها أو فى غير يوم الجمعة، فهو مطالب بشيئين، أولهما تحية المسجد وثانيهما الاستماع إلى القرآن، فهل يضحى بأحدهما أو يمكنه أن يجمع بينهما؟ . قال تعالى {وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} الأعراف: 204، وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين ". قال العلماء: إن الاستماع إلى القرآن واجب فى حالتين اثتين فقط هما إذا كان الإنسان فى الصلاة مَأمُومًا فإنه يجب عليه الاستماع إلى قراءة الإِمام، وخطبة الجمعة، لأنها فى الغالب تشتمل على قرآن، وفى غير هاتين الحالتين يكون الاستماع مندوبا، فالداخل للمسجد والقرآن يقرأ أمامه أمران مندوبان أحدهما له وقت محدود يفوت بفواته وهو تحية المسجد، لأنها تفوت بالجلوس، وهنا يبدأ بالتحية حتى لا تفوته، ثم يستمع بعد ذلك للقرآن، وقد رأينا أن الرسول أمر بالتحية للداخل وهو يخطب الجمعة مع أن الإنصات إليها واجب، فصلاتها مع القراءة مشروعة من باب أولى (8/490) ________________________________________ الكلام فى المسجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل صحيح أن الكلام فى المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب؟
الجواب جاء فى كتاب " غذاء الألباب " للسفارينى قوله: وأما ما اشتهر على الألسنة من قولهم إن النبى صلى الله عليه وسلم قال " الحديث فى المسجد- وبعضهم يزيد المباح - يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " فهو كذب لا أصل له، قال فى المختصر: لم يوجد، وذكره القاضى فى موضوعاته، كما ذكر العراقى على الإِحياء: أنه لا أصل له. لكن روى ابن حبان فى صحيحه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " سيكون فى آخر الزمان قوم يكون حديثهم فى مساجدهم، ليس لله فيهم حاجة " وظاهر الحديث أن الكلام فى المسجد أيا كان نوعه ممنوع، لكن المحققين من العلماء قالوا: إنه يجوز فى الأمور المهمة فى الدين والدنيا من كل ما لا حرمة فيه ولا باطل. وقد رأى الإِمام النووى جواز الحديث العادى وإن صحبه ضحك خفيف، لما رواه مسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذى صلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام، وقال: كانوا يتحدثون فيأخذون فى أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم. وفى رواية لأحمد عن جابر: شهدت النبى صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرة فى المسجد وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية، فربما يبتسم معهم. وهو حديث صحيح " نيل الأوطار للشوكانى ج 2 ص 166 ". فالحديث الممنوع هو الباطل أو الذى يشوش على المصلين أو الذى يذهب بكرامة المسجد إذا تناوله جماعة فى شكل حلقات كما نص عليه. وقد أذن النبى صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت أن يقول الشعر فى المسجد ليرد على الكافرين ما يفترونه من كذب على اللَّه ورسوله كما ثبت فى الصحيحين. وعليه فالكلام المباح غير محرم فى المساجد، وإن كنا ننصح بأن يكون فى أضيق الحدود وليكن شغل الجالسين فيها ذكر اللَّه والعبادة، فذلك هو ما بنيت له المساجد. هذا، وقد جاء النهى عن رفع الأصوات فى المساجد بغير ذكر اللَّه والعبادة، مثل نشدان الضالة والبيع والشراء، وجاء فى " مشارق الأنوار" للعدوى حديث نقله عن المعارف لللشعرانى رواه الترمذى عن على مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم " إذا فعلت أمتى خمسة عشر حل بها البلاء " ومنها ارتفاع الأصوات فى المساجد. وذكر الكتاب بقية العلامات الصغرى للقيامة وقال عن رفع الأصوات فى المساجد: إنه من علامات الساعة حتى لو كان بالعلم، لقول الإمام مالك: ما للعلم ورفع الصوت؟ والمراد ما يكون فيه تشويش على المتعبدين، أو كان للرياء والفخر. وجاء فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة " ص 204، 205 ": أن الحنفية قالوا: يكره رفع الصوت بالذكر فى المسجد إن ترتب عليه تشويش على المصلين أو إيقاظ للنائمين، وإلا فلا يكره، بل قد يكون أفضل إذا ترتب عليه إيقاظ قلب الذاكر وطرد النوم عنه وتنشيط للطاعة. أما رفع الصوت بالكلام فإن كان بما لا يحل فإنه يكره تحريما، وإن كان بما يحل فإن ترتب عليه تهويش على المصلى أو نحو ذلك كره، وإلا فلا كراهة ومحل عدم الكراهة إذا دخل المسجد للعبادة، أما إذا دخله لخصوص الحديث فيه فإنه يكره مطلقا، والشافعية قالوا: يكره رفع الصوت بالذكر فى المسجد إن هوش على مصل أو مدرس أو قارئ أو مطالع أو نائم لا يسن إيقاظه، وإلا فلا كراهة أما رفع الصوت بالكلام فإن كان بما لا يحل كمطالعة الأحاديث الموضوعة ونحوها فإنه يحرم مطلقا، وإن كان بما يحل لم يكره إلا إذا ترتب عليه تهويش ونحوه. والمالكية قالوا: يكره رفع الصوت فى المسجد ولو بالذكر والعلم، واستثنوا من ذلك أموراً أربعة، الأول ما إذا احتاج المدرس إليه لإسماع المتعلمين فلا يكره، الثانى ما إذا أدى الرفع إلى التهويش على مصل فيحرم، الثالث رفع الصوت بالتلبية فى مسجد مكة أو منى فلا يكره، الرابع رفع صوت المرابط بالتكبير ونحوه فلا يكره. والحنابلة قالوا: رفع الصوت بالذكر فى المسجد مباح إلا إذا ترتب عليه تشويش على المصلين، وإلا كره، أما رفع الصوت فى المسجد بغير الذكر فإن كان بما يباح فلا كراهة إلا إذا ترتب عليه تهويش فيكره، وإن كان بما لا يباح فهو مكروه، مطلقا. انتهى (8/491) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 11:56 pm | |
| دخول المسجد لغير المسلم
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نرى بعض السائحين يدخلون المساجد، وقد ذكر القرآن أن المشركين نجس، وحرم عليهم دخول المسجد الحرام، فكيف نفسر السماح لهم بدخول مساجد المسلمين؟
الجواب قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} التوبة: 28، وقال {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابرى سبيل حتى تغتسلوا} النساء: 43،. تفيد الآية الأولى أن المشرك لا يدخل المسجد الحرام فى مكة، لأنه نجس، وهذا رأى إمام أهل المدينة مالك وغيره، وعليه الإمام الشافعى، أما الكتابى - وهو اليهودى والنصرانى - فلا مانع من دخوله. والمراد بالمسجد الحرام الحرم كله. وقال أبو حنيفة بجواز دخول غير المسلم مطلقا المسجد الحرام والحرم، وحمل نجاسته على أنها نجاسة معنوية، وحمل قربان المسجد على المكث فيه، كما حمل دخول الحرم على الاستيطان، حيث لا يجتمع فى جزيرة العرب دينان، كما فى الحديث الذى أخرجه مالك فى الموطأ عن ابن شهاب وغيره، وأخرجه أحمد عن عائشة. أما مساجد الحل -أى غير الحرم - فمنع أهل المدينة دخولها لغير المسلم أيضا، لأنه نجس بنص القرآن، ولأن الآية الثانية تفيد أن الجنب لا يمكث فى المسجد، وإنما يكون له العبور فقط، والكافر جنب فلا يجوز له المكث فى أى مسجد. وفى الحديث " لا أحل المسجد لحائض ولا جنب " رواه أبو داود ويؤيد هذا ما روى أن أبا موسى الأشعرى دخل على عمر رضى الله عنه ومعه كتاب كتب فيه حساب عمله، فقال له عمر: ادع الذى كتب ليقرأه، فقال: إنه لا يدخل المسجد، لأنه نصرانى. فَدَلَ هذا على أنه كان حكما معروفا لديهم، وهو رواية عن أحمد. وفى رواية عنه أيضا أنه لا يجوز له الدخول إلا بإذن المسلمين، ويؤيدها أن عليا رضى الله عنه رأى مجوسيا وهو على المنبر وقد دخل المسجد، فنزل وضربه وأخرجه من أبواب كندة، فإن أذن له المسلمون جاز دخوله، بدليل أن النبى صلى الله عليه وسلم أنزل أهل الطائف فى المسجد قبل أن يسلموا، وقال سعيد بن المسيب: كان أبو سفيان يدخل مسجد المدينة وهو على شركه، واستقبل النبى صلى الله عليه وسلم " نصارى نجران فى مسجد المدينة، ولما حان وقت صلاتهم صلوا فى المسجد إلى المشرق، وقال فيهم عليه الصلاة والسلام " دعوهم ". وقد ترجم البخارى فى صحيحه دخول المشرك المسجد، وأورد حادثة ربط ثمامة بن أثال بسارية من سوارى المسجد النبوى، وكان ثمامة كافرا من بنى حنيفة، وعلى هذا الرأى أكثر الأئمة، وقصره الشافعى على الضرورة أو الحاجة، وليس بصفة مستمرة، ولعل هذا هو الرأى المناسب للفتوى. قال ابن حجر فى فتح البارى "ج 2 ص 107 " عن هذه المسألة: فيه مذاهب، فعن الحنفية الجواز مطلقا، وعن المالكية والمزنى المنع مطلقا، وعن الشافعية التفصيل بين المسجد الحرام وغيره، للآية، وقيل: يؤذن للكتابي خاصة، وحديث الباب يرد عليه، فإن ثمامة ليس من أهل الكتاب انتهى. وأرى أنه لا مانع من دخول الزوار الأجانب غير المسلمين لمساجد المسلمين إذا كانوا فى برنامج سياحى، أو لعمل هام، ما دام ذلك بإذن المسلمين، وفى ثورة 1919 م دخل القمص سرجيوس الجامع الأزهر وخطب فيه خطبة سياسية على مشهد من علماء المسلمين. دون إنكار منهم، وذلك مراعاة للظروف، واختلاف الآراء فيه رحمة. وننبه إلى وجوب احترامهم للمساجد وعدم التبذل فيها أو عمل شىء لا يوافق عليه الدين (8/492) ________________________________________ قضاء الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال سمعنا بعض الآراء تقول: من ترك الصلاة عمدا لا يجب عليه قضاؤها، فهل هذا صحيح؟
الجواب يقول جمهور العلماء: إن الصلاة إذا خرج وقتها دون أن يؤديها المسلم المكلف وجب عليه أن يقضيها، قال تعالى {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} الإِسراء: 78، يقول القرطبى، مقتضى ظاهر الآية أنه لو فعلها فى غير وقتها تكون باطلة ولا ثواب عليها. وإذا كانت باطلة فلا داعى لقضائها، مع أن فواتها معصية، ولولا حديث " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها " لم ينتفع أحد بصلاة وقعت فى غير وقتها ومن هنا كان لابد من قضاء الصلاة في غير وقتها المحدود لها. وخروج الصلاة عن وقتها قد يكون لعذر أو لغير عذر، ومن العذر النوم والسهو فمن فاتته بعذر وجب عليه قضاؤها، فقد روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " من نسى صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك " وفي رواية " إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها " فإن اللَّه عز وجل يقول {وأقم الصلاة لذكرى} طه: 14. وكذلك يجب قضاؤها لأنها صارت دينا له، وقد روى الشيخان أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن أمه التى ماتت وعليها صوم شهر هل يقضيه عنها؟ فقال له " نعم، فدين اللَّه أحق أن يقضى " وفي رواية أن امرأة سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن أمها التى نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، هل تحج عنها؟ فقال: " حجى عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا، فالله أحق بالقضاء ". فالحديث الأول يوجب القضاء على الناسى بالنص، والحديث الثانى يدل على وجوبه بعموم قضاء دين الله. ويؤكد وجوب القضاء التعبير بالكفارة، كأن النسيان ذنب فيه كفارة، مع أن القلم رفع عن الناسى. أما من ترك الصلاة حتى خرج وقتها بدون عذر، فالقضاء واجب عليه أيضا كما قال جمهور العلماء، وحجتهم فى ذلك ما يأتى: 1 - قول اللَّه تعالى {وأقيموا الصلاة} ولم يفرق بين أن تكون في وقتها أو بعده، وهذا أمر يقتضى الوجوب، فى الوقت وغير الوقت. 2 -ثبت الأمر بالقضاء على النائم والناسى، مع أنهما غير آثمين، ك لها عمدا أولى بوجوب القضاء. 3 - الحديث يقول " من نام عن صلاة أو نسيها " وهو يدل على وجوب القضاء مطلقا، لأن النسيان ترك، وهو يشمل الترك المتعمد وغير المتعمد بدليل قول الله تعالى {نسوا اللَّه فنسيهم} التوبة: 67، والله لا ينسى فمعناه أنه تركهم وقوله {فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم} السجدة: 14، والمعنى إنا تركناكم ومثله قوله تعالى {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} البقرة: 106، فمعنى ننسها نتركها. 4 - يقول الحديث " فليصلها إذا ذكرها" وهو يشمل الذكر بعد النسيان وبعد غيره، ومنه حديث " من ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى" وهو سبحانه لا ينسى حتى يكون ذكر بعد نسيان، بل المراد علمت، فمعنى ذكرها علمها. 5-أن ديون الآدميين المرتبطة بوقت، ثم جاء الوقت لم يسقط قضاؤها بعد وجوبها، وهى مما تسقط بالإبراء، فديون اللَّه لا يصح فيها الإِبراء، وأولى ألا يسقط قضاؤها إلا باذن منه، ولا يوجد هذا الإذن. 6 -أن العلماء اتفقوا على أن الفطر فى رمضان يوجب القضاء فى غير رمضان، فكذلك الصلاة إذا لم تؤد فى وقتها وجب قضاؤها فى وقت اَخر. هذا هو رأى الجمهور فى وجوب قضاء الصلاة على من تركها متعمدا، وقال أهل الظاهر وبعض علماء الشافعية بعدم وجوب القضاء عليه، تمسكا بظاهر الحديث الذى شرط للقضاء النوم أو النسيان، بل عليه أن يتوب توبة نصوحا من معصيته بترك الصلاة، وذلك بالإِقبال على أدائها والمحافظة عليها، قال تعالى {وإنى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} طه: 82. وردوا على أدله الجمهور، بما يأتى: 1 - لا يصح قياس المتعمد على الناسى، وذلك لوجود الفارق بينهما، فالناسى مأمور بالقضاء، والقضاء كفارة بمنطوق الحديث. مع أن الناسى لا إثم عليه لرفع القلم عنه، وكان مقتضى رفع الإِثم عدم وجوب القضاء، لكن الحديث نص على وجوبه، فكان هنا حكما خاصا بنسيان الصلاة، فلا يقاس عليه التعمد لتركها، وذلك للزوم الإثم له، ولا فائدة من القضاء فى رفع هذا الاثم، بل عليه التوبة. 2 -لو وجب القضاء على العامد لوجب أمر جديد له بالقضاء، ولا يوجد هذا الأمر. والحافظ ابن حجر رد على الدليل الأول بأن الكفارة لا يلزم أن تكون عن إثم، فقد تكون على الآثم كالقاتل عمدا، وعلى غيره كالقاتل خطأ، وحيث كانت كفارة الناسى هى القضاء، فكفارة المتعمد هى القضاء أيضا مع التوبة. كما رُدَّ على الدليل الثانى، بأن وجوب القضاء لا يحتاج إلى أمر جديد، فهو مأمور بأداء الصلاة بالخطاب التكليفى الأول، وتاركها صار مدينا، والدين لا يسقط إلا بأدائه. هذا، وجاء فى تفسير القرطبى أن ما روى عن مالك من قوله: من ترك الصلاة متعمدا لا يقضى أبدا، هو إشارة إلى أن ما مضى لا يعود، أو هو كلام خرج مخرج التغليظ، كما روى عن على وابن مسعود أن من أفطر فى رمضان عامدا لم يكفره صيام الدهر وإن صامه. ومع هذا فلا بد من توفية التكليف حقه بإقامة القضاء مقام الأداء، وإتباعه بالتوبة، ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء، وما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم " من أفطر يوما من رمضان متعمدا لم يجزه صيام الدهر وإن صامه " فهو حديث ضعيف خرجه أبو داود، وإن صح حمل على التغليظ. وهل يقال: إن حديث رَفْعَ القلم عن النائم حتى يستيقظ، فلماذا يأمر الرسول من نام عن الصلاة بقضائها؟ والجواب أن المراد رفع الإِثم لا رفع الفرض عنه، وليس هذا من باب قوله " وعن الصبى حتى يحتلم " وإن كان ذلك جاء فى أثر واحد، لأن رفعها عن الصبى رفع للوجوب، وبالتالى رفع للإِثم. أو يقال: إن حديث الصلاة مخصص لحديث رفع القلم، بمعنى أن حديث رفع القلم - أى عدم المؤاخذة -إن صدق على الصبى وعلى المجنون، فالصلاة مستثناة من رفع القلم، فالنائم عنها مؤاخذ وآثم، وكفارة ذلك هى قضاء الصلاة، اهـ. وهناك قول عند الحنابلة بعدم وجوب القضاء على من ترك الصلاة عمدا، وذلك إذا طلبها منه الحاكم ودعاه إلى فعلها، لأن فى هذه الحالة يكون مرتدا عندهم، لكن هذا القول - مع، كونه أحد القولين وليس بأرجحهما-مقيد بحالة مخصوصة، وهى طلب الحاكم. والخلاصة أن تارك الصلاة سهوا يجب عليه القضاء باتفاق العلماء، وتاركها عمدا يجب عليه القضاء عند الجمهور وهو الصحيح، والإِنسان حر فى كيفية القضاء من حيث الترتيب وعدمه على ما رآه بعض الفقهاء -وربما وضحناه فى موضع اَخر- ونختار هذا الرأى للتيسير، كما أنه يقضى ما علم أو غلب على ظنه تركه بعد الاجتهاد فى حصر المتروك، ولا معنى لانشغاله بالنوافل التى لا يحاسب عليها مع الإهمال فى القضاء. وعلى تارك الصلاة عمدا - مع وجوب القضاء - أن يتوب إلى اللَّه ويواظب عليها ويندم على تقصيره ويعزم عزما صادقا على عدم التهاون فيها. كما يُسَنُّ له أن يبادر بالقضاء قبل مباغتة الأجل أو تغير الظروف التى يعجز معها عن القضاء. ومن مات وهو يقضى ولم يتم الوفاء فأمره مفوض إلى ربه، وبحسب نيته تكون آخرته، والرجاء فى رحمة اللَّه كبير (8/493) ________________________________________ ترك الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم تارك الصلاة، هل هو كافر أو مؤمن عاص؟
الجواب الصلاة ركن من أركان الإسلام، ومنزلتها من الإِيمان بمنزلة الرأس من الجسد، والنصوص كثيرة فى وجوب المحافظة عليها، وفى التحذير من تركها أو التهاون فيها، ومن أخطر ما ورد قى تركها حديث رواه مسلم " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ". وهذا الحديث يدل ظاهره على ما ذهب إليه من قال إن الإِيمان عقيدة وعمل، يقول النووى فى شرح هذا الحديث ما ملخصه: تارك الصلاة إن كان منكرا لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين خارج من ملة الإِسلام إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه. وإن كان تركه تكاسلا مع اعتقاده وجوبها كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف العلماء فيه، فذهب مالك والشافعى وجماهير السلف والخلف إلى أنه لا يكفر بل يفسق ويستتاب، فإن تاب وإلا قتلناه حدا كالزانى المحصن، ولكنه يقتل بالسيف، وذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر، وهو مروى عن على وإحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل وهو وجه لبعض أصحاب الشافعى، وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزنى صاحب الشافعى إلى أنه لا يكفر-ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلى. ثم ذكر حجة القائلين بكفره وهى ظاهر الحديث والقياس على - كلمة التوحيد، وحجة القائلين بعدم قتله وهى حديث " لا يحل دم امرىء إلا بأحد ثلاث " وليس فيه ترك الصلاة، ومن قال لا يكفر احتج بقوله تعالى {إن اللَّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} . وبحديث " من قال لا إله إلا اللَّه دخل الجنة " وحديث " حرم على النار من قال لا إله إلا الله " وغيرها من الأعمال كالصلاة ونحوها. ومع قولهم بعدم كفره قالوا بقتله حدا إن لم يتب محتجين بقوله تعالى " فإن تابوا وأقاموا الصلاة واَتوا الزكاة فخلوا سبيلهم " أى لا تقتلوهم إن فعلوا ذلك، ومفهومه يقتلون إن لم يفعلوا. وبحديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا عصموا منى دماءهم وأموالهم ". وأجاب هؤلاء الذين لا يكفرون تارك الصلاة عن الحديث " بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " بأن المعنى أنه يستحق عقوبة الكفر وهى القتل، أو أنه محمول على المستحل، أو على أنه قد يؤول به إلى الكفر أو أن فعله فعل الكفار انتهى. ذكر السبكى فى طبقات الشافعية أن الشافعى وأحمد تناظرا فى تارك الصلاة فقال الشافعى: أحمد أتقول أنه يكفر؟ قال نعم، قال إذا كان كافرا فبم يسلم؟ قال: يقول لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه، قال الشافعى: فالرجل مستديم لهذا القول لم يتركه، قال: يسلم بأن يصلى قال: صلاة الكافر لا تصح، ولا يحكم له بالإِسلام بها، فسكت أحمد. ومن ترك الصلاة كسلا مع الإِيمان بوجوبها عليه يجب نصحه بالحكمة والموعظة الحسنة، فإن لم يتب وجبت مقاطعته وكراهيته وحَرُمَ حبه ومودته. فذلك مظهر الإِنكار بالقلب الوارد فى حديث تغيير المنكر، وقد حدث أن النبى صلى الله عليه وسلم هجر المتخلفين عن غزوة تبوك بغير عذر وأمر أصحابه بهجرهم، على أن يكون الهجر بدافع دينى لا لغرض شخصى، والأعمال بالنيات. ولو أن المؤمنين الطائعين قاطعوا العصاة وهجروهم لكان ذلك من أكبر العوامل على مراجعة أنفسهم وتوبتهم إلى اللَّه، ضرورة حاجتهم إلى التعامل مع إخوانهم (8/494) ________________________________________ جمع التبرعات أثناء الخطبة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز جمع التبرعات أثناء خطبة الجمعة؟
الجواب روى مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مسَّ الحصا فقد لغا". قال العلماء: لقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن اللغو حال خطبة الجمعة، وحكمته أن فيه تشويشا على الخطيب بالكلام أو بأى عمل آخر، وأن فيه انصرافا عن الاستماع إليه. قال أبو حنيفة ومالك والشافعى وعامة العلماء: يجب الإنصات للخطبة، وبخاصة إذا تلى فيها قرآن، قال تعالى {وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} الأعراف: 204، وقال أيضا {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون} فصلت: 26، وقال أبو حنيفة: يجب الإنصات حتى قبل الخطبة، من حين خروج الإمام إليها. وقول الحديث: " ومن مس الحصا فقد لغا" يشير إلى أن كل ما يصرف الإنسان عن الاستماع إلى الخطبة يبطل ثواب الجمعة، وذلك كمس الحصا الذى كان يفرش به المسجد النبوى، ومثله اللهو بالمسبحة وبأى شىء آخر، فهو لغو أى باطل مذموم. ولما كان حامل صندوق التبرعات منصرفا عن الاستماع ومشوشا على غيره بصوت النقود المعدنية التى تقرع قاع الصندوق، وبمشيه بين الصفوف الذى قد يكون معه تخطً للرقاب وهو منهى عنه نهيا شديدا، وقد يشغل المتبرع بإخراج النقود فينصرف عن سماع الخطبة-لما كان ذلك كان جمع التبرعات بهذه الطريقة منافيا لواجب الاستماع إلى الخطبة، وليست هذه حالة ضرورة حتى يباح لها المحظور، فإن جمع التبرعات ممكن بعد الانتهاء من الصلاة. وقد جاء النهى عن تخطى الرقاب يوم الجمعة مقيدا بأنه يكون بعد خروج الإمام للخطبة، كما فى رواية أحمد والطبرانى، أو يكون أثناء الخطبة كما فى رواية لأحمد وأبى داود والنسائى وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما، حيث رأى النبى صلى الله عليه وسلم رجلا يتخطى رقاب الناس وهو يخطب، فقال له " اجلس، فقد آذيت " وجاء النهى مطلقا لم يقيد بهذين القيدين كما فى رواية ابن ماجة والترمذى " من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسرا إلى جهنم " وقال الترمذى: حديث غريب، أى رواه راو واحد فقط والعمل عليه عند أهل العلم. واعتمادا على هذه الروايات يمكن أن يقال: لو كان جمع التبرعات قبل خروج الإمام للخطبة وليس فيه تخط للرقاب لم يكن ذلك ممنوعا. والأفضل -كما قلنا-أن يكون ذلك بعد الانتهاء من الصلاة (8/495) ________________________________________ تحية المسجد والإمام يخطب
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال إذا دخل رجل المسجد والإمام يخطب الجمعة فهل يجوز له أن يصلى تحية المسجد، مع أن الاستماع للخطبة واجب؟
الجواب روى مسلم أن سليكا الغطفانى جاء يوم الجمعة ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال له " يا سليك، قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما " ثم قال " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما " وفيه عدة روايات. يقول النووى فى شرح صحيح مسلم "ج 6 ص 164 ": هذه الأحاديث كلها صريحة فى الدلالة لمذهب الشافعى وأحمد وإسحاق وفقهاء المحدثين أنه إذا دخل الجامع يوم الجمعة والإِمام يخطب، استحب له أن يصلى ركعتين تحية المسجد، ويكره الجلوس قبل أن يصليهما، وأنه يستحب أن يتجوز فيهما ليسمع بعدها الخطبة، وحكى هذا المذهب أيضا عن الحسن البصرى وغيره من المتقدمين. قال القاضى: وقال مالك والليث وأبو حنيفة والثورى وجمهور السلف من الصحابة والتابعين: لا يصليهما. وهو مروى عن عمر وعثمان وعلى رضى اللَّه عنهم، وحجتهم الأمر بالإِنصات للإِمام، وتأولوا هذه الأحاديث على أنه -يعنى سليكا - كان عريانا فأمره النبى صلى الله عليه وسلم بالقيام ليراه الناس ويتصدقوا عليه. وهذا تأويل باطل يرده صريح قوله صلى الله عليه وسلم " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإِمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما " وهذا نص لا يتطرق إليه أى تأويل لأنه عام لا يخص سليكا وحده ولا أظن عالما يبلغه هذا اللفظ صحيحا فيخالفه. ثم قال النووى: وفى هذه الأحاديث أيضا جواز الكلام فى الخطبة لحاجة، وفيها جوازه للخطيب وغيره، وفيها الأمر بالمعروف والإرشاد إلى المصالح فى كل حال وموطن. وفيها أن تحية المسجد ركعتان، وأن نوافل النهار ركعتان وأن تحية المسجد لا تفوت بالجلوس فى حق جاهل حكمها، وقد أطلق أصحابنا - الشافعية - فواتها بالجلوس، وهو محمول على العالم بأنها سنة، أما الجاهل فيتداركها عن قرب لهذا الحديث. والمستنبط من هذه الأحاديث أن تحية المسجد لا تترك فى أوقات النهى عن الصلاة، وأنها ذات سبب تباح فى كل وقت، ويلحق بها كل ذوات الأسباب، كقضاء الفائتة ونحوها، لأنها لو سقطت فى حال لكان هذا الحال أولى بها، فانه مأمور باستماع الخطبة فلما ترك لها استماع الخطبة وقطع النبى صلى الله عليه وسلم لها الخطبة وأمر بها بعد أن قعد وكان هذا الجالس جاهلا حكمها -دل على تأكدها وأنها لا تترك بحال ولا فى وقت من الأوقات.انتهى. وبعد، فقد تحدث العلماء قديما وحديثا فى هذا الموضوع، وقد علمنا مما تقدم اْنه من الأمور الخلافية، فلا ينبغى التعصب لرأى خلافى، فمن صلى تحية المسجد قبل أن يجلس والإِمام يخطب لم يرتكب إثما، وكذلك من دخل وجلس ولم يصل التحية لم يرتكب إثما، ومن جلس ولم يصل ثم قام يصلى أثناء الخطبة وكان جاهلا بذلك فيوجه برفق لا شوشرة فيه (8/496) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 11:57 pm | |
| قصر الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هو حد السفر الذى يبدأ منه قصر الصلاة، هل هو مغادرة المنزل أو مغادرة الحى أو مغادرة المدينة؟
الجواب من المعلوم أن قصر الصلاة الرباعية فى السفر بأدائها ركعتين أمر مشروع، سواء جُعِلَ ذلك رخصة لا يضر الأخذ بها أو عزيمة يجب الأخذ بها، قال تعالى {وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} النساء: 100،. وقد وضع الفقهاء لذلك شروطا منها مجاوزة محل الإِقامة، وذلك لتحقيق السفر الذى بنى قصر الصلاة على أساسه. وكلهم متفقون على ذلك، مع اختلافهم فى تحديد المجاوزة، هل تكون بمجاوزة سور البلد أو عمرانها أو مينائها البحرى أو الجوى، أو خيام البادية. أو الملاعب والمرافق المتصلة بالبلد ولم يقل واحد من الفقهاء الأربعة بجواز قصر الصلاة عند نية السفر وهو يجهز أدواته فى بيته، أو عند مغادرة بيته قبل أن ينفصل عن العمران، فالمسافر من القاهرة مثلا لا يجوز له قصر الصلاة وهو منتظر فى محطة السكة الحديد أو فى المطار، بل ولا هو راكب للقطار أو الطائرة قبل التحرك، فلا بد من تحقق ما يطلق عليه العرف اسم السفر، وذلك إلى جانب الشروط الأخرى ككون السفر طويلا وكونه مباحا. هذا، وقد جاء فى نيل الأوطار للشوكانى (ج 3 ص 220) ما نصه: وقد اختلف أيضا فيمن قصد سفرا يقصر فى مثله الصلاة على اختلاف الأقوال من أين يقصر؟ فقال ابن المنذر: أجمعوا على أن لمريد السفر أن يقصر إذا خرج عن جميع بيوت القرية التى يخرج منها، واختلفوا فيما قبل الخروج من البيوت، فذهب الجمهور إلى أنه لابد من مفارقة جميع البيوت، وذهب بعض الكوفيين إلى أنه إذا أراد السفر يصلى ركعتين ولو فى منزله. ومنهم من قال: إذا ركب قصر إن شاء. ورجح ابن المنذر الأول بأنهم اتفقوا على أنه يقصر إذا فارق البيوت، واختلفوا فيما قبل ذلك، فعليه الإتمام على أصل ما كان عليه حتى يثبت أن له القصر. قال: ولا أعلم أن النبى صلى الله عليه وسلم وآله وسلم قصر فى سفر من أسفاره إلا بعد خروجه من المدينة (8/497) ________________________________________ صلاة التسابيح
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هى صلاة التسابيح، وهل هى مشروعة أو غير مشروعة؟
الجواب حديث صلاة التسابيح رواه أبو داود وابن ماجة وابن خزيمة فى صحيحه والطبرانى، وقد روى من طرق كثيرة وعن جماعة من الصحابة كما قاله الحافظ ابن حجر، ومن أمثلتها حديث عكرمة بن عباس الذى قال فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب " إن استطعت أن تصليها فى كل يوم مرة فافعل، فان لم تستطع ففى كل جمعة مرة، فان لم تفعل ففى كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففى عمرك مرة " وقد صحح هذا الحديث جماعة من الحفاظ. وقال بعض الرواة: إن صح الخبر فإن فى القلب من هذا الإِسناد شيئا. وذكر الإمام النووى فى كتابه " الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار" أن الترمذى قال: قد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم غير حديث فى صلاة التسابيح، ولا يصح منه كبير شىء. ورأى ابن المبارك وغير واحد من أهل العلم صلاة التسابيح، وذكروا الفضل فيها: ثم روى الترمذى حديث العباس الذى نقله أبو رافع وقال عنه: حديث غريب. ثم قال الإِمام أبو بكر بن العربى فى كتابه " الأحوذى فى شرح الترمذى " حديث أبى رافع هذا ضعيف ليس له أصل فى الصحة ولا فى الحسن، وإنما ذكره الترمذى لينبه عليه لئلا يُغْتر به، وقول ابن المبارك ليس بحجه. هذا كلام أبى بكر بن العربى، وذكر أبو الفرج بن الجوزى أحاديث صلاة التسابيح وطرقها، ثم ضعَّفها كلها وبيَّن ضعفها، وقال النووى: وقد نص جماعة من أئمة أصحابنا - الشافعية - على استحباب صلاة التسابيح، منهم البغوى والرويانى الذى نقل عن عبد اللَّه بن المبارك أنها مرغب فيها، يستحب أن يعتادها فى كل حين ولا يتغافل عنها والحافظ المنذرى أورد فيها روايات كثيرة ذكر أن بعضها صحيح وأن فيها اختلافا كثيرا وجاء فى كتاب المغنى 0 لابن قدامة أن أحمد بن حنبل قال عنها: ما تعجبنى، قيل له: ولم؟ قال: ليس فيها شىء يصح ونفض يده كالمنكر. وبعد عرض هذه الأقوال والآراء يمكن أن يقال: إنه لا مانع من صلاتها، فإنها فضيلة، والأحاديث الضعيفة تقبل فى فضائل الأعمال كما قاله كثير من العلماء. وهى من جنس الصلوات، وفيها ذكر لله، ولم تشتمل على ما يتعارض مع الأصول الثابتة. أما كيفيتها فهى أربع ركعات، تصلى ركعتين ركعتين، أو تصلى أربعا بنية واحدة. يقرأ المصلى فى كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة، وبعد السورة وقبل الركوع يسبح خمس عشر مرة، وفى الركوع يسبح عشرا وفى الاعتدال منه يسبح عشرا، وفى السجود الأول كذلك، وبين السجدتين كذلك، وفى السجود الثانى كذلك، وعقب السجود الثانى كذلك، فالجملة فى الركعة الواحدة خمس وسبعون تسبيحه، وفى الركعات الأربعة ثلاثمائة تسبيحة، وليست هناك صيغة معينة للتسبيح، ومن أمثلها " سبحان اللَّه والحمد لله ولا إلا إله اللَّه واللَّه أكبر ". وأؤكد أن صلاتها ليست بدعة ضلالة، فهى كصلاة أى تطوع زيدت فيه هذه التسبيحات، وتسبيح الله مأمور به بكرة وأصيلا، والصلاة خير موضوع، وما دام بعض الفقهاء قال بها فلا وجه للإنكار عليها. وفضل هذه الصلاة كما فى الحديث الذى رواه أبو داود وابن ماجة وابن خزيمة، وقول النبى للعباس فيه " يا عماه ألا أعطيك ألا أمنحك ألا أحْبُوكَ ألا أفعل لك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر اللَّه لك ذنبك أوله وآخره وقديمه وحديثه وخطأه وعمده وصغيره وكبيره وسره وعلانيته عشر خصال أن تصلى أربع ركعات. . . ". وينبغى أن نعلم أن الذنوب التى تكفرها صلاة التسابيح هى الصغائر، أما الكبائر فلابد لتكفيرها من التوبة النصوح، ويقال مثل ذلك فى الصلوات النافلة التى يجازى عليها بالمغفرة (8/498) ________________________________________ التنكيس فى القراءة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نرى بعض الأئمة يصلون التراويح بآيات متناثرة من القرآن، وقد يقرأ فى الركعة الأولى آيات من آخر السورة، وفى الثانية آيات من أولها، أو من سورة متقدمة على السورة الأولى، فهل يسمى هذا تنكيسًا وما حكمه؟
الجواب ورد في الصحيح أن حذيفة صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فسمعه قرأ فى الركعة الأولى البقرة، ثم افتتح آل عمران، ثم ركع ... رواه مسلم "ج 6 ص 61". قال القاضى عياض: إن ترتيب السور ليس بواجب فى الكتابة ولا فى الصلاة ولا فى الدرس ولا فى التلقين والتعليم، وإنه لم يكن من النبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك نص، ولا تحرم مخالفته. ثم قال: ولا خلاف أنه يجوز للمصلى أن يقرأ فى الركعة الثانية سورة قبل التى قرأها فى الأولى. وإنما يكره ذلك فى ركعة، ولمن يتلو فى غير الصلاة. قال: وقد أباحه بعضهم، وتأويل نهى السلف عن قراءة القرآن منكوسا على من يقرأ من آخر السورة إلى أولها، ولا خلاف فى أن ترتيب آيات كل سورة بتوقيف من الله تعالى على ما بنى عليه الآن فى المصحف. وهكذا نقلته الأمة عن نبيها صلى الله عليه وسلم "نيل الأوطار للشوكانى ج 2 ص 237 ". وبهذا يعلم أن مخالفة ترتيب المصحف فى قراءة السور ليست محرمة، بل هى مكروهة فقط، والكراهة مرتبة أقل من الحرمة، بمعنى أنها لا مؤاخذة عليها. أما مخالفة الترتيب فى قراءة الآيات فلم أر حديثا عن النبى صلى الله عليه وسلم فيها، بل الوارد إنما هو عن السلف. وقد جاء فى نهاية ابن الأثير- مادة نكس -: وفى حديث ابن مسعود قيل له: إن فلانا يقرأ القرآن منكوسا. فقال: ذلك منكوس القلب. قيل هو أن يبدأ من آخر السورة حتى يقرأها إلى أولها، وقيل: هو أن يبدأ من آخر القرآن فيقرأ السور، ثم يرتفع إلى البقرة. اهـ. وقد علمت أن الثانى ليس بمحرم، والأول هو المنهى عنه (8/499) ________________________________________ أذانان للفجر
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل هناك أذان واحد للفجر أم أذانان، وما هو الأذان المعتبر للصلاة والصيام وهل التوقيت الموجود حاليا فى النتائج صحيح؟
الجواب يقول اللَّه سبحانه فى شأن الصيام، {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل} البقرة: 187، ويقول فى شأن الصلاة {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} ، الإسراء: 78، وروى البخارى ومسلم عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا يمنعنكم أذان بلال عن سحوركم فإنه ينادى بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر". ورويا أيضا عن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادى ابن أم مكتوم " وكان رجلا أعمى لا ينادى حتى يقال له: أصبحت أصبحت. وروى الحاكم عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الفجر فجران، فأما الفجر الذى يكون كذنب السرحان - الذئب - فلا يحل الصلاة ويحل الطعام، وأما الذى يذهب مستطيلا- أى ممتدا فى الأفق - فإنه يحل الصلاة ويحرم الطعام " ومن رواية البخارى أنه صلى الله عليه وسلم مد يده عن يمينه ويساره. يؤخذ من هذا أنه كان هناك أذانان للفجر أيام النبي صلى الله عليه وسلم الأذان الأول كان للتنبيه والاستعداد للصيام، والثانى كان للامتناع عن الطعام والشراب وبدء الصوم وحل صلاة الفجر. كما يؤخذ أن هناك ضوأين فى آخر اليل، أحدهما يظهر فى الأفق من أعلى إلى أسفل كالعمود، والثانى كان يظهر بعده ممتدا فى الأفق عرضا يمينا ويسارا، والثانى هو الفجر الصادق المعول عليه فى الصيام وصلاة الفجر، وجاء فى رواية لمسلم عن المدة التى بين الأذانين ما نصه: ولم يكن بينهما -أى بلال وابن أم مكتوم -إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا. وجاء فى رواية للبخارى ومسلم أن مهمة أذان بلال أن يرجع القائم ويوقظ النائم. وهنا تثار عدة استفهامات: 1-هل هذان الأذانان للفجر فقط أو لكل الأوقات؟ 2-وهل هما لرمضان فقط أو لكَل الشهور؟ . 3-وما هو مبدأ الأذان الأول؟ 4-وهل ألفاظ الأذانين واحدة، أو أن للأول ألفاظا خاصة؟ 5-وهل يجوز اتخاذ أكثر من مؤذن للمسجد الواحد؟ وللإجابة على ذلك نقول: 1-الجمهور على أن الأذانين هما للفجر خاصة، ولا يجوز أن - يكون هناك أذان سابق على دخول الوقت فى غير الفجر. 2- والجمهور أيضا على أن الأذانين للفجر لا تختص مشروعيتهما بشهر رمضان. فكما يكون الأول للسحور يكون للاستعداد لصلاة الفجر، أو تنظيم قيام الليل. 3- وبدء الأذان الأول مختلف فيه. فقيل يشرع وقت السحر، ورجحه جماعة من أصحاب الشافعى، وقيل يشرع من النصف الأخير، ورجحه النووى وتأول القول الذى يخالفه، وقيل يشرع للسبع الأخير فى الشتاء، أما فى الصيف فلنصف السبع، وقيل وقته الليل جميعه، وقيل بعد آخر وقت الاختيار للعشاء. لكن قد يؤخذ تعيين مبدئه من رواية النسائي والطحاوى من حديث عائشة: أنه لم يكن بين أذان بلال وابن أم مكتوم إلا أن يرقى هذا وينزل هذا، وكانا يؤذنان فى بيت مرتفع كما أخرجه أبو داود، فيكون الأذان الأول قبل الفجر بقليل، لكن جاء فى شرح النووى لصحيح مسلم: قال العلماء: معناه أن بلالا كان يؤذن قبل الفجر ويتربص بعد أذانه للدعاء ونحوه،.ثم يرقب الفجر فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن أم مكتوم، فيتأهب ابن أم مكتوم بالطهارة وغيرها، ثم يرقى ويشرع فى الأذان مع أول طلوع الفجر. اهـ. وهذا يدل على أن الأذان الأول كان قبل الوقت بوقت طويل لا يمكن تحديده 4- وألفاظ الأذانين واحدة عند الجمهور. وقال بعض الحنفية: إن النداء الأول لم يكن بألفاظ الأذان المعروفة، وإنما كان تذكيرا كما يقع للناس اليوم، ورده الجمهور بأن التذكير محدث قطعا ولم يكن أيام النبي صلى الله عليه وسلم وقد تضافرت الأحاديث على التعبير بلفظ الأذان قطعا، فحمله الجمهور على معناه الشرعى. ولأن الأذان الأول لو كان بألفاظ مخصوصة لما التبس على السامعين ولما قال لهم الرسول " لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال " كما رواه مسلم. وأما التواشيح المعتادة اليوم فحكمها مذكور فى موضع اَخر. 5- والحديث يدل على جواز اتخاذ مؤذنين فى وقت واحد أما الزيادة عليهما فليس فى الحديث تعرض لها، ونقل عن بعض أصحاب الشافعى أنه يكره الزيادة على أربعة، لأن عثمان بن عفان رضى اللَّه عنه اتخذ أربعة، ولم تنقل الزيادة عن أحد من الخلفاء الراشدين. وجوزه بعضهم من غير كراهة، لأن الزيادة إذا جازت لعثمان على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم جازت لغيره، قال أبو عمر بن عبد البر وإذا جاز اتخاذ مؤذنين جاز أكثر من هذا العدد، إلا أن يمنع من ذلك ما يجب التسليم له "يعنى نص أو خبر يعتمد عليه ". والمستحب أن يتعاقبوا واحدا بعد واحد كما اقتضاه الحديث إن اتسع الوقت لذلك كصلاة الفجر، فإن تنازعوا فيمن يبدأ منهم أقرع بينهم "ملخص من نيل الأوطار للشوكانى ج 2 ص 51 - 53 ". هذا، وقد خالفت بعض الجماعات التقويم المعمول به لأوقات الصلاة وبخاصة الفجر وقالوا: إنه بعد التوقيت المنشور "بالنتائج " بثلث ساعة ورد على ذلك المكتب الفنى لوزارة الأوقاف المصرية بأن التقويم المعمول به الاَن صادر عن أصحاب الاختصاص من علماء الفلك والتقويم،ويجب اتباعه حتى لا يكون هناك فارق بين ما جاء به الدين وما يقول به العلم.اهـ. وفد أفتت دار الإفتاء المصرية بتاريخ 22 من نوفمبر سنة 1981 م بما نصه: إن الحساب الفلكى لمواقيت الصلاة الذى تصدره هيئة المساحة المصرية عرض على لجنة متخصصة من رجال الفلك والشريعة فانتهت إلى أن الأسلوب المتبع فى حساب مواقيت الصلاة فى جمهورية مصر العربية يتفق من الناحية الشرعية والفلكية مع رأى قدامى علماء الفلك المسلمين. واستئنافا لذلك ستشكل لجنة أخرى لمتابعة البحث. وقرر المفتى الالتزام بالمواقيت المذكورة، لأنها موافقة لما جاء فى الأحاديث التى رواها أصحاب السنن مما علَّمه جبريل للنبى صلى الله عليه وسلم. وأمر المفتى من يقولون فى الدين بغير علم أن يتقوا الله حتى لا يضلوا الناس فى دينهم، وألا يلبسوا الدين بأغراض أخرى يبتغونها، فالحق أحق أن يتبع "الفتاوى الإسلامية مجلد 8 ص 2733 " (8/500) ________________________________________ أذان النبى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن للصلاة، وما الحكمة من ذلك؟
الجواب جاء فى كتاب "نور الأبصار للشبلنجى ص 49" قال النيسابورى: الحكمة فى كونه صلى الله عليه وسلم كان يؤم ولا يؤذن أنه لو أذن لكان من تخلف عن الإجابة كافرا، وقال أيضا: ولأنه كان داعيا فلم يجز أن يشهد لنفسه. وقال غيره: لو أذن وقال: أشهد أن محمدًا رسول الله لتوهم أن هناك نبيا غيره. وقيل لأن الأذان رآه غيره فى المنام فوكله إلى غيره. وأيضا ما كان يتفرغ إليه من أشغال. وأيضا قال الرسول صلى الله عليه وسلم "الإمام ضامن والمؤذن أمين " رواه أحمد وأبو داود والترمذي، فدفع الأمانة إلى غيره. وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: إنما لم يؤذن لأنه كان إذا عمل عملا أثبته، أى جعله دائما، وكان لا يتفرغ لذلك، لاشتغاله بتبليغ الرسالة، وهذا كما قال عمر: لولا الخلافة لأذنت. وأما من قال: إنه امتنع لئلا يعتقد أن الرسول غيره فخطأ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقول فى خطبته: وأشهد أن محمدا رسول اللَّه. هذا، وجاء في نيل الأوطار للشوكانى "ج 2 ص 36" خلاف العلماء بين أفضلية الأذان والإمامة وقال فى معرض الاستدلال على أن الإمامة أفضل: إن النبى صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده أمُّوا ولم يؤذنوا، وكذا كبار العلماء بعدهم (9/1) ________________________________________ الإعلان فى ميكروفون المسجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى إعلام الناس عن موت أحد الأشخاص باستخدام مكبرات الصوت بالمساجد؟
الجواب يقول اللَّه سبحانه {فى بيوت أذن اللَّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللَّه وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة} النور: 360، 37، وروى مسلم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال " من سمع رجلا ينشد ضالة فى المسجد فليقل لا ردها اللَّه عليك، فان المساجد لم تبن لهذا" وروىَ النسائى والترمذى بطريق حسن أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيتم من يبيع أو يتباع - أى يشترى - فى المسجد فقولوا له: لا أربح اللَّه تجارتك ". يؤخذ من هذه النصوص أن المساجد بيوت اللَّه جعلت للعبادة وعمل الخير، وينبغى أن يتوافر فيها الهدوء حتى لا يكون إيذاء أو مضايقة للمتعبدين فيها، كما ينبغى أن تصان حرمتها ولا يزاول فيها ما يخل بكرامتها، كالتخاصم والنداء على الأشياء المفقودة وغيرها. فإذا لم يكن شيء من ذلك جاز رفع الصوت فى المسجد، وجاء فى شرح النووى لصحيح مسلم "ج 5 ص 55 " أن أبا حنيفة ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك أجازا رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة - أى التقاضى- وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس لأنه مجتمعهم ولا بد لهم منه. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقبل الوفود فى المسجد، ويتلقى فيه تبرعات المحسنين، ويوزع فيه الأموال المستحقة، بل سمح بنصب خيمة فى غزوة الأحزاب لاستقبال الجرحى وتمريض المجاهدين،كما سمع إنشاد الشعر فيه من حسان بن ثابت، فالحكم مبنى على عدم التشويش على المصلين والمتعبدين وعدم الإخلال بحرمة المسجد، ولا شك أن ما سمح به الرسول كان مراعى فيه هذه الحكمة، أما ما منعه كالتجارة ونشدان الضالة فكان مراعى فيه أنه يتنافى مع هذه الحكمة، ومعروف أن البيع والشراء فيه مساومة وكلام يشوش على من فى المسجد، وكذلك نشدان الضالة فيه مساومة على الجعل الذى يدفع عند إحضار الضالة، وفيه استفسار عن مواصفاتها. والاستدلال على المنع بقوله تعالى {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} ، الجن: 18، لا محل له هنا، لأن الآية ورادة فيمن يشركون مع اللَّه غيره فى العبادة، كما كان المشركون يفعلون ذلك فى المسجد الحرام عندما كان مملوءا بالأصنام. والسيوطى فى كتابه "الحاوى للفتاوى" وضح ذلك بما لا يحتاج إلى مزيد، وقال: نص النووى فى شرح المهذب على أنه يكره رفع الصوت بالخصومة فى المسجد ولم يحكم عليه بالتحريم وكذا رفع الصوت بالقراءة والذكر إذا أذى المصلين والقيام نصوا على كراهته لا تحريمه، والحكم بالتحريم يحتاج إلى دليل واضح صحيح الإسناد غير معارض، ثم إلى نص من أحد أئمة المذاهب، وكل من الأمرين لا سبيل إليه. انتهى. ومن هنا يمكن أن نقول: إن الإعلان عن الوفاة ليس مصلحة شخصية بقدر ما هو مصلحة عامة، فإذا كان مكبر الصوت - الميكروفون - لا يشوش على المصلين والمتعبدين فلا وجه لمنع الإعلان فيه عن الوفاة، أما إذا كان فيه تشويش فيكون ممنوعا ودرجة المنع هى الكراهة لا الحرمة (9/2) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 11:58 pm | |
| الصلاة بالثياب اللاصقة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز صلاة الرجل أو المرأة بملابس لاصقة بالجسد؟
الجواب ستر العورة فى الصلاة لا يقصد منه بالذات منع الفتنة، فقد يصلى الإنسان وحده دون رؤية أحد له، بل القصد منه هو الأدب مع الله سبحانه، وتنفيذ أمره بقوله تعالى {يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} ، الأعراف: 31،وبالمأثور عن النبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك. ومن هنا قال جمهور العلماء: لا مانع من ستر العورة فى الصلاة بما يحدد شكلها بالملابس اللاصقة ما دامت العورة لا تراها العين. وقال مالك: تعاد الصلاة فى الوقت بثوب غير محدد (9/3) ________________________________________ هل قدم المرأة عورة فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى صلاة المرأة وقدماها عاريتان؟
الجواب جسم المرأة كله عورة فى الصلاة ما عدا وجهها وكفيها، فلو ظهر شيء منه بطلت الصلاة، والتى تصلى بملابس قصيرة كشفت عورتها المخففة عند مالك، فتصح صلاتها وإن كان كشفها حراما أو مكروها. ولكن تنبغى إعادتها بستر كامل ما دام وقت الصلاة باقيا، فإن خرج وقتها فلا إعادة مع بقاء المؤاخذة عليها. وقدم المرأة من العورة المخففة عند مالك، وحكم كشفه هو ما ذكر، وبطن القدمين عورة يجب سترها عند الشافعية والأحناف، وظاهرهما عورة عند الشافعية يجب سترها، وليس بعورة عند الأحناف لو انكشف لا تبطل الصلاة. وستر القدمين قد يكون بالجورب غير الشفاف، وقد يكتفى فيه بالثوب الطويل السابغ المغطى لهما عند السجود بالذات (9/4) ________________________________________ القنوت
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل القنوت فى الصلاة مشروع، وإذا كان مشروعا فهل هو فى كل الصلوات، وهل له صيغة محدودة؟
الجواب القنوت وهو الدعاء مشروع في الصلوات الخمس عند النوازل، لحديث ابن عباس رضى اللَّه عنهما: قنت الرسول صلى الله عليه وسلم فى الصلوات الخمس مدة شهر، يدعو على حى من بنى سليم: رعل وذكوان وعصية، لأنهم قتلوا بعض الصحابة الذى أرسلهم ليعلموهم. رواه أبو داود وأحمد، كما روى البخارى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع. وجاء فيه: قال: يجهر بذلك ويقول فى بعض صلاته وفى صلاة الفجر "اللهم العن فلانا وفلانا " حيبن من أحياء العرب، حتى أنزل الله تعالى {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون} آل عمران: 128. والقنوت فى الصبح على هذا مشروع عند النوازل كبقية الصلوات، أما فى غير النوازل فللفقهاء فيه أقوال خلاصتها. قال الحنفية والحنابلة بعدم مشروعيته، مستدلين بما رواه ابن حبان وابن خزيمة وصححه عن أنس:: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت فى صلاة الصبح إلا إذا دعا لقوم أو دعا عليهم. وقال المالكية والشافعية بمشروعيته. ودليلهم ما رواه الجماعة إلا الترمذى أن أنس بن مالك سثل هل قنت النبي صلى الله عليه وسلم فى صلاة الصبح؟ فقال: نعم، ورواه أحمد والبزار والدارقطنى والبيهقى والحاكم وصححه عن أنس قال: ما زال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقنت فى الفجر حتى فارق الدنيا. ومناقشة هذه الأدلة وبيان الأرجح من الأقوال يمكن الرجوع إليه فى كتاب "زاد المعاد لابن القيم " الذى بين فى سرده للروايات أن أهل الحديث توسطوا بين من ينكرون القنوت مطلقا حتى فى النوازل وبين من يستحسنونه مطلقا عند النوازل وغيرها، فهم لا ينكرون على من داوم عليه ولا يكرهونه فعله، ولا يرونه بدعة ولا فاعله مخالفا للسنة،كما لا ينكرون على من أنكره عند النوازل ولا يرون تركه بدعة ولا تاركه مخالفا للسنة، بل من قنت فقد أحسن، ومن تركه فقد أحسن، وهذا من الاختلاف المباح الذى لا يعنف فيه من فعله ولا من تركه، وذلك كرفع اليدين في الصلاة وتركه. وأنا أقول: إن الخلاف بسيط، وهو فى سنة وليس فى فرض، والدين يسر. هذا وقد روى أحمد وأصحاب السنن عن أبى مالك الأشجعى أنه قال عن قنوت الفجر إنه بدعة، لأنه صلى خلف النبي وأبى بكر وعمر وعلى فلم يرهم يقنتون، كما روى الدارقطنى أن ابن عباس كان يقول: إن القنوت فى صلاة الفجر بدعة. ويمكن الجمع بين روايات الإثبات وروايات النفى بأن هؤلاء المروى عنهم كانوا يقنتون أحيانا ولا يقنتون أحيانا أخرى، لأنه سنة وليس بفرض ولا واجب، والمثبت مقدم على النافى كما هو معلوم، وإذا كان بعض الصحابة لم يقنت لأنه لم يره من النبى صلى الله عليه وسلم فإن عدم الرؤية لا يدل على النفى المطلق، وقد ذكر ابن حزم أن ابن مسعود الذى كان لا يقنت خفى عليه وضع الأيدى على الركب فى الركوع، وأن ابن عمر الذى لم يحفظه عن أحد من الأصحاب كما رواه البيهقى خفى عليه المسح على الخفين. هذا فى قنوت الصبح، أما فى قنوت الوتر فهو سنة عند الشافعية فى النصف الثانى من شهر رمضان، أما فى غير ذلك، فهناك خلاف: فعند الحنابلة أن القنوت مسنون فى الوتر فى الركعة الواحدة فى جميع السنة، وعند المالكية والشافعية لا يسن، ووافقهم الحنابلة فى رواية عن أحمد. وعند الحنفية مسنون فى كل أيام السنة، يقول ابن تيمية فى فتاويه "مجلد 22 ص 264 -269 ". . وأما قنوت الوتر فلعلماء فيه ثلاثة أقوال: 1- قيل لا يستحب بحال، لأنه لم يثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قنت فى الوتر. 2- قيل: بل يستحب فى جميع السنة كما نقل عن ابن مسعود وغيره، ولأن فى السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّم الحسن بن على دعاء يدعو به قنوت الوتر. 3- وقيل بل يقنت فى النصف الأخير من رمضان كما كان أُبى بن كعب يفعل. وقنوت النوازل مشروع فى غير صلاة الصبح أيضا قال النووى - وهو شافعى المذهب فيه ثلاثة أقوال، والصحيح المشهور الذى قطع به الجمهور أنه مشروع فى كل الصلوات ما دامت فيه نازلة، وإلا فلا، ولم يقل بمشروعيته غيرهم، ورأى المالكية أنه إن وقع لا تبطل به الصلاة وهو مكروه. ومحل القنوت بعد الركوع عند الشافعية والحنابلة، وفى رواية عن أحمد أنه قال: أنا أذهب إلى أنه بعد الركوع، فإن قنت قبله فلا بأس. والمالكية والحنفية، يقنتون قبل الركوع. والقنوت عند الشافعية يحصل بأية صيغة فيها دعاء وثناء مثل (اللهم اغفر لى يا غفور) وأفضله: (اللهم اهدنى فيمن هديت، وعافنى فيمن عافيت، وتولنى فيمن توليت، وبارك لى فيما أعطيت، وقنى شر ما قضيت، فانك تقضى ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت، تباركت وتعاليت) وقد روى عن الحسن بن على رضى اللَّه عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم علمه إياه، كما رواه أبو داود والنسائى والترمذى وغيرهم، وقال الترمذى: حديث حسن، ولا يعرف عن النبى صلى الله عليه وسلم شيء أحسن من هذا. ولفظه المختار عند الحنفية كما رواه ابن مسعود وعمر رضى اللَّه عنهما: اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثنى عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلى ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق. يقول النووى: يستحب الجمع ين قنوت عمر وما روى عن الحسن، وإلا فليقتصر على رواية الحسن، وتسن الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بعد القنوت (9/5) ________________________________________ الصلاة مع نسيان النجاسة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الشرع فيمن صلى ثم اكتشف أن فى ثوبه نجاسة لم يكن يعلم بها هل تصح صلاته أم لا؟
الجواب من المعلوم أن الطهارة من النجس شرط لصحة الصلاة عند جمهور الفقهاء فلو صلى وفى بدنه أو ثوبه نجاسة، وكان عالما بها بطلت صلاته، وهناك رأيان للمالكية في حكم الطهارة من النجاسة، هل هى واجبة لصحة الصلاة أم سنة، فعلى القول بالوجوب كانت الصلاة باطلة عند العلم بالنجاسة، وعلى القول بالندب لا تبطل الصلاة، فتجب إعادتها فى الوقت أو بعده على القول الأول وتندب إعادتها على القول الثانى. فإذا صلى بالنجاسة ناسيا لها، أو جاهلا بها، أو عاجزا عن إزالتها فصلاته صحيحة على القولين عند المالكية، وتندب الإعادة فى الوقت المسموح به للصلاة. "الفقه على المذاهب الأربعة نشر وزارة الأوقاف حكم إزالة النجاسة" وفى فقه الحنابلة يقول ابن قدامة فى المغنى "ج 1 ص 718": وإذا صلى ثم رأى عليه نجاسة فى بدنه أو ثيابه لا يعلم هل كانت عليه فى الصلاة أو لا-فصلاته صحيحة، لأن الأصل عدمها فى الصلاة. وإن علم أنها كانت فى الصلاة لكن جهلها حتى فرغ منها ففيه روايتان، إحداهما لا تفسد صلاته، هذا قول ابن عمر وعطاء وسعيد بن المسيب، وآخرين، والثانية يعيد، وهو قول أبى قلابة والشافعى، لأنها طهارة مشترطة للصلاة فلم تسقط بجهلها كطهارة الحدث، وقال ربيعة ومالك: يعيد ما كان فى الوقت ولا يعيد بعده. وجه الرواية الأولى- عدم الفساد-ما روى أبو سعيد قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فخلع الناس نعالهم، فلما قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاته قال " ما حملكم على إلقائكم نعالكم "؟ قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، قال " إن جبريل أتانى فأخبرنى أن فيهما قذرا " رواه أبو داود. ولو كانت الطهارة شرطا مع عدم العلم بها لزمه استئناف الصلاة، وتفارق طهارة الحدث لأنها آكد، لأنها لا يعفى عن يسيرها وتختص البدن. وإن كان قد علم بالنجاسة ثم أُنسيها وصلى فقال القاضى: حكى أصحابنا فى المسألتين روايتين، وذكر هو فى مسألة النسيان أن الصلاة باطلة، لأنه منسوب إلى التفريط، بخلاف الجاهل بها، قال الآمدى: يعيد إذا كان قد توانى رواية واحدة، والصحيح التسوية بينهما. لأن ما عذر فيه بالجهل عذر فيه بالنسيان، بل النسيان أولى لورود النص بالعفو عنه بقول النبي صلى الله عليه وسلم "عفى لأمتى عن الخطأ والنسيان ". وإن علم بالنجاسة فى أثناء الصلاة فإن قلنا: لا يعذر بالجهل والنسيان فصلاته باطلة، ويلزمه استئنافها، وإن قلنا يعذر فصلاته صحيحة. ثم إن أمكنه طرح النجاسة من غير زمن طويل ولا عمل كثير ألقاها وبنى، كما خلع النبى صلى الله عليه وسلم نعليه حين أخبره جبريل بالقذر فيهما، وإن احتاج إلى أحد هذين - الزمن الطويل والعمل الكثير- بطلت صلاته، لأنه يفضى إلى أحد أمرين: إما استصحاب النجاسة مع العلم بها زمنا طويلا، أو يعمل فى الصلاة عملا كثيرا فتبطل به الصلاة فصار كالعريان يجد السترة بعيدة عنه. انتهى. وفى فقه الشافعية جاء فى "كفاية الأخيار" ج 1 ص ا 8: إذا صلى بنجاسة لا يعفى عنها وهو جاهل بها حال الصلاة، سواء كانت فى بدنه أو ثوبه أو موضع صلاته، فإن لم يعلم بها ألبته فقولان، الجديد الأظهر يجب عليه القضاء، لأنها طهارة واجبة فلا تسقط بالجهل كطهارة الحدث، والقديم أنه لا يجب، ونقله ابن المنذر. عن خلائق واختاره، وكذا النووى اختاره فى شرح المهذب. وإن علم بالنجاسة ثم نسيها فطريقان، أحدهما على القولين - أى الجديد والقديم كما لو لم يعلم بها - والمذهب القطع بوجوب القضاء لتقصيره. ثم إذا أوجبنا الإعادة فيجب عليه إعادة كل صلاة صلاها مع النجاسة يقينا، فإن احتمل حدوثها بعد الصلاة فلا شيء عليه، لأن الأصل عدم وجدانها فى ذلك الزمن، ولو رأى شخصا يريد الصلاة وفى ثوبه نجاسة والمصلِّى لا يعلم بها لزم العالم إعلامه بذلك، لأن الأمر بالمعروف لا يتوقف على العصيان، بل هو لزوال المفسدة، قاله الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وهى مسألة حسنة واللَّه أعلم. انتهى. هذا، والحديث الذى دار عليه هذا الحكم وهو حديث خلع الرسول لنعليه، حديث ضعيف، والأقوال كلها اجتهادية، ويمكن الرجوع إلى كتاب "نيل الأوطار للشوكانى"ج 2 ص 123، حيث لخص الموضوع فيما سبق ذكره من أن طهارة الثوب شرط لصحة الصلاة عند الأكثرين، وذكر رأى مالك فى قوليه، وقولى الشافعى وقال: إن حجة الجمهور هى قوله تعالى {وثيابك فطهر} المدثر: 4، وتحدث عن كون الأمر للوجوب أو الندب، وأن الوجوب لا يستلزم الشرطية، وفيه كلام طويل (9/6) ________________________________________ المرور بين يدى المصلى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم المرور بين يدى المصلى وما حكم اتخاذ ساتر أمامه، وبما يتحقق، وهل للمصلى أن يدفع المار أمامه حتى لا يمر؟
الجواب روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لو يعلم المار بين يدى المصلى ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أين يمر بين يديه ". وفى رواية البزار بسند صحيح "لو يعلم المار بين يدى المصلى ماذا عليه كان لأن يقوم أربعين خريفا خير له من أن يمر بين يديه ". قال المحققون: إن التحريم يكون إذا صلى الإنسان أمام ساتر اتخذه أمامه. أما إذا لم يتخذ ساترا فلا يحرم المرور، وإن كان الأولى تركه. ومن ذهبوا إلى تحريم المرور سواء اتخذ المصلى ساترا أم لم يتخذ قالوا: إن المنطقة المحرمة هى التى بين قدمى المصلى إلى موضع سجوده، أما ما بعد ذلك فلا حرمة فى المرور فيه. هذا وحرمة المرور أمامه من الكبائر، والأربعون تحتمل أربعين يوما أو شهرا أو سنة لأن الراوى لم يستفسر ممن سمع الحديث، وقال الحافظ ابن حجر: ظاهر الحديث يدل على منع المرور مطلقا ولو لم يجد مسلكا، بل يقف حتى يفرغ المصلى من صلاته. وقد استثنى الحنابلة من الحرمة ما لو كان ذلك فى المسجد الحرام بل فى مكة كلها والحرم، وذلك لحاجة الناس إلى المرور. وبخاصة من يريدون الطواف، وخصه المالكية بمن لم يتخذ سترا، ومما يشفع لهذا ما رواه ابن حبان فى صحيحه أن النبى صلى الله عليه وسلم حين فرغ من الطواف صلى جمعتين عند حاشية المطاف وليس بينه وبين الطوافين أحد، وفى رواية: صلى حذو الركن الأسود والرجال والنساء يمرون بين يديه، ما بينهم وبينه سترة. هذا، ويستحب للمصلى أن يجعل بين يديه سترة تمنع المرور أمامه، لحديث رواه أبو داود وابن ماجه "إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة ولْيَدْنُ منها" وروى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيصلى إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك فى السفر، ثم اتخذها الأمراء. واستحباب جعل السترة يستوى فيه خشية مرور أحد وعدم الخشية كما قال الشافعية والحنابلة وقال الحنفية والمالكية: إذا أمن مرور أحد فلا يستحب، لأن ابن عباس رضى الله عنهما قال: إن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى فضاء وليس بين يديه شيء. رواه أحمد وأبو داود ورواه البيهقى وقال: له شاهد بإسناد أصح من هذا عن الفضل بن عباس. ويشرع للمصلى الذى أخذ سترة أن يدفع المار بين يديه، إذا كان مروره بينه وبين السترة، أما إذا كان بعد السترة فلا يدفعه ولا يضر المرور. روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فان أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان ". هذا ويشترط فى السترة أن يكون طولها ذراعا فأكثر، وجعل الشافعية حدها الأدنى ثلثى ذراع، كها يستحب ألا يجعلها مقابلة له تماما، بل تكون على اليمين أو اليسار وأن يكون بينها وبين قدمى المصلى قدر ثلاثة أذرع أو أكثر قليلا. والوضع الطبيعى للسترة هو غرزها لتكون منتصبة، وذلك إن أمكن، وإلا وضعت بين يديه عرضا عند الجمهور، وهو أولى من وضعها بالطول فإن لم يجد خط خطا بالأرض عند غير المالكية، واشترط الشافعية فى الخط أن يكون مستقيما طولا أو عرضا واكتفى غيرهم بأن يكون مقوسا كالهلال. ويصح اتخاذ السترة النجسة عند غير المالكية. وجاء فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة الذى نشرته وزارة الأوقاف المصرية، خلاف بين المذاهب فى القدر الذى يحرم المرور في بين يدى المصلى، ملخصه: أن الحنفية قالوا: إن كان يصلى فى مسجد كبير أو صحراء حرم المرور بين يديه من موضع قدمه إلى موضع سجوده، وإن كان يصلى فى مسجد صغير حرم المرور أمامه إلى جدار القبلة (حوالى أربعين ذراعا) . وقال المالكية: إن صلى لسترة حرم المرور بينه وبينها، ولا يحرم من ورائها، وإن صلى لغير سترة حرم المرور فى موضع ركوعه وسجوده فقط. وقال الشافعية: يحرم المرور بين المصلى وسترته فى مسافة ثلاثة أذرع فأقل، وقال الحنابلة: إن اتخذ سترة حرم المرور بينه وبينها ولو بعدت، وإن لم يتخذ سترة حرم المرور فى ثلاثة أذرع من قدمه (9/7) ________________________________________ هل المسجد شرط لصحة صلاة الجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال كنا فى عمل خارج البلد وأدركتنا صلاة الجمعة وليس فى المكان مسجد وكنا حوالى خمسين شخصا، فهل يجوز لنا أن نقيم صلاة الجمعة فى أى مكان؟
الجواب جاء في فقه المذاهب الأربعة أن المالكية قالوا: لا تصح الجمعة فى البيوت ولا فى الفضاء، بل لا بد أن تؤدى فى الجامع، ويشترط فى الجامع شروط أربعة الأول أن يكون مبنيا فلا تصح فى مسجد حُوِّط عليه بأحجار أو طوب من غير بناء، والثانى أن يكون بناؤه مساويا على الأقل للبناء المعتاد لأهل البلد، فلو كان البلد أخصاصا صح بناء المسجد من البوص، أما إذا كانت عادتهم البناء بالطوب المحروق وبنوا المسجد بالطوب التى فلا تصح الجمعة فيه، والثالث أن يكون فى البلد أو خارجا عنها قريبا منها بحيث يصل إليه دخانها، والرابع أن يكون متحدا، فلو تعدد فى البلد الواحد فلا تصح الجمعة إلا فى الجامع القديم، وهو الذى أقيمت فيه الجمعة أولا فى البلد، ولو تأخر بناؤه، ولا تصح فى المسجد الجديد الذى لا حاجة إليه ما دام القديم موجودا، ولم يحكم بصحتها فيه حاكم. أما المذاهب الأخرى فلا تشترط لصحة الجمعة أن تكون فى مسجد، بل تصح فى أى مكان داخل البلد أو خارجها، ولهم خلاف فى العدد الذى تنعقد به الجمعة، سيكون الكلام عنه فى موضع آخر. ومما يدل على مذهب الجمهور ما رواه ابن أبى شيبة أن عمر رضى اللَّه عنه كتب إلى أهل البحرين "أن جَمِّعوا حيثما كنتم " وإسناده جيد كما قال أحمد. وروى عبد الرزاق بسند صحيح أن ابن عمر كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون فلا يعتب عليهم (9/8) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الأربعاء 17 يناير 2024, 11:59 pm | |
| قضاء الصلاة والتنفل
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال فاتتنى صلوات كثيرة وعزمت على قضائها، فهل الأفضل أن أشغل كل وقتى بالقضاء أم أصلى النوافل وأقضى ما فات متى على قدر استطاعتى؟
الجواب اتفق الأئمة الأربعة على أن قضاء الصلاة الفائتة واجب على الفور إذا فاتت بغير عذر، واستثنى الشافعية من الفورية ثلاث حالات، الأولى إذا تذكر الفائتة وقت خطبة الجمعة فإنه يجب تأخير القضاء حتى يصلى الجمعة، والثانية إذا ضاق وقت الحاضرة، بحيث لا يسع القضاء مع الحاضرة، والثالثة إذا تذكر الفائتة بعد شروعه فى الصلاة الحاضرة. أما إذا فاتت الصلاة بعذر، فالأئمة الثلاثة على أن القضاء واجب على الفور أيضا، والشافعية قالوا: القضاء واجب على التراخى. ولعل مما يؤيد رأى الجمهور أن الحديث صرح بالقضاء عند التذكر حتى لو كان الفوات بعذر، فقد روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "من نسى صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك " وفي رواية "إذا رقد أحدكم عن الصلاة او غفل عنها فليصلها إذا ذكرها، فإن اللَّه عز وجل يقول {وأقم الصلاة لذكرى} طه: 14،. وقد تجاوز اللَّه لأمة النبى صلى الله عليه وسلم عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. وقد استثنى الأئمة من الوجوب الفورى ما لو كان هناك عذر كالسعى فى تحصيل الرزق وتحصيل العلم الواجب وجوبا عينيا، وكالأكل والنوم. وبناء على قولهم بوجوب القضاء فورا قالوا: إن مما ينافى الفورية الاشتغال بصلاة النوافل، واختلفت آراؤهم في ذلك على النحو الآتى: 1 -الحنفية قالوا: الاشتغال بصلاة النوافل لا ينافى القضاء فورا، وإنما الأولى أن يشتغل بقضاء الفوائت ويترك النوافل إلا السنن الراتبة، وصلاة الضحى وصلاة التسبيح وتحية المسجد وصلاة أربع قبل الظهر وست بعد المغرب. 2 -والمالكية قالوا: يحرم على من عليه فوائت أن يصلى شيئًا من النوافل إلا فجر يومه والشفع والوتر، وإلا السنة كصلاة العيد، فإذا صلى نافلة غير هذه كالتراويح كان مأجورا من جهة كون الصلاة فى نفسها طاعة، وكان آثما من جهة تأخير القضاء. ورخصوا فى يسير النوافل كتحية المسجد والسنن الرواتب. 3- والشافعية قالوا: يحرم على من عليه فوائت يجب عليه قضاؤها فورا- وقد تقدم ذكرها-أن يشتغل بصلاة التطوع مطلقا، سواء كانت راتبة أو غيرها حتى تبرأ ذمته من الفوائت. 4 - والحنابلة قالوا: يحرم على من عليه فوائت أن يصلى النفل المطلق، فلو صلاه لا ينعقد، وأما النفل المقيد كالسنن الرواتب والوتر فيجوز له أن يصليه فى هذه الحالة، ولكن الأولى تركه إن كانت الفوائت كثيرة، ويستثنى من ذلك سنة الفجر فإنه يطلب قضاؤها ولو كثرت الفوائت وذلك لتأكدها وحث الشارع عليها "فقه المذاهب - نشر وزارة الأوقاف المصرية " (9/9) ________________________________________ قضاء الصلاة فى السفر
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم ما لو كنت مسافرا سفر قصر وفاتت منى صلاة الظهر هل أقضيها تامة أم مقصورة، وما حكم ما لو فاتت منى صلاة الظهر قبل السفر هل أقضيها فى السفر مقصورة أم تامة؟
الجواب المسألة الأولى: إذا كان الإنسان مسافرا سفر قصر "حوالى خمسة وثمانين كيلو مترا" وفاتته صلاة الظهر مثلا، وأراد أن يقضيها، إذا أراد أن يقضيها وهو مسافر قضاها مقصورة، أى صلاها ركعتين فقط، لأن رخصة القصر وهى السفر كانت موجوده أثناء وجوب الظهر عليه، وهى أيضا موجودة عند قضائها. أما إذا أراد أن يقضيها بعد أن انتهى من سفره فهناك رأيان للعلماء. (ا) رأى يقول بقضائها مقصورة أى ركعتين فقط، نظرا لأن الرخصة وهى السفر كانت موجودة عندما فاتت منه، وعليه الحنفية والمالكية. (ب) ورأى يقول: بقضائها تامة أى أربع ركعات، نظرا لأن الرخصة وهى السفر غير موجودة عند القضاء، وعليه الشافعية والحنابلة. ولا مانع من الأخذ بأحد الرأيين. والمسألة الثانية: إذا فاتت صلاة الظهر فى الحضر- أى فى غير السفر-ثم سافر سفر قصر وأراد أن يقضيها وهو مسافر وجب عليه أن يصليها تامة أى أربع ركعات، وذلك باتفاق الأئمة، لأنها دين والدين لا بد أن يقضى بتمامه دون نقص منه "الفقه على المذاهب الأربعة نشر وزارة الأوقاف المصرية" (9/10) ________________________________________ المسبحة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يقول بعض الناس إن التسبيح على السبحة بدعة، فهل هذا صحيح؟
الجواب السبحة "بضم السين المهملة وسكون الباء الموحدة" هى الحرز المنظوم والتى يعد بها الذكر والتسبيح، وقيل: إنها غربية وتجمع على "سبح " بضم السين وقيل إنها مولدة. وإحصاء الذكر بالسبحة من اختراع الهند، كما يقول الأستاذ السيد أبو النصر أحمد الحسينى "مجلة ثقافة الهند -سبتمبر1955 " اخترعه الدين البرهمى فيها، ثم تسرب إلى البلاد والأديان الأخرى، وتسمى السبحة فى اللغة السنسكريتية القديمة فى الهند "جب ما لا " أى عقد الذكر. ثم يقول: وتختلف الفرق البرهمية فى عدد حباتها وفى ترتيبها، فالفرقة الشيوائية سبحتها أربع وثمانون حبة، والفرقة الوشنوية سبحتها مائة وثمان حبات. والخلاف راجع إلى حاصل ضرب 12 "عدد الأبراج السماوية" فى 7 "عدد النجوم الظاهرة بما فيها الشمس والقمر عند الفرقة الأولى" أو فى 9 "عدد النجوم الظاهرة عند الفرقة الثانية بإضافة أحوال القمر الثلاثة" وكل سبع حبات فى مجموعة متميزة. وعند ظهور البوذية فى الهند بعد البرهمية اختار رهبانها السبحة الوشنوية "108 " من الحبات. وعند تفرق طوائفها فى البلاد قلد رهبان النصرانية هؤلاء فيها، وكل ذلك قبل ظهور الإسلام. جاء الإسلام فأمر بذكر الله كما أمر بسائر العبادات والقربات والطاعات، وإذا كان الأمر بالذكر قد ورد مطلقا بدون حصر فى عدد معين أو حالة خاصة كما فى قوله تعالى {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} آل عمران: 191، وقوله أيضا {يا أيها الذين آمنوا اذكروا اللَّه ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا} الأحزاب: 41، 42، فقد وردت أحاديث تحدد عدده ووقته، كما فى ختام الصلاة بثلاث وثلاثين تسبيحة، وثلاث وثلاثين تحميدة، وثلاث وثلاثين تكبيرة، وتمام المائة: لا إله إلا الله وحده ... وكما جاء فى نصوص أخرى فى فضل بعض الذكر عشر مرات أو مائة مرة، وهنا يحتاج الذاكر إلى ضبط العدد، فبأى وسيلة يكون ذلك؟ ليس فى الإسلام وسيلة معينة أمرنا بالتزامها حتى لا يجوز غيرها، والأمر متروك لعرف الناس وعاداتهم فى ضبط أمورهم وحصرها، والإسلام لا يمنع من ذلك إلا ما تعارض مع ما جاء به. والمأثور أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعقد التسبيح بيده، كما رواه أبو داود والترمذى والنسائى والحاكم وصححه عن ابن عمر، وأرشد أصحابه إلى الاستعانة بالأنامل عند ذلك، فقد روى أبو داود والترمذى والحاكم عن " بسرة " وكانت من المهاجرات، أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس ولا تغفلن فتنسين التوحيد، واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات ". غير أن الأمر بالعد بالأصابع ليس على سبيل الحصر بحيث يمنع العد بغيرها، صحيح أن العد بالأصابع فيه اقتداء النبى صلى الله عليه وسلم لكنه هو نفسه لم يمنع العد بغيرها، بل أقر هـ، وإقراره من أدلة المشروعية. ا-أخرج الترمذى والحاكم والطبرانى عن صفية رضى الله عنها قالت: دخل علىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يدى أربعة آلاف نواة أسبح بهن، فقال "ما هذا يا بنت عمى "؟ قلت: أسبح بهن، قال "قد سبحت منذ قمت على رأسك أكثر من هذا" قلت علمنى يا رسول الله، قال: " قولى سبحان اللَّه عدد ما خلق من شيء ". والحديث صحيح. ب - وأخرج أبو داود والترمذى وحسنه والنسائى وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه عن سعد بن أبى وقاص أنه دخل مع النبى صلى الله عليه وسلم على امرأة، وبين يديها نوى أو حصى تسبح، فقال " أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا وأفضل؟ قولى: سبحان الله عدد ما خلق فى السماء، سبحان اللَّه عدد ما خلق فى الأرض سبحان الله عدد ما بين ذلك. وسبحان اللَّه عدد ما هو خالق، الله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك ". وإلى جانب إقرار النبى صلى الله عليه وسلم لهذا العمل وعدم الإنكار عليه، اتخذ عدد من الصحابة والسلف الصالح النوى والحصى وعقد الخيط وغيرها وسيلة لضبط العدد فى التسبيح ولم يثبت إنكار عليهم. 1 -ففى مسند أحمد - فى باب الزهد-أن أبا صفية-وهو رجل من الصحابة-كان يسبح بالحصى وجاء فى معجم الصحابة للبغوى أن أبا صفية، وهو مولى النبى صلى الله عليه وسلم، كان يوضع له نطع - فراش من جلد- ويجاء بزنبيل فيه حصى فيسبح به إلى نصف النهار، ثم يرفع، فإذا صلى الأولى أتى به فيسبح به حتى يمسى. 2 - وروى أبو داود أن أبا هريرة كان له كيس فيه حصى أو نوى يجلس على السرير، وأسفل منه جارية سوداء، فيسبح حتى إذا نفد ما فى الكيس فدفعته إليه يسبح، ونقل ابن أبى شيبة عن عكرمة أن أبا هريرة كان له خيط فيه ألفا عقدة، فكان لا ينام حتى يصبح به اثنى عشر ألف تسبيحة. 3- وأخرج أحمد أيضا في باب الزهد أن أبا الدرداء كان له نوى من نوى العجوة فى كيس، فإذا صلى الغداة - الصبح - أخرجهن واحدة واحدة يسبح بهن حتى ينفدن. 4 -وأخرج ابن أبى شيبة أن سعد بن أبى وقاص، كان يسبح بالحصى أو النوى، وأن أبا سعيد الخدرى كان يسبح أيضا بالحصى. 5 -وجاء فى كتاب "المناهل المسلسلة لعبد الباقى " أن فاطمة بنت الحسين كان لها خيط تسبح به. 6 - وذكر المبرد فى "الكامل " أن على بن عبد اللَّه بن عباس المتوفى 110 هـ -كان له خمسمائة أصل شجرة من الزيتون، وكان يصلى كل يوم إلى كل أصل ركعتين، فكان يدعى "ذا النفثات " فكأنه كان يعد تركعه بالأشجار. [لا يهمنا من هذا الخبر الذى لم تتوفر له مقومات الصدق عدد ما كان يصليه صاحب هذه الأشجار فى اليوم الواحد، وهو ألف ركعة، إنما يهمنا هو أن وسيلة الإحصاء كانت الشجر،. وبناء على هذه الأخبار لم تكن "السبحة" المعهودة لنا معروفة عند المسلمين حتى أوائل القرن الثانى الهجرى، ويؤيد ذلك ما نقله الزبيدى فى "تاج العروس " عن شيخه أن السبحة ليست من اللغة فى شيء ولا تعرفها العرب، إنما حدثت فى الصدر الأول إعانة على الذكر وتذكيرا وتنشيطا. يقول الأستاذ الحسينى فى المجلة المذكورة: ويظهر أن استعمالها تسرب بين المسلمين فى النصف الثانى من القرن الثانى الهجرى، فإن أبا نواس ذكرها وهو فى السجن، فى قصيدة خاطب بها الوزير ابن الربيع فى عهد الأمين "193-198". أنت با ابن الربيع ألزمتنى النسك وعودتنيه والخير عادة فارعوى باطلى وأقصر حبلى وتبدلت عفة وزهادة المسابيح فى ذراعى والمصحف فى لبتى مكان القلادة وهو أقدم ذكر للسبحة بالشعر العربى فيما يعلم. ولما شاعت بين المسلمين استعملها بكثرة العامة من المشتغلين بالعبادة، ولم يستحسنها علماؤهم، ولذلك لما رؤيت فى القرن الثالث الهجرى فى يد "الجنيد" اعترض عليه وقيل له: أنت مع شرفك تأخذ بيدك سبحة؟ فقال: طريق وصلت به إلى ربى لا أفارقه " الرسالة القشيرية ". وذكر أبو القاسم الطبرى فى كتاب "كرامات الأولياء" أن أبا مسلم الخولانى كانت له سبحة، وأن كثيرا من الشيوخ كانت لهم سبح يسبحون بها، وذكروا فى فوائدها أنها تذكر الإنسان بالله كلما رآها أو حملها، وتساعده على دوام الذكر، وعلى ضبط العدد. وبقى استعمالها بين المسلمين بين راض،عنها وكاره لها، حتى كان القرن الخامس فانتشرت بين النساء المتعبدات، إلى أن عمت بين الناس جميعا، ويحتفظ فى أضرحة بعض الأولياء بسبحهم التى ينتظم بعضها ألف حبة ذات حجم كبير. ولم يصح فى مدحها خبر عن النبى صلى الله عليه وسلم كالذى أخرجه الديلمى مرفوعا "نعم المذكر السبحة" كما لا يصح ما نقل عن الحسن البصرى أنه، عندما قال له: أنت مع السبحة مع حسن عبادتك؟ قال: هذا شيء استعملناه فى البدايات ما كنا لنتركه فى النهايات. ولم ينقل عن أحد من السلف ولا من الخلف المنع من عد الذكر بالسبحة، ولا يعدون ذلك مكروها، وقد سئل بعضهم، وهو يعد بالتسبيح: أتعد على اللَّه؟ فقال: لا، ولكن أعد له. وجعل حبات السبحة اليوم مائة أو ثلاثا وثلاثين راجع إلى الحديث الصحيح فى ختم الصلاة. وبناء على ما سبق ذكره يكون التسبيح بغير عقد الأصابع مشروعا، لكن أيهما أفضل؟ يقول السيوطى: رأيت فى كتاب "تحفه العباد " ومصنفه متأخر عاصر الجلال البلقينى فصلا حسنا فى السبحة قال فيه ما نصه: قال بعض العلماء: عقد التسبيح بالأنامل أفضل من السبحة لحديث ابن عمرو، لكن يقال: إن المسبح إن أمن الغلط كان عقده بالأنامل أميل وإلا فالسبحة أولى. والسنة أن يكون باليمين كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وجاء ذلك فى رواية لأبى داود وغيره. "انظر: الحاوى للفتاوى للسيوطى رسالة "المنحة فى السبحة" ونيل الأوطار للشوكانى". هذا، وقد تفنن الناس اليوم فى صنع السبحة من حيث المادة والحجم والشكل واللون والزخرفة وعدد الحبات، وعنى باقتنائها كبار الناس سواء أكان ذلك للتسبيح أم للهواية أم لغرض آخر، ولا يمكننا أن نتدخل فى الحكم على ذلك، فالله أعلم بنياتهم ولكل امرىء ما نوى. وأقول: إذا كان النبى صلى الله عليه وسلم قال: "واعقدن بالأنامل فانهن مسئولات مستنطقات " فإن حبات المسبحة لا تحركها فى يد الإنسان إلا الأنامل، وهى ستسأل وتستنطق عند الله لتشهد أنه كان يسبح بها، ولا يجوز التوسع فى إطلاق اسم البدعة على كل ما لم يكن معروفا فى أيام الرسول ولا أن يجر الخلاف فى السبحة إلى جدل عقيم قد يضر، والأهم من ذلك هو الإخلاص فى الذكر ولا تضر بعد ذلك وسيلته، والله ينظر إلى القلوب كما صح فى الحديث (9/11) ________________________________________ رفع الأيدى عند الدعاء
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال لماذا ترفع الأيدى إلى السماء عند الدعاء؟
الجواب يقول الله سبحانه: {وللَّه المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} البقرة:115، فى صحيح مسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلى وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه، قال: وفيه نزلت {فأينما تولوا فثم وجه الله} وذلك فى صلاة النافلة، والمعنى أن الجهات كلها للَّه، فمن توجه بعبادته إلى أية جهة فإن الله مطلع عليه وعالم به. والتعبير بوجه الله يراد به ذاته، لأن الوجه يعبر به عن الذات لأنه أشرف الأعضاء، وفى مثل قوله تعالى {إنما نطعمكم لوجه اللَّه} يراد به قاصدين إياه بعملنا، لا نقصد غيره من المخلوقات، أى نحن موحدون لا نشرك به أحدا، ومخلصون لا نرائى بما عملنا. ومن العبادة التى يتقرب بها إلى الله الدعاء. فإذا توجه الإنسان به إلى ربه فى أى اتجاه فإن الله حاضر لا يغيب -عالم لا يغفل، وهو سبحانه قريب لا بعيد، بمعنى أنه - وإن كانت له المنزلة العليا - قريب من الناس بعلمه {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن اللَّه بكل شيء عليم} المجادلة: 7، ولذلك قال سبحانه {وإذا سالك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} البقرة: 186، ولقربه من عباده لا داعى لرفع الصوت عند دعائه، فإنه يعلم السر وأخفى، قال تعالى {ادعوا بكم تضرعا وخفية إنه لايحب المعتدين} الأعراف: 55، وإذ تبين أن اللَّه قريب من الداعى، وهو فى الوقت نفسه فى مكانته العالية وسموه اللائق بجلاله، ظهر معنى مد اليدين عند الدعاء، طلبا واستجداء لخيره وبره، كأنه سبحانه، وهو الأعلى، أمام الداعى، وهو الأدنى، يمد إليه يديه، فاليد المعطية هى العليا والآخذة هى السفلى. وهذه الصورة الرمزية للمواجهة يشير إليها قول النبى صلى الله عليه وسلم "إذا كان أحدكم فى الصلاة فإنه يناجى ربه، فلا يبزقن بين يديه ولا عن يمينه ... " رواه مسلم. وقوله أيضا "ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فينخع أمامه، أيحب أحدكم أن يستقبل فينخع فى وجهه " رواه مسلم أيضا. فمد اليدين عند الدعاء تعبير عن المعتاد بين الناس عند طلب الأدنى من الأعلى، مستجديا متضرعا، وقد ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم فى عدة أحاديث أنه رفع يديه عند الدعاء، فى الاستسقاء وغيره، وقد ساق البخارى عدة أحاديث فى ذلك فى آخر كتاب الدعوات وصنف المنذرى فى هذا جزءا. وقال النووى فى شرح صحيح مسلم، هى أكثر من أن تحصر قال: وقد جمعت فيها نحوا من ثلاثين حديثا من الصحيحين أو أحدهما. قال: وذكرتها فى آخر باب صفة الصلاة فى شرح المهذب "نيل الأوطار ج 4 ص 9 ". من هذه الأحاديث ما رواه البخارى عن أبى موسى الأشعرى قال: دعا النبى صلى الله عليه وسلم ثم رفع يديه، ورأيت بياض إبطيه، وما رواه أبو داود والترمذى وابن ماجه عن سلمان الفارسى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إن ربكم حيى كريم يستحيى من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا" أو قال " خائبتين ". "الترغيب والترهيب ج 2 ص 195 ". ومن هنا قال العلماء بمشروعية رفع اليدين عند الدعاء بل بالندب اقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم غير أن جماعة كرهوا رفع اليدين فى غير الاستسقاء، لحديث أنس "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا فى الاستسقاء فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه ". رواه البخارى ومسلم. والقائلون بالجواز فى غير الاستسقاء ردوا على هؤلاء بأن كون أنس نفى الرؤية عنه لا يستلزم نفى رؤية غيره، كما ثبت فى الأحاديث الصحيحة، والمثبت مقدم على النافى. أو يحمل حديث أنس على الرفع البليغ الذى يرى فيه بياض الإبطين وهو لا ينافى الرفع بغير ذلك، كمجرد مد اليدين وبسطهما عند الدعاء. والبعض كره رفع اليدين مطلقا فى الاستسقاء وغيره، لحديث مسلم عن عمارة بن رويبة، وقد رأى بشر بن مروان على المنبر رافعا يديه، فقال: قبح اللَّه هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بأصبعه المسبحة "تفسير القرطبى ج 7 ص 255 " ويرد عليهم بما رد على غيره. يقول القرطبى "المرجع السابق ": والدعاء حسن كيفما تيسر، وهو المطلوب من الإنسان لإظهار موضع الفقر والحاجة إلى اللَّه عز وجل والتذلل له أو الخضوع، فإن شاء استقبل القبلة ورفع يديه فحسن وإن شاء فلا، فقد فعل ذلك النبى صلى الله عليه وسلم حسبما ورد فى الأحاديث وقد قال تعالى {ادعو ربكم تضرعا وخفية} الأعراف:55، ولم ترد صفة من رفع يدين وغيرهما، وقال تعالى {الذين يذكرون الله قياما وقعودا} آل عمران: 191، فمدحهم ولم يشترط حالة غير ما ذكر، وقد دعا النبى صلى الله عليه وسلم فى خطبته يوم الجمعة وهو غير مستقبل القبلة. آه. وكذلك روى عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم رفع يديه وقال " اللهم إنى أبرأ إليك مما صنع خالد" وفى صحيح مسلم عن عمر: رفع النبى (صلى الله عليه وسلم) يديه بالدعاء يوم بدر. وعلى القول بمشروعية رفع اليدين عند الدعاء رويت عدة حالات فى كيفية الرفع، منها جعل ظهورهما إلى جهة القبلة وهو مستقبلها، وجعل بطونهما مما يلى وجهه. وروى عكس ذلك. ومنها جعل كفيه إلى السماء وظهورهما إلى الأرض، وروى عكس ذلك وكان ذلك فى الاستسقاء كما رواه مسلم "نيل الأوطار ج 4 ص 9 ". قال ابن حجر فى الفتح:قال العلماء: السنة فى كل دعاء لرفع بلاء أن يرفع يديه جاعلا ظهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا بحصول شيء أو تحصيله أن يجعل بطن كفيه إلى السماء. وكذلك قال النووى فى شرح صحيح مسلم، حاكيا لذلك عن جماعة من العلماء. وقيل: الحكمة فى الإشارة بظهر الكفين قى الاستسقاء دون غيره التفاؤل بتقلب الحال كما قيل فى تحويل الرداء "المرجع السابق ". هذا، ويكره عند الدعاء النظر إلى السماء، لحديث مسلم وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء فى الصلاة إلى السماء، أو ليخطفن اللَّه أبصارهم ". وقد يحمل النهى على رفع البصر فى الصلاة، أما فى غيرها فلا مانع، لرواية للبخارى جاء فيها: فنظر إلى السماء، وكان ذلك فى الاستسقاء " نيل الأوطار ج 4 ص 10 ". ومسح الوجه باليدين بعد رفعهما فى الدعاء ورد فيه عن عمر بن الخطاب أنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه فى الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه. رواه الترمذى وقال: غريب، أى رواه راو واحد فقط. وعن ابن عباس نحوه كما فى سنن أبى داود. قال النووى: فى إسناد كل واحد ضعف "الأذكار للنووى ص 399" وجاء فى "بلوغ المرام " شرح "سبل السلام "ج 4 ص 219 لابن حجر، بعد ذكر حديث عمر: أخرجه الترمذى وله شواهد منها عند أبى داود من حديث ابن عباس وغيره، ومجموعها يقضى بأنه حديث حسن فالوارد من ذلك ليس بصحيح، بل ضعيف، ولكن مجموع الشواهد يرفع درجتها إلى الحسن فتقبل. اهـ. نكرر التنبيه فنقول: إن مد اليدين عند الدعاء يشبه ما يحدث عند طلب الفقير إحسانا من الغنى فعند شدة الحاجة قد يجثو السائل على ركبتيه، يستدر بهذا الوضع عطف المسئول، وهو فى هذا الوضع المتذلل يرفع يديه إلى أعلى يتلقى بهما الإحسان فالمسلم الذى يدعو ربه يرفع يديه دليلا على تذلله وشدة حاجته، ولذا كان النبى صلى الله عليه وسلم يلجأ إلى ذلك ويبالغ فيه فى الاستسقاء ونحوه، وليس ذلك مستلزما وجود اللَّه فى السماء، فهو سبحانه، منزه عن المكان، بل ذلك دليل على علو مكانته سبحانه وتعالى فى أذكار النووى عن رفع اليدين ومسح الوجه ثلاثة أوجه للشافعية أصحها استحباب الرفع وعدم مسح الوجه، والثانى الرفع والمسح والثالث عدم الاثنين (9/12) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الخميس 18 يناير 2024, 12:00 am | |
| صلاة أربعين فرضا بالمدينة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال كنت فى زيارة للمدينة المنورة وحرصت على أن أصلى فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أربعين صلاة، لكن موعد سفرى منعنى من صلاة هذا العدد فما رأى الدين فى ذلك؟
الجواب روى مسلم وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "صلاة فى مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ". وروى أحمد بسند صحيح أنه قال "من صلى فى مسجدى أربعين صلاة لا تفوته صلاة كتبت له براءة من النار وبراءة من العذاب، وبرىء من النفاق " فإذا كان الإنسان حرا فى إقامته وفى سفره فالأفضل أن يصلى هذا العدد، بل وأكثر منه نظرا للثواب العظيم، فإذا كان مضطرا إلى السفر قبل أن يصلى الأربعين فلا حرج عليه، فهذا أمر مندوب وليس بواجب، والأمل كبير فى أن يعطى الله للإنسان هذا الثواب إذا كان حريصا عليه لكن منعه مانع خارج عن إرادته كما يقولون، بناء على الحديث الشريف "من هم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة" وقد قال العلماء: إن ذلك محله إذا كان عدم العمل بغير اختياره، أما لو تركها مختارا فلا ثواب له (9/13) ________________________________________ شَدُّ الرحال
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل هناك ثواب اكبر فى الصلاة فى بعض المساجد، أو أنها متساوية فى الثواب؟
الجواب روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدى هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى ". إن حصر شد الرحال فى هذه الثلاثة لا يمنع شدها -أى السفر- لأى عمل مشروع كالجهاد وطلب العلم وابتغاء فضل الله من الرزق وزيارة الإخوان وصلة الرحم وغير ذلك من القربات، وكل ذلك وردت به النصوص القوية من القراَن والسنة، وإنما الحصر الوارد فى الحديث. هو حصر إضافى بالنسبة إلى المساجد بمعنى أن المساجد كلها متساوية فى فضل الصلاة ما عدا هذه المساجد الثلاثة فهى أفضلها والصلاة فيها يضاعف ثوابها، فقد روى أحمد وابن ماجه بإسنادين صحيحين أن الصلاة فى المسجد الحرام بمكة تعدل مائة ألف صلاة فيما سواه وروى البخارى ومسلم أن الصلاة فى مسجد المدينة بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وروى الطبرانى وابن خزيمة فى صحيحه، والبزار بإسناد حسن أن الصلاة فى المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة. ونصت رواية أحمد وابن أبى شيبة بسند حسن على أن شد الرحال هو من أجل الصلاة فيها، وذلك لفصلها، فعن أبى سعيد الخدرى مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم " لا ينبغى أن تشد رحالها إلى مسجد يبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام ومسجدى هذا والمسجد الأقصى ". ومن أجل هذا يُسَنُّ -أو على الأقل لا يمنع - السفر إليها وتحمل المتاعب البدنية والمالية من أجل الحصول على ثواب الصلاة فيها، أما المساجد الأخرى فلا داعى للسفر وتحمل المشقة من أجل الصلاة فيها فقط، بل إن بعض العلماء قال يحرم ذلك " انظر خلاصته الوفا للسمهودى ص 70 ". أما الذهاب لزيارة الصالحين أحياء أو أمواتا فلا بأس من شد الرحال والسفر إليها (9/14) ________________________________________ الصلاة فى مسجد فيه قبر
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الصلاة فى مسجد فيه قبر؟
الجواب روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " قاتل الله اليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " وروى مسلم أنه قال قبل أن يموت بخمس " إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إنى أنهاكم عن ذلك " وروى الجماعة إلا البخارى وابن ماجه قوله " لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها". تحدث العلماء عن هذه الأحاديث فقال بعضهم: محل الذم أن تتخذ المساجد على القبور بعد الدفن، وليس ذلك مذموما إذا بنى المسجد أولا وجعل القبر فى جانبه ليدفن فيه واقف المسجد أو غيره. لكن العراقى قال: الظاهر أنه لا فرق، وأنه إذا بنى المسجد لقصد أن يدفن فى بعضه أحد فهو داخل فى اللعنة، بل يحرم الدفن فى المسجد، وإن شرط أن يدفن فيه لم يصح الشرط، لمخالفته لمقتضى وقفه مسجدا. وإذا كان بعض العلماء قد حمل النهى على التحريم فإن البعض الآخر حمل على الكراهة، بمعنى أن الصلاة إلى القبر صحيحة لكن مع الكراهة. والذين قالوا بصحتها مختلفون، فقال بعضهم: هى مكروهة سواء أكان القبر أمام المصلى أم خلفه أم عن يمينه أم عن يساره. وقال آخرون: محل الكراهة إذا كان القبر أمامه، لأن هذا الوضع هو الذى يراد من اتخاذه مسجدا ومن الصلاة فيه أو إليه. أما إذا كان القبر خلفه أو عن يمينه أو عن يساره فلا كراهة. والأئمة الثلاثة قالوا بصحة الصلاة وعدم كراهتها، اللهم إلا إذا كان القبر أمام المصلى فتكون مكروهة مع الصحة. أما أحمد بن حنبل فهو الذى حرم الصلاة وحكم ببطلانها - ومحل هذا الخلاف إذا كان القبر فى المسجد، أما إذا كان مفصولا عنه والناس يصلون فى المسجد لا فى الضريح أو الجزء الموجود فيه القبر فلا خلاف أبدا فى الجواز وعدم الحرمة أو الكراهة. وأختار أنه إذا كان القصد من الصلاة إلى القبر تعظيمه فهى حرام وباطلة بصرف النظر عن وضع القبر، وإذا انتفى هذا القصد كانت مكروهة مع الصحة إذا كان القبر أمام المصلى وإلا فلا كراهة (9/15) ________________________________________ الصلاة على النبى بعد الأذان
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بعد الآذان؟
الجواب الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم مطلوبة بوجه عام لقوله تعالى {إن الله وملائكته يصلُّون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} الأحزاب: 56،ومن مواضع تأكدها يوم الجمعة وعقب الأذان لورود الحديث الصحيح بذلك، فقد روى مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم قال " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علىَّ، فإنه من صلى علىَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرا ... " وإذا كان الأمر فى هذا الحديث لمن يسمعون الأذان فإنه لم يرد نهى عنها للمؤذن، فيبقى طلبها منه مؤكدا كطلبها من غيره قائما كما قال بعض العلماء، ورأى آخرون أن نحافظ على ما كان عليه العمل أيام الرسول وصحابته من عدم رفع المؤذن صوته بها وإن لم يمنعوا أن يقولها سرا فهى قربة فى كل وقت. وما خالف ذلك فهو بدعة ضلالة تؤدى إلى النار وقال ابن حجر فى الفتاوى الكبرى: قال المشايخ: الأصل سنة والكيفية بدعة. فهناك اجتهادان أو رأيان فى كونها ممنوعة أن يجهر بها المؤذن أو غير ممنوعة، ولهذا لا يجوز التعصب لأحد الرأيين، فالتعصب لغير القطعى منهى عنه، لأنه يحدث فتنة، مع العلم بأن الجهر بالصلاة على النبى بعد الأذان لا يحدث ضررا، ولم يرد عنه نهى بخصوصه كما قدمنا. ومما هو جدير بالذكر أن المفتى الأسبق للديار المصرية المرحوم الشيخ محمد بخيت المطيعى المتوفى سنة 1935 م قال فى كتابه "أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام " أن أمير مصر فى القرن الثامن الهجرى أمر بها، ونحن مأمورون بطاعة ولى الأمر فيما ليس بمعصية، وهى ليست بدعة هوى بل سنة هدى، لأن الحديث يقول " من سَنَّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة " وفى رواية مسلم " من سَنَ سنة حسنة فى الإسلام فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شىء ". ومع ذلك نقل الشيخ محمد عبده عن "الخانية " فى فقة الحنفية أنها بدعة، وقال: لا عبرة بقول من قال إنها بدعة حسنة، لأن كل بدعة فى العبادات سيئة.انتهى. هذا مع العلم بأنها ليست من الأذان الشرعى، بل هى زائدة عليه، وإطلاق أن كل بدعة فى العبادات ضلالة غير مسلَّم عند كثير من العلماء. فالخلاصة أن الجهر بالصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بعد الأذان فيه رأيان الجواز والمنع، ولا ينبغى التعصب لرأى من الآراء، وأنصح كل مسلم أن يتريث فى الحكم على الأشياء، وأن يطلع على أقوال المجتهدين ليكوِّن من ذلك رأيا، وإذا دعا إليه فليكن ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، كما أنصح بعدم الإكثار من الزيادات بعد الأذان مما ليس له أصل يعتمد عليه، كذكر المشايخ والأولياء وغيرهم، وأشدد التنبيه على الاهتمام بالمسائل الأصلية وعلاج القضايا والمشكلات الضاغطة وبخاصة فى أيامنا الحاضرة، بدلا من بذل الجهد الكبير والمال الوفير فى الدعوة إلى سنة لو تركناها أصلا ما كان لها ضرر فى عبادتنا ولا فى سلوكنا. وأرجو ألا يفهم أحد من ذلك أننى أقلل من شأن السنة، ولكن الأمر أمر أولويات، وبُعد عن الخلافات التى تنتهى إلى أمور محرمة كالاتهام الكاذب واحتقار الغير ومقاطعته، وفى احترام سلفنا الصالح من العلماء لأراء غيرهم ما يدل على بعد نظرهم وفهمهم الصحيح للدين (9/16) ________________________________________ سنة الجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يرى بعض للناس أن صلاة ركعتين بعد أذان الجمعة بدعة فهل هذا صحيح؟
الجواب صلاة النافلة بعد صلاة الجمعة لم يُختلف فى أنها مندوبة وراتبة للجمعة كراتبة الظهر لقول النبى صلى الله عليه وسلم " إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربع ركعات " رواه مسلم. ولقول عبد الله بن عمر: كان النبى صلى الله عليه وسلم لا يصلى بعد الجمعة حتى ينصرف من المسجد إلى بيته فيصلى فيه ركعتين. رواه البخارى. وابن عمر كان إذا صلى فى المسجد صلى أربعا وإذا صلى فى بيته صلى ركعتين رواه أبو داود. 2 - أما صلاة النافلة قبل صلاة الجمعة فقد يراد بها التطوع المطلق، وقد يراد بها أنها سنة الجمعة راتبة قبلية كراتبتها البعدية. فإذا أريد بها التطوع المطلق فهى جائزة بل مستحبة، سواء فعلت قبل الزوال وهو وقت صلاة الجمعة أو فعلت بعد الزوال قبل أن يخرج الإمام ليخطب الجمعة. وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم " لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصله ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى " رواه البخارى " ج 2 ص 4 طبعة الشعب " وفى رواية لمسلم "ج 6 ص 146 " " من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدِّر له ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته ثم يصلى معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام ". وفى رواية لأخمد عن عطاء الخراسانى فال: كان نبيشة الهذلى رضى الله عنه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن المسلم إذا اغتسل يوم الجمعة ثم أقبل إلى المسجد لا يؤذى أحدا، فإن لم يجد الإمام خرج صلى ما بدا له، وإن وجد الإمام قد خرج جلس فاستمع وأنصت حتى يقض. الإمام جمعته ... " الترغيب والترهيب للمنذرى ج 1 ص 194، قال المنذرى: وعطاء لم يسمع من نبيشة فيما أعلم. وقال الشوكانى وثقه الجمهور " نيل الأوطار ج 3 ص 27 " فيظهر من قوله: ما كتب له، وما قدر له، أن الصلاة تطوع مطلق وليست راتبة، لأن الراتبة محدودة بعدد من الركعات. كما يظهر من قوله: فإن لم يجد الإمام قد خرج صلى. . أن صلاة الجمعة تبدأ شعائرها بخروج الإمام ليخطب، وقد يتأخر خروجه عن الزوال الذى يدخل به وقت الجمعة إما -انتظارا لكمال حضور المصلين، الذين كان بعضهم يأتى من مناطق بعيدة، حيث كانوا يتناوبون الحضور إليها، والباقون يصلون فى مساجدهم، وإما لظروف الجو كما جاء فى البخارى "ج 2 ص 8 طبعة الشعب " عن أنس:كان النبى صلى الله عليه وسلم " إذا اشتد البرد بكر بالصلاة وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة، يعنى يوم الجمعة. وفى رواية لم يذكر الجمعة. فهناك فترة بين دخول الوقت بالزوال وبين خروج الإمام حيث كان أذان الجمعة وهو على المنبر. 3 - وقد يراد بصلاة النافلة قبل صلاة الجمعة سنتها الراتبة كسنتها الراتبة التى تصلى بعدها. وهذه هى التى وقع فيها الخلاف بين الفقهاء فى كونها مشروعة أو غير مشروعة. وأحب لن يتنبه المسلمون إلى أن الخلاف فى هذه المسألة خلاف فى أحد الفروع الاجتهادية، التى لا ينبغى أن يتعصب أحد لرأيه فيها، أو ينكر على الآخر رأيه، فإن شرط الإنكار أن يكون المنكر مجمعا على انه منكر، كما لا ينبغى أن يُرمى صاحب الرأى الآخر بأنه عاص أو مبتاع. ولتكن لنا قدوة بما كان عليه الأئمة المجتهدون، فقد أثر عن غير واحد منهم أنه قال: رأى صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب. وما دار بينهم من نقاش كأن موضوعيا بعيدا عن المهاترات ملتزما أدب المجادلة بالحسنى، لأنهم كانوا يبغون الوصول إلى الحق من أجل الحق، وقد يسر أحدهم إذا ظهر الحق على يد غيره. كما أحب أن يتنبه المتجادلون إلى القاعدة الأصولية المعروفة: الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال فلا يتمسك بالدليل لإثبات الوجوب أو الحرمة إذا احتمل الندب لو الكراهة، والاحتمال قد يكون فى ثبوت الدليل وقد يكون فى دلالته. ويكفى المتعبد أن يصل إلى معرفة الحكم ولو بطريق الظن، فذلك وسعه الذى لا يكلفه الله إلا وأعوذ إلى حكم هذه الصلاة التى يصليها-بعض المسلمين اليوم بعد الأذان الأول للجمعة وقبل الأذان الثانى بين يدى الخطيب. فأقول: إن الخلاف فى مشروعيتها قديم وليس جديدا، ولم يأت المتكلمون اليوم عنها بأكثر مما جاء به الأولون. قال بمشروعيتها أبو حنيفة وأصحاب الشافعى فى أظهر الوجهين عندهم والحنابلة فى غير المشهور ايضا. ولم يقل بمشروعيتها مالك والحنابلة فى المشهور عنهم. ومن أشد المتعصبين لعدم مشروعيتها ابن قيم الجوزية الحنبلى الذى خالف إمامه ابن تيمية فيها، وكذلك شهاب الدين أبو شامة الشافعى الذى خالف ابن حجر العسقلانى وعموم الأصحاب ورجال المذاهب. [عند الأحناف يسن صلاة أربع قبلها وأربع بعدها وعند الشافعية كالظهر] . 4 - حجة القائلين بمشروعيتها: احتج هؤلاء بما يأتى: 1 - حديث " ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان " رواه ابن حبان وصححه من حديث عبد الله بن الزبير، وهاتان الركعتان سنة راتبة للفريضة، فالحديث يدل بعمومه على مشروعية صلاة ركعتين سنة قبل صلاة فريضة الجمعة. وليس هناك مخصص لهذا العموم، ولا يقال إنه مخصص بغير الجمعة لأن النبى كان إذا خرج لم يصلهما قبل أن يرقى المنبر، لأن العام لا يخصصه إلا منع خاص من صلاة ركعتين أو أربع بعد الزوال قبل الأذان للخطبة، ولم يوجد ذلك. وصلاة النبى لهما سيأتى الكلام عليها. 2 - حديث " بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة لمن يشاء " رواه البخارى ومسلم من حديث عبد الله ابن مغفل. والمراد بالأذانين الأذان والإقامة، من باب التغليب، أو لأن فى كل منهما إعلاما، والتعبير عنهما بذلك كثير. والصلاة بينهما لمن يشاء هى تطوع من رواتب الصلاة المفروضة التى يؤذن ويقام لها. ولا يقال: إن المراد بالأذانين أذان الفريضة وأذان الفريضة التى بعدها بمعنى أن وقت أى فريضة متسع يمكن أداؤها فى أى فترة من أول الوقت إلى آخره - لا يقال هنا لأن الصلاة المفروضة لا يقال عنها لمن يشاء، فذلك شأن التطوع. هذا هو الظاهر وإن كان يمكن أن يفسر لا لمن يشاء " لمن يريد تأخيرها عن أول الوقت، ولكنه بعيد. وهذان.الحديثان أقوى ما يتمسك به فى مشروعية السنة القبلية للجمعة كما قال ابن حجر فى الفتح "ج 4 ص هـ 3 " وذكر النووى فى المجموع "ج 4 ص 10 " أن العمدة فى مشروعيتها حديث عبد الله ابن مغفل المذكور. 3- فعل النبى صلى الله عليه وسلم، فعن على رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " يصلى قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا، يجعل التسليم فى آخرهن ركعه. رواه الطبرانى فى الأوسط وهو حديث حسن وإن كان فيه محمد بن عبد الرحمن السهمى وهو مختلف فيه. على أن عليَا القارى قال فى المرقاة: وقد جاء فى إسناد جيد-كما قال الحافظ العراقى - أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلى قبلها أربعا. وفى الأوسط للطبرانى عن أبى هريرة: كان النبى (صلى الله عليه وسلم) يصلى قبل الجمعة ركعتين وبعدها ركعتين. وقد ساقه ابن حجر فى التلخيص وسكت عنه، فهو حديث صحيح أو حسن على قاعدته المشهورة. وروى أبو داود والترمذى عن أبى أيوب الأنصارى قال: كان عليه السلام يصلى بعد الزوال أربع ركعات، فقلت: ما هذه الصلاة التى تداوم عليها؟ قال " هذه ساعة تفتح فيها أبواب السماء فأحب أن يصعد لى فيها عمل صالح ... " وهذا عام فى كل يوم لا يخرج منه يوم الجمعة إلا بنص عليه. وفى هذا الحديث أيضا مقال. 4 - فعل -ابن مسعود وابن عمر وغيرهما. فقد جاء فى الأثر عن ابن مسعود بسند صحيح أنه كان يصلى قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا، قاله الترمذى فى جامعه: وكان يأمر الناس ويعلِّمهم ذلك كما جاء فى "إطفاء الفتن على إعلاء السنن " لحكيم الهند " أشرف على التهانوى " وجاء فى نصب الراية: كان عبد الله يأمرنا أن نصلى قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا. رواه عبد الرزاق فى مصنفه اهـ. وفى "الدراية ": رجاله ثقات. وفى " آثار السنن ": إسناده صحيح. لا يقال: إن هذا نفل مطلق لا سنة راتبة للجمعة، فالنفل المطلق يرغب فيه ترغيبا عاما ولا يعتَم ولا يؤمر به أمر إرشاد بهذه العناية وهذا التأكيد من ابن مسعود. وهذا الأثر الموقوف له حكم المرفوع لأن الظاهر أنه قد ثبت عنده من النبى صلى الله عليه وسلم فيه شىء، وإلا لما أمر به. يقول الكمال بن الهمام تعليقا على قول صاحب " الهداية " " ولم يكن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا هذا الأذان ": إن ما روى عن ابن مسعود ذهب إليه ابن المبارك والثورى. وروى أبو داود من طريق أيوب السختيانى عن نافع قال: كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلى بعدها ركعتين فى بيته ويحدِّث أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يفعل ذلك. قال العراقى: إسناده صحيح. يقول الزرقانى على المواهب اللدنية "ج 8 ص 29": واحتج به النووى فى الخلاصة على إثبات سنة الجمعة التى قبلها، لأن اسم الإشارة (ذلك) يرجع إلى الأمرين - الصلاة قبلها والصلاة. بعدها فى البيت - لكن الصحيح أن اسم الإشارة راجع إلى الثانى- الصلاة البعدية- لما رواه الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فسجد سجدتين فى بيته ثم قال: كان النبى يفعل ذلك. رواه مسلم. وأما إطالة ابن عمر الصلاة قبل الجمعة فإما أن يكون بعد دخول الوقت، وذلك لا يصح أن يكون مرفوعا، لأن النبى كان يخرج إذا زالت الشمس فيشتغل بالخطبة ثم بصلاة الجمعة ولا يتنفل، وإما أن يكون قبل دخول الوقت فذلك مطلق نافلة لا صلاة راتبة فلا حجة فيه لسنة الجمعة التى قبلها، وقد ورد الترغيب فى التنفل قبل وقت الجمعة اهـ. لكن يرد على هذا بأن النبى صلى قبل الجمعة أربعا كما سبق فى بند (3) وكان ذلك فى بيته فيل أن يخرج إلى الناس لخطبة الجمعة. وذكر الزيلعى " ج 1 ص 31 " أن ابن سعد روى فى الطبقات أن صفية بنت حُيَيٍّ صلت أربع ركعات قبل خروج الإمام للجمعة ثم صلت الجمعة مع الإمام ركعتين. وذكره ابن حجر فى الفتح "ج 3 ص 553 " فهو صحيح أو حسن كعادته. وصفية زوج النبى (صلى الله عليه وسلم) والغالب أنها رأت النبى يفعل ذلك قبل خروجه إلى المسجد. 5- الجمعة بدل الظهر فى يومها فهى مثلها فى راتبتها وإن لم تكن مثلها تماما فى عدد ركعات الفريضة. ويؤخذ هذا من صنيع البخارى فى الترجمة " باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها " ولم يذكر شيئا عن الصلاة قبل الجمعة، كأنه -كما حكاه ابن حجر فى الفتح عن ابن المنير-يقول: الأصل استواء الظهر والجمعة حتى يدل دليل على خلافه، لأن الجمعة بدل الظهر. هذا هو أهم ما استند عليه القائلون بأن للجمعة سنة قبلية إلى جانب النفل المطلق الذى ورد الترغيب فى الإكثار منه كما سبق ذكره. وكلها أدلة ليست قطعية الثبوت والدلالة، وإن كان أقواها حديث عبد الله بن مغفل. 5 - حجة القائلين بعدم مشروعيتها: أقوى ما يستدل به القائلون بعدم مشروعية السنة القبلية للجمعة هو الحديث الذى رواه الجماعة إلا مسلما عن السائب بن يزيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر رضى اللَّه عنهما فلما كان عثمان رضى اللَّه عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء. وفى رواية للبخارى زاد النداء الثانى. وزاد ابن ماجة: على دار فى السوق يقال لها الزوراء. وتسميته ثالثا لأن الإقامة تسمى أذانا كما فى الحديث " بين كل أذانين صلاة ". يقول ابن القيم " زاد المعاد ج 1 ص 118 " فى بيان وجه الاستدلال: كان النبى يخرج من بيته، فإذا رقى المنبر أخذ بلال فى أذان الجمعة، فإذا أكمله أخذ النبى صلى الله عليه وسلم فى الخطبة من غير فصل، فمتى كانوا يصلون السنة؟ ومن ظن أنهم كانوا إذا فرغ بلال من الأذان قاموا كلهم فركعوا ركعتين فهو أجهل الناس بالسنة. وهذا الحديث وإن كان قويا إلا أنه ليس قطعى الثبوت، كما أنه ليس قطعى الدلالة على أن سنة الجمعة القبلية غير مشروعة، فيحتمل أن النبى كان يصلى بعد الزوال فى البيت قبل خروجه إلى الناس، وقد جاءت الروايات مؤكدة لهذا الاحتمال كما سبق. وبخاصة إذا علمنا أن الجمعة كانت تؤخر أحيانا عن بدء وقتها بالزوال. فوقتها ممتد إلى دخول وقت العصر. والفرصة سانحة للناس أن يصلوا بعد الزوال وقبل خروج الإمام كما دل عليه حديث أحمد عن عطاء الخراسانى السابق. هذا، وعدم رؤية السائب بن يزيد لصلاة النبى لها لا يدل على عدمها، لما هو معروف أن عدم العلم بالشىء لا يدل على عدمه أو نفيه. فمن الجائز أنه يصليها ولم يعلم به السائب، والروايات التى تقدمت تؤيد ذلك. ومن هذا نرى أن أدلة الطرفين ليست قطعية، ولكل مجتهد أن يرى ما أداه إليه اجتهاده، ولا ينبغى أن ينكر أحد على أحد، ويعجبنى فى هنا قول ابن تيمية فى فتاويه: إن صلاة ركعتين قبل الجمعة جائزة وحسنة وإن لم تكن راتبة ... ثم قال: فمن فعل ذلك لم يُنكر عليه، ومن ترك ذلك لم ينكر عليه، وهذا أعدل الأقوال وكلام الإمام أحمد يدل عليه.اهـ. حديث سُلَيْك سُليك بن هدية، وقيل: ابن عمرو الغطفانى رجل رقيق الحال دخل المسجد النبوى والنبى يخطب، وكان فى هيئة بذة أى رثة بالية فجلس يستمع الخطبة دون أن يصلى، فقال له النبى (صلى الله عليه وسلم) : أصليت ركعتين قبل أن تجلس فقال: لا، فأمره أن يصلى ركعتين. وقال " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما" وفى رواية " إذا أتى أحدكم والإمام يخطب أو قد خرج فليصل ركعتين " والحديث رواه البخارى ومسلم. وجاء فى روايات غيرهما أن النبى نبه المسلمين على أن سُليكا يستحق الصدقة وأنه أمره بالصلاة ليراه الناس، كما جاء أن النبى أخبره ألا يعود لذلك. رأى بعض العلماء أن صلاة سليك هى السنة القبلية للجمعة، ورأى بعض آخر: أنها صلاة خاصة بحال سليك للحث على الصدقة عليه وليست تشريعا عاما. ورأى آخرون: أنها تحية المسجد، وعلى هذا فلا يصلح حديثه حجه لأحد الطرفين المتنازعين فى السنة القبلية للجمعة. والكلام على تحية المسجد له فرصة أخرى إن شاء الله. المراجع 1 - البخارى وشرحه فتح البارى. 2- مسلم وشرحه للنووى. 3- الزرقانى على المواهب اللدنية. 4 - زاد المعاد لابن القيم. . 5 - نيل الأوطار للشوكانى ج 3 ص 270- 275. 6 - مجلة الأزهر: مجلد 4 ص 714. 7- مجلة الإسلام: مجلد 2 عدد 48 ومجلد 3 عدد 4. 8 - مجلة نور الإسلام: عدد 7 بتاريخ 11 / 6 / 1945، عدد 8 بتاريخ 10/7 /945 1. 9 - الفقه على المذاهب الأربعة ص 328 - 240 (9/17) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الخميس 18 يناير 2024, 12:01 am | |
| تبرع الكافر للمسجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال أقمنا مسجدا بالجهود الذاتية فتبرع بعض المواطنين من الأقباط بمبلغ من المال مساهمة فى بنائه، فهل نقبل هذا التبرع؟
الجواب قال العلماء: إن الكافر لا يثاب على عمل الخير كما قال سبحانه {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} الفرقان: 23، وثوابه يكون فى الدنيا بمثل حب الناس له وتكريمه وما يتبعه من نفع مادى. ولو تبرع الكافر للمسجد ببناء أو تجهيز أو غيرهما هل يقبل المسلمون منه هذا التبرع؟ لقد نص فقهاء المذاهب الأربعة على إباحة التعامل مع غير المسلمين حتى فى التبرع لعمارة المساجد، وما جاء فى الحديث إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا لا تدخل تحته هذه المسألة، لأن قبول الله للطيب يعنى الثواب عليه، ولا ثواب لغير المسلم فى الآخرة كما نصت عليه الآية المذكورة. وصرح الإمام الشافعى بجواز وصية غير المسلم ببناء مسجد للمسلمين، وكذلك الوقف منه للمسجد، حتى لو لم يعتقده من القربات، وذلك لاعتبارنا نحن أن الوقف للمسجد قربة، قال صاحب كفاية الأخيار (ج 2 ص 30) : ويجوز للمسلم والذمى الوصية لعمارة المسجد الأقصى وغيره من المساجد. وفى كتب الأحناف أن وصايا غير المسلم ووقفه على إعمار وإنارة بيت المقدس جائزة، وكذلك بناؤه مسجدا لقوم معينين من المسلمين ولو جعل داره مسجدا للمسلمين وأذن لهم بالصلاة فيها جازت الصلاة فيها. وجاء فى المغنى لابن قدامة صحة وصية الذمى للمسلم، وفى فقه المالكية خلاف فى قبول وقف غير المسلم على المساجد وأمثالها، وصحح العدوى جواز ذلك على القرب " انظر فتاوى الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق على جاد الحق -نشر مجلة الأزهر- فى رجب 1412" (9/18) ________________________________________ ختم الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل الأفضل ختم الصلاة سرا أو جهرا؟
الجواب وردت نصوص فى فضل الإسرار بالذكر والدعاء عامة، منها قوله تعالى {واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال} الأعراف:205، وقوله تعالى {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} الأعراف:55، وروى مسلم عن أبى موسى قال: كنا مع النبى @ فى سفر-وفى رواية فى غزاة -فجعل الناس يجهرون بالتكبير-وفى رواية: فجعل رجل كلما عَلاَ ثَنِيه قال: لا إله إلا الله - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيها الناس اربعوا على أنفسكم، إنكم لستم تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم " وقال الرسول صلى الله عليه وسلم " خير الذكر الخفى "وقال " السر بالقرآن كالسر بالصدقة ". كما وردت نصوص فى فضل الجهر بالذكر عامة، منها الحديث القدسى الذى رواه البخارى " أنا عند ظن عبدى بى، وأنا معه إذا ذكرنى، فان ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى، وإن ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منه " والذكر فى الملأ لا يكون غالبا إلا عن جهر، كما صح فى مسلم وغيره أن الملائكة تحف مجالس الذكر، وبخاصة فى بيوت الله، وأن الله يغفر لمن يجالسون الذاكرين لله. وأخرج البيهقى أن رجلا كان يرفع صوته بالذكر فقال رجل: لو أن هذا خفض من صوته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " دعه فإنه أوَّاه " وأخرج الحاكم عن عمر رضى الله عنه مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم " من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شىء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة، وبنى له بيتا فى الجنة ". وقد جمع النووى بين نصوص الجهر ونصوص الإسرار فقال -: إن الإخفاء أفضل حيثما خاف الرياء أو تأذى به مصلون أو نيام، والجهر أفضل فى غير ذلك، لأن العمل فيه أكثر، ولأن فائدته تتعدى إلى السامعين، ولأنه يوقظ قلب القارى، ويجمع همه إلى الفكر، ويصرف سمعه إليه، ويطرد النوم، ويزيد النشاط. وقال بعضهم: يجب الجهر ببعض القراءة والإسرار ببعضها، لأن المسر قد يمل فيأنس بالجهر. والجاهر قد يكل فيستريح بالإسرار انتهى. وذلك كله فى غير التَّعْليم وفيما إذا كان الدعاء جماعيا كما فى صلاة الاستسقاء والقنوت مثلا، فالجهر أفضل. وما سبق هو فى الذكر والدعاء عامة، أما بخصوص ما بعد الصلاة فقد وردت نصوص فى الجهر منها قول ابن عباس رضى الله عنهما، كما رواه البخارى ومسلم: كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير. وفى رواية لمسلم: كنا ... وفى رواية لهما عنه أيضا أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا إذا سمعته. ومعنى هذا أن الناس الذين كانوا يصلون خلف النبى صلى الله عليه وسلم، وبخاصة من يكونون فى الصفوف الخلفية لا يسمعون عبارة " السلام عليكم " التى ينتهى بها الرسول من الصلاة فيظلون منتظرين حتى يفرغ الرسول منها ويشرع فى ختام الصلاة بالتكبير والتسبيح والتحميد وما إلى ذلك، أى أن صوته كان مرتفعا فسمعوه. وورد فى الإسرار بختام الصلاة ما رواه أحمد عن أبى سعيد الخدرى قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعهم يجهرون بالقراءة وهم فى قبة لهم، فكشف الستور وقال " ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفعن بعضكم على بعض بالقراءة " أو قال " فى الصلاة ". وبناء على هذه النصوص اختلف الفقهاء، فى حكم الجهر بالذكر عقب الصلوات، فمنهم من قال: لا بأس به، بناء على ما رواه ابن عباس، ومنهم من قال بكراهته، بناء على ما رواه أبو سعيد الخدرى. قال الإمام النووى فى شرح صحيح مسلم "ج هـ ص 84 " تعقيبا على حديث ابن عباس: هذا دليل لما قاله بعض السلف: إنه يستحب رفع الصوت بالتكبير والذكر عقب المكتوبة، وممن استحبه من المتأخرين ابن حزم الظاهرى. ونقل ابن بطال وآخرون أن أصحاب المذاهب المتبوعة وغيرهم متفقون على عدم استحباب رفع الصوت بالذكر والتكبير. وحمل الشافعى رضى الله عنه هنا الحديث - حديث ابن عباس - على أنه جهروا وقتا يسيرا حتى يعلمهم صفة الذكر، لا أنهم جهروا دائما. قال فأختار للإمام والمأموم أن يذكرا الله تعالى بعد الفراغ من الصلاة ويخفيا ذلك، إلا أن يكون إماما يريد أن يتعلَّم منه فيجهر، حتى يعلم أنه قد تعلم منه ثم يسر، وحمل الحديث على هذا. والذى أختاره، بعد عرض هذا الكلام المبنى على النصوص العامة والخاصة بالذكر بعد الصلاة، هو الإسرار بالذكر، لأنه أعون على الإخلاص، وفيه عدم تشويش على المصلين الآخرين، وذلك فى الأوساط الإسلامية العارفة بختام الصلاة، أما فى المجتمعات الإسلامية الحديثة العهد بالإسلام فإن الجهر يكون أفضل للتعليم، وذلك بصفة مؤقتة ثم يكون الإسرار بعد ذلك هو الأفضل. وليس المراد بالسر أن يكون همسا لا يسمع الإنسان نفسه، ولكن المراد ألا يشوش به على غيره. يقول المرحوم الشيخ محمد بخيت المطيعى مفتى الديار المصرية الأسبق: وختم الصلوات بالذكر والأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مندوب مرغب فيه شرعا ما دام الذكر والدعاء منها وسطا لا إلى إفراط بحيث يجهد نفسه ويزعج غيره، ولا إلى تفريط بحيث لا يسمع نفسه بل يكون كما قال الله تعالى {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا} الإسراء: 110، انتهى. وأما قوله تعالى {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} الأعراف:55، فهو فى الدعاء وليس فى مطلق الذكر فإن الدعاء بالذات يفضَّل فيه الإسرار، لأنه أقرب إلى الإجابة، قال تعالى {إذ نادى ربه نداء خفيا} مريم: 3، إلا بنا كان فى جماعة ليعلمهم أو ليكون الدعاء مطلوبا من الجميع فالجهر أفضل، كما فى صلاة الاستسقاء والقنوت، والاعتداء فى الدعاء فسر بأنه تجاوز المأمور به، أو اختراع دعوة لا أصل لها فى الشرع (9/19) ________________________________________ الصلاة بالنعال
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يتعمد بعض الشبان دخول المساجد بالأخذية والصلاة بالنعال، ويقولون إن ذلك سنة عن النبى صلى الله عليه وسلم "، فهل هذا صحيح؟
الجواب سئل أنس رضى الله عنه، هل كان النبى @ يصلى فى نعليه؟ . قال: نعم. رواه البخارى. قال ابن حجر فى فتح البارى: قال ابن بطال: إنه محمول على ما إذا لم يكن فيها نجاسة، وهى من الرخص لا من المستحبات، لأن ذلك لا يدخل فى المعنى المطلوب من الصلاة، وهو وإن كان من ملابس الزينة - يقصد ما جاء فى قوله تعالى {يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} - إلا أن ملامسة الأرض التى تكثر فيها النجاسات قد تقصر عن هذه الرتبة، وإذا تعارضت مراعاة مصلحة التحسين ومراعاة إزالة النجاسة قدمت الثانية لأنها من باب دفع المفاسد، والأخرى من باب جلب المصالح وقال: إلا أن يرد دليل بإلحاقه بما يتجمل به فيرجع إليه ويترك هذا النظر. قال ابن حجر بعد إيراده كلام ابن بطال: قد روى أبو داود والحاكم من حديث شداد بن أوس: " خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون فى نعالهم ولا خفافهم " فيكون استحباب ذلك من جهة قصد المخالفة المذكورة وورد فى كون الصلاة فى النعال من الزينة المأمور بأخذها فى الآية حديث ضعيف جدا، أو رده ابن عدى فى الكامل وابن مردويه فى تفسيره من حديث أبى هريرة، والعقيلى من حديث أنس " فتح البارى ج 2 ص 41". نرى من هذا أن الصلاة فى النعال لا تجوز إذا كانت متنجسة، أما إذا كانت طاهرة فلا مانع من الصلاة فيها، وأرجح جانب الرخصة وليس الاستحباب من جهة التقرب بالعبادة فلم يصح فيه دليل، وأنصح إذا كان المسجد مفروشا بفراش نظيف أن نصونه عن التلوث حتى لو كان بالشىء الظاهر، ومراعاة الذوق والعرف الذى فيه خير مما يؤيده الدين، هذا والصلاة فى النعال غير الصلاة فى الخف الممسوح عليه، فذلك مشروع بشروطه ومنها الطهارة، والله أعلم (9/20) ________________________________________ المرأة وصلاة الجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال تذهب بعض النساء لصلاة الجمعة فى المسجد، فهل صلاتها واجبة عليها بحيث لو لم تصلها تعاقب عليها؟
الجواب صلاة الجمعة غير واجبة على المرأة، وذلك للحديث الذى رواه أبو داود والحاكم، وصححه غير واحد " الجمعة حق واجب على كل مسلم فى جماعة، إلا أربعة: عبد مملوك أو امرأة أو صبى أو مريض " ولحديث أم عطية الذى أخرجه ابن خزيمة: نهينا عن اتباع الجنائز، ولا جمعة علينا. لكن مع ذلك لو صلت الجمعة صحت وأغنتها عن صلاة الظهر باتفاق الفقهاء، وهل يستحب لها صلاتها؟ قال الأحناف: الأفضل لها أن تصلى فى بيتها ظهرا، لمنعها عن الجمعة، سواه أكانت عجوزا أم غيرها، وقال المالكية: إن كانت عجوزا لا أرب للرجال فيها جاز حضورها الجمعة، وإن كان فيها أرب كره حضورها، أما الشابة فإن خيف من حضورها الفتنة حرم عليها الحضور، وإلا كره. وقال الحنابلة: يباح لها الحضور لصلاة الجمعة إن كانت غير حسناء، فإن كانت حسناء كره. وقال الشافعية: يكره للمرأة حضور الجماعة إن كانت مشتهاة ولو فى ثياب بالية، وكذا غير المشتهاة إن تزينت أو تطيبت. وكل ذلك إذا أذن لها وليها بالحضور، وإلا حرم عليها حضور الجماعة كمها يحرم حضورها إذا خيفت الفتنة " نيل الأوطار للشوكانى ج 3 ص 241 والفقة على المذاهب الأربعة " انظر كتابنا "س، ج للمرأة المسلمة " ص 70 (9/21) ________________________________________ إمامة المرأة فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز للمرأة أن تكون إماما فى الصلاة؟
الجواب معلوم أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد، والنصوص فى ذلك كثيرة، وإذا كان الإسلام يفضل أن تصلى المرأة فى بيتها بدل أن تصلى فى المسجد من أجل ثواب الجماعة فإنه يمكنها أن تقيم صلاة الجماعة فى بيتها، أو فى المدرسة التى تتعلم أو تعلم فيها، أو العمل الذى تمارسه مع الزميلات. فإذا كان فى البيت زوجها أو ولدها أو أبوها أو أخوها مثلا كان هو الإمام والمرأة مأمومة، وكذلك فى المدرسة أو العمل يجوز أن يصلى بالنساء أحد المدرسين أو أحد الزملاء، سواء أكانت الصلاة فى مسجد أو مكان مُعَدّ لذلك. فإذا لم يوجد رجل أمكن للمرأة أن تكون إماما لبناتها أو نساء أخريات فى المنزل أو للزميلات فى المدرسة والعمل. وذلك على رأى جمهور الأئمة. والإمام مالك هو الذى يمنع أن تكون المرأة إماما مطلقا، لا للرجال ولا للنساء، فلا يجوز أن يقتدى بها الرجل حتى لو كان ابنها أو أباها أو أخاها، فإمامتها على رأى الجمهور جائزة للنساء فقط. روى أبو داود والحاكم وابن خزيمة وصححه أن النبى صلى الله عليه وسلم جعل لأم ورقة مؤذنا، وأباح لها أن تؤم أهل بيتها، أى النساء فقط، وذلك لحديث رواه ابن ماجه عن جابر أنه سمع النبى صلى الله عليه سلم يقول على المنبر " لا تؤمَّن امرأة رجلا، لا فاجرا ولا مؤمنا ". وكانت السيدة عائشة رضى اللَّه عنها تؤم النساء وتقف معهن فى الصف، وكذلك كانت أم سلمة رضى اللَّه عنها تفعله. ويرى بعض الأئمة أن المرأة إذا كانت إماما للنساء تقف معهن فى الصف ولا تتقدم عليهن. لكن لو تقدمت فصلاتها وصلاة المأمومات صحيحة، لعدم ورود النهى عن ذلك (انظر س، ج للمرأة المسلمة) (9/22) ________________________________________ تحريك الأصبع فى التشهد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يختلف المصلون فى تحريك إصبعهم عند التشهد فما هو الصحيح فى هذا الأمر؟
الجواب جاء فى صحيح مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم وضع يده اليمنى على ركبته اليمنى، وعقد ثلاثا وخمسين، وأشار بالسبابة. وجاء فى مسند أحمد وسنن النسائى وأبى داود من حديث وائل بن حجر: ثم قبض ثنتين من أصابعه وحلق حلقة ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها: وفى رواية لهم ولابن حبان فى صحيحه من طريق ابن الزبير: كان يشير بالسبابة ولا يحركها. الإشارة بالسبابة حديثها أصح من حديثى التحريك وعدم التحريك ومن هنا قال الفقهاء: تكون الإشارة بالسبابة، اما عند النطق بلفظ "لا" إشارة إلى النفى ثم يخفضها وعليه أبو حنيفة رضى الله عنه، وأما عند لفظ الجلالة " اللَّه " إشارة إلى الوحدانية ثم يستمر رفعها دون تحريك إلى الانتهاء من الصلاة وعليه الشافعى رضى الله عنه. ولا يرى الإمامان تحريك الإصبع غير هذه الحركة، وأما قول وائل: فرأيته يحركها، قال البيهقى: يحتمل أن يكون مراده بالتحريك الإشارة بها لا تكرير تحريكها حتى لا يعارض حديث ابن الزبير " ولا يحركها ". لكن الإمام مالك اخذ بحديث وائل واستحب أن تحرك الإصبع من أول التشهد، وروى فى ذلك حديث ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم (تحريك الإصبع فى الصلاة مذعرة للشيطان) لكن نقاد الحديث قالوا: إن هذا الحديث ضعيف، فقد تفرد به الواقدى، والأرجح أن التحريك الوارد يحمل على الإشارة حتى لا يتعارض مع ما ورد ناهيا عن التحريك وأقول: إن تحريك الإصبع أو عدمه هيئة من الهيئات ليست من الأركان ولا من الواجبات، فأية كيفية تؤدى بها هذه الهيئة كافية، والمهم أن نكون مخلصين خاشعين فى صلاتنا محافظين على الأركان الأساسية، فعلى ذلك يدور القبول (9/23) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الخميس 18 يناير 2024, 12:05 am | |
| كلام لا يبطل الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يحدث أن يقول المأموم " استعنت بالله " عندما يقرأ الإمام {إياك نعبد وإياك نستعين} فهل هذا جائز؟ ويحدث أن يقرأ الإمام سورة التين وفى آخرها {أليس الله بأحكم الحاكمين} فيقول بعض المأمومين " بلى " فهل هذا يبطل الصلاة؟
الجواب روى الترمذى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال " من قرأ سورة " التين والزيتون " فقرأ " أليس اللَّه بأحكم الحاكمين " فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين. وكان على وابن عباس يفعلان ذلك. هذا فى خارج الصلاة أما فيها فقد اتفق الفقهاء على أن ذكر الله فى الصلاة لا تبطل به إذا قصد الذكر، لأن الصلاة كلها محل لذكر الله، ومَثلَ الأحناف لذلك بالصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم عند ذكره، وقول " جل جلاله " عند ذكر اسم اللَّه، وقول " صدق اللَّه العظيم " عند فراغ القارى من القراءة. ومثله ما لو أخبر بخبر سيئ وهو فى الصلاة فقال "لا حول ولا قوة إلا بالله " ما دام يقصد مجرد الذكر والدعاء، وكذلك قال بقية الفقهاء، وجاء فى أمثلة الشافعية قول المأموم: استعنا باللَّه، عند قراءة الإمام {إياك نعبد وإياك نستعين} ما دام يقصد الدعاء. وعليه فإن قول المأموم " بلى " عند قول الإمام " أليس اللَّه بأحكم الحاكمين " لا يبطل الصلاة وكلمة " بلى " تفيد الإثبات بعد النفى، وهى هنا إثبات أن اللَّه أحكم الحاكمين. وجاء فى فقه المذاهب الأربعة " طبع وزارة الأوقاف المصرية " ما خلاصته: قال الحنفية: إذا تكلم المصلى بتسبيح أو تهليل أو أثنى على اللَّه تعالى عند ذكره، كأن قال: جل جلاله، أو صلى على النبى صلى الله عليه وسلم عند ذكره، أو قال صدق اللَّه العظيم عند فراغ القارى من القراءة أو قال مثل قول المؤذن ونحو ذلك، فإن قصد به الجواب على أمر من الأمور بطلت صلاته، أما إذا قصد مجرد الثناء والذكر أو التلاوة فإن صلاته لا تبطل. وقال المالكية: إن الصلاة لا تبطل بالتسبيح أو التهليل أو قول لا حول ولا قوة إلا باللَّه، حتى لو كان ذلك إجابة لأحد، لأن الصلاة كلها محل لها. وقال الحنابلة: لا تبطل الصلاة بالتسبيح أو التهليل أو الذكر لغرض من الأغراض، كما إذا رأى ما يعجبه فقال: سبحان اللَّه، أو أصابته مصيبة فقال: لا حول ولا قوة إلا باللَّه، أو أصابه ألم فقال: بسم اللَّه، ونحو ذلك، فإن صلاته لا تبطل به، وإنما يكره لا غير. وقال الشافعية: إذا قال: صدق اللَّه العظيم عند سماع آية، أو قال: لا حول ولا قوة إلا بالله عند سماع خبر سوء فإن صلاته لا تبطل به مطلقا، إذ ليس فيه.سوى الثناء على اللَّه تعالى، وإذا سمع المأموم إمامه يقول " إياك نعبد وإياك نستعين " فقال المأموم مثله محاكاة له، أو قال: استعنا باللَّه، أو نستعين باللَّه، بطلت صلاته إن لم يقصد تلاوة ولا دعاء، وإلا بأن قصد التلاوة أو الدعاء فلا تبطل، والإتيان بها بدعة منهى عنها. من هذا نرى أن قول المأموم: استعنا بالله ما دام يقصد به ذكر الله أو الدعاء فإن صلاته لا تبطل باتفاق الأئمة، أما إذا لم يقصد الذكر ولا الدعاء فصلاته باطلة عند بعضهم، ويقاس على هذا ما يقوله المأمومون حين قيام الإمام بالقنوت، مثل آمين، أشهد، حقا، يا اللَّه وقول المأمومين عقب إنتهاء الإمام من قراءة الفاتحة: اللهم اغفر لى، ليكون تأمينه بعده موافقا لتأمين الإمام، وثواب ذلك عظيم. وجاء فى كتاب " الأذكار " للنووى أنه يسن لكل من قرأ فى الصلاة أو غيرها إذا مر بآية رحمة أن يسأل اللَّه تعالى من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ به من النار ومن العذاب أو من الشر أو من المكروه، أو يقول: اللهم إنى أسألك العافية أو نحو ذلك. وإذا مر بآية تنزيه لله سبحانه وتعالى نزَّه فقال: سبحانه وتعالى، أو تبارك اللَّه رب العالمين أو جلت عظمة ربنا أو نحو ذلك. ثم ساق الدليل على ذلك بحديث مسلم عن حذيفة بن اليمان وهو يصلى خلف النبى بالليل وقرأ فى الركعة الأولى سورة البقرة ثم آل عمران ثم النساء، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ. قال أصحابنا - الشافعية - يستحب هذا التسبيح والسؤال والاستعاذة للقارى فى الصلاة وغيرها، وللإمام والمأموم والمنفرد لأنه دعاء فاستووا فيه كالتأمين [فى تعليقات ابن علان عند ذكر الصلاة قال: سواء كانت فرضا أو نفلا، خلافا للمالكية والحنفية] ثم قال النووى: ويستحب لمن قرأ {أليس اللَّه بأحكم الحاكمين} أن يقول: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، وإذا قرا {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} - قال: بلى اشهد. وإذا قرأ {فبأى حديث بعده يؤمنون} قال: أمنت بالله، وإذا قال {سبح اسم ربك الأعلى} قال: سبحان ربى الأعلى. ويقول هذا كله فى الصلاة وغيرها، وقد بينت أدلته فى كتاب " البيان فى آداب حملة القرآن ". ثم يعلق ابن علان بقوله: الأدلة مروية عن أبى داود والترمذى وهى تشهد لما قاله المصنف مما يقال عند آخر كل من سورتى التين والقيامة واللَّه أعلم، ومثله قوله تعالى {أليس اللَّه بكاف عبده} (9/24) ________________________________________ الجهر والسر فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما معنى قوله تعالى {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} وما هى الصلاة السرية والصلاة الجهرية، وما هي الحكمة في ذلك؟
الجواب قال تعالى {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً} الإسراء: 110، قال بعض المفسرين: إن المراد بالصلاة هنا الدعاء، بدليل الفقرة السابقة عليها {قل ادعوا اللَّه أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} والمراد أن يكون الدعاء وسطا بين الجهر الذي يوقظ النائم ويزعجه أو يجر إلى الرياء، وبين الإسرار الذي لا يسمعه الداعي، ويكون أشبه بالهمس غير المفهوم. وهذا ما رواه مسلم. وأخرج البخاري ومسلم أيضًا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوار بمكة، وكان إذا صلى بأصحابه ورفع صوته بالقرآن فإذا سمع المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فقال اللَّه تعالى {ولا تجهر بصلاتك} فيسمع المشركون قراءتك {ولا تخافت بها} عن أصحابك. أي أسمعهم القرآن ولا تجهر ذلك الجهر وابتغ بين ذلك سبيلاً هو بين الجهر والمخافتة. وهذان السببان أصح ما ورد في نزول الآية. وورى أحمد وأبو داود أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مر ليلة بأبي بكر وهو يصلي يخفض صوته، ومر بعمر وهو يصلي رافعًا صوته. فلما اجتمعا عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال "يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلي تخفض صوتك "فقال: يا رسول اللَّه قد أسمعت من ناجيت. وقال لعمر"مررت بك وأنت تصلي رافعا صوتك " فقال يا رسول اللَّه أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان. فقال صلى الله عليه وسلم "يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئًا" وقال لعمر"اخفض من صوتك شيئًا" ولعل هذه المحادثة كانت بعد نزول الآية، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يرشدهما إلى تطبيقها. أما الصلاة المفروضة التي يجهر فيها فهي الصبح والجمعة والركعتان الأوليان من المغرب والعشاء، والتي يسر فيها ما عدا ذلك، وهي الظهر والعصر والركعة الثالثة من المغرب والركعتان والأخيرتان من العشاء. والجهر يكون في قراءة الفاتحة وفي السورة أو الآية التي تليها، أما الأذكار والأدعية فيها فهي سرية إلا في قنوت الصبح، والذي يجهر هو المنفرد وكذا الإمام، أما المأموم فهو يسرُّ أبدًا في قراءته. والحكمة في السر في الصلاة ما كان عليه الحال في مكة من إيذاء المشركين لمن كانوا يصلون ويجهرون بالقراءة فيها، وكانت الصلاة ركعتين ركعتين، فبقيت في السفر على ذلك وزيدت في الحضر. والكفار كانوا مشغولين عن المصلين قبل طلوع الشمس لأنهم نائمون، فبقي الجهر في صلاة الصبح كما كان. وكذلك كانوا مشغولين بعد غروب الشمس بالنوم أو السهر الخاص، فبقي الجهر في المغرب والعشاء كما كان. وصلاة الظهر وصلاة العصر في وضح النهار فشرع السر فيهما خشية إيذاء الكفار أما الجمعة فشرعت صلاتها في المدينة أو بعد الهجرة وكان شرعها بقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} الجمعة: 9، والنداء لها وللصلوات الأخرى بالأذان شرع في المدينة. على أن كثرة عدد المصلين للجمعة فيها قوة ترهب عدوهم أن ينالهم بسوء كما كان الحال في مكة وإذا كان الأمن قد استتب في المدينة ولم يعد هناك خوف من المشركين عند الجهر بالقراءة نهارا فإن التشريع بقى كما كان تسجيلاً لفترة من التاريخ، وشكرا لله على النعمة كلما تذكرنا ما كان عليه المسلمون في مكة وما آل إليه الإسلام بعد ذلك من نصر وقوة (9/25) ________________________________________ الوتر
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال جاء كتب الفقه أن الحنفية قالوا: الوتر واجب، لقوله صلى الله عليه وسلم " الوتر حق فمن لم يوتر فليس منى " وأن المذاهب الأخرى قالت: إنه سنه فهل معنى ذلك أن السنة تلغى الفرض، وأن من لم يوتر فليس من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم؟
الجواب إذا قال أبو حنيفة بوجوب الوتر، وقال غيره بأنه سنة فليس معنى هذا أن السنة تلغى الفرض، وإنما المعنى أن الوتر مطلوب في كل المذاهب، إلا أن درجة الطلب عند أبي حنيفة أقوى مما عند غيره من فقهاء، المذاهب، على معنى أن التقصير في أدائه عند أبي حنيفة موجب للمسئولية أمام اللَّه، معتمدا على الحديث المذكور، أما عند غيره فإن الوتر ليس بالدرجة في الطلب بحيث يكون التقصير فيه مفضيا للمسئولية كالفرض، بل هو مطلوب طلبًا مؤكدًا لمحافظة النبي صلى الله عليه وسلم عليه، لكنه ليس من الفروض المحتمة، فليس بعد الصلوات الخمس المعروفة صلاة مفروضة كل يوم، والأحاديث الدالة على ذلك كثيرة، من أقواها قوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله عما افترضه اللَّه عليه "خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة " قال: هل علىَّ غيرها؟ قال "لا، إلا أن تطوع " فولى الرجل وهو يقول: واللَّه لا أزيد عليهن ولا أنقص، فقال صلى الله عليه وسلم "أفلح إن صدق " رواه مسلم. وقد حمل هؤلاء حديث " فمن لم يوتر فليس منى" على الترغيب الشديد في الإتيان به، وأن من قصر فيه لا يكون من عداد المسلمين الكاملين، فهو مسلم وليس بكافر، وهو من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم وليس من أتباع غيره، وذلك على نحو ما قالوا في حديث "لا صلاه لجار المسجد إلا في المسجد " على معنى " لا صلاة كاملة لجار المسجد إلا في المسجد" وليس المعنى أن صلاته باطلة إذا صلاها في بيته، فإن الأرض كلها مسجد كما ورد في الأحاديث الصحيحة، ولا شك أن الصلاة في المسجد أكمل، لما فيها من صلاة الجماعة وكثرة الثواب بالخطا إلى المسجد، وبانتظار الصلاة، وبدعاء الملائكة وهذا الحديث رواه الدارقطنى بسند ضعيف. وحديث "فمن لم يوتر فليس منى " رواه أحمد وأبو داود، وفي إسناده راو ضعفه النسائي وقال البخاري: عنده مناكير ووثقه بعضهم (9/26) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس الخميس 18 يناير 2024, 12:08 am | |
| تحويل القبلة وموقف اليهود منها
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هى المراحل التى تم بها تحديد القبلة واستقرت بها على الوضع الأخير؟
الجواب روى أحمد بن حنبل عن السيدة عائشة رضى اللَّه عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إن اليهود لا يحسدوننا على شىء كما يحسدوننا على يوم الجمعة التى هدانا اللَّه إليها وضلوا عنها، وعلى القبلة التى هدانا الله إليها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام آمين ". على عادة اليهود فى الأثرة والأنانية النابعة من العنصرية الجامحة المعروفة فيهم كانوا يحبون أن يكون كل مجد لهم، سواء فى ذلك المجد الدينى والدنيوى، كما جعل اللَّه فيهم الأنبياء وجعلهم ملوكا. قال تعالى {وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة اللَّه عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا واَتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين} المائدة: 20، ولما سمعوا بظهور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى مكة كانوا يستفتحون به على أهل المدينة، لكنهم أبوا الانضمام إليه، لأنه من نسل عمهم إسماعيل دون أبيهم إسحاق. وقد حدث أن الله سبحانه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم باستقبال بيت المقدس فى الصلاة، وظل على ذلك نحو سنة ونصف السنة بالمدينة، ثم صرفه اللَّه عن هذه القبلة إلى استقبال الكعبة، فقال اليهود: اشتاق محمد إلى بلد أبيه بمكة، وهو يريد أن يرضى قومه قريشا ولو ثبت على قبلتنا لرجونا أن يكون هو النبى الذى يأتى آخر الزمان. وهذا القول منهم يدل على أنهم انتهازيون لا يجرون إلا وراء المصلحة، دون اعتبار للعقائد والقيم، فهم كفروا بالرسول لمجرد أنه حول وجهه - بأمر ربه -إلى البيت الحرام، ناسين أن الأرض كلها لله، وأن الجهات جميعها واحدة بالنسبة لوجود اللَّه واطلاعه على عباده والتوجه إليه بالطاعة، قال تعالى {وللَّه المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه اللَّه} البقرة: 115، وقال فى حقهم {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها، قل للَّه المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم} البقرة: 142. وندد الله بهم فى كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم على الرغم من الأخبار المبشرة به فقال: {وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم} البقرة: 144، وقد أيأسه اللَّه من إيمانهم به ما دامت قبلته للصلاة غير قبلتهم فقال {ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم، وما بعضهم بتابع قبلة بعض} البقرة: 145، ومن هنا انقطع أملهم فى ضم محمد صلى الله عليه وسلم إليهم، فجاهروه بالعداوة، وكانت له معهم التحامات وقصص مذكورة فى كتب التاريخ. إن بيت المقدس لم يتخذه بنو إسرائيل قبلة تبعا لوحى من اللَّه، بل باختيار منهم على ما يذكره المحققون، والحديث المذكور يدل على أن الصخرة التى يستقبلونها لم يؤمروا بها من اللَّه بعينها، فإن القبلة الحقيقية هى أول بيت وضع للناس فى مكة، روى أبو داود في الناسخ والمنسوخ عن خالد بن يزيد بن معاوية قال: لم تجد اليهود فى التوراة القبلة، ولكن تابوت السكينة كان على الصخرة، فلما غضب الله على بنى إسرائيل رفعه، وكانت صلاتهم إلى الصخرة عن مشورة منهم. وفى البغوى عند تفسير قوله تعالى {واجعلوا بيوتكم قبلة} يونس: 87، روى ابن جريج عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كانت الكعبة قبلة موسى ومن معه وبه قطع الزمخشرى والبيضاوى، قال النسفى فى تفسير هذه الآية: اجعلوا بيوتكم مساجد متوجهة إلى القبلة وهى الكعبة، وكان موسى ومن معه يصلون إلى الكعبة. وكما ضلوا عن القبلة ضلوا عن الجمعة، لأن الله فرض عليهم يوما من الأسبوع وكَلَه إلى اختيارهم، فاختلفوا ولم يهتدوا إلى الجمعة، قال الطبرى عن مجاهد فى قوله تعالى {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه} النحل: 124، قال: أرادوا الجمعة فأخطئوا وأخذوا السبت مكانه، وروى ابن أبى حاتم عن السدى التصريح بأنه فرض عليهم يوم الجمعة بعينه فقال: إن اللَّه فرض على اليهود الجمعة فأبوا وقالوا: يا موسى إن الله لم يخلق يوم السبت شيئا فاجعله لنا، فجعله عليهم، وليس ذلك بعجيب من مخالفتهم، كما وقع لهم فى قوله {وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة} البقرة: 58، فغيروا وبدلوا. واستطرادًا للحديث فى شأن القبلة وتحويلها أتناول الموضوع فى عدة نقاط، تنويرًا للأذهان وعونا على الوصول إلى الحقيقة فى فهم حكمة التشريع: 1 -كل أمة من الأمم لها مكان مقدس تتعبد فيه بكل أنواع العبادة من صلاة وحج وذبح وغير ذلك، قال تعالى {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه} الحج: 67، وقال تعالى {ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم اللَّه على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} الحج: 34، وسواء أكان هذا الجعَلْ تَشريعا من الله أراده ورضيه لعباده، أم جعْلَ تكوين لا يشترط أن يكون مرضيا عنه، كما فى قوله تعالى {كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم} الأنعام: 108، فإن لكل جماعة من الناس مكانا مقدسا يتقربون فيه إلى إلههم، ومن التقرب التوجه إليه عند الدعاء والصلاة. والوثنيون كانوا يتوجهون إلى أصنامهم فى الأرض، أو إلى الكواكب فى السماء، كما توجه المصريون إلى الشمس فى بعض عهودهم فى الدعاء والمناجاة، وكما توجه البابليون إلى النجوم على ما حكاه القرآن الكريم فى محاجة إبراهيم لهم فى سورة الأنعام، حيث رأى كوكبا ثم رأى القمر ثم رأى الشمس وافترض أنها هى الإله الذى يعبدونه فلما غابت ألزمهم الحجة بأن الإله لا يجوز أن يغيب، ثم بنوا بيوتا رمزية - لآلهتهم يعبدونها فيها عند اختفائها وقت غروبها، فكانت البيوت قبلتهم ومنسكهم الذى يرتضون. 2 -أول بيت وضع للعبادة هو بيت اللَّه الحرام فى مكة " الكعبة " قال تعالى {إن أول بيت وضع للناس. للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين} آل عمران: 96، وكما تقول الروايات إنه موضوع من أيام آدم عليه السلام، وكانت الأنبياء تحج إليه، وكان دور إبراهيم عليه السلام إبراز معالمه التى عفى عليها الزمن أو جرفتها السيول على ما يفهم من التعبير بالرفع فى قوله تعالى {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} البقرة: 127، وقوله تعالى {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت} الحج: 26، أى البيت المعهود سابقا فى التاريخ، أو الذى سيبنى بعد، ذلك جائز محتمل. والحديث الصحيح ورد فى أن أول بيت وضع فى الأرض هو الكعبة ثم المسجد الأقصى، وبينهما أربعون سنة، فإن كان الوضع يعنى الاختيار للعبادة - وهو الظاهر-كان ذلك الاختيار من اللَّه موجودا قبل إبراهيم بالنسبة للكعبة وقبل سليمان وداود بالنسبة للمسجد الأقصى. وإن كان الوضع يعنى الإقامة والبناء فإن المسافة بين بناء إبراهيم للكعبة وبين بناء المسجد الأقصى وهى أربعون سنة لا تكون إلا إذا قيل: إن الأنبياء بعد إبراهيم شرعوا فى بناء المسجد الأقصى على عهد يعقوب بن إسحاق كما قال بعض الباحثين، ولم يتم إلا فى عهد سليمان الذى كان أبوه داود معتزما بناءه، لكن الله لم يوفقه لذلك، وادخره لابنه سليمان كما تحكى التوراة. وقد تقدم فى ذلك ما نقله البغوى عن ابن جريج عن ابن عباس وما قرره المفسرون من أن الكعبة كانت قبلة موسى ومن معه، وقال أبو داود فى الناسخ والمنسوخ فى قوله تعالى {إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة} قال: أعلم قبلته فلم يبعث نبى إلا وقبلته البيت وهذا القول قواه الحافظ العلائى فقال فى تذكرته: الراجح عند العلماء أن الكعبة قبلة الأنبياء كلهم كما دلت عليه الآثار. قال بعضهم وهو الأصح، ويؤكد هذا الرأى حديث حسد اليهود لنا إذ هدانا اللَّه إلى القبلة وضلوا عنها، فقد كانت الكعبة قبلتهم لكنهم لم يهتدوا إليها.. غير أن ابن العربى وتلميذه السهيلى اختارا أن قبلة الأنبياء هى بيت المقدس، وصححه بعضهم وقال إنه المعروف، لكن هذا يمكن أن يحمل على أن بيت المقدس هو قبلة الأنبياء بعد بناء الهيكل فى عهد سليمان، ارتضوها بعد أن ضلوا عن الكعبة، وأمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أول الأمر بالتوجه إلى بيت المقدس وهو ما يزال فى مكة على ما سيأتى بيانه، وقد تقدم أنهم كانوا يستقبلون الصخرة التى كان عليها تابوت السكينة حتى بنى المسجد الأقصى. ونظرا إلى أن المسيحية مكملة لليهودية جاءت مصلحة لليهود وداعية للعودة إلى أصولها الحقيقية كانت قبلتها هى قبلة اليهود فى المسجد الأقصى. 3-فرضت الصلاة فى الإسلام أولا بمكة، واستقرت خمس صلوات ليلة الإسراء قبل الهجرة بحوالى سنتين أو أكثر، فإلى أية قبلة كان يتجه المصلون بمكة؟ قيل: لم تكن هناك قبلة معينة، فالجهات كلها قبلة على ما فهمه البعض من قوله تعالى {وللَّه المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه اللَّه} البقرة:115، وإن كان هناك ميل إلى التوجه إلى الكعبة لأنها البيت المقدس عند العرب، وهو أثر سيدنا إبراهيم الذى قال اللَّه له فى إحدى السور المكية {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا} النحل: 123، على ما يفيده عموم اللفظ، وكما حكت السيرة أن النبى صلى الله عليه وسلم اختار التحنث فى غار حراء، لأنه يشرف على الكعبة. وقيل: إن قبلة المسلمين فى مكة كانت الكعبة أولا، لقوله تعالى {وما جعلنا القبلة التى كنت عليها} البقرة: 143، أى حولناك فى المدينة من بيت المقدس إلى الكعبة وهى القبلة التى كنت عليها من قبل، فهذا نص على أن القبلة فى مكة كانت الكعبة، لكن ذلك كان لفترة، ويدل عليه ما أخرجه الطبرى عن ابن جريج: صلى النبى صلى الله عليه وسلم أول ما صلى إلى الكعبة ثم صرف إلى بيت المقدس وهو بمكة، فصلى ثلاث حجج، ثم هاجر فصلى إليه بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرا، ثم وجه إلى الكعبة. وقيل: إن القبلة فى مكة كانت بيت المقدس أولا، لحديث ابن عباس رضى اللَّه عنهما الذى رواه أحمد: كان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه، لكن هل يدل هذا على أن بيت المقدس كان هو القبلة الأولى فى مكة وكان النبى يحب أن يستقبل معه الكعبة، فيجعلها بينه وبين بيت المقدس ليجمع بين القبلتين، أو أن بيت المقدس كان قبلة لاحقة بعد أن كانت هى الكعبة؟ ذلك كله جائز. ولعل من التوفيق القريب بين الأحاديث التى يتضارب ظاهرها أن يقال: إن النبى صلى الله عليه وسلم صلى بمكة أولا إلى الكعبة، ثم صرف عنها إلى بيت المقدس ثلاث حجج، فكان يحب أن يجمع بينهما على النحو المذكور، ولما هاجر أمره الله بالاستمرار فى استقبال بين المقدس، وكان يشتاق لاستقبال الكعبة نحو سنة ونصف السنة فوجه بعد ذلك إليها. 4 -هل كانت قبلته فى مكة [الكعبة أو بيت المقدس] بوحى من اللَّه أو باجتهاد منه؟ أما استقبال الكعبة فقيل إنه بوحى، على ما يفهم من قوله تعالى {وما جعلنا القبلة التى كنت عليها} فالتى كان عليها هى الكعبة، لكن هل كان هذا بأمر من اللَّه أم باجتهاد من الرسول أقره عليه؟ لم يرد فى ذلك نص واضح صريح، وقيل إنه باجتهاد على ما سبق بيانه من اقتفائه أثر أبيه إبراهيم، وتقديسه للبيت الذى يقدسه كل العرب ولتحرى النظر إليه فى خلوته بغار حراء. وأما استقبال بيت المقدس فى مكة، فقيل بوحى، على ما تفيده رواية الطبرى عن ابن جريح أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى أولا بمكة إلى القبلة، ثم صرفه الله إلى بيت المقدس. وقيل باجتهاد كما قال القاضى عياض: الذى ذهب إليه أكثر العلماء أنه كان بسنة لا بقرآن، وحكى الوجهين الماوردى فى " الحاوى ". 5 -والصلاة التى صلاها الرسول عند مقدمه إلى المدينة متوجها إلى بيت المقدس، هل كانت بوحى أم باجتهاد؟ . ذلك راجع إلى الكلام فى استقبال بيت المقدس بمكة، فهو مستصحب للقبلة فى مهجره. 1 -الراجح أنه كان بوحى لما رواه ابن جرير الطبرى عن ابن عباس، قال: لما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واليهود أكثرهم يستقبلون بيت المقدس أمره اللَّه تعالى أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود لظنهم أنه استقبله اقتداء بهم، مع أنه كان لأمر ربه، فاستقبلها سبعة عشر شهرا، وكان يحب أن يستقبل قبلة إبراهيم، وروى الطبرى أيضا عن ابن عباس قال: إنما أحب النبى أن يتحول إلى الكعبة، فكان يدعو ربه (كما نصحه بذلك جبريل عندما قال له: وددت أن اللَّه صرف وجهى عن قبلة يهود، فقال له جبريل: إنما أنا عبد، فادع ربك وسله) وكان ينظر إلى السماء فنزلت {قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} البقرة: 144، وهذا ما عليه الجمهور كما قال القرطبى، ولحديث البراء بن عازب عند البخارى فى كتاب الإيمان: أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى قِبَلَ بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبَل البيت، فاستقباله لبيت المقدس مع شوقه لقبلة إبراهيم دليل على أنه بأمر من اللَّه. ب - وقيل إن استقباله لبيت المقدس بالمدينة كان باجتهاد منه، كما قال الحسن البصرى، وكما قال الطبرى: كان محمد مخيرا بينه وبين الكعبة، فاختاره طمعا فى إيمان اليهود، لكن يرده سؤاله لجبريل، إذ لو كان مخيرا لاختار الكعبة دون حاجة إلى سؤال جبريل أن يصرف إليها. 6 -كم من الزمن صلى النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة إلى بيت المقدس؟ جاءت الروايات مختلفة فى ذلك، وهى كلها ليست من كلام الرسول، بل من كلام الصحابة، فقيل ستة عشر شهرا، وقيل سبعة عشر، وقد جاء ذلك فى روايتين للبخارى ومسلم عن البراء بن عازب على ما سيأتى، وقيل تسعة عشر شهرا، وقيل بضعة عشر بدون تحديد لمقدار البضع، والاختلاف راجع إلى الخلاف فى تعيين الشهر الذى حولت فيه القبلة، مقيسا بشهر الهجرة إلى المدينة، وبحساب جمله من أيام الشهر شهرا، أو بغير ذلك من الاعتبارات. 7-فى أى شهر وفى أى يوم حولت القبلة؟ هنا لك أقوال: أ-قيل إنها حولت فى منتصف شهر رجب من السنة الثانية، وكان ذلك يوم الاثنين، وقد رواه أحمد عن ابن عباس بإسناد صحيح، قال الواقدى: وهذا أثبت، قال الحافظ: وهو الصحيح، وبه جزم الجمهور، وقاله ابن إسحاق. ب - وقيل إن التحويل كان فى شهر جمادى الآخرة، كما رواه الزهرى عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، قال أبو جعفر النحاس فى كتابه " الناسخ والمنسوخ ": وهو أولاها بالصواب، لأن الذى قال به أجل، ولأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فى شهر ربيع الأول، فإذا صرف اَخر جمادى الآخرة إلى الكعبة صار ذلك ستة عشر شهرا كما قال ابن عباس وأيضا إذا صلى إلى الكعبة فى جمادى الآخرة فقد صلى إليها فيما بعدها. ج -وقيل فى نصف شعبان وفى يوم الثلاثاء منه، قاله محمد بن حبيب، وجزم به فى الروضة، وقاله الواقدى. 8 -ما هى الصلاة التى صلاها النبى صلى الله عليه وسلم بقبلتين وما هى أول صلاة كاملة للقبلة الجديدة؟ . كان النبى صلى الله عليه وسلم يزور أم بشر بن معرور بعد موته، فلما حان وقت صلاة الظهر صلى بأصحابه ركعتين، ثم أمر بتحويل القبلة، فتحول فى ركوع الركعة الثالثة، وسمى هذا المسجد مسجد القبلتين، لأن التحويل نزل فيه أولا، وكان فى بنى سلمة -بكسر اللام فى شرح الزرقانى على المواهب، وضبطت فى تفسير القرطبى بفتحها - وهى أول صلاة صلاها، وهو الأثبت كما قال الواقدى، وكانت هذه الصلاة هى الظهر على ما رواه النسائى من رواية أبى سعيد بن المعلى، وكذا عند الطبرانى والبزار من حديث أنس فهذا الحديث يدل على أن مكان التحويل هو مسجد بنى سلمة " مسجد القبلتين " وأن الصلاة هى الظهر قال ابن سعد: صلى النبى صلى الله عليه وسلم ركعتين من الظهر فى مسجده النبوى بالمسلمين. وقال بعضهم إن الصلاة هى العصر، مستدلين برواية البراء بن عازب فى البخاري فى كتاب الإيمان: أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر- أى متوجها إلى الكعبة، لكن هذا لا يدل على أنها صليت بقبلتين، والأقرب أنها بقبلة واحدة هى الكعبة، وكانت أولى صلاة تامة بعد التحويل إلى الكعبة، ويبقى ادعاء أن صلاة الظهر هى التى أديت بقبلتين باقيا دون معارض. قال ابن حجر فى كتاب الإيمان: التحقيق أن أول صلاة صلاها فى، بنى سلمة لما مات بشر بن البراء بن معرور هى الظهر، وأول صلاة صلاها بالمسجد النبوى هى العصر. 9 - ما هى الصلاة التى صلاها المسلمون الذين لم يكونوا مع الرسول - بقبلتين، وأين كانت؟ إن خبر التحويل وصل كل جماعة فى مواعيد مختلفة، ولعل عددا من الجماعات وقع منهم صلاة لقبلتين، قد تكون هى العصر وقد تكون غيرها، ومن الثابت ما يلى: 1 -صلاة العصر كانت بقبلتين وكانت فى بنى حارثة، دليله حديث البراء بن عازب: صليت مع النبى صلى الله عليه وسلم"إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا-وفى رواية له سبعة عشر شهرا-حتى نزلت الآية التى فى البقرة {وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} فنزلت بعدما صلى النبى، فانطلق رجل من القوم فمر بناس من الأنصار وهو يصلون، فحدثهم فولوا وجوههم قبل البيت، رواه البخارى ومسلم. وقوله: " بعدما صلى " فسره الشراح بأنه دخل فى الصلاة، لا أنه انتهى منها، وقالوا: إنها صلاة الظهر وقد صلى منها ركعتين، وقال بعضهم إنها صلاة العصر، كانت فى مسجد بنى سلمة، والرجل الذى نقل الخبر قيل: اسمه عبَّاد بن بشر بن قيظى " القرطبى-سيقول السفهاء " كما رواه ابن منده وابن أبى خيثمة، وقيل: اسمه عَبَّاد بن نَهيك. والناس الذين أخبرهم هم بنو حارثة وكانوا يصلون العصر وعلى القول بأن الصلاة التى كان يصليها الرسول وحُوِّل فيها هى العصر يمكن أن ينقل خبرها بسرعة إلى جماعة آخرين هم بنو حارثة ما زالوا فى الصلاة، سواء أكان عباد بن بشر ناقل الخبر صلى مع النبى وهو الغالب -أم لم يصلِّ ورأى حاله فأبلغها إلى غيره. 2 -صلاة الفجر أو الصبح كانت بقبلتين، وكانت فى " قباء " موطن بنى عمرو بن عوف، وقد نص عليها فى حديث ابن عمر: بينما الناس -بنو عمرو بن عوف -فى صلاة الصبح بقباء إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة، رواه البخارى ومسلم. والشخص الذى أخبرهم قيل: هو رجل من بنى سلمة كما يدل عليه حديث أنس الآتى وهو الأصح، واسمه عباد كما تقدم. يقول أنس رضى الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى نحو بيت المقدس فنزلت {قد نرى تقلب وجهك فى السماء. . .} فمر رجل من بنى سلمة وهم ركوع فى الفجر وقد صلوا ركعة فنادى: ألا إن القبلة قد حولت، فمالوا كما هم نحو القبلة، رواه مسلم غير أن رواية أنس لا تدل على أن هؤلاء كانوا فى قباء. 3 - صلاة الظهر، فقد ذكر أبو عمرو فى " التمهيد " عن نويلة بنت أسلم - وكانت من المبايعات - قالت: كنا فى صلاة الظهر فأقبل عباد بن بشر بن قيظى فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استقبل القبلة، أو قال: البيت الحرام، فتحول الرجال مكان النساء وتحول النساء مكان الرجال. هذا، ولم يسم مسجد قباء ولا مسجد بنى حارثة بمسجد القبلتين لأن مسجد بنى سلمة هو الذى نزلت فيه أولا آية التحويل، وصليت فيه صلاة إلى جهتين كان النبى إماما فيها. 10-حكمة جعل القبلة إلى الشام فى المدينة فيها آراء: أ-رأى يقول: إن ذلك تكريم من اللَّه للنبى صلى الله عليه وسلم، ليجمع له بين القبلتين، كما عده السيوطى من خصائصه التى تميز بها على الأنبياء والمرسلين، ونظهر هذه الحكمة إذا كان استقبال الشام بوحى وهو الظاهر. ب -ورأى يقول: كان التوجه تأليفا لليهود، كما قاله أبو العالية، وقد يكون ذلك مرادا للَّه بالوحى أو مرادا للنبى باجتهاد على الخلاف فى ذلك. ج -ورأى يقول: إن فيه تنبيها للرسول على أن المسجد الأقصى له منزلته وقداسته، فلابد من الحفاظ على هذه المنزلة والقداسة له. 11 -حكمة تحويل القبلة فى المدينة من الشام إلى مكة فيها وجهات نظر: أ- امتحان المؤمنين الصادقين وتمييزهم عن غيرهم، كما قال سبحانه {وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه، وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى اللَّه} البقرة: 143، كما قاله ابن عباس. ب -تنبيه للرسول على عدم طمعه فى إيمان اليهود. ج - العودة بالدعوة إلى أصلها، وهو عالميتها القائمة على قواعد إبراهيم، درن تمييز بين أبناء إسحاق " اليهود " وأبناء إسماعيل " العرب " {ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين} آل عمران: 67. د-الإيحاء بأن مكة لا بد أن تعود إلى الإسلام، ففيها قبلة المسلمين، وأن يجاهد أهلها حتى يخضع البيت للمسلمين، وبشارة بنصر الرسول على قريش واستخلاص البيت منهم، لتطهيره من الأصنام وجعل الدين خالصا لله. هذا، ومن الحكمة العامة لتحديد قبلة الصلاة تجميع أهل الدين وتوحيد اتجاههم ومشاعرهم وتقوية الرابطة بينهم. ومن الأحكام التى تتصل بالقبلة: أ- أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن الانصراف عن التوجه إليها فى الدعاء، فقد روى البخارى ومسلم عن أنس أن النبى قال: " ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء فى صلاتهم " فاشتد قوله فى ذلك حتى قال "لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم " ورواه مسلم عن أبى هريرة بلفظ "لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء عند الدعاء فى الصلاة أو لتخطفن أبصارهم ". ب - عدم بصق المصلى أمامه، فقد ورد عن ابن عمر: بينما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب يوما إذ رأى نخامة فى قبلة المسجد، فتغيظ على الناس ثم حكها، قال: وأحسبه قال: فدعا بزعفران فلطخت به وقال " إن اللَّه عز وجل قِبَلَ وجه أحدكم إذا صلى، فلا يبصق بين يديه " رواه البخارى ومسلم. أما تحديد اتجاه القبلة ووضع علامات تدل عليها، والصلة بين المحاريب وبينها، فسيكون له بحث آخر إن شاء الله (9/27) ________________________________________ عورة المرأة فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نرى بعض السيدات يصلين بملابس تكشف عن القدم وعن بعض الذراع، ويدعين أن صلاتهن صحيحة على بعض المذاهب، نرجو بيانا لحقيقة الموضوع؟
الجواب ستر العورة مطلوب لصحة الصلاة باتفاق العلماء، حتى لو كان الإنسان يصلى وحده لا يراه أحد، فهو حق لله سبحانه، وعورة الرجل هى ما بين السرة والركبة تبطل الصلاة بانكشاف أى جزء منها عند الأئمة الثلاثة، أما عند مالك فتبطل الصلاة إذا انكشفت السوأتان وهما القبل والخصيتان وحلقة الدبر، ولا تبطل إذا انكشف سواهما مما هو بين السرة والركبة، ولا تسن إعادة الصلاة إلا إذا انكشفت العانة أو الإليتان أو ما بينهما حول حلقة الدبر، فيعيد فى الوقت، وإن كان كشف العورة حراما أو مكروها. وقد جاء فى عورة المرأة قوله صلى الله عليه وسلم "لا يقبل اللَّه صلاة حائض إلا بخمار " رواه احمد وأصحاب السنن، والمراد بالحائض المرأة البالغة حد التكليف، وروى أبو داود عن أم سلمة رضى اللَّه عنها أنها سألت النبى صلى الله عليه وسلم أتصلى المرأة فى درع وخمار وليس عليها إزار؟ فقال "إذا كان الدرع سابغا يغطى ظهور قدميها"، الخمار هو غطاء الرأس، والإزار ما يستر الجزء الأسفل من الجسم، والدرع ما يستر أعلاه، وهو للمرأة ما يغطى بدنها ورجليها. وإليك اَراء الفقهاء فى تحديد عورتها، مع العلم بأنه لا مانع من الأخذ بأحد هذه الآراء: فعورة المرأة الحرة فى الصلاة عند الحنفية جميع بدنها، ويستثنى من ذلك باطن الكفين فإنه ليس بعورة، بخلاف ظاهرهما، كما يستثنى ظاهر القدمين فإنه ليس بعورة، بخلاف باطنهما فإنه عورة عكس الكفين. وعورتها عند الشافعية جميع بدنها، ويستثنى من ذلك الوجه والكفان فقط، ظاهرهما وباطنهما. وعورتها عند الحنابلة جميع بدنها، ويستثنى فقط الوجه وما عداه منها فهو عورة، وعورتها عند المالكية قسمان، مغلظة ومخففة، ولكل منهما حكمه، فالمغلظة جميع بدنها ما عدا الأطراف والصدر وما حاذاه من الظهر والمخففة لها هى الصدر وما حاذاه من الظهر والذراعين والعنق والصدر، ومن الركبة إلى آخر القدم، [هذا التحديد يقارب التحديد بأن المغلظة هى ما بين السرة والركبة، والمخففة ما عدا ذلك، كعورة الرجل] أما الوجه والكفان ظهرا وبطنا فهما ليسا من العورة مطلقا. فإن انكشف شىء من العورة المغلظة بطلت الصلاة إن كان قادرا ذاكرا وإعادتها وجوبا، أما إن انكشف شىء من العورة المخففة فلا تبطل الصلاة وإن كان كشفها حراما أو مكروها فى الصلاة ويحرم النظر إليها، ولكن يستحب لها أن تعيد الصلاة بعد ستر العورة إذا كان الوقت باقيا. والساتر للعورة لابد أن يكون كثيفا لا يصف لون البشرة التى تحته، ولا يضر إن كان محددا لها لاصقا بها عند الجمهور، وتبطل باللاصق عند المالكية وتعاد الصلاة فى الوقت. هذا، وستر العورة لابد من دوامه إلى آخر الصلاة، فلو انكشف شىء منها قبل إتمام الصلاة وكان بقصد بطلت الصلاة، أما إن كان بغير قصد فلا تبطل إن كان يسيرا وسترها فى الحال بدون عمل كثير عند بعض الأئمة "الفقه على المذاهب الأربعة - نشر وزارة الأوقاف المصرية " (9/28) ________________________________________ الطهارة لصلاة الجنازة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يقول بعض الناس: إن صلاة الجنازة تجوز بدون طهارة، فهل هذا صحيح؟
الجواب صلاة الجنازة كأية صلاة لابد لها من شروط لصحتها ومنها الطهارة من الحدث والنجس، فى البدن والثوب والمكان، وذلك باتفاق العلماء، روى مالك عن نافع أن عبد اللَّه بن عمر رضى الله عنهما كان يقول: لا يصلى الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر، لكن جاء فى كتاب الزواجر لا بن حجر الهيتمى"ج 2 ص 361" أنه حكى عن الشعبى وغيره من السلف جواز صلاتها بغير وضوء، ونسب إلى الشافعى، وهو غلط وفى حاشية الشرقاوى على التحرير "ج 1 ص 312" فى فقه الشافعية، أن هذا القول حكى أيضا عن ابن جرير، كما حكى عن أبى حنيفة الاكتفاء بالطهارة لها بالتيمم حتى لو كان بجوار النهر. ومن هذا يعلم أن من يصلى على الجنازة وهو لابس للحذاء، إن كان الحذاء طاهرا صحت صلاته، وإن كان متنجسا فلا تصح عند جمهور العلماء، أما الدعاء للميت بدون طهارة فلا مانع منه (9/29) ________________________________________ خطيب الجمعة والإمام
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يشترط أن يكون خطيب الجمعة هو الذى يؤم الناس فى صلاتها، أم يجوز أن يؤمهم غيره؟
الجواب لا مانع أن يكون الخطيب غير الإمام حيث لا يوجد نص يمنع ذلك ولا يجوز عند المالكية كما فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (9/30) ________________________________________ |
|
| |
| فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس | |
|