201
" ما من نبي يموت فيقيم في قبره إلا أربعين صباحا حتى ترد إليه روحه , و مررت
بموسى ليلة أسري بي و هو قائم في قبره بين عائلة و عويلة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 360 ) :
$ موضوع .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 333 ) من طريق شيخه سليمان بن أحمد و هو
الطبراني صاحب " المعاجم " الثلاثة , و هذا في " مسند الشاميين " ( ص 64 )
و ابن عساكر ( 17 / 197 / 1 ) عن الحسن بن يحيى حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن
زيد بن أبي مالك عن # أنس بن مالك # مرفوعا به , ثم قال أبو نعيم و ابن عساكر :
غريب من حديث يزيد لم نكتبه إلا من حديث الخشني .
قلت : و الخشني هذا متروك كما تقدم في الحديث قبله , و من طريقه ذكره ابن
الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 239 ) و ( 1 / 303 ) من رواية ابن حبان في
" المجروحين " ( 1 / 235 ) عنه , ثم قال يعني ابن حبان : باطل و الخشني منكر
الحديث جدا يروي عن الثقات ما لا أصل له .
قلت : و نقل الحافظ ابن حجر عن ابن حبان إنه قال : هذا باطل موضوع , و أقره في
" تهذيب التهذيب " ( 2 / 327 ) و كذلك نقله عنه الذهبي في " الميزان " في ترجمة
الخشني هذا و قال : إنه انفرد به , أخرجه ابن الجوزي في " الموضوعات " و أقره
أيضا .
و أما السيوطي فخالفهم جميعا ! فتعقب ابن الجوزي , في " اللآليء " ( 1 / 285 )
قائلا: قلت : هذا الحديث أخرجه الطبراني و أبو نعيم في " الحلية " و له شواهد
يرتقي بها إلى درجة الحسن , و الخشني من رجال ابن ماجه , ضعفه الأكثر , و لم
ينسب إلى وضع و لا كذب , و قال دحيم : لا بأس به , و قال أبو حاتم : صدوق سيء
الحفظ , و قال ابن عدي : تحتمل رواياته , و من هذا حاله لا يحكم على حديثه
بالوضع .
قلت : قد علمت مما نقلناه في الحديث السابق ( رقم 198 ) عن أئمة الجرح
و التعديل أن هذا الرجل أعني الحسن بن يحيى الخشني متروك , منكر الحديث , و لا
يلزم منه أن يكون ممن يتعمد الكذب , بل قد يقع منه ذلك لكثرة غفلته و شدة سوء
حفظه , فلا يرد على هذا قول السيوطي : إنه لم ينسب إلى وضع و لا كذب , إن كان
يقصد به الوضع و الكذب مطلقا , و إلا فعبارة ابن حبان المتقدمة : يروي عن
الثقات ما لا أصل له , ظاهرة في نسبة الكذب إليه , و لا سيما بعد حكمه على
حديثه الذي نحن بصدد الكلام عليه بأنه موضوع , و لكن عبارته هذه لا تفيد اتهامه
بأنه يضع قصدا فتأمل .
ثم إن ما نقله السيوطي عن ابن عدي يوهم أن روايات هذا الرجل كلها تحتمل , و هذا
ما لم يقصد إليه ابن عدي , فإن الحافظ ابن حجر بعد أن نقل عبارة ابن عدي
السابقة عقبها بقوله : قلت : قال ذلك بعد أن ساق له عدة مناكير و قال : هذا
أنكر ما رأيت له , و هذا في " كامل ابن عدي " ( 90 / 1 ) فجزى الله ابن حجر
خيرا حيث كشف لنا بهذه الكلمة عن حقيقة قصد ابن عدي من عبارته المتقدمة , و منه
يتبين أن ابن عدي من جملة المضعفين للخشني , فلا يجوز حشر ابن عدي في جملة
الموثقين له كما فعل السيوطي عفا الله عنا و عنه , و سيأتي له نحو هذا الخطأ في
الحديث ( 233 ) .
ثم لو سلمنا أنه وثقه مثل " دحيم " , فلا قيمة تذكر لهذا التوثيق إذا ما
استحضرنا القاعدة التي تقول : إن الجرح المفسر مقدم على التعديل .
ثم وجدت ما يؤيد الذي ذهبت إليه مما فهمته من عبارة ابن حبان المنقولة آنفا و
هو أن الرجل قد يكذب بدون قصد منه , فإن نصها بتمامها في " ضعفائه "
( 1 / 235 ) : منكر الحديث جدا , و يروي عن الثقات ما لا أصل له , و عن
المتقنين ما لا يتابع عليه , و قد سمعت ابن جوصاء يوثقه و يحكيه عن أبي زرعة ,
و كان رجلا صالحا يحدث من حفظه , كثير الوهم فيما يرويه , حتى فحشت المناكير في
أخباره التي يرويها عن الثقات , حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها ,
فلذلك استحق الترك .
فهذا نص في أنه كان لا يتعمد الكذب , و إنما يقع ذلك منه وهما , فهو على كل حال
ساقط الاعتبار ضعيف جدا , فحديثه قد يحكم عليه بالوضع لأدنى شبهة .
و أنا أرى أن هذا الحديث يعارض قوله صلى الله عليه وسلم : " ما من أحد يسلم علي
إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام " .
رواه أبو داود ( 1 / 319 ) و البيهقي ( 5 / 245 ) و أحمد ( 2 / 527 ) بإسناد
حسن عن أبي هريرة , و هو مخرج في الكتاب الآخر " الصحيحة " ( 2266 ) .
و وجه التعارض أنه يدل على أن روحه صلى الله عليه وسلم ليست مستقرة في جسده
الشريف , بل هي ترد إليه ليرد سلام المسلمين عليه صلى الله عليه وسلم , بينما
هذا الحديث الموضوع يقرر صراحة أن روح كل نبي ترد إليه بعد أربعين صباحا من
وفاته , فلو صح هذا فكيف ترد روحه صلى الله عليه وسلم إلى جسده ليرد السلام ,
هذا أمر غير معقول , بل هو ظاهر التناقض , فلابد من رد أحدهما , و ليس هو إلا
هذا الحديث المنكر حتى يسلم الحديث القوي من المعارض , فتأمل هذا فإنه مما
ألهمت به , لا أذكر أني رأيته لأحد قبلي , فإن كان صوابا فمن الله , و إلا فمن
نفسي .
و مما يدل على بطلان هذا الحديث بهذا اللفظ أن رؤيته صلى الله عليه وسلم لموسى
يصلي في قبره صحيح , لكن ليست فيه هذه الزيادة : " بين عائلة و عويلة " , أخرجه
مسلم ( 7 / 102 ) من حديث أنس مرفوعا : " مررت على موسى ليلة أسري بي عند
الكثيب الأحمر و هو قائم يصلي في قبره " و هو مخرج في " الصحيحة " ( 2627 ) .
فدل هذا على بطلان هذه الزيادة في الحديث كما دل حديث أبي هريرة على بطلان
الشطر الأول منه , و مع هذا كله فقد ذكره في " الجامع " .
ثم إنه سبق في كلام السيوطي أن للحديث شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن ! فلابد
من النظر في ذلك لتتبين الحقيقة لكل من ينشدها , فأول ذلك أن ليس هناك شواهد ,
و إنما هما شاهدان فقط ذكرهما السيوطي نفسه لم يزد عليهما .
ثم إن أحدهما من طريق أبي المقدام ثابت بن هرمز الكوفي ـ صدوق يهم ـ عن سعيد بن
المسيب قال : " ما مكث نبي في قبره من الأرض أكثر من أربعين يوما " , زاد في
روايته : " حتى يرفع " , و هذا سند قوي , و لكنه مقطوع فلا حجة فيه لاحتمال
كونه من الإسرائيليات .
ثم إن هذه الزيادة يبطلها حديث : " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد
الأنبياء " , و هو حديث صحيح رواه أبو داود و ابن حبان في " صحيحه " و الحاكم
و غيرهم , ( انظر " فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " بتحقيقي رقم 22
, 23 ) فإنه صريح في أن من خصوصيات الأنبياء أن الأرض لا تبلي أجساد الأنبياء ,
و هذه الخصوصية تنتفي إذا أثبتنا رفعهم بأجسادهم من قبورهم , كما هو مفاد هذه
الزيادة , فثبت بذلك بطلانها , و لو ثبتت لانتفت خصوصية أخرى لعيسى عليه السلام
و هي كونه في السماء حيا بروحه و جسده , فتأمل مفاسد و آثار الأحاديث الواهية !
ثم إن هذه الزيادة لو صحت لعادت بالنقض على الحديث , لأنه صريح في أن الروح
تعود إليه و هو في قبره , بينما هذه الزيادة تفيد أن الجسد يرفع , فكيف يصح أن
يجعل النقيض شاهدا لنقيضه ? !
و أما الشاهد الآخر فيحسن أن نفرده بالكلام عليه و هو :
202
" إن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة , و لكنهم يصلون بين
يدي الله حتى ينفخ في الصور " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 364 ) :
$ موضوع .
أخرجه البيهقي في " كتاب حياة الأنبياء " ( ص 4 ) قال : أنبأنا أبو عبد الله
الحافظ , حدثنا أحمد بن علي الحسنوي إملاء , حدثنا أبو عبد الله بن محمد
العباسي الحمصي , حدثنا أبو الربيع الزهراني , حدثنا إسماعيل بن طلحة بن يزيد
عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ثابت عن # أنس # مرفوعا , و قال
البيهقي : و هذا إن صح بهذا اللفظ فالمراد به - والله أعلم - لا يتركون يصلون
هذا المقدار ثم يكونون مصلين فيما بين يدي الله عز وجل .
قلت : و هذا إسناد موضوع , الحسنوي هذا متهم , و هو شيخ الحاكم و قد ضعفه هو
فقال : هو في الجملة غير محتج بحديثه .
و قال الخطيب : لم يكن بثقة , و قال فيه محمد بن يوسف الجرجاني الكشي : هو كذاب
و نحوه عن أبي العباس الأصم .
و محمد بن العباس هذا لم أعرفه و يراجع له " تاريخ دمشق " لابن عساكر , و كذا
شيخه إسماعيل بن طلحة بن يزيد لم أجد له ترجمة , و ابن أبي ليلى ضعيف سيء الحفظ
معروف بذلك .
و الحديث أورده السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 285 ) شاهدا للذي قبله كما سبق ,
و لا يصلح لذلك من وجهين : الأول : أنه موضوع لما تقدم بيانه آنفا , و هو سكت
عليه فأساء ! و ليته على الأقل نقل كلام البيهقي الذي سبق في تضعيفه ! و أسوأ
منه أنه ذكره في " الجامع " .
الآخر : أنه مخالف للمشهود له , فإنه صريح في أن الأنبياء لا يتركون في قبورهم
بعد أربعين , و ذلك - و هو موضوع أيضا - يقول بأن الروح تعود إليه و هو في قبره
فأين هذا من ذاك ? !
ثم إن الحديث يعارض حديثا صحيحا سبق ذكره في الحديث الذي قبله , فدل ذلك على
وضعه أيضا .
و يعارضه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم : " الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون " .
و هو حديث صحيح كما تبين لي بعد أن وقفت على متابع له قال البيهقي : إنه تفرد
به فكتبت بحثا حققت فيه صحة الحديث و أن التفرد المشار إليه غير صحيح و أودعت
ذلك في السلسلة الأخرى برقم ( 621 ) .
203
" من صلى علي عند قبري سمعته , و من صلى علي نائيا وكل بها ملك يبلغني , و كفي
بها أمر دنياه و آخرته , و كنت له شهيدا أو شفيعا " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 366 ) :
$ موضوع بهذا التمام .
أخرجه ابن سمعون في " الأمالي " ( 2 / 193 / 2 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 3 /
291 - 292 ) و ابن عساكر ( 16 / 70 / 2 ) من طريق محمد بن مروان عن الأعمش عن
أبي صالح عن # أبي هريرة # مرفوعا .
و أخرج طرفه الأول أبو بكر بن خلاد في الجزء الثاني من حديثه ( 115 / 2 )
و أبو هاشم السيلقي فيما انتقاه على ابن بشرويه ( 6 / 1 ) و العقيلي في
" الضعفاء " ( 4 / 136 ـ 137 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 218 ) و قال
العقيلي : لا أصل له من حديث الأعمش , و ليس بمحفوظ , و لا يتابعه إلا من هو
دونه , يعني ابن مروان هذا , ثم روى الخطيب بإسناده عن عبد الله بن قتيبة قال :
سألت ابن نمير عن هذا الحديث ? فقال : دع ذا , محمد بن مروان ليس بشيء .
قلت : و من طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 303 ) من رواية
العقيلي ثم قال : لا يصح , محمد بن مروان هو السدي الصغير كذاب , قال العقيلي :
لا أصل لهذا الحديث .
و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 283 ) بقوله : قلت : أخرجه البيهقي في
" شعب الإيمان " من هذا الطريق , و أخرج له شواهد .
قلت : ثم ساقها السيوطي و بعضها صحيح , مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " إن لله
ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام " و قوله صلى الله عليه وسلم :
" ما من أحد يسلم علي ... " الحديث و تقدم ذكره قريبا ( ص 362 ) , و هي كلها
إنما تشهد للحديث في الجملة , و أما التفصيل الذي فيه و أنه من صلى عليه عند
قبره صلى الله عليه وسلم فإنه يسمعه , فليس في شيء منها شاهد عليه .
و أما نصفه الآخر , فلم يذكر السيوطي و لا حديثا واحدا يشهد له , نعم قال
السيوطي : ثم وجدت لمحمد بن مروان متابعا عن الأعمش , أخرجه أبو الشيخ في
" الثواب " حدثنا عبد الرحمن بن أحمد الأعرج حدثنا الحسن بن الصباح حدثنا
أبو معاوية عن الأعمش به .
قلت : و رجال هذا السند كلهم ثقات معروفون غير الأعرج هذا , و الظاهر أنه الذي
أورده أبو الشيخ نفسه في " طبقات الأصبهانيين " ( ص 342 / 463 ) فقال :
عبد الرحمن بن أحمد الزهري أبو صالح الأعرج , ثم روى عنه حديثين و لم يذكر فيه
جرحا و لا تعديلا فهو مجهول , و سيأتي تخريج أحدهما برقم ( 5835 ) و سوف يأتي
له ثالث برقم ( 6246 ) بإذن الله .
فقول الحافظ في " الفتح " ( 6 / 379 ) : سنده جيد , غير مقبول , و لهذا قال ابن
القيم في هذا السند : إنه غريب , كما نقله السخاوي عنه في " القول البديع في
الصلاة على الحبيب الشفيع " ( ص 116 ) و قال ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي
في الرد على السبكي " ( ص 190 ) : و قد روى بعضهم هذا الحديث من رواية أبي
معاوية عن الأعمش , و هو خطأ فاحش , و إنما هو محمد بن مروان تفرد به و هو
متروك الحديث متهم بالكذب .
على أن هذه المتابعة ناقصة , إذ ليس فيها ما في رواية محمد بن مروان :
" و كفي بها أمر دنياه ... " , كذلك أورده الحافظ ابن حجر و السخاوي من هذا
الوجه خلافا لما يوهمه فعل السيوطي حين قال : ... عن الأعمش به , يعني بسنده
و لفظه المذكور في رواية السدي كما لا يخفى على المشتغلين بهذا العلم الشريف .
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الرد على الأخنائي " ( ص 210 - 211 ) : و هذا
الحديث و إن كان معناه صحيحا ( لعله يعني في الجملة ) فإسناده لا يحتج به ,
و إنما يثبت معناه بأحاديث أخر , فإنه لا يعرف إلا من حديث محمد بن مروان السدي
الصغير عن الأعمش و هو عند أهل المعرفة بالحديث موضوع على الأعمش .
و قال في مختصر الرد المذكور ( 27 / 241 ـ مجموع الفتاوي ) : حديث موضوع ,
و إنما يرويه محمد بن مروان السدي عن الأعمش , و هو كذاب بالاتفاق و هذا الحديث
موضوع على الأعمش بإجماعهم .
و جملة القول أن الشطر الأول من الحديث ينجو من إطلاق القول بوضعه لهذه
المتابعة التي خفيت على ابن تيمية و أمثاله , و أما باقيه فموضوع لخلوه من
الشاهد , و بالشطر الأول أورده في " الجامع " من رواية البيهقي !
فائدة : قال الشيخ ابن تيمية عقب كلامه المتقدم على الحديث : و هو لو كان صحيحا
فإنما فيه أنه يبلغه صلاة من صلى عليه نائيا , ليس فيه أنه يسمع ذلك كما وجدته
منقولا عن هذا المعترض ( يريد الأخنائي ) , فإن هذا لم يقله أحد من أهل العلم ,
و لا يعرف في شيء من الحديث , و إنما يقوله بعض المتأخرين الجهال :
يقولون : إنه ليلة الجمعة و يوم الجمعة يسمع بأذنيه صلاة من يصلي عليه , فالقول
إنه يسمع ذلك من نفس المصلين ( عليه ) باطل , و إنما في الأحاديث المعروفة إنه
يبلغ ذلك و يعرض عليه , و كذلك السلام تبلغه إياه الملائكة .
قلت : و يؤيد بطلان قول أولئك الجهال قوله صلى الله عليه وسلم :
" أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فإن صلاتكم تبلغني ... " الحديث و هو صحيح
كما تقدم ( ص 364 ) فإنه صريح في أن هذه الصلاة يوم الجمعة تبلغه و لا يسمعها
من المصلي عليه صلى الله عليه وسلم .
204
" من حج حجة الإسلام , و زار قبري , و غزا غزوة , و صلى علي في المقدس , لم
يسأله الله فيما افترض عليه " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 369 ) :
$ موضوع .
أورده السخاوي في " القول البديع " ( ص 102 ) و قال : هكذا ذكره المجد اللغوي
و عزاه إلى أبي الفتح الأزدي في الثامن من " فوائده " و في ثبوته نظر .
قلت : لقد تساهل السخاوي رحمه الله , فالحديث موضوع ظاهر البطلان , فكان الأحرى
به أن يقول فيه كما قال في حديث آخر قبله : لوائح الوضع ظاهرة عليه , و لا
أستبيح ذكره إلا مع بيان حاله .
ذلك لأنه يوحي بأن القيام بما ذكر فيه من الحج و الزيارة و الغزو يسقط عن فاعله
المؤاخذة على تساهله بالفرائض الأخرى , و هذا ضلال و أي ضلال , حاشا رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن ينطق بما يوهم ذلك فكيف بما هو صريح فيه ? ! .
ثم رأيت الحديث قد نقله ابن عبد الهادي في رده على السبكي ( ص 155 ) عنه بسنده
إلى أبي الفتح الأزدي محمد بن الحسين بن أحمد الأزدي الحافظ : حدثنا النعمان بن
هارون بن أبي الدلهاث , حدثنا أبو سهل بدر بن عبد الله المصيصي حدثنا الحسن بن
عثمان الزيادي , حدثنا عمار بن محمد حدثني خالي سفيان عن منصور عن إبراهيم عن
علقمة عن # عبد الله بن مسعود # مرفوعا به ثم قال ابن عبد الهادي رحمه الله
تعالى : هذا الحديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا شك و لا ريب
عند أهل المعرفة بالحديث , و أدنى من يعد من طلبة هذا العلم يعلم أن هذا الحديث
مختلق مفتعل على سفيان الثوري , و أنه لم يطرق سمعه قط , قال : و الحمل في هذا
الحديث على بدر بن عبد الله المصيصي فإنه لم يعرف بثقة و لا عدالة و لا أمانة
أو على صاحب الجزء أبي الفتح محمد بن الحسين الأزدي فإنه متهم بالوضع و إن كان
من الحفاظ , ثم ذكر أقوال العلماء فيه ثم قال : و لا يخفى أن هذا الحديث الذي
رواه في " فوائده " موضوع مركب مفتعل إلا على من لا يدري علم الحديث و لا شم
رائحته .
قلت : الأزدي هذا ترجمه الذهبي في " الميزان " و ذكر تضعيفه عن بعضهم , و لم
يذكر عن أحد اتهامه بالوضع , و كذلك الحافظ في " اللسان " و لم يزد على ما في
" الميزان " بل قال الذهبي في " تذكرة الحفاظ " ( 3 / 166 ) : و وهاه جماعة بلا
مستند طائل .
فالظاهر أنه بريء العهدة من هذا الحديث , فالتهمة منحصرة في المصيصي هذا .
و هو الذي أشار إليه الذهبي في ترجمته في " الميزان " فقال : بدر بن عبد الله
أبو سهل المصيصي عن الحسن بن عثمان الزيادي بخبر باطل و عنه النعمان بن هارون .
قال الحافظ في " اللسان " : و الخبر المذكور أخرجه أبو الفتح الأزدي , ثم ذكر
هذا الحديث و قد ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( رقم 571 ) و قال
( ص 122 ) : قال في " الميزان " : هذا خبر باطل آفته بدر .
205
" ما من مسلم يسلم علي في شرق و لا غرب إلا أنا و ملائكة ربي نرد عليه السلام ,
فقال له قائل : يا رسول الله فما بال أهل المدينة ? فقال له : و ما يقال لكريم
في جيرته و جيرانه مما أمر الله به من حفظ الجوار و حفظ الجيران ? " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 371 ) :
$ موضوع .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 6 / 349 ) : حدثنا سليمان بن أحمد ( هو
الطبراني ) حدثنا عبيد الله بن محمد العمري حدثنا أبو مصعب , حدثنا مالك عن أبي
الزناد عن الأعرج عن # أبي هريرة # مرفوعا , و قال أبو نعيم : غريب من حديث
مالك تفرد به أبو مصعب .
قلت : و اسم أبي مصعب هذا أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث الزهري المدني أحد
رواة " الموطأ " عن مالك , و هو ثقة فقيه , فالحمل في الحديث على الراوي عنه
عبيد الله بن محمد العمري و هو القاضي , قال في " الميزان " : رماه النسائي
بالكذب .
قلت : و من طريقه أخرجه الدارقطني في " غرائب مالك " ثم قال : ليس بصحيح , تفرد
به العمري و كان ضعيفا , كما في " اللسان " , و قال السخاوي في " القول
البديع " ( ص 117 ) : و في سنده عبيد الله بن محمد العمري و اتهمه الذهبي بوضعه
.
و قال ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " ( ص 176 ) : هو حديث موضوع على
رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له أصل و المتهم بوضعه هذا الشيخ العمري
المدني و يكفي في افتضاحه روايته هذا الحديث بمثل هذا الإسناد الذي كالشمس ,
و يجوز أن يكون وضع له و أدخل عليه فحدث به , نعوذ بالله من الخذلان .
206
" من سب الأنبياء قتل , و من سب أصحابي جلد " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 372 ) :
$ موضوع .
أخرجه الطبراني في " الصغير " ( ص 137 ) و " الأوسط " ( 1 / 281 / 4739 ـ
بترقيمي ) حدثنا عبيد الله بن محمد العمري القاضي - بمدينة طبرية - سنة سبع
و سبعين و مئتين حدثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثنا موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه
عن جده علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن # علي # رضي الله عنه مرفوعا .
قلت : و هذا الإسناد رجاله كلهم ثقات إلا العمري كما قال الحافظ في " اللسان "
و العمري متهم بالكذب و الوضع كما تقدم في الحديث الذي قبله , قال الحافظ :
و من مناكيره هذا الخبر .
و الحديث ذكره الهيثمي في " المجمع " ( 6 / 260 ) و قال : رواه الطبراني في
" الصغير " و " الأوسط " عن شيخه عبيد الله بن محمد العمري رماه النسائي بالكذب
.
207
" أفضل الأيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة , و هو أفضل من سبعين حجة في غير
جمعة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 373 ) :
$ باطل لا أصل له .
و أما قول الزيلعي - على ما في " حاشية ابن عابدين " ( 2 / 348 ) : رواه رزين
ابن معاوية في تجريد الصحاح .
فاعلم أن كتاب رزين هذا جمع فيه بين الأصول الستة : " الصحيحين " و " موطأ
مالك " و " سنن أبي داود " و النسائي و الترمذي , على نمط كتاب ابن الأثير
المسمى " جامع الأصول من أحاديث الرسول " إلا أن في كتاب " التجريد " أحاديث
كثيرة لا أصل لها في شيء من هذه الأصول كما يعلم مما ينقله العلماء عنه مثل
المنذري في " الترغيب و الترهيب " و هذا الحديث من هذا القبيل فإنه لا أصل له
في هذه الكتب و لا في غيرها من كتب الحديث المعروفة , بل صرح العلامة ابن القيم
في " الزاد " ( 1 / 17 ) ببطلانه فإنه قال بعد أن أفاض في بيان مزية وقفة
الجمعة من وجوه عشرة ذكرها : و أما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل
اثنتين و سبعين حجة , فباطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , و لا
عن أحد من الصحابة و التابعين .
و أقره المناوي في " فيض القدير " ( 2 / 28 ) ثم ابن عابدين في " الحاشية " .
208
" ما قبل حج امرئ إلا رفع حصاه , يعني حصى الجمار " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 374 ) :
$ ضعيف .
قال في " المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة " : رواه الديلمي عن
# ابن عمر # مرفوعا !
قلت : و اقتصاره في العزو على الديلمي إشارة منه - على ما فيه من قصور - إلى
ضعف الحديث , و قد صرح بذلك الإمام البيهقي كما يأتي , فقد أخرجه الديلمي ( 4 /
50 ) من طريق عبد الرحمن بن خراش عن العوام عن نافع عن ابن عمر و عبد الرحمن
هذا و العوام لم أعرفهما , لكن أخشى أن يكون في " المصورة " خطأ نسخي , فقد
رواه ابن عدي في " الكامل " ( 7 / 2555 ) من طريق عبد الله بن خراش عن واسط بن
الحارث عن نافع به , و قال : واسط عامة أحاديثه لا يتابع عليها , و ذكر له في
" الميزان " مناكير هذا منها , و أخرج البيهقي في " سننه الكبرى " ( 5 / 128 )
و الدارقطني ( ص 289 ) و الحاكم ( 1 / 476 ) و كذا الطبراني في " الأوسط " ( 1
/ 121 / 1 ) من طريق يزيد بن سنان عن يزيد بن أبي أنيسة , عن عمرو بن مرة عن
عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه # أبي سعيد # قال : قلنا :
يا رسول الله هذه الحجارة التي يرمى بها كل عام , فنحتسب أنها تنقص ? فقال :
" إنه ما تقبل منها رفع , و لولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال " , ضعفه البيهقي
بقوله : يزيد بن سنان ليس بالقوي في الحديث , و روي من وجه آخر ضعيف عن # ابن
عمر # مرفوعا .
قلت : و خالفه شيخه الحاكم فقال : صحيح الإسناد , يزيد بن سنان ليس بالمتروك .
و الحق قول البيهقي , و هو أعلم من شيخه بالجرح و التعديل , إلا أن الحاكم
يستلزم من كون يزيد هذا ليس بالمتروك أن حديثه صحيح , مع أن هذا غير لازم ,
فإنه قد يكون الراوي ضعيفا و هو غير متروك , فيكون ضعيف الحديث , و يزيد من هذا
القبيل , على أنه قد تركه النسائي , و لهذا تعقبه الذهبي في " تلخيص المستدرك "
بقوله : قلت : يزيد ضعفوه .
و الحديث ذكره الهيثمي ( 3 / 260 ) و قال : رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه
يزيد بن سنان التميمي و هو ضعيف .
قلت : و قد ورد موقوفا أخرجه الأزرقي في " تاريخ مكة " ( ص 403 ) و الدولابي في
" الكنى " ( 2 / 56 ) من طريق ابن أبي نعم عن أبي سعيد الخدري قال :
" ما تقبل من الحصا رفع " و سنده صحيح , و ابن أبي النعم , اسمه عبد الرحمن .
و كذلك أخرجه موقوفا عن ابن عباس الأزرقي و البيهقي بسند صحيح أيضا , فالصواب
في الحديث الوقف , و لينظر هل هو في الحكم المرفوع ? فإنه لم يتبين لي .
209
" حلت شفاعتي لأمتي إلا صاحب بدعة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 376 ) :
$ منكر .
أخرجه ابن وضاح القرطبي في كتابه القيم " البدع و النهي عنها " ( ص 36 ) من
طريق أبي عبد السلام قال : سمعت # بكر بن عبد الله المزني # أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : فهذا مرسل , بكر هذا تابعي لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم , و مع
إرساله , فالسند إليه ضعيف , لأن أبا عبد السلام و اسمه صالح بن رستم الهاشمي
مجهول كما قال الحافظ ابن حجر في " التقريب " .
و مع ضعف إسناد الحديث فهو مخالف لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم :
" شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " .
و هو حديث صحيح , خلافا لمن يظن ضعفه من المغرورين بآرائهم , المتبعين لأهوائهم
! .
و هو مخرج من طرق في " ظلال الجنة " ( 830 ـ 832 ) و " الروض النضير "
( 3 و 65 ) و " المشكاة " ( 5598 ) .
210
" من تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 376 ) :
$ منكر .
أخرجه البيهقي ( 5 / 31 ) من طريق جابر بن نوح عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن
# أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل : *( و أتموا الحج
و العمرة لله )* قال : فذكره .
و هذا سند ضعيف , ضعفه البيهقي بقوله : فيه نظر .
قلت : و وجهه أن جابرا هذا متفق على تضعيفه , و أورد له ابن عدي ( 50 / 2 ) هذا
الحديث و قال : لا يعرف إلا بهذا الإسناد , و لم أر له أنكر من هذا .
و قد خفي هذا على الشوكاني فقال في " نيل الأوطار " ( 4 / 254 ) : ثبت هذا
مرفوعا من حديث أبي هريرة , أخرجه ابن عدي و البيهقي ! .
قلت : و قد رواه البيهقي من طريق عبد الله بن سلمة المرادي عن # علي # موقوفا
و رجاله ثقات , إلا أن المرادي هذا كان تغير حفظه , و على كل حال , هذا أصح من
المرفوع , و قد روى البيهقي كراهة الإحرام قبل الميقات عن عمر و عثمان رضي الله
عنهما , و هو الموافق لحكمة تشريع المواقيت , و ما أحسن ما ذكر الشاطبي
رحمه الله في " الاعتصام " ( 1 / 167 ) و من قبله الهروي في " ذم الكلام " ( 3
/ 54 / 1 ) عن الزبير بن بكار قال : ( حدثني سفيان بن عيينة قال ) : سمعت مالك
ابن أنس و أتاه رجل فقال : يا أبا عبد الله من أين أحرم ? قال : من ذي الحليفة
من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : إني أريد أن أحرم من المسجد
من عند القبر , قال : لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة , فقال و أي فتنة في هذه ?
إنما هي أميال أزيدها ! قال : و أي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر
عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ? ! إني سمعت الله يقول ! *( فليحذر الذين
يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )* !
فانظر مبلغ أثر الأحاديث الضعيفة في مخالفة الأحاديث الصحيحة و الشريعة
المستقرة , و لقد رأيت بعض مشايخ الأفغان هنا في دمشق في إحرامه , و فهمت منه
أنه أحرم من بلده ! فلما أنكرت ذلك عليه احتج على بهذا الحديث ! و لم يدر
المسكين أنه ضعيف لا يحتج به و لا يجوز العمل به لمخالفته سنة المواقيت
المعروفة , و هذا مما صرح به الشوكاني في " السيل الجرار " ( 2 / 168 ) و نحو
هذا الحديث الآتي :
211
" من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من
ذنبه و ما تأخر , أو وجبت له الجنة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 378 ) :
$ ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 1 / 275 ) و ابن ماجه ( 2 / 234 ـ 235 ) و الدارقطني
( ص 282 ) و البيهقي ( 5 / 30 ) و أحمد ( 6 / 299 ) من طريق حكيمة عن
# أم سلمة # مرفوعا .
قال ابن القيم في " تهذيب السنن " ( 2 / 284 ) : قال غير واحد من الحفاظ :
إسناده غير قوي .
قلت : و علته عندي حكيمة هذه فإنها ليست بالمشهورة , و لم يوثقها غير ابن حبان
( 4 / 195 ) و قد نبهنا مرارا على ما في توثيقه من التساهل , و لهذا لم يعتمده
الحافظ فلم يوثقها و إنما قال في " التقريب " : مقبولة , يعني عند المتابعة
و ليس لها متابع هاهنا فحديثها ضعيف غير مقبول , هذا وجه الضعف عندي , و أما
المنذري فأعله بالاضطراب فقال في " مختصر السنن " ( 2 / 285 ) : و قد اختلف
الرواة في متنه و إسناده اختلافا كثيرا .
و كذا أعله بالاضطراب الحافظ ابن كثير كما في " نيل الأوطار " ( 4 / 235 ) .
ثم إن المنذري كأنه نسي هذا فقال في " الترغيب و الترهيب " ( 2 / 119 / - 120 )
:رواه ابن ماجه بإسناد صحيح ! .
و أنى له الصحة و فيه ما ذكره هو و غيره من الاضطراب , و جهالة حكيمة عندنا ? !
ثم إن الحديث قال السندي و تبعه الشوكاني : يدل على جواز تقديم الإحرام على
الميقات .
قلت : كلا , بل دلالته أخص من ذلك , أعني أنه إنما يدل على أن الإحرام من بيت
المقدس خاصة أفضل من الإحرام من المواقيت , و أما غيره من البلاد فالأصل
الإحرام من المواقيت المعروفة و هو الأفضل كما قرره الصنعاني في " سبل السلام "
( 2 / 268 - 269 ) , و هذا على فرض صحة الحديث , أما و هو لم يصح كما رأيت ,
فبيت المقدس كغيره في هذا الحكم , لما سبق بيانه قبل حديث و لا سيما أنه قد روي
ما يدل عليه بعمومه و هو :
212
" ليستمتع أحدكم بحله ما استطاع فإنه لا يدري ما يعرض في إحرامه " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 379 ) :
$ ضعيف .
أخرجه الهيثم بن كليب في " مسنده " ( 132 / 1 ) و البيهقي في " سننه " ( 5 / 30
- 31 ) من طريق واصل بن السائب الرقاشي عن أبي سورة عن عمه
# أبي أيوب الأنصاري # مرفوعا , و قال : هذا إسناد ضعيف , واصل بن السائب منكر
الحديث , قاله البخاري و غيره .
قلت : و أبو سورة ضعيف كما في " التقريب "
ثم رواه البيهقي من طريق الشافعي : أنبأنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء مرفوعا
نحوه , و أعله بقوله : و هذا مرسل .
قلت : و مسلم شيخ الشافعي هو ابن خالد الزنجي الفقيه و هو صدوق كثير الأوهام
كما في " التقريب " , و ابن جريج مدلس و قد عنعنه .
213
" إني لأعلم أرضا يقال لها : عمان , ينضح بجانبها البحر , الحجة منها أفضل من
حجتين من غيرها " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 380 ) :
$ ضعيف .
أخرجه الإمام أحمد في " المسند " ( رقم 4853 ) و الثقفي في " مشيخته
النيسابوريين " ( 184 - 185 ) و البيهقي في " سننه " ( 4 / 335 ) من طريق الحسن
ابن هادية قال : لقيت # ابن عمر # فقال لي : ممن أنت ? قلت : من أهل عمان ,
قال : من أهل عمان ? قلت : نعم , قال : أفلا أحدثك ما سمعت من رسول الله
صلى الله عليه وسلم ? قلت : بلى , فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : فذكره .
قلت : و رجاله كلهم ثقات معرفون , غير ابن هادية هذا فقد ذكره ابن أبي حاتم في
" الجرح و التعديل " ( 1 / 2 / 40 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .
و أما قول الحافظ في " اللسان " : قال ابن أبي حاتم عن أبيه : لا أعرفه فأخشى
أن يكون انتقل نظره إلى ترجمة أخرى عقب هذه , روى ابن أبي حاتم فيها عن أبيه ما
نقله الحافظ عنه , والله أعلم .
و أما ابن حبان فقد ذكره في " الثقات " ( 4 / 123 ) , و هذا منه على عادته في
توثيق المجهولين كما سبق التنبيه عليه مرارا , و توثيق ابن حبان هذا هو عمدة
الهيثمي حين قال في " المجمع " ( 3 / 217 ) : رواه أحمد و رجاله ثقات .
و حجة الشيخ الفاضل أحمد محمد شاكر في قوله في تعليقه على " المسند " : إسناده
صحيح , و هذا غير صحيح لما سبق , و كم له في هذا التعليق و غيره من مثل هذه
التصحيحات المبنية على مثل هذه التوثيقات التي لا يعتمد عليها لضعف مستندها .
214
" من لم يصل علي فلا دين له " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 381 ) :
$ ضعيف .
قال ابن القيم : رواه محمد بن حمدان المروزي حدثنا عبد الله بن { خبيق } حدثنا
يوسف ابن أسباط عن سفيان الثوري عن رجل عن زر عن # عبد الله بن مسعود # رضي
الله عنه مرفوعا .
كذا أورده في كتابه " جلاء الأفهام في الصلاة و السلام على خير الأنام " ( ص 25
- 26 ) ساكتا عليه لظهور ضعفه من سنده , فأحببت أن أكشف عنه , و له علتان :
الأولى : يوسف بن أسباط , قال أبو حاتم : كان رجلا عابدا , دفن كتبه و هو يغلط
كثيرا , و هو رجل صالح لا يحتج بحديثه .
الأخرى : راويه عن زر , فإنه رجل لم يسم , و على هذا اقتصر الحافظ السخاوي في "
القول البديع " ( ص 114 ) في إعلاله و هو قصور .
ثم رأيته في " المعجم الكبير " ( رقم 8941 و 8942 ) للطبراني أخرجه من طريقين
عن عاصم عن زر عن عبد الله قال : " من لم يصل فلا دين له " .
و إسناده حسن , و ليس فيه " علي " ثم هو موقوف , و هو الأشبه بالصواب .
215
" من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين عاما , فقيل له :
و كيف الصلاة عليك يا رسول الله ? قال : تقول : اللهم صل على محمد عبدك و نبيك
و رسولك النبى الأمي , و تعقد واحدا " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 382 ) :
$ موضوع .
أخرجه الخطيب ( 13 / 489 ) من طريق وهب بن داود بن سليمان الضرير حدثنا إسماعيل
ابن إبراهيم , حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن # أنس # مرفوعا .
ذكره في ترجمة الضرير هذا و قال : لم يكن بثقة , قال السخاوي في " القول
البديع " ( ص 145 ) : و ذكره ابن الجوزي في " الأحاديث الواهية " ( رقم 796 ) .
قلت : و هو بكتابه الآخر " الأحاديث الموضوعات " أولى و أحرى , فإن لوائح الوضع
عليه ظاهرة , و في الأحاديث الصحيحة في فضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
غنية عن مثل هذا , من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " من صلى علي مرة واحدة
صلى الله عليه بها عشرا " رواه مسلم و غيره , و هو مخرج في " صحيح أبي داود "
( 1369 ) , ثم إن الحديث ذكره السخاوي في مكان آخر ( ص 147 ) من رواية
الدارقطني يعني عن # أبي هريرة #مرفوعا , ثم قال : و حسنه العراقي , و من قبله
أبو عبد الله بن النعمان , و يحتاج إلى نظر , و قد تقدم نحوه من حديث أنس قريبا
يعني هذا .
قلت : و الحديث عند الدارقطني عن ابن المسيب قال : أظنه عن أبي هريرة كما في
الكشف ( 1 / 167 ) .