391
" هذه يد لا تمسها النار " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 568 ) :
$ ضعيف .
أخرجه الخطيب ( 7 / 432 ) من طريق محمد بن تميم الفريابي بسنده عن الحسن , عن #
أنس بن مالك # قال :
أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فاستقبله سعد بن معاذ الأنصاري
, فصافحه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال له : " ما هذا الذي أكنب <1> يداك ?
" فقال : يا رسول الله أضرب بالمر و المسحاة في نفقة عيالي , قال : فقبل النبي
صلى الله عليه وسلم يده و قال ... " فذكره .
قال الخطيب : هذا الحديث باطل لأن سعد بن معاذ لم يكن حيا في وقت غزوة تبوك ,
و كان موته بعد غزوة بني قريظة من السهم الذي رمي به , و محمد بن تميم الفريابي
كذاب يضع الحديث .
قلت : جرى الخطيب على أن سعدا هذا هو ابن معاذ سيد الأوس الصحابي المشهور ,
و خالفه الحافظ ابن حجر فجزم في " الإصابة " بأنه آخر , ثم ذكر أن الحديث رواه
الخطيب في " المتفق " بإسناد واه , و أبو موسى في " الذيل " بإسناد مجهول عن
الحسن به , و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 251 ) معتمدا على
قول الخطيب السابق , و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 154 ) بكلام الحافظ
ابن حجر ,
و قد ذكرت خلاصته آنفا , والله أعلم .
قال الشيخ عبد الحي الكتاني في " التراتيب الإدارية " ( 2 / 42 ـ 43 ) بعد ما
نقل كلام الحافظ :
قلت : في هذه القصة عجيبة , و هي تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم يد صحابي لأجل
ضربه الأرض بالفاس .
قلت : لكن يقال : أثبت العرش ثم انقش , فإن القصة غير ثابتة كما علمت .
---------------------------------------------
[1] فى الأصل " أكفت " و وضعها بعدها علامة تعجب , و المثبت من النهاية و لسان
العرب مادة " كنب " و قد أورد صاحب النهاية هذا الحديث , و المعنى صارت غليظة
من العمل . اهـ .
#1#
392
" إن فى الجنة بابا يقال : له الضحى , فإذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين
الذين كانو يديمون على صلاة الضحى ? هذا بابكم فادخلوه برحمة الله عز وجل " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 569 ) :
$ ضعيف جدا .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 59 / 1 ـ من " زوائد المعجمين " )
و أبو حفص الصيرفي في " حديثه " ( 263 / 1 ) و كذا ابن لال في " حديثه " ( 116
/ 1 ) و نصر المقدسي في " المجلس 121 من الأمالي " ( 2 / 2 ) عن سليمان بن داود
اليمامي , عن يحيى بن أبي كثير , عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف , عن # أبي
هريرة # مرفوعا , و قال الطبراني :
لم يروه عن يحيى إلا سليمان .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا , و علته اليمامي هذا فإنه متروك و من طريقه رواه
الحاكم في جزء له في صلاة الضحى كما في " زاد المعاد " ( 1 / 129 - 134 ) .
و له علة أخرى و هي عنعنة ابن أبي كثير فإنه كان يدلس .
و الحديث ضعفه المنذري في " الترغيب " ( 1 / 237 ) .
393
" إن فى الجنة بابا يقال له : الضحى , فمن صلى صلاة الضحى حنت إليه صلاة الضحى
كما يحن الفصيل إلى أمه حتى إنها لتستقبله حتى تدخله الجنة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 570 ) :
$ موضوع .
أخرجه الخطيب ( 14 / 306 - 307 ) من طريق يحيى بن شبيب اليماني , حدثنا حميد
الطويل , عن # أنس بن مالك # مرفوعا , ذكره في ترجمة ابن شبيب و قال :
روى أحاديث باطلة , ثم ذكر له ثلاثة أحاديث هذا أحدها , و منها :
394
" إن فى الجنة بابا يقال له : الضحى لا يدخل منه إلا من حافظ على صلاة الضحى "
.
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 570 ) :
$ موضوع .
رواه الخطيب بإسناد الحديث الذي قبله , و أخرجهما ابن عساكر مدموجا بينهما في
حديث واحد عن # أنس # كما في " الفتاوى " للسيوطي ( 1 / 58 ) و سكت عليه !
و في فضل صلاة الضحى أحاديث صحيحة تغني عن مثل هذه الأحاديث الباطلة .
395
" إن لله ملائكة موكلين بأبواب الجوامع يوم الجمعة يستغفرون لأصحاب العمائم
البيض " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 570 ) :
$ موضوع .
أخرجه الخطيب بإسناد الحديثين السابقين , و قد عرفت أنه من وضع يحيى بن شبيب
اليماني , و من طريق الخطيب ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 106 )
و قال : يحيى حدث عن حميد و غيره أحاديث باطلة .
و أيده السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 27 ) فقال :
قلت : قال في " الميزان " : هذا مما وضعه على حميد , و أقره ابن عراق
( 236 / 2 ) .
قلت : لكن وجدت له طريقا أخرى رواها أبو علي القشيري الحراني في " تاريخ الرقة
" ( ق 38 / 2 ) عن أبي يوسف محمد بن أحمد الصيدلاني , حدثنا العباس بن كثير
أبو مخلد الرقي , حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن ميمون بن مهران , عن سالم بن
عبد الله بن عمر , عن أبيه مرفوعا , ذكره في ترجمة العباس هذا و لم يذكر فيه
جرحا و لا تعديلا , و أبو يوسف الصيدلاني لم أجد من ترجمه , فهو أو شيخه آفة
هذه الطريق , فإن من فوقهما ثقات , و لا يصح في العمائم شيء غير أنه صلى الله
عليه وسلم لبسها , و تقدم بعض أحاديثها برقم ( 127 ـ 129 ) .
396
" فضل حملة القرآن على الذى لم يحمله كفضل الخالق على المخلوق " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 571 ) :
$ كذب .
أخرجه الديلمي ( 2 / 178 / 1 ـ 2 ) من طريق محمد بن تميم الفريابي حدثنا
حفص بن عمر حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن # ابن عباس # رفعه , و ذكره
السيوطي في " الذيل " ( ص 32 ) و قال :
قال الحافظ ابن حجر في " زهر الفردوس " : هذا كذب .
قلت : آفته محمد بن تميم .
قلت : ثم غفل السيوطي عن هذا فأورده في " الجامع الصغير " !
و محمد بن تميم هذا قال الخطيب كما تقدم قريبا رقم ( 391 ) : كذاب يضع الحديث
. و قال الحاكم : هو كذاب خبيث , و قال أبو نعيم : كذاب وضاع .
397
" إذا طلع النجم رفعت العاهة عن أهل كل بلد " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 572 ) :
$ ضعيف .
أخرجه الإمام محمد بن الحسن في " كتاب الآثار " ( ص 159 ) : أخبرنا أبو حنيفة
قال : حدثنا عطاء بن أبي رباح عن # أبي هريرة # مرفوعا , و من طريق أبي حنيفة
أخرجه الثقفي في " الفوائد " ( 3 / 12 / 1 ) و كذا الطبراني في " المعجم الصغير
" ( ص 20 ) و في " الأوسط " ( 1 / 140 / 2 ) و عنه أبو نعيم في " أخبار أصبهان
" ( 1 / 121 ) و قال : و النجم : هو الثريا .
و هذا إسناد رجاله ثقات إلا أن أبا حنيفة رحمه الله على جلالته في الفقه قد
ضعفه من جهة حفظه البخاري , و مسلم , و النسائي , و ابن عدي , و غيرهم من أئمة
الحديث , و لذلك لم يزد الحافظ ابن حجر في " التقريب " على قوله في ترجمته :
فقيه مشهور ! , نعم قد تابعه عسل بن سفيان عن عطاء لكنه ضعيف أيضا و خالفه في
لفظه فقال : إذا طلع النجم ذا صباح , رفعت العاهة , أخرجه أحمد ( 2 / 341 و 388
) و الطحاوي في " المشكل " ( 3 / 92 ) و الطبراني في " الأوسط " أيضا , و
العقيلي في " الضعفاء " ( 347 ) و قال : عسل بن سفيان في حديثه وهم , قال
البخاري : فيه نظر .
و لا يخفى وجه الاختلاف بين اللفظين , فالأول أطلق الطلوع و قيد الرفع بـ عن كل
بلد , و هذا عكسه فإنه قيد الطلوع بـ ذا صباح , و أطلق الرفع فلم يقيده بالقيد
المذكور , و هذا الاختلاف مع ضعف المختلفين يمنع من تقوية الحديث كما لا يخفى
على الماهر بهذا العلم الشريف .
398
" لا تسبوا قريشا , فإن عالمها يملأ طباق الأرض علما , اللهم إنك أذقت أولها
عذابا أو وبالا , فأذق آخرها نوالا " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 573 ) :
$ ضعيف جدا .
أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 2 / 199 من " منحة المعبود " ) : حدثنا جعفر بن
سليمان عن النضر بن حميد الكندي أو العبدي عن الجارود عن أبي الأحوص عن
# عبد الله بن مسعود # مرفوعا , و من طريق الطيالسي أخرجه أبو نعيم في
" الحلية " ( 6 / 295 , 9 / 65 ) و عنه الخطيب في " تاريخه " ( 2 / 60 - 61 )
و ابن عساكر ( 14 / 409 / 2 ) و الحافظ العراقي في " محجة القرب إلى محبة العرب
" ( 184 ) .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا , النضر بن حميد , قال ابن أبي حاتم في " الجرح و
التعديل " ( 4 / 477 / 1 ) : سألت أبي عنه عنه ? فقال : متروك الحديث و لم
يحدثني بحديثه , و قال البخاري : منكر الحديث , و الجارود لم أعرفه , و في
" كشف الخفاء " ( 2 / 53 ) تبعا لأصله " المقاصد " ( 281 / 675 ) إنه مجهول , و
أما قوله : و الراوي عنه مختلف فيه , فوهم لأنه متروك بلا خلاف , فالحديث بهذا
الإسناد ضعيف جدا .
ثم وجدت الحديث في جزء من " الفوائد المنتقاة " لأبي القاسم السمرقندي ( 111 /
1 ) رواه من طريق أخرى عن جعفر بن سليمان قال : أنبأ النضر بن حميد الكندي أبو
الجارود عن أبي الأحوص ..... به .
فهذا يؤديه ما صوبناه في اسم والد النضر أنه ( حميد ) , و يرجح ما في " اللسان
" من أن ( أبو الجارود ) كنية النضر هذا , ليس هو شيخه في الحديث . و الله
أعلم .
ثم رأيته في " مسند الهيثم بن كليب " ( 80 / 2 ) من طريق فهد بن عوف : أخبرنا
جعفر بن سليمان : حدثني النضر بن حميد الكندي : حدثني الجارود عن أبي الأحوص به
.
فهذا يوافق رواية الطيالسي .
لكن فهد هذا لا يحتج به , قال ابن المديني :
" كذاب " .
و تركه مسلم و الفلاس .
و لكنه عند العقيلي ( 435 ) من طريق خالد بن أبي زيد القرني - و هو صدوق , و هو
المزرفي : حدثنا جعفر بن سليمان عن النضر قال : حدثني أبو الجارود به .
قلت : فهذا علة أخرى في الحديث , و هي الاضطراب في سنده , و اسم راويه , و
تصويب بعضهم أنه أبو الجارود زياد بن المنذر , لمجرد أن المزي ذكر النضر بن
حميد في الرواة عنه لا يكفي , لأنه قائم على بعض هذه الروايات المتقدمة
المختلفة , فإن ثبت أنه هو , ازداد الحديث وهنا على وهن , لأنه متهم بالكذب و
الوضع .
و روي الشطر الأول من الحديث عن عطاء مرسلا بلفظ :
" أكرموا قريشا , فإن ....... " .
و سيأتي إن شاء الله تعالى .
لكن قوله : اللهم إنك أذقت ..., حسن , فقد أخرجه الترمذي ( 4 / 371 ) و أحمد
( رقم 2170 ) و العقيلي ( 195 ) و محمد بن عاصم الثقفي في " حديثه " ( 2 / 2 )
و الضياء في " المختارة " ( 229 / 1 ) و كذا المخلص في " الفوائد المنتقاة "
( 8 / 6 / 1 ) من طريق الأعمش عن طارق بن عبد الرحمن , عن سعيد بن جبير , عن #
ابن عباس # مرفوعا به , و قال الترمذي : حديث حسن صحيح .
قلت : و رجاله عند أحمد ثقات رجال الشيخين , و في طارق كلام لا يضر .
بل هو صحيح فقد وجدت له شاهدا آخر من حديث ابن عمر أخرجه القضاعي ( 120 / 2 )
من طريق أبي سعيد بن الأعرابي قال : أنبأنا محمد بن غالب قال أخبرنا مسلم بن
إبراهيم قال أخبرنا شعبة عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير عنه مرفوعا به .
قلت : هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات معروفون غير محمد بن غالب و هو تمتام حافظ
مكثر وثقه الدارقطني .
399
" اللهم اهد قريشا فإن علم العالم منهم يسع طباق الأرض , اللهم أذقت أولها
نكالا , فأذق آخرها نوالا " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 576 ) :
$ ضعيف جدا .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 8 / 2 ) و أبو نعيم ( 9 / 65 ) من طريق إسماعيل
ابن مسلم , عن عطاء , عن # ابن عباس # مرفوعا , و الخطيب ( 2 / 60 - 61 )
و عنه العراقي في " محجة القرب " من طريق ابن عياش , عن عبد العزيز بن
عبيد الله عن وهب بن كيسان , عن # أبي هريرة # مرفوعا .
و هذان إسنادان ضعيفان جدا : إسماعيل بن مسلم و عبد العزيز بن عبيد الله الحمصي
متروكان , و الحديث عزاه في " الكشف " ( 2 / 53 ) للترمذي و أحمد عن ابن عباس ,
و هو وهم , فإنما أخرجا عنه الشطر الثاني منه كما سبق في الحديث الذي قبله .
400
" لمبارزة علي بن أبى طالب لعمرو بن عبد ود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى
يوم القيامة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 576 ) :
$كذب .
أخرجه الحاكم في " المستدرك " ( 3 / 32 ) من طريق أحمد بن عيسى الخشاب بـ
" تنيس " حدثنا عمرو بن أبي سلمة : حدثنا سفيان الثوري عن بهز بن حكيم , عن
أبيه عن جده مرفوعا سكت عنه الحاكم و قال الذهبي في " تلخيصه " :
قبح الله رافضيا افتراه .
قلت : و علته الخشاب هذا فإنه كذاب كما قال ابن طاهر و غيره و لعله سرقه من
كذاب مثله , فقد أخرجه الخطيب ( 13 / 19 ) من طريق إسحاق بن بشر القرشي عن بهز
به و إسحاق هذا هو الكاهلي الكوفي و هو كذاب أيضا و قد سبقت له أحاديث موضوعة ,
فانظر مثلا الحديث ( 309 و 311 و 329 و 351 ) من هذا الجزء .
قلت : و قصة مبارزة علي رضي الله عنه لعمرو بن ود و قتله إياه مشهورة في كتب
السيرة و إن كنت لا أعرف لها طريقا مسندا صحيحا و إنما هي من المراسيل
و المعاضيل فانظر إن شئت " سيرة ابن هشام " ( 3 /240 - 234 ) و " دلائل النبوة
" للبيهقي ( 3 / 435 - 439 ) و " سيرة ابن كثير " ( 3 / 203 - 205 ) .
401
" إذا صمتم فاستاكوا بالغداة و لا تستاكوا بالعشي , فإنه ليس من صائم تيبس
شفتاه بالعشي إلا كانت نورا بين عينيه يوم القيامة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 577 ) :
$ ضعيف .
أخرجه الطبراني ( 1 / 184 / 2 ) و الدارقطني ( ص 249 ) و عنه البيهقي ( 4 / 274
) من طريق كيسان أبي عمر القصار عن يزيد بن بلال عن # علي # موقوفا .
ثم أخرجوه من هذا الطريق عن عمرو بن عبد الرحمن عن خباب عن النبي صلى الله عليه
وسلم مثله , و ضعفه الدارقطني و تبعه البيهقي فقالا :
كيسان أبو عمر ليس بالقوي , و من بينه و بين علي غير معروف .
و أقرهما ابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " ( ق 69 / 2 ) .
و في " المجمع " ( 3 / 164 - 165 ) :
رواه الطبراني في الكبير , و رفعه عن خباب و لم يرفعه عن علي و فيه كيسان
أبو عمر وثقه ابن حبان و ضعفه غيره .
و نقل المناوي في " الفيض " عن العراقي أنه قال في " شرح الترمذي " :
حديث ضعيف جدا , و عن " تخريج الهداية " : فيه كيسان القعاب , كذا ضعيف جدا ,
و قال ابن حجر : فيه كيسان ضعيف عندهم , و أما قول العزيزي في " شرح الجامع
الصغير " ( 1 / 129 ) , و هو حديث ضعيف منجبر , فهو وهم منه إذ لا جابر له ,
و لم يدع ذلك غيره بل و قد روى ما يعارضه و هو :
402
" كان يستاك آخر النهار و هو صائم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 578 ) :
$ باطل .
أخرجه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " عن أحمد بن عبد الله بن ميسرة الحراني عن
شجاع بن الوليد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن # ابن عمر # مرفوعا .
و أعله ابن حبان بابن ميسرة و قال : لا يحتج به , و رفعه باطل , و الصحيح عن
ابن عمر من فعله و أقره الزيلعي في " نصب الراية " ( 2 / 460 ) , و يغني عن هذا
الحديث في مشروعية السواك للصائم في أي وقت شاء أول النهار أو آخره عموم قوله
صلى الله عليه وسلم : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " .
متفق عليه , و هو مخرج في " الإرواء " ( رقم 70 ) و ما أحسن ما روى الطبراني (
20 / 70 / 133 ) و في " مسند الشاميين " ( 2250 ) بإسناد يحتمل التحسين عن عبد
الرحمن بن غنم قال :
سألت معاذ بن جبل أأتسوك و أنا صائم ? قال : نعم , قلت : أي النهار أتسوك ? قال
: أي النهار شئت غدوة أو عشية , قلت : إن الناس يكرهونه عشية و يقولون إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : " لخلوف الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ? "
فقال : سبحان الله لقد أمرهم بالسواك و هو يعلم أنه لا بد أن يكون بفي الصائم
خلوف و إن استاك , و ما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمدا , ما في ذلك
من الخير شيء , بل فيه شر , إلا من ابتلي ببلاء لا يجد منه بدا .
قلت : و الغبار في سبيل الله أيضا كذلك إنما يؤجر من اضطر إليه و لا يجد عنه
محيصا ? قال : نعم , فأما من ألقى نفسه في البلاء عمدا فما له في ذلك من أجر .
و قال الحافظ في " التلخيص " ( ص 193 ) :
إسناده جيد , ثم قال الزيلعي :
و يدخل فيه أيضا من تكلف الدوران , و كثرة المشي إلى المساجد بالنسبة إلى قوله
صلى الله عليه وسلم : " و كثرة الخطا إلى المساجد " و من يصنع في طلوع الشيب في
شعره بالنسبه إلى قوله صلى الله عليه وسلم : " من شاب شيبة في الإسلام " إنما
يؤجر عليهما من بلى بهما .
403
" نزل آدم الهند و استوحش , فنزل جبريل فنادى بالأذان الله أكبر الله أكبر ,
أشهد أن لا إله إلا الله , مرتين , أشهد أن محمدا رسول الله مرتين , قال آدم :
من محمد ? قال : آخر ولدك من الأنبياء صلى الله عليه وسلم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 579 ) :
$ ضعيف .
رواه ابن عساكر ( 2 / 323 / 2 ) عن محمد بن عبد الله بن سليمان أخبرنا علي بن
بهرام الكوفي أخبرنا عبد الملك بن أبي كريمة عن عمرو بن قيس عن عطاء عن # أبي
هريرة # مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف علي بن بهرام لم أعرفه و قد ذكره الحافظ في الرواة عن
أبي كريمة هذا و سماه علي بن يزيد بن بهرام , ثم وجدته في تاريخ بغداد و جعل
يزيد جده فقال ( 11 / 353 ) :
علي بن بهرام بن يزيد أبو حجية المزني العطار , من أهل إفريقية انتقل إلى
العراق فسكنه إلى حين وفاته , و حدث ببغداد عن عبد الملك بن أبي كريمة الأنصاري
روى عنه أحمد بن يحيى الأودي و موسى بن إسحاق الأنصاري و عليك الرازي و الحسن
ابن الطيب الشجاعي , ثم ساق له حديثين و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .
و محمد بن عبد الله بن سليمان هما اثنان أحدهما كوفي قال ابن منده : مجهول
و الآخر خراساني اتهمه الذهبي بحديث موضوع , و الظاهر هنا أنه الأول , و هذا
الحديث مع ضعفه أقوى من الحديث المتقدم بلفظ :
" لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي , فقال الله :
يا آدم و كيف عرفت محمدا و لم أخلقه بعد ? ... " الحديث رقم ( 25 ) و هو صريح
في أن آدم عليه السلام كان يعرف النبي صلى الله عليه وسلم و هو في الجنة قبل
هبوطه إلى الأرض , و هذا صريح في أن آدم عليه السلام لم يعرف محمدا صلى الله
عليه وسلم حتى بعد نزوله إلى الأرض , و لذلك سأل جبريل : و من محمد ? فهذا من
أدلة بطلان ذلك الحديث كما سبق بيانه عند تحقيق الكلام على وضعه فتذكر أو راجع
إن شئت , و أنا لا أجيز لنفسي الاحتجاج بمثل هذا الحديث كما هو ظاهر و لكن
التحقيق العلمي يسمح برد الحديث الواهي بالحديث الضعيف ما دام ضعفه أقل منه كما
لا يخفى على من مارس هذا العلم الشريف .
404
" نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 581 ) :
$ ضعيف .
أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 7 / 425 ) و أبو داود ( 1 / 382 ) و ابن
ماجه ( 1 / 528 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 4 / 112 ) و العقيلي في
" الضعفاء " ( 106 ) و الحربي في " غريب الحديث " ( 5 / 38 / 2 ) و الحاكم ( 1
/ 434 ) و البيهقي ( 4 / 284 ) من طريق حوشب بن عقيل عن مهدي الهجري عن عكرمة
عن # أبي هريرة # مرفوعا , و قال الحاكم : صحيح على شرط البخاري و وافقه الذهبي
. قلت : و هذا من أوهامهما الفاحشة فإن حوشب بن عقيل و شيخه مهدي الهجري لم
يخرج لهما البخاري , بل إن الهجري مجهول كما قال ابن حزم في " المحلى " ( 7 /
18 ) و أقره الذهبي في " الميزان " و ذكر عن أبي حاتم نحوه , و في " التهذيب "
عن ابن معين مثله , فأنى للحديث الصحة و فيه هذا الرجل المجهول ? و لذلك ضعف
هذا الحديث ابن حزم فقال : لا يحتج بمثله و كذلك ضعفه ابن القيم في " الزاد " (
1 / 16 و 237 ) .
و توثيق ابن حبان ( 7 / 501 ) إياه مما لا يعتد به كما نبهت عليه مرارا , و كذا
تصحيح ابن خزيمة لحديثه لا يعتد به لأنه متساهل فيه , و لذلك لم يعتمد الحافظ
على توثيقهما إياه فقال في ترجمة الهجري هذا مقبول يعني عند المتابعة , و إلا
فهو لين الحديث , و بما أنه تفرد بهذا الحديث فهو عنده لين .
فإن قيل قد روى الطبراني عن عائشة مثل هذا الحديث فهل يتقوى به ?
قلت : لا لأن في إسناده إبراهيم بن محمد الأسلمي و هو ضعيف جدا , فمثله لا
يتقوى به فقال الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 105 / 1 من زوائده ) : حدثنا
إبراهيم هو ابن ( بياض في الأصل ) حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن شروس حدثنا
إبراهيم بن محمد الأسلمي عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن عائشة مرفوعا به
و قال : لم يروه عن صفوان إلا إبراهيم .
قلت : و هو متروك كما قال الحافظ في " التقريب " و ابن شروس لم أعرفه , ثم
رأيته في " الجرح و التعديل " ( 8 / 8 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا فهو
مجهول .
و أما ما في " المجمع " ( 3 / 189 ) : رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه محمد
بن أبي يحيى و فيه كلام كثير و قد وثق قلت : فالظاهر أنه سقط من قلم الناسخ اسم
إبراهيم بن فإنه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي , و قد كذبه مالك و
القطان و ابن معين و ضعفه الجمهور فمثله لا يستشهد به و لا كرامة .
و إبراهيم شيخ الطبراني الذي ترك الهيثمي بعده بياضا هو ابن محمد بن سبرة
الصنعاني ففي ترجمته أورده الطبراني في " أوسطه " (1 / 128 / 1 - 130 / 1 - 2
رقم 2513 ) , أورده ابن ناصر الدين و غيره و لم يذكروا فيه شيئا .
نقول : هذا بيانا لحقيقة هذا الحديث و لكي لا يغتر به جاهل فيحرم به صيام يوم
عرفة على الحاج تمسكا بظاهر النهى , و إلا فالأحب إلينا أن يفطر الحاج هذا
اليوم لأنه أقوى له على أداء النسك , و لأنه هو الثابت عنه صلى الله عليه وسلم
من فعله في حجة الوداع , انظر رسالتنا " حجة النبي صلى الله عليه وسلم " ,
و إليه يشير كلام أحمد رحمه الله فقد قال ابنه عبد الله في مسائله ( ص 166 -
مخطوط ) : سألت أبي عن الرجل يصوم تطوعا في السفر فهل يأثم لقول رسول الله صلى
الله عليه وسلم : " ليس من البر الصوم في السفر " ? فقال : إن صام في سفر صوم
فريضة أجزأه و لا يعجبني أن يصوم تطوعا و لا فريضة في سفر :
ثم رأيت الحديث رواه الدولابي ( 1 / 133 ) عن ابن عمر موقوفا عليه و سنده حسن .
و روى ابن سعد ( 7 / 125 ) و أبو مسلم الكجي في " جزء الأنصاري " ( 6 / 1 ) عن
عمر نحوه , و في سنده ضعيف .
405
" من صلى الصبح ثم قرأ *( قل هو الله أحد )* مائة مرة قبل أن يتكلم , فكلما قرأ
*( قل هو الله أحد )* غفر له ذنب سنة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 583 ) :
$ موضوع .
أخرجه الطبراني ( 22 / 96 / 232 ) و كذا الحاكم ( 3 / 570 ) و ابن عساكر ( 19 /
196 / 2 ) من طريق محمد بن عبد الرحمن القشيري حدثتني أسماء بنت واثلة بن
الأسقع قالت : كان أبي إذا صلى الصبح جلس مستقبل القبلة لا يتكلم حتى تطلع
الشمس فربما كلمته في الحاجة فلا يكلمني فقلت ما هذا ? فقال : فذكره .
قلت : سكت عليه الحاكم , و بيض له الذهبي , و قال الهيثمي في " المجمع " ( 10 /
109 ) بعد أن عزاه للطبراني : و فيه محمد بن عبد الرحمن القشيري و هو متروك .
قلت : بل هو كذاب كما قال الأزدي , و قال ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 325 ) :
" سألت أبي عنه ? فقال : متروك الحديث , كان يكذب و يفتعل الحديث .
406
" من كبر تكبيرة عند غروب الشمس على ساحل البحر رافعا بها صوته أعطاه الله من
الأجر بعدد كل قطرة فى البحر عشر حسنات , و محا عنه عشر سيئات , و رفع له عشر
درجات ما بين درجتين مسيرة مائة عام بالفرس المسرع " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 584 ) :
$ موضوع .
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 122 ) و أبو نعيم ( 3 / 125 ) و الحاكم ( 3 /
587 ) من طريق إبراهيم بن زكريا العبدسي حدثنا فديك بن سليمان قال : حدثنا
خليفة بن حميد عن # إياس بن معاوية عن أبيه عن جده # مرفوعا .
و قال أبو نعيم :
غريب من حديث إياس و لم يروه عنه إلا خليفة تفرد به عنه فديك .
و سكت عنه الحاكم و قال الذهبي في " تلخيصه " :
قلت : هذا منكر جدا , و خليفة لا يدرى من هو , و في إسناده إليه من يتهم .
قلت : يشير إلى العبدسي هذا قال فيه ابن عدي :
حدث بالبواطيل , و قال ابن حبان : يأتي عن مالك بأحاديث موضوعة .
و قال الذهبي في ترجمة خليفة هذا من الميزان :
فيه جهالة , و خبره ساقط , ثم ساق هذا الحديث من رواية العقيلي , و نقل الحافظ
في " اللسان " : كلام الذهبي في " التلخيص " و أقره عليه , و قد ذهل الهيثمي عن
المتهم المشار إليه في كلام الذهبي فاقتصر في إعلاله في " المجمع " ( 5 / 288 )
بكلام الذهبي المذكور في ترجمة خليفة , و ذلك قصور لا يخفى .
ثم رأيت ابن عراق قد أورد الحديث في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار
الشنيعة الموضوعة " ( 288 / 2 ) فأصاب .
407
" من كانت له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن و ضرائهن و سرائهن أدخله الله الجنة
بفضل رحمته إياهن , فقال رجل : أو اثنتان يا رسول الله ? قال : أو اثنتان ,
فقال رجل : أو واحدة يا رسول الله ? قال : أو واحدة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 585 ) :
$ ضعيف بهذا اللفظ .
أخرجه الحاكم ( 4 / 177 ) و أحمد ( 2 / 335 ) من طريق ابن جريج عن أبي الزبير
عن عمر بن نبهان عن # أبي هريرة # مرفوعا , و قال الحاكم :
صحيح الإسناد , و وافقه الذهبي و أقره المنذري في " الترغيب " ( 3 / 85 ) .
و أقول : كلا : فإن ابن جريج و أبا الزبير مدلسان و قد عنعناه , و عمر بن نبهان
فيه جهالة كما قال الذهبي نفسه في " الميزان " فأنى له الصحة ? !
و يغني عن هذا حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا بلفظ :
" من كان له ثلاث بنات يؤويهن و يكفيهن و يرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة ,
فقال رجل من بعض القوم : و اثنتين يا رسول الله ? قال : و اثنتين " .
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( ص 14 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 14
) من طريقين عن محمد بن المنكدر عنه , فهذا إسناد صحيح .
408
" أحب الأسماء إلى الله ما تعبد به " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 586 ) :
$ موضوع .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 59 / 2 ) و " الأوسط " ( 1 / 40 / 1
/ 685 ) عن معلل بن نفيل الحراني عن محمد بن محصن عن سفيان عن منصور عن إبراهيم
عن علقمة عن # ابن مسعود # قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمي
الرجل عبده أو ولده حارثا أو مرة أو وليدا أو حكما أو أبا الحكم أو أفلح أو
نجيحا أو يسارا و قال : " أحب الأسماء إلى الله عز وجل ما تعبد به و أصدق
الأسماء همام " و السياق " للأوسط " و قال : لم يروه عن سفيان إلا محمد , قال
الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 51 ) بعد أن عزاه للمعجمين و فيه محمد بن محصن
العكاشي و هو متروك .
قلت : بل هو كذاب كما قال ابن معين , و قال الدارقطني يضع الحديث .
و الحديث ذكره السيوطي في " الجامع الصغير " برواية الشيرازي في " الألقاب "
و الطبراني و أعله الشارح المناوي بكلام الهيثمي السابق ثم قال :
و قال في " الفتح " : في إسناده ضعف , و لم يرمز له المؤلف هنا بشيء , و وهم من
زعم أنه رمز له بالضعف و لكنه جزم بضعفه في الدرر " .
قلت : و الاقتصار على تضعيفه قصور مع كونه من رواية هذا الكذاب , إلا أن يقال
أن الضعيف من أقسامه الموضوع كما تقرر في " المصطلح " فلا منافاة .
و انظر الحديث الآتي بعد حديثين .
409
" من عشق و كتم و عف فمات فهو شهيد " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 587 ) :
$ موضوع .
رواه ابن حبان في " المجروحين " ( 1 / 349 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 5 / 156
, 262 , 6 / 50 - 51 , 71 / 298 , 13 /0 184 ) و الثعالبي في " حديثه ( 129 / 1
) و أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني "
( 281 / 2 ) و السلفي في " الطيوريات " ( 24 / 2 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق
" ( 12 / 263 / 2 ) و ابن الجوزي في " مشيخته " : الشيخ الثامن و السبعون من
طرق عن سويد بن سعيد الحدثاني حدثنا علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن مجاهد
عن # ابن عباس # مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف و له علتان :
الأولى : ضعف أبي يحيى القتات و اسمه زاذان و قيل غير ذلك , قال الحافظ في
" التقريب " : لين الحديث .
الأخرى : ضعف سويد بن سعيد , قال الحافظ : صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن
ما ليس من حديثه , و أفحش فيه ابن معين القول .
قلت : و قد تكلم فيه ابن معين من أجل هذا الحديث كما يأتي , و اتفق الأئمة
المتقدمون على تضعيف هذا الحديث , فقال ابن الملقن في " الخلاصة " ( 54 / 2 ) :
و أعله الأئمة , قال ابن عدي و الحاكم و البيهقي و ابن طاهر و غيرهم هو أحد ما
أنكر على سويد بن سعيد قال يحيى بن معين : لو كان لي فرس و رمح لكنت أغزوه .
و لهذا قال الحافظ ابن حجر في " بذل الماعون " ( 45 / 2 ) :
و في سنده مقال , و ذهب بعض المتأخرين إلى تقوية الحديث بمجيئه من طريق آخر ,
فقال الزركشي في " اللآليء المنثورة في الأحاديث المشهورة " ( رقم 166 ـ نسختي
) : و هذا الحديث أنكره يحيى بن معين و غيره على سويد بن سعيد , لكن لم يتفرد
به , فقد رواه الزبير بن بكار فقال : حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز بن
الماجشون عن عبد العزيز بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن
النبي صلى الله عليه وسلم فذكره , و هو إسناد صحيح .
قال الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة " : ( 420 ـ طبع الخانجي ) بعد أن ساق
هذه الطريق : و ينظر هل هذه هي الطريق التي أورده الخرائطي منها , فإن تكن هي
فقد قال العراقي : في سندها نظر , و من طريق الزبير أخرجه الديلمي في مسنده ,
و لكن وقع عنده عن عبد الله بن عبد الملك بن الماجشون لا كما هنا .
قلت : أما طريق الخرائطي فلم يسقها السخاوي , و قد أوردها العلامة المحقق ابن
القيم و تكلم عليها فقال في كتاب " الداء و الدواء " ( ص 353 - 354 ) :
أما حديث ابن الماجشون عن عبد العزيز بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن
ابن عباس مرفوعا , فكذب على ابن الماجشون , فإنه لم يحدث بهذا , و لا حدث به
عنه الزبير ابن بكار , و إنما هذا من تركيب بعض الوضاعين , و يا سبحان الله كيف
يحتمل هذا الإسناد مثل هذا المتن فقبح الله الوضاعين .
و قد ذكره أبو الفرج بن الجوزي من حديث محمد بن جعفر بن سهل : حدثنا يعقوب بن
عيسى من ولد عبد الرحمن بن عوف عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مرفوعا , و هذا غلط
قبيح فإن محمد بن جعفر هذا هو الخرائطي , و وفاته سنة سبع و عشرين و ثلاث مئة ,
فمحال أن يدرك شيخه يعقوب , ابن أبي نجيح و لا سيما و قد رواه في كتابه "
الاعتلال " عن يعقوب هذا عن الزبير عن عبد الملك عن عبد العزيز عن ابن أبي نجيح
, و الخرائطي هذا مشهور بالضعف في الرواية , ذكره أبو الفرج في كتاب " الضعفاء
" .
قلت : أما الخرائطي فلا أعرف أحدا من المتقدمين رماه بشيء من الضعف و لهذا لم
يورده الذهبي في " ميزان الاعتدال " , و لا استدركه عليه الحافظ ابن حجر في
" لسان الميزان " , و قد ترجمه الخطيب في تاريخه ( 2 / 139 - 140 ) ثم السمعاني
في " الأنساب " ثم ابن الأثير في " اللباب " فلم يجرحه أحد منهم , بل ترجمه
الحافظ ابن عساكر في تاريخه ( 15 / 93 / 1 - 2 ) و روى عن أبي نصر ابن ماكولا
أنه قال فيه : كان من الأعيان الثقات .
فأنا في شك كبير من صحة ما ذكره أبو الفرج من ضعف الخرائطي , بل هو ثقة حجة .
والله أعلم .
ثم طبع كتاب " الضعفاء " لابن الجوزي فلم أجد فيه محمد بن جعفر الخرائطي و إنما
ذكر آخرين ( 3 / 46 ـ 47 ) ليسا من طبقة الخرائطي و هما من رجال ابن أبي حاتم (
3 / 2 / 222 / 1224 و 1226 ) فتبين أن الوهم من ابن القيم و الله أعلم . فلعل
علة هذا الإسناد من يعقوب بن عيسى شيخ الخرائطي , فإنى لم أجد له ترجمة , و من
طبقته يعقوب بن عيسى بن ماهان أبو يوسف المؤدب ترجمه الخطيب ( 14 / 271 - 272 )
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و لكنه لم يذكر أنه من ولد عبد الرحمن بن عوف
, و الله أعلم , و هو من شيوخ أحمد في المسند قال الحافظ في " التعجيل " قال
أبو زرعة ابن شيخنا لا أعرفه , و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 9 / 286 ) لكن
وقع فيه يعقوب بن يوسف بن ماهان ثم وجدت الحافظ ابن حجر قد تكلم على الحديث في
" التلخيص الحبير " ( 5 / 273 )
و أعله من الطريق الأولى بنحو ما نقلناه عن " الخلاصة " و أعل الطريق الثانية
من رواية يعقوب عن ابن أبي نجيح بأن يعقوب ضعفه أحمد بن حنبل , ثم قال :
و رواه الخطيب من طريق الزبير بن بكار , و هذه الطريق غلط فيها بعض الرواة
فأدخل إسنادا في إسناد , و خلاصة القول : إن هذا الطريق ضعيف أيضا لضعف يعقوب
هذا و اضطرابه في روايته فمرة يقول : عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مرفوعا , فيرسله
و لا يذكر الواسطة بينه و بين ابن أبي نجيح , و مرة يقول عن الزبير عن
عبد الملك عن عبد العزيز عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس فيسنده و يوصله
.
قال ابن القيم : و كلام حفاظ الإسلام في إنكار هذا الحديث هو الميزان و إليهم
يرجع في هذا الشأن , و لم يصححه و لم يحسنه أحد يعول في علم الحديث عليه , و
يرجع في التصحيح إليه , و لا من عادته التسامح و التساهل , فإنه لم يصف نفسه له
, و يكفي أن ابن طاهر الذي يتساهل في أحاديث التصوف و يروي منها الغث
و السمين قد أنكره و شهد ببطلانه .
نعم ابن عباس لا ينكر ذلك عنه , و قد ذكر أبو محمد بن حزم عنه أنه سئل عن الميت
عشقا فقال : قتيل الهوي لا عقل له و لا قدر , و رفع إليه بعرفات شاب قد صار
كالفرخ فقال : ما شأنه ? قالوا : العشق , فجعل عامة يومه يستعيذ من العشق .
فهذا نفس ما روى عنه في ذلك .
و مما يوضح ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عد الشهداء في الصحيح , فذكر
المقتول في الجهاد و الحرق و الغرق , و المبطون , و النفساء يقتلها ولدها , و
صاحب ذات الجنب , و لم يذكر منهم من يقتله العشق , و حسب قتيل العشق أن يصح له
هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما على أنه لا يدخل الجنة حتى يصبر لله , و
يعف لله و يكتم لله , لكن العاشق إذا صبر و عف و كتم مع قدرته على معشوقه و آثر
محبته لله و خوفه و رضاه فهو من أحق من دخل تحت قوله تعالى *( و أما من خاف
مقام ربه و نهى النفس عن الهوى , فإن الجنة هي المأوى )* و تحت قوله تعالى *( و
لمن خاف مقام ربه جنتان )* .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الخطيب عن عائشة و عن
ابن عباس , و هذا يوهم أن له طريقين أحدهما عن عائشة و الآخر عن ابن عباس ,
و الحقيقة أنه طريق واحد , وهم في سنده بعض الضعفاء فصيره من مسند عائشة ,
و إنما هو من مسند ابن عباس كما تقدم , فقد أخرجه الخطيب في " تاريخه " ( 12 /
479 ) من طريق أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي : حدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن
مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا به , و قال :
رواه غير واحد عن سويد عن علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس
و هو المحفوظ , و كذا قال في " المؤتلف " أيضا كما في " اللسان " و أشار إلى أن
الخطأ في هذا الإسناد من الطوسي هذا , قال الدارقطني : ليس بالقوي , يأتي
بالمعضلات .
قلت : فهذا الإسناد منكر لمخالفة الطوسي لرواية الثقات الذين أسندوه عن سويد
بسنده عن ابن عباس , فلا يجوز الاستكثار بهذا الإسناد و التقوي به لظهور خطئه
و رجوعه في الحقيقة إلى الإسناد الأول , و قد قال ابن القيم في " الداء و
الدواء " ( ص 353 ) بعد أن ساق رواية الخطيب هذه :
فهذا من أبين الخطأ , و لا يحمل هشام عن أبيه عن عائشة مثل هذا عند من شم أدنى
رائحة الحديث , و نحن نشهد بالله أن عائشة ما حدثت بهذا عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قط , و لا حدث به عروة عنها و لا حدث به هشام قط .
و خلاصة القول أن الحديث ضعيف الإسناد من الطريقين , و قد أنكره العلامة ابن
القيم من حيث معناه أيضا و حكم بوضعه كما رأيت , و قد أوضح ذلك في كتابه " زاد
المعاد " أحسن توضيح فقال ( 3 / 306 - 307 ) :
و لا تغتر بالحديث الموضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم ساقه من
الطريقين ثم قال , فإن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و لا
يجوز أن يكون من كلامه , فإن الشهادة درجة عالية عند الله مقرونة بدرجة
الصديقية و لها أعمال و أحوال هي شروط في حصولها و هي نوعان عامة و خاصة ,
فالخاصة الشهادة في سبيل الله و العامة خمس مذكورة في الصحيح ليس العشق واحدا
منها ,
و كيف يكون العشق الذي هو شرك المحبة و فراغ عن الله و تمليك القلب و الروح
و الحب لغيره تنال به درجة الشهادة ! ? هذا من المحال , فإن إفساد عشق الصور
للقلب فوق كل إفساد بل هو خمر الروح الذي يسكرها و يصدها عن ذكر الله و حبه ,
و التلذذ بمناجاته و الأنس به , و يوجب عبودية القلب لغيره , فإن قلب العاشق
متعبد لمعشوقه بل العشق لب العبودية , فإنها كمال الذل و الحب و الخضوع
و التعظيم فكيف يكون تعبد القلب لغير الله مما تنال به درجة أفاضل الموحدين
و ساداتهم و خواص الأولياء ! ? فلو كان إسناد هذا الحديث كالشمس كان غلطا
و وهما , و لا يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لفظ العشق من حديث صحيح
البتة , ثم إن العشق منه حلال و منه حرام , فكيف يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم
أنه يحكم على كل عاشق يكتم و يعف بأنه شهيد ! ? أفترى من يعشق امرأة غيره أو
يعشق المردان و البغايا ينال بعشقه درجة الشهداء ! ? و هل هذا إلا خلاف المعلوم
من دينه صلى الله عليه وسلم ? كيف و العشق مرض من الأمراض التي جعل الله سبحانه
لها من الأدوية شرعا و قدرا , و التداوي منه إما واجب إن كان عشقا حراما ,
و إما مستحب , و أنت إذا تأملت الأمراض و الآفات التي حكم رسول الله صلى الله
عليه وسلم لأصحابها بالشهادة وجدتها من الأمراض التي لا علاج لها , كالمطعون
و المبطون و المجنون و الحرق و الغرق , و منها المرأة يقتلها ولدها في بطنها ,
فإن هذه بلايا من الله لا صنع للعبد فيها و لا علاج لها , و ليست أسبابها محرمة
و لا يترتب عليها من فساد القلب و تعبده لغير الله ما يترتب على العشق , فإن لم
يكف هذا في إبطال نسبة هذا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقلد
أئمة الحديث العالمين به و بعلله فإنه لا يحفظ عن إمام واحد منهم قط أنه شهد له
بصحة , بل و لا بحسن , كيف و قد أنكروا على سويد هذا الحديث و رموه لأجله
بالعظائم و استحل بعضهم غزوه لأجله .
و خلاصة الكلام أن الحديث ضعيف الإسناد موضوع المتن كما جزم بذلك العلامة ابن
القيم في المصدرين السابقين , و كذا في رسالة " المنار " له أيضا ( ص 63 ) و
مثله في " روضة المحبين " و الله أعلم .
410
" التراب ربيع الصبيان " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 594 ) :
$ موضوع .
رواه الطبراني في " الكبير " ( 5775 ) و ابن عدي ( 311 / 1 ) عن محمد بن مخلد
الحمصي حدثنا مالك بن أنس عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال : مر النبي صلى الله
عليه وسلم بالصبيان و هم يلعبون بالتراب فنهاهم عمر بن الخطاب فقال النبي صلى
الله عليه وسلم : دعهم يا عمر فإن التراب ... و قال ابن عدي :
و هذا حديث منكر بهذا الإسناد , و محمد بن مخلد هذا يحدث عن مالك و غيره
بالبواطيل .
قلت : و عد الذهبي هذا الحديث من أباطيله , و ساق له حديثا آخر قال فيه :
و هو كذب ظاهر , سيأتي تخريجه برقم ( 1252 ) و الحديث عزاه الهيثمي في " المجمع
" ( 8 / 159 ) للطبراني
و قال : و فيه محمد بن مخلد الرعيني و هو متهم بهذا الحديث و غيره .
قال السخاوي ( ص 74 ) :
و رواه القضاعي من حديث مالك بن سعيد عن مالك عن نافع عن ابن عمر به , و قال
الخطيب : إن المتن لا يصح . قلت : و إسناده عند القضاعي في " مسند الشهاب " (
18 / 1 ) هكذا : أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين قال : أخبرنا
جدي علي بن الحسين بن بندار قال : أخبرنا علي بن عبد الحميد الغضائرى قال :
أخبرنا محمد بن يوسف الفريابي بمكة قال : أخبرنا مالك بن سعيد به .
قلت : الغضائري هذا ترجمه السمعاني في " الأنساب " و قال : و كان من الصالحين
الزهاد الثقات و من فوقه ثقات معروفون من رجال التهذيب , و أما أبو القاسم
و جده علي بن الحسين بن بندار فلم أجد من ترجمهما , و في " الميزان "
و " اللسان " : علي بن الحسن بن بندار الإستراباذي عن خيثمة الأطرابلسي اتهمه
محمد بن طاهر .
قلت : فيحتمل أن يكون هو هذا , فإنه من هذه الطبقة , و عليه تحرف اسم أبيه
الحسن بـ الحسين في " المسند " , و الله أعلم .