| الباب التاسع: ألوان ثقافية في حياة الأزهر العلميّة | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: الباب التاسع: ألوان ثقافية في حياة الأزهر العلميّة الجمعة 06 يناير 2017, 6:22 am | |
| الباب التاسع ألوان ثقافية في حياة الأزهر العلميّة =================== - 1 - كان الأزهر لا يعني كثيراً بالعلوم العقلية في عهد الانحطاط العثماني، ومن شواهد ذلك أن أحمد كور باشا الذي تولى ولاية مصر عام 1161ه في عهد مشيخة الشيخ عبد اللّه الشبراوي، ناقش شيخ الأزهر الشيخ الشبراوي، في إهمال الأزهر ومصر للعلوم الرياضية 1.
ومع ذلك فقد كان هناك قلة من العلماء تعني بهذه العلوم وتدرسها، ومن هؤلاء الشيخ حسن الجبرتي الذي كان ذا شهرة عظيمة في العلوم الرياضية، وقد ذكر ابنه المؤرخ في حديثه عنه في تاريخه أنه في سنة 1159هـ - 1805م أتي إليه طلاب من الفرنجة، وتلقوا عليه علم الهندسة، وأهدوا إليه من مصنوعاتهم وآلاتهم أشياء نفيسة ثم رجعوا إلى بلادهم ونشروا بها ذلك العلم من ذلك الوقت، وأخرجوه من القوة إلى الفعل، واستخرجوا به صناعات بديعة، مثل طواحين الهواء، وجر الأثقال، واستنباط المياه، وما إلى هذا من الصناعات، فأي شيء بعد هذا يحتاج إليه في إثبات فضل الأزهر على العلم؟ __________ 1) 192 و93 ج 1 الجبرتي. __________ وأية يد أثيمة بعد هذا تحاول أن تناله بسوء، وأن تقابل فضله بالجحود؟ وقد تلقى الشيخ حسن الجبرتي هذه العلوم الرياضية في الأزهر، وكذلك غيرها من العلوم الدينية والعربية، وهو في الأصل من أهل الحبشة الذين رحلوا إلى الأزهر لطلب العلم، ولهم رواق فيه يسمى رواق الجبرتية، وقد تلقى العلوم الدينية والعربية على السيد محمد البنوفري والشيخ عمر الأسقاطي والشيخ أحمد الجوهري وغيرهم.
وبدأ تلقي العلوم الرياضية على الشيخ محمد النجاحي، ثم قدم الشيخ حسام الدين الهندي إلى الأزهر، وكان بارعا في العلوم الرياضية والفلسفية، فتلقاها عليه بعض طلاب الأزهر، مثل الشيخ الوسيمي، والشيخ أحمد الدمنهوري، فذهب إليه الشيخ حسن الجبرتي ولازمه.
وتلقى عليه كتبا نفيسة في هذه العلوم، مثل أشكال التأسيس في الهندسة، وتحرير أقليدس، والمتوسطات والمبادىء والغايات، والأكر، وعلم الأرتماطيقي، والجغرافيا، وعلم المساحة، ولم يزل يطلب هذه العلوم حتى برع فيها، وطارت شهرته بها، وكان يعرف اللغة التركية والفارسية، ويتكلم بهما كأهلهما، ثم اشتغل بالتدريس في الأزهر، وتلقى عليه فيه الشيخ أحمد الشيخ عبد الرحمن البنان والشيخ محمد الصبان والشيخ محمد عرفة الدسوقي والشيخ محمد الأمير، وغيرهم من أفاضل علماء الأزهر.
وكان يقتنى كثيرا من الكتب النفيسة في العربية والفارسية والتركية، ومما كان يقتنيه من الكتب الفارسية كتاب الكلستان، وديوان حافظ، وشاه نامه، وكان بها من الصور العجيبة ما يكسبها رونقا وبهاء، وكان عنده كثير من الآلات الفلكية، والكرات النحاسية، والآلات الإرتفاعية، والميالات، وحلق الأرصاد، والأسطرلابات، والعدد الهندسية، وآلات أكثر الصناعات كالنجارة وغيرها، وآلات الرسم والتقاسيم، وكان كل ماهر في صناعته يجتمع به ليتسفيد منه، وكان مع هذا يعرف صناعة التراكيب والتقاطير واستخراج المايه، وقد رسم في أيام اشتغاله ما لا يحصى من المنحرفات والمزاول.
وفي سنة 1172ه - 1758م، وقع الخلل في الموازين فتحركت همته لتصحيحها، وأحضر الحدادين والسباكين، وحرر المثاقيل والصنج الكبار والصغار، ورسمها بطريق الاستخراج على أصل العلم العملي والوضع الهندسي، ولم ينقص هذا من إلمامه بالعلوم الدينية، بل كان حجة في الفقه وغيره من هذه العلوم، حتى إن القضاة لم يكونوا يثقون إلا بفتواه، وكانت وفاة هذا العالم الأزهري سنة 1188ه - 1774م.
- 2 - وقد نعى الشيخ حسن العطار على الأزهر إهماله هذه العلوم وسواها وذلك في حاشيته على شرح جمع الجوامع في أصول الفقه1 وكان من تلامذة العطار رفاعة رافع الطهطاوي الأزهري، الذي سافر مع بعثات محمد علي إلى باريس، وله كتاب «تخليص الإبريز في تلخيص باريز» وكتاب مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية، الذي يقول فيه عن محمد علي وعهده2 إنه جدد دروس العلوم بعد اندراسها، وأوجدت بعد العدم رؤساء العلماء والفضلاء نتيجة قياسها، لقصد انتشار العلم والزيادة في الفضائل، فأتى من ذلك بما لم تستطعه الأوائل، غير أنه -حفظه اللّه وأبقاه- ولو أنه أعلى منار الوطن ورقاه.
لم يستطع إلى الآن أن يعمم أنوار هذه المعارف المتنوعة بالجامع الأزهر الأنور، ولم يجذب طلابه إلى تكميل عقولهم بالعلوم الحكمية التي كبير نفعها في الوطن ليس ينكر، نعم إن لهم اليد البيضاء في إتقان الأحكام الشرعية العملية والاعتقادية، وما يجب من العلوم الآلية كعلوم العربية الإثني عشر، وكالمنطق والوضع وآداب البحث والمقولات وعلم الأصول المعتبر.
غير أن هذا وحده لا يفي للوطن بقضاء الوطر، والكامل يقبل الكمال كما هو متعارف عند أهل النظر، ومدار سلوك جادة الرشاد والإصابة، منوط بعدول الأمر، بهذه العصابة. __________ 1) 461/ 2. 2) 28 تاريخ الإصلاح في الأزهر للصعيدي، 247 - 250 مناهج الألباب المصرية لرفاعة. __________ التي ينبغي أن تضيف إلى ما يجب عليها من نشر السنة الشريفة، ورفع أعلام الشريعة المنيفة، معرفة سائر المعارف البشرية المدنية، التي لها مدخل في تقديم الوطنية، من كل ما يحمد على تعلمه وتعليمه علماء الأمة المحمدية، فإنه بانضمامه إلى علوم الشريعة والأحكام، يكون من الأعمال الباقية على الدوام، ويقتدى بهم في اتباعه الخاص والعام، حتى إذا دخلوا في أمور الدولة، يحسن كل منهم في إبداء المحاسن المدنية قوله.
فإن سلوك طريق العلم النافع من حيث هو مستقيم، ومنهجه الأبهج هو القويم، يكون بالنسبة للعلماء سلوكه أقوم، وتلقيه من أفواههم أتم وأنظم، لاسيما أن هذه العلوم الحكمية العملية التي يظهر الآن أنها أجنبية هي علوم إسلامية نقلها الأجانب الى لغاتهم من الكتب العربية، ولم تزل كتبها إلى الآن في خزائن ملوك الإسلام كالذخيرة، بل لا زال يتشبث بقراءتها ودراستها من أهل أوروبا حكماء الأزمنة الأخيرة، فإن من اطلع على سند شيخ الجامع الأزهر الشيخ أحمد الدمنهوري (1101 - 1192ه) -الذي كانت مشيخته قبل شيخ الإسلام أحمد العروسي الكبير (1132 - 1208ه) جدّ شيخ شيوخ الجامع الأزهر، السيد المصطفوي العلم الشهير 1رأى أنه أحاط من دوائر هذه العلوم بكثير، وأنه له فيها المؤلفات الجمة، وأن تلقيها إلى أيامه كان عند الجامع الأزهر من الأمور المهمة.
فإنه يقول فيه بعد سرد ما تلقاه من العلوم الشرعية وآلاتها معقولاً ومنقولاً: أخذت عن أستاذنا الشيخ المعمر الشيخ علي الزعتري، خاتمة العارفين بعلم الحساب واستخراج المجهولات وبما توقف عليها.
كالفرائض والميقات، وسيلة ابن الهائم ومعونته -كلاهما في الحساب- والمقنع لابن الهائم، ومنظومة الياسمين في الجبر والمقابلة، ودقائق الحقائق في حساب الدرج والدقائق لسبط المارديني في علم حساب الأزياج. __________ 1) يعني بذلك الشيخ مصطفى العروسي (1213 - 1293 ه). __________ ورسالتين إحداهما على ربع المقنطرات وأخراهما على ربع المجيب -كلاهما للشيخ عبد الله المارديني جد السبط- ونتيجة الشيخ اللاذقي المحسوبة لعرض مصر، والمنخرفات لسبط المارديني في علم وضع المزاول، وبعض اللمعة في التقويم. وأخذت عن سيدي أحمد القرافي الحكيم بدار الشفاء بالقراءة عليه كتاب الموجز واللمحة العفيفة في أسباب الأمراض وعلاماتها بشرح الأمشاطي، وبعضا من قانون ابن سينا، وبعضا من كامل الصناعة، وبعضا من منظومة ابن سينا الكبرى -والجميع في الطب-.
وقرأت على استاذنا الشيخ عبد الفتاح الدمياطي كتاب لقط الجواهر في الحدود والدوائر لسبط المارديني في الهيئة السماوية، ورسالة ابن الشاطر في علم الاضطراب، ورسالة قسطا بن لوقا في العمل بالكرة وكيفية أخذ الوقت منها، والدر لابن المجدي في علم الزيج.
وقرأت على أستاذنا الشيخ سلامة الفيومي أشكال التأسيس في الهندسة، وبعضا من الجغميني في علم الهيئة، وبعضا من رفع الأشكال عن مساحة الأشكال في علم المساحة، وقرأت على الشيخ عبد الجواد المرحومي جملة كتب، منها رسالة في علم الأرتماطيقي للشيخ سلطان المزاحي.
وقرأت على الشيخ الشهير بالسحيمي منظومة الحكيم درمقاش المشتملة على علم التكسير وعلم الأوفاق وعلم الاستنطاقات وعلم التكعيب، ورسالة اخرى في رسم ربع المقنطرات والمنحرفات لسيط المارديني، وعلم المزاول.
ومنظومة في علم الأعمال الرصدية وروضة العلوم وبهجة المنطوق والمفهوم لمحمد بن صاعد الأنصاري، وهي كتاب يشتمل على سبعة وسبعين علما، أولهما علم الحرف وآخرها علم الطلاسم، ورسالة للإسرائيلي، ورسالة للسيد الطحان -كلاهما في علم الطالع-.
ورسالة للخازن في علم المواليد -أعني الممالك الطبيعية وهي الحيوانات والنباتات والمعادن- وأخذت عن شيخنا الشيخ حسام الدين الهندي شرح الهداية في علم الحكمة، ومتن الجغميني في علم الهيئة -بمراجعة قاضي زاده ومطالعة السيد عليه-.
وأخذت عن سيدي أحمد الشرفي شيخ المغاربة بالجامع الأزهر كتاب اللمعة في تقويم الكواكب السبعة.
ولما ذكر ما تلقاه من هذه العلوم أعقبه بما طالعه بنفسه بدون الأخذ عن شيخ فقال: طالعت كتاب إحياء الفؤاد بمعرفة خواص الأعداد في علم الأرتماطيقي، في نحو كراسين، وكتاب عين الحياة في علم استنباط المياه، ورسالة الكلام اليسير في علام البواسير، في نحو كراسين، ورسالة التصريح بخلاصة القول الصريح في علم التشريح، في نحو كراسين، وكتاب إتحاف البرية بمعرفة الأمور الضرورية في علم الطب، في نحو خمسة كراريس، ورسالة القول الأقرب في علاج لسع العقرب، في نحو كراس، وكتاب منهج السلوك في نصيحة الملوك، في نحو عشرة كراريس، وكتاب بلوغ الأرب في أسماء سلاطين العجم والعرب -معنونا باسم السلطان مصطفى خان بن السلطان أحمد خان، المولود في رابع عشر شهر صفر سنة تسع وعشرين ومائة وألف يوم الأربعاء أول النهار في الساعة الأولى بعد الشمس، الجالس على سرير الملك في سابع عشر صفر الخير سنة إحدى وسبعين ومائة وألف يوم الأحد قبل الشمس. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب التاسع: ألوان ثقافية في حياة الأزهر العلميّة الجمعة 06 يناير 2017, 6:25 am | |
| ويقول رفاعة: فانظر إلى هذا الإمام الذي كان شيخ مشايخ الجامع الأزهر، وكان له في العلوم الطبية والرياضية وعلم الهيئة الحظ الأوفر، مما تلقاه عن أشياخه الأعلام، فضلا عن كون أشياخه كانوا أزهرية، ولم يفتهم الوقوف على حقائق هذه العلوم النافعة في الوطنية، وفضل العلامة الجبرتي المتوفي في أثناء هذا القرن في هذه العلوم، وفي فن التاريخ أمر معلوم، وكذلك العلامة الشيخ عثمان الورداني الفلكي، وكان للمرحوم العلامة الشيخ حسن العطار شيخ الأزهر أيضا مشاركة في كثير من هذه العلوم، حتى في العلوم الجغرافية، فقد وجدت بخطه هوامش جليلة على تقويم البلدان لإسماعيل أبي الفداء سلطان حماة، المشهور أيضا بالملك المؤيد، وللشيخ المذكور هوامش أيضا وجدتها بأكثر التواريخ، وعلى طبقات لأطباء وغيرها، كان يطلع دائما على الكتب المعربة من تواريخ وغيرها، وكان له ولوع شديد بسائر المعارف البشرية، مع غاية الديانة والصيانة، وله بعض تآليف في الطب وغيره، زيادة عن تآليفه المشهورة، فلو تشبث من الآن فصاعدا نجباء أهل العلم الأزهريين بالعلوم العصرية التي جددها الخديو بمصر، بإنفاقه عليها أوفر أموال مملكته، لفازوا بدرجة الكمال، وانتظموا في سلك الأقدمين من فحول الرجال، وربما يتعللون بالاحتياج إلى مساعدة الحكومة، والحال أن الحكومة إنما تساعد من يلوح عليه علامات الرغبة والغيرة والاجتهاد، فعمل كل من الطرفين متوقف على عمل الآخر، فترجع المسألة دورية، والجواب عنها أن الحكومة قد ساعدت بتسهيل الوسائط والوسائل، ليغتنم فرصة ذلك كل طالب وسائل، وكل من سار على الدرب وصل، وإنما المكافأة على تمام العمل.
- 3 - وقد ازدهر القرن التاسع عشر بكوكبة من المصلحين، من أمثال الأفغاني (1839 - 1897م) وعلى مبارك (1823 - 1893م) والسيد عبد الرحمن الكواكبي (1848 - 1902م) والشيخ محمد عبده (1849 - 1905م)، وكان هؤلاء المصلحون يتجهون أول ما يتجهون إلى إيقاظ الفكر المصري والعربي، وإلى تجديد النهضة الدينية.
ولما حضر جمال الدين الأفغاني إلى مصر لأول مرة سنة 1286ه أقام في القاهرة أربعين يوماً، تردد فيها على الجامع الأزهر، واتصل به كثير من العظماء والطلاب، ثم ترك القاهرة إلى الأستانة، فوصل إليها في سنة 1287ه، ولكن الدسائس أحاطت من كل جانب، ومن أجل ذلك عاد جمال الدين إلى القاهرة في أوائل سنة 1288ه، فأكرمه إسماعيل، وأجرى عليه راتبا يليق به.
فجعل من بيته مدرسة يقصدها النابهون من طلاب العلم في الأزهر وغيره، وكان يدرس لهم أمهات الكتب في علم الكلام والحكمة والهيئة والتصوف وأصول الفقه، ولم يكن يقصد من دروسه التعليم فقط، بل كان يقصد منها الدعوى إلى الإصلاح، وفتح باب الاجتهاد في الدين والعلم وبث الأخلاق العالية في النفوس، وكان إلى هذا يرشد الطلاب إلى مطالعة كتب الأدب، ليتعلموا منها حسن الكتابة والإنشاء، ويستطيعوا أن ينهضوا بالأمة بالكتابة في الجرائد وغيرها.
فأيقظ النفوس من غفلتها، وفتح عيون الطلاب في الأزهر لضعف التعليم فيه، حتى ألفوا من بينهم جماعة تسعى في إصلاحه، وكان أول ما عملوه كتابة منشور علقوه على أعمدة الأزهر في سواد الليل، وبينوا فيه مواضع الخلل في التعليم بالأزهر، وشرحوا الوسائل التي تؤدي إلى إصلاحه، فبدأ جمال الدين بدروسه في الإصلاح، الجهاد في إصلاح الأزهر، وأوجد من أبنائه وغيرهم من يعمل فيه بكل ما يمكنه من الوسائل التي توصل إليه.
وكان نشاطه التعليمي ذا شعبتين: دروس علمية منظمة يلقيها في بيته (في خان الخليلي)، وكان يتلقاها أمثال الشيخ محمد عبده، والشيخ عبد الكريم سلمان، والشيخ سعد زغلول، والشيخ إبراهيم الهلباوي من مجاوري الأزهر وعلمائه، وكان يدرس لهم كتب منطق وفلسفة وتصوف وهيئة، ويظهر أن هذه الكتب لم تكن لها قيمة في ذاتها، وإنما قيمتها كانت فيما يضيفه عليها الشيخ في شرح آرائه وأفكاره، والتبسط في مناحي الفكر، والتطبيق على الحياة الواقعية، بربط الحياة العملية بالعلمية، هذا إلى أنه كان يأخذ بيد تلاميذه، فيجعلهم يسيطرون على الكتاب، ويسمون عن قيود الألفاظ والجمل إلى معرفة الحقائق ذاتها، يحدد لهم موضوع الدرس من الكتاب، ويفيض عليهم في شرحه من عنده حتى يحيطوا به، ويتفهموه من جميع أطرافه.
وكانت مدرسته الثانية غير النظامية أكبر أثراً وأعم نفعاً، وكان تلاميذه فيها زواره في بيته أو في بيوتهم حين يزورهم، ومن يلتقي بهم في (قهوة البوستة) وفي المجتمعات من أمثال: محمود سامي البارودي، وعبد السلام المويلحي وأخيه إبراهيم المويلحي وسعد زغلول، ومحمد عبده وعلي مظهر، وأديب إسحق وغيرهم.
وفي هذه المدرسة حول مجرى الأدب ونقله من حال إلى حال، كان الأدب عند الحكام لا هم له إلا مدح الملوك والأمراء، والتغني بأفعالهم وصفاتهم، فأتى جمال الدين وسخّر الأدب في خدمة الشعب، يطالب بحقوقه، ويدافع عنه من ظلمه، يبين للناس سوء حالتهم، ويبصرهم بمن كان سبب فقرهم، ويحرضهم أن يخرجوا من بؤسهم وضلالهم وألا يخشوا بأس الحاكم فليست قوته إلا بهم، فكان أدبه ينظر للشعب أكثر مما ينظر إلى الحاكم، وينشد الحرية ويفيض في حقوق الناس وواجبات الحاكم، ويجعل من الأديب مشرفا على الأمراء، لا سائلا يمد يده للأغنياء، كنت تتصفح آثار الأدباء أمثال: السيد على أبي النصر، والشيخ علي الليثي وعبد اللّه باشا فكري، فلا ترى موضوعاتهم غير غزل في حبيب، أو رسالة إلى صديق، أو مدح لأمير، أو استعطاف له، أو اعتذار إليه، أو وصف سفينة، أو شكر على هدية.
أما مصر وحال شعبها، وبؤس أهلها، وظلم حكامها، وحقوق الناس، وواجبات الحكام، فلا ترى لذلك أثرا، فقلب جمال الدين هذا الوضع وفتح للأدباء منافذ القول.
وكانت خطته في ذلك ما يأتي: 1 - كون جماعة حبب إليهم الكتابة، ورسم لها خطتها وأوحى إليهم بالمعاني وشجعهم على إنشاء الجرائد، يكتب فيها، ويستكتب القادر منهم، فأنشأ أديب إسحق جريدة «مصر» في القاهرة، و «التجارة» بالأسكندرية، وكان جمال يكتب فيها أحيانا باسم مستعار أو باسمه الحقيقي وقد كتب مقالين: أحدهما في الحكومات الشرقية وأنواعها، والثاني سماه «روح البيان في الأنجليز والأفغان» كان لهما صدى بعيد، ولقيت الصحيفتان رواجاً كبيراً، ثم أغلقهما رياض باشا وكذلك وجه الكتاب في «الوقائع المصرية» وغيرها.
وبذلك ربى طائفة من الكتاب تحسن الكتابة» واختيار الموضوعات، ووضع النواة الأولى للصحافة الشرقية والكتاب الذين يعالجون شئون وطنهم وحالة شعوبهم، والذي ساعده على النجاح في ذلك حال مصر المالية والسياسية وتدخل الأجنبي فيهما وجزع الشعب والحاكم معا لذلك فشجعوا هذا النقد من الصحافة، ولو لا ذلك لخابت دعوة جمال الدين في مصر كما خابت في غيرها.
2 - أحاديثه في المقهى وفي المحافل وبيوت الزيارة، تواتيه المعاني، ويطاوعه اللسان، فيخلق أمتع الأحاديث، ويحدث كل من بمجلسه بلسان عربي مبين، فيدهش السامعين، ويفحم السائلين، ويبكم المعترضين، وبذلك خرج مدرسة عجيبة تحسن السمر والحديث والاستطراد، وتملك على السامع لبه من أمثال محمد عبده، وسعد زغلول، والهلباوي، ولطفي السيد، وغيرهم.
وهكذا بدأ جمال الدين تعليمه في حجرة ثم في مقهى أو مجتمع، ثم في محفل يريد توسيع العقول، وتعليم الحرية في البحث والنقد، وتبصير الشعب بحقوقه وواجبات الحاكم نحوه، ويضع يده في صميم السياسة فيريد أن يسيطر على الوزارات والحكومة بمحفله، ورأى أول أمره أن لا قيمة لمجلس النواب ما دام الشعب غافلا جاهلا، فلما نضجت الأمة واستبد الحكام، غير رأيه وألح في طلب الحكم النيابي وحرض عليه.
وكان يلتقي بالأمير توفيق في المحفل فيقدره ويدين بمبادئه، ولكنه لما تولى الحكم بعد إسماعيل دس له الدساسون، فاجتمع مجلس الوزراء وقرر نفي جمال الدين فقبض عليه في 24 أغسطس سنة 1871م، ونفى إلى بمباي في الهند، وكان ذلك آخر عهد له بمصر.
وسافر الأفغاني إلى لندن عام 1883م، ومنها إلى فرنسا، ووافاه إليها تلميذه وصديقه الشيخ محمد عبده وكان منفيا في بيروت. وأخذا يتشاوران فيما يعملان من وجوه الإصلاح، وكان من رأى الشيخ محمد عبده بعد ما رأى من غدر الناس في ثورة عرابي أن يذهبا إلى مكان بعيد، ينشئان فيه مدرسة للزعماء يختاران لها أنجب التلاميذ من الأقطار الإسلامية، ويعدانهم للزعامة ونشر الإصلاح.
ولكن لم يعجب السيد هذا الرأي، ورأى فيه خورا وضعفا ويأسا، ووضع خطته بإنشاء جريدة في باريس للعالم الإسلامي تبصره بحقوقه وواجباته ووظيفته، وكانت جريدة «العروة الوثقي» للسيد فيها الأفكار والمعاني، وللشيخ التحرير والصياغة، وميرزا محمد باقر يعرب لها عن الصحف الأجنبية ما يهم الشرق، وكان وراءها جمعية سرية في جميع أقطار الإسلام، ولها فروع في بلدانه يجتمعون للمذاكرة، ويتبرعون بالمال ينفق منه على الجريدة والقائمين بها، فقد كانت ترسل بالمجان أكثر أعدادها، وكان الأعضاء يقسمون اليمين لأحياء الأخوة الإسلامية، وتقوية الإسلام بقدر ما يستطيعون. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب التاسع: ألوان ثقافية في حياة الأزهر العلميّة الجمعة 06 يناير 2017, 6:28 am | |
| وكان أهم أغراض الجريدة كما لخصت هي ذلك في أول عدد لها: 1 - بيان الواجب على الشرقيين، وأسباب فساد حالهم. 2 - إشراب النفوس عقيدة الأمل وترك اليأس. 3 - الدعوة إليالتمسك بالأصول التي كان عليهم أسلافهم وعزوا بها. 4 - الدفاع عما يتهم به الشرقيون عموما والمسلمون خصوصا من أنهم لن يتقدموا ما داموا متمسكين بدينهم. 5 - إخبارهم بما يهمهم من حوادث السياسة العامة والخاصة. 6 - تقوية الصلات بين الأمم الإسلامية، ومناصرة من لا يجحف بحقوقهم من أمم الخارج.
وأخذ يكتب في ذلك في الجريدة ويفصل هذه الأسباب في مقالات، وكان مثله الأعلى حكومة إسلامية موحدة للجميع، ولما رأى عدم إمكان ذلك دعا إلى أن تحكم الأقطار الاسلامية بحكومات إمامها القرآن، وأساسها العدل والشورى وترتبط جميعا بروابط محكمة.
وقد قاده هذا التفكير في الحكومة الإسلامية وأخلاق الشعب التي يجب أن يكون عليها إلى أن يناهض في الجريدة الاحتلال الأجنبي في الأقطار الإسلامية وخاصة في مصر، وشغل هذا حيزا كبيرا منها بأسلوب مهيج وعبارات شديدة، كما استخدم بجانبها رسلا متخفين إلى الأقطار المختلفة ينشرون التعاليم التي لا يستطيع نشرها في الجريدة، وكان منهم الشيخ محمد عبده -وهو محكوم عليه بالنفي- فجاء إلى مصر وتونس وكان من نتائج هذا أن روقبت الجريدة من أصحاب السيادة على حكومات الهند ومصر، فمنعت من دخولهما، واستحال وصولها إلى أصحابها وقرائها فاحتجبت عن أداء رسالتها.
وقد كان يدعو إلى الاجتهاد وترك التقليد في الدين، فإن الأئمة اجتهدوا وأحسنوا ولكن لا يصح أن نعتقد أنهم أحاطوا بكل أسرار القرآن، والفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء.
ويرى أن التفرقة بين أهل السنة والشيعة سببها مطامع الملوك، فالفريقان يؤمنان بالقرآن ورسالة محمد، ففيم الخلاف والقتال؟. ويرى أن الإشتراكية في الإسلام ملتحمة مع الدين، ملتصقة مع الخلق، يبعث عليها حب الخير، على النقيض من إشتراكية الغرب التي يبعث عليها جور الحكام وعوامل الحسد في العمال لأرباب الغنى.
كما يرى أن المرأة تساوي الرجل في تكوينها العقلي والتفاوت بينهما أتى من التربية وإطلاق السراح للرجل، وتقييد المرأة في البيت.
ومهمتها في هذا أسمى، ولا تقل عن مهمة الرجل، ومن يطلب مساواتها فهو مخطي، ولا مانع من أن تعمل في الخارج إذا فقدت عائلها، واضطرتها ظروفها ولكن بطهارة.
كما أنه لا مانع عنده من رفع الحجاب إذا لم يتخذ وسيلة للفجور.
ويرى كذلك أن الدين لا يخالف الحقائق العلمية، وإذا ظهر غير ذلك وجب تأويله، فالقرآن أعظم من أن يخالف العلم الحقيقي خصوصا في الكليات.
وقد أجمع معاصروه ومن درسوا تاريخ حياته على أن له غرضين واضحين: 1 - بث الروح في الشرق لينهض بثقافته وعلمه وتربيته، وتنقية عقيدته من الخرافات واستعادة عزه ومكانته.
2 - مناهضة الاحتلال الأجنبي حتى تعود الأقطار الشرقية إلى استقلالها مرتبطة بروابط على أي شكل، لتلقي ما يحيط بها من أخطار.
ولما مات حمل المصلحون بعده لواء هذين الغرضين متفرقين وقد كان يحمل لواءهما معا، فحمل الشيخ محمد عبده لواء الإصلاح الثقافي، فإن الواجب الأول على المصلح في رأيه تثقيف الشعب وتهذيبه، ثم الاستقلال يكون الخاتمة، وقد رفع العلم الآخر وهو العلم السياسي لمناهضة الحكم الأجنبي عبد الله نديم، ثم مصطفى كامل وفريد، ثم سعد زغلول.
وكذلك كان في غير مصر من أقطار الشرق من حملوا لواء الإصلاحين وساروا على هداه ولكن في بطء لا يعجبه فقد كان طموحا إلى مقصده، شجاعا مقداما لا يهاب الموت، حديد المزاج، لا يريد الحق إلا من طريق الحق، يريده غاية ويريده وسيلة، ولكن سياسة الدنيا غير ذلك تقوم على المصالحة، وأخذ شيء بترك شيء، ومن أراد الحق كاملا فليطلب ذلك في المثل الأعلى للخلق لا في السياسة أو فلينتظر حتى تخضع السيادة للخلق ولن يكون.
- 4 - ويقول في إهمال العلوم الرياضية والفلسفية في الأزهر -الأستاذ مصطفى بيرم من رسالة له عن الأزهر قدمها لمؤتمر علماء اللغات الشرقية المنعقد بمدينة همبورج بالمانيا عام 1902م: إن تلك العلوم الرياضية والجغرافية والعقلية والفلسفية مهجورة من الأزهر ينظر إليها بعين السخط، ويفر من سماعها فرار الصحيح من الأجرب، ولكن بفضل اللّه وكرمه لم يطل الأمر على ذلك كثيرا، حتى قيض اللّه لنا علماءنا الأعلام من ثنيه لأسباب تأخرنا العلمي، وأخذوا في السعي لإعادة تدريس تلك العلوم النافعة المقوية للملكة الذهنية، ولخشية المفاجأة بإعادة تدريسها للجامع بعد ما رسخ في أذهان الكثير من أن بها ما يعدوا على الدين، رأى ولاة الأمور أن يمهدوا السبيل لادخالها في الجامع الأزهر بأخذ آراء أفاضل العلماء الأزهريين، فكلفوا والدي المرحوم السيد محمد بيرم بهاته المهمة العلمية.
وبعد أخذ وعطاء بينه وبين المرحومين: العلامة الشيخ محمد الأنبابي شيخ الإسلام بمصر وشيخ الجامع الأزهر، والشيخ محمد البنا مفتي الديار المصرية في ذلك العهد، استقر الرأي أن يكتب لهما استفتاء صورته، بعد الديباجة: «ما قولكم رضى اللّه عنكم؟ هل يجوز تعلم المسلمين للعلوم الرياضية؟ مثل الهندسة والحساب والهيئة والطبيعيات وتركيب الأجزاء المعبر عنها بالكيمياء، وغيرها من سائر المعارف، لا سيما ما ينبني عليه منها من زيادة القوة في الأمة، بما تجاري به الأمم المعاصرين لها في كل ما يشمله الأمر بالاستعداد بل هل يجب بعض تلك العلوم على طائفة من الأمة؟ بمعنى أن يكون واجبا وجوبا كفائيا على نحو التفصيل الذي ذكره فيها الإمام حجة الإسلام الغزالي في إحياء العلوم، ونقله علماء الحنفية أيضا وأقروه، وإذا كان الحكم فيها كذلك، فهل يجوز قراءتها مثل ما تجوز قراءة العلوم الآلية من نحو وغيره الرائجة الآن بالجامع الأزهر وجامع الزيتونة والقرويين؟ أفيدوا الجواب، لا زلتم مقصدا لأولى الألباب.
فأجابه العلامة الشيخ محمد الأنبابي بالفتوى الآتية بعد الديباجة: يجوز تعلم العلوم الرياضية مثل الحساب والهندسة والجغرافيا، لأنه لا تعرض فيها شيء من الأمور الدينية، بل يجب منها ما تتوقف عليه مصلحة دينية أو دنيوية وجوبا كفائيا، كما يجب علم الطب لذلك «كما أفاده الغزالي في مواضع من الإحياء، وإن ما زاد على الواجب من تلك العلوم مما يحصل به زيادة التمكن في القدر الواجب فتعلمه فضيلة، ولا يدخل في علم الهيئة الباحث عن أشكال الأفلاك والكواكب وغيرها علم التنجيم المسمى بعلم أحكام النجوم وهو الباحث عن الاستدلال بالتشكلات الفلكية على الحوادث السفلية، فإنه حرام كما قال الغزالي، وعلل ذلك بما محصله أنه يخشى من ممارسته نسبة التأثير للكواكب، والتعرض للإخبار بالمغيبات، مع كون الناظر قد يخطىء لخفاء بعض الشروط، وأما الطبيعيات وهي الباحثة عن صفات الأجسام وخواصها وكيفية استحالتها وتغييرها -كما في الإحياء في الباب الثاني من كتاب العلم- فإن كان ذلك البحث على طريق أهل الشرع فلا مانع منها، كما أفاده العلامة شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي في جزء الفتاوي الجامع للمسائل المنتشرة بل لها حينئذ أهمية بحسب أهمية ثمرتها، كالوقوف على خواص المعدن والنبات المحصل للتمكن في علم الطب، وكمعرفة عمل الآلات النافعة في مصلحة العباد، وإن كان على طريقة الفلاسفة فالاشتغال بها حرام، لأنه يؤدي للوقوع في العقائد المخالفة للشرع، كما أفاده العلامة المذكور، نعم يظهر تجويزه لكامل القريحة الممارس للكتاب والسنة، للأمن عليه مما ذكرنا، قياسا على المنطق المختلط بالفلسفة، على ما هو المعتمد فيه من أقوال ثلاثة، ثانيها الجواز مطلقا، ونسبه الملوى في شرح السلم للجمهور، وثالثها المنع مطلقا، ونسبه صاحب السلم لابن الصلاح والنووي، قال الملوي: ووافقهما على ذلك كثيرا من العلماء.
ولما كان الإمام النووي ممن يقول في المنطق بالمنع مطلقا مشى على نظير ذلك في الطبيعة، فعد في كتاب السير من الروضة من العلوم المحرمة علوم الطبيعيات بدون أن يفصل، لكن حيث يعتمد التفصيل هناك فلنعتمده هنا، إذ لا فرق في ذلك، فإن مظنة الضرر والنفع موجودة في كل منهما، والظاهر أن موضوع كلام الروضة ما كان على طريقة الفلاسفة، إذ غيره لا محظور فيه اتفاقا كالمنطق الخالص، كما يشعر بذلك تعبيرها بعلوم الطبائعيين دون علوم الطبيعة.
وأما علم تركيب الأجزاء المعبر عنه بالكيمياء فإن كان المراد به البحث عن التركيب والتحليل بدون تعرض لما يخشى منه على العقيدة الإسلامية. فلا بأس به، بل له أهمية حسب ثمرته، وإلا جرت فيه الأقوال الثلاثة المتقدمة، وأما العلم المعروف بعلم جابر.
ويسمى أيضاً: علم الصنعة وعلم الكاف، وهو الذي ينصرف إليه علم الكيمياء عند غالب الناس، فقد أفاد العلامة ابن حجر في شرحه على المنهاج أنه إن قلنا بالمعتمد من جواز انقلاب الجسم عن حقيقته وكان العلم الموصل لذلك يقينا جاز تعلمه والعمل به، وإلا حرم، ولفقد هذا الشرط لم يتحصل المشتغلون به فيما رأينا إلا على ضياع الأموال، وتشتت البال، وتغيير الأحوال -فعلم أن العلوم الرياضية لا بأس من قراءتها كما تقرأ علوم الآلات.
وكذا الطبيعيات وعلم تركيب الأجزاء، حيث كانت تقرأ على طريقة لا يفهم منها منابذة الشرع بحال، كبقية العلوم العقلية مثل المنطق والكلام والجدل، بل يجب كفاية من هذه الثلاثة ما يحتاج إليه في الحجاج عن العقائد الدينية. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب التاسع: ألوان ثقافية في حياة الأزهر العلميّة الجمعة 06 يناير 2017, 6:31 am | |
| وكتب الشيخ محمد البنا مفتي الديار المصرية في ذلك العهد هذه الفتوى:
«ما أفاده حضرة شيخ الإسلام موافق لمذهبنا، وما استظهروه من أن الخلاف الجاري في علم المنطق يجري في علم الطبيعة أيضا وجيه، واللّه سبحانه وتعالى أعلم».
وكانت فتوى الشيخ الأنبابي في غرة ذي الحجة سنة 1305ه، وكانت فتوى الشيخ البنا في 17 من هذا الشهر1.
- 5 - كانت العلوم والكتب التي تدرس بالأزهر في القرن التاسع عشر وأول القرن العشرين كما جاء بيانها في رسالة مقدمة من شيخ الأزهر إلى الخديو في سنة 1310ه، هي كما اشتملت عليه هذه الرسالة 2: 1 - علم التوحيد، والكتب التي تدرس فيه هي أم البراهين الصغرى للشيخ محمد يوسف السنوسي بشرح المؤلف والهدهدي والباجوري، وأم البراهين الكبرى للسنوسي. __________ 1) 39 تاريخ الإصلاح في الأزهر. 2) ص 50 تاريخ الاصلاح في الأزهر. __________ وجوهرة التوحيد للشيخ إبراهيم اللقاني بشرح عبد السلام اللقاني، والعقائد النسفية بشرح السعد التفتازاني، والخريدة للشيخ أحمد الدردير، والمقاصد لسعد الدين التفتازاني، والمواقف للشيخ عبد الرحمن العضد بشرح الجرجاني، وطوالع الأنوار للبيضاوي بشرح الأصفهاني، ومتن السباعي بشرح الباجوري.
2 - التصوف، والكتب التي تدرس فيه هي الإبريز للشيخ عبد العزيز، والأنوار القدسية للشيخ عبد الوهاب الشعراني، وبستان العارفين للشيخ نصر السمرقندي، وتاج العروس لابن عطاء الله السكندري، والتجليات الإلهية للشيخ محي الدين بن عربي، وتحفة الإخوان للشيخ الدردير، وتفليس إبليس لعز الدين بن عبد السلام، وتنبيه الغافلين للشيخ نصر السمرقندي، والتنوير في إسقاط التدبير لابن عطاء الله السكندري، والإحياء للغزالي، وقوت القلوب لأبي طالب المكي، والمنن الكبرى للشيخ الشعراني.
3 - التفسير، والكتب التي تدرس فيه هي الكشاف للزمخشري.
وتفسير الجلالين بحاشية الشيخ الجمل، وتفسير الخطيب الشربيني، وتفسير عبد الله بن عمر البيضاوي، وتفسير أبي السعود، وتفسير الفخر الرازي، وتفسير الخازن، وتفسير النسفي، والاتقان للسيوطي.
4 - التجويد والقراءات، والكتب التي تدرس فيه هي تحفة الأطفال للشيخ سليمان الجنزوري، والجزرية للشيخ الجزري، والتمهيد له أيضا، وجهد المقل للشيخ علي زاده، وإرشاد الرحمن للشيخ عطية الأجهوري، والشاطبية للشاطبي، والوقف والابتداء للشيخ الأشموني.
5 - الحديث، والكتب التي تدرس فيه هي صحيح البخاري بشرح والعسقلاني والعيني وزكريا الأنصاري، ومختصر البخاري للشيخ ابن أبي حمزة، وصحيح مسلم بشرح النووي، والشفاء للقاضي عياض بشرح الخزرجي ومنلا على قاري، وموطأ الإمام مالك بشرح الزرقاني وابن عبد البر، والجامع الصغير للسيوطي بشرح العزيزي والمناوى والأبياري، والأذكار للنووي بشرح ابن علان، والتجريد للزبيدي، والشمائل المحمدية للترمذي بشرح الجمل، والترغيب والترهيب للمنذري، والأربعين للنووي، وصحيح الترمذي، وصحيح النسائي، وصحيح الأشعث وصحيح ابن ماجه، والمواهب اللدنية للقسطلاني، والسيرة الحلبية للحلبي.
6 - مصطلح الحديث، والكتب التي تدرس فيه هي ألفية الحافظ العراقي بشرح شيخ الإسلام العدوي.
وتقريب النووي بشرح الجلال السيوطي، والنخبة لابن حجر العسقلاني، والبيقونية للشيخ عمر البيقوني بشرح الزرقاني ومنظومة الصبان.
7 - فقه الحنفية، والكتب التي تدرس فيه هي نور الإيضاح بشرح الشرنبلالي، والكنز للنسفي بشرح الطائي وابن نجيم والزيلعي والعيني ومثلا، وتنوير الأبصار للتمرتاش بشرح الحصفكي، والبداية للمرغيناني، والهداية، والغاية، وفتح القدير، والأشباه والنظائر لابن نجيم، والخراج للإمام أبي يوسف، وملتقى الأبحر للحلبي بشرح الحصفكي، ومجمع البحرين لابن الساعاتي، ومتن القدوري للبغدادي، وجامع الفصولين، والسراجية للسجاوندي.
8 - فقه المالكية، والكتب التي تدرس فيه هي العشماوية للشيخ العشماوي بشرح ابن تركي، والعزية لأبي الحسن علي الشاذلي بشرح الزرقاني، ورسالة ابن أبي زيد القيرواني بشرح الحسن الصعيدي، وأقرب المسالك للدردير، ومختصر خليل بشرح الدردير والخرسي والزرقاني والحطاب والشبراخيتي، والمجموع للشيخ الأمير، والعاصمية، والتبصرة لابن فرحون، والقلصاوي للقرسي.
9 - فقه الشافعية، والكتب التي تدرس فيه هي التقريب لأبي شجاع بشرح ابن قاسم والخطيب الشربيني، والأشباه والنظائر للسيوطي، والتحرير للشيخ زكريا الأنصاري، ومنهج الطلاب له أيضا، والروض لابن المقري، ومنهاج الطالبين للنووي، والعباب لابن المدحجي، ونهج الطلاب للجوهري، والبهجة لابن الوردي، والوجيز للغزالي، والروض للنووي، والإرشاد لابن المقري، وكشف النقاب للونائي، وفتاوى ابن حجر، وفتاوى الرملي، والرحبية، والترتيب للمارديني، وكشف الغوامض للسبط، وألفية ابن الهائم.
10 - فقيه الحنبلية، والكتب الذي تدرس فيه هي الدليل للشيخ مرعي، وزاد المستقنع للبهوتي، والمنتهي للفتوحي، والإقناع للحجاوي، والمقنع لابن قدامة، ومختصر المقنع للحجاوي، والإنصاف للمرداوي، ومختصر الشطي.
11 - أصول الفقه، والكتب التي تدرس فيه هي جمع الجوامع للسبكي بشرح المحلي، ومختصر ابن الحاجب بشرح العضد. ومنار الأنوار للنسفي بشرح بن مالك والحصفكي وابن نجيم، والتنقيح لصدر الشريعة، وتنقيح الفصول للقرافي، والورقات لإمام الحرمين بشرح المحلي وابن القاسم، والورقات للحطاب، والتحرير للكمال ابن الهمام، وفصول البدائع، والمرآة.
12 - اللغة، والكتب التي تدرس فيها هي القاموس للفيروزبادي بشرح السيد مرتضى، والصحاح للجوهري، ومختار الصحاح للرازي، والمصباح المنير للفيومي، وفقه اللغة للثعالي، والأساس للزمخشري، والمزهر للسيوطي، ولسان العرب للأنصاري.
13 - النحو، والكتب التي تدرس فيه هي الأجرومية للصنهاجي بشرح الكفراوي.
والشيخ خالد، والأزهرية وشرحها للشيخ خالد، وقطر الندى لابن هشام، وشذور الذهب له أيضاً، وألفية ابن مالك بشرح ابن عقيل والأشموني، ومغنى اللبيب لابن هشام، والكافية لابن الحاجب، والتسهيل لابن مالك.
14 - الصرف، والكتب التي تدرس فيه هي المراح لأحمد بن علي بن مسعود، الشافية لابن الحاجب بشرح شيخ الإسلام والرضى، والتصريف للغزي بشرح السعد التفتازاني، والترصيف للأخضري، ونظم العقود للطحاوي بشرح الشيخ عليش، ولامية الأفعال لابن مالك، ورسالة الجوهري في الإشتقاق.
15 - علوم البلاغة، والكتب التي تدرس فيها هي التلخيص للخطيب القزويني بشرح السعد، والمفتاح للسكاكي بشرح السعد والسيد، والجوهر المكنون للأخضري بشرح الدمنهوري، وعقود الجمان وشرحه للسيوطي، ومنظومة ابن الشحنة، والرسالة البيانية للصبان، والسمرقندية.
16 - العروض والقوافي، والكتب التي تدرس فيه هي الكافي للقنائي، والخزرجية ومنظومة الصبان.
17 - الوضع والكتب التي تدرس فيه هي: الرسالة العضدية بشرح السمرقندي، وعنقود الزواهر.
18 - المنطق والكتب التي تدرس فيه هي السلم للأخضري بشرح المؤلف والقويسني والملوي والباجوري، وإيساغوجي للأبهري بشرح الشيخ زكريا الأنصاري، والتهذيب للسعد التفتازاني بشرح الخبيصي، والشمسية للكاتبي بشرح القطب الرازي والمختصر للسنوسي، والمطالع للأرموي بشرح الرازي.
19 - أدب البحث والمناظرة، والكتب التي تدرس فيه هي آداب الكلنبوي بشرح حسن باشازاده، وآداب السمرقندي بشرح الشيرواني وشيخ الإسلام، وآداب الساجقلي للمرعشي، وآداب الجرجاني.
20 - التاريخ والكتب الذي تدرس فيه هي تاريخ الخميس للقاضي حسين الديار بكري، وإسعاف الراغبين للصبان، ومقدمة ابن خلدون، وتاريخه العبر وديوان المبتدأ والخبر، والكامل لابن الأثير، والخطط للمقريزي، ونفح الطيب للمقري، وتحفة الناظرين للشرقاوي، والعقد الفريد لابن عبد ربه، والطبقات الصغرى لابن السبكي، وطبقات الشعراني، ولواقح الأنوار له أيضا، وخلاصة الأثر للحلبي، وأخبار الأول للإسحاقي.
21 - الحساب والجبر، والكتب التي تدرس فيهما هي الوسيلة لابن الهائم، والتحفة السنية للسبط، والسخاوية للسخاوي، والياسمينية لابن الهائم، ومنظومة في الحساب للأخضري، ونزهة النظار لابن الهائم، والدرة البيضاء للأخضري، والخلاصة للعاملي، والتخليص للدمياطي، واللمعة لابن الهائم.
22 - الميقات والهيئة، والكتب التي تدرس فيهما هي دقائق الحقائق للسبط، وخلاصة المختصرات لابن عائشة، ورسالة في العمل بالربع للجبرتي، والمقدمة لمحمد المجدي، وتحفة الإخوان لابن قاسم، والوضع على الجهات للمالكي الأندلسي، وهداية الحائر للسبط، ورسالة الوقت والقبلة للقليوبي، ورسالة في معرفة التواريخ لابن مهدي، ودستور علم الميقات لرضوان أفندي، وزاد المسافرين لأحمد بن المجدي، وتسهيل الدقائق لخليل الفرازي، ورسالة المنحرفات له أيضاً، والتذكرة للطوسي، والمطلع السعيد لحسين زائد.
23 - الحكمة، والكتب التي تدرس فيها هي الإشارات لابن سينا، والهداية لأثير الدين الأبهري، وحكمة العين للكاتبي، ومقولات السجاعي، ومقولات البليدي، ومقولات المرصفي، وغالية النشر لعبد الجواد القباني.
24 - الرسم والكتب التي تدرس فيه هي منظومة في الرسم العثماني رسم مصحف عثمان -ومنظومة في الرسم القياسي. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب التاسع: ألوان ثقافية في حياة الأزهر العلميّة الجمعة 06 يناير 2017, 6:35 am | |
| من صحائف الذكرى =========== في سنة 1280 ه1 - 1863م، أراد السلطان عبد العزيز أن يزور الديار المصرية، وكان هذا في عهد إسماعيل باشا خديوي مصر، فلما وصل إلى القاهرة اختار إسماعيل باشا أربعة من علماء الأزهر، ليذهبوا إلى تهنئة نيابة عن إخوانهم، وهم السيد مصطفى العروسي شيخ الجامع الأزهر، والشيخ السقا، والشيخ عليش، والشيخ حسن العدوي، وكان لمقابلة سلاطين آل عثمان آداب لا يعرفها علماء الأزهر فطلب إسماعيل باشا من قاضي قضاة مصر -وكان يختار من علماء دولة آل عثمان- أن يعلمهم آداب المثول بين يدي السلطان، فذكر لهم أن المقابلة ستكون في حجرة يقف السلطان في صدرها على منصة مرتفعة، وأنه يجب إذا ما وصلوا إلى باب الحجرة ووقعت أعينهم على السلطان أن ينحنوا انحناء عظيما، ثم يلقوا عليه السلام، ثم يكرروا الانحناء والتسليم إلى أن يرد السلطان عليهم تحيتهم، فينحنوا ويسلموا مرة أخرى، ويرجعوا متقهقرين إلى الوراء إلى أن يصلوا إلى باب الحجرة، فينحنوا مرة أخرى، ثم ينصرفوا إلى خارج الحجرة.
وقد وقعت هذه الآداب من العلماء الأربعة موقع الاستغراب، فقال لهم قاضي القضاة: إن هذا لا بد منه، فقالوا قد فهمنا.
ثم ذهبوا إلى مقابلة السلطان، فدخل الشيخ العروسي أولا، وأدى المقابلة بالشكل الذي ذكره قاضي القضاة، ثم أداها مثله الشيخ السقا والشيخ عليش، وكان الخديوي إسماعيل واقفا وراء السلطان وعينه ترقب حركاتهم، فسر لإتقانهم آداب المقابلة، وظهورهم بهذا المظهر الذي كان موقع استغراب منهم. __________ 1) ص 155 تاريخ الاصلاح في الأزهر. __________ ثم دخل بعدهم الشيخ العدوي وكان عالما شجاعا لا يخشى إلا اللّه، ولا يقيم وزنا لعظمة سواه، فانحنى انحناءة خفيفة عند الباب، ثم أقبل نحو السلطان منتصب القامة، ولم يكرر الانحناء أمامه، فخفق قلب إسماعيل باشا لما فعل، ولا سيما حين رآه يجاوز الحاجز ويصل إلى السلطان.
ثم يقول له: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اللّه. فيبتسم السلطان له ويرد عليه تحيته، وينحني له انحناء خفيفا، فيكلمه الشيخ العدوي فيما يجب على السلطان لرعيته، ويبين له عظم المسئولية الملقاة على عاتقه، وأن ثوابه عند اللّه سيكون بقدر تلك المسؤولية وحسن قيامه بها، وأن عقابه عنده سيكون بقدر تقصيره فيها.
فلما رأى ذلك إسماعيل باشا إصفر لونه، وأخذ يتوقع غضب السلطان عليه لهذه المقابلة، ولكن وجد السلطان لم يبد عليه أي أثر للغضب، بل وجده مرتاحا للكلام الذي سمعه.
وقد خرج الشيخ العدوي بعد أن انتهى من موعظته، ولم يخرج بظهره كما خرج غيره، بل ولى وجهه نحو الباب وخرج، فوجد العلماء الثلاثة ينتظرونه أمام الباب فأخبرهم بما فعل مع السلطان، فأخذوا يلومونه على ما فعل، ويخوفونه عاقبة هذا الأمر: فقال لهم: أما أنا فقد قابلت أمير المؤمنين، وأما أنتم فكأنكم قابلتم صنما، وكأنكم عبدتم وثنا، ولما انصرف الشيخ العدوي سأل السلطان عبد العزيز إسماعيل باشا عنه، فقال له: هذا شيخ من أفاضل العلماء، ولكنه مجذوب، وأستميح جلالتكم عفوا عن سقطته، فقال له السلطان: كلا، بل إني لم أنشرح لمقابلة أحد انشراحي لمقابلته، ثم أمر له بخلعة سنية، وألف جنيه.
شعلة لا تنطفىء: ========= لما استولى صلاح الدين على مصر، وأبطل منها مذهب الشيعة الفاطمية أبطل الخطبة في الجامع الأزهر، وأقرها بالجامع الحاكمي لسعته وبقي الأزهر معطلاً من إقامة الجمعة فيه زمن الدولة الأيوبية، وبعضاً من عصر المماليك البحرية -أي نحو مائة سنة- وأهمل أمره مدة تعطيل الجمعة فيه، وأنشئت مدارس أخرى لتدريس فقه الشافعية والتفسير والحديث وغيرها.
ولما ولي ملك مصر الظاهر بيبرس البندقداري كان من أمراء دولته الأمير عز الدين أيدمر الحلي، وكانت داره بالقرب من الأزهر، فرعى فيه حرمة الجوار، واستعان بماله وجاهه عند السلطان في عمارته، فجمع بعض ما بددته أيدي الفاطميين من أوقافه، وأمده السلطان بالمساعدة، فعمر الواهي من أركانه، ورفع سقوفه، وبلطه، وفرشه، وأثر فيه آثارا حسنة، حتى عاد حرما آمنا في وسط المدينة.
وأنشأ بيلبك الخازندار مقصورة كبيرة رتب فيها جماعة من الفقهاء، ومحدثا يتلو الحديث النبوي ويلقي المواعظ ومقرئين للقرآن، ووقف على ذلك الغلات الدارة.
ولما كانت الدراسة معطلة في الأزهر من بدء الدولة الأيوبية فقد أريد إعادة الخطبة فيه، فامتنع قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز من إقامة خطبتين للجمعة، فيه وفي الجامع الحاكمي، وفقا لمذهبه، وهو مذهب الإمام الشافعي.
فولي السلطان قاضيا حنفيا فأذن في إعادتها، وأخذ بذلك خطوط العلماء.
وأعيدت إقامة الجمعة فيه باحتفال عظيم حضره أكابر الدولة، وعاد مسجدا جامعا، ومدرسة عظيمة.
وكان هذا الإذن أساسا اعتمد عليه سلاطين المماليك وكبراؤهم في صحة بناء مساجد جامعة كثيرة في القاهرة وغيرها.
وعظمت عناية المماليك بالأزهر فجددوه مرارا، ورفعوا حواليه المنارات السامية، وأضافوا إليه بضع عشرة مدرسة، حبست عليها الحبوس الجليلة، وفتحوا أبوابه للعلم، وأجروا على قاصديه الجرايات من الطعام والحلوى، فقصده الطلاب والعباد من أقاصي البلاد.
وبلغ عدد طالبي العلم به سنة 818ه نحو سبعمائة وخمسين طالبا من مصريين ومغاربة وأعاجم، وهم عدد عظيم بالإضافة إلى ما كان ينافسه في الشهرة وينازعه هذه المكرمة، نحو مائة مدرسة وجامع أنشأها سلاطين المماليك وأمراؤهم، ووقفوا عليها أضعاف ما وقف على الأزهر.
وكانت الدراسة فيه مقصورة أول الأمر على علوم اللغة والدين، ثم أدخلت فيه بعض علوم الرياضة والنجوم والطبيعة، ولكنها لم تعش طويلا، وعادت الدراسة فيه سيرتها الأولى.
وظل كذلك تتوالى عليه أحوال عسر ويسر، إلى أن نهض المصلحون لأخذ طلابه بقسط من علوم الحياة: كالتاريخ، وتقويم البلدان، والعلوم الرياضية، فلقوا شيئا من المعارضة.
على أن الأزهريين لم يلبثوا أن اطمأنوا إلى هذه العلوم، وأقبلوا جاهدين على دراستها طالبين المزيد منها، والإصلاح في جميع أنواع التعليم بمعهدهم الجليل فعولج الإصلاح بعدة مشروعات، وتم لهم ما أرادوا وسن للأزهر قانون جعل التعليم فيه على ثلاث مراحل: هي مراحل التعليم الابتدائي ثم الثانوي، ثم العالي، وأنشىء للمرحلة الأخيرة ثلاث كليات، بكل منها أقسام للتخصص.
واقتضى النظام الجديد أن يختص كل مدرس بنوع من العلم لطائفة من الطلاب محدودة العدد من طبقة واحدة، فضاق نطاق الأزهر عن فرق الدراسة، فوزعت على كثير من الأمكنة.
وألحق بالأزهر في نظامه وإدارته العليا كثير من المعاهد العلمية، كمعهد الأسكندرية، والجامع الأحمدي، والجامع الدسوقي، ومعهد دمياط، ومعهد أسيوط، ومعهد شبين الكوم، ومعهد الزقازيق.
وللأزهر الفضل الذي لا يجحد في حفظ علوم الدين واللغة في تلك الحقبة الطويلة، التي ابتليت فيها مصر بالفقر والجهل وسائر ألوان الفساد.
وكان ملاذ القاصدين من أبناء اللغة العربية، وغياث المتعطشين لورود مناهلها من سائر الممالك الإسلامية، ومصباحا ينبعث منه نور الهداية إلى جميع أنحاء العالم الإسلامي، وله عظيم الأثر في النهضة الحديثة، إذ كان الملجأ الذي لجأ إليه محمد علي في نهضته، فاختار من بين طلابه بعوثه الى البلاد الأوروبية للتوسع في العلوم والفنون، فعادوا وكانوا أئمة المصلحين.
واستعان بعلمائه في القيام بكثير من شئون مملكته، كتعليم اللغة والدين بالمدارس التي أنشأها، والإشراف على طبع الكتب وتصحيحها، وتحرير الوقائع المصرية، والمشاركة في وضع مصطلحات العلوم المترجمة.
ومن الأزهر استمدت مدرسة القضاء الشرعي ودار العلوم طلابها، وتخرج من المدرسة الأولى طائفة من رجال الشريعة، نهضوا بأعباء القضاء في المحاكم الشرعية، وأعمالها الكتابية، كما تخرج من الثانية كثير من مدرسي المدارس المصرية في العصر الحديث، وإلى الأزهر يرجع الفضل في توسيع نطاق التعليم.
فقد أمد مدارس المعلمين الأولية بما تحتاج إليه من التلاميذ، وساعد المدارس الحكومية والأهلية برجاله، وعمل طلابه على إزالة الأمية، ونشر الثقافة العامة في قرى القطر المختلفة لإنبثائهم بها، وإقامتهم فيها، وبه أصبحت مصر مركز الثقافة العربية، والمثابة الأخيرة لعلوم الدين واللغة.
علماء من الأزهر القديم والحديث: =================== - 1 - ليس في وسعي في هذا الكتاب إحصاء جميع العلماء الذين تخرجوا من الأزهر أو درسوا فيه أو تولوا مناصبه الدينية والعلمية الكبرى، فذلك شيء لا يمكن أن يحيط به باحث.
وقد ذكرت في فصول الكتاب أشهر الأعلام في الأزهر، خلال عصور التاريخ المختلفة، ونذكر الآن أسماء عديدة، بعضهم ممن سبق ذكرهم، ولكن هنا تحقيق دقيق لتاريخ ميلادهم ووفاتهم.
ومن الأعلام الأزهريين: 1 - الشيخ محمد بن عمر الخفاجي المصري المتوفى عام 1019ه، وهو والد الشهاب الخفاجي، وكان من جلة العلماء وله آثار علمية كبيرة 1. __________ 1) 411 ج 7 دائرة معارف البستاني، 116 الريحانة للشهاب الخفاجي، 58 ج 2 بنو خفاجة. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب التاسع: ألوان ثقافية في حياة الأزهر العلميّة الجمعة 06 يناير 2017, 6:40 am | |
| 2 - الشهاب الخفاجي المصري 1 (975 - 1069ه 1658م)
وكان من جملة العلماء والمؤلفين، وتولى رياسة القضاء في مصر، ورحل إلى الحرمين والشام والقسطنطينية، ومن مؤلفاته: الريحانة، وطراز المجالس، وشفاء الغليل وشرح درة الغواص، وحاشية على الشفاء، وحاشيته المشهورة على البيضاوي، وسواها، كما أن له كثيرا من الكتب المخطوطة 2.
والشهاب اسمه أحمد بن محمد شهاب الدين الخفاجي المصري، وقد ولد بسرياقوس وتلقى دروسه بالقاهرة ثم رحل مع أبيه إلى الحرمين، ثم الآستانة، وعين قاضيا على الروملي في سلانيك، وعينه السلطان مراد قاضيا للعسكر بمصر، ثم استقال وسافر إلى دمشق فحلب فالآستانة، وتوفي سنة 1069ه. وكان أديب عصره، عالما باللغة وعلومها، كاتبا شاعرا مؤلفا.
ومن شعره قوله: ========== إن وجدي بمصر وجد مقيم وحنيني كما ترون حنيني لم يزل في خيالي النيل حتى زاد عن فكرتي ففاضت عيوني
وقوله: فديتك يا من بالشجاعة يرتدي وليس لغير السمر في الحرب يغرس فإن عشق الناس المها وعيونها من الدل في روض المحاسن تنعس فدرعك قد ضمتك ضمة عاشق وصارت جميعا أعينا لك تحرس
وقوله مضمنا: يا صاح إن وافيت روضة نرجس إياك فيها المشي فهو محرم __________ 1) الريحانة (272 - 309) و331 - 343 ج 1 خلاصة الأثر، 420 - 407 سلافة العصر، وسوى ذلك من المرجع، كما ترجمت له شتى الكتب المؤلفة في تاريخ الأدب العربي. __________ حاكت عيون معذبي بذبولها (و لأجل عين ألف عين تكرم) وقال يتغزل ويتطرق إلى مدح محمد بن القاسم الحلبي: حتام يغزوني صدوده والصبر قد كثرت جنوده 1 لم أدر: فاتر جفنه والخصر، أسقم أم عهوده 2 نشوان يعبث بي كما عبثت بآمالي وعوده 3 لو لا مياه الحسن جا لت فيه لاحترقت خدوده كالصب لو لا دمعه يهمي لأحرقه وقوده 4 يخفي الهوى وعيونه بغرامه المضني شهوده فسقي رياض الحسن من دمعي حيا يهمي مديده 5 زمن يجيد اللهو قد نظمت على نسق عقوده 6 إذ دوح أنسى يانع بكئوسنا انفتحت وروده 7 والكأس نجم لاح في فلك المسرة لي سعوده يصفو فيحلو ذكر من قد زين الدنيا وجوده ذاك ابن قاسم الذي ما زال في تعب حسوده
3 - الشيخ محمد الأمير الكبير (1154 - 1232ه- 1741 - 1817م)، وقد تولى مشيخة السادة المالكية في الأزهر.
4 - الشيخ محمد بن عرفة الدسوقي صاحب حاشية البلاغة المشهورة على شرح التلخيص وتوفي سنة 1230ه. __________ 1) حتام أصلها (حتى ما) فخدمت ألف ما الاستفهامية لجرها بحتى. يغزوني: يسير إلى قتالي وانتهابي. والصدود: الإعراض. 2) جفن فاتر: غير حاد النظر. والخصر: وسط الانسان. والعهود: المواعيد. 3) النشوان: السكران. ويعبث بي: يلعب بي. 4) الصب: المشتاق الذي يكابد حرارة الشوق. يهمى: يسيل. وقوده: اتقاده واشتعاله. 5) الحيا: المطر. المديد: الممدود المتصل. 6) نسق: نظام واحد. 7) الدوح: الأشجار العظيمة. الورود: جمع ورد. __________ 5 - الشيخ عبد الله الشرقاوي (1150 - 2 شوال سنة 1227ه- 1737 - 1812م) وقد تولى مشيخة الأزهر الشريف.
6 - الشيخ مصطفى بن أحمد الصاوي من الأزهريين الذين اشتهر ذكرهم أيام غزو نابليون لمصر وكان من أدباء الأزهريين 1.
7 - الشيخ محمد الخالدي المعروف بابن الجوهري قرأ الدروس في الأزهر وطار صيته، وتوفي في 411 - 5 1215ه - 1801م.
8 - الشيخ حسن العطار (1180 - 2 ذي القعدة 1250ه -1766 - 1835م).
9 - الشيخ حسن قويدر (1204 - 1262ه - 1785 - 1846م).
10 - الشيخ شهاب الدين الشاعر المصري (1218 - 1274هـ - 1803 - 1857م) وقد درس في الأزهر.
11 - الشيخ إبراهيم البيجوري شيخ الإسلام (1198 - 1277ه - 1784 - 1860م)، وقد ولد بمديرية المنوفية وطلب العلم في الأزهر.
واشتهر بالنبوغ بين طلابه، وألف كتبا عديدة، وتولى التدريس في الأزهر، وطار صيته، وذاعت شهرته، وله كتب مشهورة في الفقه الشافعي.
12 - الشيخ رفاعة الطهطاوي وقد درس في الأزهر، وسافر في بعثة أرسلها محمد علي إلى فرنسا، وعاد منها وتولى كبريات المناصب في الدولة (1216 - 1290هـ - 1801 - 1873م).
13 - الشيخ محمد الأنبابي شيخ الأزهر (1240 - 1313هـ - 1824 - 1896م). __________ 1) 313 - 315 ج 3 الجبرتي. __________ 14 - الشيخ عليش أحد مشايخ السادة المالكية (1237 - 1219هـ - 1802 - 1882م).
15 - الشيخ حسين بن أحمد المرصفي المتوفى سنة 1307هـ - 1889م.
وهو العلامة اللغوي الأديب المحقق الشيخ حسين بن أحمد المرصفي، ولد بمصر ونشأ فيها، وبعد أن حفظ القرآن الكريم، وكان مكفوف البصر، جيء به إلى الأزهر، فأخذ العلم عن كبار شيوخه، حتى أدرك منه قدرا جليلا، وتصدر للتدريس فيه.
وكان شديد الشغف بعلوم العربية وآدابها، فجد في دراستها، وأطال النظر في وجوه بلاغاتها.
ولم يطمئن إلى ذلك الأدب الذي كان شائعا في عصره، بل كان من أوائل من تفطنوا في هذه البلاد إلى قدر الأدب القديم.
فأقبل على كتب اعلام البلاغة السابقين، ودواوين فحول الشعراء المتقدمين.
وجعل يقرأ ويحفظ ويتدبر، ما اتسع له الوقت للقراءة والحفظ والتدبير.
كما جعل يروض قلمه على البيان الصحيح المتين، حتى أصبح الأديب التام الأداة.
ودرس الأدب في دار العلوم للسابقين من طلابها.
وكان منهم حفني ناصف وأترابه.
وأخذ عنه كبار المتأدبين في عصره من أمثال البارودي، وعبد الله فكري، وصاحبوه ولازموه، وعرضوا عليه بيانهم في منظومهم ومنثورهم، فهذب ونقح، وهدى إلى الأجمل الأصلح.
وكتب في مجلة (روضة المدارس) فعلم الأدب علما، كما درب بالعمل والقدرة، على صحيح البيان.
وقد ألف في البلاغة كتابا جليلا دعاه (الوسيلة الأدبية).
فشاع الانتفاع به، ولا يزال هذا الكتاب مرجع المتأدبين إلى اليوم.
وله كذلك رسالة دعاها (الكلم الثمان)، تحدث فيها عن معاني: الأمة، والوطن، والحكومة، والعدل، والنظام، والسياسة، والحرية، والتربية.
وعلى كل حال، فالشيخ حسين المرصفي، رحمه اللّه، يعد من أقوى الدعائم التي قامت عليها النهضة الحديثة في اللغة والأدب.
16 - الشيخ عبد الهادي نجا الأبياري الأديب الأزهري المؤلف النابه (1236 - 1306ه- 1821 - 1888م). |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب التاسع: ألوان ثقافية في حياة الأزهر العلميّة الجمعة 06 يناير 2017, 6:44 am | |
| - 2 - ويذكر أحمد أمين هذه الأغنية الشعبية المصرية، وهي بعد حذف ديباجتها: «حصاني في الخزانة، والخزانة «عاوزة» سلم، والسلم عند النجار، والنجار عاوز مسمار، والمسمار عند الحداد، والحداد عاوز بيضة، والبيضة في بطن الفرخة، والفرخة عاوزة قمحة، والقمحة عند القماح، والقماح عاوز فلوس، والفلوس عند الصريف، والصريف عاوز عصافير، والعصافير في الجنة، والجنة عاوزة حنا» الخ...
ويقول عنها:
إنها أغنية لطيفة حقا، لا يزال أطفالنا إلى الآن يتغنون بها بتوقيعهم الظريف، وصوتهم الشجي، وهم إذ ينشدونها لم يدروا أنهم يتغنون بفلسفة عالية، وفكرة سامية، قد يلاحظ عليها أن الربط في بعضها محكم كحاجة السلم إلى النجار والنجار إلى المسمار، وبعضها غير محكم كحاجة الحداد إلى البيضة، وحاجة الصريف إلى العصافير، ولكن أظن أن تحكيم المنطق الدقيق الحاد في الأدب كالشعر والأغاني وسائر الفنون مجاوزة للحد، فالأغنية لطيفة رغم المنطق، ومن أسباب جمالها هذا النوع البديع الذي يصح أن أسميه «جمال الدوران» أو جمال التسلسل، مثل قولهم «لا سلطان إلا برجال، ولا رجال إلا بمال، ولا مال إلا بعمارة، ولا عمارة إلا بعدل».
وقولهم: الحجر يكسر الزجاج، والحديد يكسر الحجر، والنار تذيب الحديد، والماء يطفيء النار، والريح تلعب بالماء، والإنسان يتقي الريح، والخوف يغلب الإنسان، والخمر تزيل الخوف، والنوم يغلب الخمر، والموت يغلب النوم».
ومثل قولهم: «العالم يعرف الجاهل لأنه كان جاهلا.. والجاهل لا يعرف العالم لأنه لم يكن عالما» الخ..
وبعد فما تاريخ هذه الأغنية ومن واضعها؟ لابد أن يكون فيلسوفا أو حكيما بعيد النظر.
ومما يؤسف له أن هذه الأغاني والأزجال والمواويل لم يعن بها عناية الأدب الأرستقراطي.
فبينا يعني العلماء والأدباء بنسبة بيت الشعر إلى قائله، والقصيدة إلى منشئها، ويحتدم بينهم القتال على ذلك، إذ بنا لا نجد هذه العناية ولا بعضها في الأغاني والأزجال الشعبية، وهذا نوع مما أصاب الأدب الشعبي من الظلم، وكم أصابه من أنواع!
وها هي ذي الأغاني التي تخترع في عصرنا نجدها على الأفواه ونستعذبها، وتهش لها نفوسنا، ولا نكلف أنفسنا مؤنة البحث عن منشئها ولكن من حسن حظ هذه الأغنية أو من حسن حظنا نحن، أننا نجد ظلا لتاريخها فقد ذكرها الجبرتي في تاريخه في حوادث سنة 1143 هجرية.
فيكون عمرها أكثر من قرنين وربع وظلت الأجيال تتعاقبها إلى يومنا. ويظهر من كلام الجبرتي أن واضعها عالم كبير جليل من أكابر علماء الأزهر في القرن الثاني عشر.
هو الشيخ الحفناوي أو الحفني، كان سيد الأزهر في أيامه، له حلقات الدروس الحافلة بنوابغ الطلبة، يقرأ فيها أغوص الكتب وأصعبها، كجمع الجوامع والأشموني وحاشية السعد، وله التآليف الكثيرة في البلاغة والميراث والجبر والمقابلة.
كما كان بيته ساحة كرم يغشاه أعيان مصر وعلماؤها وأدباؤها، ويلجأ إليه الفقراء وذوو الحاجات وكان راتب بيته من الخبز كل يوم نحو الأردب، وطاحون بيته دائر ليل نهار، ويجتمع على مائدته الأربعون والخمسون والستون، إلى هيبة ووقار، حتى يهاب العلماء سؤاله لجلاله.
وهو مع هذا كله ظريف أديب، سمع تلميذا له يوما يقول: قالوا تحب المدمس؟ قلت بالزيت حار والعيش الأبيض تحبه؟ قلت والكشكار
فضحك الشيخ وقال: أنا لا أحبه بالزيت الحار. وإنما أحبه بالسمن ثم قال: قالوا تحب المدمس؟ قلت بالمسلى والبيض مشوي تحبه؟ قلت والمقلي، وله المواويل الظريفة كقوله: بحياة يا ليل قوامك وصوم الحر تحجز لنا الفجر دا فوت الرفاقه حر لما يجي الفجر يصبح ركبهم منجر أزداد لوعة ولا عمري بقيت أنسر
إلى غير ذلك، فيحدث تلميذه أن الشيخ الحفني قال له يوما «أحدتك حدوتة بالزيت ملتوتة، حلفت ما آكلها، حتى يجي التاجر، والتاجر فوق السطوح والسطوح عاوز سلم الخ» فحكاية التلميذ ولم يكن يسمعها من قبل وروايته لها عن شيخه، ترجع الظن أنها من عمل الشيخ الحنفي.
وقد زاد الشيخ على ذلك فشرح الأغنية على طريقة الصوفية ففسر التاجر بالمرشد الكامل والمربي الواصل، والتاجر فوق السطوح في مستوى عال، والسطوح لا يمكن صعوده إلا بمعراج الخ.
وقد كان للشيخ جانب آخر صوفي عظيم، فالأشموني وجمع الجوامع، والحواشي والتقارير كلها لم تمنع الشيخ العالم الأزهري الجليل من أن يكون أديبا وزجالا، يضع الأغاني والمواويل يتغنى بها الشعب.
وهذا يذكرني بما سمعت عن الأستاذ الشيخ عبد الرحمن قراعة المفتي الأسبق من أنه واضع الدور المشهور: اللّه يصون دولة حسنك».
أموال المسلمين الموقوفة على الأزهر ====================== رصد المسلمون على الأزهر أوقافا كثيرة طول العصور الإسلامية.
ولما جاء محمد علي اغتصب الكثير من هذه الأوقاف وأهداها لأسرته - وقد كان شيخ الأزهر يشرف على هذه الأوقاف ونظارتها، وفي العهود الأخيرة تولت وزارة الأوقاف المصرية النظارة على هذه الأوقاف، وقد أنشئت وزارة الأوقاف (وكانت تسمى ديوان الأوقاف) قبل إنشاء الأزهر بأكثر من مائتين وأربعين عاما، ويرجع تاريخ إنشائه إلى عام 118ه.
ويروي أن إنشاءه كان في عهد هشام بن عبد الملك فقد تولى قضاء مصر توبة بن نمر في زمن هشام بن عبد الملك، وكانت أوقاف المسلمين في أيدي أهلها وفي أيدي أوصيائهم، فقال توبة: ما أرى مرجع هذه الصدقات إلا إلى الفقراء والمساكين، فأرى أن أضع يدي عليها حفظا لها من الإلتواء والتوارث، وصنع ذلك عام 118ه، فكان ذلك أول إنشاء ديوان الأوقاف في مصر ولم يمت توبة حتى صارت الأحباس ديوانا عظيما.
وفي العهد الأخير وبعد حل الأوقاف الأهلية صودرت جميع أوقاف الأزهر وحول مصرفها إلى جهات خيرية، وأبعد عنها العلماء المدرسون بالأزهر، على خلاف نصوص الواقفين وشروطهم.
بعض آراء في الإصلاح: ============== الأزهر جامعة دينية كبرى، يؤمه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، وهو أمانة في يدي مصر ائتمنه عليه الشرق الإسلامي كله، ومصر مسئولة أمام اللّه والتاريخ عن هذه الجامعة العتيدة الخالدة، وعن النهوض بها وتمكينها من أداء رسالتها.
وأول خطوة للإصلاح في رأيي هي جعل جماعة كبار العلماء ممثلة تمام التمثيل لكبار رجال الدين، وفي مقدمتهم شيوخ الكليات والمعاهد الثانوية، وأساتذة الكليات حرف ا، ورئيس المحكمة العليا الشرعية ومفتي الديار المصرية وشيخ الطرق الصوفية وشيخ الأزهر ووكيله، وشيوخ الأزهر السابقين، وشيوخ المذاهب الأربعة.
وتكون مهمة الجماعة ما يلي: (1) الافتاء في المسائل الدينية والشرعية، بتكوين لجنة من بين الجماعة لهذا الغرض، يساعدها بعض الأساتذة المتخرجين من تخصص المادة والمدرسين في كلية الشريعة الإسلامية وتحل هذه اللجنة محل-لجنة الفتوى الحالية في الأزهر.
(ب) بحث نظام الإسلام الاجتماعي والاقتصادي بحثا كافيا.
ووضع أصول التشريعات اللازمة للحياة الحاضرة في مصر والعالم الإسلامي.
ونشر البحوث المتصلة بذلك.. على أن تقوم بذلك لجنة تختار لهذه المهمة من بين أعضاء الجماعة، ويختار لها أساتذة مساعدون من أساتذة الكليات (حرف ب وج).
(ج) بحث نظم التعليم في الأزهر، ووجوه الإصلاح فيه.. ويقوم بذلك لجنة تختار من أعضاء الجماعة، ولها أن تختار مساعدين لها من بين أعضاء هيئات التدريس في الأزهر، أو من كبار الموظفين الإداريين في الأزهر.
(د) الإشراف على الجماعات الدينية الإسلامية في مصر، إشراف توجيه وإصلاح، ويقوم بهذا الإشراف جماعة تختار من بين أعضاء الجماعة، يكون من بينها: شيخ الأزهر، والمفتي، ورئيس المحكمة العليا الشرعية.
ويقوم التعليم في الأزهر الآن على تخريج عالم لا على تخريج رجل دين. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب التاسع: ألوان ثقافية في حياة الأزهر العلميّة الجمعة 06 يناير 2017, 6:47 am | |
| وأرى أن يعالج هذا النقص علاجا سريعا بما يلي: 1 - تعميم دراسة أحاديث وآيات قرآنية مختارة في جميع مراحل الدراسة في الابتدائي والثانوي..
ودراسة مادة «قصص الأنبياء» ومادة «التصوف»، ومادة «الأخلاق الإسلامية» في جميع سني الدراسة الابتدائية والثانوية.
ودراسة أصول الإسلام وأهدافه ومناهجه في الإصلاح الديني والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي في كليات الأزهر.
2 - جعل حفظ القرآن ضروريا للنجاح في شهادات الأزهر، واحتساب عامين من مدة التعليم الابتدائي في الأزهر لحفظ القرآن الكريم.
3 - تنظيم طلاب البعوث الإسلامية، وإعدادها إعدادا يليق بمهمتها الجليلة.
4 - تنظيم محاضرات أسبوعية في كل معهد أو كلية أزهرية يلقيها الأساتذة.
5 - حسن أختيار الكتب الدراسية في الأزهر.
6 - جعل اختيار شيوخ الكليات الأزهرية عن طريق انتخاب هيئات التدريس في هذه الكليات.
7 - العناية بدراسة الآثار الإسلامية والتاريخ الإسلامي دراسة كاملة صحيحة.
8 - الإكثار من بعثات الأزهر التعليمية إلى أوروبا، ويختار أعضاؤها للسفر في بعثات منظمة إلى معاهد التعليم في أوروبا وفق الحاجة.
9 - فتح أقسام الدراسات العليا في كليات الأزهر التي أغلقت أبوابها منذ عام 1940م - إلى غير ذلك من شتى الإصلاحات التعليمية.
ومن بين الإصلاحات الواجبة: 1 - إصلاح مجلة الأزهر. 2 - مساواة أساتذة الكليات بأساتذة الجامعات المصرية، ومساواة أساتذة المعاهد بنظرائهم في وزارة المعارف. 3 - إنشاء اتحاد عام لطلاب الأزهر على غرار اتحاد طلبة الجامعة المصرية. 4 - التفكير جديا في الاحتفال بالذكرى الألفية للأزهر. 5 - قيام الأزهر بنشر أصول كتب الشريعة والحديث واللغة ورسائل المتخصصين من أبنائه ونشرها في العالم الإسلامي.
الأزهر والذكريات القومية: =============== يشارك الأزهر الأمة الفرح بالأعياد القومية، ومن أول هذه الأعياد عيد الجلاء، بمناسبة توقيع الاتفاقية المصرية الانجليزية عام 1954 الخاصة بجلاء الجيوش الانجليزية عن مصر.
وقد وقعت اتفاقية الجلاء بين مصر وانجلترا الساعة 10 مساء يوم الثلاثاء 19 أكتوبر 1954م - 21 صفر 1374ه في البهو الفرعوني بدأ مجلس النواب في القاهرة، وقد وقعها بالنيابة عن حكومة مصر الرئيس جمال عبد الناصر، واحتفلت البلاد احتفالات قومية بتوقيعها، ومن الطريف أن يوم 19 أكتوبر 1801م، وقعت فيه اتفاقية جلاء الجيوش الفرنسية عن مصر.
وقد دعا شيخ الأزهر إلى حفلة ابتهاج باتفاقية الجلاء، وذلك بقاعة المحاضرات بمبنى الكليات الأزهرية في الساعة السادسة يوم الاثنين 27 من صفر 1374ه - 25 أكتوبر 1954م، وقد تحدث فيها شيخ الأزهر، الشيخ عبد الرحمن تاج والشيخ عبد اللطيف السبكي مدير التفتيش بالأزهر، وألقى الأستاذ حسن جاد قصيدة بليغة من عيون الشعر.
قال شيخ الأزهر من كلمته: الآن.. وقد مكنتم بحمد اللّه لمصر أمرها، وثبتم لها عزتها، وأزحتم الأجنبي عن ديارها، وأعدتم إليها كامل استقلالها.
الآن.. وقد حللتم مشكلة مصر الخارجية فعليكم أن تعملوا على حل مشاكلها الداخلية، وأن تسيروا في خطة الإصلاح والإنشاء الذي بدأتم فيها، وقطعتم منها شوطا كبيرا.. بنفس العزم والقوة كي تنهض مصر إلى المستوى الجدير بها والجديرة به، أن تنصروا اللّه ينصركم ويثبت أقدامكم ولينصرن اللّه من ينصره، واللّه قوي عزيز.
وألقى الاستاذ الشيخ عبد اللطيف السبكي مدير التفتيش بالأزهر وعضو هيئة كبار العلماء كلمة حيا فيها قادة الثورة، وقارن بين حياة مصر وشعبها المجيد الذي حكمه أبناؤه بعد أجيال من الاضطهاد والعذاب، وبين ما كان عليه في العصور التي ابتلينا فيها بالغرباء الطغاة ثم قال: وتهيأ لمصر، الوطن الإسلامي الكبير، نخبة من أبناء جيشها، وتملكتهم العزة القومية، وجاشت في صدورهم الوطنية، وقوى فيهم الإحساس بما تقاسيه مصر، فأصبح كل منهم يسمع في أعماق نفسه هاتفا ينادي: أن أنقذ مصر من عثرتها، فاتحدت عزائمهم، واستمدوا من هدى الرسالة المحمدية ما أوضح لهم السبيل، ودفهم إلى الغاية النبيلة فصرخوها صرخة مدوية: لبيك لبيك يا مصر، وكان لهم من جانب اللّه تأييد وتوفيق فبارك اللّه لمصر يومها العظيم 23 يوليو، وأبقاهم لشعب مصر حراسا أمناء، ومصلحين أكفاء.
وهذه هي قصيدة الشاعر حسن جاد: ==================== سنا فجره المأمول لاحت بواكره وهزت ربوع المشرقين بشائره أطل على ليل الحيارى وأشرقت على ظلمات اليأس غرا منائره وخف إليه الدهر يرهف سمعه ويزحم ركب النور فيمن يسايره وطالعت النيل السعيد بصبحه متى طالما جاشت بهن خواطره تزف بها بشرى الجلاء وعيده فترقص في شطيه نشوى أزاهره وتعتنق الأرواح فوق ضفافه عرائس واد جن بالحسن سامره على لهوات الطير من صبواتها طرائف شدو أبدعتها حناجره هو النيل والبشرى استخفت وقاره ترنح عطفاه وجاشت هوادره وما فاض في شطأنه غير فرحة تضيق بها يوم الجلاء سرائره وما هو ماء ما يفيض وإنما عواطفه جياشة ومشاعره ثوى في قيود الذل سبعين حجة يكاتم غيظا أو تثور ثوائره وصابر الاستعباد مستأسد المنى يؤمل يوما أن تقال عواثره تداركه فجر الخلاص بيمنه فصحت أمانيه وقرت نواظره فمن رام الاستقلال فليشهد الحمى تغنت به أريافه وحواضره ومن ضاق بالأغلال فالقيد حطمت سلاسله والغل لانت مكاسره ومن ضل في ليل المظالم سعيه فقد هتكت أستاره وستائره ومن سره أن يشهد البعث ماثلا فهذي معانيه وتلك مظاهره ومن شاقه يوم الجلاء وعيده فهذي مجاليه وتلك مناظره كفى يومه أن الزمان بأسره أوائله يحسدنه وأواخره رعى اللّه للوادي جمالا وصحبه أسوأ جرح وادي النيل فالتأم ناغره لقد صيروا حلم الجلاء حقيقة وكان سرابا يخدع العين ظاهره وكان لتجار السياسة مغنما على سوقه السوداء قامت متاجره وكم من ندى كان قصة لهوه يرددها مخموره ومقامره فساد وظلم وانحلال ونكسة أصيب بها الوادي فضلت مصائره وما كحمى الأخلاق حصن لأمة إذا نكبت فيه فما ذا تحاذره؟ وقد ينهض الشعب الجريح بروحه وليس يقوم الشعب ماتت ضمائره تدارك رحمن السماء مصيره وطاحت بعرش الظالمين مقادره مضوا يتساقون الندامة علقما وباءوا بشؤم طار بالنجس طائره وأضحى كناس النيل غابا ممنعا تهاب بوازيه وتخشى قساوره صناديد راع الظلم بأس زئيرهم فزلزل مغناه ودكت مقاصره هي الثورة البيضاء ما شابها دم ولا فارقت غمد الكمي بواتره فقد بعثوا من رقدة الموت واديا أعدت له أكفانه ومقابره فحل هراء المرجفين فما ثنى أخا العزم يوما جاحد الفضل ناكره وقل للذي تعيشه أضواء نهضة مضى ليلك الداجي وولت دياجره يحث الخطا للمجد موكب نورها ويدفعه قلب الحمى ويؤازره سيبنى فلا يثنيه هدم معوق ويمضي فلا يلوى على من يكابره ومن يجعل الإخلاص رائد عزمه إلى رفعة الأوطان فاللّه ناصره بنى الشرق هذا الغرب ضل ضلاله وأعمته أطماع تظل تساوره ودان بشرع الغاب بغيا وشرة فضلت عن الحق القويم بصائره يعد أساليب الفناء بعلمه هل العلم أن يفنى من الكون عامره؟ لقد عزه في الشرق قوة روحه فراح بأنواع السلاح يفاخره إذا العرب الأمجاد فيه توحدت صفوفهمو عادت أمانا مخاطره وهذا زمان ليس فيه لأعزل مكان ولا يصغي لشكواه قاهره فما ينفع المظلوم منطق حقه ومنطق سفاك الحقوق بواتره إذا الذئب لم يسمع لغير ضراعة من الحمل الواني فما هو عاذره هو الحق لا يعطي لذلة طالب ولكن إذا ضجت غضابا كواسره به مشعل النور استفاض على الحمى سناه وجاب المشرقين مسافره وفي ساحة شب الجهاد تحوطه شريعة حق ما تزال تؤازره تماثل للبعث الجديد وقد صحت أمانيه واهتزت رجاء منابره ألح عليه السقم من طول يأسه وشقت من الحرمان مطلا مرائره وأوهن عهد الظلم بأس شيوخه وكان أعز المالكين يحاذره وصار يلقي الأمر من كل تابع وكانت على الحكام تلقى أوامره أتنساه مصر وهي تفخر باسمه ويذكره بالقول لا الفعل ذاكره وتمنع دون الجامعات حقوقه وتعطي كما شاءت مناها نظائره إذا ما شكا قالوا عهدناه قانعا تقشفه في العيش تروى مآثره وإن ضاق بالحرمان قيل له اتئد وعلله بالزهد من لا يصابره أليس لنا حق الحياة كغيرنا وأين سبيل العدل إن جار جائره؟ مضى عهد تفريق الطوائف وانقضى وراح زمان الظلم، لا عاد غابره وأدركه عهد المساواة منصفا فهل يرتجى في ظله اليوم كادره؟ متى ينصفوه ينصفوا خير معهد موارده محمودة ومصادره وإن تنهضوه تنهضوا بحماكمو ويزهى على الماضي، ويعتز حاضره
وقال جمال عبد الناصر بعد انتهاء كلمات المتحدثين: إخواني رجال الأزهر: أحييكم... وأعبر لكم عن سعادتي في هذه الفرصة التي جمعتنا للاحتفال بجلاء قوات الاحتلال عن أرض الوطن في رحبات الأزهر.
وفي هذه المناسبة العظيمة، لا يسعني إلا أن أذكر لهذا الأزهر جهاده على مر السنين، فقد حمل الأزهر دائما الرسالة ولم يتخل مطلقا عن الأمانة، وكافح كفاحا مريرا في سبيل الحصول على أهداف الوطن.
وكفاح الأزهر أيام الحملة الفرنسية معروف، وكم قاسى رجاله، وعذبوا وقتلوا وشردوا، واقتحم المحتلون الأزهر فلم يتوان عن المطالبة بحقوق الوطن...
واستمر الأزهر يحمل الرسالة حتى سلمها إلى الجيش، وإلى عرابي الذي قام متسلحا بروح الأزهر المعنوية إلى جانب القوات المادية، يطالب بحقوق البلاد...
وعندما وطئت أقدام المستعمر أرض مصر، حاول بكل قواته أن يقضي على رسالة الأزهر، كما حاولوا القضاء على الجيش وقوته ورسالته، ورغم هذا، استمر الأزهر على مر السنين يكافح..
ففي ثورة 1919م، حمل الأزهر العلم، وقام بأداء الرسالة والأمانة مرة أخرى.
وعمل المستعمر على تفريق الشعب شيعاً وأحزاباً وتحطيم الجيش وفصله وفصل الأزهر عن الوطن.
واليوم وبعد أن قامت الثورة أقول لكم عليكم حمل الرسالة والأمانة مرة أخرى فإن أمامنا عملا شاقا طويلا، وهذا العمل يطالبكم بأن تجاهدوا من أجل الأهداف الكبرى التي كافح من أجلها السابقون، ورجال الأزهر على طول السنين. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب التاسع: ألوان ثقافية في حياة الأزهر العلميّة الجمعة 06 يناير 2017, 6:51 am | |
| الأزهر ومعارك التحرير الأولى: =================== في أوائل القرن الثالث عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي) افتتح رجال الأزهر أولى حركات التحرير في تاريخنا القومي، فاشترك كبار العلماء في إعداد الثورات ورسم خطط المقاومة الشعبية مضحين في سبيل الدفاع عن الوطن بأموالهم وأنفسهم فمنهم من صودرت أملاكه، ومنهم من عذب، ومنهم من استشهد، وقد كان لهذه التضحيات أكبر أثر في بعث روح المقاومة في الشعب الذي نهض ليواجه قوات الاحتلال في شجاعة نادرة المثال.
إعلان الجهاد: ======== اضطرب المماليك حين وصلهم نبأ احتلال نابليون للأسكندرية في صفر 1213ه (1798م)، وعقدوا اجتماعا للتشاور في الأمر ودعوا العلماء لحضوره -وكانوا قادة الرأي العام إذ ذاك- فحضر منهم السيد عمر مكرم نقيب الأشراف، والشيخ السادات، والشيخ الشرقاوي، والشيخ سليمان الفيومي، والشيخ الصاوي، والشيخ المهدي، والشيخ العربي، والشيخ محمد الجوهري. وجرت أثناء الاجتماع مناقشة حادة بين العلماء والأمراء حتى قام الشيخ السادات ووجه الكلام إلى الأمراء قائلا «إن كل هذا من سوء مقالكم وظلمكم، وآخر أمرنا معكم أنكم ملّكتمونا للأفرنج» ثم نظر إلى مراد بك قائلاً له: «و خصوصاً بأفعالك وتعديك أنت وأمراؤك على متاجرهم وأخذ بضائعهم».
وأخيرا اتفق المجتمعون على إخطار الدولة العثمانية بالأمر وتجهيز العساكر للحرب.
من هذا الاجتماع نستطيع أن ندرك لأول وهلة موقف الأزهر بالنسبة للفرنسيين، فهو موقف المقاومة المسلحة؛ كما أن العلماء بصفتهم وكلاء عن الشعب وضعوا قاعدة دستورية هامة، وهي محاسبة الحكام على تفريطهم في حقوق الشعب 1. __________ 1) مجلة الأزهر - من مقال لاحمد عز الدين خلف اللّه. __________ ولما وصل نابليون إلى إمبابة أعلن السيد عمر مكرم والعلماء الجهاد واستنفروا الشعب ودعوا إلى التطوع العام، وسار السيد عمر مكرم في مقدمة المتطوعين للقتال، وقام بعرض شعبي في شوارع القاهرة استجاب له جميع الأهالي، ولكن إذا كان العلماء قد نجحوا في تعبئة الشعب إلا أن تخاذل المماليك أسرع بالبلاد نحو الخاتمة المنتظرة.
بين الأزهر ونابليون: ============ استفز الفرنسيون المصريين بفرض الضرائب الثقيلة والقتل ومصادرة الأملاك والاعتداءات المتوالية، مما عجل بقيام ثورة القاهرة الأولى في (جمادى الأول سنة 1213هـ، أكتوبر سنة 1798م).
فقام العلماء وعلى رأسهم الشيخ السادات يدعون إلى الجهاد ضد الفرنسيين، وانتخبوا مجلسا للثورة كي ينظم حركات المقاومة ويمونها بالأسلحة والذخائر.
وفي ذلك يقول نابليون في مذكراته: «إن الشعب قد انتخب ديوانا للثورة، ونظم المتطوعين للقتال، واستخرج الأسلحة المخبوءة، وأن الشيخ السادات انتخب رئيسا لهذا الديوان»، وذكر في تقريره إلى حكومة الدير كتوار أن لجنة الثورة كانت تنعقد في الأزهر.
انتشر رجال الأزهر في القاهرة يبثون الثورة في النفوس ويدعون الشعب إلى الجهاد ويعاهدونه على المقاومة، بينما كان مجلس الثورة يوزع الأسلحة على أحياء العاصمة، حتى اقترب الوعد فعقد المجلس اجتماعا ليلة الأحد (10 جمادى الأولى 1213هـ - 21 أكتوبر سنة 1798م) لرسم خطة العمل في صبيحة ذلك اليوم.
يقول الكولونيل ديتروا في يومياته وصفا للثورة كما شهدها: في الساعة السادسة صباحا من يوم 21 أكتوبر احتشدت الجموع في كثير من أحياء القاهرة وكان المؤذنون يدعون إلى الجهاد على المآذن، وكان المعسكر العام للثائرين الجامع الكبير المسمى بالأزهر ذلك المسجد الجميل الذي طارت شهرته في أنحاء المشرق وقد قام الثوار بإقامة المتاريس في الطرق والأزقة المفضية إليه حتى أصبح من المستحيل أن تقتحمه المدفعية أو الجنود المشاة.
وفي الساعة العاشرة صباحا اصطدم الثوار بكتيبة من الفرسان يقودها الجنرال ديبوي قومندان القاهرة وتغلب الأهالي على الكتيبة وقتل الجنرال ديبوي أثناء المعركة، وامتدت الثورة حتى اشتبكت الجماهير بدوريات الجنود في كل مكان.
كان نابليون في ذلك الوقت يطوف بسرعة ليتفقد الاستحكامات العسكرية في مصر القديمة والروضة ولما عاد إلى بولاق بلغه مصرع الجنرال ديبوي فأصدر أمرا بتعيين الجنرال بون خلفا له وكلفه بإجراء اللازم لإعادة النظام إلى المدينة.
هال الجنرال بون تفاقم الحالة في العاصمة فكتب إلى نابليون في الساعة العاشرة مساء من يوم الثورة يطلب اتخاذ إجراءات في غاية الشدة والصرامة مع حي العرب حيث يوجد الجامع الأكبر (الأزهر).
وفي صباح يوم 11 جمادى الأولى 1213هـ (22 أكتوبر 1798م) بلغت حماسة الثوار مبلغا عظيما حتى حاولوا ضرب الاستحكامات الفرنسية في القلعة من مسجد السلطان حسن، كما تمكنوا من قتل الكولونيل سلكوسكي في معركة عند باب النصر.
وفي هذا اليوم أرسل نابليون الجنرال (برتييه) رئيس أركان حربه في الساعة الثانية بعد الظهر ومعه أمر بضرب الأزهر بالمدافع سلمه للجنرال بون وقد أوصى نابليون بوضع المدافع في أصلح المواقع ليكون تدميرها شديدا.
كما أصدر أمرا إلى الجنرال (دومارتان) بالاستيلاء على جميع المنافذ المفضية الى الأزهر ومما جاء في هذا الأمر (وعليكم أن تقتحموه بجنودكم تحت حماية المدافع وأن تقتلوا كل من تلقونه في المسجد وأن تضعوا فيه حرسا قويا من الجنود).
وابتدأ الضرب من بعد الظهر حتى الساعة الثامنة مساء، وأخذت رسائل الوحشية المقنعة بالمدينة تنهال في صورة آلاف من القنابل على الأزهر حتى قال ريبو: أوشك الجامع أن يتداعى من شدة الضرب فيدفن تحت أنقاضه الجماهير الحاشدة فيه وأصبح الحي المجاور للأزهر صورة من الخراب والتدمير.
ولما وجد العلماء أن الاستمرار في المقاومة سيفضي إلى كارثة محققة، شرعوا في مفاوضة نابليون لإيقاف الضرب.
محاكمة العلماء الثائرين: ============== في 12 جمادى الأولى 1213ه (23 أكتوبر 1798م) أصدر الجنرال (برتييه) أمرا باسم نابليون إلى الجنرال (بون) قومندان القاهرة بهدم الأزهر ليلا إذا أمكن، ومن هذا نرى أن نابليون أراد أن يقضي على المقاومة الشعبية بهدم مركزها، ثم عدل عن هذه الفكرة خوفا من إثارة الحماس الديني.
وفي 24 أكتوبر توجه وفد من العلماء إلى نابليون يسأله العفو عن الأهالي ليسكن روعهم، فطالبهم نابليون بإرشاده عمن تسبب في الثورة من العلماء، فلم يرشدوه إلى أحد فقال لهم: «نحن نعرفهم واحدا واحدا».
قبض نابليون على ثمانين من أعضاء لجنة الثورة أعدموا سرا وألقيت جثثهم في النيل أما الذين حوكموا رسميا من المقبوض عليهم باعتبارهم زعماء الثورة فهم الشيخ إسماعيل البراوي والشيخ يوسف المصيلحي والشيخ عبد الوهاب الشبراوي والشيخ سليمان الجوسقي شيخ طائفة المكفوفين والشيخ أحمد الشرقاوي وكلهم من العلماء وقد حكم عليهم بالإعدام ونفذ الحكم في الساعة الثامنة صباحا من 23 جمادى الأولى 1213ه (نوفمبر 1798م).
وفي كتاب تحفة الناظرين للشيخ عبد الله الشرقاوي: أن الفرنسيين قتلوا في هذه الثورة ثلاثة عشر عالما.
بين الأزهر والجنرال كليبر: =============== لم تكد تدوي مدافع معركة عين شمس في 23 شوال 1214ه (20 مارس 1800م) حتى دوى في القاهرة نداء الحرية فلبت العاصمة النداء مستمدة قوتها من إيمان أهلها وحماستها من وطنيتهم واستبسالها من تضحيتهم وهب السيد عمر مكرم والسيد أحمد المحروقي والشيخ السادات والشيخ الجوهري وغيرهم من زعماء الثورة يحرضون الناس على القتال.
ولما رجع كليبر بعد انتصاره على الجيش العثماني في معركة عين شمس وجد العاصمة أشبه ببركان ثائر لا يهدأ فاشتبك مع الثوار في معارك طاحنة دامت أكثر من ثلاثين يوما دمرت خلالها بولاق تدميرا تاما.
وللمرة الثانية شرع العلماء في مفاوضة الفرنسيين على أساس العفو عن جميع سكان القاهرة فوافق كليبر على هذا الشرط ولكنه سرعان ما نقضه وفرض على الأهالي غرامة فادحة قدرها (إثنا عشر مليونا من الفرنكات) وألزم الأهالي بتسليمه عشرين ألف بندقية وعشرة آلاف سيف.
وكانت أشد الغرامات المفروضة غرامة الشيخ السادات وقدرها ثمانمائة ألف فرنك هذا فضلا عما تعرض له من التعذيب والإهانة إذ كان يجلد صباحا ومساء في معتقله، وكانت غرامة الشيخ الصاوي (000 , 260 من الفرنكات) والشيخ محمد الجوهري وأخيه فتوح الجوهري مثل ذلك.
مصرع الجنرال كليبر: ============ كان إسراف كليبر في الانتقام وإهانته للعترة النبوية ممثلة في شخص الشيخ محمد السادات من أهم الأسباب التي أدت إلى مصرعه في 20 المحرم 1215ه (14 يونيه 1800م) بيد سليمان الحلبي.
وسرعان ما اتجهت أنظار الفرنسيين نحو الأزهر فقاموا بتفتيشه وتفتيش أروقته وقبضوا على من ذكرهم سليمان الحلبي في التحقيق كما قبضوا على العلماء المعروفين بقيادة الثورات الوطنية.
ورأى كبار العلماء أن الفرنسيين سيتخذون من تفتيش الأزهر بين حين وآخر ذريعة للإيقاع بهم فتوجه الشيخ الشرقاوي والشيخ الصاوي والشيخ المهدي إلى الجنرال مينو واستأذنوه في إغلاق الأزهر فأغلق في 27 المحرم 1215ه (21 يونيه 1800م).
وكان هذا ما يريده الفرنسيون وقد استمر الأزهر مغلقا حتى تم جلاء الفرنسيين عن مصر.
يقول تيير: «لو بقي كليبر حيا لاستمرت مصر خاضعة للحكم الفرنسي حتى انهيار نابليون على الأقل، فقد ضاع أكبر قائد وأكفأ من يؤسس الاستعمار الفرنسي في الشرق».
وهنا لابد من أن نقول كلمة عن المنشورات التي كان يصدرها الفرنسيون على لسان أعضاء الديوان من العلماء: إذ كان الغرض من هذه المنشورات تضليل الشعب وبث التفرقة بينه وبين زعمائه، وأكبر دليل على براءة من اشترك من العلماء في الديوان أنهم كانوا من المعروفين لدى الفرنسيين بقيادة الثورات والتحريض عليها. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب التاسع: ألوان ثقافية في حياة الأزهر العلميّة الجمعة 06 يناير 2017, 6:54 am | |
| الأزهر يحرض على قتال الحملة الإنجليزية الأولى: ============================ في المحرم 1222ه (مارس 1807م) نزل الإنجليز الأسكندرية بقيادة الجنرال فريزر وما كادت تصل أنباؤهم إلى العاصمة حتى قام السيد عمر مكرم والشيخ الشرقاوي والشيخ الأمير يدعون الناس إلى الدفاع عن الوطن، وحث الخطباء في المساجد الناس على القتال، فأقبل هؤلاء يتطوعون في حماس نادر المثال وانضم إليهم طلبة الأزهر والعلماء وكان المتطوعون يذهبون يوميا لضرب الاستحكامات خارج القاهرة تحت إشراف السيد عمر مكرم وكبار الشيوخ، كما تطوع البعض الآخر للسفر ليشترك في فك حصار الإنجليز لرشيد.
وأمام هذا التضامن الشعبي الرائع وجد الإنجليز أنفسهم عاجزين عن متابعة احتلال البلاد فقرروا الجلاء عن القطر المصري في 10 رجب سنة 1222ه (14 سبتمبر 1807م).
هذا هو الدور الذي قام به الأزهر في معارك التحرير الأولى، وقد كان لهذه المعارك أكبر أثر في تكوين الوعي القومي الذي بدأ منذ ذلك الوقت يوجه تاريخنا الحديث.
إنتاج الأزهر العلمي في العصر الحديث ====================== في مكتبات كليات الأزهر الثلاث مجموعة كبيرة من الرسائل القيمة التي نوقشت في الأزهر، وقدمها أصحابها للحصول على العالمية من درجة أستاذ، ونال مقدموها هذه الدرجة العلمية الرفيعة، وشغل بعضهم مناصب التدريس في الكليات الأزهرية. وكذلك في مكتبات الكليات توجد طوائف كبيرة من رسائل حاملي شهادة التخصص القديم، الذين تولى أكثرهم المناصب الإدارية في الأزهر ومناصب التدريس في الكليات والمعاهد الثانوية الأزهرية.
وفي مكتب شيخ الأزهر يوجد رسائل علمية قدمت لنيل عضوية جماعة كبار العلماء في الأزهر الشريف، وهذه الرسائل على جانب كبير من الأهمية العلمية والدينية.
ولو عني الأزهر بنشر هذه الرسائل كلها، أو جلها لسدت فراغا كبيرا في الثقافة الإسلامية، ومثلت إنتاج الأزهر العلمي في العصر الحاضر في صورة مشرقة زاهية - وهذه الرسائل إلى جانب ما نشره أساتذة كليات الأزهر من دراسات وبحوث وكتب ثقافية وعلمية، تمثل الأزهر تمام التمثيل في فترة من أعجب الفترات التي مر بها في تاريخه الطويل.
والذين يشككون في أهمية الأزهر الثقافية والعلمية، عليهم أن يطلعوا على إنتاج شيوخه العلمي قبل أن يحكموا له أو عليه، وللأسف فإن جل إنتاج الأزهر العلمي لا يزال مخطوطا، وتحوى مكتبة الأزهر على الكثير من المؤلفات المخطوطات التي ألفها علماء الأزهر في العصور السابقة، وأغلب مؤلفات الأزهريين المتقدمين قد ضاع أو بدد، وما بقي منه يحتوى على كنوز ثمينة عظيمة القيمة العلمية.
وإذا كانت بعض مؤلفات علماء الأزهر في العصور القديمة قد كتبت بأسلوب عتيق، على الرغم مما فيها من ثورة علمية لا تقدر بقيمة، فإن الأمل معقود على أساتذة كليات الأزهر ومعاهده لكي ينهضوا لتحقيق هذه الكتب، وإخراجها في ثوب علمي جديد، حتى يتسنى للأمة وللعالم الإسلامي الانتفاع بما فيها من ثقافات واسعة ذات قيمة كبيرة، ولا بد أن تقوم مطبعة الأزهر الثمينة على نشر تراث الأزهر العلمي القديم والحديث بإشراف وتوجيه جماعة من أفذاذ علمائه. ومن بين رسائل الأستاذية المخطوطة رسالة نفيسة عنوانها: «أثر الأزهر في النهضة الأدبية الحديثة» للأستاذ محمد كامل الفقي المدرس في كلية اللغة العربية.
ورسائل في الأدب والبلاغة وأصول النحو ومذاهب النحويين لاساتذة يحملون شهادة العالمية من درجة أساتذة ويتولون التدريس في كلية اللغة العربية اليوم... ورسائل أخرى في الفلسفة الإسلامية وأصول الدين، وفي علوم الشريعة الإسلامية.
كلية اللغة العربية تنشىء صحافة أزهرية: ======================== أخرج الأديب موسى صالح شرف الطالب بكلية اللغة العربية مجلة باسم صوت لأزهر في 3 يناير سنة 1953م - الموافق 17 ربيع الأول سنة 1372هـ، ولا تزال هذه المجلة توالي الصدور. وكتب المؤلف كلمة في عددها الأول بعنوان «صوت الأزهر الخالد» وكانت المجلة تنشر مقالات وأحاديث للمؤلف أيضا، وقد خرج على أثرها مجلة أخرى في كلية اللغة باسم «النهار» وفي الأزهر قبل هذه المجلة «مجلة الأزهر» وهي مجلة رسمية تمثل الأزهر، وينشر على صفحاتها شيوخ الأزهر وأساتذته المقالات والأحاديث العلمية والدينية، ويرأس تحرير هذه المجلة كبار العلماء في الأزهر.
وهناك (مجلة نور الإسلام) وهي لسان حال وعاظ الأزهر الشريف وتؤدي رسالتها في محيط الوعظ والإرشاد.. وكونت في العام الماضي أسرة للصحافة بكلية اللغة العربية وأصدرت جريدة حائط، وفي هذا العام تخرج مجلة شهرية لأبناء كلية اللغة العربية، وكونت لجنة للإشراف على هذه المجلة من حضرات الأساتذة أصحاب الفضيلة: الشيخ كامل حسن وكيل الكلية، ومحمد عبد المنعم خفاجي، وعبد الخالق سليمان، وحسن جاد، ويوسف البيومي.
وتألفت لجنة من طلاب الكلية لإصدار هذه المجلة مكونة من الأدباء: موسى صالح شرف وحسن عفيفي ومحمود محجوب ورشيد أبو الفتوح الليثي وعمر عطية ومنجود محمد وكمال كامل حسن وأحمد الصاوي، ويصدر العدد الأول من هذه المجلة في يناير عام 1955م!!
وقد أخذت المعاهد تسير على ضوء كلية اللغة العربية، فصدرت مجلات أخرى لمعهد أسيوط ومعهد طنطا ومعهد دمياط.
الأزهر ورسالة الإسلام: ============== في يونيو سنة 1972م، ألقى إمام الأزهر من منبره الشريف، أول درس جامعي فيما يسمى اليوم بالعلوم الإنسانية، ومنذ ذلك اليوم إلى الآن، وإلى ما شاء اللّه لم تنقطع ينابيع الحكمة، والعلم والمعرفة، ينهل منها الوافدون إلى الأزهر من أبناء مصر، وأبناء كل شعوب العالم في مختلف أرجاء الدنيا.
وأحب أن ألخص الرسالة التي كان يؤديها الأزهر في هذا الشعب، وينقلها عنه الوافدون إليه من مختلف أرجاء الدنيا إلى شعوبهم وأممهم فيستيقظ بها الغافي، ويتنبه الغافل، ويعرف الجاهل، ويمضي إلى غايته المعرفة النافعة، أصحاب العزائم لخير شعوبهم وخير الإنسانية في كل مكان.
وهذه الرسالة كانت تقوم ولا تزال على دعامتين: الأولى: الحرية. والثانية: العدالة الاجتماعية.
فأما الحرية: فإنها في رسالة الأزهر تنبع من الإسلام، الذي قام على نشره والدعوة اليه والانتفاع به الوافدون عليه، والمعتزون بالانتساب إليه.
والحرية التي تنبع من الإيمان باللّه والاعتزاز به والتأمل فيه والالتجاء إليه هي أمنع وأعز وأسمى ما يتطاول إليه أعناق طلاب الحرية في كل عصر وفي كل مكان.
وعن هذه العقيدة الإسلامية مضى فقهاء الإسلام الى تقويم الحرية تقويما يرتفع بها في أحيان كثيرة الى منازل لم يقدرها أحد كما قدرها هؤلاء الفقهاء.
وإليكم هذه الصورة من صور الاعتزاز بالحرية عند فقهاء المسلمين وهي قاعدة فقهية معروفة: إذا ترافع مسلم ومسيحي أمام قاضي المسلمين في وليد لا يعرف أبوه فقرر المسلم أمام القاضي أن هذا الوليد عبد له، وقرر المسيحي أن هذا الوليد ولد له، فإن على قاضي المسلمين أن يحكم به للمسيحي ولدا ولا يحكم به للمسلم عبدا.
والذين يتأملون هذه الصورة الفقهية ويقيسونها إلى ما يتراءونه اليوم في دنيا الناس من الحديث عن الحرية والتشدق بها، لا يكادون يجدون لها مثيلا في خيال شاعر أو قلم كاتب أو واقع شعب.
ووجه القوة هنا أن الفقيه المسلم وضع تعصبه للحرية قبل تعصبه لدينه على ما في التعصب للدين من قوة قاهرة وسلطان عظيم.
وأما الدعامة الثانية: وهي العدالة الاجتماعية فإنها تستند في نفس المسلم الى العقيدة التي يدين اللّه عليها، وتطرق سمعه كل يوم آيات اللّه في الدعوة الى العدل واحترامه وتكريمه بحيث يرى الدنيا بغير عدل شبحا بغير حقيقة وجسما بغير روح.
ومن أفضل ألوان العدل التي جاء بها الإسلام العدل في توزيع الثروة ويعتبر من أدق صور العدل في المجال الاقتصادي. وكذلك من أجل ألوان العدل التي جاء بها الإسلام أيضا العدل الذي يقوم على التفاضل بين الناس على قدر ما يقدم الإنسان للمجتمع من خير وليس على قدر انتسابه إلى لون خاص أو جنس خاص أو عرق خاص.
فذلك قول اللّه تعالى: "يا أَيُّهَا اَلنّاسُ إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اَللّهِ أَتْقاكُمْ".
فهذه الصورة من العدل الذي دعا إليه الإسلام وقامت بالدعوة إليه جامعة الأزهر مدة ألف عام أمانة في أعناقنا، لا لشعوبنا وحدها ولكن للإنسانية جمعاء.
فإن الإنسانية لم تتعرض لمحنة بالغة وابتلاء شديد كما تعرضت لمحنة التفاضل بالألوان والأجناس والعروق.
فإذا كان لا بد للناس أن يطلبوا السعادة وأن يحرصوا عليها فلا بد لهم قبل كل شيء أن يعملوا على وأد هذه الثغرة، وخنق الدعوة إلى العنصرية القائمة على الأجناس والألوان والعروق.
وإن أحوج ما يحتاج إليه الإنسان ليتم له به سعادته، وتتوافر به طمأنينته، لا يعدو هذه الأمور الثلاثة: * الأساس العقيدي الذي يملأ قلبه بالإيمان والسكينة. * والأساس الاقتصادي الذي يكسوه من عرى ويطعمه من جوع. * والأساس الإنساني الذي يجعله فاضلا بما يؤدي من عمل لا بما بنتسب إليه جنس أو لون أو عرق.
وإن من حق شعوبنا على جامعاتنا مديرين وأساتذة أن نسعى دائبين لكي نوفر لها جوا تحيا فيه راضية مطمئنة موفورة الحاجات التي لابد من توافرها لحياة الإنسان. ____________ الشيخ أحمد حسن الباقوري - من كلمة له نشرت في الأخبار. |
|
| |
| الباب التاسع: ألوان ثقافية في حياة الأزهر العلميّة | |
|