| الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الخميس 19 مايو 2016, 7:28 pm | |
| الباب السادس صورة عن النشاط العلمي في الأزهر =================== الأزهر والحركة الفكريّة المعــاصرة يتولى الزعامة الفكرية في مصر اليوم أفراد قلائل من كبار مفكرينا، الذين جمعوا بين الثقافتين العربية والغربية، وهم في فهمهم للثقافة الغربية مدينون للدراسات الغربية التي تلقوها في جامعات الغرب أو في أمهات الثقافات الأوربية المعاصرة، أما فهمهم للثقافتين العربية والإسلامية فهم مدينون أولا لآراء محمد عبده في الإصلاح الديني والتوجيه الفكري.
لقد كانت آراء محمد عبده الاصلاحية التقدمية هي المعين الذي استقى منه كبار مفكرينا من أمثال عبد العزيز فهمي ولطفي السيد وطه حسين وسواهم، وإليه يرجع الفضل في تحررنا الفكري، ويقظتنا الروحية وفي النهضة التي وصلنا إليها.
وممن تأثر بآراء محمد عبده الشيخ طنطاوي جوهري، وكان من أعلام الأزهريين في العصر الحديث، وله كثير من البحوث والمؤلفات العميقة، ومن أهمها:: تفسيره للقرآن الكريم، ومن أهم مؤلفاته الأخرى: جمال العالم - جواهر العلوم - ميزان الجواهر - النظام والإسلام - نظام العالم والأمم - التاج المرصع -الزهرة في نظام العالم والأمم - نهضة الأمة وحياتها - الفرائد الجوهرية في الطرف النحوية - الحكمة والحكماء - جوهر التقوى - الرسالة القازانية - مذكرات أدبيات اللغة صوت المصريين في أوربا - رسالة تعدد الزوجات - رسالة الموسيقى - سوانح الجوهري - ملخص كتاب فلنون - جواهر الإنشاء - نظم ملخص كتاب أدب الدنيا والدين - رسالة الهلال - أصل العالم - ملخص كتاب حي ابن يقظان - الأرواح-جوهرة السفر.
وكذلك تأثر به الشيخ مصطفى عبد الرازق شيخ الأزهر الأسبق، والشيخ محمد رشيد رضا، والشيخ المراغي، والشيخ محمد الأحمدي الظواهري، والشيخ عبد المجيد سليم، والشيخ ابراهيم حمروش، وغيرهم من أعلام الفكر وقادة الحركة الإسلامية في مصر والشرق العربي.
ويقول حافظ في رثاء الإمام محمد عبده، مصوراً عظم النكبة فيه، ومتحدثا عن مكانة الأستاذ الإمام، وعن أثره الفكري في حياة الجيل المعاصر: سلام على الإسلام بعد محمد سلام على أيامه النضرات على الدين والدنيا، على العلم والحجا على البر والتقوى، على الحسنات لقد كنت أخشى عادي الموت قبله فأصبحت أخشى أن تطول حياتي فوالهفي-و القبر بيني وبينه- على نظرة من تلكم النظرات؟ وقفت عليه حاسر الرأس خاشعا كأني حيال القبر في عرفات لقد جهلوا قدر الإمام فأودعوا تجاليده في موحش بفلاة ولو ضرحوا بالمسجدين لأنزلوا بخير بقاع الأرض خير رفات تباركت! هذا الدين دين محمد أيترك في الدنيا بغير حماة؟ تباركت! هذا عالم الشرق قد قضى ولانت قناة الدين للغمزات زرعت لنا زرعا فأخرج شطأه وبنت ولما نجتن الثمرات مددنا إلى الأعلام بعدك راحنا فردت إلى أعطافنا صفرات وجالت بنا تبغى سواك عيوننا فعدن وآثرن العمى شرقات وآذوك في ذات الاله وأنكروا مكانك حتى سودوا الصفحات رأيت الأذى في جانب اللّه لذة ورحت ولم تهمم له بشكات لقد كنت فيهم كوكبا في غياهب ومعرفة في أنفس نكرات أبنت لنا التنزيل حكما وحكمة وفرقت بين النور والظلمات ووفقت بين الدين والعلم والحجا فأطلعت نورا من ثلاث جهات وفقت «لها نوتو» و «رينان» وقفة أمدك فيها الروح بالنفحات وخفت مقام اللّه في كل موقف فخافك أهل الشك والنزغات ووليت شطر البيت وجهك خاليا تناجي إله البيت في الخلوات وكم ليلة عاندت في جوفها الكرى ونبهت فيها صادق العزمات! وأرصدت للباغي على دين أحمد شباة يراع ساحر النفثات إذا مس خذ الطرس فاض جبينه بأسطار نور باهر اللمعات فيا سنة مرت باعواد نعشه، لأنت علينا أشأم السنوات حطمت لنا سيفا وعطلت منبرا وأذويت روضا ناضر الزهرات وأطفات نبراسا وأشعلت أنفسا على جمرات الحزن منطويات مشى نعشه يختال عجبا بربه ويخطر بين اللمس والقبلات تكاد الدموع الجاريات تقله وتدفعه الأنفاس مستعرات بكى الشرق فارتجت له الأرض رجة وضاقت عيون الكون بالعبرات ففي الهند محزون وفي الصين جازع وفي «مصر» باك دائم الحسرات وفي الشام مفجوع وفي الفبرس نادب وفي تونس ما شئت من زفرات بكى عالم الإسلام عالم عصره سراج الدياجي هادم الشبهات فلا تنصبوا للناس تمثال «عبده» وإن كان ذكرى حكمة وثبات فإني لأخشى أن يضلوا فيومئوا إلى نور هذا الوجه بالسجدات فياويح للشوري إذا جد جدها وطاشت بها الآراء مشتجرات! ويا ويح للفتيا إذا قيل: من لها؟ ويا ويح للخيرات والصدقات فيا منزلا في «عين شمس» أظلني وأرغم حسادي برغم عداتي عليك سلام اللّه، مالك موحشا عبوس المغاني، مقفر العرصات؟ لقد كنت مقصود الجوانب آهلا تطوف بك الآمال مبتهلات مثابة أرزاق، ومهبط حكمة ومطلع أنوار، وكنز عظات
ويعد كذلك الأستاذ الإمام من فحول الكتاب الذين حرروا الكتابة العربية في النهضة الحديثة من قيودها القديمة، وأخذوا يرجعون بأساليبها إلى أرقى عصورها وأزهر أيامها.
ولقد كان الشيخ محمد عبده من أفاضل رجال الدين، وقادة المفكرين - وكان أجمل وأروع قدوة المصلحين.
كما كان من أشهر رجال مصر العاملين في نهضتها الحاضرة، ولد سنة 1845 م بمحلة نصر، إحدى قرى مركز شبراخيت بمديرية البحيرة.
وحفظ القرآن، وتعلم مبادىء القراءة والكتابة بها ثم أرسله والده إلى معهد طنطا، فصادف عناء في فهم العلوم لعقم طريقة التعليم وقتئذ، وكاد ينكص على عقبيه، ويعود إلى قريته، ويشتعل بالفلاحة كأبيه وبقية أسرته.
ولكن عناية اللّه قيضت له من يسر له سبيل الفهم، وحبب إليه طلب لعلم، فعاد إلى مناهل العلم نهما، وغادر معهد طنطا إلى الأزهر.
وأخذ يتزود من علومه بقدر استطاعته، حتى نبه اسمه، وعرف بالذكاء والفطنة مصر فيلسوف الشرق، جمال الدين الأفغاني، انتظم الشيخ محمد عبده في سلك تلاميذه، واقتبس من علمه وفلسفته، ولازمه ملازمة ظله، ونال إجازة العالمية، واختير مدرساً للأدب العربي والتاريخ بدار العلوم وأستاذاً للغة العربية بمدرسة الألسن، ثم اشتغل بالتحرير في الوقائع المصرية.
وشبت الثورة العرابية، فكان من أبطالها، ونفى من القطر المصري بعد انتهائها، فذهب إلى سورية ثم انتقل إلى باريس.
وأنشأ مع أستاذه جمال الدين صحيفة العروة الوثقي. ثم عفى عنه سنة 1888 م فعاد إلى مصر، وعين قاضيا في المحاكم الأهلية، ثم كان مفتيا للديار المصرية.
وبقى في منصبه مسموع الكلمة، واسع الجاه، شديد البأس، عظيم السلطان - إلى أن وافته منيته سنة 1905م فاهتز العالم الإسلامي لوفاته، وفقد فيه الرائد المصلح، والشجاع الأبي، والمناضل المكافح، والمشعل الذي أضاء دياجي الظلمات، والسيف الذي روع الاستعمار.
بعوث الأزهر العلمية اتصل الأزهر بأوربا التي كان يجتويها وينظر إلى علومها نظرة المعجب لا المصدق والمتفرج لا المتأثر، والمشاهد الذي تدركه الغيبوبة في أثناء شهوده من الدهشة والغرابة، ففي سنة 1826 شهدت باريس وشهد الباريسيون الأزهريين في صفوف بعثات محمد علي.
وفي سنة 1828م، شهد السربون حفلاً عاماً من علماء فرنسا وعظمائها يستمعون إلى الأزهريين في امتحانهم، ويعجبون باجابتهم ويصفقون لهم تنويهاً بهذا الاعجاب وأثبت الأزهريون عند هذا الامتحان للمرة الأولى في تاريخ مصر الحديث أن الإسلام دين علم، وأنه لين هين لا يستعصى على نزعات الفكر، إنما يستعصى على نزعات الشيطان تزجي اليه باسم العلم وباسم الدين.
نعم، كان المرحوم رفاعة الطهطاوي إمام بعثات القرن التاسع عشر، وكانت وظيفته أن يصلي بالمسلمين من أفرادها، وأن يذكرهم إذا نسوا.
وأن يتخولهم بالموعظة ليوقظ فيهم إلى جانب حاسة الفضيلة، وما لبث رفاعة الأزهري أن كان إمام البعثات في العلم، ومبرزهم في العمل، وسابقهم في الفضل، ولم تمض سنتان على عمله الذي اختطه لنفسه حتى كتب وترجم ونقل من الشمال إلى اليمين، ما كان قد نقل من اليمين إلى الشمال، فكان فيما كتب ونقل موفقا كل التوفيق ومسددا كل السداد.
رجع رفاعة إلى مصر فأكب وتلاميذه «تلاميذ مدرسة الألسن» على الترجمة والتأليف في السياسة والاجتماع والادب والجغرافيا والتاريخ حتى كان أول من بني قنطرة فوق الهوة التي كانت تفصل الأزهر، بل الشرق كله، عن أوربا.
ورفاعة في كل أولئك لم ينس منبته ولا نشأته ولا أزهريته، فإذا كتب في تاريخ فرنسا، كتب إلى جانبه في تاريخ العرب وفي تاريخ مصر، وكأنه يقول: «لكم تاريخكم ولنا تاريخنا، ولكم تراثكم ولنا تراثنا، وإذا أخذنا فلكي نزيد شخصيتنا لا لنقلل منها» وإذا كتب في جغرافية «ملطبورن» نوره بذكر ياقوت الحموي وأبان عن معجمه، وإذا تحدث عن المرأة قال: إن الإسلام لم يظلمها وإنما ظلمها أهلوها وإن تعاليم الإسلام لم تعد عليها وإنما عدت عليها اعتبارات وضعية من العادات والتقاليد.
وضرب رفاعة بهذا الاتجاه الجديد المثل الأعلى لمن يريد أن يوفق بين ماضيه وحاضره، واتخذ لمقياس التقدم وحدة الزمن الثلاثة التي تبتدىء بالماضي، وتتطلع إلى المستقبل، وتتخذ من الحاضر وصلة ما بينهما.
ومنذ أكثر من قرن أكب المستشرقون على دراسة الإسلام وعلوم الإسلام فبحثوا وأفادوا، وما يفيد الأزهر أن يقف أمام المتطرف من هذه البحوث موقف الصاخب مكتفيا بما ينقل إليه عنهم إن بالحق وإن بالباطل، بل يجب عليه أن يتصل بهم، وأن ينازلهم في ميدانهم، وأن يقارعهم بأسلحتهم حجة بحجة ودليلا بدليل..
وسيسمع الأزهر عن هؤلاء المستشرقين دروس المل والنحل، الغريب منها عن الإسلام، والمشتق منها من تعاليمه وآياته، والمناسب منها مع عقلية العرب المسلمين، وما أجبروا عليه إجبارا بلا مسوغ ولا تقدير.
سيسمع الأزهر عن قرب الفلسفة إلى المسلمين، وكيف أساغوا ما أساغوا منها، ورفضوا منها ما رفضوا، وسيسمع عن تطور القراءات القرآنية وعلاقتها باللغة العربية وبلهجات العرب، وسيدهش أبناء الأزهر إذ يرون أن كل هذه العلوم مبوبة مفصلة، سهلة لا تستعصى على قارىء ولا تحتجب وراء أساليب تقرأ لتفهم هي لا مدلولاتها.
وقد رأى الأزهر مسايرة النهضة العلمية الحديثة في البلاد فأرسل البعوث من علمائه الأكفاء إلى البلاد الأوربية للتخصص في الفلسفة والتربية وعلم النفس والتاريخ وما إلى ذلك من علوم الحياة ليمكن الانتفاع بهم بعد عودتهم في كلياته الجامعية بدل الاساتذة المندوبين إليها من المعاهد الأخرى.
بقى أن نتحدث عن الاربعة الأزهريين الذين وصلوا باريس عام 1936 والذين أحدثوا ضجة في أنحاء الحي اللاتيني فالمصريون كانوا يتوافدون على فندقهم جماعات يحيون في أشخاصهم عهدا جديدا، ويمجدون في طلعتهم بلادهم الشرقية التي لم تمنعها شرقيتها أن تتطلع إلى الغرب في المفيد النافع من أساليبه مع احتفاظها بطابعها الشرقي، ومدير البعثة كان يشغل بدراستهم وبترتيب مسكنهم ومأكلهم وكل ما يمس حياتهم في هذه البلاد، وما ذلك بالشيء اليسير لعلماء الأزهر المعروفين بالتمسك بمبادئهم.
أما الأستاذ ماسنيون فقد عنى بهم عناية خاصة فقدمهم إلى إخوانه من العلماء الفرنسيين الذين يعملون معهم، وكان جميلاً منه بعد أن عرف أن من بينهم واحداً بزوجه وأطفاله الثلاثة أن يعمل على إسكانه بالقرب من حديقة «لكسمبرج» لتكون متعة ومراحاً لهؤلاء الأطفال.
ولعل من الطريف أن نعرف أن الدكتور تاج أحد أعضاء هذه البعثة، وخريج السوربون قد صار شيخاً للأزهر.
وقد كان من أعضاء بعثة عام 1936 هذه في مشيخة الشيخ المراغي..
وقد أرسلت طائفة أخرى في عهد الشيخ مأمون الشناوي عام 1949، وآخر مبعوث للأزهر هو الشيخ محمد فتحي عبد المنعم وقد سافر إلى فرنسا في شهر يوليو عام 1952.
ومن الذين أوفدوا من الأزهريين إلى أوربا المرحوم الشيخ عبد العزيز المراغي، والشيخ محمد عبد اللّه دراز، والشيخ محمد الفحام، والدكتور ماضي، والدكتور البهي، والدكتور عبد الحليم محمود، والاستاذ علي حسن عبد القادر وسواهم.
وكتب الدكتور طه عام 1935 يبدي رأيه في بعثات الأزهر العلمية إلى أوربا، فقال: «إذا أراد الأزهر أن يرسل بعوثاً إلى أوربا فليرسل بعوثه أول الأمر إلى الجامعة المصرية ليتثقفوا فيها بالثقافة الحديثة ثم ليختر من بين البعوث من تظهر كفايته، وينبه شأنه، وتنهض الحجة على حسن استعداده.
وإذا كان عند الأزهر اثنان أو ثلاثة أو أربعة قد امتازوا بكفاية نادرة واستعداد باهر فلا بأس بإرسالهم منذ الآن على أن ترسم لهم برامج ومناهج تلائم حاجات الأزهر الماسة وضروراته الملحة.
الواجب كل الواجب أن تتوازن الثقافات الاوربية حتى تستطيع الثقافة العربية الاسلامية أن تسيغها جميعاً وأن تحتفظ بشخصيتها.
إنا نضن بالأزهر كل الضن أن يلقي بنفسه في أحضان الثقافة اللاتينية أو السكسونية ونلح أشد الالحاح في أن يظل عربياً وعربياً خالصاً يأخذ من الثقافات الاوربية المختلفة بمقادير متناسبة، لا يطغى بعضها على بعض.
فاذا لم يكن للأزهر بد من أن يتعجل إرسال البعوث إلى أوربا غير حافل بما يقدم إليه من نصح بالمهل والأناة، فليعد للنظر في توزيع بعوثه على الاقطار الاوربية وليحذر كله أن يلتهم بلد من البلاد الاوربية بعوثه كلها، أو أكثرها.
ولينظر إلى الجامعة فقد يحسن الاقتداء بالجامعة في بعض الأشياء، إنها لا ترسل بعوثها إلى بلد بعينه، وإنما ترسلهم إلى البلاد الراقية في أوروبا، فمنهم من يذهب إلى انجلترا ومنهم من يذهب إلى فرنسا ومنهم من يذهب إلى ألمانيا، ومنهم من يذهب إلى إيطاليا.
والأصل في هذا التوزيع ما قدمته من أن الجامعة حريصة كل الحرص على المتخصص في التفسير والحديث والذي سافر إلى «جامبيا» عام 1972، وهو مدير المدرسة الإسلامية التي تضم (400) تلميذ، ورشح ليكون مديراً للمدرسة الجديدة التي سوف تنشئها الجمعية الإسلامية في (بانجول) في العام القادم.
ويتحدث عن المشاكل قائلا: لا يوجد في جامبيا برنامج تعليمي منظم ولا يوجد كتاب واحد مؤلف باللغة العربية، حتى انه قام بكتابة الدروس بخط اليد لاساتذة مدرسية!، وهو يرى ان جامعة الأزهر مسئولة عن اعداد برنامج الدراسة والكتب العربية.
وكذلك وفد من الأقطار الإسلامية طلبة يتعلمون في الأزهر، وهو يقوم بكل ما تتطلبه إقامتهم من راحة، ورفاهة عيش، ويكل إلى بعض الأساتذة المربين تعليمهم أولا اللغة العربية، ثم يعدهم لمراحل التعليم المختلفة.
وقد بلغ عددهم عام 1950م، زهاء الألف طالب. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الخميس 19 مايو 2016, 7:35 pm | |
| منهج الدراسة بالأزهر منذ إنشائه أول كتاب درس بالجامع الأزهر هو كتاب الاقتصار الذي وضعه أبو حنيفة النعمان بن محمد القيرواني قاضي المعز لدين اللّه في فقه آل البيت، وكان يتولى دراسته بالأزهر ولده أبو الحسن علي بن النعمان كما أسلفنا، ودرسه بعده بنو النعمان الذين تعاقبوا في قضاء مصر حتى نهاية القرن الرابع.
وكان يدرس بجانب الاقتصار كتب أخرى في فقه الشيعة للنعمان القيرواني أيضا، وهي: كتاب دعائم الإسلام، وكتاب اختلاف الأصول، وكتاب الأخبار، وكتاب اختلاف الفقهاء.
وقرىء بالأزهر كتاب ألفه الوزير يعقوب بن كلس، وكان يجلس لقراءته وتدريسه بنفسه، وأفتى الناس بما فيه.
وموضوعه الفقه الشيعي على مذهب الاسماعيلية مما سمعه الوزير ابن كلس من المعز لدين اللّه، والعزيز باللّه، ولهذا اشتهر بالرسالة الوزيرية.
وكان التدريس بالأزهر يجري على مذهب الشيعة يومئذ، وكان في أول عنده كتاب الموطأ للإمام مالك، فحبس وجلد في سنة 381ه في عهد العزيز باللّه.
وفي أواخر الدولة الفاطمية كادت تكون الدراسة في الأزهر حرة، ولكن لم يعرف بالضبط أسماء الكتب التي كانت تدرس في ذلك العصر.
وممن تولى التدريس بالأزهر، في العصر الفاطمي: الأساتذة بنو النعمان قضاة مصر، فكان القاضي أبو الحسن علي بن النعمان أول من درس بالأزهر، وتوفي سنة 374ه، ودرس بالأزهر أخوه القاضي محمد بن النعمان وتوفي سنة 389ه، ثم ولده الحسن بن النعمان قاضي الحاكم بامر اللّه، والمؤرخ الحسن بن زولاق المتوفى سنة 378ه والمسبحي المتوفى سنة 420ه وكان من أعلام التفكير والأدب والفلك والتاريخ، وأبو عبد اللّه القضاعي، وهو محمد بن سلامة بن جعفر المتوفى سنة 454ه والحوفي النحوي، وهو أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سعيد المتوفى سنة 430ه وأبو العباس أحمد بن هاشم المصري المتوفى سنة 454ه، وابن بابشاذ النحوي، وهو أبو الحسن طاهر بن أحمد المصري المعروف بابن بابشاذ المتوفى سنة 469ه وأبو عبد اللّه محمد بن بركات النحوي تلميذ القضاعي المتوفى سنة 530ه.
ولا شك أنه قد اشتهر من أولئك الأئمة من صنف الكتب الكبيرة، والمراجع العظيمة في العلوم الدينية والعربية، التي كانت تدرس في الأزهر، كالعلامة أبي الحسن علي بن إبراهيم الحوفي إمام العربية والنحو وصاحب كتاب إعراب القرآن، وابن بابشاذ النحوي صاحب كتاب المقدمة وشرح الجمل، وابن القطاع اللغوي صاحب كتاب الأفعال، وأبي محمد عبد اللّه بن بري المصري إمام اللغة في عصره، وغيرهم ممن انتهت اليهم الرياسة في هذا العصر، واعتبرت مصنفاتهم متونا ومراجع. وفي أواخر القرن السادس أي بعد ذهاب الدولة الفاطمية، وقيام الدولة المدنية إلى جانب العلوم الدينية بصورة منتظمة. فمثلا نرى بين أساتذة الأزهر في هذه الفترة العلامة عبد اللطيف البغدادي يدرس الطب والفلسفة والمنطق مدى حين 1.
بيد أنه لا ريب أن صفة الأزهر الدينية كانت وما زالت تغلب على كل صفة أخرى، وأن علوم الدين كانت وما زالت خلال العصور تحتل المقام الأول.
وهذه خاصة لم ينفرد بها الأزهر في العصور الوسطى.
ذلك أن الحركة العقلية كانت خلال هذه العصور ترتبط في جميع الأمم بالدين أشد ارتباط، وكانت الأديرة مراكز الدراسة في أوروبا والأحبار هم قادة الفكر.
بيد أنه لما تقدمت الحركة الفكرية، وتسربت النظريات الفلسفية إلى تعاليم الكنيسة، أخذت سيطرة الدين على حركة التعليم تضعف شيئا فشيئا.
ولم تلبث الجامعة الأوروبية أن نشأت منذ القرن الثاني عشر ثم أخذت تقوى ويشتد ساعدها وتسير نحو استقلالها، واضطرت الكنيسة أن تناصر هذا الاستقلال، طالما كان بعيدا عن الاصطدام بتعاليمها وتقاليدها، وذلك خوفا من أن يقع التعليم تحت سيطرة أمير أو حاكم مطلق يوجهه نحو خصومتها.
ولم يأت ختام العصور الوسطى حتى كانت الجامعة الأوروبية قد حققت استقلالها العلمي، وأخذت تسير نحو النور والحقيقة، بعيدة عن المؤثرات الدينية والسياسية ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً.
وقد كان التعليم الجامعي يميل منذ البداية نحو التخصص، وكانت الدراسة تجرى تقريبا على نفس الأساليب التي كانت تتبع في الأزهر وباقي المعاهد الإسلامية من الاستيعاب والتخصص، مثال ذلك جامعة بولونيا التي اشتهرت في القرن الثاني عشر بتوفر أساتذتها وطلبتها على دراسة القانون الروماني ووضع حواشيه الشهيرة. __________ 1) ترجمة عبد اللطيف البغدادي في «مناقب الاطباء» لابن أبي صبيعة فيما يرويه عبد اللطيف عن نفسه، ونفس هذه الترجمة في كتاب «الافادة والاعتبار» لعبد اللطيف. __________ وقد وفد إلى مصر عقب انتهاء الدولة الفاطمية أبو القاسم الرعيني الشاطبي الضرير، المقرىء الشهير المتوفى سنة 590 ه وهو صاحب حرز الأمانى ووجه التهاني الذي ما زال إلى اليوم من أهم متون التجويد والقراءات.
ويظهر من عناية الخلفاء الفاطميين بالعلوم الرياضية والفلكية والطبية والجغرافية أن تلك العلوم لا بد أن تكون قد درست في الأزهر في زمانهم، كما كانت تدرس في دار الحكمة التي أسسها الحاكم بأمر اللّه سنة 395ه (1005م).
وقد كان الأزهر في زمن الفاطميين موئل الثقافة الدينية، وكان له الأثر الواضح في تنمية الحياة العقلية والفكرية وتخريج علماء الدين واللغة، ولكنه لم يكن له أثر في توجيه الحياة السياسية في ذلك العصر، مثل ما ظهر له ظهورا جليا في الدولة المصرية بعد ذلك.
ولما انقرضت دولة الفاطميين سنة 567ه واستولى صلاح الدين بن يوسف الايوبي على ملك مصر، أنشأ بالقاهرة مدرسة للفقهاء الشافعية، وأخرى للفقهاء الماليكية، ونحي قضاة مصر الشيعة كلهم، وابتنى خلفاؤه من بعده المدارس المتنوعة والتي خصصت كل مدرسة منها بتدريس علوم خاصة، وتحولت الحركة والنشاط العلمي في الأزهر إلى تلك المدارس، وإن لم تنقطع الدراسة فيه، كما أسلفنا.
وفي زمن الظاهر بيبرس البندقداري من ملوك الجراكسة سنة 665 ه أعاد للأزهر حياته العلمية والدينية. وأول ما درس به من مذاهب أهل السنة مذهب الإمام الشافعي رضي اللّه عنه، ثم أدخلت اليه المذاهب الأخرى تباعاً.
واتجهت العناية الكبرى حينئذ لا تقان تدريس العلوم الدينية بوجه خاص، وتسابقت همم الفحول في إتقان آلاتها، من نحو وصرف وبلاغة، فنبغ الدين بن عبد السلام، والإمام السبكي وأبنائه، والشهاب القرافي، وابن هشام، والسراج البلقيني، وجلال الدين السيوطي، وغيرهم من المصريين، وإبراهيم بن عيسى الاندلسي، وعز الدين عمر بن عبد اللّه عمر القدسي، والإمام الاصبهاني، والإمام الزيلعي، وابن الحاج محمد العبدري الفاسي، وأبي حيان محمد بن يوسف الغرناطي، وتاج الدين التبريزي، والحافظ العراقي، والحافظ بن حجر العسقلاني، وعلاء الدين الحموي، والرضى الشاطبي، ومحمد بن محمد البغدادي، وشيخ الإسلام زكريا الانصاري، وقاسم بن محمد التونسي، وغيرهم من الذين رحلوا من أقاصي الأرض لمصر لتعلم العلم بالأزهر. وكانت العلوم العقلية من رياضية وغيرها تدرس أيضا، ولسكن المشتغلين بها كانوا نززا من الطلبة.
وفي أواخر القرن التاسع الهجري أصاب الأزهر ما أصاب المعاهد الأخرى من الذبول والركود، وفقدت مصر استقلالها سنة 922ه- (سنة 1517م) فتقلص ظل النشاط والازدهار العلمي، وانصرف كثير عن العلوم العقلية والفلسفية والرياضية والجغرافية، وأخذ القول بحرمتها يتسرب شيئا فشيئا حتى تركت هذه العلوم من الأزهر، وبقيت مهجورة ينظر اليها نظرة السخط، حتى صدرت فتوى من شيخ الأزهر الشيخ الإنبابي والشيخ محمد البنا مفتي مصر بجواز تعلمها، وعدم حرمة تدريسها.
ولا يفوتنا أن ننبه إلى أنه كان من العلماء في عهد ركود الأزهر وجموده من يعرف كثيراً من العلوم العقلية والطبية وغيرها زيادة على العلوم الدينية والعربية، وهؤلاء لا يحصون.
نذكر منهم على سبيل المثال: الشيخ أحمد عبد المنعم الدمنهوري شيخ الأزهر المتوفى سنة 1192ه فقد جاء في سند إجازته ما ملخصه: أنه تلقى في الأزهر العلوم الآتية وله تآليف في كثير منها، وهي: الحساب، والميقات، والجبر، والمنحرفات، وأسباب الأمراض وعلاماتها، وعلم الأسطرلاب والزيج، والهندسة، والهيئة، وعلم الثلاثة، وهي الحيوان والنبات والمعادن، وعلم استنباط المياه، وعلاج البواسير، وعلم التشريح، وعلاج لسع العقرب، وتاريخ العرب والعجم.
ومما لا ريب فيه أن العلوم الدينية والعربية كان لها الشأن الأول من العلوم نسبياً، وما عداها من العلوم كالحكمة الفلسفية والتصوف لم يكن يدرس في الأزهر ولا بين جماهيره، ولكن كان له دراسة خاصة في المنازل، أو الأروقة التابعة للأزهر.
ويحسن أن نثبت هنا وثيقة رسمية لمشيخة الأزهر وضعتها بناء على طلب الحكومة لتبعث بها إلى لجنة معرض باريس، وذلك في عهد الخديوي إسماعيل سنة 1282ه (1864م).
وقد جاء في هذه الوثيقة أن المواد التي كانت تدرس بالأزهر في تلك العهد هي: الفقه، الأصول، التفسير، الحديث، التوحيد، النحو، الصرف، المعاني والبيان والبديع، متن اللغة، العروض والقافية، الحكمة الفلسفية، والتصوف، المنطق، الحساب، الجبر والمقابلة، الفلك والهيئة.
وزادت المشيخة على ذلك أنه يقرأ في الأزهر، فضلا عن هذه المواد المتداولة، بعض مواد أخرى كالهندسة والتاريخ والموسيقى وغيرها لمن لهم اقتدار على دراستها، بيد أنه لا يشتغل بدراستها سوى القليل.
الدراسة في الأزهر قبل النظام منذ أصبح الأزهر مدرسة جامعة، كان يسير على نظام سهل يكاد يكون فطريا، أساسه التقوى، وقوامه احترام الدين وأهله.
وكان شيخ الجامع الأزهر المرجع الأعلى لمن كان فيه من أصغر طالب إلى أكبر عالم، كلمته هي العليا، وإشارته حكم لا يتخطاه واحد منهم، يوزع الأحباس والهبات، ويجيز العلماء والمدرسين، وكان إذا أشكل عليه أمر استشار فيه أكابر العلماء.
أراد من العلماء لتلقي العلم عنه، ويبقى فيه ما شاء أن يقيم، فاذا آنس من نفسه علما كافيا، وملكة يتمكن بها من إفادة غيره، استأذن أساتذته، وجلس للتدريس حيث يجد مكانا خاليا، وعرض نفسه على الطلبة، فكانوا إذا لم يجدوا فيه الكفاية للإفادة انفضوا من حوله، وإذا وجدوه على علم وثقوا به، واستمروا على تلقي العلم عنه، وحينئذ يجيزه شيخ الأزهر إجازة.
ولما كان أساس التعليم فيه دينيا ابتداء على الطريقة التي كان السلف يدرسون عليها الدين، وعلومه، فكانت الدروس تعقد به حلقات، يتصدر كل حلقة أستاذها، وقد يجلس على كرسي ليتمكن من إسماع طلبته الكثيرين.
وكان عماد الدراسة إذ ذاك النقاش والحوار بين الطلبة وأساتذتهم بما يثقف العقل وينمي ملكة الفهم، وظلوا على ذلك مدة طويلة إلى أن أقتضى الحال وضع قوانين خاصة للأزهر وطلبته وعلمائه وإدارته والدراسة فيه.
قوانين الأزهر أول قانون وضع للأزهر في عهد إسماعيل والى مصر الأسبق سنة 1288 ه سنة 1872 م، وكان شيخ الأزهر وقتئذ الشيخ محمد المهدي العباسي.
وقد نظم هذا القانون طريقة نيل شهادة العالمية، وبين مواد امتحانها، وقسم الناجحين فيها إلى ثلاث درجات: (أولى، وثانية، وثالثة)، على أن تصدر بذلك براءة ملكية بتوقيع ولي الامر، والمواد التي بينها ذلك القانون والتي يدرسها الطلبة ويمتحنون فيها هي: الأصول، الفقه، التوحيد، الحديث، التفسير، النحو، الصرف، المعاني، البيان، والبديع، المنطق.
ولكن مما يؤسف له أن هذا القانون لم يستطع أن ينهض بالأزهر النهضة عشر علما 1»، مما يدل على جمود الحركة العلمية، وفتور النشاط فيه.
وحدث بعد ذلك أن عين المرحوم الشيخ حسونة النواوي شيخا للأزهر. وكان الشيخ محمد عبده رحمه اللّه عضده وساعده، فتعاونا على إنهاض الأزهر من كبوته، وفي ذلك الحين وضع القانون الصادر بتاريخ 20 المحرم سنة 1314 ه- 1896م.
وقد لحظ واضعو هذا القانون من وجوه الاصلاح مارأوه كفيلا بإنهاض الأزهر، فأدخلوا فيه مواد جديدة هي: الاخلاق، مصطلح الحديث، الحساب، الجبر، العروض والقافية، وجعل التاريخ الإسلامي، والإنشاء، ومتن اللغة، ومبادىء الهندسة، وتقويم البلدان وغيرها من مواد يفضل محصلها على غيره، ويقدم عليه، وفك التقيد بكتب دون أخرى، وحرم قراءة الحواشي في السنوات الأربع الاولى، وحرم التقارير التي على الحواشي، وبذلك نهض الأزهر نهضة مباركة، لو ظلت على حالها ولم تناهضها الاحداث لكان لها في تاريخ الأزهر شأن يذكر، ولكنها كانت كلسان الشمعة أضاء حينا ثم انطفأ.
فقد انفرط عقد النظام، وانهارت النهضة العلمية بخروج الشيخ محمد عبده من مجلس إدارة الأزهر ووفاته سنة 1905م.
وما زالت تتوالى على الأزهر القوانين والأنظمة واللوائح حتى سنة 1329ه (1911م) ولم تكن في تلك القوانين واللوائح ما يمس جوهر المواد الدراسية، وإنما يتناول تنظيم بعض الحالات الداخلية في الأزهر، كحضور الطلاب، وصرف المرتبات، ومنح كساوي التشريفات من ولي الأمر، وتعيين بعض المدرسين لدراسة الحساب والجبر والهندسة والجغرافيا والخط وغير ذلك. __________ 1) كان لفط «الاحد عشر علما» هو اللقب الشائع لذلك القانون في عهده. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الخميس 19 مايو 2016, 11:02 pm | |
| قانون رقم 10 سنة 1911م: يعتبر القانون رقم 10 سنة 1911م من أهم قوانين الأزهر في ذلك العهد، حيث تناول الدراسة، وجعلها مراحل، وجعل لكل مرحلة نظاما وعلوما، وزاد في مواد الدراسة، وحدد اختصاص شيخ الجامع الأزهر، وأنشأ هيئة تشرف على الأزهر تحت رئاسة شيخه تسمى مجلس الأزهر الأعلى، وأوجد هيئة كبار العلماء وجعل لها نظاما خاصا، وأن يكون لكل مذهب من المذاهب الأربعة التي تدرس في الأزهر شيخ، ولكل معهد من المعاهد مجلس إدارة، وجعل للموظفين نظاما في التعيين والترقية والتأديب والاجازات، وللطلاب شروطا في القبول، وحدودا للعقوبات والمسامحات ونظم الامتحانات والشهادات 1.
ونستطيع أن نبين بإيجاز الظروف والأحوال التي مرت فيها هذه القوانين، والثمرات التي جناها الأزهر منها.
والمآخذ التي أخذت عليها، إلى أن وضع قانون سنة 1930م المعدل بقانون سنة 1936م.
أشرنا فيما سبق أن قانون سنة 1288 قد وضع حدا للفوضى والارتباك الذي تورط فيه الأزهر في ذلك الحين.
ولكنه لم يستطع أن ينهض به إلى الغاية التي يرنو إليها محبو الإصلاح، ولم ينقله من جموده الذي استولى عليه، فبقى التعليم فيه كما كان مقصورا على العلوم الدينية والعربية وقليل من الهيئة والميقات والحساب للحاجة إليها في مواقيت الصلات والمواريث.
ولم يتأثر الأزهر ولا مناهج الدراسة فيه بالنهضة العلمية التي بعثها محمد على الكبير في مصر، على حين أن الباشا قد وجد في أبناء الأزهر المادة الأساسية التي أقام بها دعائم نهضته. __________ 1) وقد وضع هذا القانون لجنة مؤلفة من فتحي زغلول باشا، وعبد الخالق ثروت باشا، واسماعيل صدقي باشا، على أثر ثورة إصلاحية قام بها طلاب الأزهر، وساعدهم على ذلك بعض العلماء في ذلك العهد. ولم يقبل أولو الأمر منهم في مبدأ الحركة مطالبهم التي يعبرون فيها عن آلامهم من النظام القائم، فلما اشتدت الحركة ورأت الحكومة ان الأمر كاد يخرج من يدها لاستغلال بعض الأحزاب هذه الحركة، ولاستقالة الشيخ حسونة النواوي شيخ الأزهر بسبب ذلك، أصدرت امرا بتأليف اللجنة التي أشرنا اليها، ووضع القانون رقم 10 لسنة 1911 م. __________ ورغم اقتصار الأزهر على هذه المواد فإن الطلبة كانوا يقضون في تحصيلها مددا طويلة أقلها خمس عشرة سنة، ولا حد لأكثرها.
ومع أنها كانت تدرس في كتب سقيمة من المختصرات التي لا تفهم إلا بشروح وحواش وتقارير، فإن الطلبة كانوا يقدرون على الاستقلال بدراسة الكتب ويقدرون على فهمها، وكانت تنمو فيهم ملكات البحث والجدل.
ولكن إذا وازنا بين الفائدة التي يجنيها الأزهر من التعليم التحاوري اللفظي والمزايا التي يفقدها من عدم عنايته بالعلوم الكونية التي لا بد منها في تطبيق الأحكام الشرعية على وجهها الصحيح، لو وازنا بين ذلك أدركنا عدم قيام الأزهر بالثقافات التي تتطلبها حاجات العصر.
كل هذا كان يبعث أهل الغيرة من رجال الأمة ورجال الحكومة على تلمس وجوه الاصلاح، ولم يكن من الميسور أن يكون إصلاح الأزهر سهلا لاعتبارات تقليدية تاريخية.
ولا من الجائز أن يسلك في إصلاحه ما يسلك في تنظيم المدارس المدنية.
بل كان يجب أن يتناوله الاصلاح برفق، وأن يكون بإضافة القدر الضروري من المعارف، وإصلاح طريقة التعليم، وباختيار الكتب، وبتوجيه هذه القوى الجبارة إلى جوهر العلم، وأسرار الدين، وأسرار العربية.
وهذا الذي أشرنا إليه هو الذي لاحظه واضعو قانون سنة 1896 فضمنوه من وجوه الإصلاح مارأوه كفيلا بإنهاض الأزهر، وكان من حسن الحظ أن الذي قام على تنفيذ هذا القانون مجلس إدارة يضم طائفة من العلماء خلصت نيتهم وتوافرت لديهم وسائل التنفيذ، وهم المشايخ: حسونة النواوي، محمد عبده، سليم البشري، عبد الكريم سلمان، سليمان العبد، أسبغ اللّه عليهم واسع رحمته ورضوانه..
وقد أضاف هذا القانون مواد جديدة هي: الأخلاق، مصطلح الحديث، الحساب، الجبر، العروض والقافية.
وجعل التاريخ الإسلامي والإنشاء ومتن اللغة ومبادىء الهندسة وتقويم البلدان، وغيرها من مواد يفضل محصلها على غيره ويقدم عليه، وفك التقيد بكتب دون أخرى، وحرم قراءة الحواشي في السنوات الأربع الأولى.
وجعل من اختصاص مجلس الإدارة أن يعدل في مواد التعليم طبقا لما يراه من المصلحة.
سار الأزهر على هذا النظام عشر سنوات سيرا متئدا متزنا، لم تطغ فيه المواد الجديدة على المواد القديمة، لأنها أخذت بمقدار يناسب حال الأزهر، ونشطت دراسة العلوم الدينية والعربية بما كان يعطي للطلاب من المكافآت السنوية، وبما كان ينشر بينهم من أفكار المرحوم الشيخ محمد عبده في دروسه ومجتمعاته.
وقد انفرط عقد النظام بخروج الشيخ محمد عبده من مجلس الإدارة ثم وفاته سنة 1905 رضي اللّه عنه، كما قدمنا.
جدت بعد ذلك أحداث وفتن، وعولت الحكومة على إنشاء مدرسة للقضاء الشرعي، فصدر بها قانون في سنة 1907، وشعر الأزهريون بأن الحكومة أصبحت في غنى عنهم، لأن لها مدرسة لتخريج معلمي العربية في مدارسها ومعاهدها، هي دار العلوم، ومدرسة لتخريج القضاة.
وخاف القائمون على الأزهر من تقلص ظله، ومن عدم إقبال الناس عليه، حيث لم يبق بعد ذلك للعلماء إلا وظائف الإمامة والخطابة في المساجد، ففكروا وفكر الناس معهم في إعادة تنظيم الأزهر على مثال مدرسة القضاء، ومدرسة دار العلوم، بل على مثال يوجد للدراسة مواد أكثر ومناهج أطول.
وانتهى الأمر بهم إلى وضع القانون رقم 10 لسنة 1911 وكثر الاقبال على الأزهر، ووجدت معاهد أخرى في عواصم المديريات، وبعض المحافظات، جرت على نهجه، وسارت عليها نظمه، حتى صار عدد الطلاب في سنة 1917 م أكثر من عشرين ألفا.
وهذا القانون لم يخل من الفائدة، لأن تعلم التاريخ والجغرافيا والرياضة الأخرى، وغير عقليتهم، ووسع أفقهم، وإدخال المطالعة والمحفوظات والإنشاء أوجد من أهل الأزهر عددا كبيرا من الكتاب والشعراء، ومكن لهم من القدرة على الخطابة والوعظ.
وهذه الفائدة التي أفادها القانون رقم 10 لسنة 1911 تعد ضئيلة بجانب الضرر الذي نجم عنه، فقد اضطر الطلاب ليفوزوا بالنجاح في الامتحان التحريري إلى أن يعتمدوا على الحفظ والاستظهار، واستهانت المعاهد بالامتحان الشفوي.
وقد شعر المهيمنون على التعليم في الأزهر منذ وضع ذلك القانون بأن الأزهر أخذ يفقد أهم خصائصه ومميزات تعليمه، ولم تخل تقارير المفتشين في سنة من السنوات من الشكوى من اعتماد الطلبة على الاستظهار، ومن ضعف ملكاتهم العلمية.
وقد توالت على هذا القانون تعديلات آخرها التعديل الذي أدخل عليه بالقانون رقم 49 لسنة 1930 وهو أظهر تعديل طرأ عليه، ففي هذا القانون قسم التعليم العالي إلى ثلاث كليات: واحدة لعلم أصول الدين، وثانية لعلوم الشريعة، وثالثة لعلوم اللغة العربية، وأوجد تخصصا سمى تخصص المادة، وآخر سمي تخصص المهنة.
وقد كان الغرض من هذا تفرغ كل طائفة من التلاميذ في التعليم العالي والتخصص لطائفة من المواد الكثيرة التي كانت تدرس مجتمعة حتى يتيسر إتقان الدرس والفهم، وإتقان التحصيل.
ومع هذا ظلت الشكوى قائمة، وظهر أن الداء الذي يجب أن يحسم ويستأصل هو ضعف الطلبة في القسم الثانوي بسبب كثرة المواد، وبسبب طول المناهج في بعض المواد التي لا يحتاج الطالب في الأزهر إلى طول المناهج فيها.
فهذه الكثرة وهذا الطول لم يدعا وقتا لفهم الدروس وتمثيلها، ولم يدعا وقتا لطول التفكير والبحث والجدل، وتنمية ملكات العلوم والاستنباط 1 __________ 1) كان الشيخ المراغى في آخر مشيخته الأولى وقد وضع مشروع قانون الاصلاح الأزهر، وتقدم- __________ القانون رقم 49 لسنة 1930: صدر هذا القانون في عهد المغفور له الشيخ محمد الأحمدي الظواهري شيخ الجامع الأزهر (1929 - 1935) وقد أنشئت بمقتضاه الكليات الثلاث القائمة الآن بالأزهر، وهي كليات اللغة العربية، وأصول الدين، والشريعة.
وقد نص فيه على جواز إنشاء كليات أخرى.
ويعد هذا القانون بحق أول خطوة رسمية في تمكين الجامع الأزهر من مسايرة التقدم العلمي والاجتماعي في العصر الحاضر، وفي تزويد طلابه بما يجب أن يحيط به رجل الدين الحديث من العلوم ومن الاتجاهات.
وقد افتتحت هذه الكليات في الأماكن التي أعدت لها مؤقتا لحين الانتهاء من الابنية الفخمة التي خصصت لها.
فتم ذلك في يومين مشهودين في حياة الأزهر، هما يوما 17 و18 مارس سنة 1933.
وقد جعل هذا القانون التعليم في الأزهر أربع مراحل: 1 - ابتدائي ومدته أربع سنوات، ويدرس فيه من المواد ما يلي: الفقه، الأخلاق الدينية، التجويد، استذكار القرآن الكريم، التوحيد، السيرة النبوية، المطالعة والمحظوظات، الانشاء، النحو، الصرف، الاملاء، الخط، التاريخ، الجغرافيا، الحساب، الهندسة العملية، مبادىء العلوم، تدبير الصحة، الرسم.
2 - ثانوي ومدته خمس سنوات، وتمنح منه شهادة الثانوية قسم أول، و «شهادة الثانوية قسم ثان»
ويدرس فيه من المواد ما يلي: الفقه، التفسير، الحديث، التوحيد، استذكار القرآن الكريم، النحو، الصرف، البلاغة (البيان والبديع والمعاني)، العروض والقافية، المطالعة والمحفوظات، الانشاء، أدب اللغة، الرياضة (الحساب والهندسة والجبر)، العلوم (الطبيعة والكيمياء والتاريخ الطبيعي)، المنطق، التاريخ، الجغرافيا، الأخلاق، التربية الوطنية. __________ 1) به لأولي الأمر، ولكن الظروف حالت دون النظر في ذلك المشروع فانصرف الشيخ المراغى عن مشيخة الأزهر، وتولاها الشيخ محمد الأحمدي الظواهري في اكتوبر سنة 1929 م ووكل إليه النظر في مشروع قانون للجامع والمعاهد الدينية، فوضعه، واعتمد من ولي الأمر، ونفذ سنة 1931 وافتتحت كليات الأزهر التي أنشئت بذلك القانون سنة 1933. __________ 3 - عال ومدته أربع سنوات، وينقسم إلى ثلاث كليات: 1 - كلية اللغة العربية. ويدرس فيها من المواد ما يلي: النحو، الوضع، الصرف، المنطق، علوم البلاغة، الآداب العربية وتاريخها، تاريخ العرب قبل الإسلام وتاريخ الأمم الإسلامية، التفسير، الحديث، الأصول، الإنشاء، فقه اللغة.
ب- كلية الشريعة. ويدرس فيها من المواد ما يلي: التفسير، الحديث متنا ورجالا ومصطلحا، أصول الفقه، تاريخ التشريع الإسلامي، الفقه مع مقارنة المذاهب في المسائل الكلية وحكمة التشريع، أدب اللغة العربية، علوم البلاغة. المنطق.
ج- كلية أصول الدين. ويدرس فيها من المواد ما يلي: التوحيد مع إيراد الحجج ودفع الشبه خصوصا الذائع في العصر منها: المنطق والمناظرة، الفلسفة مع الرد على ما يكون منافيا للدين منها، الأخلاق، التفسير، الحديث، آداب اللغة العربية وتاريخها، تاريخ الإسلام، علم النفس، علوم البلاغة.
4 - التخصص وهو على نوعين: تخصص في المهنة، وتخصص في المادة، والغرض من التخصص في المهنة، هو إعداد علماء يقومون بمهنة الوعظ والارشاد أو الوظائف القضائية بالمحاكم الشرعية، والافتاء والمحاماة، أو التدريس في المعاهد الدينية ومدارس الحكومة.
والغرض من التخصص في المادة: إعداد علماء متفوقين في العلوم الأساسية لكل كلية من الكليات الثلاث.
ويعين حاملو شهادة هذا القسم في وظائف التدريس بالكليات، وبأقسام التخصص وهناك علاوة على ذلك أقسام غير نظامية يسمح فيها بدخول الطلبة الذين لم تتوافر فيهم شروط القبول بالأقسام النظامية، وكذلك أفراد الجمهور للتوسع في دراسة اللغة العربية والعلوم الدينية.
قانون رقم 26 لسنة 1936: ورأى الشيخ محمد مصطفى المراغي عقب توليته شيخا للأزهر سنة 1935م أن يضع مشروع قانون لإصلاح الأزهر يفي بالأغراض التي تحقق آمال المسلمين فيه، وترجع به إلى عصوره الزاهرة من البحث العلمي السليم والتفكير الحر، ودراسه الفنون التي تتفق مع طابعه القديم.
وتطابق مقتضيات العصر وتلبي مطالبه، وقد وضع ذلك المشروع، وتقدم به لولى الأمر فصدر به مرسوم بقانون تحت رقم 26 لسنة 1936، وقد وضع بجانبه مذكرة إيضاحية بين فيها الأغراض التي قصد إليها في مشروعه.
ونحن نثبت هنا بعض ما جاء في المذكرة في هذا الصدد: «إننا إذ نحاول إصلاح الأزهر نريد أن نوجد طالباً يفهم مسائل العلوم فهماً صحيحاً، ويفهم أغراضها وصلتها بأدلتها، وصلتها بعضها ببعض، ويستطيع التطبيق على الجزئيات، ويستطيع الاستنباط والتدليل، ويستطيع فهم الكتب القديمة التي ألفت في العصور المختلفة في جميع الفنون الإسلامية.
«و إني على بغضى لأكثر الكتب التي ألفت في العصور المتأخرة، أكره من الطلاب أن يعجزوا عن فهمها.
لأن فيها خيراً كثيراً، ودقائق لا يصح الجهل بها.
لذلك أحب أن يستطيع الطلاب فهمها، ويقدروا على حلها.
«نعم إني لا أحب أن تدرس العلوم على هذه الكتب، بل أحب أن توجد كتب في جميع الفنون الحديثة على أسلوب عربي صحيح مناسب التحقيق العلمي، وأن تحيا الكتب القديمة الجيدة في الأسلوب والوضع.
فهذا الميراث العظيم يجب أن يؤخذ كله سلسلة متصلة الحلقات. «هذا الذي نحاوله بالتجديد يجب على ما أرى أن يضعه الناس أمامهم، وأن يجدوا للوصول إليه، وهو غاية يقل في جانبها كل جهد، ويرخص في سبيلها كل ما يبذل للوصول إليها.
ولقد كان أسلافنا أشد الناس عناية بالعلم، فلم يمض الزمن القليل حتى أخذوا علم اليونان وأدب الفرس وحكمة الهند، واستعانوا بذلك كله في تفسير القرآن، وفي وضع علم الكلام على الأسس التي نراها في مثل المواقف والمقاصد، واستعانوا به في تنظيم مسائل العلوم جميعها، فلم يخل علم من أثر الفلسفة والمنطق. ولقد كانت لهم محاولات جديرة بالاعجاب في التوفيق بين الدين ونظريات الفلسفة.
وقد أخذ العلم يسير في هذا العصر سيرة جديدة، وتغيرت نظريات الفلسفة وحدثت نظريات أخرى، وكان من شأن ذلك كله أن توجه على الأديان جملة، وعلى الإسلام خاصة، حملات، وصار من الواجب الحتم على علماء المسلمين أن يحيطوا علما بكل ما يوجه إلى الأديان عامة، وإلى الإسلام خاصة من مطاعن، وأن يردوا تلك المطاعن التي توجه إلى الإسلام، ويذودوا عن عقيدتهم بأدلة ناصعة، وأسلوب مقنع ممتع، ليجنبوا المتعلمين تعليما مدنيا الشبه الزائفة، وليضموا إلى الإسلام أفرادا وشعوبا من الأمم التي تتطلع إلى الإسلام، وتبتغي الوقوف على خصائصه ومزاياه.
وهذا لا يتم لهم على ما ينبغي إلا بالاتصال بغيرهم اتصالا علميا وبتعرف اللغات الحية التي يكثر فيها الإنتاج العلمي، والتي يتناول بها العلماء مسائل الإسلام ومسائل اللغة العربية.
لذلك وجب أن يكون لأهل الأزهر نصيب من هذه اللغات.
وهناك فائدة أخرى لتعليم اللغات، وهي أنها تساعد على معرفة طريقة وضع الكتب، وعلى معرفة الاسلوب الحديث في التأليف والتفكير، وطريقة عرض المسائل على أنظار المتعلمين.
الأغراض التي نرمي إليها، ويوجد الطالب الأزهري الذي نبتغيه، بل إن الذي يحقق هذه الأغراض الرغبة الصادقة في التعليم، والعزيمة القوية على احتمال الجهد والصبر لقطع مراحل التعليم في هدوء وطمأنينة، والإيمان بأن العلم عزيز يقتنى، وحلية للنفس، ومتعة للعقل، وجمال لمن يتصف به، والحرص على الإفادة والتعليم، والإيمان بأن ذلك فرض للعلم واجب للّه ولرسوله وللمؤمنين، والشعور بلذة الإنفاق منه يزيد في الثروة، ويشبع نهم النفس التواقة إلى الغنى، وأن هذه الثروة خير مما هو مخزون في خزائن الأغنياء.
وعند النظر في مواد التعليم لإصلاح القانون رقم 49 لسنة 1930 والقانون رقم 37 لسنة 1933 رئى إدماجهما معا، كما رئى أيضا أن يشمل الإصلاح الأبواب الأخرى من هذين القانونين، فتم ذلك، وتألف منهما هذا المشروع».
الدراسة في الأزهر الحديث 1 جعل قانون 1936 التعليم في الأزهر أربع مراحل: 1 - ابتدائي ومدته أربع سنوات، ويدرس فيه من المواد ما يلي: علوم دينية: الفقه، التوحيد، السيرة النبوية، وسيرة كبار الصحابة، تجويد القرآن الكريم.
علوم اللغة العربية: الإنشاء، النحو، الصرف، الاملاء، المطالعة، المحفوظات.
علوم أخرى: التاريخ، الجغرافيا، الرياضة، تدبير الصحة، الرسم، الخط.
2 - ثانوي ومدته خمس سنوات، ويمنح منه شهادة واحدة هي شهادة اتمام الدراسة الثانوية. ويدرس فيه من المواد ما يلي: __________ 1) طبقا للقانون رقم 26 لسنة 1936 - وقد أدخلت عليه فيما بعد عدة تعديلات. __________ علوم دينية: الفقه، التفسير، الحديث متنا ومصطلحا، التوحيد. علوم اللغة العربية: النحو، الصرف، البلاغة: البيان والمعاني والبديع، والإنشاء، أدب اللغة، العروض والقافية، المطالعة، والمحفوظات.
علوم أخرى: المنطق وأدب البحث، الطبيعة، الكيمياء، علم الحياة، الجغرافيا.
3 - الكليات وهي ثلاث: كلية الشريعة وتتبعها الأقسام الآتية: أ- شهادة الدراسة العالية ومدتها أربع سنوات. والمواد التي تدرس للحصول عليها: التفسير: الحديث متنا ورجالا ومصطلحا، أصول الفقه مع حكمة للتشريع ومقارنة المذاهب في المسائل الكلية، تاريخ التشريع الإسلامي، المنطق، الفلسفة، لغة أجنبية (الانجليزية أو الفرنسية) وتدرس بصفة اختيارية.
ب- شهادة العالمية مع إجازة القضاء. والمواد التي تدرس للحصول عليها بعد النجاح في الشهادة العالية: قوانين ولوائح المحاكم الشرعية والأوقاف والمجالس الحسبية، التوثيقات الشرعية، إجراءات وتمرينات قضائية، ودراسة القضايا ذات المبادىء، السياسة الشرعية، القانون الدولي الخاص، تاريخ القضاء والقضاة في الإسلام، النظام الدستوري للدولة، محاضرات في مبادىء الاقتصاد، محاضرات طبية، محاضرات فلكية، لغة أجنبية اختيارية، وهي التي درست في الكلية.
يتخصص فيها للحصول عليها بعد النجاح في الشهادة العالية:
الأصول الفقه مع حكمة التشريع ومقارنة المذاهب، وتاريخ التشريع الإسلامي. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الخميس 19 مايو 2016, 11:15 pm | |
| كلية أصول الدين، وتتبعها الأقسام الآتية: أ- شهادة الدراسة العالية في أصول الدين.
والعلوم التي تدرس للحصول عليها هي: التوحيد، التفسير، الحديث متنا ومصطلحا ورجالا، المنطق وأدب البحث، الأخلاق، الفلسفة، الأصول، التاريخ الإسلامي، علم النفس، لغة أجنبية (الانجليزية أو الفرنسية).
ب- شهادة العالمية مع الإجازة في الدعوة والإرشاد. والمواد التي تدرس للحصول عليها بعد النجاح في الشهادة العالية هي: القرآن الكريم وعلومه، الحديث الشريف وعلومه، الدعوة إلى سبيل اللّه ووسائلها، الخطابة والمناظرة، الملل والنحل والمذاهب الفقهية وتواريخها، البدع والعادات، اللغة الأجنبية التي درست في الكلية، لغة شرقية.
ج- شهادة العالمية مع درجة أستاذ في التوحيد والفلسفة. والمواد التي تدرس للحصول عليها بعد النجاح في الشهادة العالية وهي: التوحيد، المنطق، الفلسفة، الأخلاق.
د- شهادة العالمية مع درجة أستاذ في علوم القرآن الكريم والحديث الشريف.
ه- شهادة العالمية، مع درجة أستاذ في التاريخ الإسلامي. كلية اللغة العربية.
وتتبعها الأقسام الآتية: أ- شهادة الدراسة العالية في اللغة العربية. ب- شهادة العالمية مع لإجازة في التدريس. ج- شهادة العالمية من درجة أستاذ في النحو. د- شهادة العالمية من درجة أستاذ في البلاغة والأدب.
قانون الأزهر الجديد لعام 1961: وافق مجلس الأمة على القانون الجديد لتنظيم الأزهر وتطويره مع الاحتفاظ له بطابعه وبخصائصه وصفته، عالج القانون مشكلات الأزهر في صميمها.
المذكرة الإيضاحية: لقد قام الأزهر بدور عظيم في تاريخ العلم، وفي تاريخ الإسلام، وفي تاريخ العروبة.
وفي تاريخ الكفاح القومي على توالي العصور ووقف قلعة شامخة في وجه كل المحاولات التي قصد منها استعبادنا والسيطرة علينا وتحطيم كياننا القومي والروحي.
وكانت التقاليد العلمية في الأزهر أساسا للنظام الجامعي والتقاليد الجامعية في كل بلاد الدنيا، فهو أقدم جامعة في العالم وإن لم يكن اسمه بين أسماء جامعاتنا.
ومن علم الأزهر شع نور الإسلام في بلاد كثيرة من إفريقيا ومن آسيا وزاد عدد المسلمين عشرات الملايين.
وكانت بعوث الأمم المختلفة إلى الأزهر سببا لتوثيق علاقاتنا ببلاد كثيرة وشعوب متعددة منذ أقدم العصور إلى اليوم، وقد اكتسب اسم الأزهر بذلك قدسية، واكتسب المنتسبون إليه احتراماً، وصار رأيه الرأي في كل ما يتعلق بالعقيدة والشريعة، وصار هو الجامعة الإسلامية الكبرى في الشرق والغرب، لا يطلب أحد علوم الإسلام إلا عن طريق الأزهر، ولا تتجه قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى معهد يفد إليه أولادهم للتزود من أسباب المعرفة غير الأزهر.
على أن التزام الأزهر الوقوف قرونا طويلة في وجه كل محاولات العدوان الدفاعي الذي التزمه خلال تلك القرون، فلما نشطت الحياة حواليه وزالت الأسباب التي كانت تضطره إلى المحافظة والتزمت لم يجد الوسيلة الملائمة التي تعينه على الحركة المتجددة التي تلائم بينه وبين عصره مع احتفاظه بخصائصه وقيامه بواجبه لحياطة الدين والمحافظة على تراث الإسلام، من ذلك أن خريجيه لم يزالوا حتى اليوم -فيما يريدون لأنفسهم أو فيما يصفهم غيرهم- رجال دين، لا يكادون يتصلون بعلوم الدنيا اتصال النفع والانتفاع.
والإسلام في حقيقته الأصيلة لا يفرق بين علم الدين وعلم الدنيا، لأنه دين اجتماعي ينظم سلوك الناس في الحياة ليحيوا حياتهم في حب اللّه عاملين مؤثرين في المجتمع في ظل طاعة اللّه، ولأن الإسلام يفرض على كل مسلم أن يأخذ بنصيبه من الدين والدنيا، فكل مسلم يجب أن يكون رجل دين ورجل دنيا في وقت معا، واللّه في يقين المسلم أقرب إليه من حبل الوريد، يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، فليس في حاجة إلى شفيع أو وسيط يقربه إليه.
على أن العالم الإسلامي اليوم قد انفسح مداه واتسع نطاقه وأطل على آفاق فكر جديدة ووضعته الظروف السياسية التي تمر به وضع الاختبار في مجالات شتى.
وأكثره قد خرج منذ قريب من تحت النير الاستعماري وفي نفوس أهله آمال ضخمة لاستكمال أسباب تحرره ونهضته والارتفاع بمستوى معيشته.
وكانت الثقافات الاستعمارية تحاول طوال السنين التي يسيطر فيها الاستعمار على العالم الإسلامي أن تلون أفكار أهله وعقائدهم وأن تضع في نفوسهم موازين جديدة وقيما جديدة يمكن أن تباعد بينهم وبين الإسلام.
فلو لا طبيعة المقاومة في نفوس المسلمين لسحقتهم المحاولات المتوالية خلال تلك السنين وأخرجتهم عن دينهم، ولعلها قد بلغت من ذلك مبلغا ما حين أوقعت في أذهان كثير منهم أن الإسلام عبادة وقربى إلى اللّه وفناء في اللّه، وأن العمل للحياة شيء آخر يختلف عن الدين أو يتعارض مع الدين.
ربما أوقعت في أذهان بعضهم كذلك أن المذاهب الاجتماعية تضمن للبشر سعادة ورفاهية لا يكفل مثلها الإسلام، وربما لا يكفلها غير الإسلام من الأديان السماوية.
وفي كثير من البلاد التي تخلصت حديثا من ربقة الاستعمار رغبة في التخطيط والعمل والإنتاج في مجالات الصناعة والتجارة والتعدين والتعليم والصحة وغيرها من أسباب النهوض، وهي حين تلتمس الخبراء في كل نوع من أنواع هذا النشاط لا تكاد تجد إلا أجانب عن بيئتها ودينها من المواطنين أو من غير المواطنين، وحين تلتمس من المواطنين خبراء يملكون مع الخبرة معارف دينية صحيحة وعقيدة واعية لا تكاد تعرف أين توفدهم ليتعلموا ويستفيدوا الخبرة والمعرفة والعقيدة.
وهي عناصر ثلاثة ضرورية لتستكمل هذه البلاد نهضتها وتمضي في وجهها على الطريق السوي وإذ كان الأزهر وحده هو المعهد أو الجامعة التي يحرص المسلمون وراء الحدود على ان يقنع فيه أبناؤهم لهذه المسئوليات فقد كان من الطبيعي أن يكون نظام الأزهر وعلى الأزهر بحيث تعد هؤلاء الخبراء مستكملين لكل العناصر التي تهيئهم لحمل أعباء النهضة في بلادهم.
أو لكن الأزهر إذ يعد علماء في الدين وفي لغة القرآن لم يتهيأ بعد لتأهيل العالم الديني المتخصص في عمل من أعمال الخبرة والإنتاج التي تحتاج إليها نهضة المسلمين في كل البلاد.
وحين تنبهت بعض البلاد الإسلامية إلى هذه الحقيقة المؤسفة فحولت بعثاتها كلها أو بعضها إلى الجامعات المدنية في الجمهورية العربية المتحدة أو في غيرها من البلاد، عاد إليها مبعوثوها بعد إتمام دراستهم وهم يملكون الخبرة ولا يكادون يعرفون الدين، في حين يعود المبعوثون منهم إلى الأزهر وقد حصلوا من علوم الدين وعلوم القرآن حظا كبيرا، ولكنهم لا يحسنون عملا ولا يطيقون إنتاجا ولا يقدرون على المشاركة في لون من ألوان النهضة التي أشرنا إليها آنفا.
وبهؤلاء وأولئك تعقدت الحياة الاجتماعية في كثير من بلاد العالم الإسلامي وتعثرت النهضة في تلك البلاد.
ومن حسن الحظ أن يجمع كل أهل الغيرة في كل البلاد الإسلامية على رأي واحد في هذه المشكلة هو أن يعرف عالم الدين علوما أخرى يعيش بها ويشارك بها في النهضة ليرتفع مقام الدين عن أن يكون حرفة أو أن يكون سببا للتعطل والضياع في المجتمع، وسبيل ذلك أن تتطور معاهد الدراسات الإسلامية العالية بحيث تواجه احتياجات النهضة فلا تقتصر على الدراسات الدينية بل يجب أن تجمع إليها علوما أخرى تتحقق بها لكل خريج الخبرة والمعرفة وسلامة العقيدة ليعود هؤلاء الخريجون إلى مراكز القيادة في كل مجال من مجالات النشاط في العالم الإسلامي المتحرر.
هذه الحقائق المسلم بها لا تكاد تجد لها صورة صحيحة في خريجي الأزهر لعصرنا، ومن ثم كان نوع من الانعزال بينهم وبين المجتمع الذي يعيشون فيه.
ونشأت مشكلة تعطل كبيرة بين هؤلاء الخريجين زادتهم انعزالا عن المجتمع.
وأعقبت هذه المشكلة آثارا كبيرة في نفوس الأزهريين وفي نفوس الشعب جميعا، كما كان لها أثرها في قوة العقيدة في نفوس هؤلاء وأولئك، أما في نفوس الأزهريين فذلك أن خريج الأزهر حين يتعطل يمكن أن يقع في وهمه أحد أمرين: إما أن عالم الدين مآله التعطل والهوان، فيصيبه وهن العقيدة قبل أن يصيب غيره، وإما أن الدولة لا تعترف به والشعب يحاربه، فيعتزل الدولة والمجتمع.
وأما في نفوس الشعب فإن الناس لا يكادون يعرفون الدين إلا من صورة عالم الدين، فإذا كان عالم الدين على ما وصفنا فما أسرع أن يرين الشك على بعض القلوب وتفسد بعض العقائد.
من ذلك أو من بعضه يكون وهن العقيدة وتكون بعض صور الانقسام في المجتمع، ويكون تعقد نفوس كثيرة، ويكون سوء ظن بعض المواطنين ببعض، وسوء رأي بعض المواطنين في بعض. ويمكن أن نلحظ مثل هذا الشعور في بلاد أخرى وراء حدود وطننا، إذ إلى بلادهم مثل مصير خريجي الأزهر في بلادنا، فانتقلت هذه الآثار إلى مجتمعهم وكاد مجتمعهم يفقد ثقته بالأزهر، ويوشك هذا الشعور إن عم أن يقطع كثيرا من الأواصر بيننا وبين تلك البلاد.
من أجل ذلك جميعه كان لا بد من تجديد الأزهر وتطويره والاعتراف بمكانته وأثره مع الاحتفاظ له بطابعه وخصائصه وصفته التي استحق بها أن يبقى مسيطرا على تاريخنا وعلى العلاقات الوثيقة بيننا وبين إخوان لنا في شرق الأرض وغربها أكثر من ألف سنة.
وقد تكررت محاولات لمثل هذا الغرض منذ أكثر من نصف قرن، ولكنها جميعا لم تنفذ إلى صميم المشكلة ولم تحاول علاجها جذريا، فكانت قشورا من الإصلاح لعل بعضها كان أسوأ أثراً.
ولعلاج المشكلة من صميمها كان لا بد من تقرير مبادىء لتكون أساسا لكل محاولة إصلاح.
وعلى أساس المبادىء التي انتهينا إلى تقريرها كان مشروع الإصلاح الذي يتضمنه هذا القانون.
وهذه المبادىء هي: أولا: أن يبقى الأزهر أو أن يدعم، ليظل أكبر جامعة إسلامية وأقدم جامعة في الشرق والغرب.
ثانيا: أن يظل كما كان منذ أكثر من ألف سنة حصنا للدين والعروبة، يرتقي به الإسلام ويتجدد ويتجلى في جوهره الأصيل ويتسع نطاق العلم به في كل مستوى وفي كل بيئة ويذاد عنه كل ما يشوبه وكل ما يرمي به.
ثالثا: أن يخرج علماء قد حصلوا كل ما يمكن تحصيله من علوم الدين وتهيئوا بكل ما يمكن من أسباب العلم والخبرة للعمل والإنتاج في كل مجال من مجالات العمل والإنتاج فلا تكون كل حرفتهم أو كل بضاعتهم هي الدين.
رابعا: التعليم الأخرى وتزول الفوارق بين خريجيه وسائر الخريجين في كل مستوى، وتتكافأ فرصهم جميعا في مجالات العلم ومجالات العمل.
خامسا: أن يتحقق قدر مشترك من المعرفة والخبرة بين المتعلمين في جامعة الأزهر والمعاهد الأزهرية وبين سائر المتعلمين في الجامعات والمدارس الأخرى -مع الحرص على الدراسات الدينية والعربية التي يمتاز بها الأزهر منذ كان- لتتحقق لخريجي الأزهر الحديث وحدة فكرية ونفسية بين أبناء الوطن، ويتحقق بهم للوطن وللعالم الإسلامي نوع من الخريجين مؤهل للقيادة في كل مجال من المجالات الروحية والعلمية.
سادسا: أن توحد الشهادات الدراسية والجامعية في كل الجامعات ومعاهد التعليم في الجمهورية العربية المتحدة.
على أساس هذه المبادىء أعد مشروع القانون المرافق لتنظيم الأزهر فاحتفظ له بكيانه وصفته وخصائصه العلمية.
وجعلت الهيئات التي يتكون منها خمسا هي: 1 - المجلس الأعلى للأزهر. 2 - مجمع البحوث الإسلامية. 3 - إدارة الثقافة والبعوث الإسلامية. 4 - جامعة الأزهر. 5 - المعاهد الأزهرية.
أما المجلس الأعلى للأزهر، فهو الهيئة التي تحمل مسئوليات التوجيه في كل شئون الأزهر وتخطط لأنواع النشاط في هيئاته المختلفة، وتتابع تنفيذ سياسة البحث وسياسة التعليم في أجهزته المختلفة، ويرأسها الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر، ويشترك في عضويتها إلى جانب الكبار من العلماء-متخصصون وذوو خبرة في التعليم وفي الإدارة.
وأما مجمع البحوث الإسلامية فوضع نظامه بحيث يكون هو الهيئة العليا للبحوث الإسلامية، يقوم بالدراسة في كل ما يتصل بهذه البحوث، ويعمل على تجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب وتجليتها في جوهرها الأصيل الخالص وتوسيع نطاق العلم بها لكل مستوى وفي كل بيئة وبيان الرأي فيما يجد من مشكلات مذهبية أو اجتماعية تتصل بالعقيدة، وحمل تبعة الدعوة إلى سبيل اللّه بالحكمة والموعظة الحسنة، وجعل من مهمة هذا الجمع كذلك أن يتتبع ما ينشر عن الإسلام والتراث الإسلامي من بحوث الأجانب ودراساتهم، للانتفاع بما فيها من رأي صحيح أو مواجهتها بالتصحيح والرد.
كما يقوم المجمع على رسم نظام بعوث الأزهر إلى العالم الإسلامي ومن العالم الإسلامي، كما يعاون في توجيه الدراسات الإسلامية العليا لدرجتى التخصص والعالمية في جامعة الأزهر والإشراف عليها والمشاركة في امتحاناتها، وجعلت شروط العضوية في هذا المجمع تضم أصلح العناصر لأداء مهمته.
وأما إدارة الثقافة والبعوث الإسلامية فهي الجهاز الذي يهيء لمجمع البحوث الإسلامية كل أسباب البحث والدراسة في الموضوعات التي تتصل باختصاصته، كما تقوم بالإعداد والتحضير لهذه البحوث والدراسات وتحمل المسئولية الكاملة للمتابعة والتنفيذ، وتضع نتائج هذه البحوث والدراسات موضع الانتفاع العام، سواء في المجالات الثقافية العامة أو في فروع الدراسات الأزهرية.
وتقوم هذه الإدارة كذلك على إعداد مشروعات البعوث من الأزهر وإليه، وتحمل مسئولية التنفيذ بالنسبة لهذه البعوث وتقوم نتائجها. وأما جامعة الأزهر فقد وضع مشروعها على أساس أن تختص بكل ما يتعلق بالتعليم العالي في الأزهر، وبالبحوث التي تتصل بهذا التعليم أو تترتب عليه، كما نهتم ببعث التراث العلمي والفكري والروحي للشعوب بالعلماء العاملين الذين يجمعون إلى التفقه في العقيدة والشريعة ولغة القرآن، كفاية علمية وعملية ومهنية تؤهلهم للمشاركة في كل أنواع النشاط والإنتاج والريادة والقدوة الطبية والدعوة إلى سبيل اللّه بالحكمة والموعظة الحسنة، كما تعني بتوثيق الروابط الثقافية والعلمية مع الجامعات والهيئات العلمية والإسلامية والعربية والأجنبية.
وقد نص القانون في المادة 34 على الكليات التي تشملها جامعة الأزهر وهي:
كليات الدراسات الإسلامية، وكلية الدراسات العربية، وكلية المعاملات والإدارة.
وكلية الهندسة والصناعات، وكلية الزراعة، وكلية الطب، مع النص على جواز إنشاء كليات أخرى كلما دعت الحاجة، وطبيعي أن هذه الكليات كلها أو بعضها لا يمكن أن تكون صورة مكررة للكليات القائمة الآن في الأزهر أو في الجامعات الأخرى، إذ لا بد أن تتحقق لها مع صفتها العامة صفة تلائم الصفة الخاصة بجامعة الأزهر، بحيث يكون فيها إلى جانب الدراسات الفنية الخاصة، دراسات إسلامية ودينية تتحقق بها للطالب ثقافة دينية عميقة وواعية إلى جانب الثقافة المهنية التي يحصلها نظراؤه في الكليات المماثلة في الجامعات الأخرى، وبحيث تتاح لخريجيها بعد الحصول على درجة الإجازة العالية (الليسانس أو البكالوريوس) من أية كلية من كلياتها دراسة عليا في مادة التخصص أو في مادة من مواد الدراسات الإسلامية والعربية العالية للحصول بها على درجة التخصص أو العالمية (الماجستير أو الدكتوراه) في مادة الدراسة، وليس مثل هذا النظام مستحدثا في تاريخ الأزهر والجامعات الإسلامية، فإن أعظم علماء الطب والكيمياء والرياضة في الماضي كانوا علماء في الدين، منهم أبن سينا والفارابي وابن الهيثم وجابر بن حيان وآخرون...
ولا بد أن يكون لكل كلية من هذه الكليات أقسام مختلفة تختص بها أو تشترك فيها مع غيرها من الكليات لتنويع الدراسات وتنويع الخريجين إلى أكثر مما يدل عليه عدد هذه الكليات.
وإذ كانت جامعة الأزهر هي جامعة المسلمين من كل بلد منذ كانت، فقد نصت المادة الثامنة والثلاثون على أن تتساوى فرص القبول في كلياتها والأقسام الملحقة بها للطلاب المسلمين من كل بلد.
ورعاية للصفة الخاصة لجامعة الأزهر، رؤى أن تستقل عن الجامعات الأخرى في الجمهورية العربية المتحدة، بتبعيتها لرياسة الجمهورية، مع الحرص على التنسيق بينها وبين الجامعات الأخوى بقدر ما تقتضيه الصفة الخاصة بالأزهر وأغراض الدراسة فيه.
وحرص القانون على أن يكون أعضاء مجمع البحوث الإسلامية ممثلين في مجلس الجامعة بالقدر الذي يتيح لهم أن يوجهوا الدراسات الإسلامية في الكليات المختلفة، فتقرر أن يكون منهم في مجلس الجامعة ثلاثة من أعضاء هذا المجمع، مع احتمال زيادة عددهم ببعض الأعضاء الذين يمثلون هيئات أخرى من الأزهر أو من خارجه.
وإذ كان المأمول أن تكون بعض أنواع الدراسة في كليات جامعة الأزهر على هذا الأساس نموذجا لنوع من الدراسات يلائم رغبات كثير من المواطنين، لتتحقق بها لأبنائهم معارف وثقافات دينية وقومية وكان من المتوقع لذلك أن يقبل بعض خريجي المدارس الثانوية على هذه الكليات، فقد حرص مشروع القانون على مواجهة هذا الاحتمال باشتراط أداء الطلاب الذين لم تتهيأ لهم فرصة الدراسة في المعاهد الأزهرية امتحان معادلة يؤهلهم لمتابعة الدراسة في هذه الكليات مع زملائهم من خريجي المعاهد الأزهرية.
وأما المعاهد الأزهرية، فإنه لكي يعد لكليات الجامعة الأزهرية على اختلافها طلاب على حظ من الثقافة الإسلامية والعربية لا يقل عن حظهم منها في الوقت الحاضر، إلى جانب المعارف والخبرات التي تتيح لهم الاستمرار في الدراسات الجامعية على الوجه الذي وصفناه، وضع نظام دراساتهم الدينية والعربية للحصول على الشهادات الإعدادية والثانوية بأنواعها المختلفة، لتتكافأ فرصهم مع فرص غيرهم من التلاميذ في مدارس الدولة فيحصل تلميذ القسم الإبتدائي على الإعدادية العامة، أو الإعدادية الفنية، إلى جانب ما درس من علوم الدين واللغة، ويحصل تلميذ القسم الثانوي على الثانوية العامة بأحد قسميها الأدبي أو العلمي، أو على الثانوية الفنية بأنواعها من زراعية أو صناعية أو تجارية أو غير ذلك، إلى جانب ما درس كذلك من علوم الدين أو اللغة، وبهذا يتاح لكل تلميذ في هذه الأقسام أن يوجه حياته الوجهة التي يريد والتي تلائم ميوله واستعداده، فإن شاء خرج إلى الحياة ليعمل ويكسب بعد كل مرحلة، وإن شاء استمر في الدراسة مرحلة أخرى أو مرحلتين ليخرج بعدها مؤهلا للعمل والكسب، وإن شاء تحول إلى المدارس الأخرى يتم فيها دراسته وفق ميوله ورغباته، وتجد كليات جامعة الأزهر في النهاية طلابا يجمعون بين علوم الدين وعلوم الدنيا، ولهم كل الأهلية لمتابعة الدراسة الجامعية في كليات جامعة الأزهر أو في غيرها من الكليات ومعاهد الدراسة العالية.
وقد حرص القانون في هذه الناحية على أن يكون التعاون كاملا بين وزارة التربية والتعليم والإدارة المختصة بالإشراف على هذه الأقسام وإدارتها ليتحقق بهذا التعاون نوع من الثقة يدعم قيمة الشهادات التي يحصل عليها الطلاب من هذه الأقسام. وقد واجه مشروع القانون مرحلة الانتقال بين وضع الأزهر وكلياته والأقسام الملحقة به في الوقت الحاضر.
ووضعها المنتظر بعد التطبيق الكامل لهذا القانون فنص على إنشاء دراسات إضافية في الأقسام الثانوية والابتدائية منذ الموسم الدراسي المقبل لتهيئة تلاميذ هذه الأقسام الحاليين للحصول على شهادات معادلة تتيح لهم الانتفاع بمزايا هذا القانون في أسرع وقت ممكن.
كما حرص على الملاءمة بين وضع الطلاب الحاليين في الكليات الأزهرية وبين مقتضيات تطبيق القانون. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الخميس 19 مايو 2016, 11:35 pm | |
| دراساتهم الدينية والعربية للحصول على الشهادات الإعدادية والثانوية بأنواعها المختلفة، لتتكافأ فرصهم مع فرص غيرهم من التلاميذ في مدارس الدولة فيحصل تلميذ القسم الإبتدائي على الإعدادية العامة، أو الإعدادية الفنية، إلى جانب ما درس من علوم الدين واللغة، ويحصل تلميذ القسم الثانوي على الثانوية العامة بأحد قسميها الأدبي أو العلمي، أو على الثانوية الفنية بأنواعها من زراعية أو صناعية أو تجارية أو غير ذلك، إلى جانب ما درس كذلك من علوم الدين أو اللغة، وبهذا يتاح لكل تلميذ في هذه الأقسام أن يوجه حياته الوجهة التي يريد والتي تلائم ميوله واستعداده، فإن شاء خرج إلى الحياة ليعمل ويكسب بعد كل مرحلة، وإن شاء استمر في الدراسة مرحلة أخرى أو مرحلتين ليخرج بعدها مؤهلا للعمل والكسب، وإن شاء تحول إلى المدارس الأخرى يتم فيها دراسته وفق ميوله ورغباته، وتجد كليات جامعة الأزهر في النهاية طلابا يجمعون بين علوم الدين وعلوم الدنيا، ولهم كل الأهلية لمتابعة الدراسة الجامعية في كليات جامعة الأزهر أو في غيرها من الكليات ومعاهد الدراسة العالية.
وقد حرص القانون في هذه الناحية على أن يكون التعاون كاملا بين وزارة التربية والتعليم والإدارة المختصة بالإشراف على هذه الأقسام وإدارتها ليتحقق بهذا التعاون نوع من الثقة يدعم قيمة الشهادات التي يحصل عليها الطلاب من هذه الأقسام.
وقد واجه مشروع القانون مرحلة الانتقال بين وضع الأزهر وكلياته والأقسام الملحقة به في الوقت الحاضر.
ووضعها المنتظر بعد التطبيق الكامل لهذا القانون فنص على إنشاء دراسات إضافية في الأقسام الثانوية والابتدائية منذ الموسم الدراسي المقبل لتهيئة تلاميذ هذه الأقسام الحاليين للحصول على شهادات معادلة تتيح لهم الانتفاع بمزايا هذا القانون في أسرع وقت ممكن.
كما حرص على الملاءمة بين وضع الطلاب الحاليين في الكليات الأزهرية وبين مقتضيات تطبيق القانون.
كما نص مشروع القانون على أن يحتفظ للعلماء الموظفين الآن والمدرسين في أقسام الأزهر وأعضاء هيئات التدريس في الكليات الأزهرية الحالية وأعضاء جماعة كبار العلماء، ولطلاب الأزهر الحاليين، بكل الحقوق المالية المقررة لهم فلا تتأثر هذه الحقوق بشيء نتيجة لتطبيق هذا القانون.
سواء في المرتبات أو في المعاشات ومدة الخدمة.
أو غير ذلك، لتكون النظم المستحدثة في هذا الشأن بغير أثر رجعي.
ولكيلا يتضمن القانون تفصيلات يضخم بها رؤى أن يقتصر على الخطوط الرئيسية للتنظيم، على أن تتضمن اللائحة التنفيذية التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية كل التفصيلات التي توضح الصورة وتيسر التنفيذ.
وإذ كانت تفصيلات المشروع قد أحيل أكثرها على تلك اللائحة التنفيذية، فقد نص المشروع على ألا يتأخر صدور هذه اللائحة عن تاريخ معين، ليتهيأ الأخذ في أسباب التنفيذ الكامل للمشروع قبل ابتداء الموسم الدراسي المقبل.
والمشروع معروض رجاء الموافقة على إصداره: باسم الأمة رئيس الجمهورية: قرر مجلس الأمة القانون الآتي نصه وقد أصدرناه: مادة 1 - تستبدل النصوص المرافقة بأحكام القانون رقم 26 لسنة 1936 بإعادة تنظيم الجامع الأزهر والقوانين المعدلة له ويبطل كل ما يخلفه من القوانين.
مادة 2 - الأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التي تقوم على الإسلامية إلى كل الشعوب، وتعمل على إظهار حقيقة الإسلام وأثره في تقدم البشر ورقي الحضارة وكفالة الأمن والطمأنينة وراحة النفس لكل الناس في الدنيا والآخرة، كما تهتم ببعث الحضارة العربية والتراث العلمي والفكري للأمة العربية، وإظهار أثر العرب في تطور الإنسانية وتقدمها، وتعمل على رقى الآداب وتقدم العلوم والفنون وخدمة المجتمع والأهداف القومية والإنسانية والقيم الروحية، وتزويد العالم الإسلامي والوطن العربي بالمختصين وأصحاب الرأي فيما يتصل بالشريعة الإسلامية والثقافة الدينية والعربية ولغة القرآن، وتخريج علماء عاملين مثقفين في الدين يجمعون إلى الإيمان باللّه والثقة بالنفس وقوة الروح، كفاية علمية وعملية ومهنية، لتأكيد الصلة بين الدين والحياة والربط بين العقيدة والسلوك، وتأهيل عالم الدين للمشاركة في كل أسباب النشاط والإنتاج والريادة والقدوة الطبية، وعالم الدنيا للمشاركة في الدعوة إلى سبيل اللّه بالحكمة والموعظة الحسنة، كما تهتم بتوثيق الروابط الثقافية والعلمية مع الجامعات والهيئات العلمية الإسلامية والعربية والأجنبية ومقره القاهرة، ويتبع رياسة الجمهورية.
مادة 3 - يعين بقرار من رئيس الجمهورية وزير لشئون الأزهر.
مادة 4 - شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كل ما يتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام، وله الرياسة والتوجيه في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية في الأزهر وهيئاته ويرأس المجلس الأعلى للأزهر.
مادة 5 - يختار شيخ الأزهر من بين هيئة مجمع البحوث الإسلامية أو ممن تتوافر فيهم الصفات المشروطة في أعضاء هذه الهيئة.
ويعين بقرار من رئيس الجمهورية فإن لم يكن قبل هذا التعيين عضوا في تلك الهيئة صار بمقتضى هذا التعيين عضوا فيها.
مادة 6 - يكون للأزهر شخصية معنوية عربية الجنس ويكون له الأهلية الكاملة للمقاضاة وقبول التبرعات التي ترد إليه عن طريق الوقف والوصايا والهبات بشرط ألا تتعارض مع الغرض الذي يقوم عليه الأزهر.
وشيخ الأزهر هو الذي يمثل الأزهر ويكون له حق مقاضاة نظار الأوقاف التي للمدرسين أو الموظفين أو الطلاب نصيب فيها، وذلك دون إخلال بما لوزارة الأوقاف من الحقوق والاختصاصات المقررة في اللوائح والقوانين.
مادة 7 - يكون للأزهر وكيل يختار من بين هيئة مجمع البحوث الإسلامية أو ممن تتوافر فيهم الصفات المشروطة لأعضاء هذه الهيئة.
ويعين بقرار من رئيس الجمهورية، فإن لم يكن قبل هذا التعيين عضوا في هيئة المجمع صار بمقتضى هذا التعيين عضوا فيها.
ويعاون الوكيل شيخ الأزهر ويقوم مقامه حين غيابه.
هيئات الأزهر: مادة 8 - يشمل الأزهر الهيئات الآتية: 1 - المجلس الأعلى للأزهر. 2 - مجمع البحوث الإسلامية. 3 - إدارة الثقافة والبعوث الإسلامية. 4 - جامعة الأزهر. 5 - المعاهد الأزهرية.
المجلس الأعلى للأزهر مادة 9 - يكون للأزهر مجلس يسمى المجلس الأعلى للأزهر، ويتكون على الوجه الآتي: شيخ الأزهر وله رياسة المجلس. وكيل الأزهر. مدير جامعة الأزهر. عمداء الكليات بجامعة الأزهر. أربعة من أعضاء مجمع البحوث الإسلامية يختارهم المجمع ويصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح شيخ الأزهر لمدة سنتين. أحد وكلاء الوزارات أو الوكلاء المساعدين من كل من وزارات الأوقاف والتربية والتعليم والعدل والخزانة، يصدر بتعيين كل منهم قرار من الوزير الذي يمثل وزارته في المجلس. مدير الثقافة والبعوث الإسلامية. مدير المعاهد الأزهرية. ثلاثة أعضاء على الأكثر من ذوي الخبرة في شئون التعليم الجامعي والشئون العامة المتعلقة به، يكون أحدهم على الأقل من أعضاء المجلس الأعلى للجامعات في الجمهورية العربية المتحدة، ويعينون بقرار من الوزير المختص بعد أخذ رأي المجلس، وبناء على ترشيح شيخ الأزهر وذلك لمدة سنتين.
مادة 10 - يختص المجلس الأعلى للأزهر بالنظر في الأمور الآتية: 1 - التخطيط ورسم السياسة العامة لكل ما يحقق الأغراض التي يقوم عليها الأزهر ويعمل لها في خدمة الفكرة الإسلامية الشاملة. 2 - رسم السياسة التعليمية التي تسير عليها جامعة الأزهر والمعاهد الأزهرية والأقسام التعليمية في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية والعربية واقتراح المواد والمقررات التي تدرس لتحقيق أغراض الأزهر. 3 - النظر في مشروع ميزانية هيئات الأزهر وإعداد الحساب الختامي. 4 - اقتراح إنشاء الكليات والمعاهد الأزهرية والأقسام التعليمية. 5 - قبول الأوقاف والوصايا والهبات مع مراعاة أحكام المادة (6) من هذا القانون. 6 - النظر في كل مشروع قانون أو قرار جمهوري يتعلق بأي شأن من شئون الأزهر. 7 - النظر في منح العالمية الفخرية لجامعة الأزهر أو إحدى كلياتها بناء على اقتراح الكلية أو الجامعة. 8 - تشكيل للجان الفنية الدائمة أو المؤقتة من بين أعضائه أو من غيرهم من المتخصصين لبحث الموضوعات التي تدخل في اختصاصه. 9 - تدبير أموال الأزهر واستثمارها وإدارتها. 10 - النظر فيما يعهد إليه هذا القانون أو غيره من القوانين والقرارات واللوائح وفيما يعرضه عليه شيخ الأزهر، وفي كل ما يرى المجلس فائدة في بحثه من المسائل التي تدخل في اختصاصه.
مادة 11 - لا تنفذ قرارات المجلس الأعلى للأزهر فيما يحتاج إلى قرار من الوزير المختص إلا بعد صدور هذا القرار - فإذا لم يصدر منه قرار في شأنها خلال الستين يوما التالية لتاريخ وصولها مستوفاة إلى مكتبه تكون نافذة.
مادة 12 - يكون للمجلس الأعلى للأزهر أمين عام، يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية.
مرتبات شيخ الأزهر ووكيله وأمين المجلس الأعلى للأزهر ومكافآت أعضائه.
مادة 14 - يكون للمجلس جهاز يتابع تنفيذ مقرراته ويرأسه الأمين العام للمجلس.
مجمع البحوث الإسلامية وإدارة الثقافة مادة 15 - مجمع البحوث الإسلامية هو الهيئة العليا للبحوث الإسلامية وتقوم بالدراسة في كل ما يتصل بهذه البحوث وتعمل على تجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب وآثار التعصب السياسي والمذاهبي، وتجليتها في جوهرها الأصيل الخالص، وتوسيع نطاق العلم بها لكل مستوى وفي كل بيئة، وبيان الرأي فيما يجد من مشكلات مذهبية أو اجتماعية تتعلق بالعقيدة وحمل تبعة الدعوة إلى سبيل اللّه بالحكمة والموعظة الحسنة.
وتعاون جامعة الأزهر في توجيه الدراسات الإسلامية العليا لدرجتي التخصص والعالمية والإشراف عليها والمشاركة في امتحاناتها.
وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون واجبات مجمع البحوث الإسلامية بالتفصيل الذي يساعد على تحقيق الغرض من إنشائه.
مادة 16 - يتألف مجمع البحوث الإسلامية من خمسين عضوا من كبار علماء الإسلام، يمثلون جميع المذاهب الإسلامية، ويكون من بينهم عدد لا يزيد على العشرين من غير مواطني الجمهورية العربية المتحدة.
مادة 17 - يشترط في عضو المجمع: 1 - ألا تقل سنه عن أربعين سنة. 2 - أن يكون معروفا بالورع والتقوى في ماضيه وحاضره. 3 - أن يكون حائزا لأحد المؤهلات العلمية العليا من الأزهر. أو إحدى الكليات أو المعاهد العليا التي تهتم بالدراسات الإسلامية. 4 - أن يكون له إنتاج علمي بارز في الدراسات الإسلامية، أو اشتغل بالتدريس لمادة من مواد الدراسات الإسلامية في كلية أو معهد من معاهد التعليم العالي لمدة أدناها 5 سنوات أو شغل إحدى الوظائف الإسلامية في القضاء أو الإفتاء أو التشريع لمدة أدناها خمس سنوات. ويعتبر الأعضاء الحاليون في جماعة كبار العلماء -في حكم هذا القانون- مستوفين لهذا الشرط.
مادة 18 - يعين بقرار من رئيس الجمهورية أعضاء مجمع البحوث الإسلامية في أول تشكيل له-بناء على عرض الوزير المختص باقتراح من شيخ الأزهر. ويكون شيخ الأزهر رئيساً لهذا المجمع.
مادة 19 - يكون نصف أعضاء المجمع على الأقل متفرغين لعضويته، وتبين اللائحة التنفيذية واجبات العضو المتفرغ والعضو غير المتفرغ.
مادة 20 - هيئات المجمع هي: (أ) مجلس المجمع: ويتألف من الرئيس، والأعضاء المتفرغين، والأعضاء غير المتفرغين من مواطني الجمهورية العربية المتحدة، والأمين العام للمجمع. (ب) مؤتمر المجمع ويتألف من كل أعضاء المجمع. (ج) الأمانة العامة للمجمع.
مادة 21 - يجتمع مجلس المجمع مرة في كل شهر على الأقل-و لا يكون اجتماعه صحيحا إلا بحضور أكثرية أعضائه.
مادة 22 - يجتمع مؤتمر المجمع اجتماعا عاديا مرة في كل سنة. وتستمر دورة اجتماعه أربعة أسابيع للنظر في جدول أعمال السنة ويجوز أن يدعى المؤتمر إلى اجتماع غير عادي إذا اقتضت الظروف ذلك بموافقة الوزير المختص وبناء على اقتراح شيخ الأزهر ويكون اجتماع المؤتمر صحيحا في الحالتين بحضور أكثرية أعضائه، بشرط أن يكون من بينهم ربع الأعضاء غير المواطنين على الأقل.
مادة 23 - يكون للمجمع أمانة عامة دائمة يرأسها أمين عام ويشغل هذا المنصب مدير الثقافة والبعوث الإسلامية بشرط أن تتحقق فيه شروط العضوية المنصوص عليها في المادة 17 من هذا القانون، ويصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية.
بناء على عرض الوزير المختص وبموافقة شيخ الأزهر ويكون الأمين العام للمجمع بمقتضى قرار التعيين عضوا في المجمع ما دام شاغلا لهذه الوظيفة.
مادة 24 - تتألف الأمانة العامة للمجمع من الأمين العام، وأمين مساعد أو أكثر، وعدد من الموظفين اللازمين لتصريف الشئون الفنية والإدارية للمجمع ومباشرة تنفيذ قراراته طبقا لما تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
مادة 25 - تختص إدارة الثقافة والبعوث الإسلامية بكل ما يتصل بالنشر والترجمة والعلاقات الإسلامية من البعوث والدعاة واستقبال طلاب المنح وغيرهم من ذوي العلاقة، في نطاق أغراض الأزهر، وعليها إلى ذلك تنفيذ مقررات المجمع ونشر بحوثه ودراساته وتجميع ما يلزمه من البيانات لهذه الدراسات. وتبين اللائحة التنفيذية لهذا القانون تفصيل ذلك ووسائل تنفيذه. مادة 26 - يختار مؤتمر المجمع بالأغلبية المطلقة بناء على ترشيح اثنين من الأعضاء، أعضاء مراسلين من مواطني الجمهورية العربية المتحدة أو من غيرهم، ممن يرى الاستعانة بهم في تحقيق أغراضه ويصدر باعتماد عضويتهم قرار من الوزير المختص.
مادة 27 - يجوز منح لقب عضو فخري لأعضاء المجمع السابقين، أو لمن يؤدي للإسلام خدمات علمية ذات أثر، ويصدر بمنح هذا اللقب قرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض الوزير المختص باقنراح من مؤتمر المجمع.
مادة 28 - يؤلف المجمع من أعضائه لجانا لتحقيق أغراضه المنصوص عليها في هذا القانون وفي اللائحة التنفيذية.
مادة 29 - يجوز دعوة الأعضاء المراسلين والأعضاء الفخريين إلى جلسات المجمع بموافقة الوزير المختص بناء على قرار مجلس المجمع.
مادة 30 - تسقط عضوية المجمع في إحدى الحالات الآتية: (أ) إذا صدر ضد العضو حكم ماس بالشرف والأمانة. (ب) إذا وقع من العضو ما لا يلائم صفة العضوية، كالطعن في الإسلام، أو إنكار ما علم منه بالضرورة، أو سلك سلوكا ينقص من قدره كعالم مسلم، ويكون سقوط العضوية في هذه الحالة بقرار مسبب يصدره المجمع بأغلبية الثلثين من أعضائه ويعتمده الوزير المختص. (ج) إذا عجز العضو عن مباشرة أعماله لمرض أو لظروف أخرى، ويكون سقوط العضوية في هذه الحالة بقرار جمهوري بعد موافقة المجمع. (د) إذا تقرر قبول استقالته، أو اعتبره المجمع مستقيلا بتخلفه عن حضور جلسات المجمع، وفقا لما تفصله اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
مادة 31 - إذا خلا مكان عضو من أعضاء المجمع لأي سبب من الأسباب السابقة أو غيرها، انتخب المجمع العضو الذي يخلفه من بين المرشحين للعضوية ويتم الترشيح بتزكية اثنين من الأعضاء، ولا تكون جلسة الانتخاب صحيحة إلا إذا حضرها الثلثان على الأقل من أعضاء المجمع، ويكون انتخاب المرشح صحيحا إذا حصل على أكثرية أصوات الحاضرين بشرط ألا يقل عددهم عن نصف العدد الكلي لأعضاء المجمع ويكون التصويت سريا، ويصدر باعتماد العضوية قرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض الوزير المختص.
مادة 32 - يحدد الجدول الملحق باللائحة التنفيذية لهذا القانون مكافآت المتفرغين وغير المتفرغين من أعضاء المجمع، كما يحدد مكافآت أعضاء اللجان من غير أعضاء المجمع الذين قد يستعان بهم لخبرتهم.
جامعة الأزهر مادة 33 - تختص جامعة الأزهر بكل ما يتعلق بالتعليم العالي في الأزهر وبالبحوث التي تتصل بهذا التعليم أو تترتب عليه وتقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته وتجليته ونشره.
وتؤدي رسالة الإسلام إلى الناس وتعمل على إظهار حقيقته وأثره في تقدم البشر وكفالة السعادة لهم في الدنيا وفي الآخرة كما تهتم ببعث الحضارة العربية والتراث العلمي والفكري والروحي للأمة العربية.
وتعمل على تزويد العالم الإسلامي والوطن العربي بالعلماء العاملين الذين يجمعون إلى الإيمان باللّه والثقة بالنفس وقوة الروح والتفقه في العقيدة والشريعة ولغة القرآن، كفاية علمية وعملية ومهنية لتأكيد الصلة بين الدين والحياة، والربط بين العقيدة والسلوك، وتأهيل عالم الدين للمشاركة في كل أنواع النشاط، والإنتاج والريادة والقدوة الطيبة، وعالم الدنيا للمشاركة في الدعوة إلى سبيل اللّه وخارجها من أبناء الجمهورية وغيرهم كما تعنى بتوثيق الروابط الثقافية والعلمية مع الجامعات والهيئات العلمية الإسلامية والعربية والأجنبية. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الخميس 19 مايو 2016, 11:45 pm | |
| مادة 34 - تتكون جامعة الأزهر من الكليات الآتية: 1 - كليات للدراسات الإسلامية تحدد عددها اللائحة التنفيذية. 2 - كلية الدراسات العربية. 3 - كلية المعاملات والإدارة. 4 - كلية الهندسة والصناعات. 5 - كلية الزراعة. 6 - كلية الطب. ويجوز إنشاء كليات أخرى أو معاهد عالية بقرار من رئيس الجمهورية.
وتتكون كل كلية من عدد من الأقسام العملية يتولى كل قسم منها تدريس المواد التي تدخل في إختصاصه ويقوم على بحوثها في الكلية أو في غيرها من كليات الجامعة ومعاهدها وتعين هذه الأقسام بقرار من الوزير المختص.
ولا يجوز أن تتكرر الأقسام المتماثلة في كليات الجامعة.
وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون الأقسام التي تتبع كل كلية من هذه الكليات وأنواع الدراسات بها والدرجات العلمية التي تمنحها الجامعة من هذه الكليات.
مادة 35 - يجوز أن تنشأ بقرار من الوزير المختص معاهد تابعة للكليات إذا كانت الدراسة فيها تتصل بأكثر من قسم من الأقسام، وتسرى على هذه المعاهد الأحكام الخاصة بأقسام الكلية.
مادة 36 - يجوز أن تلحق بكليات الجامعة أو بعضها مدارس تعليمية لمواد أو دراسات تتصل بأغراض الأزهر، مثل مدرسة تجويد القرآن الكريم وتعليم القراءات، أو أقسام الإرشاد العامة المنشأة لمراجعة حاجات الذين يريدون التزويد من المعارف الدينية والعربية وغيرها من فئات الشعب.
ولا تنطبق على هذه المدارس والأقسام شروط الدراسة الجامعية، وتحدد اللائحة التنفيذية نظام العمل بها.
مادة 37 - اللغة العربية هي لغة التعليم في جامعة الأزهر، ما لم يقرر مجلس الجامعة في أحوال خاصة استعمال لغة أخرى.
مادة 38 - تتساوى فرص القبول للتعليم بالمجان في كليات الجامعة ومعاهدها المختلفة للطلاب المسلمين من كل جنس وكل بلد، في حدود الإمكانيات والميزانية والأعداد المقرر قبولها، وفقا لما تقضي به اللائحة التنفيذية.
وتنظم الدراسات الخاصة لطلاب البعوث من غير مواطني الجمهورية العربية المتحدة، ليتأهلوا لمتابعة الدراسة في الكليات والمعاهد مع نظرائهم من الطلاب العرب.
مادة 39 - يتولى إدارة جامعة الأزهر: - 1 - مدير جامعة الأزهر. 2 - مجلس الجامعة.
مادة 40 - يتولى إدارة كل كلية: - 1 - عميد الكلية. 2 - مجلس الكلية.
مادة 41 - يكون تعيين مدير الجامعة بقرار من رئيس الجمهورية، بناء قد شغل أحد كراسي الأستاذية بجامعة الأزهر أو إحدى الجامعات في الجمهورية العربية المتحدة.
مادة 42 - يتولى مدير الجامعة إدارة شئون الجامعة العلمية والإدارية والمالية. وهو الذي يمثلها أمام الهيئات الأخرى، وهو مسئول عن تنفيذ القوانين واللوائح في الجامعة وقرارات مجلس الجامعة في حدود هذه القوانين واللوائح وله في حالة الإخلال بالنظام أن يقف الدراسة كلها أو بعضها.
على أن يعرض قرار الوقف على مجلس الجامعة خلال ثلاثة أيام.
مادة 43 - يقدم مدير الجامعة إلى شيخ الأزهر في نهاية كل سنة جامعية تقريرا عن شئون التعليم والبحوث العلمية وسائر نواحي النشاط الأخرى بالجامعة.
مادة 44 - يكون لجامعة الأزهر وكيل يعاون المدير في إدارة شئونها العلمية والإدارية والمالية، ويقوم مقامه عند غيابه. ويكون تعيين وكيل الجامعة بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض الوزير المختص واقتراح مدير الجامعة وموافقة شيخ الأزهر.
ويشترط فيه أن يكون قد شغل أحد كراسي الأستاذية بجامعة الأزهر أو بإحدى الجامعات في الجمهورية العربية المتحدة.
مادة 45 - يكون للجامعة أمين يعين بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض الوزير المختص بعد استطلاع رأي مدير الجامعة.
مادة 46 - يدير الأمين العام للجامعة الأعمال المالية والإدارية بالجامعة تحت إشراف مدير الجامعة ووكيلها، ويكون مسئولا عن تنفيذ القوانين واللوائح في حدود اختصاصه.
مادة 47 - يتكون مجلس جامعة الأزهر على الوجه الآتي: مدير الجامعة: وله رياسة المجلس. وكيل الجامعة. عمداء الكليات. ممثل لوزارة التربية والتعليم يختاره الوزير من بين كبار موظفيها. ثلاثة أعضاء على الأكثر من بين أعضاء مجمع البحوث الإسلامية يرشحهم المجمع ويصدر بتعينهم قرار من الوزير المختص، وذلك لمدة سنتين. ثلاثة أعضاء على الأكثر من ذوى الخبرة في شئون التعليم الجامعي والشؤون العامة المتعلقة به، يعينون بقرار من الوزير المختص وذلك لمدة سنتين.
مادة 48 - يختص مجلس جامعة الأزهر بالنظر في الأمور الآتية: 1 - وضع خطط الدراسة. 2 - وضع النظام العام للدروس والمحاضرات والبحوث والأشغال العلمية وتوزيع الدروس والمحاضرات بالكليات. 3 - تعيين مدة الدراسة ومدة الامتحان ومدة العطلة. 4 - شروط قبول الطلاب في الجامعة ونظام تأديبهم. 5 - المكافات والإعانات المالية على اختلاف أنواعها. 6 - إدارة حركة الامتحانات وتشمل مدة اشتغال الممتحنين ولجان الامتحان ومقدار مكافآتهم وكيفية تعيينهم وواجباتهم. 7 - منح الدرجات العلمية والشهادات. 8 - تنظيم الشئون الاجتماعية للطلاب. 9 - وضع اللوائح الخاصة بالمتاحف والمكتبات ومساكن الطلاب وغيرها من المنشآت الجامعية. 10 - تتبع النشاط العلمي للكليات والمعاهد والتنسيق بين الدراسات والبحوث القائمة بها. 11 - تنظيم البحث العلمي وتوفير الإمكانيات اللازمة له. 12 - إنشاء كراسي الأستاذية. 13 - تعيين أعضاء هيئات التدريس بالجامعة ونقلهم وإيفادهم للمهمات العلمية. 14 - ندب أعضاء هيئة التدريس وإعارتهم. 15 - إعداد مشروعات الميزانية والحساب الختامي. 16 - إقامة أبنية الجامعة وترميمها. 17 - منح العالمية الفخرية للجامعة أو إحدى كلياتها بناء على اقتراح مجلسها وبموافقة المجلس الأعلى للأزهر، ويصدر بذلك قرار من رئيس الجمهورية. 18 - إبداء الرأي فيما يتعلق بجميع مسائل التعليم في درجاته المختلفة. 19 - الترخيص لمدير الجامعة في إجراء التصرفات القانونية. 20 - وقف الدراسة بالكليات ومعاهد الجامعة. 21 - الموضوعات التي يحيلها عليه الوزير المختص أو شيخ الأزهر. 22 - الموضوعات الأخرى التي تتصل باختصاص الجامعة وفقا لهذا القانون.
يؤلف مجلس الجامعة بين أعضائه ومن غيره من أعضاء هيئة التدريس والمتخصصين لجانا فنية دائمة أو مؤقتة لبحث الموضوعات التي تدخل في اختصاصه.
مادة 49 - لمجلس الجامعة أن يلغي القرارات الصادرة من مجالس الكليات أو المعاهد التابعة للجامعة إذا كانت مخالفة للقوانين واللوائح أو القرارات التنظيمية التي تعمل بها الجامعة.
مادة 50 - لا تنفذ قرارات مجلس الجامعة فيما يحتاج تنفيذه في هذا القانون أو في اللائحة التنفيذية الى تصديق من شيخ الأزهر أو من الوزير المختص إلا بعد صدور قرار التصديق.
فإذا لم يصدر قرار في شأنها خلال الستين يوما التالية لتاريخ وصولها مستوفاة إلى مكتبه تكون نافذة.
مادة 51 - يعين الوزير المختص عميد الكلية من بين أساتذة الكلية بناء على ترشيح مدير الجامعة وموافقة شيخ الأزهر، ويكون العميد مسئولا عن تنفيذ القوانين واللوائح الجامعية، وكذلك عن تنفيذ قرارات مجلس الكلية ومجلس الجامعة، في حدود هذه القوانين واللوائح، ويقدم العميد إلى مدير الجامعة في كل سنة جامعية تقريرا عن شئون التعليم والبحوث العلمية وسائر نواحي النشاط بالكلية.
مادة 52 - يكون لكل كلية وكيل يعاون العميد في أعماله ويقوم مقامه عند غيابه، ويكون تعيينه من بين أساتذة الكلية بترشيح من العميد وقرار من مجلس الجامعة.
مادة 53 - يكون تعيين كل من العميد والوكيل لمدة سنتين.
مادة 54 - يؤلف مجلس الكلية من: عميد الكلية. رؤساء الأقسام بالكلية. أحد الأساتذة من كل قسم.
وللوزير المختص بناء على اقتراح الجامعة ان يضم إلى مجلس الكلية عضوا أو عضوين من الخارج ممن لهم دراية خاصة في المواد التي تدرس في الكلية، ويكون التعيين لمدة سنتين.
وتكون رياسة المجلس لعميد الكلية وعند غيابه للوكيل.
ويشترك رؤساء الأقسام التي تقوم بأعباء التدريس بكلية غير الكلية التابعة لها في مجلس هذه الكلية عند النظر في المسائل الداخلة في اختصاص أقسامها.
مادة 55 - يختص مجلس الكلية بالنظر في الأمور الآتية: 1 - وضع القواعد المتعلقة بمواظبة الطلاب ونظام الدروس والمحاضرات والأعمال الجامعية الأخرى. 2 - وضع مناهج الدراسة وبرامجها والتنسيق بينها في الأقسام المختلفة وتوزيع الدروس والمحاضرات على أعضاء هيئة التدريس. 3 - تنظيم البحوث العلمية وتنسيقها بين أقسام الكلية. 4 - وضع نظام الامتحان وتوزيع أعماله على هيئة الممتحنين. 5 - تقديم اقتراحاته إلى مجلس الجامعة بخطط الدراسة ومواعيد الامتحان وشروط منح الدرجات العلمية الدبلومات والشهادات. 6 - رعاية الشئون الاجتماعية والرياضية للطلاب. 7 - تقديم ما يراه من الاقتراحات إلى مجلس الجامعة في شأن التعليم والنظام في الكلية. 8 - الأمور الأخرى التي يختص بها وفقا للقانون. ويؤلف المجلس من بين أعضائه وغيرهم من أعضاء هيئة التدريس والمتخصصين لجانا فنية دائمة أو مؤقتة لدراسة الموضوعات التي تدخل في اختصاصه.
مادة 56 - أعضاء هيئة التدريس في الجامعة هم: (1) الأساتذة. (ب) الأساتذة المساعدون. (ج) المدرسون.
وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون شروط تعيينهم ونقلهم وندبهم وإعارتهم وإجازاتهم العلمية والإجازات الاعتيادية والمرضية وغير ذلك من شئون الوظيفة، كما تحدد اللائحة واجباتهم والنظم التأديبية الخاصة بهم وجدول مرتباتهم.
مادة 57 - يجوز أن يعين في هيئة التدريس مسلمون من غير مواطني الجمهورية العربية المتحدة ممن تؤهلهم كفايتهم لذلك لمدة معينة ويكون التعيين بقرار من الوزير المختص بناء على طلب الجامعة.
مادة 58 - يجوز الاستعانة بأساتذة مسلمين من غير مواطني الجمهورية العربية المتحدة بصفة زائرين لمدة معينة ويكون ذلك بقرار من مدير الجامعة بناء على طلب الكلية المختصة.
مادة 59 - يجوز أن يعين مدرسو لغات وموظفون فنيون مسلمون من غير مواطني الجمهورية العربية المتحدة لمدة معينة ويكون تعيينهم بقرار من مدير الجامعة بناء على طلب الكلية المختصة.
مادة 60 - يجوز أن يعين في الكلية معيدون يقومون بالدراسات والبحوث العلمية وبما يعهد إليهم القسم المختص من التمرينات والدروس العملية وسواها من الأعمال تحت إشراف أعضاء هيئة التدريس وبالأعمال الأخرى التي يكلفهم بها العميد وتحدد اللائحة التنفيذية شروط تعيينهم.
والمعيدين وقواعد تطبيقها ومكافآت الأساتذة غير المتفرغين يحددها الجدول الملحق باللائحة التنفيذية لهذا القانون.
مادة 62 - مع مراعاة أحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية: - (أ) يطبق مجلس الجامعة دون الرجوع إلى وزارة الخزانة أو ديوان الموظفين اللوائح الخاصة بأعضاء هيئة التدريس، وتكون قراراته في ذلك نهائية ونافذة.
(ب) يطبق مدير الجامعة دون الرجوع الى وزارة الخزانة أو ديوان الموظفين القواعد المالية العامة المعمول بها في حق جميع الموظفين والمستخدمين في الدولة على المعيدين وعلى سائر الموظفين بالجامعة من غير أعضاء هيئة التدريس، إلا أنه في الحالات التي توجب القوانين إصدار قرار من رئيس الجمهورية يتعين إرسال القرارات إلى الوزير المختص لاتخاذ اللازم في شأنها.
مادة 63 - للجامعة في حالة الضرورة التجاوز عن شرط الحصول على شهادة الدراسة الثانوية العامة أو ما يعادلها عند التعيين في وظائف مدرسي اللغات إذا كانت لدى المرشح إجازات علمية أخرى تعتبر كافية بالنسبة إلى الوظيفة التي سيعين فيها.
مادة 64 - لمدير الجامعة إعفاء الموظفين من شروط اللياقة الطبية كلها أو بعضها بعد أخذ رأي اللجنة الطبية العامة «القومسيون الطبي العام».
مادة 65 - تكون الإجازات الاعتيادية السنوية لموظفي الجامعة من غير أعضاء هيئة التدريس في أثناء العطلة الصيفية فيما عدا المعاهد التي مدير الجامعة بعد أخذ رأي عميد الكلية المختص. ويجوز منح الموظف إجازة اعتيادية بمرتب كامل لتأدية فريضة الحج وذلك مرة واحدة خلال مدة خدمته.
مادة 66 - فيما عدا أعضاء هيئة التدريس في كليات الجامعة، ومع مراعاة أحكام هذا القانون يطبق على الموظفين في الأزهر بجميع هيئاته القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة في الإقليم المصري والقوانين المعدة له.
وذلك فيما يختص بتعيينهم وتأديبهم وإنهاء خدمتهم وإجازاتهم وترقياتهم وغير ذلك من شئونهم الوظيفية، ويكون للأمين العام للمجلس الأعلى للأزهر وللأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية وللأمين العام للجامعة، ولمدير الثقافة والبعوث الإسلامية ولمدير المعاهد الأزهرية سلطة مدير المصلحة بالنسبة للموظفين التابعين لكل منهم ولوكيل الجامعة سلطة وكيل الوزارة بالنسبة للموظفين التابعين له ولمدير الجامعة سلطة الوزير فيما يختص بموظفي الجامعة طبقا لما تحدده اللائحة التنفيذية.
مادة 67 - إذا نسب إلى أحد أعضاء هيئة التدريس بالجامعة ما يوجب التحقيق معه طلب مدير الجامعة إلى أحد أعضاء هيئة التدريس بإحدى الكليات او طلب إلى النيابة الإدارية مباشرة التحقيق ويقدم عن التحقيق تقرير إلى مدير الجامعة، وإلى الوزير المختص إذا طلبه-و يحيل مدير الجامعة العضو المحقق معه إلى مجلس التأديب إن رأى محلا لذلك.
التدريس عن عمله احتياطيا إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك.
ولا يجوز أن تزيد مدة الوقف على ثلاثة أشهر إلا بقرار من المحكمة التأديبية ويترتب على وقف عضو هيئة التدريس عن عمله وقف صرف مرتبه ابتداء من اليوم الذي أوقف فيه، ما لم يقرر مجلس التأديب صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة إلى أن يقرر عند الفصل في الدعوة التأديبية ما يتبع في شأن المرتب عن مدة الوقف سواء بحرمان عضو هيئة التدريس منه أو بصرفه إليه كله أو بعضه.
مادة 69 - يعلن مدير الجامعة عضو هيئة التدريس المحال إلى مجلس التأديب ببيان التهم الموجهة إليه وبصورة من تقرير التحقيق وذلك بكتاب موصي عليه مصحوب بعلم وصول قبل الجلسة المعنية للمحاكمة بعشرين يوما على الأقل.
مادة 70 - لعضو هيئة التدريس المحال إلى مجلس التأديب الإطلاع على التحقيقات التي أجريت وذلك في الأيام التي يعينها له مدير الجامعة.
مادة 71 - تكون محاكمة أعضاء هيئة التدريس بجميع درجاتهم أمام مجلس تأديب يشكل من: وكيل الجامعة رئيسا. مستشار من مجلس الدولة. أستاذ من إحدى كليات الجامعة يعينه مجلس الجامعة سنويا. ويحل أقدم العمداء محل وكيل الجامعة عند غيابه.
وتسرى بالنسبة للمحاكمة أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 على أن تراعي بالنسبة للتحقيق والإحالة إلى مجلس التأديب أحكام المادة 76 من ذلك القانون.
مادة 72 - العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على أعضاء هيئة التدريس هي: 1 - الإنذار 2 - توجيه اللوم 3 - توجيه اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة. 4 - العزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة. 5 - العزل مع الحرمان من كل أو بعض المعاش أو المكافأة وفقا للقوانين واللوائح المعمول بها في هذا الشأن.
وكل فعل يزرى بشرف عضو هيئة التدريس أو لا يلائم صفته كعالم مسلم أو يتعارض مع حقائق الإسلام.
أو يمس دينه ونزاهته يكون جزاؤه العزل.
مادة 73 - تقضى الدعوى التأديبية باستقالة عضو هيئة التدريس وقبول مجلس الجامعة لها وموافقة الوزير المختص وذلك فيما عدا الحالات التي نصت عليها القوانين واللوائح الخاصة بالمخالفات المالية ولا تأثير للدعوى التأديبية في الدعوى الجنائية والدعوى المدنية الناشئتين عن الواقعة ذاتها.
مادة 74 - لمدير الجامعة أن يوجه تنبيها إلى أعضاء هيئة التدريس الذين يخلون بواجباتهم أو يتصرفون تصرفا لا يلائم صفتهم كعلماء مسلمين، ويكون التنبيه شفهيا أو كتابيا وله توقيع عقوبتى الإنذار وتوجيه اللوم المنصوص عليهما في المادة 72، أو يطلب نقلهم إلى وظائف أخرى خارج نطاق الأزهر وذلك كله بعد سماع أقوال عضو هيئة التدريس وتحقيق دفاعه.
ويكون قراره في ذلك مسببا ونهائيا وعلى عميد كل كلية أن يبلغ مدير الجامعة كل ما يقع من أعضاء هيئة التدريس في كليته من إخلال بواجباتهم أو بمقتضيات وظيفتهم.
مادة 75 - تمنح جامعة الأزهر الدرجات العلمية الآتية وفقا لأحكام اللائحة التنفيذية: أولا: درجة الإجازة العالية للكليات، وتعادل الليسانس أو البكالوريوس في الجامعات الأخرى بالجمهورية العربية المتحدة.
ثانيا: درجة التخصص في دراسة من الدراسات المقررة في إحدى الكليات وتعادل درجة الماجستير.
ثالثا: درجة العالمية في أي الدراسات الإسلامية أو العربية من إحدى كليات الدراسات الإسلامية والدراسات العربية للحاصلين على الإجازة العالية منهما أو من غيرها من الكليات: وتعادل درجة الدكتوراه.
رابعا: درجة العالمية أو الدكتوراه في أي الدراسات العليا من أي الكليات الأخرى. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الخميس 19 مايو 2016, 11:50 pm | |
| مادة 76 - تبين اللائحة التنفيذية تفصيل الدرجات العلمية والإجازات التي تمنحها جامعة الأزهر والشروط اللازمة للحصول على كل منها، ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية التعديل في الدرجات العلمية بالإضافة أو بالحذف ويكون ذلك بناء على عرض الوزير المختص وبعد أخذ رأي مجلس الجامعة وموافقة المجلس الأعلى للأزهر فيما يخصه.
مادة 77 - تبين اللائحة التنفيذية مناهج الدراسة والمقررات التي تدرس لنيل الدرجات العلمية والإجازات والشهادات التي تمنحها جامعة الأزهر كما تبين كيفية توزيعها على سنى الدراسة وفصولها الدراسية.
ولمجلس الجامعة بناء على طلب الكلية أو المعهد وموافقة المجلس الأعلى للأزهر فيما يخصه أن يعدل في هذه المناهج والمقررات بالإضافة أو بالحذف إذا اقتضت مصلحة التعليم ذلك.
العلمية أو الإجازات العالية أو الشهادات إلا من نجح في جميع الامتحانات المقررة لكل منها.
مادة 79 - يشترط لنجاح الطالب في الإمتحانات أن ترضى لجنة الإمتحانات عن فهمه وتحصيله في كل مقررات الدراسة، وذلك وفقا لأحكام اللائحة التنفيذية.
مادة 80 - لمجلس الجامعة بناء على طلب مجلس الكلية أو المعهد أن يعفى طالب الإجازة العالية من المقررات الدراسية كلها أو بعضها عدا مقررات السنة النهائية، إذا ثبت أنه حضر مقررات دراسية تعادلها في كلية جامعية أو معهد عال معترف بهما من الجامعة.
وللمجلس أن يعفيه كذلك من امتحانات النقل كلها أو بعضها إذا ثبت أنه أدى بنجاح امتحانات تعادلها في كلية أو معهد عال معترف بهما من الجامعة.
وللمجلس أن يعفى طالب الدراسات العليا من بعض المقررات الدراسية ومن امتحاناتها إذا ثبت أنه حضر مقررات مماثلة في كلية جامعية أو معهد عال معترف بهما أو أدى بنجاح الإمتحانات المقررة.
مادة 81 - يشترط في قيد الطالب للتحضير لدرجة التخصص أو لدرجة العالمية أن يحصل على إذن من مجلس الكلية في متابعة الدراسات والبحوث الخاصة بالدرجة.
مادة 82 - يشترط في رسالة العالمية: «الدكتوراه» أن تكون عملا ذا قيمة علمية يشهد للطالب بكفايته الشخصية في بحوثه ودراساته ويأتي للعلم بفائدة محققة.
ويشترك مجمع البحوث الإسلامية في الموضوعات التي تتصل بإختصاصه.
مادة 83 - تلحق بالأزهر المعاهد الأزهرية المذكورة في اللائحة التنفيذية، ويجوز أن تنشأ معاهد أخرى بقرار من الوزير المختص بعد موافقة المجلس الأعلى للأزهر.
وتسمى الأقسام الإبتدائية منها المعاهد الاعدادية للأزهر وتسمى الأقسام الثانوية المعاهد الإعدادية للأزهر.
مادة 84 - تقوم مدارس تحفيظ القرآن مقام مدارس الأولى بالنسبة للطلاب المتقدمين إلى المعاهد الإعدادية للأزهر.
وتحدد اللائحة التنفيذية نظام القبول وشروطه بالنسبة للمتقدمين من تلاميذ هذه المدارس ومن غيرها.
مادة 85 - الغرض من المعاهد الأزهرية الملحقة بالأزهر تزويد تلاميذها بالقدر الكافي من الثقافة الإسلامية، وإلى جانبها المعارف والخبرات التي يتزود بها نظراؤهم في المدارس الأخرى المماثلة ليخرجوا إلى الحياة مزودين بوسائلها وإعدادهم الإعداد الكامل للدخول في كليات جامعة الأزهر ولتتهيأ لهم جميعا فرص متكافئة في مجال العمل والإنتاج، كما تتهيأ لهم الفرص المتكافأة للدخول في كليات الجامعات الأخرى في الجمهورية العربية المتحدة وسائر الكليات ومعاهد التعليم العالي.
مادة 86 - مدة الدراسة في المعاهد الإعدادية للأزهر أربع سنوات، يعد فيها التلميذ إلى جانب ما يحصل من علوم الدين واللغة للحصول على الشهادة الإعدادية العامة أو الفنية.
مادة 87 - مدة الدارسة في المعاهد الثانوية في الأزهر خمس سنوات يعد فيها التلميذ إلى جانب ما يحصل من علوم الدين واللغة للحصول للحصول على الشهادة الثانوية الفنية بأحد أنواعها الصناعى والتجارى والزراعى وغيرها.
ويجوز أن تعدل مدة الدراسة في الأقسام الثانوية الفنية بالزيادة أو بالنقص بقرار من رئيس الجمهورية.
مادة 88 - للحاصلين على الشهادة الإعدادية من المعاهد الإعدادية للأزهر حق الدخول في المعاهد الثانوية للأزهر ولهم إلى جانب ذلك فرص متكافئة مع نظرائهم للتقدم إلى المدارس الأخرى التي تجعل الشهادة الإعدادية شرطا للقبول.
وتحدد وزارة التربية والتعليم مدى التجاوز عن شرط السن بالنسبة لهؤلاء التلاميذ على أن يوضح ذلك في اللائحة التنفيذية كما يجوز للحاصلين على الشهادة الإعدادية من المدارس الإعدادية العامة أن يطلبوا الالتحاق بالمعاهد الثانوية بالأزهر بعد النجاح في امتحان يحقق التعادل بينهم وبين الحاصلين على الشهادة الإعدادية من المعاهد الإعدادية للأزهر.
مادة 89 - للحاصلين على الشهادة الثانوية من المعاهد الثانوية للأزهر حق الدخول في إحدى كليات جامعة الأزهر ومعاهدها وفق قواعد القبول التي يقررها مجلس الجامعة، ولهم إلى ذلك فرص متكافئة مع نظرائهم للتقدم إلى الكليات المختلفة في الجامعات الأخرى، وإلى سائر الكليات ومعاهد التعليم العالي وفقا للقواعد المقررة لذلك.
كما يجوز للحاصلين على الشهادة العامة من المدارس الثانوية العامة أن يطلبوا الالتحاق بإحدى كليات جامعة الأزهر ومعاهدها بعد النجاح في امتحان يحقق التعادل بينهم وبين الحاصلين على الشهادة الثانوية من المعاهد الثانوية للأزهر.
هذا القانون تحدد اللائحة التنفيذية المواد التي تدرس في كل من المعاهد الإعدادية والثانوية للأزهر بناء على اقتراح لجنة من الأزهر ووزارة التربية والتعليم.
كما تحدد اللائحة التنفيذية شروط القبول والنظام العام للدراسة والإمتحانات في هذه المعاهد.
مادة 91 - يكون للمعاهد للأزهرية إدارة عامة مهمتها الإشراف والإدارة وعلى وزارة التربية والتعليم تقديم المعونة اللازمة في هذا الشأن مع الاستعانة بالأجهزة المختصة بوزارة التربية والتعليم.
وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون مهمة هذه الإدارة ونظام العمل بها واختصاصات مديرها وموظفيها ووسائل التعاون بينها وبين وزارة التربية والتعليم.
مادة 92 - تشكل لجنة من الأزهر ووزارة التربية والتعليم لوضع المناهج وتخطيط المواد الدراسية في المعاهد الأزهرية وفقا لأحكام هذا القانون وتحدد اللائحة التنفيذية نظام العمل في هذه اللجنة.
مادة 93 - تجري الإدارة العامة للمعاهد الأزهرية بالإشتراك مع وزارة التربية والتعليم امتحانات الشهادات الإعدادية والثانوية بأنواعها المختلفة في المعاهد الأزهرية.
مادة 94 - إلى أن يتم تنفيذ هذا القانون ويتعادل خريجو الأقسام الإبتدائية والثانوية بالمعاهد الأزهرية مع نظرائهم من خريجي المدارس الإعدادية والثانوية تنظم دراسات إضافية للتلاميذ المقيدين في هذه الأقسام حين صدور هذا القانون لتأهيلهم لدخول امتحانات معادلة للشهادة الإعدادية بالنسبة لتلاميذ الأقسام الإبتدائية للمعاهد الأزهرية وللشهادة الثانوية العامة أو الفنية بالنسبة لتلاميذ الأقسام الثانوية لهذه المعاهد.
وعلى وزارة التربية والتعليم أن تعاون في تنظيم هذه الدراسات وأن تعد العدة لعمل امتحانات المعادلة المشار إليها في ختام العام الدراسي 1961/ 1962.
ومع ذلك فإن من حق كل حاصل على إحدى الشهادتين الإبتدائية أو الثانوية من هذه الأقسام دخول إمتحانات المعادلة المشار إليها وفقا للنظام الذي تحدده اللائحة التنفيذية وينتهي العمل بهذا النظام بانتهاء العام الدراسي 1965/ 1966.
مادة 95 - يستمر قبول التلاميذ الحاصلين على الشهادة الإبتدائية من الأقسام الإبتدائية في المعاهد الأزهرية هذا العام في الأقسام الثانوية بهذه المعاهد وفقا للنظام الذي تحدده اللائحة التنفيذية وتعدل مناهج الدراسة بالنسبة لهؤلاء التلاميذ، وللتلاميذ المعيدين بالسنة الأولى بالأقسام الثانوية على الوجه الذي يحقق التعادل في آخر المرحلة.
مادة 96 - ابتداء من العام الدراسي 1962/ 1963 وإلى ابتداء العام الدراسي 1966/ 1967 يكون للتلاميذ الحاصلين على معادلة الشهادة الإعدادية أو معادلة الشهادة الثانوية المشار إليهما في المادتين السابقتين كل الحقوق المقررة للحاصلين على الشهادة الإعدادية أو الشهادة الثانوية سواء في القبول بالمدارس والكليات الجامعية ومعاهد التعليم العالي، أو في غير ذلك من الحقوق المقررة باللوائح والقوانين والقرارات، مع التجاوز عن شرط السن إلى سنتين بالنسبة للحاصلين على معادلة الإعدادية وإلى ثلاث سنوات بالنسبة للحاصلين على معادلة الثانوية أو طبقا لما تحدد اللائحة التنفيذية.
مادة 97 - الطلاب المقيدون في كليات الأزهر الحالية، والذين ينتظر قيدهم في أول الموسم الدراسي 1961/ 1962، تحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون النظام الذي يتبع الملائمة بين وضعهم وبين مقتضيات تطبيق هذا القانون.
ومع ذلك فإنه يجوز أن تزاد سنة الدراسة بالنسبة للطلاب المقيدين حاليا في كليات الأزهر سنة أو سنتين بصفة مؤقتة لتحقيق هذه الملاءمة.
ينتظموا في دراسات عليا في جامعة الأزهر الجديدة للحصول على درجة التخصص أو العالمية، والذين يحصلون منهم على إحدى هاتين الدرجتين او كلتيهما مثل الحقوق المخولة للحاصلين عليهما أو على الماجستير أو الدكتوراه من جامعات الجمهورية العربية المتحدة.
مادة 98 - يحتفظ للعلماء الموظفين الآن وللمدرسين في أقسام الأزهر المختلفة وفي المعاهد الأزهرية وأعضاء هيئات التدريس في كليات الأزهر الحالية وأعضاء جماعة كبار العلماء، كما يحتفظ بأصحاب الحقوق من أولاد العلماء وللطلاب في الكليات والمعاهد الأزهرية والأقسام العامة بكل الحقوق المالية المقررة لهم قبل صدور هذا القانون سواء في المرتبات أو في المعاشات أو في الأوقاف أو في مدة الخدمة بالنسبة للموظفين، أو غير ذلك.
على أن تتضمن اللائحة التنفيذية لهذا القانون تحديد كل ما يتعلق بهذه الحقوق بالنسبة للذين يعينون في الوظائف أو يلتحقون بأقسام الدراسة المختلفة مستقبلا.
مادة 99 - تحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون المسائل الآتية وغيرها مما وردت الإشارة إليه في هذا القانون: 1 - اختصاصات شيخ الأزهر، ووكيل الأزهر، ومدير جامعة الأزهر، ووكيل جامعة الأزهر، وعمداء الكليات، والأمين العام للمجلس الأعلى للأزهر، والأمين العام للجامعة، ومدير الثقافة والبعوث الإسلامية، ومدير المعاهد الأزهرية، والمجالس المختلفة، وذلك في الحدود المبينة في هذا القانون. 2 - جدول المرتبات والمكافآت لشيخ الأزهر ووكيل الأزهر وأعضاء المجلس الأعلى للأزهر وأعضاء مجمع البحوث الإسلامية. 3 - كيفية إدارة أموال جامعة الأزهر. 4 - شروط قبول الطلاب في الجامعة. 5 - نظام تأديب الطلاب. 6 - كل ما يتعلق بالمنح والمكافآت والإعانة الخاصة بالطلاب. 7 - مناهج الدراسة. 8 - مدة الدراسة ومدة الإمتحان ومدة العطلة. 9 - الدرجات العلمية والشهادات التي تمنحها الجامعة وشروط كل منها. 10 - القواعد العامة للإمتحان. 11 - مدة اشتغال الممتحنين ولجان الإمتحان ومقدار مكافآتهم وكيفية تعيينهم وواجباتهم. 12 - الانتداب للتدريس. 13 - تحديد المكافآت المالية والمنح لأعضاء هيئة التدريس والمعيدين. 14 - نظام تعيين أعضاء هيئة التدريس والمعيدين وجدول المرتبات والمكافآت في الجامعة. 15 - قواعد الشئون الاجتماعية والرياضية للطلاب. 16 - القواعد العامة للتنظيم الدراسي والإداري في المعاهد الأزهرية الملحقة وذلك في الحدود المبينة في هذا القانون.
مادة 100 - تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون في مدى أربعة أشهر من تاريخ صدوره، ويعمل بها من تاريخ صدورها. وللوزير المختص إصدار ما يراه من قرارات تنظيمية أو تكميلية مؤقتة تتعلق بشئون الأزهر وهيئاته بما لا يتعارض مع نصوص هذا القانون وذلك خلال الفترة التي تعد فيها اللائحة التنفيذية لحين صدورها. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الجمعة 20 مايو 2016, 12:01 am | |
| التعليم في الأزهر يسير الأزهر على التوسع في التعليمين الثانوي والعالي 1وإتاحة الفرص لكل قادر على متابعة الدراسة من إكمال معارفه والتزود بحظ من الثقافة العالية يستطيع به أن يكون مواطنا نافعا يخدم دينه ويعلي من شأن وطنه.
ويعتقد الأزهر أن الكفاية ليس لها حدود ولا موطن معين، ولذلك فسياسته التعليمية منذ قديم تقوم على مبدأ تكافؤ الفرص بأوسع معانيه. فهو لا يضع حدودا أو عوائق مالية تحول بين الطالب مهما تكن قدرته المالية وبين متابعة الدراسة حتى نهايتها، إذ الدراسة فيه مجانية تتكفل الدولة بكل تكاليفها المالية.
وفضلا عن ذلك فإن الأزهر على خلاف الجامعات كلها ينفرد بتقرير مكافآت مالية للطلاب تعينهم نوعا ما على طلب العلم وتحمل نفقات المعيشة.
وهو يتبع سياسة منظمة في التوسع في التعليمين الثانوي والعالي بحيث يكفل في كل وقت ألا يرد طالبا راغبا في العلم عن المعاهد الثانوية أو الكليات.
وتبدأ سياسة الأزهر منذ المرحلة الأولى، فهو يضع شروطا للقبول بالسنة الأولى الإبتدائية من شأنها أن ترد غير القادرين على الدراسة، أو الذين لا تتوافر فيهم الأهلية لمتابعة الدراسة الدينية، فهو يشترط في المادة 99 من قانونه الأساسي ما يأتي:
يشترط لقبول الطالب في السنة الأولى من القسم الإبتدائي: أولا- ألا تقل سنة عن اثنتي عشرة سنة، ولا يزيد على ست عشرة. ثانيا- أن يكون حافظا للقرآن الكريم كله ويؤدي امتحانا يثبت ذلك. ثالثا- أن يؤدي بنجاح امتحانا في المطالعة والإملاء والخط والحساب. رابعا- أن ينجح في الكشف الطبي طبقا للشروط التي توضع لذلك. __________ 1) من تقرير قدم إلى الادارة الثقافية بجامعة الدول العربية بناء على طلب هذه الإدارة قبل انعقاد المؤتمر الثقافي العربي عام 1950. __________ وقد دل تحري الدقة في تطبيق هذه الشروط على المتقدمين إلى المعاهد الابتدائية أن نسبة كبيرة قد تصل إلى 50 %من عدد المتقدمين لم يستطيعوا أن يحرزوا النصاب المقرر للنجاح في امتحان القبول، وبذلك أمكن منذ اللحظة الأولى أن يوجهوا إلى دراسة تتفق مع ميولهم، وبذلك ضمن إلى حد كبير أن أكثرية الذين اجتازوا هذا الامتحان التمهيدي الديهم استعداد للدراسة الدينية، وأنهم لديهم من الكفاية ما يؤهلهم لمتابعة الدراسة في المرحلتين: الثانوية والعالية. وفضلا عن اشتراط هذا الامتحان التمهيدي فقد جرى قانون الأزهر حتى السنة الحالية على التشدد في إمتحان طلاب السنتين الأولى والثانية الابتدائيتين وعدم منحهم فرصا للدخول في الدور الثاني، لينصرف الطلبة إلى الدراسة، وليبقى في التعليم من يؤهله استعداده وحرصه على الدراسة حتى المرحلة الثانوية، وليتمكن هؤلاء الطلاب منذ بدء الدراسة من تخير طريق آخر وعدم إضاعة وقتهم وجهدهم دون جدوى.
وثمة قيد آخر اختص به التعليم الإبتدائي هو عدم السماح للطالب من الإعادة في فرقة واحدة أو في سنى الدراسة الأربع أكثر من مرتين.
كل هذه القيود النافعة كانت عنصرا فعالا في تصفية الطلاب غير المؤهلين للدراسة، وإبقاء من لهم قدرة وكفاية على مواصلة الدرس.
وبتتبع نتائج القبول وإحصائيات المتقدمين تعرف الأزهر حاجياته في التعليم الثانوي من فصول ومعاهد.
وبمراجعة البيان بعدد الطلاب الذين قبلوا في السنوات من سنة 1936 حتى سنة 1949، يتبين مقدار الزيادة في طلاب الأقسام الإبتدائية واطرادها في السنوات الأخيرة، مما حمل الأزهر على التوسع في الفصول الثانوية، وافتتاح معاهد جديدة لتخفيف الضغط عن المعاهد القديمة.
وقد أنشأ الأزهر في خلال هذه السنوات معهد شبين، الكوم ومعهدا بقنا ومعهد سمنود ومن ذلك يتبين أن الأزهر سار في سياسة التوسع على خطة مرسومة أساسها الإحصائيات وسد حاجات الطلاب المقبولين في المعاهد الدينية وتزايدهم سنة بعد سنة. وحين كانت الظروف المالية لا تسمح بإنشاء معاهد جديدة أو فصول ثانوية جديدة، كان الأزهر يضطر إلى فرض قيد على قبول الطلاب، فيحدد عدد من يقبلون في السنة الأولى الإبتدائية في جميع المعاهد.
وقد كان لهذه السياسة ضرر على الطلاب أنفسهم، فقد كانوا على رغم استعدادهم ورغم صرفهم سنين في حفظ القرآن الكريم يصرفون في سنة متأخرة عن الدراسة التي أهلوا أنفسهم لها واستعدوا للسير فيها.
وهذا بدوره يثبط روح الأمل، ويقعد بزهرة الطلاب قد تكون فيهم كفاية ناضجة عن مواصلة التعليم، وتبقيهم في بلادهم على مضض منهم، فيصرفون جهودهم إلى أشياء أخرى قد يكون فيها ضرر على المجتمع.
والأزهر حين اضطر إلى هذا التحديد كان يركن إليه لصالح الدراسة ومراعاة القواعد، من عدم جمع أكثر من أربعين طالبا في فصل واحد، وكان الغرض منه أولا مراعاة إمكانيات المعاهد، وعدم توافر الفصول اللازمة لهؤلاء الطلاب، وعدم وجود المدرسين اللازمين لتعليمهم.
وثمة عامل آخر كان يراعيه الأزهر في هذا التحديد هو ملاحظة حاجة البلاد إلى المتخرجين في سنوات كانت الأزمة الاقتصادية فيها مستفحلة، وكان مستقبل الخريجين فيها مظلما لا يبشر تقدم. وفي الحق لقد عانى الأزهر من سياسة التوسع في تخريج العلماء والمدرسين معاناة شديدة، فقد جاء وقت كان المتخرجون فيه أكثر من حاجة البلاد، مما اضطر معه الأزهر في سبيل التخفيف عنهم إلى النزول بمرتباتهم إلى مستوى ضئيل، ومع ذلك كانوا يقبلون على هذه الوظائف إقبالا شديدا، فكان العالم المتخصص يمنح مقابل قيامه بالتدريس جدولا كاملا في المعاهد مرتبا شهريا ضئيلا لا يذكر، وقد دفع هذا ولاة الأمور إلى الأخذ بسياسة الطلاب بالسنة الأولى الإبتدائية حتى يمكن أن تتعادل حاجة البلاد وحاجة الأزهر إلى المدرسين مع عدد المتخرجين في الأقسام النهائية.
ويمكن القول بعد هذا أن العامل الاقتصادي لعب دورا هاما في سياسة التحديد، وإنه حين -انتعشت الأحوال الاقتصادية في البلاد وسمحت ميزانية الدولة بالتوسع في التعليم العام، وأخذت بمبدأ تكافؤ الفرص وإتاحة التعليم الإبتدائي المجاني لكل من يرغب فيه، اتسعت آفاق الآمال للمتخرجين، واشتدت الحاجة إلى المعلمين يسدون حاجة هذه المدارس- خفت وطأة التحديد وبدأت المعاهد تقبل جميع الناجحين من المتقدمين إليها، حتى تضاعف هذا العدد من 1000 في سنة 1940 إلى 2000 في سنة 1950.
جماعة كبار العلماء - 1 - أنشئت هذه الجماعة بمقتضى قانون إصلاح الأزهر الذي صدر عام 1911، وقد ظلت قائمة حتى اليوم. وأعضاؤها يظلون في مناصبهم العلمية حتى الوفاة، ولما جاء الشيخ عبد الرحمن تاج شيخا لمشيخة الأزهر هذا العام وأصدر قانونه بإحالة علماء الأزهر إلى المعاش في سن الخامسة والستين بدلا من سن السبعين نص في القانون على أن هذا القيد يسرى على أعضاء جماعة كبار العلماء أيضا، وبذلك أصبح الأعضاء لا يتمتعون بهذه الميزة الكبرى التي كانت لهم من قبل، وقد خرج من الجماعة لذلك شيوخ الأزهر الكبار الذين بلغوا هذه السن أو تجاوزوها.
وقد كتبت في مناسبات عديدة عدة مقالات عن الجماعة، أرى تسجيلها في هذا المقام.
- 2 - أنشئت هذه الجماعة في الأزهر لتنهض بأعباء الإصلاح الديني المنشود، ولتحمل عبء المجهود العلمي في مصر والشرق، بخدمة التراث الإسلامي، ورعاية الثقافة الدينية، وامدادها بالمؤلفات والبحوث.
وقد حدد قانون سنة 1936 المقاعد العلمية للجماعة بثلاثين كرسيا، وشرط لاختيار أعضائها شروطا كثيرة، أهمها أن يكون العضو الذي يرشح لها من العلماء الذين أسهموا في الثقافة الدينية بنصيب في الأزهر أو في خارجه وأن يقدم رسالة علمية في أية ناحية من نواحي البحث تظهر فيها صبغة الجدة والابتكار.
إن رسالة الجماعة عظيمة خطيرة، فعليها أن تعني بالتراث الإسلامي لعلمائنا الأمجاد، وأن تقوم بإخراجه للناس سائغا جميلا ملائما لعقولهم ومناهجهم الحديثة في البحث والتفكير، وعليها ألا تقف عنده وتحافظ عليه فقط، ولكن عليها أن تبني على أسسه، وأن تسير على امتداده، وأن تتابع الحركة العلمية في مصر وسواها من الأقطار، وأن توجهها وتؤثر فيها، وتسير بها إلى غاياتها المثلى المنشودة.
تلك رسالة الجماعة، أما حاضرها على ضوء رسالتها فهو حاضر ينبغي أن يتغير لتستطيع الجماعة أن تخدم التراث الإسلامي، كما يجب أن يكون صوتها قويا مسموعا في حياتنا الفكرية الصاخبة.
لقد كثر نقد الباحثين والمفكرين للجماعة، وكثر تساؤلهم عن انتاجها وعما أدته من الواجبات الخطيرة التي وضعت في عنقها وقامت لأجلها، وسرى هذا التيار من خارج الأزهر إلى داخله، فلفت الرأي العام الأزهري أذهان المفكرين من رجال الأزهر إلى ذلك.
وإن يعين الجماعة على أداء رسالتها ألا تحرم أولى الكفايات، وأن تفتح أبوابها لهم حتى تجنى الأمة والأزهر ثمار هذه الجماعة، ويشعر الرأي العام بفائدتها وأثرها في الحياة، وحتى تسير الجماعة إلى غاياتها السامية، وتخطو إلى مستقبلها المجيد، وتؤدي للعالم والدين ما ينتظر منها أن تؤديه من خدمات 1.
وأخيراً حققت الآمال العظيمة التي طمح إليها دعاة الإصلاح في مصر والشرق الإسلامي، وتوج هذا الجهاد الحافل بالفوز والتوفيق، فأنصت الأزهر لهذه الدعوة الصارخة، وآمن بها، وأخذ يضيف إلى تاريخه التليد صفحات طريفة مجيدة. __________ 1) من مقالة طويلة نشرتها في البلاغ عام 1941. __________ فمنذ أسابيع قرأنا أن عضوا بارزا من جماعة كبار العلماء قدم إلى الجماعة اقتراحا جديدا تشيع فيه الرغبة الصادقة في توجيه الثقافة في هذه الجامعة العظيمة وجهة جديدة صالحة تجمع بين أمرين عظيمين: الأول: بعث روح الانتاج العلمي، والاضطلاع بأعبائه في شتى فروع الثقافة الدينية.
الثاني: العناية بشئون المجتمع، وبحث مشكلاته الخلقية والاجتماعية والاقتصادية، وبيان موقف الدين الإسلامي حيالها.
ثم علمنا أن هذا الإقتراح يشق طريقه نحو التنفيذ، فأيقنا أن الأزهر مصمم على السير إلى أبعد غايات الإصلاح، مؤمن بتوفيق اللّه ورعايته.
ولا يخالجنا شك في أن الجماعة-و قد ضمت عناصر جديدة ممتازة-ستظفر بتحقيق هذه الآمال، وستكتب في تاريخ الأزهر الحديث أروع الصفحات.
وليس هذا على الجماعة بكثير، فقد عنى بها المراغي عناية كريمة فآثر بعضويتها أولى الكفايات من العلماء الحريصين على مسايرة الحياة إلى أسمى غاياتها، وتوجيه الحياة الاجتماعية بنور الدين وهدايته.
إن المجتمع في حاجة إلى الأزهر، والأزهر في حاجة إلى المجتمع، ولا ريب في أن اتجاه علمائنا نحو المجتمع وبحث شئونه ومشاكله ستجعل الناس على بينة من دينهم، وتهديهم إلى سبل الخير والفضيلة والرشاد.
لقد مضى زمن الجدل العقيم في العقائد، والبحث النظري في القشور دون اللباب، وسئمنا الكلام في المياه التي يجوز بها التطهير والتي لا يجوز، وفي إثبات كرامة الأولياء ونفيها، وفي طبقات السماء أمن فضة هي أم من ذهب، إلى غير ذلك.
وها نحن أولاء نشاهد إشراق عهد جديد يشارك فيه علماؤنا الناس، وينزلون من عزلتهم التقليدية إلى حيث الناس وتتحرك الحياة، ويضعون شئون المجتمع ومشاكله نصب أعينهم، ويقفون منه موقف الناصح الأمين.
لعمري لقد ملأ الإيمان قلوب الناس، بل وعقولهم يوم كان الدين روحا وعقيدة وخلقا وعملا.
ولم يمتحن المسلمون بأعظم من الجدل في العقيدة والخلاف في الدين، حتى انحل ما كان معقودا من ألفتهم، وخمد ما كان متأججا من روحهم.
ولقد ظهر الغزالى في عصر مفعم بالفتن والاضطرابات والجدل والخلاف، فدعا الناس إلى دين اللّه بلغة العاطفة والقلب حين رأى الدعوة إليه عن طريق الخصومة والجدل داعية فتنة وثائرة ضلال، ولكن الغزالى يئس من المجتمع لأنه كان يود أن يرأه مجتمع ملائكة أبرار لا مجتمع شياطين أشرار، فزهد في الحياة، وعزف عن المجتمع، واعتزل الناس، إيثارا لسلامة الدين والنفس وبعدا عن شرور المجتمع وسيئاته، وقلده في مذهبه الاجتماعي أصحابه ومريدوه، فظلت تلك الروح نزعة لعلمائنا حتى العصر الحديث. ولقد كانت أسمى غاية للأستاذ الامام محمد عبده من إصلاح الأزهر أن يحمله على الاندماج في المجتمع، والتغلغل في أعماقه، والسمو به -عن طريق الارشاد والتهذيب الديني الصحيح- إلى أبعد ما يستطاع من غايات، وكان يريد من وراء ذلك أن يذكي في الأمة الإسلامية روح القوة والفضيلة، وأن يدفع بها إلى الحياة الكريمة العزيزة، لتستطيع أن تذود عن حريتها، وتحافظ على تراثها المسلوب، وحتى يتسنى لها -إذا تابعت السير في هذا المضمار- أن تستعيد ما كان لها من مجد باذخ وجلال قديم، فتسير في قافلة الحياة البشرية داعية خير وهدى وسلام.
ولقد أبى الأزهر حينئذ أن يستجيب لدعوة الأستاذ الإمام وآثر أن يعيش في ظلام الجمود والحيرة، عزوفا عن الجديد الذي كان يؤمن بأنه بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار...
شوكة الجمود وحماته، وألقيت مقادة الأزهر في يد تلميذ من تلامذة الإمام، فأخذت دعوته طريقها إلى قلوب الأزهريين وعقولهم، وسرت في الأزهر روح جديدة، وأيقن رجالاته بضرورة الإصلاح، وأن اتجهوا في ذلك وجهات مختلفة متباينة...
فليعد علماؤنا إلى المجتمع حاملين في ظلمات الحياة الاجتماعية نور الدين وهدايته، ناشرين في ضلال الحياة الإنسانية دعوة اللّه ورسالته، هادين الناس إلى الحق وإلى طريق مستقيم... 1.
إن هيئة كبار العلماء أكبر هيئة دينية في العالم الإسلامي، وأعضاؤها الموقرون من أفذاذ العلماء في الأزهر الشريف، وإنى لأقترح على أولى الأمر في الأزهر تحويل عضوية الهيئة إلى كراسي دائمة، تطلق عليها أسماء الخالدين من شيوخ الأزهر وسواهم من أعلام العلماء: فنجد من بينها كرسى الظواهري، والمراغي، ومصطفى عبد الرازق، والشناوي، وكرسي محمد عبده، وجمال الدين الأفغاني...
ففي ذلك تخليد لذكرى أئمتنا وكبار شيوخنا، وفيه تمجيد لأعمالهم العظيمة في خدمة الأزهر، وما حملوا من أعباء الجهاد في سبيل الإصلاح الديني. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الجمعة 20 مايو 2016, 12:09 am | |
| الدراسات العليا في الأزهر الجامعي - 1 - نعني بالدراسات العليا تلك الدراسات الخاصة التي تنظمها الجامعات للنابغين من أبنائها الذين وقفوا حياتهم على الدرس والبحث.
وهذه الدراسات بمعناها العلمي دعامة من دعامات الحضارات الإنسانية التي تقوم على أساس وطيد من المعرفة والثقافة، وهي أعظم ما تعني به الجامعات الكبيرة في الدول العريقة، وعليها يتوقف التطور البشري. __________ 1) من مقال نشر في الرسالة 29 - 12 - 1941. __________ ولقد عرفتها الجامعات العلمية الأولى في الشرق في أحقاب التاريخ القديم، وفي شتى أطوار الحياة الإسلامية العظيمة، ففي البصرة والكوفة، وفي دمشق وبغداد وفي قرطبة والقاهرة وسواها من العواصم الإسلامية ازدهرت الدراسات العليا التي كان يقوم بها قادة الفكر الإسلامي، ثم شاء اللّه أن تذوي هذه الحضارة الزاهرة، وتطفأ مصابيح ذلك النور المشرق، وأن يستكين المسلمون لأحداث الزمن ونكبات التاريخ، فحمل العلماء في هذا الاضطراب العاصف مشعل الثقافة الإسلامية، ولكن الأحداث كانت أقوى من جهودهم، فتلاشى كثير من تلك الدراسات في شتى الجامعات، ولم يبق منها إلا شعاع خافت ضئيل.
وخضع الأزهر في حياته العلمية الطويلة لهذه التطورات حتى كان العصر الحديث، وقيض اللّه لمصر والشرق رجلا من أنبه رجال الفكر فيه هو السيد جمال الدين الأفغاني، فنفخ في حياته روح الشباب والقوة والتفكير، وكان من أبر أبنائه الإمام محمد عبده الذي جاهد في سبيل الأزهر والعلم والدين جهاد الأبطال، وكانت أول دعوة للأستاذ الإمام رفع مستوى الدراسة في الأزهر، حتى يستطيع أن يساير النهضة الفكرية في الشرق والغرب أولا، وأن تؤدي رسالته العظيمة ثانيا، وأنشئت على أساس أفكاره أقسام الدراسات العليا في الأزهر -التخصصات- بعد وفاته بكثير، وكان من أهم هذه الأقسام تخصصات العالمية من درجة أستاذ التي أنشئت عام 1930 والتي حملت عبء الثقافة الدينية والعربية والعقلية في الأزهر وكلياته من ذلك العهد إلى الآن، وقام خريجوها ببحوث جديدة في شتى فروع الثقافة تجلت في رسائلهم المختلفة التي تقدموا بها لنيل العالمية من درجة أستاذ.
وكانت الغاية من إنشاء هذه الأقسام هي: - أولا - افساح مجال البحث الحر أمام الأساتذة والكفايات الممتازة من طلبة الأزهر.
ثانيا - خلق جيل جديد من الخريجين يحملون في مستقبل حياتهم مشعل الثقافة في مصر والعالم الإسلامي.
وقد بعثت رغبات جامحة لا نعرف أسبابها على أن ينظر كثير من المسئولين في الأزهر إلى هذه الأقسام نظرة لا تليق بمكانتها وجهودها في الأزهر ورسالتها التي تحملها، حتى لقد مضى عليها خمس سنوات لم يقبل فيها أحد من أوائل الشهادات العالية بالأزهر.
ونحن ننادي بفتح هذه الأقسام من جديد، على أسس أكثر نظاما، وأدق تجديدا من النظم الأولى التي كان يسير الأزهر عليها، فجهود خريجه ورسائلهم وبحوثهم العلمية وآثارهم الثقافية في حياة الأزهر الآن هي سجل ناطق بمدى نجاحهم ونجاح هذه الأقسام الدراسية العليا في غايتها الثقافية والعلمية.
وأهم هذه الأسس التي نراها صالحة لتوجيه هذه الدراسات والطلبة المثابرين عليها هي: أولا - العناية التامة بطلبة هذه الأقسام عناية أدبية ومادية تحول بينهم وبين كل ما يعوقهم عن التفرغ للبحث والدرس.
ثانيا - الاختيار الصالح لأساتذة هذه الأقسام، فحيث يوجد الأستاذ الكفء يوجد النشاط العلمي والحياة العقلية الخصبة، ويخلق الطالب النابغة، وذلك هو ما ننشده لهذه الأقسام، ولقد كانت محاضرات الأستاذ الشيخ محمد عرفه في هذه الأقسام ومدى أثرها وتوجيهها العقلي دليلا على ما يمكن للأستاذ أن يفعله وأن يأتي به من معجزات حينما يختار لمهمته فيحسن اختياره، ويكلف بالعبء الذي يستطيع أن ينهض به.
ثالثا - تحديد مناهج الدراسة والكتب ومواعيد المحاضرات والامتحانات تحديدا واضحا لا لبس فيه ولا غموض.
رابعا - جعل العلوم الإضافية في هذه الأقسام قاصرة على السنتين الأوليتين فيها، على أن يعقد امتحان بعد العامين للطالب الذي يلتحق بها يمتحن فيه في جميع المواد الإضافية ليفرغ بعد هذا الإمتحان إلى المواد الأساسية التي يعد نفسه من أجلها.
خامسا- دراسة إحدى اللغات الأجنبية الأوروبية في هذه الأقسام.
سادسا- وضع الخريجين من هذه الأقسام بعد تخرجهم منها في وظائف التدريس في الكليات مباشرة بدون أي تأخير، واختيار أعضاء البعثات التي تسافر إلى الخارج من بينهم. فبذلك يكون الأزهر قد عمل على خلق جيل جديد من شبابه يقدر على حمل أعباء رسالته والنهوض بها.
- 2 - ولقد كان محمد عبده رحمه اللّه أبرز قائد لحركة البعث والإصلاح الديني في مصر والشرق الإسلامي، بعد أستاذه جمال الدين الأفغاني.
وكان من البدهي أن يتجه هذا المصلح الديني الخالد الذكر إلى إصلاح الأزهر نفسه لأنه نواة الفكرة الإسلامية، ومغذى الروح الديني.
ولم تظهر آثار جهاد الشيخ عبده وجهوده في إصلاح الأزهر إلا بعد وفاته، وعلى أيدي تلاميذه الذين تحمسوا لآراء أستاذهم في الإصلاح، وتعهدوها بالعناية والتنفيذ.
كانت الدراسة في الأزهر في عهد محمد عبده تسير على النظام القديم البدائي: حلقات للتعليم، وطلبة يختارون أستاذهم الذي يتتلمذون عليه ويناقشونه فيما صعب من مشكلات العلم والثقافة، وكتب ألفت في العصور الوسطى وغلبت عليها آثار الثقافة العقلية التي كانت سائدة في هذه العصور.
وفي 1872م وضع قانون لإصلاح الأزهر، نظم طريقة نيل العالمية، وحدد مواد الامتحان فيها، وبتعضيد الشيخ محمد عبده، وعلى يدي صديقه المرحوم الشيخ حسونة النواوي شيخ الأزهر حينذاك، صدر قانون عام 1896، الذي نظم الدراسة في الأزهر، وأدخل العلوم الحديثة في مناهجه، أما النظام الإداري للأزهر ومعاهده فقد صدر به قانون عام 1911، بعد وفاة الإمام محمد عبده بسنوات.
وأخذ الأزهر يسير على هذا النمط من الدراسة، دون أن يوجد فيه أثر للدراسات العليا، حتى صدر قانون 1923، الذي أوجد نوعا من هذه الدراسات قامت على أسسه أقسام التخصص القديم، التي كانت تمنح درجات علمية تعادل درجة الماجستير في جامعتي القاهرة والاسكندرية، ثم أخذ الأزهر يعمل الجامعية التي تسير عليها شتى الجامعات في الشرق والغرب، ففكر المراغي في عهد مشيخته الأولى في إنشاء أقسام أكبر للدراسات العليا في الأزهر، والمراغي أنبه تلاميذ محمد عبده، وأكثرهم دعاية لآراء أستاذه، وتحقيقا للكثير منها...
وقد ظهرت آثار هذا الاتجاه في قانون إصلاح الأزهر الذي صدر عام 1930 في عهد المرحوم الشيخ الأحمدي الظواهري، وقد نظم هذا القانون الأزهر الجامعي، فقسمه إلى كليات ومعاهد، وأنشأ أقسام الدراسات العليا بشتى فروعها، وعدل عام 1936 وما والاه تعديلا أملته الضرورة والتجرية والرغبة في خلق الروح الجامعي في الأزهر.
وسمى هذا القانون أقسام الدراسات العليا: أقسام تخصص المادة، ومنها ينال المتخرج شهادة العالمية من درجة أستاذ، وهي أرفع شهادات الأزهر العلمية، وتعادل الدكتوراه الممتازة، وتدرس بها علوم الشريعة وأصول الدين والقرآن والحديث والبلاغة والأدب واللغة والفلسفة والتاريخ، ومدة الدراسة بها لا تقل عن ست سنوات بعد انتهاء دراسة الكلية، وكان طلبتها يختارون من بين أوائل المتخرجين. واختير للتدريس بهذه الأقسام أئمة العلماء والمفكرين في الأزهر ومصر، وقد حققوا نهضة فكرية وعلمية جديرة بالإشارة في تاريخ الأزهر الحديث، كما كانت امتحانات أقسام هذه الدراسات، ومناقشات رسائل الخريجين مواسم خالدة للعلم والأدب في الأزهر، وكان يشرف عليها أفذاذ العلماء والأدباء والمفكرين، ومن بينهم المراغي ولطفي السيد ومأمون الشناوي واللبان وحمروش وعبد المجيد سليم وعرفة وشلتوت والجارم وسواهم، ورسائل الخريجين من أقسام العالمية من درجة أستاذ فيها جهد كبير وألوان جديدة من البحث والتحليل، وهي أوضح أثر لنهضة الأزهر العلمية الحديثة، وقد طبع بعض قليل منها.
كما حمل خريجوه بجدارة مناصب التدريس في كلياته ومعاهده، ولكثير منهم نشاط علمي خصب، وانتاج حافل في الأدب والشريعة والفلسفة والتاريخ والعقائد.
ومن سوء الحظ ألا يهضم الأزهر الجامعي نظام الدراسات العليا، وأن يحاربها من وراء ستار، وأن يعطل الدراسة بأقسامها من عام 1941 حتى الآن.
اعتزاز الأزهر بهذه الدراسات ضئيلا محدودا، تجلي في طبع رسالتين أو ثلاث من رسائل خريجيها، وفي عرض بعضها في المعرض الزراعي عام 1949 ولا يزال جل هذه الرسائل مخطوطا في مكتبات الكليات الأزهرية، وعددها يقارب المائتين.
فمن مبلغ الأزهر بأن نظامه الجامعي وازدهاره العلمي لن يكون لهما كيان إلا إذا عادت من جديد هذه الدراسات العليا فيه، تؤدي رسالتها العظيمة في خدمة الدين والثقافة، وتجديد مناهج البحث العلمي الحر، والكشف عن آثار التراث الإسلامي المجيد، والنهضة بالثقافة الأزهرية، حتى تبلغ المنزلة الرفيعة، التي بلغتها الثقافات الحديثة، في جامعات الشرق والغرب، ويتحدث الخريجون من قسم الأستاذية في مذكرة رفعوها إلى المسئولين في أكتوبر عام 1952،
عن حاضرهم وآمالهم فيقولون: أنشىء قسم الأستاذية في الأزهر بمقتضى القانون رقم 49 لسنة 1930 المعدل بالقانون رقم 29 لسنة 1936 حينما أريد للأزهر أن يكون جامعة وأن تنشأ به كليات للتعليم العالي، وأن يقضي على عوامل الانحلال التي عصفت به وذهبت بكل ما كان له من مجد وجلال.
ولم يكن بالأزهر عند صدور القانون أساتذة يحملون مؤهلات ممتازة تخول حامليها التدريس في كلياته، فأنشىء فيه هذا القسم لتخريج أساتذة ممتازين يعهد إليهم بهذه المهمة، وأطلق عليه إسم تخصص المادة...
ويختار طلابه من أوائل الشهادات العالية من الكليات ويقضي فيه الطالب ست سنوات على الأقل، ثم يقدم في نهايته رسالة قيمة تناقش مناقشة علنية ويمنح الناجح فيها شهادة تسمى العالمية من درجة أستاذ وهي تعادل «دكتوراه ممتازة حرف أ».
ومن هؤلاء وحدهم تتكون هيئات التدريس بالكليات تطبيقا للمواد 41، 42، 119 من القانون رقم 26 لسنة 1936، كما جعل الحصول على هذه الشهادة شرطا لعضوية جماعة كبار العلماء، ومن بين هؤلاء يختار شيخ الأزهر وكبار الموظفين الإداريين فيه.
ولكن الذي حدث من المسئولين في الأزهر حيال أقسام الأستاذية هو: 1 - أغلقوا قسم الأستاذية إغلاقا نهائيا منذ أكثر من أربع عشرة سنة، واحتجوا لذلك بأنهم سيعيدون النظر في نظامه.
2 - سلكوا الحاصلين على هذه الشهادة مع حملة أدنى شهادات الأزهر في سلك واحد وحكموا الأقدمية المطلقة بينهم في الترقيات ومنح الألقاب العلمية.
وإنا لنقترح مساواة خريجي الأستاذية بنظرائهم في الجامعات من كل النواحي العلمية والأدبية والمادية، وفتح أقسام الدراسات العليا في كليات الأزهر فورا وقبول المتقدمين إليها من الطلاب.
وزيادة عدد الأساتذة ذوي الكراسي في كليات الأزهر بما يناسب الزيادة في عدد الطلاب والمدرسين والمواد الدراسية فقد حدد عدد هذه الكراسي في عام 1936، ولم يكن بالكليات من المدرسين والطلاب أكثر من خمس العدد الحالي.
الصلات العلمية بين الأزهر والجامعة منذ أعوام قلائل قرأت في بعض الصحف، سؤالا لشاب أزهري كتب يقول: «أنا طالب أزهري حاصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية من معهد القاهرة وأجيد الفرنسية والانجليزية إجادة تامة، فهل يجوز لي الالتحاق بكلية الآداب؟» ونشر مع السؤال رأي سيادة عميد كلية الآداب ونصه: «لا يمكن قبول الطالب بكلية الآداب، وفقا للوائح التي لا تزال متبعة إلى الآن»، وأمر هذه اللوائح عجيب حقا، فهي التي تسيطر على التفكير الحر في مصر. وكيف يمكن إقناع الطالب المسكين الذي يريد إكمال دراسته بقسم اللغة بكلية الآداب بأن رد العميد عادل ومعقول؟ ولم فات الدكتور طه حسين أمر هذه اللوائح حين كان عميدا لكلية الآداب، فأمر بقبول عدد كبير من طلاب الأزهر بكليته، ونظم لمن لا يعرف منهم لغة أجنبية دراسات خاصة، فكانوا أكثر خريجها نشاطا وانتاجا؟.
ولا تزال هذه اللوائح أيضا تحول بين أساتذة الأزهر وحرية دراساتها، فإلى متى تظل هذه اللوائح والقيود والأفكار القديمة تتحكم في مصير الثقافة في مصر في القرن العشرين؟. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الجمعة 20 مايو 2016, 12:20 am | |
| حياة الأزهر الثقافية - 1 - لقد ابتدأت الدولة الفاطمية حياتها السياسية بالقيروان سنة 296 ه على يدى مؤسسها الأول عبيد اللّه بن محمد - وأخذت توسع نطاقها السياسي ومجالها الدولي بالتدريج، وفي عهد الخليفة الرابع المعز لدين اللّه دخل الفاطميون مصر بعد منتصف القرن الرابع الهجري بقليل..
فقضوا على نفوذ الخلافة العباسية فيها، وعلى مذاهبها السياسية والاجتماعية والعقلية من جميع أرجائها، وبسطت الدولة الجديدة سيادتها على البلاد بالقوة وأخذت تصبغ جميع نواحي النشاط في الدولة بصبغة تلائم عقيدتها الشيعية الاسماعيلية، سواء في أداء الشعائر أم في سياسة الدولة وأمور الاجتماع ونواحي التفكير.
وكان لا بد للدولة الجديدة أن تقوم بدعاية واسعة النطاق تكرس لها كل ما تستطيع من قوة وجهد في سبيل تغيير الاتجاه الفكري في مصر كلها، حتى يؤمن العقل المصري بعقيدتها الشيعية، ويتحمس لها ويدعو إليها، ويكون بين الدولة والشعب تفاهم عقلي بعد هذا الوثام السياسي الذي وجهته القوة وأملاه السيف.
ومن ذا الذي يقوم بهذه الدعاية، وبدأ في جد لتغيير مناحي التفكير في مصر، ولجذب الشعور الوطني نحو الدولة؟ إنهم العلماء الشيعيون الاسماعيليون ورجال السياسة والتفكير فيهم..
وإذا فلتقم جامعة علمية منظمة، ولتشرف هذه الجامعة بأساتذتها وشيوخها على مناحي الثقافة والتفكير في الدولة، داعية إلى العقيدة الشيعية بأصولها وتشريعها الفقهي وكافة آرائها السياسية والاجتماعية والعقلية، حريصة على نشر هذه المبادىء في مصر وسائر أنحاء الشرق الإسلامي.
وشيد الأزهر وتم تشييده في عامين وافتتح فعلا للصلاة في 7 رمضان عام 361 ه وقام رجال الدولة بإلقاء المحاضرات العامة فيه بين حين وحين إلى أن تولى العزيز بن المعز لدين اللّه العرش (من عام 365 إلى 386 ه) فاتجه بعنايته إلى الأزهر وجعله معهدا علميا منظما، شمله برعايته الكاملة، واختار للدراسة فيه أساطين الفقه الشرعي من شتى أنحاء العالم الإسلامي وأحاطهم بشتى أسباب الرعاية والتقدير وكان من بين هؤلاء وزير العزيز باللّه يعقوب بن كلس 1.
وقام الأزهر بما طلبته منه الدولة، وما هيأته له، فأخذ ينشر العقيدة الاسماعيلية ويدرس مبادئها السياسية وتشريعاتها الفقهية، وأصولها المذهبية واتجاهاتها الفكرية فضلا عن عنايته بالكثير من الدراسات العقلية واللغوية والأدبية -و صار أعظم بيئة علمية وأحفلها في الشرق الإسلامي بهذه الدراسات، التي خرج فيها جيلا جديدا من العلماء الذين أصبحوا يد الدولة ودعاتها وقوام الحياة السياسية والاجتماعية والعقلية والأدبية فيها، كانت الدولة الفاطمية تشمل بنفوذها السياسي حوض البحر الأبيض الأفريقي كله من مراكش إلى الشام، فضلا عن الحجاز ويهفو إليها جميع الاسماعيليين في العراق وإيران والهند بقلوبهم، ويتجهون إليها بشعورهم وكان الأزهر هو المثابة العظيمة للعلم والتفكير والثقافة في هذه الأقطار كلها، وهو الذي يحمل مشعل النور والهداية إلى سائر هذه الأمصار، ووفدت إليه أفواج الشباب من شتى هذه الأرجاء، ترتوي من معينه- و تقتبس من نوره وتهتدي بهديه، وتضافرت هذه العوامل الأجنبية والسياسية والفكرية كافة على تكوين شخصية مستقلة لهذه الجامعة الجديدة، ظهر أثرها الفذ في الثقافة الإسلامية في مصر وجاراتها الشقيقة على عهد الدولة الفاطمية.
ومن العبث أن نوازن بين الأزهر حينئذ وبين المدرسة النظامية التي كان الموازنة مفقودة، فالتاريخ الذي حفظ لنا تراث المدرسة النظامية في شخصيات كبار أساتذتها قد ضن علينا بتراث الأزهر وإنتاجه العلمي في هذه الحقبة، لأنه إنتاج شيعي تعصب عليه وناوأه أعداء الشيعة.
ولقد شاء القدر العتيد أن تطوي الدولة الفاطمية وآثارها من الوجود بعد قرنين حافلين -حيث ثل السلطان صلاح الدين الأيوبي عرشها ومحى آثارها وثقافتها، وقبض بيده على أمور مصر وسياستها عام 567 هـ، وكان فيما حاربه وقضى عليه المذهب الشيعي الفاطمي، وأحل محله المذهب السني الذي تؤيده خلافة بني العباس وتنكر الزمن للأزهر فعطلت دروسه، وتفرقت شيوخه، ومنعت منه الخطبة، وحل الكثير من أوقافه، وشارك الدولة الراحلة آلام التطور السياسي الجديد وبعد عهد الانقلاب السياسي وعودة الاطمئنان العقلي، عادت إلى حلقاته الدراسات الفقهية، لا سيما الفقه الشافعي ولكن بشكل متقطع غير مستقر، واستمر الأمر على ذلك قرنا من الزمن.
ولكن الأحداث السياسية العظيمة في الشرق الإسلامي أعادت إلى الأزهر ماضيه العلمي المجيد..
ففتح التتار المغول لبغداد وشتى عواصم البلاد الإسلامية وعصفهم بالتراث الإسلامي الثقافي بإحراق دور الكتب، وتبديد نفائس الأسفار فيها حرقا وتمزيقا ورميا بها في ماء دجلة والفرات، وتفريق العلماء ورجال الثقافة الإسلامية وتعطيل الدراسات الثقافية: دينية وعقلية ولغوية في شتى مدارس الشرق الإسلامي وجامعاته، ثم انتقال الخلافة العباسية من بغداد إلى القاهرة في عهد المماليك وعلى يد السلطان الظاهر بيبرس سنة 659ه، ثم أهمية مصر السياسية والاقتصادية وصبغتها العربية، ووقوعها في قلب العالم الإسلامي وثقافتها العقلية القديمة-كل هذه الأسباب أدت إلى إعادة النشاط العلمي في الأزهر فشجع بيبرس التعليم فيه وأعاد إليه الخطبة عام 659ه، ووقف على أساتذته وطلابه الأوقاف الكثيرة والأموال الطائلة.
ومنذ ذلك الحين ذاع صيت الأزهر واستعاد مكانته العلمية وأمه الطلاب مراكش إلى أقاصي الهند، وجد الأزهر وعلماؤه في إحياء الثقافة الإسلامية التي رماها التتار بأقسى النكبات في فتحهم الوحشى لبلاد الخلافة العباسية، فكان للأزهر جهوده العظيمة الحافلة في هذا المضمار، مما وطد من مكانته، ودعم من كيانه، وأقر له منزلته العلمية العظيمة وشخصيته الجامعية الضخمة.
وزاد من مكانة الأزهر قوة واستقرارا انقراض الحضارة الإسلامية من الأندلس عام 897 ه وانتهاء جامعاتها العلمية الكبيرة وتبديد مسيحيى أسبانيا للتراث العربي فيها، فألقيت مقاليد الثقافة الإسلامية في الشرق كافة في يد الأزهر، فحمل الأمانة، وبذل في سبيل أداء رسالته كل ما يستطيع من جهد وقوة، وأخذ الأزهر يسير في دراساته الدينية، وفي انتاجه الثقافي على المنهج العلمي المألوف في عصره، فكانت كتب الدراسة فيه والمؤلفات العلمية التي يؤلفها علماؤه، شروحا لأصول الكتب العلمية الدائمة في عصره، وحواشي على هذه الشروح وتقارير على هذه الحواشي؟
وهذه الشروح والتقارير والحواشي تتجه إلى خدمة أمرين عظيمين: أولا: الشرح التحليلي التفصيلي لأساليب هذا الأصل العلمي المشروح، والمبالغة البعيدة في توجيه الفهم فيه وجهة خاصة، يتحرى فيها الدقة والعمق والإحاطة بألوان الثقافة المنوعة، عند ما تستوجب هذه الإحاطة دراسة الأسلوب والفاظه.
وثانيا: إثارة المشكلات العلمية العميقة التي تتصل بأصل الفكرة المبحوثة أو التي تضيء جوانب البحث فيها، أو التي تعتبر لازمة للتوسع في دراستها، وبجانب هذه الدراسة العلمية، وهذا الانتاج الثقافي الخاص، توجد موسوعات علمية ألفت في شتى نواحي الثقافة الإسلامية لتعويض ما فقده التراث الإسلامي من نفائس المؤلفات وكانت الطريقة العلمية ملائمة لعقول العلماء إذ ذاك ومتمشية مع أساليب المنهج العلمي المألوف في عصرهم، فقد كان الشرق كله يقرها ويسير عليها في ميادين الثقافة والتعليم والتفكير، وما زالت محل اعجاب الباحثين من المستشرقين والمفكرين، ومن العبث أن نزوي بها أو نحط من شأنها، أو نرميها بالخطأ والخمول.
ومن أساتذة الأزهر في ذلك العهد عز الدين بن عبد السلام الملقب بسلطان العلماء وتلميذه القشيري وهو الذي لقبه بهذا اللقب، وعز الدين هذا كما كان مثلا في الشجاعة وهو أصدق مرآة نرى فيها أخلاق العلماء، يقول ابن السبكى في طبقاته: «إنه وقف في وجه القائم بأمر مصر وقتئذ لما أراد أن يفرض ضريبة على التجار قائلا: «إذا أحضرت ما عندك وعند حريمك من الحلى وأحضر الأمراء ما عندهم من الحلى الحرام وضربته سكة ونقدا وفرقته ولم يقم بالكفاية فلك أن تطلب القرض، وأما قبل ذلك فلا». ويقول عنه أيضا إنه لما توفى عز الدين بن عبد السلام سنة 660ه ومرت جنازته تحت القلعة، وشاهد الظاهر بيبرس كثرة الخلق الذين معها قال لبعض خواصه: «اليوم استقر أمري في الملك لأن هذا الشيخ لو كان أمر الناس في بما أراد لبادروا إلى امتثال أمره».
وكان عز الدين هذا خطيبا لجامع عمرو، ولهذه المناسبة أقول: إن المقريزي المؤرخ العظيم كان هو الآخر خطيبا لجامع الحاكم.
ومن علماء مصر الأفاضل الذين أثروا في الأزهر وتأثروا به العالم البارع الطويل الباع في أصول الفقه وفروعه وفي العربية وغيرها، الفقيه المالكي ابن الحاجب وكان أبوه حاجبا عند الأمير عز الدين موسك الصلاحي، وقد صنف في الأصول: المختصر والمنتهي، وفي فقه المالكية المختصر وله في النحو الكافية، والوافية، وفي التصريف الشافية، وشرح الكل، وله شرح المفصل، والأمالي النحوية وقصيدة في العروض.
ومن أساتذته في القراءات الشاطبي وتوفى بالأسكندرية سنة 646ه، ونذكر أنه مدفون بجوار أبي العباس المرسي، ومنهم إمام النحو واللغة ابن هشام الذي قال عنه ابن خلدون «ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام أنحي من سيبويه».
ومن أكابر أساتذة العلم المنتجين الذين عرفتهم مصر: الثبت الثقة، الصدوق النبيل، الحافظ للحديث، الحجة فيه، أستاذ الحديث في المؤيد، البدر العينى صاحب عمدة القارىء شرح صحيح البحارى، ويقولون: إنه داوم على إقراء فيه وحده ما يقرب من أربعين سنة عدا ما له من الدروس في بقية مدارس القاهرة، وتناوب وظيفة حسبة القاهرة هو والمقريزي مدة، وقد ولاه الملك المؤيد «نظر الأحباس» -وزارة الأوقاف- وكان معاصرا للحافظ ابن حجر صاحب كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري «و كان ابن حجر هذا أصغر من العينى باثنتي عشرة سنة، ويروي المقريزي أنه كان بينهما من المنافسة ما يكون بين المتعاصرين، فلما فوض إلى العينى تدريس الحديث بالمؤيدية صادف أن مالت مئذنة الجامع المؤيدي على البرج الشمالي وكادت تسقط فهدمت وبنيت من جديد، فقال الحافظ بن حجر في ذلك: لجامع مولانا المؤيد رونق منارته بالحسن تزهو وبالزين نقول وقد مالت عليهم: تمهلوا فليس على حسنى أضر من العين فتحدث الناس أنه قصد التورية بالعينى، ويروي المقريزي أن العيني رد عليه بهذين البيتين وهما من نظمه، وغيره يقول إنهما لبدر الدين العنتابي: منارة كعروس الحسن إذ جليت وهدمها بقضاء اللّه والقدر قالوا أصيبت بعين قلت ذا غلط ما آفة الهدم إلا خسة الحجر
وللعينى مؤلفات كثيرة أجلها عمدة القاري الذي تقدم ذكره، ويقولون: إنه ابتدأ فيه سنة 821 وأتمه سنة 847 ه بعد فراغ ابن حجر من شرحه فتح الباري بخمس سنوات، وله أيضا «نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار، في شرح معاني الآثار» في مجلدين، ومنها «البناية في شرح الهداية» للإمام المرغيناني في عشرة مجلدات، ومنها «الدرر الزاهرة في شرح عقد الجمان في تاريخ الزمان» في خمسة وعشرين مجلدا، وعد مؤلفاته أمر يطول، فليرجع إليها في مقدمة كتابه عمدة القارىء.
ومن رجالات مصر وأعيان العلماء جلال الدين السيوطي مؤلف حسن المحاضرة وسواه من نفائس المؤلفات.
وجاء العصر العثماني بفتح السلطان سليم مصر سنة 922.
وبقضائه على دولة المماليك فيها فاستمرت للأزهر أهميته البالغة في الدراسات الدينية.
ولكن روحه أصابها الوهن وقوته نال منها الضعف واعتورتها عوامل الخمول والجمود، ولذلك أسبابه البعيدة والقريبة..
فقد ضعفت ملكات التفكير في الشرق كافة وصارت الدولة الحاكمة بعيدة عن الروح العربية الصحيحة، بعنصرها ودمها التركي المتطرف وكثرت الفتن السياسية والأحداث الإجتماعية في مصر والشرق ولم تجد دولة العلم والثقافة من الدولة رعاية ولا عطفا، اللهم إلا نوعا ضئيلا من التشجيع لا يجدي ولا يبعث على المجد والرجاء.
كل ذلك أورث الأزهر صبغة من التقليد العلمي وأضاع منه روح التجديد والاجتهاد فأصبحت غاية رجاله نقل ما ورثوه عن السلف في أمانة واخلاص دونه العناية بالبحث والتمحيص والموازنة والتحقيق وعكف شيوخه على دراسة الكتب التقريرية التي ألفت في العصور المتأخرة دون الرجوع إلى الأصول الأولى التي ألفت قديما والتي قلت فيها روح البحث والجدة والابتكار.
وكانوا يقدسون كل ما يتصل بالقديم من خلق وعادات ودين، وكانت الدراسة قاصرة على العلوم الدينية وما يتصل بها من العلوم اللغوية وقليلا من الفلسفة، وقلت فيه الدراسات العقلية والفلسفية في كتبها الواسعة التي كان يحرمها عصره، وتحاربها الهيئات العلمية والجماعات الدينية حين ذاك، وفضلا عن ذلك فقد ناوأ الأزهر المذاهب المتطرفة لأنها كانت مشربة بفلسفة خاصة، ولم يكن فيه مكان للشعراني الصوفي سنة 973 ولا لأمثاله، وكانت كل جهود الأزهر في هذا العصر العثماني هي المحافظة على التراث القديم، والذود عنه والقيام بشرحه والتعليق عليه تغيير في أصوله أو تجديد في بحوثه، وليس في ذلك من ذنب، فالأحوال السياسية والاجتماعية التي عاش فيها المسلمون آنذاك، كانت باعثة على الضعف العقلي الذي تجلى أثره في بيئة الأزهر العلمية.
كان الأزهر منذ نشأته يدرس العلوم العقلية والرياضية والطب والموسيقى، وفي العصر الأيوبي شاعت فكرة تحريم علوم الفلسفة والرياضة على العالمين والمتعلمين، وقد ساعد على ذلك فتوى ابن الصلاح بتحريم المنطق، حيث سادت موجة كراهية علم المنطق والفلسفة، ولذلك كره العلماء دراسة المنطق وتدريسه، ومنهم السيوطي.
ولما تولى حكم مصر سنة 1611 ه أحمد كور باشا، وكان ولعا بالعلوم العقلية، قابل صدور العلماء، ومنهم الشيخ عبد اللّه الشبراوي شيخ الأزهر، فتكلم معهم في الرياضيات، فقالوا لا نعرف هذه العلوم، فضحك..
واستمر الحال كذلك إلى أن أصدر الشيخ محمد الانبابي والشيخ محمد البنا فتوى بجواز تعلم هذه العلوم، وذلك في أواخر عام 1305 ه.
وكان الأزهر مبعث المقاومة الوطنية للاحتلال الفرنسي فلقى من القائد وجيشه كثيرا من الأذى والمقاومة، وإن استعان ببعض رجاله المرنين في أعمال الإصلاح والإدارة، فكان في المجلس الوطني الذي ألفه نابليون بعض كبار شيوخه وأعلامه.
وكان الأزهر يكره الاستعانة برجال الغرب وعلمائه، فقاوم محمد علي، واستولت الحكومة على أملاكه وأوقافه ولكن بقى له على كل حال نفوذه الديني والأدبي بين الشعب.
فعلماء الأزهر وشبابه هم الذين اختارهم الوالي للدراسة في مدارسه الخصوصية الكثيرة التي أنشأها من طب وهندسة وزراعة وصناعة وقانون ولغات إلخ.
وأعضاء بعوثه العلمية التي أوفدها إلى أوروبا من بدء عام 1826 كان جلها من أبناء الأزهر الناضجين.
وعاد أعضاء هذه البعثات من أوروبا فكانوا في مصر جيلا جديدا له ميزته الخاصة في الثقافة والتفكير والترجمة والإنتاج.
وسار الأزهر على منهجه العلمي القويم بعيدا عن الدراسات العقلية والأدبية وعن العلوم الحديثة، اللهم إلا دراسة الكتب الأولية في المنطق ودراسة بعض كتب الأدب وآثاره كالمقامات والمعلقات التي ابتدئت قراءتها فيه نحو عام 1828.
- 2 - وفي الحديث انتشر النفوذ الأجنبي، والثقافة الغربية في مصر، ووفدت على ربوعها رسل الثقافة الأوروبية ورجال البعثات العلمية الذين أوفدهم إسماعيل إلى باريس وروما وجامعات انجلترا، وأخذت هذه العوامل الجديدة تعمل عملها في تكوين العقلية المصرية تكوينا يتلاءم مع النهضة الفكرية والاجتماعية التي كانت تسود أوروبا، وأبعد رجال الأزهر عن كثير من ميادين النشاط الاجتماعي في الدولة، ومع هذه العوامل الهدامة في صرح الأزهر فقد كان إسماعيل يحلم بتكوين دولة عربية خاضعة لنفوذه، مؤتمرة بأمره، فدفعته آماله السياسية إلى العناية بأمر الأزهر وإصلاحه حتى يساير روح النهضة الحديثة في مصر، وفي عام سنة 1871 صدر قانون بإصلاح الأزهر لرفع مستوى أساتذته وطلابه والثقافة فيه، وذلك في عهد شيخه الشيخ محمد العباسي المهدي الحنفي الذي كان يتبرك به الخديوي ويصطفيه.
ونص هذا القانون على إجراء امتحان نهائي للمتخرجين في الأزهر، وعين المواد التي يجب أداء الامتحان فيها (و هي إحدى عشرة مادة)..
وقدرت مرتبات عالية للأساتذة ومكافآت مالية للطلاب.
ولكن الأزهر عادى الإصلاح، وحمل الشيخ عليش لواء المعارضة، فوقفت روح الإصلاح فيه.
واضطرب جو مصر السياسي بالثورة العربية وأحداثها، كما زلزل كيانها المالي في تصفية ديونها العامة، وكان الاحتلال الأجنبي عام 1882، فوقفت حركات التجديد في سائر مرافق البلاد، وأخذ دنلوب وأعوانه الثقافة في المدارس المصرية، حريصين على تغيير العقلية المصرية المعارضة لمبادىء انجلترا السياسية، سواء بنشر الثقافة الانجليزية في مصر ومدراسها الحكومية أم بإرسال بعوث إلى انجلترا، أم بإنشاء مدارس انجليزية لنشر الثقافة الغربية أم بإلقاء زمام الثقافة في مصر في أيدي الأساتذة والمستشارين الانجليز.
وأخذت المدارس المصرية تتأثر بالآراء الغربية على كل حال، ما عدا الأزهر فإنه بقى على تقاليده الصريحة وآثر الذود والدفاع عنها، ونجم عن ذلك أن اتسعت مسافة الخلاف بين الأزهر ورجال المدرسة الحديثة، ووجدت في مصر ثقافتان مختلفتان متعارضتان: تقوم إحداهما على التراث الشرقي القديم والتخصص له وتتمثل في بيئة الأزهر، وتقوم الأخرى على العلم والتفكير الغربي الحديث وتتمثل في مدارس الحكومة على شتى درجاتها، وفي المدارس الأجنبية على اختلاف الثقافات التي تدعو إليها، من فرنسية وانجليزية وأمريكية وإيطالية..
وهكذا استقلت الحياة السياسية في الدولة عن الأزهر، وترك الأزهر على حاله، يتصرف فيه رجاله كما يريدون، بعيدين عن توجيه السياسة المباشرة لشئون الثقافة والتعليم فيه، وفكر الغيورون على مستقبل العلم والدين من أبنائه مليا في أمره، ورأوا حاجته الماسة إلى الإصلاح، فطالبوا بإصلاح مناهجه ونظمه، ولكن هذه الدعوات قوبلت في داخل الأزهر بعصبية متطرفة في الانكار، بيد أن رغبات الإصلاح كانت قوية جبارة، وكانت النهضة الحديثة تدفع الأزهر إلى التجديد العلمي، وكان أبرز شخصية دعت إلى هذا الإصلاح هي شخصية الإمام محمد عبده تلميذ جمال الدين الأفغاني، وكان الشيخ محمد عبده يرى أن بقاء الأزهر على حاله محال، فإمّا أن يعمر وإما أن يخرب وابتدأ يعمل على تغيير مناهج الدراسة والثقافة فيه: بدراسته كتابى عبد القاهر الأسرار والدلائل، وبقراءته البصائر النصيرية، وقد علق الشيخ محمد عبده على نهج البلاغة ومقامات البديع، وهو مدين في أسلوبه لمقدمة ابن خلدون، واهتم الشيخ بالإصلاح.
ومكافآتهم المالية وحدد مدة الإجازات السنوية وأدخل في مناهج الدراسة بعض العلوم الحديثة، وعنى بمكتبة الأزهر ومكتبات المعاهد التابعة له. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الجمعة 20 مايو 2016, 12:32 am | |
| وفي عام 1911 صدر قانون رقم 10 الذي انتقل بالأزهر إلى مرحلة أخرى من النظام فزيدت مواد الدراسة وجدد اختصاص شيخ الأزهر، وأنشىء للأزهر مجلس يسمى الأزهر الأعلى، ووضع نظام هيئة كبار العلماء وجعل لكل معهد مجلس إدارة ولكل مذهب شيخ.
وهكذا أثرت دعوات الإصلاح وأخذت تخطو بالأزهر خطوة فخطوة في سبيل التجديد والنظام والثقافة، وكان من أثرها صدور قانون رقم 33 عام 1923 خاصا بانشاء قسم للتخصص.
ثم صدر عام 1930 مرسوم بقانون رقم 49 خاصا بإعادة تنظيم الأزهر وفروعه فقسم الأزهر إلى كليات، وأنشئت معاهد فروعا له في كثير من الأقاليم.
وأنشئت أقسام الإجازات وأقسام الدراسات العليا وتخصصات الأستاذية، وعدل هذا المرسوم بمرسوم جديد عام 1936.
وهكذا خطا الأزهر خطوات جديدة واسعة في سبيل إصلاحه المنشود، وصار الأزهر يخرج شبانا ناضجى العقلية والثقافة.
وأصبحت مناهج الدراسة والتعليم في الأزهر تنصرف تدريجيا عن القشور إلى اللباب وعن العناية بالبحوث اللفظية إلى الاهتمام بالفكرة وفهمها ومناقشتها.
ولكن رغم ذلك كله يجب أن نسائل أنفسنا من جديد. هل فرغنا حقا من خطوات الإصلاح، وهل أثمرت هذه الإصلاحات ثمراتها المنشودة؟
وللجواب عن ذلك نقرر الحقائق الآتية: 1 - ما يزال المنهج العلمي السائد في الأزهر: كلياته ومعاهده، هو المنهج القديم المحافظ. ولا تزال الكتب القديمة هي أهم المقررات العلمية للطلبة.
2 - لا يزال انتاج الأزهر العلمي ضئيلا قليلا لا تكاد تحس به أو تلمس آثاره.
3 - ما تزال رغبات الإصلاح في الأزهر حائرة لا يستقر لها قرار، ولا ندري كيف تسير مرافق الدولة بسرعة مدهشة، ويبقى الأزهر وحده متخلفا عن القافلة لا يشعر بأثر الحياة فيه أحد.
4 - ما تزال مكانة الأزهر الاجتماعية في الدولة ضئيلة وشخصيته في المجتمع غير واضحة.
- 3 - وقد بسطنا تاريخ الأزهر الثقافي والعيوب التي لا تزال محيطة به، والآن نبسط رأينا في بعض مناهج الإصلاح، راجين أن يتفضل الغيورون على الأزهر بإصلاحه وتمكينه من أداء رسالته.
إننا نريد أن يكون للأزهر شخصية علمية واضحة، وأن يكون فيه بيئة قوية مهذبة أساسها الخلق الديني والنمو الروحي، الذي يجب أن يشيع في نفس كل رجل من رجال الدين.
ونرى أنه يجب علينا أن نعني بالأمور الآتية: أولا- مدة التعليم في الأزهر. وفي رأيى أن يكون التعليم في الأزهر على المراحل الآتية: 1 - مرحلة التعليم العام ومدتها ست سنوات، وتدرس فيها إحدى اللغات الأجنبية، وتكون مناهجها قريبة جدا من مناهج التعليم في وزارة المعارف ويجب إقصاء الكتب القديمة والحواشي عن هذه المرحلة إقصاء تاما، ويباح لمن ينال هذه المرحلة الالتحاق بجميع المدارس المتوسطة، الزراعية والصناعية والتجارة والصيارف ومدارس الجيش ومدرسة أخرى تنشأ لتكوين المعلم تكوينا قويا ملائما للآمال المنشودة الملقاة على عاتق رجال التعليم.
2 - مرحلة التعليم الخاص: ومدتها ثلاث سنوات، ويعني فيها بدراسة العلوم الدينية والعلوم الحديثة، وإكمال دراسة لغة من اللغات الأجنبية، ويباح لخريجي هذا القسم الالتحاق بجميع المدارس العالية وبالجامعات المصرية.
3 - مرحلة التعليم العالي ومدة الدراسة فيها خمس سنوات، ويمنح منها الطالب العالمية ويباح له الالتحاق بجميع وظائف الدولة وبالوظائف الدينية وسواها في الأزهر وفروعه وفي خارجه.
4 - مرحلة الدراسات العليا ومدتها أربع سنوات، ويخرج منها أساتذة الكليات وأعضاء البعثات التي تسافر إلى الخارج.
ثانيا- يجب تغيير الزي الأزهري بالزى المدني في المراحل الثلاث الدراسية، أما مرحلة الدراسات الدينية فيجب الاحتفاظ فيها بالزي الأزهري خاصة.
ثالثا- خلق صلات ثقافية بين كلية اللغة وكليات الآداب وبين كليات الشريعة وكلية الحقوق.
رابعا- تنظيم الأزهر وفروعه ومعاهده وهيئاته العلمية تنظيما حديثا قائما على أساس الافادة من التجارب الحديثة في التربية والثقافة والتنظيم.
خامسا- وضع الفقه الإسلامي على نظام المجموعات الفقهية الحديثة كما هو متبع في الفقه المدني والكتابة فيه.
سادسا- برسم برنامج واضح لإصلاح الأزهر محدد الزمن والغاية والأهداف.
سابعا- يجب أن يؤلف رجال الأزهر مؤلفات حديثة في فروع الثقافة التي تدرس فيه ليستطيع أن يفيد منها الناس كافة.
ثامنا- يجب أن يكون مستوى القضاء الشرعي والأهلي واحدا، كما يجب إتمام مدينة الأزهر.
وإنشاء كراسي الأساتذة وجعل كادر الأزهر على نظام الكادر الجامعي.
دراسة النحو في الأزهر على متن الاجرومية ثم حاشية أبي النجا على شرح الشيخ خالد ثم حاشية العطار على الأزهرية ثم حاشية السجاعي على شرح القطر ثم شرح الشذور وحواشيه ثم حاشية السجاعي أو الخضري على شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ثم حاشية الصبان على شرح الأشموني على الالفية ثم المغنى وشروحه وحواشيه وذلك في نحو ست سنوات وهذا كله بعد حفظ الطلاب متن الاجرومية ومنظومة الألفية وغيرهما وكيفية الدراسة أن يعين المدارس لطلبته جزءا من أول الكتاب المراد قراءته يطالعه كل واحد منهم على انفراده أو بالاشتراك مع غيره ثم يجيئون في اليوم التالي ويجلسون بين يدى شيخهم بهيئة حلقة ويسمعون منه توضيح ما عينه لهم ويناقشونه فيه هذا يسأل وهذا يعترض على المصنف وثالث يجيب عنه وهكذا وكل منهم يجتهد في اظهار علمه في مناقشاته وربما طالع لهذا الغرض حواشي غير المقرر قراءتها ولا يزال الطلبة في أخذ ورد وتصويب وتخطئة إلى أن ينتهي الدرس في نحو ساعتين وربما لا يتم الجزء المعين فيعين لهم جزءا آخر ويحصل فيه ما حصل في سابقه وهكذا إلى أن يفرغ الكتاب وهذه الطريقة تربي فيهم ملكة الجدل والبحث.
دراسة النحو في المدارس نتقدم أولا بذكر نبذة من تاريخ المدارس في مصر فنقول: قبل استيلاء محمد علي باشا رأس الأسرة الفخيمة الخديوية على مصر كانت المعارف فيها مقصورة على معرفة القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم بالكتاتيب التي أنشأها سلاطين المماليك وأمراؤهم وعلى التخرج من علوم الأزهر السابقة فكانت هذه الكتاتيب بمنزلة مدارس ابتدائية والأزهر بمنزلة مدارس ثانوية وعليا فلما استقام الأمر للباشا بهذه الديار أنشأ عدة مدارس ذات شأن كبير منها مدرسة للطب بأبي زعبل ومدرسة للهندسة ببولاق ومدرسة للألسن ومدرسة للزراعة ببلد نبروه ومدرسة للصناعات وثلاث مدارس للفنون الحربية ثم اقتفى أثره في ذلك من خلفه الأسرة الخديوية وكذا حكوماتهم وأشراف الأمة فزادوا في المدارس وشيدوا في أركانها وفرضوا لها النفقات إلى أن وصلت الى ما هي عليه في وقتنا الحاضر من التقدم والنظام يدير شئونها ديوان عال يرأسه وزير كبير من وزراء الحكومة وله وكيل من كبار الأمراء.
من تاريخ الأزهر المعاصر تولى الشيخ عبد المجيد سليم المشيخة في 26 ذي الحجة 1369ه- 6 أكتوبر 1950، وأقيل منها في 2 ذى الحجة سنة 1370ه- 4 سبتمبر 1951، وتولى مكانه في اليوم نفسه الشيخ إبراهيم حمروش.
وفي 14 جمادى الأولى 1371 ه- 10 فبراير 1952 أقيل الشيخ حمروش وعين مكانه الشيخ المجيد سليم.
وقد استقال الشيخ سليم في 27 ذي الحجة 1371 ه- 17 سبتمبر 1952 م وعين مكانه الشيخ محمد الخضر الحسين، وظل فيها إلى أن استقال في يوم 8 يناير 1954 وتولى مكانه الشيخ عبد الرحمن تاج شيخ الأزهر الحالي.
المعمرون من علماء الأزهر في عام 1952 أحتفل بالعيد المئوي للشيخ عبد المعطي الشرشيمي من كبار علماء الأزهر الشريف، متعه اللّه بالصحة والعمر المديد.
ومن علماء الأزهر المعمرين ممن عرفناهم الشيخ محمد عبد اللّه العربي وقد ولد عام 1240ه فهو اليوم يبلغ أربعة وثلاثين ومائة عام من عمره المديد، وقد تخرج في الأزهر عام 1274ه، واشتغل مدرسا في الأزهر، وترك التدريس عام 1315ه، وكان من شيوخه الشيخ الباجوري والشيخ عليش، وحدثنا أن جمال الدين الأفغاني حدثه أنه -أي الأفغاني- من مواليد عام 1235ه.
مكتبة الأزهر 1 كان من تمام التيسير على طلبة العلم أن يكون لكل رواق مكتبة خاصة به، تبتدىء بعدد قليل من الكتب يقفها أهل الخير ثم يتكاثر، وعلى هذا كان لكثير من الأروقة مكتبات خاصة لا تخضع لأنظمة المكتبات التي عرفت أخيرا، بل كان الانتفاع بها متروكا لمن ينشده من أهل الرواق أو غيرهم، وليس في التاريخ نص صريح على أنه كان للأزهر مكتبة عامة قبل هذه المكتبة، كما أنه يتعذر تحديد الوقت الذي نشأت فيه مكتبات الأروقة، وكل ما يمكن أن يقال عنها: إنها قديمة أو قديمة جدا.
وقد لبثت مكتبات الأروقة على النحو الذي ذكرناه من عدم الضبط وإهمال الرقابة إلى عهد عبده، فقد كان فيما تناوله تفكيره في الإصلاح إنشاء مكتبة أزهرية عامة تجمع شتات هذه الكتب المتفرقة في مكتبات الأروقة، وتحفظ ما بقى من ذلك التراث العلمي الذي خلفه علماء الجامع الأزهر في العصور المتعاقبة من العبث والضياع.
فقد ذكر بعض الباحثين أن كثيرا من نفائس الكتب التي كانت مودعة بمكتبات الأروقة تسرب إلى أيدي علماء أوروبا بواسطة سماسرة الكتب واستغلال الجهل والضعف الخلقي في نفوس القائمين على هذه المكتبات، «فحين رئي تنظيم الجامع الأزهر وتوحيد مكتبته ظهر وهن الضمائر وضعف النفوس وإهمال الواجب نحو الكتب التي لعبت بها أيدي الضياع، فتسرب بعضها وأهمل البعض الآخر للحشرات والأتربة فتلفت أوراقها وبليت ومزقت وخرمت وقطعت جلودها، وأصبح لا يوجد منها كتاب سليم مستقيم إلا ما ندر، ويظهر للباحث أن كتب الأزهر قبل سنة 1897 كانت تتسرب لمتصيديها المتربصين لها منتهزين فرصة وجودها في عهدة أشخاص ملأ الجهل صدورهم وتبرأت الأمانة من قلوبهم بداعي الحاجة أو الاغراء، فأساءوا للتعليم وخانوه جهلا أو عمدا أو تقصيرا من أولى الشأن، فبدد هؤلاء الاشخاص أثمن ما ترك السلف ثروة للخلف من هذه الكتب القيمة، وتصرفوا فيها تصرف الملاك فباعوها مع نفاستها بالثمن البخس» ولا أدل على مقدار ما فقدت مكتبات الأزهر في الماضي من المثال الآتي: «حوالي سنة 1270 ه- 1853م أمر ديوان عموم الأوقاف بجرد كتب مكتبات المساجد والتكايا وأروقة الأزهر وحاراته وقيدت جميعها في سجلين جامعين، خصص أولهما لمكتبات الجامع الأزهر. __________ 1) من تقرير للأستاذ مدير مكتبة الأزهر: الشيخ أبو الوفا المراغى-مجلة الأزهر. __________ وثانيهما لمكتبات المساجد والتكايا، وقد بلغ مجموع المجلدات الموجودة في ذلك الوقت في مكتبات أروقة الأزهر وحاراته 18564 مجلدا: فإذا رجعنا الآن إلى هذا السجل التاريخي فلا نجد من أثمن الكتب وأنفسها إلا أسماءها، وكأن هذين السجلين أنشأ ليكونا في الواقع مرشدا لأيدي الأغتيال التي عمدت إلى أنفس ما في المكتبات من المؤلفات الأصيلة القيمة فانتهبتها انتهابا.
«وأغرب من هذا أن نفس السجلين تسربا أيضاً إلى أيد أجنبية خارج الأزهر ولم يعودا اليه إلا بالشراء سنة 1911م ودفع لهما ثمن قدره 150 قرشا، وأعيد قيدهما بالمكتبة».
ويقول الأستاذ عبد الكريم سلمان: «كان في الأزهر خزائن كتب وضعت في بعض الأروقة والحارات وبعضها في المساجد القريبة كجامع الفاكهاني وجامع العينى ونيط حفظها جميعها بأشخاص يقال لهم «المغيرون» فتصرفوا فيها تصرفا سيئا للغاية صح معه اطلاق اسم «المغيرين» عليهم، لأنهم غيروا وضعها وشتتوا جمعها، ومزقوا جلودها وأوراقها، وتركوا ما لا عناية لهم به منها في التراب يأكله العث ويبليه التراب، وهذا غير ما تصرفوا فيه تصرف الملاك وطار بأيدي باعة الكتب، يباع على نفاسته بالثمن البخس، ولم يبال المتصرف الأول والباغة بما كتب على ظهور تلك الكتب من العبارات التي تفيد وقفها على طلبة العلم والعلماء، وبالجملة فلم يكن ليعرف للكتب قيمة، ولا لينتفع بها لعدم إمكان الانتفاع».
ولقد كان تعرض كتب الأروقة والحارات للضياع والتسرب إلى أيدي المترصدين لها ممن يعرف مقدارها، هو الذي أوحى إلى الإمام بفكرة إنشاء المكتبة، وقد تقدم بها إلى مجلس إدارة الأزهر وكان ذا نفوذ وبخاصة من الشيخ حسونة النواوي، والشيخ عبد الكريم سلمان الذي كان عضدا قويا للأستاذ الإمام في حركات إصلاح الأزهر، ووافق عليها المجلس واختار المكان المناسب، وكتب لديوان الأوقاف الذي كان يتولى الاشراف على شئون الأزهر لاعداده للمهمة التي أختير لها، فنفذت الفكرة فعلا من أول سنة 1897م الموافق شعبان سنة 1314، وقد لاقى صاحب الفكرة عناء عظيما في إقناع أهل الأروقة بفائدتها، ورغم ما بذله من المحاولات في هذا السبيل فقد امتنع أهل بعض الأروقة عن ضم مكتباتها إلى المكتبة العامة كرواق الأتراك ورواق المغاربة، وقد ضمت مكتبة الصعايدة إلى المكتبة العامة سنة 1936، ولاقي المباشرون للتنفيذ صعوبات جمة في ترميم الكتب وإصلاحها وترتيبها للحالة السيئة التي كانت عليها في خزائن الأروقة كما أسلفنا..
ويصور الشيخ عبد الكريم سلمان هذه الصعوبات كلها، فيقول: «حملت تلك الكتب من خزائنها إلى المكان الجديد، فكان يأتي بها أولئك المغيرون محشوة في الزكائب والمقاطف، ثم يفرغونها تلالا وأكواما عليها خيوط العناكب وبينها الأتربة، ويتخللها الجلود البالية، وليس بينها من كتاب سليم مستقيم الوضع إلا ما لا يكاد يذكر، وبجانبها أولئك الموظفون المكلفون بجمعها وترتيبها وأعضاء المجلس والأمين يراقبون عملهم ويرشدونهم إلى الطريق الأقوم، فعملوا وأكدوا وأستخلصوا من بين هذه الدشوت والأوراق المتفرقة كتبا معتبرة في كل الفنون، وكان معهم مندوب من ديوان الأوقاف وموظف آخر نيط به تقويم كل كتاب وجد أو جمع بالثمن اللائق به، وقيدت في دفاتر بأعداد متسلسلة، واستلمها الأمين بأثمانها المقدر لها، ثم اشتغلوا بعد ذلك في توحيد الفنون، وقرروا لكل فن موضعا مخصوصا من المكان، وقد استغرق عملهم هذا أزمانا طوالا كانت كلها أتعابا ومشاقا، وإني لأعرف كتبا كثيرة مما نجده الآن كاملا كان الكتاب الواحد منها بعضه في خزانة فلان، وبعضه الآخر في خزانة فلان، وباقيه في خزانة فلان.
ولم تجمع أجزاؤه الحسنة، وأعرف كذلك أن بعض الكتب النفيسة النادرة الوجود وجد في دشت كان في خزائن الجامع العينى ولم يعبأ به أحد ممن تولوا تغييرها للطلاب، ولم يعن بفرز الدشت لتوحيد تلك النفائس، إلا بعد أن كان قد صدر أمر أحد مشايخ الجامع بإحراقه وتدارك الأمر من يعرف قيمة العلم ولا يبالي بالتعب في المحافظة عليه، وقد رأيت بعينى كثيرا من المصاحف الشريفة وهي بين الأتربة مع أنها من أجود المصاحف خطا وورقا وفيها من الفوائد وعلوم التجويد ما لا يوجد في سواها، وغير ذلك كثير نكتفي بما ذكرناه، فما الغرض إلا بيان حالها قبل جمعها، وفي هذا القدر ما يكفي».
ولم يكتف الأستاذ الإمام في تكوين المكتبة بما جمع من مكتبات الأروقة، بل دعا العظماء والعلماء إلى المشاركة في فضل تكوينها، واستعان في ذلك بنفوذه عندهم ومكانته لديهم، فاستجاب لدعوته بعض هؤلاء، ووهبها الشيخ حسونة مكتبته الخاصة، ووهبها ورثة سليمان باشا أباظة مكتبة والدهم، وكان المرحوم سليمان أباظة من خاصة أصدقاء الشيخ، وكان أبناؤه يعدون الشيخ كوالدهم في العطف والرعاية، وهذه المكتبة أنفس المكتبات الخاصة بالمكتبة الأزهرية.
وتشغل المكتبة الأزهرية الآن ثلاثة أمكنة: اثنان منها داخل الأزهر وهما: المدرسة الأقبغاوية والمدرسة الطيبرسية، والثالث خارج الأزهر ملاصق له وهو الطابق الثاني من بناء أنشأته مشيخة الجامع الأزهر سنة 1936 كملحق للإدارة العامة المجاورة للأزهر.
ولقدم المكانين الأولين وقيمتهما نلم بتاريخهما: أما المدرسة الأقبغاوية فهي على يسار الداخل إلى الأزهر من بابه الغربي الكبير «باب المزينين» وقد أنشأها الأمير أقبغا على نظم المدارس الإسلامية لهذا العهد، والمدرسة الإسلامية لهذا العهد مسجد له خصائص المساجد من منارة ومحراب وميضأة ونحو ذلك، إلا أنه تقام فيه الحلقات الدراسية فيقال له مدرسة، وأنشأ بها مدفنا به قبة تعتبر من نوادر الفن الإسلامي في العمارة إلا أنه لم يدفن به ودفن بالإسكندرية، وانتهت عمارة المدرسة سنة 740 ه. ومن الطرائف التاريخية عن هذه يرويه المؤرخون من أنها «مدرسة مظلمة ليس عليها من بهجة المساجد ولا أنس بيوت العبادات شيء البتة»، ويعللون ذلك بأن منشئها اغتصب مكانها من مالكيها وسخر العمال في عمارتها وحصل على مواد البناء ولوازم العمارة بطريق الغصب أو الخيانة ووقف على هذه المدرسة أوقافا وشرط في كتاب وقفه ألا يلي النظر أحد من ورثته.
وأقبغا هو الأمير علاء الدين، كان رقيقا للتاجر عبد الواحد ابن بدال اشتراه منه الناصر قلاوون، ورفعه حظه وذكاؤه إلى مراتب الموظفين، وتقلب في مناصب الدولة المختلفة، إلى أن قتله الملك الصالح عماد الدين في الفتنة بينه وبين أخيه أحمد الناصر.
أما المدرسة الطيبرسية فهي على يمين الداخل إلى الأزهر من بابه الغربي المذكور، وفد أنشأها علاء الدين الطيبرس نقيب الجيوش المصرية، وفرغ من عمارتها سنة 709 ه وجعل له بها مدفنا دفن به، وقد عرف بالصلاح والتقوى، فاتفق أنه لما فرغ من بناء هذه المدرسة أحضروا له حساب مصروفها فاستدعى بطست فيه ماء وغسل أوراق الحساب بأسرها من غير أن يقف على شيء عنها، وقال: «شيء خرجنا عنه للّه لا نحاسب عليه».
وقد شغلت المكتبة أولا المدرسة الاقبغاوية، لاتساعها واستقلالها بعض الاستقلال، ولما ضاقت بالكتب ضمت إليها المدرسة الطيبرسية. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الجمعة 20 مايو 2016, 12:47 am | |
| ويقول الشيخ عبد الكريم سلمان: «و لما جاءت للمجلس فكرة جمع هذه الكتب في مكان واحد وإصلاح ما أفسدته منها هذه الأيدي وتسهيل الانتفاع بها اختار المكان المعروف في الأزهر برواق (الابتغاوية) وكتب لديوان الأوقاف سنة 1314 فأرسل من أخذ المقايسة لاصلاحه وإنشاء ما يلزم له من الخزائن التي توضع فيها الكتب، ثم عرض الأمر على ولي الأمر فأقره مستحسنا له، وخرج هذا العمل من القوة إلى الفعل وتهيأ المكان لما وجد له من وضع الكتب وحفظها فيه ومن الانتفاع بها تحت ضوابط ونظامات، وشرع عمالها في إنقاذ ما عهد إليهم من أول مايو سنة 1897 الموافق شعبان سنة 1314، ويقول: واشتريت كتبا ضاق بها المكان على سعته، فاضطر المجلس إلى أخذ مكان آخر من الأزهر أصلحه ديوان الأوقاف وعمل فيه ما عمل في الأول، وامتلأت خزائنه أيضا بمعتبرات الكتب ونفائسها مما يتجدد شراؤه كل عام.
وبالمدرسة الاقبغاوية الآن المكتبة العامة بجميع فنونها، وبقبتها الخارجية، ودهليزها مكتب الأمين وإدارة المكتبة، وبالمدرسة الطيبرسية طائفة من كتب الفنون التي تدور حولها الدراسات الأزهرية، كالتفسير، والحديث، والفقه المالكي، والحنفي، والشافعي، والحنبلي، والبلاغة، والنحو، والصرف..
وبالمبنى الجديد مكتبتا الشيخين المغفور لهما الشيخ الامبابي والشيخ بخيت، والأمكنة المشار إليها لم يلاحظ في إنشائها أن تكون مكتبة، لهذا فهي غير وافية بالغرض الذي تؤديه، وتفقد كثيرا من الأمور التي يجب توافرها في أبنية المكتبات، ويكفي للتدليل على ذلك أن المكتبة تفقد أهم خواص المكتبات، وهي قاعة المطالعة ومكان الإدارة، وليس لها مرافق خاصة بها، وينقصها الأحكام في الأبواب والنوافذ لمنع تسرب الأتربة والحشرات.
وكان عدد الكتب التي ابتدأت بها المكتبة سنة 1897 - 7703 كتب منها: 6617 كتابا بطريق الاهداء، و1086 بطريق الشراء وعدد فنونها 27 فنا وهي: المصاحف، القراءات، التفسير، الحديث، الأصول، النحو، الصرف، البلاغة، فقه أبي حنيفة.
فقه مالك، فقه الشافعي، فقه أحمد بن حنبل، المجاميع، التوحيد، المنطق، التاريخ، التصوف، الأدب والمديح، الآداب والمواعظ والفضائل، الأحزاب والأوراد والأدعية، الوضع وآداب البحث والعروض، الفلك والميقات، مصطلح الحديث، الفنون المنوعة، الحساب والهندسة، اللغة، الطب، وقد بلغت فنون المكتبة سنة 1943 - 58 فنا وبلغ عدد مجلداتها 90075 مجلدا.
وبالمكتبة الأزهرية مكتبات خاصة حملت الغيرة الدينية أصحابها أو ورثتهم على إهدائها للمكتبة الأزهرية ليكون نفعها وقفا على العلماء وطلبة مقرونا بالدعاء أن يحسن اللّه لهم الجزاء ويهبهم الثواب، وهذه المكتبات وإن كان بعضها مستقلا بخزائنه كشروط أصحابها إلا أنها مسجلة ومفهرسة ضمن المكتبة العامة، ويجري الانتفاع بهما معا دون تمييز.
وهذه هي أهم هذه المكتبات مرتبة حسب أهميتها: 1 - مكتبة سليمان أباظة باشا، وقد أهداها ورثته إلى الأزهر سنة 1898 م عملا بمشورة الإمام محمد عبده كما أسلفنا، وهي أنفس المكتبات الخاصة بالمكتبة الأزهرية، يستأثر فنا التاريخ والأدب بغالب كتبها، وتمتاز بكثرة المخطوطات وبخاصة الفنين المذكورين، وعدد مجلداتها 1484 مجلدا، وبها جملة صالحة من مطبوعات أوربا.
2 - مكتبة حليم باشا، وقد وزعت بين المكتبة الأزهرية ووزارة المعارف في أغسطس سنة 1912، وخص المكتبة الأزهرية منها نحو 2857 مجلدا، ويظهر من فنونها: القراءات والحديث والتصوف والطب والفلك والتاريخ، وبها كتب في بعض الفنون باللغات التركية والفارسية، وكثير من كتبها بخطوط جيدة موشاة بالذهب.
3 - مكتبة الشيخ عبد القادر الرافعي المفتي المتوفى سنة 1323 ه وقد وقفت بخزائنها الخاصة بها على الأزهر في مارس سنة 1927م ووضعت في حجرة خاصة بها، وعدد مجلداتها 1457 مجلدا، وهي أغنى المكتبات الخاصة بفن الفقه الحنفي، وبها مخطوطات في هذا الفن يقال إنها من النوادر العالمية كشرح السندى على الدر المختار.
4 - مكتبة المغفور له الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية المتوفى سنة 1935م وقد وقفها في حياته بخزائنها الجميلة، ونفذ ورثته رغبته سنة 1938م، وعدد مجلداتها 3365 مجلدا في فنون مختلفة يغلب فيها الفقه على مذهب أبي حنيفة.
سنة 1313 ه، وقفها على طلبة العلم، وجعل مقرها منزله بالظاهر، وجعل لها مغيرا بمرتب مما وقفه من ماله على جهات البر، وقد خشيت عليها وزارة الأوقاف فأهدتها إلى المكتبة الأزهرية سنة 1941 م، وعدد مجلداتها 1452 مجلدا، وبها مخطوطات نادرة في الفقه الشافعي.
6 - مكتبة يسيم أغا، كانت برواق الجبرت، ورغب في نقلها إلى المكتبة الأزهرية بخزائنها، فتمت رغبته سنة 1925، وبها نحو ألف مجلد في مختلف الفنون.
7 - مكتبة الشيخ العروسي شيخ الجامع الأزهر المتوفى سنة 1293 ه، وقد أهداها ورثته إلى المكتبة الأزهرية سنة 1938 م، وعدد مجلداتها 818 مجلدا.
وكتبها كلها تقريبا بخطوط قديمة وحديثة، وبها نوادر في النحو والتاريخ.
8 - مكتبة الشيخ إبراهيم السقا وأخيه الشيخ عبد العظيم السقا، أهديت إلى المكتبة الأزهرية سنة 1927 م وعدد مجلداتها 590 مجلدا، وبها نوادر من الكتب الخطية.
9 - مكتبة إبراهيم بك حفظي، وقد أهديت إلى المكتبة الأزهرية سنة 1922 م، وعدد مجلداتها الآن نحو 392 مجلدا، وهي في نمو مستمر وتجدد دائم، فقد وقف عليها مهديها مبلغا سنويا خصص نصفه لشراء كتب برسمها ونصفه للمغيرين بها.
10 - مكتبة المغفور له الشيخ حسونة النواوي شيخ الجامع الأزهر المتوفى سنة 1925 م؛ وبها كتب كثيرة في فنون مختلفة، أهداها إلى المكتبة الأزهرية عقب إنشائها لتكون نواة للمكتبة، وليحرك بها همم أهل الخير إلى تعضيد مشروعها.
11 - مكتبة الشيخ الجوهري، وقد أهديت إلى المكتبة سنة 1928 م، وعدد مجلداتها 341 مجلدا.
12 - مكتبة المرحوم الشيخ محمد عبد اللطيف الفحام المتوفى سنة 1943، أهداها ورثته إلى المكتبة إثر وفاته، وبها نحو ألف مجلد.
وبالمكتبة الأزهرية مكتبات أخرى كمكتبة رضوان باشا ومختار باشا وثابت باشا ورشيد باشا وبعض مكتبة مدرسة القضاء وبعض مكتبة زكي باشا ومكتبة رواق الصعايدة.
ومما تختص به المكتبة الأزهرية كثرة المخطوطات بالنسبة إلى مجموع كتبها، وقد بلغت المخطوطات إلى سنة 1943 م 24000 مجلد تقريبا.
رفاعة الطهطاوي الأزهري رائد الفكر الحديث في مصر هو أحد زعماء نهضتنا العربية الحديثة الذي فتح أمامنا آفاقا واسعة للمعرفة.. وعلى يديه تكونت نواة الطبقة المثقفة المصرية الصحيحة التي حملت لواء التجديد.. وهو ابن نابه من سلالة أرض الكنانة تفخر الأمة به.. رفاعة رافع الطهطاوي أحد العباقرة الذين سيخلدهم تاريخ مصر الحديثة.
رجل جاد به الزمان حين شح الزمان بالرجال وجاد هو على الزمان حين شح الرجال بالأعمال استطاع أن يجمع بين حضارة الغرب المتقدمة ومفاخر حضارة العرب القديمة، ولذلك عنى باحياء التراث القديم مثلما عنى بترجمة مآثر الغرب تحقيقا للنهضة الفكرية ودفعا لحركة البعث الجديد. .
وكما كان الطهطاوي مترجما مبدعا في اختيار موتنا وله -وليس مجرد ناقل- كان أيضا موسوعيا في كتاباته المختلفة وليس مجرد رحالة، كما كان عالما مؤرخا يستند إلى الوقائع ويرجع إلى الكشوف الأثرية، خاصة وأنه من رواد المؤرخين المصريين الذين عرفوا تاريخ مصر القديم وأعنوا بأمجاد هذا التاريخ.
عنى بالكشف عن هذه الحقبة الحضارية الأصيلة في تاريخنا، فأرخ أيضا للدعوة الإسلامية والفتح العربي الإسلامي في كتابه الذي صدر بعد عام واحد من وفاته بعنوان -نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز ولعل من الجوانب المجهولة في حياة في ذلك كتابا شهيرا أسماه: -المرشد الأمين في تربية البنات والبنين- تبدأ السيرة العطرة للمصري الفذ رفاعة الطهطاوي في صعيد مصر، حينما ولد في طنطا عام 1801 في أسرة متواضعة الحال، وجاء إلى القاهرة صغيرا ليتخرج في الجامع الأزهر وينتهز فرصة تعيينه اماما لأول بعثة تعليمية أرسلتها مصر إلى فرنسا فيتعلم الفرنسية ويتقنها، وبعد عودته يعمل مترجما في المدارس الفنية التي أنشأها محمد علي قبل أن يعين مديرا لمدرسة الترجمة وإلى تغير اسمها لمدرسة الألسن فيما بعد، والمؤرخ لتاريخ الصحافة العربية يضع رفاعة وأعماله الصحفية في الصدارة. .
فالرجل وجد في الصحافة منبرا شعبيا وسلطة كبيرة لها خطرها كما لمس حوادث الثورة الفرنسية عام 1820 الأمر الذي جعله يأخذ على عاتقه مهمة التجديد في الصحافة التي لم تكن وقتئذ سوى نشرات رسمية، وحينما صدرت جريدة -الوقائع الرسمية- ظل رفاعة مشرفا عليها لمدة ثماني سنوات في الفترة من عام 1842 حتى عام 1850 بعد أن كلفه محمد علي بالإشراف على القسم الأدبي فيها، خاصة وأن جزءا كبيرا منها كان يحرر بالتركية، وبعد الوقائع نولى رئاسة تحرير مجلة -روضة المدارس- عام 1870..
وكانت لرفاعة الطهطاوي نظرات في السياسة مثلما كانت له نظرات في التربية والاجتماع، وآراؤه السياسية موزعة بين كتبه العديدة: -تخليص الابريز، والمرشد الأمين، وأنوار الجليل، ومناهج الألباب المصرية وغيرها وكان فيها جميعا متأثرا بالعلوم السياسية الفرنسية وليس أدل على ذلك من ترجمته للديوان الفرنسي..
ولم يعش الطهطاوي ليرى بنفسه ثمرات جهوده في بناء الوعي السياسي في مصر فرحل عام 1873 بعد أن سجل إسمه في مقدمة قادة نهضة مصر الحديثة في القرن 19.
العيد الألفى للأزهر احتفل الأزهر بعيده الألفي عام 1403 ه- 1983 إحتفالا كبيرا شهده الرئيس حسني مبارك. وبدأ الأزهر الشريف احتفالات مرور ألف سنة على انشائه.
يشارك العالم الإسلامي في الاحتفالات التي تأخرت 10 سنوات عن موعدها الأساسي.
تقرر ان تحتفل الهيئات الإسلامية والوزارات والمؤسسات الشعبية والحكومية في الاحتفالات التي تعم مصر تقديرا لدور الأزهر.
كما تنظم وزارة الأوقاف حلقات في المساجد حول هذه الذكرى وكذلك الجامعات في مصر والخارج.
وعددا من المنظمات العالمية في أوروبا وآسيا وأمريكا ستحتفل بذكرى مرور ألف سنة على الأزهر الشريف.
ينتظر أن تستمر الاحتفالات الرسمية أكثر من شهر وعلى مدى السنة الهجرية الحالية بما يحفظ للذكرى جلالها.
وكان الأزهر مثابة العلماء والطلاب من أنحاء العالم الاسلامي. كما كان معقل الوطنية وموكل الأحرار.. لقد قاد الأزهر ثورتين كبيرتين تعدان من أسبق الثورات الدستورية العالمية ومن أعلم معالم الحركة الوطنية..
الثورة الأولى كانت بقيادة الإمام أحمد الدردير.
والثانية بقيادة شيخ الأزهر الشيخ عبد الله الشرقاوي في اواخر القرن الثامن عشر الميلادي..
أما الثورة الاولى فكانت في ربيع الأول من عام 1200 هجرية-يناير عام 1786.
كان سببها ان محافظ القاهرة آنذاك وهو احد المماليك واسمه حسين بك بشفت كان بعث بجنوده فنهبوا دار رجل من الشعب اسمه أحمد سالم الجزار نائب طريقة الشيخ البيومي الصوفي بالحسينية.
فثارت ثائرة أهالي الحي وتوجهوا إلى الشيخ الدردير الذي أعلن أنه سيخرج مع الجماهير من كل أنحاء القاهرة لينهب بيوت المماليك كما نهبوا بيوت الشعب.. وأمر الشيخ بدق الطبول على المنارات إيذانا بالاستعداد.
وأصبحت القاهرة على أبواب ثورة شعبية.. وأصبح المماليك يحيط بهم الرعب. وبلغ ذلك إبراهيم بك والي مصر. فأرسل نائبه في الحكم. ومعه أحد الأمراء من المماليك إلى الإمام الدردير يعتذر له عما حدث ويعده بأن أبدى الامراء عن الناس وبرد كل ما نهب إلى صاحبه وقبل الشيخ الدردير ذلك وتم كل ما أراده. . وهكذا وضع هذا الإمام الجليل قاعدة دستورية فحواها «وجوب احترام الحاكم لادارة المحكومين».
وأما الثورة الثانية فقد حدثت بعد ذلك بتسع سنوات.
في شهر ذي الحجة عام 1209 هجرية 1795 ميلادية.
وكان بطلها هو الإمام الشيخ عبد الله الشرقاوي شيخ الأزهر الشريف.. وسببها أن الفلاحين في قرية من قرى بلبيس ذهبوا إلى الشيخ الشرقاوي في الجامع الازهر وشكوا له من ظلم محمد بك الألفي ورجاله لهم، ومن فرضهم على القرية اموالا لا طاقة لها بها.
وتأثر الشيخ الشرقاوي بما بلغه وبلغ الشكوى الى كل من مراد بك وإبراهيم بك. ولكنهما لم يفعلا شيئا فعقد مؤتمرا وطنيا في الأزهر حضره العلماء والطلاب والشعب حيث استقر الرأي على مقاومة الأمراء بالقوة حتى يخضعوا لمطالب الشعب.
وعندئذ أمر الامام الشرقاوي باغلاق أبواب الجامع الأزهر.
كما أعلن الشعب بإعلان الإضراب العام وإغلاق الأسواق والمحلات.
وفي اليوم التالي ركب الشيخ الشرقاوي ومعه العلماء وتبعتهم الجماهير.
وسار الموكب إلى منزل الشيخ السادات وهو من كبار العلماء وكان منزله قريبا من قصر إبراهيم بك.
فأفزعه مواكب الشعب الثائرة فبادر بإرسال رئيس ديوانه أيوب بك ليسأل العلماء عن مطالبهم وحاول التنصل من إجابة مطلب الشعب..
ولكن العلماء أصروا على موقفهم وتقاطرت الجماهير صوب الأزهر.. وبدأت ثورة وطنية عاصفة.
هال ابراهيم بك ما بلغه.. وأرسل إلى العلماء يعتذر.. وفي اليوم التالي توجه والي مصر العثماني إلى منزل إبراهيم بك واجتمع مع أمراء المماليك حيث أرسلوا إلى العلماء ليجتمعوا بهم. فحضر الإمام الشرقاوي والسيد عمر مكرم والشيخ السادات والشيخ البكري والشيخ الأمير..
وانتهى الاجتماع بالموافقة على مطالب الشعب التي قدموها وتتلخص في: «عدم فرض أية ضريبة إلا إذا أقرها مندوبو الشعب وينزل الحكام على مقتضى أحكام المحاكم.
ولا تمتد يد أي سلطان الى أي فرد إلا بالحق» وتم تحرير وثيقة تتضمن هذه القرارات..
ورجع العلماء يحيط بهم موكب من الأهالي وبهم يهتفون «حسب ما رسمه ساداتنا العلماء بأن جميع المظالم والمكوس والحوادث لاغية من جميع الديار المصرية».
ويجمع أكثر المؤرخين على أن هذه الوثيقة كانت بمثابة اعلان حقوق الانسان سبقت بها مصر غيرها من الشعوب وذلك قبل اعلان الثورة الفرنسية لميثاق حقوق الإنسان.
إحتفال الأزهر بعيده الألفي ومن إحتفال الأزهر بعيده الألفي وأعلن فضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر في كلمته أن رسالة الأزهر ليست من الرسالات المحلية بل رسالته تجاوزت توصيل المعرفة للفرد والجماعة إلى تنمية العلاقات بين الشعوب العربية والإسلامية باعتبارها أمة واحدة تجمعها أخوة الإسلام.
وقال فضيلته: لقد تبوأ الأزهر مكانته العالمية المتينة في دراسة علوم القرآن والسنة النبوية وشتى العلوم الاسلامية، والحفاظ على اللغة العربية والقيادة الرشيدة الى العمل بأحكام الاسلام وتعاليمه ونظمه وقوانينه.. حتى أصبح له جامعة تضم 35 كلية تخدم الإسلام والمسلمين، ونمت معاهده فبلغت أكثر من ألف ومائة معهد.
وأنه في كنف مصر يستقبل الأزهر أبناء المسلمين من كافة الشعوب والأقطار في أعداد متزايدة حتى بلغت بضعة آلاف يواصلون الدراسة في كافة مراحلها بالمعاهد والكليات.
وأشار فضيلة الدكتور محمد الطيب النجار رئيس جامعة الأزهر في كلمته الى الدور الديني والعلمي والوطني الذي قام به الأزهر في مختلف العصور حتى أصبح منارا للدين الاسلامي وأن رسالة الأزهر تنبثق من رسالات السماء وأن دعوته تأتي من العبادات السليمة وتنقية الاسلام من بعض المفاهيم الخاطئة.
وقال فضيلته: إذا ما أجتمع القول بالعمل لعلمائنا فيكونون بحق ورثة الانبياء.. وحتى يضطلع الأزهر برسالته على أكمل وجه فلابد له من العناية التامة من المسئولين.. والمزيد من العناية والرعاية والدعم المادي الكبير حتى يؤدي رسالته على أكمل وجه استجابة لمطالب المجتمع الإسلامي.
الأزهر والحكومة وأشاد فضيلة الدكتور محمد السعدي فرهود وكيل الأزهر والأمين العام للجنة العليا للاحتفال بالعيد الألفي للأزهر بالجهود المبذولة لرفع شأن الأزهر والأزهريين والخطوات التي بذلتها الحكومة حتى يشهد جيلنا هذا الحدث التاريخي في حياة الأمة الإسلامية. وضرب الأمثلة لدعم هذا العمل.
وألقى فضيلة الدكتور الحسيني هاشم الأمين العام لمجمع البحوث في رحابه جميع الأجناس وألوان المسلمين ينهلون من علمه فأصبح الأزهر المعمور بطلابه وعلمائه الذين يسعون في الارض لنشر الدين الحنيف.
كلمة الوفود وألقى كلمة الوفود لحضور احتفالات العيد الألفي للأزهر فخامة الرئيس مأمون عبد القيوم رئيس جمهورية مالاديف.
ووجه التهنئة باسم جميع الشعوب الإسلامية إلى الأزهر الشريف في احتفاله بالعيد الألفي..
وأشاد بالعلاقات الطيبة التي تربط مصر بدول العالم العربي والإسلامي بصفة عامة وبجمهورية مالاديف بصفة خاصة.
وقام الرئيس حسنى مبارك أمس خلال المؤتمر لعلماء المسلمين الذي عقده مجمع البحوث الإسلامية احتفالا بالعيد الألفي للأزهر بتوزيع الأوسمة على بعض علماء الأزهر.
فقد سلم الرئيس وشاح النيل إلى فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق.
وسلم الرئيس وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى إلى أصحاب الفضيلة الشيوخ إبراهيم الدسوقي وأحمد حسن الباقوري ومحمد متولي الشعراوي وزكريا البري ومحمد السعدي فرهود وحسنين محمد مخلوف ومصطفى محمد الطير وعطيه محمد صقر وأحمد فتحي الزيات وعبد اللطيف خليف وأحمد محمد عمر وعبد الرحمن الكردي والحسيني هاشم وعبد الحكيم حسن نعناع وحامد عبد الحميد جامع.
منح الرئيس حسني مبارك وسام العلوم والفنون من الطبقة الاولى الى كل اسم المرحوم أصحاب الفضيلة الشيوخ حسون عبد اللّه النواوي وسليم أبو فرهاد البشري ومحمد أبو الفضل الجيزاوي ومحمد مصطفى محمد المراغي ومحمد الأحمدي إبراهيم الظواهري ومصطفى حسن أحمد عبد الرازق ومحمد مأمون سيد أحمد الشناوي وعبد المجيد سليم وابراهيم ابراهيم حمروش ومحمد الخضر حسين-من أصل تونسي-و عبد الرحمن سيد علي حسن ومحمود شلتوت وحسن مصطفى مأمون ومحمد محمد الفحام وعبد الحليم محمود علي.
ومنح الرئيس حسنى مبارك نفس الوسام للدكتور عبد المنعم أحمد النمر واسم المرحوم الشيخ الدكتور محمد البهي والدكتور محمد حسين الذهبي والدكتور بدوي عبد اللطيف عوض والدكتور عوض الله حجازي وأسماء المرحومين الدكتور محمد حسن فايق والحسيني أحمد سلطان ودسوقي محمد العربي وسيد علي المرصفي وعبد الرحمن حسن عبد المنعم وعبد الرحمن محمد قراعه ومحمد أحمد عرفه ومحمد بخيت المسيري ومحمد الشافعي الظواهري ومحمد عبد اللطيف الفحام ومحمد عبد الله دراز ومحمود إسماعيل الديناري ويوسف أحمد نصر الدجوى.
ومنح الرئيس نفس الوسام للدكتور أحمد فهمي أبوسنة وأصحاب الفضيلة الشيوخ أحمد محمد هريدي وبدر متولي، عبد الباسط وعلي حسن عبد القادر وعبد العزيز هويدي وسليمان حزين وصالح موسى شرف وعبد الحليم الجندي وعبد اللّه عبد الخالق المشد والدكتور محمد جمال الدين الفندي ومحمد خاطر الشيخ ومحمد شمس الدين ابراهيم ومحمد عبد الله ماضي والدكتور محمد مصطفى شلبي والدكتور محمد مهدي علام.
ومنح نفس الوسام لأعضاء مجمع البحوث الإسلامية من البلاد الشقيقة وهم: الدكتور إسحق موسى الحسيني -من فلسطين- والدكتور عبد الجليل حسن -من ماليزيا- والدكتور عبد الله تمام -من المغرب- وعلى عبد الرحمن الأمين -من السودان- والدكتور محمد الحبيب الشاذلي -من تونس- واللواء الركن محمود شيت خطاب -من العراق- والأستاذ وفيق القطان -من لبنان.
ومنح الرئيس حسني مبارك هذا الوسام الى أسماء المرحومين الشيوخ عيسى أحمد متولي -وهو من أصل فلسطيني- ومحمد أبو زهرة ومحمد أحمد فرج السنهوري ومحمد علي السايس ومحمد نور الحسن -وهو من أصل سوداني- والمهندس عبد السلام فهمي والشيخ ثابت أبو معالي معالي عثمان واسم المرحومين الشيخ محمد عبد اللطيف دراز العيون.
ومنحه لكل من: الشيخ خلف السيد علي وعبد الجليل عبده شلبي واسم المرحوم محمود حب الله خير الله ومنحه للشيخ عبد الحميد عبد الحكيم الغفاري وعبد العزيز عبد الله عبيد وعبد الغنى عبد الله الراجحي ومحمد محمد أبو شهبة واسم المرحوم محمد علي سالم أبو الروس.
ومنح الرئيس نفس الوسام الى أصحاب الفضيلة الشيوخ سليمان حسن ربيع والشيخ عبد السلام أبو النجا ومحمد عبد المنعم خفاجي ومحمد نايل حمد ويوسف أبو العلا الجاشع ويوسف البيومي البسيوني واسم المرحومين الشيوخ إمام الخولي ويوسف أحمد عوض.
ومنح الرئيس نفس الوسام إلى الشيوخ محمد قناوي عبد الله ومحمد كامل الفقى وإبراهيم على أبو الخشب وعبد العظيم على الشناوي ومحمد رفعت فتح الله سليمان سيد أحمد دنيا وعبد الغني عبد الخالق.
والى أسماء المرحومين الشيوخ أحمد الشرباصي وعبد الحميد على قادوم وعبد المتعال الصعيدي ومحمد فتح الله بدران ومحمد محمد الاودين ومحمد يوسف موسى ومنحه الى الشيخ زكي إبراهيم سويلم واسم المرحوم الشيخ محمد حسن شبانة.
ومنحه إلى الشيوخ محمد عبد التواب محمد مرسى عامر وأسماء المرحومين الشيوخ محمد محمد التميري وعلي محمود. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الجمعة 20 مايو 2016, 10:04 pm | |
| - 7 - وفي البلاغة والنقد ظهرت مدرسة كبيرة في الأزهر.
ومن أعلامها: ابن أبي الأصبع المصري (585 - 654 ه)، وهو مؤلف كتاب بديع القرآن، وتحرير التحبير.
وتلاه ابن السبكي صاحب كتاب «عروس الأفراح» (683 - 756 ه)، ثم السيوطي صاحب كتاب «عقود الجمان في المعاني والبيان».
وألف البديعي (1073 ه) كتابه «الصبح المنبى» عن حيثية المتنبي.
وتمتاز مدرسة البلاغة في الأزهر بجمعها بين طريقتي المتكلمين والأدباء وبأنها ترجع إلى الذوق أكثر من احتكامها إلى المنطق.
- 8 - وقامت في الأزهر مدرسة لغوية ونحوية كبيرة، بدأت بالحوفي النحوي الذي كان من أئمة اللغة في عصره، وألف كتبا كثيرة في النحو والأدب، منها كتاب «إعراب القرآن» وتوفي عام 430 ه؛ وقد أخذ عن أبي بكر الأدفوي، وكتابه «الموضح» في النحو استوفى فيه العلل والأصول.
ثم ظهر ابن بابشاذ النحوي المشهور، وكان كاتبا في ديوان الانشاء في خلافة المستنصر الفاطمي، وتوفي عام 469 ه، وله شرح على كتاب الجمل للزجاجي، وشرح على الأصول لابن السراج.
وتلاه أبو عبد اللّه بن محمد بن بركات النحوي، وهو تلميذ القضاعي، وكان من أئمة اللغة والنحو، وتوفي عام 520 ه.
وتلاهم ابن بري المصري المتوفى عام 582 ه، الذي رأس ديوان الرسائل، كابن بابشاذ، وله في النحو واللغة مؤلفات كثيرة، ثم ابن القطاع اللغوي صاحب كتاب الأفعال.
وفي العصر الأيوبي وعصر المماليك والعصر العثماني في الأزهر طائفة من أعلام اللغويين والنحاة، من أشهرهم: ابن منظور (362 - 711 ه) الذي ألف معجمه «لسان العرب» في الأزهر.
وابن معطى (628 ه) الذي تصدر لقراءة النحو والأدب في الأزهر، وله شرح على الجمل للزجاجي.
وابن الحاجب، الذي نصدر في النحو، وله كتاب الإيضاح وهو شرح على المفصل للزمخشري.
والمرادي المصري (749 ه)، وله شرح كذلك على المفصل، وشرح على كتاب التسهيل لابن مالك.
والفيروز أبادي (-817 ه) الذي وضع معجمه «القاموس المحيط» في الأزهر.
كما ظهر ابن هشام النحوي المصري (708 - 761 ه) صاحب الشذور، والقطر، وأوضح المسالك، ومغنى اللبيب، والجامع الكبير، والجامع الصغير، وقواعد الإعراب، وغيرها.
وقال عنه ابن خلدون في مقدمته: ما زلنا نسمع ونحن بالمغرب أنه قد ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه.
وتلاه ابن عقيل المصري (769 ه) والدماميني الذي التف حوله الطلاب في الأزهر، وله شرح على التسهيل وشرح على المغنى.
ثم الشمنى (872ه)، وخالد الأزهري، والسيوطي (911ه) والأشموني (929ه)، وابن قاسم (994ه)، والشنوانى (1019 ه) وعبد القادر البغدادي (1093) صاحب «خزانة الأدب»، والشيخ يس (1061ه) والحفنى 1178ه والصبان (1206ه) وغيرهم.
وفي الأزهر ألف السيد مرتضى الزبيدي (1215ه) معجمه اللغوي الكبير «تاج العروس».
- 9 - المصري (- 387 ه) الذي كان من أوائل الذيي تولوا التدريس في الأزهر.
ثم ظهر المسبحّي (366 - 420 ه) الكاتب والمؤرخ الشهير، وكتابه «أخبار مصر» الذي فقدناه كان ثروة كبيرة، وقد اعتمد عليه المؤرخون.
وظهر بعد المسبحي الفضاعي المؤرخ والمحدث والفقيه وله كتب كثيرة منها «المختار في ذكر الخطط والآثار».
وفي الأزهر في العصر الأيوبي وفد على مصر عام 589 ه ظهر عبد اللطيف البغدادي (557 - 629 ه) المؤرخ والأديب والناقد والطبيب، الذي ألقى رجاله في الأزهر، وكان يلقي دروسه فيه على الطلاب أعواما طوالا.
ثم وفد كذلك على مصر ابن خلدون (737 - 808 ه) وذلك عام 784 ه، وألقى رجاله في الأزهر، وأكمل كتابه التاريخي «العبر وديوان المبتدأ والخبر» وهو ستة أجزاء، وانتهى كذلك في الأزهر من كتاب مقدمة هذا التاريخ المعروفة بالمقدمة، وهي في علم الإجتماع، وابن خلدون هو رائد علم الإجتماع في العالم.
ونشرت المقدمة في مصر عام 1858 م، وقد كان الإمام محمد يدرسها لتلاميذه في الأزهر، وفي مدرسة دار العلوم.
وفي عصر المماليك ظهر أيضا من أعلام المؤرخين في الأزهر: السخاوي، والمقريزي، وابن إياس، وتقي الدين الفاسي تلميذ ابن خلدون، والسيوطي وسواهم.
- 10 - ولم يقتصر التعليم في الأزهر على المبصرين، بل شمل المكفوفين كذلك، وكان منهم طائفة من كبار العلماء، ومنهم في عصرنا الحديث الشيخ يوسف الدجوي (1946 م).
وكذلك لم يقتصر على الرجال، بل شمل النساء، ويحدثنا المقريزي عن فقيهة كانت تدرس في الأزهر للنساء واسمها أم زينب فاطمة بنت عباس البغدادية (714 ه).
ويحدث الجبرتي عن فقيهة مكفوفة كانت تحضر دروس الشيخ عبد اللّه الشرقاوي شيخ الأزهر في المسجد الشريف (4/ 172 الجبرتي).
- 11 - وقد شملت ثقافات الأزهر العلوم الرياضية والهندسة والطب والفلسفة غيرها، فقد كانت العلوم الرياضية والفلكية والطبيعية والجغرافية تدرس في الأزهر الشريف منذ العصر الفاطمي.
ومن الفلاسفة لأطباء الأزهريين أبو الحسن علي بن رضوان (- 543 ه) وشرف الدين عبد الله بن علي (592 ه)، والرشيد بن الزبير، وكان شيخا للأطباء في مصر وتوفي عام 563 ه، والقطب المصري (- 618ه).
وكان عبد اللطيف البغدادي يدرس في الأزهر الطب لطلابه وجاء في إجازة الشيخ أحمد عبد المنعم الدمنهوري (شيخ الأزهر من عام 1768 - 1776م، والذي توفي عام 1192ه- 1778م أنه تلقى في الأزهر العلوم الآتية.
وله تآليف في كثير منها، وهي: الحساب -الميقات- الجبر والمقابلة- المنحرفات- أسباب الأمراض وعلاماتها- علم الاسطرلاب- الزبج- الهندسة- الهيئة- علم المزاول- علم الأعمال الرصدية- علم الحيوان والنبات والمعادن علم استنباط المياه- علاج البواسير- علم التشريح-علاج لسع العقرب- التاريخ.
وكان الشيخ حسن الجبرتي، وهو والد الجبرتي المؤرخ، ذا شهرة كبيرة في العلوم الرياضية، وقد ذكر ابنه المؤرخ أنه في عام 1159 ه- 1746م أتى إليه طلاب من الفرنجة وتلقوا عليه علم الهندسة.
الشيخ محمد النجاحي، ثم على الشيخ حسام الدين الهندي الذي كان قدم إلى الأزهر للتعلم، وكان بارعا في العلوم الرياضية والفلسفية، فتلقاها عنه طلاب الأزهر، ومن بينهم الشيخ حسن الجبرتي الذي طارت شهرته بها، وكان عنده كثير من الآلات الفلكية والهندسية وآلات أكثر الصناعات والأسطرلابات وغيرها وآلات الرسم والتقاسيم. وكان يجتمع به مهرة الصناع ليستفيدوا من علمه، وكان يعرف صناعة استخراج المياه.
وفي سنة 1172 ه/ 1758 م وقع خلل في الموازين فصححها.. . ولم ينقص ذلك من إلمامه بالعلوم الدينية والعربية، بل كان حجة في الفقه وغيره، وتوفي عام 1188ه/ 1874م.
ولقد نعى والي مصر العثماني منذ عام 1161ه أحمد كور باشا إهمال مصر والأزهر للعلوم الرياضية وذلك أمام الشيخ عبد اللّه الشبراوي شيخ الأزهر الشريف.
كما كان الشيخ حسن العطار ينعي على الأزهر أيضا إهمال هذه العلوم وله مؤلفات في الطب والتشريح.
والوالي أحمد كور باشا هو الذي روى عنه قوله: إن مصر منبع العلوم والفضائل كما هو مسموع عندنا فى الديار الرومية-العثمانية- (1/ 187 الجبرتي).
وفي وثيقة رسمية لمشيخة الأزهر عام 1282 ه/1864م أن من العلوم التي كانت تدرس في الأزهر آنذاك: التصوف والفلسفة والهندسة والموسيقى والمنطق والحساب والجبر والفلك والهيئة.
وفي عام 1310 ه/ 1892 م كان من العلوم التي تدرس فيه: التصوف-.
وقد أصدر الشيخ الإنبابي فتوى بجواز تعلم العلوم الرياضية وعلم الطب وغيرهما...
-12 - وبعد فهذا هو الأزهر، وهذه صورة للمدارس العلمية التي كانت سائدة فيه طيلة عشرة قرون.
الأزهر العظيم الذي وصفه المقريزي بأنه دار الإسلام، وأن الزائر له يجد فيه من الأنس باللّه والارتياح له ونزوع النفس إليه ما لا يجده في غيره.
وحينما وفد ابن خلدون من تونس إلى القاهرة للإقامة فيها هاله أمر القاهرة ومسجدها العظيم وجامعتها الكبرى فقال مشدوها.
انتقلت إلى القاهرة فرأيت محشر الأمم وإيوان الإسلام وكرسى العلم وحاضرة الدنيا- (نفح الطيب للمقري 3/ 133).
وروى ابن خلدون عن قاضي الجماعة بفاس: من لم ير القاهرة وأزهرها لم يعرف عزة الإسلام.
وحين وصف ابن بطوطة مصر قال: إنها أم البلاد وإن قاهرتها قهرت الأمم.
وفي عصرنا كتب أمير الشعراء أحمد شوقي في صحيفة الأخبار القديمة عدد اليوم السادس من سبتمبر 1924 يقول: سأظل فخورا بأن من أساتذتي شيوخا من صميم الأزهر الشريف وكبار علمائه. ولقد سد الأزهر فراغا كبيرا في التعليم في مصر والبلاد الشرقية جميعا.
وحين زار سعد زغلول الأزهر عام 1921 بعد عودته من منفاه لاداء صلاة الجمعة فيه خطب في علمائه وطلابه. فقال فيما قال: «جئت اليوم لأودى في هذا المكان الشريف فريضة صلاة الجمعة، وأقدم واجب الاحترام لمكان نشأت فيه، وكان له فضل كبير في النهضة الحاضرة؛ وتلقنت فيه مبادىء الحرية والاستقلال..» -ص 61 سعد وفي اليوم الأول للاحتفال بالعيد الألفي للأزهر الشريف خطب الرئيس حسني مبارك في الأزهر، فقال: كان الأزهر على مر العصور القلعة الشامخة التي حفظت للقرآن لغته، وللحديث مكانته، وللدين تعاليمه وللشريعة أحكامها، وللفقه أصوله وضوابطه، وللأمة الإسلامية تراثها الحضاري الفريد، وأصالتها الفكرية الراسخة في مواجهة الغزو الثقافي من الخارج.
وقال رئيس جمهورية المالاديف: إن تاريخ الأزهر ليس هو تاريخ مصر وحدها، بل هو تاريخ الأمة الإسلامية جمعاء.
وصدقوا فيما قالوا ويقولون عن الأزهر الشريف، النغم الحلو في فم الزمان، واللواء المرفوع في مواكب التاريخ، والسهم المسدد في صدور أعداء الإسلام.
علماء أزهريون من العصر المملوكي العصر المملوكي بشقيه التركي والجركسي كان زاخرا بعلماء متصوفة وقد شجع على ذلك كثير من السلاطين والأمراء والمماليك، فكانوا في حجج وقصرا على مؤسساتهم العلمية والدينية والصحية وغيرها يشترطون لتولي وظائفها أن يكون الطلاب والمدرسون من الصوفية، حتى ولو كانوا يدرسون علوما أخرى كالفقه والحديث والتفسير وغيرها، بجانب عملهم بالتصوف.
ولم يكتف السلاطين والأمراء بهذا، بل إن غالبية كبيرة منهم كانوا من كبار الصوفية، وفي مقدمتهم السلطان قايتباى نفسه.
وقد انسحب ذلك المعنى على الجامع الأزهر، بل إن ذلك كان أصيلا فيه، فمعالم علمائه نشئوا على الزهد في الدنيا مع شظف العيش والبساطة في المأكل والملبس ومعظمهم أيضا تصدروا الدروس بالأزهر بدون ما أجر طلبا لثواب الله ورضاه..
وكان الأمراء والمماليك كانوا يرتبون دروسا للتصوف بالجامع الأزهر، وأوقفوا عليها الأوقاف الوفيرة التي تضمن لها الدوام والاستمرار وكان منهم الأمير خشقدم الزمام الذي رتب أربعين طالبا وشيخهم من المتصوفين بالجامع الأزهر، وكذلك الأمير فيروز الناصري وغيرهما من الأمراء.
والحقيقة أن رجال الأزهر من المتصوفين قاموا بدور بارز، بجلد وصبر منقطع النظير في الحفاظ على التراث الموجود الآن بالأزهر وغيره من مكتبات مصر والهند وتركيا، فإن السلطان سليم قد نقل من تراث الأزهر وملأ به مكتبات استنبول وغيرها.
ولقد عكف المتصوفون بالجامع الأزهر ليل نهار، يكتبون وينسخون المخططات التي كادت تبل من القدم، وكذلك يبيضون بخطوط جميلة الأمالي التي أملاها عليهم شيوخهم في الحلقات العلمية.
وفضل الصوفية في الحفاظ على التراث الإسلامي، والتمسك بعقيدتهم ومبادئهم ومثلهم ووقوفهم في وجه التيارات المعادية للوطن في كل العصور، وحبهم لطلابهم ومشايخهم وأزهرهم ومصرهم، بالاضافة الى حب الله ورسوله وصحابته وآله والتابعين. . لا ينكره إلا مكابر..
1 - قنبر بن عبد الله العجمي الشيزواري ثم القاهري الأزهري الشافعي المتوفى سنة 801 ه- 1398 م مهر في العلوم العقلية، تصدر بالأزهر مدة يدرس للطلبة بعد قدومه للديار المصرية قبيل سنة 790 ه.
2 - محمد بن ابراهيم الشمسي بن عبد الله الشافعي المولود سنة 747 ه مات سنة 811 ه، قدم القاهرة فقطنها وأقبل على الزهد والعبادة، فكان لا يضع جنبه بالارض بل يصلي بالليل ويتلو القرآن، فان نعس أغفى اغفاءة، ثم يعود فيواصل الصلاة والقراءة.
3 - إبراهيم بن عمر الادكاوي الأزهري المتوفى سنة 834 ه. ومن تلاميذ الادكاوي وممن لبسوا منه خرقة التصوف العلامة العاصفي شيخ رواق الريافة بالأزهر، والشمس السكندري المولود سنة 818 ه مات سنة 906 ه، كما صحبه الابناسى والشهاب اللامي المعروف بالصندلي مات سنة 889 ه وغيرهم.
4 - الشيخ خليفة المغربي المعتقد نزيل جامع الأزهر الذي كان يزوره السلاطين بالجامع الأزهر.
5 - الشيخ سعيد المغربي المعتقد الصالح نزيل الجامع الأزهر جاور به عدة سنين، وله مريدون وللناس في صلاحه اعتقاد كبير، زاره وزميله السابق السلطان برسباي.
6 - سليمان بن شعيب البحيري: تصدر لتدريس الفقه المالكي بالأزهر وغيره.
7 - محمد بن موسى اللقاني ولد سنة 772 ه ومات بمنزله بالقرب من الأزهر سنة 840 ه، ضبط الاسماء وقرأ الجوق وكان ذا صوت حسن.
8 - شمس الدين أبو عبد اللّه الغمري ثم المحلي الشافعي قدم القاهرة فأقام بالجامع الأزهر فأخذ الفقه والفرائض والميقات وغيرها عن شيوخ الجامع، وكان يتكسب بالعطر حرفة أبيه.
9 - محمد بن عبد الله الرشيدي المولود بالقاهرة سنة 767 ه كان بيده درس اسماع بالأزهر وكان خطيبا كأسلافه ينشىء الخطبة المناسبة لمقام الحال، وبرع فيها حتى ان الناس كانوا يأتون لسماعه من أماكن بعيدة.
10 - على بن عمر بن القاهري الأزهري الشافعي المولود سنة 825 ه وانتقل منها الى القاهرة سنة 841 ه فأقام ومات سنة 890 بالجامع الأزهر.
وكان أحد من يلبسون الصوف، وتنزل في صوفية سعيد السعداء والبيبرسيه وغيرهما، ثم آل أمره بالذهاب الى الريف بنواحي المنصورة، فأقام ببعض الجوامع وانتفع الناس بعلمه وصلاحه.
11 - محمد بن موسى الشمس الفيومي ثم القاهري الأزهري الشافعي درس لبعض الطلبة، وكان خيرا ذا فضيلة.
12 - حسن بن علي حسن البدر السفطي الأزهري الشافعي ممن تتلمذ على يد السخاوي.
13 - عبد اللطيف بن عيسى بن الحصباي الأزهري الشافعي، تكسب بالشهادة أولا ثم أصبح قاضيا درس بالمدرسة الباسطية وغيرها.
14 - ومن أئمة الصوفية: الشيخ الدردير رحمه اللّه. بقى أن نذكر بعض أمراء المماليك درسوا بالأزهر وتأثروا بعلمائه وحملوا علم التصوف ومنهم الامير الصوفي صاحب المبرات المقصود بالشفاعات «اينال» كان حنفيا جركسيا من مماليك «نوروز الحافظي» نائب الشام، تجرد «اينال» هذا في أيام أستاذه، وجال في بلاد الروم وغيرها بعد اشتغاله ودراسته بالجامع الازهر ثم قدم القاهرة، وافتدى به تلميذه الصوفي الأمير «خجابردي» مات اينال سنة 864 ه ودفن بزاوية خجابردي المذكور.
وهذا يؤكد ما قلناه سابقاً من أن أمراء المماليك، تأثروا بالتصوف في هذا العصر الذي نؤرخ له، وكانت لهم بالأزهر وغيره خيرات ومبرات 1. __________ 1) راجع مجلة التصوف الإسلامي 1983.. د. مجاهد توفيق الجندي. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الجمعة 20 مايو 2016, 10:14 pm | |
| الإمام السيوطي الإمام جلال الدين السيوطي من أشهر علماء عصره (849 - 911 ه) الموافق (1445 - 1505 م)؛ كان نادرة عصره، بقية السلف وعمدة الخلف كما يقول عنه معاصره «ابن اياس» في كتابه «بدائع الزهور» بل كان جلال الدين والدنيا ومعدن التدريس والفتيا، جمّل اللّه به ملة الإسلام كما يقول الشهاب المنصوري الشاعر المعاصر له.
ولقد عاش السيوطي في أواخر عصر المماليك الذين أمتد نفوذهم في كل مكان، وقامت لمصر في أيامهم دولة عظمى وامبراطورية كبرى كان لها الرأي الفاصل في كل القضايا العالمية آنذاك، وامتدت هيبتهم من الهند إلى شواطىء المحيط الأطلسي، وشمل حكمهم ما بين برقة وضفاف الفرات وما بين قبرص إلى مجاهل أفريقيا، كما شمل اليمن والحجاز وسواحل المحيط الهندي، بل امتد إلى حدود الحبشة وجهات سواكن وجزائرها وحدث عن مجد المماليك ومصر بعد هزيمة الجيش المصري للتتار في عين جالوت عام 658 ه/ 1260 م، ثم بعد اجلائهم الكامل للصليبيين من سواحل الشام عام 691 ه/ 1290 م، بل حدث عن أثر نقل الخلافة العباسية إلى القاهرة عام 659 ه/ 1261 م ولا حرج حتى ول السيوطي في كتابه «حسن المحاضرة»: «اعلم أن مصر حين صارت الخلافة عظم أمرها وصارت محل سكني العلماء ومحط رحال الفضلاء» (2/ 65 حسن المحاضرة).
وكانت دولة آل عثمان بعد فتح القسطنطينية عام 857 ه/ 1453 م تتطلع وهي في آسيا الصغرى إلى هذا المجد الكبير وإلى مكانة مصر العالمية الكبرى بعين الحدث وتتربص بامبراطوريتها ريب الأحداث.
وصارت حضارة مصر آنذاك مضرب الأمثال، فمفاتيح التجارة العالمية بين الشرق والغرب في يدي الشعب المصري والأموال تتدفق عليه بلا حساب والرخاء والازدهار تبلغ القاهرة كل أحلامها منهما.
وكان سلطان المماليك يلقب بسلطان البرين والبحرين أي البر المصري والبر الشامي، والبحر الأبيض والبحر الأحمر.
وكان لقب قلاوون «ملك البرين والبحرين وصاحب القبلتين وخادم الحرمين الشريفين».
وأحيانا كان يلقب بسلطان الشام واليمن ملك البحرين خادم الحرمين الشريفين صاحب القبلتين ملك الديار المصرية والجهات الحجازية والبلاد الشامية والأعمال الفراتية والديار البكرية.
بل لقد خطب للسلطان برقوق باسمه في توريز من بلاد العجم وفي الموصل وماردين وسنجار وضربت النقود باسمه في جميع هذه البقاع.
وكان عصر السيوطي عصر ازدهار الثقافة الإسلامية والعربية، وحدث عن جامعة مصر الكبرى الأزهر.
ويقول المقريزي فيه الزائر له يجد من الأنس باللّه والارتياح ونزوع النفس ما لا يجد في غيره.
ومع أن المماليك كانوا ينتمون إلى أصول غير عربية إلا أنهم بإقامتهم في أرض العروبة اعتبروا أنفسهم عربا، بل حماة للعرب حتى كان من ألقاب سلاطينهم «سيد ملوك العرب» 1 وعدوا أنفسهم مصريين بما اكتسبوا من الروح المصرية لحياتهم الطويلة على ضفاف النيل قبل وبعد قيام دولتهم، ومع أن لغتهم الأولى كانت هي التركية المملوءة بألفاظ فارسية وعربية فإنهم كانوا يتعلمون العربية ويتقنونها حتى صار كبارهم وأمراؤهم بل جمهرتهم يتكلمون العربية الفصحى ويتخاطبون بها. __________ 1) ابن اياس: بدائع الزهور 3/ 129. __________ وكان السلطان الأشرف خليل يعقد المجالس الأدبية ويطارح الأدباء والشعراء مع معرفته بصناعة الانشاء، واشتهر كذلك السلطان «جقمق» و «خشقدم» بفصاحة اللسان بالعربية الفصحى البليغة.
وكذلك جاني بك (868 ه) وخاير بك (887 ه) وحبيب العلائي الإينالي (893 ه) وكذلك السلطان قانصوه الغوري حيث كان يجيد العربية، شديد الولع بعلومها وآدابها وله فيها مشاركة كبيرة، كما كان يتذوق الشعر وإلى ما شهر عنه من غرامه بقراءة السير والتواريخ، وله مجالس عرفت باسمه عنوانها «مجالس الغوري» وهي مناظرات كانت تجري في مجلسه.
وفي القاهرة كانت المدارس العلمية والخوانق (البيوت) الصوفية تنهض برسالة دينية وثقافية وعلمية كبرى وتعمل من أجل نشر الثقافة الإسلامية وحمايتها ومن بينها: المدرسة الصالحية والكاملية والظاهرية والمنصورية والناصرية والمؤيدية والخانقاه البيبرسية والمدرسة الشيخونية التي درس فيها السيوطي على شيخه البلقيني ومنحه فيها إجازة علمية عام 864 ه/ 1460 م ثم كان أستاذا فيها ذاتها كذلك عام 872 ه/ 1467 م.
وكان الأزهر يشد أزر هذه المدارس ويغذيها بالأساتذة الأعلام، فهو وجه مصر الروحي والفكري والحضاري، وهو أبرز معاهد العلم والدراسات الإسلامية والعربية في «دولة البرين والبحرين» وإليه يفد طلاب العلم وشيوخه من مشارق الأرض ومغاربها للتعمق في دراسة علوم الدين والعربية وفيه كانت تعقد مجالس الوعظ وحلقات التدريس، وقد أكسب مصر سمعة إسلامية عالمية، حتى صارت حاملة مشاعل الثقافة الإسلامية بعد بغداد التي صارت أطلالا دارسة، فالأزهر هو الذي رفع المشاعل وأوقد المصابيح، وأضاء الدنيا وتصدر حلقاته العلمية الأئمة والأعلام من العلماء، أولى المناهج العلمية وقد عرفت طريقتهم باسم «الطريقة المصرية» 2. __________ 2) ابن خلدون: المقدمة 442. __________ وعاصر السيوطي ثلاثة عشر من سلاطين المماليك الجراكسة، كما عاصر السيوطي كذلك أئمة كبارا من العلماء وبحسبك ابن حجر (853 ه/ 1449 م)، ولقد طلب والد السيوطي منه أن يدعو لابنه بالبركة والتوفيق، وكان السيوطي يرى في هذا العالم المصري العظيم مصدر اشعاع روحي له، وكذلك الإمام العيني (855/ 1451 م) والقسطلاني (923 ه/ 1517 م) والسخاوي (902 ه/ 1497 م) والمقريزي وابن إياس وغيرهم من أعلام عصره.
ولقد صار السيوطي واحدا من بينهم وعلما من كبار علمائهم، واحتل مركز الصدارة في القاهرة في عصره، وصار في مقدمة الذين أثروا الثقافة الإسلامية العربية ورفعوا من شأنها وأحلوها مكانا عاليا ومنزلة شاهقة تبوأتها من ذلك الحين حتى يومنا هذا، فهو أحد الذين قادوا مواكب الثقافة الإسلامية في عصره بشخصيته الإسلامية الجليلة وبموسوعيته العلمية التي ليس لها نظير في تاريخ العقل العربي في عصر نهايات دولة المماليك.
ولد جلال الدين عبد الرحمن السيوطي في القاهرة أول رجب عام 849 ه الثالث من أكتوبر عام 1445 م في منزل والده بالروضة.
وهو من أسرة بغدادية الأصل استقر بها المقام في أسيوط قبل ميلاد السيوطي بعدة قرون، وذلك منذ عصر الدولة الأيوبية واشتهر منها العلماء والعديد من الرجال، وكان والده كمال الدين أبو بكر السيوطي (المولود بعد عام 800 ه والمتوفى في صفر عام 855 ه) من أجلة العلماء وقد نزح من أسيوط إلى القاهرة قبل ميلاد ابنه بأربعة وعشرين عاما وانقطع لطلب العلم في الأزهر وغيره ثم للتعليم والافادة وتدريس الفقه في الجامع الشيخوني وللخطابة في الجامع الطولوني، وكان بيته بجزيرة الروضة مقصد الطلاب والعلماء، وكان الخليفة المستكفي باللّه يجله ويعظمه، ولعل عطف الخلفاء العباسيين عليه مما يؤيد أصله البغدادي.
الابن الصغير عبد الرحمن صديق لوالده وزميل له في المدرسة الشيخونية وهو كمال الدين الهمام الحنفي (861 ه) الذي أخذ يتعهده ويرعى شئونه، وكان ابن الهمام محققا جدليا ولي مشيخة المدرسة الشيخونية وله كتب مشهورة في الفقه وفي الأصول منها كتابه فتح القدير وشرح الهداية.
وظهرت على الابن الصغير مخايل النبوغ والذكاء وقوة الحافظة حتى لقد حفظ القرآن الكريم وهو دون الثمانية من عمره، وحفظ فنون العلوم الإسلامية والعربية وهو دون الخامسة عشرة، وأقبل عبد الرحمن على حضور دروس مشايخ عصره وتلقى العلم على أيدي علماء عصره منذ مستهل عام 864 ه وهو في الخامسة عشرة.
وكان من بين هؤلاء الأساتذة: 1 - شيخ الإسلام البلقيني (791 ه/868 ه) إمام العلماء في المائة الثامنة وهو من أساتذته في الفقه، وهو الذي أجازه بالتدريس والافتاء وكان التصدير الذي ألقاه لما باشر التدريس بجامع شيخون يحضره أستاذه البلقيني هو الكلام على أول سورة الفتح، كما كان الكلام على حديث ابن عباس، «احفظ اللّه يحفظك» هو التصدير الذي ألقاه لما ولى درس الحديث بالشيخونية، ولما مات البلقيني لازم عبد الرحمن ولده عليا حتى توفى أيضا بعد وفاة والده العظيم بقليل.
2 - شهاب الدين الشارماصي، الذي أخذ عنه الفرائض.
3 - شيخ الإسلام شرف الدين المناوي (798 - 871 ه) الذي تتلمذ عليه في الفقه ولما مات رثاه السيوطي بشعر له.
4 - محيي الدين الكافيجي (788 - 879 ه) وقد تلقى على يديه التفسير والأصول والمعاني العربية ولزمه أربع عشرة سنة.
5 - تقي الدين الشبلي الحنفي؛ وكان أستاذه في علوم العربية.
6 - سيف الدين الحنفي: وهو أستاذه في البلاغة. 7 - ابن الهمام (861 ه).
8 - تقي الدين الشمني (801 - 871 ه): وهو أستاذه في التفسير والحديث وفي العربية وقد لازمه أربع سنين ولما مات الشمنى رثاه السيوطي بقصيدة طويلة من شعره.
وغير هؤلاء، وهم كثير وذكر السيوطي أن شيوخه الذين أخذ عنهم نحو المائة والخمسين.
وقد ترجم لهم في معجم خاص - وواصل السيوطي مسيرته العلمية حتى تفقه في علوم عصره وألف أول كتبه وهو في الخامسة عشرة وهو تفسير للاستعاذة والبسملة وذلك عام 864 ه وهو دليل على طموح علمي كبير وهذا النهم العلمي الذي لا يقف عند غاية هو أحد معالم شخصية عالمنا الكبير حتى لقد أجيز بتدريس العربية وهو في الخامسة عشرة، وروى عنه علماء عصره الحديث وهو في الثانية والعشرين من عمره وذلك عام 871 ه وأجيز بتدريس الفقه وبالفتيا وهو في السابعة والعشرين من سنى حياته المباركة وكان أول درس ألقاه في الأزهر الشريف في تفسير سورة الفاتحة.
لقد أحب السيوطي الكتاب منذ صغره، وكان يرى في الإمامين البلقيني وابن حجر مثله الأعلى فدعا اللّه وهو يشرب من ماء زمزم أن يجعله في الفقه مثل البلقيني وفي الحديث مثل ابن حجر، وكان والده قد ترك له مكتبة كبيرة زاخرة بالمخطوطات، فكان يطالع فيها فوق تردده على مكتبة المدرسة المحمودية الحافلة بمختلف المؤلفات في شتى الفنون والعلوم، وكانت من أنفس خزائن الكتب بالقاهرة وبها نحو أربعة آلاف مجلد، وقد قام ابن حجر بفهرستها ثم تلاه السيوطي فكتب فهارس لها جمعها في كتاب سماه «بذل المجهود في خزانة محمود» وأخذ السيوطي يبحث عن خزائن الكتب المختلفة ويطالع فيها، ثم أخذ يطوف في أنحاء مصر يلقى العلماء ويحادثهم ويأخذ عنهم ويأخذون عنه، وبعد أن كان يتولى تدريس الفقه بالجامع الشيخوني خلفا لوالده صار يتولى منصب المشيخة في المدرسة الشيخونية وهو المنصب الذي كان يشغله أبوه من قبل، كما واملاء الحديث بالجامع الطولوني ودرس الحديث بالخانقاه الشيخونية وتولى مشيخة الصوفية بمدفن برقوق الناصري، ثم تولى مشيخة المدرسة البيبرسية وهي أكبر خوانق (بيوت الصوفية) بالقاهرة وبيوتها الصوفية وأكثرها أوقافا في عصره 3، ثم نحاه عنها السلطان محمد بن قايتباي 4 وكان آنذاك في الأربعين من عمره فاعتزل الناس وزهد في الدنيا وعكف على التأليف طيلة عشرين عاما في منزله بالروضة ورفض أن يستقبل أحدا من زائريه ومريديه حتى لقد أغلق نوافذ منزله بالروضة المطلة على النيل وكتب في ذلك رسالة سماها «تأخير الظلامة إلى يوم القيامة».
ولما تولى «طومان باي» الحكم خاف السيوطي أن يضطهده فاختفى حتى توفي هذا السلطان، ولحسن الحظ لم يمكث هذا السلطان في الحكم إلا شهورا قلائل عاد السيوطي بعدها إلى منزله في الروضة، وكان قد تولى حكم مصر السلطان قانصوه الغوري، وقد عرض هذا السلطان عليه العودة إلى المشيخة في المدرسة البيبرسية فاعتذر وآثر العزلة عن الناس.
حج السيوطي عام 887 ه 1482 م، وجاور في مكة المكرمة عاما كاملا 5 وطاف في أنحاء العالم الإسلامي دارسا ومدرسا وموجها، فرحل إلى الشام والحجاز واليمن والهند والمغرب وبلاد التكرور، وتصدر مجالس العلم والعلماء في الأزهر وفي غير الأزهر من أمهات المدارس الإسلامية حتى غدا علم الأعلام ورائدا عظيما من رواد الثقافة الإسلامية.
وبعد عمر غير طويل وعن اثنين وستين عاما هجريا أو ستين عاما ميلاديا توفي الإمام جلال الدين السيوطي في التاسع عشر من جمادي الأولى عام 911 ه التاسع عشر من أكتوبر سنة 1505ه. __________ 3) ابن العماد: شذرات الذهب: 8/ 52. 4) السيوطي: طبقات المفسرين: 26. 5) السخاوي: الضوء اللامع:4/ 65. __________ وقال فيه تلميذه عبد الباسط بن خليل الحنفي (920 ه): مات جلال الدين غيث الوري ... مجتهد العصر، أمام الوجود كانت الثقافة الإسلامية قد أصيبت بنكبات كبيرة في بغداد على أيدي التتار وفي الأندلس على أيدي الأسبان المتعصبين، وسلمت مصر بهزيمتها للتتار في عين جالوت فسلمت لها مجالس العلم ومدارسه وجامعته الكبرى الأزهر وسلمت خزائن الكتب في القاهرة، وبقيت حلقات الثقافة وأنديتها لم يمسها سوء، وظلت القاهرة ترسل أشعتها إلى كل مكان وتوالى أداء رسالتها في خدمة الثقافة الإسلامية، ووفد عليها العلماء والأدباء والشعراء من كل مكان.
وقد شمر علماء مصر عن ساعد الجد لتعويض ما بدد من التراث الإسلامي في بغداد والأندلس وصقلية وغيرها، فألفوا الكتب وصنفوا الموسوعات وكتبوا في كل العلوم والفنون، وجمعوا ما وصلهم من روايات ومأثورات من مختلف المصادر، ورأوا أن هذه المهمة هي فريضة إسلامية كبيرة ألقيت على كاهلهم فنهضوا بها وقاموا بأدائها خير قيام، فرأينا المؤلفات الضخمة من مثل: صبح الأعشى ونهاية الأرب والنجوم الزاهرة وفتح الباري وبدائع الزهور والدر المنثور وغيرها من أمهات الكتب التي خلفها لنا أمثال: القلقشندي والنويري وابن تغري بردى والمقريزي وابن حجر وابن اياس والسخاوي والقسطلاني والعيني والدماميني والشمني وابن الكمال والسبكي وابن فضل اللّه العسمري والدميري والأسنوي والمناوي والبلقيني والشعراني وغيرهم.
وكذلك فعل السيوطي بل لقد فاقهم جميعا في عظمة التحصيل وغزارة التأليف وروعة التحقيق، وظلت القاهرة تتصد عواصم العالم الإسلامي حضاريا وثقافيا، وظلت أنديتها العلمية والأدبية حافلة بالعلم والعلماء والطلاب.
المكتبة العربية بنفائس المؤلفات وبذخائر المصنفات مما شهد لها المحققون وأقروا لصاحبها بطول الباع وسعة الاطلاع وبوفرة المحصول وموسوعية المعرفة وبغزارة العلم والرواية وبالوقوف على مختلف مصادر البحث والإحاطة بكل ما تشتمل عليه خزائن الكتب في القاهرة وغيرها.
وذهل الناس لما رأوا من باهر تحصيله ومن وقوفه على دقائق العلوم وحقائق المعرفة وخفايا المخطوطات.
ويقول السيوطي عن نفسه: «لقد رزقت التبحر في سبعة علوم هي التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع على طريقة العرب البلغاء لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة، والذي اعتقده أن الذي وصلت إليه من هذه العلوم السبعة سوى الفقه والتفول التي اطلعت عليها فيها لم يصل اليه ولا وقف عليه أحد من أشياخي فضلا عمن هو دونهم» وهو في كتابه حسن المحاضرة يذكر أن مؤلفاته آنذاك بلغت ثلاثمائة، ويذكر ابن اياس أنها في جملتها تبلغ ستمائة، ويذكر بروكلمان أنها أكثر من أربعمائة 6 وأحصى له المستشرق فلوكل 561 مؤلفا، وقد تكون بعض كتبه وريقات قليلات، ككتابه «المتوكلي» مثلا، وقد تكون أجزاء كثيرة مثل: الدر المنثور والجامع الكبير وغيرهما وقد جمع السيوطي في كتابه «الحاوي للفتاوي» الذي يقع في نحو ألف صفحة ثمانية وسبعين مؤلفا منفردا أغلبها من الفتاوي والبحوث المنفردة 7و جمع في كتابه «النقابة» أربعة عشر علما، هي: التفسير والحديث وأصول الدين والمعاني والبيان والبديع والتشريع والخط والصرف والنحو والفرائض وأصول الفقه والتصوف والطب.. وله شرح عليه. __________ 6) بروكلمان: تاريخ الأدب العربي: 2/ 145 7) الحاوي: 1/ 99 - 146 __________ وليس في العالم من بلغ ما بلغه السيوطي في كثرة المؤلفات سوى رامون لول الأسباني وأحد كتاب العصور الوسطى الذي بلغت مؤلفاته نحو الخمسمائة 8 ويقول الداودي تلميذ السيوطي (945 ه) الشافعي المصري العلامة المحدث في انبهار بعظمة شيخه: كان السيوطي في سرعة الكتابة آية كبرى من آيات اللّه. وهكذا كان جلال الدين السيوطي أرفع علماء عصره همة وأعظمهم نشاطا وأكثرهم تأليفا وأغزرهم مادة.
وعلى ما سبق نقول إن السيوطي كان أغزر علماء العربية قاطبة تصنيفا حتى لقد ضرب به المثل على طول العصور في غزارة التأليف، ومن أجل ذلك لقب بابن الكتاب وبصديق الكتب والكتاب.
وكان التأليف عند جلال الدين هواية وفنا تبحر فيه حتى لقد اتخذ منه سلاحا يدافع به عن نفسه ضد مخالفيه في الرأي من منافسيه وخصومه والحاقدين عليه، يقول: خالفني أهل عصري في خمسين مسألة فألفت في كل مسألة مؤلفا بينت فيه وجه الحق 9.
واختصر السيوطي الكثير من نفائس كتب التراث حتى لنجد من كتبه: 1 - مختصر الأحكام للماوردي. 2 - مختصر الروضة في الفقه. 3 - مختصر التنبيه في الفقه. 4 - مختصر الأحياء للغزالي. 5 - مختصر معجم البلدان لياقوت الحموي. 6 - مختصر تهذيب الأسماء للنواوي. 7 - مختصر تاريخ ابن عساكر: سماه تحفة المذاكر في المنتقى من تاريخ ابن عساكر. 8 - وله كتاب سماه «ديوان الحيوان» وهو خلاصة لكتاب حياة الحيوان للدميري، (ت 808 ه). __________ د. محمد مصطفى زيادة: المؤرخون 60. 9) 2/ 281 بدائع الزهور لابن إياس. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الجمعة 20 مايو 2016, 10:32 pm | |
| وألف مئات الكتب في شتى الفنون والعلوم، فمنها في التفسير:
الدر المنثور- لباب النقول في أسباب النزول تكملة تفسير الجلالين الذي كتب نصفه الأخير الجلال المحلي (791 ه- 864 ه) وكتب هو نصفه الأول -الاتقان- وغير ذلك وللسيوطي الباع الطويل في التفسير بالمأثور.
وتبلغ مؤلفاته في الحديث أكثر من مائة وستين كتاباً من أشهرها الجامع الكبير-و الجامع الصغير.
ويقول السيوطي عن نفسه: ليس على وجه الأرض من مشرقها إلى مغربها مَنْ هو أعلم بالحديث والعربية مني 10.
وله في الفقه عشرات المؤلفات ومنها: جمع الجوامع وكتاب الجامع في الفرائض، وكتاب «أدب الفتيا».
وفي علوم العربية: كان له القدح المعلي وله فضل السبق في ابتكار علم أصول اللغة والنحو وكان يعد من كبار المصنفين في العربية.
ويقول عن علم أصول اللغة: هو علم اخترعته لم أسبق إليه، لم يسبقني إليه ولا طرق سبيله طارق.
ومن أجل كتبه في هذا المجال: شرح ألفية ابن مالك، الفتح القريب على «مغني اللبيب» الاقتراح في أصول النحو، الأشباه والنظائر، المزهر.
وفي علوم البلاغة: ألف الكثير من الكتب... ومن بينها: عقود الجمان في المعاني والبيان.
وفي الأدب له عشرات الكتب: من بينها: ديوان خطب - ديوان شعر-المقامات- دور الكلم وغرر الحكم - شرح بانت سعاد - فصل الشتاء... إلخ.
وفي أدب الرحلات: نجد له الرحلة المكية - الرحلة الدمياطية - الرحلة الفيومية. __________ 10) تدريب الراوي - المقدمة. __________ وفي التاريخ: نجده في مقدمة مؤرخي عصره وله في هذا المضمار كتب كثيرة منها: تاريخ الخلفاء -حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة- تاريخ السلطان الأشرف قايتباي -تاريخ أسيوط- تاريخ الصحابة.
وغير ذلك مما يدل على منهجه التاريخي الذي بلغ فيه وبه غاية التحقيق، وله كتاب في تاريخ جامع عمر وآخر في تاريخ جامع ابن طولون.
وفي التراجم: نجد له كتباً كثيرة منها: 1 - طبقات النحويين واللغويين: الكبرى وهي مفقودة والوسطى طبعت في باريس والصغرى هي التي طبعت بعنوان «بغية الوعاة». 2 - طبقات الكتاب. 3 - طبقات شعراء العرب. 4 - طبقات المفسرين. 5 - طبقات الحفاظ. 6 - طبقات الأصوليين. 7 - طبقات الشافعية، وغير ذلك.
لقد انتشرت مؤلفات السيوطي في العالم الإسلامي كافة وأقبل عليها الطلاب والدارسون والعلماء بشوق ولذة وأذن السيوطي في حياته لتلميذه الداودي بروايتها وقرئت في بلاد الشام والحجاز واليمن والروم والعجم والحبشة والمغرب وبلاد التكرور وامتدت إلى البحر المحيط.
وبالمثل سارت فتاواه وعلومه في سائر الأقطار مسير الشمس، ورزق من القبول من علماء عصره ما لم يرزقه أحد سواه.
وقد كان لمكانته العلمية والأدبية ولأسلوبه السهل الممتنع ولتحقيقاته الفريدة ولا حاطته الواسعة بشتى المصادر ومختلف المذاهب والآراء ولشخصيته الحرة الشجاعة التي لا تتملق حاكما ولا تتزلف لكبير، كان لذلك كله أثره في عموم النفع بعلمه وكتبه إذ كان الشعب يرى فيه صورة.
كان السيوطي مخلصاً للعلم وحده صادقاً فيه مع نفسه بعيداًعن الملق والتزلف والرياء وحب الدنيا والرياسة والجاه، شديد المراقبة للّه عز وجل، وإن غضب عليه الحكام والسلاطين، وكم لاقى في سبيل جرأته وشجاعته ورأية الحر الكثير من العنف.
أرسل إليه السلطان الغوري غلاما وألف دينار، فرد الدنانير وأخذ الغلام أعتقه، وقال لرسول السلطان: لا تعد تأتينا قط بهدية فإن اللّه أغنانا عن مثل ذلك.
وكان الأمراء يزورونه ويعرضون عليه هداياهم وهباتهم فيردها 11 وقد عرض عليه الغوري رياسة مشيخة مدرسته بأول الغورية فرفض وقبل البقاء في عزلته.
*و لم يكن يكترث لغضب الأمراء والسلاطين، وكان الحريص على إقامة الحدود وتطبيق الأحكام الشرعية مهما كلفه ذلك من عنت.
*رفض جلال الدين الذهاب مع العلماء لتهنئة السلطان بالشفاء من مرض ألم به وألف في ذلك كتابه «رواية الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين».
*ذهب ذات مرة لمقابلة قايتباي في مظلمة لإنسان وعلى رأسه الطيلسان مما خالف فيه التقاليد المرعية آنذاك ومما أخذ عليه عند السلطان فرد على ذلك بكتابه «الأحاديث الحسان في فضل الطيلسان».
*و حين عزل مشيخة البيبرسية كتب كتابا عنوانه «التنفيس في ترك الفتيا والتدريس».
وكان من أجل تلاميذ جلال الدين: الداودي (945 ه) والشامي المحدث الحافظ (942 ه) وابن طولون الدمشقي المحدث (880 - 953 ه) وسواهم. __________ 11) 663 - المزهر __________ وكان السيوطي كثيرا ما ينوه في كتبه، بنفسه وبمؤلفاته وبآرائه فيها حتى لنقرأ في آخر حاشيته على المغنى: فقد أودعتها من الفوائد والفرائد والغرائب والزوائد ما لو رامه غيري لم يكن له إلى ذلك سبيل.
وفي آخر كتابه «بغية الوعاة» يقول عن الكتاب: الجامع من كل شريدة ووريدة العجب العجاب.
وكذلك كان في كل كتبه يقول في أنواع البديع: قررت فيها بضعة عشر نوعاً من الأنواع البديعية ثم وقع لي التأمل فيها بعد ذلك ففتح اللّه بزيادة على ذلك حتى جاوزت الأربعين، ثم قدحت الفكر إلى أن وصلت بحمد اللّه مائة وعشرين نوعاً.
وقد استخرج السيوطي هذه الأنواع كلها من الآية الشريفة اَللّهُ وَلِيُّ اَلَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ إلى آخر هذه الآية الكريمة.
ومن الأنواع التي ابتكرها ما سماه بالتأسيس والتفريع وما سماه بالانسجام 12 أو بالمنتخل أو بحسن الطلب 13إلى غير ذلك.
وقد دفعت المنافسة إلى إعلان الخصومة بينه وبين السخاوي الذي اتهمه بعدم الأمانة العلمية فيما يكتب، فكتب السيوطي في الرد عليه كتابه المشهور «الكاوي في تاريخ السخاوي» كما عرض باقي كتب له.
والسيوطي بخاصة من أكثر العلماء التزاما بالأمانة العلمية حتى لنراه يذكر في مقدمات كتبه دائما المصادر التي رجع إليها وأخذ منها في حرص تام على الأمانة العلمية في كل ما يكتبه.
يذكر في كتابه المزهر 14 بابا جعل عنوانه «عزو العلم إلى قائله» ويقول فيه: لا تراني أذكر في شيء من تصانيفي حرفا الا معزوا لقائله.
ومما يذكره السيوطي في مقدمات كتبه من المصادر نجده قد أطلع على كثير من المخطوطات التي لم يطلع عليها الكثير من علماء عصره. __________ 12، 13) بغية الوعاة للسيوطي 460، 155. 14) 2/ 319 - المزهر للسيوطي: تحقيق جاد المولى وآخرين. __________ وبحق لقد كان مفخرة من مفاخر العالم الإسلامي الثقافية وسيظل أثره وتراثه خالدين على الأيام.
والسيوطي كان يرى في نفسه أنه المبعوث على راس القرن التاسع الهجري ليجدد للأمة الإسلامية دينها، مصداقا للحديث الشريف «إن اللّه يبعث على رأس كل مائة سنة هذه الأمة من يجدد لها دينها».
ويقول السيوطي: ومن اللطائف أن المبعوثين على رأس أكثر القرون مصريون: عمر بن عبد العزيز 15 في المائة الأولى والشافعي في الثانية، وابن دقيق العيد في السابعة والبلقيني في الثامنة وعسى أن يكون المبعوث على رأس المائة التاسعة من أهل مصر 16وهو يعني بذلك نفسه.
وكان السيوطي كثير الاجتهاد في عصره، وكان يرى أن الاجتهاد فرض كفاية مفروض على العلماء أو خاصتهم، وألف في ضرورة الاجتهاد كتابا سماه «من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض» وقد تحدث في هذا الكتاب عن الاجتهاد وضرورته في كل عصر لأنه فرض من فروض الكفاية وواجب على أهل كل عصر أن يقوم طائفة في كل قطر منهم.
ويحتوي هذا الكتاب على أربعة أبواب: الأول: في نصوص العلماء على أن الاجتهاد في كل عصر فرض من فروض
الثاني: في نصوص العلماء على أن الدهر لا يخلو من مجتهد، وأنه لا يجوز عقلا خلو العصر منه.
الثالث: في ذكر من حث على الأجتهاد وأمر به، وذم التقليد ونهى عنه. __________ 15) كان أبوه عبد العزيز بن مروان أميرا على مصر في عهد أيخ عبد الملك بن مروان وقد نشأ عمر بن عبد العزيز طفولته الأولى في مصر. 16) 1/ 135 - حسن المحاضرة. __________ الرابع: في فرائد الاجتهاد وهو في هذا الكتاب يقف مع العصر ومع العقل وينأي عن التقليد والمقلدين.
كملت عند السيوطي أدوات الاجتهاد على ما اشترطه الأصوليون فكان عالما بآيات الأحكام وأحاديث الأحكام وشروط القياس ومعرفة مواقع الاجماع، غير أنه لم يجتهد بالفعل إلا اجتهاد المذهب بالترجيح على مذهب الإمام الشافعي 17.
ويقول السيوطي: «اجتمع عندي-بحمد اللّه-الحديث والفقه والأصول وسائر الآلات من العربية، فأنا أعرف كيف أتكلم وكيف أستدل وكيف أرجح 18.
ويقول:
وقد كملت عندي أدوات الاجتهاد -بحمد اللّه- ولو شئت أن أكتب في كل مسألة تصنيفا بأقوالها وأدلتها العقلية والقياسية ومداركها ونقوضها وأجوبتها والمقارنة بين اختلاف المذاهب فيها لقدرت على ذلك 19.
ويقول:
وقد كملت عندي الآن آلات الاجتهاد وبحمد اللّه تعالى أقول ذلك تحدثا بنعمة اللّه عز وجل 20.
وبعقلية المجتهد أثرى السيوطي العلم وأثرى التراث الإسلامي وأثرى الثقافة الإسلامية. __________ 17) مقدمة كتاب الراوي: تحقيق د. عبد الوهاب عبد اللطيف. 18) الكاوي في تاريخ السخاوي. 19) 2/ 248 - الحاوي للسيوطي. 20) 1/ 141 - حسن المحاضرة. __________ وهكذا نرى شخصية الإمام السيوطي الجليلة في كل شيء شخصية جعلت منه أعظم رواد الثقافة الإسلامية في القرن التاسع الهجري، وهي شخصية العالم العامل من أجل وطنه وعروبته ودينه، شخصية المعتز بنفسه وكرامته. شخصية المجتهد ما شاء له الاجتهاد.
المخلص للعلم إخلاصاً شديداً.
الصادق كل الصدق.
الكاره للنفاق والزلفى والرياء والملق للحكام.
المتعفف الزاهد في المال لا يقبل شيئا منه وان أتاه من حاكم أو أمير أو غنى.
شخصية العالم المفكر والفقيه الأصيل والأديب البليغ صاحب الأسلوب البارع الجميل والمضامين الإنسانية الرفيعة مما نجده في رسائله وشعره وفي مقدمات كتبه وفي مقاماته وعلى الأخص مقامته اللؤلؤية التي ذكر فيها أسباب تركه للتدريس.
وهكذا تصدر السيوطي مواكب العلماء في عصره حتى كان ظاهرة فكرية فريدة في تاريخنا العلمي والثقافي الطويل.
كتبه المطبوعة والمخطوطة في كل مكتبات العالم وفي مكتبة الأزهر الكثير من مؤلفاته المخطوطة، وفي مكتبة جامعة الرياض أكثر من سبعين مخطوطة له، وقد صدر بها فهرست خاص.
الدراسات عنه تنمو على مدى الأيام وكتبت عنه رسائل جامعية كثيرة.
فليس بعجيب أن يصبح السيوطي في عصره، وبعد عصره رائدا للثقافة الإسلامية الخالدة، وأن يكون في عصره كالجاحظ في عصره كلاهما بعد عن حياة الوظائف والمناصب وكلاهما كان ممثلا لشعبه ولعصره ولحياته نفسها، وكلاهما تصدر زعامة الثقافة الإسلامية العربية في أيامه.
أضاف السيوطي إلى سجل تراثنا الخالد من الثقافة الإسلامية حتى عصره اضافات كثيرة في كتبه مما جعل العالم الإسلامي كله يتطلع إليه بكل حب وتقدير وإكبار.
لقد أكسب السيوطي العالم الإسلامي أولاً ووطنه مصر ثانياً مجداً كبيراً خالداً على مرور الأيام. رحمه اللّه وأجزل مثوبته. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر الجمعة 20 مايو 2016, 10:50 pm | |
| شمس الدين الحنفي جامع الحنفي مسجد كبير معروف في القاهرة وشمس الدين شخصية جليلة من أعلام علماء الأزهر في القرن التاسع الهجري.
نشأ شمس الدين يتيماً من أمه وأبيه وربته خالته.
وحفظ القرآن الكريم وكان ابن حجر رفيقه في الكتاب ثم اعتزل الناس للعبادة والاطلاع سبع سنوات وخرج من عزلته وهو أعلى كعبا في علوم الدين، وتعلم في الأزهر الشريف وصار من أنبه طلابه وأكرم خريجيه.
وكان لا يترك حاكما إلا نصحه وأخذ بحق المظلومين منه.
وكان السلطان فرج بن برقوق (801 - 815 ه) من سلاطين المماليك بعد وقفه لزحف تيمور لنك الكبير على الشام قد أخذ يظلم الرعية ويجور في حكمها فكان الإمام شمس الدين الحنفي يعارضه ويندد به ويعنف في نصحه ويغلظ له القول وقال فرج للشيخ يوماً بعد أن سمع منه ما آلمه: المملكة لي أم لك فقال الشيخ: إنها ليست لي ولا لك إنها للّه الواحد القهار.
وقام الشيخ متغيراً ثائراً فمرض فرج وعجز الأطباء عن علاجه فطلب السلطان الشيخ ليدعو له بالشفاء.
وأرسل خلفه الأمراء فوجده بنواحي المطرية خارج القاهرة فطلبوا منه العودة معهم تنفيذاً لأمره فأخذوا يتلطفون بالشيخ حتى قام فصلى وأخذ يدعو للسلطان وقال لهم: قد برىء.
ويقول العيني في تاريخه الكبير: «ما سمعنا أحداً من الشيوخ أعطى من العز والرفعة والكلمة النافذة والشفاعة المقبولة عند الملوك والأمراء وأرباب الدولة والوزراء مثلما أعطى الشيخ، وحسبك إنه لم يقم من مجلسه لأحد من الملوك والأمراء قط، ولا من القضاة الأربع غيرهم».
وكان السلطان بحق يكره شمس الدين، ومع ذلك كان يقضي للشيخ كل حاجاته وشفاعاته في الناس ويقول لحاشيته: كلما أقول لا أقبل لهذا الشيخ شفاعته لا أستطيع بل أقبل شفاعته وذهب الملك «المؤيد» للشيخ ليزوره في زاويته فوجد الشيخ فوق سطح الزاوية فأخبروا الشيخ بقدوم السلطان، فقال لهم: قولوا له إن مما يرضيني عن السلطان أن يكف عن ظلم أحد.
وبعث الأمير للشيخ بأموال فوزعها شمس الدين كلها على الفقراء، وبلغ ذلك الأمير فجاء للشيخ وقبل يده، وكان «ططر» يذهب إلى شمس الدين ويخدمه في جملة أتباعه وخدمه، فلما تولى ططر الملك ظل يذهب للشيخ كعادته والشيخ يقول له: انك صرت سلطاناً والزم القلعة فقال له السلطان: لا أستطيع.
وكان «برسباي» يوقر الشيخ ويجله ويقضي له جميع حاجاته وشفاعاته.
وهكذا عاش شمس الدين العالم الأزهري معظما موقرا في قلوب الشعب والحكام حتى توفي إلى رحمة اللّه عام 847 ه.
شهاب الدين السنباطي كان لانتصار مصر في موقعة عين جالوت 658ه 1260م وهزيمتها امتدادا لم تصل إليه من قبل ولا من بعد، ولكن مصر فوجئت بالغزو العثماني لها.
فتوقفت حركة التاريخ وعادت مصر دولة تابعة لاستامبول وكان ذلك أعظم محنة امتحن بها الشعب المصري على طول عصور التاريخ، ولكن مقاومة الشعب المصري وعلماء الأزهر للطغاة لم تسكت في يوم من الأيام، وكان مظهر هذه المقاومة هو الشيخ الأزهري الخالد شهاب الدين أحمد بن عبد الحق السنباطي.
كان عالما جليلا وإماما عظيما ومصريا كريما وكان واعظا في الجامع الأزهر، ويذكر أمين سامي عنه إنه كان شيخ الجامع الأزهر-تقويم النيل 2/ 16 - وقال الشعراني عنه لم نر أحدا من الوعاظ أقبل عليه الخلائق مثله.
كان السنباطي ملاذا للشعب المصري المغلوب على أمره، وكان يهدد الوالي التركي باعلان الثورة عليه كلما تحزبت الأمور واشتهر ظلم الأتراك للشعب وكان القضاة الأربعة الذين ولا هم سليم على مصر عام 923 ه لا يستطيعون مجابهة الوالي التركي بشيء فكان السنباطي يحذر الحاكمين المستبدين من ثورة الشعب ويهدد الوالي إن لم يستمع له.
وكان السنباطي يلقب بشيخ الإسلام وهو لقب كان يطلق قبل الفتح العثماني لمصر على قاضي القضاة الشافعي وكان آخر من لقب به من علماء الأزهر قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز (949ه- 1542م) فلما ألغى الأتراك نظام القضاء المصري وأقاموا في رياسة القضاء قاضيا تركيا، أصبح هذا اللقب يطلق على ما نرجح على شيوخ الأزهر وعلى الرغم مما يذهب إليه كثير من المؤرخين من أن الشيخ الخرشي المالكي (1101ه) هو أول شيخ للأزهر فإنني أرجح أن السنباطي كان هو أول شيخ عرفه التاريخ للأزهر الشريف وبذلك يكون منصب شيخ الأزهر راجعا إلى أواسط القرن العاشر.
الذي تولى حكمها قبل ذلك بخمس سنوات وكان داود ظالما متكبرا متعسفا وكان الشعب يئن من مظالم الأتراك ويتحمل كل ذلك بجلد وصبر.
وكلم الشيخ الإمام السنباطي داود باشا في مظلمة من هذه المظالم فلم يبال داود بنصيحة الشيخ فصادف ان كان داود في موكبه في أواخر شهر شعبان من عام 950 ه فانبرى له السنباطي وجابهه بالقول.
يا داود انك عبد مملوك لا يجوز لك أن تتولى الأحكام وان أحكامك باطلة ما لم تحصل على عتقك. داود لجنده اقبضوا على هذا الشيخ. -الجند ينحازون الى جانب الشيخ. داود يرفع سيفه ويهم بقتل الشيخ. -الجند: مهلاً اطرح الحسام انه شيخ الإسلام، واننا سنقاتلك معه إذا اضطررنا إلى ذلك. داود: يجن وينحدر الى منزله ويرسل الى الخليفة العثماني يعلمه بما يحدث.
وبعد قليل جاء إلى داود أمر عثماني بعتقه مع تكليفه بتبليغ الشكر للشيخ، وذهب داود إلى الشيخ ليبلغه رسالة الخليفة سليمان القانوني واسترضاه واعتذر اليه وقدم هدية الى الشيخ فرفضها.
وأصبح الوالي ذليلاً حقيراً بجانب عظمة الشيخ وصموده وصلابته وكبريائه وصار الوالي لا يرد للشيخ رأياً ولا يرفض له شفاعة.
وهكذا عاش السنباطي إماماً جليلاً وشيخاً عظيماً حتى توفي الى رحمة اللّه في آخر عام 950 ه ونسينا ذكره إلا من شارع صغير خلف الأوبرا لا ينسى أول شيخ للأزهر وأول مظهر لمقاومة الشعب لبطش الأتراك وأول زعيم للمقاومة الشعبية في أوائل الفتح العثماني لمصر.. رحمه اللّه.
الشيخ أحمد الدردير الشيخ الدردير من أشهر علماء الأزهر الشريف قبيل الحملة الفرنسية على مصر، كان شيخ علماء المالكية في الأزهر.
وكان مشهورا بالزهد والورع والتقوى. مشهودا له بالعلم الغزير، والشجاعة الفائقة، ومراقبة اللّه في السر والعلن.
قاد ثورة شعبية لها شهرتها في تاريخ الوطن ففي يوم من أيام ربيع الأول عام 1200ه / يناير 1786م نهب أحد أمراء المماليك واسمه حسين بك شفت هو وجنوده دارا لشخص اسمه أحمد سالم الجزار وهو نائب رئيس الطريقة البيومية بالحسينية بالقاهرة ظلما وعدوانا فثارت ثائرة الشعب وتشاوروا فيما بينهم فيما يجب أن يفعلوه، واتفقت كلمتهم أخيرا على الالتجاء إلى أقوى العلماء شخصية، وأوسعهم نفوذا وهو الإمام الدردير، فاجتمع الشعب في اليوم التالي للحادث، ويمموا وجوههم شطر الجامع الأزهر، وقصدوا الشيخ الدردير وهو في حلقته بين طلابه ومريديه وأخبروه بالحادثة فغضب الشيخ لاستهتار الأمراء وتعسفهم.
ونادى الدردير في الجماهير غير هائب ولا خائف قائلا لهم: أنا معكم، وغدا نجمع الشعب من كل مكان في الحارات والضواحي وبولاق ومصر القديمة، وأركب معكم وننهب بيوتهم كما ينهبون بيوتنا ونموت شهداء أو ينصرنا اللّه عليهم.
وأمر الشيخ بدق الطبول على المنارات، إيذانا بالاستعداد للقتال وترامت الأخبار إلى الأهالي فأسرعوا نحو الأزهر للاشتراك مع الثائرين.
وبلغت أخبار الجماهير الثائرة إلى الأمير إبراهيم بك وبلغه تصميم الشيخ من مكانة ونفوذ بين الشعب فخشي أن يستفحل الأمر وتصبح هذه الثورة نهاية لحكمهم ونفوذهم وسلطانهم، فأرسل نائبه ومعه أحد الأمراء إلى الإمام الدردير ليعتذر له عما حدث ووعد بأن يكف أيدي الأمراء عن الشعب كما قرر توبيخ حسين بك شفت على صنيعه، وطلب قائمة بجميع ما نهبه ليأمره برد تلك المنهوبات إلى صاحبها ووافق الشيخ الدردير على ذلك.
وهكذا وضع هذا الإمام الجليل قاعدة دستورية هامة، وهي احترام الحاكمين لارادة المحكومين [2/ 103 و104 الجبرتي].
وعاش الإمام الدردير أربعا وستين سنة (1137 - 1201 ه) وكان في نهاية حياته العلمية شيخا على المالكية، ومفتيا على المذهب المالكي، وناظرا على وقف الصعايدة، وشيخا على طائفة هذا الرواق.
ويقول فيه الجبرتي: كان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويصدع بالحق، ولا تأخذه في اللّه لومة لائم وله في السعي على الخير يد بيضاء.
هذا هو الإمام الدردير شيخ من شيوخ الأزهر حرص على أن يؤدي الأمانة ويحافظ على شرف مصر، وشرف الشعب وشرف الأزهر، ومات راضيا مرضيا عنه من اللّه والملائكة والناس أجمعين.
الشيخ الصعيدي الشيخ الصعيدي (1110 - 1189ه) من أشهر علماء الأزهر قبيل الحملة الفرنسية على مصر، كان أغلب وقته بين تلاميذه ومريديه متوافرا على درس العلم منقطعا للارشاد والهداية لا يقصد إلى أمير أو حاكم ما لم ير مظلمة يجب عليه أن يسعى لا بطالها.
ذهب في يوم إلى الأمير علي بك وعلم الأمير من حاشيته بقدوم الشيخ، وجلسا في صدر المكان ثم جاءت حاشية الأمير وشغلته عن الشيخ، فبادره الشيخ يقول له «غضبك ورضاك سواء، بل غضبك خير من رضاك» وقام الشيخ، وقام الأمير يحاول إعادة الشيخ الى مكانه معتذراً إليه، فرفض الشيخ.
ومرت الأيام، وركب الشيخ في ليلة من ليالي رمضان، مع شيخه الشيخ حسن الجبرتي، والد المؤرخ الكبير، وقال الشيخ حسن الجبرتي له اذهب بنا إلى علي بك نسلم عليه فقال الصعيدي: يا شيخنا انا لا أدخل، وقال الجبرتي: لابد من دخولك معي، فلم تسعه مخالفة شيخه، ودخلا على الأمير، وكان مصادفة عجيبة ان الأمير مات في تلك الليلة، فاستبشر أهله بالمغفرة له لزيارة الشيخين له.
وكان الشيخ الصعيدي من بني عدي وتلقى العلم على كبار الشيوخ في الأزهر من مثل الديربي، والملوي، وإبراهيم شعيب المالكي، والحنفي، وسواهم وتصدر حلقات العلم في الأزهر الشريف شيخا جليلا وقورا مهيبا، في أدب وتواضع واكباب على الدرس والبحث.
فأفاد وأجاد وصار له تلامذة ومريدون وتخرج على يديه أجيال من العلماء من بينهم القلعي، والفرماوي، والدردير، والجناحي وغيرهم، وكلهم ممن لهم مكانتهم العلمية في الأزهر.
وكان الصعيدي من الراسخين في العلم، والمبرزين فيه. فقد عاش منقطعا له، مستزيدا منه، محصلا لمسائله، غيورا على الدين وأهله ومن فتاواه تحريم شرب الدخان.
وكان الشيخ يتردد على محمد بك أبي الذهب يعظه ويذكره باللّه ويخوفه من بطشه، وكان يمسك بيدي ابي الذهب ويقول ما أحسنهما لوسلمتا من عذاب جهنم وأرجو ان يغفر اللّه لك ذنوبك، ويتجاوز عنك.
وكان مريدو الشيخ وتلاميذه كثيرين، وكانوا لا يملون دروس الشيخ والمستفيدين وكان بيته يعج بالزائرين والوافدين وأصحاب الحاجات والمظالم، والشيخ لا يمل ولا يكل مما يصنعه بالليل والنهار من مآثر وأعمال طيبات.
ومات الشيخ وخلف وراءه تراثا علميا خالدا على الأيام.
عمر مكرم من أنبه أعلام مصر والأزهر في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، وأسيرهم ذكرا، قضى حياته في خدمة وطنه، وخدمة شعبه، وفي السعي الى تحريره والدفاع عن حريته، وكان من زعماء المقاومة الشعبية ضد الحملة الفرنسية، وكما سعى لرفع الحيف عن الجماهير في بلاده لتحقيق آمالهم في الحياة.
كان ممن أعلن المقاومة ضد طغيان ابراهيم ومراد من أمراء المماليك منذ عام 1795م، وفي ثورة شعبية ألزم الشعب، وعلى رأسه العلماء ونقيب الأشراف، امراء المماليك بوثيقة مكتوبة وموقعة منهم بالتزام العدل في معاملة الرعية، وهذه الوثيقة يعدها المؤرخون وثيقة حقوق الانسان الأولى وقد سبقت اعلان حقوق الانسان في فرنسا في أعقاب ثورة عام 1798م.
وفي هذه الوثيقة الكبرى أعلن أمراء المماليك أنهم يتعهدون بالعدل، ويتوبون عن المظالم، ويعدون بالقيام بالواجبات التي يفرضها عليهم القانون والعرف، من صرف الأموال على مستحقيها ورفع الضرائب الاضافية.
وفي نضال الشعب ضد الغزو الفرنسي لمصر عام 1798 قاد مكرم العالم الأزهري الأسيوطي الجماهير، إذ هبط من القلعة الى ساحل بولاق يحمل علما يسميه العامة «البيرق النبوي»، والناس من حوله، آلاف مؤلفة يحملون السلاح، يشدون أزر جيش المماليك الذي كان يقاتل على الضفة الأخرى للنيل.
ولما احتل نابليون القاهرة خرج من مصر إلى العريش ثم عاد الى القاهرة واشترك في ثورة القاهرة الأولى والثانية فنفاه الفرنسيون الى دمياط.
وبعد جلاء الجيش الفرنسي، كان محمد علي يلتف حول الوطنيين المصريين ويعدهم بالآمال المعسولة فرشحه عمر مكرم حاكما على مصر، وقاد مكرم الشعب في ثورته ضد الحاكم خورشيد باشا، وفي المناداة باسناد ولاية مصر الى محمد علي.
وقاد بعد ذلك حملة مقاومة الغزو الانجليزي لبلادنا عن طريق رشيد وهزمت حملة فريزر هزيمة ساحقة، رفع بعدها مكرم رأسه للسماء بالحمد والدعاء والشكر.
وتولى محمد علي حكم مصر حسب إرادة الشعب والعلماء وكان محمد علي لا يفتأ يلجأ الى مكرم لأنه يدرك مدى زعامته الشعبية في نفوس العلماء والجماهير وقادة الرأي وجميع الطبقات ولما اطمأن محمد علي الى نفسه وجيشه قلب للزعيم عمر مكرم ظهر المجن وامتنع عن مشاورته وأقصاه عن جميع أمور الدولة وعن مسائل الدفاع عن الوطن.
وأخذ محمد علي يغتصب أرض الأوقاف فاجتمع عمر مكرم بالعلماء، محتجين على مسلك الوالي فكان رده عليهم: إنني على استعداد لأن أرمي عنق كل من يستظل بلواء المعارضة في وجه سياستي.
وبادر مكرم بجمع العلماء، وفي الاجتماع أعلن أمامهم: إن محمد علي محتال وإذا تمكن فسيصعب ازالته فلنعزله من الآن.
ونفى محمد علي عمر مكرم من مصر، فكان رد هذا الزعيم الشجاع: إن النفي غاية ما أتمناه غير أنني أريد العيش في بلد لا يدين بحكم محمد علي.
بولاق طوائف كبيرة من الشعب يودعون زعيمهم المنفي، وهو يبحر في مركبه الى دمياط، وبكى الشعب بكاء مريرا، وهو يودع الرجل الذي اوقف حياته في سبيل الدفاع عن حقوقه ورد المظالم عنه.
وهكذا اختفت الزعامة الشعبية من الميدان، وأصبح محمد علي يتحرك بهواه كما يريد دون مراعاة للشعب ولا لحقوقه ومواثيقه.
وقضى الشيخ حياته بين العبادة والمطالعة وخاصة أهله. ولما مات بكاه الناس في كل مكان.
الشيخ الشرقاوي شيخ الأزهر الشيخ عبد اللّه الشرقاوي عاصر الحملة الفرنسية على مصر، وقاد الشعب من أجل مقاومتها حينا، ومن أجل التخفيف من شدة وطأتها على الشعب حينا آخر، وطار صيته في كل مكان، وكتب عنه الأوروبيون فصولا طوالا، وذهب كل من كتب عنه مذهبا يتفق ومدى فهمه للأحداث الجسام التي وقعت في هذه الفترة القصيرة الحافلة في تاريخ الوطن.
ولد بالطويلة إحدى قرى بلبيس عام 1150ه- 1737 م، وتعلم في الأزهر، وتخرج منه، وصارت له حلقة علمية قيمة، وكثر طلابه، وعم علمه الآفاق.
ولما مات الشيخ أحمد العروسي شيخ الأزهر عام 1208ه تولى الشرقاوي مشيخة الأزهر بعده، وكان من المرشحين معه لتولي هذا المنصب العلمي والديني الجليل الشيخ مصطفى العروسي، فآلت إليه، وأسندت له، وتولاها وهو موضع ثقة الجميع، وكان شيخ علماء الشافعية ومفتيهم في عصره، وله مؤلفات دالة على سعة فضله في الفقه والحديث والعقائد.
ومن مؤلفاته: مختصر على «مغني اللبيب» لابن هشام في النحو، وطبقات فقهاء الشافعية المتقدمين والمتأخرين، وتاريخ مصر، وهو الذي أنشأ رواق الشراقوة في الجامع الأزهر.
واشترك الشرقاوي في قيادة الشعب في كل الأحداث السياسية والقومية.
في الحملة الفرنسية كان الناطق أمام الغزاة باسم الشعب، وأذاع نابليون نبأ رياسة الشرقاوي للمجلس المخصوص الذي ألفه، ودون موافقة من الشيخ، ليسكت ثورة الشعب وغضبه ومقاومته، وقبل الحملة الفرنسية قاد ثورة شعبية ضد المماليك تعد من أشهر الثورات الشعبية في مصر ففي شهر ذي الحجة عام 1209ه/ 1795م، وبعد توليه مشيخة الأزهر بعام جاء له الفلاحون من إحدى قرى بلبيس وشكوا له من ظلم محمد بك الألفي وجنوده وأتباعه لهم، وفرضهم على القرية اموالا كثيرة لا طاقة للفلاحين بها، وتأثر الشيخ بما سمع، وبلغ الشكوى الى كل من مراد بك وابراهيم بك، ولكنهما لم يفعلا شيئا، فعقد الشيخ مؤتمرا شعبيا وطنيا في الأزهر، حضره العلماء والطلاب، حيث استقر الرأي على مقاومة الأمراء المماليك بالقوة، حتى يخضعوا لمطالب الشعب، وعندئد امر الإمام الشرقاوي باغلاق أبواب الجامع الأزهر وأعلن للشعب قرارا باضراب العام وباغلاق الأسواق والمحلات.
وفي اليوم التالي ركب الشرقاوي ومعه العلماء، وتبعتهم الجماهير، وسار الموكب الى منزل الشيخ السادات وهو من كبار العلماء، وكان منزله قريبا من قصر ابراهيم بك الذي إفزعته مواكب الشعب الثائرة فبادر -إبراهيم بك- بارسال رئيس ديوانه ايوب بك ليسأل العلماء عن مطالبهم، وحاول المماطلة في تحقيق مطالب الشعب، ولكن العلماء أصروا على موقفهم، وتقاطرت الجماهير صوب الأزهر وبدأت ثورة وطنية عاصفة.
وهال إبراهيم بك ما بلغه عن الأحداث، فأرسل إلى العلماء يعتذر إليهم، واجتمع بأمراء المماليك حيث أرسلوا الى العلماء ليجتمعوا بهم، فحضر الإمام الشرقاوي والسيد عمر مكرم، والشيخ السادات، والشيخ البكري والشيخ الأمير.
وانتهى الاجتماع بالموافقة على مطالب الشعب التي قدموها، وتم تحرير وثيقة تتضمن هذه القرارات، وقع عليها الحاكم العثماني وأمراء المماليك، وكبار العلماء، ورجع العلماء يحيط بهم الشعب بمواكبه الزاخرة.
ويجمع أكثر المؤرخين على أن هذه الوثيقة كانت بمثابة إعلان لحقوق الانسان، سبقت بها مصر غيرها من الشعوب، وسبقت بها إعلان حقوق الإنسان الذي اعلنته الثورة الفرنسية في باريس بسنوات.
ومصر دائما هي قائدة المواكب، ورائدة الحرية، وحاملة مشاعل الحضارة في كل مكان وزمان.
ومات الشيخ الشرقاوي رحمه اللّه يوم الخميس الثاني من شهر شوال عام 1227ه/ 1812م. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر السبت 21 مايو 2016, 6:26 am | |
| الشيخ حسن العطار ولد الشيخ حسن العطار في أول الثلث الأخير من القرن الثامن عشر 1766 أي قبل الحملة الفرنسية على مصر باثنين وثلاثين عاما، فهو يعطينا بمولده هذا صورة لمصر السياسية في القرن الذي كان نهاية لحكم الولاة العثمانيين في مصر.
والحق أن مصر في القرن الثامن عشر كانت تختم القرون الثلاثة من الحكم العثماني الذي ساقه القدر إليها على يد السلطان سليم الأول الذي فتح مصر 1517 م وهي قرون شهدت البلاد فيها من الظلام والجهل والضعف والتأخر في كل الميادين ما لا يمكن أن يصار الى أسوأ منه. وكان بادية القرون الثلاثة كنهايتها: سوء حال وضعف آمال.
وكان والد الشيخ حسن عطارا -و من هنا جاءه اللقب- و كان لهذا الوالد مشاركة في بعض العلوم، فما رأى من ولده إقبالا على العلم، ساعده على تحصيله، فكان يتردد على الأزهر ويحضر حلقات كبار مشايخه في ذلك العصر، فلما جاء الفرنسيون الى مصر 1798 هرب حسن إلى الصعيد خوفا على نفسه من أذاهم، ثم عاد الى القاهر بعد قليل فاتصل ببعض رجال الحملة من العلماء فأفاد منهم وأطلع على كتبهم وآلاتهم وتجاربهم العلمية فكان ذلك بدء اتجاهه الى تقدير العلوم الطبيعية والمناداة بضرورتها وقد اشتغل في الوقت نفسه بتعليم اللغة العربية لبعض هؤلاء العلماء الفرنسيين، كما اشتغل بالتدريب في الأزهر.
وقد عرف الشيخ حسن العطار بمؤلفاته الكثيرة، كما عرف بأسلوبه الأدبي وعباراته الانشائية الأنيقة التي كانت تجري على طريقة الزخرف والمحسنات، وله أشعار رقيقة، أما ميله الى العلوم الطبيعية والرياضية والفلك والطب، فيدل عليه كتبه ورسائله في كيفية عمل الأسطرلاب، والربعين المقنطر والمجيب، والطب والتشريح، وأشكال التأسيس في علم الهندسة بالاضافة إلى اتقانه رسم المزاول الليلية والنهارية بيديه.
وقد امتاز حسن العطار بقراءاته الواسعة العميقة للكتب العربية والمعربة في زمانه، ولم يختص بعلم معين، او بفن بعينه من الفنون، ولكنه كان حريصا على الإفادة من كل علم، وكان يطرز الكتب التي يقرؤها بهوامشه وتعليقاته، ويقول في ذلك في تلميذه الشيخ رفاعة الطهطاوي: كان له مشاركة في كثير من العلوم، حتى في العلوم الجغرافية، فقد وجدت بخطه هوامش جليلة على كتاب تقديم البلدان لإسماعيل أبي الفداء سلطان حماة المشهود أيضا بالملك المؤيد، وللشيخ المذكور هوامش ايضا وجدتها بأكثر التواريخ وعلى طبقات الأطباء وغيرها، وكان يطلع دائما على الكتب المعربة من تاريخ وغيرها. . وكان له ولوع شديد بسائر المعارف البشرية..
ويعتبر رفاعة الطهطاوي -رائد الفكر وإمام النهضة الحديثة في القرن التاسع عشر- أنجب تلاميذ حسن العطار، فأحبه الشيخ لما أنسه فيه من الذكاء والانكباب على العلم، وقربه إليه، وحفه برعايته.
وكان التلميذ رفاعة يتردد على شيخه كثيرا في بيته ويأخذ عنه العلم والأدب والجغرافيا والتاريخ، ولما كان العطار ميالا بطبعه الى العلوم العصرية، ولا يرى الانحصار في دائرة كتب الشرع فحسب، فقد أودع هذا الميل في نفس تلميذه رفاعة الطهطاوي، مما أهله بعد ذلك ليكون إماما للبعثة العلمية في باريس، ومما فتح ذهنه إلى البحث وسلامة التفكير والاسهام في نقل العلوم عن الغربيين حتى يفيد منها اهل وطنه، وهنا يظهر فضل العطار على الطهطاوي فهو أول من وجهه إلى الاغتراف من موارد العلم والأدب.
وهو أول من دله على قيمة العلوم العلمية الطبيعية وضرورتها بما لا يقل عن أهمية العلوم الشرعية.
والشيخ العطار من القلائل الذين جمعوا بين التدريس في الأزهر - في اول عمره- ومشيخة الجامع الأزهر في ختام حياته، وكان حلقته بالأزهر تغص بالطلاب، فكان العلماء يتركون حلقات غيره ويتكاثرون على حلقته يستمعون.
ولا شك أن تحرر الشيخ العطار الفكري وبعده عن الجمود، ودعوته الجديدة الى الأخذ بالعلوم الحديثة مع الاهتمام بالعلوم القديمة، قد جذب إليه الطلاب من كل فج، وهداهم إلى مجلسه في أثناء تدريسه بالأزهر، ويستوي في ذلك مقامه بمصر أم بالخارج، ففي مقامه بدمشق لفت إليه أنظار طلبة العلم هناك (فتلقاه اهلها بما لاق، وعقدوا على تفوقه وتفرده بالفضائل كلمة الاتفاق).
الشيخ محمّد عياد الطنطاوي لا يكاد أحد من العرب ممن كان له علاقة بروسيا في القرن التاسع عشر يكون شخصية طريفة كشخصية أستاذ جامعة بطرسبرج الشيخ الطنطاوي، فالدور الذي لعبه الشيخ في تاريخ الاستعراب الأوروبي ليس بيسير 1.
كان الطنطاوي رجل الآداب العربية الحديثة العامل في حفل الاستعراب الروسي 2و يبرز الطنطاوي في تاريخ هذا الاستعراب والآداب الجديدة في صورة فريدة لا نظير لها حتى الآن 3.
فشخصية هذا «المستشار» تبرز بروزا فريدا في تاريخ كرسي اللغة العربية وآدابها في مدى قرن ونيف في جامعة بطرسبرج 4.
هكذا يقول المستشرق الروسي كراتشكوفسكي عن الطنطاوي الذي كان شخصية فذة في تاريخ الاستشراق، والذي وضع أصولا ثابتة للدراسات الاستشراقية في الغرب وقد شغل أذهان المستشرقين وكتاباتهم أمدا طويلا. ويعد أستاذ الكثيرين منهم. __________ 1) ص 114 حياة الشيخ محمد عياد الطنطاوي لكراتشكوفسكي 2) ص 17 المرجع نفسه. 3) ص 108 المرجع نفسه. 4) ص 9 المرجع نفسه. __________ 2 - كتبت دور الاستشراق عن الطنطاوي كتابات طويلة، ونوهت بدوره الفعال في خدمة اللغة العربية، ووصفت أعماله العجيبة وصفا رائعا، وسجلت دوائر المعارف العالمية الكثير من المعلومات عنه.
وعكف كراتشكوفسكي شيخ المستشرقين الروس عشر سنوات لكتابة دراسة عنه، وأخيرا ألف بالروسية كتابه الرائع «حياة الشيخ محمد عياد الطنطاوي 1، الذي عهد المجلس الأعلى للفنون والآداب في الجمهورية العربية المتحدة إلى السيدة كلثوم عودة.
وهي عربية فلسطينية مقيمة في روسيا، بترجمته الى العربية، وعهد إلى الأستاذين: عبد الحميد حسن ومحمد عبد الغني حسن بمراجعة النص العربي وتحقيقه والتعليق عليه، ثم قام بنشره عام 1384 ه- 1964 فجاء سفرا نفيسا في نحو 180 صفحة؛ ولكنه يمثل جهادا علميا جليلا في الكشف عن حياة الطنطاوي ومواهبه وآثاره وثقافته، وفي تفصيل خدماته للاستشراق والمستشرقين في القرن التاسع عشر.
لقد تناولت الكتاب لقراءته، فاذا بي أمام بطولة علمية حقة، قام بها كراتشكوفسكي، من أجل تسجيل حياة مواطن عربي، مصري، أزهري؛ اعترافا بفضله على الثقافة الاستشراقية في العصر الحديث.
وكنت أقرأ الكتاب وكأنني امام أحداث مصورة؛ كل الألوان والظلال والسمات، وكل خطوة خطاها هذا العالم الأزهري الخالد، منذ ميلاده حتى وفاته، وكل حدث علمي أو فكري أسهم فيه؛ قد أبرزه كراتشكوفسكي بصورة زاهية أمينة، معتمدا على كثير من المصادر والمخطوطات وسجلات المستشرقين ومؤلفاتهم؛ وعلى مجموعة الشيخ محمد عياد الطنطاوي الخطية، التي تبلغ نحو 150 مخطوطا عربيا، مودعة في مكتبة جامعة بطرسبرج، والتي نرجو أن تقوم بعثات دار الكتب المصرية في الخارج بتصويرها كلها أو بعضها مما له أهمية خاصة. __________ 1) لكراتشكوفسكي دراسة عن الوأواء الدمشقي، وعدة دراسات أخرى وهو الذي نشر كتاب البديع لابن المعتز وكان كتابه عن الطنطاوي أحب كتبه إلى نفسه وتوفي كراتشكوفسكي بعد الحرب العالمية الثانية بعد ان أنقذ مخطوطات مكتبة ليننجراد من الدمار الذي لحق بالمدينة في الحرب العالمية الثانية. __________ وكان كراتشكوفسكي يكتب عن الطنطاوي مأخوذا بروعة أعماله، وجهاده العلمي، ويسجل كل رأي فيه، ويزن أعماله بميزان نقدي سليم منصف، ويقول: لقد بدت لي فجأة شخصية شيخنا واضحة مغيرة 1.
وكان عمل المترجمة وعمل المراجعين موازيا لعمل المؤلف نفسه؛ دقة تامة، وأمانة علمية بارزة، وتحر لجميع الحقائق، ووقوف صوفى، كأنه الاستغراق، امام جميع النصوص.
مما جعلني مذهولا حقا أمام هذا العمل العلمي الفريد، الذي يجب ان ينال تقدير الدولة، وتقدير جامعاتها، وبخاصة الأزهر، وكما أود أن تكون أعمال الطنطاوي في ميدان الاستشراق الحديث مادة للدراسة في جميع معاهدنا وجامعاتنا، وأن يطلق أستاذنا أحمد حسن الباقوري مدير جامعة الأزهر اسم الطنطاوي على احد مدرجات الجامعة، تخليدا لذكرى رجل نشأ بين صفوفه طالبا، وعمل في حلقاته العلمية مدرسا، وقدره العالم كله عالما ومفكرا ومصدرا للحركة الاستشراقية في العالم كله، وأكسب وطنه مصر مجدا علميا باقيا على مر الزمان.
3 - كان الطنطاوي أعظم من ضحوا من العرب في خدمة الثقافة الإنسانية، وخدمة البحث العلمي الحر.
ولقد ولد في قرية نجريد المصرية عام 1225ه: 1810م؛ وكان أبوه تاجراً كثير التجول، من محلة مرحوم بقرب طنطا، وأمه من بلدة الصافية 2.
وذهب الى طنطا في سن السادسة لحفظ القرآن الكريم وبدأ في تلقي دروس العلم في سن العاشرة في حلقات الجامع الأحمدي.
ثم رحل مع أبيه إلى القاهرة عام 1238ه: 1823م، ودخل الأزهر، وفيه تتلمذ علي: محمد الكومي، ومحمد أبي النجا، ومصطفى القناوي، وإبراهيم الباجوري شيخ الأزهر (ت 1861م)، وحسن العطار (ت 1835م)، وإبراهيم السقا (ت 1880م). __________ 1) 112 المرجع السابق 2) قرية تقع الآن في مركز دسوق من أعمال محافظة كفر الشيخ. __________ وكان من زملائه في الدراسة: الشاعر الشيخ شهاب الدين (1857 م)، ورفاقه الطهطاوي (1873 م)، ومحمد قطة العدوى (1864 م)، ومحمد الأشموني، وإبراهيم الدسوقي (1883 م)، الذي تتلمذ عليه كثير من المستشرقين.
وفي عام 1827 م توفي أبوه فترك الطنطاوي الدراسة في الأزهر، تحت ضغط الظروف القاسية، وعاد إلى طنطا، ومنحه أستاذه مصطفى القناوي شيخ المسجد الأحمدي إجازة في التدريس عام 1828م، ثم عاد ودرس في الأزهر عام 1830م، وكان أول من قرأ المعلقات والمقامات في حلقاته العلمية وهو في العشرين من عمره.
وظل في الأزهر عشر سنين، وله تعليقات على مقامات الحريري وشرح الزوزني على المعلقات.
ومن تلاميذ الطنطاوي في الأزهر: يوسف الأسير السوري (1889 م)، وإبراهيم مرزوق (1866 م)، وعبد الهادي نجا الأبياري.
واشتغل مع عمله في الأزهر بالتدريس في المدرسة الانجليزية بالقاهرة (مدرسة الارسالية البروتستانتية) عام 1835م.
وفيها اتصل بكثير من الأوروبيين الوافدين على مصر، ومن بينهم جماعة من المستشرقين مثل فليمانس فريثل الفرنساوي (1855) الذي ترجم لامية العرب للشنفري الى الفرنسية بمساعدة أستاذه الطنطاوي، والذي علم أستاذه اللغة الفرنسية؛ وكذلك بيرون وفيل وبرونر، وأصبح الشيخ أثيراً عندهم، واعتمدوا عليه اعتماداً كلياً في بحوثهم وتتلمذوا عليه تلمذة فعلية.
(انت تسألني: من هذا الرجل الجميل، في لباس شرقي، وعمامة بيضاء، وله لحية سوداء كجناح الغراب، وعينان تشعان باشعاع غريب، وعلى وجهه سمة الذكاء، وقد لفحت الشمس بشرته، وليست بالطبع شمس بلادنا الشمالية الباردة، هو ضيف جديد من ضفة النيل، الشيخ الفاضل محمد عياد الطنطاوي.
ان إسمه معروف لدى كل من يدرس اللغة العربية، وكل السياح الذين انتفعوا بخدماته والمدانين له بنجاح أبحاثهم يذكرونه بالشكر، ويكنون له المودة، مذيعين شهرته في أوروبا.
فمن هنا نرى ما كسبته كليات اللغات الشرقية المحلية التي دعت الشيخ القاهري ليحتل كرسي اللغة العربية الشاغر ويمكنك الآن أن تتعلم اللغة العربية بدون ان تغادر بطرسبرج، وفي الاسبوع الماضي ألقى الشيخ الطنطاوي اول محاضرة له في قاعة الجامعة حضرها ما عدا تلاميذ المدرسة وبعض المستشرقين غير المنتمين إليها).
خلف الطنطاوي في قسم اللغات الشرقية سلفه (ديمانج) الذي توفي عام 1839م؛ وقضى ما يقرب من سبع سنوات مجاهدا في تدريس اللغة العربية ثم عين بعد ذلك عام 1847 أستاذا لكرسي اللغة العربية في جامعة بطرسبرج وعين المستشرق الروسي «نفروتسكي» مساعدا له.
وظل أستاذا لهذا الكرسي طيلة أربعة عشر عاما (1847 - 1861م)، وعلى يديه تتلمذ كثير من المستشرقين الروس والألمان والفنلنديين الذين كان من أشهرهم «فالين».
وفي سبتمبر عام 1855 أصيب الشيخ بشلل في رجليه، وظل يغالب المرض والمرض يغالبه سنوات صعابا على نفسه وأقام في منزله رهين المرض.
كان يشرف على العناية بالشيخ زوجته المصرية «ام حسن» التي ولدت له في 19 مايو 1850 ولدا سماه «أحمد».
لم يكن الشيخ بمستطيع القيام على تربية ابنه طلب ادخاله في داخلية احدى المدارس الوسطى، ودخل أحمد جمناز لاريتا في 19 نوفمبر 1860 على حساب الدولة، ولم يلبث الشيخ غير قليل حتى أحيل على التقاعد في 19/ 1 / 1861، ثم وافاه الأجل في 24 ربيع الثاني 1278 ه: 29 اكتوبر 1861 م، ودفن في قرية فولكوفا بجوار بطرسبرج بجوار مقبرة زوجه المصرية الوفية؛ وكان في هذه القرية مقابر المسلمين، وتسمى المقابر التي دفن في وسطها مقبرة التتر.
وعين نفروتسكي خلفا له في كرسي اللغة العربية بالجامعة، وصرفت الدولة معاش الشيخ الى ابنه أحمد، واختير نفروتسكي وصيا عليه، وفي عام 1871 باع أحمد مجموعة والده الخطية الى مكتبة الجامعة.
ثم تزوج أحمد وخلف بنتا ولم يلبث كذلك الا قليلا وتوفي عام 1881، ودفن بجوار أمه، وألحقت ابنته بدار ايتام الاشراف باسم هيلانة، وصارت مسيحية منذ ذلك التاريخ او اريد لها ذلك، اذ كانت طفلة صغيرة آنذاك، ولا ندري من أخبراها بعد ذلك شيئا.
4 - ترك الشيخ آثارا كبيرة تبلغ الواحد والأربعين مؤلفا، أحصاها كراتشكوفسكي، وفي مقدمتها: تاريخ حياته وكتابه المخطوط «تحفة الأذكياء بأخبار بلاد روسيا»، وورد اسمه في مرجع آخر غير كتاب كراتشكوفسكي هكذا «هدية النجباء في تحقيق اقليم روسيا» 1، وقد ألفه الطنطاوي عام 1850 م/ 1266 ه، وأهداه إلى السلطان عبد المجيد، وكانت كتابته في دقيقة، وملاحظاته فاحصة، وإحساسه وروحه عاليين ولم يكن الكتاب سردا تاريخيا أو جغرافيا، بل كان وصفا دقيقا حيا بيئيا لرحلته من القاهرة إلى بطرسبرج وزياراته لأقاليم روسيا، وانفعالاته مع الإقليم والشعب فيها خلال إقامته طيلة العشر سنوات التي قضاها هناك منذ هجرته عام 1840 حتى تاريخ تأليف الكتاب (1850) ووصف رحلاته في روسيا وفي دول البلطيق وفنلندا من حولها، ويتضمن الكتاب كذلك دراسة مفصلة لتاريخ روسيا الحديث وصورا سريعة لطبوغرافية بطبرسبرج في ذلك الحين؛ وهذا العمل مكتوب بصورة لامعة ولا يزال محتفظا بقيمته العلمية إلى اليوم. __________ 1) ص 115 بين المخطوطات العربية لكراتشكوفسكي طبع ليدن 1953. __________ وللطنطاوي كتاب عنوانه «النحو العربي» أو قواعد اللغة العربية»، وهو أول كتاب كتبه كاتب عربي باللغة العربية للتدريس في جامعات روسيا ومعاهدها العالية، وهو موضع اهتمام المستشرقين، ونال شهرة كبيرة في كل دوائر الاستشراق الأوروبي، الى كتب أخرى ألفها الشيخ، وأحصاها كلها كراتشكوفسكي في كتابه القيم.
5 - كان الطنطاوي يجيد عدا العربية الفرنسية والروسية والفارسية والتركية واللغة التترية، ويقول كراتشكوفسكي: انه كان إلى جانب اللغة العربية له إلمام بست لغات أخرى، وإن هذا أفق كان بعيدا عن مواطنيه في ذلك الحين 1.
6 - إن هذا الكتاب القيم لتاريخ حي من تاريخ مصر وأزهرها في العصر الحديث فهو ينطق بعظمة الفكر المصري في أول عصر النهضة، ويصور الحياة الثقافية في مصر وحياة الأزهر العلمية في القرن التاسع عشر تصويرا صادقا أمينا وهو من أجمل الكتب التي أخرجتها المطبعة العربية، والفضل في ذلك راجع إلى عمل المؤلف وعمل الترجمة وعمل المراجعين الفاضلين الذي ينم عن جهد كبير بذلاه فيه.
والكتاب مقسم إلى: 1 - توطئة أو مقدمة تحدث فيها المؤلف عن مصادر حياة الطنطاوي وعن ظروف قيامه بهذه الدراسة.
2 - ثم ثلاثة فصول: الأول عن «الطنطاوي في مصر وسفره الى روسيا»، والثاني عن «الطنطاوي في روسيا»، والثالث عن «مصنفات الطنطاوي». __________ 1) 102 تاريخ حياة الشيخ محمد عياد الطنطاوي __________ 3 - ويلي ذلك ملحقات بعضها بقلم الطنطاوي نفسه، وبعضها نصوص أخرى للمؤلف وغيره.
4 - ثم رسائل من الطنطاوي إلى غولد المستشرق (1897 م) والأستاذ في جامعة قازان.
5 - ويلي ذلك كله تعليقات وتحقيقات بقلم المراجعين كتباها شرحا أو تعليقا على بعض نقاط وردت في الكتاب.
وفي صدر الكتاب صورة للطنطاوي رسمها له مرتينوف عام 1853، وصورة أخرى لقبره أخذها له بعض المستشرقين عام 1923؛ وتقديم بقلم المراجعين الفاضلين.
وبعد فقد مضى على وفاة الطنطاوي أكثر من مائة عام، ومع ذلك فجهوده في خدمة الاستشراق حديث الجامعات في الغرب، فمتى تذكر الجامعات العربية هذا الرجل الفذ، ومتى ترد له بعض ديونه وتعترف بقيمة ما أداه للفكر العالمي والعربي من خدمات جليلة باقية على مر الأيام؟.
ويروي المرحوم أحمد تيمور باشا في كتابه «أعلام الفكر الاسلامي في العصر الحديث» سيرة الشيخ الطنطاوي فيقول إنه من مواليد طنطا، سنة 1810، وقد تلقى تعليمه في الجامع الأحمدي، ثم انتقل الى الأزهر.
وكان يجيد الشعر والنثر والنقد والنحو والفقه وعلم الكلام والحساب والجبر والتاريخ وله أكثر من مائة مؤلف في كل هذه العلوم، أكثرها لا يزال محفوظاً بخط يده في مكتبة الكلية البتروغرادية.
وقد قضى الشيخ الطنطاوي في روسيا نحو ربع قرن، الى أن مات، وترك زوجه وولده هناك من بعده، وليدفنا إلى جواره.
وكانت بينه وبين رفاعة الطهطاوي مراسلات أدبية، يقول في إحداها: خصوصا ريفهم وبيوتهم المحدقة بالبساتين والأنهار، الى غير ذلك مما شاهدته قبل بباريز، اذ بطرسبرج لا تنقص عنها، بل تفضلها في أشياء، كاتساع الطرق.
«أما من جهة البرد، فلم يضرني جدا، وانما الزمني ربط منديل في العنق، وليس فروة اذا خرجت. اما في البيت، فالمداخن المثبتة معدة للادفاء».
على أن إقامته الطويلة في روسيا لم تؤثر في دينه، وله في ذلك قصيدة نذكر منها: انا بين قوم لا أدين بدينهم ... أبدا، ولا يتدينون بديني ويحدثنا تيمور باشا في هذا الكتاب ان الشيخ الطنطاوي كان تلميذا للشيخ حسن العطار، وهو الآخر علم من أعلام الفكر الإسلامي، عاصر الحملة الفرنسية، وأفاد بها من الناحية العلمية، واستحدث بما أفاده ثورة في الأزهر أثارت عليه أثرة كثير من أصحاب العمائم.
وكان الشيخ حسن العطار في طليعة الرواد فقد كان علم الأزهر في عصره مقصورا على الدين وحده.
وكان الشيخ العطار قد عاشر علماء الحملة الفرنسية، وقرأ ما ترجموا من كتب علمية الى التركية والعربية، في الهندسة والعلوم الطبيعية والفلك والصناعات الحربية، ورأى كيف يحولون العلم الى عمل، فآمن بضرورة الدعوة إلى مثل هذا التحول، ووضع بنفسه المؤلفات في المنطق والفلك والطب والطبيعة والكيمياء والهندسة والعلوم الطبيعية والاجتماعية والانسانية.
وتولى منصب شيخ الأزهر، وأمر بتدريس المواد الممنوعة كالجغرافيا والتاريخ.
الطنطاوي على تدريسه.. كما حرض تلميذه الآخر رفاعة الطهطاوي على تدريس الحديث والسنة عن طريق المحاضرة، وبلا نص، مما لم تكن له سابقة في تاريخ الأزهر.
ويروي تيمور باشا من ان علماء الأزهر غضبوا ايما غضبة عند تعيين الشيخ حسونة النواوى شيخا للأزهر.
وكان لهذه الغضبة أكثر من سبب، ولكن أبرز هذه الأسباب، انه جاء مؤيدا لتدريس الحساب والهندسة والجبر وتقويم البلدان وما إليها في الأزهر، بدعوى أنها علوم مستحدثة، بينما هي في الحق علوم قديمة، اشتغل بها المسلمون الأوائل، وألفوا فيها كثيرا، وكانت تدرس في الأزهر قبل نكسته.
ولكن خصوم الشيخ حسونة زعموا أنها من علوم الفرنجة، وأنها ما أدخلت إلى الأزهر إلا للقضاء على العلوم الشرعية أو تقليل الرغبة فيها. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر السبت 21 مايو 2016, 6:40 am | |
| ائمة الأزهر في القديم والحـــديث ================= الشيخ محمّد بن عبد الله الخراشي ولد ببلدة (أبو خراش) من أعمال شبراخيت بمحافظة البحيرة سنة 1010ه تلقى تعليمه على يد نخبة من العلماء ودرس علوم الدين واللغة والمنطق وكانوا يهتمون في الأزهر بدراسة (علوم التفسير والحديث والفقه واللغة والفلسفة والمنطق) واستوعب معارف عصره وتخرج على يديه علماء كثيرون جاوزوا المائة من أعلام عصره ومن تلاميذه (الشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي) وقد تولى مشيخة الأزهر بعد ذلك وكان بمثابة معيد للشيخ الخراشي يلخص ما قاله الشيخ ويوضح ما غمض (كما هو دور المعيد بالنسبة للأستاذ في الجامعة الآن).
وكان جم الحياء متواضعا يذهب إلى السوق ويشتري حاجياته ويحملها بنفسه وتمسك بالسنة وكان لا يتخلف عن صلاة الجماعة بالجامع الأزهر ووفد عليه الطلاب من كل قطر وذاعت شهرته ووصفه الجبرتي بأنه (الامام العلامة والحبر الفهامة شيخ الإسلام والمسلمين وارث علم سيد المرسلين) وكانت النذور تأتيه من كل الجهات فلا يحتفظ بشيء بل يتركها لمعارفه يتصرفون فيها وكانت له كرامات اشتهرت في عصره وظل في كفاحه العلمي حتى جاوز التسعين ولحق بربه في 27 من ذي الحجة سنة 1101 ه.
مؤلفاته: كان رحمه اللّه واسع الثقافة وخاصة فيما يتعلق بعلوم التفسير والفقه على مذهب الإمام مالك.
ويمكن إجمال مصنفاته فيما يلي: 1 - رسالة في البسملة في نحو أربعين كراسا 2 - الشرح الكبير لمختصر خليل في ثمانية مجلدات. 3 - منتهى الرغبة في حل ألفاظ النخبة (و هو شرح لكتاب نخبة الفكر لابن حجر العسقلاني). 4 - الفرائد السنية في حل الفاظ السنوسية 5 - الانوار القدسية في الفرائد الخراشية (و هو شرح للعقيدة السنوسية). 6 - حاشية على شرح الشيخ علي ايساغوجي في (المنطق) وهو كتاب شهير. 7 - إجازة أجاز بها تلميذه الشيخ علي الشبراملسي (ليستحق بها ما يشبه العالمية). *** الشيخ إبراهيم بن محمد البرماوي ينسب الى بلدة (برما) من أعمال محافظة الغربية، حفظ القرآن ودرس في الأزهر على كبار الشيوخ وعكف على (دروس الشيخ أبي العباس شهاب الدين محمد بن أحمد القليوبي) وكان من أعظم علماء عصره متعدد الثقافات وألف كثيرا من الشروح والحواشي والرسائل ثم أذن له أن يقوم بالتدريس فأقبل الطلاب على علمه وكان من مؤلفات عدة تدل على غزارة علمه في (الحديث وفقه الشافعية والمواريث والتصوف).
1 - حاشية على شرح القرافي لمنظومة ابن فرح الأشبيلي (كما شرحها كثيرون لأهميتها). 2 - حاشية على شرح ابن قاسم 3 - رسالة في أحكام القول في (الكلب والخنزير) على مذهب الشافعي. 4 - حاشية على شرح السبط على الرحبية في المواريث. 5 - الميثاق والعهد فيمن تكلم في المهد. 6 - رسالة في الدلائل الواضحات في إثبات الكرامات (في التصوف والتوحيد). تولى مشيخة الأزهر سنة 1101 ه ولقى ربه سنة 1106 ه. *** الشيخ محمد النشرتي كان من أعلام المالكية ولم يعثر له على ترجمة دقيقة، ولكنه كان واسع العلم وتتلمذ على يده نخبة من فقهاء عصره منهم (الديربي الشافعي الأزهري) صاحب المؤلفات العديدة (عبد الحي بن الحسن بن زين العابدين) العالم الشهير (و المحدث الأصولي الشهير بالجوهري) وكان بمثابة شيخ لعلماء المالكية.
ولد ببلدة (نشرت) بمحافظة كفر الشيخ وحفظ القرآن ودرس في الأزهر ولما تولى مشيخة الأزهر سنة 1106ه ظل يواصل الدرس وشغله مؤلفات قال: (لقد ألفت رجالا) وهو منطق الشيخ النشرتي وتوفي في الثامن والعشرين من ذي الحجة سنة 1120ه.
ورغم أنه مات يوم الأحد فقد شيعت جنازته يوم الأثنين ليتمكن العلماء والأعيان وأمراء المماليك من السير فيها مما يدل على مكانته.
وظل في مشيخة الأزهر أربعة عشر عاما وهي مدة طويلة لمن يتولون هذا المنصب. *** الشيخ عبد الباقي القليني ولد في بلدة قلين بمحافظة كفر الشيخ لم يعثر له على ترجمة وافية ولكن المؤكد انه كان ذا سمعة علمية كبيرة وتتلمذ على يديه المشاهير وكان تلميذا للإمامين (البرماوي والنشرتي).
ووجه تلاميذه إلى دراسة الكتب القديمة وعدم الاكتفاء بالشروح والملخصات وكان يشرح ما استغلق فهمه عليهم ويملي الشروح مما يدل على رسوخ قدمه في علوم الدين وتولى مشيخة الأزهر عام 1120ه.
ولم يترك مصنفات علمية فقد انشغل بالدروس لطلابه كسابقه (الشيخ النشرتي). *** الشيخ محمد شنن لم يعثر له على ترجمة وافية وإنما الواضح أنه تميز عمن سبقه من شيوخ الأزهر بثرائه العريض وكان له مماليك وعبيد وجوار ولكن ذلك لم يصرفه عن العلم واشتهر بغزارة علمه وفقهه وكان علما من أعلام المذهب المالكي، وكان ممن حث على تجديد الجامع الأزهر وأنفق كثيرا من ماله الذي أوفد بعثة عثمانية رسمية تحمل المال والخبراء لاجراء الاصلاحات.
وظل يواصل البحث والدرس حتى لقى ربه سنة 1133ه، ولم يترك مصنفات لأنه اكتفى بتدريس العلوم لطلابه (كسابقيه). *** الشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي ولد سنة 1062 ه وعين شيخا للأزهر سنة 1133 ه وتوفي سنة 1137 ه.
درس في الأزهر على يد الشيخ الخراشي (الرسالة) وهي من أهم كتاب في ذلك العصر في العقيدة الاسلامية وشرحها (و كان كما قدمنا معيدا له) وتلقى على يد علماء عصره كل في تخصصه فكان من كبار رجال الحديث في عصره وتبحر في علوم اللغة حيث ألف شرحا قيما للكتاب (المقدمة العزية للجماعة الأزهرية في علم الصرف) من تأليف ابي الحسن الشاذلي المالكي وكان ذا موهبة خاصة في التدريس فكان المئات يتوافدون عليه ويتلقون عنه وكان يلخص ما قاله في نهاية الدرس ولا يغادر مجلسه حتى يطمئن على فهم تلاميذه له ومن ألمع طلابه (حجة زمانه الشيخ محمد بن عيسى بن يوسف الدمياطي الشافعي) (و الشيخ الفيومي المالكي) (و الشيخ الصعيدي العدوي المالكي) صاحب المصنفات العديدة. *** الشيخ عبد اللّه بن محمد بن عامر الشبراوي ولد عام 1091ه بالقاهرة ونبغ من صغره فكان شاعرا مرموقا وكاتبا فريدا وعالما واسع الاطلاع متعمقا في الفقه والحديث وعلم الكلام.
من الصنعة في الكتابة وتتلمذ على يد (الشيخ الخراشي) (و الشيخ حسن البدري) (و الشيخ خليل اللقاني) (و الشيخ محمد الزرقاني) (و الشيخ أحمد النفراوي) وكانوا من الأعلام ولما جلس للتدريس تتلمذ على يديه كبار العلماء من أمثال (علي بن شمس الدين الخضري) (و الشيخ الزمزمي المكي الشافعي) (و الوالي عبد اللّه باشا الكوبريلي).
كانت للشبراوي مكانة عند الحكام وبين العلماء وسجل أحداث عصره شعرا ونثرا وكانت له قصائد تغنى بها أبناء عصره وتولى المشيخة سنة 1137 وكان من أعلام الشافعية ونظم قصائد لتيسير العلوم على طلابه.
وترك مؤلفات عدة منها. 1 - مفاتح الألطاف في مدائح الاشراف. 2 - الاتحاف بحب الاشراف. 3 - الاستغاثة الشبراوية. 4 - درس الآداب وفرحة الألباب (في تقويم الأخلاق ونصائح الحكام). 5 - عنوان البيان وبستان الأذهان (في الأدب والأخلاق). 6 - نزهة الأبصار في رقائق الأشعار. 7 - شرح الصدر في غزوة بدر. 8 - نظم بحور الشعر وأجزائها. 9 - شرح الرسالة العضدية (في علم الوضع). 10 - العقد الفريد في استنباط العقائد من كلمة التوحيد. 11 - منظومة في علم النحو. 12 - عنوان البيان ونسيان الأذهان (في البلاغة). 13 - سند الشبراوي (ذكر فيه مشايخه ومروياته). ومات سنة 1171 ه. *** الشيخ محمد بن سالم الحفني ولد ببلدة (حفنا) من أعمال بلبيس بمحافظة الشرقية في سنة 1100 ه، وحفظ القرآن ووفد إلى الأزهر الشريف وأخذ العلم عن أشهر علماء عصره واجتهد حتى أجازه أساتذته للتدريس والافتاء ومن أهم شيوخه (الشيخ محمد البديري الدمياطي الشهير بابن الميت) درس عليه (كتاب أحياء علوم الدين للإمام الغزالي) واستوعب كل كتب الحديث الشهيرة وتوافد الطلاب من كل فج.
وكان من الاشراف ينتسب إلى العترة النبوية الشريفة شديد الحياء نقي النفس وبرع في فن النثر ونظم الشعر.
وذاق مرارة الفقر ثم أقبلت عليه الدنيا فكثر ماله لكنه لم يتخل عن واجبه العلمي ومال للصوفية فكان من أقطابها يتردد على (زاوية سيدي شاهين الخلوتي بسفح الجبل) يظل فيها الليالي متعبدا متأملا فسمت به الصوفية.
ووجه طلابه الى دراسة المصادر العلمية العميقة مثل (الأشموني في النحو والصرف) (و جمع الجوامع في أصول الفقه للسبكي) (و مختصر السعد في البلاغة).
وكان ذا مهابة يهابه الأمراء والحكام ولكنه كان متواضعا مع الفقراء سخي اليد وترددت بين الناس كراماته فازداد مكانة في القلوب وتولى المشيخة (العلامة الشيخ حسن المكي) كتابا في مناقبه ونسبه وكذلك (الشيخ محمد الدمنهوري المعروف بالهلباوي) ألف كتابا في مدائح الشيخ (و أفرد له الجبرتي صفحات طويلة وامتدحه بما لم يمتدح أحدا).
ومن مؤلفاته: -الثمرة البهية في أسماء الصحابة البدرية (في التاريخ). -حاشية على شرح الأشموني (لألفية ابن مالك في النحو). -أنفس نفائس الدرر (حاشية على همزية البوصيري). -حاشية على شرح السمرقندي على الرسالة العضدية (في علم الوضع). -رسالة في النقلية في الفروع في أصول الفقه. -حاشية على شرح الفوائد الشنشورية للشنشوري (في المواريث). -رسالة في الأحاديث المتعلقة برؤية النبي صلى اللّه عليه وسلم. -رسالة في فضل التسبيح والتحميد في الفضائل والآداب. -رسالة على شرح الحفيد على مختصر جده السعد التفتازاني (في البلاغة). -شرح المسألة الملفقة في تحليل المطلقة (ثلاثا). -مجموعة من الإجازات لكثير من تلاميذه إقرارا بقدرتهم على الدرس والفتوى. ومات في 27 ربيع الاول 1181 ه. *** الشيخ عبد الرؤوف بن محمد السجيني ولد ببلدة (سجين) بمحافظة الغربية عام 1154 ه ولقبه (أبو الجود)، حفظ القرآن ولزم عمه (الشمس السجيني) وكان من العلماء كما كان والده ايضا رغم أنه كفيف من كبار العلماء وأنه كان فقيها نحويا أصوليا شافعيا.
ولما مات عمه خلفه في دراسة المنهج (و هو منهج الطلاب للانصاري) وكان من الكتب المقررة في مذهب الشافعي.
وكان الشيخ السجيني ذا مكانة بين الناس فقد حدث ان أحد التجار تشاجر مع خادم فضربه الخادم فجمع التاجر أعوانه وطارده فلاذ الخادم بمنزل الشيخ السجيني فأطلق التاجر النار فأصابت رصاصة أحد أقارب الشيخ وهرب التاجر فثارت الجماهير من أجل الشيخ وحاصرت الحي الذي اعتصم به التاجر لو لا أن تدخل الوالي والأمراء والأعيان وأرضوا الشيخ مما يدل على مكانة العلماء.
وتولى رواق الشراقوة بالأزهر قبل أن يتولى المشيخة سنة 1181 ه، ولكن لم يطل بها فقد مات سنة 1182ه.
ولم يعثر له على مؤلفات يبدو لأنه آثر التفرغ للدراسة والاهتمام بطلابه. *** الشيخ أحمد بن عبد المنعم بن صيام الدمنهوري ولد بمدينة (دمنهور) سنة 1101ه وقدم الأزهر وهو صغير يتيم لم يكفله أحد فاشتغل بالعلم وجد في التحصيل وأجازه علماء المذاهب الأربعة وكان ذا حافظة قوية وقدرة على التأليف وبرع في الافتاء على (المذاهب الأربعة).
ولم يكتف بدراسة علوم الدين فقد شغف بدراسة الطب والفلك والهندسة والمنطق رغم نفور الكثيرين من هذه العلوم فسبق أوانه وكأنه تنبأ أن يدرس الأزهر يوما هذه المواد وجلس إلى (الشيخ على الزعتري) وكان عالما بالحساب والهندسة ودرس آثار (ابن الهيثم) في الرياضيات والبصريات وآثار (ابن سينا) في الطب والفلسفة.
ولم يترك كتابا قديما إلا استوعبه وترك مصنفات في كل فن في عصر اشتهر بالتخلف ولما زار مكة حاجا سنة 1177ه استقبل أعظم الاستقبال وأقبل عليه العلماء إذ سبقته شهرته وأجله (علي بك الكبير) وكان يجلس الى دروسه وتولى المشيخة سنة 1182ه وكان مهيبا لدى أمراء المماليك فلما نشبت الفتنة بين زعماء المماليك وأتباعهم من طائفتي (العلوية والمحمدية) فر (حسن بك الجداوي) من زعماء العلوية أمام مطارديه فلجأ لبيت الشيخ الدمنهوري فلم يجسر أحد على اقتحامه حتى أجاره (ابراهيم بك) وكان لا يعود من درسه إلا في وقت متأخر من الليل ويحرص على صلاة الفجر وتحدى علماء عصره بما كان يطرح من أسئلة معجزة ثم يقوم بالإجابة عنها مما جعل (علي بك الكبير) يتخذه استاذا ويستشيره في كثير من أمور الدولة.
وتركزت هذه الاسئلة في خمسة: 1 - (في إبطال الجزء الذي لا يتجزأ) وكان السائد أن المادة لا تتجزأ وكأنما سبق علماء الذرة في ذلك واستدل بقول اللّه (و ما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين) والأصغر من الذرة هو نواتها (البروتون) والكويكبات الدائرة حول النواة (الالكترونات).
2 - سأل (ما معنى قول ابن سينا ذات اللّه نفس الوجود المطلق) وهو سؤال عما يسميه الصوفية (بوحدة الوجود) وعلماء الإسلام ينزهون اللّه عن (الحلول والاتحاد).
بالعقل مع أن المجهول من كل وجه يستحيل طلبه) وشرح آراء المعتزلة وفلاسفة اليونان.
4 - ما معنى قول البرجلي (إن من مات من المسلمين لسنا نتحقق موته على الاسلام) واستدل بحديث رسول اللّه (إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يعرفه حيث يشاء) فالعبرة بالخواتيم.
5 - هل الاستثناء في الكلمة المشرفة (لا إله إلا اللّه) متصل أو منفصل وقد اختلف النحويون في إعراب (لا إله إلا اللّه).
ومن مؤلفاته: 1 - كشف اللثام عن مخدرات الافهام في البسملة والحمدلة. 2 - حلية اللب المصون في شرح الجوهر المكنون (في البلاغة). 3 - اللطائف الفورية في المنح الدمنهورية. 4 - نهاية التعريف بأقسام الحديث الضعيف. 5 - درة التوحيد (منظومة في علم التوحيد). 6 - القول المفيد في شرح درة التوحيد. 7 - شرح الأوفاق العددية (و هو بحث في استنباط آفاق المستقبل عن طريق الأعداد. 8 - شفاء الظمآن بسر (يس قلب القرآن). 9 - عقد الفرائد بما للمثلث من فوائد. 10 - منتهى الارادات في تحقيق الاستعارات (في البلاغة). 11 - سبيل الرشاد الى نفع العباد في الأخلاق. 12 - الفتح الرباني بمفردات ابن حنبل الشيباني (في فقه الحنابلة). 13 - رسالة عين الحياة في استنباط المياه (في الجيولوجيا). 14 - القول الصريح في علم التشريح (في الطب). 15 - منهج السلوك في نصيحة الملوك (في السياسة والأخلاق). 16 - الدرة اليتيمة في الصنعة الكريمة (في الكيمياء). 17 - طريق الاهتداء بأحكام الأمانة والاقتداء (على مذهب أبي حنيفة). 18 - إحياء الفؤاد بمعرفة خواص الأعداد (في الحساب). 19 - منع الأثيم الحائر عن التمادي في فعل الكبائر (أخلاق دينية). 20 - الأنوار الساطعات على أشرف المربعات (في الهندسة). 21 - خلاصة الكلام على وقف حمزة وهشام (في القرارات). 22 - تحفة الملوك في علم التوحيد والسلوك (منظومة طويلة). 23 - حسن الانابة في إحياء ليلة الاجابة (ليلة النصف من شعبان). 24 - الزهر الباسم في علم الطلاسم (رموز سحرية). ومات في 11 رجب سنة 1192ه.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر السبت 21 مايو 2016, 6:48 am | |
| الشيخ أحمد بن موسى العروسي 1133ه حفظ القرآن وأحب العلوم على اختلاف أنواعها فتفوق في العلوم الدينية واللغوية كما تفوق في الرياضيات والفلك والمنطق ومال للصوفية فأخذ العهد على يد (الشيخ البكري) ودرس كل علم على مشاهير عصره ولازم (الشيخ أحمد الصعيدي) وكان بمثابة معيدا له يلخص دروسه ويوضح ما غمض منها (و هو عمل المعيد بالنسبة للأستاذ الآن في الجامعة) وكان عالما محققا حقق كثيرا من كتب التراث وكان يكره السطحية في العلم ويوصي تلاميذه بالتعمق وقراءة أمهات الكتب.
وأحبه الشيخ البكري فزوجه إحدى بناته وتولى المشيخة سنة 1192ه وكان ذا مكانة بين العلماء ولهذا لما أراد (إبراهيم بك) أن يولي (الشيخ عبد الرحمن العريشي) مشيخة الأزهر ثار العلماء واعتصموا بمسجد الأمام الشافعي والتف حولهم الناس وطالبوا ان يكون الشيخ العروسي هو شيخ الأزهر فنزل على رغبتهم ولما عاد (الشيخ محمد المصيلحي الشافعي) من الحجاز أغراه أعوانه أن يطلب المشيخة لنفسه فهو أحق بها وسايرهم واقتحم المدرسة الصلاحية ودرس بها وكانت وقفا على شيخ الأزهر فثار عليه العلماء ولكن الشيخ العروسي هدأ من ثورتهم وترك الشيخ المصيلحي يدرس بها احتراما لعلمه ومنعا للفتنة.
كان الشيخ العروسي قوالا للحق لا يحب الجدال العقيم وكانت شفاعته مقبولة لدى الحكام وكان الأمراء يستشيرونه ويستفتونه في مسائلهم ورفض أن تأتي جنود من خارج مصر لحفظ الأمن وبين للوالي (إسماعيل بك) خطر ذلك فعمل بنصيحته وطالب بزيادة أرزاق الجند المصريين فقاموا بواجبهم ولما طغى (أحمد أغا) الوالي على أهل الحسينية لجأ إليه الناس فقام معهم وأقنع (إسماعيل بك) يعزله اتقاء للفتنة فعزله.
ولما اشتد الغلاء وضج الناس بالشكوى ذهب الى (الوالي حسن باشا) واتفق معه على وضع (تسعيرة للخبز واللحم والسمن) وخرج المحتسب ليعلن في الأسواق السياسة التموينية الجديدة ويهدد من يخرج عليها فزالت الغمة.
ورغم صلاحه وتقواه ومهابته فقد كان ينشد الشعر ليسهل به على الطلاب بعض العلوم ولما مات رثاه كثير من الشعراء بروائع القصائد تخليدا لذكره ومات سنة 1218ه-
ومن آثاره العلمية: -شرح نظم التنوير في اسقاط التدبير للشيخ الملوي (في التصوف). -حاشية على الملوي على السمرقندية (في البلاغة). ***
الشيخ عبد اللّه الشرقاوي ولد بقرية (الطويلة) من ضواحي بلبيس بمحافظة الشرقية سنة 1150 ه.
حفظ القرآن ورحل الى الأزهر حيث درس على مشاهير العلماء مثل (الشهاب الملوي) (الشهاب الصعيدي) (الشيخ الجوهري) (و الامام الدمنهوري) ومال بفطرته (للتصوف) واتصل بالصوفي الشهير (الشيخ الكردي) فلازمه وأدبه.
وتقلبت به الأيام بين مرارة الفقر وحلاوة اليسر وعاش مغمورا فترة طويلة ثم رفعته الأقدار إلى مصاف العلماء الكبار.
وأشتهر بالزهد والتقشف في مأكله وملبسه حتى بعد أن أقبلت عليه الدنيا وتولى مشيخة الأزهر بعد موت الشيخ العروسي سنة 1218 ه وعرف بعمامته الكبيرة وفي حياته وقعت أحداث جسام إذ أتت الحملة الفرنسية على مصر وما صحبها من آلام وتعرض لكثير من الدسائس والمؤامرات ولكن اللّه نصره إذ حاول خصومه إحياء منصب (ناظر الأزهر) وكان (و القاضي العثماني) لكن الشيخ بحكمته تغلب على كل هذا ورغم ما عاناه المصريون من المماليك فقد رأوا في الفرنسيين خطرا داهما يجب التصدي له وارتفع الشيخ الشرقاوي إلى مرتبة الزعامة الشعبية فقاوم طغيان (محمد بك الألفي) وجمع المشايخ وأغلق المسجد وأمر الناس بإغلاق الحوانيت وجاء اليه (ابراهيم بك) ليسأله عن سر ذلك فقال (نريد العدل ورفع الظلم وإقامة الشرع وابطال المكوس) واضطر إبراهيم بك إلى تحقيق مطالب الشيخ نيابة عن الأمة وصمم الشيخ أن تكون الاستجابة كتابة يوقع عليها أمراء المماليك (و عرفت بالشرطة) ولما أنشأ نابليون (الديوان الوطني) ضم عشرة من العلماء رأسهم (الشرقاوي) وأمر نابليون أن تؤدى للعلماء التحية العسكرية إجلالا لهم وكان يستقبلهم عند الباب الخارجي لمقر قيادته (و خصص للعلماء الخيل) ككبار رجال الدولة وشارك في الأعياد الدينية وأمر جنوده بإطلاق المدافع في هذه المناسبات لكن الشيخ الشرقاوي أحس أنها مجرد مظاهر لتأليف العلماء ولم ير في نابليون إلا غازيا معتديا لكنه رأى مهادنته حتى تنتظم صفوف الشعب على عكس (الشيخ السادات) وأعوانه الذين رأوا مناوأته.
واستغل الشيخ الشرقاوي علاقته الطيبة بالفرنسيين فكان يشفع للأهالي في رد المظالم ومنع جنود الحملة من العبث والخروج على التقاليد الاسلامية وكان نابليون يلبي طلباته، لكن نابليون أحس بعداوة الشرقاوي للحملة فقبض عليه وسجنه في القلعة مع زعماء الجهاد لكنه سرعان ما أخرجه لحاجته إليه وحاول التقرب إليه بكل السبل وتنبه الشيخ الشرقاوي الى المدنية الحديثة والعلوم المتطورة التي جاءت بها الحملة الفرنسية وقارنها بالتخلف الذي عليه مصر وكل الولايات الخاضعة للحكم العثماني وكان نابليون دائما يقول لرجاله (إذا كسبتم ثقة العلماء وخاصة هذا الشيخ -يقصد الشيخ الشرقاوي- فستكسبون الرأي العام في مصر كلها).
العثماني ولكنه لم يستطع إثبات ذلك ولا الوصول الى طريقة تسللها للبلاد ولما قتل (سليمان الحلبي) القائد كليبر قبض على (الشيخ الشرقاوي والشيخ العريشي) واتهما بأنهما المحرضان على ذلك ولكن خاف قادة الحملة من آثار ذلك فسرعان ما أطلقوا سراحهما ويعتبر (الشيخ الشرقاوي) رجل السياسة الهادى الذي جنب شعبه كثيرا من النكبات ولو تشدد لفقد هذا الخيط الرفيع.
وبعد رحيل الحملة الفرنسية عانت البلاد من ظلم وطغيان الفرق الأجنبية والقوى المتعددة (العسكر العثمانيون) (فرقة الانكشارية) (فرقة الارناءود) (فريق الدلاة وهو الاكراد) الذين استجلبهم (خورشيد) لضرب الفرق الأخرى وأخذوا جميعا ينهبون ويستبيحون الحرمات فضج الناس بالشكوى ولجأوا (للشيخ الشرقاوي) فقاد مجموعة العلماء وآلاف المواطنين وذهب الى الوالي فكتب الى رؤساء الفرق للكف عن النهب والسلب لكنهم لم يسمعوا إليه فأعلن العلماء وعلى رأسهم الشرقاوي (عزل خورشيد) وتولية (محمد علي) ورفض (خورشيد العزل) لكن السلطان أقر ما فعله العلماء وعلل سبب الموافقة بقوله (حيث رضى العلماء والرعية) فكانت هذه فاتحة للشعب ليقرر مصيره وليختار زعامته.
وبينما كان (محمد علي) يطارد المماليك في الصعيد جاءت (حملة فريزر 1807م) واحتلت الاسكندرية وزحفت الى رشيد فحمس (الشيخ الشرقاوي) ومجموعة العلماء الشعب للمقاومة فهزموها ورحلت بعد أن تكبدت خسائر فادحة.
وأصبح كل من (الشيخ الشرقاوي وعمر مكرم) بمثابة زعيمين للشعب واضطر (محمد علي) إلى مهادنة الشيخ الشرقاوي حتى لقى ربه ثم فرق العلماء ونفى (عمر مكرم) إلى دمياط ولقى ربه في 2 شوال سنة 1227ه.
وترك مؤلفات عدة منها: 1 - التحفة البهية في طبقات الشافعية. 2 - العقائد المشرقية في علم التوحيد. - حاشية الشرقاوي على كتاب التحرير للشيخ أبي زكريا الانصاري. - حاشية على شرح الهدهدي على أم البراهن السمات بالصغرى لأبي عبد اللّه بن يوسف السنوسي. - شرح جكم ابن عطاء اللّه السكندري. - ثبت الشرقاوي (ذكر فيه شيوخه). - مختصر الشمائل وشرح المختصر. - رسالة في (لا إله إلا اللّه). - رسالة في مسألة أصولية (في جمع الجوامع). - شرح رسالة عبد الفتاح العادل (في العقائد). - شرح مختصر في العقائد والفقه والتصوف. - شرح الحكم والوصايا الكردية (في التصوف). - شرح ورد السحر للبكري. - مختصر مغنى اللبيب لابن هشام (في النحو والاعراب). - فتح المبدي شرح مختصر الزبيدي (في الحديث). - تحفة الناظرين فيمن ولي مصر من الولاة والسلاطين. *** الشيخ محمد بن علي بن منصور الشنواني ولد بقرية (شنوان) بالغربية وتلقى تعليمه على أيدي أشهر علماء عصره في الحديث والفقه والتفسير واللغة وعرف بالتواضع والسماحة وشدة الحياء وكان مولعا بالنظافة وخاصة المسجد فكان يخلع ثيابه ويقوم بتنظيف المسجد حتى المراحيض (و يحث الناس على النظافة وأنها قاعدة من قواعد الدين).
ولما مات الشيخ الشرقاوي تطلعت إليه العيون لكنه عاف المنصب واختبأ ولكن الباشا جمع العلماء وطلب منهم ان يختاروا واحدا بعيدا عن كل شبهة فوقع الاختيار عليه فأمر جنده بالبحث عنه حتى وجده فأوكل إليه المشيخة لكنه حاول الاعتذار فأصر الوالي وأصر العلماء ولما كانت داره صغيرة لا تستوعب مهام المنصب فقد نزل في دار أوسع وكان ذلك سنة 1227ه.
وكان عزوفا عن زيارة الامراء وكبار الشخصيات ولكنه كان من قادة الشعب وشارك في مقاومة الحملة الفرنسية وقد حاول الوالي أن يستولي على كل اراضي الدولة وان يتخذ العلماء مطية حيث افهمهم أنه سيترك اراضيهم لهم يزرعونها بمعرفتهم ويستغلونها وتصدى له الامام الشنواني وطالبه بالافراج عن الاوقاف المحبوسة للطلبة فوافقه ثم طالبه بالغاء أمر الاستيلاء على بقية الأراضي فرفض.
ولم يترك مكانه في الدرس بعد تولي المشيخة وكان متبحرا في علوم اللغة كما كان مولعا بعلم الكلام والرياضيات. ومات سنة 1233 ه.
ومن مؤلفاته: 1 - حاشية على شرح الجوهري (جوهرة التوحيد). 2 - الجواهر السنية بمولد خير البرية. 3 - حاشية الشنواني على مخت4 - ثبت الشنواني (إجازة أجاز بها تلميذه المبلط الشهير). 5 - حاشية على السمرقندية (في علوم البلاغة). 6 - حاشية على (العضدية في آداب البحث). *** الشيخ محمد بن أحمد بن مرسى بن داود العروسي ولد بالقاهرة وكان أبوه شيخا للأزهر كما قدمنا وكان مزاحما للشيخ الشنواني لو لا أن (محمد علي) فضل عليه (الشيخ الشنواني) لأنه ضاق بالمشايخ الشعبيين (كالشرقاوي وعمر مكرم) واشتغل بالدرس فكان يقضي وقته من الصباح للمساء لا يقوم إلا للصلاة وهذا ما عوقه عن التأليف الذي يحتاج الى وقت وتولى المشيخة سنة 1233ه وحدثت في عهده (فتنة حول أكل ذبائح أهل الكتاب) ذلك أن (الشيخ إبراهيم المالكي الشهير بإبراهيم باشا) قرأ في درس الفقه (إن ذبائح أهل الكتاب في حكم الميتة لا يجوز أكلها) وسمع (فقهاء الثغر) بذلك فانكروه وناقشوه فقال اني اخذت ذلك عن الشيخ على الميلي المغربي وهو عالم جليل ورع فأرسلوا اليه فبعث برسالة مفصلة ساق فيها الاسانيد على رأيه واستند هو ايضا لرأي (الشيخ الطرطوشي) في المنع وعدم الحل وأمر الوالي بجمع العلماء والنظر في هذه المسألة الخطيرة.
وتقدم الشيخ العروسي وامتدح (الشيخ علي الميلي المغربي) ووصفه بأنه عالم جليل ولكنه حاد المزاج وبعقله بعض الخلل (اعتذارا عن طعنه في العلماء المعاصرين) وطلب الاجتماع به لمناظرته لكن (الشيخ علي) رفض فذهب إليه الجند فوجدوه قد اختفى وأصدر الأمير أمرا بنفي (الشيخ ابراهيم المالكي) إلى بني غازي.
وظل الامام موضع التكريم من الطلبة والعلماء والامراء.
ولم يترك مصنفات لانشغاله بالتدريس ومهام المنصب. ومات سنة 1245 ه. === الشيخ أحمد زين علي بن أحمد الدمهوجي ولد بقرية (دمهوج) بمحافظة المنوفية سنة 1170ه ولى مشيخة الأزهر سنة 1246 وظل بها ستة اشهر حتى لقى ربه في نفس العام سنة 1246.
ولم يعرف عن حياته إلا القليل وذلك لشدة زهده وبعده عن مظاهر الدنيا وانقطاعه للدرس والعبادة فكان يدرس من الصباح حتى المساء لا يخلو إلا في اوقات الصلاة فاذا ما عاد لبيته لزم الصلاة متعبدا متهجدا ولما مات خرجت جماهير غفيرة لوداعه في مشهد مهيب. *** الشيخ حسن بن محمد بن العطار أصله مغربي ولكنه ولد بالقاهرة سنة 1182 ه كان أبوه عطارا وأراد أن يعاونه ولده في حانوته لكنه مال لطلب العلم فتركه ابوه وكان ذا حافظة قوية وشغف بالعلم وخاصة لما رأى اترابه يروحون ويغدون للأزهر وفي زمن قصير أجازه أساتذته للتدريس والفتوى ولم يقنع بالعلوم الدينية بل أقبل على العلوم العصرية ودرس الفلك والهندسة وكان حاد البصر يقرأ أدق الخطوط في ضوء القمر أو الشموع الضعيفة ولا يترك الكتاب حتى يستوعبه وكان كثير الاستعارة وبذلك استوعب علوم عصره وامتدحه (رفاعه الطهطاوي) واعتبره سابقا لعصره.
وله هوامش على كتب الطب غاية في الروعة واتقن الرصد للنجوم ودرس التشريح فكان (موسوعة علمية) واتصل (بعلماء الحملة الفرنسية) واتقن الفرنسية ودرس علومهم الحديثة رغم انه فر عند مجىء الحملة الى أسيوط وعانى من الفقر والاضطراب ومرض الطاعون الذي اجتاح أسيوط، وكتب في ذلك إلى (العلامة الجبرتي رسالة غاية في الأهمية ووصف الطاعون وأعراضه وآراءه في مقاومته).
وعاد للقاهرة بعد أن استقر الأمن وكان يرى في مجيء الحملة الفرنسية إلى مصر مكسبا علميا وبركة لأنها فتحت أعين العلماء على حقائق خفية وبهذا جمع الشيخ بين الثقافة العربية والثقافة الغربية ورحل كثيرا الى الخارج وأجاد عدة لغات منها التركية والفرنسية والالبانية وزار كثيرا من أوطان العرب وكان في كل بلد يلقي محاضراته ويقبل عليه العلماء وكان شاعرا مجيدا وكاتبا عميقا ولهذا اسندت اليه (جريدة الوقائع المصرية) فرأس تحريرها وأعلن آراءه ودعا الى ادخال العلوم الحديثة وجلاء التراث العربي، وحث على الرجوع الى أمهات الكتب وعدم الاكتفاء بالحواشي والمتون (و منه تلقى رفاعة الطهطاوي) الذي أسهم في نقل مصر من عصر التخلف الى عصر النهضة والاحتكاك بالثقافات العالمية وكان شعار الشيخ العطار (إن بلادنا يجب أن تتغير أحوالها وتتجدد بها المعارف) وهو الذي وجه تلميذه (رفاعة الطهطاوي) لتسجيل كل ما تقع عليه عينه في فرنسا وان يستجلب معه كل ما تقع عليه يده من ذخائر الكتب وهو الذي شجعه على الترجمة (و تأسيس مدرسة الالسن)، وعالج علم الجغرافيا معالجة جديدة واهتم بالخرائط واستفاد من خبرة علماء الحملة واكب على عيون الكتب المهجورة وبسطها لطلابه وبدأ أول خطوة في (فن الفهرسة) بحيث يعود الطلاب الى المراجع القديمة بسهولة.
وكان خلية دائبة يدرس ويصنف المؤلفات ويشرح الكتب ودفع طلابه الى الخروج من التراكيب اللغوية العقيمة وتحرير الكتابة من قيود الصنعة التي شاعت في عصور الانحطاط ورغم طغيان محمد علي فقد كان يجله ويستشيره واطلق يده في النهضة العلمية ففتح الابواب للعلوم الحديثة وأشرف على انشاء المدارس المتعددة (ثم ولاه مشيخة الأزهر) سنة 1246 ه وجدد في الشعر العربي وفتح الطريق أمام شعراء النهضة (كالبارودي وشوقي وحافظ) وأراد الرحيل إلى مكة ولكن طلابه تعلقوا به وهددوا بترك الدراسة حتى رضخ لهم وبقي في مصر.
ومن مصنفاته: -حاشية العطار على الجواهر المنتظمات في عقود المقولات. -حاشية العطار على التهذيب للامام الخبيصي (شرح على تهذيب المنطق والكلام). -حاشية العطار على شرح ايساغوجي في المنطق (و كان من أهم الكتب). -حاشية العطار على شرح العصام على الرسالة العضدية. -حاشية العطار على كتاب نيل السعادات في علم المقولات. -حاشية العطار على جمع الجوامع في أصول الفقه. -رسالة في علم الكلام. -حاشية العطار على شرح الكتاب المسمى (بموصل الطلاب الى قواعد الاعراب). -حاشية علي العطار على جمع الجوامع في أصول الفقه. -حاشية في علم الكلام. -حاشية العطار على شرح. -حاشية على شرح الاجرودية (في النحو). -شرح السمرقندية في علم البيان. -منظومة العطار في علم النحو. -انشاء العطار في المراسلات. -ديوان العطار (و يجمع مئات القصائد). -مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس. - رسالة في كيفية العمل (بالاسطرلاب) وهو علم الرصد. - جمع وترتيب وشرح ديوان ابن سهل الاندلسي. - شرح كتاب الكامل للمبرد. - نبذة في علم الجراحة. - ولقى ربه سنة 1250ه. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر السبت 21 مايو 2016, 6:58 am | |
| الشيخ حسن بن درويش القويسني ولد (بقويسنا) ولم يعرف تاريخ مولده وان عرف تاريخ وفاته حيث مات سنة 1254ه وتميز عن سائر شيوخ الأزهر بانه كان كفيف البصر واشتهر بلقب (البرهان القويسني الشافعي) وكان مهيبا عند العلماء والأمراء ونافس الشيخ العطار في علمه وشعره ومال للتصوف وبلغ فيه منزلة سامية وكان يعتبر حجة في فقه الشافعي وكان عزيز النفس عازفا عن الدنيا حاول (محمد علي) كثيرا أن يتقرب اليه بالعطايا فكان يأبى وعابه أنه استغرق في الصوفية لدرجة الشطحات فكان اذا ما استغرق لا يدري بما حوله ويظل فيما يشبه الغيبوبة حتى يفيق.
وتخرج على يديه كبار العلماء (كالشيخ ابراهيم الباجوري) (و السيد مصطفى الذهبي) وكان من ألمع تلاميذه (رفاعة الطهطاوي) وتولى المشيخة سنة 1250 ه وحدثت جفوة بينه وبين (الشيخ الامير) وبلغت الجفوة أسماع الحاكم فاستدعى الحاكم (الشيخ الامير) وسأله عن الشيخ القويسني فقال (ليس بيننا إلا الخير) فأتى الى الشيخ القويسني فسمع منه نفس الاجابة (اتباعا للحفاظ على عروة الاسلام).
ومن مؤلفاته: 1 - شرح السلم المنورق لعبد الرحمن الاخضري. 2 - سند القويسني (جمع فيه أصح الأحاديث). 3 - رسالة في المواريث. *** الشيخ أحمد بن عبد الجواد السفطي ولد (بسفط العرفاء) من ضواحي مدينة (الفشن) بمحافظة بني سويف واشتهر (بالشيخ أحمد الصائم) ولم يعرف تاريخ مولده. وتلقى العلم على نخبة من العلماء فتلقى على (الشيخ السنباوي الشهير بالامير) والشيخ الدمهوجي وتولى مشيخة الأزهر سنة 1254.
وكان شاعرا موهوبا وسجل كثيرا من الاحداث في شعره واشتهر بالعفة والصلاح ولم يعثر على مؤلفاته اللهم الا اجازتين (الاولى للشيخ أحمد الجرجاوي) (و الثانية للشيخ حسنين الملط الحنفي)، لكن شهرته كفقيه طبقت الآفاق وكان دءوبا على دراسة أمهات الكتب بعيدا عن زخرف الدنيا. وتوفي سنة 1263 ه. ***
الشيخ إبراهيم بن محمد أحمد الباجوري ولد ببلدة (الباجور) بالمنوفية سنة 1198 ه وقدم الأزهر سنة 1212.
واجتهد في دراسته وتتلمذ على مشاهير عصره مثل (الشيخ الأمير) (و الشيخ الشرقاوي) (و الشيخ القويسني) (و الشيخ القلعاوي).
وكان يقضي النهار وجزءا من الليل في طلب العلم او التدريس ثم يقضي وقتا من الليل في ترتيل القرآن بصوت شجي يسعى لسماعه المئات.
تولى مشيخة الأزهر سنة 1263 ه وظل يدرس لطلابه مع مهام المشيخة وكان مهيبا يسعى (عباس الاول) لزيارته والجلوس للاستماع الى دروسه فلا يقوم له عند حضوره أو انصرافه وكان يقبل يده.
ثم مرض في عهد (سعيد باشا) فقام أربعة من العلماء بشئون المشيخة حتى مات سنة 1277 ه.
وقد تعرض في حياته لعدة احداث منها: -ثورة المغاربة لامور تتعلق بالجراية واساءوا الادب معه ولما علم عباس الأول أرسل الجند ونفاهم.
-و هرب كثير من الشباب من التجنيد وسعوا الى دروسه وطاردهم الجند لكنهم لم يجرؤا على اقتحام مجلسه ولما علم طرد هؤلاء الشباب وحثهم على الجندية وأنها خير من طلب العلم دفاعا عن الوطن.
-و حدث أن وقع نزاع بين فريق الشوام وفريق الصعايدة من طلبة العلم فأرسل الحاكم فرقة اعتدت على الصعايدة بدون تحقيق وانتهكوا حرمة المسجد فلما عاد سعيد باشا من الحج أخبره الشيخ فعزل الحاكم واعتذر لما وقع.
ومن مؤلفاته: 1 - مجموعة من الاجازات لتلاميذه النجباء. 2 - المسلسلات (تعرض فيه لعلم الاحاديث وتبويبها). 3 - حاشية على متن الجوهرة سماها تحفة المريد على جوهر التوحيد. 4 - حاشية على متن السنوسية المسماة أم البراهين. 5 - حاشية على تحقيق المقام على كفاية العوام. 6 - حاشية على شرح السعد للعقائد النسفية (للإمام النسفي). 7 - فنح القريب المجيد على شرح بداية المريد. 8 - منح الفتاح على ضوء المصباح في النطاح (فقه شافعي). 9 - تعليق على الكشاف (في تفسير القرآن الكريم). 10 - الدرر الحسان فيما يحصل به الاسلام والايمان. *** الشيخ مصطفى بن محمد بن أحمد بن موسى بن داود العروسي ولد في سنة 1213 ه ولي مشيخة الأزهر سنة 1281 ه كما وليها من قبل أبوه وجده فنشأ في بيت علم وأدب ومناخ أزهري اشتهر بحبه للنظام وترك التدريس وكان لا تأخذه في الحق لومة لائم، قوي الشخصية وتتبع البدع المعاصرة التي جرت في البلاد وأعاد الناس الى الدين الصحيح ومنع التسول وكان كثير من المتسولين يتخذون من ساحة الأزهر مجالا لحرفتهم.
ولم يسمح أن يقوم أحد بالتدريس الا بعد اجتياز امتحان من لجنة كان يرأسها بنفسه وان يكون ملما بكل علوم الدين واللغة مما أوغر صدور أدعياء التدريس فأوعزوا الى الحاكم فتعذر عزله بدون مقدمات في سنة 1287 ه.
ويقال ان (إسماعيل باشا) كان وراء العزل فقد خشى من شخصية الإمام الذي كان يندد بالظلم في خطبه ودروسه وخشى الخديوي أن يقود ثورة ضده بعد أن ارتفع صوت الشعب بالشكوى عند ما عرض البلاد للإفلاس ومكن الأجانب من السيطرة على تقاليد البلاد.
ومن مصنفانه: 1 - حاشية على شرح الشيخ زكريا الأنصاري للرسالة القشيرية (في التصوف). 2 - كشف الغمة وتفنيد معاني أدعية سيد الأمة. 3 - رسالة الاكتساب سماها (القول الفصل في مذهب ذوي الفضل). 4 - العقود الفرائد في بيان معاني العقائد. 5 - أحكام المفاكهات في أنواع الفنون المتفرقات. 6 - الأنوار البهية في بيان أحقية المذهب الشافعي. 7 - الفرائد المستحسنة فيما يتعلق بالبسملة والحمد له. 8 - الهداية بالولاية. *** الشيخ محمد المهدي العباس الحنفي ولد بالأسكندرية سنة 1243 ه.
وكان جده مسيحيا وأسلم على يد (الشيخ محمد الحفني) وهو صغير فضمه لاسرته وأقبل على حفظ القرآن ودراسة الإسلام ورشحه (الشيخ الشرقاوي) لمشيخة الإسلام، ولكن (محمد علي) آثر بها (الشيخ الشنواني).
وانجب ابنه (محمد الأمين) من خيرة العلماء الذي أنجب (الشيخ محمد المهدي) الذي كان ذكيا واعيا، فدرس على خيرة العلماء وأحبه (إبراهيم باشا) فأوكل إليه منصب (الافتاء) سنة 1264 ه وهو في نحو العشرين دليل تقديره ولكنها أثارت العلماء عليه لصغر سنه ثم تولى مشيخة الأزهر سنة 1287 ه.
واشتهر بالحزم وحب العلم وعدم ممالاة الحكام، وكانت فتاواه دليل ذلك وتصدي (العباس الأول) حينما أراد أن يصادر كل أملاك أسرة محمد علي بحجة أنه جاء الى مصر ولم يكن يملك شيئا، ويجب ان ترد هذه الأموال للدولة (و هي كلمة حق أريد بها باطل) وطلب من الشيخ المهدي ان يصدر فتوى بذلك فرفض فهدده بالعقاب الرادع ولكنه لم يلن وارتفع قدره عند الحاكم وعند العلماء لموقفه هذا ويعتبر أول (حنفي) يتولى مشيخة الأزهر إذ كانت وقفا على (الشافعيين).
وكان أول شيخ للأزهر يقوم بتنظيمات مالية وإدارية وأعاد للأزهر كل الأوقاف والمخصصات التي سلبت منه وكان موفقا في انفاق الأموال على مستحقيها وصمم على ألا يقوم بالتدريس في الأزهر إلا من تجيزه لجنة من العلماء فكان أول من سن (قانون تنظيم الامتحان) وجعل الامتحان في أحد عشر علما من علوم الدين واللغة وهي الأساس الآن للدراسة في الأزهر، وكان يحرص ان يشهد بنفسه الامتحان ويناقش الممتحن مما حفز الطلاب على استيعاب هذه العلوم فتخرج جيل عالم.
ولما قامت (الثورة العرابية) لم يتجاوب معها فطلب (عرابي) من الخديوي عزله فأجابه لطلبه سنة 1299 ه وتولى (الشيخ الأنبابي) مكانه.
وظل الشيخ المهدي على الافتاء فطلب منه قادة الثورة فتوى بعزل الخديوي فرفض لأنه رأى ان الذي يملك عزل الخديوي هو الخليفة العثماني فوضعه العرابيون تحت المراقبة ولما فشلت الثورة العرابية اعاده الخديوي الى المشيخة بجانب الافتاء حتى سنة 1304 ه عند ما علم الخديوي ان الشيخ يستقبل في بيته بعض من يتكلمون في السياسة ويظهرون سخطهم على الاحتلال البريطاني.
والتقى الشيخ بالخديوي فقابله مقابلة جافة فطلب اعفاءه من المنصب فقال الخديوي: (و من الافتاء ايضا) فقبل ذلك.
ويقال ان الخديوي حنق عليه لعدة فتاوي اضرت بمركز الخديوي وظل ملازما بيته حتى مات سنة 1315 ه.
ومن مؤلفاته: 1 - الفتاوي المهدية في الوقائع المصرية. 2 - رسالة في مسألة الحرام (على مذهب الحنفية). *** الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن حسين الأنبابي ولد بمدينة (انبابة) المعروفة الآن (بامبابه) بمحافظة الجيزة سنة 1240 ه وكان والده يعمل بالتجارة وله وكالة بالغورية.
لكن الولد مال للعلم فحفظ القرآن ودرس بالأزهر وتتلمذ على أيدي (الشيخ الباجوري)، الشيخ ابراهيم السقا)، (الشيخ البولاقي) ولفت الانظار إلى علمه وسعة مداركه فأجازه الأساتذة للتدريس الأزهر سنة 1267 وكان رجلا خيرا جوادا سمح النفس فانتخب أمينا للفتوى عن الشيخ العروسي ووكيلا عنه في إدارة الأزهر.
وكان اذا ما درس كتابا وضع حاشيته وشروحا وتعليقات افادت طلابه.
وتخرج على يديه علماء كبار (الشيخ حسونه النواوي) (و الشيخ الببلاوي)، (و الامام ابو الفضل الجيزاوي)، (و الشيخ الطويل)، (و الشيخ القاياتي).
ثم عين شيخا للأزهر سنة 1299 ه اثناء الثورة العرابية وكرمه السلطان العثماني، ولكنه استقال لما رأى من إقبال الخديوي توفيق على الشيخ المهدي (كما أشرنا) ثم صدر تعيينه ثانية سنة 1304 ه وظل إلى أن استقال سنة 1312 لاعتلال صحته ونال (النيشان المجيدي) (و النيشان العثماني) من الدرجة الأولى وتوفي سنة 1313 ه.
وكان جريئا في الحق ورغم طغيان (اللورد كرومر) فقد كان لا يقوم له وسأله (لماذا تقوم للخديوي ولا تقوم لنا) قال: (لأنه ولي الامر وأنت أجنبي عنا) فزاد (كرومر) احتراما له وكتب بهذه الاجابة لحكومته.
ومن مكارم الشيخ الانبابي انه افتى بجواز دراسة العلوم الحديثة وكان الشيوخ يحرمونها.
من مصنفاته: -مجموعة إجازات لتلاميذه الذين تأهلوا للتدريس. -تقرير الانبابي على حاشية الصبان. -رسالة في علم الوضع. -تقرير على مختصر السعد وحواشيه. -رسالة في بيان الربا وأقسامه. -فتاوي فقهية. مجموعة تقارير وحواشي على أهم المؤلفات القديمة. *** الشيخ حسونة بن عبد اللّه النواوي ولد بقرية (نواي) من أعمال ملوى محافظة أسيوط سنة 1255 ه وحفظ القرآن ووفد إلى الأزهر وحضر دروسه على العلماء الكبار (كالشيخ الأنبابي)، (و الشيخ البحري)، (و الشيخ الأسيوطي) وعمل استاذا بدار العلوم ومدرسة الحقوق ثم ألف كتابا هاما هو (سلم المسترشدين في أحكام الفقه والدين) أوضح فيه المشكلات الفقهية وتقرر تدريسه بكل المدارس ولما مرض الشيخ الانبابي انتدب للقيام بشئون الأزهر سنة 1311 ه وعين في لجنة خماسية كان من أعضائها (الشيخ محمد عبده)، (والشيخ سليمان العبد)، (و الشيخ أبو الفضل الجيزاوي) للبحث في إصلاح الأزهر سنة 1312 ه ثم عين شيخا للأزهر سنة 1313 ه ثم أخذ الافتاء أيضا سنة 1315 وانتخب عضوا في المجلس العالي بالمحكمة الشرعية إلى أن عزل من مشيخة الأزهر سنة 1317 ه وتولاها ابن عمه (الشيخ عبد الرحمن النواوي) لأنه عارض اصلاح المحاكم الشرعية.
وعرض على مجلس شورى القوانين اقتراح بندب الاهلية ليشاركا قضاة المحكمة الشرعية العليا في الحكم فوقف ضد هذا الاقتراح وأشيع أن الحكومة تريد هدم الشريعة وحاول الخديوي أن يقنع الشيخ بقبول هذا الاقتراح فرفض فتم عزله وبعد محاولة تعيين نحو ستة في منصب المشيخة لم يستقروا في المنصب، عاد الشيخ حسونة الى مشيخة الأزهر سنة 1324 لكنه آثر ترك المنصب بعد قليل لاختلال الاحوال واستقال سنة 1327 ه حتى لقى ربه سنة 1343 ه.
وفي عهده صدر قانون شامل باصلاح الأزهر نظمت بمقتضاه ادارته واجهزته وفي عهده أيضا تم جمع (مكتبات الأزهر والمساجد الاخرى) في مكتبة واحدة وساعده (الشيخ محمد عبده) في كل محاولات الاصلاح.
ومن مصنفاته: -غير كتاب (سلم المسترشدين) الذي سبقت الاشارة إليه. -قانون تنظيم الأزهر. ***
الشيخ عبد الرحمن القطب النواوي ابن عم الشيخ حسونه ومن بلدة (نواي) ولد سنة 1255 ه وتتلمذ على نفس الاساتذة وتخرج فشغل عدة مناصب هامة قضائية منها:
-أمانة فتوى مجلس الاحكام مساعدا للشيخ البقلي سنة 1280 ه.
-قضاء مديرية الجيزة سنة 1290 ثم قضاء الغربية سنة 1296. -ثم نقل الى المحكمة الشرعية بالقاهرة سنة 1306 ثم الى قضاء الاسكندرية.
-ثم تولى الافتاء بوزارة العدل سنة 313 ه.
-وأخيرا تولى مشيخة الأزهر سنة 1317 ه.
وانشغل بمهام هذه المناصب عن التأليف فلم يعثر له على مؤلفات. *** الشيخ سليم بن أبي فراج البشري ولد (بمحلة بشر) من قرى (شبراخيت) بمحافظة البحيرة 1248 ه.
وقدم القاهرة للدراسة في الأزهر ونزل على خاله، وكان يعمل بمسجد السيدة زينب فدرس القراءات وعلوم الدين واللغة ودرس فقه الامام مالك وتتلمذ على يد (الشيخ الباجوري) و (الشيخ عليش).
ولما مرض شيخه (الخنانى) أوكل إليه أن يقوم مكانه بالتدريس لما أنس فيه من علم وأقبل الطلاب على دروسه ونبغ في علوم كثيرة وكان يجد لكل مسألة حلا حتى قصده العلماء ثم عين شيخا لمسجد السيدة زينب فقرأ على الناس أمهات.
ثم عين شيخا للسادة المالكية وهو منصب كبير بالأزهر.
ووقع عليه الاختيار ضمن من قاموا بالإصلاح في الأزهر، ثم عين شيخا للأزهر سنة 1317 ه وكان معتزا برأيه فقد حدث أن ولى (الشيخ أحمد المنصوري) شيخا لأحد أروقة الأزهر وتدخلت الحكومة في هذا وأصر على رأيه فهدده بعزله فرحب بذلك وقدم استقالته.
ثم عين مرة ثانية سنة 1327 ه وظل الى أن مات سنة 1335 ه.
وواصل قيادة حركة الإصلاح وإلقاء الدروس والتصنيف العلمي.
وكان جريئا لما قدم استقالته أول مرة لم يترك درس العلم ولم يحاول أحد أن يزحزحه من مكانه وفي عهده طبق نظام امتحان الراغبين في التدريس بالأزهر، وكان أول من طالب بزيادة مقررات العلماء والطلاب ورخص يقبض مرتبه بنفسه أبدا، ولم يدر عنه شيئا وكان كثيرا ما يعطي لأصحاب الحاجات وعرف بالحزم الإداري.
وترك مصنفات عدة منها: 1 - حاشية تحفة الطلاب على شرح رسالة الآداب. 2 - حاشية على رسالة الشيخ عليش في التوحيد. 3 - المقامات السنية في الرد على القادح في البعثة النبوية. 4 - عقود الجمان في عقائد اهل الايمان. 5 - الاستئناس في بيان الاعلام وأسماء الاجناس. 6 - شرح نهج البردة لشوقي. *** الشيخ علي بن محمد الببلاوي ولد بقرية (ببلا) من أعمال ديروط بمحافظة أسيوط سنة 1251 ه وحفظ القرآن ثم وفد للأزهر ودرس فيه واختار حلقات خيرة الأساتذة (كالشيخ الانباني) (و الشيخ عليش) وكان صديقا حميما (للشيخ حسونة النواوي) وباشر التدريس بالمسجد الحسيني والجامع الأزهر وأقبل عليه الطلاب.
وسافر للحجاز سنة 1280 ه والتقى بمجموعة من كبار العلماء وناقشهم ثم عين بدار الكتب حتى رأسها سنة 1299 في وزارة محمود سامي البارودي فنظم الفهارس ونهض بها نهضة عظيمة ولما فشلت الثورة فصله الخديوي توفيق ولكنه ظل خطيبا للمسجد الحسيني ثم عين سنة 1311 شيخا لمسجد الحسين لنسبه الشريف ثم اختير نقيبا للاشراف سنة 1312 ه ثم عين شيخا للأزهر سنة 1320 ه.
ورغم اكرام الخديوي له الا انه لم يرض ان يقف ضد الشيخ محمد عبده ارضاء للخديوي ووافقه في كل مساعيه الاصلاحية ولكن الخديوي اضطهده فقدم استقالته سنة 1323 ه ومات في نفس السنة 1323 ه.
ومن مصنفاته: 1 - رسالة في فضائل ليلة النصف من شعبان. 2 - إجازة الى الشيخ محمد بن حامد المراغي المالكي. 3 - إعجاز القرآن وهو مجموعة مقالات. 4 - الأنوار الحسينية في شرح الحديث المسلسل يوم عاشوراء. ***
الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الشربيني حفظ القرآن وتلقى المذهب الشافعي على أساتذته وأحب التعميق في المصادر القديمة وأجيز للتدريس في الأزهر.
ولما انقسم العلماء فريقين (فريق يريد الإصلاح)، (و فريق يتمسك بالتقاليد الأزهرية) ويعارض التجديد انضم (الشيخ عبد الرحمن) إلى الفريق الثاني مما لفت نظر الحكام إليه وكانوا يتوجسون خيفة من الإصلاح ورأوا فيه رجلا صالحا عازفا عن الدنيا فعرضوا عليه مشيخة الأزهر مرارا لكنه كان يعتذر وكان الخديوي يطمع أن تطلق يديه بعد توليه الشيخ عبد الرحمن وكان يعمد إلى استئجار الأقلام لشن حملة ضد الإصلاح ودعاته مما دفع الشيخ محمد عبده إلى الاستقالة من منصبه سنة 1905 م وحاول الخديوي زحزحته عن (الافتاء) أيضا وعارض (كرومر) ذلك لأنه يخشى من آثار اضطهاد الشيخ محمد عبده من ناحية ولا يريد للخديو أن تطلق يديه من ناحية أخرى ولأن (كرومر) يريد جذب الطبقة المثقفة إليه.
وأخيرا قبل الشيخ الشربيني تولى منصب شيخ الأزهر سنة 1323 ه وشن حملة شديدة على حركة الإصلاح واضطهد كل من يتعاون فيها ولم يكن هدفه إلا الخوف من تهاون الطلبة في دراسة العلوم الدينية.
وحدث أن (الشيخ الظواهري) الذي تولى مشيخة الأزهر فيما بعد ألف كتابا أسماه (العلم والعلماء) ودعا إلى اصلاح الأزهر فقام (الشيخ الشربيني) بحرقه وجمع كل نسخه وكان يعزل كل من يثبت أن لديه نسخة منه مما جعل الخديوي يزداد تمسكا به واضطر (الشيخ محمد عبده) إلى مهاجمته في جريدة المقطم وتفنيد آرائه لكن الشيخ الشربيني رفض أن يكون العوبة في يد الخديوي واستقال من منصبه سنة 1324ه وأعيد الشيخ حسونة النواوي. ومات الشيخ الشربيني سنة 1326ه.
ومن مؤلفاته: -تقرير على حاشية البناني على شرح المحلي على جمع الجوامع للسبكى في أصول الفقه. -تقرير على حاشية ابن قاسم. -تقرير على حاشية عبد الحكيم. -فيض الفتاح على شرح المفتاح في البلاغة. *** الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي ولد (برواق الحضر) من أعمال مركز امبابة محافظة الجيزة سنة 1264 ه وحفظ القرآن الكريم والتحق بالأزهر ودرس القراءات وفقه الإمام مالك وتلقى علوم الدين واللغة على يد (الشيخ عليش)، (و الشيخ العدوي) (و وفي سنة 1313 عين عضوا في ادارة الأزهر في مدة (مشيخة الشيخ البشري) ثم وكيلا للأزهر سنة 1326ه.
وعين شيخا لمعهد الإسكندرية ومكث 8 سنوات وأخيرا عين شيخا للأزهر في سنة 1335ه وأضيفت اليه مشيخة السادة المالكية سنة 1336ه.
وعاصر أحداث 1919 وكان علما بارزا واستطاع أن يقود السفينة في غمار هذه العواصف حتى لقى ربه سنة 1346 ه.
وقد خطا بالأزهر خطوات نحو الاصلاح فقد أصدر قانون سنة 1923 م.
بمقتضاه انقضت مدة الدراسة في كل المراحل إلى 4 سنوات وانشىء (قسم التخصص) وكان رحمه اللّه واسع الاطلاع في العلوم الفقهية والفلسفية وتاريخ الإسلام.
ومن مصنفاته: 1 - إجازة للشيخ محمد بن محمد المراغي المالكي الجرجاوي. 2 - الطراز الحديث في فن مصطلح الحديث. 3 - تعليقات على شرح العضد. 4 - كتاب تحقيقات شريفة. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر السبت 21 مايو 2016, 11:44 pm | |
| الشيخ محمد بن مصطفى بن محمد المراغي ولد (بمراغة) من أعمال جرجا سنة 1881 م وكان والده عالما جليلا واسع الثقافة وظهرت نجابته فأرسله والده إلى الأزهر واتصل بالشيخ (محمد عبده) وتأثر بفكره وانتفع بمحاضراته في (البلاغة) (و التوحيد) (و التفسير).
بالقشور ونال العالمية سنة 1332 ه رغم أنه كان مريضا أثناء الإمتحان.
ولما طلبت حكومة السودان من الشيخ محمد عبده اختيار قضاة السودان رشح المراغي سنة 1904م فتولى قضاء الخرطوم ولم تنقطع صلته بأستاذه الذي لم ينسه حتى الممات وأكرم أرملته وهو شيخ للأزهر وفاء للإمام محمد عبده.
وفي سنة 1907 اختلف وقاضي القضاة في وجهة نظر فقدم استقالته وعاد إلى مصر ثم عين في نفس العام مفتشا للدروس الدينية بديوان عموم الأوقاف (وزارة الأوقاف) وواصل التدريس بالأزهر.
ثم صدر أمر من الخديوي بتعيينه قاضيا لقضاة السودان سنة 1908 ولما أرادت حكومة السودان تعديل لائحة المحاكم الشرعية تمسك بأن من سلطته أن يختار للقضاة الآراء الفقهية التي يحكمون بها وأبى السكرتير القضائي فاحتكما للحاكم فنصره على السكرتير القضائي.
ثم قامت ثورة 1919 وامتدت آثارها إلى السودان وحاول الانجليز قمعها في مصر بأساليب وحشية فأصدر الإمام المراغي نشرة ثائرة عنوانها (اكتتاب لمنكوبي الثورة بمصر) ووصف المآسي التي لحقت بمصر واستجاب السودانيون للنداء ولم يستطع الحاكم السوداني إيقاف هذه الثورة.
وكان معتزا بكرامته وحدث أن مر (جورج الخامس) بالسودان وطلب من الموظفين أن يكونوا بانتظاره على ألا يصعد إلى الباخرة إلا الحاكم العام وأصر المراغي أن يصعد إلى الباخرة قبل الحاكم العام وإلا فلن يستقبله وتم له ما أراد.
وحدث أن الخديوي عباس الثاني ذهب للصلاة في المسجد فرأى الإمام أعمى فغضب وسأل الشيخ المراغي فقال (إن الإسلام لا يفرق ما بين البصير والأعمى) وكان الشيخ الأعمى هو (الشيخ يوسف الدجوي) فاعتبرها الخديوي إهانة.
وتولى كرئيس للتفتيش بوزارة العدل سنة 1919 ثم رئيسا لمحكمة مصر الكلية الشرعية سنة 1920 فرئيسا للمحكمة الشرعية العليا سنة 1923.
وأمر بإجراء إصلاحات هامة حيث شكل لجنة لتنظيم الأحوال الشخصية ووجه اللجنة إلى عدم التقيد بمذهب الإمام أبي حنيفة.
وأصدر عام 1920 قانون الأحوال الشخصية وعدل (قانون الطلاق) ونادى بفتح باب الاجتهاد ودعا إلى (توحيد المذاهب).
وحدث أنه كان ينظر قضية كبيرة تتعلق بملايين الجنيهات ولوح له أصحابها بآلاف الجنيهات إن حكم لصالحهم ورفض فألقوا عليه ماء نار فأصاب عنقه ووصف المجرم وقبض عليه ونال العقاب.
ومن المحن التي تعرض لها أن (الملك فاروق) لما طلق زوجته (الملكة فريدة) أراد أن يحرم عليها الزواج بعده ورفض الإمام المراغي أن يصدر فتوى بذلك.
وذهب الملك إليه وكان يعالج في مستشفى المواساة فقال كلمته المشهورة: (فأما الطلاق فلا أرضاه وأما التحريم فلا أملكه) ولما غلظ عليه فاروق صاح الشيخ (إن المراغي لا يستطيع أن يحرم ما أحل اللّه) وفي سنة 1928م تولى مشيخة الأزهر وقام بأعمال جليلة.
ونادى بالعناية بحفظ القرآن والاهتمام بدراسة علومه ودراسة السنة وحرص على منع التعصب لمذهب، ودعا إلى دراسة الأديان الأخرى والمقارنة بينها.
وكان من الداعين ألا تجر البلاد إلى الحرب بين الحلفاء والمحور (فإنها حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل) ولما احتد عليه رئيس الوزراء خوفا من غضب انجلترا صاح به (أتهددني وأنا شيخ الأزهر).
(إن شيخ الأزهر أقوى بنفوذه من رئيس الوزراء) (ولو شئت لارتقيت المنبر وأثرت عليك الجماهير حتى تجد نفسك معزولاً عن الشعب.
وكتبت عنه (التايمز البريطانية) (أن هذا الرجل أخطر على بلادنا وحياتنا من ويلات الحرب).
وكان صديقا لمحمد محمود باشا وقد سأله السفير البريطاني يوما (من سيفوز في الانتخابات) قال: (الوفد) فعجب وقال: (إني أعلم أنك صديق لمحمد باشا محمود) فقال: (إن الصداقة لا تدفعني للكذب والنفاق) ومات عام 1945.
ومن مؤلفاته: 1 - الأولياء والمحجورون (نال بها عضوية هيئة كبار العلماء). 2 - تفسير جزء تبارك (وتكملة لتفسير جزء عم للشيخ محمد عبده). 3 - بحث في وجوب ترجمة القرآن الكريم. 4 - رسالة الزمالة الإنسانية. 5 - بحوث في التشريع الإسلامي وأسانيد قانون الزواج. 6 - مباحث لغوية بلاغية. 7 - الدروس الدينية (مجموعة دروس وتفسير لآيات وسور قصار). - وكتب مقالات عدة في كثير من الصحف والمجلات. *** الشيخ محمد الأحمدي إبراهيم الظواهري ولد بقرية (كفر الظواهري) بمحافظة الشرقية سنة 1887م وكان أبوه من خيرة علماء الأزهر المتصوفين وكان ذا بركات وذاعت شهرته كما كان زميلا (للشيخ محمد عبده).
ورغم صداقتهما فقد كان الشيخ محمد عبده يؤمن بالعقل والفكر ولا يميل لما يجري عليه أهل التصوف وكان يوصى بدراسة (كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي) الذي ينقى الدين.
وأعجب الابن بالشيخ محمد عبده ولكنه لم يتخل عن تقاليد الأسرة الصوفية واحترام الأولياء وقرأ كتاب (حكم ابن عطاء اللّه السكندري) وتأثر بهذه الحكم فزكت نفسه.
وكانت لجنة الإمتحان لنيل العالمية على رأسها (الشيخ محمد عبده) فأعجب بعلمه وهنأه وأوصاه بعدة وصايا ليظل على تفوقه.
ولما تم إنشاء المعهد الأحمدي حشد له خيرة العلماء فاختير الشيخ الظواهري فلفت الأنظار واتسعت حلقته وكان إلى جانب التدريس يباشر معهم الصوفية على نهج (الطريقة الشاذلية).
ولما ألف كتاب (العلم والعلماء) ودعا فيه للإصلاح وجد معارضته من (الشيخ الشربيني) الذي أوصى بحرقه (كما سبق وأن أشرنا).
ثم عين شيخا للمعهد الأحمدي سنة 1914م وأنشأ عدة جمعيات للنهوض بالدعوة والخطابة واللغة والرحلات وأصدر مجلة (مجلة معهد طنطا) وألف لجنة لمراقبة سلوك الطلاب خارج المعهد ولجنة للفت أنظار الزائرين إلى البعد عن البدع والتمسح بالضريح، ونظم مكتبة الجامع الأحمدي وحشد فيها عيون الكتب وكان صديقا (للسلطان حسين) فلما تولى الحكم عينه عضوا بالمجلس الأعلى للأزهر.
ثم شكلت لجان للنظر في أمر الخلافة الإسلامية ودعى إلى مؤتمر بالقاهرة وارتابت الدول الإسلامية وظنت أن مصر تريد أن تكون لها الخلافة وعقد المؤتمر سنة 1926 ولكنه انفض دون أن يؤدي لشىء.
وفي سنة 1925م تجددت الدعوة للنهوض بالأزهر وكان له دور بارز.
وفي سنة 1926 رأس وفد مصر لزيارة السعودية وحضور المؤتمر الإسلامي الذي دعا إليه الملك عبد العزيز، واستطاع الشيخ الظواهري في هذا المؤتمر أن يوفق بين أعضاء الوفود فيما يتعلق بحرية المذاهب المؤتمر انتزع الشيخ الظواهري قرارا أعلن فيه (وحدة مصر والسودان) ولما علم عبد الخالق ثروت بذلك قال (لم أكن أعلم أن الأزهر يخرج سفراء في السياسة).
وتولى مشيخة الأزهر سنة 1929م وسار على منهجه الذي أوضحه في كتابه (العلم والعلماء) وكان متأثرا بفلسفة الشيخ محمد عبده والإمام المراغي في السير نحو الإصلاح الديني وخطا خطوة عظيمة في اصدار القانون سنة 1930م وبمقتضاه.
انشاء كلية الشريعة لتخريج علماء يتولون الافتاء والقضاء الشرعي.
إنشاء كلية لأصول الدين لتخريج مدرسي الدين في الأزهر والمعاهد الدينية وكلية اللغة العربية لتخريج مدرسين للغة العربية.
كما اهتم بالدراسات العليا فأنشأ (تخصص الدعوة والإرشاد) (تخصص المادة للتدريس).
وأصدر (مجلة الأزهر) التي كانت تعرف قديما (بنور الإسلام) لتعبر عن الأزهر وتنشر الثقافة الدينية (و هي الآن تصدر بالعربية والانجليزية).
وكان رحمه اللّه متواضعا.. لما ناداه العلماء (بالإمام الأكبر) قال (ما أنا إلا واحد من المشايخ) وقرأ (إن أكرمكم عند اللّه أتقاكم).
ومن مؤلفاته: 1 - العلم والعلماء (سبقت الإشارة إليه). 2 - رسالة الأخلاق الكبرى. 3 - خواص المعقولات في أول المنطق وسائر العقليات. 5 - الوصايا والآداب. 6 - صفوة الأساليب. 7 - حكم الحكماء. 8 - براءة الإسلام من أوهام العوام. 9 - مقادير الأخلاق. *** الشيخ مصطفى بن أحمد بن محمد بن عبد الرزاق ولد سنة 1885م (أبي جرج) تابعة لبني مزار بمحافظة المنيا من أسرة عريقة في الجاه والعلم والثراء وكان جده صديقا (لسعيد باشا) وصحبه إلى (استانبول).
وأبوه كان رفيقا للشيخ محمد عبده واشترك معه في انشاء (الجمعية الخيرية الإسلامية) وحفظ القرآن وشغف بالعلم وأحب الصحافة من صغره فأنشأ مع أخواته وأقاربه صحيفة كان يطبعها (بالبالوظة) وأنشأ جمعية (غرس الفضائل) سنة 1900.
ثم نشرت له الصحف العامة مقالات وبحوثا وقصائد وتأثر بفكر الشيخ محمد عبده.
ولما مات الإمام اتفق مع تلاميذه على أن يواصلوا سياسته الإصلاحية وألفوا (الجمعية الأزهرية) ورأسها ونال العالمية سنة 1908 وأنتدب للتدريس بمدرسة القضاء الشرعي واشترك في (جمعية تضامن العلماء) التي تطالب بالاصلاح وغضب الخديوي وأوعز إلى مدرسي مدرسة القضاء أن يستقيلوا منها فاستقال الشيخ مصطفى من المدرسة وظل بالجمعية وسافر إلى باريس سنة 1909 وصحبه (أحمد لطفي السيد) حيث درس بالسربون تاريخ الفلسفة وترجم كتاب (العقيدة الإسلامية) للشيخ محمد عبده إلى الفرنسية وعاد سنة 1914.
في عام سنة 1915 عين موظفا في مجلس الأزهر الأعلى وكان (السلطان حسين) معجبا بعلمه وأدبه وحسن لغته وترجم لبنت السلطان العثماني كتابا بالفرنسية إلى العربية (طيف خيال ملكي).
في سنة 1916 عين سكرتيرا لمجلس الأزهر الأعلى واستطاع أن يتعرف على كبار العلماء وأصبح بيته ندوة يومية يؤمها الأدباء والشعراء.
وفي سنة 1917 أنشأ رجل سويدي ما سمى (بجامعة الشعب) وألقى فيها الشيخ مصطفى عدة محاضرات ثم انضم إلى حزب (الأحرار الدستوريين) ثم صدر قرار بتعيينه مفتشا بالمحاكم الشرعية سنة 1920م.
وفي سنة 1927 نقل أستاذا مساعدا في الجامعة ولما خلا كرسي الفلسفة شغله عن جدارة وأعطى طلابه علما متجددا متفتحا ثم أختير وزيرا للأوقاف سنة 1938م.
كما عين عضوا بالمجمع اللغوي سنة 1940 ونال رتبة الباشوية سنة 1941.
وشغل منصب وزير الأوقاف (سبع مرات) وهو ما لم يحدث لأحد وكان أول أزهري يتولى هذا المنصب.
وصدر قانون خاص له ليتولى مشيخة الأزهر سنة 1945 ومات سنة 1947.
وكان الشيخ مصطفى عبد الرازق أول من وضع مصنفا في العلوم الدينية على منهج علمي بتصنيفه (أصول الفقه).
وكان متعدد المواهب يكتب في الفقه الحديث والتفسير والفلسفة والاجتماع وكان شاعرا مبدعا وصحفيا بارزا.
ومن مصنفاته: 1 - ترجمة فرنسية لرسالة التوحيد للشيخ محمد عبده. 2 - رسائل موجزة بالفرنسية عن الأثرى الكبير بهجت بك. 3 - رسائل موجزة بالفرنسية عن معنى الإسلام ومعنى الدين. 4 - التمهيد لتاريخ الفلسفة. 5 - فيلسوف العرب والمعلم الشافي. 6 - الدين والوحي في الإسلام. 7 - الإمام الشافعي. 8 - الإمام الشيخ محمد عبده. 9 - مذكرات مسافر ومذكرات مقيم. 10 - بحث في دراسة حياة البهاء زهير وشعره. 11 - من آثار مصطفى عبد الرازق (مجموعة مقالات وأحاديث). 12 - مؤلف كبير في المنطق. 13 - مؤلف كبير في التصوف. 14 - فصول في الأدب. 15 - مذكراته اليومية. *** الشيخ محمد مأمون الشناوي ولد في (الزرقا) بمحافظة الدقهلية سنة 1878م وحفظ القرآن ثم رحل الى الأزهر وعاش مع أخيه (سيد الشناوي) الذي سبقه للدراسة.
وضاق في بادىء الأمر بالمتون والحواشي وأراد أن يعود لقريته ويعيش فلاحا ولكن والده خفف عنه حتى عاد وانتظم وظهر نبوغه وأصبح موضع إعجاب شيوخه.
واتصل (بالإمام الشيخ محمد عبده) وتأثر بفكره.
وقد ضايقه العلماء عند امتحان العالمية لأنه اتهم بقرض الشعر وهي تهمة شنيعة في ذلك الوقت ولكنه اجتازها بفضل توجيهات (الشيخ أبو الفضل الجيزاوي) سنة 1906.
عضوية كبار العلماء وفي سنة 1944 عين وكيلا للأزهر وتولى منصب (رئاسة لجنة الفتوى).
ثم تولى المشيخة سنة 1948 واستقبل من رجال الأزهر بفرحة غامرة لما يعلمونه من صلاحه وتقواه وعلمه.
وبدأ نشاطا واسعا ليخرج الأزهر من المحلية الى العالمية وعمل على تقوية الصلات مع العالم الإسلامي وأوفد البعوث الإسلامية.
كما أرسل نوابغ العلماء في بعثة إلى انجلترا لاجادة اللغة ثم كلفوا بنشر الدعوة في العالم الإسلامي.
وحرص ألا تخلوا عاصمة من معهد ديني. وسعى جاهدا حتى صدر (قانون تحريم البغاء) في مصر الذي كان سبة ومات سنة 1950م.
كان رحمه اللّه ذا موهبة فذة وشاعرية أصيلة وكانت فيه نزعة صوفية سامية وأسهم في الحركة الوطنية 1919 بقلمه ولسانه وكان ينتقل بين المساجد والكنائس ويكتب في الصحف.
وشغلته الأحداث ومهام المناصب عن التأليف وإن كانت له مقالات متعددة جمعها تلميذه (الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي) في كتابه (الاسلام ومبادئه الخالدة). *** الشيخ عبد المجيد سليم ولد في قرية (ميت شهالة) من أحياء مدينة (الشهداء) منوفية سنة 1882م.
وحفظ القرآن ثم درس في الأزهر فنبغ في الفلسفة حتى لقب (بابن سينا).
وحضر دروس خيرة العلماء وعلى رأسهم (الشيخ محمد عبده) الذي أساليب الجدل والقياس ودرس الفقه على فقيه عصره (الشيخ أبو خطوة).
نال شهادة العالمية سنة 1908 واشتغل بالتدريس بالمعاهد ثم بمدرسة القضاء الشرعي وعمق فكره وآراء الأئمة واهتم بالتقريب بين المذاهب الاسلامية.
وعمل بالافتاء وترك تراثا رائعا لفتاوى غاية في الجرأة والأصالة.
وتولى مشيخة الأزهر سنة 1950م ولما ضغطت الحكومة ميزانية الأزهر ثار ثورة عارمة وقال عبارته المشهورة (قصد هنا وإسراف هناك) وأعفي من المشيخة عام 1951 ثم عاد إليها عام 1952 ثم استقال وحاول (الوزير فتحي رضوان) في وزارة الثورة ان يثنيه فرفض.
كان فقيها دارسا لآراء الأئمة واسع الأطلاع ولما تألفت لجنة الإصلاح في قوانين الأحوال الشخصية انتفعت بفكره وآرائه ولما أدلى (اللواء محمد نجيب) رئيس الجمهورية وقتئذ بحديث صحفي يرضي أنصار المرأة اتصل به وحمله على تكذيب الحديث وعمل جاهدا على النهوض بالأزهر ورسالته عالميا ووجه العلماء إلى وضع مؤلفات باللغات المختلفة لنشر الاسلام ورد مزاعم المستشرقين ودعا إلى ترجمة القرآن إلى اللغات الحية.
وكتب عنه كبار العلماء والأدباء والمفكرين يثنون على علمه وجرأته.
ولم يترك الشيخ عبد المجيد سليم ثروة علمية إلا فتاواه ومقالاته، وانتقل الى ربه في سنة 1954م. *** الشيخ إبراهيم حمروش ولد في قرية (الخوالد) التابعة لمركز (إيتاي البارود) بحيرة سنة 1880م.
درس على أيدي كبار العلماء (الفقه على الشيخ أبو خطوة) (و النحو على الشيخ الصالحي المالكي)، وأخذ (أسرار البلاغة عن الشيخ محمد عبده).
وأقبل على دراسته الرياضية وتفوق فيها ونال العالمية سنة 1906م.
وكان (الشيخ إبراهيم الشربيني) حريصا على إنشاء جيل قوي متعمق فكان يباغت اللجان وأعجب بهذا الشاب وظل يحاوره حتى شهد له بالكفاية.
وعمل بمدرسة القضاء الشرعي سنة 1908م ثم عين قاضيا فشيخا لمعهد أسيوط ثم مفتشا بالمعاهد الدينية سنة 1929 ونال عضوية كبار العلماء سنة 1934 بعد أن عين شيخا لكلية اللغة في سنة 1931 ثم عين شيخا لكلية الشريعة سنة 1949.
وفي سنة 1951 عين شيخا للأزهر فدعا إلى الجهاد ومقاومة المحتل.
ولما حاصر الانجليز الشرطة بالاسماعيلية حرض الطلاب واستثار الرأي العام العالمي لتحمل تبعاته هذه في مواجهة هذه المآسي ولكن الملك أعفاه من منصبه سنة 1952 قبل قيام الثورة بقليل.
وقد عارض فضيلته كتابة المصحف بالطريقة الاملائية مخافة تحريفه ومات سنة 1960م.
ومن مؤلفاته: 1 - عوامل نمو اللغة (ونال به عضوية كبار العلماء). 2 - فصول عديدة ودراسات قيمة. 3 - وله مقالات وأبحاث عديدة نشرتها الصحف. *** الشيخ محمد الخضر حسين الجزائر وتنتمي إلى أسرة (الأدراسة) التي كونت دولة بالمغرب. حفظ القرآن والتحق بجامع الزيتونة سنة 1889م وهو يشبه (الجامع الأزهر) ونال شهادة العالمية سنة 1317ه وفي سنة 1324ه ولي قضاء بنزرت ومنطقتها والتدريس والخطابة بجامعها وعاد إلى جامع الزيتونة حيث نظم كتبه واشترك في تأسيس (الجمعية الزيتونية).
وكان شاعرا مجيدا نظم روائع القصائد وندد بالاستعمار الفرنسي.
ولما قامت الحرب بين الطليان والعثمانيين رحل إلى الجزائر وألقى بها دروسه العظيمة.
ثم أكرهه الاستعمار على أن يرحل إلى (مصر ودمشق ومكة) وفي مصر تعرف (بالشيخ رشيد رضا) ووصل إلى دمشق فعين مدرسا للغة العربية في المدرسة السلطانية سنة 1912 ثم سافر إلى الآستانة وأمضى فيها وقتا ولكنه هجرها ورحل.
ورحل إلى (برلين) سنة 1332ه وأجاد الألمانية ثم عاد إلى الآستانة وضاق بها فرحل إلى دمشق فأعتقله حاكمها سنة 1334 ونال ألوان العذاب ورحل إلى ألمانيا فالتقى بزعماء الحركة الإسلامية من أمثال (الدكتور عبد الحميد سعيد، وعبد العزيز جاويش) وهكذا لا يستقر به الحال في بلد حتى يرحل إلى آخر إلى ان استقر في مصر سنة 1339 وألف رسالته القيمة (الخيال في الشعر العربي) ثم تجنس بالجنسية المصرية ونال شهادة العالمية.
ثم أسس جمعية (تعاون جاليات أفريقيا الشمالية) وكان دائب الحركة يحاضر ويسطر المقالات ويكتب البحوث.
وفي سنة 1344ه ظهر كتاب (أصول الحكم) للشيخ علي عبد الرازق وأحدث ثورة وتصدى له (الشيخ الخضر) ونقده نقدا شديدا وفند آراءه عليه وأرجع آراءه إلى أساتذته المستشرقين ثم تولى رئاسة تحرير مجلة الأزهر سنة 1349ه وعين أستاذا بكلية أصول الدين فأفاد طلابه وجمع مجموعة رسائل في كتاب أسماه (رسائل الإصلاح).
واشترك في كثير من لجان المجمع اللغوي وفي سنة 1370ه نال عضوية جماعة كبار العلماء برسالته (القياس في اللغة العربية).
وتولى مشيخة الأزهر سنة 1371ه ولكنه استقال لعدة أسباب سنة 1373ه ولقى ربه سنة 1377ه سنة 1958م.
ومن مؤلفاته: 1 - رسائل الإصلاح (في ثلاثة مجلدات) أبرز فيها مناهج الدعوة الإسلامية. 2 - الخيال في الشعر الغربي. 3 - القياس في اللغة العربية. 4 - ديوان شعر (خواطر الحياة). 5 - نقض كتاب (الإسلام وأصول الحكم). 6 - نقض كتاب (في الشعر الجاهلي). 7 - آداب الحرب في الإسلام. 8 - أبحاث ومقالات عديدة نشرتها مجلة الأزهر ولواء الإسلام والهداية الإسلامية. 9 - تعليقات على كتاب الموافقات للشاطبي. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر السبت 21 مايو 2016, 11:57 pm | |
| الشيخ عبد الرحمن تاج ولد بأسيوط سنة 1896م فحفظ القرآن وانتقلت أسرته إلى الإسكندرية فدخل المعهد الديني ونال شهادة العالمية سنة 1923.
1926 وعين مدرسا في معهد أسيوط الديني ثم نقل إلى معهد القاهرة وفي سنة 1933 عين مدرسا بقسم تخصص القضاء.
وفي سنة 1935 عين عضوا بلجنة الفتوى للمذهب الحنفي.
وفي سنة 1936 وقع الاختيار عليه ليكون عضوا في بعثة الأزهر فرحل إلى السربون ورغم قيام الحرب فقد واصل الدراسة في ظروف قاسية ونال الدكتوراه عن بحثه القيم (البابية والإسلام) والبابية أساس البهائية.
وعاد من باريس سنة 1943 وعين مدرسا بكلية الشريعة ثم مفتشا للعلوم الدينية ثم عين شيخا للقسم العام والبحوث الإسلامية بالأزهر.
ونال عضوية كبار العلماء سنة 1951 ببحثه القيم (السياسة الشرعية).
ثم أختير أستاذا للشريعة الإسلامية بكلية الحقوق وعضوا في لجنة الدستور ثم عين شيخا للأزهر سنة 1954.
ومن أهم أعماله أنه قرر تدريس اللغات بالأزهر وعنى بالإصلاحات الإدارية وفي عهده سعى لبناء مدينة البعوث الإسلامية لسكنى طلاب العالم الإسلامي بدل الأروقة وكان أول من أدخل التربية العسكرية في الأزهر.
وعين عام 1958 وزيرا في اتحاد الدول العربية.
وواصل الكتابة في الصحف وأصدر عدة بحوث هامة في تفسير القرآن الكريم وطاف بكثير من بلاد العالم الإسلامي.
وتوفي سنة 1975م.
ومن مصنفاته: 1 - البابية وعلاقتها بالإسلام بالفرنسية. 2 - السياسة الشرعية (في الفقه الإسلامي). 3 - الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية. 4 - مذكرة في الفقه المقارن. 5 - تاريخ التشريع الإسلامي. 6 - مناسك الحج وحكمها. 7 - الاسراء والمعراج. 8 - حكم الربا في الشريعة الإسلامية. 9 - شركات التأمين من وجهة النظر الإسلامية. 10 - بحوث في اللغة العربية متعددة. 11 - من الدراسات اللغوية في بعض الآيات القرآنية. 12 - بحوث في بعض الآيات القرآنية من الناحية العلمية. *** الشيخ محمود شلتوت ولد في (مدينة منصور) من أعمال مركز أيتاي البارود بحيرة سنة 1893 وحفظ القرآن ودخل معهد الإسكندرية والتحق بالكليات الأزهرية ونال العالمية سنة 1918م ثم عين مدرسا بمعهد الإسكندرية سنة 1919م وشارك في أعمال الثورة بقلمه ولسانه وجرأته ثم نقله الإمام المراغي مدرسا بالقسم العالي لعلمه الغزير وناصر حركة الإصلاح في الأزهر وفصل من منصبه فاشتغل بالمحاماة ثم عاد للأزهر سنة 1935م.
ثم اختير عضوا في الوفد الذي حضر (مؤتمر لاهاي) للقانون الدولي المقارن سنة 1937 وألقى بحثا قيما تحت عنوان (المسئولية المدنية والجنائية في الشريعة الإسلامية) ونال البحث استحسان أعضاء المؤتمر فأقروا صلاحية الشريعة الإسلامية للتطور واعتبروها مصدرا من مصادر التشريع الحديث وأنها أصيلة وليست مقتبسة من غيرها من الشرائع الوضعية ولا متأثرة بها وقرر المؤتمر أيضا اعتبار (اللغة العربية) لغة رسمية من لغات المؤتمر وأن يدعى في المؤتمر القادم أكبر عدد من علماء الشريعة الإسلامية.
وبهذا البحث نال (عضوية جماعة كبار العلماء).
ونادى بتكوين مكتب علمي للرد على مفتريات أعداء الإسلام وتنقية كتب الدين من البدع والضلالات وكانت مقدمة لإنشاء مجمع البحوث الإسلامية.
وفي سنة 1946 عين عضوا في مجمع اللغة العربية وانتدبته الجامعة لتدريس فقه القرآن والسنة لطلبة دبلوم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق.
وفي سنة 1950 عين مراقبا عاما لمراقبة البحوث الإسلامية فوثق الصلات بالعالم الإسلامي.
وفي سنة 1957 اختير سكرتيرا عاما للمؤتمر الإسلامي ثم عين وكيلا للأزهر.
وفي سنة 1958 صدر قرار بتعيينه شيخا للأزهر.
وقد سعى جاهدا إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية.
ورحل إلى كثير من بلاد العالم الإسلامي ولاقى كل إجلال.
وسعى جاهدا للإصلاح بالأزهر وصدر القانون في سنة 1961.
ودخلت العلوم الحديثة للأزهر وانشئت كليات متعددة وارتفعت مكانة شيخ الأزهر ووجد كل إجلال وتقدير من القادة.
وترك الشيخ مؤلفات عدة منها: 1 - فقه القرآن والسنة. 2 - مقارنة المذاهب. 3 - يسألونك (و هي إجابات عن أسئلة في شتى الموضوعات). 4 - منهج القرآن في بناء المجتمع. 5 - المسئولية المدنية والجنائية في الشريعة الإسلامية. 6 - القرآن والقتال. 7 - القرآن والمرأة. 8 - تنظيم العلاقات الدولية في الإسلام. 9 - الإسلام والوجود الدولي للمسلمين. 10 - تنظيم النسل. 11 - رسالة الأزهر. 12 - إلى القرآن الكريم. 13 - الإسلام عقيدة وشريعة. 14 - من توجيهات الإسلام. 15 - الفتاوي. 16 - تفسير القرآن الكريم (العشرة أجزاء الأولى). وتوفى رحمه اللّه سنة 1383 ه. *** الشيخ حسن مصطفى ولد بالقاهرة في سنة 1894 وكان والده شيخا لمسجد الفتح بقصر عابدين الذي يصلي فيه الملك وحفظ القرآن الكريم واتجه إلى المعهد الديني ثم مدرسة القضاء الشرعي وتخرج سنة 1918 وأتقن اللغة الفرنسية.
في سنة 1919 عين موظفا قضائيا بمحكمة الزقازيق الشرعية ثم انتقل لمحكمة القاهرة الشرعية سنة 1920 ورقى بعد ذلك إلى قاض وتنقل بين عدة محاكم إلى أن ارتقى إلى منصب قاض عام سنة 1939 ثم صدر مرسوم ملكي بتعيينه قاضيا لقضاة السودان سنة 1941.
وكانت له مواقف وطنية أغضبت الانجليز ثم تمت ترقيته إلى عضو بالمحكمة الشرعية العليا سنة 1947 ثم عين مفتيا سنة 1955 ثم عين شيخا للأزهر سنة 1964.
وظل حريصا على إلقاء دروسه على طلاب قسم التخصص بكلية الشريعة.
وكان عالما فقيها وقاضيا نزيها.
وأشرف على إصدار الموسوعة الفقهية الكبرى وكتب بعض موادها.
ومات سنة 1973م.
وقد وقف من الإستعمار مواقف كريمة فناهضه في السودان وقاوم قيام دولة إسرائيل وشارك في مقاومة الاحتلال وناشد (الملك السنوسي) ألا يسمح بأقامة قواعد استعمارية عسكرية على أرضه لأنها خنجر مصوب لمصر ولما دبرت إسرائيل حرق المسجد الأقصى وجه الإمام نداء لكل المسلمين يدعو فيه للجهاد. وأصدر مجموعة من الفتاوي القيمة نقى بها الإسلام من البدع والخرافات.
ومن مصنفاته: 1 - الفتاوي. 2 - دراسات وأبحاث فقهية متنوعة نشرها أو راجعها. 3 - السيرة العطرة. 4 - الجهاد في الإسلام. 5 - تفسير لقصار السور. ***
الشيخ محمد محمد الفحام ولد في (رمل الإسكندرية) في سنة 1894 وحفظ القرآن والتحق بمعهد الإسكندرية الديني وولع إلى جانب العلوم الدينية بالعلوم الأخرى (علم المنطق وعلم الجغرافيا) ثم نال العالمية في سنة 1922 ومن العجيب أنه تفوق في الرياضيات لدرجة أنه اشتغل مدرسا للرياضيات إلى جانب العلوم الدينية.
وفي سنة 1935 نقل إلى كلية الشريعة لتدريس المنطق.
وفي سنة 1936 رحل إلى فرنسا ومعه زوجته وأبناؤه في بعثة تعليمية ولكن الحرب شبت ولم يستطع العودة وعانى ويلات الحرب ومطالب الدراسة ونال دبلوم مدرسة اللغات الشرقية الحية في الأدب العربي سنة 1941.
ونال شهادة الدكتوراه من السربون وكان موضوع الرسالة (إعداد معجم عربي فرنسي للمصطلحات العربية في علمي النحو والصرف) ونال تقدير الأساتذة المستشرقين وعاد من فرنسا وعمل مدرسا بكلية الشريعة ثم نقل إلى كلية اللغة العربية للأدب المقارن وللنحو والصرف.
واشترك سنة 1947 في لجنة المؤتمر الثقافي العربي الأول المنعقد في بيت مرعي في لبنان أجاد جميع اللهجات السورية واللبنانية ثم زار نيجيريا سنة 1951 وهي أكبر دولة إسلامية وأمضى فيها خمسة أشهر وقابل علماءها ثم سنة 1952 زار الباكستان ثم صدر تعيينه عميدا لكلية اللغة العربية سنة 1959 واشترك في وضع منهج تدريس اللغة العربية في باكستان.
ثم سافر إلى موريتانيا سنة 1963 لدراسة أحوال المسلمين هناك.
وشارك في المؤتمر الإسلامي التمهيدي في باندونج سنة 1964.
وفي سنة 1967 زار الجزائر وليبيا وإسبانيا وفي سنة 1971 زار إيران.
وقد نصب شيخا للأزهر في سنة 1969م.
وفي سنة 1972 عين عضوا في مجمع اللغة العربية ثم أعفى من منصب المشيخة لاعتلال صحته سنة 1973.
ومن مؤلفاته: 1 - رسالة الموجهات في المنطق (ألفها وهو طالب). 2 - سيبويه وآراؤه. 3 - مقالات عديدة في مجلة المعرفة. 4 - المسلمون واسترداد بيت المقدس. 5 - محاضرات ألقاها في معهد الدراسات العليا للشرطة. *** الشيخ عبد الحليم محمود ولد في مدينة (أبو حمد) تابعة لبلبيس شرقية سنة 1910.
نشأ في أسرة متدينة مشهورة بالكرم وحفظ القرآن الكريم والتحق بالأزهر ولما فتح معهد الزقازيق التحق به كما التحق بمعهد المعلمين ونجح في المعهدين معا ثم رحل إلى القاهرة حيث نال العالمية سنة 1932 وكان رحمه اللّه عالما إسلاميا كبيرا فسيح الآفاق بعيد الأغوار متصوفا زاهدا وجمع بين الثقافة العربية والثقافة الغربية حين رحل إلى السربون وظل في فرنسا ملتزما بالآداب الإسلامية والتقاليد العربية وآثر أن يدرس تاريخ الأديان واستعد للدكتوراه في التصوف الإسلامي واختار شخصية (الحارث بن أسد المحاسبي) وكان بينهما تشابه في المسلك الصوفي وكلاهما يرى أن الكتاب والسنة هما أساس المسلك الصوفي.
وفي أثناء الدراسة قامت الحرب وآثر البقاء حتى نال الدكتوراه سنة 1940 في ظروف صعبة بعد انقطاعه عن الوطن وقررت الجامعة الفرنسية طبع الرسالة على نفقتها وهو شرف لم ينله إلا القليل.
وحاول العودة إلى مصر ولكن الطرق كانت مغلقة وما زال ينتقل من بلد إلى بلد حتى اضطر أن يلف حول رأس الرجاء الصالح إلى أن وصل بعد عام.
بدأ مدرسا بكلية اللغة ثم نقل أستاذا بكلية أصول الدين سنة 1951 فعميدا للكلية سنة 1964 وقد ألزم الطلبة بحفظ القرآن الكريم.
ووضع القواعد لمجمع البحوث الإسلامية وظل حريصاً على نشر الإسلام عالميا وإعداد الكفايات القادرة على توصيل الدعوة الإسلامية.
وشكل عدة لجان هامة للنهوض بهذه الرسالة ومنها: لجنة بحوث القرآن الكريم: لوضع تفسير وسيط مبسط لمعاني القرآن. لجنة السنة النبوية: لوضع موسوعة مفهرسة للسنة النبوية. لجنة المسجد الأقصى: لجمع كل ما يفيد القضية الفلسطينية. لجنة التعريف بالإسلام: للرد على خطط التبشير المعاصر. لجنة إحياء التراث الإسلامي: لكشف النقاب عن أمهات الكتب. لجنة البحوث الفقهية: لمواجهة كل ما استجد في هذا العصر. لجنة الحضارة والمجتمعات الإسلامية: لحصر العالم الإسلامي وبيان الاستفادة من مواقعه. لجنة العقيدة والفلسفة: لدراسة التحديات والانحرافات في العقيدة والفلسفة. لجنة دائرة المعارف الإسلامية: لوضع دائرة على نسق دائرة المعارف البريطانية.
وفي سنة 1970 صدر قرار بتعيينه وكيلا للأزهر وقام برحلات متعددة فيلقي كل الحفاوة والتكريم أينما حل والتقى بشخصيات عالمية كبيرة مثل (الرئيس كارتر) (وفالدهايم سكرتير الأمم المتحدة).
وساعده في لقاءاته هذه إجادته للفرنسية والانجليزية.
ثم تولى وزارة الأوقاف وأخيرا مشيخة الأزهر سنة 1973 وكأنما أعدته العناية الالهية ليكون عالما دارسا باحثا ومؤلفا ومصنفا ومصلحا اجتماعيا كبيرا وحاول تحقيق أهدافه وتحرك في كل اتجاه ينشىء المدارس والمعاهد الدينية ويقيم المساجد وينادي بالبذل وإقامة المؤسسات الإسلامية بالجهود الذاتية تخفيفا عن الدولة.
ونادى بأن ترد الأوقاف للأزهر حتى يستطيع أن ينهض برسالته.
ودعا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية وأن فيها النجاة من براثن الاستعمار والدواء من أمراض العصر ونادى أيضا بالدفاع عن اللغة العربية والنهوض بها حتى لا يستعجم اللسان العربي وتنفصل الأمة عن كتاب ربها الذي لا يفهم إلا بالعربية.
وسعى للصلح بين الدول العربية المتنازعة ودعا إلى وحدة الصف وناشد حكام العالم العربي خاصة والإسلامي عامة أن يرأبوا الصدع وأن ينبذوا الخلاف فيما بينهم لتعود للأمة الإسلامية قوتها وتستطيع أن تواجه الأخطار المحدقة بها.
وهاجم الشيوعية وحذر من شرورها وخطورة الالحاد الذي يهدم الأمم.
ولم تغب عنه أحداث العصر فكان يصدر بيانا في كل مناسبة ويستخدم المنطق في ذلك وواجه الفتنة الطائفية بحزم وأوضح أن الاسلام يحمي أهل الأديان الأخرى وأن الأقليات تتمتع بحقوقها كاملة على سيادة الوطن.
في كل ما يتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام وله الرسالة والتوجيه في كل ما يتضمن الدراسات الإسلامية في الأزهر وهيئاته ويرأس المجلس الأعلى للأزهر.
وكان جريئا يكتب دون خوف على منصبه أو حرص على مكاسب أو محالاة في الحق وعرف بصراحته وصدقه مما جعله موضع احترام الجميع وهاجم كل من يريد المساس بالشريعة أو أن يبدل الحلال حراما أو يعبث بالمقدسات الدينية.
وقد حرص أيضا على أن يكون أسوة حسنة ويعلن أن النبي ما نجح في دعوته إلا بالقدوة ولهذا كان زاهدا عابدا متفانيا في خدمة الإسلام وعرض في مؤلفاته لمجموعة من الرجال الذين اعتز بهم الإسلام وخلدهم التاريخ وخلف ثروة طائلة من التراث الديني.
ولحق بالرفيق الأعلى في سنة 1978.
ومن مؤلفاته: 1 - الحارث بن أسد المحاسبي بالفرنسية. 2 - وازن الأرواح - مترجم عن الفرنسية. 3 - الفلسفة اليونانية - مترجم عن الفرنسية. 4 - المشكلة الأخلاقية والفلسفية - مترجم عن الفرنسية. 5 - الأخلاق في الفلسفة الحديثة - مترجم عن الفرنسية. 6 - محمد رسول اللّه - مترجم عن الفرنسية. 7 - الفيلسوف المسلم - دينية. 8 - التصوف عند ابن سينا. 9 - أوربا والإسلام. 10 - فلسفة ابن طفيل ورسالته. 11 - الرسول صلى اللّه عليه وسلم. 12 - التوحيد الخالص أو الإسلام والعقل. 13 - السنة في تاريخها وفي مكانها. 14 - الإيمان. 15 - أسرار العبادات في الإسلام. 16 - التصوف الإسلامي. 17 - التفكير الفلسفي في الإسلام. 18 - جهادنا المقدس. 19 - القرآن والنبي. 20 - الإسلام والإيمان. 21 - العبادة. 22 - المدرسة الشاذلية الحديثة. 23 - الاسراء والمعراج. 24 - شهر رمضان كيف يستقبله المسلمون. 25 - وتناول في كتب عدة مشاهير رجال الصوفية. 26 - وحقق نحو خمسين كتابا في التراث. 27 - في رحاب الكون. 28 - القرآن في شهر القرآن. 29 - الإسلام والشيوعية. 30 - دلائل النبوة ومعجزات الرسول. *** الشيخ محمد عبد الرحمن بيصار ولد بمدينة (السالمية) من أعمال مركز فوه التابع لكفر الشيخ سنة 1910م.
حفظ القرآن والتحق بمعهد دسوق الديني ثم التحق بمعهد طنطا والتحق في (العقيدة والفلسفة) سنة 1945 وتم تعيينه مدرساً في سنة 1949 رحل في بعثة إلى إنجلترا ودرس في جامعة كمبردج ثم استقر في جامعة أدنبرة.
ونال الدكتوراه بتفوق في الفلسفة مع التركيز على (حجة الإسلام الغزالي) والفيلسوف الفرنسي (ديكارت) وكلاهما اتخذ الشك وسيلة لليقين.
وعاد أستاذا في سنة 1955 بكلية أصول الدين ثم رشحته مواهبه ليكون مديرا للمركز الإسلامي بواشنطن واستطاع أن يحظى بالاحترام من كل الطوائف وعاد سنة 1959 إلى كلية أصول الدين ثم رأس البعثة التعليمية بليبيا سنة 1963.
ثم عين أمينا عاما للمجلس الأعلى للأزهر مما أتاح له المشاركة والتوجيه وتحقيق الأهداف ثم عين سنة 1970 أمينا عاما لمجمع البحوث الإسلامية فحرص على أن يجدد الثقافة الإسلامية وأن يجردها من الشوائب وآثار التعصب السياسي والمذهبي.
ثم عين وكيلا للأزهر سنة 1974 وساعد الدكتور عبد الحليم محمود في كل ما يعن له.
ثم عين وزيرا للأوقاف سنة 1978 وشيخا للأزهر سنة 1979.
ولما كان يجيد الفرنسية والانجليزية فقد أطل على الثقافة الأوروبية وغذى علوم الإسلام وهو الذي نظم الدراسات العليا بجامعة أم درمان الإسلامية.
كان حييا شديد التواضع مبتسما وهو إداري من الطراز الأول منظم الفكر.
وعرض على المؤتمر الخامس لمجمع البحوث الإسلامية سنة 1970 والذي يضم خيرة علماء المسلمين بحثا فياضا حول (إثبات العقائد الإسلامية بين السنيين والعقليين).
وكما عنى بالدراسة الفلسفية فقد عنى بالسلوك وألقى محاضرات قيمة في هذا.
ومن مؤلفاته: 1 - الوجود والخلود في فلسفة ابن رشد. 2 - العقيدة والأخلاق في الفلسفة اليونانية. 3 - الحقيقة والمعرفة على نهج العقائد النسفية. 4 - تأملات في الفلسفة الحديثة والمعاصرة. 5 - العالم بين القدم والحدوث. 6 - الإسلام بين العقائد والإيمان. 7 - الإسلام والمسيحية. 8 - رسالة (بالانجليزية) عن الحرب والسلام في الإسلام. 9 - رجلان في التفكير الإسلامي. هذا عدا ما نشر من مقالات وبحوث في مجلات علمية. *** الشيخ جاد الحق علي جاد الحق ولد ببلدة (بطرة) مركز طلخا بمحافظة الدقهلية سنة 1917. حفظ القرآن الكريم والتحق بالمعهد الأحمدي بطنطا ودرس المذهب الحنفي.
والتحق بكلية الشريعة ونال العالمية سنة 1943.
ودخل تخصص القضاء الشرعي ونال إجازته سنة 1945.
بدرجة (موظف قضائي) ثم مستشاراً بمحاكم الاستئناف فمفتشاً أولاً بوزارة العدل ثم عين مفتياً للديار المصرية سنة 1978 وعضواً بمجمع البحوث الإسلامية سنة 1980.
وظل مفتياً حتى اختير وزير دولة للأوقاف سنة 1982 ثم شيخاً للأزهر في نفس العام.
مكانته العلمية: -أصدر أحكاما قضائية استندت إلى البحوث في الشريعة. -كما أصدر مجموعة من الفتاوي الهامة في كل مجالات الشريعة. |
|
| |
| الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر | |
|