| الباب الرابع: أعلام من الأزهر في العصر الحديث | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الباب الرابع: أعلام من الأزهر في العصر الحديث الخميس 05 مايو 2016, 6:22 pm | |
| الباب الرابع أعلام من الأزهر في العصر الحديث
=================== الشيخ محمّد عبده وأثره في الإصلاح الديني 1266ه - 1905م ولد الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده، في إحدى قرى مديرية البحيرة وفي مكتب القرية حفظ القرآن وتعلم القراءة والكتابة، ثم انتقل إلى الجامع الأحمدي في طنطا، فإلى الجامع الأزهر بالقاهرة، لتلقي العلم، على أن طرق التدريس التي كانت متبعة حينذاك في الأزهر لم ترقه.
حتى إذا جاء السيد جمال الدين الأفغاني إلى مصر، اختلط به، وأخذ عنه كثيرا من مبادىء الفلسفة والمنطق، وتدرب على الكتابة في الصحف السياسية.
فلما نفي السيد الأفغاني بعد ذلك من البلاد، كان مما قال لمريديه: «قد تركت لكم الشيخ محمد عبده، وكفى به لمصر عالما».
وعمل الأستاذ الإمام مدرسا في المدارس الأميرية، ومحررا في «الوقائع المصرية».
وتولى الكتابة في بعض دواوين الحكومة، حتى قامت ثورة العرابيين فاتهم بممالأتهم ونفي من مصر، فأقام بسوريا ست سنين ألقى خلالها كثيرا من الدروس.
ثم نزح إلى باريس حيث أصدر مع السيد جمال الدين جريدة «العروة الوثقى».
وبعد العفو عنه وعودته إلى مصر عين مستشارا في محكمة الاستئناف الأهلية، وعضوا في مجلس إدارة الأزهر، ثم أسند إليه منصب مفتي الديار المصرية.
الإسلامي في العصر الحديث، فقد قضى حياته في تنقية الدين من الشوائب التي طرأت عليه، وتقريب المسلمين من أهل التمدن الحديث ليفيدوا من ثمار مدنيتهم، وكذلك اشتهر بصراحته في فتاواه الدينية، وتفسيره القرآن بما يطابق أحكام العقل، ويحل الإسلام من قيود التقليد، وقد طالما هاج عليه جماعة الجامدين وأنصار بقاء القديم على قدمه، ولكنه لم يعبأ بهم، ومضى في سبيله قدما لتحقيق برنامجه الإصلاحي العظيم.
تولى الأستاذ الإمام منصب القضاء فعين في 7 يونية 1888 نائب قاض بمحكمة بنها، ثم رقي قاضيا من الدرجة الثانية بمحكمة المنصورة، فقاضيا من الدرجة الأولى بمحكمة مصر من 7 يناير 1892، وفي 21 نوفمبر 1895 رقي نائب مستشار بمحكمة الاستئناف، -و لم يكن يوجد غيرها- وظل بها إلى أن وقع عليه الاختيار مفتيا للديار المصرية في 5 يونية 1899.
كان الأستاذ الامام قاضيا بمحكمة عابدين -وكانت أهم محاكم العاصمة في ذلك الحين- فاطمأن الكافة إلى قضائه، وقال فيه ذوو الرأي من أهل عصره: «إنهم لا يذكرون إن كرسي القضاء في تلك المحكمة قد ازدان بمثله وأن الوقار والهيبة والجلال كانت تفيض في أفقها» وقال فيه أحد شيوخ المحامين رحمة اللّه عليه: «كان محمد عبده يصدر الحكم ويشفعه أو يسبقه بدروس ومواعظ يلقيها على المحكوم عليه أمام الجمهور إلقاء يشعر الجماهير والمحكوم على نفسه أنهم في حضرة أب ومصلح كبير.
وترجع صلة محمد عبده بجمال الدين الأفغاني (1254 ه- 1839 م- 1314 ه- 9 مارس 1897 م) -إلى شهر المحرم عام 1288 ه- 22 مارس 1871 م، حين نزل جمال الدين مصر، وكان يعرفها من قبل قليلا، ولكنه في هذه المرة اندمج في حياتها الأدبية والاجتماعية، وتردد على دار إبراهيم بك المويلحي، وكانت قائمة في حارة الأمير حسين بشارع محمد علي، وهي في ذلك الوقت ندوة أجرى عليه رياض باشا رزقا شهريا قدره عشرة جنيهات مقابل بقائه في مصر ولو لم يؤد عملا، استأجر منزلا في حارة اليهود.
ويقول الشيخ محمد عبده: إن طلاب العلم عرفوا الأفغاني عند ذلك و «اهتدوا إليه واستوروا زنده فأوري، واستفاضوا بحره ففاض درّا، وحملوه على تدريس الكتب فقرأ من الكتب العالية في فنون الكلام الأعلى والحكمة النظرية طبيعة وعقلية، وفي علم الهيئة الفلكية وعلم التصوف وعلم أصول الفقه الإسلامي، وكانت مدرسته بيته من أول ما ابتدأ إلى آخر ما اختتم».
وفي هذه المرة بقي جمال الدين في القاهرة فترة أطول، وهي الفترة التي كون فيها مدرسته وبث فيها رسالته، واتصل بتلميذه وصفيه الشيخ محمد عبده.
بقي الشيخ جمال الدين يدرس ويدعو دعوته الإصلاحية، ويشارك في كل أمر ذي خطر من حياة مصر في ذلك العهد أكثر من ثماني سنين حتى نفي الشيخ من مصر ف سنة 1296 ه إلى الهند مرة اخرى.
ويقول الشيخ الباقوري: إن أحدا لا يستطيع إلا أن يرى في الأستاذ الإمام قائدا زعيما يحرص أشد الحرص على إيقاظ الرأي العام وتنبيهه من غفوته بشتى الأساليب ومختلف الوسائل، حتى يكون له أن يميز ما للحاكم من حق الطاعة على الشعب وما للشعب من حق العدل على الحاكم، لأن الحاكم بشر يصيب ويخطىء.
ويقظة الرأي العام من طريق الصحافة النزيهة والتربية الاجتماعية السليمة وإعداد القادة المستنيرين الغيارى على صالح الأمة، هي الوسيلة القادرة بالقدرة على تقصي الحقائق ودرس المسائل درسا وافيا وإبداء الرأي في أمانة وإخلاص.
ولئن كان الأستاذ الإمام قد سلك في بيروت عاصمة لبنان الشقيق مصر بعد أن عاد من المنفى لم يكن أقل قدرا من عمله في لبنان، فقد عمل على دعم الوحدة الوطنية في لبنان، وكان كثير من شيوخ الأمة في ذلك الوقت على مثل رأيه السياسي كسعد زغلول، وحسن عاصم، ومحمود سليمان وغيرهم من رجال حزب الأمة، ولكنه هو جم من هذه الناحية أكثر مما هو جم أصدقاؤه الذين كانوا على مثل رأيه، لأن الخديو عباس كان يؤلب عليه أكثر مما يؤلب عليهم، ثم لأن الناس اعتادوا أن يروا علماء الدين بعيدا عن السياسة.
لقد كان الشيخ محمد عبده -بما وهبه اللّه من غزارة علم وبعد نظر وقوة نفس ورحابة صدر- شيئا كبيرا لا يقدره حق قدره إلا أولئك الذين يتخلصون من كبرياء الغرور، وتسلط النزوات فيحكمون عليه بأنه إن لم يكن أفضل زعيم حكيم فإنه في الصدارة من حكماء الزعماء الذين تحتاج إليهم الأمم إبان نهضتها وعلى طول تاريخها، بحيث تخسر الإنسانية كثيرا بالتجهم لهم والتهجم عليهم في حياتهم وبعد مماتهم.
وليس يخفى ما كان الشيخ قد لقي من العنت ودناءة الخصومة وعقوق قومه له وجحود فضله عليهم، فكانت حربهم له من جهات متعددة، فالخديوي عباس يتخذ السيد توفيق البكري وغيره وسيلة للإفساد بينه وبين رجال الأزهر وتحريض أعضاء مجلس الإدارة على الاستقالة حتى يحل محلهم من يكرهون الشيخ لكي يقفوا في سبيله. وكثير من شيوخ الأزهر يخاصمونه لانه كان لا يكف عن الدعوة إلى تحرير الأفكار من قيود التقليد حتى يكون للمفكرين أن يفهموا الدين على طريق سلف الأمة قبل ظهور الخلافات المذهبية.
ولا ريب في أنه أيقظ الشعور الديني وأشعر المسلمين بأن عليهم أن بماضي أسلافهم، بل ساعين إلى أن يبنوا من جديد لحاضرهم ومستقبلهم في حياتهم كما بنى أسلافهم.
فهو أبدا داع إلى أن العقل يجب أن يحكم كما يحكم الدين، فالدين عرف بالعقل ولا بد من اجتهاد يعتمد على الدين وعلى العقل معا حتى يستطيع المسلمون أن يواجهوا الاوضاع الجديدة في المدينة الجديدة مقتبسين منها ما يفيد وينفع، وإذا كان المسلمون لا يستطيعون ان يعيشوا في عزلة فلا بد لهم من أن يتسلحوا بما يتسلح به غيرهم، واكبر سلاح في الدنيا هو العلم.
واكبر عمدة في الأخلاق، هو الدين ومن حسن حظ المسلمين إن دينهم يشرح للعلم صدره حاضا عليه غير ضائق بالأخلاق الفاضلة التي تدعو إليها المدنية الحاضرة.
ان الشيخ -مع هيبته وحدته- كان طيب القلب سليم الصدر وفيا لأصدقائه لطيف الحديث سمح النفس ينصف الناس في الحق حتى من نفسه.
ومن أعجب ما يعجب له الذين يحبون أن يعرفوه على حقيقته أن يطلب إلى فاضل من فضلاء علماء المسلمين النيل منه حتى يتخذ من ذلك ذريعة إلى تعيينه شيخا لعلماء مدينة الاسكندرية فتتهيأ بذلك له السبيل إلى إصلاح الأزهر من مدينة الاسكندرية وقد عجز عن ذلك الإصلاح في مدينة القاهرة وذلك -على ما يروى السيد رشيد رضا- أن الإمام أشار على الأستاذ الشيخ محمد شاكر قاضي قضاة السودان أن يظهر السخط عليه لاستمالة الخديو تمهيدا لتعيينه شيخا لعلماء مدينة الإسكندرية، إذ كان من المعروف لدى الخديو أن الشيخ محمد شاكر هو من حزب الشيخ محمد عبده ومن رجاله وأنه هو الذي اختاره للسودان وسعى لجعله قاضي القضاة فيه، وبهذه الحيلة من الرجلين الكبيرين محمد عبده ومحمد شاكر لطف اللّه بعباده العلماء وأراد ألا يبقى حالة الإسكندرية على ما كانت عليه من الخلف وتعطيل الأعمال فتقرر انتخاب الشيخ شاكر شيخا لعلماء الإسكندرية وصدر الأمر العالي بذلك في 26 إبريل سنة 1904.
ولا يجهل الناس أن هذه منقبة للأستاذ الإمام تذكر في تاريخه كما تذكر كبار المناقب لكبار المصلحين 1.
ويقول الشيخ مصطفى عبد الرازق: لم يكن الإمام أول من أحدث في الأزهر حركة تجديد، فإن حركة التجديد الأولى ترجع إلى عهد قبل ذلك، ومن مظاهر هذه الحركة اختيار شيوخ الأزهر من الأذكياء ذوي الوجاهة وحسن السياسة من غير مراعاة لما كانت تجري به التقاليد في هذا الباب، فإن الشيخ مصطفى العروسي الذي ولي مشيخة الأزهر من سنة 1281ه إلى 1287ه- 1864م- 1869م والشيخ محمد العباسي المهدي الذي اختير على أثره شيخا للأزهر سنة 1287ه 1870م لم يكونا من أسن شيوخ عصرهما، ولا من أوفرهم شهرة بالتدريس والعلم.
وقد أبطل الشيخ العروسي كثيرا من البدع الدينية وأقال جماعة ممن يدرسون في الأزهر بلا استحقاق وعزم على عمل امتحان لمن يريد التدريس ففاجأه العزل من منصبه، وجاء من بعده الشيخ المهدي فوضع سنة 1288 ه-1871 م أول قانون للأزهر يحصر مواد الدروس ويبين طريقة الامتحان، وفي عهده عني بإصلاح الأزهر ليصل بذلك إلى إصلاح المحاكم الشرعية.
فالغرض من هذا الإصلاح كان تخريج قضاة المحاكم الشرعية تخريجا نظاميا تتم به المشاكلة مع صورة التخريج لقضاة المحاكم المدنية.
وهذا الاتجاه في إصلاح الأزهر هو بعينه ما أعرب عنه الخديوي عباس في خطبته بقصر عابدين في حفلة الإنعام بالخلعة على الشيخ عبد الرحمن الشربيني شيخ الأزهر سنة 1323 ه- 1905 م وهي الخطبة التي استقال على أثرها الشيخ محمد عبده وصديقه الشيخ عبد الكريم سلمان من مجلس إدارة الأزهر. __________ 1) الاخبار 27 - 7 - 1973. __________ قال الأمير -على ما جاء في الجزء الأول من تاريخ الأستاذ الإمام-: إن كل ما يهم الحكومة من الأزهر شيئان: الأول استتباب الأمن فيه وهو ما أوصى به دائما، والثاني تخريج القضاة الشرعيين 1.. ويوشك أن يكون كل تغيير في الأزهر توجهه الحكومات قائما على مثل هذا الأساس.
أما الشيخ محمد عبده فقد أراد بنهضة الأزهر غاية هي الجديرة بأن تسمى إصلاحا.
كان الشيخ محمد عبده يرى أن إصلاح الأمة لا يكون إلا بإصلاح عقولها وقلوبها بالعلم الصحيح والدين الصحيح والسبيل إلى ذلك إحداث نهضة دينية وعلمية معا، والأزهر هو أخصب مكان لهذه النهضة فإن الحياة إذا انبعثت فيه سرت مسرعة في جسم الأمة وفي الشرق الإسلامي كله، وقد اتصل الشيخ محمد عبده بالخديوي عباس الثاني وأوحى إليه أن ينهض لإصلاح الأزهر نهضة قوية تحيي الشرق الإسلامي لأن الأزهر قبلة المسلمين في أقطار الشرق المختلفة وأقنعه بأن ذلك يرفع شأن مصر في الشرق كله ويجمعه حول الشعب المصري ويخلد له في المصلحين ذكرا.
واستمع عباس لنصح الناصح فتوجه بكل عزمه لإصلاح الأزهر على مبادىء الشيخ محمد عبده، وفي 7 رجب سنة 1312 ه- 1895 م صدر أمر عال بتشكيل مجلس إدارة للأزهر من أعضائه اثنان من موظفي الحكومة هما الشيخ محمد عبده والشيخ عبد الكريم سلمان.
وأخذ مجلس الإدارة في وضع ما لا بد منه من نظم تقر العدل وتمحو ما كان سائدا من الفوضى، وتبعث على الجد في تحصيل العلم النافع وترشد الى أساليب الدرس القويمة.
كل ذلك في غير مساس بحرية التعليم، وبلا إسراف في العناية بالأشكال والصور.
ويقول الشيخ عبد الكريم سلمان في كتاب أعمال مجلس إدارة الأزهر عند الكلام على مشروع نظام التدريس والامتحان الذي وضعه المجلس: «و في كل باب من هذه أحكام فسيحة تتوجه كلها إلى مقصد واحد هو تحصيل جواهر العلوم الدينية في زمن محدود بطريقة سهلة التناول والتحلي بثمرة تلك العلوم وهي محاسن الاخلاق والأعمال». __________ 1) من كتاب تاريخ الإمام محمد عبده للشيخ رشيد رضا، حديث طويل عن المحاكم الشرعية (608 - 629/ 1 تاريخ الإمام)، وللامام رأي في الحاجة الى المحاكم الشرعية (608 - 611/ 1)، وكذلك لرشيد رضا رأيه في ذلك 611 - 617/ 1. __________ وكتاب الشيخ عبد الكريم سجل مفصل لأعمال مجلس الإدارة يهدي القارىء الى الفرق بين وجهة الإصلاح في عهد الشيخ عبده التي كانت ترمي إلى احداث نهضة علمية دينية يكون الأزهر حامل لوائها، وبين الإتجاهات الأخرى.
ومن حضر بعض عهد الإمام في الأزهر شهد ذلك المعهد العتيق يبعث من مرقده حيا يضطرم بالشباب والأمل ورأى نهضة صحيحة في الدراسات الأدبية ودراسة العلوم العقلية وعلوم الدين والعلوم الحديثة.
نهضة تحتفظ بأحسن ما في معارف الأزهر وتقاليده التعليمية وتقتبس خير ما في النظم والمعارف الحديثة وأخذ الشيخ محمد عبده يبث في العقول مذاهبه وآراءه في كتبه ورسائله، وفي دروسه ومحاضراته التي كانت تجتذب بطرافتها وسمو أفكارها وخلابة بيانها كل الطبقات المثقفة من أزهريين وغير أزهريين. وجملة مذهبه الديني أن الاسلام دين بساطة ويسر يلائم الفطرة ويوافق العقل، وأنه قد جاء بعقائد سليمة لا تعلو على متناول الفكر الانساني وجاء بأصول للفضيلة والخير تغري بالصالحات وتوفر للإنسان حريته وكرامته وتبعثه للنشاط والكمال في كل نواحي الحياة.
«فهل رأيت تسامحا مع الفلاسفة والحكماء أوسع من هذا؟ وهل يليق بالحكيم أن يكون من الحمق بحيث يقول قولا لا يحتمل الإيمان من وجه واحد من مائة وجه؟».
كانت العقول المتعطشة الى الحرية تتهافت على هذا الداعي إلى حرية العقول، وتثور على قيودها وأغلالها، لكن أكثر العقول قد ألفت سجنها واطمأنت إليه، فهي تنزعج لهذه الصيحة الجديدة وتدفعها بكلتا اليدين.
وأصبح الأزهر ميدانا لصراع محتوم بين مذهب الشيخ ومذهب الشيوخ الجامدين، وكان هذا الصراع نفسه آية حياة وانتعاش وتنبه فكري.
وأنشأ الشيخ عبده في بضع سنين جيلا طموحا للفهم المستقل، عزوفا عن التقليد يشعر بالكرامة الإنسانية، ويلتمس المثل العليا في الحياة الدنيا وفي الآخرة. وكان ذكر الشيخ عبده يطير في الآفاق مقرونا بذكر النهضة الإصلاحية التي استرعت الأنظار، وقد تحركت نوازع الحقد والحسد في أنفس لا ترضى عن الشيخ ولا عن دعوته، فكادوا له من كل سبيل، حتى اضطر إلى الاستقالة من منصبه في الأزهر في مارس سنة 1905 م-المحرم سنة 1323 ه.
وتوفي الشيخ في الحادي عشر من يوليو عام 1905 - 7 جمادى الأولى 1323 ه بعد جهاد طويل في سبيل إصلاح الأزهر، وفي سبيل الاصلاح الديني والإسلامي في كل وطن عربي ولا سيما في مصر قلب الإسلام الخافق. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: بين جمال الدين ومحمد عبده الخميس 05 مايو 2016, 6:34 pm | |
| بين جمال الدين ومحمد عبده (1) كان الأفغاني ومحمد عبده أعظم مصلحين ظهرا في القرن التاسع عشر الميلادي، حملا رسالة الإصلاح الديني والفكري وكونا مدرسة أدبية وسياسية كان لها أعظم الأثر في تاريخ الشرق الإسلامي.
وعن هذه المدرسة انبعثت روح التحرر والرغبة في التقدم ونضال الاستعمار في جميع البلاد الشرقية والعربية.
وترجع صلة محمد عبده بجمال الدين الأفغاني إلى أول المحرم عام 1270 ه، حيث كان الأفغاني في زيارة قصيرة للقاهرة في طريقه إلى الآستانة منفيا بيد الإنجليز من الهند، وكان محمد عبده إذ ذاك طالبا بالأزهر.
وتردد محمد عبده على بيت جمال الدين، وتتلمذ عليه وعلى مائدة علمه وفضله؛ وبعد أيام قصيرة سافر جمال الدين إلى الآستانة، وودعه محمد عبده وداعا حارا، وفي الآستانة نال جمال الدين تقديرا كبيرا، وعين عضوا في مجلس المعارف هناك، ولكنه شعر بالدسائس والوشايات تحاك من حوله فعاد إلى القاهرة مرة أخرى في أول المحرم 1288 م، فعاد محمد عبده إلى التلمذة عليه والإفادة من ثقافته.
وعرف محمد عبده من أستاذه جمال الدين أن الاستعمار الغربي وبال على الإسلام والمسلمين، وأنه يجب محاربة الديكتاتورية الملكية، والفساد السياسي؛ وعن طريقه علم أن الأدب يجب أن يكون في خدمة الشعب وتحريره، وأنه يجب أن يتحرر من قيود الصناعة اللفظية، وأن المعنى لا اللفظ هو سر كل بلاغة، وتعود الكتابة الدينية والوطنية في الصحف والمجلات، وبدأ يهتم بمطالعة مصادر الثقافة الإسلامية والأدبية، ويطالع الكتب المترجمة، ويسعى مع إخوانه من تلامذة جمال الدين في إصلاح الأزهر الشريف وفي الإلحاح في طلب الحكم النيابي والديمقراطية السياسية.
وظفر محمد عبده بشهادة العالمية عام 1294 ه 1877 م وأصبح مدرسا بالأزهر ودار العلوم ومدرسة الألسن، وبدأ يكون جيلا جديدا من تلامذته، ينفخ فيهم روح أستاذه جمال الدين.
(2) وفي الخامس والعشرين من يونيو عام 1879 م عزل إسماعيل وتولى مكانه ابنه توفيق، وقد بدأ حكمه بنفي جمال الدين من مصر، وإقالة محمد عبده من وظائفه العلمية، وتحديد إقامته في قريته «محلة نصر»، وذلك في الرابع والعشرين من أغسطس عام 1879 م-أواسط رمضان عام 1296 ه، خوفا من النهضة الوطنية التي يتزعمانها، أن يغادر الأفغاني أرض مصر قال: «إني تركت في أرض مصر الشيخ محمد عبده يتم ما بدأت به».
وبعد شهور عفا توفيق عن محمد عبده، وأسند إليه رياض باشا التحرير في الوقائع، فاختار معه سعد زغلول وجماعة من زملائه من تلامذة جمال الدين؛ وكون محمد عبده عن طريق الوقائع مدرسة صحفية نزيهة غايتها خدمة الشعب، وتحريره فكريا وقوميا من قيود الاستعباد والاستبداد والرجعية والجهل والجمود والتأخر.
وقامت الثورة العرابية، وكان محمد عبده من أبرز زعمائها، وكان جمال الدين آنذاك في الهند، فاعتقلته بريطانيا حتى لا يتصل بزعماء الثورة، وانتهت الحركة العرابية بالفشل والاحتلال البريطاني لمصر، وقبض على محمد عبده وسجن وحوكم، وحكم عليه بالنفي ثلاث سنوات، فاختار سوريا منفى له. وأفرجت بريطانيا عن جمال الدين.
وسافر من الهند إلى لندن فباريس.
وهناك استدعي جمال الدين محمد عبده من بيروت ليقيم معه في عاصمة فرنسا.
(3) وفي باريس أخذ الإمامان يجاهدان من أجل الشرق الإسلامي وتحرره، ويعملان ليعود للإسلام مجده وألفا جمعية «العروة الوثقى» عام 1884 م، ثم أصدرا صحيفة باسم «العروة الوثقى» للجهاد في سبيل الشرق والإسلام.
وخلق الوعي السياسي المستنير في الشعوب الإسلامية «و مناهضة الحكم الديكتاتوري» والعمل على إحياء الأخوة الإسلامية، وعلى قيام حكم ديمقراطي شورى بين الناس.
وصدر العدد الأول من العروة الوثقى في 5 جمادى الأولى 1301 ه-13 مارس 1884 م، وكله حرب على الاستعمار الغربي في بلاد متآخية متحدة المناهج والأهداف والأفكار يرتبط بعضها ببعض بروابط الود والإخاء وحب السلام.
وفي يوليو عام 1884 م أوفد جمال الدين الأستاذ الإمام محمد عبده إلى لندن لمفاوضة السادة الإنجليز في القضية المصرية، ودعوة إنجلترا إلى الجلاء عن مصر، وترك السودان للسودان، وأدى محمد عبده مهمته خير أداء، وأعلن في عزم وقوة أن مصر ستحارب الإستعمار الإنجليزي بكل ما أوتيت من قوة.
وعاد الإمام إلى باريس ليشهد توقف مجلة العروة الوثقى التي حاربها الاستعمار والانجليز حربا لا هوادة فيها، وذلك بعد العدد الثامن عشر الصادر في 26 من ذي الحجة عام 1301 ه- 16 أكتوبر عام 1884 م.
وعاد جمال الدين فأوفد الإمام إلى السودان لتغذية الثورة المهدية والإفادة منها في تحرير مصر من الاحتلال، فسافر محمد عبده سرا إلى تونس ومنها إلى مصر، وأراد السفر إلى السودان ولكنه فوجىء بوفاة المهدي في الحادي والعشرين من يونيو عام 1885، وتسليم التعايشي، فسافر سرا إلى بيروت وأقام فيها، وبقي أستاذه جمال الدين في باريس، وأخذ كل منهما يجاهد في سبيل منهجه الإصلاحي المرسوم.
وفي بيروت ألف محمد عبده جمعية التأليف والتقريب هو وصديقه تلميذ جمال الدين «ميرزا محمد باقر» للدعوة إلى الإسلام في جميع أنحاء العالم؛ وتعريف الغرب بحقائق الإسلام والتعاون على إزالة اضطهاد أوروبا للشرق أو المسلمين.
وكان قيام هذه الجمعية تطبيقا رائعا لأفكار جمال الدين ونزعاته وتعاليمه.
(4) وفي أواخر عام 1888 م عاد محمد عبده إلى وطنه بعد أن ظل في وتربيته وتحريره من الجهل والخوف والجمود، وإعداده لحياة ديمقراطية صالحة، وكان من تلاميذه سعد زغلول والمنفلوطي ولطفي السيد والهلباوي ومصطفى عبد الرازق والأحمدي الظواهري ومحمد مصطفى المراغي والزنكلوني ورشيد رضا وسواهم.
وعاد جمال الدين إلى الآستانة يقيم فيها في ظلال السلطان عبد الحميد، وأخذت دعوة جمال ومحمد عبده إلى التحرر الفكري والإصلاح الديني تنتشر في صفوف الشباب في مصر والعالمين العربي والإسلامي انتشارا كبيرا.
وسعى محمد عبده في إصلاح الأزهر والمحاكم الشرعية والقضاء والمساجد والإفتاء ذائع معروف، وساح محمد عبده في الأقطار الإسلامية فقام برحلات إلى تونس والجزائر والشام والآستانة وأوروبا والسودان، وهو أينما نزل، وحيثما رحل، ينشر رسالته، ويدعو إلى الإصلاح والتجديد.
ومات جمال الدين في الآستانة في صباح الثلاثاء الخامس من شوال عام 1314 هـ -التاسع من مارس عام 1897 م ودفن فيها، وبعد سنوات ثمان مات محمد عبده في الثامن من جمادى الأولى عام 1323 ه- 21 يوليو عام 1905، وذهب الإمامان إلى ربهما راضيين مرضيين بعد أن أديا رسالتيهما على خير الوجوه، وجاهدا في سبيل الإسلام والمسلمين جهاد الأبطال وأسهما في خلق الوعي السياسي وتأجيج الشعور الوطني، وإحياء العزة القومية في نفوس المسلمين عامة.
وكان نضال الإمامين وكفاحهما مضرب الأمثال، لأنه كان نضالا صادقا خالصا لوجه اللّه والإسلام.
مات الإمامان ولكن تلاميذهما كانوا هم محور النهضة السياسية والوطنية في تاريخ العالمين العربي والإسلامي بعد وفاتهما، وظلت مبادىء جمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده حية في النفوس مشتعلة في القلوب، مسجلة في أنصع صفحات التاريخ الحديث.
ن هذين الإمامين الجليلين والحكيمين الرائدين، والعبقريين المصلحين، لهما سبب كل تقدم أحرزناه خلال الخمسين سنة الماضية، ومن أفكارهما وآرائهما ودعوتهما انبعثت شعلة الثورة والتحرر والإصلاح في كل مكان. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: سعد زغلول في الأزهر الخميس 05 مايو 2016, 6:39 pm | |
| سعد زغلول في الأزهر جاور سعد في الأزهر عام 1875 وهو في سن الخامسة عشرة وحضر الأزهر يصحبه شقيقه الشناوي سعد زغلول الذي تولى أمره بعد وفاة أبيه، وأوصى به طالبين يكبرانه سنا وهما: الشيخ حسن البليهي والشيخ محمد أبو رأس الذي وصل فيما بعد إلى شيخ معهد دسوق، وتوطدت الصلة بينه وبين الهلباوي الأزهري الذي كان يسبقه في الدراسة وكان يسكن معه في منزل واحد في غرفة أمام غرفته.
حضر سعد دروس محمد عبده وبواسطته اتصل بجمال الدين الأفغاني، وقضى سعد في الأزهر خمس سنوات نبغ فيها، ثم عين محررا بالوقائع سنة 1880 م.
ويقول زميله الهلباوي عنه: اشتهر سعد بين زملائه طلبة الأزهر باليسر وسعة اليد.
فقد كانت عائلته أكبر العائلات في الريف المصري ومن أعظمها جاها وسلطانا في موطنها.
وقد كان سعد هو الطالب الوحيد الذي يلبس الجبة والقفطان في (شلتنا)، فكنا نفتخر به وبجبته وقفطانه ونتباهى بملبسه أمام الطلبة الآخرين..
ولا عجب في ذلك فقد كنت أنا مثلا ألبس (الزعبوط) الذي لازمني طول مدة دراستي حتى تخرجت في الأزهر فتوظفت وأنا ألبس (الزعبوط)..
وكان سعد يعير دروسه الاهتمام الأول، ولم يكن له دراية بشئون المنزل-شأن طلبة الأزهر-فأهمل مأكله وملبسه رغم النقود والملابس لديه، ولاحظ ذلك شقيقه الشناوي أفندي فخصص له زميلين من زملائه عهد إليهما في إعداد طعامه وقضاء لوازمه.
وكان يعطيهما أجرا خاصا نظير هذه المهمة، فإذا تصادف يوما أن شغلهما شاغل عن سعد وأسقط في يده.. فكنت أتطوع لخدمته شفقة وعطفا عليه، إذ كان قاصرا صغير السن.
وقد يعرف أن المغفور له سعد زغلول درس في الأزهر، ولكن كثيرين منا لا يعرفون إلى أي مدى وصل في دراسته، ولا كيف تلقى علومه ودروسه.
لقد زامل سعد زغلول في الأزهر فرقة كان في طليعتها، ولم يبق من زملائه في هذه الفرقة على قيد الحياة إلا فضيلة الشيخ عبد المعطي الشرشيمي العضو السابق في جماعة كبار العلماء، وهو العضو الوحيد الذي استقال من الجماعة منذ انشائها إلى الآن، لأن جماعة كبار العلماء لم يكن من قبل يشترط فيها مدة قانونية يحال بعدها العضو إلى المعاش.
وقد تلقى سعد وعبد المعطى وزملاؤهما الفقه على مذهب الإمام الشافعي في أوائل حياتهم الدراسية في زاوية العدوى بالقرب من الجامع الأزهر، ثم انتقلوا إلى الجامع الأزهر لاستيفاء دراستهم فيه.
وقد أوغل سعد في علوم الأزهر ودراساته، وضرب فيها بسهم وافر، ولم يبق بينه وبين أداء امتحان الشهادة العالمية إلا أن يتقدم لهذا الامتحان.
ولكنه لم يتقدم لهذا الامتحان مكتفيا بما أحرز من ثقافة وما حصل من علوم، وانصرف إلى التحرير في الوقائع المصرية مع أستاذه الإمام محمد عبده ثم إلى ميدان المحاماة بعد ذلك، وعكف سعد على دراسة اللغة الفرنسية وهو في سن متقدمة وحصل على إجازة الحقوق.
وقد كانت دراسة سعد في الأزهر خير معوان له في حياته، خصوصا بعد اتصاله بالإمام محمد عبده، وتوجيهه وجهة أخرى تختلف في ذلك الوقت عما درج عليه الأزهريون في حياتهم الدراسية.
الفقه، قدره أساتذة الأزهر وأثنوا على كفايته وصفاء ذهنه، وقد طبع هذا الكتاب ونشر ونفد بعد طبعه.
وكان المغفور له الشيخ المراغى شيخ الأزهر الأسبق يحتفظ في مكتبه بنسخة منه.
وذات يوم كان لطفي السيد باشا يزور صديقه المرحوم الشيخ المراغى في داره بحلوان، وجرى الحديث في شئون العلم والفلسفة على دأبهما في ذلك.
وتناول الحديث الزعماء والعلم فقال لطفي باشا: إن بين الزعماء السياسيين نوابغ لو تفرغوا بعض الوقت للتأليف والانتاج لأفادوا فائدة عظيمة.
وهنا ابتسم المرحوم الشيخ المراغى وقال لصديقه: هل تعلم أن المرحوم سعد زغلول باشا ألف كتابا في الفقه؟
وشغف لطفي بالاطلاع على هذا الكتاب، فقام الشيخ المراغى إلى مكتبته وجاء بهذا الكتاب إلى لطفي باشا الذي تناوله كما يتناول المنهوم الطعام، وقلب صفحاته وقلب الكتاب وهو يقول: عجيبة.
وأزاح لطفي باشا غلاف الكتاب وقرأ اسمه، وقد كتب الناشر تحت عنوان الكتاب ما يلي: ألفه الفقير إلى اللّه تعالى الشيخ سعد زغلول الشافعي المذهب من طلاب الأزهر الشريف.
ثم قضى لطفي باشا وصديقه الشيخ المراغى بعض الوقت في دراسة فصول الكتاب، وفي ذكريات طريفة عن صديقهما المغفور له الشيخ سعد زغلول باشا.
ولسعد في الأزهر ذكريات كثيرة شهد بعضها المنزل رقم 20 في درب الأتراك بحي الأزهر المتداعي للسقوط اليوم.
ولعلها كانت المرافعة الأولى في حياته، ومن أجل غرامة قدرها مليمان! وقد تحمس في دفاعه؛ وحمى وطيس المناقشة بينه وبين ممثل الاتهام إبراهيم الهلباوي، فلم تنته الجلسة إلا في الخامسة صباحا! أما المرافعة فهي أن سعد زغلول كان خامس خمسة يسكنون غرفة واحدة، ويطلبون العلم في الأزهر، وكانوا يضيئون غرفتهم بقنديل يشعل بالزيت ويكلفهم طول الشهر عشرة مليمات، يدفع كل منهم نصيبه فيها.
ولكن إبراهيم الهلباوي رأى أن يضايق (سعدا) من باب المداعبة فحرض بقية المشايخ ضده متهما إياه بأنه أكثرهم انتفاعا بالقنديل، لأنه أكثرهم قراءة بالليل ولذا حق عليه أن يدفع أربعة مليمات!
وفي آخر الشهر فوجىء سعد بالثورة ضده ومطالبته بالغرامة، وظن الهلباوي أنه ربح المداعبة، ولكن سعد المحاور المداور، شرع يدافع عن نفسه، وضرب لهم مثلا غاية في الطرافة إذ قال: لو أن رجلا علق على باب بيته فانوسا ليضيء له، فانتفعت بهذا الضوء غازلة أو ناسجة وهي في منزلها، وزاد انتاجها، فهل يعني هذا أن للرجل الحق في مقاسمتها انتاجها الذي زاد؟ كلا بالطبع! وهكذا حالكم معي فقنديلكم مشعل طول الليل، قرأت عليه أم لم أقرأ..
وليس لكم أن تطالبوني بأكثر مما يدفعه أي واحد منكم!.
وأفحم الجميع.
ثم جاءت القوانين الحديثة فأيدت مبدأه بحق الارتفاق وهو حق قانوني معروف!.
وفي حارة (القرد) المتفرعة من شارع (المقريزي) خلف الأزهر منزل متهدم تنام تحت أنقاضه قصة طريفة من قصص سعد زغلول والهلباوي وثالث (من بلدياتهم) كان اسمه الشيخ (بسطاويسي) لم يقدر له من الشهرة والمجد ما قدر لزميله، فقد كان الفرسان الثلاثة، يسكنون غرفة أجرتها ستة قروش ولكنهم عجزوا في شهر ما لأزمة طارئة عن سدادها.
وفشلت كل المفاوضات التي حالوا أن يقنعوا بها صاحبة المنزل بأنها سوف تلقي في الصباح بكل متاعهم وكتبهم في عرض الحارة الضيقة!.
واجتمع الفرسان تحت القنديل للتداول وخطرت لسعد زغلول فكرة بسطها عليهم، فصفقوا لها ثم ناموا دون تفكير في كارثة الصباح!.
ودخلت صاحبة المنزل في الصباح تهدد وتتوعد ومدت يدها تنفذ وعيدها ولكنها لم تلبث أن هدأت ثورتها وخفت حدتها واغرورقت عيناها بالدموع.
لقد كان (الشيخ بسطاويسي) يتأوه من الحمى في فراشه.
وكانت صاحبة البيت لا تطيق أن ترى غريبا مريضا، فقد توفي لها ابن في بلاد الغربة!.
ونجحت الحيلة، لكنها كانت بالنسبة للشيخ (بسطاويسي) مقلبا.
فقد أصرت المرأة على أن تعالجه بنفسها، وراحت تسقيه ألوانا من الوصفات البلدية، كالحنظل المنقوع والخل وغيره!
وبعد أيام وصلتهم النقود وحاول (بسطاويسي) أن يغادر الفراش ولكن الفراش رفض أن يتركه فقد مرض بالحمى فعلا!
وقد ظل (الشيخ بسطاويسي) يتندر بهذه القصة حتى توفي سنة 1945!.
ويتلخص تاريخ سعد زغلول الأزهري فيما يلي: ولد سنة 1859، وفي 5 أكتوبر سنة 1880 عين الشيخ سعد زغلول الطالب بالأزهر الشريف محررا بقلم الوقائع المصرية بمرتب قدره 800 قرش في الشهر (و هو حسن السير والسلوك بمقتضى شهادة للمرحوم الشيخ محمد عبده).
وفي أول فبراير سنة 1882 منح 133 قرشا علاوة شهرية فصار راتبه الشهري 933 قرشا.
معاون بنظارة الداخلية، ومنح 567 قرشا علاوة لابلاغ ماهيته (15) جنيها في الشهر اعتبارا من 26 إبريل سنة 1882.
وفي 6 سبتمبر سنة 1882 فصل سعد زغلول من وظيفة التحرير بالوقائع المصرية لأنه عين ناظرا لقلم القضايا بمديرية الجيزة ابتداء من 7 سبتمبر سنة 1882.
وفي 27 يوليو سنة 1892 عين نائب قاض بمحكمة استئناف مصر الأهلية براتب قدره 45 جنيها في الشهر.
وفي أول فبراير سنة 1894 صدر الأمر بمنحه 15 جنيها علاوة شهرية لإبلاغ ماهيته 6 جنيهات.
وفي أول يناير سنة 1897 منح خمسة جنيهات علاوة شهرية.
وفي 8 ابريل 1899 أنعم عليه برتبة (المتمايز).
وفي 12 يونيو سنة 1904 أنعم عليه بالنيشان المجيدي الثالث.
وفي أول يناير سنة 1906 عدلت درجته وجعل راتبه 1000 جنيه في السنة.
وفي 28 أكتوبر سنة 1906 عين سعد زغلول (بك) المستشار بمحكمة الاستئناف الأهلية ناظرا للمعارف العمومية بدلا من حسين فخري باشا.
وفي 12 نوفمبر سنة 1906 أنعم عليه برتبة (الميرمران) الرفيعة.
وفي 18 يناير سنة 1908 أنعم على سعد زغلول باشا وزير المعارف العمومية بالنيشان المجيدي الأول.
وفي 23 فبراير سنة 1910 عين سعد زغلول باشا ناظرا للحقانية.
وفي 27 يناير سنة 1924 عين رئيسا لمجلس الوزراء وأنعم عليه برتبة الرياسة الجليلة.
وفي 23 مارس سنة 1925 انتخب رئيسا لمجلس النواب.
وفي 10 يونيو سنة 1926 عين رئيسا لمجلس النواب للمرة الثانية.
وفي 23 أغسطس سنة 1927 توفي إلى رحمة اللّه. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: أزهـــريون نابهـــون الخميس 05 مايو 2016, 11:34 pm | |
| أزهـــريون نابهـــون: ======== ومن الذين حضروا في الأزهر أو تتلمذوا على شيوخه، من الجيل الماضي: الشيخ زين المرصفي الشافعي توفي عام 1200ه وكان من علماء الأزهر وتولى منصب كبير المفتشين بوزارة المعارف (86 - 87 أعيان القرن 13 لأحمد تيمور).
الشيخ مصطفى السفطي الأزهري عين في وظائف التدريس بالمعارف وتوفي عام 1327ه (98 - 102 المرجع).
أحمد تيمور باشا (1288هـ - 1871م - 1348ه- 1930م)، وكان عالما حجة بحاثة في شتى العلوم.
ومن أساتذته الطويل والشنقيطي وسواهم 1.
الشيخ أحمد مفتاح (1274 - 1329ه) طلب العلم بالأزهر، ثم التحق بدار العلوم وعين مدرسا فيها.
ومرت عليه أحداث كثيرة 2.
ومن علماء الأزهر الشيخ محمد البسيوني البيباني، وقد اختير إماما للمعية، ثم مدرسا للغة العربية بمدرسة الإدارة - الحقوق- وقد كان أستاذ شوقي في اللغة والأدب، وتوفي في 13 ربيع الآخر 1310ه 3 نوفمبر 1892م، وله كتاب «حسن الصنيع في المعاني والبيان والبديع، وكان من تلاميذه كذلك أحمد زكي (باشا). __________ 1) 157 - 163 تراجم أعيان القرن 13 لأحمد تيمور. 2) 145 - 154 أعيان القرن 13 لأحمد تيمور. __________ ومنهم الشيخ حسين المرصفي المتوفى سنة 1307ه- 1889م وهو أستاذ البارودي في الأدب والشعر واللغة، وكذلك تتلمذ عليه عبد اللّه فكري باشا... وأشهر مؤلفاته «الوسيلة الأدبية للعلوم العربية، وقد طبع في جزءين وشهرته ذائعة، وله كتاب «الكلمات الثماني»، وكتاب «دليل المسترشد في الإنشاء».
ومن الذين درسوا في الأزهر الشيخ على الليثي شاعر إسماعيل المتوفى 1313 ه- 1896 م، وكان مولده في بولاق مصر سنة 1236 ه، وتعلم بالأزهر.
ومن الذين درسوا في الأزهر كذلك المرحوم مصطفى لطفي المنفلوطي الأديب الكبير (1876 - 1924) صاحب الكتب المشهورة الذائعة بين الأدباء والمتأدبين ومن أشهرها: النظرات، العبرات، الشاعر، ماجدولين، الانتقام، في سبيل التاج، الفضيلة.
ومنهم كذلك عميد المحاماة إبراهيم الهلباوي، وكان من أشهر الخطباء في العصر الحديث، وتوفي عام 1359ه- 1940م.
ومنهم الشيخ عبد العزيز البشرى نجل الشيخ البشرى شيخ الأزهر السالف، وكان أدبيا كاتبا ناقدا متذوقا، وله كتاب «المرآة»، ومختارات البشرى وغيرهما، وكان من أعلام القضاء الشرعي، وتوفي نحو عام 1940.
ومن الأزهريين في النشأة العلمية ممن يعاصروننا أو كانوا يعاصروننا إلى عهد قريب: الدكتور طه حسين، وأحمد أمين، وزكي مبارك، وعبد الوهاب عزام، والشيخ محمد أبو زهرة، وأحمد حسن الزيات، والدكتور أمين الخولي، والشيخ عبد الوهاب خلاف، والشيخ مصطفى خفاجي، وسواهم من الشخصيات المعاصرة المعروفة في مصر والعالم الإسلامي.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الشيخ محمد رشيد رضا الخميس 05 مايو 2016, 11:39 pm | |
| الشيخ محمد رشيد رضا في 23 جمادى الأولى 1354ه- 22 أغسطس عام 1935م توفي الشيخ محمد رشيد رضا 1، وكان الشيخ قد تجرد رحمه اللّه لخدمة الإسلام، ووقف له كل ما وهبه اللّه من علم وقوة وصبر ومثابرة، وليس يؤسف الناس من وفاته خفوت صوت من أرفع الأصوات في الدفاع عن الإسلام فحسب، ولكن من خلو مكان رفيع كان يشغله أيضا بين العاملين على تطهير عقول المسلمين من البدع التي اعتبرها عامتهم من الدين وليست منه في شيء.
نعم إن ثورة المرحوم السيد رشيد على البدع لا يوجد لها نظير إلا في أفراد من السلف الصالح، فقد صمد لها صمودا أشفق عليه منه حتى الذين كانوا يشاطرونه رأيه من العارفين، ولكنهم لم يؤتوا الشجاعة التي أوتيها، فباتوا يتوقعون له الشر المستطير، وقد لقي منه ما لو لقيه سواه لصده عن السبيل، ولكنه ثبت للمعارضين، واستبسل في الكفاح أيما استبسال، حتى استطاع بفضل إخلاصه وصبره أن يحدث في الصفوف المتراصة حياله ثغرة اقتحمها على مناوئيه وفي أثره جمهور غفير ممن كانوا لا يجرءون على مواجهتهم مجتمعين، فأصبحنا وللسنة الصحيحة أنصار مجاهرون، وحيال البدع خصوم مجاهدون.
فلو لم يكن لفقيد العلم السيد رشيد غير هذا الموقف لخلد ذكره في تاريخ المسلمين، فما ظنك به وقد أسقط دولة التقليد، تلك الدولة التي قضت على المسلمين بأن ينقسموا شطرين شطرا جمدوا على ما هم عليه من التقاليد المنافية لروح الدين، وقوما مرقوا من الإسلام واتخذوا لهم طريقا غير طريق المؤمنين، فلو كان دام سلطان التقليد لقضي على كل مفكر أن يفني في حزب المقلدين، وهي كارثة جدير بكل من يعرف حقيقة الإسلام ان يذوب قلبه أسفا منها. __________ 1) في مقتطف عدد أكتوبر عام 1935 كلمة عن رشيد رضا بقلم الشيخ محمد شاكر. __________ فكان السيد رشيد البطل المعلم في هذا الموطن الشريف، تلقي فيه بصدره كل ما يتلقاه المصلحون من الجامدين، وكان لجهاده أثر بعيد في تبصير المسلمين بسماحة دينهم، وببقاء باب الاجتهاد فيه مفتوحا إلى يوم يبعثون.
وكان تلميذ الأستاذ محمد عبده، وحامل لواء الإصلاح الديني من بعده، ولا بدع فإن أربعين سنة قضاها الفقيد الكريم في تحرير المنار يفسر كتاب اللّه على طريقة الإمام ويبسط أحاديث الرسول على نهج السلف، ويحرر الفتاوى في المسائل الدينية المختلفة، ويقطع ألسنة المبشرين والملحدين بالأدلة النواهض، ويجلو عن الشريعة ظلام الشبه بالعقل المنير، ويزيد في ثروة الأدب الإسلامي بالمصنفات القيمة، حرية أن تحله من قلوب المؤمنين موضع التجلة، وتبوئه من صفحات التاريخ مكان الأئمة.
ولد الفقيد في قرية (القلمون) إحدى قرى لبنان القريبة من طرابلس، فتلقى العلم طفلا ويافعا في هذه المدينة، ثم هاجر إلى مصر، فدخل الأزهر واتصل بالإمام محمد عبده اتصالا وثيقا، فأشار عليه أن يصدر (المنار) فكانت سجلا لآراء الأستاذ الاجتهادية في حياته، واستمرارا لدعوته الإصلاحية بعد مماته.
ثم أسهم في النهضة العربية واتصل بجمعياتها السرية في أطوارها المختلفة من سنة 1908 إلى قيام الحرب الكبرى.
فلما أعلنت الهدنة عاد إلى سورية فانتخب رئيسا للمؤتمر السوري الذي نادى بالأمير فيصل ملكا، ثم ظل في خدمة هذه الدولة العربية الجديدة حتى ثل عرشها الفرنسيون سنة 1920، فارتد إلى القاهرة يحرر المنار ويعالج التأليف، فأصدر طائفة من الكتب القيمة أشهرها تكملة تفسير الإمام على هديه ووحيه، ثم الجزء الأول من تاريخ الإمام وكان قد أصدر منه جزءه الثاني فيما قاله، والثالث فيما قيل فيه، ثم كتابه «الوحي المحمدي».
والرجل الذي قضى حياته في خدمة الاسلام وتراثه إلى أن توفي في 22 أغسطس 1935 - 23 جمادى الأولى عام 1354 ه. مات فبكته مصر والعروبة والإسلام والشرق، وأقيمت بجمعية الشبان المسلمين حفلة تأبين له في أبريل 1936، خطب فيها جمهور من العلماء والأدباء.
وقال فيه العالم العلامة الشيخ علي سرور الزنكلوني في حفلة تأبينه: كان لصاحب المنار منذ عرفته مصر وجود قوي، وشخصية بارزة، امتد صوتها إلى الأقطار العربية والأقطار الشرقية، بل كان لهذا الصوت أثر في بعض الأمم التي ليست شرقية ولا إسلامية، لأن الأبحاث التي تعرض لها صاحب المنار وأن اتصلت بالشرق وبالإسلام اتصالا قويا، فانها متصلة بالغرب أيضا، لأن عيون الغرب لا تنام عن المسلمين ولا عن الشرقيين.
اشتغل صاحب المنار طوال حياته بقضية الاسلام وقضية العرب، وبما يتصل بالاسلام من أمر الخلافة، وما يتصل بالعرب من هجمات الاستعمار، ولم تحرم مصر من نزعاته السياسية في ظروفها المختلفة، فكان بهذا كله لمصر، وللشرق وللاسلام والمسلمين.
وليس في وسعي أن أوفي صاحب المنار حقه في مثل هذا الموقف، ولكني أردت ان أساهم مع المساهمين، وفاء لحق الصداقة، وتقديرا لتلك الشخصية النادرة.
عرفت المغفور له صاحب المنار منذ ابتداء الأستاذ الإمام -رضوان اللّه عليه- دروسه في الأزهر، ولم يكن صاحب المنار في ذلك العهد يدهشنا وجوده العلمي، لأن طلاب الشيخ جميعا كانوا يغترفون من بحر واحد، وإن تفاوتت مراتب جهودهم واستعدادهم.
ولم يكن لصاحب المنار ميزة في ذلك الوقت سوى أنه كان يكتب ما يلقنه أستاذنا علينا، وقد كان مثل هذا العمل في نظر الأزهريين عملا عاديا وتآخى معنا السيد رشيد بحكم صلة الدرس العامة، وبقدرها، وكان هذا لا يمنع بعضنا من توجيه النفس إلى السيد رشيد، توجيها خاصا كلما ظهر السيد رشيد بمواهب ممتازة، قد يطول الحديث عنها، حتى هوجم الأستاذ الإمام في آرائه الدينية والاصلاحية، مهاجمة عنيفة، من كل القوى التي توفرت لها عوامل الكيد والاستبداد، وإذا بالسيد رشيد يبرز في وجوده القوي لمناصرة الحق، والوقوف في وجه هذه الجيوش الحاشدة، فأخذ السيد رشيد يواجه خصوم الشيخ بقلمه ولسانه، وينشر في مجلة المنار آراء أستاذه واتجاهاته، وكان يتلقاه من دروس شيخه، وما كان يعلق عليها بعبارات من عنده تدل على كمال الفهم واستقلال الفكر، وكذلك كان أمر السيد رشيد في كل ما كان يكتب من مقالات، وما يدون من أبحاث! لأن أسلوب الأستاذ الإمام خلق ممتاز، وسيبقى ممتازاً.
مات الأستاذ الإمام، وللسيد رشيد في نفوس إخوان الشيخ وابنائه منزلة سامية، ومع سمو هذه المنزلة لم يخطر ببال أحد أن السيد رشيد سيرث الشيخ فيما كان يدعو إليه، وأنه سيرتفع صوته في بلاد الإسلام النائية؛ ولكن أبى اللّه سبحانه إلا أن يسير السيد رشيد بخطى واسعة الى الامام، وقدر اللّه لصوته وهو على منبر منارة ان يدوي في بلاد الاسلام والشرق، ولم يصب جهاده في سبيل العلم والدين بعد وفاة شيخه مع كثر المخاطر شيء من الوهن والفتور، ولا جرم ان هذه الميزة هبة الهية لا تمنح الا للقليل من أفذاذ الرجال، لأن حياة الأستاذ الإمام كانت قوية في مصر وفي غير مصر.
لهذا كان بقاء صاحب المنار أكثر من ثلاثين عاما بعد وفاة شيخه في وجوده القوي، يصد عادية جيوش الباطل التي لم تفتر ولم تنم، دليلا ملموسا على أنه من الأفذاذ الذين بخل التاريخ بالكثير من أمثالهم، ولعل أكبر شاهد على ذلك ان مهمة السيد رشيد العلمية لم يستطع إلى الآن أن يقوم بها فرد او جماعة على كثرة العلماء والكاتبين.
ان لصاحب المنار -رحمة اللّه عليه- من حياته العلمية آثاراً كثيرة، وجوانب قوية لا أستطيع أن أوفيها حقها.
وقد أردت أن تكون كلمتي فيه الآن مقصورة لم تتأكد إلا من درس التفسير على الأستاذ الإمام، ولأن آثاره في تفسير القرآن هي أقوى الآثار وأظهرها في الإقناع والإلزام، ولأن مفسر القرآن إذا أخلص وصدق! استحق الثناء الخالد، لأنه بصدقه وإخلاصه يشرف عقله على الوجود، وعلى ما وراء الوجود، وقد تحقق ذلك للسيد رشيد رحمة اللّه عليه، فالقرآن كتاب الوجود، وكتاب ما وراء الوجود، وكل من جهله، واتجه إلى غيره مهما كان قويا في نظر نفسه، وفي نظر أمثاله، فحياته غير صادقة، وسعادته لا ضمان لها، ولا استقرار، بل المسلمون إذا أخلصوا للقرآن فهما وعملا، وعرضوا جواهره السماوية على عقول البشر، فقد ملكوا كل شيء، لأن العقول من مادة السماء، ومادة السماء إذا تركزت في الأرض محال أن يطغى عليها شهوات النفس الترابية، والانسان إذا أهمل فهم القرآن والتبصر فيه، وقد أحاط بما في الأرض علما، فليس من اللّه ولا من الوجود الحق في شيء، فحصر العقل في جزء صغير من الوجود يستخدمه في حياته المادية لا يصور الحقيقة، ولا يحقق معنى الحياة والسعادة إذ الحياة الانسانية مسبوقة بوجود لانهائي وبعدها وجود لانهائي، ومن حق العقل ان يفكر طويلا في ذلك لوجود اللانهائي، وهذا لا يتم إلا بفهم القرآن.
ومن أجل ذلك يقول اللّه تعالى: يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَهُمْ عَنِ اَلْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ ويقول: وَإِنَّ اَلدّارَ اَلْآخِرَةَ لَهِيَ اَلْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ.
إن لأهل القرآن وأنصاره مرتبتين: المرتبة الأولى: هي فهم معانيه الصحيحة وامتزاجها بالعقل والروح والنفس، فيشع منها النور والقوة بحيث يعملان عملهما في الوجود بقدر الطاقة البشرية، وهذه هي مرتبة النبي صلى اللّه عليه وسلم، ومرتبة الصديقين من أصحابه وأمته إلى يوم الدين.
والمرتبة الثانية: هي فهم معانيه فهما صحيحا، وامتزاجها بالعقل، وبالنفس في أغلب أحوالها، وهذه هي مرتبة كبار العلماء والصالحين مع ما في كل من المرتبتين من المنازل المتفاوتة بتفاوت الاستعداد، وصفاء الجوهر.
واني أو من إيمانا قويا بأن السيد رشيد قد تمت له المرتبة الثانية في أرقى منازلها، وأرجو أن يكون له نصيب من المرتبة أن القرآن هو كلام اللّه، وأنه كتاب الوجود.
تعلمون مقدار ما بذلته وتبذله العقول في استخراج جواهره منذ أنزل إلى اليوم، ولا يتم للعقل استقصاء كل ما فيه وتحديده بالدقة ما دام الوجود قائما، ولكن العقل يأخذ منه ما استكمل به وجوده، وطمأنينته في الدنيا والآخرة على قدر فهمه.
ومن هنا تعددت آراء المفسرين لاختلاف وجوه النظر، ولذلك كان تفسير القرآن في أكثر العصور فن علم وجدل، مع أن التفسير يجب ان يكون زبدا مستخلصا بالمقاييس العلمية الصحيحة المستمدة من الفن والبحث، كما أن التفسير الذي لا يعتمد على مقاييس العلم والعقل، لا يسمى على الحقيقة تفسيرا للقرآن الكريم.
ويجب أن يدخل في مقاييس العلم ما يستظهره العقل من أسرار الوجود بالدلائل القاطعة، وليس من التفسير مظاهر الحياة التي تعتمد على نزعات النفس في إنسانيتها الضعيفة المضطربة.
وهذا هو ما وفق إليه الراحل الكريم في تفسيره للقرآن، وفي علاجه للأبحاث الدينية، فقلما كان يتعرض السيد رشيد لبحث ما يتصل بالقرآن اتصالا جوهريا إلا بقدر ما تمس له الحاجة.
وكثيرا ما كان يتعرض لأقوال المفسرين، وما يستدلون به ولكنه لم يترك القرآن في المكان الذي تتجاذبه فيه الآراء كما فعل أكثر المفسرين، بل كان في تفسيره يستخلص القرآن للعقل مؤيدا باللغة وبالشواهد والأدلة من ظواهر الوجود.
وأول من فتح هذا الطريق وعبده الأستاذ الإمام رضي اللّه عنه، وقد سار فيه تلميذه صاحب الذكرى شوطا بعيدا انتهى فيه إلى آخر سورة يوسف عليه الصلاة والسلام، وقد فسر من القرآن على هذا المنوال الحكيم اثني عشر جزءا، وهي أصعب أجزاء القرآن فهما واستنباطا، وكان آخر آية فسرها من سورة يوسف ومات على أثر تفسيره لها قوله تعالى: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ اَلْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ اَلْأَحادِيثِ فاطِرَ اَلسَّماواتِ وَاَلْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي اَلدُّنْيا وَاَلْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ.
وقال في رثائه الشاعر الحاج محمد الهراوي: أي صرح هوى وحصن حصين ... ولواء طوته أيدي المنون وكتاب في الرشد يهدي إلى ... الرشد وسيف مهند مسنون مات رب المنار والأمر للّه ... وما مات غير داع أمين عاش للّه مخلصا في جهاد ... نصف قرن مبارك في القرون ومضى باليراع يدعو الى الحق ... وبالقلب واللسان المبين لا يطيق السكون في جرح الد ... ين ويمضي يرج اهل السكون لم يدع راحة له أي حين ... وهو في حاجة لها كل حين طاح بالقلب حين أودى به الجهـ ... ـد وجهد الغيور نار أتون فقد العلم منه أي كتاب ... فقد الدين منه أي معين شعر الناس باحتياج اليه ... بعد ان لم يروا له من قرين عز عن صاحب المنار حمى الش ... ام وعز الأحباب في «قلمون» بلدة في ذرى طرابلس قرت ... من طرابلس غرة في الحبين بلدة انجبت الى الشرق قوما ... هم نجوى الهدي وأسد العرين غاب عنها منارها فتوارت ... من جوى الحزن بالسحاب الجون بعثتني جماعة الفضل في مصر ... رسول القريض في التأبين بعثتني لأندب العلم والدين ... وأبكيهما بدمع سخين بعثتني وساقها حسن ظن .... في ضعيف ينوء تحت الظنون ولعمري لو لم تكن بعثتني ... لرأتني بالدمع غير ضنين فلقد كان بي حقيقا وكانت ... بيننا عروة الود المتين عقدت بيننا المودة قربي ... زاد توثيقها توالى السنين شيبتني مواقف الحزن تترى ... ورثاء الخدن أثر الخدين ووقوفي على الربوع الخوالي ... وبكائي المكان بعد المكين والتياعي على أيامي تخلت ... عن حماها يد الكفيل المعين ويتامى تذوق في العيش بؤسا ... بعد خفض من الزمان ولين برح الحزن والجوى بفؤادي ... قرح الدمع والبكا من جفوني من مجيري من بعدها ومقيلي ... من وقوفي بطرف باك حزين؟ يا غريب الديار لم تفقد الأهل ... فما مصر غير ام حنون جئتها عالما وطالب علم ... فتلقتك في الحشى والعيون يا ربيب الامام في مجلس العلم ... وفي موطن الهدى واليقين كنت أو في بنيه حفظا لذكراه ... وأبقى على الوفاء المصون |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| |
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: مشايخ السادة المالكية الجمعة 06 مايو 2016, 12:04 am | |
|
- مشايخ السادة المالكية
------------------- كانت العادة بالأزهر الشريف أن للسادة المالكية شيخا عليهم، ودرجته قريبة من درجة شيخ الجامع، وأما السادة الحنفية والسادة الشافعية والسادة الحنبلية، فكان شيخهم هو شيخ العموم، ومن عهد قريب صار للسادة الحنفية شيخ، وصار للحنابلة شيخ كذلك، ولنأت بذكر مشايخ السادة المالكية، فمن تولى مشيخة السادة المالكية إمام المحققين، وعمدة المدققين، العلامة الشيخ علي العدوي المنسفيسي الصعيدي المالكي، ولد ببنى عدي سنة 1112 ه وقدم إلى مصر وحضر دروس مشايخ عصره كالشيخ الحفني واضرابه وكان له كرامات عجيبة وله مؤلفات مفيدة وهو أول من خدم كتب مذهب المالكية بالحواشي وأول من درس بمسجد محمد بك ابي المذهب وكان يدرس بالأزهر وبمسجد الغريب ويوم الجمعة بمسجد مرزه ببولاق، وكان على قدم السلف في التقوى والاشتغال بالعلوم. . وتوفي سنة 1189 ودفن بالبستان.
ثم تولاها أبو البركات سيدي أحمد الدردير العدوى المالكي الأزهري الخلوتي، وولد ببني عدي سنة 1127 وحفظ القرآن الشريف وقدم الى الأزهر وحضر دروس مشايخ عصره كالشيخ علي الصعيدي والشيخ الحفني واضرابهما وألف وأفاد وتآليفه أشهر من ان تذكر، وكان شيخا لرواق الصعايدة وتوفي سنة 1201 ه ودفن بزاويته التي أنشأها بخط الكعكيين وهو مشهور يزار.
ثم تولاها عالم عصره، ووحيد دهره بلا خلاف سيدي محمد الأمير الكبير صاحب التآليف العديدة في كل فن معقول ومنقول، ولد سنة 1154 بسنبو وهي بلد من قسم ديروط بمديرية أسيوط، وختم القرآن الشريف وهو ابن تسع سنين، ثم التحق بالأزهر وحصل ودرس ولم يدع فنا الا اتقنه ودرسه حتى فقه الحنفي والشافعي.
وله تآليف جمة في فنون كثيرة وهي كجوامع الكلم، وكان توجه في بعض المقتضيات إلى دار السلطنة وألقى هناك دروسا حضره فيها العلماء وشهدوا بفضله واستجازوه ورجع الى مصر معظما مبجلا ومعه كتب توصية للباشا والأمراء وقد أنعم عليه من الدولة وكانت تأتيه الصلات من سلطان المغرب وتلك النواحي وكان كلامه حكما.
ومن كلامه: دع الدنيا فليس بها سرور يتم ولا من الأحزان تسلم ونفرض أنه قم تم فرضا فان زواله أمر محتم وكن فيها غريبا ثم هيء الى دار البقا ما فيه مغنم وإن لا بد من لهو فلهو بشيء نافع واللّه أعلم وسبب تلقيبه بالأمير أن جده الأقرب أحمد بن عبد القادر كان له إمارة حكم في بلاد الصعيد وأصله من المغرب وتوفي عليه سحائب الرحمن والرضوان يوم الاثنين العاشر من ذي القعدة سنة 1232 ه، ودفن أمام ضريح الشيخ العفيفي.
ومما قيل في رثائه تمثلاً: حلف الزمان ليأتين بمثله حنثت يمينك يا زمان فكفر ثم تولاها ابنه الشيخ محمد الأمير الصغير، ثم تولاها الشيخ ابراهيم الجامع بين العلم والتقوى فرع الشجرة النبوية وخلاصة السلسلة الهاشمية الشيخ عليش.
وقد ولد رحمه اللّه بالقاهرة بحارة الجوار بجوار الجامع الأزهر في شهر رجب سنة 1217ه، وحفظ القرآن واشتغل بالعلم بالأزهر وأدرك الجهابذة كالشيخ الأمير الصغير وأضرابه والشيخ مصطفى البولاقي والشيخ البناني صاحب التجريد وكثير من كبار العلماء ودرس سنة 1232ه، ولم يدع فنا إلا درسه وتخرج من درسه جل أهل الأزهر أو كلهم وتوفي عام 1299ه وتوفي ابنه الشيخ عبد اللّه عليش عام 1294 ه..
ثم ألغيت مشيخة المالكية بعده خمس سنوات حتى تولاها الشيخ سليم البشرى.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الشيخ البحراوي الجمعة 06 مايو 2016, 12:11 am | |
| الشيخ البحراوي هو الشيخ عبد الرحمن البحراوي الحنفي الأزهري، ولد بكفر العيص قرية على شط النيل بمديرية البحيرة، وكانت ولادته سنة 1235 ه، وقدم لمصر وقرأ القرآن بالأزهر وجود فيه، وفي سنة 1249 شرع في حفظ المتداول من المتون، وفي سنة 1251 حضر دروس المشايخ فتلقى الفقه والتفسير والحديث عن الشيخ محمد الكتبي وأهل طبقته وتلقى علوم الأدب والمنطق والتوحيد عن الشيخ إبراهيم السقا والشيخ مصطفى البولاقي والشيخ إبراهيم البيجوري واضرابهم.
وكتب بيده كل كتاب حضره فضلا عما كان يكتبه للاقتيات بثمنه لأنه كان قد قل من العيش وقد اجتهد في التحصيل وسهر الليالي مع جودة قريحته حتى تأهل للتصدر للتدريس في سنة 1264 وشهد بفضله أعيان الأزهر ولم يزل متصدرا للتدريس مع حسن القائه وعذوبة ملحه وكان محترما عند أولي الأمر، وفي سنة 1271 نيط به تصحيح الفتاوى الهندية بالمطبعة الكبرى ببولاق مصر، وبعد تمام الطبع تولى قضاء اسكندرية سنة 1277 ثم رفع من قضائها سنة 1282 فعاد للتدريس بالأزهر وفي سنة 1289 عين للفتوى بالمجلس الخصوصي، وفي سنة 1293 عين رئيس المجلس الأول بالمحكمة الشرعية المصرية الكبرى، ثم بعد ذلك تولى افتاء الحقانية، ثم رفع وعاد للتدريس بالأزهر، وله من على شرح العيني وحاشية على شرح الطائي، وله كتابات على أغلب كتب المذهب الحنفي، وتخرج من درسه كثير ممن تولى القضاء وممن درس بالأزهر، ومن أجلهم الأستاذ الفاضل الشيخ محمد بخيث المطيعي. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الشيخ محمد بخيت المطيعي الجمعة 06 مايو 2016, 12:19 am | |
| الشيخ محمد بخيت المطيعي في اليوم الحادي والعشرين من شهر رجب 1354ه - الثامن عشر من شهر أكتوبر 1935م استأثرت رحمة اللّه بالعلامة، الشيخ محمد بخيت المطيعي، فقضى مبكيا عليه من مئات الألوف من العلماء والطلاب في جميع بلاد المسلمين، الذين كانوا يرون فيه المثل الأعلى للاطلاع الواسع والإفادة والفتيا.
ولد رحمه اللّه في بلدة المطيعة من أعمال أسيوط سنة 1271ه- 1856م، وحفظ القرآن وحصل رحمه اللّه العلم بالأزهر فتخرج في علوم الشريعة والعربية، ونال فيها شهادة من الدرجة الأولى سنة 1294 للهجرة أي منذ نحو اثنتين وثمانين سنة، وأكب من ذلك العهد على التدريس والافادة بهمة يندر أن يصادف لها مثيل في حياة العلماء العاملين، ثم ندب للاشتغال في القضاء عام 1297ه فتنقل في وظائفه حتى بلغ أعلى درجاته، مظهرا في كل منها من الكفاية ما لا يكون إلا للعلماء الراسخين.
ومن المناصب التي شغلها قضاء مصر نيابة عن القاضي التركي، وفي عام 1914م عين مفتيا للديار المصرية، وبعد سبع سنوات بلغ السن القانونية لوظائف الحكومة، فترك الاشتغال بالقضاء، وعكف على الدرس والتدريس والافتاء.
فكانت داره مثابة للمستفتين والمستفيدين، وكان لا يبخل على أحد بفتيا، حتى إذا كان بعيدا عنه تكلف له كتابة الفتوى وأرسلها إليه بالبريد.
وكان شهرته قد تجاوزت مصر الى العالم الإسلامي كله، فكانت ترد اليه الاستفتاءات تترى في مختلف المسائل، ومنها مسائل تحتاج الى مراجعات كثيرة مضنية، فكان لا يضن بنفسه عن القيام بها فيحررها ويرسل بها للمستفتين.
ومما انفرد به أنه كان قد استخدم كتابا لنقل فتاواه وتولى إرسالها إلى طلابها في مختلف الأقطار، متحملا مكافآتهم شهريا وأجر ما يرسله بالبريد من الكتب والرسائل.
وقد عرف رحمه اللّه بالزعامة في علم الأصول، فكان يرجع إليه جلة العلماء فيما يشكل من مسائله، ويصادفون لديه لكل مشكلة حلا، كأنها مرت به من قبل فعالجها وانتهى الى ما يحسن السكوت عليه من أمرها..
وكان خاتم طبقة من العلماء المحققين الذين تميزوا في حياة الأزهر بالتبسط في العقائد، والتعمق في الفقه، فانتهت إليه الامانة فيهما حينا من الدهر. كما كان -غفر اللّه له- من أشد المعارضين لحركة الإصلاح التي قام بها الامام محمد عبده.
دفعه الى تلك المعارضة الثائرة دوافع المنافسة من جهة، وتحريض أولى السلطان من جهة أخرى، وكان في الشيخ زكاته شاهدة ودعابة لطيفة، وطموح إلى مساماة الامام في منصبه ونفوذه وشهرته، حرك فيه الأخذ بنصيب من الادب والثقافة العامة. ولعله كان أعلم أهل جيله بدقائق الفقه الحنفي، وأبسطهم لسانا في وجوه الخلاف بين أصحاب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة.
وكان ميلاده في المطيعة من أعمال أسيوط في 10 محرم عام 1271ه، وشب على الذكاء والعقل وحفظ القرآن المجيد، ثم حفظ متن الإجرومية في النحو ومتن العشماوية في فقه المالكي وحضرهما على حضرة الأستاذ الشيخ محمد عنتر الكبير والد الشيخ محمد عنتر أحد علماء الأزهر، ثم طلبت نفسه الشريفة التوجه الى الأزهر لتحصيل العلوم من معدنها فقدم لمصر في أوائل سنة 1281هـ واشتغل بالتحصيل مقلدا مذهب أبي حنيفة النعمان.
فحضر على مشاهير الأزهر كالشيخ الدرستاوي، والشيخ عبد الغني الملواني، والشيخ عبد الرحمن البحراوي، والشيخ حسن الطويل، والشيخ الدمنهوري، والشيخ المهدي، والشيخ عبد الرحمن الشربيني، والشيخ جمال الدين الافغاني وحديث وأصول وتفسير وبلاغة ومنطق وحكمة وغير ذلك على المشايخ المذكورين وغيرهم من كبار الأزهر ولازم الاجتهاد الى ان مهر وامتحن للتدريس وحاز الدرجة الأولى ودرس سنة 1292هـ.
ولازم تدريس كتب المنطق والحكمة والتوحيد الى سنة 1295هـ ثم درس الفقه والنحو الى سنة 1297هـ وفيها تولى قضاء مديرية القليوبية ثم قضاء مديرية المنيا ثم قضاء محافظة بور سعيد ثم قضاء محافظة السويس ثم قضاء مديرية أسيوط ثم تولى تفتيش نظارة الحقانية ثم قضاء اسكندرية ثم تولى رياسة المجلس الشرعي بمحكمة مصر الكبرى ثم عضوية المحكمة العليا بها، ومع ذلك كان حفظه اللّه ملازما لتدريس العلوم في كل جهة تولى بها مع همة ونشاط، ولم يزل يدرس الكتب العالية مع القيام بكامل شئونه وأعماله.
وله تآليف عديدة، منها حواشي الخريدة، وحواش على شرح العقائد العضدية، وارشاد الأمة في أحكام اهل الذمة، وحسن البيان في ازالة بعض شبه وردت على القرآن، والدرر البهية في الصلاة الكمالية لدفع شبه وردت على تلك الصيغة، ومقدمة شفاء السقام المسماة بتطهير الفؤاد من دنس الاعتقاد وسواها. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الشيخ حسين والي الجمعة 06 مايو 2016, 12:26 am | |
| الشيخ حسين والي كان مقررا ان تنعقد لجنة الفتوى بالأزهر في الساعة الرابعة من مساء يوم السبت 6 من ذي الحجة سنة 1354 الموافق 29 من فبراير سنة 1936 برياسة فضيلة رئيسها المغفور له الشيخ حسين والي.
وما كادت تبزغ شمس ذلك اليوم حتى فوجىء أعضاؤها، كما فوجىء الناس عامة بنعي رئيسها العظيم، وما كادت تحين الساعة المحدودة لانعقاد اللجنة، حتى كان شيخها الجليل يعبر الطريق من منزله الى الأزهر الشريف محموة فوق الأعناق، مشيعا بقلوب مكلومة، وزفرات حارة، ودموع منهمرة، فذاق اعضاء لجنة الفتوى الذي خبروا الفقيد عن كثب، فعرفوا فيه العلم الغزير، والخلق الكريم، والعقل الراجح، بالاطلاع، والدقة في تلمس الحق، ذاقوا آلام الحزن العميق على هذا المصاب الجلل.
ويقول عنه الشيخ عبد الجواد رمضان: هو السيد حسين والي بن العلامة السيد حسين والي بن السيد إبراهيم والي، ينتهي نسبه الى الإمام أبي عبد اللّه الحسين بن علي، رضي اللّه عنهما.
ولد في منية ابو علي من اعمال مركز الزقازيق في مديرية الشرقية، في رجب الفرد سنة 1285 نوفمبر سنة 1868، وطلب العلم في الأزهر، منتسبا الى رواق معمر، إلى ان نال شهادة العالمية سنة 1317 ه- 1899 م.
وأذن له بالتدريس في الأزهر سنة 1900، ثم ندب للتدريس في مدرسة القضاء الشرعي سنة 1907.
ثم عين مفتشا في الأزهر والمعاهد الدينية سنة 1911، ثم وكيلا لمعهد طنطا سنة 1914، ثم سكرتيرا عاما للمجلس الأعلى بالأزهر سنة 1920، وبقي في هذا المنصب الى أن ألغي في ديسمبر سنة 1926، وفي 7 من شهر ربيع الأول سنة 1343 (6 من أكتوبر سنة 1924) عين في هيئة كبار العلماء بمرسوم جاء فيه: «عين في هيئة كبار العلماء كل من حضرات.
الشيخ محمد مصطفى المراغى الحنفي المذهب رئيس المحكمة العليا الشرعية، والشيخ حسين والي السكرتير العام لمجلس الأزهر الأعلى والمعاهد الدينية، والشيخ محمد الحلبي، والشيخ سيد علي المرصفي، الشافعي المذهب».
وتوفي -طيب اللّه ثراه- في 28 من فبراير سنة 1936، وهو عضو في مجلس الشيوخ، وفي المجمع اللغوي.
وما تزال أصداء جولاته تدوي في قبابهما فيتجاوب بها آفاق العروبة في مشارق الأرض ومغاربها إلى اليوم.
والسيد حسين والي، أحد الأقطاب الذين سما حظهم من التبحر في علوم اللغة العربية وآدابها، وأخذوا بآفاقها وشعابها، على جميع الباحثين والمتأدبين، في عصر النهضة، فلا يسبقهم سابق، وإن ناصاهم شواذهم في أقطار الشرق العربي معدودون معروفون.
هم الأئمة «و سائر الناس على آثارهم مهتدون».
الرفيعة التي لا ترام، فلقد كان -إلى تبحره في علوم الأزهر- كاتبا قديرا، وشاعرا فحلا.
يكتب كما يكتب حمزة فتح اللّه، والسيد توفيق البكري، والشدياق الخ، ويشعر كما يشعر حمزة فتح اللّه، والسيد توفيق البكري، وآل اليازجي، وغيرهم من كبار الكتاب وفحول الشعراء، في مصر والشام والعراق، ويصاول المؤلفين والباحثين في وزارة المعارف وغيرها، وينقدهم، وينال منهم ويوجههم فيتجهون، ويفتي في اللغة والأدب، فينقطع كل قول، ويخفت كل صوت.
ذلك بأنه كان مطلعا فقيها لغويا، ذواقة، هاضما لما علم، واثقا مما يقول.. والإيمان بالرأي أقوى أسلحة الشجاع.
وكان من الطبيعي أن ينال السيد حسين والي من الشهرة عند الخاصة والعامة كفاء هذه المواهب المتوافرة، بيد أنه عض من شهرته شمائل، هي في شرفها وعنصرها أنفس جوهرا، وأعز قيمة، وأرفع جمالا من كل شهرة.
وكان السيد حسين والي غاليا في التعصب للقديم، يعتز به، ويحافظ عليه، ويرعاه في دينه، وفي سمته، وفي لغته، وفي كل ما يحيط به، حتى لقد سمي أولاده: أسامة، ولؤي، ونزار، والفرات.
يحدوه إلى ذلك نسبه الشريف، ونشأته الأزهري، ووقار ألبسة اللّه منه رداء فضفاضا، ثم نزعة صوفية عميقة ظهرت فيه طول حياته. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الشيخ محمد الفحام الجمعة 06 مايو 2016, 4:21 am | |
| الشيخ محمد الفحام تخرج الأستاذ رحمه اللّه في الأزهر، وبعد نيله شهادة العالمية التحق بخدمة القضاء الشرعي، وتقلب في وظائفه سنين كثيرة عرف فيها بسداد الرأي والحزم.
ثم نقل من القضاء إلى الإمامة الخاصة للملك، ثم خرج منها إلى مشيخة معهد الاسكندرية، فكانت له فيها آثار ظاهرة، ونظم مفيدة، وسمعة بين الناس طيبة رشحته إلى تقليد وكالة الجامع الأزهر، وكان قد تملأ خبرة بإدارة الاعمال، وبالزمان وأهله، وبقيادة الموظفين، فكان يخوض معهم في الادارة العامة عباب الأعمال المختلفة، ويمضي معهم الساعات الطويلة مناقشة وبحثا عليه فيسعهم بتلطفه وطلاقة وجهه، لا يكاد يفرغ من هذا العمل المتواصل آناً يسترد فيه ما فقده من قواه حتى موعد الانصراف.
لبث على ذلك بضع عشرة سنة، ولولا صفات متأصلة فيه من المضاء والمرونة المستندة إلى اللباقة، لاصطدم طوال هذه المدة التي اجتاز الأزهر فيها أزمات خطيرة، وعقبات كأداء، بعواثير لا تذلل، ولكنه رحمه اللّه عالجها على أسلوبه بالموازنة والمياسرة، وتمكن بذلك أن يستبقي الادارة العامة قائمة تؤدي واجباتها الديوانية خلال هذه الأزمات الشديدة.
أصابه رحمه اللّه قبل نحو شهرين من وفاته، مرض عضال أصاب الطحال والقلب، بذل كثير من الأطباء جهد العلم في معالجته فاستعصى، وما زال رحمه اللّه يضعف حتى أسلم الروح في مساء السبت 18 من جمادى الأولى سنة 1362هـ (الموافق 22 من مايو سنة 1943م). |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الشيخ يوسف الدجوي الجمعة 06 مايو 2016, 4:34 am | |
| الشيخ يوسف الدجوي في مساء الثلاثاء 4 صفر سنة 1365ه- 8 يناير سنة 1946م، توفي الشيخ العلامة، يوسف الدجوي الأزهري النابغة الكفيف البصر، وعضو جماعة كبار العلماء.
وكان الأستاذ الدجوي من العلماء الراسخين في العلوم التي تدرس في الأزهر أخذها عن أئمتها مثل الشيخ هارون عبد الرازق والشيخ أحمد الرفاعي الفيومي والشيخ محمد طموم والشيخ أحمد فايد الزرقاني، والشيخ رزق البرقامي، والشيخ سليم البشرى، والشيخ البحيري، والشيخ العدوى، وكلهم من أقطاب الجامعة الأزهرية الذين صانوا رسالتها الى هذا العصر الحديث.
ولد الدجوي في قرية دجوة التابعة لمركز قليوب في سنة (1287) من أب عربي، وأدخله والده الأزهر في سنة (1301 ه) ونال الشهادة العالمية في سنة (1317) بنجاح عظيم كان مدعاة لأن يزوره في دارة الحنفي من كبار العلماء وهنأه على ما أصاب من توفيق.
وما فعل ذلك إلا من شدة إعجابه به، وإكباره لشأنه، وتوقعه له حياة علمية تشرف الأزهر والأزهريين، وقد صدق حدسه، فإن الأستاذ الدجوي لم يلبث أن ظهرت مواهبه، وتجلت خصائصه، فصار مرجعا للمستهدين والمستفتين في جميع البلاد الإسلامية.
ولما أسست المشيخة الأزهرية مجلة الأزهر كان من أول من وقع اختيارها عليهم ليحرروها الشيخ الدجوي رحمه اللّه، فكتب فيها البحوث الممتعة في الدين والتفسير والحكمة، وبقي على موافاتها ببحوثه الى عهده الأخير.
ومن مميزات الشيخ رضي اللّه عنه أنه كان يأنس الى البحوث النفسية الحديثة في اوروبا ويراها خير أداة لكسر شوكة الماديين، وقد اعتمد في كتاباته على ما حققوه منها وكان لا يخشى في مجاهرته بذلك لومة لائم.
وقد ترجم له قلم ترجمة مجلة الأزهر كتابه القيم (رسائل السلام) الى اللغة الانجليزية، فطبعت المشيخة الأزهرية منه عشرة آلاف نسخة بعث كثيرا منها لمن لا يستطيعون فهم العربية وللأجانب الراغبين.
كان مفسر الأزهر ومحدثه، بل فيلسوفه وكاتبه، وخطيبه، كما كان موضع ثقة الجماهير الاسلامية في شتى الأقطار، تتوارد اليه استفتاءاتهم من جميع الجهات، وتصلهم مقالاته النافعة بمجلة الأزهر وغيرها من المجلات والصحف العربية والافرنجية ومؤلفاته الممتعة 1.
ومنها كتاب سبيل السعادة الذي ألفه عام 1912م في فلسفة الاخلاق الدينية وأسرار الشريعة الاسلامية، والرد على الطبيعيين، وقد قرظه إمام اللغة المرحوم الشيخ حمزة فتح اللّه بكلمة طويلة منها: «أحسنت يا شيخ الدين، وأديت فرض الكفاية عن علماء المسلمين، وشفيت السقام، ورويت الاوام». __________ 1) من كلمة لنجل الشيخ -الشيخ أحمد يوسف الدجوي الأستاذ بمعهد القاهرة- نشرت في مجلة الأزهر. __________ ومن مؤلفاته رحمه اللّه: الجواب المنيف في الرد على مدعي التحريف في الكتاب الشريف، اخرجه عام 1913م، رد فيه على القس الانجليزي (كولدساك) الذي طعن القرآن الكريم ونقص من شأن الاسلام، فأتى الشيخ على مزاعمه فهدمها من أساسها، وظل يتابع حملاته على كتاب هذا القس حتى صودر.
ومن مؤلفاته النادرة رسالة في تفسير قوله تعالى: «لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ» لم يتقيد فيها بما قاله المفسرون، بل ذهب فيها كل مذهب، وتصرف فيها كل متصرف، ودعا فيها علماء المسلمين شرقا وغربا للاجتماع والتشاور لاستنباط أسرار القرآن قبل ان يتهددهم الخطر.
ومنها رسالة في علم الوضع، اخرجها عام 1917م وقد نالت الجائزة الاولى من لجنة فحص الكتب العلمية.
ومنها مذكراته في الرد على كتاب الإسلام وأصول الحكم، وكلماته في السلفيات الحاضرة، وقد طبع هذه الكلمات علماء دمشق ونشرت هناك.
ومنها صواعق من نار في الرد على صاحب المنار، ومنها هداية العباد الى طريق الرشاد، جمع فيه من محاسن الدين الإسلامي الشيء الكثير، وقد انفرد فيه بأشياء لم يسبقه بها غيره.
ومنها كتاب رسائل السلام ورسل الإسلام، انتهى من تأليفه عام 1922م على أثر تكليف مشيخة الأزهر له بإخراجه بمناسبة اعتناق الألوف المؤلفة من أهل أوروبا وأمريكا، الدين الإسلامي، وقد ترجمته مشيخة الأزهر باللغة الإنجليزية وطبع بالمطبعة الاميرية، وأرسل الى الجهات النائية.
وقد وجهت صحيفة الاهرام الغراء في نهاية عام 1939م نصحها وارشادها الى زعيمي دول المحور الهر هتلر والسونيور موسوليني باتباع ما جاء بهذا الكتاب والعمل بالتعاليم الموجودة بين دفتيه، إذ انها تدعو للوئام والسلام.
ولا يفوتنا أن نذكر في هذه الكلمة ما كان يقوم العلمية في تفسر آي الذكر الحكيم، وحديث النبي الكريم، عقب صلاة الفجر بالرواق العباسي بالأزهر، وكان جلة العلماء، ومثقفو الطلبة حريصين على تلقي هذه المحاضرات، للارتشاف من منهل الامام الكوثر العذب، يبادرهم اليها، سيادة السيد المجددي، وزير الافغان المفوض بمصر سابقا، وقد كتب بعض المستشرقين؛ عند استماعه هذه المحاضرات، مقالات ممتعة، نشرتها صحف فرنسا بعنوان (سبنسر وباكون، في الأزهر الشريف) الخ.
أما ناحيته العملية، فتتمثل فيما قام به من تأليف الجمعيات الإصلاحية الدينية، التي منها جمعية النهضة الإسلامية لمناهضة المبشرين الذين استشرى فسادهم، وعم ضررهم حتى ضجت البلاد من شرهم، فكانت جمعية موفقة أدت واجبها خير أداء، وانتشرت فروعها في جميع الانحاء، فوقفت هذا التيار الجارف. ومنها الجمعية العظمى لمساعدة منكوبي حرب الأناضول، بمناسبة الحرب التركية اليونانية، وأسندت رئاستها إليه اول مرة، وبمناسبة تأسيسه لها أرسل إليه الخليفة عبد المجيد كتاب شكر وثناء وتقدير.
ولم يقتصر نشاط الشيخ على ما تقدم، بل لم يلهه الجهاد العلمي عن الجهاد الوطني، فكانت له مواقفه المشهودة في خدمة أهداف البلاد الوطنية، ومن تلك المواقف احتجاجه لدى العميد الإنجليزي على اعتقال المرحوم الزعيم الخالد سعد زغلول وصحبه المجاهدين المخلصين، اذ قال: «عجبا لسياستكم العتيقة كيف يفوتها أن شدة الضغط تولد الانفجار، وأن تقليم الأشجار لا يزيدها إلا تهيجا ونماء، وأن النفوس الانسانية متى امتلأت بشيء استعذبت الموت في سبيله، ولا تظنوا يا جناب اللورد ان هذه احتجاجات تفوه بها الألسن.
وإنما هي قلوب متأججة وأرواح مشتعلة وأعصاب متنبهة، فاعملوا إنا عاملون، ولا ييأس من روح اللّه إلا القوم الكافرون».
وقد نشرته الصحف في حينه.
ومن مواقفه التي تشهد له بالفخر والاريحية والاقدام والشجاعة، ذلك الكتاب الذي رفعه الى ملك الانجليز طالبا به تخفيف حكم الإعدام الذي صدر على شاب من شباب الأزهر والشيخ محمد الشافعي البنا - و قد استجيب طلبه.
كما أن الأستاذ الدجوي كان محاضراً ممتازاً تدعوه الجمعيات الاسلامية لإلقاء محاضرات علمية إجتماعية، إلى غير ذلك من مواقفه المجيدة، وأعماله الحميدة.
كتبت عنه مجلة «هدى الإسلام» تقول: قد وقف (الدجوى) أمام المضللين الذين عرفوا أنفسهم ب (المبشرين) وقفات جبارة أحبطت جميع مساعيهم وحطمت آمالهم القوية من جهتين: أولا: بكشف أغراضهم وبيان ضلالهم وبطلان عقائدهم ومبادئهم. ثانيا: بيان صلاحية الشريعة الإسلامية للأزمنة والأمكنة، وأنها الشريعة الكافلة لحياة البشر، وله في ذلك رسائل ومقالات كثيرة تشهد له بفائدتها شدة وقعها في النفوس، ومع ذلك فهو متعقب حركات المضللين وسكناتهم لا يدع لهم حيلة إلا فضحها، وهذه المثابرة أنتجت فكرة المقاومة ويسرت سبيل الغلبة، ولو لم يتداركوا أمرهم ويبدلوا خطتهم القديمة، لما سمعت لهم صوتا في بلاد الإسلام، وعلى كل فالهمم متضافرة والعزائم متعاونة على ملاحقتهم ومكافحة أفكارهم، فللدجوى يد فعالة في كل حركة إسلامية لا تعرف الهوادة واللين، وهو خير مثال للعالم الوقور، وله مؤلفات عديدة تشف عما انطوت عليه نفسه من الحكمة والسياسة الدينية والترغيب فى التدين وتصوير حقائق الإسلام إلى غير ذلك من المباحث القيمة التي انفرد بها، ولا تخلو منها مكتبة عامرة، ومع ذلك فقد كان دائبا على الكتابة والنشر، حريصا على استثمار حياته، والمتتبع له يعتقد اعتقادا جازما بأنه قد جعل حياته كلها وفقا لخدمة الأمة الإسلامية.
وللدجوي أسلوب جذاب في الكتابة، وهذه الجاذبية كما قلنا ليست بنت التصنع والتزويق وإنما من تواضع صاحبها ونوادر المعاني العالية، تتخذ لها القوالب الموافقة، فيأتي المبنى منطبقا على المعنى، وعلى الرغم من ذلك فأسلوبه لا يتبدل مهما تبدلت مواضيعه.
وقد تكون بعض مقالاته فهرس مقالات خصبة ممتعة.
فكتاباته كانت أشبه بالإلهام والخواطر بصرف النظر عن بعض الدواعي التي تدعوه العقليات لأنها ابتعدت عن التصنع والزخرفة الفارغة، وله قدرة جليلة على حسن الاختيار من بدائع المنقول، فهو يعرف كيف يقتطف لباب الغير وأروع الحوادث من كتب المتقدمين وكذلك يعرف كيف يختار لها المناسبة ويعطيها اللائق بها، فكثير من الناس لا يعرفون كيف يستفيدون من تلك العبر والحوادث وهي بين أيديهم، فلا غرابة اذا هم لم يفيدوا بها وإذا فهموها فربما سولت لهم أنفسهم أن يستغلوا تأويلها في مآربهم الخاصة كما جرى على هذه الطريقة كثير من تجار النفاق.
وأنت إذا قرأت منقول الدجوى، اطمأنت نفسك اليه وارتاحت من عناء البحث والتنقيب وتعقيب المطولات، فإنه إذا نقل حفظ الامانة وأشار الى خلافها كما أنه يبنى عليه المعقول البديع الذي يخلب الألباب، وينادم الأفكار الحرة المجردة من قيود التعصب الأعمى والتقليد الطائش، وتكاد تلمس تحكمه في معقوله تحكما ينطبق على الواقع ويلائم الأحوال.
ولع بالعلوم الدينية صغيرا ولم يكن ولعه مقصورا على الكسب والدرس، بل أفسح لدماغه التجول والمناقشة والنقد للرواية والدراية فظهر نبوغه بين أقرانه ورمقته عيون الحاسدين فلم تنل منه شيئا إنما زادته جرأة وحرية أوسع، ثم جمع بين العلم والزمان فرأى مفهوم العلم عند بعض الناس يناقض حاجة العصر.
حيث إن بعض العلماء عاجزون عن التوفيق بينهما وذلك لأن فهمهم استمد من حالات قديمة تختلف كل الاختلاف عن الأحوال الراهنة.
أما اليوم فليحارب وليثبت ولهذا كان (الدجوي) يسعى في التوفيق ليوحد رأي العلماء ويكون منهم جبهة مناضلة بقوة العلم الحقيقي، ليقضوا على الأدعياء الكاذبين، فهو بطل العلم وحامل لواء نهضته.
هذه ناحية من جهاده تريك تأثيره القوي وما كان له من الكلمة النافذة في حياته عند المفكرين والجماهير. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الشيخ عبد الحكم عطا الجمعة 06 مايو 2016, 4:41 am | |
| الشيخ عبد الحكم عطا كان مولده سنة 1865 في «نواى ملوى - أسيوط» من أسرة كريمة، والعلم والجرأة في الحق، وله مقام عظيم لدى الكبراء والعظماء، وكان المرحوم محمد باشا سلطان يجل الشيخ ويحترمه، حتى ألح عليه في الانتقال من بلدته.
والاقامة في «بني أحمد بالمنيا» فاستجاب دعوته.
وتوارث آل سلطان باشا حب أبناء الشيخ وإكبارهم.
وفي بلدة بني أحمد كان الشيخ عطا، يلقي دروسه لأبناء الأعيان. وقد تتلمذ له ولده الناشىء «عبد الحكيم» حتى إذا كانت سنة 1879 أرسله إلى الأزهر فأخذ عن العلماء الاعلام وابتدأ نجمه يتألق بين طلاب العلم في الأزهر.
وقد حصل على العالمية الممتازة، سنة 1895 ولفت الأنظار عامئذ، إلى كفاءته وذكائه وعلمه، وأشادت بذكره صحافة العهد. ثم اتخذ مكانة بين المدرسين في الأزهر، فعمرت دروسه، وغصت بالمئات من تلاميذه، المعجبين به، الناهلين من علمه. ومكث يدرس في الأزهر قرابة الثلاثين عاما، ورفض غير مرة، أن يلي الوظائف، وصدف عن التنعم في بحبوحة المرتبات.
متلذذا بخدمة العلم وتخريج العلماء.
حتى عرض عليه أستاذه المرحوم أبو الفضل، بإلحاح، مشيخة القسم الثانوي سنة 1920 فخضع لأمر شيخه، ومن وقتئذ بدأ حياته الادارية، فولي مشيخة القسم الثانوي والقسم العالي، وجمع بينهما في بعض الأوقات.
وفي سنة 1928، في عهد مشيخة الشيخ المراغى الأولى، عين شيخا لمعهد أسيوط، فبقي به سنة.
ثم نقل الى معهد الزقازيق عام 1930، وقد أحيل إلى المعاش بعد حين.
وكان من العلماء المقدمين، في هيئة كبار العلماء، وهو بحق شيخ الشيوخ بلا مراء لكثرة من أخذ عنه من الأساتذة. والشيخ أحمد حميدة شيخ معهد أسيوط اليوم، كان امتحانه في العالمية من ثلاثين عاما امام الشيخ عبد الحكم.
ولقد كان في علمه دائرة معارف اسلامية أزهرية، فقد حفظ كتاب اللّه، وفهم دقائقه، واستوعب كتب السنة، وألم بالكتب الأزهرية صغيرها وكبيرها، متونها وشراحها وحواشيها، إلماما عجيبا، كأنه استظهرها عن ظهر قلب.
وذلك راجع إلى قوة عقله، وشدة ذكائه وجلده وصبره على البحث والدرس.
وفي إداراته، كان مثال الإخلاص، كل همه أن يتجه الأساتذة والطلاب، بكليتهم، نحو الثقافة الأزهرية الصميمة، وأن يجعلوا وقتهم بأجمعه وقفا على تحصيل العلم، لذلك كانت نتائج معاهده في مقدمة النتائج.
أما خلقه وتقاه، فكان فيهما على سنن السلف الصالح، لا يعرف مداجاة هذا العصر، ولا رياءه.
ديدنه الصدق والصراحة، والتواضع والحلم، والعطف على المحتاجين.
وبعد حياة حافلة، عامرة بالخير، لقي اللّه في 10 ذي الحجة سنة 1351 ه (1932) وصلى عليه بالأزهر، واستقر جثمانه هنالك، في جوار العلماء والصالحين، بقرافة المجاورين.
ولم يعقب، الشيخ رحمه اللّه أبناء، ولكنه ترك ثلات بنات أصهر بهن في حياته، إلى الشيخ محمد علي سلامة، المدرس بكلية أصول الدين، والشيخ قطب أبو العلا المدرس بالمدارس الثانوية، ومحمود افندي حسن من أعيان تله - المنيا.
وقد قرت عينه بأسباطه قبل وفاته، ومنهم الأستاذ محمود محمد سلامه، والمهندس عزت بالهندسة، وغيرهما. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الشيخ محمود الديناري الجمعة 06 مايو 2016, 4:45 am | |
| الشيخ محمود الديناري كان مولده في «قاي - بني سويف» سنة 1875، وبين ربوعها نشأ وحفظ القرآن الكريم، ثم مكث سنة في طنطا يجود حفظه وقراءته، وفي سنة 1888 ألحق بالأزهر الشريف وبقي ينهل العلم من أعذب مناهله، حتى سنة 1904 وفيها نال العالمية، بدرجة ممتازة.
وفي هذه السنة عين مدرسا في الأزهر، ثم اختير مدرسا بمعهد الاسكندرية ليكون من حراس النظام الناشىء بها.
واستمر به إلى سنة 1911 ثم نقل مراقبا للقسم النظامي الجديد بالأزهر، فكان عونا وظهيرا للاستاذ الشيخ محمد شاكر على تركيز النظام.
وفي سنة 1920 عين شيخا للقسم الأولى، فعضوا في مجلس إدارة الأزهر، ثم أضيفت إليه مشيخة القسم المؤقت، وفي سنة 1925 عين شيخا للمعاهد الدينية عام 1928 في عهد الأستاذ الشيخ المراغى.
وفي ديسمبر سنة 1929 عين شيخا لمعهد أسيوط، فظهر فيه حزمه وكفايته، وسار المعهد في عهده سيرا حميدا، وأحبه الأساتذة والطلاب جميعا، وظهرت في المعهد روح الجد والنظام. وفي ديسمبر سنة 1930 زار الملك فؤاد أسيوط ووضع الحجر الاساسي في بناء المعهد الجديد، وكان الشيخ موضع رعايته.
وفي يونية سنة 1931 نقل شيخا لمعهد طنطا، فعالج الروح الثائرة في الطلاب بحكمته، ثم عني بإنشاء جمعيات المحافظة على القرآن الكريم، في طنطا وما حواليها.
حتى جعلها في مقدمة جمعيات القطر، موردا وإنتاجا.
وفي سنة 1934 قدم رسالة في (البلاغة)، عين على إثرها عضوا في جماعة كبار العلماء، وفي سنة 1936 أنعم عليه بكسوة التشريفة الأولى.
ولقد كان من المشهود لهم، بالقوة في العلم، والدقة في الادارة، كما عرف بالدهاء وحسن السياسة، وهو كفء قليل النظير، تتجلى كفاءته في كل عمل يسند إليه، وهو مع ذلك رجل يقدر الناس رجولته ويعجبون بها، ويجلونه، ويحبونه.
وجمهرة كبيرة، من أساتذة الأزهر والمعارف ورجال القضاء، مدينون للشيخ، بالأستاذية، عارفون فضله حافظون عهده.
ثم استجاب نداء ربه، بعد هذا الجهاد المبرور، في فجر يوم الجمعة 27 رمضان سنة 1355ه (ديسمبر سنة 1936م) بمدينة طنطا، ثم نقل جثمانه الطاهر إلى القاهرة، حيث هدأ هدأة الخلود، في قرافة المجاورين، في ظلال من رضوان اللّه. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الرابع: أعلام من الأزهر في العصر الحديث الجمعة 06 مايو 2016, 4:48 am | |
| الشيخ محمد سليمان السرتي عين مدرسا بالمعاهد، عام 1907، وتنقل بين وظائف التدريس والمراقبة، حتى عين شيخا لمعهد دسوق، فبقي فيه بضع سنين. وفي 12يونيه 1931 عين شيخا لمعهد أسيوط، وهو الذي جمع الدراسة من الدور المتفرقة إلى مكان واحد، هو المدرسة الابتدائية القديمة، وبفضله ابتدأ العلم في بناء المعهد الجديد، بعد تعطيله.
وفي عهده انتقل المعهد من تلك الأماكن المستأجرة، لدراسته وإدارته، إلى ذلك الصرح المشيد، المشرف على نهر النيل، وله بأسيوط مواقف مشهودة، في الغيرة على الدين، ومن أجمل آثاره، جمعية المحافظة على القرآن الكريم، فقد أسسها وتعهدها، حتى نمت وترعرعت.
والمدرسة الإسلامية الابتدائية بأسيوط- التي أنشأها المؤلف-لن تنسى تشجيعه لها، وفضله عليها، وكانت له صلات طيبة بالأهلين، وكلهم محب له، معجب بصراحته، وجراءته، وفصاحة منطقه، وكثيرا ما كان يخطب الناس في المساجد، والمحافل، في الشئون الاجتماعية الهامة، والحادثات الإسلامية المهمة. وقد نقل شيخا لمعهد الزقازيق، في فبراير سنة 1935، فشيخا لمعهد الاسكندرية، ثم نقل شيخا لمعهد طنطا، وفي طلابها بعض الثورة، فحاول علاجهم، ولكن زمامهم أفلت من يده، فأحيل إلى التقاعد في 19 يونيه سنة 1937، وعمره نحو 64 سنة. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الشيخ عبد المجيد اللبان الجمعة 06 مايو 2016, 4:54 am | |
| الشيخ عبد المجيد اللبان كان رحمه اللّه من أمثل العلماء خلقاً، وأقواهم ديناً، وأصحهم عقيدةً، وأرفعهم شخصيةً، مات وهو في نحو السبعين من عمره، وذلك نحو عام 1940م.
وكان يشغل منصب شيخ كلية أصول الدين، حيث ظل شيخاً للكلية منذ إنشائها عام 1932م إلى وفاته، وكان مع ذلك عضواً في مجلس الأزهر الأعلى، وعضواً في جماعة كبار العلماء، وعضواً في كثير من اللجان التي ألفت لإصلاح الأزهر، وتعديل مناهج الدراسة فيه، وسوى ذلك.
وكان رحمه اللّه قبل أن يشغل منصب «شيخ كلية أصول الدين» يتولى منصب شيخ القسم العالي في الأزهر.
وقد تخرج على يديه آلاف العلماء الذين كانوا يحبونه حب الابن لأبيه، والتلميذ لأستاذه، وعندما بدأ لأول مرة امتحان أقسام الأستاذية في الأزهر، الأزهرية، كانت لجان الامتحان برياسة ثلاثة شيوخ من كبار الشيوخ في الأزهر، وهم الاستاذ الأكبر الشيخ محمد مأمون الشناوي، والشيخ عبد المجيد اللبان، أجزل اللّه لهما مثوبته، والأستاذ الأكبر الشيخ ابراهيم حمروش اطال اللّه في حياته.
وكانت للشيخ اللبان رحمه اللّه مواقف محمودة، وذكريات لا تنسى، وكانت عصبية المراغى رحمه اللّه تناهضه، لأنها كانت تعتقد أن الشيخ يعمل ليكون شيخ الأزهر المرتقب بعد المراغى.
وكان الشيخ اللبان يحرص كل الحرص على أن يبقى للأزهر تقاليده ومقوماته وخصائصه، وكان يرى ان الطفرة في الاصلاح قد تؤدي إلى نكسة، ولذلك كان خير عماد للأزهر في تطوره، وملاذا لشيوخه الحذرين الخائفين من نتائج الطفرة والسرعة.
وكان اللبان مكانة كبيرة عند الحكام، ومنزلة عظيمة لدى أولياء الأمور، وكانوا يستشيرونه دائما في أمور الأزهر وإصلاحه، ولما تولى المراغى مشيخة الأزهر لثاني مرة، وأقيمت حفلة لتكريمه في 3 يوليو 1935، كان الشيخ اللبان رئيس لجنة الاحتفال.
وكان في مطلع كل عام دراسي يستقبل اليوم الأول بخطبة بليغة يلقيها على الطلاب والأستاذة، يضمنها نصائحه وتجاربه وخبرته الواسعة.
وقد بدأ الشيخ حياته العلمية بعد تخرجه من الأزهر الشريف مدرساً في معهد الاسكندرية الديني، حيث مكث مدة طويلة، كان فيها محبوباً مكرماً من الشعب والحكام والمسئولين، ودارت الأيام حتى أصبح شيخاً للقسم العام فشيخاً لكلية أصول الدين، إلى أن توفي رحمه اللّه تاركاً ذكريات أزهرية طيبة لا تنسى على مر الأيام. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الشيخ عبد الوهاب النجار الجمعة 06 مايو 2016, 4:58 am | |
| الشيخ عبد الوهاب النجار درس في الأزهر وتخرج في مدرسة القضاء الشرعي وعمل مدرسا في وزارة المعارف المصرية.
وقد غضب عليه وزير المعارف فنقله من مدرسة عابدين إلى مدرسة أسوان، وهو مدرس حديث العهد بالوظيفة في جمعية مكارم الأخلاق الاسلامية فاستقال من وظيفته.
وسافر بعد فترة إلى السودان مدرسا في كلية غرودن، ثم عاد إلى مصر فعين بمدرسة البوليس والإدارة بعد فترة قضاها في المحاماة، ثم اختير مدرسا بمدرسة دار العلوم إلى أن أحيل إلى المعاش، ثم عين ناظرا لمدرسة عثمان باشا ماهر وندب مدرسا بكلية أصول الدين.
وهو في جميع هذه الوظائف كان الداعي إلى الدين بالبرهان الساطع، والبيان الناصع، الواقف لأعدائه بالمرصاد؛ يرد كيدهم ويبطل سعيهم.
وقلما وجد منبر من منابر الدعوة الإسلامية إلا كان الشيخ من أبطاله.
وأبرز ما في تاريخ الشيخ اشتراكه في جمعية الشبان المسلمين، ونهوضه بجزء عظيم من عملها العلمي والإداري عضوا فوكيلا، ثم سفره إلى الهند بعد بعثة أزهرية لدراسة أحوال المسلمين وغيرهم هناك، وتمكين الروابط بين مسلمي الهند وطوائفهم.
وللشيخ في التأليف العلمي آثار قيمة: فله كتاب (قصص الأنبياء) وهو كتاب استقصى فيه قصص الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن وغيره وجرده مما علق بها من ضلالات وأوهام.
وله كتاب «تاريخ الخلفاء الراشدين».
وله غيرهما آثار دينية وأدبية وتاريخية، حفلت بها المجلات والصحف طول حياته 1، وتوفي رحمه اللّه في 19 - 7 - 1941م. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الشيخ عبد الرحمن الجزيري الجمعة 06 مايو 2016, 5:02 am | |
| الشيخ عبد الرحمن الجزيري كان بعيد الأثر في الاصلاح الديني والتهذيب العلمي.
فقد كان مما اضطلع به وظيفة التفتيش على الأئمة والخطباء بمساجد الأوقاف، في عهد ساءت فيه حال الخطابة الدينية بالمساجد، وشكا الناس من طريقة إلقائها، وضيق موضوعاتها، التي كانت تدور غالبا حول النهي عن السرقة وشهادة الزور وتحريم الربا وشرب الخمر.
فما زال الشيخ يلاحظ ويرشد حتى استطاع ان يخرج الخطابة عن هذا المحيط الضيق، ويجعلها تلمس حياة الناس وما يجري بينهم، مما ينغص الحياة ويبعد من اللّه.
ثم أحيل إلى المعاش فندب في كلية أصول الدين مدرسا بها تقديرا لعلمه وفضله. __________ 1) من كلمه للأستاذ ابي الوفا المراغى - نشرت في مجلة الأزهر. __________ وقد يستطيع أحد تلاميذه، وهم كثير، أن يتحدث عن كفاية الشيخ وإخلاصه وإتقانه لعلمه.
وللشيخ في ناحية التأليف العلمي امتياز خاص: فقد كان كثير الانتاج في تحقيق وتدقيق ومن يقرأ «كتاب الفقه على المذاهب الأربعة» وهو في أربعة مجلدات، يعجب لمواهب الشيخ في هذا الباب، ويدهش كيف واتته الفرصة على أن يقرأ الفقه في المذاهب الأربعة ثم يجمع ويهذب ويكتب.
وللشيخ غير هذا الكتاب كتب كثيرة منها: أدلة اليقين، وتوضيح العقائد، والأخلاق.
هذا عدا ما للشيخ من مقالات نشرت في مناسباتها بالصحف والمجلات 1.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الشيخ محمد عبد اللّه أبو النجا الجمعة 06 مايو 2016, 5:07 am | |
| الشيخ محمد عبد اللّه أبو النجا كان المرحوم الشيخ محمد عبد اللّه أبو النجا من أفذاذ العلماء، ومن أمثلهم خلقا ودينا وورعا، وحجة ثبتا في علوم الدين والعربية.
وكان يسيطر على قلوب تلامذته ومريديه: بأدبه الجم، وتواضعه المأثور، وصلاحه النادر، وعفة لسانه، وقوة بيانه، وشجاعته في قول الحق والجهر به.
وكانت محاضراته ودروسه في كلية اللغة -في النحو والصرف وأصول الفقه والحديث والتفسير وغيرها- ميدانا لتسابق العقول، وشحذ الملكات، وتربية المواهب.
ولا يزال إخوانه وأبناؤه في العلم يذكرون ذلك بالوفاء والتقدير وعرفان الجميل.
أية موهبة كان يضمها إهابه، وأي دين كان ينطوي عليه قلبه، وأي عقل كنا نعتز بالانصات لتفكيره والتأدب بأدبه.
كان رحمه اللّه من خيار أساتذته في طلب العلم: والده المغفور له الشيخ عبد اللّه أبو النجا، العالم الكبير، والأزهري النابغة، الذي اختير للتدريس بمعهد الاسكندرية الديني (1908 - 1922م)، وعند إنشاء أقسام التخصص في الأزهر اختير لتدريس الفقه والأصول فيها.
وكان من خيار شيوخه في اللّه: العارف باللّه الشيخ منصور أبو هيكل، وولده الشيخ عثمان، وقد وصل عليهما الشيخ، والشيخ عبد الخالق الشبراوي الذي كان ملازما له، والشيخ عبد الحميد ابراهيم، وسواهم من أولى الصلاح والولاية. __________ 1) من كلمة للأستاذ ابي الوفا المراغى عنه - نشرت في مجلة الأزهر. __________ وكانت لذة البحث والعلم عند الشيخ واضحة جلية في جميع أطواره، فكان يلازم والده في غدواته وروحاته، ويناقشه في مسائل العلم والدين حتى حين تناول الطعام وفي أوقات الراحة، وكثيرا ما كانت تعقد الندوات العلمية في منزل والده فيشترك فيها سامعا ومناقشا.
وقد ولد رحمه اللّه عام 1897 في قرية «كفر عيسى» من بلاد مركز فاقوس ونال العالمية بتفوق كبير عام 1925م.
ثم عين مدرسا في المعهد الابتدائي، ونقل للتدريس في المعاهد الثانوية ثم مدرسا في كلية اللغة العربية منذ إنشائها عام 1931، إلى أن نقل وكيلا لمعهد القاهرة، فمفتشا بالأزهر، فوكيلا لكلية اللغة العربية.
وفي 8 مارس عام 1949 شعر الفقيد الكبير بتعب واجهاد، فاستراح في منزله يومين استأثرت به بعدهما رحمة اللّه تعالى في 10 مارس سنة 1949، فخسرت كلية اللغة العربية بوفاته علما من أعلامها، وركنا من أقوى أركانها، وأذهلت لوعة المصاب فيه عقول تلامذته ومريديه وعارفي فضله.
فرحمة اللّه رحمة واسعة، وجزاه على ما قدم من صالحات خير الجزاء.
وللشيخ كتاب في علم أصول الفقه، يجمع صواب الرأي ودقة الملاحظة وعمق الدراسة، وقوة الملكة.
وكان شيخنا رحمة اللّه يدرس هذا العلم وهذا الكتاب. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: محمود أبو العيون الجمعة 06 مايو 2016, 5:25 am | |
| محمود أبو العيون طويت بوفاة أبي العيون صفحة خالدة من الإيمان والحماسة والكفاح والوطنية ووري الرجل في ومسه، وفقدنا فيه أمة في رجل، ومصلحا قل أن يجود بمثله الزمان.
كان أبو العيون مضرب الأمثال في الغيرة الوطني، وحب الإصلاح وكانت الصحف والمجلات تتسابق إلى أحاديثه في مختلف المناسبات، وكان في الأزهر ركنا من أركانه، وعلما من أعلامه، أحبه الجميع، وقدروا فيه العفة والنزاهة وطيبة القلب وحلاوة اللسان.
ولد رحمه اللّه عام 1882 من أسرة كريمة، عرفت بالورع والتقوى والعلم، وحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بالأزهر ونال العالمية عام (1326 ه- 1908 م).
وعين مدرسا بمدرسة ابتدائية، ثم اختير للتدريس في الأزهر عام 1909.
وبدأت قصة كفاحه منذ عام 1912م حين قامت الحرب الطرابلسية وكتب في ثورتنا الوطنية سنة 1919م وما بعدها أروع الصفحات وأكرم الآيات.
وقد اتجه إلى الرذائل الاجتماعية يحاربها، فأعلن الحرب على البغاء والخمر، وعلى المجون، وعلى التبذل والاستهتار في المصايف والشواطىء.
وكان أبو العيون كثير الاعتزاز بكرامته، ولا نزال نذكر بالفخر قصة خطف احد رجال البوليس لعمامته.
دون أن يعرف شخصيته، أثناء حصار المعهد الأزهري الديني عام 1946، واحتجاجه المشهور على رئيس الوزراء، وإنذاره له بان طربوش رئيس الوزراء بعمامة أبي العيون، واعتذار رئيس الحكومة له -و كان النقراشي باشا- في مأدبة غداء أقامها لهما أحمد عبد الغفار باشا.
ولأبي العيون كتب قيمة في تاريخ مصر والإسلام، تدرس في الأزهر. وله مقالات وبحوث مشهورة في محاربة البغاء جمعها في مؤلفات..
وقبيل وفاته نشرت مجلة «إلا خمسة» الجامعية حديثا وطنيا بعنوان «دم الانجليز -الذين يحاربوننا في القنال- غير معصوم».
رحم اللّه أبا العيون، لقد كان رجلا، وكان بطلا، وكان مؤمنا بربه ودينه، وكان من الخالدين.
تخرج الشيخ في الأزهر عام 1909، وعمل مدرسا بوزارة المعارف، ثم نقل إلى الأزهر وتقلب في وظائفه، واشترك في الثورة المصرية عام 1919 وحكم عليه بالسجن، وعين بعد الثورة مفتشا بالأزهر، ثم اختير عام 1935 شيخا لمعهد أسيوط، ونقل في 19 مايو 1935 شيخا لمعهد الزقازيق، ثم نقل بعد سنوات شيخا لمعهد طنطا، فالإسكندرية، ثم اختير سكرتيرا عاما للأزهر، صفر 1371 ه- 20 نوفمبر عام 1951 م، وهو من مواليد دشلوط مركز ديروط من أعمال مديرية أسيوط. . ومواقفه في محاربة البغاء والسفور والعرى على الشواطىء مشهورة.
وقد أقيمت بدار الشبان المسلمين حفلة تأبين لأبي العيون يوم الجمعة 28 - 12 - 1951.
ويقول فيه الأستاذ أبو الوفا المراغى 1: جل مصاب الوطن، وفدحت خسارته فيك، فلقد كنت في الرعيل الأول من المجاهدين لحريته واستقلاله، وجهادك صفحة خالدة في تاريخك، يعرفها المجاهدون الأحرار ويقدرونها لك ويضعونك بها في الصف الأول من المجاهدين الصادقين.
لقد كنت في طليعة العاملين في فجر النهضة الوطنية، عرفتك المنابر العامة في الأزهر وغيره خطيبا مبرزا من خطباء الثورة، واستضافتك السجون كما استضافت غيرك من قادة الثورة ومحركيها، وشاركت في المظاهرات بشخصك، وعرضت نفسك للحراب والرصاص، ولقيت ما يلقى الأحرار من تشريد، وكسب تجار الوطنية ما كسبوا من مال وجاه، ولم تكتسب إلا ما ادخره اللّه لأمثالك من المجاهدين المخلصين.
وكنت بين الأدباء من مواطنيك أديبا ممتازا، واضح الأسلوب مشرق الديباجة، جزل العبارة تصل الى غرضك في لباقة وكياسة، عفا في عبارتك وخصومتك، لم تدنس قلمك بما لا ترضى عنه أصول المناظرة وقواعد الآداب.
وها هي ذي جولاتك في مجلات الأدب الراقية، وأنديته الرفيعة تشهد بطول باعك في الأدب وتبريزك في فنونه، وتضعك في الطليعة من أدباء العربية، ولن ننسى لك جزالة أسلوبك وقوة روحك وشخصيتك في مؤلفاتك التاريخية لطلاب المعاهد الدينية، وفي مقالاتك بمحلة الأزهر والهلال وغيرهما من المجلات الراقية ذات الطابع الأدبي الخاص. __________ 1) مجلة الأزهر: ربيع الأول 1951م. __________ ومن قصيدة للشيخ عبد الجواد رمضان في رثائه: شيعوا كواكب التقى والرشاد وطووا راية الهدى والجهاد حين قالوا: أبو العيون تردى فجعت أعين العلا في السواد قائد مات، والبلاد جنود تأثرت، ترنو إلى القواد حرة تنشد الحياة، وتدعو من بينها، بكل حر مفادى يا قريع الخطوب في كل هول يا لواء الكفاح في كل عادى كيف طاح اللواء، قل لي، متى ط حت، وما طحت في زحام الجلاد كم تدرعته عزيزا كريما خضبت وجهه دماء الأعادي واقتحمت الصفوف تزخر بالمو ت، مشيحا، تصيح: تحيا بلادي في الرعيل السباق من حاملي الع بء، ومن كل أريحي جواد نزلت مصر منهمو في السويدا ء، فهزت نفوسهم للطراد رفعوا راية الجهاد وهبوا حين نادى الجهاد. كالآساد لا يبالون بالحديد وبالنا ر، وبالموت، في سبيل المراد لهف نفسي عليك، فارقت مرما ك، إلى غير رجعة أو معاد عليكا لهدى والجهاد في يوم منعا ك، توارى سناهما في الحداد فعزاء لمصر فيك، إذا أغنى عزاء لدى الكبود الصوادى وسلام عليك في جنة الخلد، مجيدا، من عترة أمجاد
ومن قصيدة لفضيلة الشيخ أحمد شفيع السيد الأستاذ المساعد في كلية اللغة العربية في رثائه أيضا: طويت صحيفة عالم موهوب قاد الطلائع وهو غير هيوب ومجاهد في اللّه حق جهاده لم يخشى من سجن ولا تعذيب الثورة الكبرى ذكت نيرانها ببراعة وبيانه المشبوب فلو استمعت اليه في عزائها لرأيت اي مناضل وخطيب كم ذا يجلجل صوته فيهزنا كالعاصفات تهز كل قضيب وتخال من عجب نمير بيانه نارا تلظى في نهى وقلوب في كل مجتمع وكل صحيفية ذوب البراعة من بنان أريب هو واحد حرس الفضيلة جاهدا لم يلف من ند له وضريب يا مذكى العزمات في أبنائه ومواصل الارشاد بالتهذيب مترفقا في كل ما يبديه من نصح بلا لوم ولا تثريب وشعاره في حكمة: لا تغضبن لكنه للحق جد غضوب في كل ناحية ترى آثاره كالغيث شؤبوبا على شؤبوب أو في السبعين وهو مجاهد بذ الشباب بعزمه ودؤوب الدين أول ثاكل بمكافح قد كان عدته لكل عصيب لو كان في الأعلام مثلك داعيا هان المصاب لثاكل كل محروب يا من رأى بطل الجلاد مجندلا في غير ميدان وغير حروب واها لحدثان الحياة فإنه يأتي من الأهوال كل غريب يا يوم نعي (ابي العيون) تركتنا ريع النهار بحالك غربيب فالليل ممدود الرواق مخيم والصبح آذن ضوءه بمغيب وترى العنادل أمسكت لهواتها شجنا، وللغربان شر نعيب للّه اي شهادة كتبت له حين الجهاد فنال خير نصيب أدى رسالة ربه حتى إذا هتف الحمام أجاب خير مجيب هبني يراعك أقض حق مآثر كالشمس لكن غير ذات غروب
وقد توفي رحمه اللّه يوم الثلاثاء 28 صفر 1371 ه- 20 نوفمبر 1951، وشيعت جنازته في اليوم التالي في موكب رهيب إلى الأزهر الشريف.
ونعته الأهرام إلى العالم الاسلامي، فقالت: ننعي إلى العالم الإسلامي أجمع، فقيد الشرق والإسلام صاحب الفضيلة العالم الجليل الشيخ محمود أبو العيون السكرتير العام للجامع الأزهر، فقد فدحت الفجيعة بوفاته ليلة أمس إثر حادث أليم، ففقدت مصر والشرق بفقده عالما من خيرة العلماء العاملين، ومجاهدا من صفوة المجاهدين المخلصين، ومصلحا سلكته جهوده الإصلاحية التامة في الخالدين.
لقد درج الفقيد العظيم في حجر الأزهر يافعا يتلقى العلم عن شيوخه الاجلاء، ويقف في الطليعة من طلابه النجباء، حتى نال شهادة العالمية في عام 1326 هجرية (1908 ميلادية) واختير عقب ذلك مدرسا في الأزهر حتى رؤى الانتفاع بكفايته في التوجيه العلمي، فأسندت اليه مهمة التفتيش في سنة 1925 ثم ندب شيخا لمعهد أسيوط سنة 1935 وعين بعد ذلك شيخا لمعهد الزقازيق فشيخا لمعهد الاسكندرية، وقد ظل في هذا المعهد حتى اختير سكرتيرا عاما للجامع الأزهر والمعاهد الدينية.
ومع حرص الفقيد طيب اللّه ثراه على أن يخص العلم وأهله بالنصيب الأفى من وقته وجهده، فقد استخلص جانبا من الوقت والجهد لما عمر به قلبه الكبير من رغبة قوية في الاصلاح الاجتماعي، فكانت له الخالدة على صفحات الأهرام في مكافحة البغاء وفي غير ذلك من النواحي الاجتماعية التي يعنى بها أنداده من العلماء المصلحين.
وحين نهضت مصر نهضتها الوطنية الكبرى سنة 1919م كان الفقيد اكرم اللّه مثواه في مقدمة الصفوف، يخطب ويكتب ويحفز الهمم ويشحذ العزائم ويدعو الى الجهاد لاسترداد المغصوب من حقوق البلاد، حتى لقد غدت مواقفه الوطنية في ذلك الحين موضع التنويه والتقدير في كل مكان.
ومن مقالاته الرائعة مقال نشرته الهلال عنوانه «اتهم رجال الدين» جاء فيه: «اتهم رجال الدين في الماضي القريب، لأنهم قصروا في أداء رسالتهم من تبليغ حكم اللّه للمسلمين في الأحداث التي زحزحت الدين عن مكانه، وعطلت تنفيذه في القضاء والأحكام، وتطبيقه في الحوادث التي تخالف الشريعة وتناقضها.
في سنة 1885م استبدل القانون الفرنسي بالشريعة الحنيفية الغراء التي سار عليها المسلمون أجيالا بعد أجيال في أزهر عصور الاسلام، فلم يحرك علماء ذلك العهد ساكنا، ولم ينكروا ذلك الحدث العظيم في الاسلام، وإذا كانوا قد أنكروا فلم يسجل التاريخ لهم أنهم أوذوا -أو نفوا من الأرض- في سبيل إنكارهم لذلك التبديل والتغيير في شرع اللّه.
ونظم الاحتلال الانجليزي بعد استقراره البغاء، وجعله رسميا، وأصبحت المسلمة في بلاد الاسلام تمتهن حرفة الزنا علنا، تحت حماية الحكومة والقانون، وبين سمعها وبصرها، فلم يحرك رجال الدين ساكنا، ولم يرو التاريخ انهم غضبوا للّه وللحق وللأعراض تستباح وتنتهك، او انهم انكروا تشريع هذا الرجس.
وشاع الربا، واستعملت الحكومة الربح والفائدة رسميا، وسمحت بها للجمهور وتأسست له المصارف الأجنبية والوطنية في طول البلاد وعرضها فلم نسمع ان العلماء أنكروا ذلك الاثم، أو انهم غضبوا لتشريعه وتنظيمه.
وأباحت الحكومة الخمر والميسر، وانتشرت الحانات، وأنواع القمار، في النوادي والأمكنة العامة، وفي المدن والقرى والطرقات ومنازل الأثرياء، فلم يعرف عن رجال الدين أنهم عارضوا الحكومة معارضة جدية في انها أحلت ما حرم اللّه.
وفي عهدنا الحاضر ذاع الفساد، وتحللت الأخلاق، واستشرى الداء، وخلعت المرأة العذار.
وهجرت المنزل وخالطت الرجال على شواطىء البحار -عرايا- وفي النوادي العامة، وفي الحفلات الزاخرة بالمجانة والعبث والهوى والعربدة، ونبذت التقاليد الصالحة الموروثة وهجر الدين، وزال طابعه في مقدرات البلاد ومعنوياتها ولم يدرس دراسة تعليمية تطبيقية نافعة في المدارس والجامعات.
وقعت تلك الأحداث الخطيرة الفاجعة، فلم نر جمهرة العلماء ورجال الدين يجمعون جموعهم، ويرفعون عقائرهم بالانكار والاحتجاج على أولي الأمر من أجل هذه المنكرات الشائعة، وهذه المقابح الظاهرة، وما رأينا أحدهم غامر وجاهد في سبيل اللّه، حتى ناله الضر في نفسه او رزقه، لم نر شيئا من ذلك ولم نسمع به، بل كل ما نفعله هو أن نكتب في الصحف، وأن نرفع العرائض الفاترة لأولياء الأمر، وهم لا يحركون ساكنا، ولا نحرك نحن ساكنا كذلك، زعما بأننا أدينا واجبنا بالخطابة والعرائض وبالكلام وعلى الورق.
وتفرقت البلاد أحزابا وشيعا، وانشقت على نفسها أقساما وفرقا، وتزعم كل فريق زعيم يدعو الى شخصه، وإلى تولي الحكم دون الآخرين، حتى نسي القوم قضية الوطن، وإصلاح أداة الحكم وشئون البلاد، ورجال الدين يتفرجون على الموقف، على حين أن اللّه أمرهم بإصلاح ما فسد من أحوال المسلمين، ورتق ما تصدع من أمورهم «إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ، وَاِتَّقُوا اَللّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» فلم نجتمع ولم ندع المتخاصمين إلى الصلح، والمتنازعين إلى التفاهم والمتفرقين إلى الاتحاد، والمدبرين إلى الرجوع إلى الحق، ولم نقل كلمة الدين في المخالف، حتى يفيء إلى أمر اللّه، وحتى ننقد البلاد جانب، لم نفعل ذلك، بل إن جماعتنا نفسها في حاجة إلى إصلاح ذات بينهم والعمل على جمع كلمتهم، وتأليف قلوبهم.
إني أتهم رجال الدين -وأنا منهم- وعزيزٌ عليَّ أن أتهم نفسي ورفاقي وعهدي بهم أن يكونوا رجال ورع وتقى، ورشاد وهدى.
ومن بحث له عن «الإشتراكية في الإسلام»: لا ريب ان في الاسلام يؤيد الملكية الفردية، والاقتصاد الإسلامي اقتصاد رأسمالي، له شأنه في الإسلام.
بل هو يقوم على الأسس الثلاثة: المصلحة الشخصية كهدف. المزاحمة كوسيلة. الحرية كشرط.
ولكن قيام الملكية في الاسلام على هذه الأسس ليس على إطلاقه، بل يصاحبها في كل اتجاهاتها العامل الأخلاقي، فهو في تلك الأركان الثلاثة عنصر جوهري فيها لازم لها، إن هدف الإسلام هو تكوين مجتمع مثالي.
فالعامل الأخلاقي يسير معه جنبا إلى جنب، بل يكون رائده، فإذا انحرف السلوك الاجتماعي رده العامل الأخلاقي بقوة إلى الاستقامة ليكون ضابطا عاما في مصلحة المجتمع.
وعلى هذا الاعتبار نجد ان العيوب التي أخذت على الأسس الثلاثة في الاقتصاد الشائع في امريكا وفي اوروبا ليس لها أثر في الاقتصاد الإسلامي، لأن المصلحة الشخصية في الرأسمالية الفردية في الغرب تجرف كل شيء يقف في طريق الانتاج أو العبث به، فهي لا تبالي بالعامل الأخلاقي، ولا بمصلحة المجتمع، بل هي تنكره، ولا تتعرف عليه.
أما الرأسمالية في الإسلام، فإن مصلحة المجتمع عنصر لا غنى عنه فيها، كما أن الإسلام دين له منهج ثابت هو تطهير المجتمع من عوامل الفساد، ويمتاز بطابعه الذي يقرن الأعمال بالخلق والعقيدة، فلا ضرر ولا ضرار.
وهو يناهض تكديس الثروات، وتجميعها في يد فئة قليلة، وحرمان الأكثرية من ضرورات العيش، ورنق الحياة، وما كانت الناحية الروحية في القرآن الكريم إلا تهذيبا للأمم ليعيش الناس في ظلال الأخوة والمساواة والمودة والأمن والاطمئنان، ويكون التعاون بينهم على الجد العام، لذلك وضع دستورا ثابتا واضحا يجعل الثروات رأسماليات متوسطة وصغيرة، فحث المسلمين على الانفاق في أكثر من سبعين آية، وفرض الزكاة في مال الأغنياء للترفيه عن الفقراء والمساكين، ولقد قاتل الخليفة أبو بكر منكريها ومانعيها، وجعل الاسلام إطعام الفقراء، والتصدق على المساكين كفارة لكثير من الهفوات كما في حنث اليمين، وفي إفطار رمضان عمدا أو لعذر، وفي الظهار، وفي محظورات الحج.
كما شرعه في مناسبات كثيرة مثل يومي عيد الفطر والأضحى وغيرهما من المواسم الدينية.
في كل هذه الأحوال وغيرها جعل الإسلام التخفيف من ويلات الفقراء والعطف على المساكين، من سمات تلك المواسم والأحوال.
أضف إلى ذلك النظام الارثي في الإسلام، فإنه يحطم الثروة ويفتتها تفتيتا لا مثيل له في أي قانون آخر.
فالقانون الانجليزي يحصر الثروة في البكر من الأولاد، ويحرم من عداه، وبعض القوانين الأخرى تجيز الوصية لأي كائن بجميع المال، سواء أكان وارثا أم غير وارث حتى للكلاب والقطط، وسائر الحيوان، أما الإسلام فيوزع أنصباء الارث توزيعا واسعا، فيعطي للقرابات أنصبة متفاوتة، ولا يسمح لصاحب الثروة ان يتصرف فيها بالوصية إلا بالثلث، والثلث كثير، وهذا كله محافظة على التوازن الاقتصادي، ويقول اللّه تعالى في سورة الحشر: كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ اَلْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ.
فأنت ترى أن الإسلام قد نحا بالاقتصاد منحى عادلا، رعاية منه للمصلحة الاجتماعية، واجتنابا لطغيان الاغنياء إِنَّ اَلْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اِسْتَغْنى.
وهكذا نجد الدين الإسلامي قد وقف موقفا رائعا في توزيع الثروة وتجزئتها إلى ملكيات متوسطة وصغيرة من غير إكراه، ليقي المجتمع شرور البطر من الأثرياء، والحقد والبغضاء من الفقراء.
والمزاحمة هي وسيلة في الاقتصاد الغربي، وكانت عيبا من عيوبه، وهي أيضا وسيلة الاقتصاد الإسلامي لكنها ليست عيبا فيه. فهي مختلفة في أسلحة متكافئة، وأن المنافسة في معركة الحياة الاقتصادية ليست متساوية كما هو معروف في الاقتصاد الغربي-هذا الذي قيل-منفى في الاقتصاد الإسلامي، فالإسلام قد قرب أصحاب الملكيات بعضهم من بعض بما شرعه في نظام الوصية والإرث والزكاة، وجعل الارث أنصبة متعددة، وشمول الزكاة ثمانية أصناف «إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب والغارمين، وفي سبيل اللّه وابن السبيل».
ونضيف إلى ما قدمنا تحريم الربا لكيلا يثرى أحد من عمل على حساب غيره، وتحريم لعب الميسر لكيلا يثرى أحد بطرق الحظ. هذه الاعتبارات كلها إذا روعيت كعهد المسلمين من قبل لا تدع أحدا محروما من سلاح يزاحم به مضمار الحياة، ففي الإرث يدور دولاب تجزئة رأس المال باستمرار، ولا يجيء عام جديد حيث يبدأ صندوق الزكاة إلا ترى المال يدور في أيدي جميع الأصناف، حتى من أثقلتهم الديون، فإن صندوق الزكاة يدفع عنهم مغارمهم، ويسلحهم من جديد ليدخلوا السوق آمنين مطمئنين، فأي ضمان للناس بعد هذا؟ وما عيب الرأسمالية في الإسلام؟
أما الحرية التي هي شرط في الاقتصاد الرأسمالي الغربي، وعدت من عيوبه، فإن هذا العيب منتف في الاقتصاد الاسلامي، فالحرية في الاقتصاد الغربي تسير مطلقة لا تقف عند حد، حتى انقلبت تلك الحرية الى فوضى، مما اضطر أصحابها إلى إتلاف الحاصلات أحيانا للاحتفاظ بالأسعار العالية.
أما هذه الحرية في الاقتصاد الإسلامي، فمقيدة بقيدين هما: العامل الأخلاقي والمصلحة الاجتماعية، ويتدخل ولي الأمر في السوق حين يرى تنكب التجار أصول التعامل، ويضرب بيد من حديد على أيدي المحتكرين المتحكمين في الأسواق، والعازفين عن المصلحة العامة، وكان عمر بن الخطاب يمشي في الأسواق ومعه الدرة يؤدب بها ذوي الأثرة والطامعين في الكسب الحرام.
والحسبة معروفة في الإسلام، وكان رجالها يقام لهم في الأسواق وزن واعتبار.
فأي نظام نجده نزيها وعادلا كنظام الإقتصاد في الإسلام؟
إن الإسلام قد امتاز في نظامه عن الشيوعية والإشتراكية، فالإقتصاد الإسلامي رأسمالي فردي من نوع خاص، قد جمع خير ما لدى الشيوعية والإشتراكية، وتجنب عيوبهما، ولكن كثيرا ممن أخذوا بزيف المدنية الغربية يشيدون بالاشتراكية، التي تضمنت المساواة في لذة العيش، وبسطة الحياة، من غير تفرقة بين سوقة وسادة، وأغنياء وفقراء، وهي مذاهب وضعية خاضعة للتجارب والتعديل والتغيير، كما هو حادث فعلا، والاشتراكية الصحيحة المعقولة في الإسلام الذي يضمن للعاجز العيش، وللعامل الكسب، وللفقير القوت، وللمريض الصحة، وللعالم كله أمنا وسعادة، الإشتراكية الصحيحة المعقولة هي في الإسلام الذي يشعر المسلمين بأنهم أسرة واحدة، وأنهم جميعا كأسنان المشط وأنهم تتكافا دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وأنهم «كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر».
هذه هي الإشتراكية في الإسلام.
فأين منها تلك المذاهب الحديثة المادية المتداعية الواهنة. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الشيخ عبد الحليم قادوم الجمعة 06 مايو 2016, 5:28 am | |
| الشيخ عبد الحليم قادوم في ديسمبر عام 1953 توفي المغفور له الشيخ عبد الحليم قادوم أستاذ كرسي التفسير في كلية اللغة العربية بالأزهر الشريف، وقد عرفت الشيخ قبل هذا التاريخ بنحو ستة عشر عاما حينما دخلت عليه في لجنة من لجان الامتحان الشفوي، فسألني وأجبت، ثم بعد حين رأيت تقديره لي في الشهادة التي استلمتها، وفي عام 1940 كنت في الفرقة الأخيرة، وكان الشيخ يدرس لنا بلاغة عبد القاهر الجرجاني في كتابيه أسرار البلاغة ودلائل الاعجاز، فلم أر ذوقا أصفى من ذوقه، ولا بيانا أنصع من بيانه، ولا تحليلا لأسرار كتابة عبد القاهر في النقد الأدبي مثل تحليله.
ومن قبل ذلك طالعت كتابين مطبوعين للشيخ: احدهما في المنطق، والثاني في الحديث.
فوجدت فيهما المؤلف ذا مواهب نادرة قلما تكتمل في عالم، من عمق الدراسة، وكثرة الإحاطة بالآراء والمراجع، ودقة الفهم، وبراعة التعبير، وزرت الشيخ في منزله في فترات متباعدة فوجدت نفسي حيال شخصية لطيفة جذابة تختلف عن شخصية الشيخ العلمية، وكان يقيم في منزله كل أسبوع حلقة علمية يدرس فيها كتب الأخلاق والتصوف والتفسير والحديث وفي مقدمتها الاحياء للغزالي، وكانت هذه الحلقة عامة للمستمعين من الناس، وفي مقدمتهم أهل (منشية الصدر) الذين كان الشيخ يسكن بينهم.
ثم كنت مدرسا بمعهد الزقازيق الديني، وكان الشيخ شيخا للمعهد، فوجدت من الشيخ خبرة واسعة بشئون إدارة معهد كبير مثل هذا المعهد، كما كنت أجد لطفه مع الأساتذة، وحنوه على الطلاب، ما لا يتسع المقام لتفصيله، وكان الشيخ من قبل مفتشا عاما بالأزهر فكانت له أعمال محمودة في التوجيه العلمي والديني.
وقبيل وفاته مرض مرضا خطيرا ألزمه الفراش، واستمر في العلاج ومقاساة المرض، إلى أن استأثرت به رحمة اللّه في أواخر عام 1953.
تاركا وراءه ذكريات لا تنسى، وتراثا عاليا عزيزا على كل من طالع فيه.
وقد درس الشيخ في معهد الأسكندرية الديني، ونال العالمية عام 1924 من الدرجة الأولى، وعين مدرسا في الأزهر، ثم اختير مدرسا في كلية اللغة منذ بدء إنشائها، ثم اختير مفتشا، فشيخا لمعهد الزقازيق الديني، فاستاذا للتفسير في كلية اللغة العربية. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: عبد العزيز المراغى الجمعة 06 مايو 2016, 5:35 am | |
| عبد العزيز المراغى هو شقيق المراغى شيخ الأزهر، توفي صباح الخميس 16 نوفمبر عام 1950م.
فخبا بوفاته نجم لامع، وتوارت ومضات أمل ضاحك.
وقد لاقى ربه بعض مرض لم يمهله، ولم يشفق عليه، وهو شاب القلب، فتى الفؤاد، يقظ الرأي، موثب الرجاء.
يقول عنه صديقه الأستاذ محمود رزق سليم: كان عبد العزيز واسع الأفق في نواح من الحياة كثيرة، فقد هيأت له ملابساته -مع ذكائه وفطنته- ان تكشف له كثيرا من حقائقها، كما دفعته إلى تجربة الأمور وملاحظتها.
فاكتسب من وراء ذلك مرانة وخبرة، وحنكة وحسن بصر بالأمور ومعالجتها.
وقد كان منذ صغره شغوفا بأخيه الأستاذ الشيخ المراغى، يرى فيه نموذجا يقتدى به، وقد جمعت بينهما ظروف الحياة، أكثر مما تجمع بين شقيقين.
فرحل معه إلى السودان، وتعلم بكلية غردون.
ثم عاد إلى مصر فاندمج في سلك طلاب الأزهر، مبرزا بينهم حتى تخرج منه بأرقى شهاداته حينذاك.
وأرسل في بعثة علمية إلى انجلترا، فلبث بها زهاء خمسة أعوام، ازداد فيها علما بالحياة، ومعرفة بمذاهبها ومآتيها.
وتخصص في دراسة التاريخ الاسلامي وتاريخ الأديان، وهما من أهم المواد الثقافية صقلا للأذهان، ودعما للتجارب وتبليغا إلى الحق.
ولما بلغ أخوه الأكبر مرتبة المشيخة الجليلة، للمرة الثانية، كان عبد العزيز -وبخاصة بعد عودته من انجلترا- أشد سواعده القوية، ومن أقرب مستشاريه إلى نفسه، فحمل معه شيئا من العبء، على مقدار طاقته وجهده.
وطبعى أن يصبح في ذلك الحين، موضعا للأمل والآملين، كما كان محطا للنقد والناقدين.
وقد استطاع عبد العزيز في هذه الحقبة -وهو على كثب من أمور الأزهر- أن يدرسها ظاهرها وباطنها، صريحها ومؤولها، وأن تتكشف له منها مواضع الداء وأن يقدر لها الدواء.
ولا أغلو حينما أذكر أن حدب عبد العزيز على الأزهر، وشغفه به، وأمله القوي أن يسمق بنيانه، وترتفع أركانه، كان شيئا فوق مكنة الطالب الذي يعشق معهده، ويتعصب له.
وقد عرف فيه إخوانه دماثة الخلق، والمرح، وبشاشة الوجه، وابتسامة الثغر، وعفة اللفظ، كما كان مطاوعا لكل ذي حديث، ولو كان فيه إملال.
لا يصده عنه إلا بكيس ورفق، وربما نعى عليه بعض خلطائه أنه يلقى عدوه كما يلقى صديقه، فلا برم ولا تنكر - وما كانت هذه منه إلا وحسن سياسته، وحبه لتلافي ما يستطاع باللطف تلافيه. ولذلك ظل كثير ممن يقدرونه ويحملون عليه، يبجلونه لذاته، ويحبونه لشخصه، ويلقونه لقاء الإخوة الكرام.
ولما اختير إماما للمعية الملكية تفتحت له من الحياة سبل جديدة، ازداد بها مرانة ومعرفة، وأخذ يخطو ويبرز نحو الصفوف الأولى بين رجالات الوطن.
وكان إذ ذاك حركة دائبة، يؤدي واجبه الديني، ويلقى دروسه وخطبه، ويذيع في المذياع، ويكتب في المجلات، في الأمور الدينية والإجتماعية والتاريخية.
وقد كان عبد العزيز عالما أزهريا، بالمعنى الذي يفهمه التاريخ والعرف، ومرجع ذلك -فيما أعتقد- إلى حبه العميق للأزهر، وما في الأزهر من علم، وما له من تقاليد.
وأهم خصوصيات العالم الأزهري-فضلا عن معرفة الشريعة الغراء- حبه الجدل والمناقشة، وقدرته على سوق الحجة والدليل، وعدم تسليمه لخصمه في سهولة ويسر.
وقد كان عبد العزيز في ذلك، من الطراز الأول، لا يكاد المرء يدخل معه في نقاش حتى يفيض بالاعتراض والاستشهاد، وبالتدليل والتعليل، والموازنة، حتى يصل إلى قرار الحق.
يشهد بذلك تلاميذه الكثيرون في كليات الأزهر، وأصدقاؤه أعضاء لجنة الفتوى وكان زميلا لهم، قد لمسوا فيه هذه الخصوصية، خلال عضويته بها.
وكان ضليعا في معرفة الشريعة السمحة وأحكامها، خبيرا بمذاهب أئمتها على اختلافهم، بصيرا بمذاهب الكلاميين من فقهائها، وقد أخرج كتابا في حياة «تقي الدين بن تيمية الحراني»، ألقى فيه ضوءا على جهاد هذا العلامة في سبيل دينه، موضحا عقيدته، مبينا أنها عقيدة السلف، وأنها بعيدة عن مزالق المبتدعة من متطرفي الحنابلة.
وقد كان مؤرخا واعيا لتطورات التاريخ الإسلامي وتقلب دوله، منقبا عن ذلك في كتب التاريخ الإسلامي: العربي منها وغير العربي.
وكان أديبا متذوقا فقد أوتي حافظة قوية كنت أغبطه عليها، ملمة بشتى عصور الأدب وتقلباتها وحوادثها إلماما محمودا، وكثيرا ما تجود بالأبيات والطرف الأدبية والأمثال ونحو ذلك عند أدنى مناسبة.
وكان يطرب للدعابة اللطيفة والنكتة الرائعة -و لو على حسابه- ويأخذ حينذاك سبيله إلى المرح قائلا: «لقد قتلتنا كثرة الجد»، ولكنه سرعان ما ينحدر إلى سوق الحكم، والنعي على الدنيا، مع الرضا والاستسلام لقضاء اللّه وقدره.
وكان كثير البحث عن مظان اللغة، يحفظ من ألفاظها عددا تكتنز فيه المعاني، أو يعبر عن المعاني الغريبة او المستحدثة، ويعني بالألفاظ الطوافة في اللغات، وما كسبته في كل لغة من المعاني. وأغلب الظن أن في مسجلاته كثيرا منها.
ولا نقول جديدا إذا نوهنا بدروسه الدينية وخطبه المنبرية، فإنه أسبغ عليها سمة من التجديد، وغذاها بما تفيض به نزعته الأدبية وثقافته الواسعة، فخرجت بجديد أسلوبها ومعناها، عصرية بريئة من السمت التقليدي القديم.
ومنذ سنوات أخذ على عاتقه إخراج كتاب من أهم كتب الحديث والفقه والقضاء الإسلامي، وهو كتاب (أخبار القضاة) لمحمد بن خلف بن حيان، المشهور بوكيع، استعار نسخته الشمسية الوحيدة، وأنفق فيها النفيس من وقته، والمرجو من راحته، حتى استقام له تقديمها إلى المطبعة فأنجزت منها جزءين وبقي جزآن.
وقد عنى في الكتاب بالتصحيح والتعليق وشرح الغامض وتخريج الأحاديث، بما يشعرك بعمله الغزير وأدبه الجم وإحاطته بمسائل الفقه ومواضع الحديث ومظان الأدب.
وبما يشعرك بصبره وبالغ جهده في سبيل خدمة دينه وشريعته.
وقد توفي بعد الشيخ بقليل أخوه الأكبر الشيخ أحمد مصطفى المراغى صاحب «تفسير القرآن الكريم» المسمى تفسير المراغى، وسواه من الكتب، وذلك عام 1952. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الشيخ فكري ياسين الجمعة 06 مايو 2016, 5:39 am | |
| الشيخ فكري ياسين هو أحد علماء الأزهر الأجلاء.
كان رحمه اللّه هينا لينا مهذب النفس، بعيدا عن اللغو واللهو، وكانت همته مصروفة إلى زيادة مادته العلمية، بمعالجة المسائل الإجتماعية الكبرى بالتحليل الدقيق تحت ضوء الدين والعلم، فكان في كل ما يكتبه مفيدا لقارئه يأتي له بشيء جديد، وهذه ميزة علمية نادرة.
ولد -رحمه اللّه تعالى- ببلدة قصر هور مركز ملوى في 24 يناير 1897، وهو من أسرة مشهورة بالعلم، فوالده كان من العلماء، وجده كان عالما.
وقد تعلم في الأزهر، ونال الشهادة العالمية النظامية منه سنة 1925، ودرس فيه علوم اللغة والأدب على المرحومين الشيخ سيد علي المرصفي -الذي كان معروفا بشيخ اللغة في ذلك الوقت- والشيخ مصطفى عبد الرازق، والشيخ مصطفى القاياتي، وتلقى كثيرا من العلوم الأخرى، مثل الفقه والأصول والبلاغة والنحو والتصريف وعلوم القرآن والسنة والفلسفة والمنطق وغيرها عن كثير من علماء الأزهر البارزين في ذلك العصر، من أشهرهم الشيخ محمد بخيت والشيخ محمد حسنين والشيخ حسين والي.
وكان يزاول الكتابة والتحرير في الصحف والمجلات وهو طالب، وكانت أول مقالة نشرت له في جريدة النظام عن إصلاح الأزهر، ثم واصل الكتابة بعد ذلك، إلى أن جاءت الحركة الوطنية في سنة 1919 فاشترك فيها واعتقل، وأذكت فيه روح الحمية والنشاط، وزاد إقباله على الكتابة ومتابعته لها، وكانت أكبر عنايته في الكتابة موجهة في ذلك العهد إلى إصلاح الأزهر، وإلى الشئون الإسلامية، وحرية الوطن في جهاده المقدس آنذاك ضد الغاصب المحتل، ولقد كان هذا الجهاد باعثا لزملائه في الأزهر على ان يعتبروه رائدا لهم في المناداة بالآراء الاصلاحية، وقد جر ذلك عليه متاعب كثيرة، فلقد كان أول المجالس التأديبية سنة 1924، ولقد رأى طلاب الأزهر في ذلك الحين ان تكون لهم لجنة تمثلهم وتتكلم باسمهم، فاختاروه رئيسا لهذه اللجنة، وكانت مهمتها الدعوة الى إصلاح الأزهر.
وفي سنة 1926 عين مدرسا في الأزهر، وأسند إليه تدريس مادتي الأدب والتاريخ فوضع في المادة الأولى مؤلفا في جزءين، ووضع في المادة الثانية مؤلفا في ثلاثة أجزاء، واختير الى جانب ذلك سكرتيرا لجمعية الهداية الإسلامية، ومحررا بمجلتها، وفي سنة 1931 فصل من الأزهر مع عدد كبير من العلماء، فصلهم المرحوم الشيخ الظواهري، وكان منهم الشيخ الزنكلوني والشيخ العدوى والشيخ دراز والشيخ شلتوت والشيخ فكري، ولقد كان هذا الفصل سببا قويا في نشاطه فأخذ ينشر آراءه في الجهاد والبلاغ والكوكب والسياسة اليومية والأسبوعية والوادي، وفي فبراير سنة 1935، أعيد إلى التدريس في الأزهر وندب مع قيامه بالتدريس في القسم الثانوي سكرتيرا للجنة الفتوى، وفي سنة 1938 اختير مدرسا بكلية الشريعة ثم وكيلا لمعهد قنا، ثم أعيد إلى كلية الشريعة، وجاء الشيخ مصطفى عبد الرازق فنقل من الكلية إلى معهد الزقازيق، ثم أعيد إلى الكلية مرة أخرى حتى جاء المغفور له الأستاذ الاكبر الشيخ مأمون الشناوي، وكان قد خبره وعرف فيه مراقبا مساعدا لمكتب البحوث والثقافة بالأزهر.
وقد كتب في جملة موضوعات علمية نافعة منها «غريب القرآن» و «أعلام القرآن» و «التجارة في الإسلام، والفقه والفقهاء» وفي بحوث قيمة أخرى، ووضع رسالة في الحديث لم تطبع بعد.
وقد قام بالكتابة في السنة المحمدية عن الأحاديث النبوية.
في مجلة لواء الاسلام من أول إنشائها إلى يوم وفاته، كما قام بالتحرير في باب السنة المحمدية ايضا بمجلة الأزهر، وقد كتب أكثر من ألف مقال في الصحف في مصر وفي صحف سوريا وتونس والعراق والبلاد الشرقية.
وكان رحمه اللّه كريم الخلق عف اللسان محبا لطلابه محبوبا عندهم رحيما بأهله وأقاربه عطوفا عليهم.
وقد توفي -طيب اللّه ثراه- في الساعة الرابعة بعد عصر يوم الثلاثاء 21 من ربيع الثاني سنة 1370ه - الموافق 29 من يناير سنة 1951م. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الشيخ نافع الخفاجي الجمعة 06 مايو 2016, 5:48 am | |
| الشيخ نافع الخفاجي حفيد العلامة الشيخ نافع الخفاجي الكبير. ولد يوم الجمعة 2 شوال سنة 1322م، الموافق ديسمبر سنة 1904م، ثم تعلم الكتابة وحفظ القرآن الكريم، وذهب إلى المعهد الأحمدي بطنطا سنة 1919م ليتعلم فيه وأخذ منه الإبتدائية عام 1923م، ثم كان قد أنشىء في ذلك الحين معهد فالتحق به واستمر في دراسته إلى أن أصيب بمرض عصبي عضال كان يحول بينه وبين المشي وحده، فأخذ يعالج نفسه منه ولكن العلاج لم يجد شيئا، اللهم إلا في تأخير زحف المرض على صحته.
ثم أخذ الثانوية من الخارج من معهد الزقازيق عام 1928م الموافق سنة 1346 ه، ثم التحق بالقسم العالي بالأزهر، ونال منه شهادة العالمية في يونيو سنة 1932م الموافق سنة 1351ه.
وعاد العالم بعد ذلك فأقام بالقرية يطالع في أسفار الأدب وبنظم القريض ويعالج نفسه من مرضه العضال، ثم تزوج في سبتمبر سنة 1939م، ووافاه أجله المحتوم في 13 أغسطس سنة 1940م - الثلاثاء 9 رجب سنة 1359ه.
وكان شاعراً مُجيداً. نماذج من شعره - قال في الغزل: رويدا مهجتي هذا الأنين ... لعمري كاد يقتلني الحنين أحن إلى مغان شمت فيها ... بروق الصدق يتلوها الهتون مغان ليلها عندي قصير ... يقصر طوله نوم رصين وإن غاب الكرى فالسهد حلو ... بأخدان تساليهم فنون ندامى لا يجالسهم بئيس ... يجوس خلال جدهم المجون من السمر البرىء لنا مدام ... تطير به من الرأس الشجون ومن ضحكاتنا نغم لذيذ ... كقرع الكأس يتبعها رنين تخالس دهرنا لمحات أنس ... فتسهل في مسالكنا الحزون ونجني من فم الدنيا ابتساما ... كغصن الزهر تجلوه الغصون ووجه زماننا حسن بشوش ... تلاشت من نضارته الغضون
وقال في قصيدة عنوانها «أين الصباح»؟: طلت ياليل فأين الصباح ... والكرى خاصم عيني وراح طلت ياليل على مغرم ... مسبل الدمع طويل النواح رب ليل لم يكن شملنا ... يتلاقى فيه والديك صاح وسواء طلت أم لم تطل ... ليس ياليل عليك جناح لست أنسى فيك حسن اللقا ... وعلينا منك ستر وجناح واجتماع فيك أخفيته ... عن رقيب وعذول ولاح فيك من ليلى شبيه لها ... قمر يحكي وجوه الملاح فيك شهب كلحاظ المها ... تلك في قلبي، وذي في البطاح في سكون الليل كم آهة ... من فؤاد أن وجدا وناح في سكون الليل كم عاشق ... هاجت الذكرى عليه الجراح في سكون الليل كم مدنف ... بخفايا السر لليل باح لا تلوموا الليل في طوله ... أيها العشاق أين السماح؟ يحمل الطيف لأهل الهوى ... إن يكن جفن المحب استراح يكتم السر ويخفي الجوى ... عن وشاة السوء خوف افتضاح أيها الليل لك الشكر من ... كل قلب فيه حب صراح يا نجوم الليل لا تنكري ... أن عيني والكرى في كفاح فاحملي عني سلامي لمن ... هو لي روح وروح وراح
وقال من قصيدة أخرى: بحسبك ما أشكو وما أتوجع ... زفير وآهات وسهد وأدمع فيا للنوى، لا بارك اللّه في النوى ... وقلبي من حر النوى يتقطع فبتنا جميعا ثم أصبح شملنا ... شتيتا كأن لم يحتو الشمل مجمع تكلفنا الأيام ما لا نريده ... وطبع الليالي صدع ما يتجمع لقيت هوانا في الهوى وسل الدجى ... ونجم الدجى إن كنت في الليل أهجع ولي مهجة ذابت من الوجد والجوى ... وطارت بخارا أينما هب يتبع رعى اللّه عهدا كان بالأمس ناضرا ... غدا وهو مطموس المعالم أصلع شربنا كؤوس الحب حتى ثمالها ... ولم يبق في قوس الصبابة منزع ولم ترتكب في الحب ذنبا يسوءه ... سوى أن نفسينا إلى الطهر تنزع وإن أنسى م الأشياء لا أنسى قوله ... غداة النوى: هل على البين تزمع فقلت وما أدراك والعزم في الحشا ... فقال فؤادي عن فؤادك يسمع فقلت له: حينا، فقال: يخيفني ... ويوم النوى شهر وعام وأفظع فقلت تجلد قال جهدي وإنما ... تأكد بأني رغم أنفي سأجزع
وقال في شكوى الزمان: أواه من عثرات الحظ أواه ... والحظ ما شاء قد شاءه اللّه لا الحزن يجدي ولا حظى يساعفني ... ولا الزمان رقيق في سجاياه أرزاء شتى إذا ما خلت أصغرها ... مضى أرى ضعفه يحتل مأواه تترى دراكا كطير طاب موردها .... فزاد وارده شوقا لمرعاه يلج صرف الليالي في معاكستي ... كأنما أنا وحدي كل أعداه خطوب دهري لا تنفك تذكرني ... بعطفها ذكر مجنون لليلاه فالحزن والسهل في سيري سواسية ... والليل والبوم في الظلماء أشباه كلما قلت لما استحكمت فرجت ... أرى قشيب شقاء كنت أنساه إن غاب عني شقاء جاء مصطحبا ... إخوانه ليقيموا في راعاياه ما حيلتي وهي الدنيا وسلطتها ... أي امرىء نال منها ما تمناه؟ نصيب كل امرىء في عكس همته ... ورفع كتفه وزن خفض أخراه ورب ذي عزمة تنبو مضاربه ... وطائش السهم أصمى الحظ مرماه ونابه النفس سوء الحظ أخمده ... وخامل القدر حسن الحظ رقاه وكم حريص له من علمه صفة ... وكم كسول له من جهله جاه هي المقادير لا سعى ولا كسل ... وكل ذي قدر لا بد يلقاه انظر إلى قطع الشطرنج إذ نحتت ... ما ذا أتى الشاه حتى انه شاه كم بيدق مات لم يذنب وصاحبه ... سما مسوقا ولم يعمل لمرقاه كذلك الكون لم تعلم عواقبه ... وليس يعلم ساع غب مسعاه الدهر علمني الشكوى فقمت بها ... طوعا وكرها وخير العلم أفشاه أشكو الزمان وفي الشكوى رفاهية ... وما علاج شقى غير شكواه
وقال: حرام على عينيك أن تتنازعا ... فؤادي إلى أن صار نهبا موزعا أفر من اليمنى لياذا بأختها ... فتطعنني اليسرى فأرجع موجعا أرى لك لحظا كالقذيفة لو رمى ... يميل من العشاق ليتا وأخدعا بعينيك ومض كالشهاب إذا هوى ... فيحرق أكبادا ويخرق أضلعا إذا نظرت عيناك أبصرت فيهما ... لذاذة نفسي والعذاب المبرقعا لحاظك من حظى سوادا وقوة ... وأبيضه يبدو ويذهب مسرعا أخاف نفارا حين أرجو تعطفا ... وأخشى فراقا حين أبغي تجمعا دلالك أخشى أن يكون ملالة ... وحبك أخشى أن يكون تصنعا حنانيك إني قد ثكلت سعادتي ... وذبت غراما واحترقت تفجعا ظننت هنائي في الهوى فأتيته ... فلم أر إلا لوعة وتصدعا سهاد وأشواق وسقم وحسرة ... فيا أسفي إني سأقضي توجعا ولو كان لي في الجاذبية حيلة ... لكنت من السلوى جمادا وأفظعا فلو رمت سلوى بالنوى لتوترت ... حيال الهوى لكنها لن تقطعا يزيد الهوى قبضا بقلبي كلما ... بعدت كحبل كلما شد قطعا وللحب مغناطيسه واجتذابه ... يخالف قانون التجاذب موضعا فيضعف ذا بالبعد والحب شأنه ... يزيد اهتياجا لو تباعد موضعا بحسبك يا ليلى غرام زرعته ... فأنبت أشجانا وأثمر أدمعا سفحت دموعي في غرامك مرغما ... على حين أنى ما هفما
كدت ألقي نحو وجهك نظرة ... إلى أن غدا قلبي من الحب مترعا سحرت فؤادي وامتلكت زمامه ... وأطلقت عبدا في جمالك مولعا عتبت على قلبي جواه وذله ... فثار وكادت أضلعي أن تصدعا سكرت غراما وانتشيت صبابة ... وأعييت يأسا واشتفيت تطلعا ومن عجب آلام حبي لذيذة ... ولو لي آمال لعشت ممتعا أحب ولا أرجو من الحب غاية ... سوى أن أرى وجه الحبيب وأسمعا وحسبي إذا أغفيت طيف يزورني ... فأقطف من خديه وردا تضوعا أقبل فاه أو أضم خياله ... فإن زاد بي وجدي صحوت وودعا أحبك يا ليلى بدون ملالة ... وأنت دجى بدر وشمس ضحى معا وأنت المها والغصن والدر والطلا ... تبارك ربي في جمالك مبدعا عبدتك يا ليلى وحسنك دلني ... على اللّه حتى لا أضل فاخدعا
وقال: ذهبت ومن رام المعالي يذهب ... وأبت ولم أظفر بما أتطلب سعيت إلى العلياء غاية طاقتي ... ورحت إلى أفلاكها أتوثب سبحت على بحر المجرة ماخرا ... عبابا من الآمال أطفو وأرسب رصدت السهى حينا فأبصرت طالعي ... جميلا ولكن فيه سر محجب فيا طالعي باللّه هل من هناءة ... تألق لي أم أن برقك خلب وهل مطمئن أنت أم أنت خائف ... تفر من النحس البغيض وتهرب وهل لي إلى النعمى سبيل موصل ... وهل لي من البؤسى مناص ومهرب أتسعدني الآمال بعد مطالها ... ويدنو من الآمال ما أترقب إزاء شقائي مطعم الصاب كالجنى ... ونور نهاري من مشاكيه غيهب ولو لم أصادف سوء حظي وشؤمه ... لعشت سعيدا لم يضق بي مذهب يسمونه حظا وجدا وطالعا ... وأما المسمى فالقضاء المغيب مقادير شتى والمقدر واحد ... مشيئته كالسيف بل هي أثقب له المثل الأعلى وفي كل ذرة ... من الكون سر بالتأله يعرب هنالك شيء كل فكر يمسه ... ويلمسه الوحشى والمتهذب هو اللّه سماه الطبيعي قوة ... وطبعا، وفي علم الأثير تربب ومن شأنه فينا الظهور بفيضه ... وآثاره، والشأن فينا التعجب أ أجهل روحي ثم أعلم ربها ... ضلال غريب والتشبث أغرب سننظر وجه اللّه في الخلد ظاهرا ... كما هو يجلوه الجلال فنطرب نراه بإحساس بديع مخصص ... يطيب خيالا والتحقق أطيب هنالك يبدو كل حسن مذمما ... وكل ارتياح غير ذلك متعب عن المثل والأضداد جل جلاله ... وراجى سوى التوفيق منه مخيب وما الكون إلا ذرة فوق ذرة ... سماء وأفلاك وأرض وكوكب فكل بكل في نظام مدبر ... جماد وحى، كل شيء مرتب بدائع إحكام وإتقان صانع ... فسبحانك اللهم أنت المحجب تمنيت موتا ليس فيه جهنم ... وإلا فعيشا لست فيه أعذب وكيف حياة المرء ناء بعبئه ... وجمر الأسى في صدره يتلهب؟ وكيف حياة المرء عي طبيبه ... وأعضله الداء العقام العصوصب؟ برمت بآمالي وعفت تجلدي ... ومل جليس ما أقول وأكتب ولو نلت من عين العناية نظرة ... فما مر بي عذب وما بعد أعذب |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: أزهريون في سجل التاريخ: الجمعة 06 مايو 2016, 5:53 am | |
| أزهريون في سجل التاريخ: ومن أظهر الشيوخ الذين قضوا نحبهم: الشيخ سيد علي المرصفي إمام علماء اللغة والأدب في مصر ومن هيئة العلماء، وصاحب (شرح الكامل)، وشرح (ديوان الحماسة)، وشرح (أسرار البلاغة)، وغيرها...
وقد توفي في 12 فبراير سنة 1931م.
ومنهم الشيخ عبد العزيز البشرى
نجل الشيخ سليم البشرى شيخ الأزهر الأسبق والقاضي الشرعي النابه، والمؤلف الكاتب المحدث اللبق الممتاز، وصاحب (المرآة) (و المختار) وسواهما، وقد توفي في 25 - 3 - 1943م.
والأزهر فضل على كثيرين، ممن جلسوا في حلقاته العلمية، وإن لم يكملوا ثقافتهم فيه، وهؤلاء عدد كبير لا يحصون.
ومن أوائلهم: الشيخ أحمد على السكندري وقد توفي في 19 ابريل 1938م، وكان عضوا في المجمع اللغوي بالقاهرة، وأقام المجمع في 13 يناير 1939م حفلة تأبين له وللمستشرق الايطالي نلينو (1872 ه- 1938م) بدار الأوبرا.
والسكندري كان طالبا بالأزهر، وتخرج من دار العلوم، ثم عمل مدرسا في المدارس الأميرية، فناظر المدرسين المعلمين.
وكان يؤمن باللغة العربية، وبقدرتها على استيعاب المعاني المتجددة التي تأتي بها الحضارة، حتى في الكيمياء والطب، واختير عضو في المجمع اللغوي بعد إنشائه بقليل، وله كثير من المؤلفات العميقة، ومن بينها كتاب في الأدب العباسي، كما أنه اشترك في تأليف الوسيط، وفي كتب أخرى. |
|
| |
| الباب الرابع: أعلام من الأزهر في العصر الحديث | |
|