منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري Empty
مُساهمةموضوع: الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري   الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري Emptyالسبت 20 فبراير 2016, 11:55 pm

الفصل الثاني:

القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري
المبحث الأول: تواتر القراءات الثلاث
لقد أجمع القراء والفقهاء على أن القراءات السبع هي قراءات مقبولة متواترة وأن ما وراء العشرة قراءات شاذة مردودة، ولم يخالف في ذلك أحد، بينما وقع الخلاف بينهم في شأن القراءات الثلاث المتممة للسبعة، وهي التي قرأ بها كل من أبي جعفر المدني ويعقوب الحضرمي وخلف الكوفي في اختياره؛ ذلك أن هذه القراءات لم تنل من الشهرة والحضوة ما نالته تلك القراءات السبع.

وقد عمل ابن الجرزي جاهداً على بيان هذه المسألة وإيضاح الصواب فيها، فدافع بقوة على صحة هذه القراءات وقبولها وألحقها بالقراءات السبع، وحشد لذلك أدلة شتى كان من شأنها أن تفض النزاع وتحسم الخلاف في تواترها فاستقر الحكم فيها من بعده.

ويتجلى جهد ابن الجزري في ذلك من خلال المطالب التالية:
المطلب الأول: المسألة قبل ابن الجزري.
لقد ورد الخلاف عن الأئمة قبل ابن الجزري في مسألة تواتر القراءات الثلاث على قولين هما:

القول الأول: القراءات الثلاث شاذة.
ذهبت طائفة من الفقهاء والقراء إلى أن القراءات الثلاث ليست متواترة، وقصروا التواتر على القراءات السبع فقط. ومن هؤلاء الأئمة: السخاوي وأبو الحسن السبكي والبلقيني وموفق الدين الكواشي وغيرهم.

قال الأمام السخاوي حاكياً الإجماع على تواتر السبعة فقط فقال:
"واعلم أن أئمة الدين وعلماء المسلمين أجمعوا على قراءات السبعة حين اعتبروا قراءاتهم وتدبروا روايتهم، وعلموا ثقتهم وعدالتهم... ورفضوا الشاذ واعتمدوا على الأثر وهجروا من خالف ذلك ولم يأخذوا عنه."

وهذا القول صريح في اعتبار الإمام السخاوي أن ما عدا السبعة قراءات شاذة وهو مرفوض عند العلماء..

وينقل الإمام أبو الحسن علي السبكي عن فقهاء الشافعية مثل ذلك حيث لم يجيزوا الصلاة بغير السبع مما دل على رفضهم تواتر الثلاثـة واعتبارها شاذة فقال: "قالوا:- يعني الشافعية ـ تجوز القراءة في الصلاة وغيرها بالقراءات السبع ولاتجوز بالشاذة".

ويفهم أيضاً القول بشذوذ القراءات الثلاث من عبارات الشيخ موفق الدين الكواشي الذي حصر القراءات المقبولة في سبعة فقال: "كل ما صح سنده، واستقام مع جهة العربية ووافق لفظه خط المًصحف الإمام فهو من السبع المنصوص عليها... ومتى فقد واحد من هذه الثلاثة المذكورة في القراءة فاحكم بأنها شاذة".
 
وهو ما يفهم أيضاً من قول الإمام النووي حيث قصر التواتر على القراءات السبع فقط فقال: "القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وكل واحدة من السبعة متواترة، هذا هو الصواب، ومَنْ قال غيره فغالط أو جاهل".

وهو ما ذهب الإمام جلال الدين البلقيني حيث عد  القراءات الثلاثة من الآحاد الذي لم يرق إلى القراءات المتواترة كالسبعة ولم ينزل إلى درجة القراءات الشاذة فقال: "القراءة تنقسم إلى متواتر وآحاد وشاذ، فالمتواتر القراءات السبع المشهورة، والآحاد القراءات الثلاثة التي هي تمام العشرة، ويلحق بها قراءات الصحابة، والشاذ قراءة التابعين كالأعمش ويحي بن وثاب وابن جبير وغيرهم".

القول الثاني: القراءات الثلاث متواترة
وذهبت طائفة أخرى من الفقهاء والقراء إلى أن القراءات الثلاث حكمها حكم القراءات السبع، حيث لم يرد عن الأئمة ما يفيد صراحة المنع من القراءة بها، ومن هؤلاء الأئمة الإمـام البغوي وعلي بن السبكي والهروي وابن العربي وابن تيمية والجعبري وغيرهم.

قال الإمام البغوي مُبَيْناً جملة القراءات التي أدرجها كتابه:
"وقد ذكرت في هذا الكتاب قراءة من اشتهر منهم بالقراءة واختياراتهم وعد تسعة ثم قال: فذكرت قراءة هؤلاء للاتفاق على جواز القراءة بها" وهذا القول لا يفهم منه سوى أن الإمام البغوي يعتبر قراءتي أبي جعفر المدني ويعقوب الحضرمي -وهما من القراءات الثلاث- من القراءات المقبولة لا الشاذة.

وحكى ابن تيمية ما يفهم أنه يرى قبول القراءات الثلاث فقال: "...ولم ينكر أحد من العلماء قراءة العشرة، ولكن من لم يكن عالما بها، أو لم تثبت عنده... فليس له أن يقرأ بما لا يعلم، فإن القراءة سنة متبعة".

وقد صرح الإمام أبو محمد الهروي بأن قراءتي أبي جعفر ويعقوب وهما من الثلاثة قد حققتا شرط القراءات السبع ولذا أدرجهما في كتابه الكافي ضمن عداد القراءات الصحيحة المتواترة فقال: "فإن قال قائل: فلم أدخلتم قراءة أبي جعفر المدني ويعقوب الحضرمي في جملتهم، وهم خارجون عن السبعة المتفق عليهم؟ قلنا: إنما اتبعنا قراءتهما كما اتبعنا السبعة؛ لأننا وجدنا قراءتهما على الشرط الذي وجدنا في قراءة غيرهما ممن بعدهما في العلم والثقة بهما، واتصال إسنادهما وانتفاء الطعن عن روايتهما، ثم إن التمسك بقراءة سبعة فقط ليس له أثر ولا سنة".
 
ومن خلال  هذه الأقوال يتضح أن الخلاف في قبول القراءات الثلاث محكي عن الأئمة الأعلام فهناك من يعتبرها متواترة مقبولة وهناك من يعتبرها شاذة مردودة. وعلى هذا فإنه لا عبرة بمن ادعى الإجماع على تواترها أو شذوذها.

المطلب الثاني: المسألة عند ابن الجزري.
يذهب ابن الجزري إلى اعتبار أن القراءات الثلاث قراءات متواترة شأنها شأن القراءات السبع. وأنها ليست أقل صحة منها ولا أنزل منزلة، ولبيان رأيه هذا أفرد بابا خاصا لهذه المسألة في كتابه منجد المقرئين فقال: "الباب الثالث في أن العشرة لا زالت مشهورة من لدن قرئ بها إلى اليوم".
 
ولم يقف ابن الجزري عند عرض رأيه في هذه المسألة فحسب بل راح يدلل على صحة مذهبه، ويوجه أقوال المعارضين بعد مناقشتها بما يقطع بتواتر القراءات الثلاث.

وجملة الأدلة التي احتج بها ما يلي:
أولاً:
الاستدلال بما يستفاد ويستنتج من أقوال الأئمة السابقين من أن الإجماع واقع على تلقيها بالقبول، وأنه لم يرو إنكارها أو حضر القراءة بها عن أحد من الأئمة الأعلام، ولم ينازع في ذلك إلا جاهل -على حد تعبيره- ومن هؤلاء الأئمة أبو حيان الأندلسي الّذي جاء في قوله: "لا نعلم أحداً من المسلمين حظر القراءة بالثلاث الزائدة على السَّبع وهي قراءة يعقوب واختيار خلف وقراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع..." وأيضاً الإمام ابن تيمية الذي قال: "ولم ينكر أحدٌ من العلماء قراءة العشرة"، وما قاله الإمام أبو عبد الله الذهبي: "ما رأينا أحداً أنكر الإقراء بمثل قراءة يعقوب، وأبي جعفر، وإنما أنكر مَنْ أنكر القراءة بما ليس بين الدفتين". 

ثانياً:
الاستدلال بما فعله وما قاله بعض الأئمة في كتبهم من أنهم أجروا القراءات الثلاث مجرى السبع، ولم يفرقوا بينها.

ومن ذلك ما فعله الإمام أبو العلاء الهمذاني في كتابه غاية الاختصار حيث أثبت فيه قراءات الأئمة العشرة واقتصر فيه على الأشهر من الروايات والطرق، وقدَّم على الجميع الإمام أبا جعفر وهو من الثلاث، كما قدم أيضاً يعقوب على الكوفيين الذين هم عاصم وحمزة والكسائي وهؤلاء من السبعة.

وما قام به الإمام البغوي في كتابه معالم التنزيل حيث ضمَّنه مَنْ اشتهر بالقراءة وعدَّ منهم الأئمة التسعة، قال البغوي: "وقد ذكرت في هذا الكتاب قراءة مَنْ اشتهر بالقراءة واختياراتهم..."، وما نقله الإمام ابن تيمية عن أحد الأئمة قال: "لولا أن ابن مجاهد سبقني إلى حمزة لجعلت مكانه يعقوب".

وما نص عليه ابن العربي من أن بعض القراءات الخارجة عن السبع هي بمثابة السبع، وربما فوقها منزلة، ومثل لذلك بقراءة أبي جعفر فقال بعد ذكره القراءات السبع: "وليست هذه الروايات بأصل التعيين بل ربما خرج عنها ما هو مثلها أو فوقها لحروف أبي جعفر وغيرها."

ثالثاً:
وأهم ما قدمه ابن الجزري هو الدليل الواقعي الذي لم يبق خلافاً ولم يذر تردداً ولا شكاً في تواتر القراءات الثلاث وذلك بأن أثبت تواترها في كل طبقة من طبقات إسنادها التي بلغت ست عشرة طبقة، بدءاً من عصر ابن مجاهد وانتهاءاً بطبقة شيوخه الذين أخذ عنهم هذه القراءات الثلاث.

واتبع في ذلك الخطة التالية:
1- لم يذكر شيئاً عمَّنْ قرأ بهذه القراءات قبل ابن مجاهد، لأن الخلاف في تواترها لم يرد إلا بعده، فهو الذي كان أول مَنْ اختصر القراءات في سبعة، وما كان التَّسبيع يُعرف قبله، وبذلك أوهم الناس بألا قراءة إلا بالسبع.

قال ابن الجزري:
"الطبقة الأولى: الذين كانوا في عصر ابن مجاهد.. لأن الأمر قبله يوافق عليه الخصم".
 
2- تقيَّد ابن الجزري في ذكر مَنْ قرأ بهذه القراءات في طبقات إسنادها بما تحقق من أنه أقرأ بها أو بإحداها، ولم يعبأ بمَنْ كان موضع احتمال فقال: "واقتصرتُ فيها على مَنْ تحققتُ أنهُ قرأ بالثلاث الباقية أو بقراءة منها مِمَّا بلغني عن القُرَّاء".
 
3- فرق ابن الجزري كل طبقة إلى طبقتين درءاً للتجاذب بين الطبقات فقال عند سرده لمشاهير القراء في كل طبقة: "فهذه ست عشرة طبقة، كل طبقتين من بعد الأولى كطبقة واحدة فرَّقت بينهما للتجاذب".

4 - التزام ابن الجزري بألا يذكر في هذه الطبقات إلا مَنْ كان مشهوراً من القُرَّاء ثقةً معروفاً بالضبط والعدالة؛ إذ بغيرهم لا تثبت القراءة فقال: "أعلم أن المقرئين بها كثيرون لا يحصون، استوعبتهم في كتاب طبقات القراء لكن أذكر هنا مَنْ أقرا بقراءة الثلاثة الذين هم أبو جعفر ويعقوب وخلف أو بواحد منهم من المشاهير دون غيرهم على حسب طبقاتهم خلفاً عن سلف ليعلم أنها وصلت إلينا متواترة".

ورأيت هنا أن أذكر عدد القراء الذين ذكرهم في كل طبقة ليتبين فعلاً تواتر هذه القراءات عبر هذه الطبقات مع الإشارة إلى ثلاثة قراء ممَّنْ ذكرهم في كل طبقة اختصاراً.

الطبقة الأولى: عدَّ من قُرائها الذين أقرؤوا بالثلاث وأربعين مقرئاً. 
الطبقة الثانية: عدَّ من قُرائها ستاً وأربعين مُقرئاً.
الطبقة الثالثة: عدَّ من قُرائها سبعاً وأربعين مُقرئاً.
الطبقة الرابعة: عدَّ من قُرائها تسعاً وعشرين مُقرئاً. 
الطبقة الخامسة: عدَّ من قُرائها ثلاثاً وثلاثين مُقرئاً.
الطبقة السادسة: عدَّ من قُرائها خمساً وعشرين مُقرئاً.
الطبقة السابعة: عدً من قُرائها سبعاً وثلاثين مُقرئاً.
الطبقة الثامنة: عدَّ من قُرائها خمساً وعشرين مُقرئاً. 
الطبقة التاسعة: عدَّ من قُرائها سبعاً وثلاثين مُقرئاً.
الطبقة العاشرة: عدَّ من قُرائها خمساً وثلاثين مُقرئاً. 
الطبقة الحادية عشر: عدَّ من قُرائها ثلاثةً وعشرين مُقرئاً. 
الطبقة الثانية عشر: عدَّ من قُرائها اثنين وثلاثين مُقرئاً.
الطبقة الثالثة عشر: عدَّ من قُرائها تسعاً وعشرين مُقرئاً.
الطبقة الرابعة عشر: عدَّ من قُرائها ثمانيةً عشر مُقرئاً.
الطبقة الخامسة عشر: عدَّ من قُرائها ستةً عشر مُقرئاً.
الطبقة السادسة عشر: عدَّ من قُرائها ثمانيةً عشر مُقرئاً.

وبهذا العرض لكل مَنْ قرأ بالقراءات الثلاث في هذه الطبقات الست عشرة يكون ابن الجزري قد أقام الدليل ونصب الحجة على أن القراءات الثلاث قد نقلها جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب.

ونحن نرى أن أقل قُراء هذه الطبقات عدداً هم مَـنْ ذكروا في الطبقة الخامس عشرة حيث لم يزد عن الستة عشر مُقرئاً.

وهذا العدد على قلته فإنه لا يدَّعي أحدٌ أنه لا يثبت به التواتر، علماً أن ابن الجزري لم يذكر قُراء كل طبقة وإنما اقتصر على المشهورين منهم فحسب.

وإلا فما فاته ولم يذكره كثير، وهو ما صرح به نفسه حين قال: "..واقتصرت فيها على مَنْ تحققتُ أنه أقرأ بالثلاث الباقية أو بقراءة منها ممَّا بلغني عن القراء ولعمري ما فاتني لكثير". 

المطلب الثالث: مناقشات ابن الجزري أقوال غيره
بعد أن قرر ابن الجزري مذهبه في هذه المسألة وقدم الأدلة على صحته راح يعرض أقوال الأئمة التي ظاهرها خلاف مذهبه ويناقشها ويوجهها بما لا ينفي التواتر عن القراءات الثلاث.

ومن ذلك:
1- مناقشة قول السخاوي
قال الإمام السخاوي: "واعلم أن أئمة الدين أجمعوا على القراءات السبعة حين اعتبروا قراءاتهم وتدبروا روايتهم وعلموا ثقتهم وعدالتهم.

وإنما سلكوا المحجة ونكبوا عن بنيات الطرق ورفضوا الشاذ، واعتمدوا على الأثر وهجروا مَنْ خالف ذلك".

ذهب ابن الجزري بعد عرضه هذا القول إلى تخطئة مَنْ استفاد منه أن الإمام السخاوي لا يقر تواتر القراءات الثلاث حيث حكى أنها خارجة عن السبع.

وذلك لأن غاية ما يفيده قول السخاوي هو أن الإجماع واقع في شان السبعة وهو ما لا يخالف  فيه أحد، وهذا لا يلزم منه أن يكون ما عدا السبع ليس متواتراً.

قال ابن الجزري:
"..فقد يتشبث به مَنْ لا تحقيق عنده ولا إنصاف وأعلم أنه صريح في عدم صحة القراءات الثلاثة أو غيرها مما عدا السبعة، وغاية ما يدل عليه أن الأئمة أجمعوا على قراءات السبعة ونحن نقول بذلك، ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون ماعدا السبعة ليس بصحيح... ولا يلزم أيضاً أن يكون ما وراء العشرة غير صحيح".

قال السخاوي أيضاً:
"وتركوا قراءة مَنْ كان يرى جواز القراءة بما يجوز في العربية وإن لم يرجع إلى آثار مروية".

ولم ير ابن الجزري أن هذا الكلام يتعلق بشان القراءات الثلاث ولا أنه مراد السخاوي من كلامه هذا كما فهم وادَّعى ذلك أبو بكر بن مقسم الذي أنكر عليه أئمة زمانه وألزموه بالتوبة وكتب عليه محضر بشأن ذلك.

قال ابن الجزري:
"وأما قول السخاوي (المذكور)... فإنه لا يريد بذلك أحداً من الأئمة الثلاثة ولامن رواتهم، وإنما عبر بذلك أبو بكر بن مقسم فإنه كان يرى ذلك، وقد أنكر عليه أئمة زمانه ذلك فأحضر واستتب وكتب عليه محضر بذلك".

ويعضد ابن الجزري توجيهه لقول السخاوي بأنه لم يقصد أن القراءات الثلاث ليست متواترة بواقع حال السخاوي حيث قرأ القرآن كله بالقراءات العشر على شيخه زيد بن الحسن الكندي  بدمشق، وقرأ أيضاً بالعشر على شيخه أبي الفضل الغزنوي، وقراءة السخاوي بالقراءات العشر دليل على أنه لم ينكر القراءة بالثلاث ولم يردها غير أن شغفه الكبير بالشاطبية جعله يقدم السبع على الثلاث.

قال ابن الجزري:
"ومما يوضح أن السخاوي لم يرد أن القراءة الثلاثة غير صحيحة ولا أنها شاذة وأنها لا تجوز التلاوة بها أنه قرأ القرآن كله بالقراءات العشر وما زاد عليها على شيخه الإمام العلامة أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي، وقرأ أيضاً القراءات العشر على الشيخ أبي الفضل بمصر... ولكنه رحمه الله كان شغوفاً بالشاطبية معنياً بشهرتها معتقداً في شأن مؤلفها وناظمها رحمه الله تعالى".
يتبع إن شاء الله...



الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 10 يونيو 2021, 5:27 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري   الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري Emptyالأحد 21 فبراير 2016, 12:17 am

2- مناقشة القاضي عبد الوهاب بن السبكي
جرت مناقشة حادة وحوار طويل بين الإمامين ابن الجزري والقاضي عبد الوهاب بن علي السبكي حول الخلاف في تواتر القراءات الثلاث بعدما أوهم ابن السبكي من خلال كلامه أن الثلاث غير متواترة إجماعا حين سئل ابن السبكي عن قوله: "والسبع متواترة" بعد قوله: "والصحيح أن ما وراء العشرة فهو شاذ" قال السائل: إذا كانت العشرة متواترة فلم لا قلتم: والعشر متواترة بدل قولكم: والسبع؟ فأجاب ابن السبكي: "أما كوننا لم نذكر العشر بدل السبع مع ادعائنا تواترها؛ فلأن السبع لم يختلف في تواترها، وقد ذكرنا أولا موضع الإجماع ثم عطفنا عليه موضع الخلاف، على أن القول بأن القراءات الثلاث غير متواترة في غاية السقوط، ولايصح القول به عمن يعتبر قوله في الدين، وهي أعني القراءات الثلاث: قراءة يعقوب وخلف وأبي جعفر بن القعقاع لاتخالف رسم المصحف".

ونقل ابن الجزري الحوار الذي دار بينه وبين ابن السبكي فقال: "وقد جرى بيني وبينه في ذلك كلام كثير. وقلت له: ينبغي أن تقول: والعشر متواترة ولابد.

فقال : أردنا التنبيه على الخلاف.


 فقلت : وأين الخلاف؟ وأين القائل به؟ ومن قال إن قراءة أبى جعفر ويعقوب وخلف غير متواترة؟


فقال: يفهم من قول ابن الحاجب: "والسبع متواترة".


فقلت: وأي سبع؟ وعلى تقدير أن يكون هؤلاء السبعة مع أن كلام ابن الحاجب لا يدل عليه ، فقراءة خلف لا تخرج عن قراءة أحد منهم، بل قراءة الكوفيين في حرف. فكيف يقول أحد بعدم تواترها مع ادعائه تواتر السبعة.

وأيضا فلو قلنا: إنه يعني هؤلاء السبعة فمن أي رواية؟ومن أي طريق؟ ومن أي كتاب؟ إذ التخصيص لم يدعه ابن الحاجب، ولو ادعاه لما سلم له، ولا يقدر عليه، بقي الإطلاق وهو كل ما جاء عن السبعة، فقراءة يعقوب جاءت عن عاصم وأبي عمرو، وأبو جعفر شيخ نافع، ولا يخرج عن السبعة من طرق أخرى".
 
ومن خلال هذه المناقشة يتضح أن ابن الجزري حاج القاضي عبد الوهاب وألزمه بأن يقول: والعشر متواترة بدلا من قوله: والسبع متواترة.

بما يلي:
1- رده ادعاء ابن السبكي أن الخلاف قائم ووارد في تواتر القراءات الثلاث بقوله: "وأين القائل بالخلاف؟.

ومن نص على أن قراءة أبي جعفر ويعقوب وخلف غير متواترة".

وابن الجزري في هذا الرد يكون غير معتبر بما يفهم من أقوال الأئمة التي جاءت فيها دلالة غير صريحة على عدم تواتر الثلاث، ورفض الاعتبار إلا بقول صريح.

 والصواب أن الخلاف في تواتر الثلاث وارد ومحكي ومفهوم من أقوال بعض الأئمة، لكن ذلك لم يكن صريحا مما جعل ابن الجزري يجد منفذا إلى تأويل القول بما لا ينفي التواتر عن القراءات الثلاث.

3-  رده لما يفهم من قول ابن الحاجب:
"والسبع متواترة" أن الثلاث غير متواترة بما يلي:
أ - إن ابن لحاجب لم يحدد القراءات السبع التي يقصدها حتى يفهم من كلامه أن غيرها ليس متواتراً، فربما لا يقصد بالسبع قراءات الأئمة السبعة المعروفين.
 
ب - وعلى فرض أن ابن الحاجب قصد بالسبع قراءات الأئمة السبعة المعروفين فإن كلامه هذا لا يدل على إخراج القراءات الثلاث من دائرة التواتر، حيث أن قراءة خلف لم تنفرد عن قراءة الكوفيين  في حرف واحد، فكيف يقول بعدم تواترها من يقر بتواتر السبعة.

 ج - إطلاق ابن الحاجب للفظ "السبع" وعدم تقييده برواية أو بطريق أو بكتاب، يفهم منه أنه يقصد القراءات السبع بجميع رواياتها وطرقها، ومن جميع الكتب التي ذكرتها ونصت عليها، وعلى هذا فإن قراءتي يعقوب وأبي جعفر -فيما انفردتا به- متواترة لأنها جاءت عن الأئمة السبعة من بعض الروايات والطرق.

وهكذا نجد ابن الجزري يجعل القراءات الثلاث في منزلة القراءات السبع؛ لأنها لم تخالفها في حروفها سواء فيما انفردت به أو فيما وافقت فيه، وفي هذا الحوار والنقاش ألزم ابن الجزري القاضي عبد الوهاب ابن السبكي بالعدول على لفظه: "والسبع متواترة" إلى القول: "والعشر متواترة" ولم يستوثق ابن الجزري من عدول ابن السبكي عن قوله إلا بعدما كتب له استفتاء وطلب منه أن يكتب له جواباً شافياً في المسألة. 

قال ابن الحزري في كتابة لابن السبكي:
"ما تقول السادة العلماء أئمة الدين وهداة المسلمين في القراءات العشر التي يقرأ بها اليوم هل هي متواترة أو غير متواترة؟ وهل كل ما انفرد به واحد من الأئمة العشر بحرف من الحروف  متواتر أم لا؟ وإذا كانت متواترة فماذا يجب على مَنْ جحدها أو حرفاً منها أفتونا مأجورين". 

فأجابه ابن السبكي بخطه:
"الحمد لله، القراءات السبع التي اقتصر عليها الشاطبي والثلاث التي هي قراءة أبي جعفر وقراءة يعقوب وقراءة خلف متواترة  معلومة من الدين بالضرورة، وكل حرف انفرد به واحد من العشرة معلوم من الدين بالضرورة منزل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يكابر في ذلك إلا جاهل، وليس التواتر في شيء منها مقصوراً على من قرأ بالروايات بل هي متواترة عند كل مسلم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ولو كان مع ذلك عامياً جلفاً لا يحفظ من القرآن حرفاً، ولهذا تقرير طويل وبرهان عريض لا تسع هذه الورقة شرحه وحظ كل مسلم وحقه أن يدين الله تعالى ويجزم نفسه بأن ما ذكرناه  متواتر معلوم باليقين لا تتطرق الظنون ولا الارتياب إلى شيء منه والله تعالى أعلم. كتبه عبد الوهاب السبكي الشافعي".

وهكذا نجد ابن الجزري يحسم الخلاف في هذه المسالة ويجعل الحكم فيها يستقر بعد خلاف استمر أزيد من خمسة قرون من لدن عصر ابن مجاهد حتى عصره وذلك من خلال مناقشاته لعلماء عصره ولأقوال سلفه.

قال د. محمد  حبش مبرزاً هذا العمل الجليل والجهد العظيم الذي قدمه ابن الجزري: "..لم يستطع أحد أن يُلحق هذه القراءات الثلاث بالسبع المتواترة بالرغم من اشتهار أسانيدها، ومنزلة  رجالها، وكان علينا أن ننتظر خمسة قرون أخرى حتى يجيء  ابن الجزري الذي بلغ في القرن التاسع منزلة فريدة في مرجعية  الإقراء تسامى ما كان عليه ابن مجاهد في القرن الرابع... ولذلك فإنه أعاد على بساط البحث مسالة القراءات الثلاث التي اختلف في تواترها، وقام بإثبات تواتره أسانيدها بالحجج الواضحة، ثم  كتب نظما... أسماه الدرة المضية في القراءات الثلاث تتمة للعشر، وبذلك فإنه بوأ هذه القراءات منزلة السبع المتواترة التي قررها ابن مجاهد".
 
المبحث الثاني: طرق القراءات عند ابن الجزري
لم يكن جهد ابن الجزري مقتصراً على إلحاق القراءات الثلاث إلى حضيرة القراءات السبع المتواترة، بل  عمل جاهداً -أيضاً- على إضافة طرق جديدة إلى تلك الطرق التي أثبتت للقراء السبعة، وذلك من خلال جمعه لأوجه القراءات -سواء المنصوص عليها في مؤلفات الأئمة أو المنقولة عن المشايخ بطريق الأداء- وتنقيح أسانيدها ومعرفة الصحيح منها، وإبعاد الشاذ والضعيف عنها.

ومعرفة جملة تلك الطرق التي أضافها ابن الجزري وإدراك أهم خواصها يتضح من خلال المطالب التالية:
المطلب الأول: طرق القراءات  قبل عصر ابن الجزري
لقد شهدت القراءات مند عصر ابن مجاهد مسبع القراءات  حتى عهد ابن الجزري إهمالا كبيراً وانحصاراً شديداً حيث اختفى الكثير من الروايات واندثر العديد من الطرق، ولم يبق منها معروفاً مشهوراً إلا ماكان ثابتاً في الكتابين: التيسير لأبي عمرو الداني والشاطبية لأبي القاسم الشاطبي، حتى ظنَّ النَّاس أن القراءات الصحيحة هي ما وجد فيهما فقط، وأنه لا يصح شيء مما في سواهما وهذا ما جعل الكتب المصنفة في القراءات تهمل هي الأخرى ولم تلق اهتماما وبالتالي ضاع كثير من الطرق والروايات فيما ضاع منها.

وكان ابن الجزري شاهداً على ذلك في عصره حيث أشار إليه أثناء حديثه عن سبب عزمه على تأليف كتابه النشر فقال: "وإني لمَّا رأيت الهمم قد قصُرت، ومعالم هذا العلم الشريف قد دثرت، وخلت عن أئمته الآفاق، وأقوت من موفق يوقف على صحيح الاختلاف والاتفاق.

وترك لذلك أكثر القراءات المشهورة، ونسي غالب الروايات الصحيحة المذكورة حتى كاد الناس لم يثبتوا قرأناً إلا ما كان في الشاطبيـة والتيسير، ولم يعلـموا قراءات سوى ما فيهما من النزر اليسير". 

وجاء ذلك -أيضاً- في حديثه عن الشاطبية بأن الناس بالغوا في تعظيمها بل تقديسها حتى بلغوا بذلك الحد المذموم فجعلوها هي كل القراءات الصحيحة وأن ما عداها لا يصح بحال فقال: "ولقد بالغ الناس في التغالي فيها وأخذ أقوالها مسلمة منطوقاً ومفهوماً حتى خرجوا بذلك عن حد أن تكون لغير معصوم، وتجاوز بعض الحد وزعم أن ما فيها هو القراءات السبع وأن ما عدَّها شاذ لا يجوز القراءة به". 

ولعل شغف الناس بما حوته الشاطبية يرجع سببه إلى ما حواه أصلها التيسير من صحيح القراءات، ولما كان عليه من اختصار للطرق والروايات للقراءات السبع، حيث لم يورد الإمام الداني فيه إلا روايتين لكل قارئ وطريقاَ واحدةً فقط لكل راو، ومن الأسباب أيضاً شهرة الأئمة القراء السبعة دون غيرهم.

وكان العلامة محمد بن محمود الطوسي قد أعاب على قراء الشام وأئمتهم اقتصارهم على ما في الشاطبية من طرق وتركهم سوى ذلك وألف لهم مؤلفاً أسماه بستان المبتدئ اختصر فيه كتاب الغاية على طريق ما أنفرد به كل واحد من القراء.

ولم تكن الشاطبية التي حفل بها الناس وأهملوا ما عداها عن كتب القراءات تحوى إلا القليل مما صح من القراءات السبع وهو ما أشار إليه الإمام أبو حيان الأندلسي قوله: "التسير لأبي عمرو الداني والشاطبية لابن فيره لم يحويا جميع القراءات السبع، وإنما هي نزر يسير من القراءات السبع، ومن عني بفن القراءات، وطالع ما صنفه علماء الإسلام في القراءات علم ذلك على اليقين".

وقد كانت أغلب القراءات في ذلك الزمان تنقل شفوياً بطريق الأداء ولم تكن مصنفات القراءات تحوي القراءات بأنواعها إلا القليل منها، وكانت هذه المصنفات هي الأخرى تنقل شفوياً لدى مبتغيها.

وجملة هذه المصنفات على نوعين:
أولهما: مصنفات اشتراط أصحابها فيها الصحة، فلم يوردوا فيها إلا ما صح لديهم من القراءات وكان مشهوراً، فتلقها الأيمة بالقبول إلا خلافاً يسيراً في بعض حروفها معروفـاً لدى أيمة الشأن وذلك نحـو: التيسير والشاطبية والكفاية والتبصرة... غير أن هذه المصنفات على صحتها لم تحو كل القراءات إذ اقتصر أصحابها على جملة من القراءات رأوا أنها الأشهر وأنها الأصح، وأهملوا غير ذلك كما فعل الإمام الداني الذي أقتصر على السبعة وتابعه الشاطبي، وأبي القاسم الحريري الذي اقتصر على الستة في كتابه الكفاية.

ثانيهما:
مصنفات لم يشترط فيها أصحابها الصحة فعمدوا إلى جمع كل ما وصلهم من قراءات سواء كانت مقبولة أو شادة ومن تلك المصنفات الكامل للإمام الهذلي، والجامع لأبي معشر الطبري، وهذه المصنفات لا يؤخذ ما جاء فيها على الإطلاق بل لابد من الرجوع في ذلك إلى كتاب مقيد لما أطلقه أصحاب هذه المصنفات أو إلى مقرئ مقلد يوضح ما عليه العمل وما به الأخذ.

وخلاصة ما كانت عليه القراءات ومصنفاتها في عصر ابن الجزري وقبله تتمثل نقاط أربع هي:
1 ـ انحصار القراءات فيما حوته الشاطبية والتيسير وإهمال غير ذلك.
2 ـ اقتصار مصنفات القراءات على بعض القراءات الصحيحة فقط.
3 ـ كثير من مصنفات القراءات لم يشترط فيها الصحة فيما نقلت من قراءات.
4 ـ معظم القراءات كانت تنقل عن طريق الأداء حيث قل التنصيص على كثير منها في المصنفات.
يتبع إن شاء الله...



الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 10 يونيو 2021, 5:28 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري   الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري Emptyالأحد 21 فبراير 2016, 12:39 am

المطلب الثاني: منهج ابن الجزري في إيراد طرقه
لقد عمد ابن الجزري إلى جمع أغلب الطرق الصحيحة التي جاءت عن الأئمة القراء، وكان منهجه في ذلك أن أورد القراءات العشر وأورد لكل منها روايتين اثنتين وأورد لكل رواية طريقين، وجعل لكل طريق طريقين اثنين، إحداهما مشرقية أي عراقية والأخرى مغربية أي مصرية.

وهذا على خلاف ما أورده الداني والشاطبي حيث اقتصرا على طريق واحدة لكل رواية وبذلك لم يشتمل التيسير والشاطبية على الكثير من أوجه القراءة الصحيحة مما أشتمل عليه كتاب النشر كطريق الأصفهاني  لورش وطريق الحلواني  لقالون وغير ذلك.

قال ابن الجزري:
"فعمدت إلى أن أثبت ما وصل إلي من قراءاتهم وأوثق ما صح لدي من روايتهم عن الأئمة العشر، قراء الأمصار والمقتدي بهم في سالف الأمصار واقتصرت عن كل إمام براويين وعن كل راو بطريقين، وعن كل طريق بطريقتين مغربية وشرقية مصرية وعراقية مع ما يتصل إليهم من طرق ويتشعب عنهم من الفرق"
وبهذه الطريقة التي سلكها ابن الجزري في إيراد طرق القراءات العشر يكون عدد ما أورد من طرق يصل إلى ثمانين طريقا وهو يزيد عما أورده الشاطبي بأكثر من ستين طريقا.

قال ابن الجزري مقارنا بين طرقه وطرق الداني والشاطبي من حيث العدد: "واشتمل جزء منه على ما في الشاطبية والتيسير لأن ما فيهما عن السبعة أربعة عشر طريقا وأنت ترى كتابنا هذا حوى ثمانين طريقا تحقيقا".

وقد بلغت تلك الطرق الثمانين التي جعلها ابن الجزي نحو ألف طريق إلا ثمانية عشر -تفصيلاً- حيث نجده يفصل بين جملة الطرق الفرعية التي نقلت عن الطرق المصرية أو العرقية؛ وذلك من أجل أن يتحاشى التركيب بين أوجه القراءة وبين المنسوبة إليهم، هذا في حين نجده يكتفي بطريق واحدة -فقط- من الشاطبي إلى الداني ولأمثالهم وإلا تجاوز عدد الطرق الفرعية ذلك.

قال ابن الجزري:
"واستقرت جملة الطرق عن الأئمة العشرة على تسعمائة طريقة واثنتين وثمانين... وذلك بحسب تشعب الطرق وأصحاب الكتب مع أن لم نعد للشاطبي -رحمه الله- وأمثاله إلى صاحب التيسير وغيره سوى طريقا واحدة ولو عددنا طرقنا وطرقهم لتجاوزت الألف.

ويبين ذلك ما أورده لنافع من الطرق حيث بلغ مائة وأربعين طريقاً من روايتيه وما أورده لأبي عمرو حيث بلغ مائة وأربع وخمسين طريقاً وما أورده لخلف حيث بلغ إحدى وثلاثين طريقاً منها تسعة طرق من رواية إدريس ومنها اثنتين وعشرين من رواية إسحاق الوراق.

وأهم ما يجب معرفته لإدراك قيمة هذا الجمع الهائل لطرق القراءات بهذا العدد الكبير الذي تميَّز به ابن الجزري، إذ لم يشاركه فيه أحد، هو أنه اشترط الصحة فيما أورد من هذه الطرق وهو ما لم يتميز به مَنْ كانوا قبله مِمَنْ صنَّف في القراءات حيث لم يكونوا إلا على أحد أمرين: إما اشتراط الصحة مع الاقتصار على بعض الطرق فقط وإما جمع لكل الطرق دون التقيد بشرط الصحة.

المطلب الثالث: جملة الطرق عند ابن الجزري
بعد ما عرفنا منهج ابن الجزري في إيراد طرق القراءات يجدر بنا أن نعرف جملة الطرق الثمانين التي أوردها وسوف نوردها بشكلها الإجمالي دون تفصيلاتها التي قاربت الألف طريق، وذلك طلباً للاختصار، ولأن جميع تلك الطرق التفصيلية تعود إلى هذه الطرق الثمانين.

وسوف نعرض جملة تلك الطرق في جدول مفصل نثبت فيه النقاط التالية:
1- الأئمة القراء ورواتهم وطرقهم الثمانين مع الإشارة فقط إلى عدة الطرق المتفرعة عن تلك الثمانين.

2- سنوات الوفاة لكل أصحاب الطرق والروايات ومن خلال ذلك يظهر تحقق المعاصرة وإمكانية اللقيا بين الراوي والمروي عنه.

3- الواسطة بين الراوي والمروي عنه إن وجدت ولم تكن الرواية مباشرة بينها وعندها يرمز لها بالرمز (*). 

علاقة الرواة بالقراء:
من خلال ما أبرزنا في هذا الجدول يتبين أن علاقة الرواة بالقراء على أحوال ثلاثة.

هي:
1- هناك من الرواة من يأخذ القراءة عن الإمام مباشرة كقالون وورش عن نافع، وشعبة وحفص عن عاصم، وقنبل عن ابن كثير... وهذا غالب في أحوال الرواة بالقراء.

2- هناك من الرواة من يأخذ القراءة عن الإمام بواسطة راو واحد وهو واضح في رواية أبي عمرو الدوري والسوسي حيث رويا عن اليزيدي عن أبي عمرو البصري وفي روايتي خلف وخلاد حيث رويا عن سليم عن حمزة، إذ كان سليم من أخص أصحاب حمزة وأضبطهم وأقومهم لحرف حمزة، وهو من خلف حمزة في القيام بالقراءة. 

3- وهناك من الرواة من يأخذ القراءة على الإمام بواسطة أكثر راو واحد وهو واضح في روايتي البزي وقنبل حيث رويا عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن علقمة القواس وقرأ القواس على وهب بن واضح المكي وقرأ المكي على أبي إسحاق إسماعيل القسط، وقٌرأ القسط على أبي الوليد معروف بن مشكان وعلى شبل بن عباد، وقرأ شبل وأبو الوليد على شيخ مكة عبد الله بن كثير وعلا إسناد البزي على إسناد قنبل بدرجة حيث قرأ على وهب بن واضح المكي.  

علاقة الطرق بالروايات:
وتبين أيضاً من خلال ما فصلنا في الجدول أن علاقة الطرق بالروايات على أحد حالين فقط:
1 ـ هناك طرق تروي عن الرواة مباشرة كالحلواني وأبي نشيط عن قالون عن نافع، وكالأزرق عن ورش عن نافع... وهذا غالب حال الطرق بالروايات.

2 ـ وهناك طرق تأخذ القراءة عن الراوي بواسطة راو بينهما كالأصبهاني عن ورش حيث كانت الواسطة بينهما جماعة من أصحاب ورش منهم أبو الربيع الرشدني وعبد الله بن يزيد المكي وأبو الأشعث عامر بن سعيد الجرشي وقرأ الأصفهاني أيضاً على أصحاب أصحاب ورش ولذا فإن إسناده لم يكن في علو إسناد الأزرق الذي روى مباشرة عن ورش ولعل هذا سبب تقديم طريق الأزرق على طريق الأصبهاني في رواية ورش لدى القراء المغاربة وغيرهم.
 
المطلب الرابع: نماذج من طرق ابن الجزري مما لم يورده الشاطبي
لأدراك قيمة ماجمع ابن الجزري، وما انتشل من حظيرة الإهمال والاندثار من طرق القراءات العشر نحاول إيراد بعض أوجه القراءة التي ثبتت بإحدى طرقه ولم تثبت بطرق التيسير والشاطبية، ونكتفي في ذلك بإبراد نمادج ثلاثة اختصارا إذ يحتاج حصر كل ذلك لبحث مستقل بذاته.

المثال الأول: ترقيق اللامات المغلظة لورش من طريق الأزرق
لقد أشار الشاطبي في الحرز إلى أن ما يقرأ به ورش في باب اللامات هو تغليظ اللام إذا كانت مفتوحة مسبوقة بصاد أو طاء أوظاء مفتوحات أو ساكنات، وفي غير هذا تكون قراءته كقراءة الجمهور عن القراء فقال:
وغلظ ورش فتح لام لصادهــا   ***  أو الطاء أو للظاء قبل  تنـزلا
إذا فتحت أو سكنت كصلاتهــم   ***  ومطلع أيضاً ثم ظل ويوصلا


ولكن ابن الجزري أورد لورش وجهاً آخر من طريق الأصبهاني التي أضافها هو ترقيق اللام في هذه المواضع التي غلطت فيها من طريق الأزرق الذي اقتصر عليه الشاطبي فقال:
وأزرق لفتــح لام غلظـــا    ***   بعد سكون صاد أو طاء وظا
 
وهذا ما نجده قد نص عليه الإمام متولي في منظومته التي يفارق فيها بين الأصبهاني والأزرق فقال:
ويقرأ الراءات واللامـات   ***   كغيـر أزرق من الثقــات  

ومعنى ذلك أن الأصبهاني قرأ الراءات واللامات بالأحكام التي رويت فيها عن غير الأزرق فلم يرفق راء فخممها غيره ولم يغلظ لاماً رفقها غيره.

وفي هذا المثال نرى أن ابن الجزري قد أضاف لورش وجهاً جديداً لم يورده الشاطبي ولا الداني؛ وذلك لأنهما اقتصرا على طريق لكل راو بينما أورد ابن الجزري لكل رواية طريقين اثننين وبهذا تظهر غاية ابن الجزري.

المثال الثاني: خلاف هشام في "يفصل"
أثبت الشاطبي أن قراءة هشام قوله تعالى: "يفصل بينكم" بضم الياء وفتح الفاء والصاد مع تشديدها فقال: 
ويفصل فتح الضم نـص وصـاده  ***   بكسر ثوى والثقل شافيـه كمـلا 

بينما ذهب ابن الجزري إلى إيراد وجه آخر لهشام من طريق الداجوني  الذي خالف الحلواني عنه فقال ابن الجزري: "واختلفوا في: (يفصل بينكم)... وروى ابن ذكوان بضم الياء وفتح الفاء والصاد مشددة واختلف عن هشام فروي عنه الحلواني كذلك وروى عنه الداجوني بضم الياء وإسكان الفاء وفتح الصاد مخففة".

ونجد هنا أيضاً أن طرق ابن الجزري فيها إضافة جديدة لم تتضمنها طرق الشاطبي والداني حيث أورد وجهاً صحيحاً لقراءة ابن عامر من رواية هشام من طريق الداجوني التي أهملها الشاطبي.
 
المثال الثالث: قصر المنفصل لحفص
لقد ذكر الإمام الشاطبي في باب المد أن مذهب حفص في المد المنفصل المتوسط، ولم يورد له غير هذا الوجه فقال:
إذا ألف أو ياؤهـا بعد كسـرة أو  ***   الواو عـن ضم لقي الهمز طولا
فإن ينفصل فالقصر بادره طالبـاً   ***   بخلفها يرويك دراً ومخضـلا 


غير أن ابن الجزري أضاف وجهاً آخر لرواية حفص في مد المنفصل وهو وجه القصر وذلك من طريق عمرو بن الصباح التي أهملها الشاطبي والداني.

قال ابن الجزري: "..فالمرتبة الأولى قصر المنفصل وهي حذف المد العرضي وإبقاء ذات حرف المد على ما فيها من غير زيادة... وهي لأبي جعفر وابن كثير... واختلف عن قالون والأصبهاني عن ورش وعن أبي عمرو من روايته، وعن يعقوب وعن هشام من طريق الحلواني وعن حفص من طريق عمرو بن الصباح...". 

ونظم ذلك في طيبة النشر فقال:
... وقصــر المنفصــل   ***   لي بـن حمـا عن خلفهم دع ثمـل

فبيَّن أن القُرَّاء منهم مَنْ قصر المنفصل ومن أولئك حفص الذي يرمز له بالحرف (ع) وهكذا فإنه من خلال هذه الأمثلة الثلاثة المختارة من بين أمثلة هي أكثر من أن تحصر يتبين أن طرق ابن الجزري كانت أعم وأشمل وأوفر من طرق الداني والشاطبي حيث أورد ابن الجزري من خلال طرق المضافة أوجهاً جديدة صحيحة لقراءات الأئمة ورواياتهم التي غفل عنها صاحبا التيسير والشاطبية في حين لم يغفل هو كل ما أورداه من طرق.
 
المبحث الثالث: خواص طرق بن الجزري.
لم يكن ابن الجزري مجرد جامع لطرق القراءات، ومورد لما لم يورده الشاطبي والداني من قبله، دون قيد ولا شرط، بل عمل جاهداً على ألا يورده من الطرق إلا ما كان محققاً لشروط القبول وأركان الصحة فامتازت طرقه بخواص أربع.

نورد بيانها في المطالب التالية:
المطلب الأول: صحــة الإسنــاد
لقد كان من شرط ابن الجزري ألا يُضَمِنَ كتابه إلا ما كان صحيحاً من الطرق والروايات بل ما كان أصح وأن يدرأ عنه كل ما كان شاذاً ضعيفاً ولذا نجده لم يترك ضعيفاً ولا شاذاً إلا نبه عليه ولم يعتد به، ولم يبق صحيحاً ضعفه غيره إلا أشار إليه واعتمده، ولم يدر وهماً من الأوهام التي وهم فيها بعض الأئمة في شان تصحيح أو تضعيف أوجه القراءات إلا نبه عليه وبين الصواب فيه.
يتبع إن شاء الله...


الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري   الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري Emptyالأحد 21 فبراير 2016, 1:13 am

ومن خلال ما سنعرضه من أمثلة سيتضح ذلك.
المثال الاول:
تضعيف طريق المبهج في إظهار تاء التانيث عند الدال لقالون.
--------------------------------
قال ابن الجزري في شان هذه المسالة:
"وشذ صاحب المبهج فحكى عن قالون من طريق الحلواني وابن بويان عن ابي نشيط إظهار تاء التأنيث عند الدال، ولا يصح ذلك، وكذلك إظهارها عند الطاء ضعيف جداً".

نلاحظ من خلال هذا المثال أن الجزري يضعف طريق سبط الخياط صاحب المبهج، ولم يعتد بها بالرغم من ثقته ولم يثبت لقالون من طريقه إلا إلادغام، ذلك لأنه لم يثبت القراءة بالشاذ وهذا واضح في قوله: "ولايصح ذلك".

والشذوذ في هذه المسالة وارد من جهتين:             
1- انفراد صاحب المبهج بحكايتها، والانفراد أحد الأمور القادحة في قبول القراءة.

2- مخالفة هذه الطريق لما عليه القراء والنحاة من أن الحرفين إذا كان لهما المخرج نفسه، وسكن أولهما وجب الإدغام إلا إذا منع مانع ولا مانع هنا.

المثال الثاني: تصحيح طريق الداجوني في حذف الباء في "الكتاب" لهشام.
قال ابن الجزري في شأن إثبات الباء وحذفها في "الكتاب" من قوله تعالى: "وبالزبر والكتاب المنير": "واختلف عن هشام في "وبالكتاب" فرواه عنه الحلواني من جميع طرقه إلا من شذ منهم بزيادة الباء... قال الداني: وهو الصحيح عندي عند هشام... قلت: "...ولولا رواية الثقات عن هشام حذف الباء لقطعت بما قطع به الداني عن هشام، فقد روى الداجوني من جميع طرقه إلا من شذ منهم عن أصحابه عن هشام حذف الباء وكذا روى النقاش عن أصحابه عن هشام وكذا روى ابن عباد عن هشام وعبيد الله بن محمد عن الحلواني عنه، وقد رأيته في مصحف المدينة الباء ثابثة في الاول محذوفة في الثاني... ولولا ثبوث الحذف عندي عنه من طرق كتابي هذا لم أذكره".

والملاحظ في هذا المثال أن ابن الجزري عمد إلى تصحيح وجه حذف الباء لهشام كوجه ثان ثابث عنه بالرغم من أن الإمام الداني قد قطع له بإثبات الباء فقط.

وتصحيح الجزري كان لاعتبارين اثنين:-
1- الاعتبار بتعدد طرق وجه الحذف حيث روى هذا الوجه كل من الداجوني والنقاش وابن عباد وعبيد الله، وكل هؤلاء من الثقات.

2- دلالة الرسم العثماني على وجه الحذف حيث حذفت الباء في رسم مصحف المدينة.

ومن خلال هذا المثال يتأكد:
أن ابن الجزري كان حريصاً على تصحيح ما اعتبره بعض الأئمة ضعيفاً ولم يعتدوا به إذ ثبتت صحته عنده.

المثال الثالث: تفنيد وهم في رواية هشام.
قال ابن الجزري في شأن نصب" دولة " لدى قوله -تعالى-: "لكي لايكون دولة بين الأغنياء منكم": "لا يجوز النصب مع التأنيث كما توهم بعض شُراح الشاطبية من ظاهر كلام الشاطبي -رحمه الله- لانتفاء صحته روايةً ومعنى".

نلاحظ في هذا المثال:
أن ابن الجزري يرد وهما منسوبا إلى رواية هشام من جميع طرقه وهو تأنيث "يكون" ونصب التاء في "دولة" وذلك واضح في قوله: "لايجوز النصب مع التأنيث".

ومنشـأ هذا الوهم إطلاق الشاطبي النَّصب واقترانه مع قوله: "أنت" حين قال: ...... ومع دولة أنت يكون بخلف لا.

وعلى صحة ما يُتوهم من قول الشاطبي فإنه يعد شذوذاً في الرواية حيث لم يرو هذا الوجه غيره، وهو أيضاً من حيث المعنى غير صحيح، لأن الضمير في "تكون" عائد على الفيء وهو اسم مذكر والتاء في"تكون"علامة للتأنيث لا للتذكير و"دولة" لا تقع إلاً حالاً إذا كانت منصوبة.

وخلاصة قول ابن الجزري:
أن هشام ليس له إلا الرفع في "دولة" والتأنيث في "يكون" وعلى هذا استقامة المعنى وصحة الرواية.

ومن خلال هذه الأمثلة يتضح جلياً أن ابن الجزري كان مهتماً بتصحيح ما قامت الحجة على صحته وإن ضعفه بعض الأئمة السابقين ومهتماً أيضاً بكشف ما ضعف من الطرق والتنبيه على ما توهمه بعض المصنفين وإن اعتبره البعض من الصحيح المقبول.       

المطلب الثاني: علو الإسناد .
لقد رغب العلماء في طلب الإسناد العالي، واعتبروا ذلك سُنَّةً بالغةً من السنين المؤكدة وخصيصة خُصَّتْ بها هذه الأمة وكان الإمام يحي بن معين قد جعل طلب العلو في الإسناد قربة يتقرب بها إلى الله سبحانه فقال: "الإسناد العالي قربة إلى الله تعالى وإلى رسوله (صلى الله عليه وسلم)".

وقد روى عنه ابن الجزري قوله في مرض موته حين سئل: ما تشتهى؟ فقال: "بيت خال وإسناد عال".

وجاء أيضاً عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال: "الإسناد العالي سنة عمن سلف".

وقد كان ابن الجزري يتحرَّى في الطرق التي اعتمدها لقبول القراءات علو إسنادها وجعل ذلك شرطاً في اعتماده، ولذا فإننا نجد ما اعتمده من طرق كانت الأعلى إسناداً في زمانه.

وأعلى ما وقع له على شرط الصحيح أن ما بينه وبين النبي (صلى الله عليه وسلم) أربعة عشر رجلاً وذلك في رواية حفص ورواية رويس ورواية ابن ذكوان.

وأيضا وقع له من رواية حفص من طريق الهاشمي ومن رواية ابن ذكوان أن ما بينه وبين النبي (صلى الله عليه وسلم) ثلاثة عشر رجلاً فقط.

وهذه أسانيد لم يقع مثلها لغيره في زمانه ولم يوجد أعلى منها في أيامه قال ابن الجزري: "وأعلى ما وقع لنا باتصال تلاوة القرآن على شرط الصحيح عند أئمة هذا الشأن أن بيننا وبين النبي (صلى الله عليه وسلم) أربعة عشر رجلاً، وذلك في قراءة عاصم من رواية حفص، وقراءة يعقوب من رواية رويس وقراءة ابن عامر من رواية ابن ذكوان ويقع لنا من هذه الرواية ثلاثة عشر رجلاً لثبوت قراءة بن عامر على أبي الدرداء -رضي الله عنه- وكذلك يقع لنفي رواية حفص من طريق الهاشمي عن الأشناني، ومن طريق هبيرة عن حفص متصلاً وهو من كفاية سبط الخياط، وهذه أسانيد لا يوجد اليوم أعلى منها". 

وقد كان ابن الجزري فخوراً بأن يتساوى في علو إسناده مع بعض الأعلام السابقين كالشاطبي مثلاً الذي يفصله عنه نحو قرنين ونصف من الزمن وأيضاً بعض شيوخ الشاطبي قال ابن الجزري: "ولقد وقع لنا في بعضها المساواة والمصافحة للإمام أبي القاسم الشاطبي -رحمه الله- ولبعض شيوخه".

وأعلى ما تحقق له من علو الإسناد في قراءة نافع من رواية قالون من طريق أبي بكر الخياط وذلك من كتاب الكفاية في القراءات الست.

وهذا الإسناد في غاية الصحة والعلو حيث يساوي فيه ابن الجزري الإمام الشاطبي من جهة إسناده عن ابن بويان، وأما من جهة إسناده عن القزاز ثاني الطرق عن أبي نشيط عن قالون فإن ابن الجزري يساوي فيه شيخ الشاطبي أبا عبد الله النفري.

قال ابن الجزري في ذلك:
"وهذا إسناد لا مزيد على علوه مع الصحة والاستقامة يساوي فيه أبا اليمن الكندي أبا عمروا الداني... ونساوي فيه نحن الشيخ الشاطبي من إسناده المتقدم، ومن إسناده الآتي عن القزاز نساوي شيخه أبا عبد الله النفزي، حتى كأني أخدت عن ابن غلام الفرس شيخ شيخ الشاطبي".
 
وقد أشار إلى ذلك الإمام السخاوي بقوله: "...وقد ذكره الطاووسي في مشيخته وقال: تفرد بعلو الرواية وحفظ الأحاديث والجرح والتعديل، ومعرفة الرواة المتقدمين والمتأخرين".

ويتجلى ذلك العلو إذا ما علمنا أن ما بين الشاطبي والإمام نافع من طريق ابن بويان تسعة رجال، وهو العدد نفسه الحاصل بين ابن الجزري والإمام نافع وأما من طريق القرار فإن ما بين الشاطبي والإمام نافع عشرة رجال، وهو العدد نفسه الحاصل بين ابن الجزري والإمام نافع وأما من طريق القزاز فإن ما بين الشاطبي والإمام نافع عشرة رجال وبدا نزل إسناد الشاطبي من هذه الطريق بدرجة ويبقى إسناد ابن الجزري من طريق ابن بويان أعلى درجة منها.
    
المطلب الثالث: ثقة رواتها.
لقد حرص ابن الجزري على ألا يقع في أسانيد طرقه إلا من كان ثقة عدلا مشهورا بالضبط، سواء ثبتت ثقة الراوي عنده أو عند من سبقه من الأئمة كالإمام الذهبي والإمام الداني.

وإذا ما أشكل الأمر في أحد الرواة بأن اختلف في حاله بين معدل ومجرح فان ابن الجزري لم يدخر جهدا لبيان الراجح فيه وما يجب أن يحمل عليه؛ ذلك أن ابن الجزري يعتبر أن معرفة حال رجال القراءات ضرورة للحكم بصحة القراءة.

ومن أهم الأمثلة التي يتبين من خلالها حرص ابن الجزري على ألا يورد طريقاً إلا مِمَّنْ ثبتت ثقته وعدالته ما يلي:
المثال الأول: طريق السامري
لقد اعتمد ابن الجزري طريق أبي أحمد السامري بالرغم من أنه قد تكلم  فيه من جهة حفظه و قلة ضبطه، وذلك لأنه تحقق من أن ذلك الضعف وقلة الضبط والحفظ كان آخر أيامه، إذ طالت حياته وعمر قرابة المائة سنة.

ولم يكن ذلك الضعف واردا عليه أيام إقرائه، إذ كل ما نقل عنه كان قبل اختلاطه وضعفه وقل من نقل عنه بعد ذلك، هذا بالإضافة إلى أن الإمام أبا عمرو الداني قد وثقه ولم ير به بأسا وقد تلقى الأئمة قراءته بالقبول.

وقال ابن الجزري منبهاً على ذلك:
"توفي أبو أحمد السامري في محرم سنة ست وثمانين وثلاثمائة،مولده سنة خمس أو ست وتسعين ومائتين وكان مقرئا لغويا مسند القراء في زمانه.

قال الداني:
"مشهور ضابط ثقة مأمون غير أن أيامه طالت فاختل حفظه ولحقه الوهم، وقل من ضبط عنه ممن قرأ عليه في آخر أيامه.

قلت:
"وقد تكلم فيه وفي النقاش إلا أن الداني عدلهما وقبلهما وجعلهما من طرق التيسير، وتلقى الناس روايتهما بالقبول، ولذلك أدخلناهما كتابنا".

وواضح من خلال هذا المثال إن ابن الجزري لم يعتمد طريق السامري إلا عند ترجيحه ثقته وعدالته بعد إزالة اللبس الذي أكتنف حاله والكشف عن أيام اختلاطه وإفادته من توثيق الداني له.

المثال الثاني: طريق ابن شنبوذ
لقد صحح ابن الجزري طريق ابن شنبوذ بالرغم مما كان يراه من جواز القراءة بما خالف رسـم المصحف العثماني إذا صح سنده قياساً على قراءة الصحابة -رضي الله عنهم- قبل تدوين عثمان المصحف؛ وذلك لأن ابن الجزري لم ير -كغيره من بعض العلماء- أن ذلك قادحاً في عدالته طالما أن المسألة مختلف فيها، وأنه حين عقد له مجلس لتأديبه وألزم فيه بترك ذلك استجاب وكتب عليه محضر بألا يعود للقراءة بالشاذ.

قال ابن الجزري:
"توفي ابن شنبوذ في صفر سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة... وكان إماماً شهيراً، وأستاذاً كبيراً، ثقةً ضابطاً صالحاً، رحل إلى البلاد في طلب القراءات، واجتمع عنده ما لم يجتمع عنده غيره، وكان يرى جواز القراءة بما صح سنده وإن خالف الرسم، وعقد له مجلس... وهي مسألة مختلف فيها، ولم يعد أحد ذلك قادحا في رواية ولا وصمة في عدالته".

و واضح من خلال هذا النص أن ابن الجزري يوثق ابن شنبوذ ولم ير به بأسا بسبب ما كان يراه من جواز القراءة بالشاذ الذي صح سنده وخالف رسم المصحف طالما الخلاف في ذلك واقع، لأن الثقة إذا أقرأ بالشاذ فإنه يقرئ به على أنه شاذ لا على أنه صحيح إذ يؤمن التدليس في القراءات ممن كان ثقة.
 
المثال الثالث: طريق الخزاعي.
لقد ترك ابن الجزري طريق أبي الفضل الخزاعي وضعفها ولم يعتمدها طريقاً من طرقه في رواية ما نسب إلى الإمام أبي حنيفة من قراءة بالرغم من جودة وحسن الإسناد الذي وصلته به؛ ذلك لأنه تكلم في الخزاعي وأتهم بالكذب فقال ابن الجزري: "وقد أفرد أبو الفضل الخزاعي قراءته -يعني قراءة أبى حنيفة- في جزء رويناه من طريقه، وأخرجها الهذلي في كالمه إلا أنه تكلم في الخزاعي بسببها… وفي النفس من صحتها شئ، ولو صح سندها إليه لكانت من أصح القراءات".

ولم يكن ابن الجزري يرى أن السبب الرئيس في رد هذه الطريق هو أن الخزاعي قد تكلم فيه بسببها حيث ثبت عنده أنه إمام جليل موثوق به، وإنما رد السبب في ذلك إلى الحسن بن زياد اللؤلؤي حيث كانت عهدة الكتاب عليه لا على الخزاعي، وهو عند الأئمة ضعيف الرواية جدا ورماه بعضهم بالكذب، وقد أخذ القراءة عن أبى حنيفة.

قال ابن الجزري:
"حكى أبو العلاء الواسطي أن الخزاعي وضع كتاباً في الحروف نسبه إلى أبي حنيفة فأخذت خط الدارقطني وجماعة إن الكتاب موضوع لا أصل له... قلت لم تكن عهدة الكتاب عليه بل على الحسن ابن زياد اللؤلؤي وإلا فالخزاعي إمام جليل من الأئمة الموثوق بهم". 

وواضح من خلال هذا المثال أن ابن الجزري رد طريق الخزاعي بالرغم من ثقته عنده وجود إسنادها لأن ثمة راو ضعيف متهم ساقط من إسنادها كان سببا في إلحاق التهمة بالخزاعي وهذا من العلل الخفية التي يتعذر كشفها إلا على الجهابذة من الأئمة.

ومن خلال هذه النماذج الثلاثة يتأكد لدينا أن ابن الجزري لم يكن مجرد جامع لطرق القراءات فحسب بل مهتما جداً بمن تؤخذ عنهم تلك الطرق فلم ينقل طريقا إلا وكل رجال إسنادها ثقات عدول، كما كان مهتما بكشف الدخيل الضعيف فيهم. 

المطلب الرابع: صحة المعاصرة وتحقق اللقيا بين رواتها.
قد كان ابن الجزري يشترط لقبول أوجه القراءات واعتماد طريقها أن يكون الراوي قد لقي شيخه الذي أخذ عنه القراءة، ولم يكتف في ذلك بمجرد ثبوت معاصرته له، فأشبه شرطه هذا شرط الإمام البخاري في صحيحه وخالف بذلك الإمام مسلم،وما ذاك إلا حرصًا منه على إبعاد كل طريق في سندها شبهة انقطاع ولهذا نجده مهتمًا بكشف كل انقطاع أو تدليس حصل في أسانيد القراء وطرقهم، وظهر ذلك جلياً في إشارته إلى ترك مثل هذه الأسانيد لدى تراجمه للقراء.

ومن بين الأمثلة على ذلك ما يلي:
المثال الأول: رواية محمد بن عمرو الجزري عن القصيبي.
لقد أورد الإمام الهذلي رواية محمد بن عمرو الجزري عن القصيبي واعتمدها في كتابة الكامل، لكن ابن الجزري ضعف هذه الطريق بالرغم من اعتماده للكثير مما جاء عن الهذلي وذلك لما ثبت في إسنادها من انقطاع بين محمد بن عمرو الجزري والقصيبي ولعدم حصول لقيا ولا معاصرة بينهما؛ وثبت لديه ذلك بالفارق الزمني الكبير الحاصل بين شيخ محمد بن عمرو الجزري وبين تلميذه القصيبي، إذ بينهما قرابة مائتي سنة.

قال ابن الجزري:
"...ولا يصح هذا الإسناد بل بين الرازي والقصيبي بون كثير نحو مائتي سنة". 

المثال الثاني: رواية الكارزيني عن ابن شنبوذ.
لقد أعرض ابن الجزري عن تصحيح سند القراءة الذي أورده صاحب كتاب التجريد في رواية قالون من طريق الحلواني بأنه قرأ على شيخه إلى الكارزيني وأن الكارزيني قرأ على ابن شنبوذ، واعتبر ذلك وهمًا لانقطاع في سندها وأثبت هذا بأن الكارزيني قرأ على المطوعي وقرأ المطوعي على ابن شنبوذ.

قال ابن الجزري:
"وقول صاحب التجريد .... وهم فإن الكارزيني لم يدرك ابن شنبوذ". 

واعتبر ابن الجزري هذه الخواص الأربعة شروطاً التزم بها في إبراد طرقه واعتبر أيضاً أن هذا الالتزام لم يسبقه إليه أحد فقال: "وجملة ما تحرر عنهم من الطرق بالتقريب نحو ألف طريق وهي أصح ما يوجد اليوم في الدنيا وأعلاه، لم نذكر فيها إلا من ثبت عندنا أو عند من تقدمنا من أئمتنا عدالته، وتحقق لقيه لمن أخذ عنه، وصحت معاصرته، وهذا التزام لم يقع لغيرنا ممن ألف في هذا العلم".

وليس يعتبر ابن الجزري مبالغًا في هذا الادعاء إذ حقق ما جمعه من طرق أمرين لم يجتمعا معاً في مؤلفات من سبقه وهما: استقراء جميع الطرق التي كانت في زمانه واستخراج ما كان صحيحاً فقط منها، على خلاف غيره الذي كان إما جامعاً للطرق فقط أو مقتصراً على بعض الصحيح فقط.

وبتلك القراءات الثلاث التي ألحقها ابن الجزري بالقراءات السبع، وبهذه الطرق التي أضافها إلى طرقها يكون ابن الجزري قد أعطى دفعاً جديداً للقراءات في زمانه بعد ما كانت محصورة في السبع من طرقها الأربع عشر فقط.

وكان بتحقيقه وتمحيصه لأسانيد القراءات قد جعل القراءات تستقر في زمانه وبعده على القراءات العشر وطرقها إذ لم يجد ما يصح غير ذلك بعد جمعه لكل أسانيد القراءات وعرضها على معيار الصحة، وعلى إثر ذلك خلص بقرار مفاده ألا قراءة صحيحة بعد العشر فقال: "والذي جمع في زماننا هذه الأركان الثلاثة هو قراءة الأئمة العشرة التي أجمع الناس على تلقيها بالقبول وهم: أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف، أخذها الخلف عن السلف إلى أن وصلت إلى زمننا".

ويظهر جهد ابن الجزري جليا حين ندرك أن هذه القرارالذي أصدره بشأن القراءات العشر لم يصدره تقليدا ًولا محاكاة لغيره، وإنما أصدره بناء على ما خلص إليه من خلال استقرائه كل القراءات التي عمل جاهداً على  جمعها من شرق البلاد وغربها، ومن خلال دراسة أسانيدها وتمحيصها وتمييز الصحيح من الضعيف منها، ولم يجد ما يصح بعدها.

ولذا نجده لا يجزم بأنه لا يصح غيرها في عهود سابقة -عن السلف- فربما وجدت أساند لم تصل إلى زمانه فلم يحض بشرف دراستها وتحقيقها فقال: "..وقوله من قال إن القراءات المتواترة لا حد لها، إن أراد في زماننا فغير صحيح، لأنه لا يوجد اليوم قراءة متواترة وراء العشرة وإن أراد في الصدر الأول فيحتمل إن شاء الله".



الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل الأول: مؤلفاته في القراءات المتواترة والشاذة
» الفصل الثاني: ابن الجزري بين الشيوخ والتلاميذ
» الفصل الثاني: مؤلفاته في مفردات القراء وأصول القراءات
» البـــــاب الأول ابـــن الجزري: دراسة حياته - الفصل الأول نشأة ابن الجزري وتكوينه
» الإمام ابن الجزري وجهوده في علم القراءات (المقدمة)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: رســـالة دكـتـــوراه-
انتقل الى: