الباب الثاني المقصد في معرفة تفاصيل أنساب قبائل العرب
وفيه فصلان:
في ذكر عمود نسب النبي صلى الله عليه وسلم وما يتفرع عنه من الأنساب:
أما عمود نسب النبي صلى الله عليه وسلم فعلى ما ذكره ابن اسحاق في السيرة وتبعه عليه ابن هشام:
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان..
ابن أدد بن مقوم بن ناحور بن تارخ بن يعرب بن يشجب بن نابت بن اسماعيل ابن ابراهيم عليه السلام ابن تارخ وهو آزر بن تاخور ابن شارخ بن ارغو ابن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك ابن متو شلخ بن اخنوخ وهو ادريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قنين بن يافت بن شيث بن آدم عليه السلام.
والاتفاق على هذا النسب الشريف إلى عدنان وفيما بعد عدنان إلى اسماعيل عليه السلام فيه خلاف كثير يأتي ذكره في الكلام على نسب عدنان في حرف العين المهملة إن شاء الله تعالى بل قد منع بعضهم الرفع في النسب على عدنان تمسكًا بأنه ليس في ما وراء عدنان إلى آدم طريق صحيح كما صرح به النووي.
قال القضاعي في عيون المعارف في أخبار الخلائف:
وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تجاوزوا معد بن عدنان كذب النسابون ثم قرأ: "وقرونًا بين ذلك كثيرًا" ولو شاء أن يعلمه علمه وذكر التوزي في شرح الشقراطيسة: أنه صلى الله عليه وسلم كرر: كذب النسابون مرتين أو ثلاثًا قال: والصحيح أنه قول ابن مسعود.
ويروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:
إنما ننسب إلى عدنان وما فوق ذلك لا ندري ما هو وعن عروة بن الزبير رضي الله عنه أنه قال: ما وجدنا أحدًا يعرف ما فوق عدنان واسماعيل الا تخرصا ويحكى عن مالك بن أنس رضي الله عنه أنه سئل عن الرجل برفع نسبه إلى آدم عليه السلام فكره ذلك.
فقيل له فإلى اسماعيل: فأنكر ذلك.
وقال: ومن يخبر به! والذي عليه البخاري وغيره من العلماء موافقه ابن اسحاق على رفع النسب.
أما ما يتفرع عن الأنساب عن عمود النسب النبوي فلا خفاء:
إن آدم عليه السلام هو أبو البشر ومبدأ النسل وما يذهب إليه الفرس من أن مبدأ النسل من كيومرث الذي ينسب إليه الفرس فأنه مفسر بآدم عليه السلام عند أكثر المفسرين ثم لا نزاع في أن الأرض عمرت ببني آدم عليه السلام إلى زمن نوح وأنهم هلكوا بالطوفان الحاصل بدعوة نوح عليه السلام حين غلب فيهم الكفر وظهرت عبادة الاوثان وأن الطوفان عم جميع الأرض ولا عبرة بما يذهب إليه الفرس من إنكار الطوفان ولا بما ذهب إليه بعضهم من تخصيصه باقليم بابل الذي كان به نوح عليه السلام، ثم قد وقع الاتفاق بين النسابين والمؤرخين أن جميع الأمم الموجودة بعد نوح عليه السلام جميعهم من بنيه دون مَن كان معه في السفينة وعليه يحمل قوله تعالى: "ذرية مَن حملنا مع نوح".
وأما مَن عدا بنيه ممَّن كان معه في السفينة فقد روى:
أنهم كانوا ثمانين رجلًا وأنهم هلكوا عن آخرهم ولم يعقبوا ثم اتفقوا أن جميع النسل من بنيه الثلاثة: (يافث وهو أكبرهم وسام وهو أوسطهم وحام وهو أصغرهم).
وقد ذكر ابن اسحاق:
أنه كان ليافث سبعة أولاد وهم كومر ويقال عومر وياوان ويقال يافان وهو يونان وماغوغ وهو طوبال ويروى قطوبال وماشح بالمهملة والمعجمة ويروى كاشح بالمهملة والمعجمة وطبراش ووقع في الاسرائيليات زيادة ماذاي فصاروا سبعة وذكر البيهقي ثامنًا وهو علجان ووقع في كلام ابن سعيد زيادة سويل فيكونون تسعة.
وقال ابن اسحاق:
وكان لسام خمسة أولاد ارفخشد، ولاوذ وارم، وآشور، وعيلام.
وفي الاسرائيليات:
أنه كان لحام أربعة أولاد وهم مصر وبعضهم يقول مصرائيم، وكنعان، وكوش، والذي ذكره أبراهيم بن وصيف شاه في كتاب العجائب أن مصر بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام فيكون حينئذ ابنان لابنه لصلبه.
إذا علمت ذلك فكل أمة من الأمم ترجع إلى واحد من أبناء نوح الثلاثة على كثرة الخلاف في ذلك.
فالترك:
من بني ترك بن كومر بن يافث وقيل من بني طبراش بن يافث ونسبهم ابن سعيد إلى ترك بن عامر بن سويل بن يافث.
ويدخل في جنس الترك القبجاق وهم الخفشاخ والطغرغر وهم التتر ويقال فيهم الططر بالطاء بدل التاء والخزلخية والخوز وهم الغز الذين كان منهم ملوك السلاجقة والهياطلة والخلج وبلادهم الصفد ويسمون بها أيضًا والغور والعلان - ويقال الالان والشركس والازكش والروس فكلهم من جنس الترك نسبهم داخل في نسبهم.
والجرامقة:
قوم ينتهي نسبهم إلى باسل بن آشور بن سام بن نوح عليه السلام وهم أهل الموصل في الزمن القديم من ولد جرموق بن آشور بن سام فيما قاله ابن سعيد وقيل الجرامقة من ولد كاثر بن ارم بن سام فيما قاله غيره.
والجيل:
وهم من أهل كيلان من بلاد الشرق من بني باسل بن آشور بن سام فيما قاله ابن سعيد.
والخوز:
وهم التركمان من ولد توغرمان بن كومر بن يافث فيما وقع في الاسرائيليات وقيل من بني طبراش بن يافث وقيل نوع من الترك.
والديلم:
من بني ماذاي بن يافث وقال ابنسعيد من بني باسل بن آشور ابن سام وقيل هم من العرب من بني باسل من طابخة من العدناينة وضعفه أبو عبيدة.
والروم:
قيل من بني كثيتم بن يوان وهو يفان بن يافث وقيل من ولد رومي بن يونان بن علجان بن يافث وقيل من ولد رعويل بن عيصو بن اسحاق بن إبراهيم عليه السلام.
وقال الجوهري:
من ولد روم بن عيصو المذكور.
والسريان:
من بني سوريان بن نبيط بن ماش بن آدم بن سام. قاله اين الكلبي.
والسند:
في الاسرائيليات أنهم كانوا من بني شبا بن زعما بن كوش بن حام وحكى الطبري عن ابن اسحاق أنهم من بني كوش بن حام وهو قريب من الأول.
والسودان: قال ابن سعيد:
جميع أجناسهم من ولد حام ونقل الطبري عن ابن اسحاق أن الحبشة من ولد كوش بن حام والنوبة من ولد كنعان بن حام والزنج من ولد كنعان أيضًا وكذلك زغاوة وذكر ابن سعيد أن الحبشة من بني حبش والنوبة من بني نوبة أو من بني نوبي والزنج من بني زنج ولم يرفع في نسبهم فيحتمل أن يكونوا من أعقاب بني حام.
والصقالبة:
عند الإسرائيليين من بني بازان بن يافث وقيل من بني اشكونار: اشكنار بن توغرما بن كومر ابن يافث.
والصين:
قيل من بني صيني بن ماغوغ بن يافث وقيل من بني طوبال ابن يافث وذكرهم شيوش مؤرخ الروم أنهم من بني ماغوغ بن يافث.
والفرس:
قال ابن اسحاق من ولد فارس بن لاود بن سام وقال ابن الكلبي: من ولد فارس بن طيراش بن آشور بن سام وقيل من ولد طيراش بن همدان بن يافث وقيل من بني أميم بن لاود بن سام ووقع للطبري أنهم من ولد رعوئيل بن عيصو بن اسحاق بن إبراهيم عليه السلام قال في العبر: والالتفات إلى هذا القول لأن ملك الفرس أقدم من ذلك.
والفرنج:
قيل من ولد طوبال بن يافث وقيل من ولد ريغاث بن كومر بن يافث وقيل من ولد طوغرما بن كومر بن يافث.
والقبط:
قال إبراهيم بن آصف شاه: من بني قبطيم بن مصر بن بيصر بن حام وعند الاسرائيليين من ولد قفط بن حام وقال هرشيوش: من ولد قبط ابن لاين بن مصرائيم بن حام.
والقوط:
بضم القاف وهم أهل الاندلس في الزمن القديم من ولد ماغوغ ابن يافث وفيما قاله هرشيوش من ولد قوط بن حام وقيل من ولد ماغوغ بن يافث.
والكرد:
بضم الكاف من بني إيران بن آشور بن سام وإلى إيران هذا تنسب مملكة إيران التي كان فيها ملوك الفرس.
قال المقر الشهابي ابن فضل الله في كتابه التعريف:
يقال في المسلمين الكرد والكفار الكرج وحينئذ يكون الكرد والكرج نسب واحد سوى.
والكنعانيون:
الذي كان منهم جبابرة الشام من ولد كنعان بن حام.
واللمان:
بفتح اللام من النبط: بفتح الباء وهم أهل بابل في الزمن القديم.
قال ابن الكلبي:
هم بنو نبيط بن آشور بن سام.
والهند:
في الاسرائيليات أنهم من ولد دادان بن زعما بن كوش ابن حام ونقل الطبري عن ابن اسحاق أنهم من بني كوش بن حام من غير واسطة.
والأرمن:
وهم أهل الارمينية الذين بقاياهم ببلاد سيس قيل هم من ولد قموئيل بن ناخور امرأته ملكار بن تارخ وهو آزر وأبوه ناخور وهو من شاروغ وتارخ هو أبو إبراهيم وناخور أخو إبراهيم عليه السلام.
والاثبان:
عند بعض النسابين من ولد كاشح بن يافث وعند الاسرائيلين من ولد ياوان وهو يونان بن يافث وعند آخرين أنهم من شعوب بني عيصو بن اسحاق وهو قريب من الأول.
واليونان:
قيل من ولد يونان وهو ياوان بن يافث وقال البيهقي من بني يونان ابن علجان بن يافث وشذ الكندي فقال: يونان بن عابر وذكر أنه خرج من بلاد العرب مغاضبًا لأخيه قحطان فنزل شرقي الخليج القسطنطيني ورد عليه أبو العباس الناشئ بقوله: تخلط يونان بقحطان ضلةً لعمري لقد باعدت بينهما جدًا واليونانيون: على ثلاثة أصناف اللطينيون وهم بنو اللطين بن يونان والاغريقيون وهم بنو أغريقس بن يونان والكيتميون وهم بنو كيتم بن يونان.
وإلى هذه الفرقة منهم يرجع نسب الروم فيما قيل.
وزويلة:
وهم أهل برقة في القديم يقال أنهم من بني حويلة بن كوش ابن حام ومنهم الطائفة الذين وصلوا صحبة جوهر المعزي باني القاهرة المنسوب اليهم باب زويلة وحارة زويلة بالقاهرة المعزية.
ويأجوج ومأجوج:
قيل من ولد ماغوغ بن يافث وقيل من ولد كومر بن يافث.
أما العرب الذين هم المقصود من وضع هذا التأليف:
فانهم على اختلاف قبائلهم وتباين شعوبهم من ولد سام باتفاق النسابين فبعضهم يرجع إلى لاوذ ابن سام وبعضهم إلى ارم بن سام وبعضهم يرجع إلى قحطان بن عابر بن شالخ بن رافخشد بن سام وبعضهم يرجع إلى اسماعيل بن إبراهيم وبعضهم يرجع إلى مدين بن إبراهيم وإبراهيم من ولد عامر بن شالخ بن ارفخشد بن سام على ما تقدم ذكره في عمود النسب.
والبربر:
فيهم خلاف يرجع إلى أنهم هل هم من العرب أو من غيرهم وسيأتي ذكرهم في الكلام على القبائل عند ذكرهم فيما يقال بلفظ الجمع في الألف واللام مع الباء إن شاء الله تعالى.