قال المؤلف:
"المرتبة الثانية:
الإيمان:
وهو بضع وسبعون شعبة، فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياءُ شعبة من الإيمان".
السؤال الثامن والثلاثون بعد المائة:
ما هي المرتبة الثانية من مراتب الدين؟
الجواب:
هي الإيمان.
السؤال التاسع والثلاثون بعد المائة:
ما تعريف الإيمان في اللغة وفي الشرع؟
الجواب:
في اللغة:
التصديق.
وفي الشرع:
"إعتقادٌ بالقلب وقولٌ باللسان وعملٌ بالجوارح, وهو بضع وسبعون شبعة".
السؤال الأربعون بعد المائة:
ما تعريف الحياء؟
الجواب:
الحياء صفة إنفعالية عند الخجل وتحجز المرء عن فعل ما يُخالف المروءة.
السؤال الحادي والأربعون بعد المائة:
ما هو البِضع؟
الجواب:
البضع: بكسر الباء من الثلاثة إلى التسعة.
السؤال الثاني والأربعون بعد المائة:
ما هي الشعبة؟
الجواب:
هي الجزء من الشيء.
السؤال الثالث والأربعون بعد المائة:
ما الجمع بين ما تضمنه من أن الإيمان بضع وسبعون شعبة وبين أن أركانه ستة؟
الجواب:
نقول: الإيمان الذي هو العقيدة أصوله ستة وهي المذكورة في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال: "الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره"، وأما الإيمان الذي يشمل الأعمال وأنواعها وأجناسها فهو بضع وسبعون شبعة ولهذا سمَّى اللهُ تعالى الصَّلاة إيماناً في قوله: "وما كان الله ليُضيع إيمانكم" قال المفسرون: يعني صلاتكم إلى بيت المقدس لأن الصحابة كانوا قبل أن يؤمروا بالتوجه إلى الكعبة يصلون إلى بيت المقدس.
قال المؤلف:
"وأركانه ستة: أن تؤمن بالله".
السؤال الرابع والأربعون بعد المائة:
ما أركان الإيمان؟ مع الدليل؟
الجواب:
الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره".
الدليل:
حديث جبريل عليه الصلاة والسلام حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال: "الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره".
السؤال الخامس والأربعون بعد المائة:
ماذا يتضمن الإيمان بالله؟
الجواب:
الأول:
الإيمان بوجود الله تعالى.
الثاني:
الإيمان بربوبيته.
الثالث:
الإيمان بألوهيته.
الرابع:
الإيمان بأسمائه وصفاته.
السؤال السادس والأربعون بعد المائة:
ما الأدلة على وجود الله تعالى؟
الجواب:
قد دل على وجوده تعالى: الفطرة، والعقل، والشرع والحس.
1- أما دلالة الفطرة على وجوده:
فإن كل مخلوق قد فُطِرَ على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا مَنْ طرأ على قلبه ما يصرفه عنها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من مولودٍ إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه".
2- وأما دلالة العقل على وجود الله تعالى:
فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لابد لها من خالق أوجدها إذ لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها، ولا يمكن أن توجد صدفة، لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها لأن الشيء لا يخلق نفسه، لأن قبل وجوده معدوم فكيف يكون خالقاً؟ ولا يمكن أن توجد صدفة، لأن كل حادث لابد له من مُحْدِث، ولأن وجودها على هذا النظام البديع، والتناسق المتآلف، والارتباط المُلتحم بين الأسباب ومسبباتها، وبين الكائنات بعضها مع بعض يمنع منعاً باتاً أن يكون وجودها صدفة، إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده فكيف يكون منتظماً حال بقائه وتطوره؟! وإذا لم يمكن أن توجد هذه المخلوقات نفسها بنفسها، ولا أن توجد صدفة تعيَّن أن يكون لها مُوجِد وهو اللهُ ربُّ العَالمين.
وقد ذكر الله تعالى هذا الدليل العقلي والبرهان القطعي في سورة الطور، حيث قال: "أم خُلِقُوا من غير شيءٍ أم همُ الخالقون"، يعني أنهم لم يُخلقوا من غير خالق، ولا هم الذين خلقوا أنفسهم، فتعيَّن أن يكون خالقهم هو اللهُ تبارك وتعالى، ولهذا لما سمع -جبير بن مطعم- رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الطور فبلغ هذه الآيات: "أم خُلِقُوا من غير شيءٍ أم همُ الخالقون * أم خَلقُوا السماوات والأرض بل لا يوقنون * أم عندهم خزائن ربك أم همُ المصيطرون"، وكان -جبير يؤمئذ مشركاً فقال: "كاد قلبي أن يطير، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي" رواه -البخاري- مفرَّقاً.
ولنضرب مثلاً يوضح ذلك:
فإنه لو حدَّثك شخص عن قَصْر مُشَيَّد، أحاطت به الحدائق، وجرت بينها الأنهار، وملئ بالفرش والأسرَّة، وزُيِّن بأنواع الزينة من مقوماته ومكملاته، وقال لك: إن هذا القصر وما فيه من كمال قد أوجد نفسه، أو وجد هكذا صدفة بدون مُوجد، لبادرتَ إلى إنكار ذلك وتكذيبه، وعددت حديثه سفهاً من القول، أفيجوز بعد ذلك أن يكون هذا الكون الواسع بأرضه وسمائه، وأفلاكه وأحواله، ونظامه البديع الباهر، قد أوجد نفسه، أو وجد صُدفةً بدون مُوجد؟!
3- وأما دلالة الشرع على وجود الله تعالى:
فلأن الكتب السماوية كلها تنطق بذلك، وما جاءت به من الأحكام المتضمنة لمصالح الخلق دليل على أنها من رب حكيم عليم بمصالح خلقه، وما جاءت به من الأخبار الكونية التي شهد الواقع بصدقها دليل على أنها من رب قادر على إيجاد ما أخبر به.
4- وأما أدلة الحس على وجود الله فمن وجهين:
أحدهما:
أننا نسمع ونشاهد من إجابة الدَّاعين، وغوث المكروبين، ما يدل دلالة قاطعة على وجوده تعالى، قال الله تعالى: "ونوحاً إذ نادى من قبل فأستجبنا له" وقال تعالى: "إذ تستغيثون ربكم فأستجاب لكم"، وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن أعرابياً دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: (يا رسول الله)، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه ودعا فثار السحاب أمثال الجبال فلم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته، وفي الجمعة الثانية قام ذلك الأعرابي أو غيره فقال: (يارسول الله) تهدم البناء وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه وقال: "الله حوالينا ولا علينا"، فما يشير إلى ناحية إلا أنفرجت"، وما زالت إجابة الدَّاعين أمراً مشهوداً إلى يومنا هذا لمَنْ صدق اللجوء إلى الله تعالى وأتى بشرائط الإجابة.
الوجه الثاني:
أن آيات الأنبياء التي تسمى (المعجزات) ويشاهدها الناس، أو يسمعون بها، برهان قاطع على وجود مرسلهم، وهو الله تعالى، لأنها أمور خارجة عن نطاق البشر، يجريها الله تعالى تأييداً لرسله ونصراً لهم.
مثال ذلك:
آية موسى صلى الله عليه وسلم حين أمره الله تعالى أن يضرب بعصاه البحر، فضربه فانفلق أثنى عشر طريقاً يابساً، والماء بينها كالجبال، قال الله تعالى: "فأوحينا إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر فأنفلق فكان كل فرق كالطود العظيم".
ومثال ثان:
آية عيسى صلى الله عليه وسلم حيث كان يحيى الموتى، ويخرجهم من قبورهم بإذن الله، قال الله تعالى: وأحيي الموتى بإذن الله" وقال: "وإذ تخرج الموتى بإذني".
ومثال ثالث:
لمحمد صلى الله عليه وسلم حين طلبت منه قريش آية، فأشار إلى القمر فأنفلق فرقتين فرآه الناس، وفي ذلك قوله تعالى: "اقتربت الساعة وأنشق القمر * وإن يروا آية يُعرضوا ويقولوا سحرٌ مستمر"، فهذه الآيات المحسوسة التي يُجريها اللهُ تعالى تأييداً لرسله، ونصراً لهم، تدل دلالة قطعية على وجوده تعالى.
السؤال السابع والأربعون بعد المائة:
هل يوجد أحدٌ أنكر الربوبية؟
الجواب:
لم يُعلم أنَّ أحداً من الخلق أنكر ربوبية الله سبحانه، إلا أن يكون مكابراً غير معتقد بما يقول، كما حصل من -فرعون- حين قال لقومه: "أنا ربكم الأعلى" وقال: "يأيها الملأ ما علمتُ لكم من إلهٍ غيري"، لكن ذلك ليس عن عقيدة، قال الله تعالى: "وجحدوا بها وأستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً"، وقال موسى لفرعون فيما حكى الله عنه: "لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يافرعون مثبوراً".
ولهذا كان المشركون يقرون بربوبية الله تعالى، مع إشراكهم به في الألوهية، قال الله تعالى: "قل لِمَنْ الأرض وَمَن فيها إنْ كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل مَن رب السماوات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله قل أفلا تتقون * قل مَن بيده ملكوتُ كل شيء وهو يُجير ولا يُجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنَّى تسحرون".
السؤال الثامن والأربعون بعد المائة:
عَدِّدْ برهانين عقليين في إبطال اتخاذ المشركين للألهة؟
الجواب:
الأول:
أنه ليس في هذه الآلهة التي أتخذوها شيء من خصائص الألوهية، فهي مخلوقة لا تخلق، ولا تجلب نفعاً لعابديها، ولا تدفع عنهم ضرراً، ولا تملك لهم حياة ولا موتاً، ولا يملكون شيئاً من السماوات ولا يشاركون فيه، قال الله تعالى: "واتخذوا من دونه ءالهةً لا يخلقون شيئاً وهم يُخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا يملكون موتاً ولا حياةً ولا نشوراً".
وقال تعالى: "قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرةٍ في السماوات ولا في الأرض ومالهم فيهما من شركٍ وما له منهم من ظهير * ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لِمَنْ أذن له"، وقال: "أيُشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يُخلقون * ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون"، وإذا كانت هذه حال تلك الآلهة، فإن اتخاذها آلهة من أسفه السفه، وأبطل الباطل.
الثاني:
أن هؤلاء المشركين كانوا يُقرون بأن الله تعالى وحده الرب الخالق الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو يُجير ولا يُجار عليه، وهذا يستلزم أن يوحدوه بالألوهية كما قال تعالى: "يأيها الناس أعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون * الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءً وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون"، وقال: "ولئن سألتهم مَنْ خلقهم ليقُولُن اللهُ فأنى يؤفكون"، وقال: "قل مَن يرزقكم من السماء والأرض أمَّن يملك السمع والأبصار ومَن يُخرج الحيَّ من الميِّت ويُخرجُ الميّت من الحيّ ومَن يُدبر الأمرَ فسيقولون اللهُ فقل أفلا تتقون * فذلك الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنَّى تُصرفون".
السؤال التاسع والأربعون بعد المائة:
ما الفرق التي ضلت في الأسماء والصفات؟ مع ذكر الرد على كل فرقة؟
الجواب:
قد ضل في هذا الأمر طائفتان:
إحداهما:
(المعطلة) الذين أنكروا الأسماء، والصفات، أو بعضها، زاعمين أن إثباتها يستلزم التشبيه، أي تشبيه الله تعالى بخلقه، وهذا الزعم باطل لوجوه منها:
الأول:
أنه يستلزم لوازم باطلة كالتناقض في كلام الله سبحانه، وذلك أن الله تعالى أثبت لنفسه الأسماء والصفات، ونفى أن يكون كمثله شيء، ولو كان إثباتها يستلزم التشبيه لزم التناقض في كلام الله، وتكذيب بعضه بعضاً.
الثاني:
أنه لا يلزم من أتفاق الشيئين في أسم أو صفة أن يكونا متماثلين، فأنت ترى الشخصين يتفقان في أن كلاً منهما إنسان سميع، بصير، متكلم، ولا يلزم من ذلك أن يتماثلاً في المعاني الإنسانية، والسمع والبصر، والكلام، وترى الحيوانات لها أيد وأرجل، وأعين ولا يلزم من أتفاقها هذا أن تكون أيديها وأرجلها، وأعينها متماثلة، فإذا ظهر التباين بين المخلوقات فيما تتفق فيه من أسماء، أو صفات، فالتباين بين الخالق والمخلوق أبين وأعظم.
الطائفة الثانية:
(المشبهة) الذين أثبتوا الأسماء والصفات مع تشبيه الله تعالى بخلقه زاعمين أن هذا مقتضى دلالة النصوص، لأن الله تعالى يخاطب العباد يفهمون وهذا الزعم باطل لوجوه منها:
الأول:
أن مشابهة الله تعالى لخلقه أمر باطل ببطله العقل، والشرع، ولا يمكن أن يكون مقتضى نصوص الكتاب والسنة أمراً باطلاً.
الثاني:
أن الله تعالى خاطب العباد بما يفهمون من حيث أصل المعنى، أما الحقيقة والكنه الذي عليه ذلك المعنى فهو مما استأثر الله تعالى بعلمه فيما يتعلق بذاته، وصفاته، فإذا اثبت الله لنفسه أنه سميع، فإن السمع معلوم من حيث أصل المعنى (وهو إدراك الأصوات) لكن حقيقة ذلك بالنسبة إلى سمع الله تعالى غير معلومة، لأن حقيقة السمع تتباين حتى في المخلوقات، فالتباين فيها بين الخالق والمخلوق، أبين وأعظم.
السؤال الخمسون بعد المائة:
ما ثمرات الإيمان بالله تعالى؟
الجواب:
الأولى:
تحقيق توحيد الله تعالى بحيث لا يتعلق بغيره رجاء، ولا خوفاً، ولا يعبد غيره.
الثانية:
كمال محبة الله تعالى، وتعظيمه بمقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العليا.
الثالثة:
تحقيق عبادته بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه.
قال المؤلف:
"وملائكتِهِ".
السؤال الحادي والخمسون بعد المائة:
منهم الملائكة؟ وكم عددهم؟ ومما خلقهم الله؟
الجواب:
عالم غيبي مخلوقون، عابدون لله تعالى، وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، خلقهم الله تعالى من نور، ومنحهم الأنقياد التام لأمره، والقوة على تنفيذه، قال الله تعالى: "ومَنْ عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون * يسبحون الليل والنهار لا يفترون" وهم عددٌ كثيرٌ لا يحصيهم إلا الله تعالى، وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه في قصة المعراج أن النبي صلى الله عليه وسلم رُفع له البيت المعمور في السماء يُصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودا إليه آخر ما عليهم.
السؤال الثاني والخمسون بعد المائة:
ماذا يتضمن الإيمان بالملائكة؟
الجواب:
الأول:
الإيمان بوجودهم.
الثاني:
الإيمان بمَنْ علمنا اسمه منهم باسمه (كجبريل) ومَنْ لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالاً.
الثالث:
الإيمان بما علمنا من صفاتهم، كصفة (جبريل) فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه على صفته التي خُلِقَ عليها وله ستمائة جناح قد سد الأفق.
الرابع:
الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله تعالى، كتسبيحه، والتعبد له ليلاً ونهاراً بدون ملل ولا فتور.
السؤال الثالث والخمسون بعد المائة:
عَدِّدْ أعمال بعض الملائكة؟
الجواب:
مثل:
جبريل الأمين على وحي الله تعالى يرسله به إلى الأنبياء والرسل.
ومثل:
ميكائيل الموكل بالقطر أي بالمطر والنبات.
ومثل:
إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور عند قيام الساعة وبعث الخلق.
ومثل:
ملك الموت الموكل بقبض الأرواح عند الموت.
ومثل:
مالك وهو خازن النار.
ومثل:
الملائكة الموكلين بالأجنة في الأرحام إذا تم للإنسان أربعة أشهر في بطن أمه، بعث الله إليه ملكاً وأمره بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد.
ومثل:
الملائكة الموكلين بحفظ أعمال بني آدم وكتابتها لكل شخص ، ملكان: أحدهما عن اليمين، والثاني عن الشمال.
ومثل:
الملائكة الموكلين بسؤال العبد إذا وضع في قبره يأتيه ملكان يسألانه عن ربه، ودينه، ونبيه.
السؤال الرابع والخمسون بعد المائة:
ما ثمرات الإيمان بالملائكة؟
الجواب:
الأولى:
العلم بعظمة الله تعالى، وقوته، وسلطانه، فإن عظمة المخلوق من عظمة الخالق.
الثانية:
شكر الله تعالى على عنايته ببني آدم، حيث وكل من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم، وكتابة أعمالهم، وغير ذلك من مصالحهم.
الثالثة:
محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى.
السؤال الخامس والخمسون بعد المائة:
الرد على من أنكر كون الملائكة أجساماً؟
الجواب:
وقد أنكر قوم من الزائغين كون الملائكة أجساماً، وقالوا إنهم عبارة عن قوى الخير الكامنة في المخلوقات، وهذا تكذيب لكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين.
قال الله تعالى:
"الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع"، وقال: "ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوهم وادبارهم"، وقال: "ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا ايديهم أخرجوا أنفسكم"، وقال: "حتى إذا فُزّعَ عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير"،
وقال في أهل الجنة: "والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عُقبى الدار".
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلاناً فأحبه، فيُحبه جبريل، فيُنادي جبريل في أهل السماء، إن الله يُحب فلاناً فأحبوه، فيُحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض"، وفيه أيضاً عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم الجمعة على كل باب من أبواب المساجد الملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر"، وهذه النصوص صريحة في أن الملائكة أجسام لا قوى معنوية، كما قال الزائغون وعلى مقتضى هذه النصوص أجمع المسلمون.
قال المؤلف:
"وكتبه".
السؤال السادس والخمسون بعد المائة:
ما المراد بالكتب؟
الجواب:
المراد بها هنا:
الكتب التي أنزلها تعالى على رسله رحمة للخلق، وهداية لهم، ليصلوا بها إلى سعادتهم في الدنيا والآخرة.
السؤال السابع والخمسون بعد المائة:
ماذا يتضمن الإيمان بالملائكة؟
الجواب:
الأول:
الإيمان بأن نزولها من عند الله حقاً.
الثاني:
الإيمان بما علمنا اسمه منها باسمه كالقرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، والتوراة التي أنزلت على موسى صلى الله عليه وسلم، والإنجيل الذي أنزل على عيسى صلى الله عليه وسلم، والزَّبور الذي أوتيه داود صلى الله عليه وسلم وأما لم نعلم اسمه فتؤمن به إجمالاً.
الثالث:
تصديق ما صح من أخبارها، كأخبار القرآن، وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة.
الرابع:
العمل باحكام ما لم ينسخ منها، والرضا والتسليم به سواء فهمنا حكمته أم لم نفهمها، وجميع الكتب السابقة منسوخة بالقرآن العظيم قال الله تعالى: "وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مُصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه"، أي (حاكماً عليه) وعلى هذا فلا يجوز العمل بأي حكم من أحكام الكتب السابقة إلا ما صح منها وأقره القرآن.
السؤال الثامن والخمسون بعد المائة:
ما ثمرات الإيمان بالكتب؟
الجواب:
الأولى:
العلم بعناية الله تعالى بعباده حيث أنزل لكل قوم كتاباً يهديهم به.
الثانية:
العلم بحكمة الله تعالى في شرعه حيث شرع لكل قوم ما يناسب أحوالهم، كما قال الله تعالى: "لكلٍ جعلنا منكم شرعةً ومِنْهَاجاً".
قال المؤلف:
"ورسله".
السؤال التاسع والخمسون بعد المائة:
ما تعريف الرسل؟
الجواب:
الرسل: جمع (رسول) بمعنى (مرسل) أي (مبعوث) بإبلاغ شيء.
والمراد هنا:
مَنْ أوحيَ إليه من البشر بشرعٍ وأُمِرَ بتبليغه.
السؤال الستون بعد المائة:
مَنْ أول الرسل ومَنْ آخرهم؟
الجواب:
أولهم نوح عليه السلام وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- في حديث الشفاعة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (ذكر أن الناس يأتون إلى آدم ليشفع لهم فيعتذر، إليهم ويقول: ائتوا نوحاً رسول بعثه الله – وذكر تمام الحديث، وقال الله تعالى في محمد صلى الله عليه وسلم: "ما كان مُحَمَّدٌ أبَا أحَدٍ مِن رجالكم ولكن رسولَ اللهِ وخاتمَ النَّبيين".
السؤال الحادي والستون بعد المائة:
هل يبعث لكل أمة رسول أو نبي؟
الجواب:
لم تخل أمة من رسول يبعثه الله تعالى بشريعة مستقلة إلى قومه، أو نبيٍ يوحي إليه بشريعةٍ مَنْ قبله ليجددها، قال الله تعالى: "ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت"، وقال تعالى: "وإن مِنْ أمةٍ إلا خلا فيها نذير"، وقال تعالى: "إنَّا أنزلنا التوراة فيها هدىً ونورٌ يحكم بها النَّبيون الذين أسلموا للذين هادوا...".
السؤال الثاني والستون بعد المائة:
هل لرسل خصائص من خصائص الربوبية أو الألوهية؟
الجواب:
ليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، قال الله تعالى عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وهو سيد المرسلين وأعظمهم جاهاً عند الله: "قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنيَ السوءُ إنْ أنا إلا نذيرٌ وبشيرٌ لقومٍ يؤمنون"، وقال تعالى: "قل إني لا املك لكم ضراً ولا رشداً * قل إني لن يجيرني من الله أحدٌ ولن أجد من دونه ملتحداً".
وتلحقهم خصائص البشرية من المرض، والموت، والحاجة إلى الطعام والشراب، وغير ذلك، قال الله الله تعالى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام في وصفه لربه تعالى: "والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما أنا بشرٌ مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني".
السؤال الثالث والستون بعد المائة:
بما وصف الله الرسل؟
الجواب:
وصفهم الله تعالى بالعبودية له في أعلى مقاماتهم، وفي سياق الثناء عليهم فقال تعالى في نوح صلى الله عليه وسلم: "إنه كان عبداً شكوراً"، وقال في محمد صلى الله عليه وسلم: "تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً"، وقال في إبراهيم، وإسحاق ويعقوب صلى الله عليهم وسلم: "واذكر عبدنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدى والأبصار * إنا أخلصناهم بخالصةٍ ذكرى الدَّار * وإنهم عندنا لَمِنَ المصطفين الأخيار"، وقال في عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم: "إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل".
السؤال الرابع والستون بعد المائة:
ماذا يتضمن الإيمان بالرسل؟
الجواب:
الأول:
الإيمان بأن رسالتهم حق من الله تعالى، فَمَنْ كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع، كما قال الله تعالى: "كذبت قوم نوح المُرسلين"، فجعلهم الله مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يكن رسول غيره حين كّذَّبُوه، وعلى هذا فالنصارى الذين كذَّبوا محمداً صلى الله عليه وسلم ولم يتبعوه هم مُكذبون للمسيح بن مريم غير متبعين له أيضاً، لا سيما وأنه قد بشرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ولا معنى لبشارتهم به إلا أنه رسول إليهم ينقذهم الله به من الضلالة، ويهديهم إلى صراط مستقيم.
الثاني:
الإيمان بِمَنْ علمنا اسمه منهم باسمه مثل: محمد وإبراهيم، وموسى، وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام، وهؤلاء الخمسة هم أولوا العزم من الرسل، وقد ذكرهم الله تعالى في موضعين من القرآن في سورة الأحزاب في قوله: "ولقد أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى أبن مريم"، وفي سورة الشورى في قوله: "شَرَعَ لكم من الدين ما وصَّى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"، وأمَّا مَنْ لم نعلم أسمه منهم فنؤمن به إجمالاً.
قال الله تعالى:
"ولقد أرسلنا رسلاً منهم مَن قصصنا عليك ومنهم مَن لم نقصص عليك".
الثالث:
تصديق ما صَحَّ عنهم من أخبارهم.
الرابع:
العمل بشريعة مَنْ أُرسِلَ إلينا منهم، وهو خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم المُرسل إلى جميع الناس قال الله تعالى: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يُحكموك فيما شَجَرَ بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مِمَّا قضيت ويسلموا تسليماً".
يتبع إن شاء الله...