الفصل العاشر:
مكة والمدينة لا يدخلها الدجال
الفصل العاشر: مكة والمدينة لا يدخلها الدجال 2199
مكة والمدينة لا يدخلها الدجال:
إن من تفضيل الله سبحانه وتعالى لمكة والمدينة أن حرسهما من كل شر، ومن هذا الشر الذي بعده عنهما المسيح الدجال، فإن الله حرم عليه دخول واحدة منهما، وجعل الله سبحانه على كل نقب من نقابهما ملكان يذبان عنها رعب المسيح.
فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "… ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال، إلا مكة والمدينة، وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة حافين تحرسها، فينـزل  بالسبخة، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، يخرج إليه منها كل كافر ومنافق".(1)
وفي حديث أبي أمامة: "و إنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه، إلا مكة والمدينة لا يأتيهما، وليس نقب من أنقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة، حتى ينـزل عند الضريب الأحمر عند منقطع السبخة، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى فيها منافق ولا منافقة إلا خرج إليه، فتنفي الخبيث منها كما ينفي الكير خبث الحديد، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص"(2).
السبخة: هي الأرض الرملية التي لا تنبت لملوحتها.
وفي رواية عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة ليس من نقابها نقب إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فيخرج الله كل كافر ومنافق"(3).
قوله ليس من بلد إلا سيطؤه: أي ليس من بلد إلا وسيدخله الدجال اللعين، إلا مكة والمدينة.
وعن طلحة بن عبد الله بن عوف، عن أبي بكرة قال: أكثر الناس في مسيلمة قبل أن يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه شيئا، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطيباً فقال: "أمَّا بعد ففي شأن هذا الرجل الذي قد أكثرتم فيه وإنه كذاب من ثلاثين كذابا يخرجون بين يدي الساعة وإنه ليس من بلدة إلا يبلغها رعب المسيح إلا المدينة على كل نقب من نقابها ملكان يذبان عنها رعب المسيح"(4).
على كل نقب من نقابها: المراد بالنقب هو الطريق بين الجبلين، ويسمى الفج.
فمكة والمدينة من أسباب حفظ المسلم من المسيح الدجال، وأن الله فضلهما على غيرهما من المدن.
وعن أبي بكرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال لها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان"(5).
قال ابن حجر: المراد بالرعب ما يحدث من الفزع من ذكره، والخوف من عتوه لا الرجفة التي تقع بالزلزلة لإخراج من ليس بمخلص. فتح الباري (4/96).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الإيمان يمان، والكفر من قبل المشرق، وإن السكينة في أهل الغنم، وإن الرياء والفخر في أهل الفدادين: أهل الوبر وأهل الخيل، ويأتي المسيح من قبل المشرق، وهمته المدينة، حتى إذا جاء دبر أحد تلقته الملائكة فضربت وجهه قبل الشام، هنالك يهلك، هنالك يهلك".(6)

مكة والمدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال
ومن حفظ الله تعالى للمدينة كذلك أن منع الطاعون من دخولها.
تقدم حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-، وفيه: "… ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال، إلا مكة والمدينة، وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة حافين تحرسها.
وعن مالك، عن نعيم بن عبد الله المجمر، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال"(7).
قال المناوي في فيض القدير: وذكر النووي في الأذكار أن الطاعون لم يدخل المدينة ولا مكة أصلاً، لكن ذكر جمع أن الطاعون العام دخل مكة أما المدينة فلم يذكر أنه دخلها، وهذا من معجزاته لأن الأطباء عجزوا عن دفع الطاعون عن بلد بل عن قرية، وقد امتنع الطاعون عن المدينة هذه العصور المتطاولة. اهـ.

المدينة ترجف بأهلها ثلاث رجفات
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة ليس له من نقابها نقب إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها، ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فيخرج الله كل كافر ومنافق"(8).
قوله: ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال: أي ما من بلد إلا وسيدخله الدجال ويضع قدمه فيها، والوطئ هو موضع القدم.
قال النووي: قوله: "نقاب المدينة": هو بكسر النون، أي طرقها وفجاجها، وهو جمع نقب وهو الطريق بين جبلين.
وقال ابن حجر: قال بن وهب المراد بها المداخل، وقيل الأبواب، وأصل النقب الطريق بين الجبلين، وقيل: الأنقاب الطرق التي يسلكها الناس، ومنه قوله تعالى: "فنقبوا في البلاد".
قوله: "ثم ترجف المدينة": أي يحصل لها زلزلة بعد أخرى، ثم ثالثة حتى يخرج منها من ليس مخلصا في إيمانه ويبقى بها المؤمن الخالص فلا يسلط عليه الدجال، ولا يعارض هذا ما في حديث أبي بكرة الماضي أنه لا يدخل المدينة رعب الدجال لأن المراد بالرعب ما يحدث من الفزع من ذكره، والخوف من عتوه لا الرجفة التي تقع بالزلزلة لإخراج من ليس بمخلص، وحمل بعض العلماء الحديث الذي فيه أنها تنفى الخبث على هذه الحالة دون غيرها، وقد تقدم أن الصحيح في معناه أنه خاص بناس وبزمان، فلا مانع أن يكون هذا الزمان هو المراد، ولا يلزم من كونه مراداً نفى غيره.اهـ. فتح الباري (4/96).

على كل نقب من أنقاب المدينة ملائكة يحرسونها
وجاء في تمام حديث الجساسة أن الدجال قال: "فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة، فهما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة منهما استقبلني ملك بيده السيف صلداً يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها".(9)
طيبة: هي المدينة النبوية المنورة.
صلداً: أي يبرق ويلمع.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المدينة يأتيها الدجال فيجد الملائكة  يحرسونها  فلا يقربها الدجال ولا الطاعون إن شاء الله".(10)  

الدجال ينـزل بعض السباخ التي بالمدينة
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثا طويلا عن الدجال فكان فيما حدثنا به أن قال: "يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة، ينـزل بعض السباخ التي بالمدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس، فيقول أشهد أنك الدجال الذي حدثنا عنك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثه، فيقول الدجال أرأيت إن قتلت هذا ثم أحييته هل تشكون في الأمر، فيقولون لا فيقتله ثم يحييه، فيقول حين يحييه والله ما كنت قط أشد بصيرة مني اليوم، فيقول الدجال أقتله، فلا يسلط عليه".(11)
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "يأتي المسيح من قبل المشرق، وهمته المدينة، حتى إذا جاء دُبُر أحد تلقته الملائكة، فضربت وجهه قبل الشام، هنالك يهلك".(12)

الدجال لا يدخل مسجد الطور والمسجد الحرام
وكذلك حرم الله سبحانه وتعالى على الدجال دخول مسجد الطور ولا المسجد الأقصى.
فعن جنادة بن أبي أمية الأزدي قال: ذهبتُ أنا ورجل من الأنصار إلى رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقلنا: حدثنا ما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  يذكر الدجال، فقال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطيباً فقال: "أنذركم الدجال، أنذركم الدجال، أنذركم الدجال، فإنه لم يكن نبي إلا وقد أنذره أمته، وإنه فيكم أيتها الأمة، وإنه جعد أدم،ممسوح العين اليسرى، وإن معه جنة وناراً، فناره جنة وجنته نار، وإن معه نهر ماء، وجبل خبز، وإنه يسلط على نفس فيقتلها ثم يحييها، لا يسلط على غيرها، وإنه يمطر السماء ولا تنبت الأرض، وإنه يلبث في الأرض أربعين صباحا حتى يبلغ منها كل منهل، وإنه لا يقرب أربعة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد المقدس والطور، وما شبه عليكم من الأشياء، فإن الله ليس بأعور (مرتين)".(13)
قال القاضي عياض: في هذه الأحاديث حجة لأهل السنة في صحة وجود الدجال، وأنه شخص معين يبتلي الله به العباد ويقدره على أشياء كإحياء الميت الذي يقتله، وظهور الخصب، والنهار، والجنة، والنار، واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء فتمطر والأرض فتنبت، وكل ذلك بمشيئة الله، ثم يعجزه الله فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره، ثم يبطل أمره ويقتله عيسى بن مريم، وقد خالف في ذلك بعض الخوارج (14)، والمعتزلة (15)، والجهمية (16)، فأنكروا وجوده وردوا الأحاديث الصحيحة، وذهب طوائف منهم كالجبائي إلى أنه صحيح الوجود، لكن كل الذي معه مخاريق وخيالات لا حقيقة لها، وألجأهم إلى ذلك أنه لو كان ما معه بطريق الحقيقة لم يوثق بمعجزات الأنبياء وهو غلط منهم لأنه لم يدع النبوة فتكون الخوارق تدل على صدقه، وإنما ادعى الإلهية وصورة حاله تكذبه لعجزه ونقصه فلا يغتر به إلا رعاع الناس، إما لشدة الحاجة والفاقة، وإما تقية وخوفا من أذاه وشره مع سرعة مروره في الأرض فلا يمكث حتى يتأمل الضعفاء حاله، فمن صدقه في تلك الحال لم يلزم منه بطلان معجزات الأنبياء، ولهذا يقول له الذي يحيه بعد أن يقتله ما ازددت فيك إلا بصيرة قلت، ولا يعكر على ذلك ما ورد في حديث أبي أمامة ثم بن ماجة انه يبدأ فيقول: أنا نبي ثم يثني فيقول أنا ربكم، فإنه يحمل على أنه إنما يظهر الخوارق بعد قوله الثاني، ووقع في حديث أبي أمامة المذكور: وإن من فتنته أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك، فيقول نعم فيمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه يقولان له يا بني اتبعه فإنه ربك، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت، ويمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر، والأرض أن تنبت فتمطر وتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظم وأمده خواصر وأدره ضروعاً. اهـ.
عن أبي سعيد -رضي الله عنه-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الدجال لا يولد له ولا يدخل المدينة ولا مكة"(17).
قال المناوي في فيض القدير: الدجال لا يولد له، أي بعد خروجه أو مطلقاً ولا يدخل المدينة النبوية، ولا مكة، فإن الملائكة تقوم على أنقابهما تطرده عن الدخول تشريفاً للبلدين فينـزل بقربهما فيخرج له من في قلبه مرض، وألحق البسطامي بمكة والمدينة بيت المقدس فجزم بأنه لا يدخله أيضاً، وفي رواية لمسلم: أنه يهودي وأنه لا يولد له وأنه لا يدخل مكة ولا المدينة.

تنبيه:
عدّوا من خصائص نبينا أنه بين له في أمر الدجال ما لم يبين لأحد.اهـ.

وفي حديث أبي أمامة: "و إنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه، إلا مكة والمدينة لا يأتيهما، وليس  نقب من أنقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة، حتى ينـزل عند الضريب الأحمر عند منقطع السبخة، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى فيها منافق ولا منافقة إلا خرج إليه، فتنفي الخبيث منها كما ينفي الكير خبث الحديد، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص"(18).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال".(19)  
"على أنقاب المدينة": جمع نقب بالسكون بفتح الهمزة وسكون النون مداخلها وفوهات طرقها، ملائكة، موكلون بها للحرس.
"لا يدخلها الطاعون": الموت الذريع الناشئ عن وخز الجن أي لا يكون كالذي يكون بغيرها، كطاعون عمواس والجارف، وقد أظهر اللّه صدق رسوله فم ينقل أنه دخلها طاعون  ولا  يدخلها  الدجال، فإنه يجيء ليدخلها فتمنعه الملائكة.
"فينـزل بالسبخة": اسم محل قريب من المدينة، وهي أرض رملية لا تنبت لملوحتها.
"فترجف المدينة بأهلها": أي تحركهم وتزلزلهم فيخرج إليه من كان في قلبه مرض قال الطيبي وجملة لا يدخلها مستأنفة بيان لموجب استقرار الملائكة على الأنقاب، وقد عد عدم دخول الطاعون من خصائصها وهو لازم دعاء المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لها بالصحة، واحتج ابن الحاج على أن المدينة أفضل من مكة لأنه لم يأت مثل ذلك في مكة، واستشكل عدم دخول الطاعون المدينة مع كونه شهادة وكيف قرن بالدجال ومدحت المدينة بعدم دخولهما، وأجيب بأن المراد بكونه شهادة أن ذلك يترتب عليه وينشأ عنه لكونه سببه وإذا كان الطاعون طعن الجن، حسن مدح المدينة بعدم دخولها. فيض القدير.
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يخرج الدجال فيتوجه قبله رجل من المؤمنين فتلقاه المسالح (20)، مسالح الدجال.
فيقولون له: أين تعمد، فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج.
قال فيقولون له: أو ما تؤمن بربنا.
فيقول: ما بربنا خفاء.
فيقولون: اقتلوه، فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه.
قال: فينطلقون به إلى الدجال فإذا رآه المؤمن، قال: يا أيها الناس هذا الدجال الذي ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قال: فيأمر الدجال به فيشج، فيقول خذوه وشجوه فيوسع ظهره وبطنه ضرباً.
قال: فيقول أو ما تؤمن بي.
قال: فيقول أنت المسيح الكذاب.
قال: فيؤمر به فيؤشر بالمئشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه.
قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له قم فيستوي قائماً.
قال: ثم يقول له أتؤمن بي، فيقول ما ازددت فيك إلا بصيرة.
قال: ثم يقول يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس.
قال: فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا فلا يستطيع إليه سبيلاً.
قال: فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس إنما قذفه إلى النار وإنما ألقى في الجنة.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-هذا أعظم الناس شهادة ثم (21) رب العالمين".(22)
وفي رواية عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن أبا سعيد الخدري قال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  يوماً حديثاً طويلاً عن الدجال فكان فيما حدثنا قال: "يأتي وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة، فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس، فيقول له أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثه، فيقول الدجال أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر، فيقولون لا، قال فيقتله ثم يحييه، فيقول حين يحييه والله ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن، قال فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه".(23)
قال أبو إسحاق يقال إن هذا الرجل هو الخضر عليه السلام.
وعن محجن بن الأدرع، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس فقال: "يوم الخلاص وما يوم الخلاص، يوم الخلاص  وما يوم الخلاص، يوم الخلاص وما يوم الخلاص ثلاثاً، فقيل له وما يوم الخلاص؟، قال يجيئ الدجال فيصعد أحُد فينظر المدينة فيقول لأصحابه أترون هذا القصر الأبيض هذا مسجد أحمد، ثم يأتي المدينة فيجد بكل نقب منها ملكاً مصلتاً فيأتي سبخة الحرف فيضرب رواقه، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق (24) ولا فاسقة إلا خرج إليه، فذلك يوم الخلاص".(25)
* * * * *
الهوامش:
1.    أخرجه مسلم برقم (2943).
2.    صحيح الجامع حديث رقم (7875).
3.    أخرجه البخاري برقم (1782).      
4.    مسند أحمد (5/41).
5.    البخاري برقم (1780)، باب لا يدخل الدجال المدينة.
6.    الصحيحة (1770).
7.    البخاري برقم (1781).           
8.    أخرجه البخاري برقم (1782).      
9.    رواه مسلم في كتاب الفتن برقم (2942).
10.    أخرجه البخاري برقم (7035).
11.    أخرجه البخاري برقم (1783) باب المدينة تنفي الخبث.
12.    السلسلة الصحيحة برقم (1771).
13.    قال ابن حجر أخرجه احمد ورجاله ثقات فتح الباري (13/105)، مجمع الزوائد (7/343). السلسلة الصحيحة حديث رقم (2934).
14.    الخوارج  فإنَّهم سُمّوا بذلك لخروجهم عن البَيْضة وشقّهم العصا ولذلك سمّاهم المارقين والمُروق الخُرُوج. الغريب لابن قتيبة (1/252).
فالخوارج: كل من خرج على الإمام الحق، الذي اتفقت عليه الجماعة، وهم الذين خرجوا على علي -رضي الله عنه- يوم صفين، وكان أولهم ذو الخويصرة الذي قال للرسول -صلى الله عليه وسلم- اعدل يا محمد، ومنهم ذو الثدية الذي قتل عمَّار بن ياسر -رضي الله عنه-.
من أبرز أفكارهم ومعتقادتهم الضالة: قولهم بانحراف عثمان -رضي الله عنه- بأخر خلافته.
وقولهم: مرتكب الكبيرة كافر ما لم يتب منها. ولهم مخالفات كثيرة للسنة.
قال عنهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية".
فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "بينا نحن ثم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقسم قسما أتاه ذو الخويصرة، وهو رجل من بني تميم، فقال يا رسول الله اعدل، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ويلك ومن يعدل إن لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أعدل، فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: دعه فإن له أصحابا، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه فلا يوجد فيه شيء وهو القدح، ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر، يخرجون على حين فرقة من الناس" قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأشهد أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس فوجد فأتي به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي نعت". أخرجه مسلم في صحيحه برقم (1064).
من أبرز أفكارهم ومعتقادتهم الضالة: قولهم بانحراف عثمان -رضي الله عنه- بأخر خلافته.
وقولهم: مرتكب الكبيرة كافر ما لم يتب منها. ولهم مخالفات كثيرة للسنة.
وقال الشهرستاني في الملل والنحل: وكبار فرق الخوارج ستة: الأزارقة، والنجدات، والصفرية، والعجاردة، والأباضية، والثعالبة، والباقون فروعهم، ويجمعهم القول بالتبريء من عثمان وعلي، ويقدمون ذلك على كل طاعة، ولا يصححون المناكحات إلا على ذلك، ويكفرون أصحاب الكبائر، ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة حقاً واجباً.اهـ.
15.    المعتزلة: اتباع واصل بن عطاء الذي اعتزل مجلس الحسن البصري، كما أثيرت مسألة مرتكب الكبيرة، ويقرر أن مرتكب الكبيرة ليس بمؤمن ولا كافر ويثبت المنـزلة بين المنـزلتين فطرده، فاعتزله وتبعه جماعة سموا بالمعتزلة ومن أبرز المعتقدات الضالة عندهم: القول بخلق القرآن. ونفي صفة الكلام عن الله سبحانه وتعالى. ويقولون بأن الإنسان خالق لأفعال نفسه.
ومن أصولهم: أن لا يضر مع الإيمان ذنب أو معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة.
وقولهم أن المسلم العاصي في منـزلة بين المنـزلتين –أي بين المؤمن والكافر– وقد ثأثروا بالفلسفة اليونانية وغيرها.
وطريقة المعتزلة في معرفة العقائد عقلية بحتة، فإذا ظهر خلاف في ظاهر النصوص وبين آرائهم أولوا النصوص لتناسب مقالتهم. عافانا الله من كل هؤلاء وهدانا للحق.
16.    الجهمية هم اتباع الجهم بن صفوان، الذي أظهر نفي الصفات والتعطيل، وقد أخذ عنه الجعد بن درهم، وروي أنه هو الذي ضحى به خالد القسيري يوم الأضحى.
وقد ظهرت بدعته بترمذ -وهي مدينة مشهورة راكبة على نهر جيحون- ومما انفرد به جهم قوله: إن الجنة والنار تفنيان، وأن الإيمان معرفة القلب فقط، وأن الإنسان مجبور وإنما تنسب إليه الأفعال على سبيل المجاز فقط، وقد قتله سالم بن أحوز بمرو في آخر ملك بني أمية. انظر الفصل في الملل والنحل (1/154)، والفرق بين الفرق (ص72-109).
17.    صحيح الجامع حديث رقم (3403).
18.    صحيح الجامع حديث رقم (7875).
19.    صحيح الجامع حديث رقم (4029).
20.    المسالح: هم المراقبون والخفراء الذين  يحملون السلاح في مراكز المراقبة.
21.    أي: عند.
22.    أخرجه مسلم برقم (2938).
23.    أخرجه مسلم في صحيحه برقم (2938) باب في صفة الدجال وتحريم المدينة عليه وقتله المؤمن وإحيائه.
24.    وفي رواية: ولا محمود.
25.    مسند أحمد (4/338)، وجاء في حديث طويل كما في صحيح الجامع برقم (7857)، وانظر "قصة المسيح الدجال" للشيخ للألباني رحمه الله (ص89).