الفصل الثاني:
صفات المسيح الدجال

الفصل الثاني: صفات المسيح الدجال 2199
صفات المسيح الدجال:
هو رجل من بني آدم خلقه الله تعالى، يُشابه الشيطان في الخِلْقَةِ، والنَّشأةِ والنَّـزعةِ.

الدجال كما وصفه الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا عباد الله! أيها الناس! فاثبتوا فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه قبلي نبي (إنه يبدأ فيقول: أنا نبي ولا نبي بعدي ثم يثني فـ) يقول أنا ربكم ولا ترون ربكم حتى تموتوا، وإنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، وإنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب;… الحديث بطوله"(1).
وذكر العلماء أن هذه الكتابة حقيقية.  
رجل جسيم أحمر جعد الرأس أعور العين
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بينما أنا نائم أطوف بالبيت -وذكر فيه أنه رأى الدجال فقال-: فإذا رجل جسيم أحمر جعد الرأس أعور العين كأن عينه عنبة طافئة".(2)
رجل جسيم: أي عظيم.
جعد الرأس  جَعَد   الشَّعَر, وهو ضدّ السَّبْط, لأن السُّبُوطة أكْثَرُها في شُعور العجَم. وأما الذَّم فهو القَصير المُتَردّدُ الخَلْق. وقد يُطْلق على البخِيل أيضا, يقال: رَجُل جَعْدُ اليَدَيْن, ويُجْمَع على الجِعاَد. النهاية (1/275).
كأن عينه عِنبة طافية: طفى هي الحبِةّ الناتئة الخارجة عن حَدِّ نبْتَةِ أخَواتها. وكل شيء علا فقد طَفا. اهـ.(3)
وقال الهروي: الجعد في صفات الرجال يكون مدحا ويكون ذما، فإذا كان ذما فله معنيان أحدهما: القصير المتردد، والآخر: البخيل، يقال رجل جعد اليدين، وجعد الأصابع أي بخيل، وإذا كان مدحا فله أيضا معنيان: أحدهما أن يكون معناه شديد الخلق، والآخر: يكون شعره سبط، فيكون مدحا لأن السبوطة أكثرها في شعور العجم.
والجعد في صفة  الدجال  ذم، وفى صفة عيسى عليه السلام مدح والله أعلم. اهـ. شرح النووي (2/235).
قال ابن قيم الجوزية: كان يكتفي -صلى الله عليه وسلم- في أمر الدجال في إرشاد المؤمنين إلى كذب ما يدعيه في الربوبية في أنه جسم والله ليس بجسم، بل قال عليه السلام: إن ربكم ليس بأعور، فاكتفى بالدلالة على كذبه بوجود هذه الصفة الناقصة التي ينتفي عند كل أحد وجودها ببديهة العقل في الباري سبحانه، فهذه كلها كما ترى بدع حادثة في الإسلام هي السبب فيما عرض فيه من الفرق التي أنبأنا المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أنها ستفترق أمته إليه. اهـ. تبيان تلبيس الجهمية (1/28).

الدجال يشبه بن قطن
عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: لا والله ما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-  لعيسى أحمر ولكن قال:
"بينما أنا نائم أطوف بالكعبة فإذا رجل آدم سبط الشعر يهادى بين رجلين ينطف رأسه ماء، أو يهراق رأسه ماء، فقلت من هذا قالوا بن مريم، فذهبت ألتفت فإذا رجل أحمر جسيم جعد الرأس أعور عينه اليمنى كأن عينه عنبة طافية، قلت من هذا، قالوا هذا  الدجال، وأقرب الناس به شبها بن قطن"(4).
قال الزهري: رجل من خزاعة هلك في الجاهلية.
سبط الشعر: بفتح الباء وكسرها، أي مسترسل غير جعد، وقد سَبِطَ شعره من باب طرب، ورجل  سَبِطُ  الشعر وسَبِطُ الجسم، وسَبْطُ الجسم أيضا مثل فَخِذ وفَخْذ إذا كان حسن القد والاستواء، والسِّبْطُ واحد الأَسْبَاطِ وهم ولد الولد، والأَسْبَاطِ من بني إسرائيل كالقبائل من العرب. اهـ.  مختار الصحاح (1/120).
ينطف أو يهراق: أي يقطر.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنه كما في حديث النواس بن سمعان: "إنه شاب، قطط، عينه طافئة، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن"(5).
قطط: أي شديد جعودة الشعر.
وعن عبد الله بن عباس: "الدجال اعور،هجان أزهر،وفي رواية: أقمر، كأن رأسه أصلة، أشبه الناس بعبد العزى بن قطن،فإما هلك الهلك،فإن ربكم تعالى ليس بأعور".(6)
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "دحية الكلبي يشبه جبريل، وعروة بن مسعود الثقفي
يشبه عيسى بن مريم، وعبد العزى يشبه الدجال"(7).
قال المناوي في فيض القدير: دحية  بمهملتين كحية وقد يفتح أوله بل نقل الزمخشري عن الأصمعي أنه لا يقال بالكسر.
الكلبي  بفتح فسكون الصحابي القديم المشهور شهد مع المصطفى -صلى الله عليه وسلم- مشاهده كلها بعد بدر وبايع تحت الشجرة.
يشبه جبريل  وكان يأتي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- غالباً على صورته فإنه كان بارعاً في الجمال يضرب به المثل فيه بحيث كان إذا دخل بلداً برز لرؤيته العواتق من خدورهن.
"وعروة" بضم العين المهملة. "ابن مسعود الثقفي" الذي أرسلته قريش إلى المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يوم الحديبية ثم أسلم فدعا قومه إلى الإسلام فقتلوه.
"يشبه عيسى ابن مريم" ولما قتله قومه قال مثله في قومه كصاحب يونس، وعبد العزى بن قطن  يشبه الدجال  في الصورة، وفيه جواز تشبيه الأنبياء والملائكة بغيرهم، وهذه التشبيهات إنما هي للصورة كما تقرر، ولا شك أن الصورة المذكورة أخص بالمشبه به فلا يرد أن المشبه به يجب كونه أقوى، وفيه إشارة إلى أن الدجال آثار الحدوث عليه ظاهرة وإن بينت كافية في الدلالة على كونه من جنس المخلوقين وأن له خالقاً خلقه (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ).(8)

الدجال جفال الشعر حبك
في حديث حذيفة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الدجال أعور العين اليسرى جفال  الشعر"(9).
قوله: جفال  الشعر: وهو بضم الجيم، وتخفيف الفاء، أي كثيره. فتح الباري (13/101).
وفي  لسان العرب (11/115): صفة الدجال: أَنه جُفال الشعر أَي كثـيره. وشَعَر جُفال أَي منتفش. وعن هشام بن عامر الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن رأس الدجال من ورائه حبك، حبك وأنه سيقول أنا ربكم فمن قال أنت ربي افتتن ومن قال كذبت ربي الله وعليه توكلت وإليه أنيب أو قال فلا فتنة عليه".(10)
حبك: أي جعد خشن.

رجل قصير أفحج جعد أعور مطموس العين
وعنه -رضي الله عنه- أنه قال: "إن المسيح الدجال رجل قصير أفحج جعد أعور مطموس العين ليس بناتئة ولا حجراء، فإن ألبس عليكم فاعلموا أن ربكم ليس بأعور".(11)  
فإن ألبس عليكم: أي خلط عليكم الأمر.
وعن جنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت أنه حدثهم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إني قد حدثتكم  عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا، إن مسيح الدجال رجل قصير أفحج، جعد أعور، مطموس العين ليس بناتئه ولا حجراء، فإن ألبس عليكم فاعلموا أن ربكم ليس بأعور، وأنكم لن تروا ربكم  حتى تموتوا"(12).
أفحج: الفَحج: تباعد ما بـين أَوساط السَّاقـينِ فـي الإِنسان والدابة؛ وقـيل: تباعُدُ ما بـين الفَخذَين؛ وقـيل: تباعُد ما بـين الرجلـين، والنعت  أَفْحَجُ، والأُنثى فَحْجاء؛ وقد فَحِجَ فَحَجاً وفَحْجَة، الأَخيرة عن اللـحيانـي.
وفـي الـحديث: أَنه بال فلـما فَحَّجَ رِجْلـيه، أَي فَرَّقَهُما. والأَفْحَجُ: الذي فـي رِجْلـيه اعْوِجاجٌ.
ورجل أَفْحَجُ بـيِّنُ الفَحَج: وهو الذي تَتَدانَى صُدُور قَدَمَيْه وتَتَباعَد عِقباه وتَتَفَحَّجُ ساقاهُ.(13)
مطموس العين ولا حجراء: طمس أي ذاهب البصر ممسوحه من غير بَخقَ، وبهذا سمى مسيحاً. حَجْراء: منحجرة غائرة. وروى حَجْراء وهى المتحجرة الصلبة أى تكون رِخْوة لَيّنة. الفائق (2/368).

الدجال بعينه اليمنى ظفرة غليظة
عن سفينة مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "ألا إنه لم يكن نبي قبلي إلا قد حذر الدجال أمته هو أعور عينه اليسرى، بعينه اليمنى ظفرة غليظة، مكتوب بين عينيه كافر، يخرج معه واديان: أحدهما جنة، والآخر نار، فناره جنة، وجنته نار، معه ملكان من الملائكة يشبهان نبيين من الأنبياء، لو شئت سميتهما بأسمائهما وأسماء آبائهما، واحد منهما عن يمينه، والآخر عن شماله، وذلك فتنة، فيقول الدجال: ألست بربكم، ألست أحي وأميت، فيقول له أحد الملكين كذبت، ما يسمعه أحد من الناس إلا صاحبه، فيقول له صدقت فيسمعه الناس فيظنون إنما يصدق الدجال، وذلك فتنة، ثم يسير حتى يأتي المدينة فلا يؤذن له فيها، فيقول هذه قرية ذلك الرجل، ثم يسير حتى يأتي الشام فيهلكه الله عز وجل، ثم عقبة أفيق"(14).
أعور عينه اليسرى: قال النووي: والعور في اللغة العيب، وعيناه معيبتان عورا.
وقال: وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله تعالى ليس بأعور والدجال أعور فبيان لعلامة بينة تدل على كذب الدجال دلائل قطعية بديهية يدركها كل أحد، ولم يقتصر على كونه جسما ذلك من الدلائل القطيعة لكون بعض العوام لايهتدي إليها والله أعلم. اهـ. (15)
"بعينه اليمنى ظَفَرةٌ غَليظَةٌ" هي بفتح الظاء والفاء لَحمةٌ تنْبُت عند المَآقِي, وقد تَمْتدُّ إلى السَّواد فُتَغشِّيه.(16)
وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لأنا أعلم بما مع الدجال منه معه نهران يجريان، أحدهما: رأى العين ماء أبيض، والآخر رأي العين نار تأجج، فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه نارا، وليغمض ثم ليطأطىء رأسه فيشرب منه فإنه ماء بارد، وإن الدجال ممسوح العين عليها ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب"(17).
والصحيح أن كلتا عينيه معيبة، لأن الأولى مطموسة والثانية عوراء.
قال النووي: وهذا جمع بين الأحاديث والروايات في الطافية بالهمز وبتركه، وأعور العين اليمنى واليسرى لأن كل واحدة منهما عوراء، فان الأعور من كل شيء المعيب لا سيما ما يختص بالعين، وكلا عيني الدجال معيبة عوراء، إحداهما بذهابها، والأخرى بعيبها.
قال النووي: هذا آخر كلام القاضي، وهو في نهاية من الحسن والله أعلم. شرح النووي (2/235).
وهذا الذي رجحه القرطبي في التذكرة (ص663).

مكتوب بين عينيه كافر
ومن الأوصاف التي وصف بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدجال، أنه مكتوب بين عينيه كافر، وهذه علامة يراها المؤمنون، ويقرؤونها كاتبهم وغير كاتبهم دون غيرهم، ممن طمس الله على بصيرتهم وبصرهم.
فعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وإن بين عينيه مكتوب كافر".(18)
وعند مسلم: "ثم تهجاها (ك ف ر) يقرؤه كل مسلم".(19)
وهذه تكون علامة كافية وواضحة لكذب الدجال في ادعائه الربوبية قبحه الله تعالى ولعنه وغضب عليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر الدجال ودعواه الربوبية قال: "واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت"، وروى هذا المعنى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من وجوه أخرى متعددة حسنة في حديث الدجال، فإنه لما ادعى الربوبية ذكر النبي فرقانين ظاهرين لكل أحد.    
أحدهما: أنه أعور والله ليس بأعور.   
الثاني: أن أحدا منا لن يرى ربه حتى يموت، وهذا إنما ذكره في الدجال مع كونه كافرا لأنه يظهر عليه من الخوارق التي تقوى الشبهة في قلوب العامة.اهـ.(20)
قال ابن حجر: وفي الدجال مع ذلك دلالة بينه لمن عقل على كذبه، لأنه ذو أجزاء مؤلفة، وتأثير الصنعة فيه ظاهر مع ظهور الآفة به من عور عينيه، فإذا دعا الناس إلى أنه ربهم، فأسوأ حال من يراه من ذوي العقول أن يعلم أنه لم يكن ليسوي خلق غيره ويعدله ويحسنه ولا يدفع النقص عن نفسه، فأقل ما يجب أن يقول: يا من يزعم أنه خالق السماء والأرض صور نفسك وعدلها وأزل عنها العاهة، فان زعمت أن الرَّبَّ لا يُحدث في نفسه شيئاً، فأزل ما هو مكتوب بين عينيك. اهـ.(21)
 وعن قتادة قال: سمعت أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور ومكتوب بين عينيه ك ف ر"(22).
قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تبارك وتعالى ليس بأعور ألا إن المسيح الدجال  أعور عين اليمنى": معناه أن الله تعالى منـزه عن سمات الحدث وعن جميع النقائص، وأن   الدجال  مخلوق من خلق الله تعالى ناقص الصورة فينبغي لكم أن تعلموا هذا وتعلموه الناس لئلا يغتر بالدجال من يرى تخييلاته وما معه من الفتنة.
 قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مكتوب بين عينيه كافر ثم تهجاها فقال(ك ف ر) يقرأه كل مسلم"، وفى رواية: "يقرأه كل مؤمن كاتب وغبر كاتب"

وهذه الكتابة حقيقية وعلى ظاهرها.
قال النووي: الصحيح الذي عليه المحققون أن هذه الكتابة على ظاهرها، وأنها كتابة حقيقة جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه وإبطاله، ويظهرها الله تعالى لكل مسلم كاتب وغير كاتب، ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنتة ولا امتناع في ذلك.اهـ.(23)  
وقال ابن حجر في الفتح: وقوله: "يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب": أخبار بالحقيقة، وذلك أن الإدراك في البصر يخلقه الله للعبد كيف شاء ومتى شاء، فهذا يراه المؤمن بغير بصره وان كان لا يعرف الكتابة، ولا يراه الكافر ولو كان يعرف الكتابة كما يرى المؤمن الأدلة بعين بصيرته ولا يراها الكافر، فيخلق الله للمؤمن الإدراك دون تعلم، لأن ذلك الزمان تنخرق فيه العادات في ذلك. اهـ. (24)
وعن أبيَّ  بن كعب -رضي الله عنه- قال  قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الدجال عينه خضراء، ونعوذ بالله من عذاب القبر".(25)
قال المناوي: عينه خضراء كالزجاجة: هذا هو تمام الحديث، ولعل المؤلف ذهل عنه قال ابن حجر وهذا يوافق رواية كأنها كوكب دري المراد بوصفها بالكوكب شدة إيقادها قال  وتشبيهها بالزجاجة أو بالكوكب الدري لا ينافي تشبيهها بالعنبة الطافية في رواية وبالنخاعة في الحائط المجصص في أخرى فإن كثيراً ممن يحدث في عينه النتوء يبقى معه الإدراك فيكون من هذا القبيل والدجال آدمي يخرج آخر الزمان يبتلي اللّه عباده به ويقدره على أشياء تدهش العقول وتحير الألباب يغتر بها الرعاع ويثبت اللّه من سبقت له السعادة وخالف في خروجه شذوذ من الخوارج، والجهمية، وبعض المعتزلة وما زعموه ترده الأخبار المفيدة للقطع.
 
تنبيه:
قال ابن العربي  شأن الدجال في ذاته عظيم والأحاديث الواردة فيه أعظم وقد انتهى الخذلان بمن لا توفيق عنده إلى أن قال إنه باطل. اهـ. فيض القدير.
وفي حديث الجساسة، وهو حديث تميم الداري الذي روته فاطمة بنت قيس تحدث به عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم! إنسان رأيناه قط خلقاً وأشده وثاقا، مجموعة يداه إلى  عنقه ما بين ركبتيه إلى  كعبيه بالحديد قلنا: ويلك ما أنت؟... قال... إني أنا المسيح (أي الدجال)".(26)
الدَّيْرِ.قال ابن سيده  الدَّيْرُ خان النصارى؛ وفـي التهذيب: دَيْرُ النصارى، والـجمع أَدْيارٌ، وصاحبه الذي يسكنه ويعمره دَيَّارٌ ودَيْرَانِـيٌّ.(27)
الجساسة هي بفتح الجيم وتشديد السين المهملة الأولى، قيل سميت بذلك لتجسسها الأخبار للدجال، وجاء عن عبد الرحمن بن عمرو بن العاص أنها دابة الأرض المذكورة في القرآن.اهـ.
وقال النووي في تعليقه على هذا الحديث: هذا معدود في مناقب تميم لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- روى عنه هذه القصة.
وفيه رواية الفاضل عن المفضول ورواية المتبوع عن تابعه.
وفيه قبول خبر الواحد.(28)

الدجال عقيم لا يولد له
ومن صفاته أيضاً أنه عقيم لا يولد له، ولا يدخل مكة المكرمة، ولا المدينة النبوية الشريفة.
فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "صحبت بن صائد إلى مكة، فقال لي: أما قد لقيت من الناس يزعمون أني الدجال، ألست سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  يقول: إنه لا يولد  له، قال قلت: بلى، قال: فقد ولد لي، أوليس سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا يدخل المدينة ولا مكة، قلت: بلى، قال: فقد ولدت بالمدينة وهذا أنا أريد مكة، قال ثم قال لي في آخر قوله أما والله إني لأعلم مولده ومكانه وأين هو؟ قال: فلبسني"(29).
قوله: فلبسني: أي جعلني ألتبس في أمره، وأشك فيه.
* * * * *

الهوامش:
1.    السلسلة الصحيحة برقم (2457) ، وصحيح الجامع برقم (7875).
2.    أخرجه البخاري في صحيحه برقم (3257)، ومسلم برقم (169).
3.    الفائق (2/364).
4.    أخرجه البخاري برقم (3257)، ومسلم برقم (169).
قال ابن حجر: بن قطن من خزاعة، هلك في الجاهلية، قلت اسمه عبد العزى بن قطن بن عمرو بن جندب بن سعيد بن عائد بن مالك بن المصطلق، وأمه هالة بنت خويلد أفاده الدمياطي، قال وقال ذلك أيضا، عن أكثم بن أبي الجون، وأنه قال يا رسول الله هل يضرني شبهة؟، قال لا، أنت مسلم وهو كافر.
وقال -[أي ابن حجر]-: وهذه في سنده المسعودي وقد اختلط، والمحفوظ انه عبد العزى بن قطن وانه هلك في الجاهلية كما قال الزهري، والذي قال هل يضرني شبهه هو أكتم بن أبي الجون، وان ما قاله في حق عمرو بن لحي كما أخرجه احمد والحاكم من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رفعه: "عرضت على النار فرأيت فيها عمرو بن لحي" الحديث، وفيه وأشبه من رأيت به أكتم بن أبي الجون، فقال أكتم يا رسول الله: أيضرني  شبهه، قال لا، انك  مسلم وهو كافر، فأما الدجال فشبهه بعبد العزى بن قطن، وشبه عينه الممسوحة بعين أبي يحيى الأنصاري كما تقدم والله أعلم. فتح الباري (6/488) و (13/101).
5.    أخرجه مسلم برقم (2937).
6.    الصحيحة (1193).
7.    صحيح الجامع حديث رقم (3362).
8.    فصلت  الآية (53).
9.    صحيح مسلم  برقم (2934).  
10.    والمستدرك على الصحيحين (4/554)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه..
11.    صحيح الجامع برقم (2459).
12.    سنن أبي داود (4/116) برقم (4320)، قال الألباني في "قصة المسيح الدجال"(ص68): "وإسناده جيد".
13.    لسان العرب (2/340).
14.    مسند أحمد (5/221) برقم (21979)، قال الألباني في "قصة المسيح الدجال" (ص74): "وإسناده حسن في الشواهد".
15.    شرح النووي (18/60).
16.    النهاية (3/158).
17.    صحيح مسلم في صحيحه برقم (2934).
18.    أخرجه البخاري في صحيحه برقم (3177) ، ومسلم برقم (169).
19.    صحيح مسلم كتاب الفتن برقم (2933).
20.    مجموع الفتاوى (2/ 397).
21.    فتح الباري (13/ 103).
22.    رواه مسلم برقم (2933).
23.    شرح النووي (18/60).
24.    فتح الباري (13/100).
25.    رواه أحمد، والطبراني بلفظ: "الدجال إحدى عينيه كأنها زجاجة خضراء"، قال الهيثمي: "ورجاله ثقات". فيض القدير. وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع حديث رقم (3401). والصحيحة برقم (1863).
26.    رواه مسلم في كتاب الفتن برقم (2942).
27.    لسان العرب (4/300) .
28.    شرح النووي على صحيح مسلم (18/78 -81).
29.    أخرجه مسلم في صحيحه برقم (2927).