قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب):"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين)فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُمِصْرَعلى سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض،والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحيفيلسوف العمارة ومهندس الفقراء:هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية،وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول،اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن،ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كوروناغير المتوقعة للبشريةأنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباءفيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض..فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي"رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي(رحمه الله)قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني،وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
موضوع: الفصل الأول: معنى المسيح الدجال الثلاثاء 22 أكتوبر 2024, 9:56 am
الفصل الأول: معنى المسيح الدجال معنى المسيح: قال ابن منظور: وسُمِّيَ الدجال مسيحاً لأَن عينه مـمسوحة عن أَن يبصر بها، وسُمِّيَ عيسى مسيحاً اسم خصَّه الله به، ولمسح زكريا إِيَّاه؛ وروي عن أَبـي الهيثم أَنه قال الـمسيح ابن مريم الصِّدِّيق، وضدُّ الصِّدِّيق الـمسيحُ الدجالُ أَي الضِّلِّـيلُ الكذاب. خـلق الله الـمَسِيحَيْنِ: أَحدهما ضد الآخر، فكان الـمسِيحُ بن مريم يبرئ الأَكمه والأَبرص ويحيـي الـموتـى بإِذن الله. وكذلك الدجال يُحْيـي الـميتَ ويُمِيتُ الـحَيَّ ويُنْشِىءُ السحابَ ويُنْبِتُ النباتَ بإِذن الله. فهما مسيحان: مسيح الهُدَى ومسيح الضلالة.(1) وقال ابن حجر في الفتح: والمسيح بفتح الميم وتخفيف المهملة المكسورة وآخره حاء مهملة يطلق على الدجال وعلى عيسى بن مريم عليه السلام لكن إذا أريد الدجال قيد به. ثم قال: من قاله بالخاء المعجمة صحف. وبالغ القاضي بن العربي فقال ضل قوم فرووه المسيخ بالخاء المعجمة، وشدد بعضهم السين ليفرقوا بينه وبين المسيح عيسى بن مريم بزعمهم، وقد فرق النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما بقوله في الدجال مسيح الضلالة، فدل على أن عيسى مسيح الهدى فأراد هؤلاء تعظيم عيسى فحرفوا الحديث. وقال الجوهري: من قاله بالتخفيف فلمسحه الأرض ومن قاله بالتشديد فلكونه ممسوح العين. اهـ.(2) قال الخطابي في "إصلاح غلط المحدثين" (ص36): مما سبيله أن يخفَّف وهم يثقلونه "المسيح الدجال" فقد أولعت العامة بتشديد السين، وكسر الميم ليكون –فيما زعموا– فصلاً بين مسيح الضلالة وبين عيسى عليه السلام، وليس ما ادعوه بشيء، وكلاهما مسيح، مفتوحة الميم خفيفة السين، فعيسى عليه السلام مسيح بمعنى ماسح لأنه كان إذا مسح ذا عاهة عوفي، والدجال مسيح لأنه ممسوح إحدى العينين، ويقال في الدجال: مِسِّيح أي كذاب. قال ابن الأعرابي: وأما المسيحُ عيسى عليه الصلاة والسلام سمي مسيحاً لأنه كان لا يمسح بيده ذَا عَاهَةٍ إلا بَرَأ. فعن ابن عبَّاسِ: أنه سُمّي لأنه كان لا يمسح بيده ذَا عَاهَةٍ إلا بَرَأ. وعن عَطَاء: كان أَمْسَحَ الرِّجْلِ لا أَخْمَصَ له. وعنه -صلى الله عليه وسلم-: خرج من البطن مَمْسُوحا بالدّهن. وقال ثعلب: كان يمسح الأرض; أي يقطعها. وقيل: هو بالعبرانية مَشِيحاً, فعُرِّب كما قيل في مُوشَى مُوسَى. الدَّفَا: الانحناء. وشاةٌ دَفْوَاء: مال قَرْنَاهَا ممَّا يَليِ الْعِلبَاوين. قال ذو الرّمَّةِ: يحاذِرْنَ من أَدْفَى إذا ما هُوَ انتحى عليهنَّ لم يَنْجُ الفَرُود المُشَايِح.(3)
معنى الدجال. الدجال هو الذي يخادع، ويلبس الأمور على الناس. قال في النهاية: وأصل الدَّجْل الخَلْطُ يقال دجَّل إذا لَبَّسَ ومَوَّهَ، ومنه الحديث يكونُ في آخر الزمان دَجّالون أي كَذَّابون مُمَوِّهُون،وقد تكرر ذكر الدّجال في الحديث وهو الذي يَظهرُ في آخرِ الزمانِ يَدَّعِي الأُلوهيَّة وفَعَّال من أبْنية المبالغة أي يَكْثُرُ منه الكَذِبُ والتَّلْبِيس.(4) وقال النووي: فالدجالون جمع دجال، قال ثعلب كل كذاب فهو دجال، وقيل الدجال المموه، يقال دجل فلان إذا موه ودجل الحق بباطله إذا غطاه، وحكى ابن فارس هذا الثاني عن ثعلب أيضا.(5) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-،عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله".(6) وعن ابن عمر -رضي الله عنه- فال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن بين يدي الساعة ثلاثين دجالاً كذاباً"(7). وروى أبو يعلى بإسناد حسن، عن عبد الله بن الزبير تسمية بعض الكذابين المذكورين بلفظ: "لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا منهم مسيلمة، والعنسي والمختار". قال ابن حجر: قلت وقد ظهر مصداق ذلك في آخر زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فخرج مسيلمة باليمامة، والأسود العنسي ظاهرا، ثم خرج في خلافة أبي بكر طليحة بن خويلد في بني أسد بن خزيمة، وسجاح التميمية في بني تميم، وفيها يقول شبيب بن ربعي، وكان مؤدبها: أضحت نبيتنا أنثى نطيف بها وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا. وقتل الأسود قبل أن يموت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقتل مسيلمة في خلافة أبي بكر، وتاب طليحة ومات على الإسلام على الصحيح في خلافة عمر. ونقل أن سجاح أيضا تابت وأخبار هؤلاء مشهورة ثم الأخباريين، ثم كان أول من خرج منهم المختار بن أبي عبيد الثقفي غلب على الكوفة في أول خلافة بن الزبير فأظهر محبة أهل ا لبيت ودعا الناس إلى طلب قتلة الحسين فتبعهم فقتل كثيرا ممن باشر ذلك أو أعان عليه فأحبه الناس ثم إنه زين له الشيطان أن ادعى النبوة وزعم أن جبريل يأتيه. اهـ.(8) ومن الذين ظهروا كذلك: الشقي غلام أحمد القادياني المولود بالهند والذي ادعى النبوة وأنه المسيح المنتظر، وغيرهم. فكل هؤلاء زنادقة كذبة. فالمسيح الدجال ليس بدعاً من الدجاجلة، ولا هو أول دجال يظهر، بل هو خاتم هذه القافلة الملعونة.
المسيح الدجال كما جاء في السنة المطهرة. حديث النواس بن سمعان قال: "ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال ما شأنكم قلنا يا رسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل. فقال: "غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم؛ فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم؛ فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم. إنه شاب قطط عينه طافئة، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن. فمن أدركه منكم؛ فليقرأ عليه فواتح سورة (الكهف). إنه خارجٌ خلةً بين الشام والعراق، فعاث يمينا وعاث شمالا، يا عباد الله فأثبتوا. قلنا: يا رسول الله! وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوما؛ يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم. قلنا يا رسول الله! فذلك اليوم الذي كسنة؛ أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا؛ اقدروا له قدره. قلنا: يا رسول الله! وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح. فيأتي على القوم فيدعوهم؛ فيؤمنون به، ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا، وأسبغه ضروعا وأمده خواصر. ثم يأتي القوم فيدعوهم،فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم. ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا، فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغَرَضِ، ثم يدعوه، فيقبل، ويتهلل وجهه يضحك. فبينما هو كذلك؛ إذ بعث الله المسيح بن مريم، فينـزل ثم المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مَهْرُودَتَيْنِ، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه بباب (لُدِّ) فيقتله. ثم يأتي عيسى ابنَ مريمَ قومٌ قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجتُ عباداً لي لا يَدَانِ لأحدٍ بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء. ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه؛ حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيرا كأعناق البُخْتِ، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك. فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرِّسْل؛حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس. فبينما هم كذلك، إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة"(9).
شرح غريب ألفاظ هذا الحديث مع شرح كلمات بعض طرق الحديث. قال الإمام النووي: فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل: هو بتشديد الفاء فيهما وفي معناه قولان: أحدهما أن خفض بمعنى حقر. وقوله رفع أي عظمه وفخمه فمن تحقيره وهوانه على الله تعالى عوره، ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم- هو أهون على الله من ذلك، وأنه لا يقدر على قتل أحد إلا ذلك الرجل ثم يعجز عنه، وأنه يضمحل أمره ويقتل بعد ذلك هو وأتباعه، ومن تفخيمه وتعظيم فتنته والمحنة به هذه الأمور الخارقة للعادة، وأنه ما من نبي إلا وقد أنذره قومه. والوجه الثاني: أنه خفض من صوته في حال الكثرة فيما تكلم فيه، فخفض بعد طول الكلام والتعب ليستريح ثم رفع ليبلغ صوته كل أحد. قوله: خلة: بفتح الخاء المعجمة واللام وتنوين الهاء، وقال القاضي المشهور فيه حلة بالحاء المهملة ونصب التاء منونة، قيل معناه سمت ذلك وقبالته، وفي كتاب العين الحلة موضع حزن وصخور، قال ورواه بعضهم حلة بضم اللام وبها الضمير، أي نزوله وحلوله، قال وكذا ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين، قال وذكره الهروي خلة بالخاء المعجمة وتشديد اللام المفتوحتين وفسره بأنه ما بين البلدين. هذا آخر ما ذكره القاضي. قوله: فعاث يمينا وعاث شمالا: هو بغين مهملة وثاء مثلثة مفتوحة وهو فعل ماض، والعيث الفساد أو أشد الفساد والإسراع فيه يقال منه عاث يعيث. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم" قال العلماء هذا الحديث على ظاهره، وهذه الأيام الثلاثة طويلة على هذا القدر المذكور في الحديث يدل عليه قوله -صلى الله عليه وسلم- وسائر أيامه كأيامكم. وأما المهروذتان فروى: معناه لابس مهروذتين، أي ثوبين مصبوغين بورس ثم بزعفران، وقيل هما شقتان والشقة نصف الملاءة. ينتهوا إلى جبل الخمر:هو بخاء معجمة وميم مفتوحتين، والخمر الشجر الملتف الذي يستر من فيه، وقد فسره في الحديث بأنه جبل بيت المقدس. قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مُحَرَّمٌ عليه أن يدخل نقاب المدينة" هو بكسر النون أي طرقها وفجاجها، وهو جمع نقب وهو الطريق بين جبلين. قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فيقتله ثم يحييه" قال المازري: إن قيل إظهار المعجزة على يد الكذاب ليس بممكن وكيف ظهرت هذه الخوارق للعادة على يده فالجواب أنه إنما يدعى الربوبية، وأدلة الحدوث تخل ما ادعاه وتكذبه، وأما النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنما يدعى النبوة وليست مستحيلة في البشر فإذا أتى بدليل لم يعارضه شيء صدق. وأمَّا قول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر، فيقولون: لا: فقد يستشكل لأن ما أظهره الدجال لادلالة فيه لربوبيته لظهور النقص عليه ودلائل الحدوث وتشويه الذات وشهادة كذبة وكفره المكتوبة بين عينيه وغير ذلك، ويجاب بنحو ما سبق في أول الباب هو أنهم لعلهم قالوا خوفا منه وتقية لا تصديقا، ويحتمل أنهم قصدوا لا نشك في كذبك وكفرك فان من شك في كذبه وكفره كفر وخادعوه بهذه التورية خوفا منه، ويحتمل أن الذين قالوا لا نشك هم مصدقوه من اليهود وغيرهم ممن قدر الله تعالى شقاوته. قوله: "فأنا حَجِيجُه": أي مُحَاجِجُه ومُغالِبُه بإظْهار الحُجَّة عليه, والحُجّةُ الدليل والبُرهانُ.(10) قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فيقطعه جزلتين رمية الغرض": بفتح الجيم على المشهور، وحكى ابن دريد كسرها، أي قطعتين. ومعنى رمية الغرض: أنه يجعل بين الجزلتين مقدار رميته، هذا هو الظاهر المشهور، وحكى القاضي: هذا ثم قال وعندي أن فيه تقديما وتأخيرها وتقديره فيصيبه إصابة رمية الغرض فيقطعه جزلتين، والصحيح الأول. قوله: "فينـزل ثم المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين" أما المنارة فبفتح الميم، وهذه المنارة قوما اليوم شرقي دمشق. ودمشق بكسر الدال وفتح الميم وهذا هو المشهور وحكى صاحب المطالع كسر الميم. وهذا الحديث من فضائل دمشق، وأما المهروذتان: فروى بالدال المهملة والذال المعجمة والمهملة أكثر، والوجهان مشهوران للمتقدمين والمتأخرين من أهل اللغة والغريب وغيرهم ومعناه: لابس مهروذتين، أي ثوبين مصبوغين بورس ثم بزعفران، وقيل هما شقتان، والشقة نصف الملاءة. قوله -صلى الله عليه وسلم-: "تحدر منه جمان كاللؤلؤ الجمان": بضم الجيم وتخفيف الميم، هي حبات من الفضة تصنع على هيئة اللؤلؤ الكبار. والمراد يتحدر منه الماء على هيئة اللؤلؤ في صفاته، فسمى الماء جمانا لشبهه به في الصفاء. قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات": هكذا الرواية فلا يحل هكذا الرواية فلا يحل بكسر الحاء ونفسه بفتح الفاء، ومعنى لا يحل: لا يمكن ولا يقع، وقال القاضي: معناه عندي حق وواجب. قوله -صلى الله عليه وسلم-: "يدركه بباب لد": هو بضم اللام وتشديد الدال مصروف، وهو بلدة المساجد من بيت المقدس. قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ثم يأتي عيسى -صلى الله عليه وسلم- قوما قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم": قال القاضي: يحتمل أن هذا المسح حقيقة على ظاهره فيمسح على وجوههم تبركا وبرا، ويحتمل أنه إشارة إلى كشف ما هم فيه من الشدة والخوف. قوله تعالى: "أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور": فقوله لا يدان: بكسر النون تثنية يد، قال العلماء: معناه لا قدرة ولا طاقة، يقال مالي بهذا الأمر يد، ومالي به يدان لأن المباشرة والدفع إنما يكون باليد، وكان يديه معدومتان لعجزه عن دفعه. ومعنى حرزهم إلى الطور: أي ضمهم واجعله لهم حرزاً، يقال أحرزت الشىء أحرزه إحرازاً إذا حفظته وضممته إليك وصنته عن الأخذ، ووقع في بعض النسخ حرب بالحاء والزاي والباء أي أجمعهم، قال القاضي: وروى حوز بالواو والزاي ومعناه: نحهم وأزلهم عن طريقهم إلى الطور. قوله: "وهم من كل حدب ينسلون": الحدب النشز، وينسلون يمشون مسرعين. قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فيرسل الله تعالى عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى": النغف بنون وغين معجمة مفتوحتين ثم فاء، وهو دود يكون في أنوف الإبل والغنم، الواحدة نغفة. والفرسى: بفتح الفاء مقصور، أي قتلى، واحدهم فريس. قوله: "ملأه زهمهم ونتنهم": هو بفتح الهاء، أي دسمهم ورائحتهم الكريهة. قوله: "ينتهوا إلى جبل الخمر"، هو بخاء معجمة وميم مفتوحتين، والخمر الشجر الملتف الذي يستر من فيه، وقد فسره في الحديث بأنه جبل بيت المقدس.اهـ.(11) * * * * * الهوامش: 1. لسان العرب (2/595) . 2. فتح الباري (2/318) . 3. الفائق (3/366) . 4. النهاية (2/102) . 5. شرح النووي على صحيح مسلم (1/79) . 6. أخرجه مسلم في صحيحه برقم (157) . 7. السلسلة الصحيحة رقم (1683) ، و صحيح الجامع حديث رقم (2048) . 8. فتح الباري (6/617) . 9. رواه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة برقم (2973) . 10. النهاية في غريب الحديث (1/341) . 11. شرح النووي على صحيح مسلم (18/65-71) .