بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآله
ذكر الأمثال في مرازي الدهر وحدثانه
باب المثل في الأقدار والنوازل التي لا يمتنع منها:
قال أبو عبيد: من أمثالهم في هذا قولهم: إذا الحين غطى العين.
قال أبو عبيد: وقد يروى نحو هذا اللفظ عن أبن عباس، وذلك أنَّ نجدة الحروري أو نافع بن الزرق قال له: إنك يقول: إنَّ الهدهد إذا نقر الأرض عرف مسافة ما بينه وبين الماء، وهو لا يبصر شعيرة الفخ حتى يصاد بها، وكان أبن عباس ذكر هذا في حديث سليمان بن داود عليه السلام فقال له أبن عباس: إذا جاء القدر عشي البصر.
ومنه حديث آخر:
لا ينفع حذر من قدر.
وكذلك المثل الذي لأكثم بن صيفي:
من مأمنه يوتى الحذر.
يقول: إنَّ الحذر لا يدفع عنك ما لا بد منه وإن جهدت، وقوله: قد يوتى على يدي الحريص.
ومنه قولهم: استمسك فإنك معدو بك.
أي إنَّ المقادير تسوقك إليه، ومنه قول الحسن: "من كان الليل والنهار مطيته فانه يسار به وإن كان مقيماً " وقال شريح في الذين فروا من الطاعون: "إنا وإياهم من طالبٍ لقريبٌ " قال أبو عبيد: ومن أمثالهم في هذا: كيف توقى ظهر ما أنت راكبه! أي كيف تنجو مما أنت داخل فيه، وقال أوس بن حارثة لابنه مالك: إنّما تعز من ترى ويعزك من لا ترى.

باب الحين بجتليه القدر على الإنسان بسعيه فيه:
قال أبو عبيد: من أمثالهم المشهورة في هذا قولهم: أتتك بحائنٍ رجلاه.
وكان المفضل يخبر عن قائل هذا المثل أنه الحارث بن جبلة الغساني، قاله للحارث بن العيف العبدي، وكان أبن العيف قد هجاه فلما غزا المنذر بن ماء السماء الحارث بن جبلة، ة يقال: هو الحارث، فعندها قال: "أتتك بحائنٍ رحلاه " يعني مسيره مع المنذر إليه ثم أمر الحارث سيافه الدلامص فضربه ضربة دقت منكبه، ثم برأ منها وبه خبل، قال أبن الكلبي: ومن أمثالهم في مثله: إنَّ الشقي راكب البراجم.
قال أبن الكلبي وهذا المثل لعمرو بن هند الملك، وكان سببه أنَّ سويد بن ربيعة التميمي قتل أخاً له، ثم هرب، فقتل أبن هندٍ تسعةً من ولده، وأقسم ليقتلن مائة من بني تميم، فبلغ ثمانية وتسعين أحرقهم بالنار، ثم أقبل رجل من البراجم حين رأى الخان ساطعاً، وهو يحسبه لطعام يعمل، فلما دنا قال له أبن هند: ممن أنت؟ قال: من البراجم، فقال: "إنَّ الشقي راكب البراجم " فذهبت مثلاً، وألقاه في النار، قال: ثم تحلل أبن هند من يمينه بالحمراء بنت ضمرة تمام المائة، ومن هذا قولهم: كالنازي بين القرينين.
واصله في الإبل، وذلك أن يترك البكر مخلى سبيله، فيأخذ في النزوان والأذى للناس حتى يوثق في القران، ومنه قول أبن مقبل:
فلا تكونن كالنازي ببطنته ..، بين القرينين حتى ظل مقرونا
قال أبو عبيد: ومثل العامة في هذا قولهم: نزت به البطنة قال الأصمعي: ومنه قولهم: لا تكن كالباحث عن المدية ومثله قولهم: "حتفها تحمل ضأن بأظلافها " وهذا المثل لحريث بن حسان الشيباني، تمثل به بين يدي النبي ) لقيلة التميمية، وكان حريث حملها إلى النبي (فسأله إقطاع الدهناء، ففعل ذلك رسول الله) فتكلمت فيه قيلة، فعندها قال حريث تلك المقالة، فذهبت مثلاً، ومن أمثالهم في هذا قولهم: لا تكن كالعنز تبحث عن المدية.
ولا أدري ممن سمعته.

باب الشماتة بالجاني على نفسه الحين:
قال الأصمعي: من أمثالهم في هذا قولهم: احسن فذق.
يقول: قد كنت تنهي عن هذا فأنت جنيته على نفسك، فأحسنه وذقه، قال: ومنه قولهم: أشئت عقيل إلى عقلك.
أي لمّا ألجئت إلى رأيك جلب عليك ما تكره، وأنشد الزبير:
وإني قد يشاء إليَّ يوماً ..، فلا أنسى البلاء ولا أضيعُ
يشاء: يضطر ويلجأ إلى، قال أبو عبيد: ويقال في مثله: يداك أوكتا وفوك نفخ.
وكان المفضل يخبر عن أصل هذا أنَّ رجلاً كان في بعض جزائر البحر، فأراد أن يعبر على زق وقد نفخ فيه فلم يحسن إحكامه، حتى إذا توسط البحر خرجت منه الريح فغرق، فلما غشيه الموت استغاث رجلاً فقال له الرجل " يداك أوكتا وفوك نفخ " يقول: أنت فعلت هذا بنفسك، ومنه قولهم: لا يحزنك دمٌ أراقه أهله.
وكان المفضل أيضاً يخبر بقصة هذا المثل قال: هو لجذيمة الأبرش حين تزوج الزباء وصار إليها، فقطعت رواشيه، فعندها قال: "لا يحزنك دم أراقه أهله " أي أنا جنيت هذا على نفسي، ومنه قولهم في: يسار الكواعب وكان من حديثه أنّه كان عبداً لبعض العرب، ولمولاه بنات، فيجعل يتعرض لهن ويريدهن عن أنفسهن، فقلن له: يا يسار، اشرب من ألبان هذه اللقاح، ونم في ظلال هذه الخيام، ولا تتعرض لبنات الأجواد، فأبى فلما أكثر عليهن واعدنه ليلاً، فأتاهن وقد أعددن له موسى، فلما خلا بهن قبضن عليه فجببن مذاكيره، فصار مثلاً لكل من جنى على نفسه، وتعدى طوره، وفيه يقول الفرزدق لجرير:
فهل أنت أن ماتت أتانك راكب ..، إلى آل بسطام بن قيس بخاطبِ
وإني لأخشى إن خطبت إليهم ..، عليك الذي لاقى يسار الكواعبِ
قال أبو عبيد: ومن أمثالهم في الشماتة بمن لا يقبل النصيحة قول دريد بن الصمة:
أمرتهم أمري بمنقطع اللوى ..، وهل يستبان الرشد إلاّ ضحى الغدِ.

باب الحين والشؤم يجتلبه الإنسان أو غيره على من سواه:
قال الأصمعي: من أمثالهم في الشؤم والحين قولهم: كانت عليهم كراغية البكر.
يعني بكر ثمود حين رماه صاحبهم، فرغا عند الرمية، فأنزل الله بهم سخطه عند قتل الناقة وبكرها، قال النابغة الجعدي لرجل من الأشعرين:
رأيت البكر بكر بني ثمود ..، وأنت أراك بكر الأشعرينا
وكذلك عاقر الناقة نفسه صار مثلاً في الشؤم عند العرب، ومنه قول زهير بن أبي سلمى:
فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم ..، كأحمر عادٍ ثم ترضع فتفطمِ
أراد " أحمر ثمود " فلم يمكنه الشعر، فقال: "عاد " قال: وقد قال بعض النساب: إنَّ ثموداً من عاد، وقال أبو عبيد: ومن أمثالهم في جلب الشؤم والحين قولهم: على أهلها دلت براقش قال: وبراقش: اسم كلبة نبحت على جيش مروا ولم يشعروا بالحي الذي فيهم الكلبة، فلما سمعوا نباحها علموا أنَّ أهلها هناك، فعطفوا عليهم واسنباحوهم، فذهبت مثلاً، وقال مورج: ومن هذا قولهم: عير عاره وتده.
قوله: "عاره" أهلكه، كما يقال: لا أدري أي الجراد عاره.
أي ذهب به، وأتلفه، ويقال في مثله: كلب عاره ظفره.

باب دول الدهر الجالبة للمحبوب والمكروه:
قال أبو زَيد: من هذا قولهم: مرة عيش ومرة جيش.
يقول: أحياناً شدة وأحياناً رخاء، واصله أن يكون الرجل مرة في عيش رخي، ومرة في جيش غزاة، وقال الأصمعي في مثله: اليوم خمر وغداً أمر.
وكان المفضل يعرف هذا المثل ويذكر أنّه لامرئ القيس أبن حجر الكندي، قال: وذلك أنه بلغه مقتل أبيه وهو يشرب، فعندها قال: "اليوم خمر وغداً أمر " فذهبت مثلاً، ويقال في نحو منه: يا حبذا التراث لولا الذلة.
قال ذلك الأصمعي، قال أبو عبيد: وكان المفضل يسمي قائله، قال: وهو لبيهس المعروف بنعامة حين قتل أخوته فورثهم، ففرح بالميراث وساءه قتلهم، لمّا في القلة من الذل والمهانة ، فاجتمع فيه أمران من المسرة والمساءة، قال أبو عبيد: ومن أمثالهم في دول الدهر قولهم: من يُرِ يوماً ير به.
وبعضهم يقول: "من يَرَ يوماً ير به " ومن دول الدهر قول الأعشى:
شباب وشيب وافتقار وثروة ..، فلله هذا الدهر كيف ترددا
ومن أمثالهم في دول الدهر قولهم: إن تعش يوماً تر ما لم تره.

باب حؤول الدهر وتنقله بأهله:
قال الأصمعي: من أمثالهم في هذا: كل امرئ سيعود مريئاً.
يعني تصيبه قوارع الدهر فتضعضعه، أو يموت فهو أكبر وأشد، ومن أمثالهم في هذا قولهم: كل ضب عنده مرداته .
والمرداة: الحجر الذي يرمى به، يقال: رديت الرجل، أرديته، ومعناه أن يقال: لا تأمن الحدثان والغير فإنَّ الآفات معدة مع كل أحد، ويقال:إنَّ الضب قليل الهداية، فلا يتخذ حجره إلاّ عند حجر يكون علامة له إذا خرج من حجره، فقال: "كل ضب عنده مرداته"، قال أبو عبيد: وهذا سوى التفسير الأول، قال الأصمعي: ومن أمثالهم قولهم: جاءت جنادعه.
أي حوادث الدهر وأوائل شره، قال أبو عبيد: ومنه في أمثال أكثم بن صيفي قوله: كل ذات بعل ستئيم.
ومنه ول الأول:
أفاطم إني هالك فتبيني ..، ولا تجزعي كل النساء يئيمُ
قال أبو عبيد: ومثال هذا قولهم: أتى أبد على لبد.
يعني نسر لقمان السابع، وفيه يقول النابغة الذبياني:
أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملوا ..، أخنى عليها الذي أخنى على لبدِ
و قد ذكره لبيد في شعره أيضاً، وقال الأصمعي: ومن هذا قولهم: من يجتمع يتقعقع عمده.
أي إنَّ قصاراهم التفرق يعني تقعقع أخبيتهم للتفرق والرحلة قال أبو عبيد: ومن هذا بيتهم السائر:
وكل أخٍ مفارقه ..، لعمر أبيك إلاّ الفرقدانِ
قال الأصمعي: من أمثالهم في نحوه: انقطع السلى في البطن.
أي فات الأمر وانقضى، وكذلك: انقطع قوي من قاويةٍ.
قال أبو عبيد: ومن أمثال أكثم بن صيفي: لم يفت من لم يمت.
يقول: من مات فهو الفئت، قال الأصمعي: ومن أمثالهم: لو كان ذا حيلة تحول.
يعني: عن الأمر الذي هو فيه، والعامة تقول في مثل هذا: أين يضع المخنوق يده.
قال: ومن أمثالهم في الذي ينزل به الأمر الشديد الذي يحتاج إلى أن ينصف فيه ويتعنى: إحدى لياليك فهيسي هيسي.
قال: ومن أمثالهم في حؤول الدهر قولهم: يريك يوم برأيه.
قال: يراد به أنَّ كل يوم يظهر لك ما ينبغي أن ترى فيه، ومنه قولهم: عش رجباً ترى عجباً.
ومن الشدائد قولهم: رأى فلان الكواكب مظهراً.
أي أظلم عليه يومه حتى أبصر الكواكب عند الظهر.

باب اصطلام الدهر الناس بالجوائح للأموال:
قال الأصمعي: من أمثالهم في هذا قولهم: تركته على مثل مقلع الصمغة قال: ومعناه أنّه لم يبق له شيء لأنَّ الصمغ إذا قلع من شجرة لم يبق له علقة ولا أثر، قال: ومثله قولهم: تركته على مثل ليلة الصدر.
قال: يعني صدر الناس من حجهم، قال: وكذلك قولهم: تركته على أنقى من الراحة.
كل هذا عن الاصمعي، على أنَّ المثل الأخير مبتذل في الناس، وقال أبو عبيد: فإذا كثر عليه ذلك وطال حتى يمرن عليه ويبسأ به قيل: أساف حتى ما يشتكي السوف والسوف: ذهاب المال واجتياحه، يقول: قد اعتاده حتى ليس يجزع منه.

باب هلاك القوم بالحوادث في الأبدان:
قال الأصمعي: من أمثالهم في الهلاك قولهم:
وقع القوم في وادي جذباتٍ قال: وقد يقال ذلك فيهم إذا جاروا عن القصد، قال الكسائي: ويقال: وقع القوم في وادي تضلل وفي وادي تهلك، وفي وادي تخيب.
كله مثل المعنى الأول، قال الأصمعي: ومنه قولهم: أخذوا طريق العيصين.
وقال أبو عبيد: ومن أمثالهم في الهلاك قولهم: طارت بهم العنقاء، وأودت بهم عقاب ملاع.
يقال ذلك في الواحد وفي الجميع، قال: ومن أمثالهم في الهلاك والخوف الشديد قولهم: المنايا على الحوايا.
وقال أبو عبيد: يقال: إنَّ " الحوايا " في هذا الموضع مراكب، واحدتها حوية، وأحسب أنَّ اصلها كان أنَّ قوماً قتلوا فحملوا على الحوايا، فصارت مثلاً، ويقال: إنَّ هذا المثل لعبيد بن الأبرص قاله للمنذر أو النعمان بن المنذر حين قتله، وعندها قال حين استنشده: "حال الجريض دون القريض " قال: وهذا مثل قولهم في الدهيم، فجعلتها العرب مثلاً في البلايا العظام، وقد روي هذا المثل عن حذيفة حين ذكر الفتن فقال: "أتتكم الديم ترمي بالنشب، والتي بعدها ترمى بالرضف" وفي حديث آخر عن حذيفة "الدهيماء" وفي بعضه "الرقطاء" و "المظلمة" قال أبو عبيد: وهذه كلها أمثال وتشبيه.

باب بلوغ الشدة ومنتهى غايتها في الجهد:
قال الأصمعي: من أمثالهم في هذا قولهم: عدا القارص فحزر.
أي تفاقم الأمر واشتد، قال: واصله في اللبن يقرص ثم يحزر، قال: ومثله قولهم: هذا أجل من الحرش.
قال: واصله احتراش الضباب، وقال: وأظن أبا عبيدة قد قاله لي أيضاً، ومن أمثالهم في الشدة: القوم في أمر لا ينادى وليده.
أي بلغ من الجهد أن يذهل المرأة عن صبيها أن تدعوه، قال الأصمعي: ومن أمثالهم في هذا قولهم: وقع القوم في سلى جمل.
يقول: في شيء لا مثل له، لأنَّ السلى إنما يكون للناقة ولا يكون للجمل، وقال أبو عمرو الشيباني: من أمثالهم في منتهى الشدة قولهم: قد بلغ السيل الزبى قال: واصله الزبية التي تجعل للصائد، ولا تحفر إلاّ في نجوة لئلا ينالها السيل فإذا بلغ السيل دخولها فهو مجحف، وقال الأصمعي في مثله أيضاً: قد جاوز الحزام الطين وكذلك التقى البطان والحقب، وكذلك التقت حلقتا البطان.
قال: واصل ذلك أن الفارس النجاة من طلب يتبعه، فيبلغ من مخافته أن يضطرب حزام دابته حتى يبلغ طبييها، ولا يمكنه أن ينزل فيشده، وقد روينا هذين المثلين عن عثمان بن عفان أنّه كتب بهما إلى علي بن أبي طالب، وكان غائبا وعثمان محصوراً " أما بعد فقد بلغ السيل الزبى، وجاوز الحزام الطبيين " في كلام قد ذكرناه في غريب الحديث، قال أبو عبيد: ومن أمثالهم في الأمر الذي قد انتهى فساده قولهم: كدابغةٍ وقد حلم الأديم.
وذلك أنَّ الجلد إذا صار إلى الحلم فليس بعده صلاح، وهذا المثل يروى عن الوليد بن عقبة أنّه قاله لمعاوية:
فإنكو الكتاب إلى علي ..، كدابغة وقد حلم الأديم
و كان المفضل، فيما بلغنا عنه، يخبر أنَّ المثل لخالد بن معاوية أحد بني عبد شمس بن سعد قال:
قد علمت أحسابنا تميم ..، في الحرب حين حلم الأديم
و من أمثالهم في بلوغ الجهد قولهم: قد أخذ منه بالمخنق.
و " قد بلغ منه المخنق " قال: ومن أمثال العامة في هذا قولهم: قد بلغ السكين العظم.

باب الغيبة التي لا يرجى لها إياب:
قال أبن الكلبي: من أمثالهم في هذا قولهم: إذا ما القارط العنزي آبا.
قال أبن الكلبي: هما قارظان، وكلاهما من عنزة، فالأكبر منهما يذكر بن عنزة لصلبه، والأصغر هو رهم بن عامر، من عنزة، فكان من حديث الأول أنَّ حزيمة بن نهد كان عشق ابنته فاطمة بنت يذكر، وهو قائل فيها:
إذا الجوزاء أردفت الثريا ..، ظننت بآل فاطمة الظنونا
قال: ثم إنَّ يذكر وحزيمة خرجا يطلبان القرط، فمرا بهوةٍ في الأرض فيها نحل فنزل يذكر ليشتار عسلاً، ودلاه حزيمة بحبل، فلما فرغ قال يذكر لحزيمة: أمددني حتى أصعد، فقال حزيمة: لا والله حتى تزوجني ابنتك فاطمة، فقال: أعلى هذه الحال؟ لا يكون ذاك أبداً، فتركه حزيمة فيها حتى مات، قال: ولا يدرى ما كان من خبره فصار مثلاً في انقطاع الغيبة، وإياهما أراد أبو ذؤيب بقوله:
وح يؤوب القارظان كلاهما ..، وينشر في القتلى كليب لوائلِ
و قال بشر بن أبي حازم عند موته:
فرجي الخير وانتظري إيابي ..، إذا ما القارظ العنزي آبا
قال الأحمر: ويقال: المسلى لا عهدة.
أي انقضى الشأن فلا عليك ولا لك، ومن أمثالهم في اليأس من الشيء قولهم: حتى يؤوب المنخل.
وكانت قصته نحواً من قصة العنزي في الغيبة، غير أنّه لم يكن في سبب القرظ.

باب الإسراف في القتل وفي كثرة الدماء:
قال الأصمعي: من أمثالهم في هذا قولهم: صمت حصاة بدم قال: وأصله أن يكثر القتل وسفك الدماء، حتى إذا وقعت حصاة من يد راميها لم يسمع لها صوت، لأنها لا تقع إلاّ في دم، فهي صماء، وليست تقع على الأرض فتصوت، وفي بعض الملاحم.
تبلغ الدماء الثنن.
يعني الخيل، وهي الشعرات التي فوق الحافر من خلفه.