أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: ذكر الأمثال التي في أهل الألباب والحزم وفي السلامة من الزلل والجهل الأحد 23 يونيو 2024, 2:22 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلِّ على محمد وآله ذكر الأمثال التي في أهل الألباب والحزم وفي السلامة من الزلل والجهل باب المثل في السلامة في ترك الإنسان ما لا يعنيه: قال أبو عبيد: روينا عن النبي ) أنه قال: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه". ويروى عن لقمان الحكيم أنه سئل: أي عملك أوثق في نفسك؟ فقال: تركي ما لا يعنيني، وكان من أمثال أكثم بن صيفي: الحزم في الأمور حفظ ما كلفت وترك ما كفيت. وقال رجل للأحنف بن قيس: بم سدت قومك؟ وأراد عيبه، فقال الأحنف: بتركي من أمرك ما لا يعنيني كما عناك من أمري ما لا يعنيك، وقال الأحنف بن قيس أيضاً: ما دخلت بين أثنين قط حتى يكونا هما يدخلاني في أمرهما، ولا أقمت من مجلس قط، ولا حجبت عن باب، يقول: لا أجلس إلاّ مجلسا أعلم أني لا أقام عن مثله، ولا اقف على باب أخاف أن أحجب عن صاحبه.
باب الأخذ بالثقة والإحباط في الأمر: قال أبو عبيد: من أمثالهم في الحزم: عش ولا تغتر. وهذا المثل يروى عن أبن عباس وأبن عمر وأبن الزبير، وذلك أنَّ رجلاً أتاهم فقال: كما لا ينفع مع الشرك عما كذلك لا يضر مع الإيمان ذنب، فكلهم قال له: "عش ولا تغتر " يقولون: لا تفرط في أعمال البر، وخذ في ذلك بأوثق الأمور فإذا كان الشأن هناك على ما ترجوه من الرخصة والسعة كان ما كسبت زيادة في الخير وإن كان على ما تخاف كنت قد احتطت لنفسك. وأصل هذا المثل فيما يقال، أنَّ رجلاً أراد أن يفوز بإبله عند الليل، وتأكل على عشب يجده هناك، فقيل له: عش إبلك، ولا تغتر بما لست على يقين نته، فصار مثلا لكل شيء يؤخذ فيه بالوثائق، وقال الأصمعي في مثله: أن ترد الماء بماءٍ أكيس. يقول: لأن يكون معك فضل ماء ترد به على ماء آخر خير من أن تفرط في حمله، ولعلك تهجم على غير ماء، وقال أبو زَيد في مثله: برد غداةٍ غر عبداً من ضمأ. وكان ذلك أنه خرج في برد النهار، ولم يتزود الماء لمّا رأى من روح أوّل النهار، فلما حميت عليه الشمس بالفلاة هلك عطشاً، ومثله قولهم: اشتر لنفسك وللسوق. يقول: اشتر ما إن أمسكته انتفعت به، وإن لم ترده نفق عليك في البيع، وفي بعض الحديث " إذا اشترى أحدكم بعيراً فليشتره عظيماً سميناً، فإن اخطأه الخبر لم يخطئه المنظر " قال أبو عبيد: ومن الأخذ بالثقة والحزم الحديث المرفوع حين قال له رجل: ألا أرسل ناقتي وأتوكل؟ قال: دمث لنفسك قبل النوم مضطجعا. يقول: هيئه قبل حاجتك إليه، ويروى عن عائشة أنها ذكرت عمر فقالت: "كان والله أحوذياً نسيج وحده، قد أعد للأمور أقرانها " وقد فسرها هذا في غريب الحديث. قال الأصمعي: ومن أمثالهم في نحو هذا قولهم: في بطن زهمان زاده. يقول: مع فلان عدته التي يحتاج إليها، وبتاته وما يصلحه.
باب الحزم في تعجيل الفرار ممن لا يدا لك به ولا قوة عليه: قال أبو عبيد: من أمثال أكثم بن صيفي في هذا: إن رمت المحاجرة فقبل المناجرة. ومنها قوله: التقدم قبل التندم، أي فانج بنفسك قبل لقاء ما لا قوام لك به. وقال الذي قتل محمد بن طلحة بن عبيد الله يوم الجمل: يذكرني حاميم وارمح شجار ..، فهلا تلا حاميم قبل التقدمِ! قال الأصمعي: ومن أمثالهم في هذا النحو قولهم: الفرار بقراب أكيس. وكان المفضل فيما حكي عنه، يحدث إنَّ المثل لجابر بن عمرو المازني، وذلك إنّه كان يسير يوما في الطريق إذ رأى أثر رجلين، وكان عائفاً أو قائفا، فقال: أرى آثار رجلين، شديد كلبهما، عزيز سلبهما، والفرار بقراب أكيسي، ثم مضى. ومنه قول الشاعر: أقاتل حتى لا أرى لي مقاتلا ..، وأنجو إذا لم ينج إلاّ المكيس.
باب النظر في العواقب وما فيه من الأخذ بالثقة: قال الأصمعي: من أمثالهم في ذلك: رويد الشعر يغب، أي أنظر كيف عاقبة الشعر إذا جرى على الألسنة، وسارت به الرفاق في الذم والحمد، قال أبو عبيد: ويروى عن أبي حازم، وكان من الحكماء إنّه قال: ليس لملولٍ صديق، ولا لحسود غني، وانظر في العواقب تلقيح للعقول. ومنه قولهم: الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة، وإفراط الأنس مكسبة لقرناء السوء. قال أبو عبيد: يريد أنَّ الاقتصاد في الأمور أدنى إلى السلامة، وكذلك هذا المثل في الدين ومنه قول علي بن أبي طالب: خير الناس هذا النمط الأوسط، يلحق بهم التالي، ويرجع إليهم الغالي ومنه قول أبي موسى في حامل القرآن غير الغالي فيه، ولا الجافي عنه، فالغالي فيه هو المفرط في اتباعه حتى يخرجه إلى إكفار الناس، مثل الخوارج، والجافي عنه: المضيع لحدوده، والمسخف به، ومثله قول مطرف بن الشخير: الحسنة بين سيئتين وخير الأمور أوساطها، وشر السير الحقحقة. ومن أمثالهم في القصد بين الأمرين قولهم إذا سئل عن الشيء قال: بين الممخة والعجفاء.
باب الإنابة بعد الاجترام وما في ذلك من الرشاد: قال أبو عبيد: من أمثالهم في هذا قولهم: عاد غيث على ما افسد. يضرب للرجل يحسن بعد الإساءة، ومن أمثال أكثم بن صيفي: أقصر لمّا أبصر. ومنه الحديث المأثور: التائت من الذنب كمن لا ذنب له. ومثله: اتبع السيئة الحسنة تمحها ، وكذلك قوله: الندم توبة.
باب حذر الإنسان على نفسه ومدافعته عنها: قال الأصمعي: يقال في مثل هذا: جاحش فلان عن خيط رقبته. أي دافع عن دمه، وخيط رقبته: نخاعه، قال الأصمعي: ومثله قولهم: عن ظهرها تحل وقرا. قال: وكذلك قولهم: حلأت حالئه عن كوعها، قال الأصمعي: وأصله أنَّ تحلا المرأة الأديم، وهو نزع تحلئه، يعني باطنه، فإنَّ هي رفقت سلمت، وإنَّ خرقت أخطأت فقطعت بالشفرة كوعها، وقال أبو عبيد: وروى عن بعض الماضين، ومثال فيه دعابة، فقيل له: انك لتنطب القول في نفسك، فقال: فإلي من أكلها؟! الذي ادفع عن نفسي إذا لم يكن عنها دافع.
باب الحذر من الانفراد في الأمور وما يكره من الاستبداد بها: قال أبو عبيد: يقال: الذئب خالياً اشد. يقول إذا وجدك الذئب خاليا كان أجرأ له عليك، فلا تفعل ذلك، قال أبو عبيد: وقد يضرب هذا المثل في الدين أيضاً، ومنه حديث يروى عن معاذ إنّه قال: عليكم بالجماعة، فإنَّ الذئب إنّما يصب من الغنم الشاذة القاصية، قال أبو عبيد: فصار المثل في أمر الدين والدنيا، يضرب لكل متواحد برأيه وبدينه أو بسفره، ومنه حديث عمر: "لا يسافر أقل من ثلاثة، فإنَّ مات واحد وليه اثنان، والواحد شيطان، والاثنان شيطانان".
باب المحاذرة للرجل من الشيء قد ابتلى مثله مرة: قال أبو عبيد: روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث مرفوع: "لا يلسع المؤمن من جحر مرتين". وتأويله عندنا إنّه ينبغي له إذا نكب من وجهه ألا يعود لمثله، ومن أمثالهم في نحو هذا: كل الحذاء يحتذي الحافي الوقع. وأصله الرجل يمشي في الوقع، وهي الحجارة، حافيا فيصيبه الوجى، وفهو يحاذر على رجليه من كل شيء ينكبها، ومنه قول الشاعر: يا ليت لي نعلين من جلد الضبع ..، وشركا من أستها لا تنقطع كأنَّ الحذاء يحتذي الحافي الوقع يقول: فهو يتمنى نعلين وإن كانتا من جلد الضبع بعد أن ينجو من الحفا، قال أبو عبيد: ويقال في نحوه: من يشتري سيفي وهذا أثره. يضرب للرجل يتقدم على الأمر الذي قد اختار وجرب، ويقول: إنَّ المثل للأغلب العجلي، ومثل العامة في هذا الباب قولهم: من نهشته الحية حذر الرسن.
باب الحذر من اتباع الهوى وما يؤمر به من اجتنابه: قال أبو عبيدة: من أمثالهم في هذا قولهم: أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك. أي أطع من يأمرك بما فيه رشادك وصلاحك وإن كان يبكيك، ويثقل عليك، ولا تطع من يأمرك بما تهوى، ويضحكك بما فيه شينك، قال أبو عبيد: ومن ذمهم الهوى قولهم: حبك الشيء يعمي ويصم. وهذا المثل يروى عن أبي الدرداء، ومن حديث أبن عباس "ما ذكر الله الهوى في موضع من كتابه إلاّ ذَمَّهُ" وقول الشعبي: إنّما سمي هوى لأنّه يهوي بصاحبه، وقال بعض الحكماء: إذا أشكل عليك أمران فلم تدر أيهما أدنى إلى الصواب والسداد فأنظر أثقلهما عليك فاتبعه ودع الذي تهوى، فانك لا تدري لعل الهوى هو الذي زينه في قلبك، وحسنه عندك.
باب التحذير من المعايب والشين في صحبة من تكره: قال أبو زَيد: من أمثالهم في التحذير قولهم: اتق الصبيان لا تصبك باعقائها. يضرب للرجل تحذره ممن تكره له مصاحبته، وأصل الأعقاء أوّل ما يخرج من بطن المولود حين يولد، وأحدها عقي، وقال مؤرخ: ومن أمثالهم في هذا قولهم: نزو الفرار استجهل الفرارا. قال: وهو ولد بقر الوحش يقال له: فرير وفرار، مثل: طويل وطوال، فإذا شب وجدل وقوي أخذ في النزوان فمتى رآه غيره نزا لنزوه، يضرب هذا لمن تتقى مصاحبته، يقول: انك إذا صحبته فعلت فعله، قال الأحمر: ومن أمثالهم في كراهة المعايب قولهم: الملسى لا عهدة. أي إنّه قد خرج من الأمر سالما، وانقضى عنه لا عليه ولا له، قال أبو عبيد: هذا المثل ليس من الأول بعينه، ولكنه نحو منه.
باب التحذير من الأمر يخاف فيه العطب: قال الأصمعي: من أمثالهم في التحذير قولهم: أعور عينيك والحجر. قال: واصله إنَّ الأعور إذا فقئت عينه الصحيحة بقي لا يبصر، فهو أحق بالحذر من غيره، قال: وقد يقال في الرجل الموصوف بالحذر: العير أوقى لدمه. واصله أنّه ليس شيء من الصيد اشد حذرا إذا طلب صيده من العير وهو الحمار الوحشي، قال أبو عبيد: ومن أمثالهم في التحذير من الأمرين يخافان قولهم: الليل وأهضام الوادي. واصله أن يسير الرجل في بطون الأودية، يقول: فأحذر فانك لا تدري لعل هناك من لا يؤمن اغتياله. وقد يقال بالرفع، قال أبو عبيد: ومن أمثالهم في التحذير مما يخاف قولهم: إنَّ السلامة منها ترك ما فيها. ومثله قولهم: اتق خيرها بشرها، وشرها بخيرها، ويروى هذا المثل عن عبد الله بن عمر إنه قال في اللقطة أو الضالة توجد يقول: دعها ولا تعرض لأخذها، قال أبو عبيد: ومن أمثالهم في التحذير: لا تراهن على الصعبة. وكان المفضل يحكي هذا المثل عن الحطيئة الشاعر وهو القائل عند موته: ويل للشعر من رواة السوء. ومن أمثالهم في التحذير قولهم: قد اعذر مَنْ أنذر.
باب الأمر بحسن التدبير والنهي عن الخرق فيه: قال أبو عبيد: من أمثالهم في هذا قولهم: وجه الحجر وجهة ماله. ويقال " وجهة " بالرفع، أي دبر الأمر على وجهه الذي ينبغي أن توجهه عليه. ومن هذا قولهم: اجر الأمور على أذلالها. يقول: على وجوهها واستقامتها، وهذا الحرف يروى عن عبد الله بن مسعود في حديث طويل، ومن أمثالهم في هذا قولهم: ول حارها من تولى قارها. وهذا المثل يروى عن عمر بن الخطاب إنه قاله لعتبة بن غزوان، أو لأبي مسعود الأنصاري، ومن أمثالهم قولهم: السعيد من وعظ بغيرة. وهذا يروى عن عبد الله بن مسعود في خطبته، وفي بعض الآثار. الرفق يمن والخرق شؤم ومن أمثالهم في حسن التدبير قولهم: قلب الأمر ظهر البطن وكذلك " ضرب وجه الأمر وعينيه " ومن أمثالهم في التحذير قولهم: رب أكلة تمنع أكلات. أي فأحذر ذلك.
باب الأخذ في الأمور بالمشورة والنظر: قال أبو عبيد: يروي في حديث مرفوع: ما هلك امرؤ عن مشورة. ومن أمثال أكثم بن صيفي: أول الحزم المشورة ويروى عن عمر بن الخطاب: "الرجال ثلاثة، رجل ذو رأي وعقل، ورجل إذا حزبه أمر أتى ذا رأي فاستشاره، ورجل حائر بائر، لا يأتمر رشدا، ولا يطيع مرشدا"، وقال عمر بن الخطاب أيضاً: "شاور في أمرك الذين يخافون الله " وقال الحسن: "إنَّ الله تبارك وتعالى لم يأمر نبيه ) بالمشورة لحاجة منه إلى رأيهم، وإنّما أراد أن يعلمهم ما في المشورة من الفضل " وفي حديث آخر " إنه قيل له: ما الحزم؟ فقال: أن تستشير ذا رأي ثم تتبع أمره".
|
|