| فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الخميس 18 يناير 2024, 12:17 am | |
| http://www.shamela.ws تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملةالكتاب: فتاوى دار الإفتاء المصريةالمجلد: السابعالمؤلف: دار الإفتاء المصرية [الكتاب مرقم آليا]
حكم النوم فى المسجد المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال فى بعض الأوقات ينام الإنسان فى المسجد لاتقاء شدة الحر أو البرد مثلا، أو لعدم وجود مكان يستريح فيه ليستأنف السفر أو لغرض آخر فما حكم هذا النوم؟
الجواب معروف أن بيوت اللَّه جعلت للعبادة ومزاولة أعمال الخير التى لا تخل بحرمتها ولا تؤذى من يتعبد فيها، ومعروف أيضا أن الملائكة تحب التردد على المساجد لما فيها من ذكر لله وقراءة القرآن ومدارسته كما ثبت فى الحديث، وأنها تحب الرائحة الطيبة وتنفر من الرائحة الكريهة، ومعروف أن الحديث نهى من أكل ثوما أو بصلا أن يؤذى من فى المسجد برائحته. ومن المعروف أن النائم فى المسجد قد يخرج منه ما يؤذى ويضايق، وقد تبدو منه فى نومه بعض مواضع يستحيا من كشفها، أو أصوات شخير وغير ذلك مما فيه إيذاء، ومن هنا تحدث العلماء عن حكم النوم فى المسجد من واقع ما ورد من الآثار فى ذلك. روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم رؤى فى المسجد مستلقيا واضعا إحدى رجليه على الأخرى، كما صح أن عمر وعثمان كانا يستلقيان أحيانا بالمسجد النبوى، وروى البخارى وغيره أن ابن عمر كان ينام فى المسجد النبوى وهو أعزب، ومعه بعض الشبان ينامون ليلا ويقيلون وقت الظهيرة، كما أخرج البخارى أن عليا غاضب فاطمة فذهب إلى المسجد ونام فيه وسقط رداؤه عنه وأصابه تراب، فجعل النبى صلى الله عليه وسلم يمسحه ويقول: " قم أبا تراب ". وكان فى المسجد النبوى صفَّة، أى مكان مظلل يأوى إليه المساكين وينزل فيه ضيوف الرسول عليه الصلاة والسلام، وصح فى البخارى ومسلم أنه ضرب قبة أى خيمة فى المسجد على سعد بن معاذ لما أصيب يوم الخندق وذلك ليمرَّض فيها، وأنه جعل خيمة فى المسجد للمرأة السوداء التى ترفع القمامة منه، ولما أسر ثمامة بن أثال - وهو مشرك -ربط مدة بسارية فى المسجد النبوى. وبناء على هذا قال العلماء: إذا كانت هناك حاجة إلى المبيت بالمسجد فلا حرج ومن ذلك المعتكف، وكذلك مالا يستدام كبيتوتة الضيف الذى لا أهل له. والمريض والمسافر والفقير الذى لا بيت له، ومن يشرف على المسجد من نظافة وخدمة وأذان وإمامة إذا لم تكن لهم بيوت خاصة. وعلى هذا الحكم جمهور العلماء، وإن كان ابن مسعود كره النوم فى المسجد مطلقا، وسئل ابن عباس عن المبيت بالمسجد فقال: إن كان لحاجة كالغريب الذى لا أهل له أو الفقير الذى لا بيت له إذا كان يبيت بمقدار الحاجة ثم ينتقل فلا بأس وأما من اتخذه مبيتا ومقيلا فينهى عن ذلك، والإمام مالك أباح النوم فى المسجد لمن ليس له مسكن، أما من له مسكن فيكره نومه فى المسجد. والخلاصة أن النوم فى المسجد ليس بحرام، ولكنه مكروه لغير حاجة، فإن كانت هناك حاجة سواء أكانت دائمة أو مؤقتة فلا كراهة "غذاء الألباب للسفارينى ج 2 ص 257 ". موضوع (396) المساجد التى بها أضرحة. سئل: ما هو رأى الدين فى المساجد التى بها أضرحة؟ أجاب: يوجد فى العمارة الإسلامية ما يسمى بالأضرحة، جمع ضريح، وهو الشق فى وسط القبر، وعرف بهذا الاسم إذا دفن فيه شخص له مكانة دينية أو علمية أو غيرهما من القيم، واتخذت الأضرحة شكلاً معينا من البناء تعلوه قبة، وكثرت فى مصر فى عهد الفاطميين الذين أقاموا كثيرا منها لآل البيت وكبار رجال الدولة، وعرفت بالمشاهد أسوة بما أطلق على أضرحة الأئمة العلويين، ثم جاءت الدولة الأيوبية وأقامت مثلها لكبار الرجال من أهل السنة، كان من أكبرها ضريح الإمام الشافعى المتوفى سنة 204 هـ والذى أقامته أم السلطان الكامل سنة 608 هـ، ثم أصبحت القاعدة بعد ذلك إلحاق القباب بالمدارس والمساجد والخانقاوات. وأول قبة على ضريح فى تاريخ الإسلام هى قبة الصليبية فى مدينة "سمارا" بالعراق على الضفة الغربية من نهر دجلة، وأنشئت سنة 284 هـ ومن أقدمها ضريح الإمام على فى النجف الذى أقامه الحمدانيون سنة 317 هـ[مساجد مصر وأولياؤها للدكتورة سعاد ماهر] . 2- والمسجد كل مكان يسجد فيه للصلاة، ثم أطلق على المكان الذى يتقرب إلى الله فيه بالعبادة، وفيما قبل الإسلام كانت العبادات لا تؤدى إلا فى أماكن خاصة اختار لها الناس مكانا محترما عندهم، كالمكان الذى يدفن فيه الأنبياء والصالحون، أما فى الإسلام فإن العبادات وعلى رأسها الصلاة تؤدى فى أى مكان من الأرض، اللهم إلا ما كان من عبادة الحج فلها أماكن خاصة يقصدها المسلمون من كل فج عميق عند الاستطاعة، صح فى الحديث الذى فضل الله فيه سيدنا محمدا على الأنبياء السابقين أن اللَّه جعل له الأرض كلها مسجدا وترابها طهورا. لقد تحدث القرآن الكريم عن أهل الكهف الذين كانوا قبل الإسلام، بأن من عثروا عليهم بنوا مسجدا على قبورهم كما قال تعالى {فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا} الكهف: 21، وصح فى البخارى ومسلم "مسلم ج 5 ص 11 " أن أم حبيبة وأم سلمة- وكانتا من المهاجرين إلى الحبشة - ذكرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها فى الحبشة فيها تصاوير للرسول، فقال "إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند اللَّه يوم القيامة" وجاء فى صحيح مسلم عن عائشة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال فى مرضه الأخير "لعن اللَّه اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" قالت عائشة: فلولا ذلك أُبرز قبره، غير أنه خشى أن يتخذ مسجدا. وفى بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك قبل أن يموت بخمس كما قاله جُنْدَب، ولما احتاج الصحابة إلى الزيادة فى مسجده وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه، ومنها حجرة عائشة مدفن الرسول وصاحبيه أبى بكر وعمر -بنوا على القبر حيطانا مرتفعة مستديرة حوله، لئلا يظهر فى المسجد فيصلى إليه العوام، ويؤدى المحذور، ثم بنوا جدارين من ركنى القبر الشماليين حتى التقيا، حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبر. 3- يؤخذ من هذا أن الإسلام لا يوافق على ما فعله اليهود والنصارى من بناء المساجد على القبور، واتخاذها أماكن للعبادة، واتخاذ القبر مسجدا يصور بصورتين: جعل مكان السجود على القبر ذاته، أو جعل القبر أمام المصلى ليتجه إليه بالعبادة، وبذلك يفسر قول النبى صلى الله عليه وسلم كما رواه مسلم "لا تصلوا على القبور ولا تجلسوا عليها" وللحيلولة دون تقديس القبور وأصحابها بالصلاة عليها أمر النبى صلى الله عليه وسلم بعدم البناء على القبور أو رفعها، ففى صحيح مسلم عن على رضى اللَّه عنه أن الرسول قال له لما بعثه "ولا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته، ولا صورة إلا طمستها " يقول القرطبى فى تفسيره "ج 10 ص 379" قال علماؤنا: ظاهره منع تسنيم القبور ورفعها وأن تكون لاطئة بالأرض، أى لاصقة، وبه قال بعض أهل العلم، وذهب الجمهور إلى أن هذا الارتفاع المأمور بإزالته هو ما زاد على التسنيم، ويبقى للقبر ما يعرف به ويحترم، وذلك صفة قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضى الله عنهما، على ما ذكره مالك فى الموطأ، وقبر أبينا آدم على ما رواه الدارقطنى من حديث ابن عباس، وأما تعلية البناء الكثيرة على ما كانت تفعله الجاهلية تفخيما وتعظيما فذلك يهدم ويزال، فالزيادة حرام، والتسنيم فى القبر ارتفاعه قدر شبر، مأخوذ من سنام البعير [يراجع نيل الأوطار للشوكانى ج 4 ص 89] . ومما ورد فى النهى عن اتخاذها مساجد قول ابن عباس رضى الله عنهما: لعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج، رواه أبو داود والترمذى وحسنه، قال القرطبى: قال علماؤنا: هذا يحرِّم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد، وروى الأئمة عن أبى مرثد الغنوى أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لاتصلوا على القبور ولا تجلسوا عليها". 4- ومن احتياطات العلماء لعدم الصلاة على المقابر نهوا عن الدفن فى المساجد أو عمل مسجد على القبر، قال النووى فى شرح المهذب ص 316 ما نصه: اتفقت نصوص الشافعى والأصحاب على كراهة بناء مسجد على القبر، سواء أكان الميت مشهورا بالصلاح أو غيره، لعموم الأحاديث، قال الشافعى والأصحاب: تكره الصلاة إلى القبور، سواء كان الميت صالحا أو غيره، قال الحافظ أبو موسى: قال الإمام الزعفرانى رحمه اللَّه: ولا يصلى إلى قبر ولا عنده تبركا ولا إعظاما، للأحاديث. وأفتى ابن تيمية بأنه لا يجوز دفن ميت فى مسجد، فإن كان المسجد قبل الدفن غُيِّر إما بتسوية القبر، وإما بنبشه إن كان جديدا، وقال: لا يجتمع فى دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه وكان الحكم للسابق، كما نقله عنه ابن القيم فى زاد المعاد [فتوى الشيخ عبد المجيد سليم سنة 1940 م -الفتاوى الإسلامية ج 2 ص 650] . حكم الصلاة فى المسجد الذى فيه قبر: إذا كان القبر فى مكان منعزل عن المسجد أى لا يصلى فيه، فالصلاة فى المسجد الذى يجاوره صحيحة ولا حرمة ولا كراهة فيها أما إذا كان القبر فى داخل المسجد، فإن الصلاة باطلة ومحرمة على مذهب أحمد بن حنبل، جائزة وصحيحة عند الأئمة الثلاثة، غاية الأمر أنهم قالوا: يكره أن يكون القبر أمام المصلى، لما فيه من التشبه بالصلاة إليه، لكن إذا قصد بالصلاة أمام القبر تقديسه واحترامه كان ذلك حراما وربما أدى إلى الشرك، فليكن القبر خلفه أو عن يمينه أو عن يساره (9/31) ________________________________________ العطاس فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز للإنسان إذا عطس وهو يصلى أن يقول: الحمد لله، وإذا عطس غيره، هل يقول له: يرحمك الله؟
الجواب العطاس أمر قهرى فى الغالب لا يتحكم فيه الإنسان، وهو نعمة يسن حمد الله عليها، حتى لو كان فى الصلاة، ويسمع نفسه بالحمد كما قال النووى فى كتابه "الأذكار" وذلك على مذهب الإمام الشافعى، وبالتالى لا تبطل الصلاة بالحمد، فهى كلها موضع لذكر الله، وقال النووى: لأصحاب مالك ثلاثة أقوال، أحدها هذا، واختاره ابن العربى، والثانى يحمد فى نفسه، والثالث قال سحنون، لا يحمد جهرا ولا فى نفسه. وأما أحكام العطاس خارج الصلاة فلها موضع آخر، ويمكن الرجوع إليه فى كتاب "غذاء الألباب " للسفارينى ج 1 ص 383. 2 -روى البخارى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله. فإذا قال له: يرحمك الله فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم " وهذا خارج الصلاة، أما فى أثناء الصلاة فلا يسن تشميته، وإن شمته بطلت صلاته عند جمهور الفقهاء، سواء قال: "يرحمك الله " أو "يرحمه الله " أو " يرحمنا الله " والشافعى يبطل الصلاة إذا كان التشميت بكاف الخطاب، أى بالصيغة الأولى من هذه الصيغ الثلاثة، ولا تبطل بالصيغتين الأخريين، والأولى اتباع رأى الجمهور (9/32) ________________________________________ المسافر وصلاة الجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل تجب صلاة الجمعة على المسافر؟
الجواب من المعلوم أن صلاة الجمعة مفروضة بالكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} الجمعة: 9، وقال صلى الله عليه وسلم "لقد هممت أن آمر رجلا يصلى بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم "رواه مسلم. والإجماع قائم على الوجوب. وقد أعفى الله منها جماعة نص عليهم حديث رواه أبو داود، "الجمعة حق واجب على كل مسلم فى جماعة، إلا أربعة هم العبد المملوك والمرأة والصبى والمريض " وكما استثنى هؤلاء من وجوب صلاتها استثنى المسافر ما دام مسافرا حتى لو كان نازلا للاستراحة وقت إقامة الجمعة، إقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم الذى كان فى سفر فصلى الظهر والعصر جمع تقديم ولم يصل الجمعة، وكذلك فعل الخلفاء وغيرهم. ويستمر سقوطها عن المسافر ما دام مسافرا ولم يقطع سفره بالعودة إلى وطنه أو الإقامة أربعة أيام فأكثر عند الشافعية والحنابلة حيث لا يشترط عندهم الاستيطان الدائم إلا للانعقاد، وأوجبها المالكية على المستوطن المقيم بنية التأبيد، كما لا تصح إلا بذلك، فلو نزل جماعة كثيرة فى مكان نووا فيه الإقامة شهرا مثلا فلا تجب عليهم الجمعة ولا تصح منهم، والأحناف قالوا: الاستيطان ليس شرطا للوجوب، وإنما الشرط هو الإقامة ولو من مسافر خمسة عشر يوما. ومن هنا تحدَّث العلماء عن حكم السفر يوم الجمعة وهو الخروج من البلد حتى لو كان السفر قصيرا، وبينوا حكمه إن كان قبل طلوع الفجر أو بعده. ا - فقال الشافعية: إن كان سفره قبل الفجر فهو مكروه، وذلك لسقوط الجمعة عنه وضياعها منه دون وجود مبرر للسفر، وضربوا لذلك مثلا بالحصادين ونحوهم من العمال الذين يخرجون للعمل فى الحقول والمنشآت قبل الفجر فلا تجب عليهم الجمعة إلا إذا كانوا فى مكان يسمعون فيه النداء من بلدهم، وإن كان سفره بعد الفجر فهو حرام، إلا إذا ظن أنه يدركها فى طريقه أو كان السفر واجبا كالسفر للحج الذى ضاق وقته وخاف فوته، أو كان لضرورة كخوفه فوات رفقة يلحقه ضرر بفوتهم. 2 - وقال المالكية: يجوز السفر قبل الفجر، ويكره بعده إذا كان لا يدركها فى طريقه، فإن كان يدركها فلا كراهة. 3-وقال الحنابلة: يكره السفر قبل الفجر إذا لم يأت بها فى طريقه، ويحرم بعد الزوال إلا عند خوف الضرر كتخلفه عن الرفقة. 4 -وقال الحنفية: لا يكره السفر قبل الزوال. وهذا ما قاله العلماء فى حكم صلاة الجمعة بالنسبة للمسافر، وعن السفر فى هذا اليوم، يتلخص فى عدم وجوبها على المسافر الذى أنشأ السفر قبل يوم الجمعة حتى لو كان سفرا قصيرا، أما من أنشأ السفر بعد الفجر فأوجبها بعضهم ولم يوجبها البعض الآخر. وأرى الحرص عليها فى السفر حتى لو كانت غير واجبة، فثوابها عظيم، وهى إن سقطت عنه كمسافر فلا تسقط عنه صلاة الظهر فى السفر القصير أو الطويل، وعليه الصلاة قصرا أو جمعا إذا كان السفر طويلا كما هو مقرر فى الفقه (9/33) ________________________________________ قضاء الصلاة عن الميت
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز لأهل الميت الذى كان لا يواظب على الصلاة أن يصلوا عنه أو يعملوا ما يسمى بإسقاط الصلاة؟
الجواب الصلاة عبادة بدنية محضة، لم يرد نص خاص عن النبى صلى الله عليه وسلم بجواز قضائها عن الميت، والوارد هو عن بعض الصحابة، فقد روى البخارى أن ابن عمر رضى الله عنهما أمر امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء - يعنى ثم ماتت -فقال: صلى عنها وروى ابن أبى شيبة بسند صحيح أن امرأة قالت لابن عباس رضى الله عنهما: إن أمها نذرت مشيا إلى مسجد قباء، أى للصلاة، فأفتى ابنتها أن تمشى لها، وأخرجه مالك فى الموطأ أيضا. والصلاة المرادة هنا صلاة نفل نذر أداؤها فى قباء فوجبت ولزمت، ومن هنا رأى بعض العلماء جواز قضاء الصلاة عن الميت، سواء أكانت مفروضة أصلا أم منذورة. لكن الجمهور قال بعدم جواز قضاء المفروضة. نقل ابن بطال الإجماع على ذلك، ومع عدم التسليم بهذا الإجماع، فإن الجمهور رد استدلال القول المجيز للقضاء بأن النقل عن ابن عمر وابن عباس مختلف: فقد جاء فى موطأ مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يصلى أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد، وأخرج النسائى عن ابن عباس مثل ذلك القول. ولكن لعل المنع فى حق غير المنذورة. وقال الحافظ: يمكن الجمع بين النقلين بجعل جواز القضاء فى حق من مات وجعل النفى فى حق الحى (نيل الأوطار ج 9 ص 155) وبهذا يعلم أن ما يعمله بعض الناس مما يسمى بإسقاط الصلاة عن الميت غير مشروع، والواقع أن الله سبحانه وتعالى جعل أداء الصلاة من اليسر بحيث تصح بأية كيفية من الكيفيات عند العجز، حتى أنه لم يسقطها عن المجاهد وهو فى ساحة القتال أثناء المعركة، وعن المقيد بالأغلال، واكتفى بما يستطاع ولو بالإيماء. قول الجمهور بعدم جواز قضائها عن الميت هو المختار للفتوى، ولا يصح غيره، حتى لا يكون هناك تهاون بعمود الدين. أما حكم الصلاة للميت فقد جاء فى رواية الدارقطنى "أن من البر بعد الموت أن تصلى لهما-للوالدين -مع صلاتك - وأن تصوم لهما مع صيامك " وذلك فى النوافل المهداة لا فى الفروض من حيث القضاء، وسيبين ذلك فى صلة الأحياء بالأموات وانتفاع الميت بما يهديه الحى إليه من قُربٍ (9/34) ________________________________________
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الثلاثاء 23 يناير 2024, 11:41 am عدل 2 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الخميس 18 يناير 2024, 12:18 am | |
| صلاة الاستخارة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هى صلاة الاستخارة وعدد ركعاتها والدعاء الخاص بها؟
الجواب صلاَة الاستخارة ركعتان، والدعاء الذى يقال بعدها جاء فى الحديث الذى رواه البخارى عن جابر رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " يعلمنا الاستخارة فى الأمور كلها كالسورة من القرآن يقول "إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إنى أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، إنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى- أو قال عاجل أمرى واَجله - فاقدره لى ويسره لى، ثم بارك لى فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى - أو قال عاجل أمرى وآجله - فاصرفه عنى واصرفنى عنه، واقدر لى الخير حيث كان، ثم رضنى به " قال ويسمى حاجته: يعنى يقول بدل عبارة -أن هذا الأمر-يعين هذا الأمر مثل السفر أو الزواج ونحو ذلك. وسيحس بأمور وعلامات يدرك بها النتيجة، إما أن يكون ذلك بعد الانتهاء من الصلاة والدعاء فى حال اليقظة أو برؤيا منامية، وربما تتأخر العلامات بعض الوقت، فإن لم ير شيئا من ذلك يكرر الصلاة ويحاول أن يؤديها تامة وبخشوع، وكذلك الدعاء يكون بتضرع وحضور ذهن، فقبول الصلاة والدعاء وترتب آثارهما مرتبط بذلك. قال تعالى بعد ذكر أيوب وذى النون وزكريا ودعائهم الذى استجابه الله لهم {إنهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} الأنبياء: 90، والمسارعة فى الخيرات تستلزم الطاعة والحرص عليها والتسابق إليها، والبعد عن كل ما حرَّم الله، وبالتالى لا تقبل صلاة الاستخارة ولا دعاؤها من المقصر فى حق الله ولا يعرفه إلا عندما يحتاج إليه ليعرفه المشروع الذى يقدم عليه إن كان خير أو شرا، ومن المقرر أن اللقمة من الحرام فى بطن الإنسان تمنع قبول الدعاء، كما صح فى حديث رواه مسلم. هذا، وصلاة الاستخارة تؤدى فى غير الأوقات التى تكره فيها الصلاة وأنسب الأوقات لها بعد منتصف الليل، فالدعاء يكون أقرب إلى الإجابة. ويسن أن يبدأه بحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، ويختمه بالصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم ولا تتعين قراءة بعد الفاتحة، مع مراعاة أن الاستخارة لا تكون إلا فى الأمور المباحة، أما الواجبات والمندوبات فلا استخارة فى عملهما، وكذلك المحرمات والمكروهات لأن المطلوب تركها، ومع مراعاة أن قلب الإنسان إذا مال إلى فعل الشيء أو الانصراف عنه قبل صلاة الاستخارة فلا معنى لهذه الصلاة، بل ينبغى ترك الاختيار لله سبحانه ويصلى من أجل ذلك. وهذه الصلاة تغنينا عما يتورط فيه بعض الناس من قراءة الكف وضرب الرمل والوسائل الأخرى التى حذر الإسلام منها، أو لم يشرعها، فالعلم الحقيقى عند الله سبحانه والدعاء مع العبادات خير وسيلة لمساعدة الإنسان على ما يريد. مع مراعاة أن الدعاء الذي تسبقه الصلاة قد يستجاب وقد يرد، والمدار هو على إتقان الصلاة والدعاء مع توافر عامل الخشوع والرهبة والرغبة، ومع كون العبد مطيعا لله قريبا منه بعيدًا عن المعاصى وبخاصة أكل الحرام الذى يحول دون قبول الدعاء، ولا يلزم أن يرى الإنسان بعدها رؤيا منامية، فقد يحصل القبول أو النفور بدونها (9/35) ________________________________________ ترجمة القرآن فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل تجوز قراءة القرآن مترجما فى الصلاة؟
الجواب من المعلوم أن قراءة شيء من القرآن فى الصلاة ركن من أركانها لا تصح بدونه، وقد حدد جمهور الفقهاء هذا الركن بقراءة الفاتحة، لعدة نصوص منها قوله صلى الله عليه وسلم "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " رواه الجماعة وقوله " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن -وفى رواية بفاتحة الكتاب - فهى خِدَاج، هى خداج غير تمام " رواه البخارى ومسلم. وإلى جوار هذا الركن تسن القراءة لما تيسر من القرآن بعد الفاتحة فى الركعتين الأوليين، وقال العلماء: لابد أن تكون القراءة باللغة العربية لمن قدر عليها، فإن عجز عن القراءة باللغة العربية فلا يجوز أن يقرأها مترجمة بلغة أخرى، فلو فعل ذلك بطلت صلاته عند جمهور الفقهاء، يقول النووى فى "المجموع " ترجمة القرآن ليست قرآنا بإجماع المسلمين، ومحاولة التدليل لها تكلف، فليس أحد يخالف فى أن المتكلم بمعنى القرآن بالهندية ليس قرآنا، وليس ما لفظ به قرآنا، ومن خالف فى هذا كان مراغما جاحدا، وتفسير شعر امرئ القيس ليس بشعره، فكيف تفسير القرآن يكون قرآنا؟ ولا خلاف فى أن القرآن معجز، وليست الترجمة معجزة، مجلة الأزهر- المجلد السابع ص 129. ونقل عن أبى حنيفة جواز القراءة بالترجمة فى الصلاة لمن كان قادرا على القراءة باللغة العربية أو غير قادر. مستدلا ببعض آيات ليست نصًا فى المدعى، ولا داعى لذكرها، وبأن سلمان الفارسى كتب لأهل الفرس - الفاتحة -بالفارسة فكانوا يقرؤون بها حتى لانت ألسنتهم للعربية وبعدما كتب لهم ذلك عرضه على النبى صلى الله عليه وسلم فأقره ووجهوا كلام أبى حنيفة بأن القراءة بالفارسية لمن يحسن العربية للرخصة، ولمن لا يحسنها للعذر، ولكن الإمامين محمدا وأبا يوسف لا يجيزان القراءة بها فى الصلاة إلا للمعذور فقط، لأن القرآن معجز باللفظ والمعنى، فإذا قدر عليهما لا يتأدى الواجب بغيرهما، وإن عجز عن النظم أتى بما يقدر عليه وهو المعنى كمن عجز عن الركوع والسجود يصلى بالإيماء. وقال المحققون: أن أبا حنيفة رجع عن رأيه، فلم يجز القراءة بغير العربية، إلا لمن عجز عنها. وممن نقل رجوعه أبو بكر الرازى ونوح بن مريم وعلى بن الجعد. وقال أيضا: إن خبر سلمان مطعون بأنه لم يخرِّجه كبار رجال الحديث مع أهميته، وأن هناك اختلافا فى بعض رواياته بالزيادة والنقص، لأن النووى ذكره فى المجموع دون قراءتهم بالترجمة فى الصلاة. وعلى هذا فلا يكون عند الأحناف إلا قول واحد، وهو جواز قراءة القرآن بغير العربية فى الصلاة للعاجز عن العربية، أما القادر عليها فلا يجوز له باتفاق الفقهاء. يقول الشيخ محمود أبو دقيقة: إن الأئمة الأربعة اتفقوا على أن القادر على العربية إذا قرأ بغيرها فى الصلاة فسدت صلاته، وعلى أن العاجز عنها إذا قرأ بغيرها ما كان قصة أو أمرا أو نهيا فسدت صلاته، لأن ما أتى به ليس قرآنا وهو من كلام الناس فيفسد الصلاة، ولم يختلفوا إلا فيما إذا كان المقروء ذكرا أو تنزيها فالأئمة الثلاثة قالوا بفساد الصلاة وأبو حنيفة وأصحابه قالوا بجواز الصلاة، لأن العاجز عن العربية حكمه حكم الأمى فلا قراءة عليه، وإذا أتى بذكر بأى لغة لا تفسد صلاته، فكذلك من كان فى حكمه "مجلة الأزهر-المجلد الثالث ص 34" (9/36) ________________________________________ وقت الفجر
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يقول بعض الناس: إن الفجر الكاذب هو المدون توقيته بالنتائج، أما الفجر الصادق فهو بعده بعشر دقائق أو عشرين دقيقة، ولذلك لا يصلون الصبح ولا يمسكون عن الطعام فى الصيام إلا بعد طلوع هذا الفجر فما حكم الشرع فى ذلك؟
الجواب مبدئيا: نقول: هناك فجر كاذب وفجر صادق، فقد روى مسلم عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يمنعن أحدا منكم أذان بلال - أو قال نداء بلال - من سحوره، فإنه يؤذن - أو قال ينادى بليل - ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم " وقال "إن الفجر ليس الذى يقول هكذا - وجمع أصابعه ثم نكسها إلى الأرض - ولكن الذى يقول هكذا ... " ووضع المسبحة على المسبحة، ومد يده. وجاء توضيح ذلك بقوله "هو المعترض وليس بالمستطيل " وبقوله "لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا" يعنى معترضا. إن تعيين الفجر الصادق والكاذب تعيينا مستمدا من الحديث النبوى والأرصاد الحديثة قام به المختصون، وانتهوا إلى أن الفجر الصادق هو الذى يرفع له الأذان، ولا بد من اتباع ذلك ما لم يظهر شيء آخر يقوم على حقائق علمية وأرصاد يقينية صحيحة. والكلام الذى جاء فى السؤال حدث منذ سنوات قليلة، ولعل من قالوا به قرؤوا ما جاء فى تفسير القرطبى "ج 2 ص 319" من أن طائفة قالت: إن حل الصلاة تحريم الطعام يكون بعد طلوع الفجر وتبينه فى الطرق والبيوت، وروى ذلك عن عمر وحذيفة وابن عباس وطلق بن على وعطاء بن أبى رباح. وروى النسائى عن عاصم عن زر قال: قلنا لحذيفة: أى ساعة تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع. وقال أبو داود: هذا مما تفرد به أهل اليمامة: قال الطبرى: والذى دعاهم إلى هذا أن الصوم إنما هو فى النهار، والنهار عندهم من طلوع الشمس، وآخره غروبها. هذا وقد صدرت فتوى من دار الإفتاء المصرية بتاريخ 22 من نوفمبر 1981 م بما نصه: إن الحساب الفلكى لمواقيت الصلاة الذى تصدره هيئة المساحة المصرية عُرِضَ على لجنة متخصصة من رجال الفلك والشريعة فانتهت إلى أن الأسلوب المتبع فى حساب مواقيت الصلاة فى جمهورية مصر العربية يتفق من الناحية الشرعية والفلكية مع رأى قدامى علماء الفلك من المسلمين. واستيثاقا لذلك ستشكل لجنة أخرى لمتابعة البحث، وقرر المفتى الالتزام بالمواقيت المذكورة، لأنها موافقة لما جاء فى الأحاديث التى رواها أصحاب السنن مما علمه جبريل للنبى صلى الله عليه وسلم وأمر المفتى من يقولون فى الدين بغير علم أن يتقوا الله حتى لا يضلوا الناس فى دينهم، وألا يلبسوا الدين بأغراض أخرى يبتغونها، فالحق أحق أن يتبع "الفتاوى الإسلامية ج 8 ص 2733 " (9/37) ________________________________________ ترك العمل لصلاة الجماعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما رأى الدين فى العمال الذين يتركون أعمالهم ليصلوا الظهر جماعة؟
الجواب لا شك أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد، وأن الصلاة فى أول الوقت أفضل من الصلاة في غيره، فيسن للإنسان أن يبادر بالصلاة فى أول وقتها، وأن يصليها فى جماعة. وذلك إذا لم يكن مرتبطا بعمل آخر له أهميته، ولو تركه لفسد العمل أو نقص أثره نقصا واضحا، وهذا فى عمله أما عمله لغيره فلا يحل له أن يتركه لهذه الفضيلة التى لا عقاب على تركها إلا إذا أذن له صاحب العمل لأن أداء العمل لقاء أجر عقد واجب التنفيذ لا يجوز التقصير فيه، أما الجماعة وأول الوقت فسنة، والواجب مقدم على السنة، فإذا سمح صاحب العمل فى فسحة من أجل الصلاة جاز ذلك، على ألا يساء استعمال هذه الفسحة، فتتخذ وسيلة إلى التزويغ أو قضاء مصالح أو غير ذلك أكثر من الصلاة. والنبى صلى الله عليه وسلم حينما حدد جبريل له أوقات الصلاة - صلى به فى أول الوقت، ثم صلى ثانيا فى آخر الوقت وقال "الوقت ما بين هذين الوقتين " وذلك من باب التيسير، فإذا كان الإنسان حرا غير مرتبط بعمل لغيره فمن السنة المبادرة بالصلاة جماعة فى أول وقتها، أما إذا كان مرتبطا فيتوقف ذلك على إذن صاحب العمل. وأعتقد أن أصحاب الأعمال المسلمين لا يمنعون أحدا من ذلك، فالمتدين سيحافظ على العمل ويتقنه ولا يتهاون فيه، غير أنه - كما قلت - لا ينبغى إساءة استعمال هذا الإذن، فالعمل نفسه طاعة لله ما دامت النية فيه طيبة، وليتعاون أرباب العمل مع العمال على المصلحة المشتركة. هذا كله ما دام فى الوقت متسع، أما إذا ضاق الوقت وخيف أن تفوت الصلاة وجب ترك العمل من أجل إدراك الصلاة، ولا يتوقف ذلك على إذن صاحب العمل، فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق. ولو فرض أن صاحب العمل شديد لا يسمح لأحد بترك العمل لأجل الصلاة، وإن تركه عاقبه عقوبة تؤثر تأثيرًا شديدا على العامل فيجوز له أن يجمع فرضين بعضهما مع بعض يصليهما بعد الانتهاء من العمل، الظهر مع العصر، أو المغرب مع العشاء كما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل (9/38) ________________________________________ صفوف الجماعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نرجو توضيح النصوص الواردة فى فضيلة الصفوف الأولى للرجال والصفوف الأخيرة للنساء فى صلاة الجماعة؟
الجواب روى البخارى وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها" وروى البخارى وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لو يعلم الناس ما فى الأذان والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" أى لو يعلم الناس ثواب الصف الأول لحكَّموا القرعة بينهم عند كثرة من يرغبون فيه. وروى مسلم وغيره أنه قال "ألا تصفُّون كما تصف الملائكة عند ربها"؟ قلنا: يا رسول الله كيف تصف الملائكة عند ربها؟ فقال " يتمون الصف الأول ويتراصون فى الصف " وروى أحمد بإسناد جيد أنه قال " إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول " وصلاة الله رحمة وصلاة الملائكة استغفار، وروى مسلم وغيره أنه قال "ليَلنى منكم أولوا الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم " وروى أحمد وأبو داود عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يليه المهاجرون والأنصار ليأخذوا عنه. تدل هذه الأحاديث على فضل الصفوف الأولى للرجال فى صلاة الجماعة، وعلى فضل الصفوف الأخيرة للنساء، وعلى أفضلية الصف الأول من هذه الصفوف، وعلى أفضلية أن تكون الصفوف الأولى من ذوى العقول المستنيرة والمتفقهين فى الدين. والحكمة فى كون هؤلاء أولى بالصفوف الأولى تظهر فى أمور، منها أنهم أقدر على الأخذ والفهم لما يقوله الرسول ويفعله، وأقدر على تعليم غيرهم ما تعلموه منه، وأنهم يستطيعون تنبيهه إذا حدث ما يدعو إلى التنبيه، أو الفتح عليه عند التوقف عن القراءة وأنهم أولى بالإمامة إذا أراد استخلاف أحد لعذر من الأعذار. والحكمة فى جعل النساء فى الصفوف الخلفية تظهر فى أمور، منها: ا - أن المرأة ليست فى مستوى الرجال وبخاصة أولوا الأحلام والنهى فيما يتميزون به مما سبق ذكره. 2 -أن تقدمها أمام الرجال فيه صورة إمامتها لهم، وهى ممنوعة باتفاق الأئمة. 3- أنها تشغل الرجال عن الخشوع فى الصلاة بمجرد وجودها أمامهم، وذلك أمر طبيعي وعند ركوعها وسجودها يكون الانشغال أشد، وهو ما يفسر به حديث قطع المرأة للصلاة إذا مرت أمام المصلى عند جمهور الفقهاء. 4 -ألا تختلط صفوف الرجال بالنساء إذا تخللن صفوفهم فيكون انصرافهن بعد انتهاء الصلاة أيسر، وكان من المأثور أن النبى صلى الله عليه وسلم كان لا ينصرف عقب الصلاة مباشرة بل ينتظر هو وأصحابه حتى ينصرف النساء أولا. هذا، وكان من المتبع فى ترتيب الصفوف فى الجماعة أن يكون الرجال فى الصفوف الأولى ثم يليهم الصبيان ثم يليهم النساء، كما رواه أحمد. وتوسط الصبيان فيه شدة حيطة من انشغال الرجال بالنساء، فمن الجائز أن بعض من فى الصف الذى يليه صف النساء إذا ركع لمح بنظره بعض النساء، ولا شك أن الخشوع فى الصلاة أساس قبولها كما قال تعالى {قد أفلح المؤمنون. الذين هم فى صلاتهم خاشعون} المؤمنون: 1، 2 (9/39) ________________________________________ صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ورد سؤال من مدينة سعرت بتركيا يقول: فى مدينتنا تؤدى فريضة الظهر جماعة بعد أداء صلاة الجمعة. فهل هذا من الدين؟
الجواب المعروف أن صلاة الجمعة بدل من صلاة الظهر، فلو أديت الجمعة على وجهها الصحيح أغنت عن صلاة الظهر، وإذا لم تؤد، أو أديت على غير وجهها الصحيح وجبت صلاة الظهر. والأصل أن تقام جمعة واحدة فى مكان واحد، لسماع الخطبة الموحَّدة من الإمام حيث يستمعون إلى نصائحه وتوجيهاته، وتبلغهم دعوة الدين فلا يكون لهم عذر فى التقصير. وكان العمل على ذلك أيام الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين فى المدينة، حيث كان المسجد النبوى يسع المصلين، وحيث كان الخليفة هو الذى يؤمهم ويخطبهم، ولما اتسع العمران وانتشر المسلمون وضاق المسجد الجامع فى الأمصار عن استيعاب كل المصلين أقيمت جمعة أخرى فى مسجد آخر، وهنا اختلف العلماء فى هذا الوضع، هل هو جائز أو لا وإذا جاز هل صحت الجمعتان أو صحت جمعة واحدة؟ وعلى فرض صحتهما أو صحة إحداهما هل هناك محل لصلاة الظهر أو لا؟ جاء فى كتاب "الفقه على المذاهب الأربعة" الذي أخرجته وزارة الأوقاف المصرية ما يأتى: 1- الحنفية قالوا: تصح إقامة الجمعة فى مواضع كثيرة فى المصر أو فى فنائه على الأصح، فتعدد الجمعة فى المساجد لا يضر، ولو سبق أحدها الآخر فى الصلاة على الصحيح. إلا أن الأحوط أن يصلى أربع ركعات بنية آخر ظهر، والأفضل أن يصليها فى منزله حتى لا يعتقد العامة فرضيتها، فإن تيقن أنه سُبِق بالصلاة فى مسجد آخر كانت هذه الصلاة واجبة، وإن شك كانت هذه الصلاة مندوبة. 2 - والشافعية قالوا: إن تعددت الجمعة لحاجة كضيق المسجد الواحد عن استيعاب عدد المصلين فكلها صحيحة، وتسن مع ذلك صلاة الظهر ولا تجب، أما إن تعددت الجمعة لغير حاجة، فإن تيقن سبق واحدة صحت وبطل غيرها، وعلى من بطلت صلاتهم أن يصلوها ظهَرا إن لم يمكنهم أداؤها خلف الجمعة السابقة - والعبرة فى السبق بتكبيرة الإحرام، وإن تيقن أن الجمع كلها متقارنة ليس فيها سبق واحدة على الأخرى بطلت الجُمَعُ كلها، ويجب عليهم الاجتماع لإعادتها إن أمكن، وإلا صلوها ظهرا وكذلك الحكم لو حصل الشك فى السبق والمقارنة. . 3- والمالكية قالوا: لا تصح الجمعة إلا فى الجامع القديم، وتصح فى المسجد الجديد الذى ينشأ بعد القديم بشرط ألا يُهجر القديم، وأن تكون هناك حاجة لبناء هذا المسجد الجديد، كضيق القديم وعدم إمكان توسعته وكعداوة فى ناحيتين من البلد يخشى من اجتماع الناس فى مسجد واحد أن تكون فتنة، وكذلك تصح فى المسجد الجديد إن حكم الحاكم بصحتها فيه، ولو اختل شرط بطلت الجمعة ووجبت صلاة الظهر. 4 - والحنابلة قالوا مثل ما قال الشافعية أو قريبا منه. وعلى هذا لو تعددت الجمعة لحاجة فهى صحيحة، ومع ذلك قال الحنفية: الأحوط صلاة الظهر بعدها فى المنزل، وقال الشافعية: تسن صلاة الظهر. ولم يقل أحد تبطل صلاة الظهر وتحرم فى هذه الحالة، فمن شاء صلاها ومن شاء تركها. هذا هو ما فى كتب الفقه، وهو اجتهاد غير منصوص عليه فى قرآن أو سنة، فمتى صحت الجمعة بالشروط المنصوص عليها فى القرآن والسنة وما تركه الخلفاء الراشدون فلا تجب صلاة الظهر عند تعدد الجمعة ولا عند عدم تعددها (9/40) ________________________________________ |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الخميس 18 يناير 2024, 7:45 pm | |
| حكم النوم فى المسجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال فى بعض الأوقات ينام الإنسان فى المسجد لاتقاء شدة الحر أو البرد مثلاً، أو لعدم وجود مكان يستريح فيه ليستأنف السفر أو لغرض آخر فما حكم هذا النوم؟
الجواب معروف أن بيوت اللَّه جعلت للعبادة ومزاولة أعمال الخير التى لا تخل بحرمتها ولا تؤذى من يتعبد فيها، ومعروف أيضا أن الملائكة تحب التردد على المساجد لما فيها من ذكر لله وقراءة القرآن ومدارسته كما ثبت فى الحديث، وأنها تحب الرائحة الطيبة وتنفر من الرائحة الكريهة، ومعروف أن الحديث نهى من أكل ثوما أو بصلا أن يؤذى من فى المسجد برائحته. ومن المعروف أن النائم فى المسجد قد يخرج منه ما يؤذى ويضايق، وقد تبدو منه فى نومه بعض مواضع يستحيا من كشفها، أو أصوات شخير وغير ذلك مما فيه إيذاء، ومن هنا تحدث العلماء عن حكم النوم فى المسجد من واقع ما ورد من الآثار فى ذلك. روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم رؤى فى المسجد مستلقيا واضعا إحدى رجليه على الأخرى، كما صح أن عمر وعثمان كانا يستلقيان أحيانا بالمسجد النبوى، وروى البخارى وغيره أن ابن عمر كان ينام فى المسجد النبوى وهو أعزب، ومعه بعض الشبان ينامون ليلا ويقيلون وقت الظهيرة، كما أخرج البخارى أن عليا غاضب فاطمة فذهب إلى المسجد ونام فيه وسقط رداؤه عنه وأصابه تراب، فجعل النبى صلى الله عليه وسلم يمسحه ويقول: " قم أبا تراب ". وكان فى المسجد النبوى صفَّة، أى مكان مظلل يأوى إليه المساكين وينزل فيه ضيوف الرسول عليه الصلاة والسلام، وصح فى البخارى ومسلم أنه ضرب قبة أى خيمة فى المسجد على سعد بن معاذ لما أصيب يوم الخندق وذلك ليمرَّض فيها، وأنه جعل خيمة فى المسجد للمرأة السوداء التى ترفع القمامة منه، ولما أسر ثمامة بن أثال - وهو مشرك -ربط مدة بسارية فى المسجد النبوى. وبناء على هذا قال العلماء: إذا كانت هناك حاجة إلى المبيت بالمسجد فلا حرج ومن ذلك المعتكف، وكذلك مالا يستدام كبيتوتة الضيف الذى لا أهل له. والمريض والمسافر والفقير الذى لا بيت له، ومن يشرف على المسجد من نظافة وخدمة وأذان وإمامة إذا لم تكن لهم بيوت خاصة. وعلى هذا الحكم جمهور العلماء، وإن كان ابن مسعود كره النوم فى المسجد مطلقا، وسئل ابن عباس عن المبيت بالمسجد فقال: إن كان لحاجة كالغريب الذى لا أهل له أو الفقير الذى لا بيت له إذا كان يبيت بمقدار الحاجة ثم ينتقل فلا بأس وأما من اتخذه مبيتا ومقيلا فينهى عن ذلك، والإمام مالك أباح النوم فى المسجد لمن ليس له مسكن، أما من له مسكن فيكره نومه فى المسجد. والخلاصة أن النوم فى المسجد ليس بحرام، ولكنه مكروه لغير حاجة، فإن كانت هناك حاجة سواء أكانت دائمة أو مؤقتة فلا كراهة "غذاء الألباب للسفارينى ج 2 ص 257 ". موضوع (396) المساجد التى بها أضرحة. سئل: ما هو رأى الدين فى المساجد التى بها أضرحة؟ أجاب: يوجد فى العمارة الإسلامية ما يسمى بالأضرحة، جمع ضريح، وهو الشق فى وسط القبر، وعرف بهذا الاسم إذا دفن فيه شخص له مكانة دينية أو علمية أو غيرهما من القيم، واتخذت الأضرحة شكلاً معينا من البناء تعلوه قبة، وكثرت فى مصر فى عهد الفاطميين الذين أقاموا كثيرا منها لآل البيت وكبار رجال الدولة، وعرفت بالمشاهد أسوة بما أطلق على أضرحة الأئمة العلويين، ثم جاءت الدولة الأيوبية وأقامت مثلها لكبار الرجال من أهل السنة، كان من أكبرها ضريح الإمام الشافعى المتوفى سنة 204 هـ والذى أقامته أم السلطان الكامل سنة 608 هـ، ثم أصبحت القاعدة بعد ذلك إلحاق القباب بالمدارس والمساجد والخانقاوات. وأول قبة على ضريح فى تاريخ الإسلام هى قبة الصليبية فى مدينة "سمارا" بالعراق على الضفة الغربية من نهر دجلة، وأنشئت سنة 284 هـ ومن أقدمها ضريح الإمام على فى النجف الذى أقامه الحمدانيون سنة 317 هـ[مساجد مصر وأولياؤها للدكتورة سعاد ماهر] . 2- والمسجد كل مكان يسجد فيه للصلاة، ثم أطلق على المكان الذى يتقرب إلى الله فيه بالعبادة، وفيما قبل الإسلام كانت العبادات لا تؤدى إلا فى أماكن خاصة اختار لها الناس مكانا محترما عندهم، كالمكان الذى يدفن فيه الأنبياء والصالحون، أما فى الإسلام فإن العبادات وعلى رأسها الصلاة تؤدى فى أى مكان من الأرض، اللهم إلا ما كان من عبادة الحج فلها أماكن خاصة يقصدها المسلمون من كل فج عميق عند الاستطاعة، صح فى الحديث الذى فضل الله فيه سيدنا محمدا على الأنبياء السابقين أن اللَّه جعل له الأرض كلها مسجدا وترابها طهورا. لقد تحدث القرآن الكريم عن أهل الكهف الذين كانوا قبل الإسلام، بأن من عثروا عليهم بنوا مسجدا على قبورهم كما قال تعالى {فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا} الكهف: 21، وصح فى البخارى ومسلم "مسلم ج 5 ص 11 " أن أم حبيبة وأم سلمة- وكانتا من المهاجرين إلى الحبشة - ذكرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها فى الحبشة فيها تصاوير للرسول، فقال "إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند اللَّه يوم القيامة" وجاء فى صحيح مسلم عن عائشة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال فى مرضه الأخير "لعن اللَّه اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" قالت عائشة: فلولا ذلك أُبرز قبره، غير أنه خشى أن يتخذ مسجدا. وفى بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك قبل أن يموت بخمس كما قاله جُنْدَب، ولما احتاج الصحابة إلى الزيادة فى مسجده وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه، ومنها حجرة عائشة مدفن الرسول وصاحبيه أبى بكر وعمر -بنوا على القبر حيطانا مرتفعة مستديرة حوله، لئلا يظهر فى المسجد فيصلى إليه العوام، ويؤدى المحذور، ثم بنوا جدارين من ركنى القبر الشماليين حتى التقيا، حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبر. 3- يؤخذ من هذا أن الإسلام لا يوافق على ما فعله اليهود والنصارى من بناء المساجد على القبور، واتخاذها أماكن للعبادة، واتخاذ القبر مسجدا يصور بصورتين: جعل مكان السجود على القبر ذاته، أو جعل القبر أمام المصلى ليتجه إليه بالعبادة، وبذلك يفسر قول النبى صلى الله عليه وسلم كما رواه مسلم "لا تصلوا على القبور ولا تجلسوا عليها" وللحيلولة دون تقديس القبور وأصحابها بالصلاة عليها أمر النبى صلى الله عليه وسلم بعدم البناء على القبور أو رفعها، ففى صحيح مسلم عن على رضى اللَّه عنه أن الرسول قال له لما بعثه "ولا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته، ولا صورة إلا طمستها " يقول القرطبى فى تفسيره "ج 10 ص 379" قال علماؤنا: ظاهره منع تسنيم القبور ورفعها وأن تكون لاطئة بالأرض، أى لاصقة، وبه قال بعض أهل العلم، وذهب الجمهور إلى أن هذا الارتفاع المأمور بإزالته هو ما زاد على التسنيم، ويبقى للقبر ما يعرف به ويحترم، وذلك صفة قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضى الله عنهما، على ما ذكره مالك فى الموطأ، وقبر أبينا آدم على ما رواه الدارقطنى من حديث ابن عباس، وأما تعلية البناء الكثيرة على ما كانت تفعله الجاهلية تفخيما وتعظيما فذلك يهدم ويزال، فالزيادة حرام، والتسنيم فى القبر ارتفاعه قدر شبر، مأخوذ من سنام البعير [يراجع نيل الأوطار للشوكانى ج 4 ص 89] . ومما ورد فى النهى عن اتخاذها مساجد قول ابن عباس رضى الله عنهما: لعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج، رواه أبو داود والترمذى وحسنه، قال القرطبى: قال علماؤنا: هذا يحرِّم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد، وروى الأئمة عن أبى مرثد الغنوى أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لاتصلوا على القبور ولا تجلسوا عليها". 4- ومن احتياطات العلماء لعدم الصلاة على المقابر نهوا عن الدفن فى المساجد أو عمل مسجد على القبر، قال النووى فى شرح المهذب ص 316 ما نصه: اتفقت نصوص الشافعى والأصحاب على كراهة بناء مسجد على القبر، سواء أكان الميت مشهورا بالصلاح أو غيره، لعموم الأحاديث، قال الشافعى والأصحاب: تكره الصلاة إلى القبور، سواء كان الميت صالحا أو غيره، قال الحافظ أبو موسى: قال الإمام الزعفرانى رحمه اللَّه: ولا يصلى إلى قبر ولا عنده تبركا ولا إعظاما، للأحاديث. وأفتى ابن تيمية بأنه لا يجوز دفن ميت فى مسجد، فإن كان المسجد قبل الدفن غُيِّر إما بتسوية القبر، وإما بنبشه إن كان جديدا، وقال: لا يجتمع فى دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه وكان الحكم للسابق، كما نقله عنه ابن القيم فى زاد المعاد [فتوى الشيخ عبد المجيد سليم سنة 1940 م -الفتاوى الإسلامية ج 2 ص 650] . حكم الصلاة فى المسجد الذى فيه قبر: إذا كان القبر فى مكان منعزل عن المسجد أى لا يصلى فيه، فالصلاة فى المسجد الذى يجاوره صحيحة ولا حرمة ولا كراهة فيها أما إذا كان القبر فى داخل المسجد، فإن الصلاة باطلة ومحرمة على مذهب أحمد بن حنبل، جائزة وصحيحة عند الأئمة الثلاثة، غاية الأمر أنهم قالوا: يكره أن يكون القبر أمام المصلى، لما فيه من التشبه بالصلاة إليه، لكن إذا قصد بالصلاة أمام القبر تقديسه واحترامه كان ذلك حراما وربما أدى إلى الشرك، فليكن القبر خلفه أو عن يمينه أو عن يساره (9/31) ________________________________________ العطاس فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز للإنسان إذا عطس وهو يصلى أن يقول: الحمد لله، وإذا عطس غيره، هل يقول له: يرحمك الله؟
الجواب العطاس أمر قهرى فى الغالب لا يتحكم فيه الإنسان، وهو نعمة يسن حمد الله عليها، حتى لو كان فى الصلاة، ويسمع نفسه بالحمد كما قال النووى فى كتابه "الأذكار" وذلك على مذهب الإمام الشافعى، وبالتالى لا تبطل الصلاة بالحمد، فهى كلها موضع لذكر الله، وقال النووى: لأصحاب مالك ثلاثة أقوال، أحدها هذا، واختاره ابن العربى، والثانى يحمد فى نفسه، والثالث قال سحنون، لا يحمد جهرا ولا فى نفسه. وأما أحكام العطاس خارج الصلاة فلها موضع آخر، ويمكن الرجوع إليه فى كتاب "غذاء الألباب " للسفارينى ج 1 ص 383. 2 -روى البخارى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله. فإذا قال له: يرحمك الله فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم " وهذا خارج الصلاة، أما فى أثناء الصلاة فلا يسن تشميته، وإن شمته بطلت صلاته عند جمهور الفقهاء، سواء قال: "يرحمك الله " أو "يرحمه الله " أو " يرحمنا الله " والشافعى يبطل الصلاة إذا كان التشميت بكاف الخطاب، أى بالصيغة الأولى من هذه الصيغ الثلاثة، ولا تبطل بالصيغتين الأخريين، والأولى اتباع رأى الجمهور (9/32) ________________________________________ المسافر وصلاة الجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل تجب صلاة الجمعة على المسافر؟
الجواب من المعلوم أن صلاة الجمعة مفروضة بالكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} الجمعة: 9، وقال صلى الله عليه وسلم "لقد هممت أن آمر رجلا يصلى بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم "رواه مسلم. والإجماع قائم على الوجوب. وقد أعفى الله منها جماعة نص عليهم حديث رواه أبو داود، "الجمعة حق واجب على كل مسلم فى جماعة، إلا أربعة هم العبد المملوك والمرأة والصبى والمريض " وكما استثنى هؤلاء من وجوب صلاتها استثنى المسافر ما دام مسافرا حتى لو كان نازلا للاستراحة وقت إقامة الجمعة، إقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم الذى كان فى سفر فصلى الظهر والعصر جمع تقديم ولم يصل الجمعة، وكذلك فعل الخلفاء وغيرهم. ويستمر سقوطها عن المسافر ما دام مسافرا ولم يقطع سفره بالعودة إلى وطنه أو الإقامة أربعة أيام فأكثر عند الشافعية والحنابلة حيث لا يشترط عندهم الاستيطان الدائم إلا للانعقاد، وأوجبها المالكية على المستوطن المقيم بنية التأبيد، كما لا تصح إلا بذلك، فلو نزل جماعة كثيرة فى مكان نووا فيه الإقامة شهرا مثلا فلا تجب عليهم الجمعة ولا تصح منهم، والأحناف قالوا: الاستيطان ليس شرطا للوجوب، وإنما الشرط هو الإقامة ولو من مسافر خمسة عشر يوما. ومن هنا تحدَّث العلماء عن حكم السفر يوم الجمعة وهو الخروج من البلد حتى لو كان السفر قصيرا، وبينوا حكمه إن كان قبل طلوع الفجر أو بعده. ا - فقال الشافعية: إن كان سفره قبل الفجر فهو مكروه، وذلك لسقوط الجمعة عنه وضياعها منه دون وجود مبرر للسفر، وضربوا لذلك مثلا بالحصادين ونحوهم من العمال الذين يخرجون للعمل فى الحقول والمنشآت قبل الفجر فلا تجب عليهم الجمعة إلا إذا كانوا فى مكان يسمعون فيه النداء من بلدهم، وإن كان سفره بعد الفجر فهو حرام، إلا إذا ظن أنه يدركها فى طريقه أو كان السفر واجبا كالسفر للحج الذى ضاق وقته وخاف فوته، أو كان لضرورة كخوفه فوات رفقة يلحقه ضرر بفوتهم. 2 - وقال المالكية: يجوز السفر قبل الفجر، ويكره بعده إذا كان لا يدركها فى طريقه، فإن كان يدركها فلا كراهة. 3-وقال الحنابلة: يكره السفر قبل الفجر إذا لم يأت بها فى طريقه، ويحرم بعد الزوال إلا عند خوف الضرر كتخلفه عن الرفقة. 4 -وقال الحنفية: لا يكره السفر قبل الزوال. وهذا ما قاله العلماء فى حكم صلاة الجمعة بالنسبة للمسافر، وعن السفر فى هذا اليوم، يتلخص فى عدم وجوبها على المسافر الذى أنشأ السفر قبل يوم الجمعة حتى لو كان سفرا قصيرا، أما من أنشأ السفر بعد الفجر فأوجبها بعضهم ولم يوجبها البعض الآخر. وأرى الحرص عليها فى السفر حتى لو كانت غير واجبة، فثوابها عظيم، وهى إن سقطت عنه كمسافر فلا تسقط عنه صلاة الظهر فى السفر القصير أو الطويل، وعليه الصلاة قصرا أو جمعا إذا كان السفر طويلا كما هو مقرر فى الفقه (9/33) ________________________________________ قضاء الصلاة عن الميت
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز لأهل الميت الذى كان لا يواظب على الصلاة أن يصلوا عنه أو يعملوا ما يسمى بإسقاط الصلاة؟
الجواب الصلاة عبادة بدنية محضة، لم يرد نص خاص عن النبى صلى الله عليه وسلم بجواز قضائها عن الميت، والوارد هو عن بعض الصحابة، فقد روى البخارى أن ابن عمر رضى الله عنهما أمر امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء - يعنى ثم ماتت -فقال: صلى عنها وروى ابن أبى شيبة بسند صحيح أن امرأة قالت لابن عباس رضى الله عنهما: إن أمها نذرت مشيا إلى مسجد قباء، أى للصلاة، فأفتى ابنتها أن تمشى لها، وأخرجه مالك فى الموطأ أيضا. والصلاة المرادة هنا صلاة نفل نذر أداؤها فى قباء فوجبت ولزمت، ومن هنا رأى بعض العلماء جواز قضاء الصلاة عن الميت، سواء أكانت مفروضة أصلا أم منذورة. لكن الجمهور قال بعدم جواز قضاء المفروضة. نقل ابن بطال الإجماع على ذلك، ومع عدم التسليم بهذا الإجماع، فإن الجمهور رد استدلال القول المجيز للقضاء بأن النقل عن ابن عمر وابن عباس مختلف: فقد جاء فى موطأ مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يصلى أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد، وأخرج النسائى عن ابن عباس مثل ذلك القول. ولكن لعل المنع فى حق غير المنذورة. وقال الحافظ: يمكن الجمع بين النقلين بجعل جواز القضاء فى حق من مات وجعل النفى فى حق الحى (نيل الأوطار ج 9 ص 155) وبهذا يعلم أن ما يعمله بعض الناس مما يسمى بإسقاط الصلاة عن الميت غير مشروع، والواقع أن الله سبحانه وتعالى جعل أداء الصلاة من اليسر بحيث تصح بأية كيفية من الكيفيات عند العجز، حتى أنه لم يسقطها عن المجاهد وهو فى ساحة القتال أثناء المعركة، وعن المقيد بالأغلال، واكتفى بما يستطاع ولو بالإيماء. قول الجمهور بعدم جواز قضائها عن الميت هو المختار للفتوى، ولا يصح غيره، حتى لا يكون هناك تهاون بعمود الدين. أما حكم الصلاة للميت فقد جاء فى رواية الدارقطنى "أن من البر بعد الموت أن تصلى لهما-للوالدين -مع صلاتك - وأن تصوم لهما مع صيامك " وذلك فى النوافل المهداة لا فى الفروض من حيث القضاء، وسيبين ذلك فى صلة الأحياء بالأموات وانتفاع الميت بما يهديه الحى إليه من قُربٍ (9/34) ________________________________________ صلاة الاستخارة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هى صلاة الاستخارة وعدد ركعاتها والدعاء الخاص بها؟
الجواب صلاَة الاستخارة ركعتان، والدعاء الذى يقال بعدها جاء فى الحديث الذى رواه البخارى عن جابر رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " يعلمنا الاستخارة فى الأمور كلها كالسورة من القرآن يقول "إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إنى أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، إنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى- أو قال عاجل أمرى واَجله - فاقدره لى ويسره لى، ثم بارك لى فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى - أو قال عاجل أمرى وآجله - فاصرفه عنى واصرفنى عنه، واقدر لى الخير حيث كان، ثم رضنى به " قال ويسمى حاجته: يعنى يقول بدل عبارة -أن هذا الأمر-يعين هذا الأمر مثل السفر أو الزواج ونحو ذلك. وسيحس بأمور وعلامات يدرك بها النتيجة، إما أن يكون ذلك بعد الانتهاء من الصلاة والدعاء فى حال اليقظة أو برؤيا منامية، وربما تتأخر العلامات بعض الوقت، فإن لم ير شيئا من ذلك يكرر الصلاة ويحاول أن يؤديها تامة وبخشوع، وكذلك الدعاء يكون بتضرع وحضور ذهن، فقبول الصلاة والدعاء وترتب آثارهما مرتبط بذلك. قال تعالى بعد ذكر أيوب وذى النون وزكريا ودعائهم الذى استجابه الله لهم {إنهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} الأنبياء: 90، والمسارعة فى الخيرات تستلزم الطاعة والحرص عليها والتسابق إليها، والبعد عن كل ما حرَّم الله، وبالتالى لا تقبل صلاة الاستخارة ولا دعاؤها من المقصر فى حق الله ولا يعرفه إلا عندما يحتاج إليه ليعرفه المشروع الذى يقدم عليه إن كان خير أو شرا، ومن المقرر أن اللقمة من الحرام فى بطن الإنسان تمنع قبول الدعاء، كما صح فى حديث رواه مسلم. هذا، وصلاة الاستخارة تؤدى فى غير الأوقات التى تكره فيها الصلاة وأنسب الأوقات لها بعد منتصف الليل، فالدعاء يكون أقرب إلى الإجابة. ويسن أن يبدأه بحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، ويختمه بالصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم ولا تتعين قراءة بعد الفاتحة، مع مراعاة أن الاستخارة لا تكون إلا فى الأمور المباحة، أما الواجبات والمندوبات فلا استخارة فى عملهما، وكذلك المحرمات والمكروهات لأن المطلوب تركها، ومع مراعاة أن قلب الإنسان إذا مال إلى فعل الشيء أو الانصراف عنه قبل صلاة الاستخارة فلا معنى لهذه الصلاة، بل ينبغى ترك الاختيار لله سبحانه ويصلى من أجل ذلك. وهذه الصلاة تغنينا عما يتورط فيه بعض الناس من قراءة الكف وضرب الرمل والوسائل الأخرى التى حذر الإسلام منها، أو لم يشرعها، فالعلم الحقيقى عند الله سبحانه والدعاء مع العبادات خير وسيلة لمساعدة الإنسان على ما يريد. مع مراعاة أن الدعاء الذي تسبقه الصلاة قد يستجاب وقد يرد، والمدار هو على إتقان الصلاة والدعاء مع توافر عامل الخشوع والرهبة والرغبة، ومع كون العبد مطيعا لله قريبا منه بعيدًا عن المعاصى وبخاصة أكل الحرام الذى يحول دون قبول الدعاء، ولا يلزم أن يرى الإنسان بعدها رؤيا منامية، فقد يحصل القبول أو النفور بدونها (9/35) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الخميس 18 يناير 2024, 7:45 pm | |
| ترجمة القرآن فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل تجوز قراءة القرآن مترجما فى الصلاة؟
الجواب من المعلوم أن قراءة شيء من القرآن فى الصلاة ركن من أركانها لا تصح بدونه، وقد حدد جمهور الفقهاء هذا الركن بقراءة الفاتحة، لعدة نصوص منها قوله صلى الله عليه وسلم "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " رواه الجماعة وقوله " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن -وفى رواية بفاتحة الكتاب - فهى خِدَاج، هى خداج غير تمام " رواه البخارى ومسلم. وإلى جوار هذا الركن تسن القراءة لما تيسر من القرآن بعد الفاتحة فى الركعتين الأوليين، وقال العلماء: لابد أن تكون القراءة باللغة العربية لمن قدر عليها، فإن عجز عن القراءة باللغة العربية فلا يجوز أن يقرأها مترجمة بلغة أخرى، فلو فعل ذلك بطلت صلاته عند جمهور الفقهاء، يقول النووى فى "المجموع " ترجمة القرآن ليست قرآنا بإجماع المسلمين، ومحاولة التدليل لها تكلف، فليس أحد يخالف فى أن المتكلم بمعنى القرآن بالهندية ليس قرآنا، وليس ما لفظ به قرآنا، ومن خالف فى هذا كان مراغما جاحدا، وتفسير شعر امرئ القيس ليس بشعره، فكيف تفسير القرآن يكون قرآنا؟ ولا خلاف فى أن القرآن معجز، وليست الترجمة معجزة، مجلة الأزهر- المجلد السابع ص 129. ونقل عن أبى حنيفة جواز القراءة بالترجمة فى الصلاة لمن كان قادرا على القراءة باللغة العربية أو غير قادر. مستدلا ببعض آيات ليست نصًا فى المدعى، ولا داعى لذكرها، وبأن سلمان الفارسى كتب لأهل الفرس - الفاتحة -بالفارسة فكانوا يقرؤون بها حتى لانت ألسنتهم للعربية وبعدما كتب لهم ذلك عرضه على النبى صلى الله عليه وسلم فأقره ووجهوا كلام أبى حنيفة بأن القراءة بالفارسية لمن يحسن العربية للرخصة، ولمن لا يحسنها للعذر، ولكن الإمامين محمدا وأبا يوسف لا يجيزان القراءة بها فى الصلاة إلا للمعذور فقط، لأن القرآن معجز باللفظ والمعنى، فإذا قدر عليهما لا يتأدى الواجب بغيرهما، وإن عجز عن النظم أتى بما يقدر عليه وهو المعنى كمن عجز عن الركوع والسجود يصلى بالإيماء. وقال المحققون: أن أبا حنيفة رجع عن رأيه، فلم يجز القراءة بغير العربية، إلا لمن عجز عنها. وممن نقل رجوعه أبو بكر الرازى ونوح بن مريم وعلى بن الجعد. وقال أيضا: إن خبر سلمان مطعون بأنه لم يخرِّجه كبار رجال الحديث مع أهميته، وأن هناك اختلافا فى بعض رواياته بالزيادة والنقص، لأن النووى ذكره فى المجموع دون قراءتهم بالترجمة فى الصلاة. وعلى هذا فلا يكون عند الأحناف إلا قول واحد، وهو جواز قراءة القرآن بغير العربية فى الصلاة للعاجز عن العربية، أما القادر عليها فلا يجوز له باتفاق الفقهاء. يقول الشيخ محمود أبو دقيقة: إن الأئمة الأربعة اتفقوا على أن القادر على العربية إذا قرأ بغيرها فى الصلاة فسدت صلاته، وعلى أن العاجز عنها إذا قرأ بغيرها ما كان قصة أو أمرا أو نهيا فسدت صلاته، لأن ما أتى به ليس قرآنا وهو من كلام الناس فيفسد الصلاة، ولم يختلفوا إلا فيما إذا كان المقروء ذكرا أو تنزيها فالأئمة الثلاثة قالوا بفساد الصلاة وأبو حنيفة وأصحابه قالوا بجواز الصلاة، لأن العاجز عن العربية حكمه حكم الأمى فلا قراءة عليه، وإذا أتى بذكر بأى لغة لا تفسد صلاته، فكذلك من كان فى حكمه "مجلة الأزهر-المجلد الثالث ص 34" (9/36) ________________________________________ وقت الفجر
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يقول بعض الناس: إن الفجر الكاذب هو المدون توقيته بالنتائج، أما الفجر الصادق فهو بعده بعشر دقائق أو عشرين دقيقة، ولذلك لا يصلون الصبح ولا يمسكون عن الطعام فى الصيام إلا بعد طلوع هذا الفجر فما حكم الشرع فى ذلك؟
الجواب مبدئيا: نقول: هناك فجر كاذب وفجر صادق، فقد روى مسلم عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يمنعن أحدا منكم أذان بلال - أو قال نداء بلال - من سحوره، فإنه يؤذن - أو قال ينادى بليل - ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم " وقال "إن الفجر ليس الذى يقول هكذا - وجمع أصابعه ثم نكسها إلى الأرض - ولكن الذى يقول هكذا ... " ووضع المسبحة على المسبحة، ومد يده. وجاء توضيح ذلك بقوله "هو المعترض وليس بالمستطيل " وبقوله "لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا" يعنى معترضا. إن تعيين الفجر الصادق والكاذب تعيينا مستمدا من الحديث النبوى والأرصاد الحديثة قام به المختصون، وانتهوا إلى أن الفجر الصادق هو الذى يرفع له الأذان، ولا بد من اتباع ذلك ما لم يظهر شيء آخر يقوم على حقائق علمية وأرصاد يقينية صحيحة. والكلام الذى جاء فى السؤال حدث منذ سنوات قليلة، ولعل من قالوا به قرؤوا ما جاء فى تفسير القرطبى "ج 2 ص 319" من أن طائفة قالت: إن حل الصلاة تحريم الطعام يكون بعد طلوع الفجر وتبينه فى الطرق والبيوت، وروى ذلك عن عمر وحذيفة وابن عباس وطلق بن على وعطاء بن أبى رباح. وروى النسائى عن عاصم عن زر قال: قلنا لحذيفة: أى ساعة تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع. وقال أبو داود: هذا مما تفرد به أهل اليمامة: قال الطبرى: والذى دعاهم إلى هذا أن الصوم إنما هو فى النهار، والنهار عندهم من طلوع الشمس، وآخره غروبها. هذا وقد صدرت فتوى من دار الإفتاء المصرية بتاريخ 22 من نوفمبر 1981 م بما نصه: إن الحساب الفلكى لمواقيت الصلاة الذى تصدره هيئة المساحة المصرية عُرِضَ على لجنة متخصصة من رجال الفلك والشريعة فانتهت إلى أن الأسلوب المتبع فى حساب مواقيت الصلاة فى جمهورية مصر العربية يتفق من الناحية الشرعية والفلكية مع رأى قدامى علماء الفلك من المسلمين. واستيثاقا لذلك ستشكل لجنة أخرى لمتابعة البحث، وقرر المفتى الالتزام بالمواقيت المذكورة، لأنها موافقة لما جاء فى الأحاديث التى رواها أصحاب السنن مما علمه جبريل للنبى صلى الله عليه وسلم وأمر المفتى من يقولون فى الدين بغير علم أن يتقوا الله حتى لا يضلوا الناس فى دينهم، وألا يلبسوا الدين بأغراض أخرى يبتغونها، فالحق أحق أن يتبع "الفتاوى الإسلامية ج 8 ص 2733 " (9/37) ________________________________________ ترك العمل لصلاة الجماعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما رأى الدين فى العمال الذين يتركون أعمالهم ليصلوا الظهر جماعة؟
الجواب لا شك أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد، وأن الصلاة فى أول الوقت أفضل من الصلاة في غيره، فيسن للإنسان أن يبادر بالصلاة فى أول وقتها، وأن يصليها فى جماعة. وذلك إذا لم يكن مرتبطا بعمل آخر له أهميته، ولو تركه لفسد العمل أو نقص أثره نقصا واضحا، وهذا فى عمله أما عمله لغيره فلا يحل له أن يتركه لهذه الفضيلة التى لا عقاب على تركها إلا إذا أذن له صاحب العمل لأن أداء العمل لقاء أجر عقد واجب التنفيذ لا يجوز التقصير فيه، أما الجماعة وأول الوقت فسنة، والواجب مقدم على السنة، فإذا سمح صاحب العمل فى فسحة من أجل الصلاة جاز ذلك، على ألا يساء استعمال هذه الفسحة، فتتخذ وسيلة إلى التزويغ أو قضاء مصالح أو غير ذلك أكثر من الصلاة. والنبى صلى الله عليه وسلم حينما حدد جبريل له أوقات الصلاة - صلى به فى أول الوقت، ثم صلى ثانيا فى آخر الوقت وقال "الوقت ما بين هذين الوقتين " وذلك من باب التيسير، فإذا كان الإنسان حرا غير مرتبط بعمل لغيره فمن السنة المبادرة بالصلاة جماعة فى أول وقتها، أما إذا كان مرتبطا فيتوقف ذلك على إذن صاحب العمل. وأعتقد أن أصحاب الأعمال المسلمين لا يمنعون أحدا من ذلك، فالمتدين سيحافظ على العمل ويتقنه ولا يتهاون فيه، غير أنه - كما قلت - لا ينبغى إساءة استعمال هذا الإذن، فالعمل نفسه طاعة لله ما دامت النية فيه طيبة، وليتعاون أرباب العمل مع العمال على المصلحة المشتركة. هذا كله ما دام فى الوقت متسع، أما إذا ضاق الوقت وخيف أن تفوت الصلاة وجب ترك العمل من أجل إدراك الصلاة، ولا يتوقف ذلك على إذن صاحب العمل، فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق. ولو فرض أن صاحب العمل شديد لا يسمح لأحد بترك العمل لأجل الصلاة، وإن تركه عاقبه عقوبة تؤثر تأثيرًا شديدا على العامل فيجوز له أن يجمع فرضين بعضهما مع بعض يصليهما بعد الانتهاء من العمل، الظهر مع العصر، أو المغرب مع العشاء كما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل (9/38) ________________________________________ صفوف الجماعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نرجو توضيح النصوص الواردة فى فضيلة الصفوف الأولى للرجال والصفوف الأخيرة للنساء فى صلاة الجماعة؟
الجواب روى البخارى وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها" وروى البخارى وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لو يعلم الناس ما فى الأذان والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" أى لو يعلم الناس ثواب الصف الأول لحكَّموا القرعة بينهم عند كثرة من يرغبون فيه. وروى مسلم وغيره أنه قال "ألا تصفُّون كما تصف الملائكة عند ربها"؟ قلنا: يا رسول الله كيف تصف الملائكة عند ربها؟ فقال " يتمون الصف الأول ويتراصون فى الصف " وروى أحمد بإسناد جيد أنه قال " إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول " وصلاة الله رحمة وصلاة الملائكة استغفار، وروى مسلم وغيره أنه قال "ليَلنى منكم أولوا الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم " وروى أحمد وأبو داود عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يليه المهاجرون والأنصار ليأخذوا عنه. تدل هذه الأحاديث على فضل الصفوف الأولى للرجال فى صلاة الجماعة، وعلى فضل الصفوف الأخيرة للنساء، وعلى أفضلية الصف الأول من هذه الصفوف، وعلى أفضلية أن تكون الصفوف الأولى من ذوى العقول المستنيرة والمتفقهين فى الدين. والحكمة فى كون هؤلاء أولى بالصفوف الأولى تظهر فى أمور، منها أنهم أقدر على الأخذ والفهم لما يقوله الرسول ويفعله، وأقدر على تعليم غيرهم ما تعلموه منه، وأنهم يستطيعون تنبيهه إذا حدث ما يدعو إلى التنبيه، أو الفتح عليه عند التوقف عن القراءة وأنهم أولى بالإمامة إذا أراد استخلاف أحد لعذر من الأعذار. والحكمة فى جعل النساء فى الصفوف الخلفية تظهر فى أمور، منها: ا - أن المرأة ليست فى مستوى الرجال وبخاصة أولوا الأحلام والنهى فيما يتميزون به مما سبق ذكره. 2 -أن تقدمها أمام الرجال فيه صورة إمامتها لهم، وهى ممنوعة باتفاق الأئمة. 3- أنها تشغل الرجال عن الخشوع فى الصلاة بمجرد وجودها أمامهم، وذلك أمر طبيعي وعند ركوعها وسجودها يكون الانشغال أشد، وهو ما يفسر به حديث قطع المرأة للصلاة إذا مرت أمام المصلى عند جمهور الفقهاء. 4 -ألا تختلط صفوف الرجال بالنساء إذا تخللن صفوفهم فيكون انصرافهن بعد انتهاء الصلاة أيسر، وكان من المأثور أن النبى صلى الله عليه وسلم كان لا ينصرف عقب الصلاة مباشرة بل ينتظر هو وأصحابه حتى ينصرف النساء أولا. هذا، وكان من المتبع فى ترتيب الصفوف فى الجماعة أن يكون الرجال فى الصفوف الأولى ثم يليهم الصبيان ثم يليهم النساء، كما رواه أحمد. وتوسط الصبيان فيه شدة حيطة من انشغال الرجال بالنساء، فمن الجائز أن بعض من فى الصف الذى يليه صف النساء إذا ركع لمح بنظره بعض النساء، ولا شك أن الخشوع فى الصلاة أساس قبولها كما قال تعالى {قد أفلح المؤمنون. الذين هم فى صلاتهم خاشعون} المؤمنون: 1، 2 (9/39) ________________________________________ صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ورد سؤال من مدينة سعرت بتركيا يقول: فى مدينتنا تؤدى فريضة الظهر جماعة بعد أداء صلاة الجمعة. فهل هذا من الدين؟
الجواب المعروف أن صلاة الجمعة بدل من صلاة الظهر، فلو أديت الجمعة على وجهها الصحيح أغنت عن صلاة الظهر، وإذا لم تؤد، أو أديت على غير وجهها الصحيح وجبت صلاة الظهر. والأصل أن تقام جمعة واحدة فى مكان واحد، لسماع الخطبة الموحَّدة من الإمام حيث يستمعون إلى نصائحه وتوجيهاته، وتبلغهم دعوة الدين فلا يكون لهم عذر فى التقصير. وكان العمل على ذلك أيام الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين فى المدينة، حيث كان المسجد النبوى يسع المصلين، وحيث كان الخليفة هو الذى يؤمهم ويخطبهم، ولما اتسع العمران وانتشر المسلمون وضاق المسجد الجامع فى الأمصار عن استيعاب كل المصلين أقيمت جمعة أخرى فى مسجد آخر، وهنا اختلف العلماء فى هذا الوضع، هل هو جائز أو لا وإذا جاز هل صحت الجمعتان أو صحت جمعة واحدة؟ وعلى فرض صحتهما أو صحة إحداهما هل هناك محل لصلاة الظهر أو لا؟ جاء فى كتاب "الفقه على المذاهب الأربعة" الذي أخرجته وزارة الأوقاف المصرية ما يأتى: 1- الحنفية قالوا: تصح إقامة الجمعة فى مواضع كثيرة فى المصر أو فى فنائه على الأصح، فتعدد الجمعة فى المساجد لا يضر، ولو سبق أحدها الآخر فى الصلاة على الصحيح. إلا أن الأحوط أن يصلى أربع ركعات بنية آخر ظهر، والأفضل أن يصليها فى منزله حتى لا يعتقد العامة فرضيتها، فإن تيقن أنه سُبِق بالصلاة فى مسجد آخر كانت هذه الصلاة واجبة، وإن شك كانت هذه الصلاة مندوبة. 2 - والشافعية قالوا: إن تعددت الجمعة لحاجة كضيق المسجد الواحد عن استيعاب عدد المصلين فكلها صحيحة، وتسن مع ذلك صلاة الظهر ولا تجب، أما إن تعددت الجمعة لغير حاجة، فإن تيقن سبق واحدة صحت وبطل غيرها، وعلى من بطلت صلاتهم أن يصلوها ظهَرا إن لم يمكنهم أداؤها خلف الجمعة السابقة - والعبرة فى السبق بتكبيرة الإحرام، وإن تيقن أن الجمع كلها متقارنة ليس فيها سبق واحدة على الأخرى بطلت الجُمَعُ كلها، ويجب عليهم الاجتماع لإعادتها إن أمكن، وإلا صلوها ظهرا وكذلك الحكم لو حصل الشك فى السبق والمقارنة. . 3- والمالكية قالوا: لا تصح الجمعة إلا فى الجامع القديم، وتصح فى المسجد الجديد الذى ينشأ بعد القديم بشرط ألا يُهجر القديم، وأن تكون هناك حاجة لبناء هذا المسجد الجديد، كضيق القديم وعدم إمكان توسعته وكعداوة فى ناحيتين من البلد يخشى من اجتماع الناس فى مسجد واحد أن تكون فتنة، وكذلك تصح فى المسجد الجديد إن حكم الحاكم بصحتها فيه، ولو اختل شرط بطلت الجمعة ووجبت صلاة الظهر. 4 - والحنابلة قالوا مثل ما قال الشافعية أو قريبا منه. وعلى هذا لو تعددت الجمعة لحاجة فهى صحيحة، ومع ذلك قال الحنفية: الأحوط صلاة الظهر بعدها فى المنزل، وقال الشافعية: تسن صلاة الظهر. ولم يقل أحد تبطل صلاة الظهر وتحرم فى هذه الحالة، فمن شاء صلاها ومن شاء تركها. هذا هو ما فى كتب الفقه، وهو اجتهاد غير منصوص عليه فى قرآن أو سنة، فمتى صحت الجمعة بالشروط المنصوص عليها فى القرآن والسنة وما تركه الخلفاء الراشدون فلا تجب صلاة الظهر عند تعدد الجمعة ولا عند عدم تعددها (9/40) ________________________________________ صلاة الاستخارة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال كيف تؤدى صلاة الاستخارة، وما دعاؤها؟
الجواب صلاة الاستخارة ركعتان يُدْعَى بعدهما بالدعاء الذى جاء فى حديث البخارى عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة فى الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول " إذا هَمَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إنى أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى- أو قال عاجل أمرى وآجله - فاقدره لى ويسره لى ثم بارك لى فيه -وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى- أو قال عاجل أمرى واجله - فاصرفه عنى واصرفنى عنه، واقدر لى الخير حيث كان ثم رضِّنى به " قال: ويسمى حاجته. يعنى يقول مثلا: إن كنت تعلم أن زواجى من فلانة. . . أو سفرى إلى بلد كذا. . . أو التحاقى بكلية كذا. . . والركعتان عاديتان ليس فيهما سور مخصوصة، وقال العلماء: يستحب قراءة " قل يا آيها الكافرون " فى الركعة الأولى، وفى الثانية "قل هو الله أحد". قال النووى فى كتابه " الأذكار": وإذا استخار مضى بعدها لما ينشرح له صدره، وينبغى ألا يعتمد على انشراح كان فيه هوى قبل الاستخارة، وإنما يترك اختياره رأسا. وإلا فلا يكون مستخيرًا لله. بل يكون غير صادق فى طلب الخيرة وفى التبرى من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى، فإذا صدق فى ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن اختياره لنفسه. مع مراعاة أن الدعاء الذى تسبقه الصلاة قد يستجاب وقد يردُ، والمدار هو على إتقان الصلاة والدعاء مع توافر عامل الخشوع والرهبة والرغبة، ومع كون العبد مطيعا قريبا منه، بعيدا عن المعاصى وبخاصة أكل الحرام الذى يحول دون قبول الدعاء. ولا يلزم أن يرى الإنسان بعدها رؤيا منامية، فقد يحصل القبول أو النفور بدونها (9/41) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الخميس 18 يناير 2024, 7:46 pm | |
| سجدة التلاوة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال حين يقرأ الإنسان القرآن ثم تصادفه آية فيها كلمة السجود، هل يترك المصحف ويقوم ليسجد، أم يفعل ذلك بعد الانتهاء من قراءة القرآن؟
الجواب من قرأ آية فيها سجدة أو سمعها يستحب له أن يسجد للتلاوة، ولو لم يسجد لا عقوبة عليه،وأوجبها أبو حنيفة فلو تركها عوقب عليها. ويرى جمهور الفقهاء أن السجود يكون عقب قراءة الآية مباشرة أو عقب سماعها، فإن أخَّر السجود وطال الفصل سقطت السجدة ولا تقضى، وإن كان الفصل قليلا شرعت السجدة. ومن هذا يعلم أن القارئ إذا وصل إلى آية السجدة وقرأها يترك المصحف أو القراءة ويسجد، ثم بعد ذلك يتم قراءته إذا أراد، ويدل عليه ما جاء فى البخارى أن عمر رضى الله عنه قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النحل، حتى جاء السجدة-يعنى الآية التى فيها السجدة رقم 49 -فنزل وسجد وسجد الناس حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة قال: يا أيها الناس، إنا لم نؤمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه. هذا، ويشترط لسجود التلاوة ما يشترط للصلاة، من الطهارة واستقبال القبلة وستر العورة، وذلك ما رآه جمهور الفقهاء. وكان ابن عمر يسجد بدون وضوء كما رواه البخارى ولم يوافقه عليه إلا الشعبى كما قال صاحب الفتح، أما الطهارة من الجنابة فلازمة لأن القراءة بدونها ممنوعة. أما ما يقال فى سجود التلاوة من الذكر فلم يصح فيه إلا حديث رواه الخمسة إلا ابن ماجه. فعن عائشة رضى الله عنها قالت: كان رسول صلى الله عليه وسلم يقول فى سجود القرآن: سجد وجهى للذى خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، فتبارك الله أحسن الخالقين (9/42) ________________________________________ سجدة الشكر
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هى صلاة الشكر، وكيف تصلى؟
الجواب المشروع عند الجمهور هو سجود الشكر إذا حصل للإنسان نعمة ينبغى أن يشكر الله عليها، ومن مظاهر الشكر السجود لله سبحانه، وهو سجود واحد، فعن أبى بكرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسرّه أو بُشَر به خر ساجدًا شكرًا لله تعالى، رواه أبو داود وابن ماجه والترمذى وحسنه، كما روى البيهقى أنه سجد شكرًا لله عندما وصل خبر إسلام همدان. وروى أحمد والحاكم أنه سجد شكرًا لله عندما بشره جبريل بأن الله يصلى ويسلم على من يصلى ويسلم عليه. ويشترط لسجود الشكر ما يشترط لسجود الصلاة من طهارة واستقبال للقبلة وستر للعورة.. . وذلك عند جمهور الفقهاء، وهى تكبيرة مع النية ثم سجود ثم سلام. والمالكية قالوا: ليس هناك سجود للشكر، ولكن المستحب.هو صلاة ركعتين عند حدوث نعمة أو اندفاع نقمة. هذا، ولم يشترط بعض العلماء لسجود الشكر ما يشترط لسجود الصلاة، قال فى فتح العلام: وهو الأقرب. وقال الشوكانى: وليس فى أحاديث الباب ما يدل على اشتراط الوضوء وطهارة الثوب والمكان لسجود الشكر، وليس فيه ما يدل على التكبير، وقال بعضهم: يُكبِّر. ولا يكون سجود الشكر فى الصلاة أبدا (9/43) ________________________________________ الصلاة بين موسى ومحمد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال قرأنا فى بعض المجلات بمناسبة كلام موسى مع النبى حين أخبره بأن الصلاة فرضت عليه خمسين [أن موسى لم يكن وصيا على الرسول حتى يقول له ارجع إلى ربك اكثر من مرة، فهذا الحديث دخيل إسرائيلى يبين أن منزله موسى رفيعة، وأنه هو الذى وجّه نبيكم محمدا - عليه الصلاة والسلام - للتخفيف عنكم] فما رأى الدين فى ذلك؟
الجواب حديث الإسراء والمعراج رواه البخارى ومسلم وغيرهما، وهو بهذا فى أعلى درجات الصحة، وجاء فيه أن الله عندما فرض على النبى صلى الله عليه وسلم الصلاة خمسين أشار عليه سيدنا موسى أن يسأل ربه التخفيف، فخففت حتى صارت خمسا فى العمل وخمسين فى الأجر. ويجب أن يلاحظ أن هذا الحديث فى موضوع خارق للعادة وفوق مستوى العقل البشرى، ويجب التصديق به وعدم تكذيبه، كما عليه أكثر العلماء من أن الخبر يفيد العلم اليقينى إذا كان متواتراً، أو كان حديث آحاد ثبتت صحته. كما يلاحظ أن الواجب هو تصديق الخبر من هذا النوع بجملته، وإن ترك -وهذا ما لا يجوز-يترك كله، ولا يصدق بعضه ويرفض بعضه الآخر. إن فرض الصلاة ليلة الإسراء والمعراج على هذا النحو لم يعارض فيه أحد من شراح الحديث، وما جرؤ واحد منهم على أن يقول: إن تردد محمد صلى الله عليه وسلم بين ربه وموسى لسؤاله التخفيف -أمر دخيل على السنة وأنه من صنع اليهود ليثبتوا به الوصاية لموسى على محمد-بل إنهم آمنوا به إيمانا عميقا جعلهم يبنون على هذه الفقرة من الحديث قاعدة أصولية، وهى هل يجوز النسخ قبل الفعل أو لا يجوز؟ . ثم لماذا يقال: إن هذه الفقرة تسلل إسرائيلى لصالح اليهود، ولا يقال إنها ترتيب إلهى يسجل صورة من تمرد اليهود على موسى من ضمن صور التمرد، التى حدثت منهم، وهذا ما يدل عليه قول موسى للرسول عليه الصلاة والسلام فى الحديث "فإنى قد بلوت بنى إسرائيل وخبرتهم "يقول الشراح: أى علمت منهم عدم الوفاء بذلك مع قوة أجسادهم وطول أعمارهم فلم أجد لهم صبرا على ذلك فكيف حال أمتك. وقال القرطبى: الحكمة فى تخصيص موسى بمراجعة النبى صلى الله عليه وسلم فى أمر الصلوات يحتمل أن تكون لكون أمة موسى عليه السلام كلفت من الصلوات ما لم يكلف به غيرها من الأمم قبلها فثقلت عليهم، فأشفق موسى على أمة محمد من مثل ذلك، ويشير إليه قوله: إنى جربت الناس قبلك. "الزرقانى على المواهب اللدنية ج 6 ص 123 ". وهناك توضيحات كثيرة لهذه النقطة لم يجر فيها نقد لها أو مجرد شبهة أنها دخيل إسرائيلى. إن الأنبياء جميعا إخوة من علات أمهاتهم شتى ودينهم واحد كما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم، وليس بعيدا أن يشير أخ على أخيه بما يحقق له ولأمته المصلحة، ثم ماذا يقول من يرفضون هذه القطعة من الحديث خوفا أن يظن أن هناك وصاية من موسى على محمد فى تكريم محمد لموسى وعيسى ويونس وغيرهم من الأنبياء، وقد ثبت فى الحديث الصحيح قوله "وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم لأنه ليس بينى وبينه نبى" وقوله عن موسى "لا تخيرونى على موسى فان الناس يصعقون فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدرى أكان فيمن صعق فأفاق قبلى أم كان ممن استثنى الله " وقوله "ما ينبغى لعبد أن يقول: أنا خير من يونس" وماذا يقول فى قول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بعد ذكر الأنبياء فى سورة الأنعام: 90، {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} هل كانت لهم وصاية عليه صلى الله عليه وسلم؟ . ليس هناك وجه صحيح أبدا لرفض هذه المحادثة التى جرت بين موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، إن وجدنا فهما ممكنا وقريبا على وجه يبعد هذه الشبهة عن علاقة موسى بمحمد، وأخشى أن تتحكم بعض الأفهام فى النصوص الثابتة فترفضها لوجهة نظر قد غلبتها ظروف قائمة، مع أن مخارج الفهم الصحيح لها كثيرة، ولولا أن القرآن الكريم قطعى الثبوت لقال بعض الناس فى قوله تعالى: عن القرآن الكريم {وإنه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين. بلسان عربى مبين. وإنه لفى زبر الأولين. أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بنى إسرائيل} الشعراء: 192 - 197، كيف يحيل الله التصديق بالقرآن أو بمحمد على علماء بنى إسرائيل، أليس فى ذلك وصاية منهم على القرآن ومحمد؟ وكيف يجعل لهؤلاء سلطانا وشهادة على ذلك فى قوله تعالى {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} النحل: 43، ومهما قيل فى هؤلاء فإن المقصود بهم من آمنوا منهم بالرسول والقرآن، فيكفى أن الله شهيد على صدق محمد فى رسالته ومعجزته، ولا حاجة لهؤلاء. إن حديث الإسراء والمعراج حديث الغرائب، وهو صحيح فى جملته وتفصيله كما رواه البخارى ومسلم، ولم يجرحه أحد من المحدثين لا فى متنه ولا فى سنده، ولم يقل أحد من الشراح إن فيه تسللا إسرائيليا فى مشهد من مشاهده أو موقف من مواقفه بل إن إعجابهم بهذا الموقف جعلهم يكثرون من التعليق عليه بألوان شتى تؤكد صدقه وحكمته المقصودة من ورائه ليفهمها من يصعب عليهم الفهم بعد أربعة عشر قرنا وضع فيها هذا الحديث على بساط البحث أمام مئات وآلاف عباقرة الإسلام المتخصصين الغيورين ولم يدر بخلد واحد منهم ما يدور اليوم بخلد غيرهم ممن يعجزون عن إقامة الدليل الصحيح المقنع على ما يدعون {وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا} النجم: 28. لئن كان هذا فهما لغير مسلم لهان الأمر وقلنا "شنشنة أعرفها من أخزم " وجزء من حملة التشكيك فى السنة ذريعة للتشكيك فى القرآن، فكيف إذا كان هذا فهما لمسلم؟ لئن كان القصد سليما فإن رد الفعل على عقول وأفهام الكثيرين رد يخشى منه على نظرة البسطاء للسنة وللدين بوجه عام {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} النمل: 64 (9/44) ________________________________________ المرأة والمسجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال أيهما أفضل للمرأة، صلاتها فى بيتها أم صلاتها فى المسجد؟
الجواب وردت عدة أحاديث ترغِّب المرأة فى صلاتها فى بيتها، منها: 1 - قالت أم حميد امرأة أبى حميد الساعدى: يا رسول الله إنى أحب الصلاة معك فقال "قد علمت أنك تحبين الصلاة معى، وصلاتك فى بيتك خير من صلاتك فى حجرتك، وصلاتك فى حجرتك خير من صلاتك فى دارك وصلاتك فى دارك خير من صلاتك فى مسجد قومك، وصلاتك فى مسجد قومك خير من صلاتك فى مسجدى "قال الراوى "فأمرت فبنى لها مسجد فى أقصى شيء من بيتها وأظلمه وكانت تصلى فيه حتى لقيت الله عز وجل " رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما وبوَّب عليه ابن خزيمة "باب اختيار صلاة المرأة فى حجرتها على صلاتها فى دارها وصلاتها فى مسجد قومها على صلاتها فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم وإن كانت الصلاة فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم تعدل ألف صلاة فى غيره من المساجد ما عدا المسجد الحرام ". وفيه دليل على أن قول النبى صلى الله عليه وسلم "صلاة فى مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد" إنما أريد به صلاة الرجل دون صلاة النساء، انتهى كلامه. 2 - "خير مساجد النساء مقر بيوتهن " رواه أحمد والطبرانى وابن خزيمة والحاكم وصححه. 3-"صلاة المرأة فى بيتها خير من صلاتها فى حجرتها، وصلاتها فى حجرتها خير من صلاتها فى دارها، وصلاتها فى دارها خير من صلاتها فى مسجد قومها " رواه الطبرانى بإسناد جيد، وهو قريب من الحديث الأول. 4 -"ما صلت المرأة من صلاة أحب إلى الله من أشد مكان فى بيتها ظلمة" رواه الطبرانى وابن خزيمة فى صحيحه. 5 - "لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن " رواه أبو داود عن ابن عمر. هذه الأحاديث وغيرها تدل على جواز صلاة المرأة فى المسجد لكن صلاتها في بيتها أفضل، وكلما كانت بعيدة عن العيون كان أفضل. هذا فى الصلاة، أما ذهابها إلى المسجد لتعلم العلم أو سماع خطبة الجمعة مثلا فذلك شيء آخر، فإذا لم يتيسر لها التعلم فى بيتها عن طريق القراءة أو سماع الأحاديث الدينية أو مشاهدتها فى الإذاعة المسموعة والمرئية كان لها أن تذهب إلى المسجد أو المدرسة للتعلم وعليه يحمل الحديث الأخير فى النهى عن منع النساء من الذهاب إلى المساجد، ومثله حديث رواه مسلم " إذا استأذنكم نساؤكم إلى المساجد فأذنوا لهن " وكل ذلك بشرط إذن الزوج وعدم الخوف عليها من الفتنة والتزامها الآداب الشرعية المعروفة، وكانت المرأة أيام الرسول صلى الله عليه وسلم ملتزمة ذلك. لكن بعد وفاته قصر بعضهن ولذلك قالت السيدة عائشة رضى الله عنها-كما رواه مسلم -لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منعت نساء بنى إسرائيل. ويفسر النووى ما أحدثه النساء بالزينة والطيب وحسن الثياب، ولذلك جاء فى حديث رواه أحمد وأبو داود "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات " أى غير متزينات، وفى حديث مسلم " إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا" وفى حديث ابن خزيمة فى صحيحه "لا يقبل الله من امرأة صلاة خرجت إلى المسجد وريحها تعصف حتى ترجع فتغتسل " (9/45) ________________________________________ الصلاة الوسطى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هى الصلاة الوسطى؟
الجواب قال الله تعالى {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} البقرة: 238. اختلف العلماء فى تعيين الصلاة الوسطى على عشرة أقوال، يمكن الرجوع إليها فى كتب التفسير، ومن أصح الأقوال أنها صلاة العصر، وعليه جمهور الفقهاء، محتجين بأحاديث رواها مسلم وغيره، ومنها حديث الترمذى الذى قال: إنه حديث حسن صحيح عن عبد الله بن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم "الصلاة الوسطى صلاة العصر". وسائر الأقوال أدلتها استنباطية وليست منصوصة، ولهذا قال ابن عمر والربيع بن هيثم إنها غير معينة، خبأها الله فى الصلوات كما خبأ ليلة القدر فى رمضان، وساعة يوم الجمعة وساعات الليل المستجاب فيها الدعاء. روى مسلم فى صحيحه عن البراء بن عازب قال: نزلت هذه الآية "حافظوا على الصلوات وصلاة العصر" فقرأناها ما شاء الله، ثم نسخها الله فنزلت {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} فقال رجل: هى إذًا صلاة العصر؟ قال البراء: قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها الله تعالى. وقد ارتضى القرطبى فى تفسيره أنها مبهمة لتعارض الأدلة وعدم الترجيح، فلم يبق إلا المحافظة على جميعها وأدائها فى أوقاتها (9/46) ________________________________________ درجات المنبر
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال انتشرت فى المساجد الصغيرة منابر ذات درجات ثلاثة، فهل المنابر العالية بدعه منكرة؟
الجواب صح فى البخارى أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر نجارا أن يعمل له منبرا يجلس عليه إذا خطب، فلما عمل من طرفاء الغابة يقول سهل بن سعد الساعدى: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليها وكبر وهو عليها ثم ركع وهو عليها ثم نزل القهقرى فسجد فى أصل المنبر ثم عاد، فلما فرغ أقبل على الناس فقال: أيها الناس، إنما صنعت هذا لتأتموا ولتعلموا صلاتى "ج 2 ص 12 ". لقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بجوار جذع من النخل يستند إليه، ولما كان طول الوقوف شاقا عليه أمر بصنع المنبر، وكان ثلاث درجات، إلى أن زاد فيه مروان ست درجات، وجدد أكثر من مرة بعد احتراق المسجد، وكان لأمراء مصر فضل كبير فى تجديد المنابر، واستمر الناس يخطبون على هذه المنابر بدرجاتها التسع دون أن ينكر عليهم أحد، وحاول الخليفة العباسى سنة: 165 هـ أن يعيد المنبر كما كان على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فنصحه الإمام مالك بعدم التغيير فيه، ولو كانت المنابر الجديدة بدعة وضلالة ما كان للإمام مالك أن يقرها وينهى الخليفة عن تغييرها. لقد اتخذ الرسول المنبر من أجل المصلحة، ولم يكتف بالخطبة عليه. بل استعمله للصلاة ليكون بارزا وظاهرا لمن يصلون خلفه، وقال المؤرخون: إن الزيادة فى درجاته كانت بسبب كثرة الناس وحاجتهم إلى سماع الخطبة، حيث كان يستعان على ذلك بارتفاع مكان الخطيب، ومن هنا نعلم أن كل ما يؤدى إلى خير عام ولا يصادم نصا صريحا ولا حكما مقررا، لا ينبغى أن نبادر بالإنكار عليه ووصفه ببدعة الضلالة المؤدية إلى النار، وهل كان المسلمون طوال هذه القرون على جهل بدينهم، وفيهم أئمة كبار حين أقروا ارتفاع المنابر فوق ما كان عليه المنبر النبوى؟ . إن درجات المنبر لم يرد فى تحديدها قول من النبى صلى الله عليه وسلم حتى نلزم به ونعصى عند مخالفته، فالأمر يدور على المصلحة، وإذا وجدت المصلحة، فثم شرع الله كما قال المحققون. إن درجات المنابر فى أيامنا الحاضرة تساوى قليلها بكثيرها، لوجود مكبرات الصوت التى وفرت على الخطيب كثيرا من الجهد، ومكنت من الاستماع إلى الخطبة أكبر عدد من المسلمين، فهل نحكم على هذه المكبرات بأنها بدعة وضلالة فى النار، وهى تؤدى الغرض الذى من أجله أمر رسول الله أن يقام له المنبر؟ إن الدين يحتاج إلى من يفهمه على وجهه الصحيح، وليست العبرة بالمنابر ودرجاتها الصامتة إنما العبرة بما يلقى من فوقها من علم يجب أن يرقى عشرات الدرجات فى الصدق والإجادة والإتقان. نسأل الله أن يلهمنا الرشد والصواب إنه سميع مجيب، ومنه الهداية والتوفيق (9/47) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الخميس 18 يناير 2024, 7:47 pm | |
| ساعة يوم الجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هناك اعتقاد شائع بين العامة أن فى يوم الجمعة ساعة نحس،فهل هذا صحيح؟
الجواب وردت أحاديث كثيرة تبين أن يوم الجمعة قد هدانا الله إليه وأضل عنه من قبلنا وأن له فضلا على غيره من أيام الأسبوع، ففيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة كما رواه مسلم، وفيه تاب الله على آدم وفيه مات كما رواه مالك فى الموطأ وفيه غير ذلك مما وردت به أحاديث لم يُجزم بصحتها. ولم يرد دليل يعتد به على أن فيه ساعة نحس، بل العكس هو الصحيح، فقد وردت الأحاديث الصحيحة بأن فيه ساعة إجابة لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلى يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه كما رواه مسلم. وهذه الساعة ليست ساعة زمنية "60 دقيقة" بل هى فترة من الزمن لا يعلم قدرها إلا الله، وقد كثرت الأقوال فى تعيينها بناء على النصوص الواردة فيها، حتى أوصلها ابن القيم إلى أحد عشر قولا. ومن أقوى النصوص أنها ما بين أن يجلس الخطيب على المنبر إلى انتهاء صلاة الجمعة كما رواه مسلم. ولعل الحكمة فى النص على هذه الفترة التنبيه على وجوب الإنصات والاستماع للخطبة التى قد يكون فيها دعاء يطلب له التأمين فترجى الاستجابة. وقيل إنها بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس كما رواه الترمذى، أو آخر ساعة بعد العصر كما رواه أبو داود والنسائى، وقيل بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وقيل غير ذلك ويمكن الرجوع فى معرفة الأقوال إلى صحيح مسلم بشرح النووى "ج 6 ص 40 " وزاد المعاد لابن القيم "ج 1 ص 104 " ونيل الأوطار للثسوكانى "ج 3 ص 255" والترغيب والترهيب للمنذرى "ج 1 ص 193 ". ولعل الحكمة فى عدم تعيينها بالضبط أن نجعل يومنا كله طاعة لله ودعاء، وهذا يتنافى مع اعتقاد بعض العامة أن فى يوم الجمعة ساعة نحس، يفتعلون فيها الغضب والمشاجرات ويلصقون سببها بيوم الجمعة، وذلك غير صحيح (9/48) ________________________________________ تكبير العيدين والإجازة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال لماذا نكبر فى عيد الأضحى أكثر مما نكبر فى عيد الفطر وما هى أيام التشريق ولماذا سميت بذلك؟
الجواب التكبير فى العيدين سنة عند جمهور الفقهاء، قال تعالى فى آيات الصيام {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم} البقرة: 18، وحمل التكبير على تكبير عيد الفطر، وقال فى آيات الحج {واذكروا الله فى أيام معدودات} البقرة: 203، وقال {ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} الحج: 28، وقال تعالى {كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم} الحج: 37، وحمل الذكر والتكبير على ما يكون فى عيد الأضحى. وجمهور العلماء على أن التكبير فى عيد الفطر من وقت الخروج إلى الصلاة إلى ابتداء الخطبة، وبه قال مالك وأحمد، وقال قوم: إن التكبير يكون من ليلة الفطر حتى يخرج الإمام إلى الصلاة أو حتى يدخل فيها. ووقت التكبير فى عيد الأضحى من صبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق وهى الحادى عشر والثانى عشر والثالث عشر من ذى الحجة، ولم يثبت فى ذلك تحديد عن النبى صلى الله عليه وسلم، وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول على وابن مسعود: إنه من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام مِنًى، وبهذا أخذ الشافعى وأحمد. وإذا كان أصل التكبير فى عيد الأضحى هو للحُجاج، لأنهم يذبحون الهدى والفداء، ويكبرون الله ويذكرونه عند الذبح وكذلك عند رمى الجمرات، فإن غير الحجاج يكبرون أيضا كما هو وارد عن النبى صلى الله عليه وسلم ففى حديث مسلم عن أم عطية فى خروج النساء إلى مصلى العيد فى الفطر والأضحى، تقول: والحيِّض يكن خلف الناس يكبرن مع الناس، وللبخارى عنها أيضا: كنا نؤمر أن نخرج الحيض فيكبرن بتكبيرهم. يؤخذ من هذا أن التكبير فى العيدين سنة، وكانت مدته فى الفطر أقل من الأضحى لأن القربة إلى الله فى عيد الفطر كان أهمها الصلاة وإخراج زكاة الفطر، أما فى عيد الأضحى فالقربة برمى الجمار والذبح ممتدة إلى ثلاثة أيام بعد يوم العيد. وسميت أيام التشريق بذلك الاسم لأن العرب كانوا يشققون اللحم لكثرته ويعرضونه لحرارة الشمس حتى يجف، ثم يحملونه معهم بعد عودتهم من الموسم، وتلك كانت طريقة حفظ اللحوم إذ ذاك. وقيل: سميت بهذا الاسم أخذا من قولهم: أشرق ثبير كيما نغير. وثبير جبل بمنى كما يقول ابن الأثير فى النهاية، والمعنى: ادخل أيها الجبل فى الشروق وهو ضوء الشمس، كيما نغير، أى ندفع للنحر، وقيل: لأن الهدى لا ينحر حتى تشرق الشمس، وقيل غير ذلك. أما الإجازة أى تعطيل الأعمال فى المصالح بمناسبة العيدين، فهى تنظيم متروك لأولياء الأمور، يعطون الفرصة للعاملين ليتمكنوا من الاحتفال بالعيدين بالفرح والسرور وبالمظاهر التى أباحها الشرع، أو جعلها شعارا للعيدين. واختلافها راجع لكمية مظاهر الاحتفال بهما. ففى عيد الفطر شرع الله الصلاة وإخراج زكاة الفطر، وذلك فى يوم واحد، وجعل من تمام الفرح عدم صيام هذا اليوم لأننا فى ضيافة الله يكرمنا بعد اجتيازنا امتحان الصيام بنجاح، وفى عيد الأضحى تشرع فى يومه الصلاة والأضحية، وقبله الوقوف بعرفة، وبعده رمى الجمرات وذبح الهدى فكانت المدة المناسبة أكبر من مدة عيد الفطر، والصيام حرام فى يوم العيد وثلاثة أيام بعده نكبر ونذبح ونفرح بما أنعم الله علينا. فالحجاج فى ضيافة الله فى يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، ونحن هنا نشارك الحجاج فرحتهم بما نقدر عليه من مظاهر مشروعة. والإجازة كما سبق، تنظيم دنيوى تقرره البلاد الإسلامية للمشاركة فى الاحتفال بالأعياد، ومنها يوم الجمعة: وهو عيد أسبوعي، له صلاة مخصوصة، ويحرم أو يكره إفراده بالصيام (9/49) ________________________________________ المصافحة بعد الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم مصافحة المصلين بعضهم لبعض بعد الصلاة وقولهم "حرما "؟
الجواب المصافحة فى حد ذاتها مباحة، بل قيل إنها مسنونة كمظهر من مظاهر الحب والاحترام والألفة وتقوية الرابطة، وقد رويت فى فضلها عدة أحاديث، بعضها بطريق حسن، من أمثلها، عن قتادة قلت لأنس بن مالك رضى الله عنه: أكانت المصافحة فى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. رواه البخارى والترمذى، وعن حذيفة بن اليمان عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إن المؤمن إذا لقى المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر" رواه الطبرانى فى الأوسط. يقول المنذرى فى كتابه الترغيب والترهيب: ورواته لا أعلم فيهم مجروحا. وعن سلمان الفارسى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إن المسلم إذا لقى أخاه فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما كما يتحات الورق عن الشجرة اليابسة فى يوم ريح عاصف، وإلا غفر لهما ولو كانت ذنوبهما مثل زبد البحر" رواه الطبرانى بإسناد حسن. أما كون المصافحة بعد الانتهاء من الصلاة فلم تكن موجودة أيام النبى صلى الله عليه وسلم ولا فى أيام الخلفاء الراشدين، والأحاديث المذكورة هى فى لقاء الأخ لأخيه، ولذلك قال ابن تيمية بكراهتها، لكن قال العز بن عبد السلام بإباحتها لعدم وجود ما ينهى عنها، بل قال النووى: أصل المصافحة سنة، وكونهم حافظوا عليها فى بعض الأحوال لا يخرجها عن الندب، لكن جاء فى كتاب "غذاء الألباب للسفارينى "ج اص 283 أن بعضهم يحرمها. وأرى أن الخلاف فى الآراء راجع إلى الخلاف فى تعريف البدعة، وقد سبق بيانه وما دام الأمر خلافيا فلا ينبغى التعصب فيه لرأى. أما قول "حرما" فهو اختصار من دعاء هو "ندعو الله أن نلتقى فى الحرم لنصلى فيه " لأن الصلاة فى الحرم يضاعف ثوابها. فهى دعاء بزيارة الحرم للحج أو العمرة والصلاة فيه، وليس هناك دليل يحرم هذا القول، فلا داعى للإنكار عليه (9/50) ________________________________________ سجود التلاوة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ماذا يجب علينا إذا سمعنا آية قرآنية بها سجود ونحن نسير فى الطريق العام؟
الجواب من قرأ أو سمع آية فيها سجود يسن له عند جمهور الفقهاء أن يسجد سجدة التلاوة، فإن لم يسجد فلا عقوبة عليه، لأنها سنة وليست واجبة إلا عند أبى حنيفة فقد جعلها واجبة. فإن كان طاهرا حين سمعها أو قرأها وجب عليه أن يسجد، وإلا فهى فى ذمته يجب عليه أن يسجد بعد أن يتطهر. فلو كان الإنسان ماشيا فى الطريق العام وهو متوضئ وسمع آية فيها سجدة يسن له أن يسجد على أى مكان طاهر يكون قريبا منه، فإن لم يسجد فلا ذنب عليه ويقوم مقامها عند الشافعية أن يقول (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم) أربع مرات، فذلك يجزئه عن سجدة التلاوة حتى لو كان متطهرا. وعلى رأى أبى حنيفة إن لم يتمكن من السجود فى الطريق فليسجد عندما يصل إلى مكان يسهل عليه أداؤه فيه، فإن وجوبها موسع عنده فى هذه الحالة، والعمر كله فرصة لأدائها. "انظر صفحة 168 من هذا المجلد" (9/51) ________________________________________ صلاة الحاجة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال قرأت حديثا عن صلاة الحاجة وفيها قراءة للقرآن الكريم أثناء السجود مع أننى قرأت أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن القراءة فى الركوع والسجود، فما رأى الدين فى ذلك؟
الجواب إن الله سبحانه هو خالقنا والمنعم علينا، لا نعبد إلا إياه، ولا نستعين بأحد سواه، وقد أمرنا أن ندعوه ليحقق مطلبنا، ووعدنا بالإجابة كما قال سبحانه {وقال ربكم ادعونى أستجب لكم} وللدعاء أوقات وأماكن يكون فيها أقرب إلى الاستجابة، ومنها وقت السجود فى الصلاة كما صح فى الحديث " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء" ومن الخير أن نقدم للدعاء بعمل صالح كصدقة أو صلاة كما دعا أصحاب الغار ربهم بصالح أعمالهم ففرَّج عنهم، وقد صح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال كما رواه أحمد "من توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما يسأل معجلا أو مؤخرا) وفى حديث عثمان ابن حنيف أن الرسول قال للأعمى الذى طلب منه أن يدعو الله ليكشف عن بصره: انطلق فتوضأ ثم صل ركعتين، وعلمه الدعاء الذى يدعو الله به. وقد رويت أحاديث فى كيفية صلاة الحاجة تتناقض مع الأحاديث الصحيحة، منها حديث ابن مسعود الذى جاء فيه صلاة ثنتى عشرة ركعة، يقرأ فى السجود فاتحة الكتاب سبع مرات وآية الكرسى سبع مرات، مع ذكر ودعاء، وقد جرب الناس هذه الصلاة فوجدوها حقا. والناظر فى هذا الحديث يجده متعارضا مع النهى عن قراءة القرآن فى الركوع والسجود، فقد روى مسلم وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "ألا وإنى نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا، أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فى الدعاء فقمن - بفتح القاف وكسر الميم - أن يستجاب لكم " وروى مسلم وغيره أيضا عن على رضى الله عنه قوله: نهانى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا. يقول الشوكانى: هذا النهى يدل على تحريم قراءة القرآن فى الركوع والسجود. وفى بطلان الصلاة بذلك خلاف. وما دام الحديث الصحيح ينهى عن قراءة القرآن فى الركوع والسجود فهو مقدَّم على حديث صلاة الحاجة الذى تقدم ذكره عن ابن مسعود، وقال الحاكم الذى رواه: تفرد به عامر وهو ثقة مأمون، يقول الحافظ المنذرى: أما عامر فهو النيسابورى قال شيخنا الحافظ أبو الحسن: كان صاحب مناكير، وقد تفرد به عن عمر بن مهدى وحده فيما أعلم، والاعتماد فى مثل هذا على التجربة لا على الإسناد. بعد هذا أنصح بالتثبت مما يعبد الإنسان به ربه، وعدم الجرى وراء أى شيء يظن أن فيه تحقيق رغبته، فالله لا يُعبد إلا بما شرع، ولا يُطلب ما عنده إلا بما صح فى القرآن والسنة، وهو كثير، وبالله التوفيق (9/52) ________________________________________ صلاة الضحى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما معنى الحديث الذى قاله النبى صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل: " ابن آدم اركع لى من أول النهار أربع ركعات أكفك آخره "
الجواب روى أحمد والترمذى وغيرهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله عز وجل: يا ابن آدم صل لى أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره " وجاء بألفاظ أخرى متقاربة. والمراد بذلك الترغيب فى صلاة الضحى، وجاء مثل ذلك فى حديث رواه مسلم "يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة.، وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى". وقد يوضح هذا الحديث الحديث الأول بل يوضحه أكثر رواية أحمد وأبى داود وابن خزيمة وابن حبان، "فى الإنسان ستون وثلثمائة مفصل، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل صدقة" قالوا: فمن يطيق ذلك يا رسول الله؟ قال: "النخامة فى المسجد تدفنها والشيء تنحِّيه عن الطريق، فإن لم تقدر فركعتا الضحى تجزىء عنك " (9/53) ________________________________________ الإسراء وفرض الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل كان الإسراء فى أول البعثة، وهل فرضت الصلاة من أول عهد النبوة؟
الجواب الصلوات الخمس المعروفة فرضت ليلة الإسراء وهذا باتفاق، لكن متى كان الإسراء،وهل كانت هناك صلاة قبل الإسراء؟ أما الإسراء فقد اختلف فى وقته اختلافا كبيرا، فقيل إنه كان قبل البعثة، كما فهم من رواية شريك عن أنس. ولم يرتضى هذا القول الأكثرون، وحملوه على أنه كان إسراء بالروح فقط، كما كانت الرؤيا الصالحة سابقة للوحى فى أول عهد النبوة. وصحت أحاديث برؤى منامية فيها مشاهد كالتى تروى فى قصة الإسراء، وقيل كان بعد البعثة ولكن فى أى عام؟ الأقوال كثيرة. والذى عليه الجمهور أنه كان قبيل الهجرة بعام أو نحوه ولم يكن فى مبدأ البعثة، وفى هذا الإسراء وحده فرضت الصلوات المعروفة. وأما أن هناك. صلاة كانت قبل المفروضة ليلة الإسراء فنعم، ولكن يجب أن يعلم أن الصلاة فى القرآن قد تطلق على معناها اللغوى وهو الدعاء ومنه قوله تعالى {وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم} التوبة: 153، وقوله تعالى {إن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} الأحزاب: 56. فالصلاة فى هذه الآية لا يمكن أن تكون هى الصلاة المعروفة ذات الركوع والسجود، وإنما هى دعاء أو استغفار أو رحمة. والعرب فى الجاهلية كانت لهم صلاة وهى دعاء يدعون به عند التلبية والحج. كما كانت لهم صلاة من نوع آخر يدل عليه قوله تعالى {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} الأنفال: 35، والمكاء هو الصفير، والتصدية هى التصفيق. فقيل: إن ذلك كان عبادة يتقربون بها، وقيل: إنه ضرب من التشويش على النبى صلى الله عليه وسلم وهو يصلى. ويحتمل أن يكون الدعاء هو المراد من الصلاة فى قوله تعالى {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} الإسراء: 115. كما يحتمل أن يراد بها القراءة، وقد جاء هذا التفسير فى روايات صحيحة، ومن إطلاق الصلاة على القراءة الحديث القدسى الصحيح "قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين ولعبدى ما سأل، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين ... } فأطلق الصلاة على قراءة الفاتحة. وكان قيام الليل فى أول مشروعيته بالقراءة، كما فى صدر سورة المزمل. وحملوا الصلاة على الدعاء أو القراءة أيضا ما جاء فى حديث أحمد بسند صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى بمنى حين مالت الشمس وصلت خلفه خديجة وعلى، ذلك أن الثابت من حديث عائشة أن خديجة توفيت قبل أن تفرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء، وكانت وفاتها على الصحيح فى السنة العاشرة من النبوة. ورأى جماعة أنه كانت هناك صلاة قبل الخمس التى فرضت ليلة الإسراء، وهى ركعتان بالعشى وركعتان بالإبكار، على ما يدل عليه قوله سبحانه {وسبح بحمد ربك بالعشى والإبكار} غافر:55. لكن ليس هناك دليل قوى على أن هذا التسبيح يراد به الصلاة ذات الركوع والسجود فلم لا يكون تسبيحا باللسان فقط ويدخل ضمن الدعاء الذى يطلق عليه اسم الصلاة. وورد أن النبى صلى الله عليه وسلم عقب عودته من الطائف بموضع يقال له "نخلة" صلى الفجر مع بعض أصحابه، وذلك كان قبل ليلة الإسراء فما هذه الصلاة؟ قيل إنها من المفروضة أول النهار وآخره، وتسميتها بالفجر لوقوعها فى حينه أو قريبا منه، أو كانت صلاة ليل وقعت حول هذا الوقت، وقد يراد بها الدعاء، فليس ذلك دليلا على أن الصلوات الخمس فرضت قبل ليلة الإسراء. يقول بعض الكاتبين: إن ابن مسعود حفظ سورة الإسراء التى فيها: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} وكان قد هاجر إلى الحبشة الهجرة الأولى سنة خمس من النبوة. وعليه يكون الإسراء قد حصل قبل هذا التاريخ. وبنوا هذا على أن ابن مسعود لم يتصل بالنبى صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى الحبشة إلا بعد الهجرة إلى المدينة حيث شهد غزوة بدر معه. لكن ما الذى يقطع بعدم اتصاله به بعد هجرته إلى الحبشة؟ لقد جاء فى سيرة ابن هشام أن المهاجرين الأولين -إلى الحبشة عادوا لما جاءتهم أخبار بهدوء الحالة فى مكة، ولكن لما عرفوا أن الخبر غير صحيح رجعوا إلى الحبشة مرة ثانية، ومكث بعضهم فى مكة ولم يعد واستمر مع النبى حتى هاجر معه إلى المدينة. وابن مسعود كان ممن بقى بمكة فلعله حفظ سورة الإسراء بعد عودته من الحبشة. وابن هشام قال إنه بقى ولم يعد إلى الحبشة، وإن كانت بعض كتب السيرة والرجال تقول: إن هناك قولا أنه هاجر هجرتين إلى الحبشة. والاحتجاج بحفظ ابن مسعود لسورة الإسراء وفيها الآية المذكورة قد يفيد إذا تعين أن الصلاة هى الصلاة المعروفة، ولكن تقدم أنه أريد بها الدعاء أو القراءة. وقال بعض أيضا إن الزهرى قال: إن الإسراء وقع بعد البعثة بخمس سنين فالصلاة فرضت فى هذا الوقت، لكن النقل عن الزهرى مختلف، ففى نسخ أخرى غير ذلك. وجاء فى فتح البارى لابن حجر عن الزهرى، أن الإسراء قبل الهجرة بخمس سنين فيكون بعد البعثة بثمان، وصحح بعضهم ذلك بأن السنوات الثلاث التى كانت الدعوة فيها سرا لم تحسب. وعلى هذا يكون الإسراء بعد البعثة بإحدى عشرة سنة. بعد هذا أقول: إن تحديد عام الإسراء أو شهره أو ليلته ليس فيه كبير فائدة فى حياتنا الدينية.، فالإسراء قد حدث قطعا والصلوات الخمس قد فرضت قطعا، والخلاف فيما وراء ذلك لا طائل تحته. واختيار المسلمين ليلة السابع والعشرين من رجب لذكرى الإسراء لا داعى للعدول عنه إلى موعد آخر، فالسؤال وارد أيضا على الاختيار الجديد. ونحن على كل حال لم نكلف بمناسبة الإسراء بعبادة خاصة، وهى ليلة كانت مزيدا لتشريف النبى صلى الله عليه وسلم وصدق دعوته، والله أعلم (9/54) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الخميس 18 يناير 2024, 7:48 pm | |
| الجمع بين صلاتين
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نرى بعض الناس يجمعون بين الصلاتين بدون سفر ولا مرض ولا مطر ويقولون إن الدين يسر فهل لذلك أصل فى الشرع؟
الجواب روى البخارى ومسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال: صلى النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة سبعا وثمانيا، الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وفى لفظ الجماعة إلا البخارى وابن ماجه: جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر. وعند مسلم فى هذا الحديث من طريق سعيد بن جبير قال: فقلت لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أحدا من أمته. وأخرج الطبرانى مثله عن ابن مسعود مرفوعا، ولفظه: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، فقيل له فى ذلك فقال "صنعت هذا لئلا تحرج أمتى". والحديث ورد بلفظ: من غير خوف ولا سفر، وبلفظ: من غير خوف ولا مطر، ولم يقع مجموعا بالثلاثة فى شيء من كتب الحديث أى بلفظ: من غير خوف ولا سفر ولا مطر. والمشهور من غير خوف ولا سفر. وجاء فى رواية البخارى ومسلم عن ابن عباس فى صلاة النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة سبعا وثمانيا أن أيوب السختيانى سأل أبا الشعثاء جابر بن زيد الراوى عن ابن عباس وقال له: لعله فى ليلة مطيرة: قال عسى. وابن عباس كان يفعل كما فعل النبى صلى الله عليه وسلم فإن أبا الشعثاء يقول -كما رواه النسائى - إن ابن عباس صلى بالبصرة الأولى " الظهر" والعصر ليس بينهما شيء، والمغرب والعشاء ليس بينهما شىء، فعل ذلك من شغل. وفيه رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم وفى رواية مسلم أن شغل ابن عباس المذكور كان بالخطبة. وأنه خطب بعد صلاة العصر إلى أن بدت النجوم "دخل الليل " ثم جمع بين المغرب والعشاء، وفيه تصديق أبى هريرة لابن عباس فى رفعه. هذا بعض ما ورد من -الأحاديث والآثار فى الجمع بين الصلاتين والعلماء فى ذلك فريقان: (ا) فذهب جماعة من الأئمة إلى الأخذ بظاهر حديث ابن عباس فجوزوا الجمع فى الحضر، أى فى غير السفر، للحاجة مطلقا، ولكن بشرط، ألا يتخذ عادة وخلقا، قال ابن حجر فى فتح البارى: وممن قال به ابن سيرين وربيعة وابن المنذر والقفال الكبير، وحكاه الخطابى عن جماعة من أصحاب الحديث، وقال الشوكانى فى نيل الأوطار: رواه فى البحر عن الإمامية، وروى عن على وزيد بن على. والحجة فى ذلك نفى الحرج ما دامت هناك حاجة، وكان منها شغل ابن عباس بالخطبة. (ب) وذهب جمهور الأئمة إلى منع الجمع بين صلاتين إلا لعذر، وحكى عن البعض أنه إجماع، ولا عبرة بمن شذ بعد الإجماع الأول، وحجتهم فى ذلك أخبار المواقيت التى حددت أوقات الصلاة، ولا يخرج عنها إلا لعذر، ومن الأعذار ما هو منصوص عليه كالسفر، وقد ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الصلاتين فى السفر وكالمرض، فقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام قال للمستحاضة -والاستحاضة نوع مرض - "وإن قويت على أن تؤخرى الظهر وتعجلى العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين " ومثله بين المغرب والعشاء، وكالمطر فقد جاء فى موطأ مالك عن نافع عن ابن عمر، كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء فى المطر جمع معهم، وأخرج الأثرم فى سننه عن أبى سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء. وهناك أعذار أخرى قيست على هذه الأعذار، أو هى فى معناها. كما سيأتى. وأجاب الجمهور على حديث ابن عباس الذى يقول بالجمع من غير عذر بأجوبة لا يسلم بعضها من المناقشة وعدم التسليم، لكن أحسنها هو أن الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، الذي فعله النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة من غير سفر ولا مرض ولا مطر، كان جمعا صوريا، بمعنى أنه أخر صلاة الظهر إلى آخر وقتها فصلاها ثم جعل صلاة العصر فى أول وقتها ليس بينهما إلا قدر يسير، فيظن الرائى أنه جمع بين الصلاتين فى وقت واحد لإحداهما، والحقيقة أن كل صلاة وقعت فى وقتها المحدود لها، لأن لكل صلاة وقتا له أول وله آخر، ولما كان أداء الصلاة في وقتها له فضله كان يحرص عليه الصحابة، لكن ربما تكون هناك أعذار تمنع من المبادرة إلى الصلاة أول الوقت ففعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أحيانا ليرفع الحرج عن أمته، وليعرفوا أن الصلاة في آخر وقتها وقعت أداء ولا حرج فى التأخير ما دامت هناك حاجة. وهذا الجواب ارتضاه ابن حجر فى "الفتح " وقال: قد استحسنه القرطبى ورجحه إمام الحرمين، وجزم به من القدماء ابن الماجشون والطحاوى، وقواه ابن سيد الناس بأن أبا الشعثاء، - وهو راوى الحديث عن ابن عباس -قد قال به. ثم قال ابن حجر: ويقوى ما ذكر من الجمع الصورى أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعرض لوقت الجمع فإما أن يحمل على مطلقها فيستلزم إخراج الصلاة عن وقتها المحدود بغير عذر، وإما أن يحمل على صفة مخصوصة لا تستلزم الإخراج ويجمع بها بين مفترق الأحاديث، فالجمع الصورى أولى اهـ. ومما يدل على أن هذا الجمع بالمدينة لغير عذر كان صوريا ما أخرجه النسائى عن ابن عباس بلفظ جاء فيه: صليت -مع النبى صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء، فابن عباس راوى الحديث صرح بأنه جمع صورى، وكذلك ما رواه الشيخان عن عمرو بن دينار أنه قال: يا أبا الشعثاء، أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء. قال: وأنا أظنه: وأبو الشعثاء هو راوي حديث ابن عباس في الجمع، ومما يؤيد أن الجمع كان صوريا ما أخرجه مالك فى الموطأ والبخارى وأبو داود والنسائى عن ابن مسعود قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين، جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة.. . فحصر ابن مسعود الجمع فى مزدلفة، مع أنه روى حديث الجمع بالمدينة، وهذا يدل على أنه كان صوريا وإلا لتناقضت روايتاه، والجمع ما أمكن المصير إليه هو الواجب. كما يؤيده ما أخرجه ابن جرير عن ابن عمر قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يؤخر الظهر ويعجل العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء فيجمع بينهما، وهذا جمع صورى وابن عمر هو ممن روى جمع الرسول بالمدينة كما أخرج ذلك عبد الرزاق عنه فيحمل عليه. هذا بعض ما قيل فى بيان أن الجمع كان صوريا، وأنه لا يجوز تقديم صلاة على وقتها ولا تأخيرها عن وقتها إلا لعذر، وقد عنى بعض العلماء بتوضيح هذه المسألة وأطال فى ذلك كما فعله ابن القيم فى كتابه " تشنيف السمع بإبطال أدلة الجمع ". وتكميلا لهذا الموضع أذكر رأى الأئمة الأربعة فى الجمع باختصار: ا - فعند المالكية يجوز الجمع للسفر طال أو قصر، وللمريض الذى يخاف حصول إغماء أو دوخة تمنعه من أداء الصلاة عند دخول وقت الثانية فيجوز له تقديمها وكذلك الجمع للمطر والطين مع الظلمة آخر الشهر، فيجمع بين المغرب والعشاء تقديما بشرط أن تكون الصلاة فى المسجد جماعة، وكذلك يجوز الجمع للحاج بعرفة أو مزدلفة. 2 - وعند الشافعية، يجوز الجمع بسبب السفر الطويل، وبسبب المطر تقديما فقط، إذا كانت الصلاة للجماعة فى مسجد بعيد- عرفا -مشقة بالذهاب إليه -ما عدا الإمام فله الجمع ولو لم يتأذ بالمطر- ولا يجمع بسبب المرض على المشهور، لكن الراجح جواز الجمع للمريض تقديما وتأخيرا. 3-وعند الحنفية. لا يجوز الجمع تقديما إلا فى عرفة للحاج بشرط الجماعة مع الإمام العام أو نائبه، ولا يجوز تأخيرا إلا فى المزدلفة للحاج أيضا، فيصلى العصر فى وقت الظهر بعرفة، والمغرب فى وقت العشاء بالمزدلفة. 4 -وعند الحنابلة يسن الجمع تقديما بعرفة وتأخيرا بالمزدلفة، ولا يجمع فى السفر إلا إذا بلغ مسافة القصر، ويجوز للمريض الجمع إذا شق عليه الصلاة فى وقتها، وكذلك للمرضع المستحاضة دفعا لمشقة الطهارة عند كل صلاة "ومثلهما من به سلس بول " ويجوز الجمع للعاجز عن معرفة أول الوقت كالأعمى أو الساكن تحت الأرض كعمال المناجم مثلا، ولمن خاف على نفسه أو ماله أو عرضه أو يخاف ضررا يلحقه فى معيشته بترك الجمع -وفى ذلك تيسير على العمال الذين يستحيل عليهم ترك العمل لأداء كل صلاة فى وقتها- كما قالوا: يجوز الجمع بين المغرب والعشاء خاصة بسبب الثلج والبرد والجليد والوحل والريح الباردة والمطر الذى يبل الثوب وتحصل به المشقة، ولا فرق فى ذلك بين أن يصلى فى داره أو بالمسجد ولو كان طريقه مسقوفا، والأفضل أن يختار الأسهل عليه من التقديم والتأخير، مع شروط وضعوها لجواز التقديم والتأخير كالترتيب ونية الجمع والموالاة ودوام العذر ... لا مجال لتوضيحها هنا. انظر فتح البارى لابن حجر ج 2 ص 164 " ونيل الأوطار للشوكانى ج 3 ص 264 والفقه على المذاهب الأربعة (9/55) ________________________________________ صلاة الغائب
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يسأل كثيرون عن صلاة الجنازة على الغائب، هل هى مشروعة أم لا؟
الجواب صلاة الغائب هى صلاة الجنازة على ميت غائب عن المصلى وقد اختلف الفقهاء فى مشروعيتها. فقال الشافعى وأحمد وابن حزم: إنها مشروعة، ولهم فى ذلك أدلة: (ا) ما رواه البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشى حين نعى إليه، وصلى معه أصحابه. (ب) أن صلاة الجنازة قوامها الدعاء، والدعاء لا يشترط فيه حضور المدعو له. (ج) ما قاله ابن حزم من أنه لم يرد عن الصحابة منع منها. وقال أبو حنيفة ومالك وآخرون بعدم مشروعيتها، والحجة عندهم أنه لا يدل عليها دليل، لكن كيف يعملون برواية الصحيحين فى حادث النجاشى؟ أولوها بأنه يجوز أن النجاشى لم يصلِّ عليه أحد فصلى عليه النبى، أو بأن هذه الصلاة على الغائب من خصوصيات النبى. أو بأنه لم يصل على غائب، بل رفعت له الجنازة فشاهدها وصلى عليها صلاة الحاضر. لكن الأولين ردوا على ذلك بأن الدليل ثابت، وبعدم التسليم بهذه التأويلات، فإن عدم صلاة أحد عليه لا يمنع صلاتها لمن صلى عليه، وادعاء خصوصية النبى بالصلاة على الغائب لا دليل عليه، وكونها رفعت له وشاهدها لا دليل عليه أيضا. ويتبين من هذا رجحان القول بمشروعيتها، وما دام لم يثبت نهى عنها فتبقى على جوازها لأن المقصود منها الدعاء (9/56) ________________________________________ وقت صلاة الجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال كنت فى بعض دول الخليج فرأيت جماعة يقيمون صلاة الجمعة قبل الزوال بنحو ساعة ولما ناقشتهم فى ذلك قالوا: إن هذا جائز، فهل هذا صحيح؟
الجواب اتفق الأئمة الثلاثة مالك وأبو حنيفة والشافعى على أن وقت صلاة الجمعة هو وقت صلاة الظهر، الذى يدخل بزوال الشمس، وانفرد أحمد بن حنبل بالقول بدخول وقتها قبل الزوال. وحجة الجمهور: أن فريضة الجمعة بدل فريضة الظهر، فهى خامسة يومها وليست فريضة زائدة، فوقتها هو وقت ما كانت بدلا عنه وهو الظهر. ويؤكد ذلك فعل النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه بدليل ما يأتى: (ا) عن أنس رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الجمعة حين تميل الشمس. رواه البخارى وأحمد وأبو داود والترمذى. (ب) عن أنس أيضا قال: كنا نصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم نرجع القائلة فنقيل. رواه البخارى وأحمد، والقائلة هى القيلولة، أى النوم أو الاستراحة بعد الظهر. (ب) عن سلمة بن الأكوع قال: كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس، ثم نرجع نتبع الفىء، رواه البخارى، والفىء هو الظل. (د) عن سويد بن غفلة أنه صلى مع أبى بكر وعمر حين تزول الشمس، رواه ابن أبى شيبة وإسناده قوى. (هـ) صحت الروايات عن على والنعمان بن بشير وعمرو بن حريث رضى الله عنهم أن صلاة الجمعة بعد الزوال. وقد جاء فى بعض الروايات: أحيانا نجد فيئا، وأحيانا لا نجد، فهذه الأحاديث والآثار تدل على أن صلاة الجمعة يدخل وقتها بالزوال كالمعتاد فى وقت صلاة الظهر. وتتبعهم الفىء الذى يجدونه أحيانا وأحيانا لا يجدونه يشير إلى مبادرتهم بصلاتهم الجمعة عقب الزوال، وأن الظل كان قصيرا لقصر البيوت، ولقصره كأنه غير موجود لعدم وقايته من حرارة الشمس. واستدل الحنابلة بظاهر بعض الروايات الصحيحة، وبروايات أخر. . . ليست قوية منها: (ا) عن أنس قال: كنا نبكر بالجمعة، ونقيل بعد الجمعة، رواه البخارى، وفى لفظ له أيضا: كنا نصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم تكون القائلة، فظاهر الحديث أنهم كانوا يصلون الجمعة باكر النهار، أى أوله، قال الحافظ ابن حجر ردا على هذا الاستدلال ليلتقى مع الروايات الأخرى: لكن طريق الجمع أولى من دعوى التعارض، وقد تقرر أن التبكير يطلق على فعل الشيء فى أول وقته أو تقديمه على غيره، وهو المراد هنا، والمعنى أنهم كانوا يبدءون الصلاة قبل القيلولة، بخلاف ما جرت عادتهم فى صلاة الظهر فى الحر، فإنهم كانوا يقيلون ثم يصلون، لمشروعية الإبراد، أى تأخير صلاة الظهر حتى يتلطف الجو. (ب) عن أنس قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة يعنى الجمعة، رواه البخارى، قالوا: إن التبكير يفهم من فعلها قبل الزوال، وأجيب بما أجيب به فى الحديث السابق، وقوله يعنى الجمعة، يحتمل أن يكون من كلام التابعى الذى روى عن أنس، أو من هو دون التابعى، فهو ليس من كلام أنس، لأن الروايات عن أنس، أنه كان يبكر بها مطلقا، كما أخرجه الإسماعيلى وليس فيه قوله: يعنى الجمعة. (ي) عن سهل بن سعد قال: ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة، رواه الجماعة وزاد أحمد ومسلم والترمذى، فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم قالوا: إن الغداء والقيلولة محلهما قبل الزوال، وحكوا عن ابن قتيبة أنه قال: لا يسمى غداء ولا قائلة بعد الزوال. وأجيب بأن القيلولة هى نوم نصف النهار بسبب شدة الحر، وذلك يكون بعد الزوال، وكيف يكون غداء قيلولة قبل الزوال. وقد اختلف أصحاب أحمد فى الوقت الذى تصح فيه قبل الزوال، هل هو الساعة السادسة أو الخامسة، أو وقت دخول صلاة العيد فى أول النهار؟ (د) عن جابر رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس، رواه مسلم وأحمد والنسائى قالوا: إن راحة الجمال حين الزوال بعد صلاة الجمعة دليل على أنها صليت قبل الزوال. وأجيب بأن قوله: حين تزول الشمس أى فى أول وقت زوالها أو قريبا منه مما يدل على شدة التبكير بالصلاة فى أول وقتها. (ط) ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين ويجلس بينها يقرأ القرآن ويذكِّر الناس، كما فى صحيح مسلم من حديث أم هشام بنت حارثة أخت عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت: ما حفظت "ق والقرآن المجيد" إلا من فى "فم " رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرؤها على المنبر كل جمعة، وعند ابن ماجه من حديث أبي بن كعب أن النبى صلى الله عليه وسلم قرأ يوم الجمعة "تبارك " وهو قائم يذكر بأيام الله. وكان يصلى بسورة الجمعة والمنافقين كما ثبت ذلك عند مسلم من حديث على وأبى هريرة وابن عباس، قالوا: لو كانت خطبته وصلاته بعد الزوال ما انصرف منها إلا وقد صار للحيطان ظل يستظل به. وأجيب بعدم التسليم بأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يخطب دائما بسورة "ق أو تبارك " وإن كان قد تكرر منه، لكن الغالب أنه كان ينتهى من الصلاة مبكرا حتى لا يشتد الحر على المصلين وهم عائدون إلى بيوتهم. (و) عن عبد الله بن سيدان السلمى قال: شهدت الجمعة مع أبى بكر فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار، ثم شهدتها مع عمر، فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول: انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول: زال النهار، فما رأيت أحدا عاب ذلك ولا أنكره، رواه الدارقطنى وأحمد فى رواية ابنه عبد الله، وأجيب بأن ابن سيدان غير معروف العدالة على الرغم من أنه تابعى كبير، قال ابن عدى عنه: شبه المجهول، وقال البخارى: لا يتابع على حديثه. وحكى فى الميزان عن بعض العلماء أنه قال: هو مجهول لا حجة فيه. على أنه لو سلم بصحة الرواية ما معنى أن خطبة عثمان وصلاته استمرتا حتى زوال النهار، هل تعدى بهما الوقت حتى دخل وقت العصر وغابت الشمس أو كادت؟ إن الكلام فيه مبالغة ظاهرة، فينبغى أن يحمل التبكير على أنه فى أول وقتها وهو الزوال، والتأخير على أنه قبيل دخول وقت العصر. (ز) روى عن ابن مسعود أنه صلى الجمعة ضحى وقال: خشيت عليكم الحر، كما أخرجه ابن أبى شيبة من طريق عبد الله بن سلمة، ورد بأن شعبة وغيره قالوا: إن عبد الله هذا وإن كان صدوقا إلا أنه تغير لما كبر كما روى عن معاوية أنه صلى الجمعة أيضا ضحى، كما أخرجه ابن أبى شيبة من طريق سعيد بن سويد، ورد بأن سعيدا هذا ذكره ابن عدى فى الضعفاء. ومثل ذلك قيل فيما روى عن جابر وسعيد بن زيد وسعد بن أبى وقاص، فإن الروايات عنهم لا تعارض ما هو أقوى منها. (ح) قال الحنابلة: إن النبى صلى الله عليه وسلم قال عن يوم الجمعة "إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين " فلما سماه عيدا جازت الصلاة فيه وقت صلاة العيد "الفطر والأضحى" ورد بأن التسمية لا تقتضى التشبيه فى كل شىء، ألا ترى أن يوم العيد يحرم صومه، أما يوم الجمعة فلا وبخاصة إذا سبق بصيام يوم الخميس أو أتبع بصيام يوم السبت؟ هذه هى أدلة الجمهور وأدلة أحمد، وقد رأيت أن أدلة الجمهور أقوى، وإن كان الشوكانى قال فى الجمع بين الرأيين: إن أدلة الجمهور لا تنفى جواز صلاة الجمعة قبل الزوال، أى ليس فيها أسلوب الحصر الذى يمنع ما عداه، وأنا أميل إلى أن وقت صلاة الجمعة هو وقت صلاة الظهر، وإن كان من الممكن صلاتها قبل الزوال بوقت قصير عند الضرورة كالحر الشديد ونحوه، والضرورة تقدر بقدرها. ولكل بلد ظروفه ولكل زمن ما يناسبه، والله أعلم، "راجع فتح البارى لابن حجر ج 3 ص 37 ونيل الأوطار للشوكانى ج 3 ص 330 والمغنى لابن قدامة " (9/57) ________________________________________ تشبيك الأصابع
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال إذا جلس الإنسان فى المسجد وشبك بين أصابعه هل هذا منهى عنه وما الحكمة فى ذلك؟
الجواب ثبت فى صحيح البخارى وغيره عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم شبك بين أصابعه وجاءت رواية تبين أن التشبيك كان فى معرض البيان والتمثيل لإبراز المعنى بصورة واضحة محسوسة فعن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" وشبك بين أصابعه، كما جاءت رواية أخرى عن أبى هريرة فى حديث السهو فى الصلاة حيث قال: فصلى بنا ركعتين ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة فى المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه. يقول الحافظ ابن حجر "فتح البارى ج 2 ص 111 " تعليقا على ذلك: فيه جواز التشبيك فى المسجد وغيره، وهناك مراسيل -سقط منها الصحابى-ومسندة من طرق غير ثابتة فى النهى عن التشبيك فى المسجد، ومن ذلك حديث أبى داود وصححه ابن خزيمة وابن حبان عن كعب بن عجرة. وفى إسناده اختلاف ضعفه بعضهم بسببه "إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن يديه، فإنه فى صلاة" وروى ابن أبى شيبة حديث "إذا صلى أحدكم فلا يشبكن بين أصابعه، فإن التشبيك من الشيطان، وإن أحدكم لا يزال فى صلاة ما دام فى المسجد حتى يخرج منه " وفى إسناده ضعيف ومجهول. ثم قال ابن حجر نقلا عن ابن المنير: التحقيق أنه ليس بين هذه الأحاديث تعارض، إذ المنهى عنه فعله على وجه العبث، والذى فى الحديث - المؤمن للمؤمن -إنما المقصود هو التمثيل وتصوير المعنى فى النفس بصورة الحس، وجمع الإسماعيلى بأن النهى مقيد بما إذا كان فى الصلاة أو قاصدا لها إذ منتظر الصلاة فى حكم المصلى وأحاديث الباب الدالة على الجواز خالية من ذلك لأن حديث أبى هريرة كان تشبيك النبى صلى الله عليه وسلم بعد انقضاء الصلاة وليس فى صلاة أو قبلها، والرواية التى فيها النهى عن ذلك ما دام فى المسجد ضعيفة. ثم قال أخيرا: والحكمة فى النهى قيل لكونه من الشيطان، وقيل: لأنه يجلب النوم وهو من مظان الحدث، وقيل لأن التشبيك فيه صورة الاختلاف اهـ. وأقول: إن الأمر أهون من أن يثار حوله خلاف والنية لها دخل فى الحكم، والعرف كذلك ينبغى أن يراعى فى الآداب العامة غير المنصوص عليها، وقد علمت أن أحاديث النهى عن التشبيك غير صحيحة، ولذا قال البعض إن التشبيك مكروه وليس بمحرم وسيأتى مزيد كلام عليه (9/58) ________________________________________ الزينة لدخول المسجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال أرجو تفسير قوله تعالى {يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين. قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق} الأعراف: 31، 32
الجواب أمر الله المؤمنين إذا ذهبوا للصلاة أن يستروا عوراتهم بالملابس، خلافا لما كان عليه العرب من خلع ملابسهم والطواف حول البيت عراة. وقيل أن المراد بالزينة هو ما زاد على ستر العورة من التطيب وحسن الهندام واختيار الملابس النظيفة ذات اللون الأبيض الذى حث عليه النبى صلى الله عليه وسلم فى بعض الأحاديث، أو أى لون آخر، كما يتزين بتقليم الأظافر وتهذيب الشعر وتنظيمه حسب العرف الذى لا يخالف الشرع. وفى هذا التشريع جمع بين مطالب الروح والجسد فى اعتدال وتوسط، وقد أنكر الله على من يحرمون التزين والتمتع بالمباحات فى الحدود المعقولة، من أكل وشرب ولبس وغيرها. والرسول صلى الله عليه وسلم " نفسه كان - على رقة حاله - نموذجا صالحا فى التزين بما يتاح ويباح. ومأثوراته فى ذلك كثيرة لا يتسع لها المقام. ويكفى من ذلك حديث صلاة الجمعة " من اغتسل يوم الجمعة ومَسَّ من طيب إن كان عنده ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج حتى يأتى المسجد فيركع ما بدا له، ولم يؤذ أحدا، ثم أنصت حتى يصلى كان كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى" رواه أحمد ورواته ثقات، وكتب التفسير فيها مزيد لمن أراد (9/59) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الخميس 18 يناير 2024, 7:49 pm | |
| مسجد الضرار
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هو مسجد الضرار، وهل ينطبق عر بعض مساجدنا فى هذا العصر؟
الجواب قال تعالى {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقاً بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون} التوبة: 107. نزلت فى جماعة من المدينة أرادوا أن يبنوا مسجدا يصلى فيه الرسول ويباركه كما صلى فى مسجد قباء وباركه، فلما بنوه دعوا الرسول للصلاة فيه، وكان خارجا لغزوة تبوك فوعدهم إن عاد، فأخبره الله بأن المسجد ليس خالصا لله، بل بنى للضرار والانصراف عن الصلاة فى مسجد الرسول واستقبال أبى عامر الراهب الذى فر إلى الروم وتنصر وطلبوا عودته، فأمر الرسول بإحراق المسجد وهدمه. يقول القرطبى فى تفسيره: قال علماؤنا-أى المالكية- لا يجوز أن يبنى مسجد إلى جنب مسجد، ويجب هدمه والمنع من بنائه لئلا يصرف أهل المسجد الأول فيبقى شاغرا، إلا أن تكون المحلة كبيرة فلا يكفى أهلها مسجد واحد، فيبنى حينئذ إذا لم يتيسر له مكان بعيد عنه يبنى فيه. وقالوا: كل مسجد بنى على ضرار أو رياء وسمعة-فهو فى حكم مسجد الضرار لا يجوز الصلاة فيه. ثم ذكر القرطبى أن من فعل أى شىء بقصد الإضرار بالغير وجب منعه. وهدم مسجد الضرار له حيثيات، وهى الإضرار والكفر والتفريق وإيواء المحاربين لله ورسوله، ومن هنا إذا بنى مسجد فى منطقة- وبخاصة إذا كانت مساجدها كافية - يراد بذلك تفريق كلمة المسلمين والإضرار بالناس بأى لون من ألوان الضرر عقيدة أو سلوكا، وتجتمع فيه جماعة خارجة عن حدود الدين، لأنهم يكفِّرون غيرهم مثلا أو يستحلون حرماتهم، أو يريدون بذلك رياء وسمعة-فهو فى حكم مسجد الضرار لا تجوز الصلاة فيه على ما رآه علماء المالكية كما ذكره القرطبى.. . وبهذا لابد من اعتبار النية والنظر إلى الأثر المترتب على بناء هذه المساجد. والأمر يحتاج إلى دقة وحكمة فى المعالجة. والتوعية لها دخل كبير فى هذا الموضوع (9/60) ________________________________________ الزيادة فى الأذان
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى الزيادة فى الأذان بعد "لا إله إلا الله "؟
الجواب الزيادة على الأذان أكثرها الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، ويلحق بها الدعاء لبعض الأولياء. ا -أما الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم فقد سبقت الإجابة عليها، وقلنا: ليس هناك نص صحيح بمنعها من المؤذن، وهناك رأيان اجتهاديان، أحدهما يقول: لا مانع منها، والآخر يقول: إنها ممنوعة حتى لا يُظن أنها من الأذان، ولا داعى للتعصب لأحد الرأيين. 2 - أما الزيادة على ذلك فينبغى عدم فعلها وعدم الإكثار من ذكر المشايخ وغيرهم. وقد جاء فى كتاب " بلغة السالك لأقرب المسالك " فى فقه المالكية "ج 1 ص 86" أنه قيل: إن الصلاة على النبى بدعة حسنة، وكان أول حدوثها زمن الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة 781 هـ فى ربيع الأول. وكانت أولا تزاد بعد أذان العشاء ليلتى الاثنين والجمعة. ثم بعد عشر سنين زيدت عند كل أذان إلا المغرب. لكن ذكر الشيخ أحمد البشبيشى فى رسالته " التحفة السنية فى أجوبة الأسئلة المرضية "أن أول ما زيدت الصلاة والسلام على النبى بعد كل أذان على المنابر زمن السلطان المنصور حاجى بن الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر بن محمد بن المنصور قلاوون، وذلك فى شعبان سنة 791 هـ، وكان قد حدث قبل ذلك فى أيام صلاح الدين بن أيوب أن يقال قبل أذان الفجر فى كل ليلة بمصر والشام: السلام على رسول الله، واستمر ذلك إلى سنة 777 هـ فزيد فيه بأمر المحتسب صلاح الدين البرلسى أن يقال: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، ثم جعل ذلك عقب كل أذان سنة 791 هـ " حاشية الدسوقى ج 1 ص 193 " (9/61) ________________________________________ موعد ختم الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يفضل ختم الصلاة بعد أداء الفريضة مباشرة أم بعد ركعتى السنة؟
الجواب ختم الصلاة جاءت فيه أحاديث بعبارة " دُبُر الصلاة أو خلف الصلاة" وجمهور العلماء على أن ختم الصلاة بالذكر الوارد فيه هذه العبارة يكون عقب الانصراف من الصلاة المكتوبة بالتسليم مباشرة، لدلالة العبارة عليه، ويقويها فعل النبى صلى الله عليه وسلم، حيث كانت الصفوف الأخيرة فى صلاة الجماعة تعرف انتهاء النبى منها بالتكبير أى بالذكر بعد الصلاة. ورأى بعض العلماء أن الختم يكون له فضله إذا كان بعد الانتهاء من السنة الراتبة التابعة للفريضة. وهم الحنفية كما فى فقه المذاهب الأربعة جاء فى فتح البارى "ج 2 ص 382" فى باب الذكر بعد الصلاة قوله: ومقتضى الحديث أن الذكر المذكور يقال عند الفراغ من الصلاة، فلو تأخر ذلك عن الفراغ فإن كان يسيرا بحيث لا يُعَدُ مُعْرِضًا أو كان ناسيا أو متشاغلا بما ورد أيضا بعد الصلاة كآية الكرسى فلا يضر، ثم قال: هل يكون التشاغل بعد المكتوبة بالراتبة بعدها فاصلا بين المكتوبة والذكر أو لا؟ محل نظر، والله أعلم (9/62) ________________________________________ قطع الصلاة للخطر
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز قطع الصلاة إذا تعرض المصلى للخطر من حيوان مؤذ كالعقرب والثعبان مثلا، وهل للإنسان أن يكمل الصلاة بعد التخلص من الخطر أو عليه أن يصليها من جديد؟
الجواب من رأى عقربا تقترب وهو مصلٍّ ويخشى أن تلدغه وجب عليه أن يقتلها، لحديث "اقتلوا الأسودين فى الصلاة، الحية والعقرب " رواه أحمد وأصحاب السنن بسند صحيح. ولا تبطل الصلاة بهذا العمل لأنه للضرورة. وجاء فى نيل الأوطار للشوكانى "ج 2 ص 354" أن الحديث يدل على جواز قتل الحية والعقرب فى الصلاة من غير كراهة، وقد ذهب إلى ذلك جمهور العلماء كما قال العراقى. وعن قتادة أنه قال: إذا لم تتعرض لك فلا تقتلها، بل روى عن ابن عمر أنه رأى ريشة وهو يصلى فحسب أنها عقرب فضربها بنعله. ومنع بعض العلماء ذلك محتجين بحديث "اسكنوا فى الصلاة " وحديث " إن فى الصلاة لشغلا" رواه أبو داود. ولكن الجمهور ردوا عليهم بأن هذه الأحوال مخصصة لعموم هذا الحديث. وهكذا يقال فى كل فعل كبير ورد الإذن به، كحديث حمله صلى الله عليه وسلم لأمامة فى الصلاة، وكذلك خلعه لنعله، وصلاته على المنبر ونزوله للسجود ورجوعه بعد ذلك، وحديث أمره بدرء المار أمام المصلى وإن أفضى إلى المقاتلة، وحديث مشيه لفتح الباب لعائشة وكان مغلقا، وكان الباب جهة القبلة، وبعد الفتح عاد إلى مقامه (9/63) ________________________________________ صلاة من يسبق الإمام
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى المصلين الذين يسبقون الإمام فى الركوع والسجود؟
الجواب فى حديث رواه أحمد وأبو داود " إنما الإمام ليؤتم به، فإذا كبَّر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا قبل أن يركع، وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجد" وفى حديث رواه الجماعة " أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحوِّل الله رأسه رأس حمار، أو يحول الله صورته صورة حمار". وللفقهاء خلاف فى حكم السبق، ففى مذهب الحنفية لو ركع المأموم قبل الإمام وانتظر حتى ركع الإمام وشاركه معه فى الطمأنينة لا تبطل الصلاة، أما إذا رفع المأموم رأسه من الركوع قبل أن يركع الإمام ولم يركع معه بطلت صلاته. وكذلك قال المالكية، والشافعية قالوا: إن السبق المبطل لصلاة المأموم يكون بركنين لا بركن واحد، فلو سجد المأموم وكان الإمام ما يزال قائما للقراءة بطلت صلاته إن كان متعمدا، فإن كان ناسيا أو جاهلا وجب أن يعود لموافقة الإمام عند الذكر أو العلم، وإلا بطلت صلاته. واختر لنفسك من هذه الأقوال ما يطمئن إليه قلبك " الفقه على المذاهب الأربعة" (9/64) ________________________________________ تنبيه الخطيب
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى تصفيق أحد المصلين لتنبيه الإمام لأنه أطال فى خطبة الجمعة؟
الجواب مبدأ الاعتراض على الخطيب بأى وجه من الوجوه ليس ممنوعا، ولكن ينبغى أن يكون بأسلوب حكيم. وقد ثبت أن امرأة اعترضت على عمر رضى الله عنه فى خطبته وهو ينهى عن المغالاة فى المهور، وأن رجلا قال له: والله لا سمعنا قولك ولا أطعنا أمرك، عندما قال لهم: اسمعوا قولى وأطيعوا أمرى، إلى غير ذلك من الحوادث. ومن هنا لا نجد مانعًا من تصحيح خطأ أو وضع وقع فيه الخطيب، سواء أكان ذلك بالكلام أو التصفيق أو غيرهما، بشرط ألا يترتب عليه لغط أو تشويش يتنافى مع جلال الموقف، فإن استجاب فبها، وإلا فلا يجوز الإلحاح فى التنبيه فقد يكون لذلك رد فعل سيئ بأى وجه يكون. ونوصى الخطيب بتقصير الخطبة كما هو هدى النبى صلى الله عليه وسلم، وليس للتطويل ولا للتقصير حد معين، فهما يرجعان إلى أهمية الموضوع وإلى الظروف الأخرى كالحر والبرد والمطر والسفر وغيرها. مع العلم بأن فى المستمعين ذوى أعذار، فالتقصير أفضل، وإذا كان للموضوع توضيح فليكن بعد الصلاة لمن أراد أن يستزيد من المعرفة (9/65) ________________________________________ الجهر بالنية
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يقول بعض الناس: إن التلفظ بالنية فى الصلاة بدعة، فالنية محلها القلب، فهل لو تلفظ بها المصلى تبطل صلاته أو يضيع ثوابها؟
الجواب النية معناها القصد، والقصد عمل قلبى، فلا يجب التلفظ بها فى الصلاة وغيرها، ولا يتوقف قبول الصلاة على التلفظ بها سرا أو جهرا. وقد قال الشافعية: لا بأس بالتلفظ بها، بل يُسَنُّ، وذلك ليساعد اللسان القلب، فلو ترك التلفظ بها فالصلاة صحيحة ومقبولة إن شاء الله، إذا توافرت فيها عوامل القبول بعد الأداء الشكلى، ومنها الخشوع والإخلاص. وجاء فى "فقه المذاهب الأربعة" أن المالكية قالوا: التلفظ بالنية خلاف الأولى إلا للموسوس فإنه مندوب، دفعا للوسوسة. وقال الأحناف: إن التلفظ بدعة. إذ لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولا عن أصحابه. ويستحسن دفعا للوسوسة. فالخلاصة أن النية فى الصلاة محلها القلب، ولا يشترط التلفظ بها. بل قال الأحناف: إنه بدعة، وقال المالكية: إنه خلاف الأولى، وذلك لغير الموسوس فيكون التلفظ مندوبا أو مستحسنا. وقال الشافعية: إنه سنة. وابن القيم فى كتابه "زاد المعاد" ج 1 ص 51 نعى بشدة على من يقول بجواز النطق بالنية، وصحح رأى الشافعية فى ذلك فقال: كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، ولم يقل شيئا قبلها، ولا يلفظ بالنية البتة، ولا قال: أصلى له صلاة كذا مستقبل القبلة أربع ركعات إماما أو مأموما، ولا قال: أداء ولا قضاء ولا فرض الوقت. وهذه عشر بدع لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مسند ولا مرسل لفظة واحدة منها البتة، بل ولا عن أحد من أصحابه، ولا استحسنه أحد من التابعين ولا الأئمة، وإنما غرَّ بعض المتأخرين قول الشافعى رضى الله عنه فى الصلاة إنها ليست كالصيام ولا يدخل أحد فيها إلا بذكر، فظن أن الذكر تلفظ المصلى بالنية، وإنما أراد الشافعى رحمه الله بالذكر تكبيرة الإحرام ليس إلا، وكيف يستحب الشافعى أمرا لم يفعله النبى صلى الله عليه وسلم فى صلاة واحدة ولا أحد من خلفائه وأصحابه؟ هذا هو رأى ابن القيم، وللأئمة آراؤهم، والحكم على ما ذكر بأنه بدعة ليس مسلَّما على طول الخط أنه ضلالة، فقد قال به علماء أفاضل، وجعلوه سنة أو مستحبا ومندوبا فى بعض الحالات كالوسوسة، مع العلم بأن التلفظ بها لا يضر وقد ينفع (9/66) ________________________________________ إمامة اللقيط
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال تربى ولد فى الملجأ حتى تخرج فى المدارس ونال قسطا من التعليم الدينى، فأراد جماعة بنوا مسجدًا أن يجعلوه إماما لهم فى الصلاة، فقيل لهم: هذا لا يجوز، فما هو رأى الدين فى ذلك؟
الجواب اللقيط يغلب أن يكون نتاج علاقة جنسية غير مشروعة، وأوجب الفقهاء التقاطه ورعايته، لأنه لا ذنب له فى هذا المصير، وقد يكون له شأن فى التاريخ. والقرطبى فى تفسيره "ج 1 ص 355" أثار مسألة إمامته فى الصلاة، وقال: إن الإمام مالكا يكره أن يكون راتبا، أى إماما دائما معينا لذلك، وكذلك كرهه عمر بن عبد العزيز، وكان عطاء بن أبى رباح يقول: له أن يؤم إذا كان مرضيا، وهو قول الحسن البصرى والزهرى والنَخعى وسفيان الثورى والأوزاعى وأحمد بن حنبل وإسحاق. وتجزىء الصلاة خلفه عند أصحاب الرأى "أبى حنيفة وأصحابه" وغيره أحب إليهم، والشافعى قال: أكره أن ينصَّب إماما راتبا مَن لا يُعرف أبوه، ومن صلى خلفه أجزأه. وقال عيسى بن دينار: لا أقول بقول مالك فى إمامة ولد الزنى، وليس عليه من ذنب أبويه شىء، ونحوه قال ابن عبد الحكم إذا كان فى نفسه أهلا للإمامة، قال ابن المنذر: يؤم، لدخوله فى جملة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "يؤم القوم أقرؤهم " وقال أبو عمر: ليس فى شىء من الآثار الواردة فى شرط الإمامة ما يدل على مراعاة نسب، وإنما فيها الدلالة على الفقه والقراءة والصلاح فى الدين. بعد هذا العرض لآراء الفقهاء نرى أن إمامته جائزة والصلاة خلفه صحيحة بالاتفاق، وأن الجمهور على ذلك إذا كان حسن السير والسلوك متفقها فى الدين، فليست العبرة فى الإمامة بالأنساب بل بالفقه والصلاح، وهو متفق مع قوله تعالى {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وعموم الحديث الذى يقدم فى الإمامة من هو أفقه وأقرأ. والقليلون كرهوا أن يكون إماما راتبا، ولم يكرهوا أن يؤم الناس فى بعض الأحيان، وهو إحساس عاطفى أكثر منه عقليا (9/67) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الخميس 18 يناير 2024, 7:50 pm | |
| كوب ماء لخطيب الجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز للإمام أن يطلب كوب ماء إذا شعر بالتعب فوق المنبر؟
الجواب لا مانع من طلب الخطيب ماء ليشربه أو دواء ليتناوله، وقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم نزل من فوق المنبر وأخذ الحسن الذى كان يتعثر فى قميصه وأجلسه إلى جواره وهو يخطب، فالخطبة لا تبطل بشىء من ذلك، لا بالأكل والشرب، ولا بالكلام العادى ولا بالحركة مطلقا، والأولى أن يكون ذلك عند الحاجة وفى أضيق الحدود، وللعرف دخل كبير فى هذا الموضوع (9/68) ________________________________________ قراءة سورة المسد فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل حرام أن يقرأ الإنسان فى الصلاة سورة المسد؟
الجواب لم يرد دليل يمنع قراءة المسد فى الصلاة، فالقرآن كله كلام الله يتلى فى كل حين، سواء أكان داخل الصلاة أم خارجها، وعاطفة بعض الناس التى تقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم يتأذى من قراءتها لأنها فى حق عمه أبى لهب -عاطفة لا وزن لها أبدا، فما لقيه الرسول صلى الله عليه وسلم منه لم يلقه من أحد من أقاربه، ولم يرد عنه أنه لم يقرأها فى الصلاة أو أنه نهى الناس عن قراءتها فيها (9/69) ________________________________________ سلطة الحاكم فى تعيين الخطباء
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نرى فى بعض المساجد، وبخاصة الزوايا الصغيرة، بعض الخطباء يتناولون موضوعات فيها إثارة كاد بعض المستمعين أن يقاطعه فيها، فلماذا لا توجد رقابة على من يقومون بالإرشاد والتوجيه؟
الجواب إن بعض من يعتلى المنابر أو يتصدر مجالس الوعظ قد يكونون على غير دراية صحيحة بما يتحدثون فيه فيُضلون ويُضَلُّون. وقد يكونون على دراية ولكن يختارون موضوعات خلافية يقصدون بها الإثارة أو لفت الأنظار إليهم والالتفاف حولهم، وهؤلاء مراءون أو مجافون لأسلوب الدعوة كما وجه الله رسوله إليه {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن} النحل:125. وغير العالم بالحكم الصحيح يجب أن يمنع حتى يتعلم ويفقه، ومثير الفتنة يجب أن يمنع من إثارتها والمساجد أو الزوايا التى تحتضن هؤلاء يجوز أن تمنع إقامة الجمعة ودروس الوعظ منها. ولا يصح أن يقال: إن ذلك المنع منهى عنه لقوله تعالى {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى فى خرابها} البقرة: 114، فقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم بإحراق مسجد الضرار الذى اتخذه بعض المنافقين لمناهضة الدعوة وتفريق الصفوف كما قال سبحانه {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون} التوبة: 107. وقد أمر علىّ رضى الله عنه بإخراج القُصَّاص الذين لا يتحرون الدقة فى قصصهم -من مسجد البصرة، ولم يترك إلا الحسن البصرى لاستقامة كلامه. ويرى الإمام أبو حنيفة أنه لا يجوز أن يخطب الجمعة إلا من هو أهل لذلك، والذى يقدِّر هذه الأهلية هو الحاكم أو ولى الأمر أو المسئول عن المنابر، الذى يعطى الخطيب إذنا أو شهادة بذلك. وقد وضح ذلك الماوردى فى "الأحكام السلطانية" ص 188، 248 وجاء فى تفسير القرطبى "ج 8 ص 254" ما نصه: قال علماؤنا: وكل مسجد بنى على ضرار أو رياء وسمعة فهو فى حكم مسجد الضرار، لا تجوز الصلاة فيه (9/70) ________________________________________ مساجد وأسماء
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى إطلاق أسماء بعض الحكام والأغنياء وذوى الشهرة على المساجد التى أنفقوا على إنشائها، وهل هذا يتنافى مع قول الله تعالى {وأن المساجد لله} الجن: 18؟
الجواب لا مانع من إطلاق أسماء بعض الناس على المساجد، وهذا الإطلاق قد يكون من غير من بنى المسجد، وذلك لتخليد اسم شخص عالم أو حاكم أو مصلح، وقد يكون هو الذى بنى المسجد وميزه باسمه. أما تخليد أسماء بعض الناس بنسبة المساجد إليهم فلا مانع منه إذا كان هذا الشخص يستحق ذلك، وإذا كانت نية من قاموا بهذا العمل حسنه. وأما كتابة بانى المسجد اسمه عليه فيرجع فيه أيضا إلى نيته، فإن كان لمجرد تمييزه عن غيرة وسهولة الاستدلال عليه أو عمل الإجراءات اللازمة له فلا مانع، وإن كان للفخر والرياء فممنوع، والنصوص فى وجوب الإخلاص لله وتحريم الرياء كنيرة، والحديث معروف " إنما الأعمال بالنيات ". وإذا كان القصد من إطلاق اسم بانى المسجد عليه إثارة الحماس فى نفوس الأغنياء أن يقيموا منشأة دينية مثله فربما يكون أهلا للتقدير والاحترام، والله سبحانه هو الذى يقدر نيته، على غرار ما كان من تنافس الصحابة فى تمويل غزوة العسرة، ومحاولة بعضهم أن يكون نصيبه فيها أكثر، ومدح الرسول لعثمان الذى قدم كثيرا، والله يقول فى مثل هذه الظروف {إن تبدوا الصدقات فنعما هى وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} البقرة: 271. ولا صلة لنسبة المسجد لبعض الناس بقوله تعالى {وأن المساجد لله} فالمعنى أن المساجد بيوت الله لا يعبد فيها سواه كما كان يعبد المشركون الأصنام فى مسجد مكة، وهو بيت الله سبحانه (9/71) ________________________________________ الصلاة بحضرة الطعام
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "إذا وضع العشاء فقدموه على العِشاء "؟
الجواب روى مسلم وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا وضع العَشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعَشَاء".. . وروى البخارى عن نافع أن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما كان يوضع الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ وإنه يسمع قراءة الإمام. يقول الخطابى: إنما أمر النبى صلى الله عليه وسلم أن يُبْدأ بالطعام لتأخذ النفس حاجتها منه، فيدخل المصلى فى صلاته وهو ساكن الجأش - القلب - لا تنازعه نفسه شهوة الطعام، فيُعْجِلُه ذلك عن إتمام ركوعها وسجودها وإيفاء حقوقها. اهـ فالحديث ليس خاصا بصلاة العشاء، وإنما هو عام فى كل صلاة ينبغى أن يدخلها الإنسان خاليا من المؤثرات التى تشده عن الخشوع فيها، وقد مر شرح ذلك فى شرود الذهن فى الصلاة وعلاجه (9/72) ________________________________________ نسيان الفاتحة فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم من نسى قراءة الفاتحة فى الركعة الأولى من الصلاة؟
الجواب قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة عند جمهور الفقهاء، للحديث الصحيح "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " ومن تركها عمدا بطلت صلاته، فإن تركها ناسيا وتذكر قبل أن يصل إلى مثلها من الركعة التالية وجب عليه أن يعود إلى القيام ويقرأها، فإن تذكر وهو يقرؤها فى الركعة التالية ضاعت عليه الركعة السابقة وعليه أن يأتى ببدلها. وعند أبى حنيفة لو تركها سهوا يجب عليه أن يسجد للسهو، فإن لم يسجد وجبت عليه إعادة الصلاة، فإن لم يعدها كانت صحيحة وعليه الإثم. هذا، وإذا كانت الصلاة باطلة فهى غير مقبولة. ولو صحت عند أبى حنيفة عند عدم إعادتها أو عدم سجود السهو كان عليه ذنب يذهب بثواب الصلاة أو يقلله. كل هذا فى الإمام والمنفرد، أما المأموم فإن نسيان الفاتحة أو تركها عمدا لا يبطل الصلاة عند أبى حنيفة لتحريمه قراءتها خلف الإمام، وكذا عند بعض الأئمة، وقد مر ذلك واضحا (9/73) ________________________________________ الصلاة والزينة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يقول الله تعالى {يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} الأعراف: 21، فهل يجوز للمرأة أن تصلى بالماكياج؟
الجواب جاء فى سبب نزول هذه الآية ما رواه مسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كانت المرأة تطوف بالبيت وهى عريانة وتقول: من يعيرنى تِطْوافًا؟ تجعله على فرجها، وتقول. اليوم يبدو بعضُه أو كلُّه * وما بدا منه فلا أُحِلُّه فنزلت هذه الآية {خذوا زينتكم عند كل مسجد} وقال القاضى عياض: هذه المرأة هى ضُباعة بنت عامر بن قُرْط، وفى صحيح مسلم أيضا: كانت العرب تطوف بالبيت عراة إلا الحُمْس: قريش وما ولدت، كانوا يطوفون بالبيت عراة إلا أن تعطيهم الحمس ثيابا، فيعطى الرجالُ الرجالَ، والنساءُ النساءَ، وكانت الحمس يخرجون من المزدلفة، وكان الناس كلهم يقفون بعرفات. وفى غير مسلم: ويقولون: نحن أهل الحرم، فلا ينبغى لأحد من العرب أن يطوف إلا فى ثيابنا، ولا يأكل إذا دخل أرضنا إلا من طعامنا، فمن لم يكن له من العربى صديق بمكة يعيره ثوبا، ولا يسارٌ يستأجره به كان بين أحد أمرين: إما أن يطوف بالبيت عريان، وإما أن يطوف فى ثيابه، فإذا فرغ من طوافه ألقى ثوبه عنه فلم يمسه أحد، وكان ذلك الثوب يسمى اللَّقَى، قال قائل من العرب: كَفَى حَزَنًا كَدِّى عليه كأنه * لَقًى بين أيدى الطائفين حريم فكانوا على تلك الجهالة والبدعة والضلالة حتى بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى {يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} الآية. وأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا يطوف بالبيت عريان. ومعنى هذا أن الطواف بالمسجد الحرام لابد فيه من أخذ الزينة، وهى ستر العورة، لكن الآية لا تتحدث عن المسجد الحرام الذى لا يصح الطواف إلا فيه، بل قالت "كل مسجد" ولهذا قال بعض المفسرين: المراد إذا ذهبتم للصلاة فى أى مسجد فخذوا زينتكم. ويصح أن يراد بالزينة ستر العورة فى الصلاة، وكانوا لا يهتمون بها، فقد صح فى البخارى والنسائى عن عمرو بن سلمة قال: لما رجع قومى من عند النبى صلى الله عليه وسلم قالوا: قال "ليؤمكم أكثركم قراءة للقرآن " قال: فدَعَوْنى فعلَّمونى الركوع والسجود، فكنت أصلى بهم - وكان صبيًّا - وكانت علىَّ بردة مفتوقة-ثوب مشقوق -وكانوا يقولون لأبى: ألا تغطى عنا است ابنك -ألا تغطى عورته -هذا لفظ النسائى. وثبت عن سهل بن سعد قال: لقد كان الرجال عاقدى أزرهم فى أعناقهم من ضيق الأزر، خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصلاة كأمثال الصبيان، فقال قائل: يا معشر النساء لا ترفعن رءوسكن حتى ترفع الرجال. أخرجه البخارى والنسائى وأبو داود. ورأى جماعة أن زينة الصلاة هى النعال، لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم "خذوا زينة الصلاة " فسألوه: وما زينة الصلاة؟ قال " البسوا نعالكم فصلوا فيها" قال القرطبى: رواه أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم ولم يصح "ج 7 ص 189، 190 " وذكر ابن كثير أن تفسير الزينة بالنعال فيه نظر فى صحته عن النبى صلى الله عليه وسلم، وذكر أن من السنة التجمل عند الصلاة ولاسيما يوم الجمعة، ومنه الطيب والثياب البيض. وأورد فيها حديثًا بإسناد حسن رواه أهل السنن وكان بعض السلف إذا توجه إلى المسجد أخذ كل أدوات الزينة تنفيذًا لأمر الله تعالى. بعد هذا نقول: إن من زينة المرأة ما تستعمله من أصباغ ودهون وعطور، فهل يجوز لها أن تصلى بها؟ نعم يجوز ما دامت صلاتها فى بيتها أو فى مكان ليس فيه رجال أجانب. بشرط أن يكون " الماكياج " بعد الوضوء أو الغسل، أما قبل ذلك فلابد من إزالته حتى يصح التطهر ولا يجوز بعد الصلاة أيضا أن تظهر للأجانب بهذه الزينة حتى لا يضيع ثواب الصلاة أو يقل (9/74) ________________________________________ الترقية بين يدى الخطيب
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال فى بعض المساجد إذا أذن المؤذن بين يدى خطيب الجمعة نصح الناس بالإنصات والخشوع، وتلا حديثا فى ذلك، فهل هذا بدعة مذمومة؟
الجواب لم يثبت أن ذلك كان أيام النبى صلى الله عليه وسلم أو فى عهد التشريع، ويدخل فى باب النصيحة، وذلك قبل أن يشرع الخطيب فى الخطبة، ولا أجد نصا ينهى عن ذلك، فالإنصات المطلوب هو أثناء إلقاء الخطبة عند الجمهور. جاء فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة: أن أبا حنيفة قال: إن الترقية مكروهة كراهة تحريم، لأن الكلام ممنوع بعد خروج الإمام من خلوته إلى أن ينتهى من الصلاة، حتى لو كان ذكرا، أما صاحباه فقالا: لا يكره الكلام إلا حال الخطبة، وعليه فالترقية جائزة عندهما. والشافعية قالوا: إن الترقية بدعة حسنة، لأنها لا تخلو من حث على الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم وتحذير من الكلام أثناء الخطبة. والمالكية قالوا: إنها بدعة مكروهة لا يجوز فعلها، إلا إذا شرطها الواقف فى وقفه فتجوز. . والحنابلة قالوا: لا بأس بالكلام مطلقا قبل الخطبتين، وعليه فالترقية جائزة. والخلاصة أن الترقية جائزة عند صاحبى أبى حنيفة وعند الشافعى وأحمد، ومكروهة عند المالكية إذا لم يشترطها الواقف، فالجمهور على الجواز. وابن الحاج تعجب من مالك حيث يعمل بعمل أهل المدينة مع أنهم كانوا يقلدون فيها أهل الشام، تعجب كيف ينكرها هو وهم يجيزونها "الزرقانى على المواهب اللدنية ج 7 ص 394 ". هذا، والشيخ محمد عبده تعصب لمذهب أبى حنيفة، وحمل حملة عنيفة على من يقولون بجوازها، مع أنها بدعة، وكل بدعة فى الدين ضلالة، ولا عبرة بمن يقول: إن البدعة قد تكون حسنة "الفتاوى الإسلامية ج 1 ص 39 والتاريخ 14من رمضان 1321 هـ " ولم هذا التعصب وجمهور الأئمة قال بالجواز، وليس فيها ضرر؟ (9/75) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الخميس 18 يناير 2024, 7:56 pm | |
| السلام وتحية المسجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال إذا دخل الإنسان المسجد ووجد شخصًا أو جماعة جالسين هل يبدأ بالسلام عليهم، أم يبدأ بتحية المسجد؟
الجواب يقول النووى فى كتابه "الأذكار ص 249": السنة أن المسلم يبدأ بالسلام قبل كل كلام، والأحاديث الصحيحة وعمل سلف الأمة وخلفها على وفق ذلك مشهورة فهذا هو المعتمد فى دليل الفصل، يعنى البدء بالسلام قبل كل شىء. ثم قال: وأما الحديث الذى رويناه فى كتاب الترمذى عن جابر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " السلام قبل الكلام " فهو حديث ضعيف، قال الترمذى: هذا حديث منكر. يقول ابن علان شارح كتاب الأذكار فى تعليل البدء بالسلام: أى لأنه تحية يبدأ به، فيفوت بالافتتاح بالكلام، كتحية المسجد فإنها قبل الجلوس وتفوت به. انتهى يؤخذ من هذا أن الداخل للمسجد الذى فيه شخص أو جماعة مطلوب منه سُنتان: تحية المسجد وتحية المسلم، فبأيهما يبدأ؟ لعل البعض يقول: تحية المسجد أوَّلاً لأنه بيت الله فكأنها تحية لله، وتحية الله مقدمة على تحية الإنسان. لكن لا يغيب عنا أن السلام يفوت بالانشغال بأى شىء قبله، سواء أكان كلاما أم عملا، كما تقدم من الاستدلال على ذلك، فلو صلى تحية المسجد فلا معنى لتحية المسلم بالسلام بعدها لأنها فاتت، ومن هنا يكون الأفضل البدء بتحية السلام ثم يأتى بتحية المسجد لأنها لا تفوت إلا بالجلوس، والداخل ما زال قائما لم يجلس، فيسلم على الحاضرين ثم يصلى تحية المسجد، وهنا يكون قد جمع بين التحيتين، والأساس كما قلت:إن تحية السلام تفوت بالانشغال بأى شىء، وتحية المسجد لا تفوت إلا بالجلوس. هذا، وما كنت أحب أن أشغل القارئ بهذه المسألة لولا أن كثيرا يثيرونها والله أعلم بغرضهم من ذلك، وأمامنا ما هو أهم بالبحث (9/76) ________________________________________ المؤذن والمقيم
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل صحيح أن يقوم بالأذان شخص، وأن يقيم للصلاة شخص آخر؟
الجواب تحدث القرطبى فى تفسيره "ج 6 ص 229" عن اختلاف العلماء فى هذه المسألة، فقال: ذهب مالك وأبو حنيفة وأصحابهما إلى أنه لا بأس بأن يؤذن شخص ويقيم غيره. لحديث محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره إذ رأى النداء فى النوم -أن يلقيه على بلال، فأذن بلال، ثم أمر عبد الله بن زيد فأقام. رواه أحمد وأبو داود. وقال الثورى والليث والشافعى: من أذن فهو يقيم، لحديث عبد الرحمن بن زياد بن أنْعُم عن زياد بن نُعَيْم عن زياد بن الحارث الصدائى قال. أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان أول الصبح أمرنى فأذنت، ثم قام إلى الصلاة فجاء بلال ليقيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن أخا صداء أذَّن، ومن أذَّن فهو يقيم " قال أبو عمر: عبد الرحمن بن زياد هو الإفريقى، وأكثرهم يضعِّفونه، وليس يروى هذا الحديث غيره، والأول أحسن إسنادا إن شاء الله. والمناقشات طويلة فى نيل الأوطار "ج 2 ص 58 ". ثم انتهى القرطبى إلى قوله: ومع هذا فإنى أستحب إذا كان المؤذن واحدا راتبا أن يتولى الإقامة، فإن أقامها غيره فالصلاة ماضية بإجماع. يؤخذ من هذا أن العلماء فريقان، وذلك كله فى الأفضلية، أما الصحة فهى متفق عليها، سواء أقام المؤذن أم أقام غيره، والأمر لا يحتاج إلى تعصب ولا طول بحث (9/77) ________________________________________ أفراح العيد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى اللعب واللهو والسهر أيام العيد؟
الجواب فى الأعياد المشروعة كعيد الفطر وعيد الأضحى لا بأس بالتمتع بالطيبات المشروعة وإظهار الفرح والسرور على تمام النعمة بالصيام وبالحج. ومن المتع المشروعة الغناء الطيب العفيف الذى لا يثير فتنة عقلية أو خلقية، وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم استمع وأجاز لعائشة أن تسمع الأغانى فى يوم العيد. ولما استنكر أبوها أبو بكر ذلك بيَّن له الرسول صلى الله عليه وسلم أن اليوم عيد، ولكل قوم عيد، وفى بعض الروايات "لتعلم يهود أن فى ديننا فسحة ". وثبت أنه صلى الله عليه وسلم نظر هو والسيدة عائشة إلى لعب الحبشة بالحراب فى مسجده، وفى الحديث "إن لربك عليك حقا ولبدنك عليك حقا" وقال الرسول صلى الله عليه وسلم لحنظلة الذى يكون عنده فى روحانية، فإذا خرج من عنده شغل بأهله وماله "يا حنظلة ساعة وساعة" ثلاث مرات. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقا. فالمتعة إذا كانت فى حدود المشروع لا مانع منها أبدا، على أن تكون بقدر، أما الخروج على الآداب والانطلاق فى التمتع بما يتنافى مع الدين والأدب فهو ممنوع قطعا. وتوضيح ذلك موجود عند الحديث عن الموسيقى والغناء (9/78) ________________________________________ الهوى إلى السجود
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هو الأفضل عند الهوى إلى السجود هل نقدم اليدين أم الركبتين؟
الجواب أخرج أحمد وأبو داود والنسائى عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه ثم ركبتيه ". وروى الخمسة إلا أحمد عن وائل بن حجر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه. جمهور الفقهاء على وضع الركبتين قبل اليدين، ومالك والأوزاعى والشيعة يميلون إلى وضع اليدين قبل الركبتين. قال ابن القيم فى كتابه "زاد المعاد" حديث أبى هريرة انقلب متنه على بعض الرواة، ولعله "وليضع ركبتيه قبل يديه " وقد جاء مرويا فى مسند أبى بكر بن أبى شيبة "إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه، ولا يبرك كبروك الفحل " وقال ابن القيم أيضا: حديث أبى هريرة متناقض أوله مع آخره، لأنه نهى عن بروك البعير، ووضع اليدين أولا هو كبروك البعير. قال النووى: لا يظهر له ترجيح أحد المشاهدين. وابن القيم رجح حديث وائل وأطال الكلام فى ذلك، وذكر عشر مرجحات. وما دام الأمر خلافيا بين الفقهاء فلا يصح التمادى فى التعصب لرأى من الآراء (9/79) ________________________________________ الصلاة فى زيادات الحرمين
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يحرص كثير من زوار المسجد الحرام والمسجد النبوى على الصلاة فى المساحة التى كانت أيام النبى صلى الله عليه وسلم لأنها المقصودة بزيادة الثواب فيها، ولكن الواقع لا يمكِّنْ كل الزوار من ذلك، فهل لو صلينا فى الزيادات المضافة للمسجد الأصل يكون ثوابنا مضاعفا أيضا؟
الجواب صح فى الحديث أن الصلاة فى المسجد الحرام بمكة بمائة ألف صلاة فيما سواه، كما رواه الطبرانى وابن خزيمة، وفى المسجد النبوى بالمدينة بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام كما رواه مسلم. وهذا واضح فى مساحة المسجد التى كانت موجودة فى أيام النبى صلى الله عليه وسلم لكن طرأت على المسجدين زيادات فى عصور متعددة، كما كثر عدد المترددين عليهما للصلاة، فكيف يفعل من لم يستطع أن يجد له مكانا فى المساحة المحدودة؟ اختلف العلماء فى فضل الصلاة فى الزيادة الطارئة على الأصل، فقال النووى: الفضل خاص بالأصل دون الزيادة، مستدلا بقول النبى صلى الله عليه وسلم "فى مسجدى هذا" فالإشارة إلى ما بناه هو وحدده، لا ما بناه غيره فيما بعد. لكن قد يُرَدُّ عليه بأن الحديث قال هذه العبارة ليخرج المساجد الأخرى، لا ليخرج الزيادة فى مسجده والنووى وحده هو صاحب هذا الرأى، وقيل: رجع عنه. وجمهور العلماء على أن كل زيادة فى المسجدين لها هذا الحكم، فقد سئل مالك رحمه الله عن ذلك فقال: النبى صلى الله عليه وسلم تحدث بما سيكون بعده فزويت له الأرض فرأى مشارقها ومغاربها، ولولا تحدثه بما يكون بعده ما استجاز الخلفاء أن يزيدوا فى مسجده بحضرة الصحابة، دون أن ينكر عليهم أحد "خلاصة الوفا للسمهودى " ص 97. قال ابن تيمية: وهو الذى يدل عليه كلام المتقدمين وعملهم، وكان الأمر عليه زمن عمر وعثمان، فزادوا فى قبلة المسجد، وكان وقوفهما فى الصلوات وفى الصف الأول فى الزيادة، وما بلغنى عن أحد من السلف خلاف هذا، ويشهد له روايات للديلمى وغيره "لو مُدَّ هذا المسجد إلى صنعاء لكان مسجدى" وسنده واهٍ، وعن عمر رضى الله عنه: لو زدنا فيه حتى بلغ الجبانة كان مسجد الرسول. وفى سنده متروك. ويقاس على مسجد المدينة مسجد مكة. هذا فضل الصلاة فى المسجد وزياداته، أما الصلاة خارج هذه الزيادات فلا تعطى هذا الثواب، وإلا لصلَّى الناس فى بيوتهم، وبخاصة أن الحرم يتجاوز مكة التى قد يتسع عمرانها، ويدخل فيه المزدلفة، وله حدود معينة. وأرى أن صفوف المصلين خارج المسجد لو اتصلت بالصفوف التى داخله يرجى لها ثواب الصلاة فى المسجد، وإن كان الحرص على الصلاة داخل المسجد يجعل الإنسان يبادر بالذهاب إليه حتى يجد مكانا فيه، والمبادرة لحضور الصلاة مطلوبة (9/80) ________________________________________ هدم المسجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال عندنا مسجد آيل للسقوط، هل يجوز هدمه وتعطيله؟
الجواب إذا كان المسجد آيلا للسقوط وأريد ترميمه أو هدمه وبناء غيره فلا مانع من ذلك، لكن لو كان المسجد صالحا للصلاة فيه بدون ضرر فلا يجوز هدمه ولا بيعه ولا تعطيله وإن خربت المحلة كما يقول علماء المالكية "تفسير القرطبى ج 2 ص 78 ". ويجوز منع بناء المسجد، وهدمه بعد بنائه إذا قصد به الشقاق والخلاف، كبنائه بجوار مسجد أو بقربه دون حاجة إليه، كما يقول المالكية "المرجع السابق " ولذلك لا يجوز عندهم أن يكون فى المصر جامعان، ولا لمسجد واحد إمامان، ولا يصلى فى مسجد جماعتان. يؤخذ من أقوال الفقهاء أنه يجوز الانتفاع بالمسجد القديم الآيل للسقوط فى إعادة بنائه أو فى مسجد آخر فى مكان آخر، أما استعماله لغير ذلك فلا يجوز، ويبقى متعطلا " الفتاوى الإسلامية - المجلد السادس ص 2156 والسابع ص 3256، 3260" (9/81) ________________________________________ الرقابة على المساجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز لأحد من المسئولين أن يمنع أحدا من الخطابة والوعظ فى المساجد؟
الجواب جاء فى كتاب الأحكام السلطانية للماوردى "ص 188 "قوله: وأما جلوس العلماء والفقهاء فى الجوامع والمساجد والتصدى للتدريس والفتيا فعلى كل واحد منهم زاجر من نفسه ألا يتصدى لما ليس به بأهل، فيضل به المستهدى ويزل به المسترشد، وقد جاء فى الأثر "أجروكم على الفتيا أجروكم على جراثيم جهنم " - حديث مرسل رواه الدارمى عن عبد الله بن أبى جعفر. وللسلطان فيهم من النظر ما يوجبه الاختيار من إقرار أو إنكار، فإذا أراد من هو لذلك أهل أن يترتب - يوظف - فى أحد المساجد لتدريس أو فتيا نُظِرَ حال المسجد، فإن كان من مساجد المحال - الأهلية - التى لا يترتب الأئمة فيها من جهة السلطان لم يلزم من ترتب فيه للتدريس والفتيا استئذان السلطان فى جلوسه، كما لا يلزم أن يستأذنه فيه من ترتب للإمامة. وإن كان من الجوامع وكبار المساجد التى ترتب الأئمة فيها بتقليد السلطان روعى فى ذلك عرف البلد وعادته فى جلوس أمثاله، فإن كان للسلطان فى جلوس مثله نظر لم يكن له أن يترتب للجلوس فيه إلا عن إذنه، كما لا يترتب للإمامة فيه إلا عن إذنه، لئلا يفتات عليه فى ولايته، وإن لم يكن للسلطان فى مثله نظر معهود لم يلزم استئذانه للترتيب فيه وصار كغيره من المساجد. وإذا ارتسم بموضح من جامع أو مسجد فقد جعله الإمام مالك أحق بالموضع إذا عرف به، والذى عليه جمهور الفقهاء أن هذا يستعمل فى عرف الاستحسان، وليس بحق مشروع، وإذا قام عنه زال حقه منه، وكان السابق إليه أحق، لقول الله تعالى {سواء العاكف فيه والباد} الحج:25. ويمنع الناس فى الجوامع والمساجد من استطراق - اختراق - حلق الفقهاء والقراء، صيانة لحرمتها، وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم "لاحمى إلا فى ثلاث: ثُلَّة البئر، وطَوْلُ الفرس، وحلقة القوم " فأما ثلة البئر فهو منتهى حريمها، وأما طول الفرس فهو ما دار فيه بمقوده إذا كان مربوطا، وأما حلقة القوم فهو استدارتهم فى الجلوس للتشاور والحديث. وإذا تنازع أهل المذاهب المختلفة فيما يسوغ فيه الاجتهاد لم يعترض عليهم فيه، إلا أن يحدث بينهم تنافر فيكفوا عنه، وإن حدث منازع ارتكب مالا يسوغ فيه الاجتهاد كف عنه ومنع منه، فإن أقام عليه وتظاهر باستغواء من يدعو إليه لزم السلطان أن يحسم بزواجر السلطنة ظهور بدعته، ويوضح بدلائل الشرع فساد مقالته، فإن لكل بدعة مستمعا، وكل مُستغو متبعا، وإذا تظاهر بالصلاح من استبطن ما سواه ترك، وإذا تظاهر بالعلم من عرى منه هتك، لأن الداعى إلى صلاح ليس فيه مصلح، والداعى إلى علم ليس فيه مضل. انتهى. وقال فى صفحة 100: إن المساجد ضربان: مساجد سلطانية ومساجد عامية - أهلية - فأما المساجد السلطانية فهى المساجد والجوامع والمشاهد، وما عظم وكثر أهله من المساجد التى يقوم السلطان بمراعاتها، فلا يجوز أن ينتدب للإمامة فيها إلا من ندبه السلطان لها، وقلَّده الإمامة فيها، لئلا يفتات الرعية فيما هو موكول إليه، فإذا قلد السلطان فيها إماما كان أحق بالإمامة فيها من غيره وإن كان أفضل منه وأعلم، وهذه الولاية طريقها طريق الأولى لا طريق اللزوم والوجوب. ثم قال: وإذا صلى إمام هذا المسجد بجماعة وحضر من لم يدرك تلك الجماعة لم يكن لهم أن يصلوا فيه جماعة وصلَّوا فيه فرادى، لما فيه من إظهار المباينة والتهمة بالمشاقة والمخالفة. ثم قال: وإذا قلد السلطان لهذا المسجد إمامين وأطلق التقييد من غير تخصيص كل واحد منهما ببعض الصلوات كانا فى الإمامة سواء، وأيهما سبق إليها كان أحق بها، ولم يكن للآخر أن يؤم فى تلك الصلاة بقوم آخرين، لأنه لا يجوز أن يقام فى المساجد السلطانية جماعتان فى صلاة واحدة. ثم ذكر أن للإمام أن يعمل برأيه واجتهاده فى أحكام صلاته، ولم يكن للسلطان أن ينهاه عن ذلك، ولا للمأمومين أن ينكروه عليه، كالشافعى الذى يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ويقنت فى الصبح، والحنفى الذى يترك البسملة والقنوت. ثم ذكر أنه يجوز أن يأخذ الإمام رزقا على الإمامة من بيت المال من سهم المصالح، ومنع أبو حنيفة من ذلك. وأما المساجد العامية التى يبنيها أهل الشوارع والقبائل فى شوارعهم وقبائلهم فلا اعتراض للسلطان عليهم فى أئمة مساجدهم، وتكون الإمامة فيها لمن اتفقوا على الرضا بإمامته، وإذا اختلف أهل المسجد فى اختيار إمام عمل على قول الأكثرين، فإن تكافا المختلفون - أى تساووا - اختار السلطان لهم إماما يكون أحسن دينا وقراءة وتفقها وأكبر سنا، وذلك لقطع تشاجرهم. وهذا فى الإمامة فى الصلوات اليومية، أما فى صلاة الجمعة فقال الماوردى: ذهب أبو حنيفة إلى أنها من الولايات الواجبة، فلا تصح صلاة الجمعة إلا بحضور السلطان أو من يستنيبه فيها، وذهب الشافعى وفقهاء الحجاز إلى أن التقليد-أى التعيين - فيها ندب، وأن حضور السلطان ليس بشرط فيها، فإن أقامها المصلون على شرائطها انعقدت وصحت. بعد هذه النقول عن الماوردى المتوفى سنة 450 هجرية: نرى أهمية التدريس والخطابة والوعظ فى المساجد، وأهمية الإمامة فيها، وبخاصة المساجد الحكومية، فلا يعين فيها ولا يتصدر لهذه المهمة إلا من كان أهلا لها، وإذا كان للمساجد الأهلية حرية فى تعيبن الإمام جاز لولى الأمر التدخل فى ذلك للمصلحة. ونرى أن حرية الرأى مكفولة فيما يسوغ فيه الاجتهاد، مع المحافظة على وحدة الصف وعدم تفرق الجماعة، وإمام المسجد هو المسئول عن ذلك، ولا يُعترض على ما يراه هو، وعلى المأمومين أن يتبعوه. وإذا تعدد الأئمة فى المسجد الواحد وجبت عليهم مراعاة الوحدة وعدم الخلاف. هذه تنظيمات مشروعة قال بها العلماء منذ ألف سنة وهى جديرة بمراعاتها فى عصرنا الحاضر، من أجل المعرفة الصحيحة بأمور الدين، والحيلولة دون المغرضين أو الجاهلين أن يشوهوا الوجه المشرق للإسلام، أو يفرقوا كلمة المسلمين (9/82) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الخميس 18 يناير 2024, 8:00 pm | |
| إعراب الأذان
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال سمعنا مؤذنا يقول: الله اكبر الله أكبر فى نفس واحد، ولكن بفتح الراء من " أكبر " فهل أذانه صحيح؟
الجواب عبارة "الله أكبر" يجوز الوقف على أخرها وذلك بإسكان الراء، فإذا وصلها بغيرها مثل "الله أكبر الله أكبر" يجوز إسكان الراء، لأن الوقف هو الأصل وهو يكون بالإسكان. ويجوز أن تحرك الراء بالضم، على الإعراب، لأن "أكبر" خبر لمبتدأ وهو مرفوع. ويجوز أن تحرك الراء بالفتح، إما بنقل حركة الحرف الذى بعدها، وإما للتخلص من التقاء الساكنين، وإن كان الأصل فيه أن يكون بالكسر، لكن اختير الفتح بدل الكسر للتفخيم، هكذا قال الإمام الراغب فى كتابه "بغية الراغب ودفينة الطالب " ص 5 (9/83) ________________________________________ أعضاء السجود
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نرى بعض الناس أثناء السجود يكون أحد قدميه نائما غير منتصب وأحيانا يكون القدمان نائمين، فهل صلاتهم صحيحة؟
الجواب السجود فى الصلاة ركن من أهم أركانها، وهو فرض بالنص والإجماع، قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا. . .} الحج: 77، ولا بد فيه من الطمأنينة كما علَّم النبى صلى الله عليه وسلم الصلاة لرجل رآه يسىء صلاته، حيث قال له "ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا" رواه البخارى ومسلم. وأجمعت الأمة على ذلك والطمأنينة أقلها زمن يسع " سبحان الله " ولم يقل بفرضيتها أبو حنيفة، لعدم ذكرها فى القرآن، ولم يعتد بالحديث المذكور. والحد الأدنى فى السجود أن يضع جزءا من جبهته على الأرض عند الجمهور، وأوجب أبو حنيفة وضع أكثر الجبهة مع التحامل عليها، للحديث الذى رواه ابن حبان فى صحيحه "إذا سجدت فمكِّن جبهتك من الأرض ولا تنقر نقرا " ولا بد أن تكون الجبهة مكشوفة غير مغطاة وقد تقدم الكلام فى ذلك. وهل يجب السجود على أعضاء أخرى غير الجبهة؟ روى البخارى ومسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أمرت بالسجود على سبعة أعظم: اليدين والركبتين والقدمين والجبهة " هناك للشافعية قولان، الأظهر عند الرافعى لا يجب السجود على غير الجبهة، والأظهر عند النووى الوجوب، وعلى ما صححه النووى، الاعتبار بباطن الكف فى اليدين، وببطون الأصابع فى القدمين، ولا يكفى ظهر الكف ولا ظهر الأصابع، ويكفى وضع جزء من كل هذه الأعضاء كإصبع واحدة. والحنفية قالوا: الواجب هو إحدى اليدين وإحدى الركبتين وإحدى القدمين. والسنة أن يكون السجود بالكل. والمالكية قالوا: السجود على غير الجبهة سنة غير واجب، والحنابلة قالوا مثل ما قال الشافعية، فإذا عجز عن السجود على بعض هذه الأعضاء سجد على بقيتها "الفقه على المذاهب الأربعة". وفى السجود على طرف الأنف خلاف. فالجمهور على عدم الوجوب، وعند أحمد روايتان، إحداهما بالوجوب بدليل حديث البخارى ومسلم فى الأمر بالسجود على سبعة أعظم أن النبى صلى الله عليه وسلم عند ذكر الجبهة أشار بيديه إلى أنفه، والثانية بعدم الوجوب "المغنى ج 1 ص 560، النووى على مسلم ج 4 ص 207، 208". من هنا نرى الاتفاق على وجوب السجود على الجبهة، وما عدا ذلك من الأعضاء فيه خلاف، قيل بالندب، وقيل بوجوب إحدى اليدين وإحدى الركبتين وإحدى القدمين، والدين يسر (9/84) ________________________________________ التنكيس فى السجود
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يشترط فى صحة السجود ألا يكون مكان الجبهة أعلى من مستوى الركبتين؟
الجواب قال الحنفية: ارتفاع موضع الجبهة يكون ضارا إذا زاد على نصف ذراع، إلا لضرورة، كسجود المصلى على ظهر المصلى الذى أمامه عند الزحام، وذلك بشرط ألا يجد مكانا خاليا لوضع جبهته. على الأرض وأن يكون فى صلاة واحدة، وأن تكون ركبتاه على الأرض. والشافعية قالوا: إن ارتفاع موضع الجبهة عن موضع الركبتين مبطل للصلاة إلا إذا رفع عجيزته وما حولها عن رأسه وكتفيه فتصح الصلاة، فالمدار عندهم على تنكيس البدن وهو رفع الجزء الأسفل من البدن على الجزء الأعلى منه فى السجود، وذلك حيث لا عذر، كالحامل، فالتنكيس غير واجب عليها إذا خافت الضرر. والمالكية قالوا: إذا كان الارتفاع كثيرا ككرسى متصل بالأرض فالسجود لا يصح على المعتمد، وإن كان قليلا فلا يضر، "الفقه على المذاهب الأربعة" (9/85) ________________________________________ التفريج بين القدمين فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نرى بعض المصلين يفرجون بين أقدامهم بدرجة كبيرة، وإذا كانوا فى جماعة ألصقوا أرجل بعضهم بأرجل البعض الآخر فتتسع المسافة بين قدمى المصلى بصورة لافتة للنظر، فما رأى الدين فى ذلك؟
الجواب إذا كان الإنسان يصلى إماما أو منفردا كان من السنة ألا يضم قدميه عند القيام فى الصلاة، بل يفرج بينهما، وذلك باتفاق الأئمة، أما المسافة بين القدمين فقدرها الحنفية بأربع أصابع، فإن زاد أو نقص كان مكروها، وقدرها الشافعية بشبر، وقال المالكية والحنابلة يكون التفريج متوسطا، بحيث لا يضم القدمين ولا يوسعهما كثيرا حتى يتفاحش عرفا. وإذا كان المصلى مأموما فى صف فمن السنة سد الفرج وتراصُّ الصفوف، وجاء فى ذلك حديث رواه البخارى ومسلم عن أنس رضى الله عنه قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال " أقيموا صفوفكم وتراصوا، فإنى أراكم من وراء ظهرى " وجاء فى رواية البخارى: فكان أحدنا يلزِقُ منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه. وجاء فى رواية أبى داود وابن خزيمة فى صحيحه عن النعمان بن بشير قوله: فلقد رأيت الرجل منا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وكعبه بكعبه. والكعب هو العظم الناتئ فى جانبى الرِّجْل عند ملتقى الساق بالقدم، لأنه هو الذى يمكن أن يلزق بالذى بجنبه، والقول بأن الكعب هو مؤخر القدم قول شاذ ينسب إلى بعض الحنفية ولم يثبته محققوهم كما جاء فى الفتح لابن حجر"ج 3 ص 147". وإلزاق أو لزق المناكب يتبعه بسهولة إلزاق الكعوب، لكن لو تباعدت المناكب اقتضى إلزاق الكعوب التفريج بين الأقدام بمسافة كبيرة تتفاحش عرفا كما يقول المالكية والحنابلة، وتزيد على الشبر كما يقول الشافعية وعلى الأصابع الأربعة كما يقول الحنفية، وذلك مكروه. وقد يحرص بعض الأشخاص على إلزاق الكعوب، على الرغم من تفاحش المسافة بين قدميه، فهو يريد فعل سنة فيقع فى مكروه، إلى جانب مضايقته لمن بجواره الذى يحاول ضم قدميه لكنه يلاحقه ويفرج بين قدميه بصورة لافتة للنظر وقد يضع رجله ويضغط عليها ومضايقة المصلى تذهب خشوعه أو تقلله، والإسلام نهى عن الضرر والضرار. وتضرُّر بعض المصلين من إلزاق جاره رجله برجله ذكره أحد رواة الحديث وهو معمر فيما أخرجه الإسماعيلى، حيث قال: ولو فعلت ذلك بأحدهم اليوم لنفر كأنه بغل شموس. فأرجو التنبه لذلك، إبقاءً على المودة ومساعدة على الخشوع فى الصلاة (9/86) ________________________________________ مخالفة الطريق إلى المسجد يوم العيد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يندب للإنسان إذا صلى العيد فى مكان أن يعود إلا بيته من طريق آخر؟
الجواب نعم يسن للإنسان إذا ذهب لصلاة العيد من طريق أن يعود من طريق آخر إلى بيته أو غيره، وذلك ليشهد له الطريقان، فقد روى البخارى عن جابر رضى الله عنه أنه قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق، وروى مسلم وغيره عن أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى العيد يرجع فى غير الطريق الذى خرج وهذه المخالفة سنة ولست بواجبة، إن فعلها أخذ ثوابا، وإن لم يفعلها فلا عقاب عليه. وكان بعض الصحابة يرجع من الطريق الذى ذهب منه دون إنكار عليه (9/87) ________________________________________ فتح المأموم على الإمام
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما معنى فتح المأموم على الإمام، وهل هو جائز أو غير جائز؟
الجواب معنى فتح المأموم على الإمام تنبيهه إلى ما يقروه من السور أو الآيات بعد قراءة الفاتحة، وهذا التنبيه قد يكون تصحيحا لخطأ فى القراءة، وقد يكون تذكيرا له بما يريد أن يقرأه، وهو مشروع. والأصل فى ذلك حديث رواه أبو داود عن مُسَوَّر بن يزيد المالكى قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فترك آية، فقال له رجل: يا رسول الله آية كذا وكذا، قال "فهلاَّ ذكرتنيها" وفى رواية له عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبى "أصليت معنا"؟ قال: نعم، قال "فما منعك "؟ . وإسناده جيد كما قال الخطابى. والمعنى أن النبى صلى الله عليه وسلم ترك آية فظن مسور أنها نسخت، فذكر له النبى صلى الله عليه وسلم أنها لم تنسخ وكان يود أني يذكره إياها. ومعنى "لبس " بفتح اللام والباء، التبس واختلط. جاء فى نيل الأوطار للشوكانى "ج 2 ص 339 " أن الحديثين يدلان على مشروعية الفتح على الإمام، على خلاف فى ندبه أو وجوبه عند الشيعة، وقال أبو حنيفة فى رواية عنه: إنه مكروه ودليله ما أخرجه أبو داود عن على رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا على لا تفتح على الإمام فى الصلاة " وأخرجه عبد الرزاق فى مصنفه، وهو مطعون فيه، ولا يعارض ما ورد فى مشروعية الفتح. وجاء فى المغنى لابن قدامة "ج 1 ص 711" أن الفتح على الإمام إذا أرتج عليه أو غلط فرُدَّ عليه لا بأس به فى الفرض والنفل، روى ذلك عن عثمان وعلى وابن عمر رضى الله عنهم، وكذلك بعض التابعين كالحسن وابن سيرين، وكرهه ابن مسعود من الصحابة، وشريح والشعبى. وقان أبو حنيفة: تبطل الصلاة به، وذكر الأحاديث السابقة ثم ذكر ابن قدامة أن الإمام إذا أرتج عليه فى الفاتحة لزم مَن وراءه الفتح عليه، كما لو نسى سجدة لزمهم تنبيهه بالتسبيح، فإن عجز عن إتمام الفاتحة فله أن يستخلف من يصلى بهم لأنه عذر كما لو سبقه الحدث. وجاء فى فقه المذاهب الأربعة ما خلاصته: 1 -أن الحنفية قالوا: إذا نسى الإمام الآية كأن توقف فى القراءة أو تردد فيها فإنه يجوز للمأموم الذى يصلى خلفه أن يفتح عليه، ولكنه ينوى إرشاد إمامه لا التلاوة، لأن القراءة خلف الإمام مكروهة تحريما. ويكره للمأموم المبادرة بالفتح على الإمام، كما يكره للإمام أن يلجئ المأموم على إرشاده، بل ينبغى له أن ينتقل إلى آية أخرى أو سورة أخرى، أو يركع إذا قرأ القدر المفروض والواجب. 2 -والمالكية قالوا: يفتح المأموم على إمامه إذا وقف عن القراءة وطلب الفتح بأن تردد فى القراءة، أما إذا وقف ولم يتردد فإنه يكره الفتح عليه، ويجب الفتح عليه فى الحالة الأولى إن ترتب عليه تحصيل الواجب لقراءة الفاتحة، ويُسَنُ إن أدَّى إلى إصلاح الآية الزائدة عن الفاتحة، ويندب إن أدى إلى إكمال السورة الذى هو مندوب. 3- والشافعية قالوا: يجوز للمأموم أن يفتح على إمامه بشرط أن يسكت عن القراءة، أما إذا تردد فى القراءة فإنه لا يفتح عليه ما دام مترددا، ولا بد لمن يفتح على إمامه أن يقصد القراءة وحدها، أو يقصد القراءة مع الفتح، أما إن قصد الفتح وحده، أو لم يقصد شيئا أصلا فإن صلاته تبطل على المعتمد. 4 - والحنابلة قالوا: يجوز للمصلى أن يفتح على إمامه إذا أرتج عليه (أى منع من القراءة) أو غلط فيها، ويكون الفتح واجبا إذا منع الإمام من القراءة أو غلط فى الفاتحة، لتوقف صحة الصلاة على ذلك. هذا، ولعل ما نقلته من فقه المذاهب الأربعة يوضح ما نقلته عن نيل الأوطار للشوكانى وعن المغنى لابن قدامة. واختلاف الآراء رحمة، لأنه يتيح الفرصة للأخذ بأحدها دون تعصب (9/88) ________________________________________ التبليغ خلف الإمام
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما رأى الدين فى قيام أحد المأمومين برفع صوته بالتكبير ليسمع المأمومون ويتابعوا الإمام؟
الجواب من السنة أن الإمام يجهر بالتكبير والتسميع والسلام، وذلك لإعلام المأمومين حتى يتابعوه، فإن كان المأمومون يسمعون ذلك منه كان التبليغ من غيره مكروها لعدم الحاجة إليه. فإن كان صوته ضعيفا لا يسمعهم فيُسَنُ لأحد المأمومين أن يقوم بالتبليغ، ففى حديث البخارى لما مرض النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى بالناس وأبو بكر يصلى بصلاته والناس يصلون بصلاة أبى بكر، فكان النبى إذا كبر كبر أبو بكر وكبر الناس بتكبيره، أى يقتدون بصوته. وجاء مثل ذلك فى رواية مسلم أن النبى صلى قاعدا وأبو بكر يُسمع الناس تكبيره، وفى رواية له: فإذا كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر أبو بكر ليسمعنا. وذكر النووى فى شرحه أن رفع الإمام صوته بالتكبير ليسمعه الناس ويتبعوه، وأن اتباع المقتدى صوت المكبر جائز فى مذهب الشافعية ومذهب الجمهور، ونقلوا فيه إجماع الصحابة والتابعين عليه وجرى العمل على هذا قديما. ويجب أن يقصد المبلغ، سواء أكان إماما أم غيره، الإحرام للصلاة بتكبيرة الإحرام، فلو قصد الإعلام والتبليغ فقط لم تنعقد صلاته. بل قال الشافعية: لا تنعقد صلاته لو قصد الإعلام والإحرام. هذا فى تكبيرة الإحرام، أما التكبيرات الأخرى وقول: سمع الله لمن حمده، والتحميد فإن قصد بها التبليغ فقط فلا تبطل صلاته، لكن فاته الثواب، لأن التبليغ مكروه، والشافعية يقولون فى غير تكبيرة الإحرام: إن قصد بهذه الأشياء مجرد التبليغ،أو لم يقصد شيئا بطلت صلاته، أما إن قصد التبليغ مع الذكر فصلاته صحيحة. وللحنفية ملخص آخر فى هذا التبليغ فقالوا: إذا رفع المبلغ صوته بذلك وكان لصوته نغم وتفنن فيه قاصدا بذلك إعجاب الناس به فصلاته تفسد على الراجح. "فقه المذاهب الأربعة، "القول البليغ " للحموى (9/89) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الخميس 18 يناير 2024, 8:06 pm | |
| متى يبدأ قصر الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال جعل الله لنا رخصة فى قصر الصلاة بسبب السفر، فمتى يتحقق السفر ومتى يجوز القصر؟
الجواب يقول الله سبحانه: {وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} النساء: 101، تفيد هذه الآية أن السفر يبيح للمسافر أن يصلى الصلاة الرباعية ركعتين، وهذا أمر مجمع عليه، فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعون، وكل المسلمين فى جميع العصور. ومع اختلاف العلماء فيما يتحقق به السفر المبيح للقصر، هل هو أى سفر ولو كان قصيرا أو هو السفر الطويل، وهل هناك تحديد للطول، مع اختلافهم فى ذلك قالوا: متى شرع فى السفر جاز القصر ولو بعد زمن قصير أو مسافة قصيرة جدا من البلد الذى بدأ منه السفر، وقالوا: إن مفارقة البلد تكون بتجاوز مبانيها كلها وتجاوز المرافق الملحقة بها. وهذه المفارقة فيها آراء. ا - فالشافعية قالوا: لا بد أن يصل إلى محل يُعدُّ فيه مسافرا عرفا، وابتداء السفر لساكن الأبنية يحصل بمجاوزة سور مختص بالمكان الذى سافر منه إذا كان السور صوب الجهة التى يقصدها المسافر، ومثل السور الخندق والقنطرة، فإن لم يوجد سور ولا خندق ولا قنطرة فالعبرة بمجاوزة العمران أى المبانى، ومنها المقابر المتصلة بها، ولو تعددت القرى وهى متصلة فى وحدة محلية واحدة فلا بد من تجاوزها كلها، فإن لم تكن متصلة فالعبرة بمجاوزة القرية التى يسكنها. هذا، إذا كان السفر برا، أما لو كان بحرا فالسفر يبدأ من أول تحرك السفينة من الميناء، وإذا كانت السفينة تسير محاذية للأبنية فلا يقصر حتى يجاوز الأبنية، ولو كان السفر جوا فلا يقصر حتى تتحرك الطائرة وتجاوز البلد. 2 - والحنفية قالوا: مثل ذلك فى مجاوزة الأبنية، ولم يشترطوا غيابها عن بصره ما دامت المجاوزة قد تحققت، كما نصوا على مجاوزة المرافق المتصلة بالبلد كالمدافن والملاعب وأمكنة القمامة، فإن كانت هذه المرافق منفصلة بمزرعة أو فضاء قدره أربعمائة ذراع فلا تشترط مجاوزته. ولم يأت فى فقه المذاهب الأربعة عنهم كلام على السفر فى البحر أو غيره. 3- والمالكية قالوا: لا بد من مجاوزة الأبنية والفضاء الذى حواليها والبساتين المسكونة بأهلها ولو فى بعض العام، بشرط اتصالها بالبلد حقيقة أو حكما بأن كان ساكنوها ينتفعون بأهل البلد. والعِزب المتصلة بالبلد لا بد من مجاوزتها ما دام بين سكانها ارتفاق بأهل البلد، لأنها كبلد واحد. 4 -والحنابلة قالوا: كلاما قريبا من هذا، وكلها أقوال اجتهادية لا نص فيها، وقد يكون للعرف دخل فى اعتبار السفر قد بدأ أو لم يبدأ. غير أنه روى عن بعض السلف أن من نوى السفر يقصر ولو فى بيته، ولم يوافق أحد من أصحاب المذاهب المشهورة عليه، لأنه ما دام فى بيته كيف يتحقق السفر، والنية ليست سفرا، فقد ينوى الإنسان قبل مغادرة البيت أو البلد بيوم أو ساعات طوال. فالأولى عدم العمل بهذا الرأى (9/90) ________________________________________ نقل المسجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال تخرب مسجد وليس له ما يعمر به واستغنى الناس عنه لبناء مسجد آخر، أو تهدم فى زلزال أو سيول، فهل يجوز التصرف فى أرضه لغرض آخر، أو لبناء مسجد بدله؟
الجواب إذا تحققت المسجدية فى أرض بالبناء والصلاة أصبح المسجد ملكا لله لا يجوز لأحد أن يتملكه أو يتصرف فيه بما يخرجه عن مهمته الدينية، لكن لو تخرب المسجد ولا يوجد ما يعمره، أو هاجر الناس من حوله واستغنوا عنه، إما قهرا واضطرارا كزلزال أو سيول، أو اختيارا كهجرة إلى مكان آخر، هنا اختلف الشيخان محمد وأبو يوسف صاحبا أبى حنيفة فى الحكم، فقال محمد: إنه يعود إلى ملك الواقف أو المتبرع إن كان حيا وإلى ورثته إن كان ميتا، لأنه عينه لقربة مخصوصة، فإذا انقطعت رجع إلى المالك، وإذا لم يعلم صاحبه ولا ورثته أو كان ملكا للجميع أقاموه بالجهود الذاتية جاز بيعه وصرف ثمنه فى مسجد آخر. وقال أبو يوسف: على الرغم من ذلك فهو ما يزال مسجدا إلى يوم القيامة، ولا يعود إلى ملك أحد من الناس، لأنه صار ملكا لله وحده، ولا يجوز نقل أنقاضه ولوازمه إلى مسجد آخر، وبالطبع لا يجوز الانتفاع بأرضه فى أى عمل آخر، وللناس أن يبنوا فوق الأرض مسجدا جديدا. وأكثر المشايخ على قول أبى يوسف، ورجحه الكمال بن الهمام، لكن روى عن أبى يوسف أيضا أنه وإن لم يعد المسجد إلى المالك يجوز أن تحول الأنقاض واللوازم إلى مسجد آخر، أو يباع ذلك بإذن القاضى ويصرف ثمنه فى أقرب مسجد له، وقد جزم بهذه الرواية صاحب "الإسعاف " وأفتى بها كثير من المتأخرين، لأن ترك الأنقاض وخلافها بدون صرفها إلى مسجد آخر يؤدى إلى ضياعها إذا طال الزمان. أما أبو حنيفة فنقل عنه مثل قول محمد، ونقل أيضا عنه مثل قول أبى يوسف. انتهى ملخصا من فتوى الشيخ حسن مأمون فى 24 من مايو سنة 1960 "الفتاوى الإسلامية ج 6 ص 2156". هذا، ووجه سؤال إلى الشيخ جاد الحق على جاد الحق سنة 1981م عن هدم مسجد آيل للسقوط لبناء مسجد جديد على قطعة منه وبناء عمارة على الباقى من أرضه فأجاب بتاريخ أول أبريل سنة 1981 م بما ملخصه: أن الفقه الشافعى: نعى كما فى كتاب إعلام الساجد للزركشى- على أنه إذا تعطل المسجد بتفرق الناس عن البلد أو خرابها أو خراب المسجد فلا يعود مملوكا، ولا يجوز بيعه ولا التصرف فيه، خلافا لمحمد بن الحسن الحنفى. والفقه المالكى: جرى على مثل ما ذهب إليه فقه الشافعية -كما فى كتاب التاج والإكليل على مختصر خليل، غير أنه أجاز فى المسجد إذا تخرب وخيف على أنقاضه من الفساد ولم ترج عمارته أن تباع ويوجه الثمن إلى مسجد آخر. وأجاز فقه الحنابلة -كما فى المغنى لابن قدامة - بيع المسجد إذا صار غير صالح للغاية ال مقصودة منه، كأن ضاق على أهله ولم يمكن توسيعه ليسعهم، أو خربت الناحية التى فيها المسجد وصار غير مفيد، ويصرف ثمنه فى إنشاء مسجد آخر فى مكان يحتاج إليه فيه. وفى الفقه الحنفى: أن المسجد إذا خرب ولم يكن له ما يعمر به واستغنى الناس عنه لبناء مسجد آخر، أو خرب ما حوله واستغنى عنه - يبقى مسجدا أبدا إلى يوم القيامة وذلك عند أبى حنيفة وأبى يوسف، وأما عند محمد بن الحسن فيعود إلى ملك من بناه، ونصوا على أنه إذا أراد أهل محلة نقض المسجد وبناءه أحسن من الأول إن كان من يريد بناءه من أهل المحلة كان لهم ذلك، وإلا لم يجز، كما نصوا على أن للقائم على المسجد أن يؤجر فناءه للتجار لصالح المسجد، ولفقراء المسلمين بإذن القاضى، أما فناء المسجد وحرمه فأعطاها بعضهم حكم مسجد آخر، وأتبعها آخرون للمسجد ذاته. وبعد سرد أقوال المذاهب قال: يجوز هدم المسجد الآيل للسقوط أو المتخرب وجعل ثمن أنقاضه فى مصاريف تجديده لبقاء المسجدية له، ويجوز توسيعه من الفناء الملحق به، وإقامة عمارة على بعض الفناء يصرف عائدها أو تستعمل لصالح المسجد ولصالح الفقراء، وذلك بإذن القاضى. "الفتاوى الإسلامية ج 9 ص 3254" (9/91) ________________________________________ المنبر النبوى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هى أوصاف المنبر الذى كان يخطب عليه النبى صلى الله عليه وسلم وما عدد درجاته؟
الجواب جاء فى الصحيح أن مسجد النبى صلى الله عليه وسلم كان مسقوفا على جذوع من نخل، وكان النبى إذا خطب يقوم إلى جذع منها، فلما صُنع له المنبر فكان عليه سمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار، وللنسائى: اضطربت تلك السارية فحنت كحنين الناقة الخلوج، أى التى انترغ ولدها، ولأحمد وابن ماجه: فلما جاوز الجذع خار حتى تصدع وانشق، وفيه: فأخذ أبى بن كعب ذلك الجذع لما هدم المسجد، فلم يزل عنده حتى بلى وعاد رفاتا. وعند الدارمى: فأمر به صلى الله عليه وسلم أن يحفر له ويدفن. ولابن زبالة: تحت المنبر، وقيل عن يساره وقيل شرقيه، وقيل فى موضعه الذى كان فيه. وجاء فى مسند الدارمى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب فطال القيام عليه استند فاتكأ على الجذع، فبصر به رجل ورد المدينة فقال: لو أعلم أن محمدا يحمدنى فى شىء يرفق به لصنعت له مجلسا يقوم عليه، فإن شاء جلس ما شاء، وإن شاء قام. فبلغ النبى صلى الله عليه وسلم فقال "ائتونى به " فأتوه فأمره أن يصنع له المراقى الثلاث أو الأربع، وهى الآن فى مسجد المدينة، فوجد النبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك راحة. وبعد أن ذكر السمهودى هذا الكلام فى كتابه خلاصة الوفا "ص 162 وما بعدها" قال فى "ص 164 ": وأشهر الأقوال أن الذى صنع المنبر "باقوم " الذى بنى الكعبة لقريش، وقيل غيره، وذكر بعض أهل السير أنه كان يخطب على منبر من طين، وأن الصحابة صنعوا له مقعدا من طين يجلس عليه ليعرفه الناس الوافدون إليه، وكان يخطب عليه، وكان ذلك فى أول الهجرة، وفى قصة الإفك عبارة "ورسول الله قائم على المنبر". وذكر ابن سعد أن المنبر كان سنة سبع وأن ابن النجار جزم أنه كان سنة ثمان، كما ذكر آراء فى أنه كان درجتين أو ثلاثة، يجلس الرسول على الثالثة ويضع رجله على الثانية، فلما ولى أبو بكر كان يجلس على الثانية ويضع رجله على الدرجة السفلى وجاء عمر فجلس على الأولى ووضع رجله على الأرض، ولما جاء عثمان فعل ذلك ست سنوات ثم علا إلى موضع النبى صلى الله عليه وسلم فلما ولى معاوية جعل للمنبر ست درجات زيادة على الثلاثة، ولما قدم المهدى الخليفة العباسى إلى المدينة استشار الإمام مالكا أن، يعيده إلى ما كان عليه أيام الرسول فلم يوافق. وكان ذلك سنة 160 هـ، واحترق المسجد سنة 654 هـ واشتركت مصر فى تعميره. وفى عهد الملك الظاهر بيبرس البندقدارى كملت عمارة المسجد، ومن بعده الناصر قلاوون. وأرسل الظاهر منبرا عدد درجاته تسع، كما أرسل من بعده منابر أخرى. " انظر الزرقانى على المواهب اللدنية ج 1 ص 371". كما بنى أهل المدينة منبرا من الآجر والنورة بسبب حريق بالمسجد حتى سنة 688 هـ فبنى الأشرف قايتباى منبرا من الرخام، وتوالى التغيير على مدى الأزمان، ولم يعد للمنبر النبوى ذى الدرجات الثلاث أثر، واستمر الناس يخطبون على المنابر الجديدة ولم ينكر عليهم أحد. إن أصل اتخاذ المنبر كان لظهور الخطيب أمام الناس، وكلما ارتفع أمكن أن يسمع صوته بوضوح،وظهرت فى مصر وغيرها منابر عالية فى مساجد واسعة يجتمع فيها الآلاف الذين لا يكاد البعيد منهم عن المنبر يسمع من يتحدث، وكان يخطب عليها كبار الشيوخ والعلماء، ومنبر مسجد الأزهرنفسه له درجات كثيرة، وما سمعنا مثل الصيحة فى السنوات الأخيرة التى ترمى المنابر العالية بانها بدعة، وبالتالى ضلالة، مع أنه لم يرد نهى عنها وليست من العبادات التى يتقرب بها إلى الله. وأرى أن رفع المنابر إذا كان لإبلاغ الصوت هو الوسيلة الوحيدة فى الماضى فإن مكبرات الصوت أغنت عن ذلك، وليس أثر المنبر فى السامعين وفى تبليغ الدعوة مرتبطا بعدد درجاته بقدر ارتباطه بصحة المعلومات والحكمة فى إيصالها للسامعين. وإذا كان ارتفاع المنابر لإسماع الناس بدعة فلماذا لا يكون استعمال مكبر الصوت بدعة أيضا وهو لم يكن على عهد النبى صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح؟ أرجو أن نفهم الدين فهما صحيحا، وألا نتسرع بإصدار أحكام لا تخدم الدين بقدر ما تسىء إليه (9/92) ________________________________________ الشهيد تارك الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال مات أحد الجنود فى معركة إسلامية ولم يكن يصلى، فهل يغفر الله له؟
الجواب معلوم أن ترك الصلاة ورد فيه حديث مسلم "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" وأحسن ما قيل فيه ما ذكره النووى فى شرح صحيح مسلم "ج 2 ص 70" أن تارك الصلاة إن كان منكرا لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين، خارج من ملة الإسلام، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه، وإن كان تركه تكاسلا مع اعتقاده وجوبها، كما هو حال كثير من الناس، فقد اختلف العلماء فيه: فذهب مالك والشافعى رحمهما الله والجماهير من السلف والخلف إلى أنه لا يكفر بل يفسق ويستتاب، فإن تاب وإلا قتلناه حدا كالزانى المحصن، ولكنه يقتل بالسيف -لابالرجم- وذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر، وهو مروى عن على بن أبى طالب كرم الله وجهه، وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل رحمه الله، وبه قال عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه، وهو وجه لبعض أصحاب الشافعى رضوان الله عليه. وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزنى صاحب الشافعى رحمهما الله إلى أنه لا يكفر ولا يقتل، بل يعزر ويحبس حتى يصلى. احتج من قال بكفره بظاهر الحديث المذكور، وبالقياس على كلمة التوحيد. واحتج من قال لا يقتل بحديث "لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث " وليس فيه الصلاة. واحتج الجمهور على أنه لا يكفر بقوله تعالى {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفرما دون ذلك لمن يشاء} النساء: 48 وبقوله صلى الله عليه وسلم "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة" و"من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة" "لا يلقى الله تعالى عبد بهما -أى الشهادتين- غير شاك فيحجب عن الجنة" و"حرم الله النار على من قال لا إله إلا الله " وغير ذلك. واحتجوا على قتله بقوله تعالى فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} التوبة: 5 وقوله صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم " وتأولوا قوله صلى الله عليه وسلم "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة" على معنى أنه يستحق بترك الصلاة عقوبة الكافر وهى القتل، أو أنه محمول على المستحل، أو على أنه قد يؤول به إلى الكفر، أو أن فعله فعل الكفار. والله أعلم. وذكر النووى أن الشرك والكفر قد يطلقان بمعنى واحد، وهو الكفر بالله تعالى، وقد يفرق بينهما فيخص الشرك بعبدة الأوثان وغيرها من المخلوقات، مع اعترافهم بالله تعالى، ككفار قريش، فيكون الكفر أعم من الشرك، والله أعلم. وقال الماوردى فى "الأحكام السلطانية " ص 221: تارك الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها يسأل عن تركه لها، فإن قال: تركتها لنسيان أمر بها قضاء فى وقت ذكرها، ولم ينتظر بها مثل وقتها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من نام عن صلاة أو نسيها عنها فليصلها إذا ذكرها، ولا كفارة لها إلا ذلك " رواه مسلم وإن تركها لمرض صلاها بحسب طاقته من جلوس أو اضطجاع، قال تعالى {لا يكلف الله نفسا الا وسعها} البقرة: 286 وإن تركها جاحدا لوجوبها كان كافرا، حكمه حكم المرتد، يقتل بالردة إذا لم يتب، وإن تركها استثقالا لفعلها مع اعترافه بوجوبها فقد اختلف الفقهاء فى حكمه، فذهب أبو حنيفة إلى أنه يضرب فى وقت كل صلاة ولا يقتل. وقال أحمد بن حنبل وطائفة من أصحاب الحديث. يصير بتركها كافرا يقتل بالردة. وذهب الشافعى إلى أنه لا يكفر بتركها ولا يقتل حدا ولا يصير مرتدا. ولا يقتل إلا بعد الاستتابة، فإن تاب وأجاب إلى فعلها ترك وأمر بها فإن قال: أصليها فى منزلى وكلت إلى أمانته ولم يجبر على فعلها بمشهد من الناس، وإن امتنع من التوبة ولم يجب إلى فعل الصلاة قتل بتركها فى الحال على أحد القولين، وبعد ثلاثة أيام فى القول الثانى، ويقتل بسيف صبرا. وقال أبو العباس بن سريج، بقتله ضربا بالخشب حتى يموت، ويعدل عن السيف ليستدرك التوبة بتطاول المدى. واختلف أصحاب الشافعى فى وجوب قتله بترك الصلوات الفوائت إذا امتنع من قضائها، فذهب بعضهم إلى أن قتله بها كالمؤقتات، وذهب آخرون إلى أنه لا يقتل بها، لاستقرارها فى الذمة بالفوات، ويصلى عليه بعد قتله، ويدفن فى مقابر المسلمين، لأنه منهم، ويكون ماله لورثته. وإذ قد عرفنا حكم ترك الصلاة بأنه يدور بين الكفر والفسق، فإن الشهيد لو تركها جحدا كان كافرا، ولا تفيده الشهادة شيئا، فالجنة ونعيمها للمؤمنين خاصة وإن تركها كسلا كان فاسقا آثما، يمكن أن يدخل تحت قوله تعالى: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وإذا لم يشأ الله له المغفرة يعاقب على ترك الصلاة، وبخاصة اذا علمنا أنها دين له أى حق له، والحقوق لا تسقط فلابد من قضائها كما قال الترمذى "المواهب اللدنية للقسطلانى ج 2 ص 338". وقد صح فى الحديث الذى رواه مسلم "يغفر للشهيد كل شىء إلا الدَّيْن " فهل هو عام فى كل دين لله وللعباد، أو خاص بدين العباد لا يغفر إلا برده اليهم؟ . قال النووى "شرح صحيح مسلم ج 13 ص 29": وأما قوله صلى الله عليه وسلم "إلا الدين " ففيه تنبيه على جميع حقوق الآدمبين، وأن الجهاد والشهادة وغيرمما من أعمال البر لا يكفر حقوق الآدميين، وإنما يكفر حقوق الله تعالى. فنرجو أن يغفر الله للشهيد ترك الصلاة، لأنها ليست دينا وحقا للآدميين، ولعموم مغفرة ما دون الشرك لمن يشاء (9/93) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الخميس 18 يناير 2024, 8:15 pm | |
| محاريب المساجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل المحاريب الموجودة الآن بالمساجد بدعة؟
الجواب يقول الله تعالى {يعملون له مايشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات} سبأ: 113، وذلك خبر عن تسخير الجن لسيدنا سليمان عليه السلام وقيامهم بهذه الأعمال التى منها المحاريب. والمحاريب جمع محراب، ومعناه فى اللغة كما فى القاموس المحيط: الغرفة وصدر البيت وأكرم مواضعه، ومقام الإمام من المسجد، والموضع ينفرد به الملك فيتباعد عن السلطان، وجاء فى نهاية ابن الأثير: المحراب هو الموضع العالى المشرف، وهو صدر المجلس أيضا، ومنه محراب المسجد، وهو صدره وأشرف موضع فيه. وجاء فى تفسير القرطبى -إلى جانب المعانى المذكورة- أنه ما يرقى إليه بالدرج كالغرفة الحسنة، كما قال "إذ تسوروا المحراب " وقوله "فخرج على قومه من المحراب " أى أشرف عليهم. وفى نهاية ابن الأثير أن النبى صلى الله عليه وسلم أرسل عروة بن مسعود إلى قومه بالطائف، فأتاهم ودخل المحراب محرابا له، فأشرف عليهم عند الفجر، ثم أذن للصلاة. وجاء فيها أيضا ان النبى صلى الله عليه وسلم كان يكره المحاريب، أى لم يكن يحب أن يجلس فى صدر المجلس، ويترفع عن الناس، كما جاء فيها أنه أتى برجل ارتد عن الإسلام فقال كعب: أدخلوه المذبح، وضعوا التوراة، وحلفوه بالله، المذبح واحد المذابح وهى المقاصير، وقيل: المحاريب. والمذبح عند أهل الكتاب مقصورة مرتفعة نحو متر ونصف المتر ذات أعمدة ليس بينهما حواجز، وفوقها سقف تحته خلاء توضع فيه القرابين. وهذه المقصورة داخل حجرة فسيحة أمام المعبد، يصعد إليها بسلم ذى درجات قليلة تسمى الهيكل، لا يدخله إلا الكهنة وأرباب الخطايا الذين يريدون المغفره. وهذه المحاريب للكنائس وبيوت العبادة لأهل الكتاب، وكانت تتعبد فيها مريم كما جاء فى قوله تعالى: {كلما دخل عليها زكريا المحراب وجدعندها رزقا} آل عمران: 37 وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عنها، فقد جاء فى حديث رواه البيهقى: "اتقوا هذه المذابح " وفى رواية ابن أبى شيبة "لا تزال هذه الأمة -أو قال أمتى- بخير ما لم يتخذوا فى مساجدهم مذابح كمذابح النصارى ". فهل محاريب المساجد الإسلامية الآن مثل محاريب النصارى؟ لا، لأنها ليست غرفا، وليست مرتفعة عن أرض المسجد، ولم يتميز بالجلوس فيها جماعة من المسلمين، وإنما هى علامات على اتجاه القبلة، وقد تكون مجوفة وغير مجوفة، تبين مقام الإمام من المأمومين، لأن السنة أن يقف الإمام إزاء وسط الصف. فالحكم بكراهة اتخاذ المحاريب "مقاصير ومذابح النصارى " أساسه إما اختفاء الإمام عن المأمومين، وإما ارتفاعه عليهم بدون مبرر، وكان الصحابة يكرهون أن يكون الإمام مرتفعا عليهم، لأنه يوحى بالكبر. ومحاريب المسلمين الآن لا صلة لها بهذه الأسباب، فهى -كما سبق- علامة على القبلة، وتعليم جهتها أمر مشروع، وقد غرز النبى صلى الله عليه وسلم خشبة فى مسجد قوم أسامة بعد أن خطه لهم، ليكون دليلا على القبلة. فدل هذا على مشروعية إرشاد المصلى إلى القبلة. ولم يكن لمسجد النبى صلى الله عليه وسلم فى زمنه محراب، وأحدثه عمر بن عبد العزيز. فهو ليس بدعة مذمومة "مجلة الأزهر- مجلد 6 ص 469، تفسير القرطبى ج 11 ص 84، 85". وجاء فى "إعلام الساجد بأحكام المساجد" للزركشى ص 364: كره بعض السلف اتخاذ المحاريب فى المسجد، وفى مصنف عبد الرزاق عن الحسن أنه صلى واعتزل الطاق ان يصلى فيه، والطاق هو المحراب الذى يقف فيه الإمام. وفى شرح الجامع الصغير للحنفية: لا بأس أن يكون مقام الإمام فى المسجد، وسجوده فى الطاق، ويكره أن يكون فى الطاق، لأنه يشبه اختلاف المكانين، ألا ترى أنه يكره الانفراد. اهـ والمشهور الجواز بلا كراهة، ولم يزل عمل الناس عليه من غير نكير. بعد هذا أقول، إن محاريب المساجد اليوم ليست هى المحاريب والمقاصير التى فى معابد أهل الكتاب، وعلى هذا فلا كراهة فى عملها ولا فى الصلاة فيها، ويوجد فى بعض الكتب حملة عنيفة على المحاريب، لكن المقصود منها محاريب أهل الكتاب بأوصافها التى لا توجد فى محاريب المساجد "انظر كتاب غذاء الألباب للسفارينى الحنبلى ج 2 ص 273 ". " تراجع مجلة الأزهر عدد ربيع الأول 1411 هـ، والمجلد السادس ص 469 ". والمحراب المجوف فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم قيل أول من اتخذه عثمان ابن عفان سنة 26 هـ عند بنائه، وقيل مروان بن الحكم سنة 65 هـ أثناء تجديده، وقيل عمر بن عبد العزيز أيام إمارته على المدينة وتجديده للمسجد سنة 90 هـ (9/94) ________________________________________ النظر أثناء الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال إذا كان الإنسان فى الصلاة هل ينظر أمامه أم إلى موضع سجوده أم إلى مكان آخر؟
الجواب تحدث القرطبى فى تفسيره لقوله تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} ج 2 ص 160 عن هذه المسألة فقال: فى هذه الآية حجة واضحة لما ذهب إليه مالك ومن وافقه فى أن المصلى حكمه أن ينظر أمامه لا إلى موضع سجوده، وقال الثورى وأبو حنيفة والشافعى والحسن بن حَىٍّ: يستحب أن يكون نظره إلى موضع سجوده، وقال شريك القاضى: ينظر فى القيام إلى موضع السجود، وفى الركوع إلى موضع قدميه، وفى السجود إلى موضع أنفه، وفى القعود إلى حجره. قال ابن العربى: إنما ينظر أمامه، فإن حنى رأسه ذهب بعض القيام المفترض عليه فى الرأس وهو أشرف الأعضاء، وإن أقام رأسه وتكلف النظر ببصره إلى الأرض فتلك مشقة عظيمة وحرج، وما جعل علينا فى الدين من حرج، أما أن ذلك أفضل فهو لمن قدر عليه. انتهى. جاء فى نيل الأوطار للشوكانى "ج 2 ص 196 " أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس فى التشهد وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بالسبابة ولم يجاوز بصره إشارته، رواه أحمد والنسائى وأبو داود، وجاء فيه أيضا بعد حديث النهى عن رفع الأبصار إلى السماء أن ابن بطال قال: فيه حجة لمالك فى أن نظر المصلى يكون إلى جهة القبلة، وقال الشافعى والكوفيون: يستحب له أن ينظر إلى موضع سجوده لأنه أقرب إلى الخشوع. ويدل عليه ما رواه ابن ماجه بإسناد حسن عن أم سلمة بنت أبى أمية، زوج النبى صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: كان الناس فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام المصلى يصلى لم يَعْدُ بصر أحدهم موضع قدميه، فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الناس إذا قام أحدهم يصلى لم يعد موضع جبهته فتوفى أبو بكر فكان عمر فكان الناس إذا قام أحدهم يصلى لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة، فكان عثمان وكانت الفتنة فتلفت الناس يمينا وشمالا. ثم قال عن هذا الحديث: فى إسناده موسى بن عبد الله بن أبى أمية لم يخرج له من أهل الكتب الستة غير ابن ماجه. فالإجابة على السؤال ليس فيها دليل يعتمد عليه، وإنما هى اجتهادات وآ راء، ومن وجهة نظرى أقول: كل مصل حر فى نظره ولكن يختار ما يساعد على الخشوع فى الصلاة، مع العلم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن رفع البصرإلى السماء فقد روى مسلم والنسائى وأحمد أنه قال "لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم فى الصلاة أو لتُخطفن أبصارهم ". ونفى عن النظر إلى ما هو يلهى ويشغل المصلى عن صلاته. فقد روى البخارى ومسلم عن عائشة رضى الله عنها أنه صلى فى خميصة -كساء من خز أو صوف- لها أعلام، أى بها ألوان مخالفة، فقال "شغلتنى أعلام هذه، اذهبوا بها إلى أبى جهم -هو عامر ابن حذيفة- وأتونى بأنبجانيته " والأنبجانية كساء غليظ له وبر وليس له علم. وكان أبو جهم أهدى إلى الرسول الخميصة فطلب بدلها الأنبجانية. وروى البخارى عن أنس قال: كان قِرام لعائشة -ستر رقيق- سترت به جانب بيتها فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم " أميطى قرامك، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لى فى صلاتى". ومع العلم أيضا بأن تغميض العينين كرهه البعض وجوزه بعضهم بلا كراهة، لأن الحديث المروى فى الكراهة لم يصح. قال ابن القيم: الصواب أن يقال: إن كان تفتيح العين لا يخل بالخشوع فهو أفضل وإن كان يحول بينه وبين الخشوع -لما فى قبلته من الزخرفة والتزويق أو غيره مما يشوش عليه قلبه- فهناك لا يكره التغميض قطعا. والقول باستحبابه فى هذا الحال أقرب إلى أصول الشرع ومقاصده من القول بكراهته. /// (9/95) ________________________________________ الاعتكاف
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما المراد من الاعتكاف، وما الدليل على مشروعيته، وما هو الثواب المترتب عليه؟
الجواب الاعتكاف معناه لزوم الشىء وحبس النفس عليه، سواء أكان خيرا أم شرا، قال تعالى: {ما هذه التماثيل التى أنتم لها عاكفون} الأنبياء: 52 أى مقيمون على عبادتها، والمراد به شرعا لزوم المسجد والإقامة فيه بنية التقرب إلى الله. والإجماع منعقد على مشروعيته، فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يعتكف فى كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذى قبض فيه اعتكف عشرين يوما كما رواه البخارى، واعتكف أزواجه من بعده كما روى البخارى ومسلم عن عائشة رضى الله عنها. وحكمه أنه سنة، ويكون واجبا عند النذر، ويتأكد فضله فى رمضان وفى العشر الأواخر منه. والأحاديث التى وردت فى فضله لم يتفق على صحتها، وإن كانت تقبل فى فضائل الأعمال منها ما رواه الطبرانى والبيهقى والحاكم وصححه عن ابن عباس رضى الله عنهما "ومن اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاتة خنادق، أبعد مما بين الخافقين " وما رواه البيهقى "من اعتكف عشرا فى رمضان كان كحجتين وعمرتين ". وهناك ترغيب فى الاعتكاف أقل من يوم، فقد روى الخطيب وابن شاهين عن ثوبان أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "من اعتكف نفسه ما بين المغرب والعشاء فى مسجد جماعة لم يتكلم إلا بصلاة وقرآن كان حقا على الله تعالى أن يبنى له قصرا فى الجنة " (9/96) ________________________________________ الاعتكاف فى المنزل
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال رجل مريض بالشلل هل يجوز له أن يعتكف فى بيته لمشقة اعتكافه فى المسجد وهل يجوز للمرأة أن تعتكف في بيتها بدل أن تعتكف فى المسجد أيضا؟
الجواب الاعتكاف سنة للرجال والنساء، على أن يكون اعتكافهن بإذن أزواجهن، فإن لم يأذن الأزواج جاز لهم إخراجهن من المسجد كما ذهب إليه الشافعى وأحمد، وقد صح أن أزواج النبى صلى الله عليه وسلم اعتكفن فى المسجد النبوى، وقد اتفقت المذاهب الأربعة على أن الاعتكاف لا يصح إلا فى المسجد، كما قال تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد} البقرة: 187 وإن كان الإخبار عن واقع الحال لا يفيد الشرطية وأى مسجد من المساجد يجوز فيه الاعتكاف، لعدم الدليل على تخصيص بعضها بالجواز. وهذا ما رآه مالك والشافعى، لكن أبا حنيفة وأحمد اشترطا أن يكون المسجد جامعا عاما تقام فيه الصلوات الخمس وصلاة الجماعة. والحديث الذى اعتمد عليه ضعيف، وهو ما رواه الدارقطنى "كل مسجد له مؤذن وإمام فالاعتكاف فيه يصلح " ومفهومه أن المسجد الخاص الذى لا يستقيم فيه الأذان وصلاة الجماعة لا يصح الاعتكاف فيه. والمسجد الجامع على كل حال إن لم يكن مشروطا لصحة الاعتكاف فالاعتكاف فيه أفضل لإحراز ثواب الجماعة. قال جمهور العلماء: لا يصح للمرأة أن تعتكف فى مسجد بيتها، لأنه لا يطلق عليه اسم المسجد عرفا، حيث يجوز بيعه، وهذا يصدق بالمكان المخصص فى البيت للصلاة، أما غير المخصص فلا يجوز فيه الاعتكاف من باب أولى. لكن الحنفية أجازوا للمرأة بوجه خاص أن تعتكف فى مسجد بيتها وهو المكان المعد للصلاة، وفيه قول قديم للشافعى، وجاء فى وجه للمالكية صحته للرجال والنساء فى مسجد البيت. والمريض بالشلل يصح اعتكافه فى مسجد بيته على وجه للمالكية وأصحاب الشافعى، وكذلك على رأى محمد بن عمر بن لبابة المالكى كما ذكره ابن حجر فى "الفتح " ونقله الشوكانى فى "نيل الأوطار ج 4 ص 283" عند شرح حديث رواه أبو داود من قول عائشة "ولا اعتكاف إلا فى مسجد جامع " (9/97) ________________________________________ النوم فى المسجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم النوم فى المسجد؟
الجواب قال الله تعالى {فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال. رجال لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة" النور: 36، 37. المساجد بيوت للعبادة يجب أن يحافظ فيها على الهدوء لتمكين المتعبدين من الخشوع، وأن تصان عن العبث واللهو احتراما لقدسيتها، وقد ثبت أن الملائكة تحب التردد على المساجد والأماكن التى يذكر فيها الله ويقرأ القرآن ويدرس العلم، وأنهم يرتاحون إلى الرائحة الطيبة وينفرون من الرائحة الكريهة، وإذا حضروا حضرت معهم الرحمة والبركة وإذا انصرفوا شهدوا عند ربهم بالخير لهؤلاء المتعبدين. وأما النوم فى المسجد فقد جاء فى الصحيحين أن النبى صلى الله عليه وسلم رؤى مستلقيا فيه واضعا إحدى رجليه على الأخرى، كما صح أن عمر وعثمان كانا يستلقيان أحيانا بالمسجد النبوى، وروى البخارى وغيره أن ابن عمر كان ينام فى المسجد النبوى وهو عزب ومعه بعض الشبان ينامون ليلا ويقيلون وقت الظهيرة، كما أخرج البخارى أن عليا رضى الله عنه غاضب فاطمة رضى الله عنها فذهب إلى المسجد ونام، وسقط رداوه عنه وأصابه تراب، فجعل النبى يمسحه ويقول "قم أبا تراب " وكان فى المسجد النبوى صُفَة، أى مكان مظلل يأوى إليه المساكين، وينزل فيه ضيوف الرسول، كما صح فى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم ضرب قبة-أي خيمة-في المسجد على سعد بن معاذ لما أصيب يوم الخندق ليمرض فيها، وأنه جعل خيمة في المسجد للمرأة السوداء التي كانت ترفع القمامة منه، ولما أسر ثمامة بن أثال، وهو مشرك، ربط مدة بسارية فى المسجد النبوى. وبناء على هذه الروايات ذهب جمهور العلماء إلى جواز النوم فى المسجد، وإذا جاز للكافر فجوازه للمسلم أولى، لكن ابن عباس كره النوم فى المسجد إلا لمن يستريح وقتا للاستعداد للصلاة، لكن ابن مسعود كره النوم فيه مطلقا، والإمام مالك أباح النوم فى المسجد لمن ليس له مسكن، أما من له مسكن فيكره نومه فى المسجد. هذه هى الآراء فى حكم النوم، لكن ينبغى أن يصان المسجد عن الروائح الكريهة التى تطرد الملائكة، وعن التضييق على المصلين، كما ينبغى التحرز عن تعرض العورات للانكشاف، وخلاصة الموضوع أن النوم فى المسجد ليس حراما، لكنه مكروه. إن ترتب عليه تشويش أو تضييق، وليس مكروها عند الحاجة كالاعتكاف، والراحة اليسيرة، وعدم وجود مسكن (9/98) ________________________________________ البيع فى المسجد وعند النداء للجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى البيع والشراء وعقد الصفقات داخل المسجد وكذلك عند النداء لصلاة الجمعة، وهل المكسب من البيع عند النداء يعتبر مالآ حراما؟
الجواب جاء فى تفسير القرطبى (ج 12 ص 269) فى المسألة السادسة قوله وتصان المساجد أيضا عن البيع والشراء، وذكر حديث مسلم "إنما بنيت المساجد لما بنيت له " وقال: وهذا يدل على إن الأصل إلا يعمل فى المسجد غير الصلوات والأذكار وقراءة القرآن، كما جاء منصوصا عليه من قول النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث الأعرابى الذى بال فى المسجد وذكر فى ص. 27 من رواية الترمذى أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن تناشد الأشعار وعن البيع والشراء فيه. ثم قال: وقد كره قوم من أهل العلم البيع والشراء فى المسجد وبه يقول أحمد وإسحاق. ثم قال فى الصفحة نفسها: وقال الترمذى: وقد روى عن بعض أهل العلم من التابعين رخصة فى البيع والشراء فى المسجد وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم فى غير حديث رخصة فى إنشاد الشعر فى المسجد. هذا ما جاء فى القرطبى، وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن الحنفية كرهوا إيقاع عقود للمبادلة بالمسجد كالبيع والشراء والإجارة، أما عقد الهبة ونحوها فإنه لا يكره. - والمالكية قالوا مثل الحنفية تقريبا. أما الحنابلة فقالوا: يحرم البيع والشراء والإجارة فى المسجد، وإن وقع فهو باطل. والشافعية قالوا: يحرم اتخاذ المسجد محلا للبيع والشراء على الدوام، وأما إن وقع ذلك نادرا فهو خلاف الأولى إلا إذا أدى إلى التضييق على مصلِّ فيحرم. فالخلاصة أن عقد الصفقات فى المسجد فى بعض الأحيان مكروه أو خلاف الأولى عند الجمهور وحرام وباطل عند أحمد، واتخاذه لذلك على الدوام حرام عند الشافعية والحنابلة، وكذلك إذا أدى إلى التضييق على المصلى، وأرى حرمته إذا أخل بحرمه المسجد سواء أكان أحيانا أو على الدوام. 2 -أما عقد الصفقات عند النداء لصلاة الجمعة فقد جاء فيه قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} الجمعة: 9. جاء فى تفسير القرطبى لهذه الآية: أن البيع عند النداء الصلاة الجمعة حرام على من كان مخاطبا بفرض الجمعة، أما من لا يجب عليه حضور الجمعة فلا ينهى عن البيع والشراء. ثم قال: وفى وقت التحريم قولان. الأول أنه من بعد الزوال إلى الفراغ منها. والثانى أنه من وقت أذان الخطبة إلى وقت الصلاة كما قاله الشافعى. ومذهب مالك أن يترك البيع إذا نودى للصلاة، ويفسخ عنده ما وقع من ذلك من البيع فى ذلك الوقت، ويرى ابن العربى فسخ كل العقود فكل أمر يشغل عن الجمعة حرام شرعا مفسوخ ردعا. وقال الشافعى: إن البيع فى ذلك الوقت ليس بحرام لكنه مكروه، وهو ينعقد ولا يفسخ، ثم أنهى القرطبى ذلك بقوله، قلت: والصحيح فساده وفسخه، لقوله عليه الصلاة والسلام "كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد" أى مردود. وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن الحنفية قالوا: يحرم البيع عند الأذان الواقع بعد الزوال إلى انتهاء الصلاة، وقال المالكية: إن عقد البيع فاسد ويفسخ. وقال الحنابلة: لا ينعقد. فالخلاصة: أن عقد الصفقات بعد أذان الجمعة حرام عند الجمهور والمال خبيث، ولا ينعقد عند بعضهم، مكروه عند الشافعية وينعقد (9/99) ________________________________________ دخول المسجد لمن بها عذر
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز للمرأة فى عادتها الشهرية أن تدخل المسجد لحضور مجالس العلم؟
الجواب الحائض والنفساء ومن عليه جنابة ولم يغتسل يحرم عليه المكث فى المسجد أما العبور فلا حرج فيه، بناء على قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابرى سبيل حتى تغتسلوا} النساء: 43 ولحديث عائشة رضى الله عنها الذى رواه أبو داود، قالت: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة فى المسجد فقال "وجهوا هذه البيوت عن المسجد"ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئا، رجاء أن ينزل فيهم رخصة، فخرج إليهم فقال "وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإنى لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب " ولحديث أم سلمة رضى الله عنها الذى رواه ابن ماجه والطبرانى، قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم صرحة هذا المسجد-أى فناءه -فنادى بأعلى صوته "إن المسجد لا يحل لحائض ولا لجنب " وعن جابر رضى الله عنه قال: كان أحدنا يمر فى المسجد جنبا مجتازا. رواه ابن أبى شيبة وسعيد بن منصور فى سننه، وجاءت روايات تدل على أن الذين كانت تصيبهم جنابة ولا يجدون طريقا إلى الماء إلا المسجد فكانوا يمرون منه. ويؤكد أن المحرم هو المكث فقط وليس العبور ما رواه مسلم وغيره عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم "ناولينى الخمرة منى المسجد" فقلت: إنى حائض فقال "إن حيضتك ليست فى يدك " يعنى لن تلوث المسجد لأن يدك التى تتناولين بها الخمرة ليس بها دم. وما رواه أحمد والنسائى عن ميمونة رضى الله -عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على إحدانا وهى حائض. فيضع رأسه فى حجرها فيقرأ القرآن وهى حائض، ثم تقوم إحدانا بخمرته فتضعها فى المسجد وهى حائض والخمرة هى السجادة التى يضعها تحت جبهته عند السجود. فهذه النصوص تدل على حرمة دخول الحائض والنفساء ومن به جنابة- المسجد لسماع درس علم وغيره، فالمكث لذلك ممنوع، والعبور فقط لحاجة لا مانع منه، ولم يجوز مكث الحائض فى المسجد إلا زيد بن ثابت إذا أمن تلويثها للمسجد يقول الشوكانى "نيل الأوطار ج 1 ص 249 ": وحكاه الخطابى عن مالك والشافعى وأحمد وأهل الظاهر، ومنع من دخولها سفيان وأصحاب الرأى وهو المشهور من مذهب مالك (9/100) ________________________________________ |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الجمعة 02 فبراير 2024, 9:57 pm | |
| الصلاة فى وقت العمل
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى منع صاحب العمل للعامل من الذهاب إلى المسجد للصلاة حتى لا يتعطل العمل، وإذا كان العامل وحده هل يجوز له ترك مكان العمل للصلاة وقد يتسبب فى قطع أجره؟
الجواب لا يجوز لصاحب العمل منع أحد من العمال من أداء فرض الله تعالى، سواء أكان صلاة أم غيرها، ما دام أداء الفريضة ممكنا فى وقت العمل وغير ضارّ به. فإذا جاء وقت الظهر مثلا، ووقته معروف يمتد حوالى ثلاث ساعات إلى العصر فى فصل الصيف، فصلاة الظهر تقع أداء فى أى وقت من هذه الساعات كما بينه النبى صلى الله عليه وسلم للأمة من واقع بيان جبريل له، وإن كانت المبادرة بأدائها فى أول الوقت أفضل للحديث الوارد فى ذلك. فإذا أمكن للعامل أن يصلى الظهر فى وقتها حاضرا قبل العصر، سواء أكان فى أثناء العمل أو بعد الانصراف منه وليس فى ذلك ضرر للعمل لم يجز لصاحب العمل أن يمنعه من الصلاة. أما إذا كان أداء العامل للصلاة يضر بالعمل فلابد من إذن صاحب العمل، فإن أذن فبها ونعمت، وإن لم يأذن جاز للعامل تأخير صلاة الظهر حتى يصليها مع العصر عند الانصراف من العمل. وذلك على مذهب الإمام أحمد بن حنبل. ومثل ذلك إذا كان صاحب العمل متشددا وهدد العامل بالفصل أو بخصم جز من أجره يتضرر منه إذا ذهب إلى الصلاة جاز جمع الصلاتين جمع تأخير. ولى رجاء حتى تكون العلاقة طيبة بين صاحب العمل والعاملين أن يقتصر العاملون على أداء الصلاة فى أقل وقت، وألا ينتهزوا فرصة ترك العمل للصلاة بقضاء بعض مصالحهم أو تضييع بعض الوقت فى راحة أو تناول طعام أو شراب مثلا، فإن الوقت ثمين، وصاحب العمل يعطيهم الأجر على كل الوقت المخصص للعمل -ومن حقه أن يستوفى منهم العمل كاملا فى كل الوقت لكنه -إن كان طيبا-يسمح ببعض الوقت للصلاة فلا يجوز أن يكون هناك ضرر لأحد الطرفين والتفاهم ورقابة الضمير والإحساس بحاجة الوطن والأمة للعمل وزيادة الإنتاج - كل ذلك يساعد على تعاون الطرفين على الخير المشترك. وصاحب العمل إذا علم أن أداء الصلاة، ومثلها طاعة الله تساعد على إخلاص العامل فى عمله وعلى إتقانه وإجادته سيسمح بسخاء نفس ببعض الوقت لأداء الصلاة وبالتالى ينبغى أن يشكر العامل صاحب العمل على ذلك ويرد له المعروف زيادة فى الإخلاص فى العمل، واستغلال كل الوقت للإنتاج المثمر الذى ينتفع به الجميع (9/101) ________________________________________ عذاب المتكاسل عن الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال كيف رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم المتكاسل عن الصلاة فى الإسراء والمعراج مع أن الصلاة المكتوبة لم تكن فرضت بعد؟ . وما نوع الصلاة من قبل؟
الجواب الحديث الذى رأى فيه النبى صلى الله عليه وسلم تارك الصلاة يعذب كان فى رويا رآها مناما-ورويا الأنبياء حق -وقد روى البخارى عن سمرة بن جندب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول لأصحابه: هل رأى أحد منكم من رويا فيقص عليه ما شاء الله أن يقص وأنه قال لنا ذات غداة: إنه أتانى الليلة آتيان وإنهما استتبعانى وانهما قالا لى: انطلق، وإنى انطلقت معهما وإنا أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوى بالصخرة لرأسه، فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصلح رأسه كما كان، ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى، قال قلت: سبحان الله ما هذا؟ . .. وبعد تمام قصة الرؤيا قالا له: أما الرجل الأول الذى أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة. فهذه الصورة كانت فى رؤيا، وكانت بعد فرض الصلاة، لكن هناك رواية للبزار وغيره عن أبى هريرة أن ذلك كان فى قصة الإسراء والإسراء كان فى مكة وحديث الرؤيا كان فى المدينة، حيث لم تكن فى مكة فرصة لحكاية ذلك فى جمع من أصحابه. وعليه فتقدم رواية البخارى على رواية البزار والبيهقى والطبرانى. ولو فرضنا أن ذلك كان ليلة الإسراء فقد تؤول على المستقبل، يعنى عندما تفرض الصلاة بعدُ، وقد تؤول على أن الصلاة كانت مفروضة قبل الإسراء ركعتين أول النهار وركعتين آخره، وما كان ليلة الإسراء فهو تحديدها بخمس صلوات. وفى حديث البزار أيضا: عذاب من يبخلون بالزكاة، ويأكلون الربا وكل ذلك شرع فى المدينة بعد حادث الإسراء الذى وقع بمكة، فيؤول على المستقبل عندما تفرض هذه الأمور إن قبلنا هذه الروايات. وهناك أيضا كلام كثير فى الصلاة التى صلاها الرسول بالأنبياء فى المسجد الأقصى ليلة الإسراء، لا مجال لذكره الآن (9/102) ________________________________________ إمامة مقطوع اليدين
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز إمامة شخص مقطوع اليدين؟
الجواب الصلاة خلف إمام مقطوع اليدين صحيحة وإن كانت مكروهة إذا وجد غيره، جاء فى تفسير القرطبى"ج 1 ص 354"ما نصه:ولا بأس بإمامة الأعمى والأعرج والأشل والأقطع والخصى والعبد إذا كان كل واحد منهم عالما بالصلاة، وقال ابن وهب: لا أرى أن يؤم الأقطع والأشل، لأنه منتقص عن درجة الكمال وكرهت إمامته لأجل النقص. وخالفه جمهور أصحابه وهو الصحيح، لأنه عضو لا يمنع فقده فرضا من فروض الصلاة، فجازت الإمامة الراتبة مع فقده كالعين. وقد روى أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وهو أعمى، وكذا الأعرج والأقطع والأشل والخصى قياسا ونظرا وقد روى عن أنس ابن مالك أنه قال فى الأعمى: وما حاجتهم إليه؟ وكان ابن عباس وعتبان بن مالك يؤمان وكلاهما أعمى، وعليه عامة العلماء. انتهى (9/103) ________________________________________ اعتماد الخطيب على السيف
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نرى فى بعض البلاد أن خطيب الجمعة يمسك فى يده سيفا، فما هو الأصل فى ذلك؟
الجواب جاء فى زاد المعاد لابن القيم "ج 1 ص 117 " أن النبى صلى الله عليه وسلم فى خطبة الجمعة لم يكن يأخذ بيده سيفا ولا غيره، وإنما كان يعتمد على قوس وعصا قبل أن يتخذ المنبر، وكان فى الحرب يعتمد على قوس وفى الجمعة يعتمد على عصا ولم يحفظ عنه أنه اعتمد على سيف، وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائما وأن -ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف فمن فرط جهله، فإنه لا يحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ولا قوس ولا غيره، ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفا ألبتة، وإنما كان يعتمد على عصا أو قوس. وجاء فى شرح الزرقانى على المواهب اللدنية "ج 7 ص 384" أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يخطب متوكئا على قوس تارة أو عصا تارة أخرى. وفى سنن أبى داود: كان إذا قام يخطب أخذ عصا فتوكأ عليها وهو على المنبر، وفى سنن ابن ماجه وسنن البيهقى ومستدرك الحاكم أنه كان إذا خطب فى الحرب خطب على قوس وإذا خطب فى الجمعة خطب على عصا، وأشار إلى ما ذكره ابن القيم من رفض التعليل بأن الإسلام قام بالسيف. وجاء فى مجلة الإسلام -المجلد الثالث -العدد 26 أن بعض العلماء قال: إن الخطيب يتقلد السيف ولا يمسكه كما عليه خطباء زماننا، وبعض العلماء قال: إنه يمسكه بيساره، أى يتقلده ويمسكه بيساره عند الحنفية، وعند الأئمة الثلاثة السنة الاعتماد وقت الخطبة على سيف أو عصا أو قوس أو نحو ذلك، ولا يتعين السيف عندهم. هذه صورة من آراء العلماء. وفى إمساك الخطيب بسيف أو عصا أو اعتماده على أى شيء، وذلك كله لمعاونة الخطيب وشد أزره، وذلك بأى شىء يحقق ذلك ولو بالإمساك بحرف المنبر، وربما لا يحتاج إلى الاعتماد على أى شىء، والأمر أيسر وأهون من أن نختلف فيه أو نتعصب، والمهم أن ننفى فكرة أن الإسلام انتشر بالسيف وإذا كان لحمل السلاح أهميته فى الدعوة فى الأيام الأولى. فإن الدعوة الآن تحتاج إلى أسلحة مناسبة للعصر، ومنها سلاح العلم وتطبيقه فى كل المجالات على أساس من العقيدة الصحيحة والخلق الكريم (9/104) ________________________________________ زمن قيام الليل
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال {يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا. نصفه أو انقص منه قليلا. أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا} المزمل: 1 - 14. فهل هذا أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أم إلى المسلمين كافة، ولماذا حدد الله تعالى هذا الوقت خاصة؟
الجواب هذا النداء للنبى صلى الله عليه وسلم وكان قيام الليل واجبا عليه أول الأمر، وقيل: بقى بالنسبة له على الوجوب، وقيل نسخ، وصار قيام الليل سنة للجميع كما قال تعالى: {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرض وآخرون يضربون فى الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون فى سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه} المزمل: 20. فليس هناك فرض على المسلمين إلا الصلوات الخمس. وهذا التقدير بالزمن تخيير من الله للرسول أن يقوم نصف الليل أو ثلثه أو ثلثيه وما يستطيع أن بقومه، دون إجهاد. "إن لربك عليك حقا ولبدنك عليك حقا". جاء فى تفسير القرطبى أن الراجح أن قيام الليل كان فرضا، واختلف هل على الرسول فقط أو عليه وعلى أمته، والصحيح ما ورد عن عائشة أن الله عز وجل افترض قيام الليل فى أول سورة المزمل فقام هو وأصحابه حوله، وأمسك الله خاتمة السورة التى فيها: {إن ربك يعلم. . .} اثنى عشر شهرا فى السماء حتى أنزل الله عز وجل فى آخر السورة التخفيف فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة. . . رواه مسلم. وقيام الليل يكون بعد صلاة العشاء وبعد النوم ولو ثلث الليل، ففى حديث مسلم ينزل الله عز وجل إلى سماء الدنيا كل ليلة، حين يمض ثلث الليل الأول فيقول: "أنا الملك أنا الملك، من ذا الذى يدعونى فأستجيب له، من ذا الذى يسألنى فأعطيه، من ذا الذى يستغفرنى فأغفر له، فلا يزال كذلك حتى يضىء الفجر". وهذا الحديث يدل على فضل قيام ثلثى الليل. . . وهناك حديث رواه مسلم أيضا. . . يدل على فضل قيام نصف الليل وثلثه وهو إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله. . . ". وجاء فى رواية النسائى النص على النصف "أن الله عز وجل يمهل حتى يمضى شطر الليل الأول ثم يأمر مناديا يقول: هل من داع يستجاب له.. . " وجاء فى رواية ابن ماجه النص على الثلث "ينزل ربنا تبارك وتعالى حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة فيقول من يسألنى فأعطيه.. . ". من هذه الروايات تعلم أن تحديد هذه الأوقات وارد عن الرسول، وكانت له حالات مختلفة، أحيانا يقوم الثلث وأحيانا النصف وأحيانا الثلثين (9/105) ________________________________________ التنفل لمن عليه فوائت
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز لمن عليه قضاء صلوات مفروضة أن يشتغلا بصلاة النافلة؟
الجواب فى هذا السؤال نقطتان: الأولى: هل تجزئ صلاة النوافل عن قضاء الصلوات المفروضة. والثانية: هل يجوز لمن عليه فوائت أن ينشغل عنها بصلاة النافلة. أما الأولى: فإن صلاة النافلة مهما كثرت لا يمكن أن تغنى عن قضاء الصلوات المفروضة، فالنفل لا يسد مسد الفرض أبدا، وقد أخطأ بعض الناس فهم حديث ورد فى ذلك فقالوا: إن النوافل فيها تعويض عن الصلاة الفائتة، وهو حديث رواه الترمذى وغيره، وقال: حديث حسن غريب ذكره أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حريث بن قبيصة يقول عليه الصلاة والسلام "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت خاب وخسر، وإن انتقص من فريضته قال الله تعالى: انظروا هل لعبدى من تطوع يكمل به ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك " فالمعنى الصحيح أن بعض أعمال الصلاة إذا لم يؤدها المصلى أى كانت ناقصة يعوض النقص بالنوافل، وقيل إن النوافل تعوض نقص الخشوع لا نقص عمل أعمال الصلاة. فالمهم أن النوافل لا تغنى عن الفريضة التى تركت، بل تجبر نقص الفريضة التى أديت، والجبر إما لعمل أو لخشوع. وأما النقطة الثانية: فى السؤال، فإن من عليه صلوات مفروضة ووجب عليه قضاؤها الأفضل له أن يشغل كل وقته بأداء الدين الذى عليه، لأنه سيحاسب إن لم يقم بأدائه وأما النوافل فلا يحاسب على تركها، فالاشتغال بالواجب مقدم على الاشتغال بالمندوب، ذلك أن العمر ربما لا يكفى لأداء الصلوات المتروكة بقضائها، فليعجل بها بدلا من التنفل، فإذا فرغ من كل ما عليه من قضاء كانت الفرصة سانحة له بالتنفل كما يشاء ومع ذلك لا يحرم عليه أن يصلى النوافل مع أن عليه قضاء، وبخاصة النوافل المؤكدة كالعيدين والضحى والوتر والسنن الراتبة والتراويح، والحكم هنا اجتهادى لا يوجد فيه نص صريح، وإن كان يدل عليه حديث مسلم لمن نام عن صلاة أو سها عنها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك " كما رواه بعضهم من أن القضاء فورى وليس على التراخى (9/106) ________________________________________ الصلاة مع كشف الرأس
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل تجوز الصلاة للإمام أو المنفرد وهو عارى الرأس؟
الجواب تغطية الرأس فى الصلاة لم يرد فيها حديث صحيح يدعو إليها، ولذلك ترك العرف تقديرها، فإن كان من المتعارف عليه أن تكون تغطية الرأس من الآداب العامة كانت مندوبة فى الصلاة نزولا على حكم العرف فيما لم يرد فيه نص، وإن كان العرف غير ذلك فلا حرج فى كشف الرأس "ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ". وروى ابن عساكر عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم كان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه وهو يصلى حتى لا يمر أحد أمامه. والقلنسوة غطاء الرأس. وعند الأحناف لا بأس بصلاة الرجل حاسر الرأس أى مكشوفا، واستحبوا ذلك إذا كان الكشف من أجل الخشوع (9/107) ________________________________________ تسوية الصفوف فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نسمع الإمام يوصى المأمومين بتسوية الصفوف ووصل الأقدام والأكتاف، وكثيرا ما أحاول ذلك مع جارى فى الصف فيبتعد عنى، فما رأى الدين فى ذلك؟
الجواب تسوية الصفوف فى الصلاة مندوبة، رغَّب فيها النبى صلى الله عليه وسلم كثيرا، وكذلك سَدُّ الفُرج، أو تضييق المسافة بين المصلى وجاره، وقد صح فى ذلك قوله "أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا بأيدى إخوانكم ولا تذروا فرجات للشيطان" رواه أبو داود بسند صحيح، وصح عند البخارى عن أنس: وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه. إن المطلوب بهذه الإشارات أمران: أحدهما أن يكون الصف مستويا، وذلك يكون بمحاذاة المناكب والأقدام بعضها ببعض، أى تكون على خط واحد، وثانيهما سد الفرج وعدم وجود مسافة بين المصلى وأخيه، وهو التراص، وذلك يكون بقرب المناكب والأقدام بعضهما من بعض. وليس المراد بلزق القدم وضع إحداهما على الأخرى، أو الضغط عليها ليتم أو يشتد الالتصاق، فإن هذه الحركة تذهب خشوع المصلى وتضايقه، والمبالغة فى ذلك تؤدى إلى نفور وغضب. جاء في فقه المذاهب الأربعة -نشر أوقاف مصر- أنه يُسنُّ تفريج القدمين حال القيام، بحيث لا يقرن بينهما ولا يوسع إلا بعذر كَسِمَنٍ ونحوه، وقد اختلف في تقديره في المذاهب، فالحنفية قدروا التفريج بينهما بقدر أربع أصابع، فإن زاد أو نقص كره،، والشافعية قدروه بقدر شبر، ويكره أن يقرن بينهما أو يوسع أكثر من ذلك، والمالكية: قالوا: إن التفريج مندوب لا سنة، وقالوا: المندوب هو أن يكون بحالة متوسطة بحيث لا يضمهما ولا يوسعهما كثيرًا حتى يتفاحش عرفا، ووافقتهم الحنابلة على هذا التقدير، إلا أنه لا فرق عند الحنابلة بين تسميته مندوبا أو سنة (9/108) ________________________________________ قضاء الصلاة النافلة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال استيقظت من النوم بعد طلوع الشمس، فهل يجب علىَّ أن أصلى ركعتى الفجر مع قضاء صلاة الصبح؟
الجواب الصلوات المفروضة هى التى يجب قضاؤها إذا خرج وقتها، سواء أكان ذلك عن سهو ونسيان ونوم أم عن قصد وتعمد، وذلك لحديث مسلم "من نام عن صلاة أو سها عنها فليصلها إذا ذكرها،لا كفارة لها إلا ذلك " وإذا كان القضاء بسبب السهو أو النوم واجبا فإن القضاء بسبب التعمد فى الترك أولى ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم "فدين الله أحق أن يقضى " وفى رواية البخارى "اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء" أما قضاء النوافل وهى الصلوات غير المفروضة فإن قضاءها غير واجب، لأنها فى الأصل غير واجبة الأداء، ولكن إذا لم يكن قضاؤها واجبا فهل يكون مندوبا يثاب عليه؟ للفقهاء فى ذلك خلاف، خلاصته أنهم أجمعوا على ندب قضاء ركعتى الفجر وذلك لأهميتهما، فقد ورد فيهما حديث "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" رواه مسلم وحديث عائشة:"لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم على شىء من النوافل اشد تعاهدا منه على ركعتى الفجر" رواه البخارى ومسلم،ولأن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى قضائهما، "من لم يصل ركعتى الفجر حتى تطلع الشمس فليصلهما" رواه البيهقى وإسناده جيد، وروى الشيخان أنه صلى الله عليه وسلم كان فى مسير له فناموا عن صلاة الفجر فاستيقظوا بحر الشمس فارتفعوا قليلا حتى استقلت الشمس -ارتفعت- ثم أمر مؤذنا فأذن، فصلى ركعتين قبل الفجر، ثم أقام ثم صلى الفجر، أما غير ركعتى الفجر فقال الحنفية والمالكية لا يقضى، وقال الشافعية:كل صلاة لها وقت إذا خرج وقتها يُسْنُّ أن تقضى، والحنابلة قالوا: تقض الرواتب فقط والوتر (9/109) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الجمعة 02 فبراير 2024, 9:58 pm | |
| التردد على المساجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل التردد على المساجد يتنافى مع وجوب العمل والسعى لكسب العيش؟
الجواب وردت نصوص فى فضل التردد على بيوت الله، كقوله تعالى: {فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال. رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ... } النور: 36: 37 وقوله صلى الله عليه وسلم فى السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله "ورجل قلبه معلق بحب المساجد" رواه البخارى ومسلم، وإخباره عن الذين يخرجون من بيوتهم لصلاة الجماعة فى المسجد أن بكل خطوة حسنة، وأنهم فى صلاة ما دامت الصلاة تحبسهم فى المسجد منتظرين الجماعة، كما رواه البخارى ومسلم، وقوله فيما يمحو الله به الخطايا، ويرفع الدرجات "وانتظار الصلاة بعد الصلاة" كما رواه مسلم. ، وقوله "من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له فى الجنة نزلا كلما غدا أو راح " رواه البخارى ومسلم. والغرض من هذه النصوص أولا المحافظة على الصلوات، وثانيا أداؤها فى جماعة لتقوية الرابطة الاجتماعية، وثالثا تعمير المساجد وعدم هجرها، ورابعا البعد عن أماكن اللهو واستغلال وقت الفراغ فى الخير. فإذا لم يكن هناك ما يشغل الإنسان من جهاد فى سبيل الله أو كسب عيش أو عمل خير فأفضل له أن يمضى أكثر وقته فى بيوت الله، لأنها خير البقاع كما جاء فى صحيح مسلم وغيره. ولا يقصد بذلك ترك الواجبات الدينية الأخرى والدنيوية التى تحقق الخير للفرد والمجتمع، وداوم الصلاة فى المساجد فهو سبحانه القائل {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله} الجمعة: 10 والرسول صلى الله عليه وسلم لم يعجبه لزوم أبى أمامة للمسجد فى غير أوقات الصلاة، بسبب همومه وديونه، ولكن علَّمه ذكرا يقوله وهو يسعى حتى يحقق الله له ما يريد. رواه أبو داود. ولا يعنى فضل التردد على المساجد أن كل من يتردد عليها يكون مكرَّما عند الله، فإن العبرة بالنية كما نص الحديث، وكم من الناس يلازمونها ولهم أغراض غير مشروعة كما كان المنافقون أيام الرسول، والله قال فيمن يعمر مساجد الله {ولم يخش إلا الله} التوبة: 18 وقال فى المرائين بها {فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يراءون. ويمنعون الماعون} الماعون: 4 - 7 أى لم يستفيدوا منها شيئًا من الأخلاق الحسنة لأنهم لم يحسوا معناها الحقيقي وسهوا عن سر تشريعها {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت:45 (9/110) ________________________________________ الأحق بإمامة الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يتنافس بعض المصلين على أن يكون إماما، فمن أحقهم بذلك؟
الجواب بعد الشروط التى لا تصلح أى صلاة بدونها، وبعد الشروط التى يجب أن تتوافر فيمن يكون إماما مثل: السلامة من الأعذار، وصحة القراءة وغير ذلك مما اشترطه الفقهاء، هناك أولوية لمن يتقدم للإمامة، جاء فى حديث مسلم وغيره عن أبى سعيد الخدرى مرفوعا "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم " والمراد بالأقرأ الأكثر حفظا للقرآن، لما جاء فى حديث عمرو بن سلمة "ليؤمكم أكثركم قرآنا" وفى رواية أخرى لمسلم وغيره عن ابن مسعود مرفوعا "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا فى القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا فى السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا فى الهجرة سواء فأقدمهم سنا، ولا يؤمَّن الرجل الرجل فى سلطانه، ولا يقعد فى بيته على تكرمته إلا بإذنه" وفى رواية "لا يؤمن الرجل الرجل فى أهله ولا سلطانه " فالسلطان وصاحب البيت أولى بالإمامة إلا إذا أذن لغيره بها، ففى رواية أبى داود "لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤم قوما إلا بإذنهم" وهو عام فيما إذا وجد مثله أو أفضل منه، وما إذا لم يوجد. وترتيب من لهم الأولوية فيه خلاف للفقهاء، لكن من المتفق عليه أن المتفقه فى دينه، العالم بأحكام الصلاة بالذات وحسن السيرة والمرضى عنه من قومه -ويجمع ذلك قراءة القرآن والعمل به- هو أولى من غيره ممن ليس له هذه المواصفات، ولو تقدم هذا صحت الصلاة خلفه وإن كان ثوابها أقل، روى ابن ماجه وابن حبان فى صحيحه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا، رجل أمَّ قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان" إن الذى ينافس غيره على الإمامة يدخله العجب والزهو، وذلك يقلل من ثواب الصلاة إن لم يذهب به أصلا، مع العلم بأن صلاة الجماعة ينال ثوابها كل من الإمام والمأمومين، فلا فضل لأحد منهم على الآخر، إلا بمقدار إخلاصه وخشوعه (9/111) ________________________________________ الغفلة عن سماع خطبة الجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال رجل حضر لصلاة الجمعة فأخذته سنة من النوم ولم يسمع من الخطبة شيئا، فهل تصح صلاته أو تبطل لأنه لم يسمع الخطبة؟
الجواب قال الله تعالى: {فإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} الأعراف: 204 تأمرنا الآية بالاستماع والإنصات لخطبة الجمعة لأن القرآن يتلى فيها، ووجوب الإنصات قال به جمهور العلماء، وجعله بعضهم سنة من آكد السنن، ومن هنا قالوا: إن الغفلة أو النوم وقت الخطبة منهى عنه، يقول ابن سيرين -وهو من كبار التابعين- كانوا يكرهون النوم والإمام يخطب ويقولون فيه قولا شديدا،يقولون: مثلهم كمَثل سرية أخفقوا، يعنى كمن رجعوا من الغزو بدون فائدة من قتال أو غنيمة، وروى فى الحرص على اليقظة عند الخطبة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا نعس أحدكم فليتحول إلى مقعد صاحبه وليتحول صاحبه إلى مقعده " ويؤخذ من هذا أن الذى ينبه جاره فى المسجد بغير كلام إذا غفل عن سماع الخطبة لا حرج عليه فى ذلك، لأنه لم ينصرف عن سماع الخطبة، ولم يشوش على أحد، بخلاف من يقول لغيره: أنصت، فإن فى الكلام تشويشا، وربما أثار عنادا عند الآخر فيكثر اللغو. أخرج القرطبى هذا الحديث فى تفسير سورة الجمعة من رواية سمرة بن جندب رضى الله عنه (9/112) ________________________________________ السجود مرتان
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل هناك حكمة فى كون الركوع واحدا والسجود اثنين فى الصلاة؟
الجواب العبادات نظام اختاره الله ووضحه الرسول لنتقرب به إلى رب العزة سبحانه، ولذلك يجب فيها الاتباع والالتزام، وإذا كانت هناك حكمة منصوص عليها لهذا النظام كان بها، وإلا فإن عقل المؤمن يمكن أن يفكر ويستنبط الحكمة، وقد يصيب فيها وقد يخطىء، وذلك لا يغير من الحكم شيئا. ولعل فى كون السجود فى الصلاة مرتين والركوع مرة واحدة إرغاما للشيطان، وإظهارا له أن ابن آدم الذى هو أبو البشر، والذى أمره الله بالسجود تحية له واحتراما - ابن آدم هذا أمره الله فى الصلاة أن يسجد فسجد، وكان سجوده مرتين تأكيدا لطاعته لله سبحانه، وعدم استكبار عليه كما استكبر إبليس ورفض أمر الله، فتكرار السجود تأكيد للامتثال، وذلك كما قال فى التلبية: لبيك اللهم لبيك، يعنى إجابة بعد إجابة. ومن أجل ظهور الخضوع له بقوة فى السجود بكونه مرتين كان فضل الله عظيما للساجدين جاء فيه الحديث الذى رواه مسلم "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء". ويؤكد أن تكرار السجود فيه إغاظة للشيطان قول النبى صلى الله عليه وسلم كما رواه مسلم أيضا "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى ويقول يا ويلاه، أمر هذا بالسجود فسجد، وأمرت أنا بالسجود فعصيت، فلى النار" "الترغيب والترهيب للحافظ المنذرى ج 2 ص 137 ". وإذا كان هذا حال الشيطان عندما يسجد ابن آدم لله سجدة واحدة إذا قرأ آية فيها سجدة -وربما لا تتيسر له هذه القراءة إلا فى فترات متباعدة- فكيف يكون حال الشيطان فى ذلته وحسرته إذا تكرر سجود ابن آدم فى اليوم الواحد أربعا وثلاثين مرة فى الصلوات المفروضة بل يتكرر أكثر من ذلك إذا صلى النوافل؟ ومن هنا نعلم أهمية السجود الذى جاء التعبير به أحيانا كمن الصلاة كلها. فقد روى مسلم وغيره أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله عن أحب الأعمال إلى الله، أو عن عمل يدخله الجنة فقال له "عليك بكثرة السجود، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك خطيئة" وروى مسلم أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لربيعة بن كعب، لما سأله الدعاء لله بمرافقته فى الجنة "فأعنِّى على ذلك بكثرة السجود" والمراد الصلاة. وإذا كان الركوع مرة واحدة فهو كسائر أركان الصلاة يكون مرة واحدة فى كل ركعة، وذلك كله اقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم القائل "صلوا كما رأيتمونى أصلى" رواه البخارى (9/113) ________________________________________ التنافس على الأذان
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال لما علم بعض الحاضرين فى المسجد ثواب المؤذن تنافسوا وتسابقوا من أجل الأذان، وكادت تقوم معركة، فما رأى الدين فى ذلك؟
الجواب من المعلوم أن الأذان له فضل عظيم يكفى في بيانه قول النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخارى ومسلم "لو يعلم الناس ما فى النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" والاستهام هو عمل القرعة. وقوله فيما رواه مسلم "المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة" وفيما رواه البخارى "لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شىء إلا شهد له يوم القيامة". وليس من المعقول أن يمكَّن أكثر من واحد من الأذان على مئذنة واحدة أو مكبر صوت واحد، فيكفى واحد لإقامة هذه السنة، التى قيل: إنها فرض كفاية، لو تركه أهل البلد أو المحلة لقوتلوا على تركه لأنه من العلامات التى تدل على أن الأهل مسلمون، وكان الرسول إذا بعث السرية يقول "إذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مناديا -مؤذنا- فلا تقتلوا أحدا" رواه أحمد والترمذى وأبو داود وابن ماجه، وكان هو إذا غزا قوما لم يغز حتى يصبح، فإذا سمع أذانا أمسك، وإذا لم يسمع أذانا أغار بعد ما يصبح رواه البخارى. ورعاية لحرص الكثيرين على الأذان لنيل فضله أوجد لهم الرسول مخرجا من التنافس والتزاحم فندب إلى ترديد ما يقول المؤذن، إلا عند حىَّ على الصلاة وحىَّ على الفلاح فيقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقد روى الطبرانى حديثا حسنا يقول "من سمع المؤذن فقال مثل ما يقول فله مثل أجره " وروى مسلم وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علىَّ، فإنه من صلى علىَّ صلاة صلى الله بها عليه عشرا ثم سلوا الله لى الوسيلة، فإنها منزلة فى الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لى الوسيلة حلَّت له الشفاعة" (9/114) ________________________________________ العطاس والتثاؤب
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز للمصلى إذا عطس أن يقول الحمد لله، ولماذا يكون الحمد فى العطس، وليس فى التثاؤب مثلا؟
الجواب جاء فى كتاب "الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار" للنووى ما نصه: إذا عطس فى صلاته يستحب أن يقول: الحمد لله ويسمع نفسه، هذا مذهبنا ولأصحاب مالك ثلاثة أقوال، أحدها هذا واختاره ابن العربى، والثانى يحمد فى نفسه والثالث قاله سحنون: لا يحمد جهرا ولا فى نفسه. وجاء فيه أيضا: إذا تثاءب فالسنة أن يرد ما استطاع، للحديث الصحيح الذى أخرجه البخارى: "إن الله تعالى يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله تعالى كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان ". وفى صحيح مسلم "إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فمه فإن الشيطان يدخل " يقول النووى: قلت: وسواء كان التثاؤب فى الصلاة أو خارجها يستحب وضع اليد على الفم، وإنما يكره للمصلى وضع يده على فمه فى الصلاة إذا لم تكن حاجة كالتثاؤب وشبهه. والحمد يكون فى العطاس لأنه إخراج الأبخرة التى تكون فى الدماغ ويحس بألمها الإنسان، فإذا عطس استراح فيحمد الله على هذه النعمة وهى زوال الألم. أما التثاؤب فهو علامة الكسل والتثاقل، عبر عنه الحديث بدخول الشيطان فى الفم، وفيه فتح الفم الذى قد يستقبح الناس ما يرونه فيه، فالأولى أن يستر. وقد ذكر النووى حكمة ذلك بقوله: قال العلماء: العطاس سببه محمود وهو خفة الجسم التى تكون لقلة الاختلاط وتخفيف الغذاء وهو أمر مندوب إليه لأنه يضعف الشهوة ويسهل الطاعة، والتثاؤب بضد ذلك والله أعلم اهـ. وهذا الكلام يحتاج إلى وقفة لعل عند المختصين طبيا ما يوضحه (9/115) ________________________________________ خطبة الجمعة بالكاسيت
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يكفى استماع خطبة الجمعة من شريط مسجل إذا لم يتوافر الخطيب الكفء؟
الجواب لا يجوز الاكتفاء بسماع خطبة الجمعة من شريط مسجل أو من الإذاعة أو التليفزيون ثم تقام الصلاة، بل لابد من خطيب يؤدى الخطبة، وإذا تعذر من يجيدها أو من لا يخطئ فى القرآن فإن الخطبة عند بعض الأئمة تحصل بمجرد صيغة فيها ذكر لله حتى بقراءة {قل هو الله أحد} وبعضهم اكتفى بعبارة فيها ترغيب وترهيب، مثل اتقوا الله لعلكم تفلحون، وابتعدوا عن المعاصى حتى لا يعاقبكم الله. فالخلاصة أن الخطبة أمرها سهل، ولا بد أن يؤديها واحد من الناس، حتى تصح صلاة الجمعة، ومن أراد بعد ذلك ثقافة دينية بسماع شريط مسجل مثلا فليكن بعد الانتهاء من الصلاة أو قبل الصلاة (9/116) ________________________________________ خطبة الجمعة شرط
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل خطبة الجمعة شرط أساسى فى صحة صلاتها؟
الجواب قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} الجمعة: 9 وقال بعد ذلك {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما} . يؤخذ من هذا أن من مقاصد تشريع صلاة الجمعة الاستماع إلى ذكر الله بالخطبة التى تلقى، أو ذكر الله بالصلاة نفسها، ففيها ذكر كثير، وذمَّ الله جماعة تركوا الرسول قائما يخطب وانصرفوا عنه إلى التجارة واللهو، وكانت الخطبة بعد الصلاة، ثم جعلت قبلها حتى يحبس الناس لسماعها. وكل اجتماع سابق قبل الإسلام عند العرب فى المواسم والأسواق كان -لا يخلو غالبا من خطابة نثرية أو شعرية، فهو فرصة لعرض الآراء وطرح المشكلات واقتراح الحلول. وكعب بن لؤى أحد أجداد النبى صلى الله عليه وسلم كان يخطب فى قريش يوم العروبة وهو يوم الجمعة، ويذكرهم بمبعث رسول. ولأهمية خطبة الجمعة حرص عليها النبى صلى الله عليه وسلم لأنها وسيلة من وسائل التبليغ الجماعى، وقال جمهور العلماء بأنها واجبة، لا تصح صلاة الجمعة بدونها، بناء على الأمر بالسعى إلى ذكر الله إذا نودى لصلاة الجمعة وعلى مواظبة النبى صلى الله عليه وسلم عليها ولقوله: "صلوا كما رأيتمونى أصلى" رواه البخارى. لكن قال الحسن البصرى وداود الظاهرى والجوينى وبعض علماء المالكية: إنها سنة لا واجبة، أى تصح صلاة الجمعة بدون الخطبة، لأن أدلة الوجوب ليست قاطعة الدلالة عليه فلا تفيد أكثر من الندب. ومهما يكن من شىء فلا ينبغى تركها، وهى فى بعض المذاهب يسيرة، فالحنفية اكتفوا فيها بمجرد ذكر الله، كقول الخطيب، الحمد لله، قاصدا بذلك الخطبة والمالكية، قالوا: يكفى اشتمالها على موعظة من ترغيب ترهيب، مثل: اتقوا الله حتى يرضى عنكم، ولا تعصوه حتى لا يعذبكم، ولا داعى إلى التمسك بمذهب الشافعى الذى يحتم أن تكون مشتملة على خمسة أمور، حمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله، والأمر بالتقوى فى كل من الخطبتين، وقراءة آية فى إحداهما والأولى أولى، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات فى الثانية ودين الله يسر (9/117) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الجمعة 02 فبراير 2024, 10:27 pm | |
| جلسة الاستراحة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال بعض الناس يعيبون المصلى إذا لم يأت بجلسة الاستراحة، فما جزاء من يتركها؟
الجواب الصلاة بأقوالها وأفعالها تشتمل على أركان واجبة الأداء لا تصح الصلاة إذا ترك واحد منها، وذلك كالركوع والسجود، كما تشتمل على سنن يندب ويستحب فعلها، وتصح الصلاة بدونها كالتسبيحات وتكبيرات الانتقال من ركن لآخر، فالأركان أساسية والمندوبات كمالية، وقد قسم العلماء المندوبات الكمالية إلى أقسام بعضها أهم من بعضها الآخر، ورأى بعضهم أن الأهم منها يعوَّض عند عدم الإتيان به بسجود السهو، وذلك كالقنوت فى الصبح والتشهد الأول، ومنها ما لا يعوَّض إن ترك كدعاء الاستفتاح ورفع اليدين عند التكبير للركوع وعند الرفع منه. وذلك كله مأخوذ من أقوال النبى صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وهو القائل "صلوا كما رأيتمونى أصلى" رواه البخارى، والجلوس فى الصلاة قد يكون ركنًا أساسيا، كالجلوس بين السجدتين، والجلوس للتشهد الأخير، وقد يكون غير أساسى ومنه جلسة الاستراحة. وهذه الجلسة تكون بعد الرفع من السجدة الثانية عند القيام للركعة التالية، وقد اختلف العلماء فى حكمها، بناء على اختلاف الأحاديث الواردة بشأنها، فقال بعضهم إنها من سنن الصلاة فيستحب للمصلى أن يأتى بها لينال ثوابا، ومن لم يأت بها لا تبطل صلاته، وقال بعضهم الآخر ليست من سنن الصلاة فلا ثواب على فعلها، ولكنها مباحة لمن يحتاج إليها، كالمتعب لمرض أو لكبر سن أو لسبب آخر. والنبى صلى الله عليه وسلم لم يأمر بها قولا، ولكن كان يفعلها أحيانا ويتركها أحيانا أخرى، بدليل أن الذين رووا صفة صلاته ذكرها بعضهم، ولم يذكرها بعضهم الآخر، ولو كانت هى من عادة النبى دائما فى صلاته ما أهمل هؤلاء الرواة ذكرها. من هذا نرى أن جلسة الاستراحة مرخَّص فيها لمن احتاج إليها، أما ترتب ثواب على فعلها أو عدم ترتبه فليس فيه نص يعتمد عليه، وعلى هذا لا يجوز التعصب لها ولا عيب من يتركها بأنه مخالف للسنة، ولعل ترك النبى صلى الله عليه وسلم لها أحيانا دليل على سماحة الإسلام ويسره، مادامت الأساسيات مؤداة، ولكل أن يزداد من الخير بما يشاء مما شرعه الدين (9/118) ________________________________________ لا صلاة لحابس
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل من الحديث ما يقال "لا صلاة لحابس " وإن كان حديثا فما معناه؟
الجواب روى أحمد وأبو داود والترمذى وقال: حديث حسن، عن ثوبان أن النبى قال "ثلاث لا تحل لأحد أن يفعلهن: لا يؤم رجل قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم فإن فعل فقد خانهم، ولا ينظر فى قعر بيت قبل أن يستأذن، فإن فعل فقد دخل -أى صار فى حكم الداخل بلا إذن- ولا يصلى وهو حاقن حتى يتخفف" وروى مسلم وغيره عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لا يصلى أحد بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان " ومعنى حاقن: حابس البول، والأخبثان هما: البول والغائط. وجاء فى الإقناع فى فقه الشافعية "ج 1 ص 131 " تكره الصلاة حاقنا بالبول - أو حاقبا بالغائط - أو حاذقا بالريح - أو حاقما بالبول والغائط. والمقصود أن يكون الإنسان فى صلاته خاشعا متفرغا لفهم معنى ما يقول ويفعل ومدركا مقام الوقوف أمام الله، لا يشغل عن ذلك بأى شاغل من هذه الأمور، حتى لا يتوزع فكره ويذهب خشوعه أو يقل،بل ينبغى التخفيف بإزالة هذه الضواغط والشواغل (9/119) ________________________________________ البناء فوق المسجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز البناء فوق المسجد لأعمال الخير مثل تحفيظ القرآن الكريم أو عيادة طبية؟
الجواب جاء فى فتوى الشيخ عبد المجيد سليم فى 20/ 11/ 1944 م أنه بعد تمام المسجدية لا يجوز البناء على المسجد ولو لمصالحه، حتى صرحوا بأنه لا يوضع الجذع، على جدار المسجد وإن كان من أوقافه " الفتاوى الإسلامية - المجلد 11 ص 3965 ". وجاء فى فتوى الشيخ حسنين مخلوف فى5/12/1949 م أن ظاهر الرواية عند الحنفية أنه لو بنى فوق المسجد أو تحته بناء لينتفع به لم يصر بهذا مسجدا، وله أن يبيعه ويورث عنه، أما لو كان البناء لصالح المسجد فإنه يجوز ويصير مسجدا، وهذا قبل أن يصير مسجدا، أما بعده فلا يمكن أحد من البناء عليه مطلقا، ونقل عن الصاحبين أنه يجوز أن يكون أسفل المسجد أو علوه ملكا بكل حال ينتفع به البانى أو يخصص لصالح المسجد إذا اقتضت الضرورة ذلك، كما فى البلاد التى تضيق منازلها بسكانها. وعلى هذا إذا كانت هناك ضروره تدعو إلى المشروع المسئول عنه فلا بأس بالأخذ بقول الصاحبين فى الرواية المذكورة عنهما، لأنها تتفق مع قواعد المذهب، كقاعدة الضرورات تبيح المحظورات وقاعدة: المشقة تجلب التيسير، وغيرهما، وهذا مقرر فى قول الله عز وجل {وما جعل عليكم فى الدين من حرج} الحج: 78 "الفتاوى الإسلامية - المجلد الثانى ص 652 " (9/120) ________________________________________ الدفن فى المسجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال بنى رجل مسجدا وأوصى أن يدفن فيه فهل تصح الوصية ويلزم تنفيذها؟
الجواب أجاب الشيخ عبد المجيد سليم بتاريخ 22 من يونية 1940 م على مثل هذا السؤال بأن ابن تيمية أفتى بأنه لا يجوز أن يدفن فى المسجد ميت، لا صغير ولا كبير ولا جليل ولا غيره، فإن المساجد لا يجوز تشبيهها بالمقابر، وأن المسجد لو كان موجودا ثم دفن فيه ميت وجب أن يسوى القبر وينبش ويخرج منه الميت إن كان جديدا، وعلَّل ذلك بأن الدفن فى المسجد إخراج لجزء منه عما جعل له من الصلوات والذكر وتدريس العلم، وذلك غير جائز شرعا، وبأن إنشاء قبر فيه يؤدى إلى الصلاة إليه أو عنده، وذلك منهى عنه، وأورد فى كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم " ص 158 بعض الأدلة على النهى عن الصلاة عند القبور مطلقا واتخاذها مساجد أو بناء المساجد عليها، منها حديث مسلم "لا تجلسوا على القبور ولا تصلُّوا إليها" وقال ابن تيمية أيضا: لا يجتمع فى دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه وكان الحكم للسابق. إن هذا الحكم مبنى على مذهب الإمام أحمد الذى يأخذ به ابن تيمية وابن القيم، وعند الشافعية أن ذلك ليس بحرام ولكنه مكروه، قال النووى فى شرح المهذب "ص 316" قال الشافعى والأصحاب: وتكره الصلاة إلى القبور، سواء كان الميت صالحا أو غيره، قال الحافظ أبو موسى: قال الإمام الزعفرانى رحمه الله: ولا يصلى إلى قبر ولا عنده، تبركا به ولا إعظاما له، للأحاديث. فالحكم عندهم هو الكراهة التنزيهية لا التحريمية ولا الحرمة، ومناط الحكم بذلك هو التبرك والإعظام، فإذا لم يكن تبرك ولا إعظام فلا كراهة على هذا. أما الحنفية فالدفن فى المسجد أولى بالحظر من الصلاة على الجنازة فى المسجد، الوارد فيها حديث "من صلى على جنازة فى المسجد فلا أجر له" لأن فيها كما قال صاحب الهداية -إخراجا لجزء من المسجد عما جعل له من العبادة بالصلاة والذكر والعلم، وصلاة الجنازة فى المسجد مكروهة كراهة تحريم كما هو إحدى الروايتين وهى التى اختارها العلامة قاسم وغيره "الفتاوى الإسلامية المجلد الثانى صفحة 655" وهى سنة عند الشافعية وجائزة عند الحنابلة إن لم يخش تلويث المسجد. هذا إذا كان الدفن داخل المسجد أما إذا كان بجواره خارجا عنه فلا حرمه ولا كراهة (9/121) ________________________________________ صلاة البردين
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل هذا القول من الحديث النبوى "من صلى البردين دخل الجنة" وما المقصود منهما؟
الجواب هذا حديث صحيح رواه البخارى ومسلم، والبردان هما الصبح والعصر، لوقوعهما فى أول النهار وآخره، والمقصود هو الحث على المحافظة عليهما، فهما الوقتان اللذان تتبادل فيهما ملائكة الليل وملائكة النهار كما صح فى حديث البخارى ومسلم، حيث يسألهم ربهم: كيف تركتم عبادى؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون، فاغفر لهم يوم الدين. وليس المراد من الحديث أن الذى يصليهما ولو مرة واحدة يدخل الجنة، بل المراد التأكيد على المحافظة عليهما كما قال سبحانه {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} البقرة: 238 وكما قال فى صفات المؤمنين المفلحين {والذين هم على صلواتهم يحافظون} المؤمنون:9. ومن حافظ على هاتين الصلاتين سيحافظ على غيرهما لأن الأولى تكون بعد النوم والنفس تتراخى عن القيام منه، فمن قام وأدَّاها فى وقتها الضيق خشية أن تفوته دل ذلك على عنايته بالصلاة وعدم تهاونه فيها، وكذلك الثانية تؤدى بعد جهد كبير طول النهار قد يكون طلب الراحة من العمل داعيا إلى إهمالها، فمن حافظ عليها كانت محافظته على غيرها أيسر، وقد نص على أنها هى الصلاة الوسطى التى ركز الله على الاهتمام بها والمحافظة عليها. ومما جاء فى التأكيد على هاتين الصلاتين حديث رواه مسلم "لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها يعنى الفجر والعصر" وحديث البخارى ومسلم "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله " وفى رواية "فكأنما وتر أهله وماله " (9/122) ________________________________________ الإمام الأبكم والأصم
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل تجوز الصلاة خلف إمام أصم أبكم؟
الجواب الإمام الأبكم الذى لا يقدر على الكلام لا يقرأ الفاتحة ولا يكبر للإحرام، فلا تصح إمامته، لأنه أنقص من المأمومين. جاء فى فقه المذاهب الأربعة فى شروط الإمامة: القراءة بحيث يحسن الإمام قراءة ما لا تصح الصلاة إلا به إذا كان المأموم قارئا يحسن ذلك، فلا يجوز أن يقتدى قارئ بأمى، أما اقتداء أمِّى بمثله فصحيح. هذا، والأبكم أشد نقصا من الأمى الذى لا يحسن القراءة، فعدم إمامته أولى، أما الأصم فهو فاقد السمع فقط، وليس السمع شرطا فى صحة الجماعة، فيجوز أن يكون إماما (9/123) ________________________________________ قضاء الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال فاتتنى صلاة رباعية وأنا فى السفر فهل أقضيها بعد السفر مقصورة أو تامة، ولو فاتتنا صلاة العصر وأردت قضاءها الليل هل أسر فيها أم أجهر؟
الجواب من فاتته صلاة رباعية فى السفر له أن يقضيها ما دام السفر قائما، فيصليها مقصورة كما كانت تؤدى فى وقتها مقصورة، أما إذا لم يقضها حتى انقطع سفره فإن الحنفية والمالكية يقولون: يقضيها مقصورة، أى على الحالة التى فاتته عليها، أما الشافعية والحنابلة فيقولون: يقضيها تامة، لأن سبب القصر قد زال بالإقامة فتعود إلى الحكم الأصلى وهو الإتمام. أما إذا فاتته صلاة رباعية فى الحضر وأراد قضاءها فى السفر المبيح للقصر فيجب قضاؤها تامة غير مقصورة، وذلك باتفاق جميع المذاهب. وإذا فاتته صلاة سرية كالظهر أو العصر وأراد قضاءها بالليل قال الحنفية والمالكية تقضى سرا، أى لا يجهر فيها القراءة، وإذا فاتته صلاة جهرية كالصبح أو المغرب أو العشاء وأراد قضاءها نهارا قضاها جهرا، فالعبرة عندهم بوقت فواتها لا بوقت قضائها والشافعية قالوا: العبرة بوقت القضاء سرا أو جهرا، فممن صلى الظهر قضاء بالليل جهر بالقراءة، ومن صلى المغرب قضاء بالنهار أسرَّ بالقراءة، والحنابلة قالوا: إذا كان القضاء نهارا فإفه يُسر مطلقا، سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية، وسواء أكان إماما أم منفردا، وإن كان القضاء ليلا فإنه يجهر فى الجهرية إذ اكان إماما، وذلك لشبه القضاء بالأداء فى هذه الحالة، أما إذا كانت سرية فإنه يسر مطلقا، وكذلك إذا كانت جهرية وهو يصلى منفردا فإنه يسر "الفقه على المذاهب الأربعة" إنها وجهات نظر مختلفة لا مانع من الأخذ بأىٍّ منها (9/124) ________________________________________ الاستخلاف فى الإمامة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال إذا أصيب الإمام أثناء الصلاة بألم ولم يستطع أن يكمل الصلاة فهل يجوز أن يختار من المصلين من يحل محله لإتمام صلاة المأمومين؟
الجواب نعم، يجوز للإمام إذا أحس بألم أن يستخلف أحد المأمومين ليكمل الصلاة بدليل ما رواه البخارى أن عمر رضى الله عنه لما ضرب وهو يصلى أخذ عبد الرحمن بن عوف فقدمه فصلى بهم صلاة خفيفة، وكذلك روى سعيد بن منصور أن عليا كرم الله وجهه صلى ذات يوم فرعف - نزل دم من أنفه- فأخذ بيد رجل فقدمه، ثم انصرف (9/125) ________________________________________ إجازة المدارس
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال لماذا كانت إجازة المدارس فى البلاد الإسلامية بعد ظهر الخميس ويوم الجمعة؟
الجواب يقال: إن عمر رضى الله عنه لما شجع الكتاتيب لتحفيظ القرآن ومدارسته بإنشاء أول كُتَّاب بجوار الحرم النبوى كلف عامر بن عبد الله الخزاعى بتعليم الأولاد، على أن يكون ذلك بدرس بعد صلاة الصبح إلى الضحى،، ودرس بعد صلاة الظهر إلى العصر، ولما خرج إلى الشام وغاب شهرا خرج المسلمون على مسيرة يوم للقائه ومعهم الصبيان، فكان يوم الخميس، فتأخر عنهم إلى الغروب، ثم تعبوا يوم الجمعة ولم يحضروا إلى الكتَّاب فلما علم عمر بذلك أجازهم هذين اليومين من كل أسبوع (ص 2 من كتاب: نظام التعليم العربى، لآدم الألورى، وربما نقله من المدخل لابن الحاج ج 2 ص 227) (9/126) ________________________________________ حد السرقة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل تقطع يد السارق فى كل حالات السرقة، وكيف يكون القطع؟
الجواب قطع يد السارق فى السرقة عقوبة حَديَّة وليست تعزيرية، ولابد من الاحتياط والتأكد من توافر أركان الجريمة، بناء على قوله صلى الله عليه وسلم "ادرءوا الحدود بالشبهات " وفى رواية "ادرءوا الحدود ما وجدتم لها موقعا" وفى موضع آخر من هذا الكتاب تخريج هذا الحديث. ومن الشروط التى تتحقق بها السرقة الموجبة للحد بالنسبة للسارق البلوغ والعقل والاختيار وعدم وجود شبهة للسارق فى الشىء المسروق - وتوضيح الشبهة يطول، وأن يكون المسروق مما يتمول ويملك، مع اختلاف الفقهاء فى هذا المعنى، وأن يبلغ المسروق نصابا فى الزكاة "ثمن خمسة وثمانين جراما من الذهب عيار (21) أو ثمن ستمائة جرام من الفضة تقريبا" وأن يكون المسروق فى حرز يناسبه، وفى تحديده خلاف. ويثبت الحد بإقرار السارق أو شهادة عدلين، وإذا ثبت الحد فلا شفاعة فيه، وحديث المخزومية التى سرقت فقطع النبى صلى الله عليه وسلم يدها معروف، حيث رفض الشفاعة فيه، وأقسم أن فاطمة بنته لو سرقت لقطع يدها. وعند عدم وجود الشهود يندب للقاضى أن يلقن السارق المعترف ما يمنع عنه إقامة الحد، كإنكاره السرقة، أو ادعاء أن المسروق ملكه، فإن أصر على اعترافه أقيم عليه الحد، وإن رجع لا يقام عليه الحد ولكن توقع عليه عقوبة تعزيرية. والعقوبة إذا استوفت السرقة شروطها وأركانها هى الحد وهو قطع اليد، كما قال تعالى {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم} المائدة: 38 فتقطع يده اليمنى من المفصل وهو الكوع، فإذا سرق مرة ثانية تقطع رجله اليسرى، فإذا سرق مرة ثالثة قال أبو حنيفة: يعزر ويحبس، وقال الشافعى وغيره: تقطع يده اليسرى فإن عاد قطعت رجله اليمنى، فإن عاد عزر وحبس. قال العلماء: ومن التنكيل بالسارق وزجر غيره أمر الشارع بتعليق يده المقطوعة فى عنقه، روى أبو داود والنسائى والترمذى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بسارق فقطعت يده ثم أمر بها فعلقت فى عنقه (9/127) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الجمعة 02 فبراير 2024, 10:28 pm | |
| قول: فداك أبى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل قول الإنسان لآخر يحبه أو يحترمه: فداك أبى جائز؟
الجواب قال النووى فى كتابه "الأذكار" ص 369: المذهب الصحيح المختار أنه لا يكره قول الإنسان لغيره: فداك أبى وأمى، أو جعلنى الله فداك، وقد تظاهرت على جواز ذلك الأحاديث المشهورة فى الصحيحين وغيرهما، وسواء كان الأبوان مسلمين أو كافرين. وكره بعض العلماء ذلك إذا كانا مسلمين، وكره مالك بن أنس أن يقال: جعلنى الله فداك. وأجازه بعضهم، وقال القاضى عياض: ذهب جمهور العلماء إلى جواز ذلك، سواء كان المفدَّى به مسلما أو كافرا، وأيد النووى ذلك لوجود أحاديث صحيحة كثيرة فى جوازه (9/128) ________________________________________ الطريقة الرفاعية
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هى الطريقة الرفاعية وما هو منهجها؟
الجواب الطريقة الرفاعية نسبة إلى الشيخ أحمد بن الحسين الرفاعى الذى ولد سنة 512 هـ فى بلدة "أم عبيدة" بأرض البطائح بالعراق، ومات بها يوم الخميس 12 من جمادى الأولى سنة 570هـ كما يقول الشعرانى فى" الطبقات الكبرى ج 1 ص 140 - 145 " أو سنة 572هـ كما تقول الدكتورة سعاد ماهر، ودفن هناك، أما الرفاعى الموجود فى مصر فمن نسله. وجاء فى الجزء الأول ص 304 من كتاب "مساجد مصر وأولياؤها" للدكتورة سعاد ماهر أنه ولد يتيما، وحفظ القرآن صغيرا، وتردد على مجالس العلماء والصوفية، وكسب قوته بعمله ويده، وكان يشترط على تلاميذه ومريديه أن يكون لهم عمل يكسبون منه العيش، وفى سن الخامسة والعشرين توفى خاله الشيخ منصور البطائحى بعد أن ولاه خلافة طريقته التى عبر عنها فى أقوال صريحة منها: طريقى دين بلا بدعة، وهمة بلا كسل، وعمل بلا رياء، وقلب بلا شغل، ونفس بلا شهوة. أما ما ينسب إلى طريقته من إمساك الثعابين ووضع الأسياخ فى الجسد بدون دم ولا جرح فيقول ابن خلكان: لم نعثر فى ترجمة الرفاعى على ذلك أو إشارة لها من قريب أو بعيد. وعلق محمد فريد وجدى على أكلهم الحيَّات والجلوس على النار بأن ذلك لدخول الإنسان فى حالة غير اعتيادية، كما هو موجود عند الديانات الهندية القديمة. وذكر الصوفى ابن العربى نوعا من الرياضة الجسمانية والروحية تؤهل مزاوليها للقيام بأعمال خارقة. ترك الرفاعى مؤلفات فى التوحيد والتفسير والحديث والتصوف والفقه، مثل كتاب: البهجة وشرح التنبيه فى الفقه الشافعى. ويمكن الرجوع إلى كتاب الطبقات للشعرانى لمعرفة كثير من الأقوال المأثورة عنه (9/129) ________________________________________ الغيبة والزنا
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل تعتبر الغيبة أشد جرما من الزنا؟
الجواب جاء فى "الترغيب والترهيب" للحافظ المنذرى: روى عن جابر ابن عبد الله وأبى سعيد الخدرى رضى الله عنهما قالا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الغيبة أشد من الزنا" قيل كيف؟ قال "الرجل يزنى ثم يتوب فيتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه" رواه ابن أبى الدنيا فى كتاب الغيبة، والطبرانى فى معجمه الأوسط والبيهقى، ورواه البيهقى أيضا عن رجل لم يُسَمَّ عن أنس، ورواه عن سفيان بن عيبنة غير مرفوع وهو الأشبه. يعنى هذا الحديث ليس منسوبا إلى النبى صلى الله عليه وسلم بطريق صحيح، وهو من قول بعض الصحابة ولعله يريد بذلك التنفير والتحذير، والتعليل بعدم مغفرة الغيبة إلا بمغفرة من اغتيب موجود أيضا فى الزنا إذا كان بالغصب، فلا يغفر إلا بمسامحة المزنى بها أو من له حق من زوج أو ولى. هذا، والمحرمات كلها معاصٍ يجب البعد عنها دون تفريق بين الصغائر والكبائر، ولا بين كبيرة وما هو أكبر منها، وعند التوبة من المعاصى لكل منها طريقة تختلف عن الأخرى وبخاصة الكبائر مع التنبيه على أن الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة (9/130) ________________________________________ تطويل الإمام
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز للإمام أن يطيل فى الركعة حتى يدركه من يسمعه يقول: إن الله مع الصابرين؟
الجواب لا مانع من إطالة الإمام فى الركعة الأولى حتى يدركه من يريدون الاقتداء به عند شعوره بقدومهم أو سماع قولهم: إن الله مع الصابرين. ففى حديث أبى قتادة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يطول فى الأولى، قال: فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى. وعن أبى سعيد قال: لقد كانت الصلاة تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضى حاجته ثم يتوضأ ثم يأتى ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى الركعة الأولى مما يطولها، رواه مسلم وأحمد والنسائى وابن ماجه (9/131) ________________________________________ ستر العورة فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يشاهد فى بعض الأندية الرياضية توجُّهُ الشبان للصلاة بالشورت، فهل تصح بهذه الملابس؟
الجواب الصلاة وقفة من العبد أمام الله سبحانه، يسبحه ويمجده ويطلب الهداية منه فى مناجاة بقراءة القرآن، وفى تذلل بالركوع والسجود، ومن أدب هذه العبادة ستر العورة إلى جانب الطهارة واستقبال القبلة، قال تعالى {يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} الأعراف: 21 والمراد بالزينة ما يستر العورة، وبالمسجد الصلاة فى بعض أقوال المفسرين، أى عليكم أن تستروا عوراتكم عند كل صلاة، وسترها يكون بشىء يحجب لون الجلد حتى لو كان ضيقا يحددها. وتحديد العورة يختلف فيه الرجل عن المرأة، أما المرأة فعورتها جميع بدنها ما عدا وجهها وكفيها، لقوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} النور: 31 فصلاتها مع انكشاف شىء منها باطلة وتجب إعادتها، والمالكية جعلوا لها عورة مغلَّظة تبطل الصلاة بعدم سترها، وهى ما عدا الأطراف من جسمها، أما المخففة كالرأس وما تحت الركبة فتصح الصلاة مع كشفها وإن كان كشفها حراما أو مكروها، ويستحب إعادتها مستورة فى الوقت، وأما عورة الرجل فى الصلاة فالسوأتان تبطل الصلاة بعدم سترهما، وأما عداهما من الفخذ والسرة والركبة، فقد اختلفت فيه الآراء، فجمهور الفقهاء على أنه عورة يجب ستره لحديث رواه أحمد والحاكم والبخارى فى تاريخه أن النبى صلى الله عليه وسلم مرَّ على معمرٍ وفخذاه مكشوفتان فقال له "غطِّ فخذيك فإن الفخذين عورة" وقال مثل ذلك لرجل آخر كما رواه مالك وحسنه الترمذى. ومن هنا يرى جمهور الفقهاء أن الصلاة بالشورت الذى يكشف عن الفخذين باطلة. ومعنى هذا أن الذين يمارسون الألعاب الرياضية بالملابس القصيرة لا تصح صلاتهم إلا بملابس ساترة عند الجمهور، ومن أجل الحاجة أو الضرورة يمكن أن يتبعوا رأى من يقول: إن الفخذ ليس بعورة استنادا إلى حديث رواه البخارى عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه أى كشفها حتى إنى لأنظر إلى بياض فخذه، وبهذا أخذ الإمام مالك رضى الله عنه. لكن الأدب مع الله يقضى باتباع رأى الجمهور لأنه الأحوط، ولا يلجأ إلى غيره إلا عند الضرورة أو الحاجة كضيق الوقت وعدم وجود ثوب سابغ (9/132) ________________________________________ صلاة الجماعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال أنا أسكن فى عمارة فى أسفلها زاوية للصلاة، هل يجوز لى أن أصلى وأنا فى مسكنى خلف الإمام الذى يصلى فى الزاوية مع العلم بأنى أعلم بكل أعماله فى الصلاة عن طريق مكبر الصوت؟
الجواب صلاة الجماعة تفضل صلاة المنفرد ببضع وعشرين درجة، وقد بيَّن الحديث سبب مضاعفة الثواب بقوله "وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه ما دام فى مُصَلاَّه ما لم يحدث: اللهم صَلِّ عليه اللهم ارحمه، ولا يزال فى صلاة ما انتظر الصلاة" فالحديث يحث على صلاة الجماعة فى المسجد حتى يضاعف الثواب بالخطوات والانتظار فيه حتى تقام الصلاة، وبعد الصلاة لختامها. وهذه المضاعفة لا توجد فى صلاة المنفرد فى بيته بل لو صلاها جماعة فى بيته سيضيع منه ثواب الخطوات والمكث فى المسجد، إن كان للجماعة أيَّاً كان ثواب إن شاء الله. وقد شرط العلماء لصحة صلاة الجماعة التمكن من ضبط أفعال الإمام إذا كان المأموم خارج المسجد الذى يصلى فيه الإمام وألا تزيد المسافة بينهما على ثلثمائة ذراع، وألا يكون بينهما حائل يمنع وصول المأموم إلى الإمام لو أراد بدون انحراف عن القبلة، بمعنى أن الذى يريد أن يصلى جماعة فى مسكن بالعمارة التى فى أسفلها مسجد فيه إمام يصلى هل يستطيع النزول إليه على السلم دون انحراف عن القبلة؟ إن أمكن صحت الجماعة وإلا فلا، هكذا قال الإمام الشافعى. ولكن الإمام مالكا يحكم بصحة الجماعة ما دام المأموم متمكنا من ضبط أفعال الإمام عن طريق مكبر الصوت. والإمام أحمد يشترط رؤية المأموم للإمام أو مَن وراء الإمام، وهذا لا يحصل فى الصورة الواردة فى السؤال. فالخلاصة أن صلاة الجماعة فى صورة السؤال صحيحة عند الإمام مالك، باطلة عند غيره (9/133) ________________________________________ إمامة الصبى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال عندنا مسجد فى القرية ليس له إمام مخصوص، ولكن يوجد صبى يحفظ بعض القرآن الكريم يصلى بنا جماعة أحيانا فقال بعض المصلين: إن صلاته بهم لا تجوز لأنه صغير ولأن المأمومين أكبر منه، فما رأى الدين فى ذلك؟
الجواب روى مسلم وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم" والمراد بالقراءة هنا كثرة الحفظ ومعرفة أحكام الدين، أى أفقههم كما قال بعض العلماء. وروى البخارى وغيره أن عمرو بن سلمة نقل عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال "فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا" فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا منى فقدمونى بين أيديهم وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين، وجاء فى رواية النسائى أنه ابن ثمان سنين، وجاء فى رواية أحمد وأبى داود أنه قال: فما شهدت مجمعا من جَرْمٍ - وهم قومه- إلا كنت إمامهم إلى يومى هذا. بناء على ما تقدم يجوز للصبى أن يكون إماما لمن هم أكبر منه سنًا، وبخاصة إذا تميز عنهم بالتفقه فى الدين، وهذا ما قال به الإمام الشافعى رضى الله عنه، أما الإمام مالك فقد كره أو منع ذلك فى الفرائض وأما أبو حنيفة وأحمد، فقد اختلفت الرواية عنهما، والمشهور عنهما كما قال ابن حجر فى كتابه "فتح البارى" أنهما يجوزان أن يكون الصبى إمامًا فى النوافل كالتراويح والعيدين دون الفرائض، لكن هذه التفرقة لا معنى لها، لأن حديث عمرو فيه أذان للصلاة ثم الإمامة، والأذان لا يكون إلا للفريضة دون النافلة. والذين منعوا إمامة الصبى أو كرهوها فى الفريضة استندوا إلى أثر عن ابن مسعود بأنه لا يؤم الغلامُ حتى تجب عليه الحدود، أى حتى يكلَّف بالبلوغ، وكذلك أثرٌ مثله عن ابن عباس رواهما الأثرم فى سننه، وليسا مرفوعين إلى النبى صلى الله عليه وسلم بل هما رأيان لهما، وفى مثل هذا المقام يقدم الحديث المرفوع على الكلام الموقوف على الصحابى، كما يقدم ما رواه البخارى ومسلم على ما رواه الأثرم. والموضوع موضح فى نيل الأوطار للشوكانى، وخلاصته أن إمامة الصبى فى الفرائض جائزة وصحيحة عند الشافعى ويمكن الأخذ به في الصبى يصلى بوالدته وإخوته وأخواته، والتلميذ يصلى بزملائه، لكنها غير جائزة عند الأئمة الاخرين، والبالغ إن وجد أولى من الصبى (9/134) ________________________________________ تغير المكان لكل صلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نرى بعض الناس إذا انصرفوا من صلاة الجماعة لصلاة السنة تبادلوا الأمكنة التى كانوا فيها، ولا يصلون السنة فى المكان الذى صلوا فيه الفريضة، فما رأى الدين فى ذلك؟
الجواب روى أحمد وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى أن يوطِّن الرجلُ المكان فى المسجد كما يوطن البعير (فعله: أوْطَن أو وطَّن.) . تحدث العلماء عن هذا الحديث وقالوا: يكره للرجل أن يتخذ له مكانا خاصا فى المسجد لأداء الصلاة فيه، بحيث يمنع غيره أن يصلى فيه، وقد يكون هذا المكان مفضلا كالروضة الشريفة فى المسجد النبوى، فلا يصح استئثار جماعة أو واحد به، بل يدع الفرصة لغيره أن ينال شرف الصلاة فيه. والذى يغير مواضع صلاته فى المسجد ولا يلتزم مكانا معينا قد يخشى أن يقع تحت طائلة هذا الحديث. ولكن المعقول أنَّ تنقل المصلى فى عدة أماكن من المسجد يُقصد منه كثرة ما يشهد له يوم القيامة بعمل الخير، فإن الثابت أن أشياء كثيرة تكون شاهدة للإنسان أو عليه يوم القيامة، كما قال تعالى {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} النور: 24 وقال: {وقالوا لجلودهم لِمَ شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء} صح فى الحديث الذى رواه البخارى وغيره أن المؤذن لا يسمع صوته شجر ولا مدر ولا حجر ولا جن ولا إنس إلا شهد له يوم القيامة. والرجل الذى يريد أن يصلى فى مواضع متعددة من المسجد أو من غيره يريد أن تكثر الشهود له يوم القيامة بالصلاة، والإنسان فى هذا اليوم محتاج إلى كل شاهد يشهد له بالخير ويشفع له. قال تعالى {إذا زلزلت الأرض زلزالها. وأخرجت الأرض أثقالها. وقال الإنسان مالها. يومئذ تحدث أخبارها. بأن ربك أوحى لها} يقول المفسرون: أى تخبر الأرض بما عمل عليها من خير أو شرٍّ يوم القيامة، وروى الترمذى بسند حسن صحيح، أن النبى صلى الله عليه وسلم لما قرأ هذه الأية قال "أتدرون ما أخبارها"؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال "فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل يوم كذا، كذا وكذا". هذا وقد روى أبو داود وابن ماجه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا يصلى الإمام فى مقامه الذى صلَّى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه" كما رويا أنه قال "أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله" يعنى فى النفل، وفى إسناده هذين الحديثين مقال. "نيل الأوطار ج 3 ص 209" ولكن تغيير مكان الصلاة للنوافل مشروع رجاء تعدد مواضع السجود التى تشهد للمصلى (9/135) ________________________________________ إضافات للأذان
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل صحيح أنه كان فى زمن السلف سلام بعد الأذان على الخلفاء والأمراء؟
الجواب الوارد فى التاريخ أن بلالا كان إذا فرغ من الأذان يقف على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: السلام عليك يا رسول الله. وربما قال: السلام عليك بأبى أنت وأمى يا رسول الله، حى على الصلاة، حى على الصلاة السلام عليك يا رسول الله. قاله الأستاذ الكتانى فى كتابه "التراتيب الإدارية" ج 1 ص 75. فلما ولى أبو بكر رضى الله عنه كان المؤذن سعد القرظى يقف على بابه فيقول: السلام عليك يا خليفة رسول الله ورحمة الله وبركاته، حى على الصلاة، حى على الفلاح الصلاة يا خليفة رسول الله، فلما استخلف عمر رضى الله عنه كان سعد يقف على بابه ويقول مثل ما يقول لأبى بكر. فلما قال عمر للناس: أنتم المؤمنون وأنا أميركم، فدُعى أمير المؤمنين، صار المؤذن إذا أذن يقول بعد الأذان: السلام عليك يا أمير المؤمنين ... فلما ولى عثمان بن عفان رضى الله عنه كان العمل على هذا. وما برح المؤذنون إذا أذنوا سلَّموا على الخلفاء، ثم يقيمون الصلاة بعد السلام، فيخرج الخليفة أو الأمير فيصلى بالناس، هكذا كان العمل مدة أيام بنى أمية وبنى العباس فى مصر والشام والحجاز وسائر الأمصار. وفى مصر، عندما ملك الفاطميون أمر جوهر الصقلى أن يكون الأذان على عمل آل البيت، فزيد فيه "حى على خير العمل " وأصله فى مسند ابن أبى شيبة، فكان المؤذن بعد الأذان يقف على باب القصر ويقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين. وربما قال بعد ذلك: الصلاة والسلام عليك يا أمير المؤمنين وعلى آبائك الطاهرين. فلما زالت دولة الفاطميين وجاءت الدولة الأيوبية نبذ صلاح الدين كل ما كان لهم من شعار، فبدَّل السلام على الخليفة بالسلام على رسول الله، فكان المؤذن بعد الأذان يقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته. وربما قال: الصلاة والسلام. كان هذا العمل قاصرا على قصر الإمارة فقط، يعنى فى المسجد السلطانى ونحوه فلما كان أيام الملك الصالح نجم الدين أيوب آخر ملوك الأيوبيين أمر جميع المؤذنين فى مصر والقاهرة أن يقولوا على المنابر عقب الأذان: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، وأن يقتصر فى ذلك بعد أذان العشاء الأخيرة، فظل العمل على هذا إلى زمن المنصور حاجى بن الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن المنصور قلاوون، فأمر أن يقال ذلك بعد أذان الفجر وبعد كل أذان ما عدا المغرب، فما برح المؤذنون على ذلك إلى وقتنا هذا "مجلة الإسلام المجلد الثانى، العدد الحادى والأربعون، بقلم حسن محمد قاسم". يؤخذ من هذا أنه لا بأس من الصلاة والسلام على النبى صلى الله عليه وسلم عقب الأذان ويكون من باب التثويب الذى استحسنه المتأخرون، مبالغة فى إعلام الناس بدخول الوقت وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن. وجاء فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة أن بعض الخلف زادوا عقب الأذان وقبله أمورا، منها: الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم عقبه، ومنها التسابيح والاستغاثات قبله بالليل ونحو ذلك، وهى بدع مستحسنة، لأنه لم يرد، فى السنة ما يمنعها، وعموم النصوص يقتضيها، وقال الشافعية والحنابلة: إن الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم عقب الأذان سنة. وأكرر التنبيه على أنه لا تجوز المسارعة بالحكم بالبدعة على الشىء والواجب هو التريث والتأنى والبحث والدرس، حتى لا يتفرق المسلمون شيعا من أجل حكم شرعى فرعى فى أمر اختلفت فيه آراء الفقهاء الأعلام منذ القرون الأولى. "راجع مقال الشيخ عبد الرحمن خليفة المنشور فى مجلة الإسلام المجلد الثانى - العدد 48 " (9/136) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الجمعة 02 فبراير 2024, 10:29 pm | |
| التبليغ خلف الإمام
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى رفع بعض المأمومين صوته ليعلم المأمومون حركات الإمام؟
الجواب التبليغ خلف الإمام مشروع، ودليله ما رواه مسلم عن جابر: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يسمع الناس تكبيره، وروى ذلك عن عائشة أيضا، وعلق النووى فى شرح صحيح مسلم على ذلك بجواز رفع الصوت بالتكبير ليسمعه الناس ويتبعوه، وأنه يجوز للمقتدى اتباع صوت المكبر، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور ونقلوا الإجماع فيه، وأراه يصح الإجماع فيه، فقد نقل القاضى عياض عن مذهبهم أن منهم من أبطل صلاة المقتدى، ومنهم من لا يبطلها، ومنهم من قال: إن أذن له الإمام فى الإسماع صح الاقتداء به، وإلا فلا، ومنهم من أبطل صلاة المستمع ومنهم من صححها، ومنهم من قال: إن تكلف صوتا بطلت صلاته وصلاة من ارتبط بصلاته. وهذا كله ضعيف والصواب جواز كل ذلك وصحة صلاة المسمع والسامع ولا يعتبر إذن الإمام. انتهى. ذكر هذا السيد الحموى فى رسالته "القول البليغ فى حكم التبليغ" مجلة الإسلام -العدد 22 فى 30 أغسطس 1935. وجاء فى فقه المذاهب الأربعة "نشر أوقاف مصر" أن من سنن الصلاة جهر الإمام بالتكبير والتسميع - سمع الله لمن حمده - والسلام، لإعلام من خلفه، فإن كان من خلفه يسمعه كره التبليغ من غيره، لعدم الاحتياج إليه. ويجب أن يقصد المبلغ -سواء كان إماما أو غيره - الإحرام للصلاة بتكبيرة الإحرام، فلو قصد الإعلام فقط لم تنعقد صلاته - الشافعية قالوا: إذا قصد بتكبيرة الإحرام الإعلام والإحرام لا تنعقد صلاته أيضا. أما غير تكبيرة الإحرام من تكبيرات الانتقال والتسميع والتحميد فإن قصد بها التبليغ فقط فلا تبطل صلاته، وإنما يفوته الثواب والشافعية قالوا: إذا قصد بهذه الأشياء مجرد التبليغ أو لم يقصد شيئا بطلت صلاته. أما إن قصد التبليغ مع الذكر فإن صلاته صحيحة، بخلاف تكبيرة الإحرام كما تقدم (9/137) ________________________________________ الدعاء فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هى أحسن الأدعية التى تقال فى الصلاة؟
الجواب الصلاة فى اللغة معناها الدعاء ومنه قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم} أى ادع لهم بالبركة والنماء عند أخذ الزكاة، وهى فى الشرع أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم. فالصلاة التى نُصليها فيها إلى جانب الأفعال كالركوع والسجود أقوال كقراءة الفاتحة والتشهد والتسبيح والتكبير والدعاء فى السجود وغيره، فهناك علاقة وثيقة بين الدعاء والصلاة لأنها مناجاة لله مع حركات تشهد بالإخلاص فى هذه المناجاة. وقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة بما فيها من أقوال وأفعال، بيَّنها بفعله، وبقوله، وقال "صلوا كما رأيتمونى أصلى" رواه البخارى ونظم الدعاء والذكر وجعل له مواطن هو أولى وأجدر بها، وكتب السنة مملؤة بما كان يقوله صلى الله عليه وسلم فى كل ركن من أركان الصلاة. وفى السجود بالذات حث النبى صلى الله عليه وسلم على كثرة الدعاء وقال فى سبب ذلك كما رواه مسلم "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء" لكن هل هناك دعاء فى غير السجود؟ نعم هناك دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام وصح منه: اللهم باعد بينى وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقنى من خطاياى كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. وفى الركوع ثبت أن النبى كان يقول "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لى" رواه البخارى ومسلم وفى الاعتدال من الركوع دعاء هو قنوت الصبح وقنوت الوتر، وفى الجلوس بين السجدتين كان يقول "رب اغفر لى وارحمنى واجبرنى وارفعنى وارزقنى واهدنى وعافنى" رواه البيهقى، وبعد التشهد الأخير ثبت أنه كان يقول: " اللهم إنى ظلمت نفسى ظلما كثيرا كبيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لى مغفرة من عندك وارحمنى إنك أنت الغفور الرحيم" رواه البخارى ومسلم، وهناك أدعية أخرى غير ذلك جمعها كتاب الأذكار للنووى. فالصلاة من أولها إلى آخرها محل للدعاء، وأولى بالدعاء المواطن التى بيَّنها النبى صلى الله عليه وسلم كما سبق، وقد ثبت أنه فى صلاة طويلة كان يقرأ القرآن فإذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ومع ذلك لو دعا الله فى أى مكان فصلاته لا تبطل. غير أنى أنبه إلى أن بعض الفقهاء قال إن الصلاة تبطل لو دعا الإنسان بما يشبه كلام الناس، مثل اللهم زوجنى فلانة، فالأولى أن يكون بغير ذلك، سواء أكان مأثورا عن النبى صلى الله عليه وسلم أم غير مأثور مع مراعاة الخشوع فى الصلاة كلها، فهو أرجى لقبولها وقبول ما فيها من دعاء (9/138) ________________________________________ صلاة الصبح
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما معنى قول النبى صلى الله عليه وسلم "من صلى الصبح فهو فى ذمة الله، فلا يطلبنه الله من ذمته بشىء، فإنه من يطلبه من ذمته بشىء يدركه، ثم يكبه على وجهه فى نار جهنم"؟
الجواب روى هذا الحديث مسلم فى صحيحه، وجاء فى رواية لابن ماجه والطبرانى بسند صحيح قوله صلى الله عليه وسلم "من صلى الصبح فى جماعة فهو فى ذمة الله فمن أخفر ذمة الله كبه الله فى النار لوجهه ". والذمة هى الأمان والعهد والضمان، والذى يصلى الصبح فى جماعة هو فى ضمان الله ووقايته، وكلمة خفر الثلاثية تفيد الحراسة والأمن والضمان، يقال: خفر الرجل الرجل إذا حرسه وأمنه وأخفر، بزيادة الهمزة تفيد عكس ما تفيده خفر الثلاثية، يقال: أخفر الرجل الرجل إذا أزال ضمانه ونقض عهده. والحديث يبين فضل صلاه الصبح وبخاصة إذا كانت فى جماعة، والذى يحرص عليها يستيقظ مبكرا ليدركها قبل فوات وقتها بطلوع الشمس. والبكور فيه الخير والبركة وهو فترة النشاط التى يجب أن تستغل استغلالا طيبا، وقد دعا النبى صلى الله عليه وسلم لأمته أن يبارك الله لها فى بكورها. فالذى يبكِّر ويصلى الصبح يكون فى حماية الله وحراسته من السوء جزاء محافظته على الصلاة التى يعارضها هوى النفس فى الكسل والتباطؤ وعدم مغادرة الفراش، ومن جاهد نفسه أول النهار استطاع أن يجاهد ما يعترضه طول النهار من فتن ومغريات، والله سبحانه يقول {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} : العنكبوت: 69 فالله سبحانه يحذر أى إنسان أن ينال هذا الشخص بسوء لأنه فى حماية الله،ومن تعدى عليه طعن فى حراسة الله له ولم يحترم حماه،والله يغضب لذلك غضبا شديدا ومن غضب عليه أنزل به عقابه ولن يفلت منه، فهو يتعقبه كما يتعقب صاحب الدم من قتل قريبه، ليثأر له أو من أهان شرفه ليغسل العار عنه وعقاب الله لمن يخفر ذمته بالتعدى على من صلَّى الصبح سيكون بإذلاله وإهانته وكبه على وجهه فى النار. واحتراما لهذا الحديث وخوفا من التهاون فيما جاء به ذكر التاريخ أن الحجاج بن يوسف الثقفى، وهو المعروف بشدة بطشه وجبروته أمر سالم بن عبد الله بن عمر أن يقتل رجلا، فسأل سالم هذا الرجل وقال له: هل صليت الصبح؟ قال نعم؟ فقال له: انطلق فلن أمسك بسوء، فلما سأله الحجاج: لِمَ لم تقتله؟ قال لأنه صلَّى الصبح فكان فى جوار الله فكرهت أن أقتل رجلا أجاره الله. والحديث إذا كان يحثنا على المحافظة على الاستيقاظ المبكر لأداء صلاة الصبح فى وقتها فهو يحثنا أيضا على أداء كل الصلوات فى أوقاتها، ويحثنا على احترام من يحافظون على الصلوات فأولئك هم المؤمنون، والله سبحانه يقول: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} الحج: 38 (9/139) ________________________________________ الحركة أثناء الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نرى بعض المصلين يحرك يديه عدة مرات، فهل تبطل صلاته؟
الجواب المفروض فى المصلِّى أن يحسَّ بأنه واقف بين يدى الله يناجيه بالمدح والثناء ويدعوه بالهداية والمغفرة، ويظهر له عمليا خضوعه وخشوعه وتواضعه بالركوع والسجود، ولا يوجد موقف للإنسان يستحق الاهتمام كهذا الموقف، ومن هنا كان عليه أن يكون ساكن الجوارح فى غير ما شرع له، لا يعبث بلحيته ولا ينسق من ملبسه مثلا، ولا يبرح مكانه ولا يعمل إلا ما أذن له فيه من مثل رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع والرفع منه، ومثل الركوع والسجود والالتفات عند الانصراف من الصلاة بالتسليم. وللفقهاء كلام فى ضبط الأفعال التى تبطل الصلاة، فاتفقوا على أن من المبطلات العمل الكثير الذى ليس من جنس الصلاة، وهو ما يخيل إليه أن فاعله ليس فى الصلاة، وهذا العمل الكثير مبطل للصلاة سواء وقع عمدا أو سهوا، وأما ما دون ذلك فلا يبطلها، وجاء فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة: أن الشافعية حددوا العمل الكثير بنحو ثلاث خطوات متواليات يقينا وما فى معنى هذا، كوثبة واحدة كبيرة، ومعنى تواليها ألا تُعدَّ إحداها منقطعة عن الأخرى على الراجح. وأن الحنفية قالوا: العمل الكثير ما لا يشك الناظر إليه أن فاعله ليس فى الصلاة فإن اشتبه الناظر فهو قليل على الأصح. وأن المالكية قالوا: ما دون العمل الكثير قسمان: قسم متوسط كالانصراف من الصلاة، وهذا يبطل عمده دون سهوه، وقسم يسير جدًّا كالإشارة وحك البشرة، وهذا لا يبطل عمده ولا سهوه (9/140) ________________________________________ تعدد الجماعات
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز تعدد الجماعة فى وقت واحد وفى مسجد واحد؟
الجواب جاء فى تفسير القرطبى "ج 8 ص 257 " عند الكلام على مسجد الضرار الذى يفرق بين جماعة المسلمين أن الإمام مالكا، قال: لا تصلَّى جماعتان فى مسجد واحد بإمامين، خلافا لسائر العلماء: وقد روي عن الشافعى المنع، حيث كان تشتيتا للكلمة. وجاء فى فقه المذاهب الأربعة "نشر وزارة الأوقاف المصرية" عن تكرار الجماعة فى المسجد الواحد -أن الحنابلة قالوا: إذا كان الإمام الراتب يصلى بجماعة فيحرم على غيره أن يصلى بجماعة أخرى وقت صلاته، كما يحرم أن تقوم جماعة قبل صلاة الإمام الراتب، بل لا يصح صلاه جماعة غير الإمام الراتب فى كلتا الحالتين، ومحل ذلك إذا كان بغير إذن الإمام الراتب، أما إذا كان بإذنه فلا يحرم. والشافعية قالوا: تكره إقامة الجماعة فى مسجد بغير إذن إمامه الراتب مطلقا، قبله أو بعده أو معه، إلا إذا كان المسجد مطروقا أو ليس له إمام راتب أو له وضاق المسجد عن الجميع أو خيف خروج الوقت، وإلا فلا كراهة. والمالكية قالوا: تحرم إقامة جماعة مع جماعة الإمام الراتب، لأن القاعدة عندهم أنه متى أقيمت الصلاة للإمام الراتب فلا يجوز أن تصلَّى صلاة أخرى، فرضا أو نفلا، لا جماعة ولا فرادى. ويتعين على من فى المسجد الدخول مع الإمام إذا كان لم يصل هذه الصلاة المقامة أو صلاها منفردا. أما إذا كان قد صلاها جماعة فيتعين عليه الخروج من المسجد لئلا يطعن على الإمام. وإذا وجد بمسجد واحد أئمة متعددة مرتبون، فإن صلوا فى وقت واحد حرم، لما فيه من التشويش، وإذا ترتبوا، بأن يصلى أحدهم فإذا انتهى من صلاته صلى الآخر وهكذا فهو مكروه على الراجح (9/141) ________________________________________ تشبيك الأصابع فى المسجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال فى أثناء انتظارى للصلاة فى المسجد شبكت أصابعي وأنا جالس فقال لي بعض الحاضرين: إن التشبيك ممنوع، فهل هذا صحيح؟
الجواب روى البخارى عن أبى موسى الأشعرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا" وشبَّك بين أصابعه. وروى البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتى العشاء، فصلى بنا ركعتين ثم سلَّم فقام إلى خشبة معروضة فى المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى علي اليسرى وشبك بين أصابعه. قال ابن حجر: حديث أبي موسى دالّ على جواز التشبيك مطلقًا، وحديث أبي هريرة دالٌّ على جوازه فى المسجد، فهو فى غيره أجوز، ووقع فى بعض نسخ البخارى قبل هذين الحديثين حديث آخر عن ابن عمر قال: شبَّك النبى صلى الله عليه وسلم أصابعه. قال مغلطاى: هذا الحديث ليس موجودا فى أكثر نسخ البخارى، وقال ابن حجر: هو ثابت فى رواية حماد بن شاكر عن البخارى. قال ابن بطال: المقصود من هذه الترجمة معارضة ما ورد فى النهى عن التشبيك فى المسجد، وقد وردت فيه مراسيل ومسند من طرق غير ثابتة. وقال ابن المنير: التحقيق أنه ليس بين الأحاديث تعارض، إذ النهى عنه فعله على وجه العبث. وجمع الإِسماعيلي بأن النهى مقيد بما إذا كان فى الصلاة أو قاصدا إليها، إذ منتظر الصلاة فى حكم الصلاة. وقيل: إن حكمة النهى لمنتظر الصلاة أن التشبيك يجلب النوم، وهو من مظان الحدث، وقيل: إن صورته تشبه صورة الاختلاف، فكره ذلك لمن هو فى حكم الصلاة حتى لا يقع في النهى عنه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم للمصلين "ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم". وفى البخارى والبيهقى فى شعب الإِيمان عن ابن عمر رضى الله عنهما: رأيت رسول الله بفناء الكعبة محتبيا بيده هكذا - زاد البيهقى: وشبَّك بين أصابعه، وقد شبك النبى صلى الله عليه وسلم بين يديه فى عدة أحاديث ليس هذا محل إيرادها. وثبت فى الصحيحين فى قصة ذى اليدين أنه صلى الله عليه وسلم شبك بين أصابعه، وجزم فى "الإقناع" بأنه يكره له أن يشبك بين أصابعه من حين يخرج -يعنى للصلاة قال: وهو فى المسجد أشد كراهة، وفى الصلاة أشد وأشد. انتهى. ونقل فى الفروع كراهة تشبيك الأصابع فى الصلاة وأنها باتفاق الأئمة الأربعة. واستدلوا بما رواه الترمذى وابن ماجه عن كعب بن عجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد شبك أصابعه فى الصلاة ففرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه. قال السيوطى فى كتابه "حسن التسليك فى حكم التشبيك": رخص فى التشبيك ابن عمر وسالم ابنه، فكانا يشبكان بين أصابعهما فى الصلاة، وقال مغلطاى: والتحقيق أنه ليس بين حديث النهى عن التشبيك وبين تشبيكه صلى الله عليه وسلم بين أصابعه معارضة، لأن النهى إنما ورد عن فعله فى الصلاة أو فى المضى إليها، وفعله صلى الله عليه وسلم للتشبيك ليس فى صلاة ولا فى المضى إليها، فلا معارضة إذن، وبقى كل حديث على حياله. انتهى. وقسم بعض المتأخرين التشبيك إلى أقسام: أحدها: إذا كان الإنسان فى الصلاة، ولا شك فى كراهته. ثانيها: إذا كان فى المسجد منتظرًا للصلاة، أو وهو عامد إلى المسجد يريدها بعدما تطهر، والظاهر كراهته، كما رواه أحمد عن مولى لأبى سعيد الخدرى: بينما أنا مع أبى سعيد وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخلنا المسجد، فإذا رجل جالس وسط المسجد محتبيا مشبكا أصابعه، بعضها فى بعض، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفطن الرجل لإِشارته، فالتفت إلى أبى سعيد فقال "إذا كان أحدكم فى المسجد فلا يشبكن، فإن التشبيك من الشيطان، وإن أحدكم لا يزال فى صلاته ما كان فى المسجد حتى يخرج منه" ولحديث كعب بن عجرة " إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بيده فإنه فى صلاة" رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد، ورواه ابن خزيمة والحاكم عن أبي هريرة وقال: صحيح على شرطهما، ورواه الترمذى وكذا ابن حبان. ثالثها - أن يكون فى المسجد، بعد فراغه من الصلاة، وليس يريد صلاة أخرى ولا ينتظرها فلا يكره، لحديث ذى اليدين. رابعا: فى غير المسجد فهو أولى بالإباحة وعدم الكراهة. انتهى. وبعد، فإن الموضوع لا يعْدُو مرتبة الكراهة، فهو ليس بمحرم، ومن شبك لا يعاقب على ذلك، ولا يجوز الإِنكار بشدة على من فعله، انظر: غذاء الألباب للسفارينى "ج 2 ص 263-266 " (9/142) ________________________________________ حديث عن الجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل من الحديث ما يقال: من بكَّر وابتكر وغسل واغتسل ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام ولم يتكلم، فله بكل خطوة يخطوها درجة وأجر سنة كاملة صيامها وقيامها؟
الجواب قال النبى صلى الله عليه وسلم "من غسل يوم الجمعة واغتسل، وبكَّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها" رواه أحمد وأبو داود والترمذى عن أوس بن أوس الثقفى وقال: حديث حسن. ورواه النسائى وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما والحاكم وصححه. ورواه الطبرانى فى معجمه الأوسط من حديث ابن عباس. قال الخطابى: قوله عليه الصلاة والسلام " غسل واغتسل وبكر وابتكر" اختلف الناس فى معناه فمنهم من ذهب إلى أنه من الكلام المتظاهر الذى يراد به التوكيد، ولم تقع المخالفة بين المعنيين لاختلاف اللفظين، وقال: ألا تراه يقول فى هذا الحديث "ومشى ولم يركب" ومعناهما واحد.. . وإلى هذا ذهب الأثرم صاحب أحمد بن حنبل. وقال بعضهم: قوله "غسل" معناه غسل الرأس خاصة، وذلك لأن العرب لهم لِمَمٌ وشعور -واللمم جمع لمة، وهى الشعر الذى يجاوز شحمة الأذن- وفى غسلها مؤنة، فأراد غسل الرأس من أجل ذلك، وإلى هذا ذهب مكحول. وقوله "واغتسل" معناه غسل سائر الجسد. وزعم بعضهم أن قوله "غسل " معناه أصاب أهله -بالجماع- قبل خروجه إلى الجمعة، ليكون أملك لنفسه وأحفظ فى طريقه لبصره. وقوله "وبكر وابتكر" زعم بعضهم أن معنى "بكر، أدرك باكورة الخطبة وهى أولها، ومعنى "ابتكر" قَدِم فى الوقت، وقال ابن الأنبارى: معنى " بكر " تصدق قبل خروجه، وتأول فى ذلك ما روى فى الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم "باكروا بالصدقة فان البلاء لا يتخطاها" ذكر ذلك الحافظ المنذرى فى كتابه "الترغيب والترهيب" فى كتاب الجمعة (9/143) ________________________________________ صلاة الكفارة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال قام بعض الناس بتوزيع ورقة مكتوب فيها: صلاة الكفارة، مع حديث طويل فى كيفيتها منسوب للنبى صلى الله عليه وسلم، جاء فيه أن من فاتته صلاة فى عمره ولم يحصها يصلى فى آخر جمعة من رمضان أربع ركعات بتشهد واحد يقرأ فى كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة القدر خمس عشرة مرة وسورة الكوثر كذلك، وهى كفارة أربعمائة سنة فى رواية أبا بكر وألف سنة فى رواية على، ولما كان ابن آدم يعيش ستين أو مائة سنة فالصلاة الزائدة تكون لأبويه وزوجته وأولاده وأقاربه وأهل البلد، وبعد الصلاة يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم مائة مرة، ويدعو بهذا الدعاء، وهو دعاء بطلب المغفرة.. فهل هذا الحديث بما جاء فيه صحيح، وما الذى يكفر الصلاة؟
الجواب لم أعثر على هذا الحديث فى الكتب الصحيحة، وعلامة الوضع فيه ظاهرة، فالصلاة التى تفوت الإنسان لا يكفرها إلا قضاؤها، وقد مر فى ص 612 من المجلد الثانى من هذه الفتاوى أن من ترك الصلاة ناسيا لا يكفرِّها إلا قضاؤها كما صح فى الحديث، وإذا كان هذا فى الصلاة التى نام عنها أو سها عنها الإنسان فكيف بالصلاة المتروكة عمدا؟ إن قضاءها أولى بالوجوب. إن الكلام المذكور يغرى الناس بترك الصلاة حيث يكفيهم عنها صلاة واحدة فى آخر جمعة من رمضان، ولم يقل بهذا أحد من العلماء، بل إنهم على الرغم من قبولهم الأحاديث التى تقول إن الصلاة الواحدة فى مسجد مكة بمائة ألف صلاة فيما سواه، وفى مسجد المدينة بألف وفى المسجد الأقصى بخمسمائة، يقولون بأنها لا تغنى عن الصلوات المفروضة ولا تقوم مقام الصلوات الفائتة، وإنما المراد كثرة ثواب الصلاة فى هذه الأماكن المقدسة. وأحذّر من يقومون بترويج هذه المنشورات من تبعة العمل بما يروجونه، فهو أولا كذب على الله وعلى رسوله، والله تعالى يقول {إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} النحل: 116 والرسول صلى الله عليه وسلم يقول " من كذب علىَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخارى ومسلم. وهو ثانيا سيتحمل وزر من يتهاونون فى الصلاة اكتفاء بصلاة الكفارة المزعومة {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون} العنكبوت: 13 "ومن سَنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة" رواه مسلم. والذين وضعوا هذا الكذب والمشاركون فى طبعه وتوزيعه داخلون فى هذه المسئولية (9/144) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الجمعة 02 فبراير 2024, 10:29 pm | |
| التسول فى المساجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فيمن يدخل المسجد فى يوم الجمعة أو فى المناسبات، ويطلب من الناس معونة متظاهرًا بالمرض أو الحاجة، هل يجوز له ذلك وهل يجوز أن نتصدق عليه؟
الجواب لقد ألف الإِمام السيوطى رسالة فى هذا الموضوع بعنوان " بذل العسجد لسؤال المسجد" ولخص الحكم فى قوله: السؤال فى المسجد مكروه كراهة تنزيه، وإعطاء السائل قُربة يثاب عليها، وليس بمكروه فضلا عن أن يكون حراما. هذا هو المنقول والذى دلت عليه الأحاديث، وأورد حديثا رواه أبو داود بإسناد جيد عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا"؟ فقال أبو بكر: دخلت المسجد فإذا أنا بسائل فوجدت كسرة فى يد عبد الرحمن فأخذتها فدفعتها إليه. ففيه دليل على أن السؤال فى المسجد ليس بحرام، وأن الصدقة عليه ليست مكروهة، حيث اطلع النبى صلى الله عليه وسلم على ذلك بإخبار أبى بكر ولم ينكره، ولو كان حراما لم يقر عليه، بل كان يمنع السائل من العود إلى السؤال بالمسجد، ولو ثبت أن هناك نهيا عن السؤال بالمسجد لكان محمولا على الكراهة التنزيهية وكان حديث أبي بكر صارفًا له عن الحرمة. وقد نص النووى فى شرح المهذب على أنه يكره رفع الصوت بالخصومة فى المسجد ولم يحكم عليه بالتحريم، وكذا رفع الصوت بالقراءة والذكر إذا آذى المصلين والنيام نصوا على كراهته لا تحريمه. فالحكم بالتحريم يحتاج إلى دليل واضح صحيح الإِسناد غير معارض، ثم إلى نص من أحد أئمة المذاهب، وكل من الأمرين لا سبيل إليه. وهذا الحديث أخرجه الحاكم فى المستدرك وقال: صحيح على شرط مسلم، قال المنذرى: وقد أخرجه مسلم فى صحيحه والنسائى فى سننه، والبخارى فى أحكام المساجد للزركشى. ومن الأدلة حديث آخر رواه الطبرانى فى الأوسط عن عمار بن ياسر قال: وقف على علىٍّ بن أبى طالب سائل وهو راكع فى تطوع، فنزع خاتمه فأعطاه السائل، فنزلت {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} المائدة: 55 وذكر السيوطى طرقا أخرى لنزول هذه الآية وفيها تصدق علىٍّ وهو راكع، ثم ذكر حديثا للحاكم والبيهقى عن حذيفة بن اليمان قال: قام سائل على عهد النبى فسأله، فسكت القوم، ثم إن رجلا أعطاه فأعطاه القوم، فقال صلى الله عليه وسلم " من سَنَّ خيرا فاستن به فله أجره ومثل أجور من اتبعه غير منقص من أجورهم " وذكر أن الحديث الذى ذكره ابن الحاج فى كتابه "المدخل" وهو "من سأل فى المسجد فاحرموه" لا أصل له، وقال إن حكمنا بالكراهة مأخوذ من حديث النهى عن نشدان الضالة فى المسجد وقوله " إن المساجد لم تُبْن لهذا" قال النووى فى شرح مسلم: فى هذا الحديث النهى عن نشدان الضالة فى المسجد، ويلحق به ما فى معناه من البيع والشراء والإِجارة ونحوها وكراهة رفع الصوت فى المسجد بالعلم وغيره، وأجاز أبو حنيفة ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج الناس إليه لأنه مجمعهم فلا بد لهم منه اهـ. وجاء فى " غذاء الألباب للسفارينى" "ج 2 ص 267" أن ابن تيمية سئل عن السؤال فى المسجد فقال: أصل السؤال محرَّم فى المسجد وخارج المسجد إلا لضرورة، فإن كانت ضرورة وسأل فى المسجد ولم يؤذ أحدًا كتخطيه رقاب الناس، ولم يكذب فيما يرويه ويذكر من حاله ولم يجهر جهرا يضر الناس مثل أن يسأل والخطيب يخطب، أو وهم يسمعون علما يشغلهم به ونحو ذلك جاز (9/145) ________________________________________ التكبير فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال متى يجب رفع اليدين عند التكبير فى الصلاة؟
الجواب التكبير فى الصلاة إما واجب وإما مندوب، فالواجب أو الفرض أو الركن هو تكبيرة الإحرام للدخول فى الصلاة، أما فى غير ذلك فمندوب عند الركوع والهوى إلى السجود والرفع منه والقيام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة. أما رفع اليدين فهو سنة فى كل الأحوال، وليس بواجب، وذلك فى أربع حالات: الأولى عند تكبيرة الإِحرام، وذلك لفعل النبى صلى الله عليه وسلم، الذى رواه خمسون صحابيا منهم العشرة المشهود لهم بالجنة، وقال الحاكم -كما رواه البيهقى- لا نعلم سنة اتفق على روايتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة ثم العشرة المشهود لهم بالجنة فمن بعدهم من أصحابه -مع تفرقهم فى البلاد الشاسعة- غير هذه السنة. والثانية والثالثة عند الركوع وعند الرفع منه، وذلك لفعل النبى صلى الله عليه وسلم كما رواه اثنان وعشرون صحابيا، ففى البخارى ومسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذْوَ منكبيه، ثم يكبر، فإذا أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. قال البخارى: ولا يفعل ذلك -أى رفع اليدين- حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود وقال مسلم مثل ذلك، أى لا يرفع يديه حين يرفع رأسه من السجود ولا بين السجدتين، وقال البيهقى: فما زالت تلك صلاته حتى لقى الله تعالى. وأما الحالة الرابعة فعد القيام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة كما رواه البخارى وغيره (9/146) ________________________________________ ما تعرف به القبلة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يشترط بعض الفقهاء استقبال عين الكعبة فى الصلاة، فكيف يعرفها من كان بعيدا عنها؟
الجواب من كان فى القرى والأمصار التى فيها مساجد وبها محاريب لمعرفة القبلة كان عليه أن يلتزم الاتجاه إلى حيث تتجه المحاريب، وذلك خاص بالمحاريب التى نصبها الصحابة والتابعون، ولا يجوز الاتجاه إلى غيرها، وإلا بطلت صلاته، ومثلها المساجد التى اعتمد المسلمون محاريبها كما قال جمهور الفقهاء. والمالكية خصصوا المحاريب التى لا يجوز التحرى مع وجودها بأربعة، التى هى: مسجد النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة ومسجد بنى أمية بالشام، ومسجد القيروان بشمالى أفريقيا ومسجد عمرو بن العاص بمصر القديمة. أما غير هذه المحاريب، فإن كانت بالمصر -أى بالمدينة- وأقرها العارفون بالقبلة جاز لمن كان أهلا للاجتهاد والتحرى أن يقلدها، أما من لم يكن أهلا لذلك فيجب عليه أن يقلدها. وإن كانت المحاريب بالقرى فلا يجوز لمن كان أهلا للاجتهاد والتحرى أن يقلدها، أما غيره فيقلدها وجوبا إن لم يجد مجتهدا يقلده. والشافعية يجوِّزون -مع وجود المحاريب- الاستدلال على القبلة بالطرق المعروفة. هذا الحكم هو بالنسبة للمحاريب الموجودة فى المساجد، فإذا لم توجد محاريب قال جمهور العلماء: يجب عليه أن يسأل أهل الثقة والخبرة إن وجدوا، وإلا اجتهد هو بنفسه، ولعل من أهل الثقة والخبرة " البوصلة " الحديثة المعتمدة من الخبراء، ومن وسائل الاجتهاد النظر فى مواقع الشمس والنجوم إن كان عالما بدلالتها، وللعلماء كلام كثير فى ذلك يطلب من مظانه. والاجتهاد مهما كانت وسيلته ظنى لا يقينى، ولو تبين خطؤه بعد الصلاة فلا إعادة ولو كان التبين يقينا عند الجمهور، وتجب الإعادة عند الشافعية، أما تبين الخطأ أثناء الصلاة فإنه يضر، وهل يبطل الصلاة أو يلزم إتمامها على الظن الجديد؟ خلاف. ثم قال العلماء: من ترك الاجتهاد وهو قادر عليه فصلاته باطلة عند الجمهور. هذا ملخص ما قاله العلماء فى فقه المذاهب، وجاء فى كتاب المغنى لابن قدامة "ج 1 ص 460، 461" قوله: قال بعض أصحابنا -أى الحنابلة- الناس فى استقبالها -أى القبلة- على أربعة أضرب: 1- فمنهم من يلزمه اليقين، وهو من كان معاينا للكعبة، أو كان بمكة من أهلها، أو ناشئا بها من وراء حائل محدث كالحيطان، ففرضه التوجه إلى عين الكعبة يقينا، وهكذا إن كان بمسجد النبى صلى الله عليه وسلم، لأنه متيقن صحة قبلته، فإن النبى صلى الله عليه وسلم لا يقر على خطأ. 2- ومنهم من فرضه الخبر -أى العلم- وهو من كان بمكة غائبا عن الكعبة من غير أهلها ووجد مخبرا يخبره، أو كان غريبا نزل بمكة فأخبره أهل الدار، وكذلك لو كان فى مِصْرٍ أو قرية، ففرضه التوجه إلى محاريبهم وقبلتهم المنصوبة، لأن هذه القبل ينصبها أهل الخبرة والمعرفة، فجرى ذلك مجرى الخبر فأغنى عن الاجتهاد، وإن أخبره مخبر من أهل المعرفة بالقبلة، إما من أهل البلد أو من غيره صار إلى خبره، وليس له الاجتهاد، كما يقبل الحاكم النص من المجتهد ولا يجتهد. 3-ومنهم من فرضه الاجتهاد، وهو من عدم هاتين الحالتين، وهو عالم بالأدلة. 4 -ومنهم من فرضه التقليد، وهو الأعمى ومن لا اجتهاد له وعدم الحالين، ففرضه تقليد المجتهدين. والواجب على هذين وسائر من بعد من مكة طلب جهة الكعبة دون إصابة العين. قال أحمد: ما بين المشرق والمغرب قبلة. فإن انحرف عن القبلة قليلا لم يعد، ولكن يتحرى الوسط، وبهذا قال أبو حنيفة. وقال الشافعى فى أحد قوليه كقولنا، والآخر: الفرض إصابة العين، لقول الله تعالى: {وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} ولأنه يجب عليه التوجه إلى الكعبة فلزمه التوجه إلى عينها كالمعاين. ولنا -أى دليل الحنابلة- قول النبى صلى الله عليه وسلم " ما بين المشرق والمغرب قبلة" رواه الترمذى وقال: حسن صحيح، وظاهره أن جميع ما بينهما قبلة، ولأنه لو كان الغرض إصابة العين لما صحت صلاة أهل الصف الطويل على خط مستو، ولا صلاة اثنين متباعدين يستقبلان قبلة واحدة، فإنه لا يجوز أن يتوجه إلى الكعبة مع طول الصف إلا بقدرها، وشطر البيت نحوه وقِبَلَه ثم ذكر ابن قدامة فى صفحة 495 أن دلالة المشرك على القبلة لا تتبع بحال من الأحوال، وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره ولا روايته ولا شهادته، لأنه ليس بموضع أمانة، انتهى. فهل معنى ذلك أن الآلات التى يعرف بها اتجاه القبلة، ومنها "البوصلة" والتى صنعها غير المسلمين لا يجوز الاعتماد عليها؟ الأمر يحتاج إلى نظر، وبخاصة أنها منتشرة إلى حد كبير. وجاء فى نيل الأوطار للشوكانى "ج 2 ص 175" بعد ذكر حديث "ما بين المشرق والمغرب قبلة" قوله: والحديث يدل على أن الفرض على من بعد عن الكعبة هو الجهة لا العين، وإليه ذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد، وهو ظاهر ما نقله المزنى عن الشافعى، وقد قال الشافعى أيضًا: إن شطر البيت وتلقاءه وجهته واحد فى كلام العرب. ثم ذكر أن أظهر القولين للشافعى أن فرض من بعد عن مكة هو العين، وأنه يلزمه ذلك بالظن (9/147) ________________________________________ الصلاة والسلوك
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال أى الشخصين أفضل، رجل لا يصلى ولكن أخلاقه وخدماته للناس كثيرة، أو رجل يصلى، ولكن معاملته مع الناس سيئة على الرغم من محافظته على الصلاة؟
الجواب كلا الرجلين مخطئ، وتارك الصلاة معروف حكمه، إن تركها جحدا وإنكارا أو استهزاء فهو كافر، وأعماله الطيبة لا تنفعه فى الآخرة كما قال سبحانه {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} الفرقان: 23 وإن كانت خيراته عادت عليه بالخير فهو فى الدنيا فقط، وإن تركها كسلا وتهاونا فقد حكم بعض العلماء بكفره، وحكم بعضهم بفسقه، وإن مات على ذلك ولم يتب فأمره مفوض إلى ربه، وإن عذبه فى النار فمصيره الجنة. وذلك كله بناء على حديث مسلم " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ". والذي يصلى ولا يستقيم سلوكه مؤمن عاص أضاع ثواب صلاته، وردَّها الله عليه لأنها لم تثمر طيبا فى أخلاقه، والله سبحانه يقول {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت: 45 فالصلاة - كبقية العبادات - ليست علاقة خاصة بين العبد وربه، بل لابد أن ينعكس أثرها على السلوك الشخص والاجتماعى. وقد نعى الله على من يسهو عن الصلاة فيقصِّر فى أدائها، أو من يسهو عن معناها وحكمة مشروعيتها فلا يكون لها أثر فى حياته مع الناس، قال تعالى {فويل للمصلِّين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يراءون. ويمنعون الماعون} الماعون: 4 - 7. وقد أكدت الأحاديث هذا المعنى، فقد صح أن رجلا قال للنبى صلى الله عليه وسلم: إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها، غير أنها تؤذى جيرانها بلسانها، قال " هى فى النار" رواه أحمد والبزار وابن حبان فى صحيحه والحاكم وصححه. وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قال الله عز وجل: إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتى، ولم يستطل على خلقى، ولم يبت مصرًّا على معصيتى، وقطع النهار فى ذكرى، ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة ورحم المصاب. ذلك نوره كنور الشمس، أكلؤه بعزتى، وأستحفظه ملائكتى، أجعل له فى الظلمة نورا، وفى الجهالة حلما، ومثله فى خلقى كمثل الفردوس فى الجنة " رواه البزار من رواية عبد الله بن واقد الحرانى، وبقية رواته ثقات. ومن هنا نحلم أهمية الصلاة فهى أهم أركان الإِسلام وأفضلها، والحديث يقول: " لا دين لمن لا صلاة له، إنما موضع الصلاة من الدين موضع الرأس من الجسد" رواه الطبرانى، ولم يتسامح فيها الرسول عليه الصلاة والسلام كما تسامح فى غيرها من التكاليف لمن أراد الدخول فى الإِسلام. فعندما جاء وفد ثقيف اشترطوا عليه ألا يخرجوا للجهاد، ولا تؤخذ منهم صدقة، ولا يجتمعوا للصلاة، ولا يولى عليهم أحد من غيرهم، فأجابهم إلى طلبهم مبدئيا ما عدا الصلاة حيث قال أخيرا " ولا خير فى دين لا ركوع فيه " رواه أحمد، ولما كان للصلاة أثرها القوى فى تثبيت الإِيمان فى القلوب وفى تقويم السلوك قال النبى صلى الله عليه وسلم فى شأن هؤلاء الذين رضوا بالصلاة " إنهم سيصَّدقون ويجاهدون " أى أن الصلاة ستحملهم على عمل الخير الذى كانوا قد رغبوا عنه، وقد كان. وبهذا يكون التارك للصلاة أو المتهاون فيها، والمستغنى عنها بعمل البر- مغرورا مخدوعا، وكذلك الذى يؤدى الصلاة شكليا دون إحساس بروحها، غير خاشع فيها ولا فاهم لمعناها ولا لهدفها، هو مغرور بظاهره، يخدع الناس برؤيتهم له محافظًا على الصلاة حتى يثقوا فيه، مع أنه لو طلبت منه معونة منع إعطاءها، لأن قلبه القاسى لم يتأثر بوقوفه أمام الله، فهو يناديه ويدعوه وهو غافل شارد الذهن، محروم من اللذة التى قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم " وجعلت قرة عينى فى الصلاة " رواه النسائى والطبرانى والحاكم وصححه، وقال الحافظ: إسناده جيد. ولحلاوتها وأثرها فى نفسه كان إذا حزَبه أو حزنه أمر فزع إلى الصلاة. وبعد، فإن العبادات فُرضت لتقوية العلاقة بين الإِنسان وربه، وبينه وبين نفسه، وبينه وبين الناس، فإن لم تثمر هذه العلاقات لم يكن لها عند الله وزن. وفى تقديرى أن من يصلى-على الرغم من سوء معاملته - أقل خطرا ممن لا يصلى -على الرغم من حسن معاملته- فالأول مع الله ولو بسبب مَّا فعسى أن يتوب عليه والثانى منقطع عن الله فهل يصل نفسه به؟ "راجع قول ابن عطاء الله فى شرود الذهن فى الصلاة- المجلد الأول ص 72" (9/148) ________________________________________ علو الإمام أو المأموم
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال توجد مساجد لها عدة طوابق يصلى الإمام فى أحدها والمأمومون يصلون فى طابق آخر فهل الجماعة صحيحة؟
الجواب السنة أن يكون المأمومون مع الإمام فى طابق واحد لسهولة متابعته بالنظر أو السماع، وإن كان الصوت يصلهم عن طريق المبلغ أو مكبرات الصوت. روى الدارقطنى عن أبى مسعود الأنصارى أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يقوم الإمام فوق شىء والناس خلفه. يعنى أسفل منه. وروى أبو داود والشافعى والبيهقى وابن خزيمة وابن حبان أن حذيفة أمَّ الناس بالمدائن -مدينة كانت بالعراق- على دكان -مكان مرتفع- فأخذه أبو مسعود بقميصه فجبذه -أخذه بشدة- فلما فرغ من صلاته قال، ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى، فذكرت حين جذبتنى. قال العلماء: إن كان فى علو الإِمام عن المأمومين فائدة فلا كراهة، فقد روى البخارى ومسلم عن سهل بن سعد الساعدى أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر أول يوم وضع، فكبَّر وهو عليه ثم ركع ثم نزل القهقَرَى -إلى الخلف- وسجد فى أصل المنبر، ثم عاد. فلما فرغ أقبل على الناس فقال " أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بى ولتعلموا صلاتى". هذا فى ارتفاع الإِمام أنه مكروه إلا لحاجة، أما ارتفاع المأموم على الإمام فهو جائز، فقد صلى أبو هريرة على ظهر المسجد بصلاة الإِمام كما رواه الشافعى والبيهقى وسعيد بن منصور، وذكره البخارى تعليقا، وروى سعيد بن منصور أن أنس بن مالك كان يجمع فى دار أبى نافع عن يمين المسجد فى غرفة قدر قامة منها، لها باب مشرف على مسجد بالبصرة، فكان أنس يجمع فيها ويأتم بالإمام، وسكت عليه الصحابة. يقول الشوكانى " نيل الأوطار ج 3 ص 207 ": وأما ارتفاع المؤتم فإن كان مفرطا بحيث يكون فوق ثلثمائة ذراع، على وجه لا يمكن المؤتم العلم بأفعال الإِمام فهو ممنوع بالإِجماع من غير فرق بين المسجد وغيره، وإن كان دون ذلك المقدار فالأصل الجواز حتى يقوم دليل على المنع، ويعضد هذا الأصل فعل أبى هريرة المذكور ولم ينكر عليه انتهى. يؤخذ من هذا أن المدار فى الجواز وعدمه هو علم المأموم بأفعال الإِمام، فلو حصل العلم بأية وسيلة ومنها مكبرات الصوت الآن صحت الجماعة فى أى طابق من الطوابق، أو فى أى مكان ما دامت الصفوف متواصلة فى المسجد وخارج المسجد، وعليه فلا مانع من صلاة الجماعة فى أى طابق من طوابق المسجد عند العلم بأفعال الإِمام. وجاء فى شرح النووى لصحيح مسلم "ج 5ص 34" عند الكلام على اتخاذ المنبر فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحديث فيه فوائد، منها: جواز صلاة الإمام على موضع أعلى من موضع المأمومين. ولكنه يكره ارتفاع الإمام على المأموم وارتفاع المأموم على الإمام لغير حاجة، فإن كان لحاجة لم يكره، بل يستحب، وكذا إن أراد المأموم إعلام المأمومين بصلاة الإمام واحتاج إلى الارتفاع (9/149) ________________________________________ مسافة القصر
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يزعم بعض الناس أن أى سفر ولو كان عشرة كيلومترات يجيز للإنسان قصر الصلاة فهل هذا صحيح؟
الجواب يقول الله تعالى {وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} النساء: 101 والخوف من الفتنة ليس شرطا لقصر الصلاة كما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم، فهو صدقة تصدق الله بها علينا فلنقبل صدقته. والسفر المبيح للقصر اختلف فى تقديره العلماء، يقول القرطبى فى تفسيره " ج 5 ص 353" قال داود: تقصر الصلاة فى كل سفر طويل أو قصير ولو كان ثلاثة أميال، متمسكا بحديث رواه مسلم عن أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ - شك من أحد رواة الحديث واسمه شعبة- صلى ركعتين. يقول القرطبى: وهذا لا حجة فيه، لأنه مشكوك فيه -أى فى المسافة التى رواها شعبة- وعلى تقدير أحدهما فلعله حد المسافة التى بدأ منها السفر، وكان سفرا طويلا زائدا على ذلك. ولم يذكر حد السفر الذى يقع به القصر لا فى القرآن ولا فى السنة، وإنما كان كذلك لأنها لفظة عربية مستقر علمها عند العرب الذين خاطبهم الله تعالى بالقرآن، فنحن نعلم قطعا أن من برز عن الدور لبعض الأمور أنه لا يكون مسافرا لغة ولا شرعا، وإن مشى ثلاثة أيام فإنه مسافر قطعا، كما أنَّا نحكم على أن من مشى يوما وليلة كان مسافرا، لقول النبى صلى الله عليه وسلم " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذى محرم منها" وهذا هو الصحيح، لأنه وسط بين الحالين، وعليه عوَّل مالك، ولكنه لم يجد هذا الحديث منفقا عليه، وروى مرة " يوما وليلة " ومرة " ثلاثة أيام " فجاء إلى عبد الله ابن عمر فعوَّل على فعله، فإنه كان يقصر الصلاة إلى " رئمْ " -واد بالمدينة- وهى أربعة بردٌ: لأن ابن عمر كان كثير الاقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم. قال غيره: وكافة العلماء على أن القصر إنما شرع تخفيفا، والتخفيف إنما يكون فى السفر الطويل الذى تلحق به المشقة غالبا، فراعى مالك والشافعى وأصحابهما والليث والأوزاعى وفقهاء أصحاب الحديث أحمد وإسحاق وغيرهما يوما تاما، وقول مالك يوما وليلة راجع إلى اليوم التام، لأنه لم يرد بقوله " مسيرة يوم وليلة " أن يسير النهار كله والليل كله، وإنما أراد أن يسير سيرا يبيت فيه بعيدا عن أهله ولا يمكنه الرجوع إليهم. وفى البخارى: وكان ابن عمر وابن عباس يفطران ويقصران فى أربعة بُرد، وهى ستة عشر فرسخا، وهذا مذهب مالك. وقال الشافعى والطبرى: ستة وأربعون ميلا، وعن مالك روايتان، خمسة وأربعون ميلا، وستة وثلاثون ميلا. وبعد كلام طويل فى تقدير المسافة قال أبو عمر: اضطربت الآثار المرفوعة فى هذا الباب كما ترى فى ألفاظها، ومجملها عندى -والله أعلم- أنها خرجت على أجوبة السائلين، فحدث كل واحد بمعنى ما سمع -وذلك فى حديث سفر المرأة بغير محرم-. هذا ما نقلته من تفسير القرطبى باختصار وتصرف، وذكر ابن قدامة فى " المغنى "ج 2 ص 92 روايات عن جماعة من السلف أن القصر يجوز فى أقل من هذه المسافة، لكنها روايات مردود عليها. وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن المسافة التى تقصر فيها الصلاة فى السفر هى ستة عشر فرسخا ذهابا فقط، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل ستة آلاف ذراع بذراع اليد، وهذه المسافة تساوى ثمانين كيلو ونصف كيلو ومائة وأربعين مترا - مسيرة يوم وليلة بسير الإِبل المحملة بالأثقال سيرا معتادا - ولا يضر نقصان المسافة عن المقدار المبين بشىء قليل، كميل أو ميلين. وأبو حنيفة لم يقدر المسافة بهذه المقاييس، بل قدرها بالزمن وهو ثلاثة أيام من أقصر أيام السنة يكفى أن يسافر فى كل يوم منها من الصباح إلى الزوال، والمعتبر السير الوسط. والمالكية قالوا: إن نقصت المسافة عن القدر المبين بثمانية أميال وقصر الصلاة صحت صلاته ولا إعادة عليه على المشهور. ويستثنى من اشتراط المسافة أهل مكة ومِنى ومزدلفة والمحصب إذا خرجوا فى موسم الحج للوقوف بعرفة فإنه يسن لهم القصر فى حال ذهابهم. وكذلك فى حال إيابهم إذا بقى عليهم عمل من أعمال الحج التى تؤدى فى غير وطنهم، وإلا أتموا. ثم قال العلماء: لا يشترط قطع المسافة المذكورة فى المدة المذكورة والمقدرة بالأيام، فلو قطعها فى أقل منها ولو فى لحظة صح القصر- كما هو الشأن فى السفر بالطائرات والقطارات والسيارات. يؤخذ من هذا أن الرأى المتفق عليه بين الأئمة الأربعة أن يكون السفر طويلا، لا يقل عن ثمانين كيلو مترا تقريبا. هذا، وقد ذكر ابن قدامة فى " المغنى "ج 2 ص 96 أنه حكى عن عطاء وسليمان بن موسى أنهما أباحا القصر فى البلد لمن نوى السفر وكذلك حكى عن غيرهما ولا يوجد دليل صحيح لذلك. [يضاف كلام ابن قدامة إلى ص 537 من المجلد الثانى] (9/150) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الجمعة 02 فبراير 2024, 10:30 pm | |
| التنفل قبل صلاة العيد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ذهبت إلى المسجد لصلاة العيد فأردت أن أصلى ركعتين تحية للمسجد فمنعنى بعض الناس وقالوا: لا تجوز أى صلاة قبل صلاة العيد، فهل هذا صحيح؟
الجواب هناك خلاف بين الفقهاء فى جواز التنفل قبل صلاة العيد يتلخص فيما يلى: 1 - قال المالكية: يكره ذلك قبل صلاة العيد وبعدها إن أديت الصلاة فى الصحراء كما هو السنة، وأما إذا أديت بالمسجد -على خلاف السنة- فلا يكره التنفل لا قبلها ولا بعدها. 2 - والحنابلة قالوا: بكراهة التنفل قبلها وبعدها بأى مكان صليت فيه صلاة العيد، أى فى المسجد وغيره. 3-والحنفية قالوا: يكره قبل صلاة العيد، فى المصلَّى وغيره، ويكره بعدها إذا كان فى المصلى فقط، أما فى البيت فلا يكره. 4 - والشافعية قالوا: بالتفصيل بين الإِمام والمأموم، فيكره للإمام أن يتنفل قبلها وبعدها، سواء أكانت الصلاة فى الصحراء أم فى غيرها، ولا يكره للمأموم التنفل قبلها مطلقا، ولا بعدها إن كان ممن لم يسمع الخطبة لصمم أو بُعْدٍ، وإلا كان التنفل له مكروها. إن سبب الخلاف هو روايات لم يرد فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وإنما الثابت ما رواه ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام لم يصلِّ قبل العيد ولا بعده، فالذين قالوا بالمنع كان دليلهم فعل الرسول لا قوله، والذين قالوا بالجواز استندوا إلى أنه لم يرد نهى عن ذلك، والحكم على الروايات وبيان وجهات النظر فى التنفل مشروح فى نيل الأوطار للشوكانى "ج 3 ص 319" مع الاتفاق على أنه لم تشرع سنة قبل صلاة العيد ولا بعدها، وإنما الخلاف فى صلاة التطوع أو سنة الوضوء أو تحية المسجد أو قضاء أو غير ذلك، فى الوقت الذى لا تكره فيه الصلاة. ومن أحسن ما يقوى رأى القائلين بالجواز ما قاله العراقى فى شرح الترمذى من أنه ليس فيها نهى عن الصلاة فى هذه الأوقات، ولكن لما كان صلى الله عليه وسلم يتأخر فى مجيئه إلى الوقت الذى يصلى بهم فيه ويرجع عقب الخطبة روى عنه من روى من أصحابه أنه كان لا يصلى قبلها ولا بعدها، ولا يلزم من تركه لذلك لاشتغاله بما هو مشروع فى حقه من التأخر إلى وقت الصلاة -أن غيره لا يشرع ذلك له ولا يستحب، فقد روى عنه غير واحد من الصحابة أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلى الضحى، وصح ذلك عنهم، وكذلك لم ينقل عنه أنه صلى الله عليه وسلم صلى سنة الجمعة قبلها، لأنه إنما كان يؤذن للجمعة بين يديه وهو على المنبر، قال البيهقى: يوم العيد كسائر الأيام، والصلاة مباحة إذا ارتفعت الشمس حيث كان المصلى. ويدل على عدم الكراهة حديث أبى ذر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "الصلاة خير موضوع، فمن شاء استكثر ومن شاء استقل " رواه ابن حبان فى صحيحه. قال الحافظ فى الفتح: والحاصل أن صلاة العيد لم تثبت لها سنة قبلها ولا بعدها خلافا لمن قاسها على الجمعة، وأما مطلق النقل فلم يثبت فيه منع بدليل خاص، إلا إن كان ذلك فى وقت الكراهة فى جميع الأيام. بعد هذا نقول: لم يرد حديث بِمنْع مطلق النفل قبل صلاة العيد، ولا بمنع ما ورد فيه دليل يخصه كتحية المسجد إذا أقيمت صلاة العيد في المسجد. وبهذا يعلم جواب السؤال (9/151) ________________________________________ وضع الإمام بعد الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل من السنة إذا انتهى الإِمام من الصلاة أن يختم الصلاة وهو متوجه إلى القبلة أو يتحول عنها نحو المأمومين؟
الجواب روى أبو داود وابن ماجه والترمذى وقال: حديث حسن، أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يؤم الناس فينصرف على جانبيه جميعا، على يمينه وعلى شماله، وعن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " رواه مسلم وأحمد والترمذى وابن ماجه، وروى البخارى وأحمد عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضى تسليمه، وهو يمكث فى مكانه يسيرا قبل أن يقوم. قالت: فنرى -والله أعلم- أن ذلك كان لكى ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال. من هذا نرى أن بقاء الإمام بعد السلام على هيئة استقبال القبلة ليختم الصلاة لا مانع منه، وأن تحوله عن القبلة جهة اليمين أو الشمال جائز أيضا لا مانع منه، ولا يصح أن نتعصب لحالة من الحالات، وقال العلماء: من السنة بعد سلام الإِمام أن يلتزم مجلسه مستقبلا للقبلة بعد صلاة المغرب والصبح، وذلك ليقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شىء قدير، وذلك عشر مرات كما فى الحديث، لأن الفضيلة المترتبة على ذلك مقيدة بقولها قبل أن يثنى رجله. والحديث هو ما رواه الترمذى وغيره عن أبى ذر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من قال فى دبر صلاة الصبح وهو ثانٍ رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شىء قدير، عشر مرات كتب له عشر حسنات ومحى عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان يومه ذلك فى حرز من كل مكروه، وحرس من الشيطان، ولم ينبغ لذنب أن يدركه فى ذلك اليوم، إلا الشرك بالله تعالى " قال الترمذى: هذا، حديث حسن وفى بعض النسخ صحيح وفى سنن أبى داود عن مسلم بن الحارث التميمى الصحابى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسَرَّ إليه فقال: " إذا انصرفت عن صلاة المغرب فقل: اللهم أجرنى من النار سبع مرات: فإنك إذا قلت ذلك ثم مت من ليلتك كتب له جوار منها، وإذا صليت الصبح فقل كذلك فإنك إن مت من يومك كتب له جوار منها " (9/152) ________________________________________ صلاة التوبة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل هناك صلاة تسمى صلاة التوبة؟
الجواب روى أبو داود والنسائى وابن ماجه والبيهقى والترمذى وقال: حديث حسن عن أبى بكر رضى الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلى -أى ركعتين- ثم يستغفر الله إلا غفر له " ثم قرأ هذه الآية {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون. أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين} آل عمران:135، 136. وروى الطبرانى فى معجمه الكبير بسند حسن عن أبى الدرداء أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " من توضأ فأحسن الوضوء ثم قام فصلى ركعتين أو أربعا، مكتوبة أو غير مكتوبة، يحسن فيهن الركوع والسجود ثم استغفر الله غفر له ". هذه هى صلاة التوبة، والمهم فيها أن تكون التوبة والاستغفار عقب أية صلاة، فإن الدعاء وطلب المغفرة إذا كان بعد طاعة كصلاة أو قراءة قرآن كان مرجو القبول (9/153) ________________________________________ تعدد الوتر وقضاؤه
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا وتران فى ليلة" وهل يقضى الوتر إذا فات؟
الجواب نعم، روى أبو داود والنسائى والترمذى وقال حديث حسن، أن عليًّا رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا وتران فى ليلة" وروى أحمد وأبو داود والترمذى عن أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم كان يركع ركعتين بعد الوتر وهو جالس. قال العلماء: من صلى الوتر بعد العشاء ثم أراد أن يقوم الليل فليصل ما شاء ولكن لا يجوز له أن يوتر، لأنه أوتر قبل ذلك. ومن المعلوم أن الوتر يمكن أن يصلى فى أى جزء من الليل بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وإذا خشى الإِنسان أن تفوته صلاة الوتر يستحب له أن يصليها فى أول الليل، وذلك لحديث رواه مسلم وأحمد والترمذى وابن ماجه "من ظن منكم ألا يستيقظ آخره -أى الليل- فليوتر أوله، ومن ظن منكم أنه يستيقظ آخره فليوتر آخره، فإن صلاة آخر الليل محضورة وهى أفضل " ومعنى محضورة تحضرها الملائكة. ولما سأل الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضى الله عنه " متى توتر "؟ قال: أول الليل بعد العتمة-أى العشاء، ولما سأل عمر رضى الله عنه قال: آخر الليل، فقال " أما أنت يا أبا بكر فأخذت بالثقة -أى الحزم والحيطة- وأما أنت يا عمر فأخذت بالقوة " أى العزيمة على القيام آخر الليل. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الحاكم على شرط مسلم. هذا، وإذا فاتت صلاة الوتر يمكن قضاؤها كما ذهب إليه جمهور العلماء، وذلك لحديث رواه البيهقى وصححه الحاكم على شرط الشيخين "إذا أصبح أحدكم ولم يوتر فليوتر" وروى أبو داود قوله صلى الله عليه وسلم "من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره" وإسناده صحيح كما قال العراقى. ووقت القضاء مفتوح ليلا ونهارا عند الشافعى، ومنعه أبو حنيفة فى أوقات النهى عن الصلاة، وقال مالك وأحمد: يقضى بعد الفجر ما لم تصل الصبح (9/154) ________________________________________ التشهد الأول
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال نسيت التشهد الأول فى صلاة الظهر فهل تبطل صلاتى؟
الجواب التشهد الأول فى الصلاة سنة عند جمهور العلماء، لو ترك عمدا أو سهوا لا تبطل الصلاة، وذلك شأن كل السنن، وعند تركه يجبر بسجود السهو، روى الجماعة أن النبى صلى الله عليه وسلم قام فى صلاة الظهر وعليه جلوس -أى نسى جلوس التشهد الأول- فلما أتم صلاته سجد سجدتين، يكبر فى كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم، وسجدهما الناس معه مكان ما نسى من الجلوس. وعليه فمن ترك التشهد الأول سهوا صحت صلاته، ويجبر بسجود السهو، لأن ذلك هو ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وهو القائل "صلوا كما رأيتمونى أصلى" رواه البخارى وقد أخذ جماعة من هذا وجوب التشهد الأول لا سنيته، وقال الحافظ ابن حجر: قال ابن بطال: والدليل على أن سجود السهو لا ينوب عن الواجب أنه لو نسى تكبيرة الإِحرام لم تجبر فكذلك التشهد، ولأنه ذكر لا يجهر فيه بحال فلم يجب كدعاء الاستفتاح. وممن قال بوجوبه الليث بن سعد وأحمد بن حنبل فى المشهور، وهو قول للشافعى وفى رواية عند أبى حنيفة. والخلاصة أن التشهد الأول قيل إنه سنة وقيل إنه واجب، وعلى كلا القولين لو ترك سهوا يجبر بسجود السهو، ولا تبطل الصلاة. هذا، والتشهد الأول إذا ترك وصار الإِنسان إلى القيام أقرب منه إلى القعود لا يعود إليه، حتى لو نبهه المأمومون، بل يتم صلاته ثم يسجد للسهو، والدليل عليه حديث رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه " إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس، وإن استتم قائما فلا يجلس وسجد سجدتى السهو" ويسجد معه المأمومون " نيل الأوطار ج 3 ص 127 ". أما التشهد الأخير فهو فرض باتفاق والاستدلال عليه مستوفى فى كتب الفقه ويراجع " نيل الأوطار للشوكانى ج 2 ص 287 - 292" (9/155) ________________________________________ الصلاة قبل الصبح
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال بعد أن صليت ركعتى الفجر وقبل الإقامة لصلاة الصبح قمت لأصلى ركعتين أشغل بهما الوقت فقال بعض الناس: إن الصلاة قبل الصبح ممنوعة، فما هو الرأى الصحيح فى ذلك؟
الجواب معلوم أنه إذا دخل وقت الصبح بطلوع الفجر كان المطلوب صلاتين، صلاة الفريضة وهى الصبح، وصلاة السنة وهى الفجر، التى قال بعض الأئمة بوجوبها، وأية صلاة أخرى غير هاتين الصلاتين كالنفل والقضاء اختلف فى جوازها، فكره جماعة التطوع بعد طلوع الفجر بأكثر من ركعتى الفجر، بناء على حديث رواه أحمد وأبو داود، وهو ضعيف، لكنهم أخذوا به لتعدد طرفه فيقوى بها، وذهب الشافعى إلى جواز التنفل مطلقا بلا كراهة، وقصر مالك الجواز لمن فاتته صلاة الليل لعذر، لأنه بلغه أن عبد الله بن عباس وغيره أوتروا بعد الفجر. وكما قلنا كثيرا: ما دام هناك خلاف فى الرأى جاز الأخذ بأحد الآراء دون تعصب له أو ضده (9/156) ________________________________________ تأخير صلاة العشاء
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل من الحديث ما يقال "من صلى العشاء فى جماعة كأنه قام نصف الليل" وما يقال " لو لم أشق على أمتى لأمرتهم بتأخير العشاء "؟ وهل هناك تعارض بينهما؟
الجواب الحديث الأول رواه مسلم وغيره، وهو يدل على فضل صلاة العشاء فى جماعة، وأنه يعدل فى الثواب قيام نصف الليل، حتى لو كانت صلاتها فى أول وقتها أو فى آخر وقتها قرب طلوع الفجر. أما الحديث الثانى فيدل على فضل التأخير لصلاة العشاء عن أول وقتها، وذلك ليتسنى للناس بعد الانتهاء من أعمالهم بعد غروب الشمس أن يجتمعوا ليصلوها فى جماعة معه صلى الله عليه وسلم، والحديث رواه أحمد وابن ماجه والترمذى " لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه، والنبى صلى الله عليه وسلم لم يواظب على التأخير لما فيه من المشقة على المصلين، فأحيانا كان يعجل، وأحيانا كان يؤجل، فقد روى البخارى ومسلم عن جابر رضى الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى أحيانا يؤخرها وأحيانا يعجل، وإذا رآهم - أى الصحابة - اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطئوا أخر. فالأمر متروك للظروف، ووقت العشاء يدخل بمغيب الشفق الأحمر، وينتهى بطلوع الفجر، ووقت الاختيار هو ثلث الليل أو نصفه، ووقت الجواز ممتد حتى طلوع الفجر، فقد روى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال " أما إنه ليس فى النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجىء وقت الصلاة الأخرى" وهذا الحديث يدل على كل أوقات الصلوات المفروضة ما عدا صلاة الصبح فإن وقتها ينتهى بطلوع الشمس لا بوقت الظهر وذلك بالإجماع (9/157) ________________________________________ وضع المنبر
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز وضع المنبر فى غير يمين القبلة، فى أى موضع من المسجد؟
الجواب تحدث العلماء عن مصلَّى النبى صلى الله عليه وسلم، أى المكان الذى كان يلازم فيه الصلاة أو يكثرها فيه، وكان كثير من الناس وبخاصة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم يحرصون على الصلاة فى مصلاه. أما المنبر فنحن نعلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب أول الأمر واقفا، وإذا تعب استند إلى جذع نخلة، ثم انتهى الأمر إلى بناء منبر له يستريح عليه، وحدث تطور فى هذا المنبر، ولكن أين وضع؟ هل على يمين مصلى الرسول عليه الصلاة والسلام؟ يقول المطرى أحد المؤرخين للمسجد النبوى: ورد أن الواقف فى مصلى النبى صلى الله عليه وسلم تكون رمانة المنبر الشريف حذو منكبه الأيمن، وجاء فى "إحياء علوم الدين" للإمام الغزالى أن المصلِّى فى مصلَّى الرسول -عليه الصلاة والسلام- يجعل عمود المنبر حذو منكبه الأيمن. من هذا نرى أن منبر الرسول صلى الله عليه وسلم كان على يمين المصلَّى -القبلة أو المحراب- لكن هل هذا الوضع واجب الالتزام؟ لم يرد نص بالالتزام وإنما الكلام الوارد هو بيان موضع المنبر وهو لا يدل على الوجوب، وإن كان يدل على الندب اقتداء بما كان عليه الحال فى أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس بحرام أن يوضع المنبر فى أى مكان. والمهم هو وجود شىء مرتفع يساعد الخطيب على إسماع الناس، وقد يستغنى عنه بمكبر الصوت، وتؤدى الخطبة من وقوف على الأرض وجلسة على كرسى كما يحصل أحيانا فى بعض المساجد فى خطبة العيد. إن الأمر سهل لا ينبغى أن يشتد فيه الخلاف، وإن كان من الأوفق أن يراعى المأثور عن السلف فى ذلك، وهو وضع المنبر على يمين المحراب (9/158) ________________________________________ ثواب مساجد الحكومة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال إذا كان من بنى مسجدًا لله بنى الله له بيتا فى الجنة، فمن الذى يثاب عن بناء المساجد التى تقيمها الدولة وبعض المصالح الحكومية والهيئات؟
الجواب يقول النبى صلى الله عليه وسلم " من بنى مسجدا يبتغى به وجه الله بنى الله له بيتا فى الجنة " رواه البخارى ومسلم. وإذا كان تمويل بناء المسجد من خزينة الدولة أو خزينة هيئة عامة فإن المنفذ يكون شخصا مسئولا عن عمله مسئولية مباشرة أمام الله تعالى، ومن المنفذين المهندسون والمقاولون والصناع والعمال الذين أسهموا فى إقامة المسجد، فلا مانع أن يتفضل الله عليهم برحمته، ويعطيهم أجرا على المعاونة فى بناء بيوت الله، إلى جانب الأجر الدنيوى على جهودهم، فهو قليل بالنسبة إلى ثوابه سبحانه. والنية لها دخل كبير فى استحقاق الثواب، فإذا قصد المساهم فى بنائها وجه الله وأتقن عمله بناء على ذلك صدق عليه حديث " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " رواه البخارى ومسلم. وهنا نقطة ينبغى أن تؤخذ فى الاعتبار، وهى أن المسئول فى الوزارة أو المصلحة قد يكون ممن يتحمسون لبناء المسجد فيدرجه فى الميزانية ويسهل الإجراءات للتنفيذ، وقد يكون من غير هؤلاء فيتجاهل أو يتعمد عدم بناء مسجد فيكره عليه، ويضطر إلى عمل الإِجراءات وقد يعرقل أو يتهاون، فهناك فرق بينهما، فالأول يعتبر بانيا للمسجد بطريق مباشر أو غير مباشر، والثاني لا يستحق أى أجر على ذلك، بل يجازيه الله بحسب نيته. وعلى العموم نحن لا نستطيع أن نحدد معاملة الله للممولين والمشاركين والمنفذين لبناء المساجد، فله سبحانه تقديره لعلمه بالنيات، وفضله واسع يغرى بالإِقبال على عمل الصالحات والإسهام فى كل خير ولو بأدنى نصيب وبأى جهد يبذل. وأما الشخص الاعتبارى وهو الدولة أو الهيئة فهو بأجهزته والعاملين بها وكلاء عن الممولين لبناء المساجد، ذلك ما أراه باجتهادى، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمن نفسى، وأرجو المعذرة فما أردت إلا الخير (9/159) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الجمعة 02 فبراير 2024, 10:31 pm | |
| تاريخ بناء المسجد الأقصى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هو تاريخ بناء المسجد الأقصى، ومن الذى أمر ببنائه؟
الجواب الكلام عن تاريخ بناء المسجد الأقصى طويل، ولكن ألخص ما كتبه عنه ابن خلدون فى مقدمته، بادئًا بذكر حديث رواه مسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم فقد سأله أبو ذر عن أول مسجد وضع فى الأرض فقال "المسجد الحرام " أى الذى فى مكة ثم سأله عن غيره فقال "المسجد الأقصى " فسأله: كم بينهما؟ قال " أربعون عامًا". وفى تفسير القرطبى أن المسجد الأقصى بناه سليمان عليه السلام كما أخرجه النسائى بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو. ثم قال القرطبى: هناك إشكال بين الحديثين، لأن بين إبراهيم الذى رفع قواعد الكعبة وسليمان آمادا طويلة، قال أهل التاريخ أكثر من ألف سنة، فقيل إن إبراهيم وسليمان عليهما السلام إنما جددا ما كان أسسه غيرهما، وقد روى أن أول من بنى البيت -فى مكة-آدم عليه السلام، فيجوز أن يكون غيره من ولده وضع بيت المقدس من بعده بأربعين عامًا، ويجوز أن تكون الملائكة أيضا بنته بعد بنائها البيت بإذن الله. وكلّ محتمل. انتهى ما نقل من القرطبى. وجاء فى مقدمة ابن خلدون (ص 246) أن بيت المقدس قام داود وسليمان عليهما السلام ببنائه ونصب هياكله ودفن كثير من الأنبياء من ولد إسحاق عليه السلام حواليه، ثم قال: لما خرج موسى ببنى إسرائيل من مصر لتمليكهم بيت المقدس كما وعد الله أباهم إسرائيل وأباه إسحاق من قبله وأقاموا بأرض التيه أمره الله باتخاذ قبة من خشب السنط، فنصبوها بين خيامهم يصلون إليها، ولما ملكوا الشام وبقيت تلك القبة قبلتهم وضعوها على الصخرة ببيت المقدس، وأراد داود عليه السلام بناء مسجده على الصخرة مكانها فلم يتم له ذلك وعهد به إلى ابنه سليمان فبناه لأربع سنين من ملكه ولخمسمائة سنة من وفاة موسى عليه السلام. ثم خربه بختنصر بعد ثمانمائة سنة من بنائه، ولما أعادهم ملوك الفرس بناه عزير نبى بنى إسرائيل لعهده بحدود دون بناء سليمان. ثم تداولتهم ملوك يونان والفرس والروم، وبنى هيرودوس المسجد على بناء سليمان، فلما جاء طيطوس من ملوك الروم وغلبهم خرب المسجد، ثم دان الروم بعد ذلك بالمسيحية حتى جاء قسطنطين وتنصرت أمه هيلانه وارتحلت إلى بيت المقدس تطلب الخشبة التى صلب عليها المسيح بزعمهم، فاستخرجتها من القمامات وبنت مكانها كنيسة القمامة، ثم بنوا بإزاء القمامة بيت لحم وهو الذى ولد فيه عيسى. وبقى الأمر على ذلك إلى أن جاء الإسلام وحضر عمر لفتح بيت المقدس وسأل عن الصخرة فرأى عليها زِبْلاً وترابًا فكشف عنها وبنى المسجد بطريقة مبسطة. ثم احتفل الوليد بن عبد الملك فى تشييد مسجده على سنن مساجد الإسلام بما شاء الله من الاحتفال كما فعل بالمسجد الحرام والمسجد النبوى ومسجد دمشق. - ولما ضعف أمر الخلافة أعوام الخمسمائة من الهجرة فى آخرها وكانت فى ملك العبيديين خلفاء القاهرة من الشيعة واختل أمرهم - زحف الفرنجة إلى بيت المقدس فملكوه وملكوا معه عامة ثغور الشام، وبنوا على الصخرة المقدسة كنيسة كانوا يفتخرون ببنائها حتى قيَض الله للإسلام صلاح الدين الأيوبى فجاهد الفرنجة وطردهم من تلك المنطقة حوالى سنة 580من الهجرة، وهدم الكنيسة وأظهر الصخرة وبنى المسجد على النحو الذى هو عليه اليوم (أيام ابن خلدون) وقد انتهى من وضع مقدمته فى منتصف عام 799 كما دونه فى آخر المقدمة. هذه صورة تاريخية موجزة للمسجد الأقصى حتى القرن الثامن الهجرى، وما بعد ذلك يطلب من كتب التاريخ، وقد رأينا كيف تقلب به التاريخ حتى نكب بالاحتلال الصهيونى فى القرن الحاضر، ولا يعلم إلا الله ماذا سيكون أمره بعد ذلك (9/160) ________________________________________ الصلاة وقضاء الحاجات
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هى صلاة قضاء الحاجة؟
الجواب قضاء الحاجة وبخاصة حاجة الدنيا له وسيلتان، الأولى طاعة الله بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، فهى فى حد ذاتها إن قبلت قض الله بها ما يتمناه المؤمن من خير، قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا. ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه) الطلاق: 2، 3 وقال {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} النحل: 97 وقال {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} الأعراف: 96 وفى الحديث " ومن يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة، والله فى عون العبد ما دام العبد فى عون أخيه " رواه مسلم إلى غير ذلك من النصوص، والوسيلة الثانية هى الدعاء بشروطه وآدابه التى من أهمها الخشوع والإخلاص والبعد عن الحرام، قال تعالى {وقال ربكم ادعونى أستجب لكم} غافر: 60 وقال {وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوه الداع إذا دعان} البقرة: 156 وفى الحديث القدسى " يا عبادى كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعمونى أطعمكم، يا عبادى كلكم عار إلا من كسوته فاستكسونى أكسكم. . . " رواه مسلم وهناك حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة وهم فى الغار، فدعوا ربهم بصالح أعمالهم فنجاهم الله، وهاتان الوسيلتان مؤكدتان لا خلاف فيهما. وقد روى أحمد بسند صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " من توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما سأل معجَّلا أو مؤخرا" والناظر فى هذا الحديث يرى أن قضاء الحاجة وسيلته: عمل صالح وهو صلاة الركعتين -وكذلك الدعاء والسؤال، وأن قضاء الحاجة قد يكون معجلا وقد يكون مؤخرا، فينبغى عدم التعجل، ففى الحديث "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل " رواه أحمد وأبو داود والترمذن وقد يصرف الله بالدعاء من السوء ما يكون خيرا من الشىء الذى دعا به الداعى كما روى فى الحديث. وهل هناك دعاء مخصوص لقضاء الحاجة؟ هناك حديث عثمان بن حنيف الذى رواه الترمذى وقال حسن صحيح كما رواه ابن ماجه والنسائى وابن خزيمة فى صحيحه، أن رجلا أعمى طلب من النبى صلى الله عليه وسلم أن يدعو له الله ليكشف له عن بصره، فعلَّمه أن يقول بعد الوضوء وصلاة ركعتين " اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبيى محمد نبى الرحمة، يا محمد-إنى أتوجه إلى ربى بك أن يكشف لى عن بصرى، اللهم شفِّعه فى وشفعنى فى نفسى " فرجع وقد كشف الله عن بصره وعلَّمه عثمان لرجل كانت له حاجة عند عثمان بن عفان -وذكر اسم حاجته حين الدعاء فقض الله له حاجته، وهناك دعاء آخر بعد صلاة الركعتين والثناء على الله والصلاة على رسوله وهو: " لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم، لا تدع لى ذنبا إلا غفرته يا أرحم الراحمين، ولا هماً-إلا فرجته، ولا حاجة هى لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين " ومع أن هذا الدعاء طيب إلا أن نسبته إلى النبى صلى الله عليه وسلم فيها كلام، ويمكن الرجوع إلى أدعية أخرى فى كتب الحديث، كالترغيب والترهيب للمنذرى والأذكار للنووى (9/161) ________________________________________ النية سرا أو جهرا
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل تكفى النية سرا عند أداء الصلاة أم يجب التلفظ بها حتى يقبلها الله؟
الجواب النية محلها القلب، ولا يجب التلفظ بها فى الصلاة وغيرها، ولا يتوقف قبول الصلاة على التلفظ بها. وقد قال الشافعية: لا بأس بالتلفظ بها بل يُسَنَ، وذلك ليساعد اللسان القلب، فلو ترك التلفظ بها فالصلاة صحيحة ومقبولة إن شاء الله إن توافرت فيها عوامل القبول بعد الأداء الشكلى، ومنها الخشوع والإخلاص، وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن المالكية قالوا: التلفظ بالنية خلاف الأولى إلا للموسوس فإنه مندوب دفعا للوسوسة. وقال الأحناف إن التلفظ بدعة، إذ لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ويستحسن دفعا للوسواس. فالخلاصة أن النية فى الصلاة محلها القلب ولا يشترط التلفظ بها، بل قال الأحناف إنه بدعة وقال المالكية إنه خلاف الأولى، وذلك لغير الموسوس، وقال الشافعية سنة وابن القيم فى كتابه " زاد المعاد"ج 1ص 51 نعى بشدة على من يقول بجواز النطق بالنية وصحح رأى الشافعية فى ذلك فقال: كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، ولم يقل شيئا قبلها، ولا يلفظ بالنية البتة، ولا قال: أصلَّى لله صلاة كذا مستقبل القبلة. أربع ركعات إماما أو مأمومًا، ولا قال: أداء ولا قضاء ولا فرض الوقت، وهذه عشر بدع لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مسند ولامرسل لفظ واحدة منها ألبته، بل ولا عن أحد من أصحابه ولا استحسنه أحد من التابعين ولا الأئمة الأربعة، وإنما غرَّ بعض المتأخرين قول الشافعى رضى الله عنه فى الصلاة إنها ليست كالصيام ولا يدخل أحد فيها إلا بذكر، فظن أن الذكر تلفُّظ المصلى بالنية، وإنما أراد الشافعى رحمه الله بالذكر تكبيرة الإحرام ليس إلا، وكيف يستحب الشافعى أمرا لم يفعله النبى صلى الله عليه وسلم فى صلاة واحدة ولا أحد من خلفائه وأصحابه. هذا هو رأى ابن القيم، وللائمة آراؤهم، والحكم على ما ذكر بأنه بدعة ليس مسلما على طول الخط أنه ضلالة (9/162) ________________________________________ الصلاة المعادة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز لى أن أصلِّى فى المنزل إماما لوالدتى وأخواتى وأن أعتبر أن هذه صلاة نافلة، ثم أصلى نفس ا
الجواب يجوز لك أن تصلى فى المنزل إماما والدتك وأخوتك. . . وقد سقطت عنك الفريضة بهذه الصلاة وإذا صليتها فى جماعة كانت الثانية نافلة لك، فهى صلاه معادة. والدليل ما رواه الترمذى وأبو داود والنسائى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لرجلين: " إذا صليتهما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة ". قال ابن عبد البر: قال جمهور الفقهاء: إنما يعيد الصلاة مع الإمام فى جماعة من صلى وحده فى بيته أو فى غير بيته وأما من صلى فى جماعة وإن قلت فلا يعيد فى أخرى قلت أو كثرت، وممن قال بهذا مالك وأبو حنيفة والشافعى وأصحابهم، ومن حجتهم قوله صلى الله عليه وسلم: " لا نصلِّى صلاة فى يوم مر بن حنبل بالجواز لأنها سنة، وردَّ على هذا الحديث بأن المنع إذا صلاها مرة ثانية على أنها فريضة أما صل فجائز لأن الحديث الأول جعلها نافلة. وفى لفظ لأبى داود: " إذا صلى أحدكم فى رحله ثم أدرك الصلاة مع الإمام فليصلها معه فإنها له نافلة " وروى مسلم عن أبى ذر حديثا فيه " كيف أنت إذا كان عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها "؟ وفيه فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة ". والحديث صريح فى أن الصلاة المعادة تكون نافلة والأولى هى الفريضة، بصرف النظر عن كون الأولى جماعة أو وأخرج الترمذى وحسنه وابن حبان والحاكم والبيهقى عن أبى سعيد قال: صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل رجل فقام يصلى الظهر فقال " ألا رجل يتصدق على هذا فيصلى نيل الأوطار للشوكانى ج 3 ص 99 وراجع أيضا تفسير القرطبى (ج 1 ص 1 35) . وهناك شروط لجواز إعادة الصلاة فيها اختلاف بين الفقهاء يمكن الرجوع إليها فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة منها مثلا عند الشافعية أن تكون الصلاة الثانية كلها فى جماعة وألا ينفرد وقت الإحرام بالصلاة الثانية عن الصف مع إمكان دخوله فيه فإن انفرد فلا تصح الإعادة وعند المالكية مثلا أن يصلى الثانية مأموما وليس إماما لمن لم يصل هذه الصلاة (9/163) ________________________________________ الصلاة التى لا تنهى عن الفحشاء
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل هناك حديث معناه أنه لا خير فى الصلاة ما لم تنه عن الفحشاء والمنكر وإذا كان هذا صحيحا فهل يترك الشبان الصلاة لأنهم لا يستطيعون عصمة أنفسهم من المنكرات، أم الأفضل أن يصلوا حتى لو كانوا يرتكبون المعاصى؟
الجواب قال الله تعالى: {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} إن الصلاة إذا وقعت تامة ومعها خشوع صحيح ملأت قلب صاحبها نورا وأورثته الخوف من الله فلا يقع فى المعاصى وإن عصى بادر بالتوبة والله سبحانه بفضله لا يضيع كل ثوابها إذا خلت من الخشوع، ولكن أثرها فى تربية السلوك يكون ضيفا، وعلى قدر ما يكون فيها من خشوع يكون الثواب، ويكون الأثر فى السلوك. وعلى كل مصلٍّ أن يجتهد فى أداء الصلاة بعيدا عن الرياء والشواغل التى تصرف عقله وقلبه عن الإحساس بجلال الموقف مع الله. ولكل مجتهد نصيب. ولا يجوز أبدا لمن يصلى ويعصى الله أن يترك الصلاة لأنها لم تؤثر فى تقويم سلوكه، فالصلاة واجبة وترك المعاصى واجب، وعلى كل إنسان أن يجتهد فى أداء هذين الواجبين، ولعل المحافظة على الصلاة تؤدى إلى الخشوع فيها وبالتالى إلى ترك المعاصى، وكل شىء بالتدريب والتمرين يمكن أن يتم على الوجه المطلوب، والله سبحانه يقول {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم} التوبة: 102. هذا، وهناك قول مأثور يقول "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا" ويمكن أن يكون معناه صحيحا وروى على أنه حديث مرسل صحيح إلى الحسن البصرى، رواه الطبرانى من قول ابن مسعود بإسناد صحيح وليس مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم ومهما يكن من شىء فهو حث على إتقان الصلاة والمحافظة عليها وعلى ربط العبادة بالسلوك ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. "راجع ص 555 من المجلد الأول " (9/164) ________________________________________ إمامة المفضول للفاضل
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال عندما أقيم للصلاة وكان الإمام الراتب غائبا تقدم أحد الناس لإمامة المصلين، وبعد الإحرام للصلاة حضر الإمام وأحس به الإمام فخرج من الصلاة لياخذ الإمام الراتب مكانه فما حكم الدين فى ذلك؟
الجواب إن صلاة الجماعة تصح خلف من تصح صلاته لنفسه بشرط ألا يكون أنقص من المأمومين بعيب يتجاوز عنه لتعذر إصلاحه، كالألثغ أو الفأفاء الذى لا يحسن القراءة فإن إمامته لا تجوز إلا لمن هو مثله، ولا تجوز للسليم من هذه الحالة. وإذا كانت هناك سلامة من مثل هذه العيوب فيسن أن يقدم أفضلهم أو أحسنهم، كما صح فى الاحاديث التى منها ما رواه مسلم "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقروهم " ولو خولف ذلك فالصلاة صحيحة، (انظر ص 611 من المجلد الرابع) وبخصوص ما جاء فى السؤال روى البخارى ومسلم عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بنى عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبى بكر فقال: أتصلى بالناس فأقيم؟ قال: نعم، قال: فصلى أبو بكر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس فى الصلاة فتخلص حتى وقف فى الصف، فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت فى الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله، أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ثم استأخر أبو بكر حتى استوى فى الصف، وتقدم النبى صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف فقال "يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك " فقال أبو بكر: ما كان لابن أبى قحافة أن يصلَّى بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما لى رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ من نابه شىء فى صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء". وجاء فى "نيل الأوطار للشوكانى ج 4 ص 158 " أن هذا الحديث فيه من العلم أن المشى من صف إلى صف يليه لا يبطل، وأن حمد الله لأمر يحدث والتنبيه بالتسبيح جائزان وأن الاستخلاف فى الصلاة لعذر جائز من طريق الأولى، لأن قصاراه وقوعها بإمامين. ومن فوائد الحديث جواز كون المرء فى بعض صلاته إماما وفى بعضها مأموما، وجواز رفع اليدين فى الصلاة عند الدعاء والثناء، وجواز الالتفات للحاجة، وجواز مخاطبة المصلى بالإشارة، وجواز الحمد والشكر على الوجاهة فى الدين، وجواز إمامة المفضول للفاضل وجواز العمل القليل فى الصلاة وغير ذلك من الفوائد (9/165) ________________________________________ القراءة فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل استحسن الرسول صلى الله عليه وسلم بعض السور أو آيات من القرآن الكريم فى الصلوات الخمس أو النوافل؟
الجواب جاء فى كتاب "الأذكار" للنووى: السنة أن تكون السورة-التى بعد الفاتحة - فى الصبح والظهر من طوال المفصل، أى السور الأخيرة من المصحف. وتبدأ من سورة [ق أو الحجرات] على خلاف بلغ اثنى عشر قولا فى تعبين المفصَّل. والمفصَّل أقسام منه طوال إلى سورة (عم) وأوساط إلى سورة الضحى، وقصار وهى إلى آخر سورة الناس. وفى العصر والعشاء أوساط المفصل. وفى المغرب من قصار المفصل. والسنة أن يقرأ فى الركعة الأولى من صلاة الصبح يوم الجمعة سورة الم (السجدة) وفى الثانية (هل أتى على الإنسان حين من الدهر) وأن يقرأ فى الركعة الأولى من صلاة الجمعة سورة الجمعة وفى الثانية سوره المنافقون. أو فى الأولى سورة الأعلى وفى الثانية سورة الغاشية. والسنة أن يقرأ فى ركعتى سنة الفجر فى الأولى {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} البقرة: 136. إلى آخر الآية، وفى الثانية: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء} آل عمران:64، إلى آخر الآية، وإن شاء فى الأولى: {قل يا أيها الكافرون} الكافرون: 1، وفى الثانية {قل هو الله أحد} الإخلاص: 1، فكلاهما صح، ففى صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله. يقرأ فى سنة المغرب وركعتى الطواف والاستخارة. فى الأولى {قل يا أيها الكافرون} الكافرون: 1. وفى الثانية: {قل هو الله أحد} الإخلاص: 1. وفى الوتر فى الأولى سوره (الأعلى) وفى الثانية سوره (الكافرون) وفى الثالثة {قل هو الله أحد} والمعوذتين. يقول النووى: وكل الذى ذكرناه جاءت به أحاديث فى الصحيح وغيره مشهورة. وليكن معلوما أن سنة القراءة تحصل بآية مفهمة أو بعض آيات من أية سورة، ثم هو بالخيار أن يقرأ سورة أو يقرأ بعض السورة، والسورة القصيرة أفضل من آيات يقرؤها من السورة الطويلة. والسنة أن يقرأ السورة على ترتيب المصحف، ولو خالف هذا جاز مع الكراهة، وقال الحافظ لم أقف على دليل ذلك (9/166) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الجمعة 02 فبراير 2024, 10:33 pm | |
| صلاة الجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال متى فرضت صلاة الجمعة وما هو العدد المشروط لصحتها، وهل يشترط لإقامتها وجود مسجد؟
الجواب الجمعة فيها معنى الاجتماع، والاجتماع لابد فيه من عدد، ويوم الجمعة عيد أسبوعي للمسلمين، كما أن السبت عيد لليهود، والأحد عيد للنصارى، وله 32 خصوصية كما فى زاد المعاد لابن القيم نقل ابن حجر فى الفتح 26 منها. وقد خص الله المسلمين بفضل هذا اليوم كما جاء فى مسند أحمد عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذكرت عنده اليهود قال:"إنهم لن يحسدونا على شىء كما يحسدونا على الجمعة التى هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التى هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام اَمين ". ويوم الجمعة كان يسمى فى الجاهلية يوم العَروبة "بفتح العين " والعروبة معناها الرحمة، وجاء فى "الروض الأنف " للسهيلى على سيرة ابن هشام، ان كعب بن لؤى - أحد أجداد النبى صلى الله عليه وسلم - هو أول من جمَع يوم العروبة ولم تسم العروبة الجمعة إلا منذ جاء الإسلام فى قول بعضهم وقيل: هو أول من سماها الجمعة، فكانت قريش تجتمع إليه فى هذا اليوم، فيخطبهم ويذكرهم بمبعث النبى صلى الله عليه وسلم ويعلمهم أنه من ولده، ويأمرهم باتباعه والإيمان به، وقد ذكر الماوردى هذا الخبر عن كعب فى كتاب الأحكام السلطانية. وصلاة الجمعة فرضت بمكة قبل الهجرة كما أخرجه الدارقطنى عن ابن عباس رضى الله عنهما، ولم يتمكن النبى صلى الله عليه وسلم من إقامتها بها، وذلك لقلة عدد المسلمين، أو لضعف شوكتهم أمام قوة المشركين، فلما هاجر من هاجر من الصحابة إلى المدينة. كتب إلى مصعب بن عمير - وهو أول من أوفده النبى صلى الله عليه وسلم من مكة مع المسلمين من الأنصار ليعلمهم، ثم قدم بعده عبد الله بن أم مكثوم -: أما بعد فانظر اليوم الذى تجهر فيه اليهود بالزبور لسبتهم، فاجمعوا نساءكم وأبناءكم، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة فتقربوا إلى الله بركعتين. وعلى هذا يكون مصعب أول من صلى بهم الجمعة فى المدينة، وكان عددهم اثنى عشر رجلا، كما فى حديث الطبرانى عن أبى مسعود الأنصارى، وهذا الحديث ضعيف. وهناك قول آخر بأن أول من جمع بهم هو أبو أمامة أسعد بن زرارة الذى نزل عليه مصعب بن عمير، يقول عبد الرحمن بن كعب بن مالك - الذى كان يقود أباه كعبا إلى المسجد -: كان أبى إذا توجه لصلاة الجمعة وسمع الأذان استغفر لأبى أمامة، ولما سأله لماذا يستغفر له قال: كان أول من جمع بنا فى المدينة فى هزم النبيت من حرة بنى بياضة فى نقيع يقال له نقيع الخضمات، وكانوا يومئذ أربعين رجلا، والقول بهذا رواه أبو داود وابن حبان وابن ماجه والبيهقى وصححه، وقال ابن حجر: إسناده حسن. والهزم المكان المطمس من الأرض، والنبيت أبو حشمن اليمن اسمه عمرو بن مالك، وحرة بنى بياضة قربة على ميل من المدينة، وبنو بياضة بطن من الأنصار والنقيع بطن من الأرض يستنقع فيه الماء مدة فإذا نضب نبت الكلا. وقد جمع بين الحديثين -على فرض صحة الأول -بأن مصعبا يقال: إنه أول من جمع باعتباره كان إماما للمصلين وبأن أسعد هو أول من جمع لأنه الأمير للقوم، وكان مصعب فى ضيافته فنسب الأمر إليه وبخاصة أنه أطعم المصلين غداء وعشاء كما فى رواية أخرى. واجتماع المسلمين فى يوم من أيام الأسبوع قيل: كان باجتهادهم قبل أن تفرض عليهم صلاة الجمعة، فقد جاء فى حديث مرسل عن ابن سيرين قال: جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة، وقبل أن تنزل الجمعة، قالت الأنصار: لليهود يوم يجمعون فيه كل أسبوع وللنصارى مثل ذلك، فهلم فلنجعل يوما نجمع فيه فنذكر الله تعالى ونصلى ونشكره، فجعلوه يوم العروبة، واجتمعوا إلى أسعد بن زرارة، فصلى بهم يومئذ ركعتين وذكرهم، فسموا الجمعة حين اجتمعوا إليه فذبح لهم شاة فتغدوا وتعشوا منها، وذلك لقلتهم فأنزل الله تعالى فى ذلك {يا أيها الذين امنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع. . .} الجمعة: 9، قال ابن حجر: رجاله ثقات، إلا أنه مرسل، أى سقط منه الصحابى [يلاحظ أن هذا الحديث يبين قلة عدد المصلين للجمعة فى أول مرة بحيث تكفيهم الشاة غداء وعشاء، أما الحديث الذى فيه استغفار كعب بن مالك لأسعد بن زرارة فيذكر أن عددهم أربعون، وهؤلاء لا تكفيهم الشاة غداء وعشاء، فالظاهر أن رواية حديث ابن سيرين كانت عن أول صلاة، وحديث كعب كان بعد اشتهار صلاة الجمعة وكثرة الحاضرين. وقيل كان اجتماع المسلمين لصلاة الجمعة بأمر النبى صلى الله عليه وسلم، كما يدل عليه كتابه إلى مصعب بن عمير الذى أخرجه الدارقطنى عن ابن عباس. ولما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم نزل "قباء" عند بنى عمرو بن عوف، ثم توجه إلى المدينة يوم جمعة فأدركته صلاتها فى بنى سالم بن عوف، فصلاها فى المسجد الذى فى بطن الوادى وسمى مسجد الجمعة وهى أول جمعة صلاها بأصحابه وكانوا مائة وقيل أربعون "الزرقانى 7/ 382" وأول خطبة خطبها بالمدينة فى المرجع المذكور نقلا عن تفسير القرطبى وذكر وجوه محاسنها. [لعل كل جماعة أسلمت قبل هجرة النبى إليهم كانت تتخذ لها مسجدا خاصا. هذا فى تاريخ التشريع لصلاة الجمعة، أما العدد المشروط لإقامتها ففيه أقوال كثيرة، أوصلها الحافظ ابن حجر فى "فتح البارى" إلى خمسة عشر قولا، ونقلها الشوكانى فى نيل الأوطار وعلَّق عليها، وفيما يلى تلخيص لذلك. القول الأول -تصح بواحد، ولا دليل عليه، وهو لا يتفق مع معنى الاجتماع الموجود فى الجمعة، نقله ابن حزم، وحكاه الدارمى عن الكاشانى. القول الثانى - تصح باثنين، إمام ومأموم، لأن العدد واجب بالحديث والإجماع، ولم يثبت دليل على اشتراط عدد مخصوص، فتقاس على صلاة الجماعة، حيث تصح باثنين، فقد صح عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال: بت عند خالتى ميمونة-أم المؤمنين - رضى الله عنها، فقام النبى صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل، فقمت أصلى معه، فقمت عن يساره، فأخذ برأسى وأقامنى عن يمينه، رواه الجماعة، وفى لفظ: صليت مع النبى صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر، وقمت إلى جنبه عن يساره فأقامنى عن يمينه، قال: وأنا يومئذ ابن عشر سنين. رواه أحمد. والشوكانى يرجح هذا القول.، وهو قول النخعى وأهل الظاهر. القول الثالث -تصح باثنين غير الإمام، ودليله أن العدد واجب كالجماعة، وشرط العدد فى المأمومين المستمعين للخطبة، وأقل عدد يحصل به الاجتماع هو اثنان. وهو قول أبى يوسف ومحمد بن الحسن صاحبى أبى حنيفة. القول الرابع -تصح بثلاثة والإمام رابعهم ومستنده حديث أم عبد الله الدوسية الذى أخرجه الطبرانى وابن عدى عنها مرفوعا "الجمعة واجبة على كل قرية فيها إمام وإن لم يكونوا إلا أربعة" وفى رواية "وإن لم يكونوا إلا ثلاثة رابعهم الإمام " وقد ضعَّفه الطبرانى وابن عدى، وهو قول أبى حنيفة، وحكى عن الأوزاعى وأبى ثور، واختاره المزنى والسيوطى وحكاه عن الثورى والليث بن سعد. القول الخامس - تصح بسبعة ولا مستند له، وحكى عن عكرمة. القول السادس -تصح بتسعة، ولا مستند له أيضا، وحكى عن ربيعة. القول السابع -: تصح باثنى عشر بما فيهم الإمام، ودليله حديث: كان النبى صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ أقبلت عِير قد قدمت، فخرجوا إليها حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا، فأنزل الله تعالى {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما. ..} الجمعة: 11، رواه البخارى ومسلم. ووجه الاستدلال أن الجمعة صحت بهذا العدد، لكن يرد عليه بأنه دليل على أنها تصح باثنى عشر فما فوقهم، أما إنها لا تصح بأقل من ذلك فلا يدل عليه هذا الدليل. كما استدل من قال بذلك بحديث الطبرانى عن أبى مسعود الأنصارى: أول من قدم من المهاجرين مصعب بن عمير، وهو أول من جمع بها يوم الجمعة قبل أن يقدم النبى @ وهم اثنا عشر رجلا لكن هذا الحديث ضعيف، وهو قول ربيعة فى رواية وحكاه الماوردى أيضا عن الزهرى والأوزاعى ومحمد بن الحسن. القول الثامن -تصح باثنى عشر غير الإمام، أى بثلاثة عشر، ومستنده مستند القول السابع، وهو قول إسحاق. القول التاسع -تصح بعشرين، ولا مستند له وهو رواية عن مالك. القول العاشر- تصح بثلاثين، ولا مستند له أيضا وهو رواية أخرى عن مالك. القول الحادى عشر -تصح بأربعين بما فيهم الإمام، ومستنده حديث أبى داود المتقدم فى أن أسعد بن زرارة أول من جمَّع فى هزم النبيت، وفيه ان عددهم يومئذ كان أربعين رجلا. ووجه الاستدلال أن الإجماع على اشتراط العدد فى صلاة الجمعة، فلا تصح إلا بعدد ثابت بدليل، وقد ثبت جوازها بأربعين، فلا يجوز بأقل منه إلا بدليل صحيح، وقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "صلوا كما رأيتمونى أصلَّى" قالوا: ولم تثبت صلاته لها بأقل من أربعين، لكن أجيب عنه أنه لا دليل فى الحديث على اشتراط الأربعين، بل هو يدل على صحتها بأربعين فمن فوقهم، وأما عدم صحتها بأقل من ذلك فلا يدل عليه هذا الحديث، لأنه واقعة عين، وواقعة العين لا تدل على نفى غيرها، ففى القواعد الأصولية، وقائع الأحوال لا يحتج بها على العموم، فالمعروف أن الجمعة لما فرضت بمكة لم يتمكن النبى صلى الله عليه وسلم من أدائها، فلما هاجر من هاجر كتب إليهم بأدائها، فاتفق أن عددهم إذ ذاك كان أربعين فى رواية الطبرانى عن ابن عباس. ومن أدلة هذا القول ما أخرجه البيهقى عن ابن مسعود قال: جمعنا النبى صلى الله عليه وسلم وكنت اَخر من أتاه ونحن أربعون رجلا، فقال "إنكم مصيبون ومنصورون ومفتوح لكم " ورد عليه باحتمال أن تكون هذه الواقعة قد قصد بها النبى @ أن يجمع أصحابه ليبشرهم لا ليصلى بهم جمعة، فاتفق أن اجتمع له منهم هذا العدد، قال السيوطى: وإيراد البيهقى لهذا الحديث أقوى دليل على أنه لم يجد من الأحاديث ما يدل للمسألة صريحا، وهذا هو قول الشافعية. القول الثانى عشر- تصح بأربعين غير الإمام، وروى عن الشافعى أيضا،، وبه قال عمر بن عبد العزيز، ولعل دليله هو دليل القول السابق. القول الثالث عشر-تصح بخمسين، ومستنده حديث الطبرانى مرفوعا "الجمعة على الخمسين رجلا، وليس على ما دون الخمسين جمعة"وقد ضعَّفه السيوطى، ومع ضعفه محتمل للتأويل،لأن ظاهره أن هذه العدد شرط للوجوب لا شرط للصحة، وهو قول أحمد بن حنبل، وفى رواية عن عمر بن عبد العزيز. القول الرابع عشر-تصح بثمانين ولا مستند له. القول الخامس عشر - تصح بجمع كبير بغير قيد، ومستنده أن الجمعة شعار، وهو لا يحصل إلا بكثرة تغيظ أعداء المسلمين، ونوقش ذلك بأن كونها شعارا لا يستلزم أن ينتفى وجوبها بانتفاء العدد الذى يحصل به ذلك. على أن طلبها من العباد كتابا وسنة مطلق عن الشعار، فما الدليل على اعتباره؟ وكتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير فى نظر يوم اليهود. . . غاية ما فيه ان ذلك سبب أصل المشروعية، وليس فيه أنه معتبر فى الوجوب، فلا يصح التمسك به لاعتبار عدد يحصل به الشعار، وإلا لزم قصر مشروعيتها على بلد يشارك المسلمين فى سكنه اليهود، وأنه باطل - انتهى. لكن هذه المناقشة غير واردة لأن الشأن فى الجمعة أنها شعار وإن لم ينص عليه، ولا يشترط فى الشعار وجود يهود مع المسلمين، فقد يزول السبب ويبقى الحكم كالرمل فى الأشواط الأولى فى الطواف لإظهار أن بالمسلمين قوة تدحض زعم المشركين أن المدينة أصابتهم بوبائها، وبقى الرمل مسنونا إلى عهدنا هذا مع انتقاء السبب الأول فى مشروعيته، وهذا القول حكاه السيوطى عن مالك، قال الحافظ ابن حجر: ولعل هنا الأخير ارجحها من حيث الدليل. هذه هى الأقوال فى اعتبار العدد الذى تنعقد به الجمعة، وقد رأيت أن بعض الأئمة كمالك حكيت عنه عدة روايات فى هذا الصدد، وأن بعضها ليس له دليل والبعض الآخر دليله مناقش غير مسلَّم تماما. وأرى انعقادها بأى عدد يوجد، محافظة على الشعيرة، وكلما كان العدد كبيرا كان أفضل وبخاصة إذا كان هناك مخالفون لنا فى الدين، ففى انعقادها بالعدد الكبير إظهار لاهتمام المسلمين بالعبادة وتقوية الروح الجماعية، وإعطاء مظهر رائع له تأثيره النفسى على من يشاهد هذا الجمع الكبير، فى صلاته المنظمة ووحدته الروحية القوية. قال الشوكانى بعد عرض الأقوال السابقة ومناقشة أدلتها: إن الاجتماع هو لذكر الله وشكره، وهو حاصل بالقليل والكثير، بل من الواحد لولا ما قدمناه من أن الجمعة يعتبر فيها الاجتماع، وهو لا يحصل بواحد، وأما الاثنان فبانضمام أحدهما إلى الاَخر يحصل الاجتماع، وقد أطلق الشارع اسم الجماعة عليهما فقال " الاثنان فما فوقهما جماعة" كما تقدم فى أبواب الجماعة وقد انعقدت فى زمانه الصلوات بهما بالإجماع، والجمعة صلاة، فلا تختص بحكم يخالف غيرها إلا بدليل، ولا دليل على اعتبار عدد فيها زائد على المعتبر فى غيرها، وقد قال عبد الحق: إنه لا يثبت فى عدد الجمعة حديث وكذلك قال السيوطى: لم يثبت فى شىء من الأحاديث تعبين عدد مخصوص - انتهى. انظر: الحاوى للفتاوى للسيوطى: نيل الأوطار للشوكانى، فتح البارى لابن حجر، والروض الأنف للسهيلى. أما مكان صلاه الجمعة فقال فيه أبو حنيفة: الجمعة لا تقام إلا فى المدن دون القرى والدليل ما روى عن على مرفوعا "ولا جمعة ولا تشريق إلا فى مصر جامع " وقد ضعف أحمد رفع هذا الحديث، وصحح ابن حزم وقفه، وللاجتهاد فيه مجال فلا ينتهض للاحتجاج به. وعن ابن عباس: أول جمعة بعد جمعة جمعت فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مسجد عبد القيس بجؤاثى من البحرين، رواه البخارى وأبو داود، وقال: جؤاثى قرية من قرى البحرين وروى ابن أبى شيبة عن عمر أنه كتب إلى أهل البحرين أن جمعوا حيثما كنتم،، وهذا يشمل المدن والقرى، وصححه ابن خزيمة وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر بإسناد صحيح أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون فلا يعتب عليهم ويؤيد عدم اشتراط المدن حديث الدوسية المتقدم فى بيان العدد الذى تصح به الجمعة. أما المسجد فذهب أبو حنيفة والشافعى وأحمد إلى أنه غير شرط، إذ لم يفصل دليلها ذلك، وهو قوى إن صحت صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى بطن الوادى، وقد رويت صلاته فى بطن الوادى ولو لم يسلم بصحته فإن فعلها فى المسجد لا يدل على اشتراطه. وجاء فى المجموع للنووى أنه لا يشترط إقامتها فى مسجد، ولكن تجوز فى ساحة مكشوفة بشرط أن تكون داخلة فى القرية أو البلدة معدودة فى خطتها فلو صلاَّها خارج البلدة لن تصح بلا خلاف، سواء كان بقرب البلد أو بعيدا عنها، وسواء صلوها فى ركن أم ساحة. أما المالكية فذهبوا إلى اشتراط المسجد للوجوب والصحة، أو للصحة فقط، ولا تصح فى براحٍ أحيط بأحجار من غير بناء، لأنه لا يسمى مسجدا، فالمسجد ماله بناء وسقف. وبناء على ما تقدم فى بيان العدد والمكان لإقامة صلاة الجمعة نرى وجوب الحرص على إقامتها بأى عدد كان لمن وجدوا فى محلة لا يتوفر فيها العدد الكبير، ولا يشترط أن تكون المحلة مستوفية لمقومات القرية أو المدينة، والأرض كلها مسجد (9/167) ________________________________________ الكلام أثناء خطبة الجمعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما رأى الدين فيمن قاطع الخطيب على المنبر فى تصحيح حديث نبوى أو آية قرآنية؟
الجواب من أجل احترام المسجد وتوفير الجو الهادئ للحاضرين فى يوم الجمعة لسماع الخطبة شرع السكوت والإنصات، ونهى عن اللغو والعبث والانصراف عن الخطيب بأى وجه يكون. قال تعالى {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} الأعراف: 204، وذلك لاشتمال الخطبة على كثير من القرآن الكريم كما قال بعض المفسرين، وجاء فى الحديث المتفق عليه "إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت " ومن لغا فلا جمعة له كما فى حديث أحمد "من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا والذى يقول له أنصت ليست له جمعة" والإمام أبو حنيفة كره الكلام تحريما من وقت خروج الإمام من خلوته حتى يفرغ من الخطبة ولا يعترض عليه حتى لو حصل منه لغو بذكر الظلمة، وحرم الحنابلة أى كلام حتى لو كان الخطيب غير عدل، وأجازه المالكية إن حصل منه ما لا يجوز كمدح من لا يستحق المدح، وذم من لا يجوز ذمه، هذا ما قاله الفقهاء. وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقطع خطبته إذا وجه إليه سؤال من أحد الحاضرين، فيجيبه إلى خطبته فيتمها، وفى الحديث المتفق عليه أن رجلا طلب منه وهو يخطب الجمعة أن يدعو الله لينزل عليهم المطر فدعا فنزل المطر مدرارا واستمر أسبوعا، فجاء رجل فى الجمعة المقبلة وسأله وهو يخطب الجمعة أن يدعو الله ليمسك المطر حفاظا على الأموال من التلف، فدعا قائلا: اللهم حوالينا ولا علينا، يقول الشوكانى: فى الحديث جواز مكالمة الخطيب حال الخطبة ومعروف أن امرأة اعترضت على عمر وهو يخطب فى المغالاة فى المهور فلم ينهها بل قال: أصابت امرأة وأخطأ عمر، وفى إحدى الجمع قال للناس اسمعوا قولى وأطيعوا أمرى، فرد عليه سلمان: والله لا سمعنا قولك ولا أطعنا أمرك ذلك أنه قسم ثياب الصدقة. فأصاب كل واحد قطعة صغيرة لا تكمل ثوبا، وظهر عمر أمامهم على المنبر بثوب كامل، فكيف يميز نفسه على بقية الناس؟ فقام ابنه عبد الله وبيَّن أن والده أخذ من نصيبه ليكمِّل به ثوبا يقف به أمام الناس، وهو يخطب، فقال سلمان: الآن قل نسمع وأمر نطع وصح أن عمر اعترض على تأخر بعض الحاضرين إلى الجمعة (مسلم ج 6 ص 130 وما بعدها 164) . ومن هنا لا نجد مانعا من تصحيح خطأ حدث من الخطيب فى اَيه أو حديث إذا كان المصحح واثقا من ذلك على أن يكون بأسلوب حكيم لا يحدث لغطا ولا تشويشا، وأن يغلب على الظن أن الخطيب يسمع ويستجيب، فإن لم يستجب فلا يجوز الإلحاح فى التصحيح، فلعله لم يسمع، وقد يكون فيه رد فعل سيئ بأى وجه يكون. ومع جواز ذلك فلعل من الخير أن يرجأ التصحيح حتى ينتهى المصلون من الصلاة، ثم ينبه الخطيب إلى ما أخطأ فيه وهو بدوره ينبغى أن يعلنه للناس، والنقاش الهادى فيه إثراء للمعرفة، وبعد عن التهمة، وتحاش للظنون، وحفاظ على قدسية المسجد وكرامة العلماء (9/168) ________________________________________ الكلام فى المسجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل من الحديث ما يقال " الكلام فى المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب "؟
الجواب جاء فى كتاب "غذاء الألباب " للسفارينى قوله: وأما ما اشتهر على الألسنة من قوهم إن النبى صلى الله عليه وسلم قال " الحديث فى المسجد- وبعضهم يزيد المباح - يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " فهو كذب لا أصل له. قال في المختصر: لم يوجد. وذكره القاضى فى موضوعاته كما ذكر العراقى على الإحياء: أنه لا أصل له. لكن روى ابن حبان فى صحيحه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "سيكون فى اَخر الزمان قوم يكون حديثهم فى مساجدهم ليس لله فيهم حاجة" وظاهر الحديث أن الكلام فى المسجد أيا كان نوعه ممنوع، لكن المحققين من العلماء قالوا: إنه يجوز فى الأمور المهمة فى الدين والدنيا من كل ما لا حرمة فيه ولا باطل. وقد رأى الإمام النووى جواز الحديث العادى وإن صحبه ضحك خفيف، لما رواه مسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاة الذى صلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام. وقال: كانوا يتحدثون فيأخذون فى أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم. وفى رواية احمد عن جابر: شهدت النبى صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرة فى المسجد وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية، فربما يبتسم معهم، وهو حديث صحيح "نيل الأوطار للشوكانى ج 2 ص 166 ". فالحديث الممنوع هو الباطل الذى يشوش على المصلين، أو الذى يذهب بكرامة المسجد إذا تناوله جماعة فى شكل حلقات كما نص عليه. وقد أذن @ لحسان بن ثابت أن يقول الشعر فى المسجد ليرد على الكافرين ما يسترونه من كذب على الله ورسوله كما ثبت فى الصحيحين. وعليه فالكلام المباح غير محرَّم فى المساجد، وإن كنا ننصح بأن يكون فى أضيق الحدود.. . وليكن شغل الجالسين فيها ذكر الله والعبادة فذلك ما بنيت له المساجد (9/169) ________________________________________ تعمير المسجد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما المقصود بعمارة المساجد؟
الجواب عمارة المساجد يقصد بها إقامتها وتهيئتها بالنظافة والخدمة وغيرها لأداء العبادة، كما قال سبحانه: {فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه} النور: 36. وقد كان العرب يعمرون المسجد الحرام بالخدمة والسقاية والحجابة ويعتقدون أنها أفضل من الإيمان برسالة محمدصلى الله عليه وسلم. {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الاخر وجاهد فى سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدى القوم الظالمين} التوبة: 19. وهذه عمارة فى المبنى، وقد وردت فيها أحاديث كثيرة ترغب فيها. أما عمارة المعنى فتكون بالتردد عليها وإقامة الجماعات والجمع والاعتكاف فيها، وغير ذلك من الأنشطة الدينية، كما قال تعالى {إنما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وانى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسف أونئك أن يكونوا من المهغدين} التوبة: 18. وقد نهى الإسلام عن تخريب المساجد إما بهدمها وإما بإغلاقها حتى لا تقام فيها إبشعائر، وإما بإهمال نظافتها. قال تعالى {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعئ فى خرابها} البقرة: 114. وفى الحديث: للأ ابنوا المساجد وأخرجوا القمامة منها، فمن بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا فى الجنة، وإخراج القمامة منها مهور الحور العين " رواه الطبرانى. والتخريب للمساجد بمعنييه المادى والأدبى أشار إليه القرطبى فى تفسيره فقال: خراب المساجد قد يكون حقيقيا كتخريب بختنصَّر والنصارى بيت المقدس، ويكون مجازا كمنع المشركين للمسلمين حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الحرام. وعلى الجملة فتعطيل المساجد عن الصلاة وإظهار شعائر الإسلام فيها خراب لها (ج 2 ص 77) (9/170) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الجمعة 02 فبراير 2024, 10:37 pm | |
| الجمع بين الصلاتين
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال متى يجوز جمع الصلوات! وكيف تؤدى؟
الجواب لا يجوز جمع الصلوات كلها فى وقت واحد، وإنما الجائز هو جمع صل! الظهر مع العصر فقط، وجمع صلاة المغرب مع العشاء فقط، تقديما فى وقت الأولى منهما أو تأخيرا نى وقت الثانية منهما. وذلك يكون بسبب السفر الطويل كما يكون الجمع فى يوم عرفة للحجاج، حيث يصلون الظهر مع العصر فى وقت الظهرتقديما، وحيث يصلون المغرب مع العشاء فى المزدلفة تأخيرا. وإذا أراد تأخير الظهر ليصليها مع العصر نوى فى وقت الظهر أنه يؤخرها، حتى لا يكون تأخيره لها إهمالا أو سهوا، وإذا أراد تقديم العصر ليصليها مع الظهر نوى فى قلبه وهو يصلى الظهر انه سيجمع معها العصر، كما قال الشافعية. (انظر ص 423 من المجلد الثالث من هذه الفتاوى) . وعند الشافعية لو أراد المسافر تأخير صلاة الظهر مثلا ليجمعها مع العصر يشترط أن يكون السفر موجودا فى وقت صلاة العصر أيضا أما لو انتهى السفر قبل انتهاء صلاة العصر كانت صلاة الظهر قضاء، ويقال مثل ذلك فى المغرب والعشاء (انظر الفقه على المذاهب الأربعة طبع لزارة الأوقاف) (9/171) ________________________________________ عند وفاة الإمام
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ماذا يفعل المصلون خلف الإمام إذا توفى أثناء الصلاة؟
الجواب إذا توفى الإمام أثناء الصلاة كان حكمه حكم من انتقض وضوءه ووجب على المأمومين أن يتموا صلاتهم إما فرادى وإما بأن يتقدم أحدهم ليكمل الصلاة جماعة، ولا يجوز لهم قطع الصلاة والخروج منها، فإنهم لن يستطيعوا أن يردوا إليه روحه وذلك بخلاف ما إذا كان هناك خطر يهدد حياة المصلى فإنه يجوز له أن يخرج من الصلاة (9/172) ________________________________________ خطبة الجمعة وخطبة العيد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز أن تكون خطبة العيد كخطبة الجمعة؟
الجواب الفرق بين خطبة الجمعة وخطبة العيد، أن خطبة الجمعة ركن، أما خطبة العيد فسنة. وخطبة الجمعة تكون قبل الصلاة، وخطبة العيد بعدها، وخطبة العيد يسن افتتاحها بالتكبير. أما خطبة الجمعة فلا، وخطبة العيد يندب لمن استمع إليها أن يكبِّر عند تكبير الخطيب، أما خطبة الجمعة فيحرم الكلام فى أثنائها، وخطبة الجمعة يشترط لها الطهارة وستر العورة بخلاف خطبة العيد على خلاف للفقهاء فى ذلك (9/173) ________________________________________ لماذا فرضت صلاة الصبح مبكرة؟
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال لماذا فرض الله سبحانه وتعالى على الناس صلاة الصبح فى وقت قد لا يستطيع كل الناس أداءها فيه نظرا لاختلافهم فى حالات توقيت العمل فى الصباح، وعدد ساعات النوم التى لا يستطيع كل إنسان التحكم فيها؟
الجواب الله سبحانه له حكمة فى توزيع الصلوات على الأوقات المعروفة فلا بد من المحافظة على ذلك حتى لو لم نفهم الحكمة، فالأمر قائم على الاتباع، ففى الحديث "صلوا كما رأيتمونى أصلى" وقد عين جبريل للرسول عليه الصلاة والسلام مواقيت الصلاة، بعد أن فرضت عليه ليلة الإسراء، وحدد له أول الوقت وآخره، وقال له: " الوقت ما بين هذين الوقتين ". ولعل الحكمة فى تضييق وقت صلاة الصبح هى الحرص على البكور واستئناف النشاط اليومى من أول النهار، فقد أجمع ذوو الاختصاص على أن الساعات الأولى من النهار فيها خير كبير للإنتاج الذهنى والبدنى، والرسول دعا أن يبارك الله لأمته فى البكور. وقال بعض المفكرين إن صلاة الصبح تؤدى بعد راحة طويلة بالنوم بالليل، ومع ذلك جعلها الله ركعتين ولم يجعلها أربعا أو أكثر، وذلك للسرعة فى استئناف العمل من أجل الرزق والمهمات الأخرى. وقد كره العلماء السهر الطويل بعد العشاء لغير حاجة وذلك من أجل راحة الجسم بالنوم وعدم فوات صلاة الصبح التى قال الله فيها: {إن قراَن الفجر كان مشهودا} الإسراء: 78. وإذا كانت هناك قلة من الناس يعملون بالليل فيتعرضون لضياع صلاة الصبح، فإن القلة لا تحكم على الكثرة ومع ذلك فمن الممكن أن تنظم أوقات العمل حتى لا يضيع أى فرض من فروض الصلاة ليلا أو نهارا. وفى الصحيحين أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: " يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة مكانها: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ". وفى الصحيحين أيضا أن رجلا ذُكِر عند النبى صلى الله عليه وسلم فقيل: ما زال نائما حتى أصبح ما قام إلى الصلاة، فقال "ذاك رجل بال الشيطان فى أذنه " (9/174) ________________________________________ حكمة مشروعية الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هو السر فى تكليف الله لنا بالصلاة أكثر من مرة فى اليوم والليلة، الأمر الذى يشغلنا عن الكفاح لطلب الرزق والاستمتاع الكامل بالحياة؟
الجواب على ضوء الحكمة العامة للتشريع وهى ربط المخلوق بالخالق، وإعداده لحمل الأمانة وتحقيق الخلافة يمكن أن تظهر حكمة التشريع فى الصلاة التى هى أفضل العبادات وأقواها أثرا فى إظهار العبودية لله، وفى إعداد الشخص نفسيا وخلقيا وتهيئته لحياة سعيدة كريمة. وقد ورد فى بيان سرها ومغزاها آيتان كريمتان هما قوله تعالى {وأقم الصلاة لذكرى} طه: 14، وقوله {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت:45. وعلى ضوء الحكمة العامة للتشريع يمكن بيان بعض أسرارها فيما يلى: 1 - الصلاة فيها ذكر لله يربط المخلوق بالخالق، فالمصلِّى يدخل صلاته بالتكبير لله، الذى يشعر بالوحدانية المطلقة والإقرار بسلطان الله الواسع وعزته البالغة، وهو فى الفاتحة يحمده ويثنى عليه بمحامد الصفات ويقر له وحده بالعبادة ويطلب منه وحده المعونة والهداية إلى الصراط المستقيم وهو يركع خاضعا ويسجد خاشعا ويوحده متشهدا. وفيما بين ذلك يقرأ ويدعو ويسبِّح ويكبِّر. وكل ذلك مظاهر واضحة لربط المصلى بربه. يقول النبى صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه " قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين ولعبدى ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدنى عبدى. وإذا قالى: الرحمن الرحيم قال أثنى علىَّ عبدى، وإذا قال: مالك يوم الدين قال: مجِّدنى عبدى، وإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين. قال: هذا بينى وبين عبدى ولعبدى ما سأل وإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، قال هذا لعبدى ولعبدى ما سأل " رواه مسلم. ومن أجل قوة هذا الرباط الروحى كانت م الصلاة من أكبر ما يكفِّر الذنوب، على ما جاء فى قوله تعالى {وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} هود: 114، وكما قال صلى الله عليه وسلم " أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شىء؟ " قالوا لا يبقى من درنه شىء قال " فكذلك الصلوات الخمس يصححه يمحو الله بهن الخطايا " رواة البخارى ومسلم. 2- الصلاة فيها إشراق للروح وتطهير للقلب، وأنس بالله وطمائنينة للنفس بمناجاة تذهب اللهم وتفسح الصدر بالأمل، وتبعده عن العقد النفسية، وتقوى العزيمة على العمل، ولهذا كانت ملجأ الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يحزبه أمر أو يهمه موضوع. ففى الحديث: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أو حزنه أمر فزع إلى الصلاة، رواة أحمد. وجاء عنه قوله "وجُعلت قُرة عينى فى الصلاة" رواه النسائى والطبرانى والضحاك وصححه، وقال الحافظ: إسناده جيد. وفى الصلاة تصفية للنفس من الكبر والغرور، بالذلة لله والضراعة وطأطأة رأسه التى طالما ارتفعت على الناس، ولمس التراب بأشرف شىء فى الإنسان تواضعا وخضوعا لخالق هذه الأعضاء. والصلاة بما اشتملت عليه من أقوال وأفعال تعوَّد الإنسان أن يقرن العلم بالعمل، وألا يقتصر فى حياته على العلم بالحقائق، بل لابد من تطبيقها والإفادة منها فى الحياة، ويبدو ذلك واضحا فى الركوع والسجود، اللذين هما تطبيق عملى للإقرار بعظمة الله ووحدانيته ولطلب المعونة والهداية منه، فهما يشعران بذلة الإنسان وتواضعه واحتياجه لربه. وفى الصلاة تقوية لعامل الخوف من الله يدعو إلى-الإخلاص فى العمل، وإلى مراقبته فى جميع الشئون، وفى الصلاة أيضا تمرين على النظام فى الحياة العامة، بما فيها من ضبط لأوقاتها وتنسيق لأداء أركانها، وترتيب الإنسان لمواعيد نومه، ويقظته واعماله الأخرى. بحيث يساعد هذا الترتيب على أداء الصلوات فى أوقاتها المحدودة لها، كما أن الصلاة تعوَّد النظافة بما اشترط لها من طهارة، وفى حركاتها المختلفة رياضة تفوق التمرينات التى يحرص عليها كثير من الناس، ذلك لأنها تجمع إلى رياضة الجسم رياضة الروح بالذكر والدعاء. 3-الصلاة تصقل نفس صاحبها وترقق قلبه وترهف حسه وتهذَّب غرائزه فيخرج منها ليعامل الناس بعفة اللسان ولين الكلام وخفض الجناح ورحمة الضعفاء ومواساة المحتاجين، ويؤيد فائدتها فى الميدان الاجتماعى النعى على الذين يصلون ولا يفيدون من صلاتهم، بل يخرجون منها ولا تمتد أيديهم بالخير إلى الناس، لأنهم دخلوها رياء لا قلب يخشى ولا عقل يفهم، قال تعالى {فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يراءون ويمنعون الماعون} الماعون: 4 - 7. والصلاة الكاملة الخاشعة تنأى بالإنسان عن اقتراف المنكر وإتيان الفواحش، سواء أكان ذلك بينه وبين نفسه أم بينه وبين الناس، يدل على ذلك قوله تعالى {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت: 45، وقال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذى جيرانها بلسانها قال "هى فى النار" رواه أحمد والبزار وابن حبان فى صحيحه والحاكم وصححه، وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "قال الله عز وجل: إنما أتقبَّل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتى، ولم يستطل على خلقى، ولم يبت مصرًّا على معصيتى، وقطع النهار فى ذكرى ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة، ورحم المصاب ذلك نوره كنور الشمس، أكلؤه بعزتى وأستحفظه ملائكتى، وأجعل له فى الظلمة نور، وفى الجهالة حلما، ومثله فى خلقى مثل الفردوس فى الجنة" رواه البزار من رواية عبد الله بن واقد الحرانى وبقية رواته ثقات. وفى الصلاة مع الجماعة تطبيق عملى للديمقراطية السلوكية، بما فيها من مساواة وتعويد لطاعة الرؤساء وتمرين على النظام بربط حركات المأمومين بحركات الإمام وبتسوية الصفوف وسد الفرج بين المصلين، وفيها دعوة عملية للاتحاد والتعاون، وفرصة للتجمع والتعارف وما ينشأ عن ذلك من تبادل الآراء والمنافع وحل المشكلات وتقوية رابطة الألفة والمحبة بين الناس. هذا، ولن تثمر الصلاة ثمرتها المطلوبة إلا إذا أديت بخشوع يقوم على حضور القلب وتفرغه مما سوى الصلاة، وعلى تفهم ما يقول المصلى ويفعله، وعلى استشعاره لعظمة الله وهيبته مع رجاء ثوابه وخشية عقابه ومع حياء يشعر معه بالقصور عن أداء ما يجب لله المعبود وحده بحق وصاحب النعم كلها {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} الأعراف: 54، قال تعالى فى مدح المؤمنين المفلحين {الذين هم فى صلاتهم خاشعون} المؤمنون: 3، وفى نهيه عن الغفلة فيها بتعاطى أسبابها {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} النساء: 43. ولما كانت الصلاة بهذه المنزلة التربوية العظيمة كانت أهم أركان الإسلام وأفضلها يشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم "لا دين لمن لا صلاة له إنما موضع الصلاة من الدين موضع الرأس من الجسد" رواه الطبرانى ومن هنا جاءت فارقا بين المسلم والكافر كما ورد فى الحديث الصحيح "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" رواه مسلم وأصحاب السنن بألفاظ متقاربة. ولم يتسامح فيها الرسول عليه الصلاة والسلام، كما تسامح فى غيرها من التكاليف لمن أراد الدخول فى الإسلام فنعدما جاء إليه وفد ثقيف اشترطوا عليه ألا يخرجوا للجهاد ولا تؤخذ منهم زكاة، ولا يجتمعوا للصلاة ولا يول عليهم أحد من غيرهم، فأجابهم إلى طلبهم مبدئيا ما عدا الصلاة، حيث قال "لكم ألا تحشروا - للجهاد - ولا تعشروا- بأخذ العشر للزكاة - ولا يستعلى عليكم غيركم لا خير فى دين لا ركوع فيه " رواه أحمد. ولما كان للصلاة أثرها القوى فى تثبيت الإيمان فى القلوب وفى تقويم السلوك قال النبى صلى الله عليه وسلم فى شأن هؤلاء "إنهم سيصدقون ويجاهدون " كما جاء فى رواية ابى داود أى أن الصلاة ستحملهم على عمل الخير الذى كانوا قد رغبوا عنه. بهذا العرض لحكمة مشروعية الصلاة يتضح للمؤمن أنها لمصلحته هو، فالله غنى عن عبادتنا وأن أية فائدة لا تأتي الا ببذل جهد مهما كانت درجته، وبمقارنة الثمرات الطيبة التى تخم عن الصلاة بما يتكلفه الإنسان من جهد تنشط نفسه للمحافظة عليها وتأبى التقصير فيها. ويحس بأنها غنم لا غرم، فالجلسة فى روضة مع الحبيب ليست كوقفة أمام محقق فى تهمة أو دفع غرامة (9/175) ________________________________________ ألفاظ الأذان والإقامة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال سمعت بعض المؤذنين يقول فى أول الأذان " الله اكبر " مرتين فقط كما سمعت بعض من يقيمون للصلاة يقول "أشهد أن لا إله إلا الله " مرتين وكذلك بقية الكلمات فهل هذا صحيح؟ وهل المؤذن هو الذى يقيم؟ ومتى يقوم الناس للصلاة عند الإقامة؟
الجواب معلوم أن الأذان الذى هو الإعلام بدخول وقت الصلاة سنة، وكذلك الإقامة لاستنهاض الحاضرين لأداء الصلاة سنة أيضا. وألفاظ الأذان هى: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله. حى على الصلاة. حى على الفلاح. الله أكبر. لا إله إلا الله. ويمكن أن تؤدى بإحدى كيفيات ثلاث هى: الأولى - تربيع التكبير الأول (أى يقال أربع مرات) وتثنية باقى الكلمات (أى تقال مرتين) بلا ترجيع، أى قول اشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله سرًّا قبل الجهر بهما، ما عدا كلمة التوحيد وهى الأخيرة فتقال مرة واحدة فيكون عدد الكلمات خمس عشرة كلمة، كما جاء فى حديث عبد الله بن زيد الذى رواه أحمد وأبو داود والترمذى وقال: حسن صحيح. الثانية - تربيع التكبير الأول، مع ترجيع الشهادتين (كل شهادة مرتين سرا) والباقى كالكيفية الأولى، فيكون عدد الكلمات تسع عشرة كلمة، كما جاء فى حديث أبى محذورة الذى رواه الخمسة أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذى: حسن صحيح. الثالثة: - تثنية التكبير الأول مع ترجيع الشهادتين، والباقى كالكيفية الأولى، فيكون عدد الكلمات سبع عشرة كلمة، كما جاء فى حديث أبى محذورة الذى رواه مسلم. وألفاظ الإقامة هى ألفاظ الأذان بزيادة "قد قامت الصلاة" قبل التكبير الأخير ويمكن أن تؤدى بكيفيات ثلاثة هى: الأولى-تربيع التكبير الأول مع تثنية جميع كلماتها، ما عدا الكلمة الأخيرة وهى كلمة التوحيد فيكون عدد الكلمات سبع عشرة كلمة، كما جاء فى حديث أبى محذورة الذى رواه الخمسة وصححه الترمذى. الثانية - تثنية التكبير الأول والأخير وقد قامت الصلاة، وإفراد سائر الكلمات فيكون عددها إحدى عشرة كلمة، كما فى حديث عبد الله بن زيد المتقدم وفيه "ثم تقول إذا أقمت: الله اكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، اشهد أن محمدا رسول الله، حى على الصلاة، حى على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله اكبر الله أكبر، لا إله إلا الله ". الثالثة-هذه الكيفية كالكيفية الثانية ما عدا كلمة "قد قامت الصلاة" فتقال مرة واحدة فيكون عدد الكلمات عشر كلمات. وقد أخذ مالك بهذه الكيفية لأنها عمل أهل المدينة، وإن لم يصح عن الرسول إفراد كلمة "قد قامت الصلاة" كما قال ابن القيم. من هذا العرض نرى أن كيفيات الأذان والإقامة مختلفة، وكلها صحيحة ولا داعى للتعصب لأية كيفية. أما كون المؤذن هو المقيم فلم يرد فيه حديث، فيجوز أن يقيم المؤذن وأن يقيم غيره، وذلك باتفاق العلماء لكن الأولى أن يتولى المؤذن الإقامة. قال الشافعى: وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة، وقال الترمذى والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن من أذن فهو يقيم. ويمكن الرجوع إلى صفحة 681 من المجلد الثالث من هذه الفتاوى ففيه توضيح لهذه المسألة. وإذا سمع الناس الإقامة للصلاة متى يقومون إليها؟ قال النووى فى شرح صحيح مسلم "ج 5ص 103، اختلف العلماء من السلف فمن بعدهم متى يقوم الناس للصلاة ومتى يكبِّر الإمام، فمذهب الشافعى رحمه الله تعالى وطائفة انه يستحب ألا يقوم أحد حتى يفرغ المؤذن من الإقامة ونقل القاضى عياض عن مالك رحمه الله تعالى وعامة العلماء أنه يستحب أن يقوموا إذا أخذ المؤذن فى الإقامة وكان أنس رحمه الله تعالى يقوم إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، وبه قال أحمد رحمه الله تعالى، وقال أبو حنيفة والكوفيون يقومون فى الصف إذا قال حى على الصلاة فإذا قال: قد قامت الصلاة كبِّر الإمام. وقال جمهور العلماء من السلف والخلف: لا يكبر الإمام حتى يفرغ المؤذن من الإقامة (9/176) ________________________________________ وضع الأصابع على الأذنين فى الأذان
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يلاحظ أن اكثر المؤذنين يضعون أصابعهم على آذانهم أثناء الأذان فهل هذا سنة؟
الجواب جاء فى المغنى لابن قدامة وشرحه "ج 1 ص 438" أن المشهور عن أحمد بن حنبل أن المؤذن يجعل إصبعه فى أذنيه، وعليه العمل عند أهل العلم وهو مستحب قال الترمذى لما روى أبو جحيفة أن بلالا أذن ووضع إصبعيه فى أذنيه، متفق عليه، وعن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يجعل إصبعيه فى أذنيه قال "إنه أرفع لصوتك ". وروى أبو طالب عن أحمد أنه قال: أحب إلىَّ أن يجعل يديه على أذنيه، لحديث أبى محذورة وضم أصابعه الأربع ووضعها على أذنيه، وحكى أبو حفص عن ابن بطة قال: سألت أبا القاسم الخرقى عن صفة ذلك فأرانيه بيديه جميعا فضم أصابعه على راحتيه ووضعهما على أذنيه واحتج لذلك القاضى بما روى أبو حفص بإسناده عن ابن عمر أنه كان إذا بعث مؤذنا يقول له: اضمم أصابعك مع كفيك، واجعلهما مضمومة على أذنيك، وبما روى الإمام أحمد عن أبى محذوفي أنه كان يضم أصابعه، والأول أصح لصحة الحديث وشهرته وعمل أهل العلم به وأيهما فعل، فحسن وإن ترك الكل فلا بأس. انتهى. هذا ما جاء فى المغنى عن استحباب وضع الإصبعين فى الأذنين أو وضع الأصابع الأربع كلها على الأذنين وكما قال ابن قدامة: وضع الإصبعين فى الأذنين هو الأصح والحكمة فى ذلك -كما ذكر فى الحديث - أنه أرفع للصوت: والعلاقة بين الصوت وسد الأذنين بالإصبعين تحتاج إلى تأصيل من المختصين. - إن الموضوع لا يحتاج أكثر من هذا، ولا ينبغى الجدل فيه كما ختم ابن قدامة به الإجابة: أيهما فعل فحسن وإن ترك الكل فلا بأس (9/177) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الجمعة 02 فبراير 2024, 10:38 pm | |
| أذان المرأة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز للمرأة أن تؤذن للصلاة إذا كانت الجماعة من النساء؟
الجواب يكره للمرأة رفع صوتها بالأذان إذا سمعه رجل أجنبى، فإن كانت تؤذن لنساء فلا مانع بحيث لا يسمعه أجنبى، وكذلك لو أذنت لنفسها، جاء فى المغنى لابن قدامة "ج 1 ص 437" أنه لا خلاف فى أنه لا أذان ولا إقامة على المرأة، لكن هل يسن لها ذلك؟ قال أحمد: إن فعلن فلا بأس وان لم يفعلن فجائز، وعن عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم كما رواه البيهقى وقد مر فى صفحة 428 من المجلد الأول من هذه الفتاوى أن النبى صلى الله عليه وسلم جعل لأم روقة مؤذنا وأباح لها أن تؤم أهل بيتها (9/178) ________________________________________ الأذان المسجل
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز فى صلاة الجماعة الاكتفاء بالأذان المسجل على شريط أو المذاع بأجهزة الإذاعة أم لابد من قيام أحد برفع الأذان؟
الجواب لا يكتفى بالأذان المسجل أو المذاع فإن المسلمين مطالبون به كما صح فى قول النبى صلى الله عليه وسلم "إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكما وليؤمكما أقرؤكما" رواه البخارى ومسلم. والأذان سنة مؤكدة كما رآه أبو حنيفة والشافعى. وقال أبو بكر بن عبد العزيز: هو من فروض الكفاية وهو قول أكثر أصحاب أحمد بن حنبل وقول بعض أصحاب مالك. ويدل علي فرضيته أمر النبى صلى الله عليه وسلم به كما سبق ومداومته هو وخلفاؤه عليه والأمر هنا للوجوب والمداومة عليه تدل عليه، ولأنه شعار الإسلام "المغنى لابن قدامة ج 1 ص 431 " ومن أوجبه من الحنابلة أوجبه على أهل المصر"، وقال مالك: يجب فى مساجد الجماعة، ويكفى فى العصر أذان واحد إذا كان يسمعهم. وبهذا يعلم أنه واثب أو سنة بالنسبة للفرد أو بالنسبة للجماعة، ويكره تركه ويأثم من تركه على رأى من يوجبه، ولابد أن يكون من مسلم ولا يكفى إذاعة تسجيله (9/179) ________________________________________ فضل الصلاة فى المسجد البعيد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يوجد بجوار منزلى مسجد صغير، وهناك مسجد آخر كبير يبعد عنه بمسافة نصف كيلو متر، فأى المسجدين يفضل أن أصلى فيه؟
الجواب لا شك أن الأرض كلها مسجد، فأينما أدركت الإنسان الصلاة صلَّى، وذلك من خصوصيات الأمة الإسلامية كما صح فى الحديث، لكن الصلاة فى المسجد المقام من أجل ذلك أفضل، وذلك لخيرية البقعة نفسها كما جاء فى الحديث الصحيح "خير البقاع فى الأرض المساجد" ولرجاء أن يصلى جماعة، ولتقوية الرابطة الاجتماعية بكثرة من يلتقى بهم الإنسان، مع وجود فرصة لقراءة قرآن أو سماعه أو حضور مجلس علم، وللأمر بعمارة المساجد وفتحها للمصلين وممارسة الشعائر فيها. وإذا كانت هذه الآثار تترتب على الذهاب إلى مسجد، صغيرا كان أو كبيرا، قريبا من منزله أو من محل عمله أو بعيدا، فإن الفضل يزيد فى المسجد الكبير وذلك لكثرة المصلين معه " روى أحمد وأبو داود والنسائى وابن ماجه وغيرهم عن أُبى بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى: وكذلك يزيد الفضل فى المسجد البعيد. . . ذلك أن خطوات الإنسان من بيته إلى المسجد لها ثوابها كما صح فى الحديث الذى رواه مسلم "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات "؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: "إسباغ الوضوء على المكاره،كثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط. فذلكم الرباط " والحديث الذى رواه مسلم أيضا "من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت الله ليقض فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة" والحديث الذى رواه البخارى ومسلم عن جابر قال: خَلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فقال لهم " بلغنى أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد"؟ قالوا: نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك فقال "بنى سلمة، دياركم تكتب آثاركم دياركم تكتب آثاركم " فقالوا: ما يسرنا أنا كنا تحولنا. والحديث الذى رواه البخارى ومسلم "إن أعظم الناس أجرا فى الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم، والذي ينتظر الصلاة، حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذى يصليها ثم ينام " هذا، وأرى أن يدخل فى الاعتبار مدى الاستفادة العلمية من خطبة الجمعة أو الدروس الدينية، فيفضل أكثرها فائدة. لأن المساجد ليست للصلاة فقط. جاء فى " كفاية الأخيار" فى فقه الشافعية أن الجماعة فى القريب أفضل إذا ترتب على الجماعة فى البعيد تعطيل لها فى المسجد القريب، أو كان البعيد إمامه معتزلى أو غيره من المبتدعين والفساق أو مذهبه غير مذهبه (9/180) ________________________________________ رفع الصوت فى الصلاة لطارئ
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال فى أثناء الصلاة قد يطرق الباب أحد الأشخاص،فهل يجوز للمصلى أن يرفع صوته عند التكبير للركوع أو غيره ليعلم الشخص أن صاحب المنزل موجود فى المنزل؟
الجواب فى فقه المذاهب الأربعة نشر أوقاف مصر ما يأتى: قال الحنفية: تبطل الصلاة إذا رفع صوته بالتسبيح أو التهليل يريد - بذلك زجر الغير عن أمر من الأمور، أما إذا رفع صوته بالقراءة قاصًا - الزجر برفع الصوت لا بالقراءة فإن صلاته لا تفسد، وكذلك لو سبَّح - للإعلام بأنه فى الصلاة لا تبطلَ الصلاة. وقال المالكية: لو استأذن شخص فى الدخول عليه وهو يصلى فأجابه بالتسبيح أو التهليل أو بقول: لا حول ولا قوة إلا بالله فإن صلاته لا تبطل بذلك فى أى محل من الصلاة. وقال الحنابلة: لا تبطل الصلاة بأى ذكر أو بأى آية من القرآن الكريم، كقوله " ادخلوها بسلام آمنين " لمن يستأذنه. وقال الشافعية: إذا استأذنه شخص فى أمر فسبَّح له يعنى قال سبحان الله لا تبطل الصلاة إن قصد الذكر ولو مع ذلك الغرض، فإن قصد إعلام المستأذن فقط بطلت صلاته. من هذا يعلم أن رفع الصوت لإعلام من يطرق الباب أنه يصلى لا تبطل به الصلاة عند الجمهور (9/181) ________________________________________ الصلاة فى وقت الدرس
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال أثناء المحاضرات فى الجامعة هل يخرج الدارسون للصلاة عند سماع الأذان، وقد تكون المحاضرة لمدة ساعتين وبالتالى قد تفوت صلاة المغرب؟
الجواب وقت الصلاة موسَّع بين أوله وآخره وإن كان التعجيل بالصلاة فى أول وقتها أفضل. لكن محل ذلك إذا لم يكن الإنسان مشغولا بشىء هام يفوت منه لو تركه وذهب إلى الصلاة فى أول الوقت، وهنا يمكن أن يؤخر الصلاة إلى قبيل دخول وقت الصلاة الثانية. أما إذا كان زمن المحاضرة يشغل الوقت كله بحيث لو استوعبها الطالب فاتت منه الصلاة فيجب عليه أن يتركها ويؤدى الصلاة، ويمكن تدارك ما فات منه بوسيلة أو بأخرى وبخاصة إذا كانت المحاضرة فى موضوع ليس واجبا حتما تعرف به الواجبات الأساسية على الإنسان نحو ربه ونحو مجتمعه، بل هو موضوع من الدرجة الثانية التى يكون تعلمها نافلة وليس فرضا. ثم أقول لصاحب السؤال الذى يجب عليه أن يترك المحاضرة ليؤدى الصلاة حتى، لا تفوت منه يجب عليه أيضا أن ينبه الأستاذ إن كان مسلما كما ينبه الطلاب إلى حرمة تضييع الصلاة وإلى وجوب ترك المحاضرة حتى يؤدوا الصلاة، لأن هذا من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ولكن يجب أن يكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة. أرجو أن يمكِّن الأساتذة الطلاب من أداء الصلاة فى وقتها كما يجب عليهم هم أن يصلوا وأن يؤجلوا ما بقى من المحاضرات إلى وقت آخر، حتى يبارك الله لهم جميعا فيما يتعلمون فتقوى الله أكبر عامل على السعادة فى الدنيا والآخرة. وأؤكد أن وقت الصلاة متسع ولا يتحتم على الطالب أن يترك المحاضرة ليؤدى الصلاة فى أول وقتها، فأداؤها فى أول وقتها سنة وطلب العلم سنة، وبهذه المناسبة ذكر ابن القيم فى كتابه "مفتاح دار السعادة ص 25 " أن كثيرا من الأئمة صرَّحوا بأن أفضل الأعمال بعد الفرائض طلب العلم، فقال الشافعى: ليس شىء بعد الفرائض أفضل من طلب العلم، وهذا الذى ذكر أصحابه عنه أنه مذهبه وكذلك قال سفيان الثورى وحكاه الحنفية عن أبى حنيفة، وأما أحمد فحكى عنه ثلاث روايات، إحداهن أنه العلم، فإنه قيل له: أى شىء أجب إليك، أجلس بالليل أنسخ أو أصلى تطوعا؟ قال تعلم به أمور دينك فهو أحب إلىَّ، وذكر الخلاَّل عنه فى كتاب العلم نصوصا كثيرة فى تفضيل العلم وأما مالك فقال ابن القاسم: سمعت مالكا يقول: إن أقواما ابتغوا العبادة وأضاعوا العلم فخرجوا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأسيافهم، ولو ابتغوا العلم لحجزهم عن ذلك! وذكر ابن القيم أيضا أن أبا نُعيم وغيره نقلوا عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "فضل العلم خير من نفل العمل وخير دينكم الورع "وقد روى هذا مرفوعا من حديث عائشة رضى الله عنها، وفى رفعه نظر. . . [الرفع أى الإسناد إلى النبى صلى الله عليه وسلم] هذا الكلام هو فصل الخطاب فى هذه المسألة فالعلم يعم نفعه صاحبه والناس معه، والعبادة يختص نفعها بصاحبها، ولأن العلم تبقى فائدته بعد موته والعبادة تنقطع، والحديث فى ذلك معروف "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم (9/182) ________________________________________ حمل الصبى فى الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم حمل طفلا وهو يصلي؟ وإذا كان صحيحا فكيف تصح الصلاة مع حمل النجاسة، وغالب الأطفال ثيابهم نجسة؟
الجواب قال العلماء يشترط فى صحة الصلاة طهارة الثوب والبدن والمكان، فلو حمل المصلى شيئا نجسا أو أمسك بشىء نجس وكان يتحرك بحركته بطلت صلاته والحديث موضوع السؤال صحيح. ففى صحيح مسلم بشرح النووى "ج 5ص 31" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن الربيع. فإذا قام حملها وإذا سجد وضعها. يقول النووى: فيه دليل لصحة صلاة من حمل آدميا أو حيوانًا طاهرا من طير وشاة وغيرهما، وأن ثياب الصبيان وأجسادهم طاهرة حتى تتحقق نجاستها، وأن الفعل القليل لا يبطل الصلاة. وأن الأفعال إذا تعددت ولم تتوال بل تفرقت لا تبطل الصلاة. وفيه تواضع مع الصبيان وسائر الضعفة ورحمتهم وملاطفتهم. ثم يقول: هذا يدل لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى ومن وافقه أنه يجوز حمل الصبي والصبية وغيرهما من الحيوان الطاهر فى صلاة الفرض وصلاة النفل، ويجوز ذلك للإمام والمأموم والمنفرد وحمله أصحاب مالك رضى الله عنه على النافلة ومنعوا جواز ذلك في الفريضة. وهذا التأويل فاسد. لأن قوله "يؤم الناس " صريح أو كالصريح فى أنه كان فى الفريضة وادعى بعض المالكية أنه منسوخ، وبعضهم أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم أنه كان لضرورة وكل هذه الدعاوى باطلة ومردودة، فإنه لا دليل عليها ولا ضرورة إليها، بل الحديث صحيح صريح فى جواز ذلك، وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع، لأن الآدمى طاهر، وما فى جوفه من النجاسة معفو عنه لكونه في معدته وثياب الأطفال وأجسادهم على الطهارة، ودلائل الشرع متظاهرة على هذا والأفعال فى الصلاة لا تبطلها إذا قلَّت أو تفرقت. وفعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا بيانا للجواز وتنبيها به على هذه القواعد التى ذكرتها، وهذا يرد ما ادعاه الإمام أبو سليمان الخطابى أن هذا الفعل يشبه أن يكون كان بغير تعمد فحملها فى الصلاة لكونها كانت تتعلق به صلى الله عليه وسلم فلم يدفعها، فإذا قام بقيت معه، قال: ولا يتوهم أنه حملها مرة بعد أخرى عمدا لأنه عمل كثير ويشغل القلب. هذا كلام الخطابى وهو باطل ودعوى مجردة ومما يردها قوله فى صحيح مسلم "فإذا قام حملها" وقوله: "فإذا رفع من السجود أعادها". . . ثم انتهى النووى إلى قوله: إن الحديث كان لبيان الجواز والتنبيه على هذه الفوائد فهو جائز لنا وشرع مستمر للمسلمين إلى يوم الدين. هذا، ويلاحظ فى كلام النووى أن المفروض فى ثياب الطفل وبدنه الطهارة حتى تتحقق النجاسة ومعنى هذا أن النجاسة إذا تحققت لا يجوز حملها، وهو المعقول المتفق مع قول العلماء باشتراط الطهارة للصلاة. مع مراعاة هذا الرأى ينبغي ألا يستغل استغلالا سيئا بكثرة حمل الصبيان فى الصلاة لأن ذلك يشغل القلب عن الخشوع، فأرى أنه يكون عند الضرورة أو الحاجة، أى فى حدود ضيقة، مع التأكد أن جسم الصبى وثوبه طاهران (9/183) ________________________________________ صلاة المحدث
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال انتقض وضوئى ثم نسيت فصليت قبل أن أتوضأ، فهل صلاتى صحيحة؟
الجواب رأى جمهور الفقهاء أن الإنسان لو اكتشف أنه لم يغتسل من الجنابة أو لم يتوضأ من الحدث وصلى فصلاته باطلة، وعليه أن يعيدها، لأن من شروط صحة الصلاة الطهارة من الحدث والنجس وأبو حنيفة يقول بصحة الصلاة مع نسيان الطهارة بناء على حديث "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ". وإذا كان المحدث إماما ناسيا أنه محدث ولم يعلم المأمومون حتى انتهت الصلاة فصلاة المأمومين صحيحة، وصلاة الإمام باطلة، روى ذلك عن عمر وعثمان وعلى وابن عمر من الصحابة رضى الله عنهم، ومن الأئمة روى عن مالك والشافعى، أما أبو حنيفة فيقول بإعادة الصلاة للإمام والمأمومين "المغنى لابن قدامة ج 1 ص 745" ودليل جمهور الأئمة -كما يقول ابن قدامة -إجماع الصحابة وروى عن عمر رضى الله عنه أنه صلَّى بالناس الصبح ثم خرج إلى الجرف فأهراق الماء فوجد فى ثوبه احتلاما فأعاد ولم يعد الناس. وحدث مثل ذلك لعثمان رضى الله عنه. وروى عن على أنه قال: إذا صلى الجنب بالقوم فأتم الصلاة بهم آمره أن يغتسل ويعيد. ولا آمرهم أن يعيدوا، وابن عمر صلَّى بهم الصبح بغير وضوء فأعاد ولم يعيدوا. رواه كله الأثرم وهذا في محل الشهرة ولم ينقل خلافه فكان إجماعا، ولم يثبت ما نقل عن على فى خلافه -وعن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا صلى الجنب بالقوم أعاد صلاته وتمت للقوم صلاتهم " أخرجه أبو سليمان الحرانى فى جزء. ثم قال ابن قدامة: والحكم فى النجاسة كالحكم فى الحدث سواء، لأنها إحدى الطهارتين فأشبهت الأخرى، ولأنها فى معناها فى خفائها على الإمام والمأموم، بل حكم النجاسة أخف وخفاؤها أكثر، إلا أن فى النجاسة رواية أخرى أن صلاة الإمام تصح أيضا إذا نسيها. هذا هو الحكم فيما لو علم بالحدث بعد الصلاة أما لو علم الإمام بحدث نفسه فى الصلاة أو علم المأمومون لزمهم استئناف الصلاة، وفيه رواية أخرى عن أحمد أنهم يبنون على صلاتهم ويستأنف هو، وقال الشافعى: يبنون على صلاتهم سواء علم بذلك أو علم المأمومون. كما لو قام لخامسة فسبحوا به فلم يرجع (9/184) ________________________________________ صلاة المسافر لغير القبلة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال صلينا فى القطار متجهين إلى جهة السفر وليس إلى القبلة فما حكم هذه الصلاة؟
الجواب من المعلوم أن استقبال القبلة. شرط لصحة الصلاة لقوله تعالى {فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} البقرة: 144، سواء أكانت الصلاة فى الحضر أم فى السفر، وهذا فى صلاة الفرض، أما فى صلاة النافلة فلا تصح فى الحضر إلا مع استقبال القبلة، لكن فى السفر يجوز أن تصلى إلى حيث اتجاه المسافر، فقد روى البخارى ومسلم عن عامر بن ربيعة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلَّى على راحلته حيث توجهت به، وزاد البخارى: يومئ، أى يشير برأسه إلى السجود. وفى الترمذى: ولم يكن يصنعه فى المكتوبة أى المفروضة. يعنى كان ذلك فى صلاة النفل، وفى ذلك نزل قوله تعالى {فأينما تولوا فثمَّ وجه الله} البقرة: 115، كما جاء فى صحيح مسلم وغيره عندما رأوا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى على راحلته وهو مقبل من مكة إلى المدينة حيثما توجهت به، يعنى كان ظهره إلى الكعبة. هذا فى الصلاة لراكب الدابة. أما راكب القطار والسفينة والطائرة وما يمكن التحرك فيه بسهولة فقد جاء فى فقه المذاهب الأربعة أن عليه أن يستقبل القبلة متى قدر على ذلك، وليس له أن يصلى إلى غير جهتها حتى لو دارت السفينة وهو يصلى وجب عليه أن يدور إلى جهة القبلة حيث دارت، فإن عجز عن استقبالها صلى إلى جهة قدرته ويسقط عنه السجود أيضا إذا عجز عنه، ومحل ذلك إذا خاف خروج الوقت قبل أن تصل السفينة أو القاطرة إلى المكان الذى يصلى فيه صلاة كاملة ولا تجب عليه الإعادة، ومثل السفينة القطر البخارية البرية. انتهى. وراكب السيارة التى لا يمكنه التحرك فيها كراكب الدابة، إن استطاع النزول وأمن على نفسه وماله وأمن الانقطاع عن الرفقة لا تجوز له الصلاة فيها، أما إذا لم يستطع النزول ولم يأمن على ما ذكر صلى إلى أية جهة وسقطت عنه الأركان التى لا يستطيعها ولا إعادة عليه. وكل ذلك إذا خاف خروج الوقت قبل الوصول إلى مكان يمكنه أن يصلى فيه، أما إذا لم يخف فلا تجوز الصلاة إلا كاملة (9/185) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع الجمعة 02 فبراير 2024, 10:39 pm | |
| الإمام ونية الجماعة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال إذا كنت أصلى بمفردى فى المسجد ثم وقف خلفى بعض الناس لتكون الصلاة جماعة، فهل يجب علىّ تغيير النية من الصلاة الفردية إلى صلاة الجماعة؟
الجواب فى صلاة الجماعة تجب نية الجماعة على المأمومين، لأنهم ربطوا صلاتهم بصحة الإمام، أما الإمام فهو كالمنفرد لا يجب عليه أن ينوى الجماعة حتى لو صار إماما بعد أن بدأ الصلاة منفردا، وهذا كله فى غير الصلاة التى تتوقف على الجماعة كالجمعة. جاء فى فقه المذاهب الأربعة نشر أوقاف مصر، أن الحنابلة قالوا: يشترط فى صحة الاقتداء نية الإمام فى كل صلاة، فلا تصح صلاة المأموم إذا لم ينو الإمام الإمامة. وأن الشافعية قالوا: يشترط فى صحة الاقتداء أن ينوى الإمام الجماعة فى الصلوات التى تتوقف صحتها على الجماعة، كالجمعة للمطر والمعادة. وأن الحنفية قالوا: نية الإمامة شرط لصحة صلاة المأموم إذا كان إماما لنساء، فتفسد صلاة النساء إذا لم ينو إمامهن الإمامة، وأما صلاته هو فصحيحة ولو حاذته امرأة. وأن المالكية قالوا: نية الإمام ليست شرطا فى صلاة المأموم، ولا فى صحة صلاة الإمام إلا فى أربعة مواضع، صلاة الجمعة والجمع ليلة المطر وصلاه الخوف والمستخلف الذى قام مقام الإمام لعذر (9/186) ________________________________________ صفوف الصلاة خلف الإمام
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال كيف يبدأ المصلون فى إتمام الوقوف للصلاة، وهل يكون إتمام الصف من اليمين أو من المنتصف؟
الجواب جاء فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة نشر أوقاف مصر، أنه لو كان المأموم رجلا واحدا وقف عن يمين الإمام مع تأخره قليلا، وذلك ندبا لا وجوبا عند جمهور الفقهاء. فإن كان المأمومون اثنين فأكثر وقفوا خلف الإمام، ويندب أن يكون فى وسط القوم. فإن وقف عن يمينهم أو عن يسارهم فقد خالف السنة وإن كانت الصلاة صحيحة، وعلى هذا إذا جاء مأمومون للصلاة ووجدوا الصف الأول ناقصا صف بعضهم عن اليمين والبعض عن الشمال ليكون الإمام فى الوسط، وإذا وجدوه كاملا قال جماعة يبدأ الصف من جهة اليمين. لما رواه أبو داود وابن ماجه "إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف " وقال آخرون يبدءون الوقوف خلف الإمام ثم يكمل من اليمين أولا ثم من اليسار، أما إذا حضر الشخص ولم يجد سعة ولا فرجة فى الصف الأول فإنه يقف منفردا ويكره له جذب أحد، وقيل: يجذب واحدا من الصف عالما بالحكم بعد أن يكبر تكبيرة الإحرام، ويستحب للمجذوب موافقته، ويبدأ الصف من جهة اليمين أو من خلف الإمام على ما سبق ذكره. وأنبه إلى أن الأمر سهل لا ينبغى زيادة الخلاف فيه (راجع صفحة 157 من المجلد الثاني من هذه الفتاوى فى حكم انفراد المأموم عن الصف) (9/187) ________________________________________ بين الجماعة والخشوع
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال أنا أحس بالخشوع فى الصلاة إذا صليتها وحدى، وفى صلاة الجماعة لا يكون خشوع فهل الأفضل صلاتا منفردا أو فى جماعة؟
الجواب جاء فى " الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع "ج 1 ص 141 فى الفقه الشافعى ما نصه: أفتى الغزالى أنه لو كان إذا صلى منفردا خشع، وإذا صلى فى جماعة لم يخشع فالانفراد أفضل، وتبعه ابن عبد السلام، قال الزركشى: والمختار بل الصواب خلاف ما قالاه. وهو كما قال. انتهى. يعنى أن صلاة الجماعة أفضل حتى لو كانت بدون خشوع على ما اختاره الزركشى، اعتمادا على حكمة صلاة الجماعة. وكلام الغزالى وابن عبد السلام يتفق مع حكمة مشروعية الصلاة أصلا، ولعله يكون أصوب (9/188) ________________________________________ النافلة عند إقامة الصلاة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة "؟
الجواب نعم، هذا حديث صحيح ورد فى صحيح مسلم، وفى رواية له أن النبى صلى الله عليه وسلم مر برجل يصلَّى وقد أقيمت صلاة الصبح فقال "يوشك أن يصلى أحدكم الصبح أربعا" يقول النووى:فيها النهى الصريح عن افتتاح نافلة بعد إقامة الصلاة سواء كانت راتبة كسنة الصبح والظهر والعصر أو غيرها، وهذا مذهب الشافعى والجمهور، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا لم يكن صلى ركعتى سنة الصبح صلاهما بعد الإقامة فى المسجد ما لم يخش فوت الركعة الثانية. وقال الثورى ما لم يخش فوت الركعة الأولى. وقالت طائفة يصليهما خارج المسجد ولا يصليهما بعد الإقامة فى المسجد. والحكمة فى هذا النهى أن يتفرغ الإنسان للفريضة من أولها فيشرع فيها عقب شروع الإمام، وإذا اشتغل بنافلة فاته الإحرام وفاته بعض مكملات الفريضة، فالفريضة أولى بالمحافظة على إكمالها، وقيل إن الحكمة ألا يتطاول الزمان على النافلة فيظن وجوبها، وهو رأى ضعيف. ثم قال النووى بعد ذكر رواية للحديث: فيه دليل على أنه لا يصلِّى بعد الإقامة نافلة وإن كان يدرك الصلاة مع الإمام، ورد على من قال: إن علم أنه يدرك الركعة الأولى أو الثانية يصلى النافلة. أما إذا شرع فى صلاة النافلة ثم أقيم للصلاة فهل يجوز له أن يخرج من الصلاة أولا؟ ذلك أمر يرجع فيه إلى حديث "المتطوع أمير نفسه " المذكور فى صفحة 219 من المجلد الرابع من هذه الفتاوى. وجاء فى نيل الأوطار للشوكانى "ج 3 ص 91، 92" أن ابن عباس كان يصلى وأخذ المؤذن فى الإقامة فجذبه الرسول وقال " أتصلى الصبح أربعا " رواه البيهقى والطبرانى وأبو داود وغيرهم، وجاء فى رواية للطبرانى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لرجل يصلى ركعتى الغداة - الصبح - حين أخذ المؤذن يقيم " ألا كان هذا قبل هذا، وإسناده جيد كما قال العراقى ". وفى هذا دليل على أن المصلى للنافلة يقطعها ليدرك الجماعة حين يسمع الإقامة، ويحتمل أن معنى " فلا صلاة إلا المكتوبة" لا يشغل بها وإن كان قد شرع فيها. وبعد أن ذكر الشوكانى تسعة أقوال فى معنى الحديث قال: قال الشيخ أبو حامد من الشافعية: إن الأفضل خروجه من النافلة إذا أداه تمامها إلى فوات فضيلة التحريم، وهذا واضح (9/189) ________________________________________ تقدم المأموم على الإمام
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يحدث في المساجد التى لا تسع المصلين فى صلاة الجماعة أو الجمعة أن يصلى بعض المأمومين خارج المسجد متقدمين على الإمام، لعدم إمكانهم الوقوف خلفه، فهل تصح صلاتهم؟
الجواب تقدم المأموم على الإمام يبطل الصلاة عند الأئمة الثلاثة، ولا يبطلها عند الإمام مالك. جاء فى فقه المذاهب الأربعة، نشر أوقاف مصر، ما نصه: المالكية قالوا: لا يشترط فى الاقتداء عدم تقدم المأموم على الإمام، فلو تقدم المأموم على إمامه ولو كان المتقدم جميع المأمومين صحت الصلاة على المعتمد. وعلى هذا فلا مانع من الصلاة فى أى مكان حتى لو تقدم المأمومون على الإمام وبخاصة عند الزحام، على رأى الإمام مالك رضى الله عنه (9/190) ________________________________________ إمامة القاعد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز أن يكون الرجل القاعد إماما فى الصلاة لشخص واقف أو جماعة واقفين؟
الجواب روى البخارى ومسلم عن عائشة وأنس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم اشتكى من إصابة فذهب بعض الصحابة لعيادته، لما حضرت الصلاة صلَّى بهم قاعدا وهم واقفون. فلما انتهى من الصلاة بيَّن لهم أن الإمام إذا صلى قاعدا قعدوا، وإذا صلى قائما صلوا قياما وبيَّن العلة فى ذلك فى رواية لمسلم وغيره أن صلاتهم قياما وهو قاعد يشبه فعل أهل فارس بعظمائها،وقد نهى عن الوقوف لأى شخص تعظيما له وهو جالس. وروى البخارى ومسلم عن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم لما وجد خفة فى نفسه وهو مريض خرج إلى الصلاة بين رجلين فأجلساه إلى جنب أبي بكر فجعل أبوبكر يصلِّى وهو قائم بصلاة النبى صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبى بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد. وهذا آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم. إزاء هذه النصوص اختلف الفقهاء فى صلاة القائم خلف القاعد فقال بعضهم بالجواز بناء على الحديث الأخير، وقال بعضهم بالمنع فيجب عليه القعود بناء على الحديث الأول وأحاديث أخرى، وقال بعضهم: إن ابتدأ الإمام الصلاة جالا جلسوا، وإن ابتدأها واقفا وقفوا، فإن طرأ عليه عذر بعد ذلك فجلس صلوا هم قياما. والنقاش بين أصحاب الآراء فى هذه المسألة طويل يرجع إليه فى الكتب مثل: نيل الأوطار للشوكانى ج 3 ص 180، المغنى لابن قدامة ج 2 ص 47. هذا، وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن المالكية قالوا: لا يصح اقتداء القائم بالقاعد العاجز عن القيام ولو كانت الصلاة نفلا، إلا إذا جلس المأموم اختيارا فى النفل فتصح صلاته خلف الجالس فيه. وأن الحنفية قالوا: يصح اقتداء القائم بالقاعد الذى يستطيع أن يركع ويسجد، أما العاجز عن الركوع والسجود فلا يصح اقتداء القائم به إذا كان قادرا، وأن الشافعية قالوا: تصح صلاة القائم خلف القاعد والمضطجع العاجز عن القيام والقعود ولو كانت صلاتهما بالإيحاء، وأن الحنابلة قالوا: لا يصح اقتداء القائم بالقاعد الذى عجز عن القيام، إلا إذا كان العاجز عن القيام إماما راتبا وكان عجزه عن القيام بسبب علة يرجى زوالها. انتهى. وما دام الأمر فيه خلاف فيجوز الأخذ بأى رأى دون تعصب كما هو الشأن فى الأمور الخلافية (9/191) ________________________________________ الجلوس بين الخطبتين
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال رأيت خطيب الجمعة خطب خطبة واحدة ولم يجلس على المنبر كما يجلس الخطباء فهل هذه الخطبة صحيحة؟
الجواب من المعروف أن خطبة الجمعة خطبة واحدة ولها ركن واحد عند أبى حنيفة وهو مطلق الذكر قليلا كان أو كثيرا، فيكفى أن يسبح مرة واحدة أو يحمد الله مرة واحدة، وكذلك عند مالك لها ركن واحد وهو نصيحة تشتمل على تحذير أو تبشير كقوله: اتقوا الله ولا تعصوه. أما عند الشافعى فخطبتان ولهما أركان خمسة، حمد الله والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم والوصية بالتقوى، وقراءة آية فى إحداهما والأولى أولى والدعاء للمؤمنين والمؤمنات فى الثانية، وعند أحمد، الأركان أربعة، حمد الله، والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم وقراءة آية والوصية بالتقوى. والجلوس بين الخطبتين جاء فى صحيح مسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائما ثم يجلس ثم يقوم. وعن جابر بن سمرة قال: كانت للنبى صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس. وقال أيضا. كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما. فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب.يقول النووى فى شرحه لصحيح مسلم "ج 5 ص 149 " فى هذه الرواية دليل لمذهب الشافعى والأكثرين أن خطبة الجمعة لا تصح، من القادر على القيام إلا قائما فى الخطبتين، ولا يصح حتى يجلس بينهما. وأن الجمعة لا تصح إلا بخطبتين. قال القاضى ذهب عامة العلماء إلى اشتراط الخطبتين لصحة الجمعة، وعن الحسن البصرى وأهل الظاهر ورواية ابن الماجشون عن مالك أنها تصح بلا خطبة، وحكى ابن عبد البر إجماع العلماء على أن الخطبة لا تكون إلا قائما لمن أطاقه، وقال أبو حنيفة: يصح قاعدا وليس القيام بواجب، وقال مالك: هو واجب لو تركه أساء وصحت الجمعة. وقال أبو حنيفة ومالك والجمهور: الجلوس بين الخطبتين سنة ليس بواجب ولا شرط ومذهب الشافعى أنه فرض وشرط لصحة الخطبة. قال الطحاوى: لم يقل هذا غير الشافعى، ودليل الشافعى أنه ثبت هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قوله صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتمونى أصلى " ثم ذكر النووى ما تحقق به الخطبة على النحو الذى جاء فى صدر الإجابة على السؤال. واختلاف الفقهاء رحمة فى هذا الموضوع -وغيره كما نبهت عليه أكثر من مرة (9/192) ________________________________________ الخطبة بلغة غير عربية
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الأقلية المسلمة فى بلاد لا تتكلم اللغة العربية، هل يصح أن يخطب الجمعة أحدهم باللغة القومية التى يفهمونها، أم لابد من اللغة العربية على الرغم من عدم فهمهم للخطبة بها؟
الجواب اشتراط كون خطبة الجمعة باللغة العربية قال عنه أبو حنيفة: تجوز بغير اللغة العربية. حتى لو كان قادرا عليها سواء كان السامعون عربا أو غيرهم، أما أحمد فاشترط اللغة العربية إن كان الخطيب قادرا عليها، فإن عجز عن الإتيان بها أتى بغيرها مما يحسنه سواء كان القوم عربا أو غيرهم، لكن الآية التى هى ركن من أركان الخطبتين لا يجوز أن ينطق بها بغير العربية. فيأتى بدلها بأى ذكر شاء باللغة العربية، فإن عجز سكت بقدر قراءة الآية. والشافعى اشترط أن تكون أركان الخطبتين باللغة العربية إن أمكن تعلمها. فإن لم يمكن خطب بغيرها، هذا إذا كان السامعون عربا، أما إن كانوا غير عرب فإنه لا يشترط أداء الأركان بالعربية مطلقا ولو أمكنه تعلمها. ما عدا الآية. فلا بد أن ينطق بها بالعربية، إلا إذا عجز فيأتى بدلها بذكر أو دعاء عربى، فإن عجز عن هذا أيضا وقف بقدر قراءة الآية ولا يترجم، أما غير أركان الخطبة فلا يشترط لها اللغة العربية، باللغة العربية. ولو كان السامعون لا يعرفونها، فإن لم يوجد خطيب يخطب بالعربية سقطت عنهم الجمعة. هذا ما قاله الأئمة، وإذا كان أكثرهم حريصا على اشتراط اللغة العربية لأن فيه تشجيعا على تعلمها ونشرها وتيسيرًا لفهم القرآن والحديث، فإن بعضهم وهو الإمام مالك بلغ الذروة فى الحرص حتى أسقط الجمعة عمن لا يوجد فيهم من يخطب بالعربية. وأنا أختار التوسط فى هذه الآراء الاجتهادية فأميل إلى مذهب الشافعى فى تمسكه باللغة العربية، فى الأركان فقط، أما باقى الخطبة فتؤدى بأية لغة، ولو تعذرت العربية فى الأركان خطب بغيرها للعرب أما غيرهم فيخطب بلغتهم حتى لو أمكنته الخطبة بالعربية. وكما قررت كثيرا أن التعصب لرأى اجتهادى لا يجوز، ويختار الرأى المناسب للظروف (9/193) ________________________________________ قضاء صلاة العيد
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال فاتتنى صلاة العيد يوم النحر، فهل يجوز قضاؤها منفردا؟
الجواب صلاة عيد الأضحى-كعيد الفطر-وقتها محدود بما بعد الشروق بقليل - عند بعض الأئمة -إلى الزوال، أى وقت الظهر، فتكون صلاتها فى هذه الفترة أداء، ولو فاتته هل يقضيها أو لا؟ قال الأحناف: الجماعة شرط لصحة صلاة العيدين. فمن فاتته مع الإمام فليس مطالبا بقضائها، لا فى الوقت ولا بعده. وإن أحب قضاءها منفردا صلى أربع ركعات بدون تكبيرات الزوائد، كالذى تفوته صلاة الجمعة، يقضيها ظهرا. والمالكية قالوا: الجماعة شرط لكونها سنة، فمن فاتته مع الإمام ندب له فعلها إلى الزوال، ولا تقض بعد الزوال. والشافعية قالوا: الجماعة فيها سنة لغير الحاج، ويسن لمن فاتته مع الإمام أن يصليها فى أى وقت قبل الزوال وتكون أداء، أما بعد الزوال فيسن صلاتها وتكون قضاء لأن قضاء النوافل سنة عندهم إذا كان لها وقت. هذا، وقد روى أحمد والنسائى وابن ماجه بسند صحيح أن هلال شوال غم على الصحابة وأصبحوا صياما، فجاء جماعة أخر النهار وشهدوا أمام الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم أن يخرجوا إلى عيدهم من الغد. وهذا الحديث حجة للقائلين بأن الجماعة إذا فاتتها صلاة العيد بسبب عذر من الأعذار فلها أن تخرج من الغد لتصلى العيد. هذه هى أقوال العلماء، والأمر اجتهادى يجوز فيه تقليد أى قول منها، مع العلم بأن صلاة العيد سنة غير واجبة لا أداء ولا قضاء عند الشافعية والمالكية، وواجبة عند الأحناف فى الأصح مع الجماعة. وفرض كفاية عند الحنابلة وسنة لمن فاتته مع الإمام حيث يسن له أن يصليها"الفقه على، المذاهب الأربعة، نيل الأوطار للشوكانى" (9/194) ________________________________________
|
|
| |
| فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع | |
|