منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:28 pm

قول: فداك أبى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل قول الإنسان لآخر يحبه أو يحترمه: فداك أبى جائز؟

الجواب
قال النووى فى كتابه "الأذكار" ص 369: المذهب الصحيح المختار أنه لا يكره قول الإنسان لغيره: فداك أبى وأمى، أو جعلنى الله فداك، وقد تظاهرت على جواز ذلك الأحاديث المشهورة فى الصحيحين وغيرهما، وسواء كان الأبوان مسلمين أو كافرين. وكره بعض العلماء ذلك إذا كانا مسلمين، وكره مالك بن أنس أن يقال: جعلنى الله فداك. وأجازه بعضهم، وقال القاضى عياض: ذهب جمهور العلماء إلى جواز ذلك، سواء كان المفدَّى به مسلما أو كافرا، وأيد النووى ذلك لوجود أحاديث صحيحة كثيرة فى جوازه
(9/128)
________________________________________
الطريقة الرفاعية

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هى الطريقة الرفاعية وما هو منهجها؟

الجواب
الطريقة الرفاعية نسبة إلى الشيخ أحمد بن الحسين الرفاعى الذى ولد سنة 512 هـ فى بلدة "أم عبيدة" بأرض البطائح بالعراق، ومات بها يوم الخميس 12 من جمادى الأولى سنة 570هـ كما يقول الشعرانى فى" الطبقات الكبرى ج 1 ص 140 - 145 " أو سنة 572هـ كما تقول الدكتورة سعاد ماهر، ودفن هناك، أما الرفاعى الموجود فى مصر فمن نسله. وجاء فى الجزء الأول ص 304 من كتاب "مساجد مصر وأولياؤها" للدكتورة سعاد ماهر أنه ولد يتيما، وحفظ القرآن صغيرا، وتردد على مجالس العلماء والصوفية، وكسب قوته بعمله ويده، وكان يشترط على تلاميذه ومريديه أن يكون لهم عمل يكسبون منه العيش، وفى سن الخامسة والعشرين توفى خاله الشيخ منصور البطائحى بعد أن ولاه خلافة طريقته التى عبر عنها فى أقوال صريحة منها: طريقى دين بلا بدعة، وهمة بلا كسل، وعمل بلا رياء، وقلب بلا شغل، ونفس بلا شهوة.
أما ما ينسب إلى طريقته من إمساك الثعابين ووضع الأسياخ فى الجسد بدون دم ولا جرح فيقول ابن خلكان: لم نعثر فى ترجمة الرفاعى على ذلك أو إشارة لها من قريب أو بعيد. وعلق محمد فريد وجدى على أكلهم الحيَّات والجلوس على النار بأن ذلك لدخول الإنسان فى حالة غير اعتيادية، كما هو موجود عند الديانات الهندية القديمة. وذكر الصوفى ابن العربى نوعا من الرياضة الجسمانية والروحية تؤهل مزاوليها للقيام بأعمال خارقة.
ترك الرفاعى مؤلفات فى التوحيد والتفسير والحديث والتصوف والفقه، مثل كتاب: البهجة وشرح التنبيه فى الفقه الشافعى. ويمكن الرجوع إلى كتاب الطبقات للشعرانى لمعرفة كثير من الأقوال المأثورة عنه
(9/129)
________________________________________
الغيبة والزنا

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل تعتبر الغيبة أشد جرما من الزنا؟

الجواب
جاء فى "الترغيب والترهيب" للحافظ المنذرى: روى عن جابر ابن عبد الله وأبى سعيد الخدرى رضى الله عنهما قالا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الغيبة أشد من الزنا" قيل كيف؟ قال "الرجل يزنى ثم يتوب فيتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه" رواه ابن أبى الدنيا فى كتاب الغيبة، والطبرانى فى معجمه الأوسط والبيهقى، ورواه البيهقى أيضا عن رجل لم يُسَمَّ عن أنس، ورواه عن سفيان بن عيبنة غير مرفوع وهو الأشبه.
يعنى هذا الحديث ليس منسوبا إلى النبى صلى الله عليه وسلم بطريق صحيح، وهو من قول بعض الصحابة ولعله يريد بذلك التنفير والتحذير، والتعليل بعدم مغفرة الغيبة إلا بمغفرة من اغتيب موجود أيضا فى الزنا إذا كان بالغصب، فلا يغفر إلا بمسامحة المزنى بها أو من له حق من زوج أو ولى.
هذا، والمحرمات كلها معاصٍ يجب البعد عنها دون تفريق بين الصغائر والكبائر، ولا بين كبيرة وما هو أكبر منها، وعند التوبة من المعاصى لكل منها طريقة تختلف عن الأخرى وبخاصة الكبائر مع التنبيه على أن الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة
(9/130)
________________________________________
تطويل الإمام

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للإمام أن يطيل فى الركعة حتى يدركه من يسمعه يقول: إن الله مع الصابرين؟

الجواب
لا مانع من إطالة الإمام فى الركعة الأولى حتى يدركه من يريدون الاقتداء به عند شعوره بقدومهم أو سماع قولهم: إن الله مع الصابرين. ففى حديث أبى قتادة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يطول فى الأولى، قال: فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى. وعن أبى سعيد قال: لقد كانت الصلاة تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضى حاجته ثم يتوضأ ثم يأتى ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى الركعة الأولى مما يطولها، رواه مسلم وأحمد والنسائى وابن ماجه
(9/131)
________________________________________
ستر العورة فى الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يشاهد فى بعض الأندية الرياضية توجُّهُ الشبان للصلاة بالشورت، فهل تصح بهذه الملابس؟

الجواب
الصلاة وقفة من العبد أمام الله سبحانه، يسبحه ويمجده ويطلب الهداية منه فى مناجاة بقراءة القرآن، وفى تذلل بالركوع والسجود، ومن أدب هذه العبادة ستر العورة إلى جانب الطهارة واستقبال القبلة، قال تعالى {يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} الأعراف: 21 والمراد بالزينة ما يستر العورة، وبالمسجد الصلاة فى بعض أقوال المفسرين، أى عليكم أن تستروا عوراتكم عند كل صلاة، وسترها يكون بشىء يحجب لون الجلد حتى لو كان ضيقا يحددها.
وتحديد العورة يختلف فيه الرجل عن المرأة، أما المرأة فعورتها جميع بدنها ما عدا وجهها وكفيها، لقوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} النور: 31 فصلاتها مع انكشاف شىء منها باطلة وتجب إعادتها، والمالكية جعلوا لها عورة مغلَّظة تبطل الصلاة بعدم سترها، وهى ما عدا الأطراف من جسمها، أما المخففة كالرأس وما تحت الركبة فتصح الصلاة مع كشفها وإن كان كشفها حراما أو مكروها، ويستحب إعادتها مستورة فى الوقت، وأما عورة الرجل فى الصلاة فالسوأتان تبطل الصلاة بعدم سترهما، وأما عداهما من الفخذ والسرة والركبة، فقد اختلفت فيه الآراء، فجمهور الفقهاء على أنه عورة يجب ستره لحديث رواه أحمد والحاكم والبخارى فى تاريخه أن النبى صلى الله عليه وسلم مرَّ على معمرٍ وفخذاه مكشوفتان فقال له "غطِّ فخذيك فإن الفخذين عورة" وقال مثل ذلك لرجل آخر كما رواه مالك وحسنه الترمذى.
ومن هنا يرى جمهور الفقهاء أن الصلاة بالشورت الذى يكشف عن الفخذين باطلة. ومعنى هذا أن الذين يمارسون الألعاب الرياضية بالملابس القصيرة لا تصح صلاتهم إلا بملابس ساترة عند الجمهور، ومن أجل الحاجة أو الضرورة يمكن أن يتبعوا رأى من يقول: إن الفخذ ليس بعورة استنادا إلى حديث رواه البخارى عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه أى كشفها حتى إنى لأنظر إلى بياض فخذه، وبهذا أخذ الإمام مالك رضى الله عنه.
لكن الأدب مع الله يقضى باتباع رأى الجمهور لأنه الأحوط، ولا يلجأ إلى غيره إلا عند الضرورة أو الحاجة كضيق الوقت وعدم وجود ثوب سابغ
(9/132)
________________________________________
صلاة الجماعة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أنا أسكن فى عمارة فى أسفلها زاوية للصلاة، هل يجوز لى أن أصلى وأنا فى مسكنى خلف الإمام الذى يصلى فى الزاوية مع العلم بأنى أعلم بكل أعماله فى الصلاة عن طريق مكبر الصوت؟

الجواب
صلاة الجماعة تفضل صلاة المنفرد ببضع وعشرين درجة، وقد بيَّن الحديث سبب مضاعفة الثواب بقوله "وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه ما دام فى مُصَلاَّه ما لم يحدث: اللهم صَلِّ عليه اللهم ارحمه، ولا يزال فى صلاة ما انتظر الصلاة" فالحديث يحث على صلاة الجماعة فى المسجد حتى يضاعف الثواب بالخطوات والانتظار فيه حتى تقام الصلاة، وبعد الصلاة لختامها.
وهذه المضاعفة لا توجد فى صلاة المنفرد فى بيته بل لو صلاها جماعة فى بيته سيضيع منه ثواب الخطوات والمكث فى المسجد، إن كان للجماعة أيَّاً كان ثواب إن شاء الله.
وقد شرط العلماء لصحة صلاة الجماعة التمكن من ضبط أفعال الإمام إذا كان المأموم خارج المسجد الذى يصلى فيه الإمام وألا تزيد المسافة بينهما على ثلثمائة ذراع، وألا يكون بينهما حائل يمنع وصول المأموم إلى الإمام لو أراد بدون انحراف عن القبلة، بمعنى أن الذى يريد أن يصلى جماعة فى مسكن بالعمارة التى فى أسفلها مسجد فيه إمام يصلى هل يستطيع النزول إليه على السلم دون انحراف عن القبلة؟ إن أمكن صحت الجماعة وإلا فلا، هكذا قال الإمام الشافعى. ولكن الإمام مالكا يحكم بصحة الجماعة ما دام المأموم متمكنا من ضبط أفعال الإمام عن طريق مكبر الصوت.
والإمام أحمد يشترط رؤية المأموم للإمام أو مَن وراء الإمام، وهذا لا يحصل فى الصورة الواردة فى السؤال.
فالخلاصة أن صلاة الجماعة فى صورة السؤال صحيحة عند الإمام مالك، باطلة عند غيره
(9/133)
________________________________________
إمامة الصبى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
عندنا مسجد فى القرية ليس له إمام مخصوص، ولكن يوجد صبى يحفظ بعض القرآن الكريم يصلى بنا جماعة أحيانا فقال بعض المصلين: إن صلاته بهم لا تجوز لأنه صغير ولأن المأمومين أكبر منه، فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب
روى مسلم وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم" والمراد بالقراءة هنا كثرة الحفظ ومعرفة أحكام الدين، أى أفقههم كما قال بعض العلماء.
وروى البخارى وغيره أن عمرو بن سلمة نقل عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال "فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا" فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا منى فقدمونى بين أيديهم وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين، وجاء فى رواية النسائى أنه ابن ثمان سنين، وجاء فى رواية أحمد وأبى داود أنه قال: فما شهدت مجمعا من جَرْمٍ - وهم قومه- إلا كنت إمامهم إلى يومى هذا.
بناء على ما تقدم يجوز للصبى أن يكون إماما لمن هم أكبر منه سنًا، وبخاصة إذا تميز عنهم بالتفقه فى الدين، وهذا ما قال به الإمام الشافعى رضى الله عنه، أما الإمام مالك فقد كره أو منع ذلك فى الفرائض وأما أبو حنيفة وأحمد، فقد اختلفت الرواية عنهما، والمشهور عنهما كما قال ابن حجر فى كتابه "فتح البارى" أنهما يجوزان أن يكون الصبى إمامًا فى النوافل كالتراويح والعيدين دون الفرائض، لكن هذه التفرقة لا معنى لها، لأن حديث عمرو فيه أذان للصلاة ثم الإمامة، والأذان لا يكون إلا للفريضة دون النافلة.
والذين منعوا إمامة الصبى أو كرهوها فى الفريضة استندوا إلى أثر عن ابن مسعود بأنه لا يؤم الغلامُ حتى تجب عليه الحدود، أى حتى يكلَّف بالبلوغ، وكذلك أثرٌ مثله عن ابن عباس رواهما الأثرم فى سننه، وليسا مرفوعين إلى النبى صلى الله عليه وسلم بل هما رأيان لهما، وفى مثل هذا المقام يقدم الحديث المرفوع على الكلام الموقوف على الصحابى، كما يقدم ما رواه البخارى ومسلم على ما رواه الأثرم.
والموضوع موضح فى نيل الأوطار للشوكانى، وخلاصته أن إمامة الصبى فى الفرائض جائزة وصحيحة عند الشافعى ويمكن الأخذ به في الصبى يصلى بوالدته وإخوته وأخواته، والتلميذ يصلى بزملائه، لكنها غير جائزة عند الأئمة الاخرين، والبالغ إن وجد أولى من الصبى
(9/134)
________________________________________
تغير المكان لكل صلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نرى بعض الناس إذا انصرفوا من صلاة الجماعة لصلاة السنة تبادلوا الأمكنة التى كانوا فيها، ولا يصلون السنة فى المكان الذى صلوا فيه الفريضة، فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب
روى أحمد وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى أن يوطِّن الرجلُ المكان فى المسجد كما يوطن البعير (فعله: أوْطَن أو وطَّن.) .
تحدث العلماء عن هذا الحديث وقالوا: يكره للرجل أن يتخذ له مكانا خاصا فى المسجد لأداء الصلاة فيه، بحيث يمنع غيره أن يصلى فيه، وقد يكون هذا المكان مفضلا كالروضة الشريفة فى المسجد النبوى، فلا يصح استئثار جماعة أو واحد به، بل يدع الفرصة لغيره أن ينال شرف الصلاة فيه.
والذى يغير مواضع صلاته فى المسجد ولا يلتزم مكانا معينا قد يخشى أن يقع تحت طائلة هذا الحديث. ولكن المعقول أنَّ تنقل المصلى فى عدة أماكن من المسجد يُقصد منه كثرة ما يشهد له يوم القيامة بعمل الخير، فإن الثابت أن أشياء كثيرة تكون شاهدة للإنسان أو عليه يوم القيامة، كما قال تعالى {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} النور: 24 وقال: {وقالوا لجلودهم لِمَ شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء} صح فى الحديث الذى رواه البخارى وغيره أن المؤذن لا يسمع صوته شجر ولا مدر ولا حجر ولا جن ولا إنس إلا شهد له يوم القيامة.
والرجل الذى يريد أن يصلى فى مواضع متعددة من المسجد أو من غيره يريد أن تكثر الشهود له يوم القيامة بالصلاة، والإنسان فى هذا اليوم محتاج إلى كل شاهد يشهد له بالخير ويشفع له. قال تعالى {إذا زلزلت الأرض زلزالها. وأخرجت الأرض أثقالها. وقال الإنسان مالها. يومئذ تحدث أخبارها. بأن ربك أوحى لها} يقول المفسرون: أى تخبر الأرض بما عمل عليها من خير أو شرٍّ يوم القيامة، وروى الترمذى بسند حسن صحيح، أن النبى صلى الله عليه وسلم لما قرأ هذه الأية قال "أتدرون ما أخبارها"؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال "فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل يوم كذا، كذا وكذا".
هذا وقد روى أبو داود وابن ماجه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا يصلى الإمام فى مقامه الذى صلَّى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه" كما رويا أنه قال "أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله" يعنى فى النفل، وفى إسناده هذين الحديثين مقال. "نيل الأوطار ج 3 ص 209" ولكن تغيير مكان الصلاة للنوافل مشروع رجاء تعدد مواضع السجود التى تشهد للمصلى
(9/135)
________________________________________
إضافات للأذان

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل صحيح أنه كان فى زمن السلف سلام بعد الأذان على الخلفاء والأمراء؟

الجواب
الوارد فى التاريخ أن بلالا كان إذا فرغ من الأذان يقف على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: السلام عليك يا رسول الله.
وربما قال: السلام عليك بأبى أنت وأمى يا رسول الله، حى على الصلاة، حى على الصلاة السلام عليك يا رسول الله. قاله الأستاذ الكتانى فى كتابه "التراتيب الإدارية" ج 1 ص 75.
فلما ولى أبو بكر رضى الله عنه كان المؤذن سعد القرظى يقف على بابه فيقول: السلام عليك يا خليفة رسول الله ورحمة الله وبركاته، حى على الصلاة، حى على الفلاح الصلاة يا خليفة رسول الله، فلما استخلف عمر رضى الله عنه كان سعد يقف على بابه ويقول مثل ما يقول لأبى بكر. فلما قال عمر للناس: أنتم المؤمنون وأنا أميركم، فدُعى أمير المؤمنين، صار المؤذن إذا أذن يقول بعد الأذان: السلام عليك يا أمير المؤمنين ... فلما ولى عثمان بن عفان رضى الله عنه كان العمل على هذا.
وما برح المؤذنون إذا أذنوا سلَّموا على الخلفاء، ثم يقيمون الصلاة بعد السلام، فيخرج الخليفة أو الأمير فيصلى بالناس، هكذا كان العمل مدة أيام بنى أمية وبنى العباس فى مصر والشام والحجاز وسائر الأمصار.
وفى مصر، عندما ملك الفاطميون أمر جوهر الصقلى أن يكون الأذان على عمل آل البيت، فزيد فيه "حى على خير العمل " وأصله فى مسند ابن أبى شيبة، فكان المؤذن بعد الأذان يقف على باب القصر ويقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين. وربما قال بعد ذلك: الصلاة والسلام عليك يا أمير المؤمنين وعلى آبائك الطاهرين. فلما زالت دولة الفاطميين وجاءت الدولة الأيوبية نبذ صلاح الدين كل ما كان لهم من شعار، فبدَّل السلام على الخليفة بالسلام على رسول الله، فكان المؤذن بعد الأذان يقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته.
وربما قال: الصلاة والسلام.
كان هذا العمل قاصرا على قصر الإمارة فقط، يعنى فى المسجد السلطانى ونحوه فلما كان أيام الملك الصالح نجم الدين أيوب آخر ملوك الأيوبيين أمر جميع المؤذنين فى مصر والقاهرة أن يقولوا على المنابر عقب الأذان: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، وأن يقتصر فى ذلك بعد أذان العشاء الأخيرة، فظل العمل على هذا إلى زمن المنصور حاجى بن الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن المنصور قلاوون، فأمر أن يقال ذلك بعد أذان الفجر وبعد كل أذان ما عدا المغرب، فما برح المؤذنون على ذلك إلى وقتنا هذا "مجلة الإسلام المجلد الثانى، العدد الحادى والأربعون، بقلم حسن محمد قاسم".
يؤخذ من هذا أنه لا بأس من الصلاة والسلام على النبى صلى الله عليه وسلم عقب الأذان ويكون من باب التثويب الذى استحسنه المتأخرون، مبالغة فى إعلام الناس بدخول الوقت وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن. وجاء فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة أن بعض الخلف زادوا عقب الأذان وقبله أمورا، منها: الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم عقبه، ومنها التسابيح والاستغاثات قبله بالليل ونحو ذلك، وهى بدع مستحسنة، لأنه لم يرد، فى السنة ما يمنعها، وعموم النصوص يقتضيها، وقال الشافعية والحنابلة: إن الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم عقب الأذان سنة. وأكرر التنبيه على أنه لا تجوز المسارعة بالحكم بالبدعة على الشىء والواجب هو التريث والتأنى والبحث والدرس، حتى لا يتفرق المسلمون شيعا من أجل حكم شرعى فرعى فى أمر اختلفت فيه آراء الفقهاء الأعلام منذ القرون الأولى.
"راجع مقال الشيخ عبد الرحمن خليفة المنشور فى مجلة الإسلام المجلد الثانى - العدد 48 "
(9/136)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:29 pm

التبليغ خلف الإمام

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى رفع بعض المأمومين صوته ليعلم المأمومون حركات الإمام؟

الجواب
التبليغ خلف الإمام مشروع، ودليله ما رواه مسلم عن جابر: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يسمع الناس تكبيره، وروى ذلك عن عائشة أيضا، وعلق النووى فى شرح صحيح مسلم على ذلك بجواز رفع الصوت بالتكبير ليسمعه الناس ويتبعوه، وأنه يجوز للمقتدى اتباع صوت المكبر، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور ونقلوا الإجماع فيه، وأراه يصح الإجماع فيه، فقد نقل القاضى عياض عن مذهبهم أن منهم من أبطل صلاة المقتدى، ومنهم من لا يبطلها، ومنهم من قال: إن أذن له الإمام فى الإسماع صح الاقتداء به، وإلا فلا، ومنهم من أبطل صلاة المستمع ومنهم من صححها، ومنهم من قال: إن تكلف صوتا بطلت صلاته وصلاة من ارتبط بصلاته. وهذا كله ضعيف والصواب جواز كل ذلك وصحة صلاة المسمع والسامع ولا يعتبر إذن الإمام. انتهى.
ذكر هذا السيد الحموى فى رسالته "القول البليغ فى حكم التبليغ" مجلة الإسلام -العدد 22 فى 30 أغسطس 1935.
وجاء فى فقه المذاهب الأربعة "نشر أوقاف مصر" أن من سنن الصلاة جهر الإمام بالتكبير والتسميع - سمع الله لمن حمده - والسلام، لإعلام من خلفه، فإن كان من خلفه يسمعه كره التبليغ من غيره، لعدم الاحتياج إليه. ويجب أن يقصد المبلغ -سواء كان إماما أو غيره - الإحرام للصلاة بتكبيرة الإحرام، فلو قصد الإعلام فقط لم تنعقد صلاته - الشافعية قالوا: إذا قصد بتكبيرة الإحرام الإعلام والإحرام لا تنعقد صلاته أيضا.
أما غير تكبيرة الإحرام من تكبيرات الانتقال والتسميع والتحميد فإن قصد بها التبليغ فقط فلا تبطل صلاته، وإنما يفوته الثواب والشافعية قالوا: إذا قصد بهذه الأشياء مجرد التبليغ أو لم يقصد شيئا بطلت صلاته.
أما إن قصد التبليغ مع الذكر فإن صلاته صحيحة، بخلاف تكبيرة الإحرام كما تقدم
(9/137)
________________________________________
الدعاء فى الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هى أحسن الأدعية التى تقال فى الصلاة؟

الجواب
الصلاة فى اللغة معناها الدعاء ومنه قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم} أى ادع لهم بالبركة والنماء عند أخذ الزكاة، وهى فى الشرع أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم.
فالصلاة التى نُصليها فيها إلى جانب الأفعال كالركوع والسجود أقوال كقراءة الفاتحة والتشهد والتسبيح والتكبير والدعاء فى السجود وغيره، فهناك علاقة وثيقة بين الدعاء والصلاة لأنها مناجاة لله مع حركات تشهد بالإخلاص فى هذه المناجاة.
وقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة بما فيها من أقوال وأفعال، بيَّنها بفعله، وبقوله، وقال "صلوا كما رأيتمونى أصلى" رواه البخارى ونظم الدعاء والذكر وجعل له مواطن هو أولى وأجدر بها، وكتب السنة مملؤة بما كان يقوله صلى الله عليه وسلم فى كل ركن من أركان الصلاة.
وفى السجود بالذات حث النبى صلى الله عليه وسلم على كثرة الدعاء وقال فى سبب ذلك كما رواه مسلم "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء" لكن هل هناك دعاء فى غير السجود؟ نعم هناك دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام وصح منه: اللهم باعد بينى وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقنى من خطاياى كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
وفى الركوع ثبت أن النبى كان يقول "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لى" رواه البخارى ومسلم وفى الاعتدال من الركوع دعاء هو قنوت الصبح وقنوت الوتر، وفى الجلوس بين السجدتين كان يقول "رب اغفر لى وارحمنى واجبرنى وارفعنى وارزقنى واهدنى وعافنى" رواه البيهقى، وبعد التشهد الأخير ثبت أنه كان يقول: " اللهم إنى ظلمت نفسى ظلما كثيرا كبيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لى مغفرة من عندك وارحمنى إنك أنت الغفور الرحيم" رواه البخارى ومسلم، وهناك أدعية أخرى غير ذلك جمعها كتاب الأذكار للنووى.
فالصلاة من أولها إلى آخرها محل للدعاء، وأولى بالدعاء المواطن التى بيَّنها النبى صلى الله عليه وسلم كما سبق، وقد ثبت أنه فى صلاة طويلة كان يقرأ القرآن فإذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ومع ذلك لو دعا الله فى أى مكان فصلاته لا تبطل. غير أنى أنبه إلى أن بعض الفقهاء قال إن الصلاة تبطل لو دعا الإنسان بما يشبه كلام الناس، مثل اللهم زوجنى فلانة، فالأولى أن يكون بغير ذلك، سواء أكان مأثورا عن النبى صلى الله عليه وسلم أم غير مأثور مع مراعاة الخشوع فى الصلاة كلها، فهو أرجى لقبولها وقبول ما فيها من دعاء
(9/138)
________________________________________
صلاة الصبح

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما معنى قول النبى صلى الله عليه وسلم "من صلى الصبح فهو فى ذمة الله، فلا يطلبنه الله من ذمته بشىء، فإنه من يطلبه من ذمته بشىء يدركه، ثم يكبه على وجهه فى نار جهنم"؟

الجواب
روى هذا الحديث مسلم فى صحيحه، وجاء فى رواية لابن ماجه والطبرانى بسند صحيح قوله صلى الله عليه وسلم "من صلى الصبح فى جماعة فهو فى ذمة الله فمن أخفر ذمة الله كبه الله فى النار لوجهه ".
والذمة هى الأمان والعهد والضمان، والذى يصلى الصبح فى جماعة هو فى ضمان الله ووقايته، وكلمة خفر الثلاثية تفيد الحراسة والأمن والضمان، يقال: خفر الرجل الرجل إذا حرسه وأمنه وأخفر، بزيادة الهمزة تفيد عكس ما تفيده خفر الثلاثية، يقال: أخفر الرجل الرجل إذا أزال ضمانه ونقض عهده.
والحديث يبين فضل صلاه الصبح وبخاصة إذا كانت فى جماعة، والذى يحرص عليها يستيقظ مبكرا ليدركها قبل فوات وقتها بطلوع الشمس. والبكور فيه الخير والبركة وهو فترة النشاط التى يجب أن تستغل استغلالا طيبا، وقد دعا النبى صلى الله عليه وسلم لأمته أن يبارك الله لها فى بكورها.
فالذى يبكِّر ويصلى الصبح يكون فى حماية الله وحراسته من السوء جزاء محافظته على الصلاة التى يعارضها هوى النفس فى الكسل والتباطؤ وعدم مغادرة الفراش، ومن جاهد نفسه أول النهار استطاع أن يجاهد ما يعترضه طول النهار من فتن ومغريات، والله سبحانه يقول {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} :
العنكبوت: 69 فالله سبحانه يحذر أى إنسان أن ينال هذا الشخص بسوء لأنه فى حماية الله،ومن تعدى عليه طعن فى حراسة الله له ولم يحترم حماه،والله يغضب لذلك غضبا شديدا ومن غضب عليه أنزل به عقابه ولن يفلت منه، فهو يتعقبه كما يتعقب صاحب الدم من قتل قريبه، ليثأر له أو من أهان شرفه ليغسل العار عنه وعقاب الله لمن يخفر ذمته بالتعدى على من صلَّى الصبح سيكون بإذلاله وإهانته وكبه على وجهه فى النار.
واحتراما لهذا الحديث وخوفا من التهاون فيما جاء به ذكر التاريخ أن الحجاج بن يوسف الثقفى، وهو المعروف بشدة بطشه وجبروته أمر سالم بن عبد الله بن عمر أن يقتل رجلا، فسأل سالم هذا الرجل وقال له: هل صليت الصبح؟ قال نعم؟ فقال له: انطلق فلن أمسك بسوء، فلما سأله الحجاج: لِمَ لم تقتله؟ قال لأنه صلَّى الصبح فكان فى جوار الله فكرهت أن أقتل رجلا أجاره الله.
والحديث إذا كان يحثنا على المحافظة على الاستيقاظ المبكر لأداء صلاة الصبح فى وقتها فهو يحثنا أيضا على أداء كل الصلوات فى أوقاتها، ويحثنا على احترام من يحافظون على الصلوات فأولئك هم المؤمنون، والله سبحانه يقول: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} الحج: 38
(9/139)
________________________________________
الحركة أثناء الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نرى بعض المصلين يحرك يديه عدة مرات، فهل تبطل صلاته؟

الجواب
المفروض فى المصلِّى أن يحسَّ بأنه واقف بين يدى الله يناجيه بالمدح والثناء ويدعوه بالهداية والمغفرة، ويظهر له عمليا خضوعه وخشوعه وتواضعه بالركوع والسجود، ولا يوجد موقف للإنسان يستحق الاهتمام كهذا الموقف، ومن هنا كان عليه أن يكون ساكن الجوارح فى غير ما شرع له، لا يعبث بلحيته ولا ينسق من ملبسه مثلا، ولا يبرح مكانه ولا يعمل إلا ما أذن له فيه من مثل رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع والرفع منه، ومثل الركوع والسجود والالتفات عند الانصراف من الصلاة بالتسليم.
وللفقهاء كلام فى ضبط الأفعال التى تبطل الصلاة، فاتفقوا على أن من المبطلات العمل الكثير الذى ليس من جنس الصلاة، وهو ما يخيل إليه أن فاعله ليس فى الصلاة، وهذا العمل الكثير مبطل للصلاة سواء وقع عمدا أو سهوا، وأما ما دون ذلك فلا يبطلها، وجاء فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة: أن الشافعية حددوا العمل الكثير بنحو ثلاث خطوات متواليات يقينا وما فى معنى هذا، كوثبة واحدة كبيرة، ومعنى تواليها ألا تُعدَّ إحداها منقطعة عن الأخرى على الراجح.
وأن الحنفية قالوا: العمل الكثير ما لا يشك الناظر إليه أن فاعله ليس فى الصلاة فإن اشتبه الناظر فهو قليل على الأصح.
وأن المالكية قالوا: ما دون العمل الكثير قسمان: قسم متوسط كالانصراف من الصلاة، وهذا يبطل عمده دون سهوه، وقسم يسير جدًّا كالإشارة وحك البشرة، وهذا لا يبطل عمده ولا سهوه
(9/140)
________________________________________
تعدد الجماعات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز تعدد الجماعة فى وقت واحد وفى مسجد واحد؟

الجواب
جاء فى تفسير القرطبى "ج 8 ص 257 " عند الكلام على مسجد الضرار الذى يفرق بين جماعة المسلمين أن الإمام مالكا، قال: لا تصلَّى جماعتان فى مسجد واحد بإمامين، خلافا لسائر العلماء: وقد روي عن الشافعى المنع، حيث كان تشتيتا للكلمة.
وجاء فى فقه المذاهب الأربعة "نشر وزارة الأوقاف المصرية" عن تكرار الجماعة فى المسجد الواحد -أن الحنابلة قالوا: إذا كان الإمام الراتب يصلى بجماعة فيحرم على غيره أن يصلى بجماعة أخرى وقت صلاته، كما يحرم أن تقوم جماعة قبل صلاة الإمام الراتب، بل لا يصح صلاه جماعة غير الإمام الراتب فى كلتا الحالتين، ومحل ذلك إذا كان بغير إذن الإمام الراتب، أما إذا كان بإذنه فلا يحرم.
والشافعية قالوا: تكره إقامة الجماعة فى مسجد بغير إذن إمامه الراتب مطلقا، قبله أو بعده أو معه، إلا إذا كان المسجد مطروقا أو ليس له إمام راتب أو له وضاق المسجد عن الجميع أو خيف خروج الوقت، وإلا فلا كراهة.
والمالكية قالوا: تحرم إقامة جماعة مع جماعة الإمام الراتب، لأن القاعدة عندهم أنه متى أقيمت الصلاة للإمام الراتب فلا يجوز أن تصلَّى صلاة أخرى، فرضا أو نفلا، لا جماعة ولا فرادى. ويتعين على من فى المسجد الدخول مع الإمام إذا كان لم يصل هذه الصلاة المقامة أو صلاها منفردا.
أما إذا كان قد صلاها جماعة فيتعين عليه الخروج من المسجد لئلا يطعن على الإمام.
وإذا وجد بمسجد واحد أئمة متعددة مرتبون، فإن صلوا فى وقت واحد حرم، لما فيه من التشويش، وإذا ترتبوا، بأن يصلى أحدهم فإذا انتهى من صلاته صلى الآخر وهكذا فهو مكروه على الراجح
(9/141)
________________________________________
تشبيك الأصابع فى المسجد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
فى أثناء انتظارى للصلاة فى المسجد شبكت أصابعي وأنا جالس فقال لي بعض الحاضرين: إن التشبيك ممنوع، فهل هذا صحيح؟

الجواب
روى البخارى عن أبى موسى الأشعرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا" وشبَّك بين أصابعه.
وروى البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتى العشاء، فصلى بنا ركعتين ثم سلَّم فقام إلى خشبة معروضة فى المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى علي اليسرى وشبك بين أصابعه. قال ابن حجر: حديث أبي موسى دالّ على جواز التشبيك مطلقًا، وحديث أبي هريرة دالٌّ على جوازه فى المسجد، فهو فى غيره أجوز، ووقع فى بعض نسخ البخارى قبل هذين الحديثين حديث آخر عن ابن عمر قال: شبَّك النبى صلى الله عليه وسلم أصابعه. قال مغلطاى: هذا الحديث ليس موجودا فى أكثر نسخ البخارى، وقال ابن حجر: هو ثابت فى رواية حماد بن شاكر عن البخارى. قال ابن بطال: المقصود من هذه الترجمة معارضة ما ورد فى النهى عن التشبيك فى المسجد، وقد وردت فيه مراسيل ومسند من طرق غير ثابتة. وقال ابن المنير: التحقيق أنه ليس بين الأحاديث تعارض، إذ النهى عنه فعله على وجه العبث. وجمع الإِسماعيلي بأن النهى مقيد بما إذا كان فى الصلاة أو قاصدا إليها، إذ منتظر الصلاة فى حكم الصلاة.
وقيل: إن حكمة النهى لمنتظر الصلاة أن التشبيك يجلب النوم، وهو من مظان الحدث، وقيل: إن صورته تشبه صورة الاختلاف، فكره ذلك لمن هو فى حكم الصلاة حتى لا يقع في النهى عنه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم للمصلين "ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم".
وفى البخارى والبيهقى فى شعب الإِيمان عن ابن عمر رضى الله عنهما:
رأيت رسول الله بفناء الكعبة محتبيا بيده هكذا - زاد البيهقى: وشبَّك بين أصابعه، وقد شبك النبى صلى الله عليه وسلم بين يديه فى عدة أحاديث ليس هذا محل إيرادها. وثبت فى الصحيحين فى قصة ذى اليدين أنه صلى الله عليه وسلم شبك بين أصابعه، وجزم فى "الإقناع" بأنه يكره له أن يشبك بين أصابعه من حين يخرج -يعنى للصلاة قال: وهو فى المسجد أشد كراهة، وفى الصلاة أشد وأشد. انتهى. ونقل فى الفروع كراهة تشبيك الأصابع فى الصلاة وأنها باتفاق الأئمة الأربعة.
واستدلوا بما رواه الترمذى وابن ماجه عن كعب بن عجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد شبك أصابعه فى الصلاة ففرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه.
قال السيوطى فى كتابه "حسن التسليك فى حكم التشبيك":
رخص فى التشبيك ابن عمر وسالم ابنه، فكانا يشبكان بين أصابعهما فى الصلاة، وقال مغلطاى: والتحقيق أنه ليس بين حديث النهى عن التشبيك وبين تشبيكه صلى الله عليه وسلم بين أصابعه معارضة، لأن النهى إنما ورد عن فعله فى الصلاة أو فى المضى إليها، وفعله صلى الله عليه وسلم للتشبيك ليس فى صلاة ولا فى المضى إليها، فلا معارضة إذن، وبقى كل حديث على حياله. انتهى.
وقسم بعض المتأخرين التشبيك إلى أقسام:
أحدها: إذا كان الإنسان فى الصلاة، ولا شك فى كراهته.
ثانيها: إذا كان فى المسجد منتظرًا للصلاة، أو وهو عامد إلى المسجد يريدها بعدما تطهر، والظاهر كراهته، كما رواه أحمد عن مولى لأبى سعيد الخدرى: بينما أنا مع أبى سعيد وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخلنا المسجد، فإذا رجل جالس وسط المسجد محتبيا مشبكا أصابعه، بعضها فى بعض، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفطن الرجل لإِشارته، فالتفت إلى أبى سعيد فقال "إذا كان أحدكم فى المسجد فلا يشبكن، فإن التشبيك من الشيطان، وإن أحدكم لا يزال فى صلاته ما كان فى المسجد حتى يخرج منه" ولحديث كعب بن عجرة " إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بيده فإنه فى صلاة" رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد، ورواه ابن خزيمة والحاكم عن أبي هريرة وقال: صحيح على شرطهما، ورواه الترمذى وكذا ابن حبان.
ثالثها - أن يكون فى المسجد، بعد فراغه من الصلاة، وليس يريد صلاة أخرى ولا ينتظرها فلا يكره، لحديث ذى اليدين.
رابعا: فى غير المسجد فهو أولى بالإباحة وعدم الكراهة. انتهى. وبعد، فإن الموضوع لا يعْدُو مرتبة الكراهة، فهو ليس بمحرم، ومن شبك لا يعاقب على ذلك، ولا يجوز الإِنكار بشدة على من فعله، انظر: غذاء الألباب للسفارينى "ج 2 ص 263-266 "
(9/142)
________________________________________
حديث عن الجمعة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل من الحديث ما يقال: من بكَّر وابتكر وغسل واغتسل ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام ولم يتكلم، فله بكل خطوة يخطوها درجة وأجر سنة كاملة صيامها وقيامها؟

الجواب
قال النبى صلى الله عليه وسلم "من غسل يوم الجمعة واغتسل، وبكَّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها" رواه أحمد وأبو داود والترمذى عن أوس بن أوس الثقفى وقال: حديث حسن. ورواه النسائى وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما والحاكم وصححه. ورواه الطبرانى فى معجمه الأوسط من حديث ابن عباس.
قال الخطابى: قوله عليه الصلاة والسلام " غسل واغتسل وبكر وابتكر" اختلف الناس فى معناه فمنهم من ذهب إلى أنه من الكلام المتظاهر الذى يراد به التوكيد، ولم تقع المخالفة بين المعنيين لاختلاف اللفظين، وقال: ألا تراه يقول فى هذا الحديث "ومشى ولم يركب" ومعناهما واحد.. .
وإلى هذا ذهب الأثرم صاحب أحمد بن حنبل.
وقال بعضهم: قوله "غسل" معناه غسل الرأس خاصة، وذلك لأن العرب لهم لِمَمٌ وشعور -واللمم جمع لمة، وهى الشعر الذى يجاوز شحمة الأذن- وفى غسلها مؤنة، فأراد غسل الرأس من أجل ذلك، وإلى هذا ذهب مكحول.
وقوله "واغتسل" معناه غسل سائر الجسد. وزعم بعضهم أن قوله "غسل " معناه أصاب أهله -بالجماع- قبل خروجه إلى الجمعة، ليكون أملك لنفسه وأحفظ فى طريقه لبصره. وقوله "وبكر وابتكر" زعم بعضهم أن معنى "بكر، أدرك باكورة الخطبة وهى أولها، ومعنى "ابتكر" قَدِم فى الوقت، وقال ابن الأنبارى: معنى " بكر " تصدق قبل خروجه، وتأول فى ذلك ما روى فى الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم "باكروا بالصدقة فان البلاء لا يتخطاها" ذكر ذلك الحافظ المنذرى فى كتابه "الترغيب والترهيب" فى كتاب الجمعة
(9/143)
________________________________________
صلاة الكفارة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
قام بعض الناس بتوزيع ورقة مكتوب فيها: صلاة الكفارة، مع حديث طويل فى كيفيتها منسوب للنبى صلى الله عليه وسلم، جاء فيه أن من فاتته صلاة فى عمره ولم يحصها يصلى فى آخر جمعة من رمضان أربع ركعات بتشهد واحد يقرأ فى كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة القدر خمس عشرة مرة وسورة الكوثر كذلك، وهى كفارة أربعمائة سنة فى رواية أبا بكر وألف سنة فى رواية على، ولما كان ابن آدم يعيش ستين أو مائة سنة فالصلاة الزائدة تكون لأبويه وزوجته وأولاده وأقاربه وأهل البلد، وبعد الصلاة يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم مائة مرة، ويدعو بهذا الدعاء، وهو دعاء بطلب المغفرة.. فهل هذا الحديث بما جاء فيه صحيح، وما الذى يكفر الصلاة؟

الجواب
لم أعثر على هذا الحديث فى الكتب الصحيحة، وعلامة الوضع فيه ظاهرة، فالصلاة التى تفوت الإنسان لا يكفرها إلا قضاؤها، وقد مر فى ص 612 من المجلد الثانى من هذه الفتاوى أن من ترك الصلاة ناسيا لا يكفرِّها إلا قضاؤها كما صح فى الحديث، وإذا كان هذا فى الصلاة التى نام عنها أو سها عنها الإنسان فكيف بالصلاة المتروكة عمدا؟ إن قضاءها أولى بالوجوب.
إن الكلام المذكور يغرى الناس بترك الصلاة حيث يكفيهم عنها صلاة واحدة فى آخر جمعة من رمضان، ولم يقل بهذا أحد من العلماء، بل إنهم على الرغم من قبولهم الأحاديث التى تقول إن الصلاة الواحدة فى مسجد مكة بمائة ألف صلاة فيما سواه، وفى مسجد المدينة بألف وفى المسجد الأقصى بخمسمائة، يقولون بأنها لا تغنى عن الصلوات المفروضة ولا تقوم مقام الصلوات الفائتة، وإنما المراد كثرة ثواب الصلاة فى هذه الأماكن المقدسة.
وأحذّر من يقومون بترويج هذه المنشورات من تبعة العمل بما يروجونه، فهو أولا كذب على الله وعلى رسوله، والله تعالى يقول {إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} النحل: 116 والرسول صلى الله عليه وسلم يقول " من كذب علىَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخارى ومسلم.
وهو ثانيا سيتحمل وزر من يتهاونون فى الصلاة اكتفاء بصلاة الكفارة المزعومة {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون} العنكبوت: 13 "ومن سَنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة" رواه مسلم. والذين وضعوا هذا الكذب والمشاركون فى طبعه وتوزيعه داخلون فى هذه المسئولية
(9/144)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:29 pm

التسول فى المساجد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فيمن يدخل المسجد فى يوم الجمعة أو فى المناسبات، ويطلب من الناس معونة متظاهرًا بالمرض أو الحاجة، هل يجوز له ذلك وهل يجوز أن نتصدق عليه؟

الجواب
لقد ألف الإِمام السيوطى رسالة فى هذا الموضوع بعنوان " بذل العسجد لسؤال المسجد" ولخص الحكم فى قوله: السؤال فى المسجد مكروه كراهة تنزيه، وإعطاء السائل قُربة يثاب عليها، وليس بمكروه فضلا عن أن يكون حراما. هذا هو المنقول والذى دلت عليه الأحاديث، وأورد حديثا رواه أبو داود بإسناد جيد عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا"؟ فقال أبو بكر: دخلت المسجد فإذا أنا بسائل فوجدت كسرة فى يد عبد الرحمن فأخذتها فدفعتها إليه. ففيه دليل على أن السؤال فى المسجد ليس بحرام، وأن الصدقة عليه ليست مكروهة، حيث اطلع النبى صلى الله عليه وسلم على ذلك بإخبار أبى بكر ولم ينكره، ولو كان حراما لم يقر عليه، بل كان يمنع السائل من العود إلى السؤال بالمسجد، ولو ثبت أن هناك نهيا عن السؤال بالمسجد لكان محمولا على الكراهة التنزيهية وكان حديث أبي بكر صارفًا له عن الحرمة.
وقد نص النووى فى شرح المهذب على أنه يكره رفع الصوت بالخصومة فى المسجد ولم يحكم عليه بالتحريم، وكذا رفع الصوت بالقراءة والذكر إذا آذى المصلين والنيام نصوا على كراهته لا تحريمه. فالحكم بالتحريم يحتاج إلى دليل واضح صحيح الإِسناد غير معارض، ثم إلى نص من أحد أئمة المذاهب، وكل من الأمرين لا سبيل إليه.
وهذا الحديث أخرجه الحاكم فى المستدرك وقال: صحيح على شرط مسلم، قال المنذرى: وقد أخرجه مسلم فى صحيحه والنسائى فى سننه، والبخارى فى أحكام المساجد للزركشى.
ومن الأدلة حديث آخر رواه الطبرانى فى الأوسط عن عمار بن ياسر قال: وقف على علىٍّ بن أبى طالب سائل وهو راكع فى تطوع، فنزع خاتمه فأعطاه السائل، فنزلت {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} المائدة: 55 وذكر السيوطى طرقا أخرى لنزول هذه الآية وفيها تصدق علىٍّ وهو راكع، ثم ذكر حديثا للحاكم والبيهقى عن حذيفة بن اليمان قال: قام سائل على عهد النبى فسأله، فسكت القوم، ثم إن رجلا أعطاه فأعطاه القوم، فقال صلى الله عليه وسلم " من سَنَّ خيرا فاستن به فله أجره ومثل أجور من اتبعه غير منقص من أجورهم " وذكر أن الحديث الذى ذكره ابن الحاج فى كتابه "المدخل" وهو "من سأل فى المسجد فاحرموه" لا أصل له، وقال إن حكمنا بالكراهة مأخوذ من حديث النهى عن نشدان الضالة فى المسجد وقوله " إن المساجد لم تُبْن لهذا" قال النووى فى شرح مسلم: فى هذا الحديث النهى عن نشدان الضالة فى المسجد، ويلحق به ما فى معناه من البيع والشراء والإِجارة ونحوها وكراهة رفع الصوت فى المسجد بالعلم وغيره، وأجاز أبو حنيفة ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج الناس إليه لأنه مجمعهم فلا بد لهم منه اهـ.
وجاء فى " غذاء الألباب للسفارينى" "ج 2 ص 267" أن ابن تيمية سئل عن السؤال فى المسجد فقال: أصل السؤال محرَّم فى المسجد وخارج المسجد إلا لضرورة، فإن كانت ضرورة وسأل فى المسجد ولم يؤذ أحدًا كتخطيه رقاب الناس، ولم يكذب فيما يرويه ويذكر من حاله ولم يجهر جهرا يضر الناس مثل أن يسأل والخطيب يخطب، أو وهم يسمعون علما يشغلهم به ونحو ذلك جاز
(9/145)
________________________________________
التكبير فى الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
متى يجب رفع اليدين عند التكبير فى الصلاة؟

الجواب
التكبير فى الصلاة إما واجب وإما مندوب، فالواجب أو الفرض أو الركن هو تكبيرة الإحرام للدخول فى الصلاة، أما فى غير ذلك فمندوب عند الركوع والهوى إلى السجود والرفع منه والقيام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة.
أما رفع اليدين فهو سنة فى كل الأحوال، وليس بواجب، وذلك فى أربع حالات: الأولى عند تكبيرة الإِحرام، وذلك لفعل النبى صلى الله عليه وسلم، الذى رواه خمسون صحابيا منهم العشرة المشهود لهم بالجنة، وقال الحاكم -كما رواه البيهقى- لا نعلم سنة اتفق على روايتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة ثم العشرة المشهود لهم بالجنة فمن بعدهم من أصحابه -مع تفرقهم فى البلاد الشاسعة- غير هذه السنة.
والثانية والثالثة عند الركوع وعند الرفع منه، وذلك لفعل النبى صلى الله عليه وسلم كما رواه اثنان وعشرون صحابيا، ففى البخارى ومسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذْوَ منكبيه، ثم يكبر، فإذا أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد.
قال البخارى: ولا يفعل ذلك -أى رفع اليدين- حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود وقال مسلم مثل ذلك، أى لا يرفع يديه حين يرفع رأسه من السجود ولا بين السجدتين، وقال البيهقى: فما زالت تلك صلاته حتى لقى الله تعالى.
وأما الحالة الرابعة فعد القيام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة كما رواه البخارى وغيره
(9/146)
________________________________________
ما تعرف به القبلة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يشترط بعض الفقهاء استقبال عين الكعبة فى الصلاة، فكيف يعرفها من كان بعيدا عنها؟

الجواب
من كان فى القرى والأمصار التى فيها مساجد وبها محاريب لمعرفة القبلة كان عليه أن يلتزم الاتجاه إلى حيث تتجه المحاريب، وذلك خاص بالمحاريب التى نصبها الصحابة والتابعون، ولا يجوز الاتجاه إلى غيرها، وإلا بطلت صلاته، ومثلها المساجد التى اعتمد المسلمون محاريبها كما قال جمهور الفقهاء.
والمالكية خصصوا المحاريب التى لا يجوز التحرى مع وجودها بأربعة، التى هى: مسجد النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة ومسجد بنى أمية بالشام، ومسجد القيروان بشمالى أفريقيا ومسجد عمرو بن العاص بمصر القديمة.
أما غير هذه المحاريب، فإن كانت بالمصر -أى بالمدينة- وأقرها العارفون بالقبلة جاز لمن كان أهلا للاجتهاد والتحرى أن يقلدها، أما من لم يكن أهلا لذلك فيجب عليه أن يقلدها.
وإن كانت المحاريب بالقرى فلا يجوز لمن كان أهلا للاجتهاد والتحرى أن يقلدها، أما غيره فيقلدها وجوبا إن لم يجد مجتهدا يقلده.
والشافعية يجوِّزون -مع وجود المحاريب- الاستدلال على القبلة بالطرق المعروفة.
هذا الحكم هو بالنسبة للمحاريب الموجودة فى المساجد، فإذا لم توجد محاريب قال جمهور العلماء: يجب عليه أن يسأل أهل الثقة والخبرة إن وجدوا، وإلا اجتهد هو بنفسه، ولعل من أهل الثقة والخبرة " البوصلة " الحديثة المعتمدة من الخبراء، ومن وسائل الاجتهاد النظر فى مواقع الشمس والنجوم إن كان عالما بدلالتها، وللعلماء كلام كثير فى ذلك يطلب من مظانه.
والاجتهاد مهما كانت وسيلته ظنى لا يقينى، ولو تبين خطؤه بعد الصلاة فلا إعادة ولو كان التبين يقينا عند الجمهور، وتجب الإعادة عند الشافعية، أما تبين الخطأ أثناء الصلاة فإنه يضر، وهل يبطل الصلاة أو يلزم إتمامها على الظن الجديد؟ خلاف.
ثم قال العلماء: من ترك الاجتهاد وهو قادر عليه فصلاته باطلة عند الجمهور. هذا ملخص ما قاله العلماء فى فقه المذاهب، وجاء فى كتاب المغنى لابن قدامة "ج 1 ص 460، 461" قوله: قال بعض أصحابنا -أى الحنابلة- الناس فى استقبالها -أى القبلة- على أربعة أضرب:
1- فمنهم من يلزمه اليقين، وهو من كان معاينا للكعبة، أو كان بمكة من أهلها، أو ناشئا بها من وراء حائل محدث كالحيطان، ففرضه التوجه إلى عين الكعبة يقينا، وهكذا إن كان بمسجد النبى صلى الله عليه وسلم، لأنه متيقن صحة قبلته، فإن النبى صلى الله عليه وسلم لا يقر على خطأ.
2- ومنهم من فرضه الخبر -أى العلم- وهو من كان بمكة غائبا عن الكعبة من غير أهلها ووجد مخبرا يخبره، أو كان غريبا نزل بمكة فأخبره أهل الدار، وكذلك لو كان فى مِصْرٍ أو قرية، ففرضه التوجه إلى محاريبهم وقبلتهم المنصوبة، لأن هذه القبل ينصبها أهل الخبرة والمعرفة، فجرى ذلك مجرى الخبر فأغنى عن الاجتهاد، وإن أخبره مخبر من أهل المعرفة بالقبلة، إما من أهل البلد أو من غيره صار إلى خبره، وليس له الاجتهاد، كما يقبل الحاكم النص من المجتهد ولا يجتهد.
3-ومنهم من فرضه الاجتهاد، وهو من عدم هاتين الحالتين، وهو عالم بالأدلة.
4 -ومنهم من فرضه التقليد، وهو الأعمى ومن لا اجتهاد له وعدم الحالين، ففرضه تقليد المجتهدين. والواجب على هذين وسائر من بعد من مكة طلب جهة الكعبة دون إصابة العين.
قال أحمد: ما بين المشرق والمغرب قبلة. فإن انحرف عن القبلة قليلا لم يعد، ولكن يتحرى الوسط، وبهذا قال أبو حنيفة. وقال الشافعى فى أحد قوليه كقولنا، والآخر: الفرض إصابة العين، لقول الله تعالى: {وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} ولأنه يجب عليه التوجه إلى الكعبة فلزمه التوجه إلى عينها كالمعاين.
ولنا -أى دليل الحنابلة- قول النبى صلى الله عليه وسلم " ما بين المشرق والمغرب قبلة" رواه الترمذى وقال: حسن صحيح، وظاهره أن جميع ما بينهما قبلة، ولأنه لو كان الغرض إصابة العين لما صحت صلاة أهل الصف الطويل على خط مستو، ولا صلاة اثنين متباعدين يستقبلان قبلة واحدة، فإنه لا يجوز أن يتوجه إلى الكعبة مع طول الصف إلا بقدرها، وشطر البيت نحوه وقِبَلَه ثم ذكر ابن قدامة فى صفحة 495 أن دلالة المشرك على القبلة لا تتبع بحال من الأحوال، وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره ولا روايته ولا شهادته، لأنه ليس بموضع أمانة، انتهى.
فهل معنى ذلك أن الآلات التى يعرف بها اتجاه القبلة، ومنها "البوصلة" والتى صنعها غير المسلمين لا يجوز الاعتماد عليها؟ الأمر يحتاج إلى نظر، وبخاصة أنها منتشرة إلى حد كبير.
وجاء فى نيل الأوطار للشوكانى "ج 2 ص 175" بعد ذكر حديث "ما بين المشرق والمغرب قبلة" قوله: والحديث يدل على أن الفرض على من بعد عن الكعبة هو الجهة لا العين، وإليه ذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد، وهو ظاهر ما نقله المزنى عن الشافعى، وقد قال الشافعى أيضًا: إن شطر البيت وتلقاءه وجهته واحد فى كلام العرب. ثم ذكر أن أظهر القولين للشافعى أن فرض من بعد عن مكة هو العين، وأنه يلزمه ذلك بالظن
(9/147)
________________________________________
الصلاة والسلوك

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أى الشخصين أفضل، رجل لا يصلى ولكن أخلاقه وخدماته للناس كثيرة، أو رجل يصلى، ولكن معاملته مع الناس سيئة على الرغم من محافظته على الصلاة؟

الجواب
كلا الرجلين مخطئ، وتارك الصلاة معروف حكمه، إن تركها جحدا وإنكارا أو استهزاء فهو كافر، وأعماله الطيبة لا تنفعه فى الآخرة كما قال سبحانه {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} الفرقان: 23 وإن كانت خيراته عادت عليه بالخير فهو فى الدنيا فقط، وإن تركها كسلا وتهاونا فقد حكم بعض العلماء بكفره، وحكم بعضهم بفسقه، وإن مات على ذلك ولم يتب فأمره مفوض إلى ربه، وإن عذبه فى النار فمصيره الجنة.
وذلك كله بناء على حديث مسلم " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ".
والذي يصلى ولا يستقيم سلوكه مؤمن عاص أضاع ثواب صلاته، وردَّها الله عليه لأنها لم تثمر طيبا فى أخلاقه، والله سبحانه يقول {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت: 45 فالصلاة - كبقية العبادات - ليست علاقة خاصة بين العبد وربه، بل لابد أن ينعكس أثرها على السلوك الشخص والاجتماعى. وقد نعى الله على من يسهو عن الصلاة فيقصِّر فى أدائها، أو من يسهو عن معناها وحكمة مشروعيتها فلا يكون لها أثر فى حياته مع الناس، قال تعالى {فويل للمصلِّين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يراءون. ويمنعون الماعون} الماعون: 4 - 7.
وقد أكدت الأحاديث هذا المعنى، فقد صح أن رجلا قال للنبى صلى الله عليه وسلم: إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها، غير أنها تؤذى جيرانها بلسانها، قال " هى فى النار" رواه أحمد والبزار وابن حبان فى صحيحه والحاكم وصححه. وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قال الله عز وجل: إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتى، ولم يستطل على خلقى، ولم يبت مصرًّا على معصيتى، وقطع النهار فى ذكرى، ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة ورحم المصاب. ذلك نوره كنور الشمس، أكلؤه بعزتى، وأستحفظه ملائكتى، أجعل له فى الظلمة نورا، وفى الجهالة حلما، ومثله فى خلقى كمثل الفردوس فى الجنة " رواه البزار من رواية عبد الله بن واقد الحرانى، وبقية رواته ثقات.
ومن هنا نحلم أهمية الصلاة فهى أهم أركان الإِسلام وأفضلها، والحديث يقول: " لا دين لمن لا صلاة له، إنما موضع الصلاة من الدين موضع الرأس من الجسد" رواه الطبرانى، ولم يتسامح فيها الرسول عليه الصلاة والسلام كما تسامح فى غيرها من التكاليف لمن أراد الدخول فى الإِسلام. فعندما جاء وفد ثقيف اشترطوا عليه ألا يخرجوا للجهاد، ولا تؤخذ منهم صدقة، ولا يجتمعوا للصلاة، ولا يولى عليهم أحد من غيرهم، فأجابهم إلى طلبهم مبدئيا ما عدا الصلاة حيث قال أخيرا " ولا خير فى دين لا ركوع فيه " رواه أحمد، ولما كان للصلاة أثرها القوى فى تثبيت الإِيمان فى القلوب وفى تقويم السلوك قال النبى صلى الله عليه وسلم فى شأن هؤلاء الذين رضوا بالصلاة " إنهم سيصَّدقون ويجاهدون " أى أن الصلاة ستحملهم على عمل الخير الذى كانوا قد رغبوا عنه، وقد كان.
وبهذا يكون التارك للصلاة أو المتهاون فيها، والمستغنى عنها بعمل البر- مغرورا مخدوعا، وكذلك الذى يؤدى الصلاة شكليا دون إحساس بروحها، غير خاشع فيها ولا فاهم لمعناها ولا لهدفها، هو مغرور بظاهره، يخدع الناس برؤيتهم له محافظًا على الصلاة حتى يثقوا فيه، مع أنه لو طلبت منه معونة منع إعطاءها، لأن قلبه القاسى لم يتأثر بوقوفه أمام الله، فهو يناديه ويدعوه وهو غافل شارد الذهن، محروم من اللذة التى قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم " وجعلت قرة عينى فى الصلاة " رواه النسائى والطبرانى والحاكم وصححه، وقال الحافظ: إسناده جيد. ولحلاوتها وأثرها فى نفسه كان إذا حزَبه أو حزنه أمر فزع إلى الصلاة.
وبعد، فإن العبادات فُرضت لتقوية العلاقة بين الإِنسان وربه، وبينه وبين نفسه، وبينه وبين الناس، فإن لم تثمر هذه العلاقات لم يكن لها عند الله وزن.
وفى تقديرى أن من يصلى-على الرغم من سوء معاملته - أقل خطرا ممن لا يصلى -على الرغم من حسن معاملته- فالأول مع الله ولو بسبب مَّا فعسى أن يتوب عليه والثانى منقطع عن الله فهل يصل نفسه به؟ "راجع قول ابن عطاء الله فى شرود الذهن فى الصلاة- المجلد الأول ص 72"
(9/148)
________________________________________
علو الإمام أو المأموم

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
توجد مساجد لها عدة طوابق يصلى الإمام فى أحدها والمأمومون يصلون فى طابق آخر فهل الجماعة صحيحة؟

الجواب
السنة أن يكون المأمومون مع الإمام فى طابق واحد لسهولة متابعته بالنظر أو السماع، وإن كان الصوت يصلهم عن طريق المبلغ أو مكبرات الصوت. روى الدارقطنى عن أبى مسعود الأنصارى أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يقوم الإمام فوق شىء والناس خلفه. يعنى أسفل منه. وروى أبو داود والشافعى والبيهقى وابن خزيمة وابن حبان أن حذيفة أمَّ الناس بالمدائن -مدينة كانت بالعراق- على دكان -مكان مرتفع- فأخذه أبو مسعود بقميصه فجبذه -أخذه بشدة- فلما فرغ من صلاته قال، ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى، فذكرت حين جذبتنى.
قال العلماء: إن كان فى علو الإِمام عن المأمومين فائدة فلا كراهة، فقد روى البخارى ومسلم عن سهل بن سعد الساعدى أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر أول يوم وضع، فكبَّر وهو عليه ثم ركع ثم نزل القهقَرَى -إلى الخلف- وسجد فى أصل المنبر، ثم عاد. فلما فرغ أقبل على الناس فقال " أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بى ولتعلموا صلاتى".
هذا فى ارتفاع الإِمام أنه مكروه إلا لحاجة، أما ارتفاع المأموم على الإمام فهو جائز، فقد صلى أبو هريرة على ظهر المسجد بصلاة الإِمام كما رواه الشافعى والبيهقى وسعيد بن منصور، وذكره البخارى تعليقا، وروى سعيد بن منصور أن أنس بن مالك كان يجمع فى دار أبى نافع عن يمين المسجد فى غرفة قدر قامة منها، لها باب مشرف على مسجد بالبصرة، فكان أنس يجمع فيها ويأتم بالإمام، وسكت عليه الصحابة.
يقول الشوكانى " نيل الأوطار ج 3 ص 207 ": وأما ارتفاع المؤتم فإن كان مفرطا بحيث يكون فوق ثلثمائة ذراع، على وجه لا يمكن المؤتم العلم بأفعال الإِمام فهو ممنوع بالإِجماع من غير فرق بين المسجد وغيره، وإن كان دون ذلك المقدار فالأصل الجواز حتى يقوم دليل على المنع، ويعضد هذا الأصل فعل أبى هريرة المذكور ولم ينكر عليه انتهى.
يؤخذ من هذا أن المدار فى الجواز وعدمه هو علم المأموم بأفعال الإِمام، فلو حصل العلم بأية وسيلة ومنها مكبرات الصوت الآن صحت الجماعة فى أى طابق من الطوابق، أو فى أى مكان ما دامت الصفوف متواصلة فى المسجد وخارج المسجد، وعليه فلا مانع من صلاة الجماعة فى أى طابق من طوابق المسجد عند العلم بأفعال الإِمام.
وجاء فى شرح النووى لصحيح مسلم "ج 5ص 34" عند الكلام على اتخاذ المنبر فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحديث فيه فوائد، منها: جواز صلاة الإمام على موضع أعلى من موضع المأمومين. ولكنه يكره ارتفاع الإمام على المأموم وارتفاع المأموم على الإمام لغير حاجة، فإن كان لحاجة لم يكره، بل يستحب، وكذا إن أراد المأموم إعلام المأمومين بصلاة الإمام واحتاج إلى الارتفاع
(9/149)
________________________________________
مسافة القصر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يزعم بعض الناس أن أى سفر ولو كان عشرة كيلومترات يجيز للإنسان قصر الصلاة فهل هذا صحيح؟

الجواب
يقول الله تعالى {وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} النساء: 101 والخوف من الفتنة ليس شرطا لقصر الصلاة كما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم، فهو صدقة تصدق الله بها علينا فلنقبل صدقته.
والسفر المبيح للقصر اختلف فى تقديره العلماء، يقول القرطبى فى تفسيره " ج 5 ص 353" قال داود: تقصر الصلاة فى كل سفر طويل أو قصير ولو كان ثلاثة أميال، متمسكا بحديث رواه مسلم عن أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ - شك من أحد رواة الحديث واسمه شعبة- صلى ركعتين. يقول القرطبى: وهذا لا حجة فيه، لأنه مشكوك فيه -أى فى المسافة التى رواها شعبة- وعلى تقدير أحدهما فلعله حد المسافة التى بدأ منها السفر، وكان سفرا طويلا زائدا على ذلك.
ولم يذكر حد السفر الذى يقع به القصر لا فى القرآن ولا فى السنة، وإنما كان كذلك لأنها لفظة عربية مستقر علمها عند العرب الذين خاطبهم الله تعالى بالقرآن، فنحن نعلم قطعا أن من برز عن الدور لبعض الأمور أنه لا يكون مسافرا لغة ولا شرعا، وإن مشى ثلاثة أيام فإنه مسافر قطعا، كما أنَّا نحكم على أن من مشى يوما وليلة كان مسافرا، لقول النبى صلى الله عليه وسلم " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذى محرم منها" وهذا هو الصحيح، لأنه وسط بين الحالين، وعليه عوَّل مالك، ولكنه لم يجد هذا الحديث منفقا عليه، وروى مرة " يوما وليلة " ومرة " ثلاثة أيام " فجاء إلى عبد الله ابن عمر فعوَّل على فعله، فإنه كان يقصر الصلاة إلى " رئمْ " -واد بالمدينة- وهى أربعة بردٌ: لأن ابن عمر كان كثير الاقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم. قال غيره: وكافة العلماء على أن القصر إنما شرع تخفيفا، والتخفيف إنما يكون فى السفر الطويل الذى تلحق به المشقة غالبا، فراعى مالك والشافعى وأصحابهما والليث والأوزاعى وفقهاء أصحاب الحديث أحمد وإسحاق وغيرهما يوما تاما، وقول مالك يوما وليلة راجع إلى اليوم التام، لأنه لم يرد بقوله " مسيرة يوم وليلة " أن يسير النهار كله والليل كله، وإنما أراد أن يسير سيرا يبيت فيه بعيدا عن أهله ولا يمكنه الرجوع إليهم. وفى البخارى: وكان ابن عمر وابن عباس يفطران ويقصران فى أربعة بُرد، وهى ستة عشر فرسخا، وهذا مذهب مالك. وقال الشافعى والطبرى: ستة وأربعون ميلا، وعن مالك روايتان، خمسة وأربعون ميلا، وستة وثلاثون ميلا.
وبعد كلام طويل فى تقدير المسافة قال أبو عمر: اضطربت الآثار المرفوعة فى هذا الباب كما ترى فى ألفاظها، ومجملها عندى -والله أعلم- أنها خرجت على أجوبة السائلين، فحدث كل واحد بمعنى ما سمع -وذلك فى حديث سفر المرأة بغير محرم-.
هذا ما نقلته من تفسير القرطبى باختصار وتصرف، وذكر ابن قدامة فى " المغنى "ج 2 ص 92 روايات عن جماعة من السلف أن القصر يجوز فى أقل من هذه المسافة، لكنها روايات مردود عليها.
وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن المسافة التى تقصر فيها الصلاة فى السفر هى ستة عشر فرسخا ذهابا فقط، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل ستة آلاف ذراع بذراع اليد، وهذه المسافة تساوى ثمانين كيلو ونصف كيلو ومائة وأربعين مترا - مسيرة يوم وليلة بسير الإِبل المحملة بالأثقال سيرا معتادا - ولا يضر نقصان المسافة عن المقدار المبين بشىء قليل، كميل أو ميلين.
وأبو حنيفة لم يقدر المسافة بهذه المقاييس، بل قدرها بالزمن وهو ثلاثة أيام من أقصر أيام السنة يكفى أن يسافر فى كل يوم منها من الصباح إلى الزوال، والمعتبر السير الوسط.
والمالكية قالوا: إن نقصت المسافة عن القدر المبين بثمانية أميال وقصر الصلاة صحت صلاته ولا إعادة عليه على المشهور.
ويستثنى من اشتراط المسافة أهل مكة ومِنى ومزدلفة والمحصب إذا خرجوا فى موسم الحج للوقوف بعرفة فإنه يسن لهم القصر فى حال ذهابهم.
وكذلك فى حال إيابهم إذا بقى عليهم عمل من أعمال الحج التى تؤدى فى غير وطنهم، وإلا أتموا.
ثم قال العلماء: لا يشترط قطع المسافة المذكورة فى المدة المذكورة والمقدرة بالأيام، فلو قطعها فى أقل منها ولو فى لحظة صح القصر- كما هو الشأن فى السفر بالطائرات والقطارات والسيارات.
يؤخذ من هذا أن الرأى المتفق عليه بين الأئمة الأربعة أن يكون السفر طويلا، لا يقل عن ثمانين كيلو مترا تقريبا. هذا، وقد ذكر ابن قدامة فى " المغنى "ج 2 ص 96 أنه حكى عن عطاء وسليمان بن موسى أنهما أباحا القصر فى البلد لمن نوى السفر وكذلك حكى عن غيرهما ولا يوجد دليل صحيح لذلك.
[يضاف كلام ابن قدامة إلى ص 537 من المجلد الثانى]
(9/150)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:30 pm

التنفل قبل صلاة العيد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ذهبت إلى المسجد لصلاة العيد فأردت أن أصلى ركعتين تحية للمسجد فمنعنى بعض الناس وقالوا: لا تجوز أى صلاة قبل صلاة العيد، فهل هذا صحيح؟

الجواب
هناك خلاف بين الفقهاء فى جواز التنفل قبل صلاة العيد يتلخص فيما يلى:
1 - قال المالكية: يكره ذلك قبل صلاة العيد وبعدها إن أديت الصلاة فى الصحراء كما هو السنة، وأما إذا أديت بالمسجد -على خلاف السنة- فلا يكره التنفل لا قبلها ولا بعدها.
2 - والحنابلة قالوا: بكراهة التنفل قبلها وبعدها بأى مكان صليت فيه صلاة العيد، أى فى المسجد وغيره.
3-والحنفية قالوا: يكره قبل صلاة العيد، فى المصلَّى وغيره، ويكره بعدها إذا كان فى المصلى فقط، أما فى البيت فلا يكره.
4 - والشافعية قالوا: بالتفصيل بين الإِمام والمأموم، فيكره للإمام أن يتنفل قبلها وبعدها، سواء أكانت الصلاة فى الصحراء أم فى غيرها، ولا يكره للمأموم التنفل قبلها مطلقا، ولا بعدها إن كان ممن لم يسمع الخطبة لصمم أو بُعْدٍ، وإلا كان التنفل له مكروها.
إن سبب الخلاف هو روايات لم يرد فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وإنما الثابت ما رواه ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام لم يصلِّ قبل العيد ولا بعده، فالذين قالوا بالمنع كان دليلهم فعل الرسول لا قوله، والذين قالوا بالجواز استندوا إلى أنه لم يرد نهى عن ذلك، والحكم على الروايات وبيان وجهات النظر فى التنفل مشروح فى نيل الأوطار للشوكانى "ج 3 ص 319" مع الاتفاق على أنه لم تشرع سنة قبل صلاة العيد ولا بعدها، وإنما الخلاف فى صلاة التطوع أو سنة الوضوء أو تحية المسجد أو قضاء أو غير ذلك، فى الوقت الذى لا تكره فيه الصلاة.
ومن أحسن ما يقوى رأى القائلين بالجواز ما قاله العراقى فى شرح الترمذى من أنه ليس فيها نهى عن الصلاة فى هذه الأوقات، ولكن لما كان صلى الله عليه وسلم يتأخر فى مجيئه إلى الوقت الذى يصلى بهم فيه ويرجع عقب الخطبة روى عنه من روى من أصحابه أنه كان لا يصلى قبلها ولا بعدها، ولا يلزم من تركه لذلك لاشتغاله بما هو مشروع فى حقه من التأخر إلى وقت الصلاة -أن غيره لا يشرع ذلك له ولا يستحب، فقد روى عنه غير واحد من الصحابة أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلى الضحى، وصح ذلك عنهم، وكذلك لم ينقل عنه أنه صلى الله عليه وسلم صلى سنة الجمعة قبلها، لأنه إنما كان يؤذن للجمعة بين يديه وهو على المنبر، قال البيهقى: يوم العيد كسائر الأيام، والصلاة مباحة إذا ارتفعت الشمس حيث كان المصلى. ويدل على عدم الكراهة حديث أبى ذر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "الصلاة خير موضوع، فمن شاء استكثر ومن شاء استقل " رواه ابن حبان فى صحيحه.
قال الحافظ فى الفتح: والحاصل أن صلاة العيد لم تثبت لها سنة قبلها ولا بعدها خلافا لمن قاسها على الجمعة، وأما مطلق النقل فلم يثبت فيه منع بدليل خاص، إلا إن كان ذلك فى وقت الكراهة فى جميع الأيام.
بعد هذا نقول: لم يرد حديث بِمنْع مطلق النفل قبل صلاة العيد، ولا بمنع ما ورد فيه دليل يخصه كتحية المسجد إذا أقيمت صلاة العيد في المسجد. وبهذا يعلم جواب السؤال
(9/151)
________________________________________
وضع الإمام بعد الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل من السنة إذا انتهى الإِمام من الصلاة أن يختم الصلاة وهو متوجه إلى القبلة أو يتحول عنها نحو المأمومين؟

الجواب
روى أبو داود وابن ماجه والترمذى وقال: حديث حسن، أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يؤم الناس فينصرف على جانبيه جميعا، على يمينه وعلى شماله، وعن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " رواه مسلم وأحمد والترمذى وابن ماجه، وروى البخارى وأحمد عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضى تسليمه، وهو يمكث فى مكانه يسيرا قبل أن يقوم. قالت: فنرى -والله أعلم- أن ذلك كان لكى ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال.
من هذا نرى أن بقاء الإمام بعد السلام على هيئة استقبال القبلة ليختم الصلاة لا مانع منه، وأن تحوله عن القبلة جهة اليمين أو الشمال جائز أيضا لا مانع منه، ولا يصح أن نتعصب لحالة من الحالات، وقال العلماء: من السنة بعد سلام الإِمام أن يلتزم مجلسه مستقبلا للقبلة بعد صلاة المغرب والصبح، وذلك ليقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شىء قدير، وذلك عشر مرات كما فى الحديث، لأن الفضيلة المترتبة على ذلك مقيدة بقولها قبل أن يثنى رجله.
والحديث هو ما رواه الترمذى وغيره عن أبى ذر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من قال فى دبر صلاة الصبح وهو ثانٍ رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شىء قدير، عشر مرات كتب له عشر حسنات ومحى عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان يومه ذلك فى حرز من كل مكروه، وحرس من الشيطان، ولم ينبغ لذنب أن يدركه فى ذلك اليوم، إلا الشرك بالله تعالى " قال الترمذى: هذا، حديث حسن وفى بعض النسخ صحيح وفى سنن أبى داود عن مسلم بن الحارث التميمى الصحابى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسَرَّ إليه فقال: " إذا انصرفت عن صلاة المغرب فقل: اللهم أجرنى من النار سبع مرات: فإنك إذا قلت ذلك ثم مت من ليلتك كتب له جوار منها، وإذا صليت الصبح فقل كذلك فإنك إن مت من يومك كتب له جوار منها "
(9/152)
________________________________________
صلاة التوبة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل هناك صلاة تسمى صلاة التوبة؟

الجواب
روى أبو داود والنسائى وابن ماجه والبيهقى والترمذى وقال:
حديث حسن عن أبى بكر رضى الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلى -أى ركعتين- ثم يستغفر الله إلا غفر له " ثم قرأ هذه الآية {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون. أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين} آل عمران:135، 136.
وروى الطبرانى فى معجمه الكبير بسند حسن عن أبى الدرداء أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " من توضأ فأحسن الوضوء ثم قام فصلى ركعتين أو أربعا، مكتوبة أو غير مكتوبة، يحسن فيهن الركوع والسجود ثم استغفر الله غفر له ".
هذه هى صلاة التوبة، والمهم فيها أن تكون التوبة والاستغفار عقب أية صلاة، فإن الدعاء وطلب المغفرة إذا كان بعد طاعة كصلاة أو قراءة قرآن كان مرجو القبول
(9/153)
________________________________________
تعدد الوتر وقضاؤه

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا وتران فى ليلة" وهل يقضى الوتر إذا فات؟

الجواب
نعم، روى أبو داود والنسائى والترمذى وقال حديث حسن، أن عليًّا رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا وتران فى ليلة" وروى أحمد وأبو داود والترمذى عن أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم كان يركع ركعتين بعد الوتر وهو جالس.
قال العلماء: من صلى الوتر بعد العشاء ثم أراد أن يقوم الليل فليصل ما شاء ولكن لا يجوز له أن يوتر، لأنه أوتر قبل ذلك. ومن المعلوم أن الوتر يمكن أن يصلى فى أى جزء من الليل بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وإذا خشى الإِنسان أن تفوته صلاة الوتر يستحب له أن يصليها فى أول الليل، وذلك لحديث رواه مسلم وأحمد والترمذى وابن ماجه "من ظن منكم ألا يستيقظ آخره -أى الليل- فليوتر أوله، ومن ظن منكم أنه يستيقظ آخره فليوتر آخره، فإن صلاة آخر الليل محضورة وهى أفضل " ومعنى محضورة تحضرها الملائكة. ولما سأل الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضى الله عنه " متى توتر "؟ قال: أول الليل بعد العتمة-أى العشاء، ولما سأل عمر رضى الله عنه قال: آخر الليل، فقال " أما أنت يا أبا بكر فأخذت بالثقة -أى الحزم والحيطة- وأما أنت يا عمر فأخذت بالقوة " أى العزيمة على القيام آخر الليل. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الحاكم على شرط مسلم.
هذا، وإذا فاتت صلاة الوتر يمكن قضاؤها كما ذهب إليه جمهور العلماء، وذلك لحديث رواه البيهقى وصححه الحاكم على شرط الشيخين "إذا أصبح أحدكم ولم يوتر فليوتر" وروى أبو داود قوله صلى الله عليه وسلم "من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره" وإسناده صحيح كما قال العراقى.
ووقت القضاء مفتوح ليلا ونهارا عند الشافعى، ومنعه أبو حنيفة فى أوقات النهى عن الصلاة، وقال مالك وأحمد:
يقضى بعد الفجر ما لم تصل الصبح
(9/154)
________________________________________
التشهد الأول

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نسيت التشهد الأول فى صلاة الظهر فهل تبطل صلاتى؟

الجواب
التشهد الأول فى الصلاة سنة عند جمهور العلماء، لو ترك عمدا أو سهوا لا تبطل الصلاة، وذلك شأن كل السنن، وعند تركه يجبر بسجود السهو، روى الجماعة أن النبى صلى الله عليه وسلم قام فى صلاة الظهر وعليه جلوس -أى نسى جلوس التشهد الأول- فلما أتم صلاته سجد سجدتين، يكبر فى كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم، وسجدهما الناس معه مكان ما نسى من الجلوس.
وعليه فمن ترك التشهد الأول سهوا صحت صلاته، ويجبر بسجود السهو، لأن ذلك هو ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وهو القائل "صلوا كما رأيتمونى أصلى" رواه البخارى وقد أخذ جماعة من هذا وجوب التشهد الأول لا سنيته، وقال الحافظ ابن حجر: قال ابن بطال: والدليل على أن سجود السهو لا ينوب عن الواجب أنه لو نسى تكبيرة الإِحرام لم تجبر فكذلك التشهد، ولأنه ذكر لا يجهر فيه بحال فلم يجب كدعاء الاستفتاح. وممن قال بوجوبه الليث بن سعد وأحمد بن حنبل فى المشهور، وهو قول للشافعى وفى رواية عند أبى حنيفة.
والخلاصة أن التشهد الأول قيل إنه سنة وقيل إنه واجب، وعلى كلا القولين لو ترك سهوا يجبر بسجود السهو، ولا تبطل الصلاة.
هذا، والتشهد الأول إذا ترك وصار الإِنسان إلى القيام أقرب منه إلى القعود لا يعود إليه، حتى لو نبهه المأمومون، بل يتم صلاته ثم يسجد للسهو، والدليل عليه حديث رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه " إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس، وإن استتم قائما فلا يجلس وسجد سجدتى السهو" ويسجد معه المأمومون " نيل الأوطار ج 3 ص 127 ".
أما التشهد الأخير فهو فرض باتفاق والاستدلال عليه مستوفى فى كتب الفقه ويراجع " نيل الأوطار للشوكانى ج 2 ص 287 - 292"
(9/155)
________________________________________
الصلاة قبل الصبح

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
بعد أن صليت ركعتى الفجر وقبل الإقامة لصلاة الصبح قمت لأصلى ركعتين أشغل بهما الوقت فقال بعض الناس: إن الصلاة قبل الصبح ممنوعة، فما هو الرأى الصحيح فى ذلك؟

الجواب
معلوم أنه إذا دخل وقت الصبح بطلوع الفجر كان المطلوب صلاتين، صلاة الفريضة وهى الصبح، وصلاة السنة وهى الفجر، التى قال بعض الأئمة بوجوبها، وأية صلاة أخرى غير هاتين الصلاتين كالنفل والقضاء اختلف فى جوازها، فكره جماعة التطوع بعد طلوع الفجر بأكثر من ركعتى الفجر، بناء على حديث رواه أحمد وأبو داود، وهو ضعيف، لكنهم أخذوا به لتعدد طرفه فيقوى بها، وذهب الشافعى إلى جواز التنفل مطلقا بلا كراهة، وقصر مالك الجواز لمن فاتته صلاة الليل لعذر، لأنه بلغه أن عبد الله بن عباس وغيره أوتروا بعد الفجر. وكما قلنا كثيرا: ما دام هناك خلاف فى الرأى جاز الأخذ بأحد الآراء دون تعصب له أو ضده
(9/156)
________________________________________
تأخير صلاة العشاء

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل من الحديث ما يقال "من صلى العشاء فى جماعة كأنه قام نصف الليل" وما يقال " لو لم أشق على أمتى لأمرتهم بتأخير العشاء "؟ وهل هناك تعارض بينهما؟

الجواب
الحديث الأول رواه مسلم وغيره، وهو يدل على فضل صلاة العشاء فى جماعة، وأنه يعدل فى الثواب قيام نصف الليل، حتى لو كانت صلاتها فى أول وقتها أو فى آخر وقتها قرب طلوع الفجر.
أما الحديث الثانى فيدل على فضل التأخير لصلاة العشاء عن أول وقتها، وذلك ليتسنى للناس بعد الانتهاء من أعمالهم بعد غروب الشمس أن يجتمعوا ليصلوها فى جماعة معه صلى الله عليه وسلم، والحديث رواه أحمد وابن ماجه والترمذى " لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه، والنبى صلى الله عليه وسلم لم يواظب على التأخير لما فيه من المشقة على المصلين، فأحيانا كان يعجل، وأحيانا كان يؤجل، فقد روى البخارى ومسلم عن جابر رضى الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى أحيانا يؤخرها وأحيانا يعجل، وإذا رآهم - أى الصحابة - اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطئوا أخر.
فالأمر متروك للظروف، ووقت العشاء يدخل بمغيب الشفق الأحمر، وينتهى بطلوع الفجر، ووقت الاختيار هو ثلث الليل أو نصفه، ووقت الجواز ممتد حتى طلوع الفجر، فقد روى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال " أما إنه ليس فى النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجىء وقت الصلاة الأخرى" وهذا الحديث يدل على كل أوقات الصلوات المفروضة ما عدا صلاة الصبح فإن وقتها ينتهى بطلوع الشمس لا بوقت الظهر وذلك بالإجماع
(9/157)
________________________________________
وضع المنبر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز وضع المنبر فى غير يمين القبلة، فى أى موضع من المسجد؟

الجواب
تحدث العلماء عن مصلَّى النبى صلى الله عليه وسلم، أى المكان الذى كان يلازم فيه الصلاة أو يكثرها فيه، وكان كثير من الناس وبخاصة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم يحرصون على الصلاة فى مصلاه.
أما المنبر فنحن نعلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب أول الأمر واقفا، وإذا تعب استند إلى جذع نخلة، ثم انتهى الأمر إلى بناء منبر له يستريح عليه، وحدث تطور فى هذا المنبر، ولكن أين وضع؟ هل على يمين مصلى الرسول عليه الصلاة والسلام؟ يقول المطرى أحد المؤرخين للمسجد النبوى: ورد أن الواقف فى مصلى النبى صلى الله عليه وسلم تكون رمانة المنبر الشريف حذو منكبه الأيمن، وجاء فى "إحياء علوم الدين" للإمام الغزالى أن المصلِّى فى مصلَّى الرسول -عليه الصلاة والسلام- يجعل عمود المنبر حذو منكبه الأيمن.
من هذا نرى أن منبر الرسول صلى الله عليه وسلم كان على يمين المصلَّى -القبلة أو المحراب- لكن هل هذا الوضع واجب الالتزام؟ لم يرد نص بالالتزام وإنما الكلام الوارد هو بيان موضع المنبر وهو لا يدل على الوجوب، وإن كان يدل على الندب اقتداء بما كان عليه الحال فى أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس بحرام أن يوضع المنبر فى أى مكان.
والمهم هو وجود شىء مرتفع يساعد الخطيب على إسماع الناس، وقد يستغنى عنه بمكبر الصوت، وتؤدى الخطبة من وقوف على الأرض وجلسة على كرسى كما يحصل أحيانا فى بعض المساجد فى خطبة العيد.
إن الأمر سهل لا ينبغى أن يشتد فيه الخلاف، وإن كان من الأوفق أن يراعى المأثور عن السلف فى ذلك، وهو وضع المنبر على يمين المحراب
(9/158)
________________________________________
ثواب مساجد الحكومة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إذا كان من بنى مسجدًا لله بنى الله له بيتا فى الجنة، فمن الذى يثاب عن بناء المساجد التى تقيمها الدولة وبعض المصالح الحكومية والهيئات؟

الجواب
يقول النبى صلى الله عليه وسلم " من بنى مسجدا يبتغى به وجه الله بنى الله له بيتا فى الجنة " رواه البخارى ومسلم.
وإذا كان تمويل بناء المسجد من خزينة الدولة أو خزينة هيئة عامة فإن المنفذ يكون شخصا مسئولا عن عمله مسئولية مباشرة أمام الله تعالى، ومن المنفذين المهندسون والمقاولون والصناع والعمال الذين أسهموا فى إقامة المسجد، فلا مانع أن يتفضل الله عليهم برحمته، ويعطيهم أجرا على المعاونة فى بناء بيوت الله، إلى جانب الأجر الدنيوى على جهودهم، فهو قليل بالنسبة إلى ثوابه سبحانه. والنية لها دخل كبير فى استحقاق الثواب، فإذا قصد المساهم فى بنائها وجه الله وأتقن عمله بناء على ذلك صدق عليه حديث " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " رواه البخارى ومسلم. وهنا نقطة ينبغى أن تؤخذ فى الاعتبار، وهى أن المسئول فى الوزارة أو المصلحة قد يكون ممن يتحمسون لبناء المسجد فيدرجه فى الميزانية ويسهل الإجراءات للتنفيذ، وقد يكون من غير هؤلاء فيتجاهل أو يتعمد عدم بناء مسجد فيكره عليه، ويضطر إلى عمل الإِجراءات وقد يعرقل أو يتهاون، فهناك فرق بينهما، فالأول يعتبر بانيا للمسجد بطريق مباشر أو غير مباشر، والثاني لا يستحق أى أجر على ذلك، بل يجازيه الله بحسب نيته.
وعلى العموم نحن لا نستطيع أن نحدد معاملة الله للممولين والمشاركين والمنفذين لبناء المساجد، فله سبحانه تقديره لعلمه بالنيات، وفضله واسع يغرى بالإِقبال على عمل الصالحات والإسهام فى كل خير ولو بأدنى نصيب وبأى جهد يبذل.
وأما الشخص الاعتبارى وهو الدولة أو الهيئة فهو بأجهزته والعاملين بها وكلاء عن الممولين لبناء المساجد، ذلك ما أراه باجتهادى، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمن نفسى، وأرجو المعذرة فما أردت إلا الخير
(9/159)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:31 pm

تاريخ بناء المسجد الأقصى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هو تاريخ بناء المسجد الأقصى، ومن الذى أمر ببنائه؟

الجواب
الكلام عن تاريخ بناء المسجد الأقصى طويل، ولكن ألخص ما كتبه عنه ابن خلدون فى مقدمته، بادئًا بذكر حديث رواه مسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم فقد سأله أبو ذر عن أول مسجد وضع فى الأرض فقال "المسجد الحرام " أى الذى فى مكة ثم سأله عن غيره فقال "المسجد الأقصى " فسأله:
كم بينهما؟ قال " أربعون عامًا".
وفى تفسير القرطبى أن المسجد الأقصى بناه سليمان عليه السلام كما أخرجه النسائى بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو.
ثم قال القرطبى: هناك إشكال بين الحديثين، لأن بين إبراهيم الذى رفع قواعد الكعبة وسليمان آمادا طويلة، قال أهل التاريخ أكثر من ألف سنة، فقيل إن إبراهيم وسليمان عليهما السلام إنما جددا ما كان أسسه غيرهما، وقد روى أن أول من بنى البيت -فى مكة-آدم عليه السلام، فيجوز أن يكون غيره من ولده وضع بيت المقدس من بعده بأربعين عامًا، ويجوز أن تكون الملائكة أيضا بنته بعد بنائها البيت بإذن الله.
وكلّ محتمل. انتهى ما نقل من القرطبى.
وجاء فى مقدمة ابن خلدون (ص 246) أن بيت المقدس قام داود وسليمان عليهما السلام ببنائه ونصب هياكله ودفن كثير من الأنبياء من ولد إسحاق عليه السلام حواليه، ثم قال: لما خرج موسى ببنى إسرائيل من مصر لتمليكهم بيت المقدس كما وعد الله أباهم إسرائيل وأباه إسحاق من قبله وأقاموا بأرض التيه أمره الله باتخاذ قبة من خشب السنط، فنصبوها بين خيامهم يصلون إليها، ولما ملكوا الشام وبقيت تلك القبة قبلتهم وضعوها على الصخرة ببيت المقدس، وأراد داود عليه السلام بناء مسجده على الصخرة مكانها فلم يتم له ذلك وعهد به إلى ابنه سليمان فبناه لأربع سنين من ملكه ولخمسمائة سنة من وفاة موسى عليه السلام. ثم خربه بختنصر بعد ثمانمائة سنة من بنائه، ولما أعادهم ملوك الفرس بناه عزير نبى بنى إسرائيل لعهده بحدود دون بناء سليمان. ثم تداولتهم ملوك يونان والفرس والروم، وبنى هيرودوس المسجد على بناء سليمان، فلما جاء طيطوس من ملوك الروم وغلبهم خرب المسجد، ثم دان الروم بعد ذلك بالمسيحية حتى جاء قسطنطين وتنصرت أمه هيلانه وارتحلت إلى بيت المقدس تطلب الخشبة التى صلب عليها المسيح بزعمهم، فاستخرجتها من القمامات وبنت مكانها كنيسة القمامة، ثم بنوا بإزاء القمامة بيت لحم وهو الذى ولد فيه عيسى.
وبقى الأمر على ذلك إلى أن جاء الإسلام وحضر عمر لفتح بيت المقدس وسأل عن الصخرة فرأى عليها زِبْلاً وترابًا فكشف عنها وبنى المسجد بطريقة مبسطة.
ثم احتفل الوليد بن عبد الملك فى تشييد مسجده على سنن مساجد الإسلام بما شاء الله من الاحتفال كما فعل بالمسجد الحرام والمسجد النبوى ومسجد دمشق.
- ولما ضعف أمر الخلافة أعوام الخمسمائة من الهجرة فى آخرها وكانت فى ملك العبيديين خلفاء القاهرة من الشيعة واختل أمرهم - زحف الفرنجة إلى بيت المقدس فملكوه وملكوا معه عامة ثغور الشام، وبنوا على الصخرة المقدسة كنيسة كانوا يفتخرون ببنائها حتى قيَض الله للإسلام صلاح الدين الأيوبى فجاهد الفرنجة وطردهم من تلك المنطقة حوالى سنة 580من الهجرة، وهدم الكنيسة وأظهر الصخرة وبنى المسجد على النحو الذى هو عليه اليوم (أيام ابن خلدون) وقد انتهى من وضع مقدمته فى منتصف عام 799 كما دونه فى آخر المقدمة.
هذه صورة تاريخية موجزة للمسجد الأقصى حتى القرن الثامن الهجرى، وما بعد ذلك يطلب من كتب التاريخ، وقد رأينا كيف تقلب به التاريخ حتى نكب بالاحتلال الصهيونى فى القرن الحاضر، ولا يعلم إلا الله ماذا سيكون أمره بعد ذلك
(9/160)
________________________________________
الصلاة وقضاء الحاجات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هى صلاة قضاء الحاجة؟

الجواب
قضاء الحاجة وبخاصة حاجة الدنيا له وسيلتان، الأولى طاعة الله بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، فهى فى حد ذاتها إن قبلت قض الله بها ما يتمناه المؤمن من خير، قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا. ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه) الطلاق: 2، 3 وقال {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} النحل: 97 وقال {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} الأعراف: 96 وفى الحديث " ومن يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة، والله فى عون العبد ما دام العبد فى عون أخيه " رواه مسلم إلى غير ذلك من النصوص، والوسيلة الثانية هى الدعاء بشروطه وآدابه التى من أهمها الخشوع والإخلاص والبعد عن الحرام، قال تعالى {وقال ربكم ادعونى أستجب لكم} غافر: 60 وقال {وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوه الداع إذا دعان} البقرة: 156 وفى الحديث القدسى " يا عبادى كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعمونى أطعمكم، يا عبادى كلكم عار إلا من كسوته فاستكسونى أكسكم. . . " رواه مسلم وهناك حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة وهم فى الغار، فدعوا ربهم بصالح أعمالهم فنجاهم الله، وهاتان الوسيلتان مؤكدتان لا خلاف فيهما.
وقد روى أحمد بسند صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " من توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما سأل معجَّلا أو مؤخرا" والناظر فى هذا الحديث يرى أن قضاء الحاجة وسيلته: عمل صالح وهو صلاة الركعتين -وكذلك الدعاء والسؤال، وأن قضاء الحاجة قد يكون معجلا وقد يكون مؤخرا، فينبغى عدم التعجل، ففى الحديث "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل " رواه أحمد وأبو داود والترمذن وقد يصرف الله بالدعاء من السوء ما يكون خيرا من الشىء الذى دعا به الداعى كما روى فى الحديث.
وهل هناك دعاء مخصوص لقضاء الحاجة؟ هناك حديث عثمان بن حنيف الذى رواه الترمذى وقال حسن صحيح كما رواه ابن ماجه والنسائى وابن خزيمة فى صحيحه، أن رجلا أعمى طلب من النبى صلى الله عليه وسلم أن يدعو له الله ليكشف له عن بصره، فعلَّمه أن يقول بعد الوضوء وصلاة ركعتين " اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبيى محمد نبى الرحمة، يا محمد-إنى أتوجه إلى ربى بك أن يكشف لى عن بصرى، اللهم شفِّعه فى وشفعنى فى نفسى " فرجع وقد كشف الله عن بصره وعلَّمه عثمان لرجل كانت له حاجة عند عثمان بن عفان -وذكر اسم حاجته حين الدعاء فقض الله له حاجته، وهناك دعاء آخر بعد صلاة الركعتين والثناء على الله والصلاة على رسوله وهو: " لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم، لا تدع لى ذنبا إلا غفرته يا أرحم الراحمين، ولا هماً-إلا فرجته، ولا حاجة هى لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين " ومع أن هذا الدعاء طيب إلا أن نسبته إلى النبى صلى الله عليه وسلم فيها كلام، ويمكن الرجوع إلى أدعية أخرى فى كتب الحديث، كالترغيب والترهيب للمنذرى والأذكار للنووى
(9/161)
________________________________________
النية سرا أو جهرا

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل تكفى النية سرا عند أداء الصلاة أم يجب التلفظ بها حتى يقبلها الله؟

الجواب
النية محلها القلب، ولا يجب التلفظ بها فى الصلاة وغيرها، ولا يتوقف قبول الصلاة على التلفظ بها.
وقد قال الشافعية: لا بأس بالتلفظ بها بل يُسَنَ، وذلك ليساعد اللسان القلب، فلو ترك التلفظ بها فالصلاة صحيحة ومقبولة إن شاء الله إن توافرت فيها عوامل القبول بعد الأداء الشكلى، ومنها الخشوع والإخلاص، وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن المالكية قالوا: التلفظ بالنية خلاف الأولى إلا للموسوس فإنه مندوب دفعا للوسوسة.
وقال الأحناف إن التلفظ بدعة، إذ لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ويستحسن دفعا للوسواس.
فالخلاصة أن النية فى الصلاة محلها القلب ولا يشترط التلفظ بها، بل قال الأحناف إنه بدعة وقال المالكية إنه خلاف الأولى، وذلك لغير الموسوس، وقال الشافعية سنة وابن القيم فى كتابه " زاد المعاد"ج 1ص 51 نعى بشدة على من يقول بجواز النطق بالنية وصحح رأى الشافعية فى ذلك فقال:
كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، ولم يقل شيئا قبلها، ولا يلفظ بالنية البتة، ولا قال: أصلَّى لله صلاة كذا مستقبل القبلة.
أربع ركعات إماما أو مأمومًا، ولا قال: أداء ولا قضاء ولا فرض الوقت، وهذه عشر بدع لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مسند ولامرسل لفظ واحدة منها ألبته، بل ولا عن أحد من أصحابه ولا استحسنه أحد من التابعين ولا الأئمة الأربعة، وإنما غرَّ بعض المتأخرين قول الشافعى رضى الله عنه فى الصلاة إنها ليست كالصيام ولا يدخل أحد فيها إلا بذكر، فظن أن الذكر تلفُّظ المصلى بالنية، وإنما أراد الشافعى رحمه الله بالذكر تكبيرة الإحرام ليس إلا، وكيف يستحب الشافعى أمرا لم يفعله النبى صلى الله عليه وسلم فى صلاة واحدة ولا أحد من خلفائه وأصحابه.
هذا هو رأى ابن القيم، وللائمة آراؤهم، والحكم على ما ذكر بأنه بدعة ليس مسلما على طول الخط أنه ضلالة
(9/162)
________________________________________
الصلاة المعادة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز لى أن أصلِّى فى المنزل إماما لوالدتى وأخواتى وأن أعتبر أن هذه صلاة نافلة، ثم أصلى نفس ا

الجواب
يجوز لك أن تصلى فى المنزل إماما والدتك وأخوتك. . . وقد سقطت عنك الفريضة بهذه الصلاة وإذا صليتها فى جماعة كانت الثانية نافلة لك، فهى صلاه معادة.
والدليل ما رواه الترمذى وأبو داود والنسائى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لرجلين: " إذا صليتهما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة ".
قال ابن عبد البر: قال جمهور الفقهاء: إنما يعيد الصلاة مع الإمام فى جماعة من صلى وحده فى بيته أو فى غير بيته وأما من صلى فى جماعة وإن قلت فلا يعيد فى أخرى قلت أو كثرت، وممن قال بهذا مالك وأبو حنيفة والشافعى وأصحابهم، ومن حجتهم قوله صلى الله عليه وسلم: " لا نصلِّى صلاة فى يوم مر بن حنبل بالجواز لأنها سنة، وردَّ على هذا الحديث بأن المنع إذا صلاها مرة ثانية على أنها فريضة أما صل فجائز لأن الحديث الأول جعلها نافلة.
وفى لفظ لأبى داود: " إذا صلى أحدكم فى رحله ثم أدرك الصلاة مع الإمام فليصلها معه فإنها له نافلة " وروى مسلم عن أبى ذر حديثا فيه " كيف أنت إذا كان عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها "؟ وفيه فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة ".
والحديث صريح فى أن الصلاة المعادة تكون نافلة والأولى هى الفريضة، بصرف النظر عن كون الأولى جماعة أو وأخرج الترمذى وحسنه وابن حبان والحاكم والبيهقى عن أبى سعيد قال:
صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل رجل فقام يصلى الظهر فقال " ألا رجل يتصدق على هذا فيصلى نيل الأوطار للشوكانى ج 3 ص 99 وراجع أيضا تفسير القرطبى (ج 1 ص 1 35) .
وهناك شروط لجواز إعادة الصلاة فيها اختلاف بين الفقهاء يمكن الرجوع إليها فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة منها مثلا عند الشافعية أن تكون الصلاة الثانية كلها فى جماعة وألا ينفرد وقت الإحرام بالصلاة الثانية عن الصف مع إمكان دخوله فيه فإن انفرد فلا تصح الإعادة وعند المالكية مثلا أن يصلى الثانية مأموما وليس إماما لمن لم يصل هذه الصلاة
(9/163)
________________________________________
الصلاة التى لا تنهى عن الفحشاء

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل هناك حديث معناه أنه لا خير فى الصلاة ما لم تنه عن الفحشاء والمنكر وإذا كان هذا صحيحا فهل يترك الشبان الصلاة لأنهم لا يستطيعون عصمة أنفسهم من المنكرات، أم الأفضل أن يصلوا حتى لو كانوا يرتكبون المعاصى؟

الجواب
قال الله تعالى: {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} إن الصلاة إذا وقعت تامة ومعها خشوع صحيح ملأت قلب صاحبها نورا وأورثته الخوف من الله فلا يقع فى المعاصى وإن عصى بادر بالتوبة والله سبحانه بفضله لا يضيع كل ثوابها إذا خلت من الخشوع، ولكن أثرها فى تربية السلوك يكون ضيفا، وعلى قدر ما يكون فيها من خشوع يكون الثواب، ويكون الأثر فى السلوك. وعلى كل مصلٍّ أن يجتهد فى أداء الصلاة بعيدا عن الرياء والشواغل التى تصرف عقله وقلبه عن الإحساس بجلال الموقف مع الله. ولكل مجتهد نصيب.
ولا يجوز أبدا لمن يصلى ويعصى الله أن يترك الصلاة لأنها لم تؤثر فى تقويم سلوكه، فالصلاة واجبة وترك المعاصى واجب، وعلى كل إنسان أن يجتهد فى أداء هذين الواجبين، ولعل المحافظة على الصلاة تؤدى إلى الخشوع فيها وبالتالى إلى ترك المعاصى، وكل شىء بالتدريب والتمرين يمكن أن يتم على الوجه المطلوب، والله سبحانه يقول {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم} التوبة: 102.
هذا، وهناك قول مأثور يقول "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا" ويمكن أن يكون معناه صحيحا وروى على أنه حديث مرسل صحيح إلى الحسن البصرى، رواه الطبرانى من قول ابن مسعود بإسناد صحيح وليس مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم ومهما يكن من شىء فهو حث على إتقان الصلاة والمحافظة عليها وعلى ربط العبادة بالسلوك ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. "راجع ص 555 من المجلد الأول "
(9/164)
________________________________________
إمامة المفضول للفاضل

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
عندما أقيم للصلاة وكان الإمام الراتب غائبا تقدم أحد الناس لإمامة المصلين، وبعد الإحرام للصلاة حضر الإمام وأحس به الإمام فخرج من الصلاة لياخذ الإمام الراتب مكانه فما حكم الدين فى ذلك؟

الجواب
إن صلاة الجماعة تصح خلف من تصح صلاته لنفسه بشرط ألا يكون أنقص من المأمومين بعيب يتجاوز عنه لتعذر إصلاحه، كالألثغ أو الفأفاء الذى لا يحسن القراءة فإن إمامته لا تجوز إلا لمن هو مثله، ولا تجوز للسليم من هذه الحالة.
وإذا كانت هناك سلامة من مثل هذه العيوب فيسن أن يقدم أفضلهم أو أحسنهم، كما صح فى الاحاديث التى منها ما رواه مسلم "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقروهم " ولو خولف ذلك فالصلاة صحيحة، (انظر ص 611 من المجلد الرابع) وبخصوص ما جاء فى السؤال روى البخارى ومسلم عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بنى عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبى بكر فقال: أتصلى بالناس فأقيم؟ قال: نعم، قال: فصلى أبو بكر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس فى الصلاة فتخلص حتى وقف فى الصف، فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت فى الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله، أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ثم استأخر أبو بكر حتى استوى فى الصف، وتقدم النبى صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف فقال "يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك " فقال أبو بكر: ما كان لابن أبى قحافة أن يصلَّى بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما لى رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ من نابه شىء فى صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء".
وجاء فى "نيل الأوطار للشوكانى ج 4 ص 158 " أن هذا الحديث فيه من العلم أن المشى من صف إلى صف يليه لا يبطل، وأن حمد الله لأمر يحدث والتنبيه بالتسبيح جائزان وأن الاستخلاف فى الصلاة لعذر جائز من طريق الأولى، لأن قصاراه وقوعها بإمامين.
ومن فوائد الحديث جواز كون المرء فى بعض صلاته إماما وفى بعضها مأموما، وجواز رفع اليدين فى الصلاة عند الدعاء والثناء، وجواز الالتفات للحاجة، وجواز مخاطبة المصلى بالإشارة، وجواز الحمد والشكر على الوجاهة فى الدين، وجواز إمامة المفضول للفاضل وجواز العمل القليل فى الصلاة وغير ذلك من الفوائد
(9/165)
________________________________________
القراءة فى الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل استحسن الرسول صلى الله عليه وسلم بعض السور أو آيات من القرآن الكريم فى الصلوات الخمس أو النوافل؟

الجواب
جاء فى كتاب "الأذكار" للنووى: السنة أن تكون السورة-التى بعد الفاتحة - فى الصبح والظهر من طوال المفصل، أى السور الأخيرة من المصحف.
وتبدأ من سورة [ق أو الحجرات] على خلاف بلغ اثنى عشر قولا فى تعبين المفصَّل.
والمفصَّل أقسام منه طوال إلى سورة (عم) وأوساط إلى سورة الضحى، وقصار وهى إلى آخر سورة الناس.
وفى العصر والعشاء أوساط المفصل.
وفى المغرب من قصار المفصل.
والسنة أن يقرأ فى الركعة الأولى من صلاة الصبح يوم الجمعة سورة الم (السجدة) وفى الثانية (هل أتى على الإنسان حين من الدهر) وأن يقرأ فى الركعة الأولى من صلاة الجمعة سورة الجمعة وفى الثانية سوره المنافقون. أو فى الأولى سورة الأعلى وفى الثانية سورة الغاشية.
والسنة أن يقرأ فى ركعتى سنة الفجر فى الأولى {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} البقرة: 136.
إلى آخر الآية، وفى الثانية: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء} آل عمران:64، إلى آخر الآية، وإن شاء فى الأولى: {قل يا أيها الكافرون} الكافرون: 1، وفى الثانية {قل هو الله أحد} الإخلاص: 1، فكلاهما صح، ففى صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله. يقرأ فى سنة المغرب وركعتى الطواف والاستخارة. فى الأولى {قل يا أيها الكافرون} الكافرون: 1.
وفى الثانية: {قل هو الله أحد} الإخلاص: 1.
وفى الوتر فى الأولى سوره (الأعلى) وفى الثانية سوره (الكافرون) وفى الثالثة {قل هو الله أحد} والمعوذتين.
يقول النووى: وكل الذى ذكرناه جاءت به أحاديث فى الصحيح وغيره مشهورة.
وليكن معلوما أن سنة القراءة تحصل بآية مفهمة أو بعض آيات من أية سورة، ثم هو بالخيار أن يقرأ سورة أو يقرأ بعض السورة، والسورة القصيرة أفضل من آيات يقرؤها من السورة الطويلة.
والسنة أن يقرأ السورة على ترتيب المصحف، ولو خالف هذا جاز مع الكراهة، وقال الحافظ لم أقف على دليل ذلك
(9/166)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:33 pm

صلاة الجمعة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
متى فرضت صلاة الجمعة وما هو العدد المشروط لصحتها، وهل يشترط لإقامتها وجود مسجد؟

الجواب
الجمعة فيها معنى الاجتماع، والاجتماع لابد فيه من عدد، ويوم الجمعة عيد أسبوعي للمسلمين، كما أن السبت عيد لليهود، والأحد عيد للنصارى، وله 32 خصوصية كما فى زاد المعاد لابن القيم نقل ابن حجر فى الفتح 26 منها.
وقد خص الله المسلمين بفضل هذا اليوم كما جاء فى مسند أحمد عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذكرت عنده اليهود قال:"إنهم لن يحسدونا على شىء كما يحسدونا على الجمعة التى هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التى هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام اَمين ".
ويوم الجمعة كان يسمى فى الجاهلية يوم العَروبة "بفتح العين " والعروبة معناها الرحمة، وجاء فى "الروض الأنف " للسهيلى على سيرة ابن هشام، ان كعب بن لؤى - أحد أجداد النبى صلى الله عليه وسلم - هو أول من جمَع يوم العروبة ولم تسم العروبة الجمعة إلا منذ جاء الإسلام فى قول بعضهم وقيل: هو أول من سماها الجمعة، فكانت قريش تجتمع إليه فى هذا اليوم، فيخطبهم ويذكرهم بمبعث النبى صلى الله عليه وسلم ويعلمهم أنه من ولده، ويأمرهم باتباعه والإيمان به، وقد ذكر الماوردى هذا الخبر عن كعب فى كتاب الأحكام السلطانية.
وصلاة الجمعة فرضت بمكة قبل الهجرة كما أخرجه الدارقطنى عن ابن عباس رضى الله عنهما، ولم يتمكن النبى صلى الله عليه وسلم من إقامتها بها، وذلك لقلة عدد المسلمين، أو لضعف شوكتهم أمام قوة المشركين، فلما هاجر من هاجر من الصحابة إلى المدينة. كتب إلى مصعب بن عمير - وهو أول من أوفده النبى صلى الله عليه وسلم من مكة مع المسلمين من الأنصار ليعلمهم، ثم قدم بعده عبد الله بن أم مكثوم -: أما بعد فانظر اليوم الذى تجهر فيه اليهود بالزبور لسبتهم، فاجمعوا نساءكم وأبناءكم، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة فتقربوا إلى الله بركعتين.
وعلى هذا يكون مصعب أول من صلى بهم الجمعة فى المدينة، وكان عددهم اثنى عشر رجلا، كما فى حديث الطبرانى عن أبى مسعود الأنصارى، وهذا الحديث ضعيف.
وهناك قول آخر بأن أول من جمع بهم هو أبو أمامة أسعد بن زرارة الذى نزل عليه مصعب بن عمير، يقول عبد الرحمن بن كعب بن مالك - الذى كان يقود أباه كعبا إلى المسجد -: كان أبى إذا توجه لصلاة الجمعة وسمع الأذان استغفر لأبى أمامة، ولما سأله لماذا يستغفر له قال: كان أول من جمع بنا فى المدينة فى هزم النبيت من حرة بنى بياضة فى نقيع يقال له نقيع الخضمات، وكانوا يومئذ أربعين رجلا، والقول بهذا رواه أبو داود وابن حبان وابن ماجه والبيهقى وصححه، وقال ابن حجر: إسناده حسن.
والهزم المكان المطمس من الأرض، والنبيت أبو حشمن اليمن اسمه عمرو بن مالك، وحرة بنى بياضة قربة على ميل من المدينة، وبنو بياضة بطن من الأنصار والنقيع بطن من الأرض يستنقع فيه الماء مدة فإذا نضب نبت الكلا.
وقد جمع بين الحديثين -على فرض صحة الأول -بأن مصعبا يقال: إنه أول من جمع باعتباره كان إماما للمصلين وبأن أسعد هو أول من جمع لأنه الأمير للقوم، وكان مصعب فى ضيافته فنسب الأمر إليه وبخاصة أنه أطعم المصلين غداء وعشاء كما فى رواية أخرى.
واجتماع المسلمين فى يوم من أيام الأسبوع قيل: كان باجتهادهم قبل أن تفرض عليهم صلاة الجمعة، فقد جاء فى حديث مرسل عن ابن سيرين قال: جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة، وقبل أن تنزل الجمعة، قالت الأنصار: لليهود يوم يجمعون فيه كل أسبوع وللنصارى مثل ذلك، فهلم فلنجعل يوما نجمع فيه فنذكر الله تعالى ونصلى ونشكره، فجعلوه يوم العروبة، واجتمعوا إلى أسعد بن زرارة، فصلى بهم يومئذ ركعتين وذكرهم، فسموا الجمعة حين اجتمعوا إليه فذبح لهم شاة فتغدوا وتعشوا منها، وذلك لقلتهم فأنزل الله تعالى فى ذلك {يا أيها الذين امنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع. . .} الجمعة: 9، قال ابن حجر: رجاله ثقات، إلا أنه مرسل، أى سقط منه الصحابى [يلاحظ أن هذا الحديث يبين قلة عدد المصلين للجمعة فى أول مرة بحيث تكفيهم الشاة غداء وعشاء، أما الحديث الذى فيه استغفار كعب بن مالك لأسعد بن زرارة فيذكر أن عددهم أربعون، وهؤلاء لا تكفيهم الشاة غداء وعشاء، فالظاهر أن رواية حديث ابن سيرين كانت عن أول صلاة، وحديث كعب كان بعد اشتهار صلاة الجمعة وكثرة الحاضرين.
وقيل كان اجتماع المسلمين لصلاة الجمعة بأمر النبى صلى الله عليه وسلم، كما يدل عليه كتابه إلى مصعب بن عمير الذى أخرجه الدارقطنى عن ابن عباس.
ولما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم نزل "قباء" عند بنى عمرو بن عوف، ثم توجه إلى المدينة يوم جمعة فأدركته صلاتها فى بنى سالم بن عوف، فصلاها فى المسجد الذى فى بطن الوادى وسمى مسجد الجمعة وهى أول جمعة صلاها بأصحابه وكانوا مائة وقيل أربعون "الزرقانى 7/ 382" وأول خطبة خطبها بالمدينة فى المرجع المذكور نقلا عن تفسير القرطبى وذكر وجوه محاسنها.
[لعل كل جماعة أسلمت قبل هجرة النبى إليهم كانت تتخذ لها مسجدا خاصا.
هذا فى تاريخ التشريع لصلاة الجمعة، أما العدد المشروط لإقامتها ففيه أقوال كثيرة، أوصلها الحافظ ابن حجر فى "فتح البارى" إلى خمسة عشر قولا، ونقلها الشوكانى فى نيل الأوطار وعلَّق عليها، وفيما يلى تلخيص لذلك.
القول الأول -تصح بواحد، ولا دليل عليه، وهو لا يتفق مع معنى الاجتماع الموجود فى الجمعة، نقله ابن حزم، وحكاه الدارمى عن الكاشانى.
القول الثانى - تصح باثنين، إمام ومأموم، لأن العدد واجب بالحديث والإجماع، ولم يثبت دليل على اشتراط عدد مخصوص، فتقاس على صلاة الجماعة، حيث تصح باثنين، فقد صح عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال: بت عند خالتى ميمونة-أم المؤمنين - رضى الله عنها، فقام النبى صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل، فقمت أصلى معه، فقمت عن يساره، فأخذ برأسى وأقامنى عن يمينه، رواه الجماعة، وفى لفظ: صليت مع النبى صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر، وقمت إلى جنبه عن يساره فأقامنى عن يمينه، قال: وأنا يومئذ ابن عشر سنين. رواه أحمد.
والشوكانى يرجح هذا القول.، وهو قول النخعى وأهل الظاهر.
القول الثالث -تصح باثنين غير الإمام، ودليله أن العدد واجب كالجماعة، وشرط العدد فى المأمومين المستمعين للخطبة، وأقل عدد يحصل به الاجتماع هو اثنان. وهو قول أبى يوسف ومحمد بن الحسن صاحبى أبى حنيفة.
القول الرابع -تصح بثلاثة والإمام رابعهم ومستنده حديث أم عبد الله الدوسية الذى أخرجه الطبرانى وابن عدى عنها مرفوعا "الجمعة واجبة على كل قرية فيها إمام وإن لم يكونوا إلا أربعة" وفى رواية "وإن لم يكونوا إلا ثلاثة رابعهم الإمام " وقد ضعَّفه الطبرانى وابن عدى، وهو قول أبى حنيفة، وحكى عن الأوزاعى وأبى ثور، واختاره المزنى والسيوطى وحكاه عن الثورى والليث بن سعد.
القول الخامس - تصح بسبعة ولا مستند له، وحكى عن عكرمة.
القول السادس -تصح بتسعة، ولا مستند له أيضا، وحكى عن ربيعة.
القول السابع -: تصح باثنى عشر بما فيهم الإمام، ودليله حديث: كان النبى صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ أقبلت عِير قد قدمت، فخرجوا إليها حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا، فأنزل الله تعالى {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما. ..} الجمعة: 11، رواه البخارى ومسلم.
ووجه الاستدلال أن الجمعة صحت بهذا العدد، لكن يرد عليه بأنه دليل على أنها تصح باثنى عشر فما فوقهم، أما إنها لا تصح بأقل من ذلك فلا يدل عليه هذا الدليل.
كما استدل من قال بذلك بحديث الطبرانى عن أبى مسعود الأنصارى: أول من قدم من المهاجرين مصعب بن عمير، وهو أول من جمع بها يوم الجمعة قبل أن يقدم النبى @ وهم اثنا عشر رجلا لكن هذا الحديث ضعيف، وهو قول ربيعة فى رواية وحكاه الماوردى أيضا عن الزهرى والأوزاعى ومحمد بن الحسن.
القول الثامن -تصح باثنى عشر غير الإمام، أى بثلاثة عشر، ومستنده مستند القول السابع، وهو قول إسحاق.
القول التاسع -تصح بعشرين، ولا مستند له وهو رواية عن مالك.
القول العاشر- تصح بثلاثين، ولا مستند له أيضا وهو رواية أخرى عن مالك.
القول الحادى عشر -تصح بأربعين بما فيهم الإمام، ومستنده حديث أبى داود المتقدم فى أن أسعد بن زرارة أول من جمَّع فى هزم النبيت، وفيه ان عددهم يومئذ كان أربعين رجلا.
ووجه الاستدلال أن الإجماع على اشتراط العدد فى صلاة الجمعة، فلا تصح إلا بعدد ثابت بدليل، وقد ثبت جوازها بأربعين، فلا يجوز بأقل منه إلا بدليل صحيح، وقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "صلوا كما رأيتمونى أصلَّى" قالوا: ولم تثبت صلاته لها بأقل من أربعين، لكن أجيب عنه أنه لا دليل فى الحديث على اشتراط الأربعين، بل هو يدل على صحتها بأربعين فمن فوقهم، وأما عدم صحتها بأقل من ذلك فلا يدل عليه هذا الحديث، لأنه واقعة عين، وواقعة العين لا تدل على نفى غيرها، ففى القواعد الأصولية، وقائع الأحوال لا يحتج بها على العموم، فالمعروف أن الجمعة لما فرضت بمكة لم يتمكن النبى صلى الله عليه وسلم من أدائها، فلما هاجر من هاجر كتب إليهم بأدائها، فاتفق أن عددهم إذ ذاك كان أربعين فى رواية الطبرانى عن ابن عباس.
ومن أدلة هذا القول ما أخرجه البيهقى عن ابن مسعود قال: جمعنا النبى صلى الله عليه وسلم وكنت اَخر من أتاه ونحن أربعون رجلا، فقال "إنكم مصيبون ومنصورون ومفتوح لكم " ورد عليه باحتمال أن تكون هذه الواقعة قد قصد بها النبى @ أن يجمع أصحابه ليبشرهم لا ليصلى بهم جمعة، فاتفق أن اجتمع له منهم هذا العدد، قال السيوطى: وإيراد البيهقى لهذا الحديث أقوى دليل على أنه لم يجد من الأحاديث ما يدل للمسألة صريحا، وهذا هو قول الشافعية.
القول الثانى عشر- تصح بأربعين غير الإمام، وروى عن الشافعى أيضا،، وبه قال عمر بن عبد العزيز، ولعل دليله هو دليل القول السابق.
القول الثالث عشر-تصح بخمسين، ومستنده حديث الطبرانى مرفوعا "الجمعة على الخمسين رجلا، وليس على ما دون الخمسين جمعة"وقد ضعَّفه السيوطى، ومع ضعفه محتمل للتأويل،لأن ظاهره أن هذه العدد شرط للوجوب لا شرط للصحة، وهو قول أحمد بن حنبل، وفى رواية عن عمر بن عبد العزيز.
القول الرابع عشر-تصح بثمانين ولا مستند له.
القول الخامس عشر - تصح بجمع كبير بغير قيد، ومستنده أن الجمعة شعار، وهو لا يحصل إلا بكثرة تغيظ أعداء المسلمين، ونوقش ذلك بأن كونها شعارا لا يستلزم أن ينتفى وجوبها بانتفاء العدد الذى يحصل به ذلك.
على أن طلبها من العباد كتابا وسنة مطلق عن الشعار، فما الدليل على اعتباره؟ وكتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير فى نظر يوم اليهود.
. . غاية ما فيه ان ذلك سبب أصل المشروعية، وليس فيه أنه معتبر فى الوجوب، فلا يصح التمسك به لاعتبار عدد يحصل به الشعار، وإلا لزم قصر مشروعيتها على بلد يشارك المسلمين فى سكنه اليهود، وأنه باطل - انتهى.
لكن هذه المناقشة غير واردة لأن الشأن فى الجمعة أنها شعار وإن لم ينص عليه، ولا يشترط فى الشعار وجود يهود مع المسلمين، فقد يزول السبب ويبقى الحكم كالرمل فى الأشواط الأولى فى الطواف لإظهار أن بالمسلمين قوة تدحض زعم المشركين أن المدينة أصابتهم بوبائها، وبقى الرمل مسنونا إلى عهدنا هذا مع انتقاء السبب الأول فى مشروعيته، وهذا القول حكاه السيوطى عن مالك، قال الحافظ ابن حجر: ولعل هنا الأخير ارجحها من حيث الدليل.
هذه هى الأقوال فى اعتبار العدد الذى تنعقد به الجمعة، وقد رأيت أن بعض الأئمة كمالك حكيت عنه عدة روايات فى هذا الصدد، وأن بعضها ليس له دليل والبعض الآخر دليله مناقش غير مسلَّم تماما.
وأرى انعقادها بأى عدد يوجد، محافظة على الشعيرة، وكلما كان العدد كبيرا كان أفضل وبخاصة إذا كان هناك مخالفون لنا فى الدين، ففى انعقادها بالعدد الكبير إظهار لاهتمام المسلمين بالعبادة وتقوية الروح الجماعية، وإعطاء مظهر رائع له تأثيره النفسى على من يشاهد هذا الجمع الكبير، فى صلاته المنظمة ووحدته الروحية القوية.
قال الشوكانى بعد عرض الأقوال السابقة ومناقشة أدلتها: إن الاجتماع هو لذكر الله وشكره، وهو حاصل بالقليل والكثير، بل من الواحد لولا ما قدمناه من أن الجمعة يعتبر فيها الاجتماع، وهو لا يحصل بواحد، وأما الاثنان فبانضمام أحدهما إلى الاَخر يحصل الاجتماع، وقد أطلق الشارع اسم الجماعة عليهما فقال " الاثنان فما فوقهما جماعة" كما تقدم فى أبواب الجماعة وقد انعقدت فى زمانه الصلوات بهما بالإجماع، والجمعة صلاة، فلا تختص بحكم يخالف غيرها إلا بدليل، ولا دليل على اعتبار عدد فيها زائد على المعتبر فى غيرها، وقد قال عبد الحق: إنه لا يثبت فى عدد الجمعة حديث وكذلك قال السيوطى: لم يثبت فى شىء من الأحاديث تعبين عدد مخصوص - انتهى.
انظر: الحاوى للفتاوى للسيوطى: نيل الأوطار للشوكانى، فتح البارى لابن حجر، والروض الأنف للسهيلى.
أما مكان صلاه الجمعة فقال فيه أبو حنيفة: الجمعة لا تقام إلا فى المدن دون القرى والدليل ما روى عن على مرفوعا "ولا جمعة ولا تشريق إلا فى مصر جامع " وقد ضعف أحمد رفع هذا الحديث، وصحح ابن حزم وقفه، وللاجتهاد فيه مجال فلا ينتهض للاحتجاج به.
وعن ابن عباس: أول جمعة بعد جمعة جمعت فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مسجد عبد القيس بجؤاثى من البحرين، رواه البخارى وأبو داود، وقال: جؤاثى قرية من قرى البحرين وروى ابن أبى شيبة عن عمر أنه كتب إلى أهل البحرين أن جمعوا حيثما كنتم،، وهذا يشمل المدن والقرى، وصححه ابن خزيمة وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر بإسناد صحيح أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون فلا يعتب عليهم ويؤيد عدم اشتراط المدن حديث الدوسية المتقدم فى بيان العدد الذى تصح به الجمعة.
أما المسجد فذهب أبو حنيفة والشافعى وأحمد إلى أنه غير شرط، إذ لم يفصل دليلها ذلك، وهو قوى إن صحت صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى بطن الوادى، وقد رويت صلاته فى بطن الوادى ولو لم يسلم بصحته فإن فعلها فى المسجد لا يدل على اشتراطه.
وجاء فى المجموع للنووى أنه لا يشترط إقامتها فى مسجد، ولكن تجوز فى ساحة مكشوفة بشرط أن تكون داخلة فى القرية أو البلدة معدودة فى خطتها فلو صلاَّها خارج البلدة لن تصح بلا خلاف، سواء كان بقرب البلد أو بعيدا عنها، وسواء صلوها فى ركن أم ساحة.
أما المالكية فذهبوا إلى اشتراط المسجد للوجوب والصحة، أو للصحة فقط، ولا تصح فى براحٍ أحيط بأحجار من غير بناء، لأنه لا يسمى مسجدا، فالمسجد ماله بناء وسقف.
وبناء على ما تقدم فى بيان العدد والمكان لإقامة صلاة الجمعة نرى وجوب الحرص على إقامتها بأى عدد كان لمن وجدوا فى محلة لا يتوفر فيها العدد الكبير، ولا يشترط أن تكون المحلة مستوفية لمقومات القرية أو المدينة، والأرض كلها مسجد
(9/167)
________________________________________
الكلام أثناء خطبة الجمعة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما رأى الدين فيمن قاطع الخطيب على المنبر فى تصحيح حديث نبوى أو آية قرآنية؟

الجواب
من أجل احترام المسجد وتوفير الجو الهادئ للحاضرين فى يوم الجمعة لسماع الخطبة شرع السكوت والإنصات، ونهى عن اللغو والعبث والانصراف عن الخطيب بأى وجه يكون. قال تعالى {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} الأعراف: 204، وذلك لاشتمال الخطبة على كثير من القرآن الكريم كما قال بعض المفسرين، وجاء فى الحديث المتفق عليه "إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت " ومن لغا فلا جمعة له كما فى حديث أحمد "من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا والذى يقول له أنصت ليست له جمعة" والإمام أبو حنيفة كره الكلام تحريما من وقت خروج الإمام من خلوته حتى يفرغ من الخطبة ولا يعترض عليه حتى لو حصل منه لغو بذكر الظلمة، وحرم الحنابلة أى كلام حتى لو كان الخطيب غير عدل، وأجازه المالكية إن حصل منه ما لا يجوز كمدح من لا يستحق المدح، وذم من لا يجوز ذمه، هذا ما قاله الفقهاء.
وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقطع خطبته إذا وجه إليه سؤال من أحد الحاضرين، فيجيبه إلى خطبته فيتمها، وفى الحديث المتفق عليه أن رجلا طلب منه وهو يخطب الجمعة أن يدعو الله لينزل عليهم المطر فدعا فنزل المطر مدرارا واستمر أسبوعا، فجاء رجل فى الجمعة المقبلة وسأله وهو يخطب الجمعة أن يدعو الله ليمسك المطر حفاظا على الأموال من التلف، فدعا قائلا: اللهم حوالينا ولا علينا، يقول الشوكانى: فى الحديث جواز مكالمة الخطيب حال الخطبة ومعروف أن امرأة اعترضت على عمر وهو يخطب فى المغالاة فى المهور فلم ينهها بل قال: أصابت امرأة وأخطأ عمر، وفى إحدى الجمع قال للناس اسمعوا قولى وأطيعوا أمرى، فرد عليه سلمان: والله لا سمعنا قولك ولا أطعنا أمرك ذلك أنه قسم ثياب الصدقة.
فأصاب كل واحد قطعة صغيرة لا تكمل ثوبا، وظهر عمر أمامهم على المنبر بثوب كامل، فكيف يميز نفسه على بقية الناس؟ فقام ابنه عبد الله وبيَّن أن والده أخذ من نصيبه ليكمِّل به ثوبا يقف به أمام الناس، وهو يخطب، فقال سلمان: الآن قل نسمع وأمر نطع وصح أن عمر اعترض على تأخر بعض الحاضرين إلى الجمعة (مسلم ج 6 ص 130 وما بعدها 164) .
ومن هنا لا نجد مانعا من تصحيح خطأ حدث من الخطيب فى اَيه أو حديث إذا كان المصحح واثقا من ذلك على أن يكون بأسلوب حكيم لا يحدث لغطا ولا تشويشا، وأن يغلب على الظن أن الخطيب يسمع ويستجيب، فإن لم يستجب فلا يجوز الإلحاح فى التصحيح، فلعله لم يسمع، وقد يكون فيه رد فعل سيئ بأى وجه يكون.
ومع جواز ذلك فلعل من الخير أن يرجأ التصحيح حتى ينتهى المصلون من الصلاة، ثم ينبه الخطيب إلى ما أخطأ فيه وهو بدوره ينبغى أن يعلنه للناس، والنقاش الهادى فيه إثراء للمعرفة، وبعد عن التهمة، وتحاش للظنون، وحفاظ على قدسية المسجد وكرامة العلماء
(9/168)
________________________________________
الكلام فى المسجد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل من الحديث ما يقال " الكلام فى المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب "؟

الجواب
جاء فى كتاب "غذاء الألباب " للسفارينى قوله: وأما ما اشتهر على الألسنة من قوهم إن النبى صلى الله عليه وسلم قال " الحديث فى المسجد- وبعضهم يزيد المباح - يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " فهو كذب لا أصل له.
قال في المختصر: لم يوجد. وذكره القاضى فى موضوعاته كما ذكر العراقى على الإحياء: أنه لا أصل له. لكن روى ابن حبان فى صحيحه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "سيكون فى اَخر الزمان قوم يكون حديثهم فى مساجدهم ليس لله فيهم حاجة" وظاهر الحديث أن الكلام فى المسجد أيا كان نوعه ممنوع، لكن المحققين من العلماء قالوا: إنه يجوز فى الأمور المهمة فى الدين والدنيا من كل ما لا حرمة فيه ولا باطل.
وقد رأى الإمام النووى جواز الحديث العادى وإن صحبه ضحك خفيف، لما رواه مسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاة الذى صلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام. وقال: كانوا يتحدثون فيأخذون فى أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم.
وفى رواية احمد عن جابر: شهدت النبى صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرة فى المسجد وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية، فربما يبتسم معهم، وهو حديث صحيح "نيل الأوطار للشوكانى ج 2 ص 166 ".
فالحديث الممنوع هو الباطل الذى يشوش على المصلين، أو الذى يذهب بكرامة المسجد إذا تناوله جماعة فى شكل حلقات كما نص عليه.
وقد أذن @ لحسان بن ثابت أن يقول الشعر فى المسجد ليرد على الكافرين ما يسترونه من كذب على الله ورسوله كما ثبت فى الصحيحين.
وعليه فالكلام المباح غير محرَّم فى المساجد، وإن كنا ننصح بأن يكون فى أضيق الحدود.. . وليكن شغل الجالسين فيها ذكر الله والعبادة فذلك ما بنيت له المساجد
(9/169)
________________________________________
تعمير المسجد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما المقصود بعمارة المساجد؟

الجواب
عمارة المساجد يقصد بها إقامتها وتهيئتها بالنظافة والخدمة وغيرها لأداء العبادة، كما قال سبحانه: {فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه} النور: 36.
وقد كان العرب يعمرون المسجد الحرام بالخدمة والسقاية والحجابة ويعتقدون أنها أفضل من الإيمان برسالة محمدصلى الله عليه وسلم.
{أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الاخر وجاهد فى سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدى القوم الظالمين} التوبة: 19.
وهذه عمارة فى المبنى، وقد وردت فيها أحاديث كثيرة ترغب فيها.
أما عمارة المعنى فتكون بالتردد عليها وإقامة الجماعات والجمع والاعتكاف فيها، وغير ذلك من الأنشطة الدينية، كما قال تعالى {إنما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وانى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسف أونئك أن يكونوا من المهغدين} التوبة: 18.
وقد نهى الإسلام عن تخريب المساجد إما بهدمها وإما بإغلاقها حتى لا تقام فيها إبشعائر، وإما بإهمال نظافتها. قال تعالى {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعئ فى خرابها} البقرة: 114.
وفى الحديث: للأ ابنوا المساجد وأخرجوا القمامة منها، فمن بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا فى الجنة، وإخراج القمامة منها مهور الحور العين " رواه الطبرانى.
والتخريب للمساجد بمعنييه المادى والأدبى أشار إليه القرطبى فى تفسيره فقال: خراب المساجد قد يكون حقيقيا كتخريب بختنصَّر والنصارى بيت المقدس، ويكون مجازا كمنع المشركين للمسلمين حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الحرام.
وعلى الجملة فتعطيل المساجد عن الصلاة وإظهار شعائر الإسلام فيها خراب لها (ج 2 ص 77)
(9/170)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:37 pm

الجمع بين الصلاتين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
متى يجوز جمع الصلوات! وكيف تؤدى؟

الجواب
لا يجوز جمع الصلوات كلها فى وقت واحد، وإنما الجائز هو جمع صل! الظهر مع العصر فقط، وجمع صلاة المغرب مع العشاء فقط، تقديما فى وقت الأولى منهما أو تأخيرا نى وقت الثانية منهما.
وذلك يكون بسبب السفر الطويل كما يكون الجمع فى يوم عرفة للحجاج، حيث يصلون الظهر مع العصر فى وقت الظهرتقديما، وحيث يصلون المغرب مع العشاء فى المزدلفة تأخيرا.
وإذا أراد تأخير الظهر ليصليها مع العصر نوى فى وقت الظهر أنه يؤخرها، حتى لا يكون تأخيره لها إهمالا أو سهوا، وإذا أراد تقديم العصر ليصليها مع الظهر نوى فى قلبه وهو يصلى الظهر انه سيجمع معها العصر، كما قال الشافعية. (انظر ص 423 من المجلد الثالث من هذه الفتاوى) .
وعند الشافعية لو أراد المسافر تأخير صلاة الظهر مثلا ليجمعها مع العصر يشترط أن يكون السفر موجودا فى وقت صلاة العصر أيضا أما لو انتهى السفر قبل انتهاء صلاة العصر كانت صلاة الظهر قضاء، ويقال مثل ذلك فى المغرب والعشاء (انظر الفقه على المذاهب الأربعة طبع لزارة الأوقاف)
(9/171)
________________________________________
عند وفاة الإمام

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ماذا يفعل المصلون خلف الإمام إذا توفى أثناء الصلاة؟

الجواب
إذا توفى الإمام أثناء الصلاة كان حكمه حكم من انتقض وضوءه ووجب على المأمومين أن يتموا صلاتهم إما فرادى وإما بأن يتقدم أحدهم ليكمل الصلاة جماعة، ولا يجوز لهم قطع الصلاة والخروج منها، فإنهم لن يستطيعوا أن يردوا إليه روحه وذلك بخلاف ما إذا كان هناك خطر يهدد حياة المصلى فإنه يجوز له أن يخرج من الصلاة
(9/172)
________________________________________
خطبة الجمعة وخطبة العيد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز أن تكون خطبة العيد كخطبة الجمعة؟

الجواب
الفرق بين خطبة الجمعة وخطبة العيد، أن خطبة الجمعة ركن، أما خطبة العيد فسنة. وخطبة الجمعة تكون قبل الصلاة، وخطبة العيد بعدها، وخطبة العيد يسن افتتاحها بالتكبير. أما خطبة الجمعة فلا، وخطبة العيد يندب لمن استمع إليها أن يكبِّر عند تكبير الخطيب، أما خطبة الجمعة فيحرم الكلام فى أثنائها، وخطبة الجمعة يشترط لها الطهارة وستر العورة بخلاف خطبة العيد على خلاف للفقهاء فى ذلك
(9/173)
________________________________________
لماذا فرضت صلاة الصبح مبكرة؟

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
لماذا فرض الله سبحانه وتعالى على الناس صلاة الصبح فى وقت قد لا يستطيع كل الناس أداءها فيه نظرا لاختلافهم فى حالات توقيت العمل فى الصباح، وعدد ساعات النوم التى لا يستطيع كل إنسان التحكم فيها؟

الجواب
الله سبحانه له حكمة فى توزيع الصلوات على الأوقات المعروفة فلا بد من المحافظة على ذلك حتى لو لم نفهم الحكمة، فالأمر قائم على الاتباع، ففى الحديث "صلوا كما رأيتمونى أصلى" وقد عين جبريل للرسول عليه الصلاة والسلام مواقيت الصلاة، بعد أن فرضت عليه ليلة الإسراء، وحدد له أول الوقت وآخره، وقال له: " الوقت ما بين هذين الوقتين ".
ولعل الحكمة فى تضييق وقت صلاة الصبح هى الحرص على البكور واستئناف النشاط اليومى من أول النهار، فقد أجمع ذوو الاختصاص على أن الساعات الأولى من النهار فيها خير كبير للإنتاج الذهنى والبدنى، والرسول دعا أن يبارك الله لأمته فى البكور.
وقال بعض المفكرين إن صلاة الصبح تؤدى بعد راحة طويلة بالنوم بالليل، ومع ذلك جعلها الله ركعتين ولم يجعلها أربعا أو أكثر، وذلك للسرعة فى استئناف العمل من أجل الرزق والمهمات الأخرى.
وقد كره العلماء السهر الطويل بعد العشاء لغير حاجة وذلك من أجل راحة الجسم بالنوم وعدم فوات صلاة الصبح التى قال الله فيها: {إن قراَن الفجر كان مشهودا} الإسراء: 78.
وإذا كانت هناك قلة من الناس يعملون بالليل فيتعرضون لضياع صلاة الصبح، فإن القلة لا تحكم على الكثرة ومع ذلك فمن الممكن أن تنظم أوقات العمل حتى لا يضيع أى فرض من فروض الصلاة ليلا أو نهارا.
وفى الصحيحين أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: " يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة مكانها: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ".
وفى الصحيحين أيضا أن رجلا ذُكِر عند النبى صلى الله عليه وسلم فقيل: ما زال نائما حتى أصبح ما قام إلى الصلاة، فقال "ذاك رجل بال الشيطان فى أذنه "
(9/174)
________________________________________
حكمة مشروعية الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هو السر فى تكليف الله لنا بالصلاة أكثر من مرة فى اليوم والليلة، الأمر الذى يشغلنا عن الكفاح لطلب الرزق والاستمتاع الكامل بالحياة؟

الجواب
على ضوء الحكمة العامة للتشريع وهى ربط المخلوق بالخالق، وإعداده لحمل الأمانة وتحقيق الخلافة يمكن أن تظهر حكمة التشريع فى الصلاة التى هى أفضل العبادات وأقواها أثرا فى إظهار العبودية لله، وفى إعداد الشخص نفسيا وخلقيا وتهيئته لحياة سعيدة كريمة. وقد ورد فى بيان سرها ومغزاها آيتان كريمتان هما قوله تعالى {وأقم الصلاة لذكرى} طه: 14، وقوله {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت:45.
وعلى ضوء الحكمة العامة للتشريع يمكن بيان بعض أسرارها فيما يلى:
1 - الصلاة فيها ذكر لله يربط المخلوق بالخالق، فالمصلِّى يدخل صلاته بالتكبير لله، الذى يشعر بالوحدانية المطلقة والإقرار بسلطان الله الواسع وعزته البالغة، وهو فى الفاتحة يحمده ويثنى عليه بمحامد الصفات ويقر له وحده بالعبادة ويطلب منه وحده المعونة والهداية إلى الصراط المستقيم وهو يركع خاضعا ويسجد خاشعا ويوحده متشهدا.
وفيما بين ذلك يقرأ ويدعو ويسبِّح ويكبِّر. وكل ذلك مظاهر واضحة لربط المصلى بربه. يقول النبى صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه " قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين ولعبدى ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله:
حمدنى عبدى. وإذا قالى: الرحمن الرحيم قال أثنى علىَّ عبدى، وإذا قال: مالك يوم الدين قال: مجِّدنى عبدى، وإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين. قال: هذا بينى وبين عبدى ولعبدى ما سأل وإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، قال هذا لعبدى ولعبدى ما سأل " رواه مسلم.
ومن أجل قوة هذا الرباط الروحى كانت م الصلاة من أكبر ما يكفِّر الذنوب، على ما جاء فى قوله تعالى {وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} هود: 114، وكما قال صلى الله عليه وسلم " أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شىء؟ " قالوا لا يبقى من درنه شىء قال " فكذلك الصلوات الخمس يصححه يمحو الله بهن الخطايا " رواة البخارى ومسلم.
2- الصلاة فيها إشراق للروح وتطهير للقلب، وأنس بالله وطمائنينة للنفس بمناجاة تذهب اللهم وتفسح الصدر بالأمل، وتبعده عن العقد النفسية، وتقوى العزيمة على العمل، ولهذا كانت ملجأ الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يحزبه أمر أو يهمه موضوع. ففى الحديث: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أو حزنه أمر فزع إلى الصلاة، رواة أحمد. وجاء عنه قوله "وجُعلت قُرة عينى فى الصلاة" رواه النسائى والطبرانى والضحاك وصححه، وقال الحافظ: إسناده جيد.
وفى الصلاة تصفية للنفس من الكبر والغرور، بالذلة لله والضراعة وطأطأة رأسه التى طالما ارتفعت على الناس، ولمس التراب بأشرف شىء فى الإنسان تواضعا وخضوعا لخالق هذه الأعضاء.
والصلاة بما اشتملت عليه من أقوال وأفعال تعوَّد الإنسان أن يقرن العلم بالعمل، وألا يقتصر فى حياته على العلم بالحقائق، بل لابد من تطبيقها والإفادة منها فى الحياة، ويبدو ذلك واضحا فى الركوع والسجود، اللذين هما تطبيق عملى للإقرار بعظمة الله ووحدانيته ولطلب المعونة والهداية منه، فهما يشعران بذلة الإنسان وتواضعه واحتياجه لربه.
وفى الصلاة تقوية لعامل الخوف من الله يدعو إلى-الإخلاص فى العمل، وإلى مراقبته فى جميع الشئون، وفى الصلاة أيضا تمرين على النظام فى الحياة العامة، بما فيها من ضبط لأوقاتها وتنسيق لأداء أركانها، وترتيب الإنسان لمواعيد نومه، ويقظته واعماله الأخرى.
بحيث يساعد هذا الترتيب على أداء الصلوات فى أوقاتها المحدودة لها، كما أن الصلاة تعوَّد النظافة بما اشترط لها من طهارة، وفى حركاتها المختلفة رياضة تفوق التمرينات التى يحرص عليها كثير من الناس، ذلك لأنها تجمع إلى رياضة الجسم رياضة الروح بالذكر والدعاء.
3-الصلاة تصقل نفس صاحبها وترقق قلبه وترهف حسه وتهذَّب غرائزه فيخرج منها ليعامل الناس بعفة اللسان ولين الكلام وخفض الجناح ورحمة الضعفاء ومواساة المحتاجين، ويؤيد فائدتها فى الميدان الاجتماعى النعى على الذين يصلون ولا يفيدون من صلاتهم، بل يخرجون منها ولا تمتد أيديهم بالخير إلى الناس، لأنهم دخلوها رياء لا قلب يخشى ولا عقل يفهم، قال تعالى {فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يراءون ويمنعون الماعون} الماعون: 4 - 7.
والصلاة الكاملة الخاشعة تنأى بالإنسان عن اقتراف المنكر وإتيان الفواحش، سواء أكان ذلك بينه وبين نفسه أم بينه وبين الناس، يدل على ذلك قوله تعالى {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت: 45، وقال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذى جيرانها بلسانها قال "هى فى النار" رواه أحمد والبزار وابن حبان فى صحيحه والحاكم وصححه، وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "قال الله عز وجل: إنما أتقبَّل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتى، ولم يستطل على خلقى، ولم يبت مصرًّا على معصيتى، وقطع النهار فى ذكرى ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة، ورحم المصاب ذلك نوره كنور الشمس، أكلؤه بعزتى وأستحفظه ملائكتى، وأجعل له فى الظلمة نور، وفى الجهالة حلما، ومثله فى خلقى مثل الفردوس فى الجنة" رواه البزار من رواية عبد الله بن واقد الحرانى وبقية رواته ثقات.
وفى الصلاة مع الجماعة تطبيق عملى للديمقراطية السلوكية، بما فيها من مساواة وتعويد لطاعة الرؤساء وتمرين على النظام بربط حركات المأمومين بحركات الإمام وبتسوية الصفوف وسد الفرج بين المصلين، وفيها دعوة عملية للاتحاد والتعاون، وفرصة للتجمع والتعارف وما ينشأ عن ذلك من تبادل الآراء والمنافع وحل المشكلات وتقوية رابطة الألفة والمحبة بين الناس.
هذا، ولن تثمر الصلاة ثمرتها المطلوبة إلا إذا أديت بخشوع يقوم على حضور القلب وتفرغه مما سوى الصلاة، وعلى تفهم ما يقول المصلى ويفعله، وعلى استشعاره لعظمة الله وهيبته مع رجاء ثوابه وخشية عقابه ومع حياء يشعر معه بالقصور عن أداء ما يجب لله المعبود وحده بحق وصاحب النعم كلها {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} الأعراف: 54، قال تعالى فى مدح المؤمنين المفلحين {الذين هم فى صلاتهم خاشعون} المؤمنون: 3، وفى نهيه عن الغفلة فيها بتعاطى أسبابها {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} النساء: 43.
ولما كانت الصلاة بهذه المنزلة التربوية العظيمة كانت أهم أركان الإسلام وأفضلها يشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم "لا دين لمن لا صلاة له إنما موضع الصلاة من الدين موضع الرأس من الجسد" رواه الطبرانى ومن هنا جاءت فارقا بين المسلم والكافر كما ورد فى الحديث الصحيح "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" رواه مسلم وأصحاب السنن بألفاظ متقاربة.
ولم يتسامح فيها الرسول عليه الصلاة والسلام، كما تسامح فى غيرها من التكاليف لمن أراد الدخول فى الإسلام فنعدما جاء إليه وفد ثقيف اشترطوا عليه ألا يخرجوا للجهاد ولا تؤخذ منهم زكاة، ولا يجتمعوا للصلاة ولا يول عليهم أحد من غيرهم، فأجابهم إلى طلبهم مبدئيا ما عدا الصلاة، حيث قال "لكم ألا تحشروا - للجهاد - ولا تعشروا- بأخذ العشر للزكاة - ولا يستعلى عليكم غيركم لا خير فى دين لا ركوع فيه " رواه أحمد. ولما كان للصلاة أثرها القوى فى تثبيت الإيمان فى القلوب وفى تقويم السلوك قال النبى صلى الله عليه وسلم فى شأن هؤلاء "إنهم سيصدقون ويجاهدون " كما جاء فى رواية ابى داود أى أن الصلاة ستحملهم على عمل الخير الذى كانوا قد رغبوا عنه.
بهذا العرض لحكمة مشروعية الصلاة يتضح للمؤمن أنها لمصلحته هو، فالله غنى عن عبادتنا وأن أية فائدة لا تأتي الا ببذل جهد مهما كانت درجته، وبمقارنة الثمرات الطيبة التى تخم عن الصلاة بما يتكلفه الإنسان من جهد تنشط نفسه للمحافظة عليها وتأبى التقصير فيها. ويحس بأنها غنم لا غرم، فالجلسة فى روضة مع الحبيب ليست كوقفة أمام محقق فى تهمة أو دفع غرامة
(9/175)
________________________________________
ألفاظ الأذان والإقامة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
سمعت بعض المؤذنين يقول فى أول الأذان " الله اكبر " مرتين فقط كما سمعت بعض من يقيمون للصلاة يقول "أشهد أن لا إله إلا الله " مرتين وكذلك بقية الكلمات فهل هذا صحيح؟ وهل المؤذن هو الذى يقيم؟ ومتى يقوم الناس للصلاة عند الإقامة؟

الجواب
معلوم أن الأذان الذى هو الإعلام بدخول وقت الصلاة سنة، وكذلك الإقامة لاستنهاض الحاضرين لأداء الصلاة سنة أيضا.
وألفاظ الأذان هى: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله. حى على الصلاة. حى على الفلاح. الله أكبر. لا إله إلا الله. ويمكن أن تؤدى بإحدى كيفيات ثلاث هى:
الأولى - تربيع التكبير الأول (أى يقال أربع مرات) وتثنية باقى الكلمات (أى تقال مرتين) بلا ترجيع، أى قول اشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله سرًّا قبل الجهر بهما، ما عدا كلمة التوحيد وهى الأخيرة فتقال مرة واحدة فيكون عدد الكلمات خمس عشرة كلمة، كما جاء فى حديث عبد الله بن زيد الذى رواه أحمد وأبو داود والترمذى وقال: حسن صحيح.
الثانية - تربيع التكبير الأول، مع ترجيع الشهادتين (كل شهادة مرتين سرا) والباقى كالكيفية الأولى، فيكون عدد الكلمات تسع عشرة كلمة، كما جاء فى حديث أبى محذورة الذى رواه الخمسة أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذى: حسن صحيح.
الثالثة: - تثنية التكبير الأول مع ترجيع الشهادتين، والباقى كالكيفية الأولى، فيكون عدد الكلمات سبع عشرة كلمة، كما جاء فى حديث أبى محذورة الذى رواه مسلم.
وألفاظ الإقامة هى ألفاظ الأذان بزيادة "قد قامت الصلاة" قبل التكبير الأخير ويمكن أن تؤدى بكيفيات ثلاثة هى:
الأولى-تربيع التكبير الأول مع تثنية جميع كلماتها، ما عدا الكلمة الأخيرة وهى كلمة التوحيد فيكون عدد الكلمات سبع عشرة كلمة، كما جاء فى حديث أبى محذورة الذى رواه الخمسة وصححه الترمذى.
الثانية - تثنية التكبير الأول والأخير وقد قامت الصلاة، وإفراد سائر الكلمات فيكون عددها إحدى عشرة كلمة، كما فى حديث عبد الله بن زيد المتقدم وفيه "ثم تقول إذا أقمت: الله اكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، اشهد أن محمدا رسول الله، حى على الصلاة، حى على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله اكبر الله أكبر، لا إله إلا الله ".
الثالثة-هذه الكيفية كالكيفية الثانية ما عدا كلمة "قد قامت الصلاة" فتقال مرة واحدة فيكون عدد الكلمات عشر كلمات. وقد أخذ مالك بهذه الكيفية لأنها عمل أهل المدينة، وإن لم يصح عن الرسول إفراد كلمة "قد قامت الصلاة" كما قال ابن القيم. من هذا العرض نرى أن كيفيات الأذان والإقامة مختلفة، وكلها صحيحة ولا داعى للتعصب لأية كيفية.
أما كون المؤذن هو المقيم فلم يرد فيه حديث، فيجوز أن يقيم المؤذن وأن يقيم غيره، وذلك باتفاق العلماء لكن الأولى أن يتولى المؤذن الإقامة. قال الشافعى: وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة، وقال الترمذى والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن من أذن فهو يقيم. ويمكن الرجوع إلى صفحة 681 من المجلد الثالث من هذه الفتاوى ففيه توضيح لهذه المسألة.
وإذا سمع الناس الإقامة للصلاة متى يقومون إليها؟ قال النووى فى شرح صحيح مسلم "ج 5ص 103، اختلف العلماء من السلف فمن بعدهم متى يقوم الناس للصلاة ومتى يكبِّر الإمام، فمذهب الشافعى رحمه الله تعالى وطائفة انه يستحب ألا يقوم أحد حتى يفرغ المؤذن من الإقامة ونقل القاضى عياض عن مالك رحمه الله تعالى وعامة العلماء أنه يستحب أن يقوموا إذا أخذ المؤذن فى الإقامة وكان أنس رحمه الله تعالى يقوم إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، وبه قال أحمد رحمه الله تعالى، وقال أبو حنيفة والكوفيون يقومون فى الصف إذا قال حى على الصلاة فإذا قال: قد قامت الصلاة كبِّر الإمام.
وقال جمهور العلماء من السلف والخلف: لا يكبر الإمام حتى يفرغ المؤذن من الإقامة
(9/176)
________________________________________
وضع الأصابع على الأذنين فى الأذان

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يلاحظ أن اكثر المؤذنين يضعون أصابعهم على آذانهم أثناء الأذان فهل هذا سنة؟

الجواب
جاء فى المغنى لابن قدامة وشرحه "ج 1 ص 438" أن المشهور عن أحمد بن حنبل أن المؤذن يجعل إصبعه فى أذنيه، وعليه العمل عند أهل العلم وهو مستحب قال الترمذى لما روى أبو جحيفة أن بلالا أذن ووضع إصبعيه فى أذنيه، متفق عليه، وعن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يجعل إصبعيه فى أذنيه قال "إنه أرفع لصوتك ".
وروى أبو طالب عن أحمد أنه قال: أحب إلىَّ أن يجعل يديه على أذنيه، لحديث أبى محذورة وضم أصابعه الأربع ووضعها على أذنيه، وحكى أبو حفص عن ابن بطة قال:
سألت أبا القاسم الخرقى عن صفة ذلك فأرانيه بيديه جميعا فضم أصابعه على راحتيه ووضعهما على أذنيه واحتج لذلك القاضى بما روى أبو حفص بإسناده عن ابن عمر أنه كان إذا بعث مؤذنا يقول له: اضمم أصابعك مع كفيك، واجعلهما مضمومة على أذنيك، وبما روى الإمام أحمد عن أبى محذوفي أنه كان يضم أصابعه، والأول أصح لصحة الحديث وشهرته وعمل أهل العلم به وأيهما فعل، فحسن وإن ترك الكل فلا بأس. انتهى.
هذا ما جاء فى المغنى عن استحباب وضع الإصبعين فى الأذنين أو وضع الأصابع الأربع كلها على الأذنين وكما قال ابن قدامة: وضع الإصبعين فى الأذنين هو الأصح والحكمة فى ذلك -كما ذكر فى الحديث - أنه أرفع للصوت: والعلاقة بين الصوت وسد الأذنين بالإصبعين تحتاج إلى تأصيل من المختصين. - إن الموضوع لا يحتاج أكثر من هذا، ولا ينبغى الجدل فيه كما ختم ابن قدامة به الإجابة: أيهما فعل فحسن وإن ترك الكل فلا بأس
(9/177)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:38 pm

أذان المرأة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للمرأة أن تؤذن للصلاة إذا كانت الجماعة من النساء؟

الجواب
يكره للمرأة رفع صوتها بالأذان إذا سمعه رجل أجنبى، فإن كانت تؤذن لنساء فلا مانع بحيث لا يسمعه أجنبى، وكذلك لو أذنت لنفسها، جاء فى المغنى لابن قدامة "ج 1 ص 437" أنه لا خلاف فى أنه لا أذان ولا إقامة على المرأة، لكن هل يسن لها ذلك؟ قال أحمد: إن فعلن فلا بأس وان لم يفعلن فجائز، وعن عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم كما رواه البيهقى وقد مر فى صفحة 428 من المجلد الأول من هذه الفتاوى أن النبى صلى الله عليه وسلم جعل لأم روقة مؤذنا وأباح لها أن تؤم أهل بيتها
(9/178)
________________________________________
الأذان المسجل

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز فى صلاة الجماعة الاكتفاء بالأذان المسجل على شريط أو المذاع بأجهزة الإذاعة أم لابد من قيام أحد برفع الأذان؟

الجواب
لا يكتفى بالأذان المسجل أو المذاع فإن المسلمين مطالبون به كما صح فى قول النبى صلى الله عليه وسلم "إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكما وليؤمكما أقرؤكما" رواه البخارى ومسلم. والأذان سنة مؤكدة كما رآه أبو حنيفة والشافعى. وقال أبو بكر بن عبد العزيز: هو من فروض الكفاية وهو قول أكثر أصحاب أحمد بن حنبل وقول بعض أصحاب مالك. ويدل علي فرضيته أمر النبى صلى الله عليه وسلم به كما سبق ومداومته هو وخلفاؤه عليه والأمر هنا للوجوب والمداومة عليه تدل عليه، ولأنه شعار الإسلام "المغنى لابن قدامة ج 1 ص 431 " ومن أوجبه من الحنابلة أوجبه على أهل المصر"، وقال مالك: يجب فى مساجد الجماعة، ويكفى فى العصر أذان واحد إذا كان يسمعهم.
وبهذا يعلم أنه واثب أو سنة بالنسبة للفرد أو بالنسبة للجماعة، ويكره تركه ويأثم من تركه على رأى من يوجبه، ولابد أن يكون من مسلم ولا يكفى إذاعة تسجيله
(9/179)
________________________________________
فضل الصلاة فى المسجد البعيد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يوجد بجوار منزلى مسجد صغير، وهناك مسجد آخر كبير يبعد عنه بمسافة نصف كيلو متر، فأى المسجدين يفضل أن أصلى فيه؟

الجواب
لا شك أن الأرض كلها مسجد، فأينما أدركت الإنسان الصلاة صلَّى، وذلك من خصوصيات الأمة الإسلامية كما صح فى الحديث، لكن الصلاة فى المسجد المقام من أجل ذلك أفضل، وذلك لخيرية البقعة نفسها كما جاء فى الحديث الصحيح "خير البقاع فى الأرض المساجد" ولرجاء أن يصلى جماعة، ولتقوية الرابطة الاجتماعية بكثرة من يلتقى بهم الإنسان، مع وجود فرصة لقراءة قرآن أو سماعه أو حضور مجلس علم، وللأمر بعمارة المساجد وفتحها للمصلين وممارسة الشعائر فيها.
وإذا كانت هذه الآثار تترتب على الذهاب إلى مسجد، صغيرا كان أو كبيرا، قريبا من منزله أو من محل عمله أو بعيدا، فإن الفضل يزيد فى المسجد الكبير وذلك لكثرة المصلين معه " روى أحمد وأبو داود والنسائى وابن ماجه وغيرهم عن أُبى بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى:
وكذلك يزيد الفضل فى المسجد البعيد. . .
ذلك أن خطوات الإنسان من بيته إلى المسجد لها ثوابها كما صح فى الحديث الذى رواه مسلم "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات "؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: "إسباغ الوضوء على المكاره،كثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط. فذلكم الرباط " والحديث الذى رواه مسلم أيضا "من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت الله ليقض فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة" والحديث الذى رواه البخارى ومسلم عن جابر قال: خَلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فقال لهم " بلغنى أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد"؟ قالوا: نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك فقال "بنى سلمة، دياركم تكتب آثاركم دياركم تكتب آثاركم " فقالوا: ما يسرنا أنا كنا تحولنا. والحديث الذى رواه البخارى ومسلم "إن أعظم الناس أجرا فى الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم، والذي ينتظر الصلاة، حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذى يصليها ثم ينام " هذا، وأرى أن يدخل فى الاعتبار مدى الاستفادة العلمية من خطبة الجمعة أو الدروس الدينية، فيفضل أكثرها فائدة.
لأن المساجد ليست للصلاة فقط. جاء فى " كفاية الأخيار" فى فقه الشافعية أن الجماعة فى القريب أفضل إذا ترتب على الجماعة فى البعيد تعطيل لها فى المسجد القريب، أو كان البعيد إمامه معتزلى أو غيره من المبتدعين والفساق أو مذهبه غير مذهبه
(9/180)
________________________________________
رفع الصوت فى الصلاة لطارئ

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
فى أثناء الصلاة قد يطرق الباب أحد الأشخاص،فهل يجوز للمصلى أن يرفع صوته عند التكبير للركوع أو غيره ليعلم الشخص أن صاحب المنزل موجود فى المنزل؟

الجواب
فى فقه المذاهب الأربعة نشر أوقاف مصر ما يأتى:
قال الحنفية: تبطل الصلاة إذا رفع صوته بالتسبيح أو التهليل يريد - بذلك زجر الغير عن أمر من الأمور، أما إذا رفع صوته بالقراءة قاصًا - الزجر برفع الصوت لا بالقراءة فإن صلاته لا تفسد، وكذلك لو سبَّح - للإعلام بأنه فى الصلاة لا تبطلَ الصلاة.
وقال المالكية: لو استأذن شخص فى الدخول عليه وهو يصلى فأجابه بالتسبيح أو التهليل أو بقول: لا حول ولا قوة إلا بالله فإن صلاته لا تبطل بذلك فى أى محل من الصلاة. وقال الحنابلة: لا تبطل الصلاة بأى ذكر أو بأى آية من القرآن الكريم، كقوله " ادخلوها بسلام آمنين " لمن يستأذنه.
وقال الشافعية: إذا استأذنه شخص فى أمر فسبَّح له يعنى قال سبحان الله لا تبطل الصلاة إن قصد الذكر ولو مع ذلك الغرض، فإن قصد إعلام المستأذن فقط بطلت صلاته.
من هذا يعلم أن رفع الصوت لإعلام من يطرق الباب أنه يصلى لا تبطل به الصلاة عند الجمهور
(9/181)
________________________________________
الصلاة فى وقت الدرس

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أثناء المحاضرات فى الجامعة هل يخرج الدارسون للصلاة عند سماع الأذان، وقد تكون المحاضرة لمدة ساعتين وبالتالى قد تفوت صلاة المغرب؟

الجواب
وقت الصلاة موسَّع بين أوله وآخره وإن كان التعجيل بالصلاة فى أول وقتها أفضل.
لكن محل ذلك إذا لم يكن الإنسان مشغولا بشىء هام يفوت منه لو تركه وذهب إلى الصلاة فى أول الوقت، وهنا يمكن أن يؤخر الصلاة إلى قبيل دخول وقت الصلاة الثانية.
أما إذا كان زمن المحاضرة يشغل الوقت كله بحيث لو استوعبها الطالب فاتت منه الصلاة فيجب عليه أن يتركها ويؤدى الصلاة، ويمكن تدارك ما فات منه بوسيلة أو بأخرى وبخاصة إذا كانت المحاضرة فى موضوع ليس واجبا حتما تعرف به الواجبات الأساسية على الإنسان نحو ربه ونحو مجتمعه، بل هو موضوع من الدرجة الثانية التى يكون تعلمها نافلة وليس فرضا.
ثم أقول لصاحب السؤال الذى يجب عليه أن يترك المحاضرة ليؤدى الصلاة حتى، لا تفوت منه يجب عليه أيضا أن ينبه الأستاذ إن كان مسلما كما ينبه الطلاب إلى حرمة تضييع الصلاة وإلى وجوب ترك المحاضرة حتى يؤدوا الصلاة، لأن هذا من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ولكن يجب أن يكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة.
أرجو أن يمكِّن الأساتذة الطلاب من أداء الصلاة فى وقتها كما يجب عليهم هم أن يصلوا وأن يؤجلوا ما بقى من المحاضرات إلى وقت آخر، حتى يبارك الله لهم جميعا فيما يتعلمون فتقوى الله أكبر عامل على السعادة فى الدنيا والآخرة.
وأؤكد أن وقت الصلاة متسع ولا يتحتم على الطالب أن يترك المحاضرة ليؤدى الصلاة فى أول وقتها، فأداؤها فى أول وقتها سنة وطلب العلم سنة، وبهذه المناسبة ذكر ابن القيم فى كتابه "مفتاح دار السعادة ص 25 " أن كثيرا من الأئمة صرَّحوا بأن أفضل الأعمال بعد الفرائض طلب العلم، فقال الشافعى: ليس شىء بعد الفرائض أفضل من طلب العلم، وهذا الذى ذكر أصحابه عنه أنه مذهبه وكذلك قال سفيان الثورى وحكاه الحنفية عن أبى حنيفة، وأما أحمد فحكى عنه ثلاث روايات، إحداهن أنه العلم، فإنه قيل له: أى شىء أجب إليك، أجلس بالليل أنسخ أو أصلى تطوعا؟ قال تعلم به أمور دينك فهو أحب إلىَّ، وذكر الخلاَّل عنه فى كتاب العلم نصوصا كثيرة فى تفضيل العلم وأما مالك فقال ابن القاسم: سمعت مالكا يقول: إن أقواما ابتغوا العبادة وأضاعوا العلم فخرجوا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأسيافهم، ولو ابتغوا العلم لحجزهم عن ذلك! وذكر ابن القيم أيضا أن أبا نُعيم وغيره نقلوا عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "فضل العلم خير من نفل العمل وخير دينكم الورع "وقد روى هذا مرفوعا من حديث عائشة رضى الله عنها، وفى رفعه نظر. . . [الرفع أى الإسناد إلى النبى صلى الله عليه وسلم] هذا الكلام هو فصل الخطاب فى هذه المسألة فالعلم يعم نفعه صاحبه والناس معه، والعبادة يختص نفعها بصاحبها، ولأن العلم تبقى فائدته بعد موته والعبادة تنقطع، والحديث فى ذلك معروف "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم
(9/182)
________________________________________
حمل الصبى فى الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم حمل طفلا وهو يصلي؟ وإذا كان صحيحا فكيف تصح الصلاة مع حمل النجاسة، وغالب الأطفال ثيابهم نجسة؟

الجواب
قال العلماء يشترط فى صحة الصلاة طهارة الثوب والبدن والمكان، فلو حمل المصلى شيئا نجسا أو أمسك بشىء نجس وكان يتحرك بحركته بطلت صلاته والحديث موضوع السؤال صحيح. ففى صحيح مسلم بشرح النووى "ج 5ص 31" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن الربيع.
فإذا قام حملها وإذا سجد وضعها.
يقول النووى: فيه دليل لصحة صلاة من حمل آدميا أو حيوانًا طاهرا من طير وشاة وغيرهما، وأن ثياب الصبيان وأجسادهم طاهرة حتى تتحقق نجاستها، وأن الفعل القليل لا يبطل الصلاة. وأن الأفعال إذا تعددت ولم تتوال بل تفرقت لا تبطل الصلاة. وفيه تواضع مع الصبيان وسائر الضعفة ورحمتهم وملاطفتهم.
ثم يقول: هذا يدل لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى ومن وافقه أنه يجوز حمل الصبي والصبية وغيرهما من الحيوان الطاهر فى صلاة الفرض وصلاة النفل، ويجوز ذلك للإمام والمأموم والمنفرد وحمله أصحاب مالك رضى الله عنه على النافلة ومنعوا جواز ذلك في الفريضة. وهذا التأويل فاسد. لأن قوله "يؤم الناس " صريح أو كالصريح فى أنه كان فى الفريضة وادعى بعض المالكية أنه منسوخ، وبعضهم أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم أنه كان لضرورة وكل هذه الدعاوى باطلة ومردودة، فإنه لا دليل عليها ولا ضرورة إليها، بل الحديث صحيح صريح فى جواز ذلك، وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع، لأن الآدمى طاهر، وما فى جوفه من النجاسة معفو عنه لكونه في معدته وثياب الأطفال وأجسادهم على الطهارة، ودلائل الشرع متظاهرة على هذا والأفعال فى الصلاة لا تبطلها إذا قلَّت أو تفرقت.
وفعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا بيانا للجواز وتنبيها به على هذه القواعد التى ذكرتها، وهذا يرد ما ادعاه الإمام أبو سليمان الخطابى أن هذا الفعل يشبه أن يكون كان بغير تعمد فحملها فى الصلاة لكونها كانت تتعلق به صلى الله عليه وسلم فلم يدفعها، فإذا قام بقيت معه، قال: ولا يتوهم أنه حملها مرة بعد أخرى عمدا لأنه عمل كثير ويشغل القلب. هذا كلام الخطابى وهو باطل ودعوى مجردة ومما يردها قوله فى صحيح مسلم "فإذا قام حملها" وقوله: "فإذا رفع من السجود أعادها". . . ثم انتهى النووى إلى قوله: إن الحديث كان لبيان الجواز والتنبيه على هذه الفوائد فهو جائز لنا وشرع مستمر للمسلمين إلى يوم الدين.
هذا، ويلاحظ فى كلام النووى أن المفروض فى ثياب الطفل وبدنه الطهارة حتى تتحقق النجاسة ومعنى هذا أن النجاسة إذا تحققت لا يجوز حملها، وهو المعقول المتفق مع قول العلماء باشتراط الطهارة للصلاة.
مع مراعاة هذا الرأى ينبغي ألا يستغل استغلالا سيئا بكثرة حمل الصبيان فى الصلاة لأن ذلك يشغل القلب عن الخشوع، فأرى أنه يكون عند الضرورة أو الحاجة، أى فى حدود ضيقة، مع التأكد أن جسم الصبى وثوبه طاهران
(9/183)
________________________________________
صلاة المحدث

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
انتقض وضوئى ثم نسيت فصليت قبل أن أتوضأ، فهل صلاتى صحيحة؟

الجواب
رأى جمهور الفقهاء أن الإنسان لو اكتشف أنه لم يغتسل من الجنابة أو لم يتوضأ من الحدث وصلى فصلاته باطلة، وعليه أن يعيدها، لأن من شروط صحة الصلاة الطهارة من الحدث والنجس وأبو حنيفة يقول بصحة الصلاة مع نسيان الطهارة بناء على حديث "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ".
وإذا كان المحدث إماما ناسيا أنه محدث ولم يعلم المأمومون حتى انتهت الصلاة فصلاة المأمومين صحيحة، وصلاة الإمام باطلة، روى ذلك عن عمر وعثمان وعلى وابن عمر من الصحابة رضى الله عنهم، ومن الأئمة روى عن مالك والشافعى، أما أبو حنيفة فيقول بإعادة الصلاة للإمام والمأمومين "المغنى لابن قدامة ج 1 ص 745" ودليل جمهور الأئمة -كما يقول ابن قدامة -إجماع الصحابة وروى عن عمر رضى الله عنه أنه صلَّى بالناس الصبح ثم خرج إلى الجرف فأهراق الماء فوجد فى ثوبه احتلاما فأعاد ولم يعد الناس. وحدث مثل ذلك لعثمان رضى الله عنه. وروى عن على أنه قال: إذا صلى الجنب بالقوم فأتم الصلاة بهم آمره أن يغتسل ويعيد. ولا آمرهم أن يعيدوا، وابن عمر صلَّى بهم الصبح بغير وضوء فأعاد ولم يعيدوا. رواه كله الأثرم وهذا في محل الشهرة ولم ينقل خلافه فكان إجماعا، ولم يثبت ما نقل عن على فى خلافه -وعن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا صلى الجنب بالقوم أعاد صلاته وتمت للقوم صلاتهم " أخرجه أبو سليمان الحرانى فى جزء.
ثم قال ابن قدامة: والحكم فى النجاسة كالحكم فى الحدث سواء، لأنها إحدى الطهارتين فأشبهت الأخرى، ولأنها فى معناها فى خفائها على الإمام والمأموم، بل حكم النجاسة أخف وخفاؤها أكثر، إلا أن فى النجاسة رواية أخرى أن صلاة الإمام تصح أيضا إذا نسيها.
هذا هو الحكم فيما لو علم بالحدث بعد الصلاة أما لو علم الإمام بحدث نفسه فى الصلاة أو علم المأمومون لزمهم استئناف الصلاة، وفيه رواية أخرى عن أحمد أنهم يبنون على صلاتهم ويستأنف هو، وقال الشافعى: يبنون على صلاتهم سواء علم بذلك أو علم المأمومون. كما لو قام لخامسة فسبحوا به فلم يرجع
(9/184)
________________________________________
صلاة المسافر لغير القبلة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
صلينا فى القطار متجهين إلى جهة السفر وليس إلى القبلة فما حكم هذه الصلاة؟

الجواب
من المعلوم أن استقبال القبلة. شرط لصحة الصلاة لقوله تعالى {فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} البقرة: 144، سواء أكانت الصلاة فى الحضر أم فى السفر، وهذا فى صلاة الفرض، أما فى صلاة النافلة فلا تصح فى الحضر إلا مع استقبال القبلة، لكن فى السفر يجوز أن تصلى إلى حيث اتجاه المسافر، فقد روى البخارى ومسلم عن عامر بن ربيعة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلَّى على راحلته حيث توجهت به، وزاد البخارى: يومئ، أى يشير برأسه إلى السجود. وفى الترمذى: ولم يكن يصنعه فى المكتوبة أى المفروضة. يعنى كان ذلك فى صلاة النفل، وفى ذلك نزل قوله تعالى {فأينما تولوا فثمَّ وجه الله} البقرة: 115، كما جاء فى صحيح مسلم وغيره عندما رأوا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى على راحلته وهو مقبل من مكة إلى المدينة حيثما توجهت به، يعنى كان ظهره إلى الكعبة.
هذا فى الصلاة لراكب الدابة. أما راكب القطار والسفينة والطائرة وما يمكن التحرك فيه بسهولة فقد جاء فى فقه المذاهب الأربعة أن عليه أن يستقبل القبلة متى قدر على ذلك، وليس له أن يصلى إلى غير جهتها حتى لو دارت السفينة وهو يصلى وجب عليه أن يدور إلى جهة القبلة حيث دارت، فإن عجز عن استقبالها صلى إلى جهة قدرته ويسقط عنه السجود أيضا إذا عجز عنه، ومحل ذلك إذا خاف خروج الوقت قبل أن تصل السفينة أو القاطرة إلى المكان الذى يصلى فيه صلاة كاملة ولا تجب عليه الإعادة، ومثل السفينة القطر البخارية البرية. انتهى.
وراكب السيارة التى لا يمكنه التحرك فيها كراكب الدابة، إن استطاع النزول وأمن على نفسه وماله وأمن الانقطاع عن الرفقة لا تجوز له الصلاة فيها، أما إذا لم يستطع النزول ولم يأمن على ما ذكر صلى إلى أية جهة وسقطت عنه الأركان التى لا يستطيعها ولا إعادة عليه.
وكل ذلك إذا خاف خروج الوقت قبل الوصول إلى مكان يمكنه أن يصلى فيه، أما إذا لم يخف فلا تجوز الصلاة إلا كاملة
(9/185)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:39 pm

الإمام ونية الجماعة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إذا كنت أصلى بمفردى فى المسجد ثم وقف خلفى بعض الناس لتكون الصلاة جماعة، فهل يجب علىّ تغيير النية من الصلاة الفردية إلى صلاة الجماعة؟

الجواب
فى صلاة الجماعة تجب نية الجماعة على المأمومين، لأنهم ربطوا صلاتهم بصحة الإمام، أما الإمام فهو كالمنفرد لا يجب عليه أن ينوى الجماعة حتى لو صار إماما بعد أن بدأ الصلاة منفردا، وهذا كله فى غير الصلاة التى تتوقف على الجماعة كالجمعة.
جاء فى فقه المذاهب الأربعة نشر أوقاف مصر، أن الحنابلة قالوا:
يشترط فى صحة الاقتداء نية الإمام فى كل صلاة، فلا تصح صلاة المأموم إذا لم ينو الإمام الإمامة.
وأن الشافعية قالوا: يشترط فى صحة الاقتداء أن ينوى الإمام الجماعة فى الصلوات التى تتوقف صحتها على الجماعة، كالجمعة للمطر والمعادة.
وأن الحنفية قالوا: نية الإمامة شرط لصحة صلاة المأموم إذا كان إماما لنساء، فتفسد صلاة النساء إذا لم ينو إمامهن الإمامة، وأما صلاته هو فصحيحة ولو حاذته امرأة. وأن المالكية قالوا: نية الإمام ليست شرطا فى صلاة المأموم، ولا فى صحة صلاة الإمام إلا فى أربعة مواضع، صلاة الجمعة والجمع ليلة المطر وصلاه الخوف والمستخلف الذى قام مقام الإمام لعذر
(9/186)
________________________________________
صفوف الصلاة خلف الإمام

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
كيف يبدأ المصلون فى إتمام الوقوف للصلاة، وهل يكون إتمام الصف من اليمين أو من المنتصف؟

الجواب
جاء فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة نشر أوقاف مصر، أنه لو كان المأموم رجلا واحدا وقف عن يمين الإمام مع تأخره قليلا، وذلك ندبا لا وجوبا عند جمهور الفقهاء.
فإن كان المأمومون اثنين فأكثر وقفوا خلف الإمام، ويندب أن يكون فى وسط القوم.
فإن وقف عن يمينهم أو عن يسارهم فقد خالف السنة وإن كانت الصلاة صحيحة، وعلى هذا إذا جاء مأمومون للصلاة ووجدوا الصف الأول ناقصا صف بعضهم عن اليمين والبعض عن الشمال ليكون الإمام فى الوسط، وإذا وجدوه كاملا قال جماعة يبدأ الصف من جهة اليمين.
لما رواه أبو داود وابن ماجه "إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف " وقال آخرون يبدءون الوقوف خلف الإمام ثم يكمل من اليمين أولا ثم من اليسار، أما إذا حضر الشخص ولم يجد سعة ولا فرجة فى الصف الأول فإنه يقف منفردا ويكره له جذب أحد، وقيل: يجذب واحدا من الصف عالما بالحكم بعد أن يكبر تكبيرة الإحرام، ويستحب للمجذوب موافقته، ويبدأ الصف من جهة اليمين أو من خلف الإمام على ما سبق ذكره.
وأنبه إلى أن الأمر سهل لا ينبغى زيادة الخلاف فيه (راجع صفحة 157 من المجلد الثاني من هذه الفتاوى فى حكم انفراد المأموم عن الصف)
(9/187)
________________________________________
بين الجماعة والخشوع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أنا أحس بالخشوع فى الصلاة إذا صليتها وحدى، وفى صلاة الجماعة لا يكون خشوع فهل الأفضل صلاتا منفردا أو فى جماعة؟

الجواب
جاء فى " الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع "ج 1 ص 141 فى الفقه الشافعى ما نصه:
أفتى الغزالى أنه لو كان إذا صلى منفردا خشع، وإذا صلى فى جماعة لم يخشع فالانفراد أفضل، وتبعه ابن عبد السلام، قال الزركشى: والمختار بل الصواب خلاف ما قالاه.
وهو كما قال. انتهى. يعنى أن صلاة الجماعة أفضل حتى لو كانت بدون خشوع على ما اختاره الزركشى، اعتمادا على حكمة صلاة الجماعة.
وكلام الغزالى وابن عبد السلام يتفق مع حكمة مشروعية الصلاة أصلا، ولعله يكون أصوب
(9/188)
________________________________________
النافلة عند إقامة الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة "؟

الجواب
نعم، هذا حديث صحيح ورد فى صحيح مسلم، وفى رواية له أن النبى صلى الله عليه وسلم مر برجل يصلَّى وقد أقيمت صلاة الصبح فقال "يوشك أن يصلى أحدكم الصبح أربعا" يقول النووى:فيها النهى الصريح عن افتتاح نافلة بعد إقامة الصلاة سواء كانت راتبة كسنة الصبح والظهر والعصر أو غيرها، وهذا مذهب الشافعى والجمهور، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا لم يكن صلى ركعتى سنة الصبح صلاهما بعد الإقامة فى المسجد ما لم يخش فوت الركعة الثانية. وقال الثورى ما لم يخش فوت الركعة الأولى.
وقالت طائفة يصليهما خارج المسجد ولا يصليهما بعد الإقامة فى المسجد.
والحكمة فى هذا النهى أن يتفرغ الإنسان للفريضة من أولها فيشرع فيها عقب شروع الإمام، وإذا اشتغل بنافلة فاته الإحرام وفاته بعض مكملات الفريضة، فالفريضة أولى بالمحافظة على إكمالها، وقيل إن الحكمة ألا يتطاول الزمان على النافلة فيظن وجوبها، وهو رأى ضعيف. ثم قال النووى بعد ذكر رواية للحديث: فيه دليل على أنه لا يصلِّى بعد الإقامة نافلة وإن كان يدرك الصلاة مع الإمام، ورد على من قال: إن علم أنه يدرك الركعة الأولى أو الثانية يصلى النافلة.
أما إذا شرع فى صلاة النافلة ثم أقيم للصلاة فهل يجوز له أن يخرج من الصلاة أولا؟ ذلك أمر يرجع فيه إلى حديث "المتطوع أمير نفسه " المذكور فى صفحة 219 من المجلد الرابع من هذه الفتاوى.
وجاء فى نيل الأوطار للشوكانى "ج 3 ص 91، 92" أن ابن عباس كان يصلى وأخذ المؤذن فى الإقامة فجذبه الرسول وقال " أتصلى الصبح أربعا " رواه البيهقى والطبرانى وأبو داود وغيرهم، وجاء فى رواية للطبرانى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لرجل يصلى ركعتى الغداة - الصبح - حين أخذ المؤذن يقيم " ألا كان هذا قبل هذا، وإسناده جيد كما قال العراقى ".
وفى هذا دليل على أن المصلى للنافلة يقطعها ليدرك الجماعة حين يسمع الإقامة، ويحتمل أن معنى " فلا صلاة إلا المكتوبة" لا يشغل بها وإن كان قد شرع فيها. وبعد أن ذكر الشوكانى تسعة أقوال فى معنى الحديث قال: قال الشيخ أبو حامد من الشافعية: إن الأفضل خروجه من النافلة إذا أداه تمامها إلى فوات فضيلة التحريم، وهذا واضح
(9/189)
________________________________________
تقدم المأموم على الإمام

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يحدث في المساجد التى لا تسع المصلين فى صلاة الجماعة أو الجمعة أن يصلى بعض المأمومين خارج المسجد متقدمين على الإمام، لعدم إمكانهم الوقوف خلفه، فهل تصح صلاتهم؟

الجواب
تقدم المأموم على الإمام يبطل الصلاة عند الأئمة الثلاثة، ولا يبطلها عند الإمام مالك.
جاء فى فقه المذاهب الأربعة، نشر أوقاف مصر، ما نصه: المالكية قالوا: لا يشترط فى الاقتداء عدم تقدم المأموم على الإمام، فلو تقدم المأموم على إمامه ولو كان المتقدم جميع المأمومين صحت الصلاة على المعتمد.
وعلى هذا فلا مانع من الصلاة فى أى مكان حتى لو تقدم المأمومون على الإمام وبخاصة عند الزحام، على رأى الإمام مالك رضى الله عنه
(9/190)
________________________________________
إمامة القاعد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز أن يكون الرجل القاعد إماما فى الصلاة لشخص واقف أو جماعة واقفين؟

الجواب
روى البخارى ومسلم عن عائشة وأنس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم اشتكى من إصابة فذهب بعض الصحابة لعيادته، لما حضرت الصلاة صلَّى بهم قاعدا وهم واقفون. فلما انتهى من الصلاة بيَّن لهم أن الإمام إذا صلى قاعدا قعدوا، وإذا صلى قائما صلوا قياما وبيَّن العلة فى ذلك فى رواية لمسلم وغيره أن صلاتهم قياما وهو قاعد يشبه فعل أهل فارس بعظمائها،وقد نهى عن الوقوف لأى شخص تعظيما له وهو جالس. وروى البخارى ومسلم عن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم لما وجد خفة فى نفسه وهو مريض خرج إلى الصلاة بين رجلين فأجلساه إلى جنب أبي بكر فجعل أبوبكر يصلِّى وهو قائم بصلاة النبى صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبى بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد. وهذا آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إزاء هذه النصوص اختلف الفقهاء فى صلاة القائم خلف القاعد فقال بعضهم بالجواز بناء على الحديث الأخير، وقال بعضهم بالمنع فيجب عليه القعود بناء على الحديث الأول وأحاديث أخرى، وقال بعضهم: إن ابتدأ الإمام الصلاة جالا جلسوا، وإن ابتدأها واقفا وقفوا، فإن طرأ عليه عذر بعد ذلك فجلس صلوا هم قياما. والنقاش بين أصحاب الآراء فى هذه المسألة طويل يرجع إليه فى الكتب مثل: نيل الأوطار للشوكانى ج 3 ص 180، المغنى لابن قدامة ج 2 ص 47.
هذا، وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن المالكية قالوا: لا يصح اقتداء القائم بالقاعد العاجز عن القيام ولو كانت الصلاة نفلا، إلا إذا جلس المأموم اختيارا فى النفل فتصح صلاته خلف الجالس فيه. وأن الحنفية قالوا: يصح اقتداء القائم بالقاعد الذى يستطيع أن يركع ويسجد، أما العاجز عن الركوع والسجود فلا يصح اقتداء القائم به إذا كان قادرا، وأن الشافعية قالوا: تصح صلاة القائم خلف القاعد والمضطجع العاجز عن القيام والقعود ولو كانت صلاتهما بالإيحاء، وأن الحنابلة قالوا: لا يصح اقتداء القائم بالقاعد الذى عجز عن القيام، إلا إذا كان العاجز عن القيام إماما راتبا وكان عجزه عن القيام بسبب علة يرجى زوالها. انتهى.
وما دام الأمر فيه خلاف فيجوز الأخذ بأى رأى دون تعصب كما هو الشأن فى الأمور الخلافية
(9/191)
________________________________________
الجلوس بين الخطبتين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
رأيت خطيب الجمعة خطب خطبة واحدة ولم يجلس على المنبر كما يجلس الخطباء فهل هذه الخطبة صحيحة؟

الجواب
من المعروف أن خطبة الجمعة خطبة واحدة ولها ركن واحد عند أبى حنيفة وهو مطلق الذكر قليلا كان أو كثيرا، فيكفى أن يسبح مرة واحدة أو يحمد الله مرة واحدة، وكذلك عند مالك لها ركن واحد وهو نصيحة تشتمل على تحذير أو تبشير كقوله:
اتقوا الله ولا تعصوه.
أما عند الشافعى فخطبتان ولهما أركان خمسة، حمد الله والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم والوصية بالتقوى، وقراءة آية فى إحداهما والأولى أولى والدعاء للمؤمنين والمؤمنات فى الثانية، وعند أحمد، الأركان أربعة، حمد الله، والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم وقراءة آية والوصية بالتقوى.
والجلوس بين الخطبتين جاء فى صحيح مسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائما ثم يجلس ثم يقوم. وعن جابر بن سمرة قال: كانت للنبى صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس. وقال أيضا. كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما. فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب.يقول النووى فى شرحه لصحيح مسلم "ج 5 ص 149 " فى هذه الرواية دليل لمذهب الشافعى والأكثرين أن خطبة الجمعة لا تصح، من القادر على القيام إلا قائما فى الخطبتين، ولا يصح حتى يجلس بينهما. وأن الجمعة لا تصح إلا بخطبتين. قال القاضى ذهب عامة العلماء إلى اشتراط الخطبتين لصحة الجمعة، وعن الحسن البصرى وأهل الظاهر ورواية ابن الماجشون عن مالك أنها تصح بلا خطبة، وحكى ابن عبد البر إجماع العلماء على أن الخطبة لا تكون إلا قائما لمن أطاقه، وقال أبو حنيفة: يصح قاعدا وليس القيام بواجب، وقال مالك: هو واجب لو تركه أساء وصحت الجمعة.
وقال أبو حنيفة ومالك والجمهور: الجلوس بين الخطبتين سنة ليس بواجب ولا شرط ومذهب الشافعى أنه فرض وشرط لصحة الخطبة.
قال الطحاوى: لم يقل هذا غير الشافعى، ودليل الشافعى أنه ثبت هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قوله صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتمونى أصلى " ثم ذكر النووى ما تحقق به الخطبة على النحو الذى جاء فى صدر الإجابة على السؤال.
واختلاف الفقهاء رحمة فى هذا الموضوع -وغيره كما نبهت عليه أكثر من مرة
(9/192)
________________________________________
الخطبة بلغة غير عربية

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الأقلية المسلمة فى بلاد لا تتكلم اللغة العربية، هل يصح أن يخطب الجمعة أحدهم باللغة القومية التى يفهمونها، أم لابد من اللغة العربية على الرغم من عدم فهمهم للخطبة بها؟

الجواب
اشتراط كون خطبة الجمعة باللغة العربية قال عنه أبو حنيفة: تجوز بغير اللغة العربية.
حتى لو كان قادرا عليها سواء كان السامعون عربا أو غيرهم، أما أحمد فاشترط اللغة العربية إن كان الخطيب قادرا عليها، فإن عجز عن الإتيان بها أتى بغيرها مما يحسنه سواء كان القوم عربا أو غيرهم، لكن الآية التى هى ركن من أركان الخطبتين لا يجوز أن ينطق بها بغير العربية. فيأتى بدلها بأى ذكر شاء باللغة العربية، فإن عجز سكت بقدر قراءة الآية.
والشافعى اشترط أن تكون أركان الخطبتين باللغة العربية إن أمكن تعلمها. فإن لم يمكن خطب بغيرها، هذا إذا كان السامعون عربا، أما إن كانوا غير عرب فإنه لا يشترط أداء الأركان بالعربية مطلقا ولو أمكنه تعلمها. ما عدا الآية. فلا بد أن ينطق بها بالعربية، إلا إذا عجز فيأتى بدلها بذكر أو دعاء عربى، فإن عجز عن هذا أيضا وقف بقدر قراءة الآية ولا يترجم، أما غير أركان الخطبة فلا يشترط لها اللغة العربية، باللغة العربية. ولو كان السامعون لا يعرفونها، فإن لم يوجد خطيب يخطب بالعربية سقطت عنهم الجمعة.
هذا ما قاله الأئمة، وإذا كان أكثرهم حريصا على اشتراط اللغة العربية لأن فيه تشجيعا على تعلمها ونشرها وتيسيرًا لفهم القرآن والحديث، فإن بعضهم وهو الإمام مالك بلغ الذروة فى الحرص حتى أسقط الجمعة عمن لا يوجد فيهم من يخطب بالعربية. وأنا أختار التوسط فى هذه الآراء الاجتهادية فأميل إلى مذهب الشافعى فى تمسكه باللغة العربية، فى الأركان فقط، أما باقى الخطبة فتؤدى بأية لغة، ولو تعذرت العربية فى الأركان خطب بغيرها للعرب أما غيرهم فيخطب بلغتهم حتى لو أمكنته الخطبة بالعربية.
وكما قررت كثيرا أن التعصب لرأى اجتهادى لا يجوز، ويختار الرأى المناسب للظروف
(9/193)
________________________________________
قضاء صلاة العيد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
فاتتنى صلاة العيد يوم النحر، فهل يجوز قضاؤها منفردا؟

الجواب
صلاة عيد الأضحى-كعيد الفطر-وقتها محدود بما بعد الشروق بقليل - عند بعض الأئمة -إلى الزوال، أى وقت الظهر، فتكون صلاتها فى هذه الفترة أداء، ولو فاتته هل يقضيها أو لا؟ قال الأحناف: الجماعة شرط لصحة صلاة العيدين. فمن فاتته مع الإمام فليس مطالبا بقضائها، لا فى الوقت ولا بعده. وإن أحب قضاءها منفردا صلى أربع ركعات بدون تكبيرات الزوائد، كالذى تفوته صلاة الجمعة، يقضيها ظهرا.
والمالكية قالوا: الجماعة شرط لكونها سنة، فمن فاتته مع الإمام ندب له فعلها إلى الزوال، ولا تقض بعد الزوال.
والشافعية قالوا: الجماعة فيها سنة لغير الحاج، ويسن لمن فاتته مع الإمام أن يصليها فى أى وقت قبل الزوال وتكون أداء، أما بعد الزوال فيسن صلاتها وتكون قضاء لأن قضاء النوافل سنة عندهم إذا كان لها وقت.
هذا، وقد روى أحمد والنسائى وابن ماجه بسند صحيح أن هلال شوال غم على الصحابة وأصبحوا صياما، فجاء جماعة أخر النهار وشهدوا أمام الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم أن يخرجوا إلى عيدهم من الغد.
وهذا الحديث حجة للقائلين بأن الجماعة إذا فاتتها صلاة العيد بسبب عذر من الأعذار فلها أن تخرج من الغد لتصلى العيد.
هذه هى أقوال العلماء، والأمر اجتهادى يجوز فيه تقليد أى قول منها، مع العلم بأن صلاة العيد سنة غير واجبة لا أداء ولا قضاء عند الشافعية والمالكية، وواجبة عند الأحناف فى الأصح مع الجماعة.
وفرض كفاية عند الحنابلة وسنة لمن فاتته مع الإمام حيث يسن له أن يصليها"الفقه على، المذاهب الأربعة، نيل الأوطار للشوكانى"
(9/194)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:39 pm

دعاء قيام الليل

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل هناك دعاء مخصوص لقيام الليل يكرره الإنسان حتى يقضى الله حاجته؟

الجواب
روى مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إن فى الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه، وذلك كل ليلة" وفى البخارى ومسلم قوله صلى الله عليه وسلم "ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعونى فأستجيب له، من يسألنى فأعطيه، من يستغفرنى فأغفر له "وروى الترمذى بسند صحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال "أقرب ما يكون الرب من العبد فى جوف الليل الأخر، فان استطعت أن تكون ممن ذكر الله تعالى فى تلك الساعة فكن ".
وليس هناك دعاء مخصوص لقضاء الحاجات فى هذه الساعة المباركة،، فادع الله بما تريد، مع الخشوع والحضور بقلبك وذهنك، ومع مسارعتك إلى مرضاة ربك وعدم معصيته والبعد عن الحرام، فإن الحرام يحول دون استجابة الدعاء "راجع صفحة 318 من المجلد الثالث وصفحة 516 من المجلد الرابع من هذه الفتاوى"
(9/195)
________________________________________
الذكر عند الشدائد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يشعر الإنسان أحيانا بالضيق وتكثر عليه الأزمات ويحاول أن يتناول مهدئات ويتردد على بعض الأطباء فلا يجد الشفاء المطلوب، فهل هناك آيات فى القرآن أو توجد أحاديث أو ذكر لله يمكن أن يعالج هذه الأزمات؟

الجواب
من المعلوم أن الإيمان بالقضاء والقدر، والصبر على الشدائد، وتقوية الصلة بالله بالطاعة يساعد على مقاومة الأزمات النفسية ووساوس الشيطان، وعلى حل المشكلات والهداية إلى الصراط المستقيم فى أمور الدين والدنيا، والنصوص فى ذلك كثيرة. ومع ذلك وردت آثار صحيحة بالدعاء والذكر تساعد على التخلص من الأزمات أو تدفعها، والمهم فيها أن يكون الإنسان مطيعا لله بعيدا عن الحرام، مخلصا خاشعا حتى يقبل الله منه الدعاء.
وهذا بعض ما ورد بطريق صحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم وهو مأخوذ من كتب مختصة بذلك مثل "الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار" للإمام النووى، ومثل "عمل اليوم والليلة" لابن السنى، وهو أجمعها كما قال النووى.
1-عند الخروج من البيت: روى أصحاب السنن عن أم سلمة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته قال: "بسم الله توكلت على الله، اللهم إنى أعوذ بك أن أَزِل أو أُزَل، أو أَضِل أو أضَل أو أظْلم أو أُظلم، أو أَجْهل أو يُجهل علىَّ " قال الترمذى: حديث حسن صحيح. وروى الترمذى وقال حسن صحيح قوله صلى الله عليه وسلم "من قال -يعنى إذا خرج من بيته -بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله " يقال له: كُفيت ووقيت وهُديت، وتنحَّى عنه الشيطان " 2-عند دخوله البيت: روى مسلم قوله صلى الله عليه وسلم "إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لأعوانه، لا مبيت لكم ولا عشاء ".
3- فى الصباح والمساء روى أبو داود والترمذى قوله صلى الله عليه وسلم "ما من عبد يقول فى صباح كل يوم ومساء كل ليلة: باسم الله الذى لا يضر مع اسمه شىء فى الأرض ولا فى السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره شىء" قال الترمذى: حسن صحيح، وفى رواية أبى داود "لم تصبه فجأة بلاء" وروى أبو داود وابن ماجه بأسانيد جيدة حديث " من قال إذا أصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير كان له عدل عتق رقبة من ولد إسماعيل، وكتب له عشر حسنات وحط عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات وكان فى حرز من الشيطان حتى يمسى. وإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يصبح " وروى مسلم أن رجلا شكا إلى النبى صلى الله عليه وسلم لدغة عقرب فقال له " أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق لم يضرك شىء إن شاء الله ".
4- عند كثرة الهموم والديون: روى أبو داود أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فى غير وقت الصلاة فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فسأله عن جلوسه فى غير وقت الصلاة فقال: هموم لزمتنى وديون، قال "أفلا أعلَّمك كلامًا إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك؟ قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال " يقول أبو أمامة. ففعلت ذلك فأذهب الله تعالى همى وغمى وقضى عنى دينى.
وروى الترمذى حديثا حسنا "لو كان عليك مثل جبل دَينا أدَّاه الله عنك قل:اللهم اكفنى بحلالك عن حرامك وأغننى بفضلك عمن سواك ".
5- عند النوم. أخرج البخارى حديث الشيطان الذى كان يسرق الزكاة التى يحرسها أبو هريرة. وأنه علَّمه كلاما يقوله ليحرسه من الشيطان، فعرضه أبو هريرة على الرسول فأقره وقال "صدقك وهو كذوب " وهذا كلام الشيطان: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى فلن يزال معك من الله حافظ ولا يقربك شيطان. وروى البخارى ومسلم قوله صلى الله عليه وسلم "الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما فى ليلة كفتاه " أى من الآفات، أو كفتاه عن قيام الليل.
6- عند الكرب: روى البخارى ومسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا اله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم.
7- عند وسوسة الشيطان: قال تعالى {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم} فصلت: 36، ويستحب قول لا إله إلا الله لمن ابتلى بالوسوسة فى الوضوء أو الصلاة أو غيرهما، فإن الشيطان إذا سمع الذكر خنس أى تأخر وبعد، ولا إله إلا الله رأس الذكر "النووى فى الأذكار ص 132 " 8- عند تعويذ الصبيان: فى صحيح البخارى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذّ الحسن والحسين: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامَّة ومن كل عين لامة.
والهامة هى كل ذات سم يقتل كالحية وغيرها، والجمع الهوام.
وروى البخارى ومسلم أنه كان يعوذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: "اللهم رب الناس، أذهب الباس، اشف أنت الشافى لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقما ".
9- عند المرض: روى مسلم أن عثمان بن أبى العاص رضى الله عنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده فى جسده، فقال له "ضع يدك على الذى يألم من جسدك وقل بسم الله "ثلاثا" وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر" وروى مسلم وغيره أن جبريل أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال:
"نعم " قال: بسم الله أرقيك من كل شىء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد. الله يشفيك.
باسم الله أرقيك ".
10- عند هياج الريح: روى مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا عصفت الريح قال "اللهم إنى أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشرما فيها وشر ما أرسلت به ".
11- عند نزول المطر: روى البخارى أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال "اللهم صيِّبا نافعا" وإذا نزل المطر وخيف معه الضرر قال كما رواه البخارى ومسلم "اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر" والآكام جمع أكمة وهى التراب المجتمع، والظِّراب جمع ظَرِب، أى الرابية الصغيرة.
12- عند الخوف من جماعة: روى أبو داود والنسائى بسند صحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما قال: "اللهم إنا نجعلك فى نحورهم، ونعوذ بك من شرهم ".
13- عند النزول فى مكان يخاف منه: روى مسلم وغيره قوله صلى الله عليه وسلم " من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شىء حتى يرتحل من منزله ذلك ".
14- عند الرؤيا المفزعة: روى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال "إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وليتحول عن جنبه الذى كان عليه ".
هذا بعض ما اخترته من الروايات الصحيحة والحسنة، ومن أراد الزيادة فليرجع إلى أذكَار النووى وابن السنى
(9/196)
________________________________________
الابتهالات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
وردت من السيد/ ب. أ. د. ب./ من رابن باخ بألمانيا الاتحادية أسئلة متنوعة عن الابتهالات نوردها مع الإجابة عليها فيما يلى:
ما مفهوم الابتهال فى نظر الشرع الإسلامى، وهل هناك فرق بينه وبين الدعاء؟

الجواب
مفهوم الابتهال فى نظر الشرع لا يختلف عن مفهومه فى اللغة العربية، فالبهل والابتهال فى اللغة الاسترسال والاجتهاد. قال لبيد:
فى كهول ساعة من قومه * نظر الدهر إليهم فابتهل أى اجتهد الدهر فى إهلاكهم.
والابتهال فى الدعاء معناه الاسترسال والاجتهاد فيه، ومنه قوله تعالى {ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} آل عمران: 61، أى نجتهد فى الدعاء باللعن على الكاذبين.
"تفسير القرطبى ج 4 ص 104 ". ومن هذا يعلم أن الدعاء طلب من العبد لله، والابتهال اجتهاد فى هذا الطلب. أى أن الابتهال أخص من مطلق الدعاء. والابتهالات المعروفة الآن مزيج من دعاء وثناء ومديح وذكر لله تعالى، ونغمة التضرع فى ذلك واضحة
(9/197)
________________________________________
تابع الابتهالات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل مصطلح الابتهال الدينى يمكن أن يفهم منه نص الابتهال المكتوب فقط. أو لا بد أن يكون النص مجوَّدًا بصوت حسن؟

الجواب
الابتهال الدينى تضرع إلى الله سبحانه، ودعاء مشفوع بشدة الرغبة فى قبوله والرهبة من عدم قبوله. وحتى يكون مرجو القبول ينبغى أن تلتزم فيه أداب الدعاء، التى جاء بعضها فى قوله تعالى {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} الأعراف:55، والمراد بالخفية الإسرار به ليكون أقرب إلى الإخلاص وعدم الرياء وفى قوله تعالى {واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال} الأعراف: 205، والمراد بالخيفة الخوف من الله أن يرد الدعاء. وفى قوله تعالى {إنهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} الأنبياء: 90، والخشوع هنا عدم انشغال الفكر بغير الله حين الدعاء، والتزام الأدب والسكون عند مناجاته. والابتهال بما فيه من تضرع ورغبة ورهبة وخشوع، يغلب أن يكون بصوت فيه تحزن قد يسلم إلى البكاء، على نحو ما يكون فى قراءة القرآن الكريم من التحيير والتجويد والتحزن الذى يؤثر فى القلوب. وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم وقف يستمع إلى قراءة أبى موسى الأشعرى دون أن يحس به، ولما أخبره قال: لو علمت أنك تسمعنى لحبَّرته لك تحبيرا.
وهو صلى الله عليه وسلم كان يتأثر لسماع القراَن ويبكى أحيانا، كما حدث عند سماعه لقراءة عبد الله بن مسعود لقوله تعالى: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} النساء: 41، وإذا كان من آداب الدعاء والابتهال الإسرار به فقد يكون الجهر به مناسبا لظروف معينة، كما إذا كان جماعيا يشترك فيه غير المبتهل بالتأمين على الدعاء كما فى صلاة الاستسقاء، حيث تكون الخطبة مشتملة على استغاثة وتضرع أن ينزل الله عليهم المطر، كما فعل النبى صلى الله عليه وسلم.
ولاشك أن الصوت الحسن الخاشع لله يؤثر أكثر مما يؤثر الصوت العادى فى مثل هذه المواقف. وذلك مع التزام القراءة الصحيحة فيما يتخلل الابتهالات من قرآن، بعيدًا عن الألحان التى تؤدى بها الاغانى والأناشيد الأخرى
(9/198)
________________________________________
تابع الابتهالات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يمكن الحكم على الابتهالات الدينية بأنها دعاء مجود بصوت حسن؟

الجواب
نعم، يمكن الحكم عليها بذلك فى عرف الناس، وإن كانت تؤدى شرعا بدون ذلك فهى دعاء سبحانه، قد يؤدى سرا دون حاجة إلى صوت حسن يؤثر فى السامعين
(9/199)
________________________________________
تابع الابتهالات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يعتبر الابتهال الدينى عبادة، وهل هناك آثار أو نصوص شرعية خاصة به؟

الجواب
الابتهال الدينى دعاء، والدعاء عبادة أمر الله بها فى مثل قوله تعالى {وقال ربكم ادعونى أستجب لكم} غافر: 60، إلى جانب الآيات السابقة فى البند رقم 2 وفى الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "الدعاء هو العبادة " رواه أبو داود والترمذى وقال:
حسن صحيح.
وإذا كان المراد من السؤال عن الآثار والنصوص الشرعية، ما يدل على أنه عبادة فقد ذكرنا ذلك، أما إذا كان المراد نصوصا شرعية مأثورة فى ابتهالات وأدعية خاصة فإن الوارد من ذلك كثير، وهو مذكور فى القراَن والسنة، اقرأ من سورة البقرة الآيات: [1 5 2، 286] ومن سورة آل عمران الآيات: [8، 53، 147، 191، 194] ومن سورة إبراهيم الآيتين: [40، 41] ومن سورة الفرقان الآيتين: [65،74] .
وكتب الأحاديث النبوية فيها كثير من الأدعية، ومن أجمعها كتاب "الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار" للامام النووى. والدعاء بالمأثور أفضل من الدعاء المصنوع إن كان يغنى عنه
(9/200)
________________________________________
تابع الابتهالات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إذا كان الشرع الإسلامى يبيح الابتهال فما الصورة التى يجب أن يكون عليها، وهل هناك شروط لصحته أو قبوله؟

الجواب
سبق فى البند رقم 2 شروط وآداب الدعاء، ويزاد عليها البعد عن تناول المحرمات، فإن تناول المحرمات يمنع قبول الدعاء، وقد ثبت فى الحديث الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل أشعث أغبر يمد يده إلى السماء ويقول: يارب يارب، ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذَى بالحرام فأنَى يستجاب له؟ فمن أراد أن يكون مستجاب الدعوة فليكن مطعمه من الطيبات مما أحل الله، إلى جانب البعد عن المحرمات الأخرى
(9/201)
________________________________________
تابع الابتهالات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الشرع على أنواع الابتهالات التى تشاهد الآن مثل الابتهال الفردى والابتهال مع البطانة، والابتهال مع الآلات الموسيقية، والابتهالات فى أذكار الصوفية؟

الجواب
الابتهالات الفردية والابتهالات مع البطانة باقية على الأصل فى أنها حلال ولا يوجد نص يمنعها لذاتها، فإن عرض لها عارض من رياء أو سمعة أو تشويش على المصلين أو إيذاء لمريض أو إخلال بحرمة المسجد أو نحو ذلك كانت ممنوعة لهذه العوارض.
أما الآلات الموسيقية فهى فى أصلها حلال ولا يحرمها إلا عارض لها، مثل الاستعانة بها على محرم كحفلات الخمر والرقص، أو كانت ملهية عن واجب أو مسببة لضرر كإزعاج الآمنين والتشويش على المتعبدين.
والمشاهد أن الذين يشهدون مجالس الابتهالات مع الآلات الموسيقية يشدهم الإعجاب بأمرين الابتهال نفسه مادة وأداء، والنغمات الموسيقية. والابتهال من حيث كونه تضرعا لله تقل فيه الرغبة والرهبة والخشوع مع وجود الأصوات الموسيقية المؤثرة عليه {ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه} الأحزاب: 4، ومن هنا تكون الابتهالات مع الموسيقى أقل أثرًا دينيا فى نفس المبتهل ومن يستمعون إليه، ولهذا تكون الموسيقى مكروهة مع الابتهال إن قصد به التقرب إلى الله.
اما إذا قصد به امتناع النفس بكلام حسن وأداء جميل فحكمه حكم الأغانى والأناشيد العادية وهى غير محرمة لذاتها بل لما يعرض لها من اشتمالها على مادة ممنوعة، أو أدائها بلحن فيه فتنة وإثارة، أو مصاحبتها لمحرم من اختلاط مريب أو شرب محرم ونحوهما أو إلهائها عن واجب.
والابتهالات فى أذكار الصوفية أى الأناشيد التى تنظم بها حلقات الذكر ما دام لم تصحبها آلات طرب وما دام الذكر ملتزمًا لآداب العبادة فلا مانع منها شرعًا، فقد كانت الأغانى مشجعة للصحابة وهم يعملون فى حفر الخندق وغيره، ولا ينكر عليهم النبى صلى الله عليه وسلم
(9/202)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:42 pm

تابع الابتهالات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
تذاع بعد قراءة القرآن وقبل أذان الفجر بعض الابتهالات الدينية، وبخاصة فى شهر رمضان. فهل هذا تقليد أو له أصل شرعى؟

الجواب
لم تكن هذه الابتهالات موجودة فى أيام النبى صلى الله عليه وسلم ولا فى عهد السلف الصالح، بل هى أمر مستحدث، والعلماء فيه فريقان، بعضهم قال بمنعها لأنها بدعة فى الدين والحديث يقول " من أحدث فى أمرنا ما ليس منه فهو رد" رواه البخارى ومسلم،، وبعضهم قال بعدم منعها، لأن كل أمر مستحدث لا يحكم عليه بالرد. فمن المستحدثات المفيدة غير الضارة ما قبله الصحابة، كاجتماع المسلمين على إمام واحد فى صلاة التراويح فى المسجد وقال عمر: نعمت البدعة هذه وجاء فى كتاب الفقة على المذاهب الأربعة الذى نشرته الأوقاف المصرية (ص 238) أن التسابيح والاستغاثات قبل الأذان بالليل ونحو ذلك بدع مستحسنة. لأنه لم يرد فى السنة ما يمنعها، وعموم النص يقتضيها. انتهى.
وهى على كل حال دعاء فى وقت السحر، والله يقول عن المتقين {وبالأسحار هم يستغفرون} الذاريات: 18، وفى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم " ينزل الله تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول عز وجل: من يدعونى فأستجيب له؟ من يسألنى فأعطيه؟ من يستغفرنى فأغفر له؟ ".
هذا هو رأى الجمهور، وعند الحنابلة هى بدعة سئية، قال فى " الإقناع " وشرحه من كتب الحنابلة: وما سوى التأذين قبل الفجر من التسبيح والنشيد ورفع الصوت بالدعاء ونحو ذلك فى المآذن فليس بمسنون. وما من أحد من العلماء قال: إنه مستحب -لعله يقصد علماء الحنابلة-بل هو من جملة البدع المكروهة، لأنه لم يكن فى عهده صلى الله عليه وسلم ولا فى عهد أصحابه، وليس له أصل فيما كان على عهدهم يرد إليه، فليس لأحد أن يأمر به ولا ينكر على من تركه.
وجاء فى كتاب " تلبيس إبليس " لابن الجوزى قوله: ولقد رأيت من يقوم بليل كثير- أى جزء كبير من الليل -على المنارة فيعظ ويذكِّر ويقرأ سورة من القرآن بصوت مرتفع فيمنع الناس من نومهم، ويخلط على المتهجدين قراءتهم وكل ذلك من المنكرات.
وقد ذكر المقريزى فى خططه "ج 4 ص 43 " وما بعدها أن التسبيح ليلا على المآذن لم يكن من فعل السلف، وأول ما عرف ذلك كان فى أيام موسى عليه السلام، وهم فى التيه بعد غرق فرعون. ثم ذكر تطوره وما يصحبه من نشيد وآلات حتى نهاية عهد بنى إسرائيل فى القدس.
وذكر أن أصله فى مصر بدأ من أول عهد الفتح الإسلامى فى ولاية مسلمة بن مخلد، وإشارة شرحبيل بأن يبدأ الأذان من منتصف الليل إلى قرب الفجر، حتى لا يضرب بالنواقيس فى الكنائس فى هذه الفترة، وذكر أن الطولونببن رتبوا المكبِّرين والمسبحين ليلا. ومن ذلك اتخذ الناس عادة التسبيح على المآذن قبل الفجر.
فالخلاصة أن الابتهالات قبل الفجر لا يوجد ما يمنعها شرعًا عند جمهور العلماء، فهى وإن كانت تقليدًا موروثًا لم يكن فى عهد السلف الصالح -هى من البدع المستحسنة وإذا كان بعض الناس يسيئون استعمالها عن طريق إذاعتها بمكبرات الصوت التى تزعج بعض ذوى الأعذار فإن ذلك لا يمنع أصل إباحتها، وذلك بإنصات المستمعين إليها فى المساجد بخشوع محافظة على حرمة المسجد، ويمنع إيذاء ذوى الأعذار من جراء إذاعتها بمبكرات الصوت
(9/203)
________________________________________
تفريج اليدين فى السجود

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نرى بعض المصلين إذا سجدوا باعدوا بين اليدين وأخذوا مساحة كبيرة لدرجة يتضايق بها من يصلون بجوارهم فى الجماعة، فهل هذا من السنة؟

الجواب
روى البخارى ومسلم عن عبد الله بن بُحينة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد يجنح فى سجوده حتى يرى وضح إبطيه والتجنح هو التفريج، والمراد أنه ينحى كل يد عن الجنب ولا يلصقها به، ومن هنا يرى بياض إبطيه، يقول القرطبى: والحكمة فى استحباب هذه الهيئة أن يخف اعتماده على وجهه ولا يتأثر أنفه ولا جبهته، وقال غيره هو أشبه بالتواضع مع مغايرته لهيئة الكسلان.
والمهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفرج بين يديه عند السجود ويجافيهما جنبيه. وينبغى أن يكون التفريج والمجافاة بحيث لا يتأذى أحد كمن يصلى بجواره فى الجماعة مثلا، فالضرر منهى عنه، وذلك على غرار ما قلناه فى التفريج بين القدمين عند الوقوف فى الصلاة، حيث اتفق الجميع أنه إذا كان متفاحشا أى واسعا جدا كان مكروها فيرجع إليه
(9/204)
________________________________________
التسليم من الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
بعض المصلين يختمون صلاتهم عند الخروج منها بتسليمة واحدة، وبعضهم يقول فى التسليمة الأولى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وفى الثانية لا يذكرون كلمة " وبركاته " فما هو الحكم الصحيح فى ذلك؟

الجواب
الخروج من الصلاة بعد إتمامها يكون يالتسليم عند جمهور الفقهاء، وأبو حنيفة يكتفى بأى شىء مناف للصلاة، والتسليم الواجب هو مرة واحدة، أما المرة الثانية فسنة، والصيغة المختارة فى حدها الأدنى "السلام عليكم " ومن السنة الزيادة عليها "السلام عليكم ورحمة الله " كما يسن الالتفات إلى اليمين فى المرة الأولى، وإلى اليسار فى المرة الثانية، وذلك لحديث عن ابن مسعود قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله. رواه الترمذى وقال:
حديث حسن صحيح.
وهل من السنة أن يزيد على ذلك "وبركاته "؟ يرى بعض العلماء ذلك لحديث رواه أبو داود عن وائل بن حجر قال: صليت مع النبى صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ويرى بعضهم أن هذه الزيادة ليست سنة. يتول النووى فى كتابه " الأذكار ص 74" لا يستحب أن يقول "وبركاته " لأنه خلاف المشهور عن النبى صلى الله عليه وسلم وإن كان قد جاء فى رواية لأبى داود، وقد ذكره جماعة من أصحابنا منهم إمام الحرمين وزاهر السرخسى والرويانى فى الحلية، ولكنه شاذ، والمشهور ما قدمنا.
هذا، وأما حكمة التسليم وكونه على اليمين واليسار للإمام والمأموم والمنفرد ففيها كلام كثير للائمة يرجع إليه فى "فقه المذاهب الأربعة " والمغنى لابن قدامة ج 1 ص 592 - 598 " وبخصوص عدم زيادة "وبركاته " فى التسليمة الثانية لم أعثر على مبرر مقبول لذلك، والمخلوقات من الملائكة والجن والإنس لا فرق فى التسليم عليهم بين من هم على اليمين ومن هم على اليسار، وأرجو عدم التعصب لذلك
(9/205)
________________________________________
صلاة الجمعة فى مسجد خاص

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هناك مؤسسات أو منشآت لا يدخلها أحد إلا بتصريح، والذين يصلون الجمعة فيها هم العاملون بها دون غيرهم إلا من يحمل تصريحا بالدخول، فهل صلاة الجمعة تصح فى هذه الأماكن الخاصة؟

الجواب
الأئمة الثلاثة قالوا: تصح الجمعة فى أى مكان يجتمع فيه العدد الذى تنعقد به الصلاة على اختلافهم فى هذا العدد. سواء أكان هذا المسجد عاما لكل من يريد الصلاة فيه أو خاصا بجماعة معينة، والإمام أبو حنيفة هو الذى اشترط أن يكون مسجد عامًّا، جاء فى فقه المذاهب الأربعة - نشر أوقاف مصر، ما نصه - الحنفية قالوا: لا يشترط فى صحة الجمعة أن تكون فى مسجد، إنما يشترط فيها الإذن العام من الإمام، فلو أقام الإمام الجمعة فى داره بحاشيته وخدمه تصح مع الكراهة، ولكن بشرط أن يفتح أبوابها، ويأذن للناس بالدخول فيها، ومثلها الحصن والقلعة، على أنه لا يضر إغلاق الحصن أو القلعة لخوف من العدو، فتصح الصلاة فيها مع إغلاقها متى كان مأذونا للناس بالدخول فيها من قبل.
وبناء على هذا تصح الجمعة فى المعسكرات الخاصة والمؤسسات التى لا تسمح بدخولها إلا للعاملين بها، وذلك على رأى جمهور الفقهاء
(9/206)
________________________________________
الزكاة والضرائب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز أن أحسب الضرائب المفروضة على مالى من ضمن الزكاة الواجبة؟

الجواب
الضرائب فريضة فرضها ولى الأمر لحاجة البلد إليها، وطاعته فى المصلحة واجبة، ولا تجوز مخالفته قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} النساء: 59، على أن تكون عادلة فى تقديرها وجبايتها وإنفاقها، يقول ابن حزم: وفرض على الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم، ويجبرهم السلطان على ذلك إن لم تقم الزكوات بهم، ولا فى سائر أموال المسلمين. وفى حديث مسلم " على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" حتى لو أحس الإنسان أنها ظالمة فالواجب دفعها، وله الحق فى الشكوى، روى مسلم أن مسلمة بن يزيد الجعفى قال للنبى صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ فأعرض عنه ثم سأله فقال له صلى الله عليه وسلم " اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم ".
وجاء فى تفسير القرطبى "ج 16 ص 42 " قوله: اختلف علماؤنا فى السلطان يضع على أهل بلد مالا معلوما يأخذهم به، يؤدونه على قدر أموالهم، هل لمن قدر على الخلاص من ذلك أن يفعل وهو إذا تخلص أخذ سائر أهل البلد بتمام ما جعل عليهم؟ .
فقيل: لا، وهو قول سُحْنون من علمائنا.
الضرائب لا تغنى عن الزكاة، لأن الزكاة فرض الله وإحدى الدعائم الخمسة للإسلام، ولها مصارف معينة، ووعاء معين. أما الضرائب فتشريع وضعى قابل للخفض والرفع والإلغاء، ولا يختص بوعاء معين ولا بمصرف معين. وقد ذم ابن حجر الهيتمى ج 1 ص 183 " التجار الذين يحسبون المكس - الضريبة - من الزكاة، وإن كان قد ذم المكس إذا كان لغير حاجة.
وقرر المؤتمر الثانى لمجمع البحوث الإسلامية المنعقد فى مايو 1965 م أن ما يفرض من الضرائب لمصلحة الدولة لا يغنى القيام بها عن أداء الزكاة المفروضة
(9/207)
________________________________________
ثعلبة ومنع الزكاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هى قصة ثعلبة الذى منع الزكاة؟

الجواب
يذكر كثير من المفسرين لقوله تعالى: {ومنهم من عاهد اللَّه لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين. فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون. فأعقبهم نفاقا فى قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا اللَّه ما وعدوه وبما كانوا يكذبون} التوبة: 75 - 77.
أقول ذكر كثير منهم: أن المراد به هو ثعلبة بن حاطب، ويظن الكثير من الناس أنه هو ثعلبة، أحد من شهد بَدْرًا ثم يجىء السؤال:
كيف يصح أن يكون ثعلبة من أهل بدر ثم ينقلب منافقا يسجل نفاقه فى القرآن؟ .
وقد ذكر المحققون أن ثعلبة هذا غير ثعلبة البدرى، والتشابه إنما هو فى الاسم فقط.
ولما ذكر البارودى وابن السكن وابن شاهين وغيرهم أنه هو البدرى أنكر الحافظ ابن حجر ذلك وقال فى كتابه " الإصابة" ولا أظن الخبر يصح، وإن صح ففى كونه هو البدرى نظر.
وقد ذكرا بن الكلبى أن ثعلبة بن حاطب الذى شهد بدرا قتل بأحد، فتأكدت المغايرة بينهما، فان صاحب القصة تأخر إلى خلافة عثمان.
قال: ويقوى ذلك أن فى تفسير ابن مردويه اتفقوا على أنه ثعلبة بن حاطب، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية " وحكى عن ربه أنه قال لأهل بدر " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " فمن يكون بهذه المثابة كيف يعقبه الله نفاقا فى قلبه وينزل فيه ما ينزل؟ فالظاهر أنه غيره.
فالواجب عند ذكر هذه القصص المثيرة: التحرى فى ثبوت ذلك وعدمه، ومثل هذا ما روى فى سبب نزول قوله تعالى: {وما كان لكم أن تؤذوا رسول اللَّه ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا} الأحزاب: 53، حيث قالوا: إن طلحة بن عبيد اللَّه قال: يتزوج محمد بنات عمنا ويحجبهن عنا، لئن مات لأتزوجن عائشة
(9/208)
________________________________________
الزكاة فى مال الصبى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نعرف أن التكليف بالعبادات يكون عند البلوغ، فلو ترك والد لولده الصغير مالا يبلغ النصاب، هل تجب فى ماله زكاة؟

الجواب
العلماء فريقان فى حكم الزكاة فى مال الصبى الذى لم يبلغ حد التكليف، فريق لا يرى وجوب الزكاة ومنهم أبو حنيفة وأصحابه، وقصدوا الزكاة فى الزروع والثمار كما جاء فى كتاب بدائع الصنائع للكاسانى، وحجتهم فى ذلك أن الزكاة عبادة محضة كالصلاة تحتاج إلى نية، والصبى لا تتحقق منه النية، وقد سقطت عنه الصلاة لفقدان النية فتسقط الزكاة كذلك، كما احتجوا بحديث " رفع القلم عن ثلاث، عن الصبى حتى يبلغ.
. . " وبقوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} التوبة:
103، ولكن هذه الأدلة تصلح لمن لا يوجب الزكاة على الصبى أصلا، ولا تصلح لمن أوجبها فى بعض المال.
وضموا إلى هذه الأدلة النقلية دليلا عقليا وهو: أن مصلحة الصغير فى إبقاء ماله، والزكاة تنقصه وقد تستهلكه، لعدم تحقيق النماء الذى هو علة وجوب الزكاة. وهذه العلة العقلية تساعد من يقول بوجوب الزكاة فى ماله النامى بنفسه كالزروع والمواشى، أو الذى ينمى بالعمل والتثمير كالنقود التى يتجر فيها بالمضاربة.
والفريق الثانى من العلماء يرى وجوب الزكاة فى مال الصبى، ومنهم مالك والشافعى وأحمد، ومن أدلتهم عموم النصوص الدالة على وجوب الزكاة فى مال الأغنياء، دون استشاء صبى أو غيره، وحيث إن الصبيان يعطون من الزكاة إذا كانوا فقراء فلتؤخذ منهم إذا كانوا أغنياء كما يدل عليه حديث معاذ لما أرسله النبى صلى الله عليه وسلم إلى اليمن حيث قال له " أعلمهم أن اللَّه افترض عليهم صدقة فى أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد فى فقرائهم ".
ومن أدلتهم حديث رواه الطبرانى مرفوعا " اتجروا فى أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة " ومثله حديث الترمذى وإن كان فيه مقال، غير أن معناه صحيح موقوف على عمر، فقد صحح البيهقى عنه: ابتغوا فى أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة، والمراد بها الزكاة. وكما صح الحكم عن عمر صح عن غيره من عدد من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف، إلا رواية ضعيفة عن ابن عباس لا يحتج بها.
وإلى جانب هذه الأدلة قالوا: إن مقصود الزكاة سَدُّ خلة الفقراء من مال الأغنياء شكرًا لله وتطهيرا للمال، ومال الصبى قابل لأداء النفقات والغرامات فلا يضيق عن الزكاة.
وعلى هذا القول: ولى الصبى يخرج الزكاة عنه من ماله، وتعتبر نية الولى فى الإخراج، وبعض المالكية قال: يخرجها الولى إذا أمن أن يطالبه وجعل له ذلك، وإلا فلا.
ويؤخذ من هذا أن الجمهور يوجبون الزكاة فى مال الصبى
(9/209)
________________________________________
دفع الزكاة لغير المسلم

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز دفع الزكاة لغير المسلم؟

الجواب
لا يجوز إعطاء الزكاة المفروضة لغير المسلم، للنص على أنها تؤخذ من أغنياء المسلمين لترد على فقرائهم. قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم أن الذمى لا يعطى من زكاة الأموال شيئا، ويستثنى من ذلك المؤلفة قلوبهم.
أما الصدقة التطوعية فيجوز أن يعطى منها غير المسلم، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبى بكر " صلى أمك " وكانت مشركة، والآية تقول {لا ينهاكم اللَّه عن الدين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن اللَّه يحب المقسطين} الممتحنة: 8.
وهناك رأى للزهرى وأبى حنيفة ومحمد وابن شبرمة بجواز إعطاء زكاة الفطر للذمى، بناء على الآية المذكورة
(9/210)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:43 pm

إخراج قيمة الزكاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز إخراج القيمة بدل العين فى الزكاة؟

الجواب
الزكاة واجبة فى أصناف حددها القرآن والسنة، حدد أوعيتها كما حدد مقاديرها ومن أوعيتها الإبل والبقر والغنم والزروع والثمار، فهل تخرج الزكاة من جنس هذه الأوعية، أو يجوز إخراج قيمتها نقدا أو من نوع آخر؟ .
جمهور الفقهاء على أن الزكاة تخرج من جنس المال المزكى، لكن أبا حنيفة أجاز إخراج القيمة بدل العين، كما أجازه مالك فى رواية وكذلك الشافعى فى قول له، وفى قول آخر هو مخير بين الإخراج من قيمتها وبين الإخراج من عينها. ومن الأدلة على ذلك:
1 -أن زكاة الإبل قد تخرج من غيرها، وهى الغنم، ففى خمس من الإبل شاة، وفى عشر شاتان كما هو معروف.
2 - النص على جواز القيمة النقدية أو نوع آخر فى حديث البخارى " من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده الجذعة، وعنده الحقة فإنه يؤخذ منه وما استيسرتا من شاتين أو عشرين درهما ".
3- ما رواه الدارقطنى وغيره أن معاذ بن جبل قال لأهل اليمن.
ايتونى بخميس أو لبيس آخذه منكم مكان الذرة والشعير فى الصدقة، فإنه أيسر عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة. والخميس هنا هو الثوب الذى طوله خمسة أذرع ويقال سمى بذلك لأن أول من عمله هو الخمس أحد ملوك اليمن، ولم يثبت أن النبى أنكر عليه أن يأخذ القماش بدل الذرة والشعير.
4 - قول النبى صلى الله عليه وسلم فى زكاة الفطر " أغنوهم عن سؤال هذا اليوم " رواه البيهقى أراد أن يغنوا بما يسد حاجتهم، فأى شىء سد حاجتهم جاز.
5 - قول اللَّه تعالى {خذ من أموالهم صدقة} التوبة: 103، ولم يخص شيئا من شىء.
هذه هى أدلة جواز إخراج القيمة بدل العين فى الزكاة كما ذكرها القرطبى فى تفسيره "ج 8 ص 175 ":
وأورد دليل الرواية الثانية عن مالك بعدم الجواز- وهو ظاهر المذهب - بأن الحديث يقول " فى خمس من الإبل شاة، وفى أربعين شاة شاة " وقال القرطبى: نص على الشاة، فإذا لم يأت بها لم يأت بمأمور به، وإذا لم يأت بمأمور به فالأمر باق عليه.
ونوقش هذا الدليل بأنه قد يظهر فى أخذ شاة عن أربعين شاة، ولكن لا يظهر فى أخذ شاة عن خمس من الإبل، فالجنس مختلف وفد يُردُّ ذلك بأن الجنس واحد وهو الأنعام ولا يضر اختلاف النوع، فيؤخذ من الغنم بدل الإبل.
والاستدلال ضعيف لا يقوى أمام أدلة المجيزين، وبخاصة الدليل الثانى والثالث، حيث النص فى الأول على البدل وهو شاتان وعلى القيمة " أو عشرين درهما " وفى الثانى على البدل وهو القماش بدل الحبوب. فما استيسر من أى شىء بَدَلَ ما نص عليه فلا مانع منه، لأنه صدقة خرجت من ماله لا تنقص عن قيمة ما نص عليه، وقد تكون القيمة أنفع للفقير أو من يستحق الزكاة، والزكاة فى عروض التجارة تكون من القيمة، لأنها تقوم عند آخر الحول، ودليله ما رواه أحمد وأبو عبيد عن أبى عمرو بن حماس عن أبيه قال: أمرنى عمر رضى اللَّه عنه فقال " أدِّ زكاة مالك. فقلت: ما لى مال إلا جِعَابٌ وأَدَم، فقال: قومها ثم أدِّ زكاتها ". والجعاب جمع جَعْبة، وهى كنانة النبال أى كيسها، والأدم هو الجلد، يقول صاحب المغنى "ج 3 ص 58 ": وهذه قصة يشتهر مثلها ولم تنكر فيكون إجماعا.
وأجاز أبو حنيفة إخراج الزكاة من عين السلع كسائر الأموال.
وبناء على هذه الأقوال أرى أن يراعى مصلحة المزكى فى تجارته الراكدة فيجوز أن يخرجها من السلع، وقد أشار ابن تيمتة فى فتاويه (ج 1 ص 299) إلى مراعاة المصلحة والدين يسر، وحيث توجد المصلحة فثم شرع اللَّه
(9/211)
________________________________________
الزكاة فى سبيل الله

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز دفع جزء من الزكاة فى بناء المساجد، وبخاصه للجاليات الإسلامية فى البلاد الأجنبية؟

الجواب
سبيل الله فى اللغة هو الطريق الموصل إلى مرضاته، وذلك بامتثال الأوامر واجتناب النواهى، وعند إطلاقه فى الشرع ينصرف إلى الجهاد، حتى صار لكثر الاستعمال كأنه مقصور عليه كما قال ابن الأثير فى " النهاية ".
وكون الجهاد من مصارف الزكاة الثمانية الموجودة فى قوله: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} التوبة: 60، أمر متفق عليه بين الفقهاء، مريدين بسبيل الله الجهاد لكن ما وراء الجهاد من أعمال الخير فالمذاهب مختلفة فيه:
فالأحناف يقصرون سبيل الله على الجهاد، تصرف على المجاهدين تمليكا لهم. مشترطين فيهم الفقر والحاجة، وقد أخذ عليهم هذا الشرط لأنهم به داخلون تحت اسم الفقراء، ولم تعد هناك حاجة إلى مصرف (سبيل الله) فى الآية. والكاسانى فى " بدائع الصنائع " جعل جميع القرب والطاعات من سبيل الله، لكنه اشترط أيضا تمليك الزكاة للشخص المستحق لها.
وعلى هذا لا يجوز صرفها فى بناء المساجد وتكفين الموتى وقضاء الديون عنهم " رد المحتار ج 2 ص 85 ".
والمالكية متفقون على أن سبيل الله فى الزكاة هو الجهاد وما يتعلق به من إعداد ومرافق، ولا يشترطون فيها تمليكا للأشخاص، ولا يشترطون الفقر ليكون سبيل الله صنفا متميزا عن الفقراء والمساكين.
والشافعية أرادوا بسبيل الله المجاهدين المتطوعين لا من ترتب لهم أرزاق لعملهم هذا، ولا يشترطون الفقر فى هؤلاء المتطوعين، فهم كالمالكية فى قصر سبيل الله على الجهاد، لكن أرادوا بالمجاهدين المتطوعين.
والحنابلة كالشافعية فى هذا الرأى، لكن جاء فى رواية عن أحمد جعل الحجاج كالمجاهدين داخلين فى سهم سبيل الله لحديث أم معقل الأسدية أن زوجها جعل بكرا فى سبيل الله وأنها أرادت العمرة فسألت زوجها البكر فأبى، فأتت النبى صلى الله عليه وسلم وذكرت له ذلك فأمره أن يعطيها البكر وقال (الحج والعمرة فى سبيل الله) رواه أحمد وأبو داود برواية أخرى، والروايتان ضعيفتان.
فالمتفق عليه بين الفقهاء أن سبيل الله هو الجهاد، مع الاختلاف فى اشتراط الفقر وعدمه، وفى تمليكها للشخص أو عدم تمليكه، وفى قصره على المتطوعين أو تعميمه على جميع المجاهدين. وما نقل عن الكاسانى فى جعل أنواع القربات الأخرى من سبيل الله شرط فيه التمليك للشخص لا أن تصرف فى بناء المساجد وغيرها.
وابن قدامة الحنبلى فى " المغنى " صوب رأى الجمهور ولم يرتض رواية أحمد فى صرفها على الحجاج وقال معللا لذلك: إن الزكاة تصرف لأحد رجلين: محتاج كالفقراء والمساكين وفى الرقاب والغارمين لقضاء ديونهم، أو من يحتاج إليه المسلمون كالعاملين على الزكاة والغزاة والمؤلفة قلوبهم والغارمين لإصلاح ذات البين. أما الحج للفقير فلا نفع للمسلمين فيه، ولا حاجة به إليه أيضا فهو غير واجب عليه ولا مصلحة له فى إيجابه عليه وتكليفه مثقة خففها الله عنه، وتوفير هذا القدر على ذوى الحاجة من سائر الأصناف أو دفعه فى مصالح المسلمين أولى.
وهناك بعض العلماء توسعوا فى معنى" سبيل الله " ليشمل جميع أنواع القربات، منهم الفخر الرازى حيث نقل عن القفال فى تفسيره أن بعض الفقهاء أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه البر من تكفين الموتى وعمارة المساجد وغيرها، ولم يعين من هم هؤلاء الفقهاء المجيزون، وإن كان لا يوصف بالفقيه إلا المجتهد. ونسب ابن قدامة فى " المغنى " هذا الرأى إلى أنس بن مالك والحسن البصرى ولكن المحققين بينوا أن هذه النسبة خطأ لعدم فهم ما نقله أبو عبيد عنهما فى كتابه " الأموال ".
ومن المتوسعين فى سبيل الله الإمامية الجعفرية كما ذكر فى كتاب "المختصر النافع " وكتاب " جواهر الكلام شرح شرائع الإسلام " فى فقه الشيعة. ومنهم أيضا السيد صديق حسن خان فى كتاب " الروضة الندية " الذى يقول: ليس هناك دليل على تخصيص سبيل الله بالجهاد. فليبق على معناه اللغوى واسعا، وكونه انصرف إلى الجهاد فى العهود الأولى لا يمنع من شموله لكل ما يوصل إلى رضاء الله من أنواع القربات، ومال إلى هذا الرأى جمع من العلماء المتأخرين والمعاصرين.
وعلى هذا الرأى يجوز صرف جزء من الزكاة فى بناء المساجد والمعاهد وتحفيظ القرآن وإيواء اللاجئين ونشر الثقافة الدينية، وكل عمل يعز الإسلام ويقوى شوكة المسلمين ويدفع عنهم غائلة الاستعمار والسيطره بأى شكل من الأشكال
(9/212)
________________________________________
تعجيل الزكاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز إخراج الزكاة قبل وقت وجوبها؟

الجواب
ذهب الشافعى وأبو حنيفة وأحمد إلى جواز إخراج الزكاة قبل وقت وجوبها، وهو الحول فى النقود والتجارة والأنعام، والدليل على ذلك ما ورد عن على رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم استسلف صدقة العباس قبل محلها وإن كان فى السند مقال. وسئل الحسن عن رجل أخرج ثلاث سنين هل يجزيه؟ قال: يجزيه، وعن الزهرى أنه كان لا يرى بأسا أن يعجل الإنسان زكاته قبل الحول وقال مالك: لا يجزى إخراجها حتى يحول الحول [للأحاديث التى ربطت وجوبها بالحول كحديث على الذى رواه أبو داود وفيه مقال] وقال بذلك ربيعة وسفيان الثورى وداود. يقول ابن رشد: وسبب الخلاف، هل هى عبادة أو حق للمساكين؟ فمن قال: إنها عبادة وشبهها بالصلاة لم يجز إخراجها قبل الوقت، ومن شبهها بالصلاة الواجبة المؤجلة - أى التى لها أجل - أجاز إخراجها قبل الأجل على جهة التطوع.
ومثل الزكاة العامة زكاة الفطر- فالجمهور على جواز تعجيلها قبل العيد بيوم أو يومين كما كان يفعل عبد الله بن عمر رضى الله عنهما، وأما قبل ذلك ففيه خلاف.
فعند أبى حنيفة يجوز إخراجها قبل شهر رمضان، وعند الشافعى يجوز من أول شهر رمضان، أما عند مالك وأحمد فلا يجوز إلا قبل العيد بيوم أو يومين
(9/213)
________________________________________
توزيع الزكاة على فترات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أنا أقدر زكاة مالى عند آخر الحول، وأعرف فقراء هم أولى بدفعها إليهم، لكن أعرف أنهم إذا أخذوها دفعة واحدة أنفقوها بسرعة واشتدت حاجتهم بعد ذلك، ورأيت أن من المصلحة أن أعطيهم كل شهر مقدارا منها حتى ينتهى العام وقد برئت ذمتى من الزكاة تماما، فهل فى هذا ما يخالف الشرع؟

الجواب
عندما يحين وقت وجوب الزكاة يجب إخراجها ومن الخير التعجيل بإعطائها للجهات المستحقة، فقد روى البخارى وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم عندما انصرف من صلاة العصر قام سريعا فدخل بعض بيوت أزواجه، ثم عاد، فوجد فى وجوه القوم تعاجبا لسرعته فقال "ذكرت وأنا فى الصلاة تبرا عندنا، فكرهت أن يمسى أو يبيت عندنا، فأمرت بقسمته " وروى الشافعى والبخارى فى التاريخ عن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " ما خالطت الصدقة مالا قط إلا أهلكته " رواه الحميدى وزاد، قال " يكون قد وجب عليك فى مالك صدقة فلا تخرجها فيهلك الحرام الحلال ".
وهذا شأن كل دين واجب ينبغى التعجيل بأدائه، ومن هنا قال جمهور الفقهاء بجواز تعجيل إخراج الزكاة قبل وقت وجوبها.
لكن مع فصل الزكاة أو تعيين قدرها إذا رأى الإنسان أن من المصلحة توزيعها على فترات فلا مانع، كانتظار وصول المستحقين أو السفر إليهم، أو جعلها كراتب شهرى لأسرة فقيرة لو أخذتها مرة واحدة أنفقتها فى غير ما يلزم، وبعد ذلك تحتاج إلى مساعدة.
وما دام الانسان يبغى المصلحة فلا مانع من توزيعها على فترات، مع التوصية لأوليائه بمعرفة ما يجب عليه وما بقى من غير توزيع، حتى يقوموا بتوزيعه عند اللزوم
(9/214)
________________________________________
الزكاة والزواج

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز أن أدفع جزءا من زكاة أموالى مساعدة فى زواج أحد أقاربى أو إحدى قريباتى؟

الجواب
حدد اللَّه سبحانه مصارف الزكاة فى قوله تعالى {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من اللَّه واللَّه عليم حكيم} التوبة:65، فلا يجوز دفعها لغير هؤلاء كما تفيده أداة الحصر وهى " إنما " وكل هذه الأصناف حددها العلماء دون خلاف بينهم يذكر، إلا في قوله تعالى {وفى سبيل اللَّه} ففسره الجمهور بالجهاد وفسره سره بعضهم بمنقطعى الحجيج، وجعله آخرون شاملا لكل القربات ومع ذلك لا يدخل التزويج فيه كما قال المحققون، فكما قالوا:
لا يجوز صرف الزكاة للاستعانة بها على الحج لأن الله فرضه على المستطيع فقط، قالوا: لا يجوز صرفها من أجل التزويج الذىَ ندب اللَّه له من يستطيع أن يقوم بمسئولياته، فقال {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم اللَّه من فصله} النور: 33، وقال صلى الله عليه وسلم " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحْصَنُ للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " رواه البخارى ومسلم، والباءة هى تكاليف الزواج.
والزواج فى هذه الأيام بالذات أخذ صورة مظهرية أكثر منها أدبية ودينية، سواء فى المهور الغالية أو الأثاث الفاخر أو حفلات الزفاف وما إليها، فلا ينبغى أن توجه الزكاة إليها، وفى المجتمع حالات هى أحوج ما تكون إليها، روى مسلم أن رجلا تزوج على صداق قدره أربع أواق لا يستطيع دفعها، ذهب إلى النبىصلى الله عليه وسلم يستعينه، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم فى حالته الخاصة لا يمكنه أن يساعد بمثل هذا القدر، وليس فى مال المسلمين حق يعين هذا الرجل، فقال له مستنكرا " كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، لكن عسى أن نبعثك فى بعث تصيب منه ". ولو تعين الزواج عصمة من المنكر للفتى أو الفتاة لا يتحمل معها الانتظار إلى وقت اليسار وجب عليه أن يتزوج بقدر يناسب وضعه الذى هو فيه، ما دام يقصد الخير من العفة والشرف، ولا يعدم أى مجتمع أن يكون فيه من يحقق له غرضه، فالخير موجود فى المسلمين إلى يوم القيامة. هذا، وإذا كانت للزكاة مصارف متعددة فينبغى مراعاة الأولوية فيها، والمسلمون كأمة واحدة يجب أن يتضامنوا فى تحقيق الخير ودفع الشر، وفيهم الآن من هم فى أشد الحاجة للعون الذى يحفط كرامتهم كآدميين ومسلمين، فأولى أن تدفع الزكاة إليهم، ولو كان للزكاة جهاز منظم يشرف عليها بصدق وإخلاص جمعا وتوزيعا لظهر أثرها الذى شرعت من أجله، سواء فى الوطن الصغير أو فى الوطن الإِسلامى الكبير
(9/215)
________________________________________
إعطاء الزكاة للأقارب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
سمعت أن إعطاء الزكاة للأقارب لا يجوز، فهل هذا صحيح؟

الجواب
الأقارب هنا قسمان، قسم تجب على الإنسان نفقته كالأبوين والأولاد والزوجة وقسم لا تجب عليه نفقته، كالعم والخال والعمة والخالة.
وقد اتفق الفقهاء على جواز إعطاء الزكاة للقسم الثانى، بل هم أولى بها من غيرهم، لأنها تكون زكاة وصلة رحم فى وقت واحد كما رواه أحمد وابن ماجه والنسائى والترمذى وحسنه، وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما عن النبى صلى الله عليه وسلم "الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذى الرحم ثنتان، صدقة وصلة".
أما القسم الأول: وهو من تجب عليه نفقته فالإجماع على أنه لا يجوز إعطاؤهم من الزكاة، لأن المفروض فى المزكى أن ينفق عليهم النفقة الكافية التى لا تجعلهم فقراء ولا مساكين يستحقون الزكاة، والمزكى عنده مال كثير زائد عن حاجته وحاجة من يعولهم فهم فى غير حاجة إلى الزكاة. فالوالدان لا يجوز إعطاء الزكاة لهما، وكذلك الأولاد الصغار، أو البالغون إذا كانوا غير قادرين على الكسب، فإن قدروا على الكسب فلا تجوز الزكاة لهم.
وكذلك الزوجة نفقتها واجبة على الزوج فلا يعطيها من زكاته، لأنه لو أعطى هؤلاء الذين تجب عليه نفقتهم فهو يعطى نفسه، لأن الزكاة ستخفف من عبء النفقة الواجبة عليه. روى الأثرم فى سننه عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال: إذا كان ذو قرابة لا تعولهم فأعطهم من زكاة مالك، وإن كنت تعولهم فلا تعطهم ولا تجعلها لمن تعول "نيل الأوطار للشوكانى ج 4 ص 189 ".
والشوكانى يرى جواز إعطاء الزكاة للقريب، بصرف النظر عن كون نفقته واجبة على المزكى أو غير واجبة، مستندا إلى حديث البخارى ومسلم فى شأن زينب امرأة عبد اللَّه بن مسعود الثقفى وشأن امرأة معها، حيث سئل النبى صلى الله عليه وسلم: أتجزى الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام فى حجورهما؟ فقال "لهما أجران، أجر القرابة وأجر الصدقة" وفى رواية البخارى عن أبى سعيد "زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم ".
يقول الشوكانى فى وجه الاستدلال: إن النبى صلى الله عليه وسلم لم يستفصل عن الصدقة إن كانت واجبة أو تطوعا، وترك الاستفصال فى مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم فى المقال، والأصل عدم المانع، فمن زعم أن القرابة أو وجوب النفقة مانعان من إجراء الزكاة فعليه الدليل، ولا دليل.
وقد أجاز الشوكانى ذلك لأن الأم لا يلزمها أن تنفق علي ابنها مع وجود أبيه، لكن قد يقال: إن الأيتام ربما لا يكونون أولادها فتصح الزكاة عليهم.
وقد روى عن مالك أن الممنوع من أخذ الزكاة هم الأب والأم والأولاد، أما الجد والجدة ومن علا، وبنو البنين ومن نزل فيجوز صرف الزكاة إليهم، أما غير الأصول والفروع ممن تجب نفقتهم -كالزوج والزوجة - فذهب مالك والشافعى إلى أنه لا يجزئ صرف الزكاة إليهم.
وقال أبو حنيفة وأصحابه يجوز ويجزئ، وذلك لعموم الدليل فى التصدق على الأقارب، حيث لم يفصل، بين قرابة وقرابة، ولا بين وجوب النفقة وعدم وجوبها، كما وضحه الشوكانى. وهذا كله فى الصدقة الواجبة كالزكاة، أما صدقة التطوع فالأقارب بوجه عام أولى بها كما سبق ذكره، ومما يرغب فى ذلك أيضا حديث رواه مسلم "دينار أنفقته فى سبيل اللَّه، ودينار أنفقته فى رقبة-يعنى تحرير رقبة من الرق -ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذى أنفقته على أهلك لما وجاء في تفسير القرطبى "ج 8 ص 190 "جواز إعطاء الزوجة زكاتها لزوجها الفقير بناء على حديث زينب الثقفية، حتى لو كان يستعين بها على النفقة عليها كما كان يفعل ابن حبيب، وقال أبو حنيفة لا يجوز، وخالفه صاحباه فقالا يجوز، وذهب الشافعى وأبو ثور وأشهب إلى إجازة ذلك إذا لم يصرفه إليها فيما يلزمه لها، وإنما يصرف ما يأخذه منها فى نفقته وكسوته على نفسه، وينفق عليها ماله.
وفى الفتاوى الإسلامية "مجلد 1 ص 115 " لو دفع الزكاة إلى من تجب نفقته عليه جاز إذا لم يحسبها من النفقة، وذلك فى غير الزوجة والأبوين والفروع، كما وضحتها فتوى فى المجلد الخامس ص 1799 "
(9/216)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:44 pm

زكاة الجنين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم ما لو ذبحت البقرة الحامل بجنينها كامل النمو، هل يجوز أكل هذا الجنين إذا مات فى بطن أمه؟

الجواب
روى أحمد والترمذى وابن ماجه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى الجنين "ذكاته ذكاة أمه" وفى رواية لأحمد وأبى داود: قلنا يا رسول الله، ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة وفى بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكل؟ قال "كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه".
يؤخذ من هذا أن الحيوان المأكول اللحم إذا ذبح وفى بطنه جنين، فإن ذبح أمه ذبح له ما دام قد تم بالطريقة الشرعية، وأكل لحمه حلال ولا يحتاج إلى ذبح، وهذا ما رآه الإمام الشافعى والإمام مالك، وإن كان مالك اشترط أن يكون الجنين قد أشعر، أى نبت له شعر، لكن دليله فى ذلك ضعيف، فإنه قطعة من أمه، سواء نبت له شعر أولا.
وأبو حنيفة خالف مالكا والشافعى، كما خالف صاحبيه، فحرم أكل الجنين إذا خرج ميتا، لأن ذكاة أمه لا تغنى عن ذكاته أى ذبحه، محتجا بعموم قوله تعالى {حرمت عليكم الميتة} وهى التى لم تذبح ولكن هذا الاحتجاج ضعيف، لأنه من ترجيح العام على الخاص، والمعمول به هو العكس.
فالمعتمد أو الراجح هو مذهب الجمهور فى أن ذكاة الجنين هى ذكاة أمه، أى لا حاجة إليها بعد ذكاة أمه
(9/217)
________________________________________
زكاة الزروع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
تحتاج الزراعة إلى مصاريف كثيرة فى الرى والتسميد والحصاد وغير ذلك، فهل تخصم هذه المصاريف من جملة المحصول وتخرج الزكاة عن الباقى بعد الخصم؟

الجواب
1-الزكاة واجبة على المحاصيل الزراعية كما جاء فى قوله تعالى {وهو الذى أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه، كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المشرفين} الأنعام: 141.
وبعيدا عن التى تجب فيها الزكاة من الزروع، فإن ما يورد منها إلى الجمعيات أو جهات أخرى يدخل ضمن النصاب ولا يخصم، ولا يكتفى بتزكية ما بقى بعد الخصم، فالآية تأمر بإخراج الزكاة عند الحصاد.
ومعلوم أن المحاصيل قد تصرف عليها مصاريف فى الرى والتسميد والتنقية والحصاد وغير ذلك، فهل تخصم هذه المصاريف من المحصول، وتخرج الزكاة عن الباقى؟ .
لا يجوز هذا الخضم عند جميع الأئمة المعروفين، وهم أبو حنيفة ومالك والشافعى وأحمد رحمهم اللَّه تعالى، لكن جاء عن عبد الله بن عمر وعبد اللَّه بن عباس رضى اللَّه عنهم أجمعين أن الزكاة تكون على ما بقى بعد استقطاع التكاليف، ونقله ابن حزم عن عطاء بن يسار.
ولعل وجهة نظرهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل الزكاة على الزروع والثمار التى تسقى بماء السماء العشر أما التى تسقى بتعب ومصاريف للسواقى والماكينات وغيرها فالزكاة نصف العشر.
ويحصل فى بعض المناطق التى تعتمد على المطر فى زراعة القمح والشعير أن يشتط العمال المدربون على أعمال الزراعة، فى تقدير أجرهم كنصف المحصول، وهنا يمكن العمل برأى ابن عمر وابن عباس وعطاء فى هذه الحالة، وكل هذا مع مراعاة قول اللَّه تعالى {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم اللَّه من فضله هو خيرا لهم، بل هو شر لهم} آل عمران: 130، وقوله تعالى {وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} سبأ: 39
(9/218)
________________________________________
الزكاة على الراتب والعمارة والسيارة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل تجب الزكاة على الراتب أو الأجر الذى يأخذه الإنسان على عمله؟

الجواب
لقد حدد القرآن الكريم والسنة النبوية الأصناف التى تجب فيها الزكاة، ولم يرد نص خاص فى وجوبها فيما عداها، ما عدا قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض} البقرة: 267.
وقد رأى الأئمة الثلاثة عدم وجوب الزكاة فى غير ما حدده بخصوصه القرآن والسنة، وحملوا هذه الآية على الإنفاق العام الذى يدخل فيه صدقة التطوع، والأمر فيها للإرشاد والاستحباب، أو منصب على اختيار الصالح والجيد، بدليل مقابلته بالنهى عن الإنفاق من الخبيث بأسلوب قوى مؤثر " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون، ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه " والصدقة من الطيب المحبوب للنفس، فيها جهاد للنفس وإيثار للغير، ولو كان الإنسان آخذا شيئا من الغير لا يقبل إلا الطيب منه، أما الردى فلا يقبله إلا مع امتعاض وعند شدة الحاجة إليه، والإيمان الصادق يدفع إلى أن يحب الإنسان للناس ما يحبه لنفسه أما الإمام أبو حنيفة فقد أخذ بظاهر العموم فى الآية وأوجب الزكاة فى كل ما ينبت من الأرض حتى الخضر غير مقيد بالأنواع الواردة فى الحديث، كما أوجبها فى كل ما يكسب -الإنسان من وجوه الحلال.
وعلى هذا تجب الزكاة عنده فى عائد الممتلكات من العمارات والسيارات وفى الرواتب والأجور.
ولو وجبت الزكاة اشترط فيها الحول والزيادة عن الحاجة، كما اشترطه فى زكاة المال، فلو استغلت العمارات والسيارات للتجارة وجبت فيها زكاة التجارة، ولو استغلت للإيجار ونتج عن ذلك مال مدَّخر فائض وحال عليه الحول وجبت الزكاة باتفاق الأئمة، لأنها زكاة مال كالنقدين.
هذا فى الوجوب، أما التطوع بالصدقة وشكر اللَّه على النعم فلا حد لنصابه ولا لقدره ولا لزمنه، بل إن ميدان البر يتسع فيتجاوز حدود المال كما صح فى الحديث " تعدل بين اثنين صدقة، وأمر بالمعروف صدقة ونهى عن منكر صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، وتبسمك فى وجه أخيك صدقة، وكل معروف صدقة"
(9/219)
________________________________________
الزكاة وحكمة التشريع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
لماذا تفرض الزكاة على المسلمين فى حين أن الدولة تحصل الضرائب من جميع المواطنين على السواء، أريد إجابة منطقية لأنى لا اقتنع بقوله تعالى {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} ؟

الجواب
سبقت الإجابة على الفرق بين الزكاة والضرائب، ولا تغني الضرائب عن الزكاة وأحب أن يعلم كل مسلم أن التكاليف الشرعية لابد من تقبلها والعمل بها بصرف النظر عن فهم حكمة التشريع، فإن الحكمة قد تذكر مع الحكم وربما لا تذكر، ولا يترتب على عدم ذكرها أو عدم فهمها رفض الحكم وإنكاره. فالواقع أن أفعال اللَّه خالية عن العبث، ولكل فعل من أفعاله حكمة، فهو الحكيم الخبير وإن كنا لا ندرك هذه الحكم {واللَّه يعلم وأنتم لا تعلمون} .
وإذا كانت معرفة حكمة التشريع تبعث في النفس النشاط للعمل وتشرح الصدر للقبول، وتساعد على رد الشبه وتحمى من الأباطيل، فإن مجرد الامتثال لأنه أمر من اللَّه فقط - وهو الموصوف بالحكمة البالغة -يدل على قوة الإيمان وتمام الخضوع لأوامر اللَّه، ومهما يكن من شيء فإن إنكار أي تكليف وارد في النصوص الصحيحة يؤدي إلى الكفر، لأنه تكذيب لما ثبت بالتواتر وبخاصة القراَن الكريم المجمع على أنه كلام اللَّه تعالى.
والزكاة فرضت على المسلمين بالأوامر الصريحة في القرآن والسنة، منها قوله تعالى {وأتوا الزكاة} البقرة: 403، وكثير من السور، وقوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} التوبة: 103، إلى غير ذلك من النصوص.
والإيمان بفرضيتها واجب، بصرف النظر عن معرفة حقها، وقد أشارت الآية إلى الحكمة وهي التطهير والتزكية، أي تخليص النفوس من شوائب البخل والشح والأنانية والحرص والطمع والفردية وأسر المادة وعبودية الشهوة، وتحليتها بالرحمة والحنان والغيرية والتعاون والرضا والقناعة وراحة الضمير، والحيلولة دون الوقوع فيما تجر إليه الأنانية وحب المال من كذب وزور وغش واحتكار وسرقة وما إلى ذلك، كما أن الزكاة أساس العدل الاجتماعي الذي يدعو إلى رعاية الحقوق والمبادرة إلى أداء الواجبات والحفاظ على الحرمات، وتقوية روابط المجتمع بوجه عام.
وإذا كانت المقادير المفروضة في الزكاة تعد رمزًا لامتثال أوامر اللَّه في التعاون فإن مطالب الحياة الاجتماعية في الدول المنظمة ربما لا يعطيها هذا المورد الرمزي، وقد أجمع العلماء على أن للحاكم أن يفرض من الضرائب، والواجبات الأخرى ما يراه محققًا لمصلحة الجماعة، فلا تنافي بين فرض الزكاة وجباية الضرائب أبدًا، وبخاصة إذا عرفنا أن بعض الاحتياجات العصرية ربما لا تدخل تحت المصارف المحددة للزكاة، ولا نحتاج إلى التعسف في تطويعها حتى تشمل هذه الاحتياجات ما دام عندنا مورد أخر مشروع وهو ما يفرضه ولى الأمر من الضرائب وغيرها. "انظر رسالتى عن الزكاة "
(9/220)
________________________________________
الزكاة فى المضاربة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل تجب الزكاة فى المضاربة على صاحب المال أو على المال أو عليهما معا؟

الجواب
المضاربة أن يدفع شخص مالا لشخص آخر يتاجر فيه على أن يقسم الربح بينهما بنسبة يتفقان عليها كالنصف أو الثلث مثلا.
والعامل فى المضاربة ليس شريكا فى رأس مال التجارة، فهو كله لصاحب المال، ولا يشاركه إلا فى الربح الناتج من رأس المال، فهو بمثابة الأجير الذى يؤدى عملا لصاحب المال، وبدل أن يحدد له أجرا معلوما كل شهرا وكل سنة أو كل صفقة تجارية جعل له نسبة من الربح أيا كان قدرها، ولئن كان فى ذلك بعض الجهالة من جهة المقدار فالأجر معلوم من جهة النسبة، ويغتفر ذلك لحاجة الناس إلى هذه المعاملة فقد يملك الشخص مالا ولا يعرف كيف يستثمره،ويملك شخص آخر المعرفة والخبرة ولكن لا يملك المال، فيتعاونان على خيرهما وعلى خير المجتمع وكانت هذه المعاملة معترفا بها أيام النبى صلى الله عليه وسلم.
ومن هنا تكون الزكاة على صاحب المال زكاة تجارة، يخرج ربع العشر على الأصل والربح بعد خصم الديون والمصاريف التى منها حصة العامل، على ما رآه ابن عباس وابن عمر رضى الله عنهم، وأخذ به ابن حزم فى خصم القرض والنفقة من محصول الزروع والثمار، وتكون الزكاة على ما بقى. وهذه الزكاة فى آخر الحوْل، أما العامل فليست عليه زكاة لأنه لا يملك شيئا من رأس المال،وإنما زكاته على حصته من الربح إن بلغت نِصابا وحال عليها الحول
(9/221)
________________________________________
موعد زكاة الفطر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
لا يوجد فى البلد الذى أعمل فيه فقراء يستحقون الزكاة يوم العيد، وقد أكون فى بلدى قبل يوم العيد وفيها فقراء، فهل يجوز أن أدفع إليهم الزكاة قبل يوم العيد؟

الجواب
يجوز إخراج زكاة الفطر من أول يوم من رمضان على ما رآه الشافعية، ويجوز أن تؤدى قبل يوم العيد بيوم أو يومين عند بعض الأئمة، بل يجوز ذلك قبل رمضان، أخرج البخارى عن ابن عمر رضى الله عنهما قال:
فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر. . . إلى أن قال: وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين.
ولا يجوز تأخيرها عن يوم العيد. والأفضل إخراجها قبل صلاة العيد، لما روى البخارى ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، قال ابن عباس رضى الله عنهما: فمن أداها قبل الصلاة فهى زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات. وفى حديث الدارقطنى: أغنوهم عن الطواف فى هذا اليوم، أى أغنوا الفقراء عن الطواف والسعى فى الأسواق ونحوها بطلب الرزق فى هذا اليوم، وهو يوم العيد، وذلك بإعطائهم الزكاة. وحرمة التأخير عن يوم العيد محلها إذا وجد المستحقون لها ولم يكن هناك غائبون أولى منهم، فإذا عدموا، أو كان هناك غائب أولى كالأرحام مثلا فلا يحرم التأخير
(9/222)
________________________________________
شروط هدى التمتع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل هناك مذهب يقول بعدم وجوب الهدى على المتمتع؟

الجواب
يقول الله سبحانه {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى} البقرة: 196، وقد اشترط العلماء شروطا يتحقق بها التمتع الموجب للهدى واتفقوا منها على ما يأتى:
ا -ألا يكون المتمتع من حاضرى المسجد الحرام كما نصت عليه الآية "ذلك لمن لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام " وهم أهل مكة ومن يسكن قريبا منها دون مسافة القصر على خلاف للعلماء فى تحديدهم.
2 - أن تقع العمرة فى أشهر الحج، وهى شوال وذو القعدة وذو الحجة، وشذ عن هذا الشرط طاووس فقال: من اعتمر فى رمضان ثم أقام حتى حج فهو متمتع.
3- أن تقع العمرة فى العام الذى وقع فيه الحج، فلو اعتمر فى أشهر الحج ثم لم يحج سواء أقام بمكة أو سافر، وحج فى عام آخر فليس متمتعا. وشذ عن هذا الشرط الحسن فقال: لا يشترط للتمتع أن يقع النُّسُكَان فى عام واحد. "المغنى لابن قدامة ج 3 ص 499 ".
4 -ألا يسافر بين العمرة والحج سفرا بعيدا تقصر فيه الصلاة، وشذ الحسن عن هذا الشرط.
5 -ألا يعود إلى الميقات ليحرم بالحج منه. فإن عاد وأحرم منه فلا دم عليه.
6 - أن يحل من إحرامه بالعمرة قبل أن يحرم بالحج، فلو استمر على إحرامه حتى أحرم بالحج لم يكن متمتعا، بل يكون قارنا، وعلى كل حال فالمتمتع والقارن عليهما دم.
7- اشترط مالك فقط زيادة على ذلك أن تكون العمرة والحج عن شخص واحد ولا يقول الأئمة الثلاثة بذلك، ويوضحه ما جاء فى حاشية قليوبى وعميرة على منهاج النووى فى فقه الشافعية "ج 2 ص 129 " أنه لا يشترط أن يقع النسكان أى العمرة والحج عن شخص واحد فلو استأجره واحد للحج واستأجره آخر للعمرة فتمتع عنهما أو اعتمر عن نفسه وحج عن غيره أو عكسه فهو متمتع.
ويمكن العمل بمذهب مالك عند الحاجة أو الضرورة كمن يتكرر حجه ويريد التمتع دون هدى أن يجعل واحدا منهما عن أحد والديه المتوفيين وجوبا، أو لهما ندبا أو نيابة عن عاجز عن الحج، والدين يسر
(9/223)
________________________________________
الأكل من الهدى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز لمن وجب عليه ذبح هدى أن يأكل منه، أو لابد من توزيعه كله على المحتاجين؟

الجواب
قال الله تعالى فى شأن الهدى {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} الحج:
28.
يدل ظاهر هذا الأمر على إباحة الأكل من أى هدى كان، سواء أكان واجبا أم مندوبا وقد اختلف الفقهاء فى هذا الحكم، وفرقوا بين هدى التطوع المندوب فجوزوا الأكل منه، وبين الهدى الواجب فحرموه، وإن كان بعضهم أجاز الأكل من بعض الهدى الواجب دون البعض الآخر فذهب أبو حنيفة وأحمد إلى جواز الأكل من هدى التمتع وهدى القران وهدى التطوع ولا يأكل مما سواها، وقال مالك: يأكل من الهدى الذى ساقه لفساد حجه ولفوات الحج، ومن هدى التمتع، ومن الهدى كله إلا فدية الأذى وجزاء الصيد والنذر للمساكين وهدى التطوع إذا عطب قبل محله.
وعند الشافعي: لا يجوز الأكل من الهدى الواجب مثل الدم الواجب فى جزاء الصيد وإفساد الحج، وهدى التمتع والقران، كذلك ما كان نذرا أوجبه على نفسه، أما ما كان تطوعا فله أن يأكل منه ويهدى ويتصدق.
وللتوضيح يمكن الرجوع إلى المغنى لابن قدامة " ج3 ص 565 ".
وأقول: إن غالب ما يذبح هناك جزاء هو عن التمتع والقران، وعموم الآية يجيز الأكل منه، إلى جانب أحاديث تفيد أن النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع كان معه نساؤه وكن متمتعات أي محرمات بالعمرة أولا، أو قارنات أى محرمات بالحج والعمرة معا، وأكلن من اللحم، وفى صحيح مسلم أنه عليه الصلاة والسلام أمر من كل بدنة -جمل - بضعة -قطعة-فى قِدر، فأكل هو وعلى رضى الله عنه من لحمها وشربا من مرقها.
هذا والأولى أن تطعم كلها للفقراء وبخاصة بعد الاستعدادات الجديدة لتنظيم الذبح والتوزيع، والأكل منها أفضل من أن ترمى وتضيع دون توزيع
(9/224)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:45 pm

الزواج أم الحج

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إنى شاب لم أتزوج، فأيهما أفضل الحج أم الزواج؟

الجواب
لاشك أن الحج فرض لازم على كل مستطيع كما قال تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} آل عمران: 97.
ووجوبه على الفور عند جمهور الفقهاء، يحرم تأخيره عن أول فرصة له، والزواج مشروع ومرغب فيه بالآيات والأحاديث الكثيرة، غير أن الفقهاء قالوا: إنه قد يكون واجبا وقد يكون مندوبا، فهو واجب على من وجد نفقته وقدر على كل تبعاته وخاف العنت أى الوقوع فى الفاحشة إن لم يتزوج، ويكون مندوبا إن قدر عليه ولم يخف العنت إن لم يتزوج، بأن كانت حالته طبيعية وعنده من القدرة ما يكف به نفسه عن الفاحشة إن أخر الزواج.
وعلى هذا نقول: إن كان الزواج واجبا قدمه على الحج لأنه لو لم يتزوج وقع فى الفاحشة، والحج يكون واجبا على المستطيع، ومن الاستطاعة وجود مال زائد على حاجاته الضرورية، ومن حاجاته الضرورية الزواج فى مثل هذه الحالة وبخاصة أن الحج واجب على التراخى عند بعض الأئمة، يعني لو أخره سنة لا يأثم.
وإن كان الزواج مندوبا له قدم الحج عليه، ضرورة تقديم الواجب على المندوب
(9/225)
________________________________________
الصدقة على الكافر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
عندنا جار فقير لكنه غير مسلم فهل يجوز أن أعطيه من الزكاة؟

الجواب
اتفقت الأئمة على عدم جواز إعطاء الزكاة لغير المسلمين، فيما عدا المؤلفة قلوبهم - وهم الذين يرجى إيمانهم أو يخشى شرهم، وإن كان هناك خلاف فى وجودهم الآن وفى جواز إعطائهم إن كانوا - والدليل على عدم إعطاء الكفار من الزكاة قول النبى صلى الله عليه وسلم {صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم} فى حديث معاذ لما أرسله إلى اليمن. والمقصود بهم أغنياء المسلمين وفقراؤهم دون غيرهم، رواه البخارى ومسلم.
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الذمى لا يعطى من زكاة الأموال شيئا، واختلفوا فى زكاة الفطر فجوزها أبو حنيفة، وعن عمرو بن ميمون وغيره أنهم كانوا يعطون منها الرهبان، وقال مالك والليث وأحمد وأبو ثور لا يعطون، ونقل صاحب البيان عن ابن سيرين والزهرى جواز صرف الزكاة إلى الكفار "المجموع للنووى ج 6 ص 246" لكن صدقة التطوع يجوز أن يعطى منها غير المسلم، لما صح من إجازة النبى صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبى بكر أن تبر أمها وكانت مشركة وقال لها "صِلى أمك " ويؤيد هذا قوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم} الممتحنة: 8.
وقال تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} الإنسان: 8، فالآية مطلقة والأسير بالذات قد يبقى على دينه ولا يسلم، قالوا: ومنه إعطاء عمر صدقة لليهودى الذى وجده يسأل.
وأختار أنه لا يجوز لك أيها السائل أن تعطى من زكاتك لغير المسلم ويجوز أن تساعده بصدقة تطوع، رعاية لحق الجوار
(9/226)
________________________________________
زكاة المال المدخر لحاجة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
عندى مال أدخره لمشروع ينفذ بعد سنتين، ولو أخرجت عنه الزكاة نقص المال وتعطل المشروع. فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب
ما دام المبلغ وصل إلى حد النصاب وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة ما دام فائضا عن حاجاتك الحالية أما المستقبلة فلا عبرة بها، لأن المستقبل غيب لا يعلمه إلا الله، والزكاة نسبتها قليلة جدا (5، 2%) لا تؤثر على المشروع تأثيرا واضحا، والمبادرة إلى أداء حق الله يبارك الله بها المال {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} الطلاق: 4.
هذا، ولو نقص المال المدخر فى أثناء الحول عن النصاب لا تجب فيه الزكاة حتى يكمل النصاب، وهنا يبدأ حول جديد وإذا كان النقص عن النصاب مقصودا به سقوط الزكاة كان من الحيل المحرمة، أما إذا زاد المال المدخر فى أثناء الحول فإن الزيادة تأخذ حول النصاب حتى لو وضعت فى آخر الحول، وذلك على رأى بعض الفقهاء، ورأى بعضهم أن يبدأ للزيادة حول جديد تزكى عند انتهائه، والرأى الأول أسهل فى الحساب، ويدخل تحت جواز إخراج الزكاة قبل موعدها، والرأى الثانى أدق وأضبط للحساب، ولا مانع من الأخذ بأحد الرأيين
(9/227)
________________________________________
دفع الزكاة للمدين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز دفع الزكاة لإنسان عليه دين عاجز عن الوفاء به؟

الجواب
قال الله تعالى فى مصارف الزكاة {والغارمين} التوبة: 60، يقول القرطبى عنهم: هم الذين ركبهم الدين ولا وفاء عندهم به، ولا خلاف فيه، اللهم إلا من ادَّان فى سفاهة فإنه لا يعطى منها ولا من غيرها إلا أن يتوب، ويعطى منها من له مال وعليه دين محيط به ما يقضى به دينه -يعنى دين مستغرق لما يملكه -فإن لم يكن له مال وعليه دين فهو فقير وغارم فيعطى بالوصفين. روى مسلم عن أبى سعيد الخدرى قال: أصيب رجل فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تصدقوا عليه " فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول صلى الله عليه وسلم لغرمائه " خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك ".
ويجوز لمن تحمل مالاً فى إصلاح وصلاح أن يعطى من الصدقة ما تحمل به إذا وجب عليه، وإن كان غنيا إذا كان ذلك يجحف بماله كالغريم.
واختلفوا هل يقضى منها دين الميت أم لا، فقال أبو حنيفة: لا، ولا يعطى منها من عليه كفارة ونحو ذلك من حقوق الله، وإنما الغارم من عليه دين يسجن فيه -وقال علماؤنا وغيرهم: يقض منها دين الميت لأنه من الغارمين، قال صلى الله عليه وسلم "أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا أو ضَيَاعًا-عيالا-فإلىَّ وعلىَ".
وذكر الماوردى فى "الأحكام السلطانية" ص 123 أن الغارمين صنفان، صنف منهم استدانوا فى مصالح أنفسهم فيدفع إليهم مع الفقر دون الغنى ما يقضون به ديونهم، وصنف منهم استدانوا فى مصالح المسلمين فيدفع إليهم مع الفقر والغنى قدر ديونهم من غير فضل
(9/228)
________________________________________
إسقاط الدين من الزكاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
اقترض منى رجل مبلغا من المال ثم عجز عن أدائه، هل يجوز أن أسقط عنه هذا الدين وأجعله من الزكاة الواجبة علىَّ؟

الجواب
يقول النووى فى كتابه "المجموع ": لو كان على رجل معسر دين، فأراد الدائن أن يجعله من زكاته وقال له: جعلته عن زكاتى فهناك وجهان صحيحان، أصحهما أنه لا يجزئه، وهو مذهب أحمد وأبى حنيفة، لأن الزكاة فى ذمة صاحبها فلا يبرأ إلا بإقباضها، والوجه الثانى يجزئه، وهو مذهب الحسن البصرى وعطاء بن أبى رباح، لأنه لو دفعه إليه ثم أخذه منه جاز، فكذلك إذا لم يقبضه. كما لو كانت له دراهم وديعة ودفعها عن الزكاة فإنه يجزئه، سواء قبضها أم لم يقبضها.
وإذا دفع إليه الزكاة وشرط عليه أن يردها إليه عن دينه فلا يصح الدفع ولا تسقط الزكاة، ولا يصح قضاء الدين بذلك، لكن لو نويا ذلك ولم يشترطاه جاز وأجزأه عن الزكاة، وإذا رده إليه عن الدين برىء هذا، وهذه الصورة هى من صور الغارمين الذين لهم سهم فى الزكاة وقد مر توضيحها فى سؤال سابق
(9/229)
________________________________________
سقوط زكاة الفطر على الزوجة الناشز

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجب على الزوج أن يخرج زكاة الفطر عن زوجته الناشز؟

الجواب
قال جمهور الفقهاء: إن الزوج يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن تجب عليه نفقتهم، ومنهم الزوجة ما دامت الزوجية قائمة حقيقة أو حكما كالمطلقة، وأبو حنيفة لا يوجب هذه الزكاة على الزوج، فهى التى تخرج زكاتها، لكن لو تبرع هو بإخراجها عنها أجزأت ولو كان ذلك بغير إذنها.
فإذا لم تكن الزوجية قائمة بسبب الموت أو الفراق فللنفقة أحكام مذكورة فى مواضعها، لكن النفقة تسقط بالنشوز، الذى يتحقق بأخذ أمرين، امتناعها عن تمتع الزوج بها، وخروجها من منزل الزوجية بغير إذنه وبغير ضرورة.
وزكاة الفطر تابعة للنفقة وفى وجوبها خلاف فقد تجب النفقة ولا تجب الزكاة (انظر زكاة الفطر عن الزوجة غير المسلمة) لكن إذا سقطت سقطت زكاة الفطر إذا كان النشوز فى وقعت وجوب الزكاة، وهو آخر ليلة من رمضان أو أول يوم من شوال. وعلى الزوجة أن تخرج زكاتها هى عن نفسها حينئذ
(9/230)
________________________________________
الزكاة فى العسل

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل عسل النحل فيه زكاة؟

الجواب
معلوم أن عسل النحل من نعم الله على عباده، وجاء فى ذلك قوله تعالى {فيه شفاء للناس} النحل: 169، وتحدث العلماء قديما وحديثا فى معنى الشفاء الموجود فيه، ويراجع فى ذلك كتاب "الطب النبوى" لابن القيم أو "زاد المعاد" له. أما الزكاة فيه فقد جاء فى تفسير القرطبى "ج 10 ص 140 " أن الإمام مالكا وأصحابه ذهبوا إلى أنه لا زكاة فيه وإن كان مطعوما مقتاتا، واختلف فيه قول الشافعى، ففى القديم أن فيه زكاة، وفى الجديد قطع بأنه لا زكاة فيه، وقال أبو حنيفة بوجوب الزكاة فيه قليله وكثيره، لأن النصاب عنده ليس بشرط، وقال محمد بن الحسن: لا شىء فيه حتى يبلغ ثمانية أفراق، والفرق ستة وثلاثون رطلا عراقيا، وقال أبو يوسف: فى كل عشرة أزقاق زق، متمسكا بما رواه الترمذى عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فى العسل فى كل عشرة أزقاق زق " قال أبو عيسى: فى إسناده مقال، ولا يصح عن النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الباب كبير شىء، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وبه يقول أحمد وإسحاق. وقال بعض أهل العلم: ليس فى العسل شىء. انتهى، فالخلاصة: أن جمهور العلماء لا يوجبون الزكاة فى عسل النحل، لعدم وجود الدليل الصحيح، قال ابن المنذر: ليس فى وجوب الصدقة فى العسل خبر يثبت ولا إجماع، فلا زكاة فيه، وهو قول الجمهور.
والذى قال بالزكاة فيه أحمد وأهل الرأى، وهم أبو حنيفة وأصحابه.
على خلاف فى نصابه، ومقدار الزكاة. وإذا لم تجب الزكاة فصدقة التطوع مندوبة
(9/231)
________________________________________
زكاة الفطر عن الزوجة غير المسلمة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
تزوج مسلم مسيحية وله منها أولاد، هل يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر عنها؟

الجواب
زكاة الفطر يجب على الرجل أن يخرجها عن نفسه وعمن تلزمه نفقتهم ومنهم الزوجة، والزوجة غير المسلمة وإن وجبت على الزوج نفقة الزوجية لها باتفاق العلماء فإن إخراج زكاة الفطر عنها فيه خلاف، فالجمهور من الأئمة وهم مالك والشافعى وأحمد يرون عدم وجوب إخراجها، لأنها لم تجب عليها أصلا لعدم إسلامها، بناء على الرأى القائل بأن الكافر غير مكلف بفروع الشريعة، وللحديث: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على كل حر وعبد والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين. ولأن من حكم زكاة الفطر أنها طهرة للصائم من اللغو والرفث كما رواه أبو داود بإسناد حسن عن ابن عباس رضى الله عنهما، والكافر لم يصم فلا معنى لتطهير الزكاة له.
والقيد المذكور فى الحديث وهو "من المسلمين " يحتمل أن يقصد به المؤدَّى عنه وليس المؤدَّى، فلا يجب على الرجل إخراج زكاة الفطر عن عبده غير المسلم مع وجوب نفقته عليه، وكذلك عن زوجته غير المسلمة "المغنى لابن قدامة ج 2 ص 646، 647 ".
ويرى أبو حنيفة وأصحاب الرأى إخراج الزكاة عن الابن الصغير إذا ارتد - مع مراعاة أن الردة تكون من المكلف البالغ -كما يخرجها عن عبده الذمى، أى غير المسلم، بناء على وجوب إنفاق الوالد على ولده الصغير، وإنفاق السيد على عبده. ورووا فى ذلك حديثا يقول "أدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير يهودى أو نصرانى أو مجوسى نصف صاع من بر" ورد عليهم الجمهور برفض هذا الحديث، حيث لم يذكره أصحاب الدواوين وجامعو السنن. وقد يقال: إن زكاة الفطر إن لم تكن طهرة للصائم من اللغو والرفث -والكافر لم يصم -فهى طعمة للمساكين كما نص عليه حديث أبى داود، فتخرج عمن لم يصم كأصحاب الأعذار ومنهم الكفار كالزوجة والعبد، ويرد عليه بأن المسلم إذا لم يصم - ولو بغير عذر - مكلف بأمرين، الصيام والزكاة، فإذا قصر فى أحدهما طولب بالآخر.
فالخلاصة أن الزكاة عن الزوجة غير المسلمة غير واجبة على رأى الجمهور، وواجبة عند أبى حنيفة وأصحابه "كفاية الأخبار ج 1 ص 173 "
(9/232)
________________________________________
دفع الزكاة لتارك الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز دفع الزكاة إلى مسلم بالغ عاقل لكنه تارك للصلاة؟

الجواب
وجه هذا السؤال وذكرت إجابته فى فتاوى الإمام النووى عن المسألة " 104 " فقال: إن كان بالغا تاركا للصلاة واستمر على ذلك إلى حين دفع الزكاة لم يجز دفعها إليه، لأنه محجور عليه بالسفه فلا يصح قبضه، ولكن يجوز دفعها إلى وليه فيقبضها لهذا السفيه وإن كان بلغ مصليا رشيدا ثم طرأ ترك الصلاة ولم يحجر القاضى عليه جاز دفعها إليه وصح في قبضه لنفسه كما تصح جميع تصرفاته. انتهى لكن هذا الحكم فيمن ترك الصلاة كسلا وهو معتقد وجوبها عليه، أما من تركها عمدا جاحدا لوجوبها فهو كافر، والكافر لا يعطى من الزكاة، ومهما يكن من شىء فإن دفع الزكاة للفقير المستقم المواظب على الصلاة والطاعة أولى من دفعها إلى غير المستقيم، وذلك تشجيعا على الطاعة، ومقاومة للعصيان
(9/233)
________________________________________
زكاة التجارة من السلع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز إخراج زكاة صيدلية الدواء فى صورة أدوية للمستشفيات التى تعالج غير القادرين؟

الجواب
الصيدلية التى تشترى وتبيع الأدوية نشاطها تجارى، فتجب فيها الزكاة آخر الحول بمقدار ربع العشر، وجمهور العلماء يقول: تُقوَّم الأدوية والسلع التي هى موضع التجارة وتخرج الزكاة من القيمة وليس من عين السلع، للخبر المشهور عن عمر وهو يفرض الزكاة على تاجر الجلود بأن يقومها ويخرج من ثمنها، وعلى رأيهم لا يجوز إخراج الزكاة من الأدوية والسلع نفسها، فقد يكون الفقير غير محتاج إلى السلعة.
وعند أبي حنيفة والشافعى فى أحد قوليه جواز إخراج الزكاة من عين السلع التى يتاجر فيها، ولا مانع من الأخذ بهذا الرأى، والأولى اعتبار ما فيه مصلحة المحتاج من نقود أو دواء كما أشار إليه ابن تيمية فى فتاويه.
وإذا كنا نعتبر المستشفيات من سهم "سبيل الله " المنصوص عليه فى آية {إنما الصدقات.. .} فإن العلماء قالوا: لابد أن تصرف الزكاة للمسلمين، فإذا كان هناك مريض مسلم أو جماعة مرضى منهم يعالجون فى مستشفى علاجا تلزمه أدوية خاصة لا طاقة لهم بشرائها، كان صرف الأدوية لهم قد وقع موقعا صحيحا من الزكاة
(9/234)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:46 pm

زكاة الماس

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
عرفنا أن الذهب والفضة فيهما زكاة، فهل الماس والأحجار الكريمة فيها زكاة أيضا؟

الجواب
روى الجماعة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "المعدن جبار، وفى الرِكاز الخمس " الركاز هو المدفون من كنوز الجاهلية ولا يحتاج العثور عليه إلى نفقة وكبير عمل، كالذهب والفضة والحديد والياقوت والماس والزبرجد، والواجب على من وجده أن يخرج عنه زكاة، ومقدارها الخُمس، وهو قول جمهور الفقهاء. وهناك قول للشافعى أن الخمس لا يجب إلا فى الذهب والفضة فقط.
أما المعدن فهو كل ما استخرج من الأرض مما له قيمة ببذل جهد كبير وإنفاق مال. ومعنى "جُبار" فى الحديث أن من استأجر شخصا ليحفر له حتى يستخرج المعدن فسقط عليه شىء منه فلا دية له.
والمعدن لا زكاة فيه عند بعض الفقهاء، لأنه استخرج بجهد بدنى ومالى، وقال أحمد بن حنبل، كل ما استخرج من الأرض ففيه زكاة إذا بلغ نصابا بنفسه أو بقيمته وجعل منه الياقوت والزبرجد والنفط والكبريت، وكذلك منه الماس.
وذهب أبو حنيفة إلى أن الذى تجب فيه الزكاة هو ما يُدقُّ عليه ويتمدد ويذوب بالنار كالذهب والحديد. أما المائع كالنفط والجامد الذى لا يذوب بالنار كالياقوت وكذلك الماس فلا زكاة فيه.
والزكاة فى النوع الأول كالحديد لا يشترط فيها النصاب، بل تجب فى القليل والكثير عنده. والزكاة الواجبة هى الخمس.
وذهب مالك والشافعى إلى أن الزكاة فى المعدن لا تجب إلا فى الذهب والفضة، فلا تجب فى الماس ولا فى غيره من الأحجار الكريمة والمعادن، والزكاة الواجبة عند مالك والشافعى وأحمد هى ربع العشر.
هذا، وليس هناك دليل خاص من قرآن أو سنة على وجوب الزكاة فى المعادن والأحجار الكريمة وغيرها مما يستخرج من الأرض بجهد ونفقة، وإنما هى آراء اجتهادية ولذلك اختلفت أقوال الفقهاء فيها، ولا بأس بالأخذ من الآراء بما فيه المصلحة، وللحاكم أن يختار منها ما يحققها، هذا هو حكم استخراجها، أما التجارة فيها فهى كسائر التجارات لابد فيها من إخراج الزكاة
(9/235)
________________________________________
الزكاة لفك الأسرى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للحاكم أن يجمع أموال الزكاة ويدفعها إلى الأعداء نظير الإفراج عن جنود المسلمين من أسرى الحرب؟

الجواب
كان النبى صلى الله عليه وسلم يأمر بجباية الزكاة ويقوم بتوزيعها فى مصارفها، وفعل ذلك أبو بكر وعمر من بعده، ثم رؤى أن يتولى كل إنسان إخراج زكاة أمواله الباطنه وتوزيعها بنفسه على المصارف الثمانية المعروفة، التى منها "سبيل الله " وسبيل الله وإن كان العلماء السابقون قد قصروه على الجهاد فى سبيل الله لنشر الدين وحماية المقدسات فقد رأى العلماء المحدثون سعة مجاله وتعدد ميادينه تبعا لتطور الظروف، ليشمل كل خير تعم منفعته المسلمين، والأمثلة على ذلك كثيرة.
وفداء الأسرى على التفسير القديم والحديث داخل فى سبيل الله لأنه مرتبط بالجهاد الذى يدفع به العدو عن الوطن، فلا مانع من دفع حصة من الزكاة من أجل ذلك
(9/236)
________________________________________
زكاة أوراق النقد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
معلوم أن زكاة النقدين هى فى الذهب والفضة، فهل فى أوراق النقد زكاة؟

الجواب
تحدَّث العلماء عن الأوراق التى تحمل قيمة مالية، وقالوا: إنها سندات دين لحاملها، وهى ليست ذهبا ولا فضة ولا عروض تجارة، فهى من قبيل الدين القوى الذى تجب فيه الزكاة إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول، والورقة ضامنة لقيمتها عند أى شخص، فعوملت معاملة النقدين فى وجوب الزكاة، لجريان التعامل بها، إلا أنه بمقتضى النص المرقوم عليها وعدم دفع قيمتها نقدا ممن يعطيها وهو المدين اعتبرت حوالة على الغير بقيمتها، فيراعى فى التعامل بها شروط الحوالة وأركانها.
فمن يرى جواز المعاملة بالمعاطاة كالصيغة المخصوصة يوجب فيها الزكاه بشروطها، وذلك لصحة الحوالة فيها، وهذا رأى الحنفية والمالكية والحنابلة، ومن يرى تحتم الصيغة فى الحوالة وأنها ركن فيها وأنه لا تجوز الحوالة بالمعاطاة -كما هو الأصح عند الشافعية- يقول بعدم صحة الحوالة فى الأوراق المالية "البنك نوت "وعلى هذا القول لا تجب فيها الزكاة إلا إذا قبض قيمتها ذهبا أو فضة وبلغت نصابا وحال عليه الحول.
وقد نشرت فتوى للشيخ محمد بخيت المطيعى فى مجلة الإرشاد - العدد الثامن لسنة 1351 هـ جاء فيها ما يؤدي هذا الكلام، من أن المعاملة بهذه الأوراق تتخرج على الحوالة بالمعاطاة من غير اشتراط صيغة الحوالة كالبيع، فهى من الدَّين القوى الذى هو فى حكم العين المقبوضة، لتمكنه من استبدالها فى أى وقت شاء، والحوالة بالمعاطاة جائزة عند الأئمة الثلاثة، ومن هنا تجب فيها الزكاة، ويجوز أن يدفع ربع العشر من عينها على طريق الحوالة للفقير بما يأخذه "مجلة الإسلام - السنة الثالثة، العدد الرابع والثلاثون ".
هذا فى الأوراق التى يكتب عليها التعهد بدفع قيمتها، أما الأوراق التى تكتب عليها القيمة فهى عملة غير ذهبية ولا فضية ولا سند حوالة، والزكاة فى غير النقدين غير واجبة إلا فى مذهب الإمام مالك، حيث جعلها بمنزلة النقدين. وهو رأى فيه مصلحة للفقير فيرجَّح العمل به
(9/237)
________________________________________
زكاة البترول والمعادن

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
سمعت أن البترول فيه زكاة ومقدارها الخمس، فهل هذا صحيح؟

الجواب
بناء على عموم قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض} البقرة:267 وعلى ما رواه الجماعة عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "والمعدن جُبار وفى الركاز الخمس " تحدث الفقهاء عما يوجد فى باطن الأرض وحصل عليه الإنسان بدون بذل مال أو جهد، وأسموه الركاز وأوجبوا فيه الزكاة بمقدار الخمس، كما تحدثوا عن المعادن المستخرجة من الأرض بجهد كالذهب والبترول والكبريت، وأوجبوا فيها الزكاة على خلاف بينهم فى أنواعها ومقدارها، فقال الشافعى ومالك: لا زكاة إلا فى الذهب والفضة فقط، وقال أحمد بن حنبل: تجب الزكاة فى كل ما يستخرج من الأرض حتى القار والنفط والكبريت، وخص أبو حنيفة الزكاة فى الجامد الذى يتمدد أويذوب بالنار كالحديد والذهب، أما المائع كالقار والنفط فلا زكاة فيه، وكذلك ما لا يتمدد بالنار أو يذوب كالياقوت وكل ما يسمى بالأحجار الكريمة فلا زكاة فيه.
والقدر الواجب فى المعدن عند مالك والشافعى وأحمد هو ربع العشر عند العثور عليه، دون اشتراط لحولان الحول. أما عند أبى حنيفة فهو الخمس، قلَّ أو كثر.
ثم إن جمهور العلماء على أن الخمس إذا وجب فى الركاز فهو على كل من وجده، سواء أكان مسلما أم غير مسلم، وقصره الشافعى على من توفرت فيه شروط الزكاة ويصرف فى الوجوه التى تصرف فيها الزكاة، لكن الجمهور جعله كالفىء، مستندا فى ذلك إلى أثر عن عمر رضى الله عنه.
بعد ذلك يمكن أن يقال: إن فى البترول زكاة على رأى أحمد بن حنبل، ولا زكاة فيه عند بقية الأئمة. ولو كان تشريع الزكاة معمولا به كبقية القوانين جاز لأولى الأمر أن يفرضوا عليه زكاة وبخاصة إذا كان له تأثير فعال فى الاقتصاد القومى.
وإذا كان الذى يملك البترول هم المسئولون أى إنه ملك للدولة فهل تجب الزكاة فيه؟ إن ما شرع بخصوص الركاز والمعادن هو بالنسبة إلى الأفراد والشركات المستقلة، أما إذا كانت الدولة هى التى تملك البترول، فهو مالها الذى هو مال الشعب كله يُنفَق فى مصالحه، ولا معنى لفرض زكاة عليه فالزكاة من أجل الأصناف والمجالات التى تحتاج إليها، والمملوك للدولة داخل ضمن الميزانية العامة كمورد من الموارد التى تصب فى بيت المال أو خزانة الدولة يترك لولى الأمر التصرف فيه بما يحقق المصلحة المشروعة
(9/238)
________________________________________
المؤلفة قلوبهم

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
جعل الله من مصارف الزكاة المؤلفة قلوبهم، فما هى مواصفاتهم، وهل يوجد أحد منهم الآن؟

الجواب
قال الله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله} التوبة: 60.
المؤلفة قلوبهم منهم مسلمون ومنهم كافرون، والمسلمون أقسام أربعة:
القسم الأول - قوم من سادات المسلمين لهم نظراء من الكفار، إذا أعطيناهم من الزكاة يُرجى إسلام نظرائهم، كعدى بن حاتم والزبرقان ابن بدر حيث أعطاهما أبو بكر مع حسن إسلامهما.
القسم الثانى- زعماء ضعفاء الإيمان لكنهم مطاعون فى أقوامهم، ويرجى بإعطائهم من الزكاة تثبيت الإيمان فى قلوبهم، كمن أعطاهم النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة حنين، وهم مسلمة الفتح، أى الذين دخلوا فى الإسلام حديثا عند فتح مكة التى كانت غزوة حنين عقب الفتح قبل أن يعود النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
القسم الثالث - قوم من المسلمين يخشى أن يستميلهم العدو لمصلحته، وهم العملاء الذين ينشطون حين يرون الفائدة ميسرة لهم.
القسم الرابع - قوم من المسلمين يحتاج إليهم لجباية الزكاة، لأنهم ذوو نفوذ فى أقوامهم، لا تجبى إلا بسلطانهم أو بقتالهم، فيرتكب أخف الضررين ويعطون شيئا من الزكاة بدل أن تضيع كلها.
أما الكافرون من المؤلفة قلوبهم فهم قسمان:
القسم الأول: من يرجى إيمانه، كصفوان بن أمية الذى أعطاه الرسول من غنائم حُنين.
القسم الثانى: من يخشى شره فيعطى من الزكاة ليكف شره عن المسلمين كأبى سفيان، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس.
ويقال: إن هؤلا أسلموا فى فتح مكة قبل أن يعطيهم النبى صلى الله عليه وسلم من حنين، فهم داخلون فى القسم الثانى من المسلمين.
والإمام الشافعى قال: لا تعطى الزكاة إلى المؤلفة قلوبهم إلا إذا كانوا مسلمين، فلا تعطى لكافر، وأما الفاسق فلا مانع من إعطائه.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن سهم المؤلفة قلوبهم قد سقط بانتشار الإسلام، كما فعل عمر رضى الله عنه، فلا تعطى الزكاة لأحد منهم، مسلما كان أوكافرا.
والمختار الآن عدم إعطاء الكفار من هذا السهم لدفع شرهم، وإن جاز إعطاؤهم من سهم "سبيل الله" لأنه جهاد، والجهاد وسائله كثيرة، منها المال. ويمكن الرجوع إلى تفسير المنار لمن يريد مزيدا من التوضيح، وكذلك إلى " المغنى لابن قدامة" باب الزكاة
(9/239)
________________________________________
الزكاة للزوج

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
زوجى مريض ويحتاج إلى علاج لا يملك نفقته فهل يجوز أن أساعده على العلاج من زكاة مالى؟

الجواب
سبق فى صفحة 616 من المجلد الثانى من هذه الفتاوى حديث البخارى أن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: يا نبى الله إنك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندى حُلى، فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، فقال صلى الله عليه وسلم "صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم ".
فإعطاء الزكاة للزوج جائز عند الشافعى، وأبى يوسف ومحمد صاحبى أبى حنيفة، وعند أحمد بن حنبل فى رواية. أما أبو حنيفة فذهب إلى أنه لا يجوز للزوجة أن تدفع لزوجها من زكاتها، وحمل حديث زينب على صدقة التطوع لا على الزكاة المفروضة، ومالك قال: إن كان الزوج يستعين بزكاة امرأته على نفقتها فلا يجوز، أما إن كان يستعين بها على غير الإِنفاق عليها فيجوز.
ومن هنا نقول لصاحبة السؤال: ما دام زوجك يحتاج إلى نفقة لعلاج نفسه فيجوز أن يأخذ من زكاتك عند الأئمة الثلاثة
(9/240)
________________________________________
عذاب مانع الزكاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
لماذا خص الله الجنب والجبهة والظهر بالكى فى قوله تعالى {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم. يوم يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم} ؟

الجواب
هاتان الآيتان من سورة التوبة: 34، 35 وقال القرطبى فى التفسير: الكى فى الوجه أشهر وأشنع، وفى الجنب والظهر آلم وأوجع. فلذلك خصها بالذكر من بين سائر الأعضاء.
وقال علماء التصوف: لما طلبوا المال والجاه شان الله وجوههم، ولما طووا كشحا من الفقير إذا جالسهم كويت جنوبهم والكشح هو الجنب ولما أسندوا ظهورهم إلى أموالهم ثقة بها واعتمادا عليها كويت ظهورهم.
وقال علماء الظاهر -أى غير الصوفية-: إنما خص هذه الأعضاء لأن الغنى إذا رأى الفقير زوى ما بين عينيه وقبض وجهه، وإذا سأله طوى كشحه، وإذا زاده فى السؤال وأكثر عليه ولاه ظهره، فرتب الله العقوبة على حال المعصية.
هذه آراء اجتهادية لا مانع من قبولها فى تفسير هذه الآية، وفى عذاب مانعى الزكاة نصوص كثيرة فى القرآن والسنة يسهل الرجوع إليها
(9/241)
________________________________________
زكاة التجارة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
كيف تُقَّوَّم السلع التجارية عند إخراج زكاتها، هل تقوَّم بثمنها عند الشراء، أو بقيمتها عند انتهاء الحول؟

الجواب
إن الزكاة ركن من أهم الأركان التى بنى عليها الإسلام وهى واجبة فى كل ما فيه نماء من النقد والثروة الحيوانية والثروة الزراعية، والتجارة إحدى وسائل التنمية، لأنها تقليب للمال بالمعاوضة لغرض الربح، ويكاد الإجماع يكون منعقدا على وجوب الزكاة فيها، والدليل على وجوبها قبل الإجماع مع القياس على الثروات النامية، ما رواه أبو داود والبيهقى عن سمرة بن جندب قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذى نُعِدُّه للبيع، وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الدارقطنى والبيهقى عن أبى ذر " فى الإبل صدقتها، وفى الغنم صدقتها، وفى البز صدقته " والبز الثياب المعدة للبيع، وكذلك ما رواه الشافعى وأحمد والدارقطنى والبيهقى وعبد الرزاق عن أبى عمرو عن أبيه قال: كنت أبيع الأدم - أى الجلود - والجعاب - أى أوعية السهام - والجفان - أى أوعية الطعام - فمرَّ بى عمر بن الخطاب، فقال: أدِّ صدقة مالك، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنما هو الأدم، قال: قومه ثم أخرج صدقته. يقول صاحب المغنى: وهذه قصة يشتهر مثلها ولم تنكر، فيكون إجماعا.
وقول عمر عن الأدم: قوِّمه، يدل على أن زكاة التجارة ليست فى عين السلع والعروض، وإنما فى قيمتها، وعلى ذلك عند إخراج زكاة التجارة تقوَّم السلع وتخرج الزكاة من قيمتها، وهى ربع العشر، اثنان ونصف فى المائة وتقويم السلعة لا يكون بالسعر الذى اشتريت به، وإنما بالسعر الذى يكون عند انتهاء الحول، وهو وقت وجوب الزكاة، ولا عبرة بالنقص أو الزيادة عن ثمنها الأصلى.
ولا تجب زكاة التجارة إلا بعد مرور الحول، وبعد أن تبلغ قيمتها نصابا، وهو ما يستوى ثمن خمسة وثمانين جراما من الذهب تقريبا، وهو نصاب الذهب، على أن يضم إليها الربح الذى حققته التجارة أثناء الحول، وبقى متداولاً حتى آخر الحول، وتخصم الديون التى عليه، أما التى له عند الغير، فلا تزكىَّ إلا عند قبضها، على ما يراه الإمام مالك رضى الله عنه، وذلك عن سنة، وفى ذلك تيسير على من يبيعون بالأجل، مع النصيحة بالرحمة والقناعة.
هذا، وندعو للتجار الحريصين على إخراج الزكاة، بالبركة والنماء، ونذكرهم بقول النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذى وحسنه " التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء"
(9/242)
________________________________________
زكاة الخضر والفواكه

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما رأى الدين فى كيفية إخراج الزكاة عن القصب والموز والطماطم؟

الجواب
أوجب الله سبحانه وتعالى الزكاة على الثروة الزراعية بقوله تعالى: {وهو الذى أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} الأنعام:
141 وبقوله: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض} البقرة: 267.
وقد اختلفت أراء الفقهاء الأربعة أبى حنيفة ومالك والشافعى وأحمد فى الأصناف التى تجب فيها الزكاة، فأوجبها أبو حنيفة فى كل ما تنبته الأرض ما دام قد قصد بزراعته استغلالها:
ولم يستثن من ذلك إلا أنواعا قليلة كالحطب والشجر الذى لا ثمر له. وعلى رأيه تجب الزكاة فيما ذكر فى السؤال، وهو القصب والموز والطماطم، أما صاحباه أبو يوسف ومحمد فقالا: ما يبقى سنة بلا علاج كبير فيه زكاة، وما لا يبقى سنة كالبطيخ والخيار فلا زكاة فيه.
والإمام مالك حصر الزكاة فيما يبقى وييبس ويستنبته الآدميون، ولم يوجب الزكاة فى الخضراوات والفواكه الطرية كالتين والرمان والموز، وقال الشافعى كقول مالك فى عدم الزكاة فى هذه الأصناف وأحمد بن حنبل لا يوجب الزكاة فيما لا يبقى ولا ييبس، فلا زكاة فى الخضر والفواكه الطرية.
بعد عرض هذه الأقوال نرى أن جمهور الفقهاء لا يوجبون الزكاة فى القصب والموز والطماطم، وأوجبها أبو حنيفة بناء على عموم قوله تعالى فى الآية السابقة {ومما أخرجنا لكم من الأرض} وعموم الحديث الذى رواه البخارى " فيما سقت السماء والعيون العشر، وفيما سقى بالنضح نصف العشر " واستند الجمهور إلى أحاديث وآثار تحصر الزكاة فى أصناف معينة مما يقتات ويدخر.
وإذا كانت زراعة الخضراوات والفواكه الأخرى غير التمر والزبيب قد كثرت وصارت تدرُّ ربحا كبيرا، فهل من سلطة ولى الأمر أن يفرض فيها الزكاة مراعاة للصالح العام؟ إن وعاء الزكاة على النحو المذكور موضع اجتهاد من الفقهاء، وللفرد أن يختار منها ما يشاء، لكن لو رأى ولى الأمر اختيار مذهب أبى حنيفة فى جمع الزكاة من الخضراوات وسائر الفواكه وسائر الزروع، مراعاة للمصلحة العامة، جاز له ذلك وعلينا أن نطيع أمره فهو ليس فى معصية، وهو يحقق المصلحة التى يراها الخبراء والمختصون على أساس من الشورى واستهداف الخير العام
(9/243)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:47 pm

الزكاة لمن لا يستحق

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
مر بى سائل فظننت أنه محتاج فدفعت له قسطا من زكاتى، ثم ظهر بعد ذلك أنه من المحترفين الذين يملكون مالا كثيرا لا يستحقون معه الزكاة فهل زكاتى عليه صحيحة؟

الجواب
سبق القول بالتحرى لدفع الصدقة، كأية عبادة يؤديها الإنسان لابد أن تكون كما قرر الشرع فى حجمها وكيفيتها ووقتها وغير ذلك وقلنا: إن حسن الظن بطالب الصدقة يشفع فى قبولها عند الله لو ظهر خلاف الظن، وأوردنا فى ذلك حديث البخارى الذى أخذ فيه معن ابن الصحابى "يزيد " صدقة أبيه وكان ينوى إعطاءها لغيره: وقول الرسول صلى الله عليه وسلم " لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن " وحديث الصحيحين فيمن ظهر أن صدقته وقعت فى يد سارق ويد زانية ويد غنى، وأن الله تقبلها.
وإذا حمل ذلك على صدقة التطوع وهى النافلة فهل يصدق على الزكاة الواجبة إذا ظهر أنها وقعت فى غير موقعها؟ جاء فى المغنى لابن قدامة "ج 2 ص 528" قوله وإذا أعطى من يظنه فقيرا فكان غنيا فعن أحمد فيه روايتان، إحداهما يجزئه وذكر أنه مذهب أبى حنيفة، واستشهد بحديث رواه النسائى وأبو داود: أن رجلين طلبا من النبى صلى الله عليه وسلم صدقة مما كان يوزعه فى حجة الوداع فراهما قويين، فقال لهما "إن شئتما أعطيتكما ولا حظ لغنى ولا لقوى مكتسب " قال الخطابى: هذا الحديث أصل فى أن من لم يُعْلَم له مال فأمر محمول على العدم، كما استشهد بحديث الصحيحين فى الرجل الذى تصدق فظهر أن المتصدَّق عليه غنى، وتحدث الناس بذلك، وأن الرسول أخبره أن صدقته قبلت. لعل الغنى يعتبر، والرواية الثانية لأحمد أنها لا تجزى، وهو قول أبى يوسف. وأما الشافعى فله قولان كالروايتين الواردتين عن أحمد. وذكر ابن قدامة تعليلا للرواية بالجواز أن الفقر والغنى مما يعسر الاطلاع عليه والمعرفة بحقيقته. قال الله تعالى {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم} البقرة: 273، فاكتفى بظهور الفقر ودعواه.
وأقول للسائل: زكاتك وقعت موقعها على رأى أبى حنيفة واحد قولين لأحمد والشافعى
(9/244)
________________________________________
الزكاة للغارمين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
رجل تكاثرت عليه الديون ولا يستطع الوفاء بها فهل يمكن أن نعطيه من الزكاة ليسد ديونه؟

الجواب
يقول الله تعالى فيمن تعطى لهم الزكاة "والغارمين " والغارمون هم الذين ركبهم الدين ولا يملكون وفاء به كما ذكره القرطبى فى تفسيره، وجاء فى المغنى لابن قدامة أن الغارمين وهم المدينون ضربان، ضرب غرم لغيره كإصلاح ذات البين، وضرب غرم لنفسه لإصلاح حاله فى شىء مباح "ج 2 ص 699" والشرط فى استحقاق الغارم الزكاة ألا يكون دينه فى سفاهة أو محرم. فإن تاب أخذ منها. ويقول القرطبى: إن الغارم يعطى من الزكاة من له مال وعليه دين محيط به -ما يقض به دينه -فإن لم يكن له مال وعليه دين فهو فقير فيعطى بالوصفين، كونه غارما وكونه فقيرا.
وقد صح فى مسلم عن أبى سعيد الخدرى أن رجلا أصيب فى ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تصدقوا عليه " فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال عليه الصلاة والسلام لغرمائه - أصحاب الديون - " خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك ". وروى مسلم حديثا عن قبيصة بن مخارق بين فيه النبى صلى الله عليه وسلم من تحل لهم المسألة ويطيب لهم ما يأخذونه، وهم ثلاثة:
(أ) رجل تحمَّل حمالة، أى دفع دية القتيل حتى لا يقتل القاتل، فيعطى من الزكاة مقدار الدية فقط ويمسك عن المسألة. (ب) رجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فيعطى حتى يصيب قواما أو سدادا من عيش. (ج) رجل أصابته فاقة أى فقر وشهد ثلاثة من العقلاء على فقره، فيعطى حتى يصيب قواما أو سدادا من عيش. وجاء فى رواية"إن المسألة تحل لأحد ثلاثة: ذى فقر مدقع - شديد أفض به إلى الدعقاء أى التراب - أو لذى غرم مفظع - شديد شنيع - أو لذى دم موجع لا أى تحمل الدية عن القاتل حتى لا يقتل.
وجاء فى فقه المذاهب الذى نشرته وزارة الأوقاف المصرية أن الحنفية قالوا: الغارم هو الذى عليه دين ولا يملك نصابا كاملا بعد دينه، وأن المالكية قالوا: إنه المدين الذى لا يملك ما يوفى به دينه بشرط ألا يكون دينه فى فساد، ويعطى إن تاب، وأن يكون الدين لآدمى وليس لله كالكفارة. وأن الشافعية قالوا: الغارم هو المدين وأقسامه ثلاثة:
1- مدين للإصلاح بين المتخاصمين.
2 - من استدان لمصلحة نفسه فى مباح أو غير مباح بشرط التوبة.
3 - مدين بسبب ضمان لغيره وكان معسرا هو والمضمون.
ومهما يكن من شىء فإن المدين لنفسه أو لغيره وكان الدين بسبب مباح يعطى من الزكاة بمقدار دينه، ومن استدان لمعاص أو لهو لا يعطى إلا إذا تاب. والقرطبى تحدث عن دين المتوفى هل يقضى من الزكاة أو لا، فقال: إن أبا حنيفة منعه، فالغارم من عليه دين يسجن فيه. والمالكية وغيرهم جعلوا الميت من الغارمين فيقضى دينه من الزكاة، وكما قلنا أكثر من مرة: إن الأمور الخلافية لا يجوز فيها التعصب، وللإنسان أن يختار ما فيه المصلحة
(9/245)
________________________________________
تقدير الزكاة بالمعايير الحديثة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نقرا فى كتب الفقه أن الزكاة يقدر نصابها بالمكاييل والأوزان القديمة فهل يمكن أن نعرف ذلك بالمعايير الحديثة؟

الجواب
فى حديث رواه البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال {ليس فيما أقل من خمسة أوسق صدقة، ولا فى أقل من خمسة من الإبل الذود صدقة، ولا فى أقل من خمس أواق من الورق صدقة" والذود من الإبل ما بين الثلاث إلى العشر. وفى حديث رواه البخارى وغيره أن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير. الأوسق جمع وسق، الوسق ستون صاعا، والصاع أربعة أمداد، والمد رطل وثلث -بالرطل العراقى- وهو 130 درهما، فيكون المد 174 درهما، ويكون الصاع بالدراهم 696 درهما.
والصاع يقدر بالكيلو جرام هكذا: الصاع يساوى 696 درهما، والكيلو جرام يساوى 324 درهما، وبقسمة دراهم الصاع وهو 696 على دراهم الكيلو جرام، وهى 324 يساوى الصاع اثنين من الكيلو جرامات، 48 درهما. أى أربع أوقيات.
والوسق ستون صاعا فى 2 من الكيلو جرامات وأربع أوقيات فيكون الوسق 129 كيلو جرامًا تقريبًا، والنصاب وهو خمسة أوسق يضرب فى 129 كيلو جراما فيكون 645 كيلو جراما، وهذا هو الذى عليه العمل الآن بمصر بالنسبة لغالب الحبوب كالقمح وتقدير النصاب بالكيل المصرى هو خمسون كيلة، أى أربعة أرادب وكيلتان.
وبالنسبة للنقود المعبر عنها فى الحديث بالورق أى الفضة، وهى تقدر بالدراهم، فالنصاب خمس أواق والأوقية أربعون درهما، كما ثبت فى كتب السنة فيكون النصاب مائتى درهم، أى حوالى ستمائة جرام، وجاء فى بعض التقديرات أنه ستمائة وأربعة وعشرون جراما.
هذا فى نصاب الفضة، أما نصاب الذهب فهو عشرون مثقالا، يساوى بالجرامات حوالى خمسة وثمانين جراما. وهذا التقدير تقريبى، وذلك لكثرة الاختلاف بين الأوزان فى البلاد وعلى توالى العصور، وقد جاء فى بعض التقديرات أنه سبعة وثمانون جراما.
والفروق البسيطة فى الوزن أو الكيل ينبغى أن يؤخذ فيها بالأحوط.
ليطمئن الإنسان على إبراء ذمته من هذه الحقوق التى كثر الوعيد فى عدم الوفاء بها
(9/246)
________________________________________
زكاة الفطر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
متى شرعت زكاة الفطر وما مقدارها، وما هى حكمة مشروعيتها وهل تجب على من لم يصم رمضان؟

الجواب
شرعت زكاة الفطر فى السنة الثانية من الهجرة مع فرض صيام رمضان، فقد روى البخارى وغيره عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان، صاعا من تمر أو صاعا من شعير، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين. كما روى أبو داود وابن ماجه أن ابن عباس رضى الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهى زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات.
تقدم فى المجلد الثالث من هذه الفتاوى "ص 309" بيان موعد إخراج زكاة الفطر ويبين الحديث الأول مقدار هذه الزكاة وهو صاع من غالب قوت البلد، وكان الغالب فى أيام النبى صلى الله عليه وسلم فى المدينة هو التمر والشعير، وأئمة الفقه على إخراجها عينًا، لكن أبا حنيفة رأى جواز إخراج القيمة، وهى تختلف من بلد إلى بلد، ومن زمن إلى زمن، وتقدم فى المجلد الثانى من هذه الفتاوى "ص 123 " الكلام عن إخراج القيمة بدل العين فى الزكاة.
والمقدار هو نصف صاع من القمح عن كل فرد عند أبى حنيفة. أما من الأصناف الأخرى فصاع كامل، وهو قدحان وثلث القدح، وعند الشافعية صاع من أى صنف من الأقوات وهو قدحان، وعند المالكية صاع أيضا، لكن مقداره عندهم قدح وثلث القدح بالكيل المصرى، فتكفى الكيلة عن ستة أشخاص، ورأى الجمهور فى كونها صاعا من أى قوت أقوى من رأى أبى حنيفة فى المفاضلة بين القمح وغيره، فإن معاوية هو الذى قال عند قدومه من الشام إلى الحجاز:
إنى أرى أن مُدَّين من سمراء الشام -أى القمح -تعدل - صاعا من تمر، فأخذ بعض الناس برأيه، لكن الأكثرين بقوا على ما كان عليه أيام النبى صلى الله عليه وسلم رواه الجماعة عن أبى سعد الخدرى، ولا مانع من الأخذ برأى أبى حنيفة فى إخراج القيمة مع مراعاة عدم التقيد بالسعر الرسمى، فإن الفقير ربما لا يستطيع أن يحصل على القوت بهذا السعر، فيؤخذ بالسعر العادى الجارى بين عامة الناس، وكلما زاد عليه كان أفضل، هذا، والصاع يساوى اثنين من الكيلو جرامات، 48 درهما، أى أربع أوقيات.
وبالنسبة لحكمة مشروعية هذه الزكاة قد أشار إليها الحديث الثانى، فهى تتمثل فى فائدتين، فائدة تعود على المزكى وفائدة تعود على من يأخذون الزكاة.
أما الأولى: فهى تطهير الصائم مما عساه يكون قد وقع فيه مما يتنافى مع حكمة الصوم وأدبه، كالسباب والنظر المحرم والغيبة والتمتع بما دون الاتصال الجنسى حتى من زوجته كاللمس والقبلة، وقليل من الناس من يسلم له صومه من كل المآخذ، فتكون زكاة الفطر بمثابة جبر لهذا النقص، أو تكفير له إلى جانب المكفرات الأخرى من الاستغفار والذكر والصلاة وغيرها.
وهى فى الوقت نفسه برهان على أنه استفاد من دروس الجوع والعطش رحمة بمن يعانون منهما من الفقراء والمساكين، فقد قاسى كما يقاسون، وهنا لا يجوز له أن يقسو قلبه وتجمد عاطفته عندما يرى غيره ممن لا يجد ما يسد به جوعته أو يطفئ ظمأه، يسأله شيئا من فضل الله عليه. وكأن هذه الزكاة، وهى رمز متواضع، بمثابة الرسم المفروض على الصائم ليتسلم جائزة التقدير من الله يوم العيد، كما جاء فى حديث ابن عباس بسند مقبول فى مثل هذه المواطن، حيث يشهد الله تعالى ملائكته على رضاه ومغفرته لعباده جزاء صيام رمضان وقيام لياليه.
ومن قسا قلبه ولم يخرجها، على الرغم من يسرها، دل على أنه لم يستفد من دروس الصيام رحمة، وكان صيامه صياما شكليا قد يكون مرغما عليه حياء، لا من الله ولكن من الناس، فهو عمل مرفوض مردود عليه، وذلك ما يشير إليه الحديث الذى رواه أبو حفص بن شاهين فى فضائل رمضان وقال: إنه حديث جيد الإسناد "صوم شهر رمضان معلَّق بين السماء والأرض ولا يرفع إلا بزكاة الفطر " وأما الفائدة الثانية لزكاة الفطر فهى للمحتاجين إلى المعونة، وبخاصة فى يوم العيد، كى يشعروا بالفرح والسرور كما يفرح غيرهم من الناس، ولذلك كان من الأوقات المتخيرة لإخراج زكاة الفطر صبيحة يوم العيد وقبل الاجتماع للصلاة، حتى يستقبل الجميع يومهم مسرورين، ولا يحتاج الفقراء إلى التطواف على أبواب الأغنياء ليعطوهم ما يشعرهم ببهجة هذا اليوم، وقد جاء ذلك فى حديث رواه البيهقى والدارقطنى " أغنوهم عن طواف هذا اليوم " ولهذه الفائدة التى تتصل بإشاعة الفرح والسرور والتخفيف عن البائسين كانت الزكاة مفروضة حتى على من لم يصم شهر رمضان لعذر أو لغير عذر، فإن كان قد قصَّر فى واجب فلا يجوز أن يقصر فى واجب آخر، وإن كان قد حرم من الفائدة الخاصة للصيام فلا يجوز أن يؤثر ذلك على واجبه الاجتماعى
(9/247)
________________________________________
المذاكرة والامتحان فى رمضان

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للطالب أن يفطر فى رمضان للمساعدة فى المذاكرة وفى الامتحان؟

الجواب
قال تعالى فى أعذار الفطر فى رمضان: {ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} البقرة: 185، والمرض الذى يبيح الفطر هو الذى يطرأ أو يزداد بالصيام أو يحول دون الشفاء أو يترتب عليه ضرر آخر، ومثل المريض من يقوم بعمل شاق هو مورد رزقه الوحيد لا يستطيع الصوم معه، كالخباز الواقف أمام الفرن والحر شديد، وعمله بالنهار وقت الصيام. على أن يكون المرض أو التعب واقعا بالفعل لا متوهما ولا متوقعا والطالب الذى يذاكر لا تتحتم مذاكرته بالنهار، وعليه أن ينسق بين واجباته وبين الوقت المناسب، فله أن يجعل مذاكرته بالليل إذا كان النهار في رمضان طويلا وحارا، ولا يجوز له الفطر لمجرد اختياره أن تكون مذاكرته بالنهار، وكل ذلك إذا ترتب على الصيام ضعف شديد في الجسم أو التفكير، أما إذا لم يكن ذلك فلا يجوز التفكير في الفطر.
وإذا كان الامتحان يعقد بالنهار وفى وقت الحر الشديد - قبيل الظهر إلى قبيل المغرب - ولو أصبح صائما أحس بالجوع أو أحس بالعطش الشديد الذى يؤثر على تفكيره فله الفطر عند الإحساس بالتعب، بمعنى أن ينوى الصيام ليلا ويتناول سحوره ويستريح أو يذاكر، فإذا دخل الامتحان في الوقت المذكور ولم يحس تعبا فلا يجوز له الفطر أما إذا أحس بالتعب فيفطر عند الإحساس به، أما ألا ينوى الصيام ولا يتسحر ويصبح مفطرا ليستعد للامتحان فى فترة الحر فذلك لا يجوز مطلقا فالتعب المتوقع متوهم غير واقع بالفعل.
وكذلك لو كان الامتحان فى الساعات الأولى من النهار حيث الجو يكون مناسبا ولا يوجد إحساس بالجوع أو العطش أو كان الامتحان فى وقت الشتاء أو اعتدال الجو فلا يجوز أن يصبح مفطرا، أى لا بد أن ينوى الصيام ليلا ويتسحر ويبدأ الصيام ويدخل الامتحان صائما حيث لا يكون تعب.
وأقول لمن يذاكر ويدخل الامتحان عليك بتقوى الله واحرص على طاعته {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} الطلاق: 4
(9/248)
________________________________________
صوم الجنب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
طلع الفجر علىّ فى رمضان وأنا فى جنابة، ولم اغتسل إلا بعد ساعة. فهل صومى صحيح؟

الجواب
الجنابة إما حيض ونفاس، وهى خاصة بالنساء، وإما بالاتصال الجنسى أو نزول المنى فى اليقظة أو النوم بالاحتلام. وهى مشتركة بين الرجال والنساء.
فإذا طلع الفجر والحيض أو النفاس موجود حرم الصيام، ولو صامت المرأة فالصوم باطل مع الإثم، لكن لو انقطع الدم قبل الفجر انقطاعا تاما ولم تغتسل إلا بعد الفجر فالصوم صحيح. وذلك كالجنابة بشىء آخر غير الحيض والنفاس. فالصوم صحيح مع عدم الاغتسال، والاغتسال شرط للصلاة ولأمور أخرى وليس للصيام، فقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم.كان يصبح جنبا وهو صائم، يعنى يطلع الفجر وهو لم يغتسل بعد، ثم يغتسل بسرعة ليصلى الصبح جماعة مع الناس وذلك فيما رواه البخارى ومسلم عن عائشة رضى الله عنها
(9/249)
________________________________________
خطأ الظن فى عدم طلوع الفجر وغروب الشمس

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
صحوت من النوم فظننت أن الفجر لم يطلع، فأكلت وشربت، ثم تبين أن النهار قد طلع فهل يصح صومى؟

الجواب
ذكر ابن قدامة فى كتابه " المغنى " أن من أكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب -أن عليه القضاء، وذلك مع وجوب الإِمساك على من أكل ظانا عدم طلوع الفجر، وقال ابن قدامة: إن هذا الحكم هو قول أكثر أهل العلم، ثم حكى عن بعض التابعين أنه لا قضاء عليه، وذكر فى ذلك أثرا عن عمر رضى الله عنه، ولكن الرأىَ الأول هو المعول عليه، وذلك لحديث البخارى أنهم أمروا بقضاء يوم أفطروا فيه لوجود غيم ثم طلعت الشمس. هذا فى الظن - وهو إدراك الطرف الراجح - أما الشك وهو إدراك الطرفين على السواء، والطرفان هما طلوع الفجر وعدم طلوعه، فقد قال فيه ابن قدامة أيضا: وإن أكل شاكًّا فى طلوع الفجر ولم يتبين الأمر فليس عليه قضاء، لأن المدار على تبين طلوع الفجر، قال تعالى {وكلوا واشربو حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} البقرة: 187، وقال: إن هذا هو رأى الشافعى وأصحاب الرأى - الحنفية - ولكن مالكا أوجب القضاء، لأن الأصل بقاء الصوم فى ذمته فلا يسقط بالشك، وذكر أن الأكل عند الشك فى غروب الشمس ولم يتبين الامر يوجب القضاء. فعلى صاحب السؤال أن يمسك بقية يومه ويقضى هذا اليوم، وهو الرأى المختار
(9/250)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:51 pm


الصلاة فى وقت العمل

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى منع صاحب العمل للعامل من الذهاب إلى المسجد للصلاة حتى لا يتعطل العمل، وإذا كان العامل وحده هل يجوز له ترك مكان العمل للصلاة وقد يتسبب فى قطع أجره؟

الجواب
لا يجوز لصاحب العمل منع أحد من العمال من أداء فرض الله تعالى، سواء أكان صلاة أم غيرها، ما دام أداء الفريضة ممكنا فى وقت العمل وغير ضارّ به.
فإذا جاء وقت الظهر مثلا، ووقته معروف يمتد حوالى ثلاث ساعات إلى العصر فى فصل الصيف، فصلاة الظهر تقع أداء فى أى وقت من هذه الساعات كما بينه النبى صلى الله عليه وسلم للأمة من واقع بيان جبريل له، وإن كانت المبادرة بأدائها فى أول الوقت أفضل للحديث الوارد فى ذلك. فإذا أمكن للعامل أن يصلى الظهر فى وقتها حاضرا قبل العصر، سواء أكان فى أثناء العمل أو بعد الانصراف منه وليس فى ذلك ضرر للعمل لم يجز لصاحب العمل أن يمنعه من الصلاة. أما إذا كان أداء العامل للصلاة يضر بالعمل فلابد من إذن صاحب العمل، فإن أذن فبها ونعمت، وإن لم يأذن جاز للعامل تأخير صلاة الظهر حتى يصليها مع العصر عند الانصراف من العمل. وذلك على مذهب الإمام أحمد بن حنبل.
ومثل ذلك إذا كان صاحب العمل متشددا وهدد العامل بالفصل أو بخصم جز من أجره يتضرر منه إذا ذهب إلى الصلاة جاز جمع الصلاتين جمع تأخير.
ولى رجاء حتى تكون العلاقة طيبة بين صاحب العمل والعاملين أن يقتصر العاملون على أداء الصلاة فى أقل وقت، وألا ينتهزوا فرصة ترك العمل للصلاة بقضاء بعض مصالحهم أو تضييع بعض الوقت فى راحة أو تناول طعام أو شراب مثلا، فإن الوقت ثمين، وصاحب العمل يعطيهم الأجر على كل الوقت المخصص للعمل -ومن حقه أن يستوفى منهم العمل كاملا فى كل الوقت لكنه -إن كان طيبا-يسمح ببعض الوقت للصلاة فلا يجوز أن يكون هناك ضرر لأحد الطرفين والتفاهم ورقابة الضمير والإحساس بحاجة الوطن والأمة للعمل وزيادة الإنتاج - كل ذلك يساعد على تعاون الطرفين على الخير المشترك. وصاحب العمل إذا علم أن أداء الصلاة، ومثلها طاعة الله تساعد على إخلاص العامل فى عمله وعلى إتقانه وإجادته سيسمح بسخاء نفس ببعض الوقت لأداء الصلاة وبالتالى ينبغى أن يشكر العامل صاحب العمل على ذلك ويرد له المعروف زيادة فى الإخلاص فى العمل، واستغلال كل الوقت للإنتاج المثمر الذى ينتفع به الجميع
(9/101)
________________________________________
عذاب المتكاسل عن الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
كيف رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم المتكاسل عن الصلاة فى الإسراء والمعراج مع أن الصلاة المكتوبة لم تكن فرضت بعد؟ .
وما نوع الصلاة من قبل؟

الجواب
الحديث الذى رأى فيه النبى صلى الله عليه وسلم تارك الصلاة يعذب كان فى رويا رآها مناما-ورويا الأنبياء حق -وقد روى البخارى عن سمرة بن جندب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول لأصحابه: هل رأى أحد منكم من رويا فيقص عليه ما شاء الله أن يقص وأنه قال لنا ذات غداة: إنه أتانى الليلة آتيان وإنهما استتبعانى وانهما قالا لى:
انطلق، وإنى انطلقت معهما وإنا أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوى بالصخرة لرأسه، فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصلح رأسه كما كان، ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى، قال قلت: سبحان الله ما هذا؟ . .. وبعد تمام قصة الرؤيا قالا له: أما الرجل الأول الذى أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة.
فهذه الصورة كانت فى رؤيا، وكانت بعد فرض الصلاة، لكن هناك رواية للبزار وغيره عن أبى هريرة أن ذلك كان فى قصة الإسراء والإسراء كان فى مكة وحديث الرؤيا كان فى المدينة، حيث لم تكن فى مكة فرصة لحكاية ذلك فى جمع من أصحابه.
وعليه فتقدم رواية البخارى على رواية البزار والبيهقى والطبرانى.
ولو فرضنا أن ذلك كان ليلة الإسراء فقد تؤول على المستقبل، يعنى عندما تفرض الصلاة بعدُ، وقد تؤول على أن الصلاة كانت مفروضة قبل الإسراء ركعتين أول النهار وركعتين آخره، وما كان ليلة الإسراء فهو تحديدها بخمس صلوات.
وفى حديث البزار أيضا: عذاب من يبخلون بالزكاة، ويأكلون الربا وكل ذلك شرع فى المدينة بعد حادث الإسراء الذى وقع بمكة، فيؤول على المستقبل عندما تفرض هذه الأمور إن قبلنا هذه الروايات.
وهناك أيضا كلام كثير فى الصلاة التى صلاها الرسول بالأنبياء فى المسجد الأقصى ليلة الإسراء، لا مجال لذكره الآن
(9/102)
________________________________________
إمامة مقطوع اليدين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز إمامة شخص مقطوع اليدين؟

الجواب
الصلاة خلف إمام مقطوع اليدين صحيحة وإن كانت مكروهة إذا وجد غيره، جاء فى تفسير القرطبى"ج 1 ص 354"ما نصه:ولا بأس بإمامة الأعمى والأعرج والأشل والأقطع والخصى والعبد إذا كان كل واحد منهم عالما بالصلاة، وقال ابن وهب: لا أرى أن يؤم الأقطع والأشل، لأنه منتقص عن درجة الكمال وكرهت إمامته لأجل النقص.
وخالفه جمهور أصحابه وهو الصحيح، لأنه عضو لا يمنع فقده فرضا من فروض الصلاة، فجازت الإمامة الراتبة مع فقده كالعين. وقد روى أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وهو أعمى، وكذا الأعرج والأقطع والأشل والخصى قياسا ونظرا وقد روى عن أنس ابن مالك أنه قال فى الأعمى: وما حاجتهم إليه؟ وكان ابن عباس وعتبان بن مالك يؤمان وكلاهما أعمى، وعليه عامة العلماء. انتهى
(9/103)
________________________________________
اعتماد الخطيب على السيف

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نرى فى بعض البلاد أن خطيب الجمعة يمسك فى يده سيفا، فما هو الأصل فى ذلك؟

الجواب
جاء فى زاد المعاد لابن القيم "ج 1 ص 117 " أن النبى صلى الله عليه وسلم فى خطبة الجمعة لم يكن يأخذ بيده سيفا ولا غيره، وإنما كان يعتمد على قوس وعصا قبل أن يتخذ المنبر، وكان فى الحرب يعتمد على قوس وفى الجمعة يعتمد على عصا ولم يحفظ عنه أنه اعتمد على سيف، وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائما وأن -ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف فمن فرط جهله، فإنه لا يحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ولا قوس ولا غيره، ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفا ألبتة، وإنما كان يعتمد على عصا أو قوس.
وجاء فى شرح الزرقانى على المواهب اللدنية "ج 7 ص 384" أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يخطب متوكئا على قوس تارة أو عصا تارة أخرى. وفى سنن أبى داود: كان إذا قام يخطب أخذ عصا فتوكأ عليها وهو على المنبر، وفى سنن ابن ماجه وسنن البيهقى ومستدرك الحاكم أنه كان إذا خطب فى الحرب خطب على قوس وإذا خطب فى الجمعة خطب على عصا، وأشار إلى ما ذكره ابن القيم من رفض التعليل بأن الإسلام قام بالسيف.
وجاء فى مجلة الإسلام -المجلد الثالث -العدد 26 أن بعض العلماء قال: إن الخطيب يتقلد السيف ولا يمسكه كما عليه خطباء زماننا، وبعض العلماء قال: إنه يمسكه بيساره، أى يتقلده ويمسكه بيساره عند الحنفية، وعند الأئمة الثلاثة السنة الاعتماد وقت الخطبة على سيف أو عصا أو قوس أو نحو ذلك، ولا يتعين السيف عندهم.
هذه صورة من آراء العلماء. وفى إمساك الخطيب بسيف أو عصا أو اعتماده على أى شيء، وذلك كله لمعاونة الخطيب وشد أزره، وذلك بأى شىء يحقق ذلك ولو بالإمساك بحرف المنبر، وربما لا يحتاج إلى الاعتماد على أى شىء، والأمر أيسر وأهون من أن نختلف فيه أو نتعصب، والمهم أن ننفى فكرة أن الإسلام انتشر بالسيف وإذا كان لحمل السلاح أهميته فى الدعوة فى الأيام الأولى. فإن الدعوة الآن تحتاج إلى أسلحة مناسبة للعصر، ومنها سلاح العلم وتطبيقه فى كل المجالات على أساس من العقيدة الصحيحة والخلق الكريم
(9/104)
________________________________________
زمن قيام الليل

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
{يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا. نصفه أو انقص منه قليلا. أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا} المزمل: 1 - 14. فهل هذا أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أم إلى المسلمين كافة، ولماذا حدد الله تعالى هذا الوقت خاصة؟

الجواب
هذا النداء للنبى صلى الله عليه وسلم وكان قيام الليل واجبا عليه أول الأمر، وقيل: بقى بالنسبة له على الوجوب، وقيل نسخ، وصار قيام الليل سنة للجميع كما قال تعالى: {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرض وآخرون يضربون فى الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون فى سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه} المزمل: 20.
فليس هناك فرض على المسلمين إلا الصلوات الخمس.
وهذا التقدير بالزمن تخيير من الله للرسول أن يقوم نصف الليل أو ثلثه أو ثلثيه وما يستطيع أن بقومه، دون إجهاد.
"إن لربك عليك حقا ولبدنك عليك حقا".
جاء فى تفسير القرطبى أن الراجح أن قيام الليل كان فرضا، واختلف هل على الرسول فقط أو عليه وعلى أمته، والصحيح ما ورد عن عائشة أن الله عز وجل افترض قيام الليل فى أول سورة المزمل فقام هو وأصحابه حوله، وأمسك الله خاتمة السورة التى فيها: {إن ربك يعلم. . .} اثنى عشر شهرا فى السماء حتى أنزل الله عز وجل فى آخر السورة التخفيف فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة. . . رواه مسلم.
وقيام الليل يكون بعد صلاة العشاء وبعد النوم ولو ثلث الليل، ففى حديث مسلم ينزل الله عز وجل إلى سماء الدنيا كل ليلة، حين يمض ثلث الليل الأول فيقول: "أنا الملك أنا الملك، من ذا الذى يدعونى فأستجيب له، من ذا الذى يسألنى فأعطيه، من ذا الذى يستغفرنى فأغفر له، فلا يزال كذلك حتى يضىء الفجر".
وهذا الحديث يدل على فضل قيام ثلثى الليل. . .
وهناك حديث رواه مسلم أيضا. . . يدل على فضل قيام نصف الليل وثلثه وهو إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله. . . ".
وجاء فى رواية النسائى النص على النصف "أن الله عز وجل يمهل حتى يمضى شطر الليل الأول ثم يأمر مناديا يقول: هل من داع يستجاب له.. . " وجاء فى رواية ابن ماجه النص على الثلث "ينزل ربنا تبارك وتعالى حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة فيقول من يسألنى فأعطيه.. . ".
من هذه الروايات تعلم أن تحديد هذه الأوقات وارد عن الرسول، وكانت له حالات مختلفة، أحيانا يقوم الثلث وأحيانا النصف وأحيانا الثلثين
(9/105)
________________________________________
التنفل لمن عليه فوائت

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز لمن عليه قضاء صلوات مفروضة أن يشتغلا بصلاة النافلة؟

الجواب
فى هذا السؤال نقطتان:
الأولى: هل تجزئ صلاة النوافل عن قضاء الصلوات المفروضة.
والثانية: هل يجوز لمن عليه فوائت أن ينشغل عنها بصلاة النافلة.
أما الأولى: فإن صلاة النافلة مهما كثرت لا يمكن أن تغنى عن قضاء الصلوات المفروضة، فالنفل لا يسد مسد الفرض أبدا، وقد أخطأ بعض الناس فهم حديث ورد فى ذلك فقالوا: إن النوافل فيها تعويض عن الصلاة الفائتة، وهو حديث رواه الترمذى وغيره، وقال: حديث حسن غريب ذكره أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حريث بن قبيصة يقول عليه الصلاة والسلام "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت خاب وخسر، وإن انتقص من فريضته قال الله تعالى: انظروا هل لعبدى من تطوع يكمل به ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك " فالمعنى الصحيح أن بعض أعمال الصلاة إذا لم يؤدها المصلى أى كانت ناقصة يعوض النقص بالنوافل، وقيل إن النوافل تعوض نقص الخشوع لا نقص عمل أعمال الصلاة.
فالمهم أن النوافل لا تغنى عن الفريضة التى تركت، بل تجبر نقص الفريضة التى أديت، والجبر إما لعمل أو لخشوع.
وأما النقطة الثانية: فى السؤال، فإن من عليه صلوات مفروضة ووجب عليه قضاؤها الأفضل له أن يشغل كل وقته بأداء الدين الذى عليه، لأنه سيحاسب إن لم يقم بأدائه وأما النوافل فلا يحاسب على تركها، فالاشتغال بالواجب مقدم على الاشتغال بالمندوب، ذلك أن العمر ربما لا يكفى لأداء الصلوات المتروكة بقضائها، فليعجل بها بدلا من التنفل، فإذا فرغ من كل ما عليه من قضاء كانت الفرصة سانحة له بالتنفل كما يشاء ومع ذلك لا يحرم عليه أن يصلى النوافل مع أن عليه قضاء، وبخاصة النوافل المؤكدة كالعيدين والضحى والوتر والسنن الراتبة والتراويح، والحكم هنا اجتهادى لا يوجد فيه نص صريح، وإن كان يدل عليه حديث مسلم لمن نام عن صلاة أو سها عنها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك " كما رواه بعضهم من أن القضاء فورى وليس على التراخى
(9/106)
________________________________________
الصلاة مع كشف الرأس

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل تجوز الصلاة للإمام أو المنفرد وهو عارى الرأس؟

الجواب
تغطية الرأس فى الصلاة لم يرد فيها حديث صحيح يدعو إليها، ولذلك ترك العرف تقديرها، فإن كان من المتعارف عليه أن تكون تغطية الرأس من الآداب العامة كانت مندوبة فى الصلاة نزولا على حكم العرف فيما لم يرد فيه نص، وإن كان العرف غير ذلك فلا حرج فى كشف الرأس "ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ".
وروى ابن عساكر عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم كان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه وهو يصلى حتى لا يمر أحد أمامه. والقلنسوة غطاء الرأس.
وعند الأحناف لا بأس بصلاة الرجل حاسر الرأس أى مكشوفا، واستحبوا ذلك إذا كان الكشف من أجل الخشوع
(9/107)
________________________________________
تسوية الصفوف فى الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نسمع الإمام يوصى المأمومين بتسوية الصفوف ووصل الأقدام والأكتاف، وكثيرا ما أحاول ذلك مع جارى فى الصف فيبتعد عنى، فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب
تسوية الصفوف فى الصلاة مندوبة، رغَّب فيها النبى صلى الله عليه وسلم كثيرا، وكذلك سَدُّ الفُرج، أو تضييق المسافة بين المصلى وجاره، وقد صح فى ذلك قوله "أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا بأيدى إخوانكم ولا تذروا فرجات للشيطان" رواه أبو داود بسند صحيح، وصح عند البخارى عن أنس: وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه.
إن المطلوب بهذه الإشارات أمران: أحدهما أن يكون الصف مستويا، وذلك يكون بمحاذاة المناكب والأقدام بعضها ببعض، أى تكون على خط واحد، وثانيهما سد الفرج وعدم وجود مسافة بين المصلى وأخيه، وهو التراص، وذلك يكون بقرب المناكب والأقدام بعضهما من بعض.
وليس المراد بلزق القدم وضع إحداهما على الأخرى، أو الضغط عليها ليتم أو يشتد الالتصاق، فإن هذه الحركة تذهب خشوع المصلى وتضايقه، والمبالغة فى ذلك تؤدى إلى نفور وغضب.
جاء في فقه المذاهب الأربعة -نشر أوقاف مصر- أنه يُسنُّ تفريج القدمين حال القيام، بحيث لا يقرن بينهما ولا يوسع إلا بعذر كَسِمَنٍ ونحوه، وقد اختلف في تقديره في المذاهب، فالحنفية قدروا التفريج بينهما بقدر أربع أصابع، فإن زاد أو نقص كره،، والشافعية قدروه بقدر شبر، ويكره أن يقرن بينهما أو يوسع أكثر من ذلك، والمالكية: قالوا: إن التفريج مندوب لا سنة، وقالوا: المندوب هو أن يكون بحالة متوسطة بحيث لا يضمهما ولا يوسعهما كثيرًا حتى يتفاحش عرفا، ووافقتهم الحنابلة على هذا التقدير، إلا أنه لا فرق عند الحنابلة بين تسميته مندوبا أو سنة
(9/108)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:52 pm

قضاء الصلاة النافلة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
استيقظت من النوم بعد طلوع الشمس، فهل يجب علىَّ أن أصلى ركعتى الفجر مع قضاء صلاة الصبح؟

الجواب
الصلوات المفروضة هى التى يجب قضاؤها إذا خرج وقتها، سواء أكان ذلك عن سهو ونسيان ونوم أم عن قصد وتعمد، وذلك لحديث مسلم "من نام عن صلاة أو سها عنها فليصلها إذا ذكرها،لا كفارة لها إلا ذلك " وإذا كان القضاء بسبب السهو أو النوم واجبا فإن القضاء بسبب التعمد فى الترك أولى ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم "فدين الله أحق أن يقضى " وفى رواية البخارى "اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء" أما قضاء النوافل وهى الصلوات غير المفروضة فإن قضاءها غير واجب، لأنها فى الأصل غير واجبة الأداء، ولكن إذا لم يكن قضاؤها واجبا فهل يكون مندوبا يثاب عليه؟ للفقهاء فى ذلك خلاف، خلاصته أنهم أجمعوا على ندب قضاء ركعتى الفجر وذلك لأهميتهما، فقد ورد فيهما حديث "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" رواه مسلم وحديث عائشة:"لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم على شىء من النوافل اشد تعاهدا منه على ركعتى الفجر" رواه البخارى ومسلم،ولأن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى قضائهما، "من لم يصل ركعتى الفجر حتى تطلع الشمس فليصلهما" رواه البيهقى وإسناده جيد، وروى الشيخان أنه صلى الله عليه وسلم كان فى مسير له فناموا عن صلاة الفجر فاستيقظوا بحر الشمس فارتفعوا قليلا حتى استقلت الشمس -ارتفعت- ثم أمر مؤذنا فأذن، فصلى ركعتين قبل الفجر، ثم أقام ثم صلى الفجر، أما غير ركعتى الفجر فقال الحنفية والمالكية لا يقضى، وقال الشافعية:كل صلاة لها وقت إذا خرج وقتها يُسْنُّ أن تقضى، والحنابلة قالوا: تقض الرواتب فقط والوتر
(9/109)
________________________________________
التردد على المساجد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل التردد على المساجد يتنافى مع وجوب العمل والسعى لكسب العيش؟

الجواب
وردت نصوص فى فضل التردد على بيوت الله، كقوله تعالى: {فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال. رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ... } النور: 36: 37 وقوله صلى الله عليه وسلم فى السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله "ورجل قلبه معلق بحب المساجد" رواه البخارى ومسلم، وإخباره عن الذين يخرجون من بيوتهم لصلاة الجماعة فى المسجد أن بكل خطوة حسنة، وأنهم فى صلاة ما دامت الصلاة تحبسهم فى المسجد منتظرين الجماعة، كما رواه البخارى ومسلم، وقوله فيما يمحو الله به الخطايا، ويرفع الدرجات "وانتظار الصلاة بعد الصلاة" كما رواه مسلم.
، وقوله "من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له فى الجنة نزلا كلما غدا أو راح " رواه البخارى ومسلم.
والغرض من هذه النصوص أولا المحافظة على الصلوات، وثانيا أداؤها فى جماعة لتقوية الرابطة الاجتماعية، وثالثا تعمير المساجد وعدم هجرها، ورابعا البعد عن أماكن اللهو واستغلال وقت الفراغ فى الخير.
فإذا لم يكن هناك ما يشغل الإنسان من جهاد فى سبيل الله أو كسب عيش أو عمل خير فأفضل له أن يمضى أكثر وقته فى بيوت الله، لأنها خير البقاع كما جاء فى صحيح مسلم وغيره.
ولا يقصد بذلك ترك الواجبات الدينية الأخرى والدنيوية التى تحقق الخير للفرد والمجتمع، وداوم الصلاة فى المساجد فهو سبحانه القائل {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله} الجمعة: 10 والرسول صلى الله عليه وسلم لم يعجبه لزوم أبى أمامة للمسجد فى غير أوقات الصلاة، بسبب همومه وديونه، ولكن علَّمه ذكرا يقوله وهو يسعى حتى يحقق الله له ما يريد. رواه أبو داود.
ولا يعنى فضل التردد على المساجد أن كل من يتردد عليها يكون مكرَّما عند الله، فإن العبرة بالنية كما نص الحديث، وكم من الناس يلازمونها ولهم أغراض غير مشروعة كما كان المنافقون أيام الرسول، والله قال فيمن يعمر مساجد الله {ولم يخش إلا الله} التوبة:
18 وقال فى المرائين بها {فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يراءون. ويمنعون الماعون} الماعون: 4 - 7 أى لم يستفيدوا منها شيئًا من الأخلاق الحسنة لأنهم لم يحسوا معناها الحقيقي وسهوا عن سر تشريعها {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت:45
(9/110)
________________________________________
الأحق بإمامة الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يتنافس بعض المصلين على أن يكون إماما، فمن أحقهم بذلك؟

الجواب
بعد الشروط التى لا تصلح أى صلاة بدونها، وبعد الشروط التى يجب أن تتوافر فيمن يكون إماما مثل: السلامة من الأعذار، وصحة القراءة وغير ذلك مما اشترطه الفقهاء، هناك أولوية لمن يتقدم للإمامة، جاء فى حديث مسلم وغيره عن أبى سعيد الخدرى مرفوعا "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم " والمراد بالأقرأ الأكثر حفظا للقرآن، لما جاء فى حديث عمرو بن سلمة "ليؤمكم أكثركم قرآنا" وفى رواية أخرى لمسلم وغيره عن ابن مسعود مرفوعا "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا فى القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا فى السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا فى الهجرة سواء فأقدمهم سنا، ولا يؤمَّن الرجل الرجل فى سلطانه، ولا يقعد فى بيته على تكرمته إلا بإذنه" وفى رواية "لا يؤمن الرجل الرجل فى أهله ولا سلطانه " فالسلطان وصاحب البيت أولى بالإمامة إلا إذا أذن لغيره بها، ففى رواية أبى داود "لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤم قوما إلا بإذنهم" وهو عام فيما إذا وجد مثله أو أفضل منه، وما إذا لم يوجد.
وترتيب من لهم الأولوية فيه خلاف للفقهاء، لكن من المتفق عليه أن المتفقه فى دينه، العالم بأحكام الصلاة بالذات وحسن السيرة والمرضى عنه من قومه -ويجمع ذلك قراءة القرآن والعمل به- هو أولى من غيره ممن ليس له هذه المواصفات، ولو تقدم هذا صحت الصلاة خلفه وإن كان ثوابها أقل، روى ابن ماجه وابن حبان فى صحيحه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا، رجل أمَّ قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان" إن الذى ينافس غيره على الإمامة يدخله العجب والزهو، وذلك يقلل من ثواب الصلاة إن لم يذهب به أصلا، مع العلم بأن صلاة الجماعة ينال ثوابها كل من الإمام والمأمومين، فلا فضل لأحد منهم على الآخر، إلا بمقدار إخلاصه وخشوعه
(9/111)
________________________________________
الغفلة عن سماع خطبة الجمعة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
رجل حضر لصلاة الجمعة فأخذته سنة من النوم ولم يسمع من الخطبة شيئا، فهل تصح صلاته أو تبطل لأنه لم يسمع الخطبة؟

الجواب
قال الله تعالى: {فإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} الأعراف: 204 تأمرنا الآية بالاستماع والإنصات لخطبة الجمعة لأن القرآن يتلى فيها، ووجوب الإنصات قال به جمهور العلماء، وجعله بعضهم سنة من آكد السنن، ومن هنا قالوا: إن الغفلة أو النوم وقت الخطبة منهى عنه، يقول ابن سيرين -وهو من كبار التابعين- كانوا يكرهون النوم والإمام يخطب ويقولون فيه قولا شديدا،يقولون: مثلهم كمَثل سرية أخفقوا، يعنى كمن رجعوا من الغزو بدون فائدة من قتال أو غنيمة، وروى فى الحرص على اليقظة عند الخطبة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا نعس أحدكم فليتحول إلى مقعد صاحبه وليتحول صاحبه إلى مقعده " ويؤخذ من هذا أن الذى ينبه جاره فى المسجد بغير كلام إذا غفل عن سماع الخطبة لا حرج عليه فى ذلك، لأنه لم ينصرف عن سماع الخطبة، ولم يشوش على أحد، بخلاف من يقول لغيره: أنصت، فإن فى الكلام تشويشا، وربما أثار عنادا عند الآخر فيكثر اللغو. أخرج القرطبى هذا الحديث فى تفسير سورة الجمعة من رواية سمرة بن جندب رضى الله عنه
(9/112)
________________________________________
السجود مرتان

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل هناك حكمة فى كون الركوع واحدا والسجود اثنين فى الصلاة؟

الجواب
العبادات نظام اختاره الله ووضحه الرسول لنتقرب به إلى رب العزة سبحانه، ولذلك يجب فيها الاتباع والالتزام، وإذا كانت هناك حكمة منصوص عليها لهذا النظام كان بها، وإلا فإن عقل المؤمن يمكن أن يفكر ويستنبط الحكمة، وقد يصيب فيها وقد يخطىء، وذلك لا يغير من الحكم شيئا.
ولعل فى كون السجود فى الصلاة مرتين والركوع مرة واحدة إرغاما للشيطان، وإظهارا له أن ابن آدم الذى هو أبو البشر، والذى أمره الله بالسجود تحية له واحتراما - ابن آدم هذا أمره الله فى الصلاة أن يسجد فسجد، وكان سجوده مرتين تأكيدا لطاعته لله سبحانه، وعدم استكبار عليه كما استكبر إبليس ورفض أمر الله، فتكرار السجود تأكيد للامتثال، وذلك كما قال فى التلبية: لبيك اللهم لبيك، يعنى إجابة بعد إجابة.
ومن أجل ظهور الخضوع له بقوة فى السجود بكونه مرتين كان فضل الله عظيما للساجدين جاء فيه الحديث الذى رواه مسلم "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء".
ويؤكد أن تكرار السجود فيه إغاظة للشيطان قول النبى صلى الله عليه وسلم كما رواه مسلم أيضا "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى ويقول يا ويلاه، أمر هذا بالسجود فسجد، وأمرت أنا بالسجود فعصيت، فلى النار" "الترغيب والترهيب للحافظ المنذرى ج 2 ص 137 ".
وإذا كان هذا حال الشيطان عندما يسجد ابن آدم لله سجدة واحدة إذا قرأ آية فيها سجدة -وربما لا تتيسر له هذه القراءة إلا فى فترات متباعدة- فكيف يكون حال الشيطان فى ذلته وحسرته إذا تكرر سجود ابن آدم فى اليوم الواحد أربعا وثلاثين مرة فى الصلوات المفروضة بل يتكرر أكثر من ذلك إذا صلى النوافل؟ ومن هنا نعلم أهمية السجود الذى جاء التعبير به أحيانا كمن الصلاة كلها.
فقد روى مسلم وغيره أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله عن أحب الأعمال إلى الله، أو عن عمل يدخله الجنة فقال له "عليك بكثرة السجود، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك خطيئة" وروى مسلم أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لربيعة بن كعب، لما سأله الدعاء لله بمرافقته فى الجنة "فأعنِّى على ذلك بكثرة السجود" والمراد الصلاة.
وإذا كان الركوع مرة واحدة فهو كسائر أركان الصلاة يكون مرة واحدة فى كل ركعة، وذلك كله اقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم القائل "صلوا كما رأيتمونى أصلى" رواه البخارى
(9/113)
________________________________________
التنافس على الأذان

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
لما علم بعض الحاضرين فى المسجد ثواب المؤذن تنافسوا وتسابقوا من أجل الأذان، وكادت تقوم معركة، فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب
من المعلوم أن الأذان له فضل عظيم يكفى في بيانه قول النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخارى ومسلم "لو يعلم الناس ما فى النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" والاستهام هو عمل القرعة.
وقوله فيما رواه مسلم "المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة" وفيما رواه البخارى "لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شىء إلا شهد له يوم القيامة".
وليس من المعقول أن يمكَّن أكثر من واحد من الأذان على مئذنة واحدة أو مكبر صوت واحد، فيكفى واحد لإقامة هذه السنة، التى قيل: إنها فرض كفاية، لو تركه أهل البلد أو المحلة لقوتلوا على تركه لأنه من العلامات التى تدل على أن الأهل مسلمون، وكان الرسول إذا بعث السرية يقول "إذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مناديا -مؤذنا- فلا تقتلوا أحدا" رواه أحمد والترمذى وأبو داود وابن ماجه، وكان هو إذا غزا قوما لم يغز حتى يصبح، فإذا سمع أذانا أمسك، وإذا لم يسمع أذانا أغار بعد ما يصبح رواه البخارى.
ورعاية لحرص الكثيرين على الأذان لنيل فضله أوجد لهم الرسول مخرجا من التنافس والتزاحم فندب إلى ترديد ما يقول المؤذن، إلا عند حىَّ على الصلاة وحىَّ على الفلاح فيقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقد روى الطبرانى حديثا حسنا يقول "من سمع المؤذن فقال مثل ما يقول فله مثل أجره " وروى مسلم وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علىَّ، فإنه من صلى علىَّ صلاة صلى الله بها عليه عشرا ثم سلوا الله لى الوسيلة، فإنها منزلة فى الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لى الوسيلة حلَّت له الشفاعة"
(9/114)
________________________________________
العطاس والتثاؤب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للمصلى إذا عطس أن يقول الحمد لله، ولماذا يكون الحمد فى العطس، وليس فى التثاؤب مثلا؟

الجواب
جاء فى كتاب "الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار" للنووى ما نصه:
إذا عطس فى صلاته يستحب أن يقول: الحمد لله ويسمع نفسه، هذا مذهبنا ولأصحاب مالك ثلاثة أقوال، أحدها هذا واختاره ابن العربى، والثانى يحمد فى نفسه والثالث قاله سحنون: لا يحمد جهرا ولا فى نفسه.
وجاء فيه أيضا: إذا تثاءب فالسنة أن يرد ما استطاع، للحديث الصحيح الذى أخرجه البخارى: "إن الله تعالى يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله تعالى كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان ".
وفى صحيح مسلم "إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فمه فإن الشيطان يدخل " يقول النووى: قلت: وسواء كان التثاؤب فى الصلاة أو خارجها يستحب وضع اليد على الفم، وإنما يكره للمصلى وضع يده على فمه فى الصلاة إذا لم تكن حاجة كالتثاؤب وشبهه.
والحمد يكون فى العطاس لأنه إخراج الأبخرة التى تكون فى الدماغ ويحس بألمها الإنسان، فإذا عطس استراح فيحمد الله على هذه النعمة وهى زوال الألم. أما التثاؤب فهو علامة الكسل والتثاقل، عبر عنه الحديث بدخول الشيطان فى الفم، وفيه فتح الفم الذى قد يستقبح الناس ما يرونه فيه، فالأولى أن يستر.
وقد ذكر النووى حكمة ذلك بقوله: قال العلماء: العطاس سببه محمود وهو خفة الجسم التى تكون لقلة الاختلاط وتخفيف الغذاء وهو أمر مندوب إليه لأنه يضعف الشهوة ويسهل الطاعة، والتثاؤب بضد ذلك والله أعلم اهـ.
وهذا الكلام يحتاج إلى وقفة لعل عند المختصين طبيا ما يوضحه
(9/115)
________________________________________
خطبة الجمعة بالكاسيت

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يكفى استماع خطبة الجمعة من شريط مسجل إذا لم يتوافر الخطيب الكفء؟

الجواب
لا يجوز الاكتفاء بسماع خطبة الجمعة من شريط مسجل أو من الإذاعة أو التليفزيون ثم تقام الصلاة، بل لابد من خطيب يؤدى الخطبة، وإذا تعذر من يجيدها أو من لا يخطئ فى القرآن فإن الخطبة عند بعض الأئمة تحصل بمجرد صيغة فيها ذكر لله حتى بقراءة {قل هو الله أحد} وبعضهم اكتفى بعبارة فيها ترغيب وترهيب، مثل اتقوا الله لعلكم تفلحون، وابتعدوا عن المعاصى حتى لا يعاقبكم الله.
فالخلاصة أن الخطبة أمرها سهل، ولا بد أن يؤديها واحد من الناس، حتى تصح صلاة الجمعة، ومن أراد بعد ذلك ثقافة دينية بسماع شريط مسجل مثلا فليكن بعد الانتهاء من الصلاة أو قبل الصلاة
(9/116)
________________________________________
خطبة الجمعة شرط

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل خطبة الجمعة شرط أساسى فى صحة صلاتها؟

الجواب
قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} الجمعة: 9 وقال بعد ذلك {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما} .
يؤخذ من هذا أن من مقاصد تشريع صلاة الجمعة الاستماع إلى ذكر الله بالخطبة التى تلقى، أو ذكر الله بالصلاة نفسها، ففيها ذكر كثير، وذمَّ الله جماعة تركوا الرسول قائما يخطب وانصرفوا عنه إلى التجارة واللهو، وكانت الخطبة بعد الصلاة، ثم جعلت قبلها حتى يحبس الناس لسماعها.
وكل اجتماع سابق قبل الإسلام عند العرب فى المواسم والأسواق كان -لا يخلو غالبا من خطابة نثرية أو شعرية، فهو فرصة لعرض الآراء وطرح المشكلات واقتراح الحلول. وكعب بن لؤى أحد أجداد النبى صلى الله عليه وسلم كان يخطب فى قريش يوم العروبة وهو يوم الجمعة، ويذكرهم بمبعث رسول.
ولأهمية خطبة الجمعة حرص عليها النبى صلى الله عليه وسلم لأنها وسيلة من وسائل التبليغ الجماعى، وقال جمهور العلماء بأنها واجبة، لا تصح صلاة الجمعة بدونها، بناء على الأمر بالسعى إلى ذكر الله إذا نودى لصلاة الجمعة وعلى مواظبة النبى صلى الله عليه وسلم عليها ولقوله:
"صلوا كما رأيتمونى أصلى" رواه البخارى.
لكن قال الحسن البصرى وداود الظاهرى والجوينى وبعض علماء المالكية: إنها سنة لا واجبة، أى تصح صلاة الجمعة بدون الخطبة، لأن أدلة الوجوب ليست قاطعة الدلالة عليه فلا تفيد أكثر من الندب.
ومهما يكن من شىء فلا ينبغى تركها، وهى فى بعض المذاهب يسيرة، فالحنفية اكتفوا فيها بمجرد ذكر الله، كقول الخطيب، الحمد لله، قاصدا بذلك الخطبة والمالكية، قالوا: يكفى اشتمالها على موعظة من ترغيب ترهيب، مثل: اتقوا الله حتى يرضى عنكم، ولا تعصوه حتى لا يعذبكم، ولا داعى إلى التمسك بمذهب الشافعى الذى يحتم أن تكون مشتملة على خمسة أمور، حمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله، والأمر بالتقوى فى كل من الخطبتين، وقراءة آية فى إحداهما والأولى أولى، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات فى الثانية ودين الله يسر
(9/117)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:53 pm

جلسة الاستراحة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
بعض الناس يعيبون المصلى إذا لم يأت بجلسة الاستراحة، فما جزاء من يتركها؟

الجواب
الصلاة بأقوالها وأفعالها تشتمل على أركان واجبة الأداء لا تصح الصلاة إذا ترك واحد منها، وذلك كالركوع والسجود، كما تشتمل على سنن يندب ويستحب فعلها، وتصح الصلاة بدونها كالتسبيحات وتكبيرات الانتقال من ركن لآخر، فالأركان أساسية والمندوبات كمالية، وقد قسم العلماء المندوبات الكمالية إلى أقسام بعضها أهم من بعضها الآخر، ورأى بعضهم أن الأهم منها يعوَّض عند عدم الإتيان به بسجود السهو، وذلك كالقنوت فى الصبح والتشهد الأول، ومنها ما لا يعوَّض إن ترك كدعاء الاستفتاح ورفع اليدين عند التكبير للركوع وعند الرفع منه.
وذلك كله مأخوذ من أقوال النبى صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وهو القائل "صلوا كما رأيتمونى أصلى" رواه البخارى، والجلوس فى الصلاة قد يكون ركنًا أساسيا، كالجلوس بين السجدتين، والجلوس للتشهد الأخير، وقد يكون غير أساسى ومنه جلسة الاستراحة.
وهذه الجلسة تكون بعد الرفع من السجدة الثانية عند القيام للركعة التالية، وقد اختلف العلماء فى حكمها، بناء على اختلاف الأحاديث الواردة بشأنها، فقال بعضهم إنها من سنن الصلاة فيستحب للمصلى أن يأتى بها لينال ثوابا، ومن لم يأت بها لا تبطل صلاته، وقال بعضهم الآخر ليست من سنن الصلاة فلا ثواب على فعلها، ولكنها مباحة لمن يحتاج إليها، كالمتعب لمرض أو لكبر سن أو لسبب آخر.
والنبى صلى الله عليه وسلم لم يأمر بها قولا، ولكن كان يفعلها أحيانا ويتركها أحيانا أخرى، بدليل أن الذين رووا صفة صلاته ذكرها بعضهم، ولم يذكرها بعضهم الآخر، ولو كانت هى من عادة النبى دائما فى صلاته ما أهمل هؤلاء الرواة ذكرها.
من هذا نرى أن جلسة الاستراحة مرخَّص فيها لمن احتاج إليها، أما ترتب ثواب على فعلها أو عدم ترتبه فليس فيه نص يعتمد عليه، وعلى هذا لا يجوز التعصب لها ولا عيب من يتركها بأنه مخالف للسنة، ولعل ترك النبى صلى الله عليه وسلم لها أحيانا دليل على سماحة الإسلام ويسره، مادامت الأساسيات مؤداة، ولكل أن يزداد من الخير بما يشاء مما شرعه الدين
(9/118)
________________________________________
لا صلاة لحابس

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل من الحديث ما يقال "لا صلاة لحابس " وإن كان حديثا فما معناه؟

الجواب
روى أحمد وأبو داود والترمذى وقال: حديث حسن، عن ثوبان أن النبى قال "ثلاث لا تحل لأحد أن يفعلهن: لا يؤم رجل قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم فإن فعل فقد خانهم، ولا ينظر فى قعر بيت قبل أن يستأذن، فإن فعل فقد دخل -أى صار فى حكم الداخل بلا إذن- ولا يصلى وهو حاقن حتى يتخفف" وروى مسلم وغيره عن عائشة قالت:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لا يصلى أحد بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان " ومعنى حاقن: حابس البول، والأخبثان هما: البول والغائط.
وجاء فى الإقناع فى فقه الشافعية "ج 1 ص 131 " تكره الصلاة حاقنا بالبول - أو حاقبا بالغائط - أو حاذقا بالريح - أو حاقما بالبول والغائط.
والمقصود أن يكون الإنسان فى صلاته خاشعا متفرغا لفهم معنى ما يقول ويفعل ومدركا مقام الوقوف أمام الله، لا يشغل عن ذلك بأى شاغل من هذه الأمور، حتى لا يتوزع فكره ويذهب خشوعه أو يقل،بل ينبغى التخفيف بإزالة هذه الضواغط والشواغل
(9/119)
________________________________________
البناء فوق المسجد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز البناء فوق المسجد لأعمال الخير مثل تحفيظ القرآن الكريم أو عيادة طبية؟

الجواب
جاء فى فتوى الشيخ عبد المجيد سليم فى 20/ 11/ 1944 م أنه بعد تمام المسجدية لا يجوز البناء على المسجد ولو لمصالحه، حتى صرحوا بأنه لا يوضع الجذع، على جدار المسجد وإن كان من أوقافه " الفتاوى الإسلامية - المجلد 11 ص 3965 ".
وجاء فى فتوى الشيخ حسنين مخلوف فى5/12/1949 م أن ظاهر الرواية عند الحنفية أنه لو بنى فوق المسجد أو تحته بناء لينتفع به لم يصر بهذا مسجدا، وله أن يبيعه ويورث عنه، أما لو كان البناء لصالح المسجد فإنه يجوز ويصير مسجدا، وهذا قبل أن يصير مسجدا، أما بعده فلا يمكن أحد من البناء عليه مطلقا، ونقل عن الصاحبين أنه يجوز أن يكون أسفل المسجد أو علوه ملكا بكل حال ينتفع به البانى أو يخصص لصالح المسجد إذا اقتضت الضرورة ذلك، كما فى البلاد التى تضيق منازلها بسكانها.
وعلى هذا إذا كانت هناك ضروره تدعو إلى المشروع المسئول عنه فلا بأس بالأخذ بقول الصاحبين فى الرواية المذكورة عنهما، لأنها تتفق مع قواعد المذهب، كقاعدة الضرورات تبيح المحظورات وقاعدة: المشقة تجلب التيسير، وغيرهما، وهذا مقرر فى قول الله عز وجل {وما جعل عليكم فى الدين من حرج} الحج: 78 "الفتاوى الإسلامية - المجلد الثانى ص 652 "
(9/120)
________________________________________
الدفن فى المسجد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
بنى رجل مسجدا وأوصى أن يدفن فيه فهل تصح الوصية ويلزم تنفيذها؟

الجواب
أجاب الشيخ عبد المجيد سليم بتاريخ 22 من يونية 1940 م على مثل هذا السؤال بأن ابن تيمية أفتى بأنه لا يجوز أن يدفن فى المسجد ميت، لا صغير ولا كبير ولا جليل ولا غيره، فإن المساجد لا يجوز تشبيهها بالمقابر، وأن المسجد لو كان موجودا ثم دفن فيه ميت وجب أن يسوى القبر وينبش ويخرج منه الميت إن كان جديدا، وعلَّل ذلك بأن الدفن فى المسجد إخراج لجزء منه عما جعل له من الصلوات والذكر وتدريس العلم، وذلك غير جائز شرعا، وبأن إنشاء قبر فيه يؤدى إلى الصلاة إليه أو عنده، وذلك منهى عنه، وأورد فى كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم " ص 158 بعض الأدلة على النهى عن الصلاة عند القبور مطلقا واتخاذها مساجد أو بناء المساجد عليها، منها حديث مسلم "لا تجلسوا على القبور ولا تصلُّوا إليها" وقال ابن تيمية أيضا: لا يجتمع فى دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه وكان الحكم للسابق.
إن هذا الحكم مبنى على مذهب الإمام أحمد الذى يأخذ به ابن تيمية وابن القيم، وعند الشافعية أن ذلك ليس بحرام ولكنه مكروه، قال النووى فى شرح المهذب "ص 316" قال الشافعى والأصحاب: وتكره الصلاة إلى القبور، سواء كان الميت صالحا أو غيره، قال الحافظ أبو موسى: قال الإمام الزعفرانى رحمه الله: ولا يصلى إلى قبر ولا عنده، تبركا به ولا إعظاما له، للأحاديث.
فالحكم عندهم هو الكراهة التنزيهية لا التحريمية ولا الحرمة، ومناط الحكم بذلك هو التبرك والإعظام، فإذا لم يكن تبرك ولا إعظام فلا كراهة على هذا.
أما الحنفية فالدفن فى المسجد أولى بالحظر من الصلاة على الجنازة فى المسجد، الوارد فيها حديث "من صلى على جنازة فى المسجد فلا أجر له" لأن فيها كما قال صاحب الهداية -إخراجا لجزء من المسجد عما جعل له من العبادة بالصلاة والذكر والعلم، وصلاة الجنازة فى المسجد مكروهة كراهة تحريم كما هو إحدى الروايتين وهى التى اختارها العلامة قاسم وغيره "الفتاوى الإسلامية المجلد الثانى صفحة 655" وهى سنة عند الشافعية وجائزة عند الحنابلة إن لم يخش تلويث المسجد.
هذا إذا كان الدفن داخل المسجد أما إذا كان بجواره خارجا عنه فلا حرمه ولا كراهة
(9/121)
________________________________________
صلاة البردين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل هذا القول من الحديث النبوى "من صلى البردين دخل الجنة" وما المقصود منهما؟

الجواب
هذا حديث صحيح رواه البخارى ومسلم، والبردان هما الصبح والعصر، لوقوعهما فى أول النهار وآخره، والمقصود هو الحث على المحافظة عليهما، فهما الوقتان اللذان تتبادل فيهما ملائكة الليل وملائكة النهار كما صح فى حديث البخارى ومسلم، حيث يسألهم ربهم: كيف تركتم عبادى؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون، فاغفر لهم يوم الدين. وليس المراد من الحديث أن الذى يصليهما ولو مرة واحدة يدخل الجنة، بل المراد التأكيد على المحافظة عليهما كما قال سبحانه {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} البقرة: 238 وكما قال فى صفات المؤمنين المفلحين {والذين هم على صلواتهم يحافظون} المؤمنون:9.
ومن حافظ على هاتين الصلاتين سيحافظ على غيرهما لأن الأولى تكون بعد النوم والنفس تتراخى عن القيام منه، فمن قام وأدَّاها فى وقتها الضيق خشية أن تفوته دل ذلك على عنايته بالصلاة وعدم تهاونه فيها، وكذلك الثانية تؤدى بعد جهد كبير طول النهار قد يكون طلب الراحة من العمل داعيا إلى إهمالها، فمن حافظ عليها كانت محافظته على غيرها أيسر، وقد نص على أنها هى الصلاة الوسطى التى ركز الله على الاهتمام بها والمحافظة عليها.
ومما جاء فى التأكيد على هاتين الصلاتين حديث رواه مسلم "لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها يعنى الفجر والعصر" وحديث البخارى ومسلم "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله " وفى رواية "فكأنما وتر أهله وماله "
(9/122)
________________________________________
الإمام الأبكم والأصم

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل تجوز الصلاة خلف إمام أصم أبكم؟

الجواب
الإمام الأبكم الذى لا يقدر على الكلام لا يقرأ الفاتحة ولا يكبر للإحرام، فلا تصح إمامته، لأنه أنقص من المأمومين.
جاء فى فقه المذاهب الأربعة فى شروط الإمامة: القراءة بحيث يحسن الإمام قراءة ما لا تصح الصلاة إلا به إذا كان المأموم قارئا يحسن ذلك، فلا يجوز أن يقتدى قارئ بأمى، أما اقتداء أمِّى بمثله فصحيح. هذا، والأبكم أشد نقصا من الأمى الذى لا يحسن القراءة، فعدم إمامته أولى، أما الأصم فهو فاقد السمع فقط، وليس السمع شرطا فى صحة الجماعة، فيجوز أن يكون إماما
(9/123)
________________________________________
قضاء الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
فاتتنى صلاة رباعية وأنا فى السفر فهل أقضيها بعد السفر مقصورة أو تامة، ولو فاتتنا صلاة العصر وأردت قضاءها الليل هل أسر فيها أم أجهر؟

الجواب
من فاتته صلاة رباعية فى السفر له أن يقضيها ما دام السفر قائما، فيصليها مقصورة كما كانت تؤدى فى وقتها مقصورة، أما إذا لم يقضها حتى انقطع سفره فإن الحنفية والمالكية يقولون:
يقضيها مقصورة، أى على الحالة التى فاتته عليها، أما الشافعية والحنابلة فيقولون: يقضيها تامة، لأن سبب القصر قد زال بالإقامة فتعود إلى الحكم الأصلى وهو الإتمام.
أما إذا فاتته صلاة رباعية فى الحضر وأراد قضاءها فى السفر المبيح للقصر فيجب قضاؤها تامة غير مقصورة، وذلك باتفاق جميع المذاهب.
وإذا فاتته صلاة سرية كالظهر أو العصر وأراد قضاءها بالليل قال الحنفية والمالكية تقضى سرا، أى لا يجهر فيها القراءة، وإذا فاتته صلاة جهرية كالصبح أو المغرب أو العشاء وأراد قضاءها نهارا قضاها جهرا، فالعبرة عندهم بوقت فواتها لا بوقت قضائها والشافعية قالوا: العبرة بوقت القضاء سرا أو جهرا، فممن صلى الظهر قضاء بالليل جهر بالقراءة، ومن صلى المغرب قضاء بالنهار أسرَّ بالقراءة، والحنابلة قالوا: إذا كان القضاء نهارا فإفه يُسر مطلقا، سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية، وسواء أكان إماما أم منفردا، وإن كان القضاء ليلا فإنه يجهر فى الجهرية إذ اكان إماما، وذلك لشبه القضاء بالأداء فى هذه الحالة، أما إذا كانت سرية فإنه يسر مطلقا، وكذلك إذا كانت جهرية وهو يصلى منفردا فإنه يسر "الفقه على المذاهب الأربعة" إنها وجهات نظر مختلفة لا مانع من الأخذ بأىٍّ منها
(9/124)
________________________________________
الاستخلاف فى الإمامة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إذا أصيب الإمام أثناء الصلاة بألم ولم يستطع أن يكمل الصلاة فهل يجوز أن يختار من المصلين من يحل محله لإتمام صلاة المأمومين؟

الجواب
نعم، يجوز للإمام إذا أحس بألم أن يستخلف أحد المأمومين ليكمل الصلاة بدليل ما رواه البخارى أن عمر رضى الله عنه لما ضرب وهو يصلى أخذ عبد الرحمن بن عوف فقدمه فصلى بهم صلاة خفيفة، وكذلك روى سعيد بن منصور أن عليا كرم الله وجهه صلى ذات يوم فرعف - نزل دم من أنفه- فأخذ بيد رجل فقدمه، ثم انصرف
(9/125)
________________________________________
إجازة المدارس

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
لماذا كانت إجازة المدارس فى البلاد الإسلامية بعد ظهر الخميس ويوم الجمعة؟

الجواب
يقال: إن عمر رضى الله عنه لما شجع الكتاتيب لتحفيظ القرآن ومدارسته بإنشاء أول كُتَّاب بجوار الحرم النبوى كلف عامر بن عبد الله الخزاعى بتعليم الأولاد، على أن يكون ذلك بدرس بعد صلاة الصبح إلى الضحى،، ودرس بعد صلاة الظهر إلى العصر، ولما خرج إلى الشام وغاب شهرا خرج المسلمون على مسيرة يوم للقائه ومعهم الصبيان، فكان يوم الخميس، فتأخر عنهم إلى الغروب، ثم تعبوا يوم الجمعة ولم يحضروا إلى الكتَّاب فلما علم عمر بذلك أجازهم هذين اليومين من كل أسبوع (ص 2 من كتاب: نظام التعليم العربى، لآدم الألورى، وربما نقله من المدخل لابن الحاج ج 2 ص 227)
(9/126)
________________________________________
حد السرقة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل تقطع يد السارق فى كل حالات السرقة، وكيف يكون القطع؟

الجواب
قطع يد السارق فى السرقة عقوبة حَديَّة وليست تعزيرية، ولابد من الاحتياط والتأكد من توافر أركان الجريمة، بناء على قوله صلى الله عليه وسلم "ادرءوا الحدود بالشبهات " وفى رواية "ادرءوا الحدود ما وجدتم لها موقعا" وفى موضع آخر من هذا الكتاب تخريج هذا الحديث.
ومن الشروط التى تتحقق بها السرقة الموجبة للحد بالنسبة للسارق البلوغ والعقل والاختيار وعدم وجود شبهة للسارق فى الشىء المسروق - وتوضيح الشبهة يطول، وأن يكون المسروق مما يتمول ويملك، مع اختلاف الفقهاء فى هذا المعنى، وأن يبلغ المسروق نصابا فى الزكاة "ثمن خمسة وثمانين جراما من الذهب عيار (21) أو ثمن ستمائة جرام من الفضة تقريبا" وأن يكون المسروق فى حرز يناسبه، وفى تحديده خلاف.
ويثبت الحد بإقرار السارق أو شهادة عدلين، وإذا ثبت الحد فلا شفاعة فيه، وحديث المخزومية التى سرقت فقطع النبى صلى الله عليه وسلم يدها معروف، حيث رفض الشفاعة فيه، وأقسم أن فاطمة بنته لو سرقت لقطع يدها.
وعند عدم وجود الشهود يندب للقاضى أن يلقن السارق المعترف ما يمنع عنه إقامة الحد، كإنكاره السرقة، أو ادعاء أن المسروق ملكه، فإن أصر على اعترافه أقيم عليه الحد، وإن رجع لا يقام عليه الحد ولكن توقع عليه عقوبة تعزيرية.
والعقوبة إذا استوفت السرقة شروطها وأركانها هى الحد وهو قطع اليد، كما قال تعالى {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم} المائدة: 38 فتقطع يده اليمنى من المفصل وهو الكوع، فإذا سرق مرة ثانية تقطع رجله اليسرى، فإذا سرق مرة ثالثة قال أبو حنيفة: يعزر ويحبس، وقال الشافعى وغيره:
تقطع يده اليسرى فإن عاد قطعت رجله اليمنى، فإن عاد عزر وحبس.
قال العلماء: ومن التنكيل بالسارق وزجر غيره أمر الشارع بتعليق يده المقطوعة فى عنقه، روى أبو داود والنسائى والترمذى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بسارق فقطعت يده ثم أمر بها فعلقت فى عنقه
(9/127)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:54 pm

قول: فداك أبى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل قول الإنسان لآخر يحبه أو يحترمه: فداك أبى جائز؟

الجواب
قال النووى فى كتابه "الأذكار" ص 369: المذهب الصحيح المختار أنه لا يكره قول الإنسان لغيره: فداك أبى وأمى، أو جعلنى الله فداك، وقد تظاهرت على جواز ذلك الأحاديث المشهورة فى الصحيحين وغيرهما، وسواء كان الأبوان مسلمين أو كافرين. وكره بعض العلماء ذلك إذا كانا مسلمين، وكره مالك بن أنس أن يقال: جعلنى الله فداك. وأجازه بعضهم، وقال القاضى عياض: ذهب جمهور العلماء إلى جواز ذلك، سواء كان المفدَّى به مسلما أو كافرا، وأيد النووى ذلك لوجود أحاديث صحيحة كثيرة فى جوازه
(9/128)
________________________________________
الطريقة الرفاعية

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هى الطريقة الرفاعية وما هو منهجها؟

الجواب
الطريقة الرفاعية نسبة إلى الشيخ أحمد بن الحسين الرفاعى الذى ولد سنة 512 هـ فى بلدة "أم عبيدة" بأرض البطائح بالعراق، ومات بها يوم الخميس 12 من جمادى الأولى سنة 570هـ كما يقول الشعرانى فى" الطبقات الكبرى ج 1 ص 140 - 145 " أو سنة 572هـ كما تقول الدكتورة سعاد ماهر، ودفن هناك، أما الرفاعى الموجود فى مصر فمن نسله. وجاء فى الجزء الأول ص 304 من كتاب "مساجد مصر وأولياؤها" للدكتورة سعاد ماهر أنه ولد يتيما، وحفظ القرآن صغيرا، وتردد على مجالس العلماء والصوفية، وكسب قوته بعمله ويده، وكان يشترط على تلاميذه ومريديه أن يكون لهم عمل يكسبون منه العيش، وفى سن الخامسة والعشرين توفى خاله الشيخ منصور البطائحى بعد أن ولاه خلافة طريقته التى عبر عنها فى أقوال صريحة منها: طريقى دين بلا بدعة، وهمة بلا كسل، وعمل بلا رياء، وقلب بلا شغل، ونفس بلا شهوة.
أما ما ينسب إلى طريقته من إمساك الثعابين ووضع الأسياخ فى الجسد بدون دم ولا جرح فيقول ابن خلكان: لم نعثر فى ترجمة الرفاعى على ذلك أو إشارة لها من قريب أو بعيد. وعلق محمد فريد وجدى على أكلهم الحيَّات والجلوس على النار بأن ذلك لدخول الإنسان فى حالة غير اعتيادية، كما هو موجود عند الديانات الهندية القديمة. وذكر الصوفى ابن العربى نوعا من الرياضة الجسمانية والروحية تؤهل مزاوليها للقيام بأعمال خارقة.
ترك الرفاعى مؤلفات فى التوحيد والتفسير والحديث والتصوف والفقه، مثل كتاب: البهجة وشرح التنبيه فى الفقه الشافعى. ويمكن الرجوع إلى كتاب الطبقات للشعرانى لمعرفة كثير من الأقوال المأثورة عنه
(9/129)
________________________________________
الغيبة والزنا

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل تعتبر الغيبة أشد جرما من الزنا؟

الجواب
جاء فى "الترغيب والترهيب" للحافظ المنذرى: روى عن جابر ابن عبد الله وأبى سعيد الخدرى رضى الله عنهما قالا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الغيبة أشد من الزنا" قيل كيف؟ قال "الرجل يزنى ثم يتوب فيتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه" رواه ابن أبى الدنيا فى كتاب الغيبة، والطبرانى فى معجمه الأوسط والبيهقى، ورواه البيهقى أيضا عن رجل لم يُسَمَّ عن أنس، ورواه عن سفيان بن عيبنة غير مرفوع وهو الأشبه.
يعنى هذا الحديث ليس منسوبا إلى النبى صلى الله عليه وسلم بطريق صحيح، وهو من قول بعض الصحابة ولعله يريد بذلك التنفير والتحذير، والتعليل بعدم مغفرة الغيبة إلا بمغفرة من اغتيب موجود أيضا فى الزنا إذا كان بالغصب، فلا يغفر إلا بمسامحة المزنى بها أو من له حق من زوج أو ولى.
هذا، والمحرمات كلها معاصٍ يجب البعد عنها دون تفريق بين الصغائر والكبائر، ولا بين كبيرة وما هو أكبر منها، وعند التوبة من المعاصى لكل منها طريقة تختلف عن الأخرى وبخاصة الكبائر مع التنبيه على أن الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة
(9/130)
________________________________________
تطويل الإمام

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للإمام أن يطيل فى الركعة حتى يدركه من يسمعه يقول: إن الله مع الصابرين؟

الجواب
لا مانع من إطالة الإمام فى الركعة الأولى حتى يدركه من يريدون الاقتداء به عند شعوره بقدومهم أو سماع قولهم: إن الله مع الصابرين. ففى حديث أبى قتادة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يطول فى الأولى، قال: فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى. وعن أبى سعيد قال: لقد كانت الصلاة تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضى حاجته ثم يتوضأ ثم يأتى ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى الركعة الأولى مما يطولها، رواه مسلم وأحمد والنسائى وابن ماجه
(9/131)
________________________________________
ستر العورة فى الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يشاهد فى بعض الأندية الرياضية توجُّهُ الشبان للصلاة بالشورت، فهل تصح بهذه الملابس؟

الجواب
الصلاة وقفة من العبد أمام الله سبحانه، يسبحه ويمجده ويطلب الهداية منه فى مناجاة بقراءة القرآن، وفى تذلل بالركوع والسجود، ومن أدب هذه العبادة ستر العورة إلى جانب الطهارة واستقبال القبلة، قال تعالى {يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} الأعراف: 21 والمراد بالزينة ما يستر العورة، وبالمسجد الصلاة فى بعض أقوال المفسرين، أى عليكم أن تستروا عوراتكم عند كل صلاة، وسترها يكون بشىء يحجب لون الجلد حتى لو كان ضيقا يحددها.
وتحديد العورة يختلف فيه الرجل عن المرأة، أما المرأة فعورتها جميع بدنها ما عدا وجهها وكفيها، لقوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} النور: 31 فصلاتها مع انكشاف شىء منها باطلة وتجب إعادتها، والمالكية جعلوا لها عورة مغلَّظة تبطل الصلاة بعدم سترها، وهى ما عدا الأطراف من جسمها، أما المخففة كالرأس وما تحت الركبة فتصح الصلاة مع كشفها وإن كان كشفها حراما أو مكروها، ويستحب إعادتها مستورة فى الوقت، وأما عورة الرجل فى الصلاة فالسوأتان تبطل الصلاة بعدم سترهما، وأما عداهما من الفخذ والسرة والركبة، فقد اختلفت فيه الآراء، فجمهور الفقهاء على أنه عورة يجب ستره لحديث رواه أحمد والحاكم والبخارى فى تاريخه أن النبى صلى الله عليه وسلم مرَّ على معمرٍ وفخذاه مكشوفتان فقال له "غطِّ فخذيك فإن الفخذين عورة" وقال مثل ذلك لرجل آخر كما رواه مالك وحسنه الترمذى.
ومن هنا يرى جمهور الفقهاء أن الصلاة بالشورت الذى يكشف عن الفخذين باطلة. ومعنى هذا أن الذين يمارسون الألعاب الرياضية بالملابس القصيرة لا تصح صلاتهم إلا بملابس ساترة عند الجمهور، ومن أجل الحاجة أو الضرورة يمكن أن يتبعوا رأى من يقول: إن الفخذ ليس بعورة استنادا إلى حديث رواه البخارى عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه أى كشفها حتى إنى لأنظر إلى بياض فخذه، وبهذا أخذ الإمام مالك رضى الله عنه.
لكن الأدب مع الله يقضى باتباع رأى الجمهور لأنه الأحوط، ولا يلجأ إلى غيره إلا عند الضرورة أو الحاجة كضيق الوقت وعدم وجود ثوب سابغ
(9/132)
________________________________________
صلاة الجماعة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أنا أسكن فى عمارة فى أسفلها زاوية للصلاة، هل يجوز لى أن أصلى وأنا فى مسكنى خلف الإمام الذى يصلى فى الزاوية مع العلم بأنى أعلم بكل أعماله فى الصلاة عن طريق مكبر الصوت؟

الجواب
صلاة الجماعة تفضل صلاة المنفرد ببضع وعشرين درجة، وقد بيَّن الحديث سبب مضاعفة الثواب بقوله "وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه ما دام فى مُصَلاَّه ما لم يحدث: اللهم صَلِّ عليه اللهم ارحمه، ولا يزال فى صلاة ما انتظر الصلاة" فالحديث يحث على صلاة الجماعة فى المسجد حتى يضاعف الثواب بالخطوات والانتظار فيه حتى تقام الصلاة، وبعد الصلاة لختامها.
وهذه المضاعفة لا توجد فى صلاة المنفرد فى بيته بل لو صلاها جماعة فى بيته سيضيع منه ثواب الخطوات والمكث فى المسجد، إن كان للجماعة أيَّاً كان ثواب إن شاء الله.
وقد شرط العلماء لصحة صلاة الجماعة التمكن من ضبط أفعال الإمام إذا كان المأموم خارج المسجد الذى يصلى فيه الإمام وألا تزيد المسافة بينهما على ثلثمائة ذراع، وألا يكون بينهما حائل يمنع وصول المأموم إلى الإمام لو أراد بدون انحراف عن القبلة، بمعنى أن الذى يريد أن يصلى جماعة فى مسكن بالعمارة التى فى أسفلها مسجد فيه إمام يصلى هل يستطيع النزول إليه على السلم دون انحراف عن القبلة؟ إن أمكن صحت الجماعة وإلا فلا، هكذا قال الإمام الشافعى. ولكن الإمام مالكا يحكم بصحة الجماعة ما دام المأموم متمكنا من ضبط أفعال الإمام عن طريق مكبر الصوت.
والإمام أحمد يشترط رؤية المأموم للإمام أو مَن وراء الإمام، وهذا لا يحصل فى الصورة الواردة فى السؤال.
فالخلاصة أن صلاة الجماعة فى صورة السؤال صحيحة عند الإمام مالك، باطلة عند غيره
(9/133)
________________________________________
إمامة الصبى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
عندنا مسجد فى القرية ليس له إمام مخصوص، ولكن يوجد صبى يحفظ بعض القرآن الكريم يصلى بنا جماعة أحيانا فقال بعض المصلين: إن صلاته بهم لا تجوز لأنه صغير ولأن المأمومين أكبر منه، فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب
روى مسلم وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم" والمراد بالقراءة هنا كثرة الحفظ ومعرفة أحكام الدين، أى أفقههم كما قال بعض العلماء.
وروى البخارى وغيره أن عمرو بن سلمة نقل عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال "فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا" فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا منى فقدمونى بين أيديهم وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين، وجاء فى رواية النسائى أنه ابن ثمان سنين، وجاء فى رواية أحمد وأبى داود أنه قال: فما شهدت مجمعا من جَرْمٍ - وهم قومه- إلا كنت إمامهم إلى يومى هذا.
بناء على ما تقدم يجوز للصبى أن يكون إماما لمن هم أكبر منه سنًا، وبخاصة إذا تميز عنهم بالتفقه فى الدين، وهذا ما قال به الإمام الشافعى رضى الله عنه، أما الإمام مالك فقد كره أو منع ذلك فى الفرائض وأما أبو حنيفة وأحمد، فقد اختلفت الرواية عنهما، والمشهور عنهما كما قال ابن حجر فى كتابه "فتح البارى" أنهما يجوزان أن يكون الصبى إمامًا فى النوافل كالتراويح والعيدين دون الفرائض، لكن هذه التفرقة لا معنى لها، لأن حديث عمرو فيه أذان للصلاة ثم الإمامة، والأذان لا يكون إلا للفريضة دون النافلة.
والذين منعوا إمامة الصبى أو كرهوها فى الفريضة استندوا إلى أثر عن ابن مسعود بأنه لا يؤم الغلامُ حتى تجب عليه الحدود، أى حتى يكلَّف بالبلوغ، وكذلك أثرٌ مثله عن ابن عباس رواهما الأثرم فى سننه، وليسا مرفوعين إلى النبى صلى الله عليه وسلم بل هما رأيان لهما، وفى مثل هذا المقام يقدم الحديث المرفوع على الكلام الموقوف على الصحابى، كما يقدم ما رواه البخارى ومسلم على ما رواه الأثرم.
والموضوع موضح فى نيل الأوطار للشوكانى، وخلاصته أن إمامة الصبى فى الفرائض جائزة وصحيحة عند الشافعى ويمكن الأخذ به في الصبى يصلى بوالدته وإخوته وأخواته، والتلميذ يصلى بزملائه، لكنها غير جائزة عند الأئمة الاخرين، والبالغ إن وجد أولى من الصبى
(9/134)
________________________________________
تغير المكان لكل صلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نرى بعض الناس إذا انصرفوا من صلاة الجماعة لصلاة السنة تبادلوا الأمكنة التى كانوا فيها، ولا يصلون السنة فى المكان الذى صلوا فيه الفريضة، فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب
روى أحمد وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى أن يوطِّن الرجلُ المكان فى المسجد كما يوطن البعير (فعله: أوْطَن أو وطَّن.) .
تحدث العلماء عن هذا الحديث وقالوا: يكره للرجل أن يتخذ له مكانا خاصا فى المسجد لأداء الصلاة فيه، بحيث يمنع غيره أن يصلى فيه، وقد يكون هذا المكان مفضلا كالروضة الشريفة فى المسجد النبوى، فلا يصح استئثار جماعة أو واحد به، بل يدع الفرصة لغيره أن ينال شرف الصلاة فيه.
والذى يغير مواضع صلاته فى المسجد ولا يلتزم مكانا معينا قد يخشى أن يقع تحت طائلة هذا الحديث. ولكن المعقول أنَّ تنقل المصلى فى عدة أماكن من المسجد يُقصد منه كثرة ما يشهد له يوم القيامة بعمل الخير، فإن الثابت أن أشياء كثيرة تكون شاهدة للإنسان أو عليه يوم القيامة، كما قال تعالى {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} النور: 24 وقال: {وقالوا لجلودهم لِمَ شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء} صح فى الحديث الذى رواه البخارى وغيره أن المؤذن لا يسمع صوته شجر ولا مدر ولا حجر ولا جن ولا إنس إلا شهد له يوم القيامة.
والرجل الذى يريد أن يصلى فى مواضع متعددة من المسجد أو من غيره يريد أن تكثر الشهود له يوم القيامة بالصلاة، والإنسان فى هذا اليوم محتاج إلى كل شاهد يشهد له بالخير ويشفع له. قال تعالى {إذا زلزلت الأرض زلزالها. وأخرجت الأرض أثقالها. وقال الإنسان مالها. يومئذ تحدث أخبارها. بأن ربك أوحى لها} يقول المفسرون: أى تخبر الأرض بما عمل عليها من خير أو شرٍّ يوم القيامة، وروى الترمذى بسند حسن صحيح، أن النبى صلى الله عليه وسلم لما قرأ هذه الأية قال "أتدرون ما أخبارها"؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال "فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل يوم كذا، كذا وكذا".
هذا وقد روى أبو داود وابن ماجه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا يصلى الإمام فى مقامه الذى صلَّى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه" كما رويا أنه قال "أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله" يعنى فى النفل، وفى إسناده هذين الحديثين مقال. "نيل الأوطار ج 3 ص 209" ولكن تغيير مكان الصلاة للنوافل مشروع رجاء تعدد مواضع السجود التى تشهد للمصلى
(9/135)
________________________________________
إضافات للأذان

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل صحيح أنه كان فى زمن السلف سلام بعد الأذان على الخلفاء والأمراء؟

الجواب
الوارد فى التاريخ أن بلالا كان إذا فرغ من الأذان يقف على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: السلام عليك يا رسول الله.
وربما قال: السلام عليك بأبى أنت وأمى يا رسول الله، حى على الصلاة، حى على الصلاة السلام عليك يا رسول الله. قاله الأستاذ الكتانى فى كتابه "التراتيب الإدارية" ج 1 ص 75.
فلما ولى أبو بكر رضى الله عنه كان المؤذن سعد القرظى يقف على بابه فيقول: السلام عليك يا خليفة رسول الله ورحمة الله وبركاته، حى على الصلاة، حى على الفلاح الصلاة يا خليفة رسول الله، فلما استخلف عمر رضى الله عنه كان سعد يقف على بابه ويقول مثل ما يقول لأبى بكر. فلما قال عمر للناس: أنتم المؤمنون وأنا أميركم، فدُعى أمير المؤمنين، صار المؤذن إذا أذن يقول بعد الأذان: السلام عليك يا أمير المؤمنين ... فلما ولى عثمان بن عفان رضى الله عنه كان العمل على هذا.
وما برح المؤذنون إذا أذنوا سلَّموا على الخلفاء، ثم يقيمون الصلاة بعد السلام، فيخرج الخليفة أو الأمير فيصلى بالناس، هكذا كان العمل مدة أيام بنى أمية وبنى العباس فى مصر والشام والحجاز وسائر الأمصار.
وفى مصر، عندما ملك الفاطميون أمر جوهر الصقلى أن يكون الأذان على عمل آل البيت، فزيد فيه "حى على خير العمل " وأصله فى مسند ابن أبى شيبة، فكان المؤذن بعد الأذان يقف على باب القصر ويقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين. وربما قال بعد ذلك: الصلاة والسلام عليك يا أمير المؤمنين وعلى آبائك الطاهرين. فلما زالت دولة الفاطميين وجاءت الدولة الأيوبية نبذ صلاح الدين كل ما كان لهم من شعار، فبدَّل السلام على الخليفة بالسلام على رسول الله، فكان المؤذن بعد الأذان يقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته.
وربما قال: الصلاة والسلام.
كان هذا العمل قاصرا على قصر الإمارة فقط، يعنى فى المسجد السلطانى ونحوه فلما كان أيام الملك الصالح نجم الدين أيوب آخر ملوك الأيوبيين أمر جميع المؤذنين فى مصر والقاهرة أن يقولوا على المنابر عقب الأذان: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، وأن يقتصر فى ذلك بعد أذان العشاء الأخيرة، فظل العمل على هذا إلى زمن المنصور حاجى بن الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن المنصور قلاوون، فأمر أن يقال ذلك بعد أذان الفجر وبعد كل أذان ما عدا المغرب، فما برح المؤذنون على ذلك إلى وقتنا هذا "مجلة الإسلام المجلد الثانى، العدد الحادى والأربعون، بقلم حسن محمد قاسم".
يؤخذ من هذا أنه لا بأس من الصلاة والسلام على النبى صلى الله عليه وسلم عقب الأذان ويكون من باب التثويب الذى استحسنه المتأخرون، مبالغة فى إعلام الناس بدخول الوقت وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن. وجاء فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة أن بعض الخلف زادوا عقب الأذان وقبله أمورا، منها: الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم عقبه، ومنها التسابيح والاستغاثات قبله بالليل ونحو ذلك، وهى بدع مستحسنة، لأنه لم يرد، فى السنة ما يمنعها، وعموم النصوص يقتضيها، وقال الشافعية والحنابلة: إن الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم عقب الأذان سنة. وأكرر التنبيه على أنه لا تجوز المسارعة بالحكم بالبدعة على الشىء والواجب هو التريث والتأنى والبحث والدرس، حتى لا يتفرق المسلمون شيعا من أجل حكم شرعى فرعى فى أمر اختلفت فيه آراء الفقهاء الأعلام منذ القرون الأولى.
"راجع مقال الشيخ عبد الرحمن خليفة المنشور فى مجلة الإسلام المجلد الثانى - العدد 48 "
(9/136)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:55 pm

التبليغ خلف الإمام

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى رفع بعض المأمومين صوته ليعلم المأمومون حركات الإمام؟

الجواب
التبليغ خلف الإمام مشروع، ودليله ما رواه مسلم عن جابر: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يسمع الناس تكبيره، وروى ذلك عن عائشة أيضا، وعلق النووى فى شرح صحيح مسلم على ذلك بجواز رفع الصوت بالتكبير ليسمعه الناس ويتبعوه، وأنه يجوز للمقتدى اتباع صوت المكبر، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور ونقلوا الإجماع فيه، وأراه يصح الإجماع فيه، فقد نقل القاضى عياض عن مذهبهم أن منهم من أبطل صلاة المقتدى، ومنهم من لا يبطلها، ومنهم من قال: إن أذن له الإمام فى الإسماع صح الاقتداء به، وإلا فلا، ومنهم من أبطل صلاة المستمع ومنهم من صححها، ومنهم من قال: إن تكلف صوتا بطلت صلاته وصلاة من ارتبط بصلاته. وهذا كله ضعيف والصواب جواز كل ذلك وصحة صلاة المسمع والسامع ولا يعتبر إذن الإمام. انتهى.
ذكر هذا السيد الحموى فى رسالته "القول البليغ فى حكم التبليغ" مجلة الإسلام -العدد 22 فى 30 أغسطس 1935.
وجاء فى فقه المذاهب الأربعة "نشر أوقاف مصر" أن من سنن الصلاة جهر الإمام بالتكبير والتسميع - سمع الله لمن حمده - والسلام، لإعلام من خلفه، فإن كان من خلفه يسمعه كره التبليغ من غيره، لعدم الاحتياج إليه. ويجب أن يقصد المبلغ -سواء كان إماما أو غيره - الإحرام للصلاة بتكبيرة الإحرام، فلو قصد الإعلام فقط لم تنعقد صلاته - الشافعية قالوا: إذا قصد بتكبيرة الإحرام الإعلام والإحرام لا تنعقد صلاته أيضا.
أما غير تكبيرة الإحرام من تكبيرات الانتقال والتسميع والتحميد فإن قصد بها التبليغ فقط فلا تبطل صلاته، وإنما يفوته الثواب والشافعية قالوا: إذا قصد بهذه الأشياء مجرد التبليغ أو لم يقصد شيئا بطلت صلاته.
أما إن قصد التبليغ مع الذكر فإن صلاته صحيحة، بخلاف تكبيرة الإحرام كما تقدم
(9/137)
________________________________________
الدعاء فى الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هى أحسن الأدعية التى تقال فى الصلاة؟

الجواب
الصلاة فى اللغة معناها الدعاء ومنه قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم} أى ادع لهم بالبركة والنماء عند أخذ الزكاة، وهى فى الشرع أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم.
فالصلاة التى نُصليها فيها إلى جانب الأفعال كالركوع والسجود أقوال كقراءة الفاتحة والتشهد والتسبيح والتكبير والدعاء فى السجود وغيره، فهناك علاقة وثيقة بين الدعاء والصلاة لأنها مناجاة لله مع حركات تشهد بالإخلاص فى هذه المناجاة.
وقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة بما فيها من أقوال وأفعال، بيَّنها بفعله، وبقوله، وقال "صلوا كما رأيتمونى أصلى" رواه البخارى ونظم الدعاء والذكر وجعل له مواطن هو أولى وأجدر بها، وكتب السنة مملؤة بما كان يقوله صلى الله عليه وسلم فى كل ركن من أركان الصلاة.
وفى السجود بالذات حث النبى صلى الله عليه وسلم على كثرة الدعاء وقال فى سبب ذلك كما رواه مسلم "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء" لكن هل هناك دعاء فى غير السجود؟ نعم هناك دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام وصح منه: اللهم باعد بينى وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقنى من خطاياى كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
وفى الركوع ثبت أن النبى كان يقول "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لى" رواه البخارى ومسلم وفى الاعتدال من الركوع دعاء هو قنوت الصبح وقنوت الوتر، وفى الجلوس بين السجدتين كان يقول "رب اغفر لى وارحمنى واجبرنى وارفعنى وارزقنى واهدنى وعافنى" رواه البيهقى، وبعد التشهد الأخير ثبت أنه كان يقول: " اللهم إنى ظلمت نفسى ظلما كثيرا كبيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لى مغفرة من عندك وارحمنى إنك أنت الغفور الرحيم" رواه البخارى ومسلم، وهناك أدعية أخرى غير ذلك جمعها كتاب الأذكار للنووى.
فالصلاة من أولها إلى آخرها محل للدعاء، وأولى بالدعاء المواطن التى بيَّنها النبى صلى الله عليه وسلم كما سبق، وقد ثبت أنه فى صلاة طويلة كان يقرأ القرآن فإذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ومع ذلك لو دعا الله فى أى مكان فصلاته لا تبطل. غير أنى أنبه إلى أن بعض الفقهاء قال إن الصلاة تبطل لو دعا الإنسان بما يشبه كلام الناس، مثل اللهم زوجنى فلانة، فالأولى أن يكون بغير ذلك، سواء أكان مأثورا عن النبى صلى الله عليه وسلم أم غير مأثور مع مراعاة الخشوع فى الصلاة كلها، فهو أرجى لقبولها وقبول ما فيها من دعاء
(9/138)
________________________________________
صلاة الصبح

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما معنى قول النبى صلى الله عليه وسلم "من صلى الصبح فهو فى ذمة الله، فلا يطلبنه الله من ذمته بشىء، فإنه من يطلبه من ذمته بشىء يدركه، ثم يكبه على وجهه فى نار جهنم"؟

الجواب
روى هذا الحديث مسلم فى صحيحه، وجاء فى رواية لابن ماجه والطبرانى بسند صحيح قوله صلى الله عليه وسلم "من صلى الصبح فى جماعة فهو فى ذمة الله فمن أخفر ذمة الله كبه الله فى النار لوجهه ".
والذمة هى الأمان والعهد والضمان، والذى يصلى الصبح فى جماعة هو فى ضمان الله ووقايته، وكلمة خفر الثلاثية تفيد الحراسة والأمن والضمان، يقال: خفر الرجل الرجل إذا حرسه وأمنه وأخفر، بزيادة الهمزة تفيد عكس ما تفيده خفر الثلاثية، يقال: أخفر الرجل الرجل إذا أزال ضمانه ونقض عهده.
والحديث يبين فضل صلاه الصبح وبخاصة إذا كانت فى جماعة، والذى يحرص عليها يستيقظ مبكرا ليدركها قبل فوات وقتها بطلوع الشمس. والبكور فيه الخير والبركة وهو فترة النشاط التى يجب أن تستغل استغلالا طيبا، وقد دعا النبى صلى الله عليه وسلم لأمته أن يبارك الله لها فى بكورها.
فالذى يبكِّر ويصلى الصبح يكون فى حماية الله وحراسته من السوء جزاء محافظته على الصلاة التى يعارضها هوى النفس فى الكسل والتباطؤ وعدم مغادرة الفراش، ومن جاهد نفسه أول النهار استطاع أن يجاهد ما يعترضه طول النهار من فتن ومغريات، والله سبحانه يقول {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} :
العنكبوت: 69 فالله سبحانه يحذر أى إنسان أن ينال هذا الشخص بسوء لأنه فى حماية الله،ومن تعدى عليه طعن فى حراسة الله له ولم يحترم حماه،والله يغضب لذلك غضبا شديدا ومن غضب عليه أنزل به عقابه ولن يفلت منه، فهو يتعقبه كما يتعقب صاحب الدم من قتل قريبه، ليثأر له أو من أهان شرفه ليغسل العار عنه وعقاب الله لمن يخفر ذمته بالتعدى على من صلَّى الصبح سيكون بإذلاله وإهانته وكبه على وجهه فى النار.
واحتراما لهذا الحديث وخوفا من التهاون فيما جاء به ذكر التاريخ أن الحجاج بن يوسف الثقفى، وهو المعروف بشدة بطشه وجبروته أمر سالم بن عبد الله بن عمر أن يقتل رجلا، فسأل سالم هذا الرجل وقال له: هل صليت الصبح؟ قال نعم؟ فقال له: انطلق فلن أمسك بسوء، فلما سأله الحجاج: لِمَ لم تقتله؟ قال لأنه صلَّى الصبح فكان فى جوار الله فكرهت أن أقتل رجلا أجاره الله.
والحديث إذا كان يحثنا على المحافظة على الاستيقاظ المبكر لأداء صلاة الصبح فى وقتها فهو يحثنا أيضا على أداء كل الصلوات فى أوقاتها، ويحثنا على احترام من يحافظون على الصلوات فأولئك هم المؤمنون، والله سبحانه يقول: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} الحج: 38
(9/139)
________________________________________
الحركة أثناء الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نرى بعض المصلين يحرك يديه عدة مرات، فهل تبطل صلاته؟

الجواب
المفروض فى المصلِّى أن يحسَّ بأنه واقف بين يدى الله يناجيه بالمدح والثناء ويدعوه بالهداية والمغفرة، ويظهر له عمليا خضوعه وخشوعه وتواضعه بالركوع والسجود، ولا يوجد موقف للإنسان يستحق الاهتمام كهذا الموقف، ومن هنا كان عليه أن يكون ساكن الجوارح فى غير ما شرع له، لا يعبث بلحيته ولا ينسق من ملبسه مثلا، ولا يبرح مكانه ولا يعمل إلا ما أذن له فيه من مثل رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع والرفع منه، ومثل الركوع والسجود والالتفات عند الانصراف من الصلاة بالتسليم.
وللفقهاء كلام فى ضبط الأفعال التى تبطل الصلاة، فاتفقوا على أن من المبطلات العمل الكثير الذى ليس من جنس الصلاة، وهو ما يخيل إليه أن فاعله ليس فى الصلاة، وهذا العمل الكثير مبطل للصلاة سواء وقع عمدا أو سهوا، وأما ما دون ذلك فلا يبطلها، وجاء فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة: أن الشافعية حددوا العمل الكثير بنحو ثلاث خطوات متواليات يقينا وما فى معنى هذا، كوثبة واحدة كبيرة، ومعنى تواليها ألا تُعدَّ إحداها منقطعة عن الأخرى على الراجح.
وأن الحنفية قالوا: العمل الكثير ما لا يشك الناظر إليه أن فاعله ليس فى الصلاة فإن اشتبه الناظر فهو قليل على الأصح.
وأن المالكية قالوا: ما دون العمل الكثير قسمان: قسم متوسط كالانصراف من الصلاة، وهذا يبطل عمده دون سهوه، وقسم يسير جدًّا كالإشارة وحك البشرة، وهذا لا يبطل عمده ولا سهوه
(9/140)
________________________________________
تعدد الجماعات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز تعدد الجماعة فى وقت واحد وفى مسجد واحد؟

الجواب
جاء فى تفسير القرطبى "ج 8 ص 257 " عند الكلام على مسجد الضرار الذى يفرق بين جماعة المسلمين أن الإمام مالكا، قال: لا تصلَّى جماعتان فى مسجد واحد بإمامين، خلافا لسائر العلماء: وقد روي عن الشافعى المنع، حيث كان تشتيتا للكلمة.
وجاء فى فقه المذاهب الأربعة "نشر وزارة الأوقاف المصرية" عن تكرار الجماعة فى المسجد الواحد -أن الحنابلة قالوا: إذا كان الإمام الراتب يصلى بجماعة فيحرم على غيره أن يصلى بجماعة أخرى وقت صلاته، كما يحرم أن تقوم جماعة قبل صلاة الإمام الراتب، بل لا يصح صلاه جماعة غير الإمام الراتب فى كلتا الحالتين، ومحل ذلك إذا كان بغير إذن الإمام الراتب، أما إذا كان بإذنه فلا يحرم.
والشافعية قالوا: تكره إقامة الجماعة فى مسجد بغير إذن إمامه الراتب مطلقا، قبله أو بعده أو معه، إلا إذا كان المسجد مطروقا أو ليس له إمام راتب أو له وضاق المسجد عن الجميع أو خيف خروج الوقت، وإلا فلا كراهة.
والمالكية قالوا: تحرم إقامة جماعة مع جماعة الإمام الراتب، لأن القاعدة عندهم أنه متى أقيمت الصلاة للإمام الراتب فلا يجوز أن تصلَّى صلاة أخرى، فرضا أو نفلا، لا جماعة ولا فرادى. ويتعين على من فى المسجد الدخول مع الإمام إذا كان لم يصل هذه الصلاة المقامة أو صلاها منفردا.
أما إذا كان قد صلاها جماعة فيتعين عليه الخروج من المسجد لئلا يطعن على الإمام.
وإذا وجد بمسجد واحد أئمة متعددة مرتبون، فإن صلوا فى وقت واحد حرم، لما فيه من التشويش، وإذا ترتبوا، بأن يصلى أحدهم فإذا انتهى من صلاته صلى الآخر وهكذا فهو مكروه على الراجح
(9/141)
________________________________________
تشبيك الأصابع فى المسجد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
فى أثناء انتظارى للصلاة فى المسجد شبكت أصابعي وأنا جالس فقال لي بعض الحاضرين: إن التشبيك ممنوع، فهل هذا صحيح؟

الجواب
روى البخارى عن أبى موسى الأشعرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا" وشبَّك بين أصابعه.
وروى البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتى العشاء، فصلى بنا ركعتين ثم سلَّم فقام إلى خشبة معروضة فى المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى علي اليسرى وشبك بين أصابعه. قال ابن حجر: حديث أبي موسى دالّ على جواز التشبيك مطلقًا، وحديث أبي هريرة دالٌّ على جوازه فى المسجد، فهو فى غيره أجوز، ووقع فى بعض نسخ البخارى قبل هذين الحديثين حديث آخر عن ابن عمر قال: شبَّك النبى صلى الله عليه وسلم أصابعه. قال مغلطاى: هذا الحديث ليس موجودا فى أكثر نسخ البخارى، وقال ابن حجر: هو ثابت فى رواية حماد بن شاكر عن البخارى. قال ابن بطال: المقصود من هذه الترجمة معارضة ما ورد فى النهى عن التشبيك فى المسجد، وقد وردت فيه مراسيل ومسند من طرق غير ثابتة. وقال ابن المنير: التحقيق أنه ليس بين الأحاديث تعارض، إذ النهى عنه فعله على وجه العبث. وجمع الإِسماعيلي بأن النهى مقيد بما إذا كان فى الصلاة أو قاصدا إليها، إذ منتظر الصلاة فى حكم الصلاة.
وقيل: إن حكمة النهى لمنتظر الصلاة أن التشبيك يجلب النوم، وهو من مظان الحدث، وقيل: إن صورته تشبه صورة الاختلاف، فكره ذلك لمن هو فى حكم الصلاة حتى لا يقع في النهى عنه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم للمصلين "ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم".
وفى البخارى والبيهقى فى شعب الإِيمان عن ابن عمر رضى الله عنهما:
رأيت رسول الله بفناء الكعبة محتبيا بيده هكذا - زاد البيهقى: وشبَّك بين أصابعه، وقد شبك النبى صلى الله عليه وسلم بين يديه فى عدة أحاديث ليس هذا محل إيرادها. وثبت فى الصحيحين فى قصة ذى اليدين أنه صلى الله عليه وسلم شبك بين أصابعه، وجزم فى "الإقناع" بأنه يكره له أن يشبك بين أصابعه من حين يخرج -يعنى للصلاة قال: وهو فى المسجد أشد كراهة، وفى الصلاة أشد وأشد. انتهى. ونقل فى الفروع كراهة تشبيك الأصابع فى الصلاة وأنها باتفاق الأئمة الأربعة.
واستدلوا بما رواه الترمذى وابن ماجه عن كعب بن عجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد شبك أصابعه فى الصلاة ففرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه.
قال السيوطى فى كتابه "حسن التسليك فى حكم التشبيك":
رخص فى التشبيك ابن عمر وسالم ابنه، فكانا يشبكان بين أصابعهما فى الصلاة، وقال مغلطاى: والتحقيق أنه ليس بين حديث النهى عن التشبيك وبين تشبيكه صلى الله عليه وسلم بين أصابعه معارضة، لأن النهى إنما ورد عن فعله فى الصلاة أو فى المضى إليها، وفعله صلى الله عليه وسلم للتشبيك ليس فى صلاة ولا فى المضى إليها، فلا معارضة إذن، وبقى كل حديث على حياله. انتهى.
وقسم بعض المتأخرين التشبيك إلى أقسام:
أحدها: إذا كان الإنسان فى الصلاة، ولا شك فى كراهته.
ثانيها: إذا كان فى المسجد منتظرًا للصلاة، أو وهو عامد إلى المسجد يريدها بعدما تطهر، والظاهر كراهته، كما رواه أحمد عن مولى لأبى سعيد الخدرى: بينما أنا مع أبى سعيد وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخلنا المسجد، فإذا رجل جالس وسط المسجد محتبيا مشبكا أصابعه، بعضها فى بعض، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفطن الرجل لإِشارته، فالتفت إلى أبى سعيد فقال "إذا كان أحدكم فى المسجد فلا يشبكن، فإن التشبيك من الشيطان، وإن أحدكم لا يزال فى صلاته ما كان فى المسجد حتى يخرج منه" ولحديث كعب بن عجرة " إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بيده فإنه فى صلاة" رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد، ورواه ابن خزيمة والحاكم عن أبي هريرة وقال: صحيح على شرطهما، ورواه الترمذى وكذا ابن حبان.
ثالثها - أن يكون فى المسجد، بعد فراغه من الصلاة، وليس يريد صلاة أخرى ولا ينتظرها فلا يكره، لحديث ذى اليدين.
رابعا: فى غير المسجد فهو أولى بالإباحة وعدم الكراهة. انتهى. وبعد، فإن الموضوع لا يعْدُو مرتبة الكراهة، فهو ليس بمحرم، ومن شبك لا يعاقب على ذلك، ولا يجوز الإِنكار بشدة على من فعله، انظر: غذاء الألباب للسفارينى "ج 2 ص 263-266 "
(9/142)
________________________________________
حديث عن الجمعة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل من الحديث ما يقال: من بكَّر وابتكر وغسل واغتسل ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام ولم يتكلم، فله بكل خطوة يخطوها درجة وأجر سنة كاملة صيامها وقيامها؟

الجواب
قال النبى صلى الله عليه وسلم "من غسل يوم الجمعة واغتسل، وبكَّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها" رواه أحمد وأبو داود والترمذى عن أوس بن أوس الثقفى وقال: حديث حسن. ورواه النسائى وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما والحاكم وصححه. ورواه الطبرانى فى معجمه الأوسط من حديث ابن عباس.
قال الخطابى: قوله عليه الصلاة والسلام " غسل واغتسل وبكر وابتكر" اختلف الناس فى معناه فمنهم من ذهب إلى أنه من الكلام المتظاهر الذى يراد به التوكيد، ولم تقع المخالفة بين المعنيين لاختلاف اللفظين، وقال: ألا تراه يقول فى هذا الحديث "ومشى ولم يركب" ومعناهما واحد.. .
وإلى هذا ذهب الأثرم صاحب أحمد بن حنبل.
وقال بعضهم: قوله "غسل" معناه غسل الرأس خاصة، وذلك لأن العرب لهم لِمَمٌ وشعور -واللمم جمع لمة، وهى الشعر الذى يجاوز شحمة الأذن- وفى غسلها مؤنة، فأراد غسل الرأس من أجل ذلك، وإلى هذا ذهب مكحول.
وقوله "واغتسل" معناه غسل سائر الجسد. وزعم بعضهم أن قوله "غسل " معناه أصاب أهله -بالجماع- قبل خروجه إلى الجمعة، ليكون أملك لنفسه وأحفظ فى طريقه لبصره. وقوله "وبكر وابتكر" زعم بعضهم أن معنى "بكر، أدرك باكورة الخطبة وهى أولها، ومعنى "ابتكر" قَدِم فى الوقت، وقال ابن الأنبارى: معنى " بكر " تصدق قبل خروجه، وتأول فى ذلك ما روى فى الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم "باكروا بالصدقة فان البلاء لا يتخطاها" ذكر ذلك الحافظ المنذرى فى كتابه "الترغيب والترهيب" فى كتاب الجمعة
(9/143)
________________________________________
صلاة الكفارة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
قام بعض الناس بتوزيع ورقة مكتوب فيها: صلاة الكفارة، مع حديث طويل فى كيفيتها منسوب للنبى صلى الله عليه وسلم، جاء فيه أن من فاتته صلاة فى عمره ولم يحصها يصلى فى آخر جمعة من رمضان أربع ركعات بتشهد واحد يقرأ فى كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة القدر خمس عشرة مرة وسورة الكوثر كذلك، وهى كفارة أربعمائة سنة فى رواية أبا بكر وألف سنة فى رواية على، ولما كان ابن آدم يعيش ستين أو مائة سنة فالصلاة الزائدة تكون لأبويه وزوجته وأولاده وأقاربه وأهل البلد، وبعد الصلاة يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم مائة مرة، ويدعو بهذا الدعاء، وهو دعاء بطلب المغفرة.. فهل هذا الحديث بما جاء فيه صحيح، وما الذى يكفر الصلاة؟

الجواب
لم أعثر على هذا الحديث فى الكتب الصحيحة، وعلامة الوضع فيه ظاهرة، فالصلاة التى تفوت الإنسان لا يكفرها إلا قضاؤها، وقد مر فى ص 612 من المجلد الثانى من هذه الفتاوى أن من ترك الصلاة ناسيا لا يكفرِّها إلا قضاؤها كما صح فى الحديث، وإذا كان هذا فى الصلاة التى نام عنها أو سها عنها الإنسان فكيف بالصلاة المتروكة عمدا؟ إن قضاءها أولى بالوجوب.
إن الكلام المذكور يغرى الناس بترك الصلاة حيث يكفيهم عنها صلاة واحدة فى آخر جمعة من رمضان، ولم يقل بهذا أحد من العلماء، بل إنهم على الرغم من قبولهم الأحاديث التى تقول إن الصلاة الواحدة فى مسجد مكة بمائة ألف صلاة فيما سواه، وفى مسجد المدينة بألف وفى المسجد الأقصى بخمسمائة، يقولون بأنها لا تغنى عن الصلوات المفروضة ولا تقوم مقام الصلوات الفائتة، وإنما المراد كثرة ثواب الصلاة فى هذه الأماكن المقدسة.
وأحذّر من يقومون بترويج هذه المنشورات من تبعة العمل بما يروجونه، فهو أولا كذب على الله وعلى رسوله، والله تعالى يقول {إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} النحل: 116 والرسول صلى الله عليه وسلم يقول " من كذب علىَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخارى ومسلم.
وهو ثانيا سيتحمل وزر من يتهاونون فى الصلاة اكتفاء بصلاة الكفارة المزعومة {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون} العنكبوت: 13 "ومن سَنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة" رواه مسلم. والذين وضعوا هذا الكذب والمشاركون فى طبعه وتوزيعه داخلون فى هذه المسئولية
(9/144)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:56 pm

التسول فى المساجد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فيمن يدخل المسجد فى يوم الجمعة أو فى المناسبات، ويطلب من الناس معونة متظاهرًا بالمرض أو الحاجة، هل يجوز له ذلك وهل يجوز أن نتصدق عليه؟

الجواب
لقد ألف الإِمام السيوطى رسالة فى هذا الموضوع بعنوان " بذل العسجد لسؤال المسجد" ولخص الحكم فى قوله: السؤال فى المسجد مكروه كراهة تنزيه، وإعطاء السائل قُربة يثاب عليها، وليس بمكروه فضلا عن أن يكون حراما. هذا هو المنقول والذى دلت عليه الأحاديث، وأورد حديثا رواه أبو داود بإسناد جيد عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا"؟ فقال أبو بكر: دخلت المسجد فإذا أنا بسائل فوجدت كسرة فى يد عبد الرحمن فأخذتها فدفعتها إليه. ففيه دليل على أن السؤال فى المسجد ليس بحرام، وأن الصدقة عليه ليست مكروهة، حيث اطلع النبى صلى الله عليه وسلم على ذلك بإخبار أبى بكر ولم ينكره، ولو كان حراما لم يقر عليه، بل كان يمنع السائل من العود إلى السؤال بالمسجد، ولو ثبت أن هناك نهيا عن السؤال بالمسجد لكان محمولا على الكراهة التنزيهية وكان حديث أبي بكر صارفًا له عن الحرمة.
وقد نص النووى فى شرح المهذب على أنه يكره رفع الصوت بالخصومة فى المسجد ولم يحكم عليه بالتحريم، وكذا رفع الصوت بالقراءة والذكر إذا آذى المصلين والنيام نصوا على كراهته لا تحريمه. فالحكم بالتحريم يحتاج إلى دليل واضح صحيح الإِسناد غير معارض، ثم إلى نص من أحد أئمة المذاهب، وكل من الأمرين لا سبيل إليه.
وهذا الحديث أخرجه الحاكم فى المستدرك وقال: صحيح على شرط مسلم، قال المنذرى: وقد أخرجه مسلم فى صحيحه والنسائى فى سننه، والبخارى فى أحكام المساجد للزركشى.
ومن الأدلة حديث آخر رواه الطبرانى فى الأوسط عن عمار بن ياسر قال: وقف على علىٍّ بن أبى طالب سائل وهو راكع فى تطوع، فنزع خاتمه فأعطاه السائل، فنزلت {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} المائدة: 55 وذكر السيوطى طرقا أخرى لنزول هذه الآية وفيها تصدق علىٍّ وهو راكع، ثم ذكر حديثا للحاكم والبيهقى عن حذيفة بن اليمان قال: قام سائل على عهد النبى فسأله، فسكت القوم، ثم إن رجلا أعطاه فأعطاه القوم، فقال صلى الله عليه وسلم " من سَنَّ خيرا فاستن به فله أجره ومثل أجور من اتبعه غير منقص من أجورهم " وذكر أن الحديث الذى ذكره ابن الحاج فى كتابه "المدخل" وهو "من سأل فى المسجد فاحرموه" لا أصل له، وقال إن حكمنا بالكراهة مأخوذ من حديث النهى عن نشدان الضالة فى المسجد وقوله " إن المساجد لم تُبْن لهذا" قال النووى فى شرح مسلم: فى هذا الحديث النهى عن نشدان الضالة فى المسجد، ويلحق به ما فى معناه من البيع والشراء والإِجارة ونحوها وكراهة رفع الصوت فى المسجد بالعلم وغيره، وأجاز أبو حنيفة ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج الناس إليه لأنه مجمعهم فلا بد لهم منه اهـ.
وجاء فى " غذاء الألباب للسفارينى" "ج 2 ص 267" أن ابن تيمية سئل عن السؤال فى المسجد فقال: أصل السؤال محرَّم فى المسجد وخارج المسجد إلا لضرورة، فإن كانت ضرورة وسأل فى المسجد ولم يؤذ أحدًا كتخطيه رقاب الناس، ولم يكذب فيما يرويه ويذكر من حاله ولم يجهر جهرا يضر الناس مثل أن يسأل والخطيب يخطب، أو وهم يسمعون علما يشغلهم به ونحو ذلك جاز
(9/145)
________________________________________
التكبير فى الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
متى يجب رفع اليدين عند التكبير فى الصلاة؟

الجواب
التكبير فى الصلاة إما واجب وإما مندوب، فالواجب أو الفرض أو الركن هو تكبيرة الإحرام للدخول فى الصلاة، أما فى غير ذلك فمندوب عند الركوع والهوى إلى السجود والرفع منه والقيام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة.
أما رفع اليدين فهو سنة فى كل الأحوال، وليس بواجب، وذلك فى أربع حالات: الأولى عند تكبيرة الإِحرام، وذلك لفعل النبى صلى الله عليه وسلم، الذى رواه خمسون صحابيا منهم العشرة المشهود لهم بالجنة، وقال الحاكم -كما رواه البيهقى- لا نعلم سنة اتفق على روايتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة ثم العشرة المشهود لهم بالجنة فمن بعدهم من أصحابه -مع تفرقهم فى البلاد الشاسعة- غير هذه السنة.
والثانية والثالثة عند الركوع وعند الرفع منه، وذلك لفعل النبى صلى الله عليه وسلم كما رواه اثنان وعشرون صحابيا، ففى البخارى ومسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذْوَ منكبيه، ثم يكبر، فإذا أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد.
قال البخارى: ولا يفعل ذلك -أى رفع اليدين- حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود وقال مسلم مثل ذلك، أى لا يرفع يديه حين يرفع رأسه من السجود ولا بين السجدتين، وقال البيهقى: فما زالت تلك صلاته حتى لقى الله تعالى.
وأما الحالة الرابعة فعد القيام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة كما رواه البخارى وغيره
(9/146)
________________________________________
ما تعرف به القبلة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يشترط بعض الفقهاء استقبال عين الكعبة فى الصلاة، فكيف يعرفها من كان بعيدا عنها؟

الجواب
من كان فى القرى والأمصار التى فيها مساجد وبها محاريب لمعرفة القبلة كان عليه أن يلتزم الاتجاه إلى حيث تتجه المحاريب، وذلك خاص بالمحاريب التى نصبها الصحابة والتابعون، ولا يجوز الاتجاه إلى غيرها، وإلا بطلت صلاته، ومثلها المساجد التى اعتمد المسلمون محاريبها كما قال جمهور الفقهاء.
والمالكية خصصوا المحاريب التى لا يجوز التحرى مع وجودها بأربعة، التى هى: مسجد النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة ومسجد بنى أمية بالشام، ومسجد القيروان بشمالى أفريقيا ومسجد عمرو بن العاص بمصر القديمة.
أما غير هذه المحاريب، فإن كانت بالمصر -أى بالمدينة- وأقرها العارفون بالقبلة جاز لمن كان أهلا للاجتهاد والتحرى أن يقلدها، أما من لم يكن أهلا لذلك فيجب عليه أن يقلدها.
وإن كانت المحاريب بالقرى فلا يجوز لمن كان أهلا للاجتهاد والتحرى أن يقلدها، أما غيره فيقلدها وجوبا إن لم يجد مجتهدا يقلده.
والشافعية يجوِّزون -مع وجود المحاريب- الاستدلال على القبلة بالطرق المعروفة.
هذا الحكم هو بالنسبة للمحاريب الموجودة فى المساجد، فإذا لم توجد محاريب قال جمهور العلماء: يجب عليه أن يسأل أهل الثقة والخبرة إن وجدوا، وإلا اجتهد هو بنفسه، ولعل من أهل الثقة والخبرة " البوصلة " الحديثة المعتمدة من الخبراء، ومن وسائل الاجتهاد النظر فى مواقع الشمس والنجوم إن كان عالما بدلالتها، وللعلماء كلام كثير فى ذلك يطلب من مظانه.
والاجتهاد مهما كانت وسيلته ظنى لا يقينى، ولو تبين خطؤه بعد الصلاة فلا إعادة ولو كان التبين يقينا عند الجمهور، وتجب الإعادة عند الشافعية، أما تبين الخطأ أثناء الصلاة فإنه يضر، وهل يبطل الصلاة أو يلزم إتمامها على الظن الجديد؟ خلاف.
ثم قال العلماء: من ترك الاجتهاد وهو قادر عليه فصلاته باطلة عند الجمهور. هذا ملخص ما قاله العلماء فى فقه المذاهب، وجاء فى كتاب المغنى لابن قدامة "ج 1 ص 460، 461" قوله: قال بعض أصحابنا -أى الحنابلة- الناس فى استقبالها -أى القبلة- على أربعة أضرب:
1- فمنهم من يلزمه اليقين، وهو من كان معاينا للكعبة، أو كان بمكة من أهلها، أو ناشئا بها من وراء حائل محدث كالحيطان، ففرضه التوجه إلى عين الكعبة يقينا، وهكذا إن كان بمسجد النبى صلى الله عليه وسلم، لأنه متيقن صحة قبلته، فإن النبى صلى الله عليه وسلم لا يقر على خطأ.
2- ومنهم من فرضه الخبر -أى العلم- وهو من كان بمكة غائبا عن الكعبة من غير أهلها ووجد مخبرا يخبره، أو كان غريبا نزل بمكة فأخبره أهل الدار، وكذلك لو كان فى مِصْرٍ أو قرية، ففرضه التوجه إلى محاريبهم وقبلتهم المنصوبة، لأن هذه القبل ينصبها أهل الخبرة والمعرفة، فجرى ذلك مجرى الخبر فأغنى عن الاجتهاد، وإن أخبره مخبر من أهل المعرفة بالقبلة، إما من أهل البلد أو من غيره صار إلى خبره، وليس له الاجتهاد، كما يقبل الحاكم النص من المجتهد ولا يجتهد.
3-ومنهم من فرضه الاجتهاد، وهو من عدم هاتين الحالتين، وهو عالم بالأدلة.
4 -ومنهم من فرضه التقليد، وهو الأعمى ومن لا اجتهاد له وعدم الحالين، ففرضه تقليد المجتهدين. والواجب على هذين وسائر من بعد من مكة طلب جهة الكعبة دون إصابة العين.
قال أحمد: ما بين المشرق والمغرب قبلة. فإن انحرف عن القبلة قليلا لم يعد، ولكن يتحرى الوسط، وبهذا قال أبو حنيفة. وقال الشافعى فى أحد قوليه كقولنا، والآخر: الفرض إصابة العين، لقول الله تعالى: {وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} ولأنه يجب عليه التوجه إلى الكعبة فلزمه التوجه إلى عينها كالمعاين.
ولنا -أى دليل الحنابلة- قول النبى صلى الله عليه وسلم " ما بين المشرق والمغرب قبلة" رواه الترمذى وقال: حسن صحيح، وظاهره أن جميع ما بينهما قبلة، ولأنه لو كان الغرض إصابة العين لما صحت صلاة أهل الصف الطويل على خط مستو، ولا صلاة اثنين متباعدين يستقبلان قبلة واحدة، فإنه لا يجوز أن يتوجه إلى الكعبة مع طول الصف إلا بقدرها، وشطر البيت نحوه وقِبَلَه ثم ذكر ابن قدامة فى صفحة 495 أن دلالة المشرك على القبلة لا تتبع بحال من الأحوال، وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره ولا روايته ولا شهادته، لأنه ليس بموضع أمانة، انتهى.
فهل معنى ذلك أن الآلات التى يعرف بها اتجاه القبلة، ومنها "البوصلة" والتى صنعها غير المسلمين لا يجوز الاعتماد عليها؟ الأمر يحتاج إلى نظر، وبخاصة أنها منتشرة إلى حد كبير.
وجاء فى نيل الأوطار للشوكانى "ج 2 ص 175" بعد ذكر حديث "ما بين المشرق والمغرب قبلة" قوله: والحديث يدل على أن الفرض على من بعد عن الكعبة هو الجهة لا العين، وإليه ذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد، وهو ظاهر ما نقله المزنى عن الشافعى، وقد قال الشافعى أيضًا: إن شطر البيت وتلقاءه وجهته واحد فى كلام العرب. ثم ذكر أن أظهر القولين للشافعى أن فرض من بعد عن مكة هو العين، وأنه يلزمه ذلك بالظن
(9/147)
________________________________________
الصلاة والسلوك

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أى الشخصين أفضل، رجل لا يصلى ولكن أخلاقه وخدماته للناس كثيرة، أو رجل يصلى، ولكن معاملته مع الناس سيئة على الرغم من محافظته على الصلاة؟

الجواب
كلا الرجلين مخطئ، وتارك الصلاة معروف حكمه، إن تركها جحدا وإنكارا أو استهزاء فهو كافر، وأعماله الطيبة لا تنفعه فى الآخرة كما قال سبحانه {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} الفرقان: 23 وإن كانت خيراته عادت عليه بالخير فهو فى الدنيا فقط، وإن تركها كسلا وتهاونا فقد حكم بعض العلماء بكفره، وحكم بعضهم بفسقه، وإن مات على ذلك ولم يتب فأمره مفوض إلى ربه، وإن عذبه فى النار فمصيره الجنة.
وذلك كله بناء على حديث مسلم " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ".
والذي يصلى ولا يستقيم سلوكه مؤمن عاص أضاع ثواب صلاته، وردَّها الله عليه لأنها لم تثمر طيبا فى أخلاقه، والله سبحانه يقول {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت: 45 فالصلاة - كبقية العبادات - ليست علاقة خاصة بين العبد وربه، بل لابد أن ينعكس أثرها على السلوك الشخص والاجتماعى. وقد نعى الله على من يسهو عن الصلاة فيقصِّر فى أدائها، أو من يسهو عن معناها وحكمة مشروعيتها فلا يكون لها أثر فى حياته مع الناس، قال تعالى {فويل للمصلِّين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يراءون. ويمنعون الماعون} الماعون: 4 - 7.
وقد أكدت الأحاديث هذا المعنى، فقد صح أن رجلا قال للنبى صلى الله عليه وسلم: إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها، غير أنها تؤذى جيرانها بلسانها، قال " هى فى النار" رواه أحمد والبزار وابن حبان فى صحيحه والحاكم وصححه. وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قال الله عز وجل: إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتى، ولم يستطل على خلقى، ولم يبت مصرًّا على معصيتى، وقطع النهار فى ذكرى، ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة ورحم المصاب. ذلك نوره كنور الشمس، أكلؤه بعزتى، وأستحفظه ملائكتى، أجعل له فى الظلمة نورا، وفى الجهالة حلما، ومثله فى خلقى كمثل الفردوس فى الجنة " رواه البزار من رواية عبد الله بن واقد الحرانى، وبقية رواته ثقات.
ومن هنا نحلم أهمية الصلاة فهى أهم أركان الإِسلام وأفضلها، والحديث يقول: " لا دين لمن لا صلاة له، إنما موضع الصلاة من الدين موضع الرأس من الجسد" رواه الطبرانى، ولم يتسامح فيها الرسول عليه الصلاة والسلام كما تسامح فى غيرها من التكاليف لمن أراد الدخول فى الإِسلام. فعندما جاء وفد ثقيف اشترطوا عليه ألا يخرجوا للجهاد، ولا تؤخذ منهم صدقة، ولا يجتمعوا للصلاة، ولا يولى عليهم أحد من غيرهم، فأجابهم إلى طلبهم مبدئيا ما عدا الصلاة حيث قال أخيرا " ولا خير فى دين لا ركوع فيه " رواه أحمد، ولما كان للصلاة أثرها القوى فى تثبيت الإِيمان فى القلوب وفى تقويم السلوك قال النبى صلى الله عليه وسلم فى شأن هؤلاء الذين رضوا بالصلاة " إنهم سيصَّدقون ويجاهدون " أى أن الصلاة ستحملهم على عمل الخير الذى كانوا قد رغبوا عنه، وقد كان.
وبهذا يكون التارك للصلاة أو المتهاون فيها، والمستغنى عنها بعمل البر- مغرورا مخدوعا، وكذلك الذى يؤدى الصلاة شكليا دون إحساس بروحها، غير خاشع فيها ولا فاهم لمعناها ولا لهدفها، هو مغرور بظاهره، يخدع الناس برؤيتهم له محافظًا على الصلاة حتى يثقوا فيه، مع أنه لو طلبت منه معونة منع إعطاءها، لأن قلبه القاسى لم يتأثر بوقوفه أمام الله، فهو يناديه ويدعوه وهو غافل شارد الذهن، محروم من اللذة التى قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم " وجعلت قرة عينى فى الصلاة " رواه النسائى والطبرانى والحاكم وصححه، وقال الحافظ: إسناده جيد. ولحلاوتها وأثرها فى نفسه كان إذا حزَبه أو حزنه أمر فزع إلى الصلاة.
وبعد، فإن العبادات فُرضت لتقوية العلاقة بين الإِنسان وربه، وبينه وبين نفسه، وبينه وبين الناس، فإن لم تثمر هذه العلاقات لم يكن لها عند الله وزن.
وفى تقديرى أن من يصلى-على الرغم من سوء معاملته - أقل خطرا ممن لا يصلى -على الرغم من حسن معاملته- فالأول مع الله ولو بسبب مَّا فعسى أن يتوب عليه والثانى منقطع عن الله فهل يصل نفسه به؟ "راجع قول ابن عطاء الله فى شرود الذهن فى الصلاة- المجلد الأول ص 72"
(9/148)
________________________________________
علو الإمام أو المأموم

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
توجد مساجد لها عدة طوابق يصلى الإمام فى أحدها والمأمومون يصلون فى طابق آخر فهل الجماعة صحيحة؟

الجواب
السنة أن يكون المأمومون مع الإمام فى طابق واحد لسهولة متابعته بالنظر أو السماع، وإن كان الصوت يصلهم عن طريق المبلغ أو مكبرات الصوت. روى الدارقطنى عن أبى مسعود الأنصارى أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يقوم الإمام فوق شىء والناس خلفه. يعنى أسفل منه. وروى أبو داود والشافعى والبيهقى وابن خزيمة وابن حبان أن حذيفة أمَّ الناس بالمدائن -مدينة كانت بالعراق- على دكان -مكان مرتفع- فأخذه أبو مسعود بقميصه فجبذه -أخذه بشدة- فلما فرغ من صلاته قال، ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى، فذكرت حين جذبتنى.
قال العلماء: إن كان فى علو الإِمام عن المأمومين فائدة فلا كراهة، فقد روى البخارى ومسلم عن سهل بن سعد الساعدى أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر أول يوم وضع، فكبَّر وهو عليه ثم ركع ثم نزل القهقَرَى -إلى الخلف- وسجد فى أصل المنبر، ثم عاد. فلما فرغ أقبل على الناس فقال " أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بى ولتعلموا صلاتى".
هذا فى ارتفاع الإِمام أنه مكروه إلا لحاجة، أما ارتفاع المأموم على الإمام فهو جائز، فقد صلى أبو هريرة على ظهر المسجد بصلاة الإِمام كما رواه الشافعى والبيهقى وسعيد بن منصور، وذكره البخارى تعليقا، وروى سعيد بن منصور أن أنس بن مالك كان يجمع فى دار أبى نافع عن يمين المسجد فى غرفة قدر قامة منها، لها باب مشرف على مسجد بالبصرة، فكان أنس يجمع فيها ويأتم بالإمام، وسكت عليه الصحابة.
يقول الشوكانى " نيل الأوطار ج 3 ص 207 ": وأما ارتفاع المؤتم فإن كان مفرطا بحيث يكون فوق ثلثمائة ذراع، على وجه لا يمكن المؤتم العلم بأفعال الإِمام فهو ممنوع بالإِجماع من غير فرق بين المسجد وغيره، وإن كان دون ذلك المقدار فالأصل الجواز حتى يقوم دليل على المنع، ويعضد هذا الأصل فعل أبى هريرة المذكور ولم ينكر عليه انتهى.
يؤخذ من هذا أن المدار فى الجواز وعدمه هو علم المأموم بأفعال الإِمام، فلو حصل العلم بأية وسيلة ومنها مكبرات الصوت الآن صحت الجماعة فى أى طابق من الطوابق، أو فى أى مكان ما دامت الصفوف متواصلة فى المسجد وخارج المسجد، وعليه فلا مانع من صلاة الجماعة فى أى طابق من طوابق المسجد عند العلم بأفعال الإِمام.
وجاء فى شرح النووى لصحيح مسلم "ج 5ص 34" عند الكلام على اتخاذ المنبر فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحديث فيه فوائد، منها: جواز صلاة الإمام على موضع أعلى من موضع المأمومين. ولكنه يكره ارتفاع الإمام على المأموم وارتفاع المأموم على الإمام لغير حاجة، فإن كان لحاجة لم يكره، بل يستحب، وكذا إن أراد المأموم إعلام المأمومين بصلاة الإمام واحتاج إلى الارتفاع
(9/149)
________________________________________
مسافة القصر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يزعم بعض الناس أن أى سفر ولو كان عشرة كيلومترات يجيز للإنسان قصر الصلاة فهل هذا صحيح؟

الجواب
يقول الله تعالى {وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} النساء: 101 والخوف من الفتنة ليس شرطا لقصر الصلاة كما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم، فهو صدقة تصدق الله بها علينا فلنقبل صدقته.
والسفر المبيح للقصر اختلف فى تقديره العلماء، يقول القرطبى فى تفسيره " ج 5 ص 353" قال داود: تقصر الصلاة فى كل سفر طويل أو قصير ولو كان ثلاثة أميال، متمسكا بحديث رواه مسلم عن أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ - شك من أحد رواة الحديث واسمه شعبة- صلى ركعتين. يقول القرطبى: وهذا لا حجة فيه، لأنه مشكوك فيه -أى فى المسافة التى رواها شعبة- وعلى تقدير أحدهما فلعله حد المسافة التى بدأ منها السفر، وكان سفرا طويلا زائدا على ذلك.
ولم يذكر حد السفر الذى يقع به القصر لا فى القرآن ولا فى السنة، وإنما كان كذلك لأنها لفظة عربية مستقر علمها عند العرب الذين خاطبهم الله تعالى بالقرآن، فنحن نعلم قطعا أن من برز عن الدور لبعض الأمور أنه لا يكون مسافرا لغة ولا شرعا، وإن مشى ثلاثة أيام فإنه مسافر قطعا، كما أنَّا نحكم على أن من مشى يوما وليلة كان مسافرا، لقول النبى صلى الله عليه وسلم " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذى محرم منها" وهذا هو الصحيح، لأنه وسط بين الحالين، وعليه عوَّل مالك، ولكنه لم يجد هذا الحديث منفقا عليه، وروى مرة " يوما وليلة " ومرة " ثلاثة أيام " فجاء إلى عبد الله ابن عمر فعوَّل على فعله، فإنه كان يقصر الصلاة إلى " رئمْ " -واد بالمدينة- وهى أربعة بردٌ: لأن ابن عمر كان كثير الاقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم. قال غيره: وكافة العلماء على أن القصر إنما شرع تخفيفا، والتخفيف إنما يكون فى السفر الطويل الذى تلحق به المشقة غالبا، فراعى مالك والشافعى وأصحابهما والليث والأوزاعى وفقهاء أصحاب الحديث أحمد وإسحاق وغيرهما يوما تاما، وقول مالك يوما وليلة راجع إلى اليوم التام، لأنه لم يرد بقوله " مسيرة يوم وليلة " أن يسير النهار كله والليل كله، وإنما أراد أن يسير سيرا يبيت فيه بعيدا عن أهله ولا يمكنه الرجوع إليهم. وفى البخارى: وكان ابن عمر وابن عباس يفطران ويقصران فى أربعة بُرد، وهى ستة عشر فرسخا، وهذا مذهب مالك. وقال الشافعى والطبرى: ستة وأربعون ميلا، وعن مالك روايتان، خمسة وأربعون ميلا، وستة وثلاثون ميلا.
وبعد كلام طويل فى تقدير المسافة قال أبو عمر: اضطربت الآثار المرفوعة فى هذا الباب كما ترى فى ألفاظها، ومجملها عندى -والله أعلم- أنها خرجت على أجوبة السائلين، فحدث كل واحد بمعنى ما سمع -وذلك فى حديث سفر المرأة بغير محرم-.
هذا ما نقلته من تفسير القرطبى باختصار وتصرف، وذكر ابن قدامة فى " المغنى "ج 2 ص 92 روايات عن جماعة من السلف أن القصر يجوز فى أقل من هذه المسافة، لكنها روايات مردود عليها.
وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن المسافة التى تقصر فيها الصلاة فى السفر هى ستة عشر فرسخا ذهابا فقط، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل ستة آلاف ذراع بذراع اليد، وهذه المسافة تساوى ثمانين كيلو ونصف كيلو ومائة وأربعين مترا - مسيرة يوم وليلة بسير الإِبل المحملة بالأثقال سيرا معتادا - ولا يضر نقصان المسافة عن المقدار المبين بشىء قليل، كميل أو ميلين.
وأبو حنيفة لم يقدر المسافة بهذه المقاييس، بل قدرها بالزمن وهو ثلاثة أيام من أقصر أيام السنة يكفى أن يسافر فى كل يوم منها من الصباح إلى الزوال، والمعتبر السير الوسط.
والمالكية قالوا: إن نقصت المسافة عن القدر المبين بثمانية أميال وقصر الصلاة صحت صلاته ولا إعادة عليه على المشهور.
ويستثنى من اشتراط المسافة أهل مكة ومِنى ومزدلفة والمحصب إذا خرجوا فى موسم الحج للوقوف بعرفة فإنه يسن لهم القصر فى حال ذهابهم.
وكذلك فى حال إيابهم إذا بقى عليهم عمل من أعمال الحج التى تؤدى فى غير وطنهم، وإلا أتموا.
ثم قال العلماء: لا يشترط قطع المسافة المذكورة فى المدة المذكورة والمقدرة بالأيام، فلو قطعها فى أقل منها ولو فى لحظة صح القصر- كما هو الشأن فى السفر بالطائرات والقطارات والسيارات.
يؤخذ من هذا أن الرأى المتفق عليه بين الأئمة الأربعة أن يكون السفر طويلا، لا يقل عن ثمانين كيلو مترا تقريبا. هذا، وقد ذكر ابن قدامة فى " المغنى "ج 2 ص 96 أنه حكى عن عطاء وسليمان بن موسى أنهما أباحا القصر فى البلد لمن نوى السفر وكذلك حكى عن غيرهما ولا يوجد دليل صحيح لذلك.
[يضاف كلام ابن قدامة إلى ص 537 من المجلد الثانى]
(9/150)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:58 pm

التنفل قبل صلاة العيد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ذهبت إلى المسجد لصلاة العيد فأردت أن أصلى ركعتين تحية للمسجد فمنعنى بعض الناس وقالوا: لا تجوز أى صلاة قبل صلاة العيد، فهل هذا صحيح؟

الجواب
هناك خلاف بين الفقهاء فى جواز التنفل قبل صلاة العيد يتلخص فيما يلى:
1 - قال المالكية: يكره ذلك قبل صلاة العيد وبعدها إن أديت الصلاة فى الصحراء كما هو السنة، وأما إذا أديت بالمسجد -على خلاف السنة- فلا يكره التنفل لا قبلها ولا بعدها.
2 - والحنابلة قالوا: بكراهة التنفل قبلها وبعدها بأى مكان صليت فيه صلاة العيد، أى فى المسجد وغيره.
3-والحنفية قالوا: يكره قبل صلاة العيد، فى المصلَّى وغيره، ويكره بعدها إذا كان فى المصلى فقط، أما فى البيت فلا يكره.
4 - والشافعية قالوا: بالتفصيل بين الإِمام والمأموم، فيكره للإمام أن يتنفل قبلها وبعدها، سواء أكانت الصلاة فى الصحراء أم فى غيرها، ولا يكره للمأموم التنفل قبلها مطلقا، ولا بعدها إن كان ممن لم يسمع الخطبة لصمم أو بُعْدٍ، وإلا كان التنفل له مكروها.
إن سبب الخلاف هو روايات لم يرد فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وإنما الثابت ما رواه ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام لم يصلِّ قبل العيد ولا بعده، فالذين قالوا بالمنع كان دليلهم فعل الرسول لا قوله، والذين قالوا بالجواز استندوا إلى أنه لم يرد نهى عن ذلك، والحكم على الروايات وبيان وجهات النظر فى التنفل مشروح فى نيل الأوطار للشوكانى "ج 3 ص 319" مع الاتفاق على أنه لم تشرع سنة قبل صلاة العيد ولا بعدها، وإنما الخلاف فى صلاة التطوع أو سنة الوضوء أو تحية المسجد أو قضاء أو غير ذلك، فى الوقت الذى لا تكره فيه الصلاة.
ومن أحسن ما يقوى رأى القائلين بالجواز ما قاله العراقى فى شرح الترمذى من أنه ليس فيها نهى عن الصلاة فى هذه الأوقات، ولكن لما كان صلى الله عليه وسلم يتأخر فى مجيئه إلى الوقت الذى يصلى بهم فيه ويرجع عقب الخطبة روى عنه من روى من أصحابه أنه كان لا يصلى قبلها ولا بعدها، ولا يلزم من تركه لذلك لاشتغاله بما هو مشروع فى حقه من التأخر إلى وقت الصلاة -أن غيره لا يشرع ذلك له ولا يستحب، فقد روى عنه غير واحد من الصحابة أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلى الضحى، وصح ذلك عنهم، وكذلك لم ينقل عنه أنه صلى الله عليه وسلم صلى سنة الجمعة قبلها، لأنه إنما كان يؤذن للجمعة بين يديه وهو على المنبر، قال البيهقى: يوم العيد كسائر الأيام، والصلاة مباحة إذا ارتفعت الشمس حيث كان المصلى. ويدل على عدم الكراهة حديث أبى ذر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "الصلاة خير موضوع، فمن شاء استكثر ومن شاء استقل " رواه ابن حبان فى صحيحه.
قال الحافظ فى الفتح: والحاصل أن صلاة العيد لم تثبت لها سنة قبلها ولا بعدها خلافا لمن قاسها على الجمعة، وأما مطلق النقل فلم يثبت فيه منع بدليل خاص، إلا إن كان ذلك فى وقت الكراهة فى جميع الأيام.
بعد هذا نقول: لم يرد حديث بِمنْع مطلق النفل قبل صلاة العيد، ولا بمنع ما ورد فيه دليل يخصه كتحية المسجد إذا أقيمت صلاة العيد في المسجد. وبهذا يعلم جواب السؤال
(9/151)
________________________________________
وضع الإمام بعد الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل من السنة إذا انتهى الإِمام من الصلاة أن يختم الصلاة وهو متوجه إلى القبلة أو يتحول عنها نحو المأمومين؟

الجواب
روى أبو داود وابن ماجه والترمذى وقال: حديث حسن، أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يؤم الناس فينصرف على جانبيه جميعا، على يمينه وعلى شماله، وعن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " رواه مسلم وأحمد والترمذى وابن ماجه، وروى البخارى وأحمد عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضى تسليمه، وهو يمكث فى مكانه يسيرا قبل أن يقوم. قالت: فنرى -والله أعلم- أن ذلك كان لكى ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال.
من هذا نرى أن بقاء الإمام بعد السلام على هيئة استقبال القبلة ليختم الصلاة لا مانع منه، وأن تحوله عن القبلة جهة اليمين أو الشمال جائز أيضا لا مانع منه، ولا يصح أن نتعصب لحالة من الحالات، وقال العلماء: من السنة بعد سلام الإِمام أن يلتزم مجلسه مستقبلا للقبلة بعد صلاة المغرب والصبح، وذلك ليقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شىء قدير، وذلك عشر مرات كما فى الحديث، لأن الفضيلة المترتبة على ذلك مقيدة بقولها قبل أن يثنى رجله.
والحديث هو ما رواه الترمذى وغيره عن أبى ذر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من قال فى دبر صلاة الصبح وهو ثانٍ رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شىء قدير، عشر مرات كتب له عشر حسنات ومحى عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان يومه ذلك فى حرز من كل مكروه، وحرس من الشيطان، ولم ينبغ لذنب أن يدركه فى ذلك اليوم، إلا الشرك بالله تعالى " قال الترمذى: هذا، حديث حسن وفى بعض النسخ صحيح وفى سنن أبى داود عن مسلم بن الحارث التميمى الصحابى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسَرَّ إليه فقال: " إذا انصرفت عن صلاة المغرب فقل: اللهم أجرنى من النار سبع مرات: فإنك إذا قلت ذلك ثم مت من ليلتك كتب له جوار منها، وإذا صليت الصبح فقل كذلك فإنك إن مت من يومك كتب له جوار منها "
(9/152)
________________________________________
صلاة التوبة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل هناك صلاة تسمى صلاة التوبة؟

الجواب
روى أبو داود والنسائى وابن ماجه والبيهقى والترمذى وقال:
حديث حسن عن أبى بكر رضى الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلى -أى ركعتين- ثم يستغفر الله إلا غفر له " ثم قرأ هذه الآية {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون. أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين} آل عمران:135، 136.
وروى الطبرانى فى معجمه الكبير بسند حسن عن أبى الدرداء أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " من توضأ فأحسن الوضوء ثم قام فصلى ركعتين أو أربعا، مكتوبة أو غير مكتوبة، يحسن فيهن الركوع والسجود ثم استغفر الله غفر له ".
هذه هى صلاة التوبة، والمهم فيها أن تكون التوبة والاستغفار عقب أية صلاة، فإن الدعاء وطلب المغفرة إذا كان بعد طاعة كصلاة أو قراءة قرآن كان مرجو القبول
(9/153)
________________________________________
تعدد الوتر وقضاؤه

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا وتران فى ليلة" وهل يقضى الوتر إذا فات؟

الجواب
نعم، روى أبو داود والنسائى والترمذى وقال حديث حسن، أن عليًّا رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا وتران فى ليلة" وروى أحمد وأبو داود والترمذى عن أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم كان يركع ركعتين بعد الوتر وهو جالس.
قال العلماء: من صلى الوتر بعد العشاء ثم أراد أن يقوم الليل فليصل ما شاء ولكن لا يجوز له أن يوتر، لأنه أوتر قبل ذلك. ومن المعلوم أن الوتر يمكن أن يصلى فى أى جزء من الليل بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وإذا خشى الإِنسان أن تفوته صلاة الوتر يستحب له أن يصليها فى أول الليل، وذلك لحديث رواه مسلم وأحمد والترمذى وابن ماجه "من ظن منكم ألا يستيقظ آخره -أى الليل- فليوتر أوله، ومن ظن منكم أنه يستيقظ آخره فليوتر آخره، فإن صلاة آخر الليل محضورة وهى أفضل " ومعنى محضورة تحضرها الملائكة. ولما سأل الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضى الله عنه " متى توتر "؟ قال: أول الليل بعد العتمة-أى العشاء، ولما سأل عمر رضى الله عنه قال: آخر الليل، فقال " أما أنت يا أبا بكر فأخذت بالثقة -أى الحزم والحيطة- وأما أنت يا عمر فأخذت بالقوة " أى العزيمة على القيام آخر الليل. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الحاكم على شرط مسلم.
هذا، وإذا فاتت صلاة الوتر يمكن قضاؤها كما ذهب إليه جمهور العلماء، وذلك لحديث رواه البيهقى وصححه الحاكم على شرط الشيخين "إذا أصبح أحدكم ولم يوتر فليوتر" وروى أبو داود قوله صلى الله عليه وسلم "من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره" وإسناده صحيح كما قال العراقى.
ووقت القضاء مفتوح ليلا ونهارا عند الشافعى، ومنعه أبو حنيفة فى أوقات النهى عن الصلاة، وقال مالك وأحمد:
يقضى بعد الفجر ما لم تصل الصبح
(9/154)
________________________________________
التشهد الأول

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نسيت التشهد الأول فى صلاة الظهر فهل تبطل صلاتى؟

الجواب
التشهد الأول فى الصلاة سنة عند جمهور العلماء، لو ترك عمدا أو سهوا لا تبطل الصلاة، وذلك شأن كل السنن، وعند تركه يجبر بسجود السهو، روى الجماعة أن النبى صلى الله عليه وسلم قام فى صلاة الظهر وعليه جلوس -أى نسى جلوس التشهد الأول- فلما أتم صلاته سجد سجدتين، يكبر فى كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم، وسجدهما الناس معه مكان ما نسى من الجلوس.
وعليه فمن ترك التشهد الأول سهوا صحت صلاته، ويجبر بسجود السهو، لأن ذلك هو ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وهو القائل "صلوا كما رأيتمونى أصلى" رواه البخارى وقد أخذ جماعة من هذا وجوب التشهد الأول لا سنيته، وقال الحافظ ابن حجر: قال ابن بطال: والدليل على أن سجود السهو لا ينوب عن الواجب أنه لو نسى تكبيرة الإِحرام لم تجبر فكذلك التشهد، ولأنه ذكر لا يجهر فيه بحال فلم يجب كدعاء الاستفتاح. وممن قال بوجوبه الليث بن سعد وأحمد بن حنبل فى المشهور، وهو قول للشافعى وفى رواية عند أبى حنيفة.
والخلاصة أن التشهد الأول قيل إنه سنة وقيل إنه واجب، وعلى كلا القولين لو ترك سهوا يجبر بسجود السهو، ولا تبطل الصلاة.
هذا، والتشهد الأول إذا ترك وصار الإِنسان إلى القيام أقرب منه إلى القعود لا يعود إليه، حتى لو نبهه المأمومون، بل يتم صلاته ثم يسجد للسهو، والدليل عليه حديث رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه " إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس، وإن استتم قائما فلا يجلس وسجد سجدتى السهو" ويسجد معه المأمومون " نيل الأوطار ج 3 ص 127 ".
أما التشهد الأخير فهو فرض باتفاق والاستدلال عليه مستوفى فى كتب الفقه ويراجع " نيل الأوطار للشوكانى ج 2 ص 287 - 292"
(9/155)
________________________________________
الصلاة قبل الصبح

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
بعد أن صليت ركعتى الفجر وقبل الإقامة لصلاة الصبح قمت لأصلى ركعتين أشغل بهما الوقت فقال بعض الناس: إن الصلاة قبل الصبح ممنوعة، فما هو الرأى الصحيح فى ذلك؟

الجواب
معلوم أنه إذا دخل وقت الصبح بطلوع الفجر كان المطلوب صلاتين، صلاة الفريضة وهى الصبح، وصلاة السنة وهى الفجر، التى قال بعض الأئمة بوجوبها، وأية صلاة أخرى غير هاتين الصلاتين كالنفل والقضاء اختلف فى جوازها، فكره جماعة التطوع بعد طلوع الفجر بأكثر من ركعتى الفجر، بناء على حديث رواه أحمد وأبو داود، وهو ضعيف، لكنهم أخذوا به لتعدد طرفه فيقوى بها، وذهب الشافعى إلى جواز التنفل مطلقا بلا كراهة، وقصر مالك الجواز لمن فاتته صلاة الليل لعذر، لأنه بلغه أن عبد الله بن عباس وغيره أوتروا بعد الفجر. وكما قلنا كثيرا: ما دام هناك خلاف فى الرأى جاز الأخذ بأحد الآراء دون تعصب له أو ضده
(9/156)
________________________________________
تأخير صلاة العشاء

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل من الحديث ما يقال "من صلى العشاء فى جماعة كأنه قام نصف الليل" وما يقال " لو لم أشق على أمتى لأمرتهم بتأخير العشاء "؟ وهل هناك تعارض بينهما؟

الجواب
الحديث الأول رواه مسلم وغيره، وهو يدل على فضل صلاة العشاء فى جماعة، وأنه يعدل فى الثواب قيام نصف الليل، حتى لو كانت صلاتها فى أول وقتها أو فى آخر وقتها قرب طلوع الفجر.
أما الحديث الثانى فيدل على فضل التأخير لصلاة العشاء عن أول وقتها، وذلك ليتسنى للناس بعد الانتهاء من أعمالهم بعد غروب الشمس أن يجتمعوا ليصلوها فى جماعة معه صلى الله عليه وسلم، والحديث رواه أحمد وابن ماجه والترمذى " لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه، والنبى صلى الله عليه وسلم لم يواظب على التأخير لما فيه من المشقة على المصلين، فأحيانا كان يعجل، وأحيانا كان يؤجل، فقد روى البخارى ومسلم عن جابر رضى الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى أحيانا يؤخرها وأحيانا يعجل، وإذا رآهم - أى الصحابة - اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطئوا أخر.
فالأمر متروك للظروف، ووقت العشاء يدخل بمغيب الشفق الأحمر، وينتهى بطلوع الفجر، ووقت الاختيار هو ثلث الليل أو نصفه، ووقت الجواز ممتد حتى طلوع الفجر، فقد روى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال " أما إنه ليس فى النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجىء وقت الصلاة الأخرى" وهذا الحديث يدل على كل أوقات الصلوات المفروضة ما عدا صلاة الصبح فإن وقتها ينتهى بطلوع الشمس لا بوقت الظهر وذلك بالإجماع
(9/157)
________________________________________
وضع المنبر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز وضع المنبر فى غير يمين القبلة، فى أى موضع من المسجد؟

الجواب
تحدث العلماء عن مصلَّى النبى صلى الله عليه وسلم، أى المكان الذى كان يلازم فيه الصلاة أو يكثرها فيه، وكان كثير من الناس وبخاصة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم يحرصون على الصلاة فى مصلاه.
أما المنبر فنحن نعلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب أول الأمر واقفا، وإذا تعب استند إلى جذع نخلة، ثم انتهى الأمر إلى بناء منبر له يستريح عليه، وحدث تطور فى هذا المنبر، ولكن أين وضع؟ هل على يمين مصلى الرسول عليه الصلاة والسلام؟ يقول المطرى أحد المؤرخين للمسجد النبوى: ورد أن الواقف فى مصلى النبى صلى الله عليه وسلم تكون رمانة المنبر الشريف حذو منكبه الأيمن، وجاء فى "إحياء علوم الدين" للإمام الغزالى أن المصلِّى فى مصلَّى الرسول -عليه الصلاة والسلام- يجعل عمود المنبر حذو منكبه الأيمن.
من هذا نرى أن منبر الرسول صلى الله عليه وسلم كان على يمين المصلَّى -القبلة أو المحراب- لكن هل هذا الوضع واجب الالتزام؟ لم يرد نص بالالتزام وإنما الكلام الوارد هو بيان موضع المنبر وهو لا يدل على الوجوب، وإن كان يدل على الندب اقتداء بما كان عليه الحال فى أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس بحرام أن يوضع المنبر فى أى مكان.
والمهم هو وجود شىء مرتفع يساعد الخطيب على إسماع الناس، وقد يستغنى عنه بمكبر الصوت، وتؤدى الخطبة من وقوف على الأرض وجلسة على كرسى كما يحصل أحيانا فى بعض المساجد فى خطبة العيد.
إن الأمر سهل لا ينبغى أن يشتد فيه الخلاف، وإن كان من الأوفق أن يراعى المأثور عن السلف فى ذلك، وهو وضع المنبر على يمين المحراب
(9/158)
________________________________________
ثواب مساجد الحكومة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إذا كان من بنى مسجدًا لله بنى الله له بيتا فى الجنة، فمن الذى يثاب عن بناء المساجد التى تقيمها الدولة وبعض المصالح الحكومية والهيئات؟

الجواب
يقول النبى صلى الله عليه وسلم " من بنى مسجدا يبتغى به وجه الله بنى الله له بيتا فى الجنة " رواه البخارى ومسلم.
وإذا كان تمويل بناء المسجد من خزينة الدولة أو خزينة هيئة عامة فإن المنفذ يكون شخصا مسئولا عن عمله مسئولية مباشرة أمام الله تعالى، ومن المنفذين المهندسون والمقاولون والصناع والعمال الذين أسهموا فى إقامة المسجد، فلا مانع أن يتفضل الله عليهم برحمته، ويعطيهم أجرا على المعاونة فى بناء بيوت الله، إلى جانب الأجر الدنيوى على جهودهم، فهو قليل بالنسبة إلى ثوابه سبحانه. والنية لها دخل كبير فى استحقاق الثواب، فإذا قصد المساهم فى بنائها وجه الله وأتقن عمله بناء على ذلك صدق عليه حديث " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " رواه البخارى ومسلم. وهنا نقطة ينبغى أن تؤخذ فى الاعتبار، وهى أن المسئول فى الوزارة أو المصلحة قد يكون ممن يتحمسون لبناء المسجد فيدرجه فى الميزانية ويسهل الإجراءات للتنفيذ، وقد يكون من غير هؤلاء فيتجاهل أو يتعمد عدم بناء مسجد فيكره عليه، ويضطر إلى عمل الإِجراءات وقد يعرقل أو يتهاون، فهناك فرق بينهما، فالأول يعتبر بانيا للمسجد بطريق مباشر أو غير مباشر، والثاني لا يستحق أى أجر على ذلك، بل يجازيه الله بحسب نيته.
وعلى العموم نحن لا نستطيع أن نحدد معاملة الله للممولين والمشاركين والمنفذين لبناء المساجد، فله سبحانه تقديره لعلمه بالنيات، وفضله واسع يغرى بالإِقبال على عمل الصالحات والإسهام فى كل خير ولو بأدنى نصيب وبأى جهد يبذل.
وأما الشخص الاعتبارى وهو الدولة أو الهيئة فهو بأجهزته والعاملين بها وكلاء عن الممولين لبناء المساجد، ذلك ما أراه باجتهادى، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمن نفسى، وأرجو المعذرة فما أردت إلا الخير
(9/159)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:58 pm

تاريخ بناء المسجد الأقصى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هو تاريخ بناء المسجد الأقصى، ومن الذى أمر ببنائه؟

الجواب
الكلام عن تاريخ بناء المسجد الأقصى طويل، ولكن ألخص ما كتبه عنه ابن خلدون فى مقدمته، بادئًا بذكر حديث رواه مسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم فقد سأله أبو ذر عن أول مسجد وضع فى الأرض فقال "المسجد الحرام " أى الذى فى مكة ثم سأله عن غيره فقال "المسجد الأقصى " فسأله:
كم بينهما؟ قال " أربعون عامًا".
وفى تفسير القرطبى أن المسجد الأقصى بناه سليمان عليه السلام كما أخرجه النسائى بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو.
ثم قال القرطبى: هناك إشكال بين الحديثين، لأن بين إبراهيم الذى رفع قواعد الكعبة وسليمان آمادا طويلة، قال أهل التاريخ أكثر من ألف سنة، فقيل إن إبراهيم وسليمان عليهما السلام إنما جددا ما كان أسسه غيرهما، وقد روى أن أول من بنى البيت -فى مكة-آدم عليه السلام، فيجوز أن يكون غيره من ولده وضع بيت المقدس من بعده بأربعين عامًا، ويجوز أن تكون الملائكة أيضا بنته بعد بنائها البيت بإذن الله.
وكلّ محتمل. انتهى ما نقل من القرطبى.
وجاء فى مقدمة ابن خلدون (ص 246) أن بيت المقدس قام داود وسليمان عليهما السلام ببنائه ونصب هياكله ودفن كثير من الأنبياء من ولد إسحاق عليه السلام حواليه، ثم قال: لما خرج موسى ببنى إسرائيل من مصر لتمليكهم بيت المقدس كما وعد الله أباهم إسرائيل وأباه إسحاق من قبله وأقاموا بأرض التيه أمره الله باتخاذ قبة من خشب السنط، فنصبوها بين خيامهم يصلون إليها، ولما ملكوا الشام وبقيت تلك القبة قبلتهم وضعوها على الصخرة ببيت المقدس، وأراد داود عليه السلام بناء مسجده على الصخرة مكانها فلم يتم له ذلك وعهد به إلى ابنه سليمان فبناه لأربع سنين من ملكه ولخمسمائة سنة من وفاة موسى عليه السلام. ثم خربه بختنصر بعد ثمانمائة سنة من بنائه، ولما أعادهم ملوك الفرس بناه عزير نبى بنى إسرائيل لعهده بحدود دون بناء سليمان. ثم تداولتهم ملوك يونان والفرس والروم، وبنى هيرودوس المسجد على بناء سليمان، فلما جاء طيطوس من ملوك الروم وغلبهم خرب المسجد، ثم دان الروم بعد ذلك بالمسيحية حتى جاء قسطنطين وتنصرت أمه هيلانه وارتحلت إلى بيت المقدس تطلب الخشبة التى صلب عليها المسيح بزعمهم، فاستخرجتها من القمامات وبنت مكانها كنيسة القمامة، ثم بنوا بإزاء القمامة بيت لحم وهو الذى ولد فيه عيسى.
وبقى الأمر على ذلك إلى أن جاء الإسلام وحضر عمر لفتح بيت المقدس وسأل عن الصخرة فرأى عليها زِبْلاً وترابًا فكشف عنها وبنى المسجد بطريقة مبسطة.
ثم احتفل الوليد بن عبد الملك فى تشييد مسجده على سنن مساجد الإسلام بما شاء الله من الاحتفال كما فعل بالمسجد الحرام والمسجد النبوى ومسجد دمشق.
- ولما ضعف أمر الخلافة أعوام الخمسمائة من الهجرة فى آخرها وكانت فى ملك العبيديين خلفاء القاهرة من الشيعة واختل أمرهم - زحف الفرنجة إلى بيت المقدس فملكوه وملكوا معه عامة ثغور الشام، وبنوا على الصخرة المقدسة كنيسة كانوا يفتخرون ببنائها حتى قيَض الله للإسلام صلاح الدين الأيوبى فجاهد الفرنجة وطردهم من تلك المنطقة حوالى سنة 580من الهجرة، وهدم الكنيسة وأظهر الصخرة وبنى المسجد على النحو الذى هو عليه اليوم (أيام ابن خلدون) وقد انتهى من وضع مقدمته فى منتصف عام 799 كما دونه فى آخر المقدمة.
هذه صورة تاريخية موجزة للمسجد الأقصى حتى القرن الثامن الهجرى، وما بعد ذلك يطلب من كتب التاريخ، وقد رأينا كيف تقلب به التاريخ حتى نكب بالاحتلال الصهيونى فى القرن الحاضر، ولا يعلم إلا الله ماذا سيكون أمره بعد ذلك
(9/160)
________________________________________
الصلاة وقضاء الحاجات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هى صلاة قضاء الحاجة؟

الجواب
قضاء الحاجة وبخاصة حاجة الدنيا له وسيلتان، الأولى طاعة الله بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، فهى فى حد ذاتها إن قبلت قض الله بها ما يتمناه المؤمن من خير، قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا. ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه) الطلاق: 2، 3 وقال {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} النحل: 97 وقال {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} الأعراف: 96 وفى الحديث " ومن يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة، والله فى عون العبد ما دام العبد فى عون أخيه " رواه مسلم إلى غير ذلك من النصوص، والوسيلة الثانية هى الدعاء بشروطه وآدابه التى من أهمها الخشوع والإخلاص والبعد عن الحرام، قال تعالى {وقال ربكم ادعونى أستجب لكم} غافر: 60 وقال {وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوه الداع إذا دعان} البقرة: 156 وفى الحديث القدسى " يا عبادى كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعمونى أطعمكم، يا عبادى كلكم عار إلا من كسوته فاستكسونى أكسكم. . . " رواه مسلم وهناك حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة وهم فى الغار، فدعوا ربهم بصالح أعمالهم فنجاهم الله، وهاتان الوسيلتان مؤكدتان لا خلاف فيهما.
وقد روى أحمد بسند صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " من توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما سأل معجَّلا أو مؤخرا" والناظر فى هذا الحديث يرى أن قضاء الحاجة وسيلته: عمل صالح وهو صلاة الركعتين -وكذلك الدعاء والسؤال، وأن قضاء الحاجة قد يكون معجلا وقد يكون مؤخرا، فينبغى عدم التعجل، ففى الحديث "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل " رواه أحمد وأبو داود والترمذن وقد يصرف الله بالدعاء من السوء ما يكون خيرا من الشىء الذى دعا به الداعى كما روى فى الحديث.
وهل هناك دعاء مخصوص لقضاء الحاجة؟ هناك حديث عثمان بن حنيف الذى رواه الترمذى وقال حسن صحيح كما رواه ابن ماجه والنسائى وابن خزيمة فى صحيحه، أن رجلا أعمى طلب من النبى صلى الله عليه وسلم أن يدعو له الله ليكشف له عن بصره، فعلَّمه أن يقول بعد الوضوء وصلاة ركعتين " اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبيى محمد نبى الرحمة، يا محمد-إنى أتوجه إلى ربى بك أن يكشف لى عن بصرى، اللهم شفِّعه فى وشفعنى فى نفسى " فرجع وقد كشف الله عن بصره وعلَّمه عثمان لرجل كانت له حاجة عند عثمان بن عفان -وذكر اسم حاجته حين الدعاء فقض الله له حاجته، وهناك دعاء آخر بعد صلاة الركعتين والثناء على الله والصلاة على رسوله وهو: " لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم، لا تدع لى ذنبا إلا غفرته يا أرحم الراحمين، ولا هماً-إلا فرجته، ولا حاجة هى لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين " ومع أن هذا الدعاء طيب إلا أن نسبته إلى النبى صلى الله عليه وسلم فيها كلام، ويمكن الرجوع إلى أدعية أخرى فى كتب الحديث، كالترغيب والترهيب للمنذرى والأذكار للنووى
(9/161)
________________________________________
النية سرا أو جهرا

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل تكفى النية سرا عند أداء الصلاة أم يجب التلفظ بها حتى يقبلها الله؟

الجواب
النية محلها القلب، ولا يجب التلفظ بها فى الصلاة وغيرها، ولا يتوقف قبول الصلاة على التلفظ بها.
وقد قال الشافعية: لا بأس بالتلفظ بها بل يُسَنَ، وذلك ليساعد اللسان القلب، فلو ترك التلفظ بها فالصلاة صحيحة ومقبولة إن شاء الله إن توافرت فيها عوامل القبول بعد الأداء الشكلى، ومنها الخشوع والإخلاص، وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن المالكية قالوا: التلفظ بالنية خلاف الأولى إلا للموسوس فإنه مندوب دفعا للوسوسة.
وقال الأحناف إن التلفظ بدعة، إذ لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ويستحسن دفعا للوسواس.
فالخلاصة أن النية فى الصلاة محلها القلب ولا يشترط التلفظ بها، بل قال الأحناف إنه بدعة وقال المالكية إنه خلاف الأولى، وذلك لغير الموسوس، وقال الشافعية سنة وابن القيم فى كتابه " زاد المعاد"ج 1ص 51 نعى بشدة على من يقول بجواز النطق بالنية وصحح رأى الشافعية فى ذلك فقال:
كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، ولم يقل شيئا قبلها، ولا يلفظ بالنية البتة، ولا قال: أصلَّى لله صلاة كذا مستقبل القبلة.
أربع ركعات إماما أو مأمومًا، ولا قال: أداء ولا قضاء ولا فرض الوقت، وهذه عشر بدع لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مسند ولامرسل لفظ واحدة منها ألبته، بل ولا عن أحد من أصحابه ولا استحسنه أحد من التابعين ولا الأئمة الأربعة، وإنما غرَّ بعض المتأخرين قول الشافعى رضى الله عنه فى الصلاة إنها ليست كالصيام ولا يدخل أحد فيها إلا بذكر، فظن أن الذكر تلفُّظ المصلى بالنية، وإنما أراد الشافعى رحمه الله بالذكر تكبيرة الإحرام ليس إلا، وكيف يستحب الشافعى أمرا لم يفعله النبى صلى الله عليه وسلم فى صلاة واحدة ولا أحد من خلفائه وأصحابه.
هذا هو رأى ابن القيم، وللائمة آراؤهم، والحكم على ما ذكر بأنه بدعة ليس مسلما على طول الخط أنه ضلالة
(9/162)
________________________________________
الصلاة المعادة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز لى أن أصلِّى فى المنزل إماما لوالدتى وأخواتى وأن أعتبر أن هذه صلاة نافلة، ثم أصلى نفس ا

الجواب
يجوز لك أن تصلى فى المنزل إماما والدتك وأخوتك. . . وقد سقطت عنك الفريضة بهذه الصلاة وإذا صليتها فى جماعة كانت الثانية نافلة لك، فهى صلاه معادة.
والدليل ما رواه الترمذى وأبو داود والنسائى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لرجلين: " إذا صليتهما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة ".
قال ابن عبد البر: قال جمهور الفقهاء: إنما يعيد الصلاة مع الإمام فى جماعة من صلى وحده فى بيته أو فى غير بيته وأما من صلى فى جماعة وإن قلت فلا يعيد فى أخرى قلت أو كثرت، وممن قال بهذا مالك وأبو حنيفة والشافعى وأصحابهم، ومن حجتهم قوله صلى الله عليه وسلم: " لا نصلِّى صلاة فى يوم مر بن حنبل بالجواز لأنها سنة، وردَّ على هذا الحديث بأن المنع إذا صلاها مرة ثانية على أنها فريضة أما صل فجائز لأن الحديث الأول جعلها نافلة.
وفى لفظ لأبى داود: " إذا صلى أحدكم فى رحله ثم أدرك الصلاة مع الإمام فليصلها معه فإنها له نافلة " وروى مسلم عن أبى ذر حديثا فيه " كيف أنت إذا كان عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها "؟ وفيه فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة ".
والحديث صريح فى أن الصلاة المعادة تكون نافلة والأولى هى الفريضة، بصرف النظر عن كون الأولى جماعة أو وأخرج الترمذى وحسنه وابن حبان والحاكم والبيهقى عن أبى سعيد قال:
صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل رجل فقام يصلى الظهر فقال " ألا رجل يتصدق على هذا فيصلى نيل الأوطار للشوكانى ج 3 ص 99 وراجع أيضا تفسير القرطبى (ج 1 ص 1 35) .
وهناك شروط لجواز إعادة الصلاة فيها اختلاف بين الفقهاء يمكن الرجوع إليها فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة منها مثلا عند الشافعية أن تكون الصلاة الثانية كلها فى جماعة وألا ينفرد وقت الإحرام بالصلاة الثانية عن الصف مع إمكان دخوله فيه فإن انفرد فلا تصح الإعادة وعند المالكية مثلا أن يصلى الثانية مأموما وليس إماما لمن لم يصل هذه الصلاة
(9/163)
________________________________________
الصلاة التى لا تنهى عن الفحشاء

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل هناك حديث معناه أنه لا خير فى الصلاة ما لم تنه عن الفحشاء والمنكر وإذا كان هذا صحيحا فهل يترك الشبان الصلاة لأنهم لا يستطيعون عصمة أنفسهم من المنكرات، أم الأفضل أن يصلوا حتى لو كانوا يرتكبون المعاصى؟

الجواب
قال الله تعالى: {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} إن الصلاة إذا وقعت تامة ومعها خشوع صحيح ملأت قلب صاحبها نورا وأورثته الخوف من الله فلا يقع فى المعاصى وإن عصى بادر بالتوبة والله سبحانه بفضله لا يضيع كل ثوابها إذا خلت من الخشوع، ولكن أثرها فى تربية السلوك يكون ضيفا، وعلى قدر ما يكون فيها من خشوع يكون الثواب، ويكون الأثر فى السلوك. وعلى كل مصلٍّ أن يجتهد فى أداء الصلاة بعيدا عن الرياء والشواغل التى تصرف عقله وقلبه عن الإحساس بجلال الموقف مع الله. ولكل مجتهد نصيب.
ولا يجوز أبدا لمن يصلى ويعصى الله أن يترك الصلاة لأنها لم تؤثر فى تقويم سلوكه، فالصلاة واجبة وترك المعاصى واجب، وعلى كل إنسان أن يجتهد فى أداء هذين الواجبين، ولعل المحافظة على الصلاة تؤدى إلى الخشوع فيها وبالتالى إلى ترك المعاصى، وكل شىء بالتدريب والتمرين يمكن أن يتم على الوجه المطلوب، والله سبحانه يقول {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم} التوبة: 102.
هذا، وهناك قول مأثور يقول "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا" ويمكن أن يكون معناه صحيحا وروى على أنه حديث مرسل صحيح إلى الحسن البصرى، رواه الطبرانى من قول ابن مسعود بإسناد صحيح وليس مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم ومهما يكن من شىء فهو حث على إتقان الصلاة والمحافظة عليها وعلى ربط العبادة بالسلوك ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. "راجع ص 555 من المجلد الأول "
(9/164)
________________________________________
إمامة المفضول للفاضل

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
عندما أقيم للصلاة وكان الإمام الراتب غائبا تقدم أحد الناس لإمامة المصلين، وبعد الإحرام للصلاة حضر الإمام وأحس به الإمام فخرج من الصلاة لياخذ الإمام الراتب مكانه فما حكم الدين فى ذلك؟

الجواب
إن صلاة الجماعة تصح خلف من تصح صلاته لنفسه بشرط ألا يكون أنقص من المأمومين بعيب يتجاوز عنه لتعذر إصلاحه، كالألثغ أو الفأفاء الذى لا يحسن القراءة فإن إمامته لا تجوز إلا لمن هو مثله، ولا تجوز للسليم من هذه الحالة.
وإذا كانت هناك سلامة من مثل هذه العيوب فيسن أن يقدم أفضلهم أو أحسنهم، كما صح فى الاحاديث التى منها ما رواه مسلم "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقروهم " ولو خولف ذلك فالصلاة صحيحة، (انظر ص 611 من المجلد الرابع) وبخصوص ما جاء فى السؤال روى البخارى ومسلم عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بنى عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبى بكر فقال: أتصلى بالناس فأقيم؟ قال: نعم، قال: فصلى أبو بكر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس فى الصلاة فتخلص حتى وقف فى الصف، فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت فى الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله، أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ثم استأخر أبو بكر حتى استوى فى الصف، وتقدم النبى صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف فقال "يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك " فقال أبو بكر: ما كان لابن أبى قحافة أن يصلَّى بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما لى رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ من نابه شىء فى صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء".
وجاء فى "نيل الأوطار للشوكانى ج 4 ص 158 " أن هذا الحديث فيه من العلم أن المشى من صف إلى صف يليه لا يبطل، وأن حمد الله لأمر يحدث والتنبيه بالتسبيح جائزان وأن الاستخلاف فى الصلاة لعذر جائز من طريق الأولى، لأن قصاراه وقوعها بإمامين.
ومن فوائد الحديث جواز كون المرء فى بعض صلاته إماما وفى بعضها مأموما، وجواز رفع اليدين فى الصلاة عند الدعاء والثناء، وجواز الالتفات للحاجة، وجواز مخاطبة المصلى بالإشارة، وجواز الحمد والشكر على الوجاهة فى الدين، وجواز إمامة المفضول للفاضل وجواز العمل القليل فى الصلاة وغير ذلك من الفوائد
(9/165)
________________________________________
القراءة فى الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل استحسن الرسول صلى الله عليه وسلم بعض السور أو آيات من القرآن الكريم فى الصلوات الخمس أو النوافل؟

الجواب
جاء فى كتاب "الأذكار" للنووى: السنة أن تكون السورة-التى بعد الفاتحة - فى الصبح والظهر من طوال المفصل، أى السور الأخيرة من المصحف.
وتبدأ من سورة [ق أو الحجرات] على خلاف بلغ اثنى عشر قولا فى تعبين المفصَّل.
والمفصَّل أقسام منه طوال إلى سورة (عم) وأوساط إلى سورة الضحى، وقصار وهى إلى آخر سورة الناس.
وفى العصر والعشاء أوساط المفصل.
وفى المغرب من قصار المفصل.
والسنة أن يقرأ فى الركعة الأولى من صلاة الصبح يوم الجمعة سورة الم (السجدة) وفى الثانية (هل أتى على الإنسان حين من الدهر) وأن يقرأ فى الركعة الأولى من صلاة الجمعة سورة الجمعة وفى الثانية سوره المنافقون. أو فى الأولى سورة الأعلى وفى الثانية سورة الغاشية.
والسنة أن يقرأ فى ركعتى سنة الفجر فى الأولى {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} البقرة: 136.
إلى آخر الآية، وفى الثانية: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء} آل عمران:64، إلى آخر الآية، وإن شاء فى الأولى: {قل يا أيها الكافرون} الكافرون: 1، وفى الثانية {قل هو الله أحد} الإخلاص: 1، فكلاهما صح، ففى صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله. يقرأ فى سنة المغرب وركعتى الطواف والاستخارة. فى الأولى {قل يا أيها الكافرون} الكافرون: 1.
وفى الثانية: {قل هو الله أحد} الإخلاص: 1.
وفى الوتر فى الأولى سوره (الأعلى) وفى الثانية سوره (الكافرون) وفى الثالثة {قل هو الله أحد} والمعوذتين.
يقول النووى: وكل الذى ذكرناه جاءت به أحاديث فى الصحيح وغيره مشهورة.
وليكن معلوما أن سنة القراءة تحصل بآية مفهمة أو بعض آيات من أية سورة، ثم هو بالخيار أن يقرأ سورة أو يقرأ بعض السورة، والسورة القصيرة أفضل من آيات يقرؤها من السورة الطويلة.
والسنة أن يقرأ السورة على ترتيب المصحف، ولو خالف هذا جاز مع الكراهة، وقال الحافظ لم أقف على دليل ذلك
(9/166)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 10:59 pm

صلاة الجمعة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
متى فرضت صلاة الجمعة وما هو العدد المشروط لصحتها، وهل يشترط لإقامتها وجود مسجد؟

الجواب
الجمعة فيها معنى الاجتماع، والاجتماع لابد فيه من عدد، ويوم الجمعة عيد أسبوعي للمسلمين، كما أن السبت عيد لليهود، والأحد عيد للنصارى، وله 32 خصوصية كما فى زاد المعاد لابن القيم نقل ابن حجر فى الفتح 26 منها.
وقد خص الله المسلمين بفضل هذا اليوم كما جاء فى مسند أحمد عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذكرت عنده اليهود قال:"إنهم لن يحسدونا على شىء كما يحسدونا على الجمعة التى هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التى هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام اَمين ".
ويوم الجمعة كان يسمى فى الجاهلية يوم العَروبة "بفتح العين " والعروبة معناها الرحمة، وجاء فى "الروض الأنف " للسهيلى على سيرة ابن هشام، ان كعب بن لؤى - أحد أجداد النبى صلى الله عليه وسلم - هو أول من جمَع يوم العروبة ولم تسم العروبة الجمعة إلا منذ جاء الإسلام فى قول بعضهم وقيل: هو أول من سماها الجمعة، فكانت قريش تجتمع إليه فى هذا اليوم، فيخطبهم ويذكرهم بمبعث النبى صلى الله عليه وسلم ويعلمهم أنه من ولده، ويأمرهم باتباعه والإيمان به، وقد ذكر الماوردى هذا الخبر عن كعب فى كتاب الأحكام السلطانية.
وصلاة الجمعة فرضت بمكة قبل الهجرة كما أخرجه الدارقطنى عن ابن عباس رضى الله عنهما، ولم يتمكن النبى صلى الله عليه وسلم من إقامتها بها، وذلك لقلة عدد المسلمين، أو لضعف شوكتهم أمام قوة المشركين، فلما هاجر من هاجر من الصحابة إلى المدينة. كتب إلى مصعب بن عمير - وهو أول من أوفده النبى صلى الله عليه وسلم من مكة مع المسلمين من الأنصار ليعلمهم، ثم قدم بعده عبد الله بن أم مكثوم -: أما بعد فانظر اليوم الذى تجهر فيه اليهود بالزبور لسبتهم، فاجمعوا نساءكم وأبناءكم، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة فتقربوا إلى الله بركعتين.
وعلى هذا يكون مصعب أول من صلى بهم الجمعة فى المدينة، وكان عددهم اثنى عشر رجلا، كما فى حديث الطبرانى عن أبى مسعود الأنصارى، وهذا الحديث ضعيف.
وهناك قول آخر بأن أول من جمع بهم هو أبو أمامة أسعد بن زرارة الذى نزل عليه مصعب بن عمير، يقول عبد الرحمن بن كعب بن مالك - الذى كان يقود أباه كعبا إلى المسجد -: كان أبى إذا توجه لصلاة الجمعة وسمع الأذان استغفر لأبى أمامة، ولما سأله لماذا يستغفر له قال: كان أول من جمع بنا فى المدينة فى هزم النبيت من حرة بنى بياضة فى نقيع يقال له نقيع الخضمات، وكانوا يومئذ أربعين رجلا، والقول بهذا رواه أبو داود وابن حبان وابن ماجه والبيهقى وصححه، وقال ابن حجر: إسناده حسن.
والهزم المكان المطمس من الأرض، والنبيت أبو حشمن اليمن اسمه عمرو بن مالك، وحرة بنى بياضة قربة على ميل من المدينة، وبنو بياضة بطن من الأنصار والنقيع بطن من الأرض يستنقع فيه الماء مدة فإذا نضب نبت الكلا.
وقد جمع بين الحديثين -على فرض صحة الأول -بأن مصعبا يقال: إنه أول من جمع باعتباره كان إماما للمصلين وبأن أسعد هو أول من جمع لأنه الأمير للقوم، وكان مصعب فى ضيافته فنسب الأمر إليه وبخاصة أنه أطعم المصلين غداء وعشاء كما فى رواية أخرى.
واجتماع المسلمين فى يوم من أيام الأسبوع قيل: كان باجتهادهم قبل أن تفرض عليهم صلاة الجمعة، فقد جاء فى حديث مرسل عن ابن سيرين قال: جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة، وقبل أن تنزل الجمعة، قالت الأنصار: لليهود يوم يجمعون فيه كل أسبوع وللنصارى مثل ذلك، فهلم فلنجعل يوما نجمع فيه فنذكر الله تعالى ونصلى ونشكره، فجعلوه يوم العروبة، واجتمعوا إلى أسعد بن زرارة، فصلى بهم يومئذ ركعتين وذكرهم، فسموا الجمعة حين اجتمعوا إليه فذبح لهم شاة فتغدوا وتعشوا منها، وذلك لقلتهم فأنزل الله تعالى فى ذلك {يا أيها الذين امنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع. . .} الجمعة: 9، قال ابن حجر: رجاله ثقات، إلا أنه مرسل، أى سقط منه الصحابى [يلاحظ أن هذا الحديث يبين قلة عدد المصلين للجمعة فى أول مرة بحيث تكفيهم الشاة غداء وعشاء، أما الحديث الذى فيه استغفار كعب بن مالك لأسعد بن زرارة فيذكر أن عددهم أربعون، وهؤلاء لا تكفيهم الشاة غداء وعشاء، فالظاهر أن رواية حديث ابن سيرين كانت عن أول صلاة، وحديث كعب كان بعد اشتهار صلاة الجمعة وكثرة الحاضرين.
وقيل كان اجتماع المسلمين لصلاة الجمعة بأمر النبى صلى الله عليه وسلم، كما يدل عليه كتابه إلى مصعب بن عمير الذى أخرجه الدارقطنى عن ابن عباس.
ولما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم نزل "قباء" عند بنى عمرو بن عوف، ثم توجه إلى المدينة يوم جمعة فأدركته صلاتها فى بنى سالم بن عوف، فصلاها فى المسجد الذى فى بطن الوادى وسمى مسجد الجمعة وهى أول جمعة صلاها بأصحابه وكانوا مائة وقيل أربعون "الزرقانى 7/ 382" وأول خطبة خطبها بالمدينة فى المرجع المذكور نقلا عن تفسير القرطبى وذكر وجوه محاسنها.
[لعل كل جماعة أسلمت قبل هجرة النبى إليهم كانت تتخذ لها مسجدا خاصا.
هذا فى تاريخ التشريع لصلاة الجمعة، أما العدد المشروط لإقامتها ففيه أقوال كثيرة، أوصلها الحافظ ابن حجر فى "فتح البارى" إلى خمسة عشر قولا، ونقلها الشوكانى فى نيل الأوطار وعلَّق عليها، وفيما يلى تلخيص لذلك.
القول الأول -تصح بواحد، ولا دليل عليه، وهو لا يتفق مع معنى الاجتماع الموجود فى الجمعة، نقله ابن حزم، وحكاه الدارمى عن الكاشانى.
القول الثانى - تصح باثنين، إمام ومأموم، لأن العدد واجب بالحديث والإجماع، ولم يثبت دليل على اشتراط عدد مخصوص، فتقاس على صلاة الجماعة، حيث تصح باثنين، فقد صح عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال: بت عند خالتى ميمونة-أم المؤمنين - رضى الله عنها، فقام النبى صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل، فقمت أصلى معه، فقمت عن يساره، فأخذ برأسى وأقامنى عن يمينه، رواه الجماعة، وفى لفظ: صليت مع النبى صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر، وقمت إلى جنبه عن يساره فأقامنى عن يمينه، قال: وأنا يومئذ ابن عشر سنين. رواه أحمد.
والشوكانى يرجح هذا القول.، وهو قول النخعى وأهل الظاهر.
القول الثالث -تصح باثنين غير الإمام، ودليله أن العدد واجب كالجماعة، وشرط العدد فى المأمومين المستمعين للخطبة، وأقل عدد يحصل به الاجتماع هو اثنان. وهو قول أبى يوسف ومحمد بن الحسن صاحبى أبى حنيفة.
القول الرابع -تصح بثلاثة والإمام رابعهم ومستنده حديث أم عبد الله الدوسية الذى أخرجه الطبرانى وابن عدى عنها مرفوعا "الجمعة واجبة على كل قرية فيها إمام وإن لم يكونوا إلا أربعة" وفى رواية "وإن لم يكونوا إلا ثلاثة رابعهم الإمام " وقد ضعَّفه الطبرانى وابن عدى، وهو قول أبى حنيفة، وحكى عن الأوزاعى وأبى ثور، واختاره المزنى والسيوطى وحكاه عن الثورى والليث بن سعد.
القول الخامس - تصح بسبعة ولا مستند له، وحكى عن عكرمة.
القول السادس -تصح بتسعة، ولا مستند له أيضا، وحكى عن ربيعة.
القول السابع -: تصح باثنى عشر بما فيهم الإمام، ودليله حديث: كان النبى صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ أقبلت عِير قد قدمت، فخرجوا إليها حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا، فأنزل الله تعالى {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما. ..} الجمعة: 11، رواه البخارى ومسلم.
ووجه الاستدلال أن الجمعة صحت بهذا العدد، لكن يرد عليه بأنه دليل على أنها تصح باثنى عشر فما فوقهم، أما إنها لا تصح بأقل من ذلك فلا يدل عليه هذا الدليل.
كما استدل من قال بذلك بحديث الطبرانى عن أبى مسعود الأنصارى: أول من قدم من المهاجرين مصعب بن عمير، وهو أول من جمع بها يوم الجمعة قبل أن يقدم النبى @ وهم اثنا عشر رجلا لكن هذا الحديث ضعيف، وهو قول ربيعة فى رواية وحكاه الماوردى أيضا عن الزهرى والأوزاعى ومحمد بن الحسن.
القول الثامن -تصح باثنى عشر غير الإمام، أى بثلاثة عشر، ومستنده مستند القول السابع، وهو قول إسحاق.
القول التاسع -تصح بعشرين، ولا مستند له وهو رواية عن مالك.
القول العاشر- تصح بثلاثين، ولا مستند له أيضا وهو رواية أخرى عن مالك.
القول الحادى عشر -تصح بأربعين بما فيهم الإمام، ومستنده حديث أبى داود المتقدم فى أن أسعد بن زرارة أول من جمَّع فى هزم النبيت، وفيه ان عددهم يومئذ كان أربعين رجلا.
ووجه الاستدلال أن الإجماع على اشتراط العدد فى صلاة الجمعة، فلا تصح إلا بعدد ثابت بدليل، وقد ثبت جوازها بأربعين، فلا يجوز بأقل منه إلا بدليل صحيح، وقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "صلوا كما رأيتمونى أصلَّى" قالوا: ولم تثبت صلاته لها بأقل من أربعين، لكن أجيب عنه أنه لا دليل فى الحديث على اشتراط الأربعين، بل هو يدل على صحتها بأربعين فمن فوقهم، وأما عدم صحتها بأقل من ذلك فلا يدل عليه هذا الحديث، لأنه واقعة عين، وواقعة العين لا تدل على نفى غيرها، ففى القواعد الأصولية، وقائع الأحوال لا يحتج بها على العموم، فالمعروف أن الجمعة لما فرضت بمكة لم يتمكن النبى صلى الله عليه وسلم من أدائها، فلما هاجر من هاجر كتب إليهم بأدائها، فاتفق أن عددهم إذ ذاك كان أربعين فى رواية الطبرانى عن ابن عباس.
ومن أدلة هذا القول ما أخرجه البيهقى عن ابن مسعود قال: جمعنا النبى صلى الله عليه وسلم وكنت اَخر من أتاه ونحن أربعون رجلا، فقال "إنكم مصيبون ومنصورون ومفتوح لكم " ورد عليه باحتمال أن تكون هذه الواقعة قد قصد بها النبى @ أن يجمع أصحابه ليبشرهم لا ليصلى بهم جمعة، فاتفق أن اجتمع له منهم هذا العدد، قال السيوطى: وإيراد البيهقى لهذا الحديث أقوى دليل على أنه لم يجد من الأحاديث ما يدل للمسألة صريحا، وهذا هو قول الشافعية.
القول الثانى عشر- تصح بأربعين غير الإمام، وروى عن الشافعى أيضا،، وبه قال عمر بن عبد العزيز، ولعل دليله هو دليل القول السابق.
القول الثالث عشر-تصح بخمسين، ومستنده حديث الطبرانى مرفوعا "الجمعة على الخمسين رجلا، وليس على ما دون الخمسين جمعة"وقد ضعَّفه السيوطى، ومع ضعفه محتمل للتأويل،لأن ظاهره أن هذه العدد شرط للوجوب لا شرط للصحة، وهو قول أحمد بن حنبل، وفى رواية عن عمر بن عبد العزيز.
القول الرابع عشر-تصح بثمانين ولا مستند له.
القول الخامس عشر - تصح بجمع كبير بغير قيد، ومستنده أن الجمعة شعار، وهو لا يحصل إلا بكثرة تغيظ أعداء المسلمين، ونوقش ذلك بأن كونها شعارا لا يستلزم أن ينتفى وجوبها بانتفاء العدد الذى يحصل به ذلك.
على أن طلبها من العباد كتابا وسنة مطلق عن الشعار، فما الدليل على اعتباره؟ وكتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير فى نظر يوم اليهود.
. . غاية ما فيه ان ذلك سبب أصل المشروعية، وليس فيه أنه معتبر فى الوجوب، فلا يصح التمسك به لاعتبار عدد يحصل به الشعار، وإلا لزم قصر مشروعيتها على بلد يشارك المسلمين فى سكنه اليهود، وأنه باطل - انتهى.
لكن هذه المناقشة غير واردة لأن الشأن فى الجمعة أنها شعار وإن لم ينص عليه، ولا يشترط فى الشعار وجود يهود مع المسلمين، فقد يزول السبب ويبقى الحكم كالرمل فى الأشواط الأولى فى الطواف لإظهار أن بالمسلمين قوة تدحض زعم المشركين أن المدينة أصابتهم بوبائها، وبقى الرمل مسنونا إلى عهدنا هذا مع انتقاء السبب الأول فى مشروعيته، وهذا القول حكاه السيوطى عن مالك، قال الحافظ ابن حجر: ولعل هنا الأخير ارجحها من حيث الدليل.
هذه هى الأقوال فى اعتبار العدد الذى تنعقد به الجمعة، وقد رأيت أن بعض الأئمة كمالك حكيت عنه عدة روايات فى هذا الصدد، وأن بعضها ليس له دليل والبعض الآخر دليله مناقش غير مسلَّم تماما.
وأرى انعقادها بأى عدد يوجد، محافظة على الشعيرة، وكلما كان العدد كبيرا كان أفضل وبخاصة إذا كان هناك مخالفون لنا فى الدين، ففى انعقادها بالعدد الكبير إظهار لاهتمام المسلمين بالعبادة وتقوية الروح الجماعية، وإعطاء مظهر رائع له تأثيره النفسى على من يشاهد هذا الجمع الكبير، فى صلاته المنظمة ووحدته الروحية القوية.
قال الشوكانى بعد عرض الأقوال السابقة ومناقشة أدلتها: إن الاجتماع هو لذكر الله وشكره، وهو حاصل بالقليل والكثير، بل من الواحد لولا ما قدمناه من أن الجمعة يعتبر فيها الاجتماع، وهو لا يحصل بواحد، وأما الاثنان فبانضمام أحدهما إلى الاَخر يحصل الاجتماع، وقد أطلق الشارع اسم الجماعة عليهما فقال " الاثنان فما فوقهما جماعة" كما تقدم فى أبواب الجماعة وقد انعقدت فى زمانه الصلوات بهما بالإجماع، والجمعة صلاة، فلا تختص بحكم يخالف غيرها إلا بدليل، ولا دليل على اعتبار عدد فيها زائد على المعتبر فى غيرها، وقد قال عبد الحق: إنه لا يثبت فى عدد الجمعة حديث وكذلك قال السيوطى: لم يثبت فى شىء من الأحاديث تعبين عدد مخصوص - انتهى.
انظر: الحاوى للفتاوى للسيوطى: نيل الأوطار للشوكانى، فتح البارى لابن حجر، والروض الأنف للسهيلى.
أما مكان صلاه الجمعة فقال فيه أبو حنيفة: الجمعة لا تقام إلا فى المدن دون القرى والدليل ما روى عن على مرفوعا "ولا جمعة ولا تشريق إلا فى مصر جامع " وقد ضعف أحمد رفع هذا الحديث، وصحح ابن حزم وقفه، وللاجتهاد فيه مجال فلا ينتهض للاحتجاج به.
وعن ابن عباس: أول جمعة بعد جمعة جمعت فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مسجد عبد القيس بجؤاثى من البحرين، رواه البخارى وأبو داود، وقال: جؤاثى قرية من قرى البحرين وروى ابن أبى شيبة عن عمر أنه كتب إلى أهل البحرين أن جمعوا حيثما كنتم،، وهذا يشمل المدن والقرى، وصححه ابن خزيمة وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر بإسناد صحيح أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون فلا يعتب عليهم ويؤيد عدم اشتراط المدن حديث الدوسية المتقدم فى بيان العدد الذى تصح به الجمعة.
أما المسجد فذهب أبو حنيفة والشافعى وأحمد إلى أنه غير شرط، إذ لم يفصل دليلها ذلك، وهو قوى إن صحت صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى بطن الوادى، وقد رويت صلاته فى بطن الوادى ولو لم يسلم بصحته فإن فعلها فى المسجد لا يدل على اشتراطه.
وجاء فى المجموع للنووى أنه لا يشترط إقامتها فى مسجد، ولكن تجوز فى ساحة مكشوفة بشرط أن تكون داخلة فى القرية أو البلدة معدودة فى خطتها فلو صلاَّها خارج البلدة لن تصح بلا خلاف، سواء كان بقرب البلد أو بعيدا عنها، وسواء صلوها فى ركن أم ساحة.
أما المالكية فذهبوا إلى اشتراط المسجد للوجوب والصحة، أو للصحة فقط، ولا تصح فى براحٍ أحيط بأحجار من غير بناء، لأنه لا يسمى مسجدا، فالمسجد ماله بناء وسقف.
وبناء على ما تقدم فى بيان العدد والمكان لإقامة صلاة الجمعة نرى وجوب الحرص على إقامتها بأى عدد كان لمن وجدوا فى محلة لا يتوفر فيها العدد الكبير، ولا يشترط أن تكون المحلة مستوفية لمقومات القرية أو المدينة، والأرض كلها مسجد
(9/167)
________________________________________
الكلام أثناء خطبة الجمعة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما رأى الدين فيمن قاطع الخطيب على المنبر فى تصحيح حديث نبوى أو آية قرآنية؟

الجواب
من أجل احترام المسجد وتوفير الجو الهادئ للحاضرين فى يوم الجمعة لسماع الخطبة شرع السكوت والإنصات، ونهى عن اللغو والعبث والانصراف عن الخطيب بأى وجه يكون. قال تعالى {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} الأعراف: 204، وذلك لاشتمال الخطبة على كثير من القرآن الكريم كما قال بعض المفسرين، وجاء فى الحديث المتفق عليه "إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت " ومن لغا فلا جمعة له كما فى حديث أحمد "من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا والذى يقول له أنصت ليست له جمعة" والإمام أبو حنيفة كره الكلام تحريما من وقت خروج الإمام من خلوته حتى يفرغ من الخطبة ولا يعترض عليه حتى لو حصل منه لغو بذكر الظلمة، وحرم الحنابلة أى كلام حتى لو كان الخطيب غير عدل، وأجازه المالكية إن حصل منه ما لا يجوز كمدح من لا يستحق المدح، وذم من لا يجوز ذمه، هذا ما قاله الفقهاء.
وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقطع خطبته إذا وجه إليه سؤال من أحد الحاضرين، فيجيبه إلى خطبته فيتمها، وفى الحديث المتفق عليه أن رجلا طلب منه وهو يخطب الجمعة أن يدعو الله لينزل عليهم المطر فدعا فنزل المطر مدرارا واستمر أسبوعا، فجاء رجل فى الجمعة المقبلة وسأله وهو يخطب الجمعة أن يدعو الله ليمسك المطر حفاظا على الأموال من التلف، فدعا قائلا: اللهم حوالينا ولا علينا، يقول الشوكانى: فى الحديث جواز مكالمة الخطيب حال الخطبة ومعروف أن امرأة اعترضت على عمر وهو يخطب فى المغالاة فى المهور فلم ينهها بل قال: أصابت امرأة وأخطأ عمر، وفى إحدى الجمع قال للناس اسمعوا قولى وأطيعوا أمرى، فرد عليه سلمان: والله لا سمعنا قولك ولا أطعنا أمرك ذلك أنه قسم ثياب الصدقة.
فأصاب كل واحد قطعة صغيرة لا تكمل ثوبا، وظهر عمر أمامهم على المنبر بثوب كامل، فكيف يميز نفسه على بقية الناس؟ فقام ابنه عبد الله وبيَّن أن والده أخذ من نصيبه ليكمِّل به ثوبا يقف به أمام الناس، وهو يخطب، فقال سلمان: الآن قل نسمع وأمر نطع وصح أن عمر اعترض على تأخر بعض الحاضرين إلى الجمعة (مسلم ج 6 ص 130 وما بعدها 164) .
ومن هنا لا نجد مانعا من تصحيح خطأ حدث من الخطيب فى اَيه أو حديث إذا كان المصحح واثقا من ذلك على أن يكون بأسلوب حكيم لا يحدث لغطا ولا تشويشا، وأن يغلب على الظن أن الخطيب يسمع ويستجيب، فإن لم يستجب فلا يجوز الإلحاح فى التصحيح، فلعله لم يسمع، وقد يكون فيه رد فعل سيئ بأى وجه يكون.
ومع جواز ذلك فلعل من الخير أن يرجأ التصحيح حتى ينتهى المصلون من الصلاة، ثم ينبه الخطيب إلى ما أخطأ فيه وهو بدوره ينبغى أن يعلنه للناس، والنقاش الهادى فيه إثراء للمعرفة، وبعد عن التهمة، وتحاش للظنون، وحفاظ على قدسية المسجد وكرامة العلماء
(9/168)
________________________________________
الكلام فى المسجد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل من الحديث ما يقال " الكلام فى المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب "؟

الجواب
جاء فى كتاب "غذاء الألباب " للسفارينى قوله: وأما ما اشتهر على الألسنة من قوهم إن النبى صلى الله عليه وسلم قال " الحديث فى المسجد- وبعضهم يزيد المباح - يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " فهو كذب لا أصل له.
قال في المختصر: لم يوجد. وذكره القاضى فى موضوعاته كما ذكر العراقى على الإحياء: أنه لا أصل له. لكن روى ابن حبان فى صحيحه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "سيكون فى اَخر الزمان قوم يكون حديثهم فى مساجدهم ليس لله فيهم حاجة" وظاهر الحديث أن الكلام فى المسجد أيا كان نوعه ممنوع، لكن المحققين من العلماء قالوا: إنه يجوز فى الأمور المهمة فى الدين والدنيا من كل ما لا حرمة فيه ولا باطل.
وقد رأى الإمام النووى جواز الحديث العادى وإن صحبه ضحك خفيف، لما رواه مسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاة الذى صلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام. وقال: كانوا يتحدثون فيأخذون فى أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم.
وفى رواية احمد عن جابر: شهدت النبى صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرة فى المسجد وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية، فربما يبتسم معهم، وهو حديث صحيح "نيل الأوطار للشوكانى ج 2 ص 166 ".
فالحديث الممنوع هو الباطل الذى يشوش على المصلين، أو الذى يذهب بكرامة المسجد إذا تناوله جماعة فى شكل حلقات كما نص عليه.
وقد أذن @ لحسان بن ثابت أن يقول الشعر فى المسجد ليرد على الكافرين ما يسترونه من كذب على الله ورسوله كما ثبت فى الصحيحين.
وعليه فالكلام المباح غير محرَّم فى المساجد، وإن كنا ننصح بأن يكون فى أضيق الحدود.. . وليكن شغل الجالسين فيها ذكر الله والعبادة فذلك ما بنيت له المساجد
(9/169)
________________________________________
تعمير المسجد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما المقصود بعمارة المساجد؟

الجواب
عمارة المساجد يقصد بها إقامتها وتهيئتها بالنظافة والخدمة وغيرها لأداء العبادة، كما قال سبحانه: {فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه} النور: 36.
وقد كان العرب يعمرون المسجد الحرام بالخدمة والسقاية والحجابة ويعتقدون أنها أفضل من الإيمان برسالة محمدصلى الله عليه وسلم.
{أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الاخر وجاهد فى سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدى القوم الظالمين} التوبة: 19.
وهذه عمارة فى المبنى، وقد وردت فيها أحاديث كثيرة ترغب فيها.
أما عمارة المعنى فتكون بالتردد عليها وإقامة الجماعات والجمع والاعتكاف فيها، وغير ذلك من الأنشطة الدينية، كما قال تعالى {إنما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وانى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسف أونئك أن يكونوا من المهغدين} التوبة: 18.
وقد نهى الإسلام عن تخريب المساجد إما بهدمها وإما بإغلاقها حتى لا تقام فيها إبشعائر، وإما بإهمال نظافتها. قال تعالى {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعئ فى خرابها} البقرة: 114.
وفى الحديث: للأ ابنوا المساجد وأخرجوا القمامة منها، فمن بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا فى الجنة، وإخراج القمامة منها مهور الحور العين " رواه الطبرانى.
والتخريب للمساجد بمعنييه المادى والأدبى أشار إليه القرطبى فى تفسيره فقال: خراب المساجد قد يكون حقيقيا كتخريب بختنصَّر والنصارى بيت المقدس، ويكون مجازا كمنع المشركين للمسلمين حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الحرام.
وعلى الجملة فتعطيل المساجد عن الصلاة وإظهار شعائر الإسلام فيها خراب لها (ج 2 ص 77)
(9/170)
________________________________________
الجمع بين الصلاتين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
متى يجوز جمع الصلوات! وكيف تؤدى؟

الجواب
لا يجوز جمع الصلوات كلها فى وقت واحد، وإنما الجائز هو جمع صل! الظهر مع العصر فقط، وجمع صلاة المغرب مع العشاء فقط، تقديما فى وقت الأولى منهما أو تأخيرا نى وقت الثانية منهما.
وذلك يكون بسبب السفر الطويل كما يكون الجمع فى يوم عرفة للحجاج، حيث يصلون الظهر مع العصر فى وقت الظهرتقديما، وحيث يصلون المغرب مع العشاء فى المزدلفة تأخيرا.
وإذا أراد تأخير الظهر ليصليها مع العصر نوى فى وقت الظهر أنه يؤخرها، حتى لا يكون تأخيره لها إهمالا أو سهوا، وإذا أراد تقديم العصر ليصليها مع الظهر نوى فى قلبه وهو يصلى الظهر انه سيجمع معها العصر، كما قال الشافعية. (انظر ص 423 من المجلد الثالث من هذه الفتاوى) .
وعند الشافعية لو أراد المسافر تأخير صلاة الظهر مثلا ليجمعها مع العصر يشترط أن يكون السفر موجودا فى وقت صلاة العصر أيضا أما لو انتهى السفر قبل انتهاء صلاة العصر كانت صلاة الظهر قضاء، ويقال مثل ذلك فى المغرب والعشاء (انظر الفقه على المذاهب الأربعة طبع لزارة الأوقاف)
(9/171)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 11:00 pm

عند وفاة الإمام

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ماذا يفعل المصلون خلف الإمام إذا توفى أثناء الصلاة؟

الجواب
إذا توفى الإمام أثناء الصلاة كان حكمه حكم من انتقض وضوءه ووجب على المأمومين أن يتموا صلاتهم إما فرادى وإما بأن يتقدم أحدهم ليكمل الصلاة جماعة، ولا يجوز لهم قطع الصلاة والخروج منها، فإنهم لن يستطيعوا أن يردوا إليه روحه وذلك بخلاف ما إذا كان هناك خطر يهدد حياة المصلى فإنه يجوز له أن يخرج من الصلاة
(9/172)
________________________________________
خطبة الجمعة وخطبة العيد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز أن تكون خطبة العيد كخطبة الجمعة؟

الجواب
الفرق بين خطبة الجمعة وخطبة العيد، أن خطبة الجمعة ركن، أما خطبة العيد فسنة. وخطبة الجمعة تكون قبل الصلاة، وخطبة العيد بعدها، وخطبة العيد يسن افتتاحها بالتكبير. أما خطبة الجمعة فلا، وخطبة العيد يندب لمن استمع إليها أن يكبِّر عند تكبير الخطيب، أما خطبة الجمعة فيحرم الكلام فى أثنائها، وخطبة الجمعة يشترط لها الطهارة وستر العورة بخلاف خطبة العيد على خلاف للفقهاء فى ذلك
(9/173)
________________________________________
لماذا فرضت صلاة الصبح مبكرة؟

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
لماذا فرض الله سبحانه وتعالى على الناس صلاة الصبح فى وقت قد لا يستطيع كل الناس أداءها فيه نظرا لاختلافهم فى حالات توقيت العمل فى الصباح، وعدد ساعات النوم التى لا يستطيع كل إنسان التحكم فيها؟

الجواب
الله سبحانه له حكمة فى توزيع الصلوات على الأوقات المعروفة فلا بد من المحافظة على ذلك حتى لو لم نفهم الحكمة، فالأمر قائم على الاتباع، ففى الحديث "صلوا كما رأيتمونى أصلى" وقد عين جبريل للرسول عليه الصلاة والسلام مواقيت الصلاة، بعد أن فرضت عليه ليلة الإسراء، وحدد له أول الوقت وآخره، وقال له: " الوقت ما بين هذين الوقتين ".
ولعل الحكمة فى تضييق وقت صلاة الصبح هى الحرص على البكور واستئناف النشاط اليومى من أول النهار، فقد أجمع ذوو الاختصاص على أن الساعات الأولى من النهار فيها خير كبير للإنتاج الذهنى والبدنى، والرسول دعا أن يبارك الله لأمته فى البكور.
وقال بعض المفكرين إن صلاة الصبح تؤدى بعد راحة طويلة بالنوم بالليل، ومع ذلك جعلها الله ركعتين ولم يجعلها أربعا أو أكثر، وذلك للسرعة فى استئناف العمل من أجل الرزق والمهمات الأخرى.
وقد كره العلماء السهر الطويل بعد العشاء لغير حاجة وذلك من أجل راحة الجسم بالنوم وعدم فوات صلاة الصبح التى قال الله فيها: {إن قراَن الفجر كان مشهودا} الإسراء: 78.
وإذا كانت هناك قلة من الناس يعملون بالليل فيتعرضون لضياع صلاة الصبح، فإن القلة لا تحكم على الكثرة ومع ذلك فمن الممكن أن تنظم أوقات العمل حتى لا يضيع أى فرض من فروض الصلاة ليلا أو نهارا.
وفى الصحيحين أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: " يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة مكانها: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ".
وفى الصحيحين أيضا أن رجلا ذُكِر عند النبى صلى الله عليه وسلم فقيل: ما زال نائما حتى أصبح ما قام إلى الصلاة، فقال "ذاك رجل بال الشيطان فى أذنه "
(9/174)
________________________________________
حكمة مشروعية الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هو السر فى تكليف الله لنا بالصلاة أكثر من مرة فى اليوم والليلة، الأمر الذى يشغلنا عن الكفاح لطلب الرزق والاستمتاع الكامل بالحياة؟

الجواب
على ضوء الحكمة العامة للتشريع وهى ربط المخلوق بالخالق، وإعداده لحمل الأمانة وتحقيق الخلافة يمكن أن تظهر حكمة التشريع فى الصلاة التى هى أفضل العبادات وأقواها أثرا فى إظهار العبودية لله، وفى إعداد الشخص نفسيا وخلقيا وتهيئته لحياة سعيدة كريمة. وقد ورد فى بيان سرها ومغزاها آيتان كريمتان هما قوله تعالى {وأقم الصلاة لذكرى} طه: 14، وقوله {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت:45.
وعلى ضوء الحكمة العامة للتشريع يمكن بيان بعض أسرارها فيما يلى:
1 - الصلاة فيها ذكر لله يربط المخلوق بالخالق، فالمصلِّى يدخل صلاته بالتكبير لله، الذى يشعر بالوحدانية المطلقة والإقرار بسلطان الله الواسع وعزته البالغة، وهو فى الفاتحة يحمده ويثنى عليه بمحامد الصفات ويقر له وحده بالعبادة ويطلب منه وحده المعونة والهداية إلى الصراط المستقيم وهو يركع خاضعا ويسجد خاشعا ويوحده متشهدا.
وفيما بين ذلك يقرأ ويدعو ويسبِّح ويكبِّر. وكل ذلك مظاهر واضحة لربط المصلى بربه. يقول النبى صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه " قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين ولعبدى ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله:
حمدنى عبدى. وإذا قالى: الرحمن الرحيم قال أثنى علىَّ عبدى، وإذا قال: مالك يوم الدين قال: مجِّدنى عبدى، وإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين. قال: هذا بينى وبين عبدى ولعبدى ما سأل وإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، قال هذا لعبدى ولعبدى ما سأل " رواه مسلم.
ومن أجل قوة هذا الرباط الروحى كانت م الصلاة من أكبر ما يكفِّر الذنوب، على ما جاء فى قوله تعالى {وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} هود: 114، وكما قال صلى الله عليه وسلم " أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شىء؟ " قالوا لا يبقى من درنه شىء قال " فكذلك الصلوات الخمس يصححه يمحو الله بهن الخطايا " رواة البخارى ومسلم.
2- الصلاة فيها إشراق للروح وتطهير للقلب، وأنس بالله وطمائنينة للنفس بمناجاة تذهب اللهم وتفسح الصدر بالأمل، وتبعده عن العقد النفسية، وتقوى العزيمة على العمل، ولهذا كانت ملجأ الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يحزبه أمر أو يهمه موضوع. ففى الحديث: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أو حزنه أمر فزع إلى الصلاة، رواة أحمد. وجاء عنه قوله "وجُعلت قُرة عينى فى الصلاة" رواه النسائى والطبرانى والضحاك وصححه، وقال الحافظ: إسناده جيد.
وفى الصلاة تصفية للنفس من الكبر والغرور، بالذلة لله والضراعة وطأطأة رأسه التى طالما ارتفعت على الناس، ولمس التراب بأشرف شىء فى الإنسان تواضعا وخضوعا لخالق هذه الأعضاء.
والصلاة بما اشتملت عليه من أقوال وأفعال تعوَّد الإنسان أن يقرن العلم بالعمل، وألا يقتصر فى حياته على العلم بالحقائق، بل لابد من تطبيقها والإفادة منها فى الحياة، ويبدو ذلك واضحا فى الركوع والسجود، اللذين هما تطبيق عملى للإقرار بعظمة الله ووحدانيته ولطلب المعونة والهداية منه، فهما يشعران بذلة الإنسان وتواضعه واحتياجه لربه.
وفى الصلاة تقوية لعامل الخوف من الله يدعو إلى-الإخلاص فى العمل، وإلى مراقبته فى جميع الشئون، وفى الصلاة أيضا تمرين على النظام فى الحياة العامة، بما فيها من ضبط لأوقاتها وتنسيق لأداء أركانها، وترتيب الإنسان لمواعيد نومه، ويقظته واعماله الأخرى.
بحيث يساعد هذا الترتيب على أداء الصلوات فى أوقاتها المحدودة لها، كما أن الصلاة تعوَّد النظافة بما اشترط لها من طهارة، وفى حركاتها المختلفة رياضة تفوق التمرينات التى يحرص عليها كثير من الناس، ذلك لأنها تجمع إلى رياضة الجسم رياضة الروح بالذكر والدعاء.
3-الصلاة تصقل نفس صاحبها وترقق قلبه وترهف حسه وتهذَّب غرائزه فيخرج منها ليعامل الناس بعفة اللسان ولين الكلام وخفض الجناح ورحمة الضعفاء ومواساة المحتاجين، ويؤيد فائدتها فى الميدان الاجتماعى النعى على الذين يصلون ولا يفيدون من صلاتهم، بل يخرجون منها ولا تمتد أيديهم بالخير إلى الناس، لأنهم دخلوها رياء لا قلب يخشى ولا عقل يفهم، قال تعالى {فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يراءون ويمنعون الماعون} الماعون: 4 - 7.
والصلاة الكاملة الخاشعة تنأى بالإنسان عن اقتراف المنكر وإتيان الفواحش، سواء أكان ذلك بينه وبين نفسه أم بينه وبين الناس، يدل على ذلك قوله تعالى {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت: 45، وقال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذى جيرانها بلسانها قال "هى فى النار" رواه أحمد والبزار وابن حبان فى صحيحه والحاكم وصححه، وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "قال الله عز وجل: إنما أتقبَّل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتى، ولم يستطل على خلقى، ولم يبت مصرًّا على معصيتى، وقطع النهار فى ذكرى ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة، ورحم المصاب ذلك نوره كنور الشمس، أكلؤه بعزتى وأستحفظه ملائكتى، وأجعل له فى الظلمة نور، وفى الجهالة حلما، ومثله فى خلقى مثل الفردوس فى الجنة" رواه البزار من رواية عبد الله بن واقد الحرانى وبقية رواته ثقات.
وفى الصلاة مع الجماعة تطبيق عملى للديمقراطية السلوكية، بما فيها من مساواة وتعويد لطاعة الرؤساء وتمرين على النظام بربط حركات المأمومين بحركات الإمام وبتسوية الصفوف وسد الفرج بين المصلين، وفيها دعوة عملية للاتحاد والتعاون، وفرصة للتجمع والتعارف وما ينشأ عن ذلك من تبادل الآراء والمنافع وحل المشكلات وتقوية رابطة الألفة والمحبة بين الناس.
هذا، ولن تثمر الصلاة ثمرتها المطلوبة إلا إذا أديت بخشوع يقوم على حضور القلب وتفرغه مما سوى الصلاة، وعلى تفهم ما يقول المصلى ويفعله، وعلى استشعاره لعظمة الله وهيبته مع رجاء ثوابه وخشية عقابه ومع حياء يشعر معه بالقصور عن أداء ما يجب لله المعبود وحده بحق وصاحب النعم كلها {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} الأعراف: 54، قال تعالى فى مدح المؤمنين المفلحين {الذين هم فى صلاتهم خاشعون} المؤمنون: 3، وفى نهيه عن الغفلة فيها بتعاطى أسبابها {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} النساء: 43.
ولما كانت الصلاة بهذه المنزلة التربوية العظيمة كانت أهم أركان الإسلام وأفضلها يشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم "لا دين لمن لا صلاة له إنما موضع الصلاة من الدين موضع الرأس من الجسد" رواه الطبرانى ومن هنا جاءت فارقا بين المسلم والكافر كما ورد فى الحديث الصحيح "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" رواه مسلم وأصحاب السنن بألفاظ متقاربة.
ولم يتسامح فيها الرسول عليه الصلاة والسلام، كما تسامح فى غيرها من التكاليف لمن أراد الدخول فى الإسلام فنعدما جاء إليه وفد ثقيف اشترطوا عليه ألا يخرجوا للجهاد ولا تؤخذ منهم زكاة، ولا يجتمعوا للصلاة ولا يول عليهم أحد من غيرهم، فأجابهم إلى طلبهم مبدئيا ما عدا الصلاة، حيث قال "لكم ألا تحشروا - للجهاد - ولا تعشروا- بأخذ العشر للزكاة - ولا يستعلى عليكم غيركم لا خير فى دين لا ركوع فيه " رواه أحمد. ولما كان للصلاة أثرها القوى فى تثبيت الإيمان فى القلوب وفى تقويم السلوك قال النبى صلى الله عليه وسلم فى شأن هؤلاء "إنهم سيصدقون ويجاهدون " كما جاء فى رواية ابى داود أى أن الصلاة ستحملهم على عمل الخير الذى كانوا قد رغبوا عنه.
بهذا العرض لحكمة مشروعية الصلاة يتضح للمؤمن أنها لمصلحته هو، فالله غنى عن عبادتنا وأن أية فائدة لا تأتي الا ببذل جهد مهما كانت درجته، وبمقارنة الثمرات الطيبة التى تخم عن الصلاة بما يتكلفه الإنسان من جهد تنشط نفسه للمحافظة عليها وتأبى التقصير فيها. ويحس بأنها غنم لا غرم، فالجلسة فى روضة مع الحبيب ليست كوقفة أمام محقق فى تهمة أو دفع غرامة
(9/175)
________________________________________
ألفاظ الأذان والإقامة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
سمعت بعض المؤذنين يقول فى أول الأذان " الله اكبر " مرتين فقط كما سمعت بعض من يقيمون للصلاة يقول "أشهد أن لا إله إلا الله " مرتين وكذلك بقية الكلمات فهل هذا صحيح؟ وهل المؤذن هو الذى يقيم؟ ومتى يقوم الناس للصلاة عند الإقامة؟

الجواب
معلوم أن الأذان الذى هو الإعلام بدخول وقت الصلاة سنة، وكذلك الإقامة لاستنهاض الحاضرين لأداء الصلاة سنة أيضا.
وألفاظ الأذان هى: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله. حى على الصلاة. حى على الفلاح. الله أكبر. لا إله إلا الله. ويمكن أن تؤدى بإحدى كيفيات ثلاث هى:
الأولى - تربيع التكبير الأول (أى يقال أربع مرات) وتثنية باقى الكلمات (أى تقال مرتين) بلا ترجيع، أى قول اشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله سرًّا قبل الجهر بهما، ما عدا كلمة التوحيد وهى الأخيرة فتقال مرة واحدة فيكون عدد الكلمات خمس عشرة كلمة، كما جاء فى حديث عبد الله بن زيد الذى رواه أحمد وأبو داود والترمذى وقال: حسن صحيح.
الثانية - تربيع التكبير الأول، مع ترجيع الشهادتين (كل شهادة مرتين سرا) والباقى كالكيفية الأولى، فيكون عدد الكلمات تسع عشرة كلمة، كما جاء فى حديث أبى محذورة الذى رواه الخمسة أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذى: حسن صحيح.
الثالثة: - تثنية التكبير الأول مع ترجيع الشهادتين، والباقى كالكيفية الأولى، فيكون عدد الكلمات سبع عشرة كلمة، كما جاء فى حديث أبى محذورة الذى رواه مسلم.
وألفاظ الإقامة هى ألفاظ الأذان بزيادة "قد قامت الصلاة" قبل التكبير الأخير ويمكن أن تؤدى بكيفيات ثلاثة هى:
الأولى-تربيع التكبير الأول مع تثنية جميع كلماتها، ما عدا الكلمة الأخيرة وهى كلمة التوحيد فيكون عدد الكلمات سبع عشرة كلمة، كما جاء فى حديث أبى محذورة الذى رواه الخمسة وصححه الترمذى.
الثانية - تثنية التكبير الأول والأخير وقد قامت الصلاة، وإفراد سائر الكلمات فيكون عددها إحدى عشرة كلمة، كما فى حديث عبد الله بن زيد المتقدم وفيه "ثم تقول إذا أقمت: الله اكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، اشهد أن محمدا رسول الله، حى على الصلاة، حى على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله اكبر الله أكبر، لا إله إلا الله ".
الثالثة-هذه الكيفية كالكيفية الثانية ما عدا كلمة "قد قامت الصلاة" فتقال مرة واحدة فيكون عدد الكلمات عشر كلمات. وقد أخذ مالك بهذه الكيفية لأنها عمل أهل المدينة، وإن لم يصح عن الرسول إفراد كلمة "قد قامت الصلاة" كما قال ابن القيم. من هذا العرض نرى أن كيفيات الأذان والإقامة مختلفة، وكلها صحيحة ولا داعى للتعصب لأية كيفية.
أما كون المؤذن هو المقيم فلم يرد فيه حديث، فيجوز أن يقيم المؤذن وأن يقيم غيره، وذلك باتفاق العلماء لكن الأولى أن يتولى المؤذن الإقامة. قال الشافعى: وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة، وقال الترمذى والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن من أذن فهو يقيم. ويمكن الرجوع إلى صفحة 681 من المجلد الثالث من هذه الفتاوى ففيه توضيح لهذه المسألة.
وإذا سمع الناس الإقامة للصلاة متى يقومون إليها؟ قال النووى فى شرح صحيح مسلم "ج 5ص 103، اختلف العلماء من السلف فمن بعدهم متى يقوم الناس للصلاة ومتى يكبِّر الإمام، فمذهب الشافعى رحمه الله تعالى وطائفة انه يستحب ألا يقوم أحد حتى يفرغ المؤذن من الإقامة ونقل القاضى عياض عن مالك رحمه الله تعالى وعامة العلماء أنه يستحب أن يقوموا إذا أخذ المؤذن فى الإقامة وكان أنس رحمه الله تعالى يقوم إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، وبه قال أحمد رحمه الله تعالى، وقال أبو حنيفة والكوفيون يقومون فى الصف إذا قال حى على الصلاة فإذا قال: قد قامت الصلاة كبِّر الإمام.
وقال جمهور العلماء من السلف والخلف: لا يكبر الإمام حتى يفرغ المؤذن من الإقامة
(9/176)
________________________________________
وضع الأصابع على الأذنين فى الأذان

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يلاحظ أن اكثر المؤذنين يضعون أصابعهم على آذانهم أثناء الأذان فهل هذا سنة؟

الجواب
جاء فى المغنى لابن قدامة وشرحه "ج 1 ص 438" أن المشهور عن أحمد بن حنبل أن المؤذن يجعل إصبعه فى أذنيه، وعليه العمل عند أهل العلم وهو مستحب قال الترمذى لما روى أبو جحيفة أن بلالا أذن ووضع إصبعيه فى أذنيه، متفق عليه، وعن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يجعل إصبعيه فى أذنيه قال "إنه أرفع لصوتك ".
وروى أبو طالب عن أحمد أنه قال: أحب إلىَّ أن يجعل يديه على أذنيه، لحديث أبى محذورة وضم أصابعه الأربع ووضعها على أذنيه، وحكى أبو حفص عن ابن بطة قال:
سألت أبا القاسم الخرقى عن صفة ذلك فأرانيه بيديه جميعا فضم أصابعه على راحتيه ووضعهما على أذنيه واحتج لذلك القاضى بما روى أبو حفص بإسناده عن ابن عمر أنه كان إذا بعث مؤذنا يقول له: اضمم أصابعك مع كفيك، واجعلهما مضمومة على أذنيك، وبما روى الإمام أحمد عن أبى محذوفي أنه كان يضم أصابعه، والأول أصح لصحة الحديث وشهرته وعمل أهل العلم به وأيهما فعل، فحسن وإن ترك الكل فلا بأس. انتهى.
هذا ما جاء فى المغنى عن استحباب وضع الإصبعين فى الأذنين أو وضع الأصابع الأربع كلها على الأذنين وكما قال ابن قدامة: وضع الإصبعين فى الأذنين هو الأصح والحكمة فى ذلك -كما ذكر فى الحديث - أنه أرفع للصوت: والعلاقة بين الصوت وسد الأذنين بالإصبعين تحتاج إلى تأصيل من المختصين. - إن الموضوع لا يحتاج أكثر من هذا، ولا ينبغى الجدل فيه كما ختم ابن قدامة به الإجابة: أيهما فعل فحسن وإن ترك الكل فلا بأس
(9/177)
________________________________________
أذان المرأة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للمرأة أن تؤذن للصلاة إذا كانت الجماعة من النساء؟

الجواب
يكره للمرأة رفع صوتها بالأذان إذا سمعه رجل أجنبى، فإن كانت تؤذن لنساء فلا مانع بحيث لا يسمعه أجنبى، وكذلك لو أذنت لنفسها، جاء فى المغنى لابن قدامة "ج 1 ص 437" أنه لا خلاف فى أنه لا أذان ولا إقامة على المرأة، لكن هل يسن لها ذلك؟ قال أحمد: إن فعلن فلا بأس وان لم يفعلن فجائز، وعن عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم كما رواه البيهقى وقد مر فى صفحة 428 من المجلد الأول من هذه الفتاوى أن النبى صلى الله عليه وسلم جعل لأم روقة مؤذنا وأباح لها أن تؤم أهل بيتها
(9/178)
________________________________________
الأذان المسجل

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز فى صلاة الجماعة الاكتفاء بالأذان المسجل على شريط أو المذاع بأجهزة الإذاعة أم لابد من قيام أحد برفع الأذان؟

الجواب
لا يكتفى بالأذان المسجل أو المذاع فإن المسلمين مطالبون به كما صح فى قول النبى صلى الله عليه وسلم "إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكما وليؤمكما أقرؤكما" رواه البخارى ومسلم. والأذان سنة مؤكدة كما رآه أبو حنيفة والشافعى. وقال أبو بكر بن عبد العزيز: هو من فروض الكفاية وهو قول أكثر أصحاب أحمد بن حنبل وقول بعض أصحاب مالك. ويدل علي فرضيته أمر النبى صلى الله عليه وسلم به كما سبق ومداومته هو وخلفاؤه عليه والأمر هنا للوجوب والمداومة عليه تدل عليه، ولأنه شعار الإسلام "المغنى لابن قدامة ج 1 ص 431 " ومن أوجبه من الحنابلة أوجبه على أهل المصر"، وقال مالك: يجب فى مساجد الجماعة، ويكفى فى العصر أذان واحد إذا كان يسمعهم.
وبهذا يعلم أنه واثب أو سنة بالنسبة للفرد أو بالنسبة للجماعة، ويكره تركه ويأثم من تركه على رأى من يوجبه، ولابد أن يكون من مسلم ولا يكفى إذاعة تسجيله
(9/179)
________________________________________
فضل الصلاة فى المسجد البعيد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يوجد بجوار منزلى مسجد صغير، وهناك مسجد آخر كبير يبعد عنه بمسافة نصف كيلو متر، فأى المسجدين يفضل أن أصلى فيه؟

الجواب
لا شك أن الأرض كلها مسجد، فأينما أدركت الإنسان الصلاة صلَّى، وذلك من خصوصيات الأمة الإسلامية كما صح فى الحديث، لكن الصلاة فى المسجد المقام من أجل ذلك أفضل، وذلك لخيرية البقعة نفسها كما جاء فى الحديث الصحيح "خير البقاع فى الأرض المساجد" ولرجاء أن يصلى جماعة، ولتقوية الرابطة الاجتماعية بكثرة من يلتقى بهم الإنسان، مع وجود فرصة لقراءة قرآن أو سماعه أو حضور مجلس علم، وللأمر بعمارة المساجد وفتحها للمصلين وممارسة الشعائر فيها.
وإذا كانت هذه الآثار تترتب على الذهاب إلى مسجد، صغيرا كان أو كبيرا، قريبا من منزله أو من محل عمله أو بعيدا، فإن الفضل يزيد فى المسجد الكبير وذلك لكثرة المصلين معه " روى أحمد وأبو داود والنسائى وابن ماجه وغيرهم عن أُبى بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى:
وكذلك يزيد الفضل فى المسجد البعيد. . .
ذلك أن خطوات الإنسان من بيته إلى المسجد لها ثوابها كما صح فى الحديث الذى رواه مسلم "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات "؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: "إسباغ الوضوء على المكاره،كثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط. فذلكم الرباط " والحديث الذى رواه مسلم أيضا "من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت الله ليقض فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة" والحديث الذى رواه البخارى ومسلم عن جابر قال: خَلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فقال لهم " بلغنى أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد"؟ قالوا: نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك فقال "بنى سلمة، دياركم تكتب آثاركم دياركم تكتب آثاركم " فقالوا: ما يسرنا أنا كنا تحولنا. والحديث الذى رواه البخارى ومسلم "إن أعظم الناس أجرا فى الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم، والذي ينتظر الصلاة، حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذى يصليها ثم ينام " هذا، وأرى أن يدخل فى الاعتبار مدى الاستفادة العلمية من خطبة الجمعة أو الدروس الدينية، فيفضل أكثرها فائدة.
لأن المساجد ليست للصلاة فقط. جاء فى " كفاية الأخيار" فى فقه الشافعية أن الجماعة فى القريب أفضل إذا ترتب على الجماعة فى البعيد تعطيل لها فى المسجد القريب، أو كان البعيد إمامه معتزلى أو غيره من المبتدعين والفساق أو مذهبه غير مذهبه
(9/180)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 11:02 pm

رفع الصوت فى الصلاة لطارئ

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
فى أثناء الصلاة قد يطرق الباب أحد الأشخاص،فهل يجوز للمصلى أن يرفع صوته عند التكبير للركوع أو غيره ليعلم الشخص أن صاحب المنزل موجود فى المنزل؟

الجواب
فى فقه المذاهب الأربعة نشر أوقاف مصر ما يأتى:
قال الحنفية: تبطل الصلاة إذا رفع صوته بالتسبيح أو التهليل يريد - بذلك زجر الغير عن أمر من الأمور، أما إذا رفع صوته بالقراءة قاصًا - الزجر برفع الصوت لا بالقراءة فإن صلاته لا تفسد، وكذلك لو سبَّح - للإعلام بأنه فى الصلاة لا تبطلَ الصلاة.
وقال المالكية: لو استأذن شخص فى الدخول عليه وهو يصلى فأجابه بالتسبيح أو التهليل أو بقول: لا حول ولا قوة إلا بالله فإن صلاته لا تبطل بذلك فى أى محل من الصلاة. وقال الحنابلة: لا تبطل الصلاة بأى ذكر أو بأى آية من القرآن الكريم، كقوله " ادخلوها بسلام آمنين " لمن يستأذنه.
وقال الشافعية: إذا استأذنه شخص فى أمر فسبَّح له يعنى قال سبحان الله لا تبطل الصلاة إن قصد الذكر ولو مع ذلك الغرض، فإن قصد إعلام المستأذن فقط بطلت صلاته.
من هذا يعلم أن رفع الصوت لإعلام من يطرق الباب أنه يصلى لا تبطل به الصلاة عند الجمهور
(9/181)
________________________________________
الصلاة فى وقت الدرس

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أثناء المحاضرات فى الجامعة هل يخرج الدارسون للصلاة عند سماع الأذان، وقد تكون المحاضرة لمدة ساعتين وبالتالى قد تفوت صلاة المغرب؟

الجواب
وقت الصلاة موسَّع بين أوله وآخره وإن كان التعجيل بالصلاة فى أول وقتها أفضل.
لكن محل ذلك إذا لم يكن الإنسان مشغولا بشىء هام يفوت منه لو تركه وذهب إلى الصلاة فى أول الوقت، وهنا يمكن أن يؤخر الصلاة إلى قبيل دخول وقت الصلاة الثانية.
أما إذا كان زمن المحاضرة يشغل الوقت كله بحيث لو استوعبها الطالب فاتت منه الصلاة فيجب عليه أن يتركها ويؤدى الصلاة، ويمكن تدارك ما فات منه بوسيلة أو بأخرى وبخاصة إذا كانت المحاضرة فى موضوع ليس واجبا حتما تعرف به الواجبات الأساسية على الإنسان نحو ربه ونحو مجتمعه، بل هو موضوع من الدرجة الثانية التى يكون تعلمها نافلة وليس فرضا.
ثم أقول لصاحب السؤال الذى يجب عليه أن يترك المحاضرة ليؤدى الصلاة حتى، لا تفوت منه يجب عليه أيضا أن ينبه الأستاذ إن كان مسلما كما ينبه الطلاب إلى حرمة تضييع الصلاة وإلى وجوب ترك المحاضرة حتى يؤدوا الصلاة، لأن هذا من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ولكن يجب أن يكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة.
أرجو أن يمكِّن الأساتذة الطلاب من أداء الصلاة فى وقتها كما يجب عليهم هم أن يصلوا وأن يؤجلوا ما بقى من المحاضرات إلى وقت آخر، حتى يبارك الله لهم جميعا فيما يتعلمون فتقوى الله أكبر عامل على السعادة فى الدنيا والآخرة.
وأؤكد أن وقت الصلاة متسع ولا يتحتم على الطالب أن يترك المحاضرة ليؤدى الصلاة فى أول وقتها، فأداؤها فى أول وقتها سنة وطلب العلم سنة، وبهذه المناسبة ذكر ابن القيم فى كتابه "مفتاح دار السعادة ص 25 " أن كثيرا من الأئمة صرَّحوا بأن أفضل الأعمال بعد الفرائض طلب العلم، فقال الشافعى: ليس شىء بعد الفرائض أفضل من طلب العلم، وهذا الذى ذكر أصحابه عنه أنه مذهبه وكذلك قال سفيان الثورى وحكاه الحنفية عن أبى حنيفة، وأما أحمد فحكى عنه ثلاث روايات، إحداهن أنه العلم، فإنه قيل له: أى شىء أجب إليك، أجلس بالليل أنسخ أو أصلى تطوعا؟ قال تعلم به أمور دينك فهو أحب إلىَّ، وذكر الخلاَّل عنه فى كتاب العلم نصوصا كثيرة فى تفضيل العلم وأما مالك فقال ابن القاسم: سمعت مالكا يقول: إن أقواما ابتغوا العبادة وأضاعوا العلم فخرجوا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأسيافهم، ولو ابتغوا العلم لحجزهم عن ذلك! وذكر ابن القيم أيضا أن أبا نُعيم وغيره نقلوا عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "فضل العلم خير من نفل العمل وخير دينكم الورع "وقد روى هذا مرفوعا من حديث عائشة رضى الله عنها، وفى رفعه نظر. . . [الرفع أى الإسناد إلى النبى صلى الله عليه وسلم] هذا الكلام هو فصل الخطاب فى هذه المسألة فالعلم يعم نفعه صاحبه والناس معه، والعبادة يختص نفعها بصاحبها، ولأن العلم تبقى فائدته بعد موته والعبادة تنقطع، والحديث فى ذلك معروف "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم
(9/182)
________________________________________
حمل الصبى فى الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم حمل طفلا وهو يصلي؟ وإذا كان صحيحا فكيف تصح الصلاة مع حمل النجاسة، وغالب الأطفال ثيابهم نجسة؟

الجواب
قال العلماء يشترط فى صحة الصلاة طهارة الثوب والبدن والمكان، فلو حمل المصلى شيئا نجسا أو أمسك بشىء نجس وكان يتحرك بحركته بطلت صلاته والحديث موضوع السؤال صحيح. ففى صحيح مسلم بشرح النووى "ج 5ص 31" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن الربيع.
فإذا قام حملها وإذا سجد وضعها.
يقول النووى: فيه دليل لصحة صلاة من حمل آدميا أو حيوانًا طاهرا من طير وشاة وغيرهما، وأن ثياب الصبيان وأجسادهم طاهرة حتى تتحقق نجاستها، وأن الفعل القليل لا يبطل الصلاة. وأن الأفعال إذا تعددت ولم تتوال بل تفرقت لا تبطل الصلاة. وفيه تواضع مع الصبيان وسائر الضعفة ورحمتهم وملاطفتهم.
ثم يقول: هذا يدل لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى ومن وافقه أنه يجوز حمل الصبي والصبية وغيرهما من الحيوان الطاهر فى صلاة الفرض وصلاة النفل، ويجوز ذلك للإمام والمأموم والمنفرد وحمله أصحاب مالك رضى الله عنه على النافلة ومنعوا جواز ذلك في الفريضة. وهذا التأويل فاسد. لأن قوله "يؤم الناس " صريح أو كالصريح فى أنه كان فى الفريضة وادعى بعض المالكية أنه منسوخ، وبعضهم أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم أنه كان لضرورة وكل هذه الدعاوى باطلة ومردودة، فإنه لا دليل عليها ولا ضرورة إليها، بل الحديث صحيح صريح فى جواز ذلك، وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع، لأن الآدمى طاهر، وما فى جوفه من النجاسة معفو عنه لكونه في معدته وثياب الأطفال وأجسادهم على الطهارة، ودلائل الشرع متظاهرة على هذا والأفعال فى الصلاة لا تبطلها إذا قلَّت أو تفرقت.
وفعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا بيانا للجواز وتنبيها به على هذه القواعد التى ذكرتها، وهذا يرد ما ادعاه الإمام أبو سليمان الخطابى أن هذا الفعل يشبه أن يكون كان بغير تعمد فحملها فى الصلاة لكونها كانت تتعلق به صلى الله عليه وسلم فلم يدفعها، فإذا قام بقيت معه، قال: ولا يتوهم أنه حملها مرة بعد أخرى عمدا لأنه عمل كثير ويشغل القلب. هذا كلام الخطابى وهو باطل ودعوى مجردة ومما يردها قوله فى صحيح مسلم "فإذا قام حملها" وقوله: "فإذا رفع من السجود أعادها". . . ثم انتهى النووى إلى قوله: إن الحديث كان لبيان الجواز والتنبيه على هذه الفوائد فهو جائز لنا وشرع مستمر للمسلمين إلى يوم الدين.
هذا، ويلاحظ فى كلام النووى أن المفروض فى ثياب الطفل وبدنه الطهارة حتى تتحقق النجاسة ومعنى هذا أن النجاسة إذا تحققت لا يجوز حملها، وهو المعقول المتفق مع قول العلماء باشتراط الطهارة للصلاة.
مع مراعاة هذا الرأى ينبغي ألا يستغل استغلالا سيئا بكثرة حمل الصبيان فى الصلاة لأن ذلك يشغل القلب عن الخشوع، فأرى أنه يكون عند الضرورة أو الحاجة، أى فى حدود ضيقة، مع التأكد أن جسم الصبى وثوبه طاهران
(9/183)
________________________________________
صلاة المحدث

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
انتقض وضوئى ثم نسيت فصليت قبل أن أتوضأ، فهل صلاتى صحيحة؟

الجواب
رأى جمهور الفقهاء أن الإنسان لو اكتشف أنه لم يغتسل من الجنابة أو لم يتوضأ من الحدث وصلى فصلاته باطلة، وعليه أن يعيدها، لأن من شروط صحة الصلاة الطهارة من الحدث والنجس وأبو حنيفة يقول بصحة الصلاة مع نسيان الطهارة بناء على حديث "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ".
وإذا كان المحدث إماما ناسيا أنه محدث ولم يعلم المأمومون حتى انتهت الصلاة فصلاة المأمومين صحيحة، وصلاة الإمام باطلة، روى ذلك عن عمر وعثمان وعلى وابن عمر من الصحابة رضى الله عنهم، ومن الأئمة روى عن مالك والشافعى، أما أبو حنيفة فيقول بإعادة الصلاة للإمام والمأمومين "المغنى لابن قدامة ج 1 ص 745" ودليل جمهور الأئمة -كما يقول ابن قدامة -إجماع الصحابة وروى عن عمر رضى الله عنه أنه صلَّى بالناس الصبح ثم خرج إلى الجرف فأهراق الماء فوجد فى ثوبه احتلاما فأعاد ولم يعد الناس. وحدث مثل ذلك لعثمان رضى الله عنه. وروى عن على أنه قال: إذا صلى الجنب بالقوم فأتم الصلاة بهم آمره أن يغتسل ويعيد. ولا آمرهم أن يعيدوا، وابن عمر صلَّى بهم الصبح بغير وضوء فأعاد ولم يعيدوا. رواه كله الأثرم وهذا في محل الشهرة ولم ينقل خلافه فكان إجماعا، ولم يثبت ما نقل عن على فى خلافه -وعن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا صلى الجنب بالقوم أعاد صلاته وتمت للقوم صلاتهم " أخرجه أبو سليمان الحرانى فى جزء.
ثم قال ابن قدامة: والحكم فى النجاسة كالحكم فى الحدث سواء، لأنها إحدى الطهارتين فأشبهت الأخرى، ولأنها فى معناها فى خفائها على الإمام والمأموم، بل حكم النجاسة أخف وخفاؤها أكثر، إلا أن فى النجاسة رواية أخرى أن صلاة الإمام تصح أيضا إذا نسيها.
هذا هو الحكم فيما لو علم بالحدث بعد الصلاة أما لو علم الإمام بحدث نفسه فى الصلاة أو علم المأمومون لزمهم استئناف الصلاة، وفيه رواية أخرى عن أحمد أنهم يبنون على صلاتهم ويستأنف هو، وقال الشافعى: يبنون على صلاتهم سواء علم بذلك أو علم المأمومون. كما لو قام لخامسة فسبحوا به فلم يرجع
(9/184)
________________________________________
صلاة المسافر لغير القبلة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
صلينا فى القطار متجهين إلى جهة السفر وليس إلى القبلة فما حكم هذه الصلاة؟

الجواب
من المعلوم أن استقبال القبلة. شرط لصحة الصلاة لقوله تعالى {فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} البقرة: 144، سواء أكانت الصلاة فى الحضر أم فى السفر، وهذا فى صلاة الفرض، أما فى صلاة النافلة فلا تصح فى الحضر إلا مع استقبال القبلة، لكن فى السفر يجوز أن تصلى إلى حيث اتجاه المسافر، فقد روى البخارى ومسلم عن عامر بن ربيعة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلَّى على راحلته حيث توجهت به، وزاد البخارى: يومئ، أى يشير برأسه إلى السجود. وفى الترمذى: ولم يكن يصنعه فى المكتوبة أى المفروضة. يعنى كان ذلك فى صلاة النفل، وفى ذلك نزل قوله تعالى {فأينما تولوا فثمَّ وجه الله} البقرة: 115، كما جاء فى صحيح مسلم وغيره عندما رأوا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى على راحلته وهو مقبل من مكة إلى المدينة حيثما توجهت به، يعنى كان ظهره إلى الكعبة.
هذا فى الصلاة لراكب الدابة. أما راكب القطار والسفينة والطائرة وما يمكن التحرك فيه بسهولة فقد جاء فى فقه المذاهب الأربعة أن عليه أن يستقبل القبلة متى قدر على ذلك، وليس له أن يصلى إلى غير جهتها حتى لو دارت السفينة وهو يصلى وجب عليه أن يدور إلى جهة القبلة حيث دارت، فإن عجز عن استقبالها صلى إلى جهة قدرته ويسقط عنه السجود أيضا إذا عجز عنه، ومحل ذلك إذا خاف خروج الوقت قبل أن تصل السفينة أو القاطرة إلى المكان الذى يصلى فيه صلاة كاملة ولا تجب عليه الإعادة، ومثل السفينة القطر البخارية البرية. انتهى.
وراكب السيارة التى لا يمكنه التحرك فيها كراكب الدابة، إن استطاع النزول وأمن على نفسه وماله وأمن الانقطاع عن الرفقة لا تجوز له الصلاة فيها، أما إذا لم يستطع النزول ولم يأمن على ما ذكر صلى إلى أية جهة وسقطت عنه الأركان التى لا يستطيعها ولا إعادة عليه.
وكل ذلك إذا خاف خروج الوقت قبل الوصول إلى مكان يمكنه أن يصلى فيه، أما إذا لم يخف فلا تجوز الصلاة إلا كاملة
(9/185)
________________________________________
الإمام ونية الجماعة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إذا كنت أصلى بمفردى فى المسجد ثم وقف خلفى بعض الناس لتكون الصلاة جماعة، فهل يجب علىّ تغيير النية من الصلاة الفردية إلى صلاة الجماعة؟

الجواب
فى صلاة الجماعة تجب نية الجماعة على المأمومين، لأنهم ربطوا صلاتهم بصحة الإمام، أما الإمام فهو كالمنفرد لا يجب عليه أن ينوى الجماعة حتى لو صار إماما بعد أن بدأ الصلاة منفردا، وهذا كله فى غير الصلاة التى تتوقف على الجماعة كالجمعة.
جاء فى فقه المذاهب الأربعة نشر أوقاف مصر، أن الحنابلة قالوا:
يشترط فى صحة الاقتداء نية الإمام فى كل صلاة، فلا تصح صلاة المأموم إذا لم ينو الإمام الإمامة.
وأن الشافعية قالوا: يشترط فى صحة الاقتداء أن ينوى الإمام الجماعة فى الصلوات التى تتوقف صحتها على الجماعة، كالجمعة للمطر والمعادة.
وأن الحنفية قالوا: نية الإمامة شرط لصحة صلاة المأموم إذا كان إماما لنساء، فتفسد صلاة النساء إذا لم ينو إمامهن الإمامة، وأما صلاته هو فصحيحة ولو حاذته امرأة. وأن المالكية قالوا: نية الإمام ليست شرطا فى صلاة المأموم، ولا فى صحة صلاة الإمام إلا فى أربعة مواضع، صلاة الجمعة والجمع ليلة المطر وصلاه الخوف والمستخلف الذى قام مقام الإمام لعذر
(9/186)
________________________________________
صفوف الصلاة خلف الإمام

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
كيف يبدأ المصلون فى إتمام الوقوف للصلاة، وهل يكون إتمام الصف من اليمين أو من المنتصف؟

الجواب
جاء فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة نشر أوقاف مصر، أنه لو كان المأموم رجلا واحدا وقف عن يمين الإمام مع تأخره قليلا، وذلك ندبا لا وجوبا عند جمهور الفقهاء.
فإن كان المأمومون اثنين فأكثر وقفوا خلف الإمام، ويندب أن يكون فى وسط القوم.
فإن وقف عن يمينهم أو عن يسارهم فقد خالف السنة وإن كانت الصلاة صحيحة، وعلى هذا إذا جاء مأمومون للصلاة ووجدوا الصف الأول ناقصا صف بعضهم عن اليمين والبعض عن الشمال ليكون الإمام فى الوسط، وإذا وجدوه كاملا قال جماعة يبدأ الصف من جهة اليمين.
لما رواه أبو داود وابن ماجه "إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف " وقال آخرون يبدءون الوقوف خلف الإمام ثم يكمل من اليمين أولا ثم من اليسار، أما إذا حضر الشخص ولم يجد سعة ولا فرجة فى الصف الأول فإنه يقف منفردا ويكره له جذب أحد، وقيل: يجذب واحدا من الصف عالما بالحكم بعد أن يكبر تكبيرة الإحرام، ويستحب للمجذوب موافقته، ويبدأ الصف من جهة اليمين أو من خلف الإمام على ما سبق ذكره.
وأنبه إلى أن الأمر سهل لا ينبغى زيادة الخلاف فيه (راجع صفحة 157 من المجلد الثاني من هذه الفتاوى فى حكم انفراد المأموم عن الصف)
(9/187)
________________________________________
بين الجماعة والخشوع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أنا أحس بالخشوع فى الصلاة إذا صليتها وحدى، وفى صلاة الجماعة لا يكون خشوع فهل الأفضل صلاتا منفردا أو فى جماعة؟

الجواب
جاء فى " الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع "ج 1 ص 141 فى الفقه الشافعى ما نصه:
أفتى الغزالى أنه لو كان إذا صلى منفردا خشع، وإذا صلى فى جماعة لم يخشع فالانفراد أفضل، وتبعه ابن عبد السلام، قال الزركشى: والمختار بل الصواب خلاف ما قالاه.
وهو كما قال. انتهى. يعنى أن صلاة الجماعة أفضل حتى لو كانت بدون خشوع على ما اختاره الزركشى، اعتمادا على حكمة صلاة الجماعة.
وكلام الغزالى وابن عبد السلام يتفق مع حكمة مشروعية الصلاة أصلا، ولعله يكون أصوب
(9/188)
________________________________________
النافلة عند إقامة الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة "؟

الجواب
نعم، هذا حديث صحيح ورد فى صحيح مسلم، وفى رواية له أن النبى صلى الله عليه وسلم مر برجل يصلَّى وقد أقيمت صلاة الصبح فقال "يوشك أن يصلى أحدكم الصبح أربعا" يقول النووى:فيها النهى الصريح عن افتتاح نافلة بعد إقامة الصلاة سواء كانت راتبة كسنة الصبح والظهر والعصر أو غيرها، وهذا مذهب الشافعى والجمهور، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا لم يكن صلى ركعتى سنة الصبح صلاهما بعد الإقامة فى المسجد ما لم يخش فوت الركعة الثانية. وقال الثورى ما لم يخش فوت الركعة الأولى.
وقالت طائفة يصليهما خارج المسجد ولا يصليهما بعد الإقامة فى المسجد.
والحكمة فى هذا النهى أن يتفرغ الإنسان للفريضة من أولها فيشرع فيها عقب شروع الإمام، وإذا اشتغل بنافلة فاته الإحرام وفاته بعض مكملات الفريضة، فالفريضة أولى بالمحافظة على إكمالها، وقيل إن الحكمة ألا يتطاول الزمان على النافلة فيظن وجوبها، وهو رأى ضعيف. ثم قال النووى بعد ذكر رواية للحديث: فيه دليل على أنه لا يصلِّى بعد الإقامة نافلة وإن كان يدرك الصلاة مع الإمام، ورد على من قال: إن علم أنه يدرك الركعة الأولى أو الثانية يصلى النافلة.
أما إذا شرع فى صلاة النافلة ثم أقيم للصلاة فهل يجوز له أن يخرج من الصلاة أولا؟ ذلك أمر يرجع فيه إلى حديث "المتطوع أمير نفسه " المذكور فى صفحة 219 من المجلد الرابع من هذه الفتاوى.
وجاء فى نيل الأوطار للشوكانى "ج 3 ص 91، 92" أن ابن عباس كان يصلى وأخذ المؤذن فى الإقامة فجذبه الرسول وقال " أتصلى الصبح أربعا " رواه البيهقى والطبرانى وأبو داود وغيرهم، وجاء فى رواية للطبرانى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لرجل يصلى ركعتى الغداة - الصبح - حين أخذ المؤذن يقيم " ألا كان هذا قبل هذا، وإسناده جيد كما قال العراقى ".
وفى هذا دليل على أن المصلى للنافلة يقطعها ليدرك الجماعة حين يسمع الإقامة، ويحتمل أن معنى " فلا صلاة إلا المكتوبة" لا يشغل بها وإن كان قد شرع فيها. وبعد أن ذكر الشوكانى تسعة أقوال فى معنى الحديث قال: قال الشيخ أبو حامد من الشافعية: إن الأفضل خروجه من النافلة إذا أداه تمامها إلى فوات فضيلة التحريم، وهذا واضح
(9/189)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 11:03 pm

تقدم المأموم على الإمام

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يحدث في المساجد التى لا تسع المصلين فى صلاة الجماعة أو الجمعة أن يصلى بعض المأمومين خارج المسجد متقدمين على الإمام، لعدم إمكانهم الوقوف خلفه، فهل تصح صلاتهم؟

الجواب
تقدم المأموم على الإمام يبطل الصلاة عند الأئمة الثلاثة، ولا يبطلها عند الإمام مالك.
جاء فى فقه المذاهب الأربعة، نشر أوقاف مصر، ما نصه: المالكية قالوا: لا يشترط فى الاقتداء عدم تقدم المأموم على الإمام، فلو تقدم المأموم على إمامه ولو كان المتقدم جميع المأمومين صحت الصلاة على المعتمد.
وعلى هذا فلا مانع من الصلاة فى أى مكان حتى لو تقدم المأمومون على الإمام وبخاصة عند الزحام، على رأى الإمام مالك رضى الله عنه
(9/190)
________________________________________
إمامة القاعد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز أن يكون الرجل القاعد إماما فى الصلاة لشخص واقف أو جماعة واقفين؟

الجواب
روى البخارى ومسلم عن عائشة وأنس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم اشتكى من إصابة فذهب بعض الصحابة لعيادته، لما حضرت الصلاة صلَّى بهم قاعدا وهم واقفون. فلما انتهى من الصلاة بيَّن لهم أن الإمام إذا صلى قاعدا قعدوا، وإذا صلى قائما صلوا قياما وبيَّن العلة فى ذلك فى رواية لمسلم وغيره أن صلاتهم قياما وهو قاعد يشبه فعل أهل فارس بعظمائها،وقد نهى عن الوقوف لأى شخص تعظيما له وهو جالس. وروى البخارى ومسلم عن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم لما وجد خفة فى نفسه وهو مريض خرج إلى الصلاة بين رجلين فأجلساه إلى جنب أبي بكر فجعل أبوبكر يصلِّى وهو قائم بصلاة النبى صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبى بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد. وهذا آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إزاء هذه النصوص اختلف الفقهاء فى صلاة القائم خلف القاعد فقال بعضهم بالجواز بناء على الحديث الأخير، وقال بعضهم بالمنع فيجب عليه القعود بناء على الحديث الأول وأحاديث أخرى، وقال بعضهم: إن ابتدأ الإمام الصلاة جالا جلسوا، وإن ابتدأها واقفا وقفوا، فإن طرأ عليه عذر بعد ذلك فجلس صلوا هم قياما. والنقاش بين أصحاب الآراء فى هذه المسألة طويل يرجع إليه فى الكتب مثل: نيل الأوطار للشوكانى ج 3 ص 180، المغنى لابن قدامة ج 2 ص 47.
هذا، وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن المالكية قالوا: لا يصح اقتداء القائم بالقاعد العاجز عن القيام ولو كانت الصلاة نفلا، إلا إذا جلس المأموم اختيارا فى النفل فتصح صلاته خلف الجالس فيه. وأن الحنفية قالوا: يصح اقتداء القائم بالقاعد الذى يستطيع أن يركع ويسجد، أما العاجز عن الركوع والسجود فلا يصح اقتداء القائم به إذا كان قادرا، وأن الشافعية قالوا: تصح صلاة القائم خلف القاعد والمضطجع العاجز عن القيام والقعود ولو كانت صلاتهما بالإيحاء، وأن الحنابلة قالوا: لا يصح اقتداء القائم بالقاعد الذى عجز عن القيام، إلا إذا كان العاجز عن القيام إماما راتبا وكان عجزه عن القيام بسبب علة يرجى زوالها. انتهى.
وما دام الأمر فيه خلاف فيجوز الأخذ بأى رأى دون تعصب كما هو الشأن فى الأمور الخلافية
(9/191)
________________________________________
الجلوس بين الخطبتين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
رأيت خطيب الجمعة خطب خطبة واحدة ولم يجلس على المنبر كما يجلس الخطباء فهل هذه الخطبة صحيحة؟

الجواب
من المعروف أن خطبة الجمعة خطبة واحدة ولها ركن واحد عند أبى حنيفة وهو مطلق الذكر قليلا كان أو كثيرا، فيكفى أن يسبح مرة واحدة أو يحمد الله مرة واحدة، وكذلك عند مالك لها ركن واحد وهو نصيحة تشتمل على تحذير أو تبشير كقوله:
اتقوا الله ولا تعصوه.
أما عند الشافعى فخطبتان ولهما أركان خمسة، حمد الله والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم والوصية بالتقوى، وقراءة آية فى إحداهما والأولى أولى والدعاء للمؤمنين والمؤمنات فى الثانية، وعند أحمد، الأركان أربعة، حمد الله، والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم وقراءة آية والوصية بالتقوى.
والجلوس بين الخطبتين جاء فى صحيح مسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائما ثم يجلس ثم يقوم. وعن جابر بن سمرة قال: كانت للنبى صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس. وقال أيضا. كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما. فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب.يقول النووى فى شرحه لصحيح مسلم "ج 5 ص 149 " فى هذه الرواية دليل لمذهب الشافعى والأكثرين أن خطبة الجمعة لا تصح، من القادر على القيام إلا قائما فى الخطبتين، ولا يصح حتى يجلس بينهما. وأن الجمعة لا تصح إلا بخطبتين. قال القاضى ذهب عامة العلماء إلى اشتراط الخطبتين لصحة الجمعة، وعن الحسن البصرى وأهل الظاهر ورواية ابن الماجشون عن مالك أنها تصح بلا خطبة، وحكى ابن عبد البر إجماع العلماء على أن الخطبة لا تكون إلا قائما لمن أطاقه، وقال أبو حنيفة: يصح قاعدا وليس القيام بواجب، وقال مالك: هو واجب لو تركه أساء وصحت الجمعة.
وقال أبو حنيفة ومالك والجمهور: الجلوس بين الخطبتين سنة ليس بواجب ولا شرط ومذهب الشافعى أنه فرض وشرط لصحة الخطبة.
قال الطحاوى: لم يقل هذا غير الشافعى، ودليل الشافعى أنه ثبت هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قوله صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتمونى أصلى " ثم ذكر النووى ما تحقق به الخطبة على النحو الذى جاء فى صدر الإجابة على السؤال.
واختلاف الفقهاء رحمة فى هذا الموضوع -وغيره كما نبهت عليه أكثر من مرة
(9/192)
________________________________________
الخطبة بلغة غير عربية

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الأقلية المسلمة فى بلاد لا تتكلم اللغة العربية، هل يصح أن يخطب الجمعة أحدهم باللغة القومية التى يفهمونها، أم لابد من اللغة العربية على الرغم من عدم فهمهم للخطبة بها؟

الجواب
اشتراط كون خطبة الجمعة باللغة العربية قال عنه أبو حنيفة: تجوز بغير اللغة العربية.
حتى لو كان قادرا عليها سواء كان السامعون عربا أو غيرهم، أما أحمد فاشترط اللغة العربية إن كان الخطيب قادرا عليها، فإن عجز عن الإتيان بها أتى بغيرها مما يحسنه سواء كان القوم عربا أو غيرهم، لكن الآية التى هى ركن من أركان الخطبتين لا يجوز أن ينطق بها بغير العربية. فيأتى بدلها بأى ذكر شاء باللغة العربية، فإن عجز سكت بقدر قراءة الآية.
والشافعى اشترط أن تكون أركان الخطبتين باللغة العربية إن أمكن تعلمها. فإن لم يمكن خطب بغيرها، هذا إذا كان السامعون عربا، أما إن كانوا غير عرب فإنه لا يشترط أداء الأركان بالعربية مطلقا ولو أمكنه تعلمها. ما عدا الآية. فلا بد أن ينطق بها بالعربية، إلا إذا عجز فيأتى بدلها بذكر أو دعاء عربى، فإن عجز عن هذا أيضا وقف بقدر قراءة الآية ولا يترجم، أما غير أركان الخطبة فلا يشترط لها اللغة العربية، باللغة العربية. ولو كان السامعون لا يعرفونها، فإن لم يوجد خطيب يخطب بالعربية سقطت عنهم الجمعة.
هذا ما قاله الأئمة، وإذا كان أكثرهم حريصا على اشتراط اللغة العربية لأن فيه تشجيعا على تعلمها ونشرها وتيسيرًا لفهم القرآن والحديث، فإن بعضهم وهو الإمام مالك بلغ الذروة فى الحرص حتى أسقط الجمعة عمن لا يوجد فيهم من يخطب بالعربية. وأنا أختار التوسط فى هذه الآراء الاجتهادية فأميل إلى مذهب الشافعى فى تمسكه باللغة العربية، فى الأركان فقط، أما باقى الخطبة فتؤدى بأية لغة، ولو تعذرت العربية فى الأركان خطب بغيرها للعرب أما غيرهم فيخطب بلغتهم حتى لو أمكنته الخطبة بالعربية.
وكما قررت كثيرا أن التعصب لرأى اجتهادى لا يجوز، ويختار الرأى المناسب للظروف
(9/193)
________________________________________
قضاء صلاة العيد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
فاتتنى صلاة العيد يوم النحر، فهل يجوز قضاؤها منفردا؟

الجواب
صلاة عيد الأضحى-كعيد الفطر-وقتها محدود بما بعد الشروق بقليل - عند بعض الأئمة -إلى الزوال، أى وقت الظهر، فتكون صلاتها فى هذه الفترة أداء، ولو فاتته هل يقضيها أو لا؟ قال الأحناف: الجماعة شرط لصحة صلاة العيدين. فمن فاتته مع الإمام فليس مطالبا بقضائها، لا فى الوقت ولا بعده. وإن أحب قضاءها منفردا صلى أربع ركعات بدون تكبيرات الزوائد، كالذى تفوته صلاة الجمعة، يقضيها ظهرا.
والمالكية قالوا: الجماعة شرط لكونها سنة، فمن فاتته مع الإمام ندب له فعلها إلى الزوال، ولا تقض بعد الزوال.
والشافعية قالوا: الجماعة فيها سنة لغير الحاج، ويسن لمن فاتته مع الإمام أن يصليها فى أى وقت قبل الزوال وتكون أداء، أما بعد الزوال فيسن صلاتها وتكون قضاء لأن قضاء النوافل سنة عندهم إذا كان لها وقت.
هذا، وقد روى أحمد والنسائى وابن ماجه بسند صحيح أن هلال شوال غم على الصحابة وأصبحوا صياما، فجاء جماعة أخر النهار وشهدوا أمام الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم أن يخرجوا إلى عيدهم من الغد.
وهذا الحديث حجة للقائلين بأن الجماعة إذا فاتتها صلاة العيد بسبب عذر من الأعذار فلها أن تخرج من الغد لتصلى العيد.
هذه هى أقوال العلماء، والأمر اجتهادى يجوز فيه تقليد أى قول منها، مع العلم بأن صلاة العيد سنة غير واجبة لا أداء ولا قضاء عند الشافعية والمالكية، وواجبة عند الأحناف فى الأصح مع الجماعة.
وفرض كفاية عند الحنابلة وسنة لمن فاتته مع الإمام حيث يسن له أن يصليها"الفقه على، المذاهب الأربعة، نيل الأوطار للشوكانى"
(9/194)
________________________________________
دعاء قيام الليل

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل هناك دعاء مخصوص لقيام الليل يكرره الإنسان حتى يقضى الله حاجته؟

الجواب
روى مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إن فى الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه، وذلك كل ليلة" وفى البخارى ومسلم قوله صلى الله عليه وسلم "ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعونى فأستجيب له، من يسألنى فأعطيه، من يستغفرنى فأغفر له "وروى الترمذى بسند صحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال "أقرب ما يكون الرب من العبد فى جوف الليل الأخر، فان استطعت أن تكون ممن ذكر الله تعالى فى تلك الساعة فكن ".
وليس هناك دعاء مخصوص لقضاء الحاجات فى هذه الساعة المباركة،، فادع الله بما تريد، مع الخشوع والحضور بقلبك وذهنك، ومع مسارعتك إلى مرضاة ربك وعدم معصيته والبعد عن الحرام، فإن الحرام يحول دون استجابة الدعاء "راجع صفحة 318 من المجلد الثالث وصفحة 516 من المجلد الرابع من هذه الفتاوى"
(9/195)
________________________________________
الذكر عند الشدائد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يشعر الإنسان أحيانا بالضيق وتكثر عليه الأزمات ويحاول أن يتناول مهدئات ويتردد على بعض الأطباء فلا يجد الشفاء المطلوب، فهل هناك آيات فى القرآن أو توجد أحاديث أو ذكر لله يمكن أن يعالج هذه الأزمات؟

الجواب
من المعلوم أن الإيمان بالقضاء والقدر، والصبر على الشدائد، وتقوية الصلة بالله بالطاعة يساعد على مقاومة الأزمات النفسية ووساوس الشيطان، وعلى حل المشكلات والهداية إلى الصراط المستقيم فى أمور الدين والدنيا، والنصوص فى ذلك كثيرة. ومع ذلك وردت آثار صحيحة بالدعاء والذكر تساعد على التخلص من الأزمات أو تدفعها، والمهم فيها أن يكون الإنسان مطيعا لله بعيدا عن الحرام، مخلصا خاشعا حتى يقبل الله منه الدعاء.
وهذا بعض ما ورد بطريق صحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم وهو مأخوذ من كتب مختصة بذلك مثل "الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار" للإمام النووى، ومثل "عمل اليوم والليلة" لابن السنى، وهو أجمعها كما قال النووى.
1-عند الخروج من البيت: روى أصحاب السنن عن أم سلمة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته قال: "بسم الله توكلت على الله، اللهم إنى أعوذ بك أن أَزِل أو أُزَل، أو أَضِل أو أضَل أو أظْلم أو أُظلم، أو أَجْهل أو يُجهل علىَّ " قال الترمذى: حديث حسن صحيح. وروى الترمذى وقال حسن صحيح قوله صلى الله عليه وسلم "من قال -يعنى إذا خرج من بيته -بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله " يقال له: كُفيت ووقيت وهُديت، وتنحَّى عنه الشيطان " 2-عند دخوله البيت: روى مسلم قوله صلى الله عليه وسلم "إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لأعوانه، لا مبيت لكم ولا عشاء ".
3- فى الصباح والمساء روى أبو داود والترمذى قوله صلى الله عليه وسلم "ما من عبد يقول فى صباح كل يوم ومساء كل ليلة: باسم الله الذى لا يضر مع اسمه شىء فى الأرض ولا فى السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره شىء" قال الترمذى: حسن صحيح، وفى رواية أبى داود "لم تصبه فجأة بلاء" وروى أبو داود وابن ماجه بأسانيد جيدة حديث " من قال إذا أصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير كان له عدل عتق رقبة من ولد إسماعيل، وكتب له عشر حسنات وحط عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات وكان فى حرز من الشيطان حتى يمسى. وإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يصبح " وروى مسلم أن رجلا شكا إلى النبى صلى الله عليه وسلم لدغة عقرب فقال له " أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق لم يضرك شىء إن شاء الله ".
4- عند كثرة الهموم والديون: روى أبو داود أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فى غير وقت الصلاة فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فسأله عن جلوسه فى غير وقت الصلاة فقال: هموم لزمتنى وديون، قال "أفلا أعلَّمك كلامًا إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك؟ قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال " يقول أبو أمامة. ففعلت ذلك فأذهب الله تعالى همى وغمى وقضى عنى دينى.
وروى الترمذى حديثا حسنا "لو كان عليك مثل جبل دَينا أدَّاه الله عنك قل:اللهم اكفنى بحلالك عن حرامك وأغننى بفضلك عمن سواك ".
5- عند النوم. أخرج البخارى حديث الشيطان الذى كان يسرق الزكاة التى يحرسها أبو هريرة. وأنه علَّمه كلاما يقوله ليحرسه من الشيطان، فعرضه أبو هريرة على الرسول فأقره وقال "صدقك وهو كذوب " وهذا كلام الشيطان: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى فلن يزال معك من الله حافظ ولا يقربك شيطان. وروى البخارى ومسلم قوله صلى الله عليه وسلم "الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما فى ليلة كفتاه " أى من الآفات، أو كفتاه عن قيام الليل.
6- عند الكرب: روى البخارى ومسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا اله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم.
7- عند وسوسة الشيطان: قال تعالى {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم} فصلت: 36، ويستحب قول لا إله إلا الله لمن ابتلى بالوسوسة فى الوضوء أو الصلاة أو غيرهما، فإن الشيطان إذا سمع الذكر خنس أى تأخر وبعد، ولا إله إلا الله رأس الذكر "النووى فى الأذكار ص 132 " 8- عند تعويذ الصبيان: فى صحيح البخارى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذّ الحسن والحسين: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامَّة ومن كل عين لامة.
والهامة هى كل ذات سم يقتل كالحية وغيرها، والجمع الهوام.
وروى البخارى ومسلم أنه كان يعوذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: "اللهم رب الناس، أذهب الباس، اشف أنت الشافى لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقما ".
9- عند المرض: روى مسلم أن عثمان بن أبى العاص رضى الله عنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده فى جسده، فقال له "ضع يدك على الذى يألم من جسدك وقل بسم الله "ثلاثا" وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر" وروى مسلم وغيره أن جبريل أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال:
"نعم " قال: بسم الله أرقيك من كل شىء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد. الله يشفيك.
باسم الله أرقيك ".
10- عند هياج الريح: روى مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا عصفت الريح قال "اللهم إنى أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشرما فيها وشر ما أرسلت به ".
11- عند نزول المطر: روى البخارى أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال "اللهم صيِّبا نافعا" وإذا نزل المطر وخيف معه الضرر قال كما رواه البخارى ومسلم "اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر" والآكام جمع أكمة وهى التراب المجتمع، والظِّراب جمع ظَرِب، أى الرابية الصغيرة.
12- عند الخوف من جماعة: روى أبو داود والنسائى بسند صحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما قال: "اللهم إنا نجعلك فى نحورهم، ونعوذ بك من شرهم ".
13- عند النزول فى مكان يخاف منه: روى مسلم وغيره قوله صلى الله عليه وسلم " من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شىء حتى يرتحل من منزله ذلك ".
14- عند الرؤيا المفزعة: روى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال "إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وليتحول عن جنبه الذى كان عليه ".
هذا بعض ما اخترته من الروايات الصحيحة والحسنة، ومن أراد الزيادة فليرجع إلى أذكَار النووى وابن السنى
(9/196)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 11:04 pm

الابتهالات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
وردت من السيد/ ب. أ. د. ب./ من رابن باخ بألمانيا الاتحادية أسئلة متنوعة عن الابتهالات نوردها مع الإجابة عليها فيما يلى:
ما مفهوم الابتهال فى نظر الشرع الإسلامى، وهل هناك فرق بينه وبين الدعاء؟

الجواب
مفهوم الابتهال فى نظر الشرع لا يختلف عن مفهومه فى اللغة العربية، فالبهل والابتهال فى اللغة الاسترسال والاجتهاد. قال لبيد:
فى كهول ساعة من قومه * نظر الدهر إليهم فابتهل أى اجتهد الدهر فى إهلاكهم.
والابتهال فى الدعاء معناه الاسترسال والاجتهاد فيه، ومنه قوله تعالى {ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} آل عمران: 61، أى نجتهد فى الدعاء باللعن على الكاذبين.
"تفسير القرطبى ج 4 ص 104 ". ومن هذا يعلم أن الدعاء طلب من العبد لله، والابتهال اجتهاد فى هذا الطلب. أى أن الابتهال أخص من مطلق الدعاء. والابتهالات المعروفة الآن مزيج من دعاء وثناء ومديح وذكر لله تعالى، ونغمة التضرع فى ذلك واضحة
(9/197)
________________________________________
تابع الابتهالات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل مصطلح الابتهال الدينى يمكن أن يفهم منه نص الابتهال المكتوب فقط. أو لا بد أن يكون النص مجوَّدًا بصوت حسن؟

الجواب
الابتهال الدينى تضرع إلى الله سبحانه، ودعاء مشفوع بشدة الرغبة فى قبوله والرهبة من عدم قبوله. وحتى يكون مرجو القبول ينبغى أن تلتزم فيه أداب الدعاء، التى جاء بعضها فى قوله تعالى {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} الأعراف:55، والمراد بالخفية الإسرار به ليكون أقرب إلى الإخلاص وعدم الرياء وفى قوله تعالى {واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال} الأعراف: 205، والمراد بالخيفة الخوف من الله أن يرد الدعاء. وفى قوله تعالى {إنهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} الأنبياء: 90، والخشوع هنا عدم انشغال الفكر بغير الله حين الدعاء، والتزام الأدب والسكون عند مناجاته. والابتهال بما فيه من تضرع ورغبة ورهبة وخشوع، يغلب أن يكون بصوت فيه تحزن قد يسلم إلى البكاء، على نحو ما يكون فى قراءة القرآن الكريم من التحيير والتجويد والتحزن الذى يؤثر فى القلوب. وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم وقف يستمع إلى قراءة أبى موسى الأشعرى دون أن يحس به، ولما أخبره قال: لو علمت أنك تسمعنى لحبَّرته لك تحبيرا.
وهو صلى الله عليه وسلم كان يتأثر لسماع القراَن ويبكى أحيانا، كما حدث عند سماعه لقراءة عبد الله بن مسعود لقوله تعالى: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} النساء: 41، وإذا كان من آداب الدعاء والابتهال الإسرار به فقد يكون الجهر به مناسبا لظروف معينة، كما إذا كان جماعيا يشترك فيه غير المبتهل بالتأمين على الدعاء كما فى صلاة الاستسقاء، حيث تكون الخطبة مشتملة على استغاثة وتضرع أن ينزل الله عليهم المطر، كما فعل النبى صلى الله عليه وسلم.
ولاشك أن الصوت الحسن الخاشع لله يؤثر أكثر مما يؤثر الصوت العادى فى مثل هذه المواقف. وذلك مع التزام القراءة الصحيحة فيما يتخلل الابتهالات من قرآن، بعيدًا عن الألحان التى تؤدى بها الاغانى والأناشيد الأخرى
(9/198)
________________________________________
تابع الابتهالات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يمكن الحكم على الابتهالات الدينية بأنها دعاء مجود بصوت حسن؟

الجواب
نعم، يمكن الحكم عليها بذلك فى عرف الناس، وإن كانت تؤدى شرعا بدون ذلك فهى دعاء سبحانه، قد يؤدى سرا دون حاجة إلى صوت حسن يؤثر فى السامعين
(9/199)
________________________________________
تابع الابتهالات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يعتبر الابتهال الدينى عبادة، وهل هناك آثار أو نصوص شرعية خاصة به؟

الجواب
الابتهال الدينى دعاء، والدعاء عبادة أمر الله بها فى مثل قوله تعالى {وقال ربكم ادعونى أستجب لكم} غافر: 60، إلى جانب الآيات السابقة فى البند رقم 2 وفى الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "الدعاء هو العبادة " رواه أبو داود والترمذى وقال:
حسن صحيح.
وإذا كان المراد من السؤال عن الآثار والنصوص الشرعية، ما يدل على أنه عبادة فقد ذكرنا ذلك، أما إذا كان المراد نصوصا شرعية مأثورة فى ابتهالات وأدعية خاصة فإن الوارد من ذلك كثير، وهو مذكور فى القراَن والسنة، اقرأ من سورة البقرة الآيات: [1 5 2، 286] ومن سورة آل عمران الآيات: [8، 53، 147، 191، 194] ومن سورة إبراهيم الآيتين: [40، 41] ومن سورة الفرقان الآيتين: [65،74] .
وكتب الأحاديث النبوية فيها كثير من الأدعية، ومن أجمعها كتاب "الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار" للامام النووى. والدعاء بالمأثور أفضل من الدعاء المصنوع إن كان يغنى عنه
(9/200)
________________________________________
تابع الابتهالات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إذا كان الشرع الإسلامى يبيح الابتهال فما الصورة التى يجب أن يكون عليها، وهل هناك شروط لصحته أو قبوله؟

الجواب
سبق فى البند رقم 2 شروط وآداب الدعاء، ويزاد عليها البعد عن تناول المحرمات، فإن تناول المحرمات يمنع قبول الدعاء، وقد ثبت فى الحديث الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل أشعث أغبر يمد يده إلى السماء ويقول: يارب يارب، ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذَى بالحرام فأنَى يستجاب له؟ فمن أراد أن يكون مستجاب الدعوة فليكن مطعمه من الطيبات مما أحل الله، إلى جانب البعد عن المحرمات الأخرى
(9/201)
________________________________________
تابع الابتهالات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الشرع على أنواع الابتهالات التى تشاهد الآن مثل الابتهال الفردى والابتهال مع البطانة، والابتهال مع الآلات الموسيقية، والابتهالات فى أذكار الصوفية؟

الجواب
الابتهالات الفردية والابتهالات مع البطانة باقية على الأصل فى أنها حلال ولا يوجد نص يمنعها لذاتها، فإن عرض لها عارض من رياء أو سمعة أو تشويش على المصلين أو إيذاء لمريض أو إخلال بحرمة المسجد أو نحو ذلك كانت ممنوعة لهذه العوارض.
أما الآلات الموسيقية فهى فى أصلها حلال ولا يحرمها إلا عارض لها، مثل الاستعانة بها على محرم كحفلات الخمر والرقص، أو كانت ملهية عن واجب أو مسببة لضرر كإزعاج الآمنين والتشويش على المتعبدين.
والمشاهد أن الذين يشهدون مجالس الابتهالات مع الآلات الموسيقية يشدهم الإعجاب بأمرين الابتهال نفسه مادة وأداء، والنغمات الموسيقية. والابتهال من حيث كونه تضرعا لله تقل فيه الرغبة والرهبة والخشوع مع وجود الأصوات الموسيقية المؤثرة عليه {ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه} الأحزاب: 4، ومن هنا تكون الابتهالات مع الموسيقى أقل أثرًا دينيا فى نفس المبتهل ومن يستمعون إليه، ولهذا تكون الموسيقى مكروهة مع الابتهال إن قصد به التقرب إلى الله.
اما إذا قصد به امتناع النفس بكلام حسن وأداء جميل فحكمه حكم الأغانى والأناشيد العادية وهى غير محرمة لذاتها بل لما يعرض لها من اشتمالها على مادة ممنوعة، أو أدائها بلحن فيه فتنة وإثارة، أو مصاحبتها لمحرم من اختلاط مريب أو شرب محرم ونحوهما أو إلهائها عن واجب.
والابتهالات فى أذكار الصوفية أى الأناشيد التى تنظم بها حلقات الذكر ما دام لم تصحبها آلات طرب وما دام الذكر ملتزمًا لآداب العبادة فلا مانع منها شرعًا، فقد كانت الأغانى مشجعة للصحابة وهم يعملون فى حفر الخندق وغيره، ولا ينكر عليهم النبى صلى الله عليه وسلم
(9/202)
________________________________________
تابع الابتهالات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
تذاع بعد قراءة القرآن وقبل أذان الفجر بعض الابتهالات الدينية، وبخاصة فى شهر رمضان. فهل هذا تقليد أو له أصل شرعى؟

الجواب
لم تكن هذه الابتهالات موجودة فى أيام النبى صلى الله عليه وسلم ولا فى عهد السلف الصالح، بل هى أمر مستحدث، والعلماء فيه فريقان، بعضهم قال بمنعها لأنها بدعة فى الدين والحديث يقول " من أحدث فى أمرنا ما ليس منه فهو رد" رواه البخارى ومسلم،، وبعضهم قال بعدم منعها، لأن كل أمر مستحدث لا يحكم عليه بالرد. فمن المستحدثات المفيدة غير الضارة ما قبله الصحابة، كاجتماع المسلمين على إمام واحد فى صلاة التراويح فى المسجد وقال عمر: نعمت البدعة هذه وجاء فى كتاب الفقة على المذاهب الأربعة الذى نشرته الأوقاف المصرية (ص 238) أن التسابيح والاستغاثات قبل الأذان بالليل ونحو ذلك بدع مستحسنة. لأنه لم يرد فى السنة ما يمنعها، وعموم النص يقتضيها. انتهى.
وهى على كل حال دعاء فى وقت السحر، والله يقول عن المتقين {وبالأسحار هم يستغفرون} الذاريات: 18، وفى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم " ينزل الله تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول عز وجل: من يدعونى فأستجيب له؟ من يسألنى فأعطيه؟ من يستغفرنى فأغفر له؟ ".
هذا هو رأى الجمهور، وعند الحنابلة هى بدعة سئية، قال فى " الإقناع " وشرحه من كتب الحنابلة: وما سوى التأذين قبل الفجر من التسبيح والنشيد ورفع الصوت بالدعاء ونحو ذلك فى المآذن فليس بمسنون. وما من أحد من العلماء قال: إنه مستحب -لعله يقصد علماء الحنابلة-بل هو من جملة البدع المكروهة، لأنه لم يكن فى عهده صلى الله عليه وسلم ولا فى عهد أصحابه، وليس له أصل فيما كان على عهدهم يرد إليه، فليس لأحد أن يأمر به ولا ينكر على من تركه.
وجاء فى كتاب " تلبيس إبليس " لابن الجوزى قوله: ولقد رأيت من يقوم بليل كثير- أى جزء كبير من الليل -على المنارة فيعظ ويذكِّر ويقرأ سورة من القرآن بصوت مرتفع فيمنع الناس من نومهم، ويخلط على المتهجدين قراءتهم وكل ذلك من المنكرات.
وقد ذكر المقريزى فى خططه "ج 4 ص 43 " وما بعدها أن التسبيح ليلا على المآذن لم يكن من فعل السلف، وأول ما عرف ذلك كان فى أيام موسى عليه السلام، وهم فى التيه بعد غرق فرعون. ثم ذكر تطوره وما يصحبه من نشيد وآلات حتى نهاية عهد بنى إسرائيل فى القدس.
وذكر أن أصله فى مصر بدأ من أول عهد الفتح الإسلامى فى ولاية مسلمة بن مخلد، وإشارة شرحبيل بأن يبدأ الأذان من منتصف الليل إلى قرب الفجر، حتى لا يضرب بالنواقيس فى الكنائس فى هذه الفترة، وذكر أن الطولونببن رتبوا المكبِّرين والمسبحين ليلا. ومن ذلك اتخذ الناس عادة التسبيح على المآذن قبل الفجر.
فالخلاصة أن الابتهالات قبل الفجر لا يوجد ما يمنعها شرعًا عند جمهور العلماء، فهى وإن كانت تقليدًا موروثًا لم يكن فى عهد السلف الصالح -هى من البدع المستحسنة وإذا كان بعض الناس يسيئون استعمالها عن طريق إذاعتها بمكبرات الصوت التى تزعج بعض ذوى الأعذار فإن ذلك لا يمنع أصل إباحتها، وذلك بإنصات المستمعين إليها فى المساجد بخشوع محافظة على حرمة المسجد، ويمنع إيذاء ذوى الأعذار من جراء إذاعتها بمبكرات الصوت
(9/203)
________________________________________
تفريج اليدين فى السجود

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نرى بعض المصلين إذا سجدوا باعدوا بين اليدين وأخذوا مساحة كبيرة لدرجة يتضايق بها من يصلون بجوارهم فى الجماعة، فهل هذا من السنة؟

الجواب
روى البخارى ومسلم عن عبد الله بن بُحينة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد يجنح فى سجوده حتى يرى وضح إبطيه والتجنح هو التفريج، والمراد أنه ينحى كل يد عن الجنب ولا يلصقها به، ومن هنا يرى بياض إبطيه، يقول القرطبى: والحكمة فى استحباب هذه الهيئة أن يخف اعتماده على وجهه ولا يتأثر أنفه ولا جبهته، وقال غيره هو أشبه بالتواضع مع مغايرته لهيئة الكسلان.
والمهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفرج بين يديه عند السجود ويجافيهما جنبيه. وينبغى أن يكون التفريج والمجافاة بحيث لا يتأذى أحد كمن يصلى بجواره فى الجماعة مثلا، فالضرر منهى عنه، وذلك على غرار ما قلناه فى التفريج بين القدمين عند الوقوف فى الصلاة، حيث اتفق الجميع أنه إذا كان متفاحشا أى واسعا جدا كان مكروها فيرجع إليه
(9/204)
________________________________________
التسليم من الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
بعض المصلين يختمون صلاتهم عند الخروج منها بتسليمة واحدة، وبعضهم يقول فى التسليمة الأولى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وفى الثانية لا يذكرون كلمة " وبركاته " فما هو الحكم الصحيح فى ذلك؟

الجواب
الخروج من الصلاة بعد إتمامها يكون يالتسليم عند جمهور الفقهاء، وأبو حنيفة يكتفى بأى شىء مناف للصلاة، والتسليم الواجب هو مرة واحدة، أما المرة الثانية فسنة، والصيغة المختارة فى حدها الأدنى "السلام عليكم " ومن السنة الزيادة عليها "السلام عليكم ورحمة الله " كما يسن الالتفات إلى اليمين فى المرة الأولى، وإلى اليسار فى المرة الثانية، وذلك لحديث عن ابن مسعود قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله. رواه الترمذى وقال:
حديث حسن صحيح.
وهل من السنة أن يزيد على ذلك "وبركاته "؟ يرى بعض العلماء ذلك لحديث رواه أبو داود عن وائل بن حجر قال: صليت مع النبى صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ويرى بعضهم أن هذه الزيادة ليست سنة. يتول النووى فى كتابه " الأذكار ص 74" لا يستحب أن يقول "وبركاته " لأنه خلاف المشهور عن النبى صلى الله عليه وسلم وإن كان قد جاء فى رواية لأبى داود، وقد ذكره جماعة من أصحابنا منهم إمام الحرمين وزاهر السرخسى والرويانى فى الحلية، ولكنه شاذ، والمشهور ما قدمنا.
هذا، وأما حكمة التسليم وكونه على اليمين واليسار للإمام والمأموم والمنفرد ففيها كلام كثير للائمة يرجع إليه فى "فقه المذاهب الأربعة " والمغنى لابن قدامة ج 1 ص 592 - 598 " وبخصوص عدم زيادة "وبركاته " فى التسليمة الثانية لم أعثر على مبرر مقبول لذلك، والمخلوقات من الملائكة والجن والإنس لا فرق فى التسليم عليهم بين من هم على اليمين ومن هم على اليسار، وأرجو عدم التعصب لذلك
(9/205)
________________________________________
صلاة الجمعة فى مسجد خاص

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هناك مؤسسات أو منشآت لا يدخلها أحد إلا بتصريح، والذين يصلون الجمعة فيها هم العاملون بها دون غيرهم إلا من يحمل تصريحا بالدخول، فهل صلاة الجمعة تصح فى هذه الأماكن الخاصة؟

الجواب
الأئمة الثلاثة قالوا: تصح الجمعة فى أى مكان يجتمع فيه العدد الذى تنعقد به الصلاة على اختلافهم فى هذا العدد. سواء أكان هذا المسجد عاما لكل من يريد الصلاة فيه أو خاصا بجماعة معينة، والإمام أبو حنيفة هو الذى اشترط أن يكون مسجد عامًّا، جاء فى فقه المذاهب الأربعة - نشر أوقاف مصر، ما نصه - الحنفية قالوا: لا يشترط فى صحة الجمعة أن تكون فى مسجد، إنما يشترط فيها الإذن العام من الإمام، فلو أقام الإمام الجمعة فى داره بحاشيته وخدمه تصح مع الكراهة، ولكن بشرط أن يفتح أبوابها، ويأذن للناس بالدخول فيها، ومثلها الحصن والقلعة، على أنه لا يضر إغلاق الحصن أو القلعة لخوف من العدو، فتصح الصلاة فيها مع إغلاقها متى كان مأذونا للناس بالدخول فيها من قبل.
وبناء على هذا تصح الجمعة فى المعسكرات الخاصة والمؤسسات التى لا تسمح بدخولها إلا للعاملين بها، وذلك على رأى جمهور الفقهاء
(9/206)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 11:04 pm

الزكاة والضرائب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز أن أحسب الضرائب المفروضة على مالى من ضمن الزكاة الواجبة؟

الجواب
الضرائب فريضة فرضها ولى الأمر لحاجة البلد إليها، وطاعته فى المصلحة واجبة، ولا تجوز مخالفته قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} النساء: 59، على أن تكون عادلة فى تقديرها وجبايتها وإنفاقها، يقول ابن حزم: وفرض على الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم، ويجبرهم السلطان على ذلك إن لم تقم الزكوات بهم، ولا فى سائر أموال المسلمين. وفى حديث مسلم " على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" حتى لو أحس الإنسان أنها ظالمة فالواجب دفعها، وله الحق فى الشكوى، روى مسلم أن مسلمة بن يزيد الجعفى قال للنبى صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ فأعرض عنه ثم سأله فقال له صلى الله عليه وسلم " اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم ".
وجاء فى تفسير القرطبى "ج 16 ص 42 " قوله: اختلف علماؤنا فى السلطان يضع على أهل بلد مالا معلوما يأخذهم به، يؤدونه على قدر أموالهم، هل لمن قدر على الخلاص من ذلك أن يفعل وهو إذا تخلص أخذ سائر أهل البلد بتمام ما جعل عليهم؟ .
فقيل: لا، وهو قول سُحْنون من علمائنا.
الضرائب لا تغنى عن الزكاة، لأن الزكاة فرض الله وإحدى الدعائم الخمسة للإسلام، ولها مصارف معينة، ووعاء معين. أما الضرائب فتشريع وضعى قابل للخفض والرفع والإلغاء، ولا يختص بوعاء معين ولا بمصرف معين. وقد ذم ابن حجر الهيتمى ج 1 ص 183 " التجار الذين يحسبون المكس - الضريبة - من الزكاة، وإن كان قد ذم المكس إذا كان لغير حاجة.
وقرر المؤتمر الثانى لمجمع البحوث الإسلامية المنعقد فى مايو 1965 م أن ما يفرض من الضرائب لمصلحة الدولة لا يغنى القيام بها عن أداء الزكاة المفروضة
(9/207)
________________________________________
ثعلبة ومنع الزكاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هى قصة ثعلبة الذى منع الزكاة؟

الجواب
يذكر كثير من المفسرين لقوله تعالى: {ومنهم من عاهد اللَّه لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين. فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون. فأعقبهم نفاقا فى قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا اللَّه ما وعدوه وبما كانوا يكذبون} التوبة: 75 - 77.
أقول ذكر كثير منهم: أن المراد به هو ثعلبة بن حاطب، ويظن الكثير من الناس أنه هو ثعلبة، أحد من شهد بَدْرًا ثم يجىء السؤال:
كيف يصح أن يكون ثعلبة من أهل بدر ثم ينقلب منافقا يسجل نفاقه فى القرآن؟ .
وقد ذكر المحققون أن ثعلبة هذا غير ثعلبة البدرى، والتشابه إنما هو فى الاسم فقط.
ولما ذكر البارودى وابن السكن وابن شاهين وغيرهم أنه هو البدرى أنكر الحافظ ابن حجر ذلك وقال فى كتابه " الإصابة" ولا أظن الخبر يصح، وإن صح ففى كونه هو البدرى نظر.
وقد ذكرا بن الكلبى أن ثعلبة بن حاطب الذى شهد بدرا قتل بأحد، فتأكدت المغايرة بينهما، فان صاحب القصة تأخر إلى خلافة عثمان.
قال: ويقوى ذلك أن فى تفسير ابن مردويه اتفقوا على أنه ثعلبة بن حاطب، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية " وحكى عن ربه أنه قال لأهل بدر " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " فمن يكون بهذه المثابة كيف يعقبه الله نفاقا فى قلبه وينزل فيه ما ينزل؟ فالظاهر أنه غيره.
فالواجب عند ذكر هذه القصص المثيرة: التحرى فى ثبوت ذلك وعدمه، ومثل هذا ما روى فى سبب نزول قوله تعالى: {وما كان لكم أن تؤذوا رسول اللَّه ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا} الأحزاب: 53، حيث قالوا: إن طلحة بن عبيد اللَّه قال: يتزوج محمد بنات عمنا ويحجبهن عنا، لئن مات لأتزوجن عائشة
(9/208)
________________________________________
الزكاة فى مال الصبى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نعرف أن التكليف بالعبادات يكون عند البلوغ، فلو ترك والد لولده الصغير مالا يبلغ النصاب، هل تجب فى ماله زكاة؟

الجواب
العلماء فريقان فى حكم الزكاة فى مال الصبى الذى لم يبلغ حد التكليف، فريق لا يرى وجوب الزكاة ومنهم أبو حنيفة وأصحابه، وقصدوا الزكاة فى الزروع والثمار كما جاء فى كتاب بدائع الصنائع للكاسانى، وحجتهم فى ذلك أن الزكاة عبادة محضة كالصلاة تحتاج إلى نية، والصبى لا تتحقق منه النية، وقد سقطت عنه الصلاة لفقدان النية فتسقط الزكاة كذلك، كما احتجوا بحديث " رفع القلم عن ثلاث، عن الصبى حتى يبلغ.
. . " وبقوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} التوبة:
103، ولكن هذه الأدلة تصلح لمن لا يوجب الزكاة على الصبى أصلا، ولا تصلح لمن أوجبها فى بعض المال.
وضموا إلى هذه الأدلة النقلية دليلا عقليا وهو: أن مصلحة الصغير فى إبقاء ماله، والزكاة تنقصه وقد تستهلكه، لعدم تحقيق النماء الذى هو علة وجوب الزكاة. وهذه العلة العقلية تساعد من يقول بوجوب الزكاة فى ماله النامى بنفسه كالزروع والمواشى، أو الذى ينمى بالعمل والتثمير كالنقود التى يتجر فيها بالمضاربة.
والفريق الثانى من العلماء يرى وجوب الزكاة فى مال الصبى، ومنهم مالك والشافعى وأحمد، ومن أدلتهم عموم النصوص الدالة على وجوب الزكاة فى مال الأغنياء، دون استشاء صبى أو غيره، وحيث إن الصبيان يعطون من الزكاة إذا كانوا فقراء فلتؤخذ منهم إذا كانوا أغنياء كما يدل عليه حديث معاذ لما أرسله النبى صلى الله عليه وسلم إلى اليمن حيث قال له " أعلمهم أن اللَّه افترض عليهم صدقة فى أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد فى فقرائهم ".
ومن أدلتهم حديث رواه الطبرانى مرفوعا " اتجروا فى أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة " ومثله حديث الترمذى وإن كان فيه مقال، غير أن معناه صحيح موقوف على عمر، فقد صحح البيهقى عنه: ابتغوا فى أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة، والمراد بها الزكاة. وكما صح الحكم عن عمر صح عن غيره من عدد من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف، إلا رواية ضعيفة عن ابن عباس لا يحتج بها.
وإلى جانب هذه الأدلة قالوا: إن مقصود الزكاة سَدُّ خلة الفقراء من مال الأغنياء شكرًا لله وتطهيرا للمال، ومال الصبى قابل لأداء النفقات والغرامات فلا يضيق عن الزكاة.
وعلى هذا القول: ولى الصبى يخرج الزكاة عنه من ماله، وتعتبر نية الولى فى الإخراج، وبعض المالكية قال: يخرجها الولى إذا أمن أن يطالبه وجعل له ذلك، وإلا فلا.
ويؤخذ من هذا أن الجمهور يوجبون الزكاة فى مال الصبى
(9/209)
________________________________________
دفع الزكاة لغير المسلم

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز دفع الزكاة لغير المسلم؟

الجواب
لا يجوز إعطاء الزكاة المفروضة لغير المسلم، للنص على أنها تؤخذ من أغنياء المسلمين لترد على فقرائهم. قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم أن الذمى لا يعطى من زكاة الأموال شيئا، ويستثنى من ذلك المؤلفة قلوبهم.
أما الصدقة التطوعية فيجوز أن يعطى منها غير المسلم، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبى بكر " صلى أمك " وكانت مشركة، والآية تقول {لا ينهاكم اللَّه عن الدين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن اللَّه يحب المقسطين} الممتحنة: 8.
وهناك رأى للزهرى وأبى حنيفة ومحمد وابن شبرمة بجواز إعطاء زكاة الفطر للذمى، بناء على الآية المذكورة
(9/210)
________________________________________
إخراج قيمة الزكاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز إخراج القيمة بدل العين فى الزكاة؟

الجواب
الزكاة واجبة فى أصناف حددها القرآن والسنة، حدد أوعيتها كما حدد مقاديرها ومن أوعيتها الإبل والبقر والغنم والزروع والثمار، فهل تخرج الزكاة من جنس هذه الأوعية، أو يجوز إخراج قيمتها نقدا أو من نوع آخر؟ .
جمهور الفقهاء على أن الزكاة تخرج من جنس المال المزكى، لكن أبا حنيفة أجاز إخراج القيمة بدل العين، كما أجازه مالك فى رواية وكذلك الشافعى فى قول له، وفى قول آخر هو مخير بين الإخراج من قيمتها وبين الإخراج من عينها. ومن الأدلة على ذلك:
1 -أن زكاة الإبل قد تخرج من غيرها، وهى الغنم، ففى خمس من الإبل شاة، وفى عشر شاتان كما هو معروف.
2 - النص على جواز القيمة النقدية أو نوع آخر فى حديث البخارى " من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده الجذعة، وعنده الحقة فإنه يؤخذ منه وما استيسرتا من شاتين أو عشرين درهما ".
3- ما رواه الدارقطنى وغيره أن معاذ بن جبل قال لأهل اليمن.
ايتونى بخميس أو لبيس آخذه منكم مكان الذرة والشعير فى الصدقة، فإنه أيسر عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة. والخميس هنا هو الثوب الذى طوله خمسة أذرع ويقال سمى بذلك لأن أول من عمله هو الخمس أحد ملوك اليمن، ولم يثبت أن النبى أنكر عليه أن يأخذ القماش بدل الذرة والشعير.
4 - قول النبى صلى الله عليه وسلم فى زكاة الفطر " أغنوهم عن سؤال هذا اليوم " رواه البيهقى أراد أن يغنوا بما يسد حاجتهم، فأى شىء سد حاجتهم جاز.
5 - قول اللَّه تعالى {خذ من أموالهم صدقة} التوبة: 103، ولم يخص شيئا من شىء.
هذه هى أدلة جواز إخراج القيمة بدل العين فى الزكاة كما ذكرها القرطبى فى تفسيره "ج 8 ص 175 ":
وأورد دليل الرواية الثانية عن مالك بعدم الجواز- وهو ظاهر المذهب - بأن الحديث يقول " فى خمس من الإبل شاة، وفى أربعين شاة شاة " وقال القرطبى: نص على الشاة، فإذا لم يأت بها لم يأت بمأمور به، وإذا لم يأت بمأمور به فالأمر باق عليه.
ونوقش هذا الدليل بأنه قد يظهر فى أخذ شاة عن أربعين شاة، ولكن لا يظهر فى أخذ شاة عن خمس من الإبل، فالجنس مختلف وفد يُردُّ ذلك بأن الجنس واحد وهو الأنعام ولا يضر اختلاف النوع، فيؤخذ من الغنم بدل الإبل.
والاستدلال ضعيف لا يقوى أمام أدلة المجيزين، وبخاصة الدليل الثانى والثالث، حيث النص فى الأول على البدل وهو شاتان وعلى القيمة " أو عشرين درهما " وفى الثانى على البدل وهو القماش بدل الحبوب. فما استيسر من أى شىء بَدَلَ ما نص عليه فلا مانع منه، لأنه صدقة خرجت من ماله لا تنقص عن قيمة ما نص عليه، وقد تكون القيمة أنفع للفقير أو من يستحق الزكاة، والزكاة فى عروض التجارة تكون من القيمة، لأنها تقوم عند آخر الحول، ودليله ما رواه أحمد وأبو عبيد عن أبى عمرو بن حماس عن أبيه قال: أمرنى عمر رضى اللَّه عنه فقال " أدِّ زكاة مالك. فقلت: ما لى مال إلا جِعَابٌ وأَدَم، فقال: قومها ثم أدِّ زكاتها ". والجعاب جمع جَعْبة، وهى كنانة النبال أى كيسها، والأدم هو الجلد، يقول صاحب المغنى "ج 3 ص 58 ": وهذه قصة يشتهر مثلها ولم تنكر فيكون إجماعا.
وأجاز أبو حنيفة إخراج الزكاة من عين السلع كسائر الأموال.
وبناء على هذه الأقوال أرى أن يراعى مصلحة المزكى فى تجارته الراكدة فيجوز أن يخرجها من السلع، وقد أشار ابن تيمتة فى فتاويه (ج 1 ص 299) إلى مراعاة المصلحة والدين يسر، وحيث توجد المصلحة فثم شرع اللَّه
(9/211)
________________________________________
الزكاة فى سبيل الله

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز دفع جزء من الزكاة فى بناء المساجد، وبخاصه للجاليات الإسلامية فى البلاد الأجنبية؟

الجواب
سبيل الله فى اللغة هو الطريق الموصل إلى مرضاته، وذلك بامتثال الأوامر واجتناب النواهى، وعند إطلاقه فى الشرع ينصرف إلى الجهاد، حتى صار لكثر الاستعمال كأنه مقصور عليه كما قال ابن الأثير فى " النهاية ".
وكون الجهاد من مصارف الزكاة الثمانية الموجودة فى قوله: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} التوبة: 60، أمر متفق عليه بين الفقهاء، مريدين بسبيل الله الجهاد لكن ما وراء الجهاد من أعمال الخير فالمذاهب مختلفة فيه:
فالأحناف يقصرون سبيل الله على الجهاد، تصرف على المجاهدين تمليكا لهم. مشترطين فيهم الفقر والحاجة، وقد أخذ عليهم هذا الشرط لأنهم به داخلون تحت اسم الفقراء، ولم تعد هناك حاجة إلى مصرف (سبيل الله) فى الآية. والكاسانى فى " بدائع الصنائع " جعل جميع القرب والطاعات من سبيل الله، لكنه اشترط أيضا تمليك الزكاة للشخص المستحق لها.
وعلى هذا لا يجوز صرفها فى بناء المساجد وتكفين الموتى وقضاء الديون عنهم " رد المحتار ج 2 ص 85 ".
والمالكية متفقون على أن سبيل الله فى الزكاة هو الجهاد وما يتعلق به من إعداد ومرافق، ولا يشترطون فيها تمليكا للأشخاص، ولا يشترطون الفقر ليكون سبيل الله صنفا متميزا عن الفقراء والمساكين.
والشافعية أرادوا بسبيل الله المجاهدين المتطوعين لا من ترتب لهم أرزاق لعملهم هذا، ولا يشترطون الفقر فى هؤلاء المتطوعين، فهم كالمالكية فى قصر سبيل الله على الجهاد، لكن أرادوا بالمجاهدين المتطوعين.
والحنابلة كالشافعية فى هذا الرأى، لكن جاء فى رواية عن أحمد جعل الحجاج كالمجاهدين داخلين فى سهم سبيل الله لحديث أم معقل الأسدية أن زوجها جعل بكرا فى سبيل الله وأنها أرادت العمرة فسألت زوجها البكر فأبى، فأتت النبى صلى الله عليه وسلم وذكرت له ذلك فأمره أن يعطيها البكر وقال (الحج والعمرة فى سبيل الله) رواه أحمد وأبو داود برواية أخرى، والروايتان ضعيفتان.
فالمتفق عليه بين الفقهاء أن سبيل الله هو الجهاد، مع الاختلاف فى اشتراط الفقر وعدمه، وفى تمليكها للشخص أو عدم تمليكه، وفى قصره على المتطوعين أو تعميمه على جميع المجاهدين. وما نقل عن الكاسانى فى جعل أنواع القربات الأخرى من سبيل الله شرط فيه التمليك للشخص لا أن تصرف فى بناء المساجد وغيرها.
وابن قدامة الحنبلى فى " المغنى " صوب رأى الجمهور ولم يرتض رواية أحمد فى صرفها على الحجاج وقال معللا لذلك: إن الزكاة تصرف لأحد رجلين: محتاج كالفقراء والمساكين وفى الرقاب والغارمين لقضاء ديونهم، أو من يحتاج إليه المسلمون كالعاملين على الزكاة والغزاة والمؤلفة قلوبهم والغارمين لإصلاح ذات البين. أما الحج للفقير فلا نفع للمسلمين فيه، ولا حاجة به إليه أيضا فهو غير واجب عليه ولا مصلحة له فى إيجابه عليه وتكليفه مثقة خففها الله عنه، وتوفير هذا القدر على ذوى الحاجة من سائر الأصناف أو دفعه فى مصالح المسلمين أولى.
وهناك بعض العلماء توسعوا فى معنى" سبيل الله " ليشمل جميع أنواع القربات، منهم الفخر الرازى حيث نقل عن القفال فى تفسيره أن بعض الفقهاء أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه البر من تكفين الموتى وعمارة المساجد وغيرها، ولم يعين من هم هؤلاء الفقهاء المجيزون، وإن كان لا يوصف بالفقيه إلا المجتهد. ونسب ابن قدامة فى " المغنى " هذا الرأى إلى أنس بن مالك والحسن البصرى ولكن المحققين بينوا أن هذه النسبة خطأ لعدم فهم ما نقله أبو عبيد عنهما فى كتابه " الأموال ".
ومن المتوسعين فى سبيل الله الإمامية الجعفرية كما ذكر فى كتاب "المختصر النافع " وكتاب " جواهر الكلام شرح شرائع الإسلام " فى فقه الشيعة. ومنهم أيضا السيد صديق حسن خان فى كتاب " الروضة الندية " الذى يقول: ليس هناك دليل على تخصيص سبيل الله بالجهاد. فليبق على معناه اللغوى واسعا، وكونه انصرف إلى الجهاد فى العهود الأولى لا يمنع من شموله لكل ما يوصل إلى رضاء الله من أنواع القربات، ومال إلى هذا الرأى جمع من العلماء المتأخرين والمعاصرين.
وعلى هذا الرأى يجوز صرف جزء من الزكاة فى بناء المساجد والمعاهد وتحفيظ القرآن وإيواء اللاجئين ونشر الثقافة الدينية، وكل عمل يعز الإسلام ويقوى شوكة المسلمين ويدفع عنهم غائلة الاستعمار والسيطره بأى شكل من الأشكال
(9/212)
________________________________________
تعجيل الزكاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز إخراج الزكاة قبل وقت وجوبها؟

الجواب
ذهب الشافعى وأبو حنيفة وأحمد إلى جواز إخراج الزكاة قبل وقت وجوبها، وهو الحول فى النقود والتجارة والأنعام، والدليل على ذلك ما ورد عن على رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم استسلف صدقة العباس قبل محلها وإن كان فى السند مقال. وسئل الحسن عن رجل أخرج ثلاث سنين هل يجزيه؟ قال: يجزيه، وعن الزهرى أنه كان لا يرى بأسا أن يعجل الإنسان زكاته قبل الحول وقال مالك: لا يجزى إخراجها حتى يحول الحول [للأحاديث التى ربطت وجوبها بالحول كحديث على الذى رواه أبو داود وفيه مقال] وقال بذلك ربيعة وسفيان الثورى وداود. يقول ابن رشد: وسبب الخلاف، هل هى عبادة أو حق للمساكين؟ فمن قال: إنها عبادة وشبهها بالصلاة لم يجز إخراجها قبل الوقت، ومن شبهها بالصلاة الواجبة المؤجلة - أى التى لها أجل - أجاز إخراجها قبل الأجل على جهة التطوع.
ومثل الزكاة العامة زكاة الفطر- فالجمهور على جواز تعجيلها قبل العيد بيوم أو يومين كما كان يفعل عبد الله بن عمر رضى الله عنهما، وأما قبل ذلك ففيه خلاف.
فعند أبى حنيفة يجوز إخراجها قبل شهر رمضان، وعند الشافعى يجوز من أول شهر رمضان، أما عند مالك وأحمد فلا يجوز إلا قبل العيد بيوم أو يومين
(9/213)
________________________________________
توزيع الزكاة على فترات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أنا أقدر زكاة مالى عند آخر الحول، وأعرف فقراء هم أولى بدفعها إليهم، لكن أعرف أنهم إذا أخذوها دفعة واحدة أنفقوها بسرعة واشتدت حاجتهم بعد ذلك، ورأيت أن من المصلحة أن أعطيهم كل شهر مقدارا منها حتى ينتهى العام وقد برئت ذمتى من الزكاة تماما، فهل فى هذا ما يخالف الشرع؟

الجواب
عندما يحين وقت وجوب الزكاة يجب إخراجها ومن الخير التعجيل بإعطائها للجهات المستحقة، فقد روى البخارى وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم عندما انصرف من صلاة العصر قام سريعا فدخل بعض بيوت أزواجه، ثم عاد، فوجد فى وجوه القوم تعاجبا لسرعته فقال "ذكرت وأنا فى الصلاة تبرا عندنا، فكرهت أن يمسى أو يبيت عندنا، فأمرت بقسمته " وروى الشافعى والبخارى فى التاريخ عن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " ما خالطت الصدقة مالا قط إلا أهلكته " رواه الحميدى وزاد، قال " يكون قد وجب عليك فى مالك صدقة فلا تخرجها فيهلك الحرام الحلال ".
وهذا شأن كل دين واجب ينبغى التعجيل بأدائه، ومن هنا قال جمهور الفقهاء بجواز تعجيل إخراج الزكاة قبل وقت وجوبها.
لكن مع فصل الزكاة أو تعيين قدرها إذا رأى الإنسان أن من المصلحة توزيعها على فترات فلا مانع، كانتظار وصول المستحقين أو السفر إليهم، أو جعلها كراتب شهرى لأسرة فقيرة لو أخذتها مرة واحدة أنفقتها فى غير ما يلزم، وبعد ذلك تحتاج إلى مساعدة.
وما دام الانسان يبغى المصلحة فلا مانع من توزيعها على فترات، مع التوصية لأوليائه بمعرفة ما يجب عليه وما بقى من غير توزيع، حتى يقوموا بتوزيعه عند اللزوم
(9/214)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 11:05 pm

الزكاة والزواج

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز أن أدفع جزءا من زكاة أموالى مساعدة فى زواج أحد أقاربى أو إحدى قريباتى؟

الجواب
حدد اللَّه سبحانه مصارف الزكاة فى قوله تعالى {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من اللَّه واللَّه عليم حكيم} التوبة:65، فلا يجوز دفعها لغير هؤلاء كما تفيده أداة الحصر وهى " إنما " وكل هذه الأصناف حددها العلماء دون خلاف بينهم يذكر، إلا في قوله تعالى {وفى سبيل اللَّه} ففسره الجمهور بالجهاد وفسره سره بعضهم بمنقطعى الحجيج، وجعله آخرون شاملا لكل القربات ومع ذلك لا يدخل التزويج فيه كما قال المحققون، فكما قالوا:
لا يجوز صرف الزكاة للاستعانة بها على الحج لأن الله فرضه على المستطيع فقط، قالوا: لا يجوز صرفها من أجل التزويج الذىَ ندب اللَّه له من يستطيع أن يقوم بمسئولياته، فقال {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم اللَّه من فصله} النور: 33، وقال صلى الله عليه وسلم " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحْصَنُ للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " رواه البخارى ومسلم، والباءة هى تكاليف الزواج.
والزواج فى هذه الأيام بالذات أخذ صورة مظهرية أكثر منها أدبية ودينية، سواء فى المهور الغالية أو الأثاث الفاخر أو حفلات الزفاف وما إليها، فلا ينبغى أن توجه الزكاة إليها، وفى المجتمع حالات هى أحوج ما تكون إليها، روى مسلم أن رجلا تزوج على صداق قدره أربع أواق لا يستطيع دفعها، ذهب إلى النبىصلى الله عليه وسلم يستعينه، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم فى حالته الخاصة لا يمكنه أن يساعد بمثل هذا القدر، وليس فى مال المسلمين حق يعين هذا الرجل، فقال له مستنكرا " كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، لكن عسى أن نبعثك فى بعث تصيب منه ". ولو تعين الزواج عصمة من المنكر للفتى أو الفتاة لا يتحمل معها الانتظار إلى وقت اليسار وجب عليه أن يتزوج بقدر يناسب وضعه الذى هو فيه، ما دام يقصد الخير من العفة والشرف، ولا يعدم أى مجتمع أن يكون فيه من يحقق له غرضه، فالخير موجود فى المسلمين إلى يوم القيامة. هذا، وإذا كانت للزكاة مصارف متعددة فينبغى مراعاة الأولوية فيها، والمسلمون كأمة واحدة يجب أن يتضامنوا فى تحقيق الخير ودفع الشر، وفيهم الآن من هم فى أشد الحاجة للعون الذى يحفط كرامتهم كآدميين ومسلمين، فأولى أن تدفع الزكاة إليهم، ولو كان للزكاة جهاز منظم يشرف عليها بصدق وإخلاص جمعا وتوزيعا لظهر أثرها الذى شرعت من أجله، سواء فى الوطن الصغير أو فى الوطن الإِسلامى الكبير
(9/215)
________________________________________
إعطاء الزكاة للأقارب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
سمعت أن إعطاء الزكاة للأقارب لا يجوز، فهل هذا صحيح؟

الجواب
الأقارب هنا قسمان، قسم تجب على الإنسان نفقته كالأبوين والأولاد والزوجة وقسم لا تجب عليه نفقته، كالعم والخال والعمة والخالة.
وقد اتفق الفقهاء على جواز إعطاء الزكاة للقسم الثانى، بل هم أولى بها من غيرهم، لأنها تكون زكاة وصلة رحم فى وقت واحد كما رواه أحمد وابن ماجه والنسائى والترمذى وحسنه، وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما عن النبى صلى الله عليه وسلم "الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذى الرحم ثنتان، صدقة وصلة".
أما القسم الأول: وهو من تجب عليه نفقته فالإجماع على أنه لا يجوز إعطاؤهم من الزكاة، لأن المفروض فى المزكى أن ينفق عليهم النفقة الكافية التى لا تجعلهم فقراء ولا مساكين يستحقون الزكاة، والمزكى عنده مال كثير زائد عن حاجته وحاجة من يعولهم فهم فى غير حاجة إلى الزكاة. فالوالدان لا يجوز إعطاء الزكاة لهما، وكذلك الأولاد الصغار، أو البالغون إذا كانوا غير قادرين على الكسب، فإن قدروا على الكسب فلا تجوز الزكاة لهم.
وكذلك الزوجة نفقتها واجبة على الزوج فلا يعطيها من زكاته، لأنه لو أعطى هؤلاء الذين تجب عليه نفقتهم فهو يعطى نفسه، لأن الزكاة ستخفف من عبء النفقة الواجبة عليه. روى الأثرم فى سننه عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال: إذا كان ذو قرابة لا تعولهم فأعطهم من زكاة مالك، وإن كنت تعولهم فلا تعطهم ولا تجعلها لمن تعول "نيل الأوطار للشوكانى ج 4 ص 189 ".
والشوكانى يرى جواز إعطاء الزكاة للقريب، بصرف النظر عن كون نفقته واجبة على المزكى أو غير واجبة، مستندا إلى حديث البخارى ومسلم فى شأن زينب امرأة عبد اللَّه بن مسعود الثقفى وشأن امرأة معها، حيث سئل النبى صلى الله عليه وسلم: أتجزى الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام فى حجورهما؟ فقال "لهما أجران، أجر القرابة وأجر الصدقة" وفى رواية البخارى عن أبى سعيد "زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم ".
يقول الشوكانى فى وجه الاستدلال: إن النبى صلى الله عليه وسلم لم يستفصل عن الصدقة إن كانت واجبة أو تطوعا، وترك الاستفصال فى مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم فى المقال، والأصل عدم المانع، فمن زعم أن القرابة أو وجوب النفقة مانعان من إجراء الزكاة فعليه الدليل، ولا دليل.
وقد أجاز الشوكانى ذلك لأن الأم لا يلزمها أن تنفق علي ابنها مع وجود أبيه، لكن قد يقال: إن الأيتام ربما لا يكونون أولادها فتصح الزكاة عليهم.
وقد روى عن مالك أن الممنوع من أخذ الزكاة هم الأب والأم والأولاد، أما الجد والجدة ومن علا، وبنو البنين ومن نزل فيجوز صرف الزكاة إليهم، أما غير الأصول والفروع ممن تجب نفقتهم -كالزوج والزوجة - فذهب مالك والشافعى إلى أنه لا يجزئ صرف الزكاة إليهم.
وقال أبو حنيفة وأصحابه يجوز ويجزئ، وذلك لعموم الدليل فى التصدق على الأقارب، حيث لم يفصل، بين قرابة وقرابة، ولا بين وجوب النفقة وعدم وجوبها، كما وضحه الشوكانى. وهذا كله فى الصدقة الواجبة كالزكاة، أما صدقة التطوع فالأقارب بوجه عام أولى بها كما سبق ذكره، ومما يرغب فى ذلك أيضا حديث رواه مسلم "دينار أنفقته فى سبيل اللَّه، ودينار أنفقته فى رقبة-يعنى تحرير رقبة من الرق -ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذى أنفقته على أهلك لما وجاء في تفسير القرطبى "ج 8 ص 190 "جواز إعطاء الزوجة زكاتها لزوجها الفقير بناء على حديث زينب الثقفية، حتى لو كان يستعين بها على النفقة عليها كما كان يفعل ابن حبيب، وقال أبو حنيفة لا يجوز، وخالفه صاحباه فقالا يجوز، وذهب الشافعى وأبو ثور وأشهب إلى إجازة ذلك إذا لم يصرفه إليها فيما يلزمه لها، وإنما يصرف ما يأخذه منها فى نفقته وكسوته على نفسه، وينفق عليها ماله.
وفى الفتاوى الإسلامية "مجلد 1 ص 115 " لو دفع الزكاة إلى من تجب نفقته عليه جاز إذا لم يحسبها من النفقة، وذلك فى غير الزوجة والأبوين والفروع، كما وضحتها فتوى فى المجلد الخامس ص 1799 "
(9/216)
________________________________________
زكاة الجنين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم ما لو ذبحت البقرة الحامل بجنينها كامل النمو، هل يجوز أكل هذا الجنين إذا مات فى بطن أمه؟

الجواب
روى أحمد والترمذى وابن ماجه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى الجنين "ذكاته ذكاة أمه " وفى رواية لأحمد وأبى داود: قلنا يا رسول الله، ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة وفى بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكل؟ قال "كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه ".
يؤخذ من هذا أن الحيوان المأكول اللحم إذا ذبح وفى بطنه جنين، فإن ذبح أمه ذبح له ما دام قد تم بالطريقة الشرعية، وأكل لحمه حلال ولا يحتاج إلى ذبح، وهذا ما رآه الإمام الشافعى والإمام مالك، وإن كان مالك اشترط أن يكون الجنين قد أشعر، أى نبت له شعر، لكن دليله فى ذلك ضعيف، فإنه قطعة من أمه، سواء نبت له شعر أولا.
وأبو حنيفة خالف مالكا والشافعى، كما خالف صاحبيه، فحرم أكل الجنين إذا خرج ميتا، لأن ذكاة أمه لا تغنى عن ذكاته أى ذبحه، محتجا بعموم قوله تعالى {حرمت عليكم الميتة} وهى التى لم تذبح ولكن هذا الاحتجاج ضعيف، لأنه من ترجيح العام على الخاص، والمعمول به هو العكس.
فالمعتمد أو الراجح هو مذهب الجمهور فى أن ذكاة الجنين هى ذكاة أمه، أى لا حاجة إليها بعد ذكاة أمه
(9/217)
________________________________________
زكاة الزروع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
تحتاج الزراعة إلى مصاريف كثيرة فى الرى والتسميد والحصاد وغير ذلك، فهل تخصم هذه المصاريف من جملة المحصول وتخرج الزكاة عن الباقى بعد الخصم؟

الجواب
1-الزكاة واجبة على المحاصيل الزراعية كما جاء فى قوله تعالى {وهو الذى أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه، كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المشرفين} الأنعام: 141.
وبعيدا عن التى تجب فيها الزكاة من الزروع، فإن ما يورد منها إلى الجمعيات أو جهات أخرى يدخل ضمن النصاب ولا يخصم، ولا يكتفى بتزكية ما بقى بعد الخصم، فالآية تأمر بإخراج الزكاة عند الحصاد.
ومعلوم أن المحاصيل قد تصرف عليها مصاريف فى الرى والتسميد والتنقية والحصاد وغير ذلك، فهل تخصم هذه المصاريف من المحصول، وتخرج الزكاة عن الباقى؟ .
لا يجوز هذا الخضم عند جميع الأئمة المعروفين، وهم أبو حنيفة ومالك والشافعى وأحمد رحمهم اللَّه تعالى، لكن جاء عن عبد الله بن عمر وعبد اللَّه بن عباس رضى اللَّه عنهم أجمعين أن الزكاة تكون على ما بقى بعد استقطاع التكاليف، ونقله ابن حزم عن عطاء بن يسار.
ولعل وجهة نظرهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل الزكاة على الزروع والثمار التى تسقى بماء السماء العشر أما التى تسقى بتعب ومصاريف للسواقى والماكينات وغيرها فالزكاة نصف العشر.
ويحصل فى بعض المناطق التى تعتمد على المطر فى زراعة القمح والشعير أن يشتط العمال المدربون على أعمال الزراعة، فى تقدير أجرهم كنصف المحصول، وهنا يمكن العمل برأى ابن عمر وابن عباس وعطاء فى هذه الحالة، وكل هذا مع مراعاة قول اللَّه تعالى {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم اللَّه من فضله هو خيرا لهم، بل هو شر لهم} آل عمران: 130، وقوله تعالى {وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} سبأ: 39
(9/218)
________________________________________
الزكاة على الراتب والعمارة والسيارة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل تجب الزكاة على الراتب أو الأجر الذى يأخذه الإنسان على عمله؟

الجواب
لقد حدد القرآن الكريم والسنة النبوية الأصناف التى تجب فيها الزكاة، ولم يرد نص خاص فى وجوبها فيما عداها، ما عدا قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض} البقرة: 267.
وقد رأى الأئمة الثلاثة عدم وجوب الزكاة فى غير ما حدده بخصوصه القرآن والسنة، وحملوا هذه الآية على الإنفاق العام الذى يدخل فيه صدقة التطوع، والأمر فيها للإرشاد والاستحباب، أو منصب على اختيار الصالح والجيد، بدليل مقابلته بالنهى عن الإنفاق من الخبيث بأسلوب قوى مؤثر " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون، ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه " والصدقة من الطيب المحبوب للنفس، فيها جهاد للنفس وإيثار للغير، ولو كان الإنسان آخذا شيئا من الغير لا يقبل إلا الطيب منه، أما الردى فلا يقبله إلا مع امتعاض وعند شدة الحاجة إليه، والإيمان الصادق يدفع إلى أن يحب الإنسان للناس ما يحبه لنفسه أما الإمام أبو حنيفة فقد أخذ بظاهر العموم فى الآية وأوجب الزكاة فى كل ما ينبت من الأرض حتى الخضر غير مقيد بالأنواع الواردة فى الحديث، كما أوجبها فى كل ما يكسب -الإنسان من وجوه الحلال.
وعلى هذا تجب الزكاة عنده فى عائد الممتلكات من العمارات والسيارات وفى الرواتب والأجور.
ولو وجبت الزكاة اشترط فيها الحول والزيادة عن الحاجة، كما اشترطه فى زكاة المال، فلو استغلت العمارات والسيارات للتجارة وجبت فيها زكاة التجارة، ولو استغلت للإيجار ونتج عن ذلك مال مدَّخر فائض وحال عليه الحول وجبت الزكاة باتفاق الأئمة، لأنها زكاة مال كالنقدين.
هذا فى الوجوب، أما التطوع بالصدقة وشكر اللَّه على النعم فلا حد لنصابه ولا لقدره ولا لزمنه، بل إن ميدان البر يتسع فيتجاوز حدود المال كما صح فى الحديث " تعدل بين اثنين صدقة، وأمر بالمعروف صدقة ونهى عن منكر صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، وتبسمك فى وجه أخيك صدقة، وكل معروف صدقة"
(9/219)
________________________________________
الزكاة وحكمة التشريع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
لماذا تفرض الزكاة على المسلمين فى حين أن الدولة تحصل الضرائب من جميع المواطنين على السواء، أريد إجابة منطقية لأنى لا اقتنع بقوله تعالى {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} ؟

الجواب
سبقت الإجابة على الفرق بين الزكاة والضرائب، ولا تغني الضرائب عن الزكاة وأحب أن يعلم كل مسلم أن التكاليف الشرعية لابد من تقبلها والعمل بها بصرف النظر عن فهم حكمة التشريع، فإن الحكمة قد تذكر مع الحكم وربما لا تذكر، ولا يترتب على عدم ذكرها أو عدم فهمها رفض الحكم وإنكاره. فالواقع أن أفعال اللَّه خالية عن العبث، ولكل فعل من أفعاله حكمة، فهو الحكيم الخبير وإن كنا لا ندرك هذه الحكم {واللَّه يعلم وأنتم لا تعلمون} .
وإذا كانت معرفة حكمة التشريع تبعث في النفس النشاط للعمل وتشرح الصدر للقبول، وتساعد على رد الشبه وتحمى من الأباطيل، فإن مجرد الامتثال لأنه أمر من اللَّه فقط - وهو الموصوف بالحكمة البالغة -يدل على قوة الإيمان وتمام الخضوع لأوامر اللَّه، ومهما يكن من شيء فإن إنكار أي تكليف وارد في النصوص الصحيحة يؤدي إلى الكفر، لأنه تكذيب لما ثبت بالتواتر وبخاصة القراَن الكريم المجمع على أنه كلام اللَّه تعالى.
والزكاة فرضت على المسلمين بالأوامر الصريحة في القرآن والسنة، منها قوله تعالى {وأتوا الزكاة} البقرة: 403، وكثير من السور، وقوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} التوبة: 103، إلى غير ذلك من النصوص.
والإيمان بفرضيتها واجب، بصرف النظر عن معرفة حقها، وقد أشارت الآية إلى الحكمة وهي التطهير والتزكية، أي تخليص النفوس من شوائب البخل والشح والأنانية والحرص والطمع والفردية وأسر المادة وعبودية الشهوة، وتحليتها بالرحمة والحنان والغيرية والتعاون والرضا والقناعة وراحة الضمير، والحيلولة دون الوقوع فيما تجر إليه الأنانية وحب المال من كذب وزور وغش واحتكار وسرقة وما إلى ذلك، كما أن الزكاة أساس العدل الاجتماعي الذي يدعو إلى رعاية الحقوق والمبادرة إلى أداء الواجبات والحفاظ على الحرمات، وتقوية روابط المجتمع بوجه عام.
وإذا كانت المقادير المفروضة في الزكاة تعد رمزًا لامتثال أوامر اللَّه في التعاون فإن مطالب الحياة الاجتماعية في الدول المنظمة ربما لا يعطيها هذا المورد الرمزي، وقد أجمع العلماء على أن للحاكم أن يفرض من الضرائب، والواجبات الأخرى ما يراه محققًا لمصلحة الجماعة، فلا تنافي بين فرض الزكاة وجباية الضرائب أبدًا، وبخاصة إذا عرفنا أن بعض الاحتياجات العصرية ربما لا تدخل تحت المصارف المحددة للزكاة، ولا نحتاج إلى التعسف في تطويعها حتى تشمل هذه الاحتياجات ما دام عندنا مورد أخر مشروع وهو ما يفرضه ولى الأمر من الضرائب وغيرها. "انظر رسالتى عن الزكاة "
(9/220)
________________________________________
الزكاة فى المضاربة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل تجب الزكاة فى المضاربة على صاحب المال أو على المال أو عليهما معا؟

الجواب
المضاربة أن يدفع شخص مالا لشخص آخر يتاجر فيه على أن يقسم الربح بينهما بنسبة يتفقان عليها كالنصف أو الثلث مثلا.
والعامل فى المضاربة ليس شريكا فى رأس مال التجارة، فهو كله لصاحب المال، ولا يشاركه إلا فى الربح الناتج من رأس المال، فهو بمثابة الأجير الذى يؤدى عملا لصاحب المال، وبدل أن يحدد له أجرا معلوما كل شهرا وكل سنة أو كل صفقة تجارية جعل له نسبة من الربح أيا كان قدرها، ولئن كان فى ذلك بعض الجهالة من جهة المقدار فالأجر معلوم من جهة النسبة، ويغتفر ذلك لحاجة الناس إلى هذه المعاملة فقد يملك الشخص مالا ولا يعرف كيف يستثمره،ويملك شخص آخر المعرفة والخبرة ولكن لا يملك المال، فيتعاونان على خيرهما وعلى خير المجتمع وكانت هذه المعاملة معترفا بها أيام النبى صلى الله عليه وسلم.
ومن هنا تكون الزكاة على صاحب المال زكاة تجارة، يخرج ربع العشر على الأصل والربح بعد خصم الديون والمصاريف التى منها حصة العامل، على ما رآه ابن عباس وابن عمر رضى الله عنهم، وأخذ به ابن حزم فى خصم القرض والنفقة من محصول الزروع والثمار، وتكون الزكاة على ما بقى. وهذه الزكاة فى آخر الحوْل، أما العامل فليست عليه زكاة لأنه لا يملك شيئا من رأس المال،وإنما زكاته على حصته من الربح إن بلغت نِصابا وحال عليها الحول
(9/221)
________________________________________
موعد زكاة الفطر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
لا يوجد فى البلد الذى أعمل فيه فقراء يستحقون الزكاة يوم العيد، وقد أكون فى بلدى قبل يوم العيد وفيها فقراء، فهل يجوز أن أدفع إليهم الزكاة قبل يوم العيد؟

الجواب
يجوز إخراج زكاة الفطر من أول يوم من رمضان على ما رآه الشافعية، ويجوز أن تؤدى قبل يوم العيد بيوم أو يومين عند بعض الأئمة، بل يجوز ذلك قبل رمضان، أخرج البخارى عن ابن عمر رضى الله عنهما قال:
فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر. . . إلى أن قال: وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين.
ولا يجوز تأخيرها عن يوم العيد. والأفضل إخراجها قبل صلاة العيد، لما روى البخارى ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، قال ابن عباس رضى الله عنهما: فمن أداها قبل الصلاة فهى زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات. وفى حديث الدارقطنى: أغنوهم عن الطواف فى هذا اليوم، أى أغنوا الفقراء عن الطواف والسعى فى الأسواق ونحوها بطلب الرزق فى هذا اليوم، وهو يوم العيد، وذلك بإعطائهم الزكاة. وحرمة التأخير عن يوم العيد محلها إذا وجد المستحقون لها ولم يكن هناك غائبون أولى منهم، فإذا عدموا، أو كان هناك غائب أولى كالأرحام مثلا فلا يحرم التأخير
(9/222)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 11:06 pm

شروط هدى التمتع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل هناك مذهب يقول بعدم وجوب الهدى على المتمتع؟

الجواب
يقول الله سبحانه {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى} البقرة: 196، وقد اشترط العلماء شروطا يتحقق بها التمتع الموجب للهدى واتفقوا منها على ما يأتى:
ا -ألا يكون المتمتع من حاضرى المسجد الحرام كما نصت عليه الآية "ذلك لمن لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام " وهم أهل مكة ومن يسكن قريبا منها دون مسافة القصر على خلاف للعلماء فى تحديدهم.
2 - أن تقع العمرة فى أشهر الحج، وهى شوال وذو القعدة وذو الحجة، وشذ عن هذا الشرط طاووس فقال: من اعتمر فى رمضان ثم أقام حتى حج فهو متمتع.
3- أن تقع العمرة فى العام الذى وقع فيه الحج، فلو اعتمر فى أشهر الحج ثم لم يحج سواء أقام بمكة أو سافر، وحج فى عام آخر فليس متمتعا. وشذ عن هذا الشرط الحسن فقال: لا يشترط للتمتع أن يقع النُّسُكَان فى عام واحد. "المغنى لابن قدامة ج 3 ص 499 ".
4 -ألا يسافر بين العمرة والحج سفرا بعيدا تقصر فيه الصلاة، وشذ الحسن عن هذا الشرط.
5 -ألا يعود إلى الميقات ليحرم بالحج منه. فإن عاد وأحرم منه فلا دم عليه.
6 - أن يحل من إحرامه بالعمرة قبل أن يحرم بالحج، فلو استمر على إحرامه حتى أحرم بالحج لم يكن متمتعا، بل يكون قارنا، وعلى كل حال فالمتمتع والقارن عليهما دم.
7- اشترط مالك فقط زيادة على ذلك أن تكون العمرة والحج عن شخص واحد ولا يقول الأئمة الثلاثة بذلك، ويوضحه ما جاء فى حاشية قليوبى وعميرة على منهاج النووى فى فقه الشافعية "ج 2 ص 129 " أنه لا يشترط أن يقع النسكان أى العمرة والحج عن شخص واحد فلو استأجره واحد للحج واستأجره آخر للعمرة فتمتع عنهما أو اعتمر عن نفسه وحج عن غيره أو عكسه فهو متمتع.
ويمكن العمل بمذهب مالك عند الحاجة أو الضرورة كمن يتكرر حجه ويريد التمتع دون هدى أن يجعل واحدا منهما عن أحد والديه المتوفيين وجوبا، أو لهما ندبا أو نيابة عن عاجز عن الحج، والدين يسر
(9/223)
________________________________________
الأكل من الهدى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز لمن وجب عليه ذبح هدى أن يأكل منه، أو لابد من توزيعه كله على المحتاجين؟

الجواب
قال الله تعالى فى شأن الهدى {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} الحج:
28.
يدل ظاهر هذا الأمر على إباحة الأكل من أى هدى كان، سواء أكان واجبا أم مندوبا وقد اختلف الفقهاء فى هذا الحكم، وفرقوا بين هدى التطوع المندوب فجوزوا الأكل منه، وبين الهدى الواجب فحرموه، وإن كان بعضهم أجاز الأكل من بعض الهدى الواجب دون البعض الآخر فذهب أبو حنيفة وأحمد إلى جواز الأكل من هدى التمتع وهدى القران وهدى التطوع ولا يأكل مما سواها، وقال مالك: يأكل من الهدى الذى ساقه لفساد حجه ولفوات الحج، ومن هدى التمتع، ومن الهدى كله إلا فدية الأذى وجزاء الصيد والنذر للمساكين وهدى التطوع إذا عطب قبل محله.
وعند الشافعي: لا يجوز الأكل من الهدى الواجب مثل الدم الواجب فى جزاء الصيد وإفساد الحج، وهدى التمتع والقران، كذلك ما كان نذرا أوجبه على نفسه، أما ما كان تطوعا فله أن يأكل منه ويهدى ويتصدق.
وللتوضيح يمكن الرجوع إلى المغنى لابن قدامة " ج3 ص 565 ".
وأقول: إن غالب ما يذبح هناك جزاء هو عن التمتع والقران، وعموم الآية يجيز الأكل منه، إلى جانب أحاديث تفيد أن النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع كان معه نساؤه وكن متمتعات أي محرمات بالعمرة أولا، أو قارنات أى محرمات بالحج والعمرة معا، وأكلن من اللحم، وفى صحيح مسلم أنه عليه الصلاة والسلام أمر من كل بدنة -جمل - بضعة -قطعة-فى قِدر، فأكل هو وعلى رضى الله عنه من لحمها وشربا من مرقها.
هذا والأولى أن تطعم كلها للفقراء وبخاصة بعد الاستعدادات الجديدة لتنظيم الذبح والتوزيع، والأكل منها أفضل من أن ترمى وتضيع دون توزيع
(9/224)
________________________________________
الزواج أم الحج

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إنى شاب لم أتزوج، فأيهما أفضل الحج أم الزواج؟

الجواب
لاشك أن الحج فرض لازم على كل مستطيع كما قال تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} آل عمران: 97.
ووجوبه على الفور عند جمهور الفقهاء، يحرم تأخيره عن أول فرصة له، والزواج مشروع ومرغب فيه بالآيات والأحاديث الكثيرة، غير أن الفقهاء قالوا: إنه قد يكون واجبا وقد يكون مندوبا، فهو واجب على من وجد نفقته وقدر على كل تبعاته وخاف العنت أى الوقوع فى الفاحشة إن لم يتزوج، ويكون مندوبا إن قدر عليه ولم يخف العنت إن لم يتزوج، بأن كانت حالته طبيعية وعنده من القدرة ما يكف به نفسه عن الفاحشة إن أخر الزواج.
وعلى هذا نقول: إن كان الزواج واجبا قدمه على الحج لأنه لو لم يتزوج وقع فى الفاحشة، والحج يكون واجبا على المستطيع، ومن الاستطاعة وجود مال زائد على حاجاته الضرورية، ومن حاجاته الضرورية الزواج فى مثل هذه الحالة وبخاصة أن الحج واجب على التراخى عند بعض الأئمة، يعني لو أخره سنة لا يأثم.
وإن كان الزواج مندوبا له قدم الحج عليه، ضرورة تقديم الواجب على المندوب
(9/225)
________________________________________
الصدقة على الكافر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
عندنا جار فقير لكنه غير مسلم فهل يجوز أن أعطيه من الزكاة؟

الجواب
اتفقت الأئمة على عدم جواز إعطاء الزكاة لغير المسلمين، فيما عدا المؤلفة قلوبهم - وهم الذين يرجى إيمانهم أو يخشى شرهم، وإن كان هناك خلاف فى وجودهم الآن وفى جواز إعطائهم إن كانوا - والدليل على عدم إعطاء الكفار من الزكاة قول النبى صلى الله عليه وسلم {صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم} فى حديث معاذ لما أرسله إلى اليمن. والمقصود بهم أغنياء المسلمين وفقراؤهم دون غيرهم، رواه البخارى ومسلم.
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الذمى لا يعطى من زكاة الأموال شيئا، واختلفوا فى زكاة الفطر فجوزها أبو حنيفة، وعن عمرو بن ميمون وغيره أنهم كانوا يعطون منها الرهبان، وقال مالك والليث وأحمد وأبو ثور لا يعطون، ونقل صاحب البيان عن ابن سيرين والزهرى جواز صرف الزكاة إلى الكفار "المجموع للنووى ج 6 ص 246" لكن صدقة التطوع يجوز أن يعطى منها غير المسلم، لما صح من إجازة النبى صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبى بكر أن تبر أمها وكانت مشركة وقال لها "صِلى أمك " ويؤيد هذا قوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم} الممتحنة: 8.
وقال تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} الإنسان: 8، فالآية مطلقة والأسير بالذات قد يبقى على دينه ولا يسلم، قالوا: ومنه إعطاء عمر صدقة لليهودى الذى وجده يسأل.
وأختار أنه لا يجوز لك أيها السائل أن تعطى من زكاتك لغير المسلم ويجوز أن تساعده بصدقة تطوع، رعاية لحق الجوار
(9/226)
________________________________________
زكاة المال المدخر لحاجة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
عندى مال أدخره لمشروع ينفذ بعد سنتين، ولو أخرجت عنه الزكاة نقص المال وتعطل المشروع. فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب
ما دام المبلغ وصل إلى حد النصاب وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة ما دام فائضا عن حاجاتك الحالية أما المستقبلة فلا عبرة بها، لأن المستقبل غيب لا يعلمه إلا الله، والزكاة نسبتها قليلة جدا (5، 2%) لا تؤثر على المشروع تأثيرا واضحا، والمبادرة إلى أداء حق الله يبارك الله بها المال {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} الطلاق: 4.
هذا، ولو نقص المال المدخر فى أثناء الحول عن النصاب لا تجب فيه الزكاة حتى يكمل النصاب، وهنا يبدأ حول جديد وإذا كان النقص عن النصاب مقصودا به سقوط الزكاة كان من الحيل المحرمة، أما إذا زاد المال المدخر فى أثناء الحول فإن الزيادة تأخذ حول النصاب حتى لو وضعت فى آخر الحول، وذلك على رأى بعض الفقهاء، ورأى بعضهم أن يبدأ للزيادة حول جديد تزكى عند انتهائه، والرأى الأول أسهل فى الحساب، ويدخل تحت جواز إخراج الزكاة قبل موعدها، والرأى الثانى أدق وأضبط للحساب، ولا مانع من الأخذ بأحد الرأيين
(9/227)
________________________________________
دفع الزكاة للمدين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز دفع الزكاة لإنسان عليه دين عاجز عن الوفاء به؟

الجواب
قال الله تعالى فى مصارف الزكاة {والغارمين} التوبة: 60، يقول القرطبى عنهم: هم الذين ركبهم الدين ولا وفاء عندهم به، ولا خلاف فيه، اللهم إلا من ادَّان فى سفاهة فإنه لا يعطى منها ولا من غيرها إلا أن يتوب، ويعطى منها من له مال وعليه دين محيط به ما يقضى به دينه -يعنى دين مستغرق لما يملكه -فإن لم يكن له مال وعليه دين فهو فقير وغارم فيعطى بالوصفين. روى مسلم عن أبى سعيد الخدرى قال: أصيب رجل فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تصدقوا عليه " فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول صلى الله عليه وسلم لغرمائه " خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك ".
ويجوز لمن تحمل مالاً فى إصلاح وصلاح أن يعطى من الصدقة ما تحمل به إذا وجب عليه، وإن كان غنيا إذا كان ذلك يجحف بماله كالغريم.
واختلفوا هل يقضى منها دين الميت أم لا، فقال أبو حنيفة: لا، ولا يعطى منها من عليه كفارة ونحو ذلك من حقوق الله، وإنما الغارم من عليه دين يسجن فيه -وقال علماؤنا وغيرهم: يقض منها دين الميت لأنه من الغارمين، قال صلى الله عليه وسلم "أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا أو ضَيَاعًا-عيالا-فإلىَّ وعلىَ".
وذكر الماوردى فى "الأحكام السلطانية" ص 123 أن الغارمين صنفان، صنف منهم استدانوا فى مصالح أنفسهم فيدفع إليهم مع الفقر دون الغنى ما يقضون به ديونهم، وصنف منهم استدانوا فى مصالح المسلمين فيدفع إليهم مع الفقر والغنى قدر ديونهم من غير فضل
(9/228)
________________________________________
إسقاط الدين من الزكاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
اقترض منى رجل مبلغا من المال ثم عجز عن أدائه، هل يجوز أن أسقط عنه هذا الدين وأجعله من الزكاة الواجبة علىَّ؟

الجواب
يقول النووى فى كتابه "المجموع ": لو كان على رجل معسر دين، فأراد الدائن أن يجعله من زكاته وقال له: جعلته عن زكاتى فهناك وجهان صحيحان، أصحهما أنه لا يجزئه، وهو مذهب أحمد وأبى حنيفة، لأن الزكاة فى ذمة صاحبها فلا يبرأ إلا بإقباضها، والوجه الثانى يجزئه، وهو مذهب الحسن البصرى وعطاء بن أبى رباح، لأنه لو دفعه إليه ثم أخذه منه جاز، فكذلك إذا لم يقبضه. كما لو كانت له دراهم وديعة ودفعها عن الزكاة فإنه يجزئه، سواء قبضها أم لم يقبضها.
وإذا دفع إليه الزكاة وشرط عليه أن يردها إليه عن دينه فلا يصح الدفع ولا تسقط الزكاة، ولا يصح قضاء الدين بذلك، لكن لو نويا ذلك ولم يشترطاه جاز وأجزأه عن الزكاة، وإذا رده إليه عن الدين برىء هذا، وهذه الصورة هى من صور الغارمين الذين لهم سهم فى الزكاة وقد مر توضيحها فى سؤال سابق
(9/229)
________________________________________
سقوط زكاة الفطر على الزوجة الناشز

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجب على الزوج أن يخرج زكاة الفطر عن زوجته الناشز؟

الجواب
قال جمهور الفقهاء: إن الزوج يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن تجب عليه نفقتهم، ومنهم الزوجة ما دامت الزوجية قائمة حقيقة أو حكما كالمطلقة، وأبو حنيفة لا يوجب هذه الزكاة على الزوج، فهى التى تخرج زكاتها، لكن لو تبرع هو بإخراجها عنها أجزأت ولو كان ذلك بغير إذنها.
فإذا لم تكن الزوجية قائمة بسبب الموت أو الفراق فللنفقة أحكام مذكورة فى مواضعها، لكن النفقة تسقط بالنشوز، الذى يتحقق بأخذ أمرين، امتناعها عن تمتع الزوج بها، وخروجها من منزل الزوجية بغير إذنه وبغير ضرورة.
وزكاة الفطر تابعة للنفقة وفى وجوبها خلاف فقد تجب النفقة ولا تجب الزكاة (انظر زكاة الفطر عن الزوجة غير المسلمة) لكن إذا سقطت سقطت زكاة الفطر إذا كان النشوز فى وقعت وجوب الزكاة، وهو آخر ليلة من رمضان أو أول يوم من شوال. وعلى الزوجة أن تخرج زكاتها هى عن نفسها حينئذ
(9/230)
________________________________________
الزكاة فى العسل

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل عسل النحل فيه زكاة؟

الجواب
معلوم أن عسل النحل من نعم الله على عباده، وجاء فى ذلك قوله تعالى {فيه شفاء للناس} النحل: 169، وتحدث العلماء قديما وحديثا فى معنى الشفاء الموجود فيه، ويراجع فى ذلك كتاب "الطب النبوى" لابن القيم أو "زاد المعاد" له. أما الزكاة فيه فقد جاء فى تفسير القرطبى "ج 10 ص 140 " أن الإمام مالكا وأصحابه ذهبوا إلى أنه لا زكاة فيه وإن كان مطعوما مقتاتا، واختلف فيه قول الشافعى، ففى القديم أن فيه زكاة، وفى الجديد قطع بأنه لا زكاة فيه، وقال أبو حنيفة بوجوب الزكاة فيه قليله وكثيره، لأن النصاب عنده ليس بشرط، وقال محمد بن الحسن: لا شىء فيه حتى يبلغ ثمانية أفراق، والفرق ستة وثلاثون رطلا عراقيا، وقال أبو يوسف: فى كل عشرة أزقاق زق، متمسكا بما رواه الترمذى عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فى العسل فى كل عشرة أزقاق زق " قال أبو عيسى: فى إسناده مقال، ولا يصح عن النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الباب كبير شىء، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وبه يقول أحمد وإسحاق. وقال بعض أهل العلم: ليس فى العسل شىء. انتهى، فالخلاصة: أن جمهور العلماء لا يوجبون الزكاة فى عسل النحل، لعدم وجود الدليل الصحيح، قال ابن المنذر: ليس فى وجوب الصدقة فى العسل خبر يثبت ولا إجماع، فلا زكاة فيه، وهو قول الجمهور.
والذى قال بالزكاة فيه أحمد وأهل الرأى، وهم أبو حنيفة وأصحابه.
على خلاف فى نصابه، ومقدار الزكاة. وإذا لم تجب الزكاة فصدقة التطوع مندوبة
(9/231)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 11:07 pm

زكاة الفطر عن الزوجة غير المسلمة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
تزوج مسلم مسيحية وله منها أولاد، هل يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر عنها؟

الجواب
زكاة الفطر يجب على الرجل أن يخرجها عن نفسه وعمن تلزمه نفقتهم ومنهم الزوجة، والزوجة غير المسلمة وإن وجبت على الزوج نفقة الزوجية لها باتفاق العلماء فإن إخراج زكاة الفطر عنها فيه خلاف، فالجمهور من الأئمة وهم مالك والشافعى وأحمد يرون عدم وجوب إخراجها، لأنها لم تجب عليها أصلا لعدم إسلامها، بناء على الرأى القائل بأن الكافر غير مكلف بفروع الشريعة، وللحديث: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على كل حر وعبد والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين. ولأن من حكم زكاة الفطر أنها طهرة للصائم من اللغو والرفث كما رواه أبو داود بإسناد حسن عن ابن عباس رضى الله عنهما، والكافر لم يصم فلا معنى لتطهير الزكاة له.
والقيد المذكور فى الحديث وهو "من المسلمين" يحتمل أن يقصد به المؤدَّى عنه وليس المؤدَّى، فلا يجب على الرجل إخراج زكاة الفطر عن عبده غير المسلم مع وجوب نفقته عليه، وكذلك عن زوجته غير المسلمة "المغنى لابن قدامة ج 2 ص 646، 647 ".
ويرى أبو حنيفة وأصحاب الرأى إخراج الزكاة عن الابن الصغير إذا ارتد - مع مراعاة أن الردة تكون من المكلف البالغ -كما يخرجها عن عبده الذمى، أى غير المسلم، بناء على وجوب إنفاق الوالد على ولده الصغير، وإنفاق السيد على عبده. ورووا فى ذلك حديثا يقول "أدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير يهودى أو نصرانى أو مجوسى نصف صاع من بر" ورد عليهم الجمهور برفض هذا الحديث، حيث لم يذكره أصحاب الدواوين وجامعو السنن. وقد يقال: إن زكاة الفطر إن لم تكن طهرة للصائم من اللغو والرفث -والكافر لم يصم -فهى طعمة للمساكين كما نص عليه حديث أبى داود، فتخرج عمن لم يصم كأصحاب الأعذار ومنهم الكفار كالزوجة والعبد، ويرد عليه بأن المسلم إذا لم يصم - ولو بغير عذر - مكلف بأمرين، الصيام والزكاة، فإذا قصر فى أحدهما طولب بالآخر.
فالخلاصة أن الزكاة عن الزوجة غير المسلمة غير واجبة على رأى الجمهور، وواجبة عند أبى حنيفة وأصحابه "كفاية الأخبار ج 1 ص 173 "
(9/232)
________________________________________
دفع الزكاة لتارك الصلاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز دفع الزكاة إلى مسلم بالغ عاقل لكنه تارك للصلاة؟

الجواب
وجه هذا السؤال وذكرت إجابته فى فتاوى الإمام النووى عن المسألة " 104 " فقال: إن كان بالغا تاركا للصلاة واستمر على ذلك إلى حين دفع الزكاة لم يجز دفعها إليه، لأنه محجور عليه بالسفه فلا يصح قبضه، ولكن يجوز دفعها إلى وليه فيقبضها لهذا السفيه وإن كان بلغ مصليا رشيدا ثم طرأ ترك الصلاة ولم يحجر القاضى عليه جاز دفعها إليه وصح في قبضه لنفسه كما تصح جميع تصرفاته. انتهى لكن هذا الحكم فيمن ترك الصلاة كسلا وهو معتقد وجوبها عليه، أما من تركها عمدا جاحدا لوجوبها فهو كافر، والكافر لا يعطى من الزكاة، ومهما يكن من شىء فإن دفع الزكاة للفقير المستقم المواظب على الصلاة والطاعة أولى من دفعها إلى غير المستقيم، وذلك تشجيعا على الطاعة، ومقاومة للعصيان
(9/233)
________________________________________
زكاة التجارة من السلع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز إخراج زكاة صيدلية الدواء فى صورة أدوية للمستشفيات التى تعالج غير القادرين؟

الجواب
الصيدلية التى تشترى وتبيع الأدوية نشاطها تجارى، فتجب فيها الزكاة آخر الحول بمقدار ربع العشر، وجمهور العلماء يقول: تُقوَّم الأدوية والسلع التي هى موضع التجارة وتخرج الزكاة من القيمة وليس من عين السلع، للخبر المشهور عن عمر وهو يفرض الزكاة على تاجر الجلود بأن يقومها ويخرج من ثمنها، وعلى رأيهم لا يجوز إخراج الزكاة من الأدوية والسلع نفسها، فقد يكون الفقير غير محتاج إلى السلعة.
وعند أبي حنيفة والشافعى فى أحد قوليه جواز إخراج الزكاة من عين السلع التى يتاجر فيها، ولا مانع من الأخذ بهذا الرأى، والأولى اعتبار ما فيه مصلحة المحتاج من نقود أو دواء كما أشار إليه ابن تيمية فى فتاويه.
وإذا كنا نعتبر المستشفيات من سهم "سبيل الله " المنصوص عليه فى آية {إنما الصدقات.. .} فإن العلماء قالوا: لابد أن تصرف الزكاة للمسلمين، فإذا كان هناك مريض مسلم أو جماعة مرضى منهم يعالجون فى مستشفى علاجا تلزمه أدوية خاصة لا طاقة لهم بشرائها، كان صرف الأدوية لهم قد وقع موقعا صحيحا من الزكاة
(9/234)
________________________________________
زكاة الماس

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
عرفنا أن الذهب والفضة فيهما زكاة، فهل الماس والأحجار الكريمة فيها زكاة أيضا؟

الجواب
روى الجماعة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "المعدن جبار، وفى الرِكاز الخمس " الركاز هو المدفون من كنوز الجاهلية ولا يحتاج العثور عليه إلى نفقة وكبير عمل، كالذهب والفضة والحديد والياقوت والماس والزبرجد، والواجب على من وجده أن يخرج عنه زكاة، ومقدارها الخُمس، وهو قول جمهور الفقهاء. وهناك قول للشافعى أن الخمس لا يجب إلا فى الذهب والفضة فقط.
أما المعدن فهو كل ما استخرج من الأرض مما له قيمة ببذل جهد كبير وإنفاق مال. ومعنى "جُبار" فى الحديث أن من استأجر شخصا ليحفر له حتى يستخرج المعدن فسقط عليه شىء منه فلا دية له.
والمعدن لا زكاة فيه عند بعض الفقهاء، لأنه استخرج بجهد بدنى ومالى، وقال أحمد بن حنبل، كل ما استخرج من الأرض ففيه زكاة إذا بلغ نصابا بنفسه أو بقيمته وجعل منه الياقوت والزبرجد والنفط والكبريت، وكذلك منه الماس.
وذهب أبو حنيفة إلى أن الذى تجب فيه الزكاة هو ما يُدقُّ عليه ويتمدد ويذوب بالنار كالذهب والحديد. أما المائع كالنفط والجامد الذى لا يذوب بالنار كالياقوت وكذلك الماس فلا زكاة فيه.
والزكاة فى النوع الأول كالحديد لا يشترط فيها النصاب، بل تجب فى القليل والكثير عنده. والزكاة الواجبة هى الخمس.
وذهب مالك والشافعى إلى أن الزكاة فى المعدن لا تجب إلا فى الذهب والفضة، فلا تجب فى الماس ولا فى غيره من الأحجار الكريمة والمعادن، والزكاة الواجبة عند مالك والشافعى وأحمد هى ربع العشر.
هذا، وليس هناك دليل خاص من قرآن أو سنة على وجوب الزكاة فى المعادن والأحجار الكريمة وغيرها مما يستخرج من الأرض بجهد ونفقة، وإنما هى آراء اجتهادية ولذلك اختلفت أقوال الفقهاء فيها، ولا بأس بالأخذ من الآراء بما فيه المصلحة، وللحاكم أن يختار منها ما يحققها، هذا هو حكم استخراجها، أما التجارة فيها فهى كسائر التجارات لابد فيها من إخراج الزكاة
(9/235)
________________________________________
الزكاة لفك الأسرى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للحاكم أن يجمع أموال الزكاة ويدفعها إلى الأعداء نظير الإفراج عن جنود المسلمين من أسرى الحرب؟

الجواب
كان النبى صلى الله عليه وسلم يأمر بجباية الزكاة ويقوم بتوزيعها فى مصارفها، وفعل ذلك أبو بكر وعمر من بعده، ثم رؤى أن يتولى كل إنسان إخراج زكاة أمواله الباطنه وتوزيعها بنفسه على المصارف الثمانية المعروفة، التى منها "سبيل الله " وسبيل الله وإن كان العلماء السابقون قد قصروه على الجهاد فى سبيل الله لنشر الدين وحماية المقدسات فقد رأى العلماء المحدثون سعة مجاله وتعدد ميادينه تبعا لتطور الظروف، ليشمل كل خير تعم منفعته المسلمين، والأمثلة على ذلك كثيرة.
وفداء الأسرى على التفسير القديم والحديث داخل فى سبيل الله لأنه مرتبط بالجهاد الذى يدفع به العدو عن الوطن، فلا مانع من دفع حصة من الزكاة من أجل ذلك
(9/236)
________________________________________
زكاة أوراق النقد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
معلوم أن زكاة النقدين هى فى الذهب والفضة، فهل فى أوراق النقد زكاة؟

الجواب
تحدَّث العلماء عن الأوراق التى تحمل قيمة مالية، وقالوا: إنها سندات دين لحاملها، وهى ليست ذهبا ولا فضة ولا عروض تجارة، فهى من قبيل الدين القوى الذى تجب فيه الزكاة إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول، والورقة ضامنة لقيمتها عند أى شخص، فعوملت معاملة النقدين فى وجوب الزكاة، لجريان التعامل بها، إلا أنه بمقتضى النص المرقوم عليها وعدم دفع قيمتها نقدا ممن يعطيها وهو المدين اعتبرت حوالة على الغير بقيمتها، فيراعى فى التعامل بها شروط الحوالة وأركانها.
فمن يرى جواز المعاملة بالمعاطاة كالصيغة المخصوصة يوجب فيها الزكاه بشروطها، وذلك لصحة الحوالة فيها، وهذا رأى الحنفية والمالكية والحنابلة، ومن يرى تحتم الصيغة فى الحوالة وأنها ركن فيها وأنه لا تجوز الحوالة بالمعاطاة -كما هو الأصح عند الشافعية- يقول بعدم صحة الحوالة فى الأوراق المالية "البنك نوت "وعلى هذا القول لا تجب فيها الزكاة إلا إذا قبض قيمتها ذهبا أو فضة وبلغت نصابا وحال عليه الحول.
وقد نشرت فتوى للشيخ محمد بخيت المطيعى فى مجلة الإرشاد - العدد الثامن لسنة 1351 هـ جاء فيها ما يؤدي هذا الكلام، من أن المعاملة بهذه الأوراق تتخرج على الحوالة بالمعاطاة من غير اشتراط صيغة الحوالة كالبيع، فهى من الدَّين القوى الذى هو فى حكم العين المقبوضة، لتمكنه من استبدالها فى أى وقت شاء، والحوالة بالمعاطاة جائزة عند الأئمة الثلاثة، ومن هنا تجب فيها الزكاة، ويجوز أن يدفع ربع العشر من عينها على طريق الحوالة للفقير بما يأخذه "مجلة الإسلام - السنة الثالثة، العدد الرابع والثلاثون ".
هذا فى الأوراق التى يكتب عليها التعهد بدفع قيمتها، أما الأوراق التى تكتب عليها القيمة فهى عملة غير ذهبية ولا فضية ولا سند حوالة، والزكاة فى غير النقدين غير واجبة إلا فى مذهب الإمام مالك، حيث جعلها بمنزلة النقدين. وهو رأى فيه مصلحة للفقير فيرجَّح العمل به
(9/237)
________________________________________
زكاة البترول والمعادن

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
سمعت أن البترول فيه زكاة ومقدارها الخمس، فهل هذا صحيح؟

الجواب
بناء على عموم قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض} البقرة:267 وعلى ما رواه الجماعة عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "والمعدن جُبار وفى الركاز الخمس " تحدث الفقهاء عما يوجد فى باطن الأرض وحصل عليه الإنسان بدون بذل مال أو جهد، وأسموه الركاز وأوجبوا فيه الزكاة بمقدار الخمس، كما تحدثوا عن المعادن المستخرجة من الأرض بجهد كالذهب والبترول والكبريت، وأوجبوا فيها الزكاة على خلاف بينهم فى أنواعها ومقدارها، فقال الشافعى ومالك: لا زكاة إلا فى الذهب والفضة فقط، وقال أحمد بن حنبل: تجب الزكاة فى كل ما يستخرج من الأرض حتى القار والنفط والكبريت، وخص أبو حنيفة الزكاة فى الجامد الذى يتمدد أويذوب بالنار كالحديد والذهب، أما المائع كالقار والنفط فلا زكاة فيه، وكذلك ما لا يتمدد بالنار أو يذوب كالياقوت وكل ما يسمى بالأحجار الكريمة فلا زكاة فيه.
والقدر الواجب فى المعدن عند مالك والشافعى وأحمد هو ربع العشر عند العثور عليه، دون اشتراط لحولان الحول. أما عند أبى حنيفة فهو الخمس، قلَّ أو كثر.
ثم إن جمهور العلماء على أن الخمس إذا وجب فى الركاز فهو على كل من وجده، سواء أكان مسلما أم غير مسلم، وقصره الشافعى على من توفرت فيه شروط الزكاة ويصرف فى الوجوه التى تصرف فيها الزكاة، لكن الجمهور جعله كالفىء، مستندا فى ذلك إلى أثر عن عمر رضى الله عنه.
بعد ذلك يمكن أن يقال: إن فى البترول زكاة على رأى أحمد بن حنبل، ولا زكاة فيه عند بقية الأئمة. ولو كان تشريع الزكاة معمولا به كبقية القوانين جاز لأولى الأمر أن يفرضوا عليه زكاة وبخاصة إذا كان له تأثير فعال فى الاقتصاد القومى.
وإذا كان الذى يملك البترول هم المسئولون أى إنه ملك للدولة فهل تجب الزكاة فيه؟ إن ما شرع بخصوص الركاز والمعادن هو بالنسبة إلى الأفراد والشركات المستقلة، أما إذا كانت الدولة هى التى تملك البترول، فهو مالها الذى هو مال الشعب كله يُنفَق فى مصالحه، ولا معنى لفرض زكاة عليه فالزكاة من أجل الأصناف والمجالات التى تحتاج إليها، والمملوك للدولة داخل ضمن الميزانية العامة كمورد من الموارد التى تصب فى بيت المال أو خزانة الدولة يترك لولى الأمر التصرف فيه بما يحقق المصلحة المشروعة
(9/238)
________________________________________
المؤلفة قلوبهم

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
جعل الله من مصارف الزكاة المؤلفة قلوبهم، فما هى مواصفاتهم، وهل يوجد أحد منهم الآن؟

الجواب
قال الله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله} التوبة: 60.
المؤلفة قلوبهم منهم مسلمون ومنهم كافرون، والمسلمون أقسام أربعة:
القسم الأول - قوم من سادات المسلمين لهم نظراء من الكفار، إذا أعطيناهم من الزكاة يُرجى إسلام نظرائهم، كعدى بن حاتم والزبرقان ابن بدر حيث أعطاهما أبو بكر مع حسن إسلامهما.
القسم الثانى- زعماء ضعفاء الإيمان لكنهم مطاعون فى أقوامهم، ويرجى بإعطائهم من الزكاة تثبيت الإيمان فى قلوبهم، كمن أعطاهم النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة حنين، وهم مسلمة الفتح، أى الذين دخلوا فى الإسلام حديثا عند فتح مكة التى كانت غزوة حنين عقب الفتح قبل أن يعود النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
القسم الثالث - قوم من المسلمين يخشى أن يستميلهم العدو لمصلحته، وهم العملاء الذين ينشطون حين يرون الفائدة ميسرة لهم.
القسم الرابع - قوم من المسلمين يحتاج إليهم لجباية الزكاة، لأنهم ذوو نفوذ فى أقوامهم، لا تجبى إلا بسلطانهم أو بقتالهم، فيرتكب أخف الضررين ويعطون شيئا من الزكاة بدل أن تضيع كلها.
أما الكافرون من المؤلفة قلوبهم فهم قسمان:
القسم الأول: من يرجى إيمانه، كصفوان بن أمية الذى أعطاه الرسول من غنائم حُنين.
القسم الثانى: من يخشى شره فيعطى من الزكاة ليكف شره عن المسلمين كأبى سفيان، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس.
ويقال: إن هؤلا أسلموا فى فتح مكة قبل أن يعطيهم النبى صلى الله عليه وسلم من حنين، فهم داخلون فى القسم الثانى من المسلمين.
والإمام الشافعى قال: لا تعطى الزكاة إلى المؤلفة قلوبهم إلا إذا كانوا مسلمين، فلا تعطى لكافر، وأما الفاسق فلا مانع من إعطائه.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن سهم المؤلفة قلوبهم قد سقط بانتشار الإسلام، كما فعل عمر رضى الله عنه، فلا تعطى الزكاة لأحد منهم، مسلما كان أوكافرا.
والمختار الآن عدم إعطاء الكفار من هذا السهم لدفع شرهم، وإن جاز إعطاؤهم من سهم "سبيل الله" لأنه جهاد، والجهاد وسائله كثيرة، منها المال. ويمكن الرجوع إلى تفسير المنار لمن يريد مزيدا من التوضيح، وكذلك إلى " المغنى لابن قدامة" باب الزكاة
(9/239)
________________________________________
الزكاة للزوج

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
زوجى مريض ويحتاج إلى علاج لا يملك نفقته فهل يجوز أن أساعده على العلاج من زكاة مالى؟

الجواب
سبق فى صفحة 616 من المجلد الثانى من هذه الفتاوى حديث البخارى أن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: يا نبى الله إنك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندى حُلى، فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، فقال صلى الله عليه وسلم "صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم ".
فإعطاء الزكاة للزوج جائز عند الشافعى، وأبى يوسف ومحمد صاحبى أبى حنيفة، وعند أحمد بن حنبل فى رواية. أما أبو حنيفة فذهب إلى أنه لا يجوز للزوجة أن تدفع لزوجها من زكاتها، وحمل حديث زينب على صدقة التطوع لا على الزكاة المفروضة، ومالك قال: إن كان الزوج يستعين بزكاة امرأته على نفقتها فلا يجوز، أما إن كان يستعين بها على غير الإِنفاق عليها فيجوز.
ومن هنا نقول لصاحبة السؤال: ما دام زوجك يحتاج إلى نفقة لعلاج نفسه فيجوز أن يأخذ من زكاتك عند الأئمة الثلاثة
(9/240)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع    فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 Emptyالجمعة 02 فبراير 2024, 11:08 pm

عذاب مانع الزكاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
لماذا خص الله الجنب والجبهة والظهر بالكى فى قوله تعالى {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم. يوم يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم} ؟

الجواب
هاتان الآيتان من سورة التوبة: 34، 35 وقال القرطبى فى التفسير: الكى فى الوجه أشهر وأشنع، وفى الجنب والظهر آلم وأوجع. فلذلك خصها بالذكر من بين سائر الأعضاء.
وقال علماء التصوف: لما طلبوا المال والجاه شان الله وجوههم، ولما طووا كشحا من الفقير إذا جالسهم كويت جنوبهم والكشح هو الجنب ولما أسندوا ظهورهم إلى أموالهم ثقة بها واعتمادا عليها كويت ظهورهم.
وقال علماء الظاهر -أى غير الصوفية-: إنما خص هذه الأعضاء لأن الغنى إذا رأى الفقير زوى ما بين عينيه وقبض وجهه، وإذا سأله طوى كشحه، وإذا زاده فى السؤال وأكثر عليه ولاه ظهره، فرتب الله العقوبة على حال المعصية.
هذه آراء اجتهادية لا مانع من قبولها فى تفسير هذه الآية، وفى عذاب مانعى الزكاة نصوص كثيرة فى القرآن والسنة يسهل الرجوع إليها
(9/241)
________________________________________
زكاة التجارة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
كيف تُقَّوَّم السلع التجارية عند إخراج زكاتها، هل تقوَّم بثمنها عند الشراء، أو بقيمتها عند انتهاء الحول؟

الجواب
إن الزكاة ركن من أهم الأركان التى بنى عليها الإسلام وهى واجبة فى كل ما فيه نماء من النقد والثروة الحيوانية والثروة الزراعية، والتجارة إحدى وسائل التنمية، لأنها تقليب للمال بالمعاوضة لغرض الربح، ويكاد الإجماع يكون منعقدا على وجوب الزكاة فيها، والدليل على وجوبها قبل الإجماع مع القياس على الثروات النامية، ما رواه أبو داود والبيهقى عن سمرة بن جندب قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذى نُعِدُّه للبيع، وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الدارقطنى والبيهقى عن أبى ذر " فى الإبل صدقتها، وفى الغنم صدقتها، وفى البز صدقته " والبز الثياب المعدة للبيع، وكذلك ما رواه الشافعى وأحمد والدارقطنى والبيهقى وعبد الرزاق عن أبى عمرو عن أبيه قال: كنت أبيع الأدم - أى الجلود - والجعاب - أى أوعية السهام - والجفان - أى أوعية الطعام - فمرَّ بى عمر بن الخطاب، فقال: أدِّ صدقة مالك، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنما هو الأدم، قال: قومه ثم أخرج صدقته. يقول صاحب المغنى: وهذه قصة يشتهر مثلها ولم تنكر، فيكون إجماعا.
وقول عمر عن الأدم: قوِّمه، يدل على أن زكاة التجارة ليست فى عين السلع والعروض، وإنما فى قيمتها، وعلى ذلك عند إخراج زكاة التجارة تقوَّم السلع وتخرج الزكاة من قيمتها، وهى ربع العشر، اثنان ونصف فى المائة وتقويم السلعة لا يكون بالسعر الذى اشتريت به، وإنما بالسعر الذى يكون عند انتهاء الحول، وهو وقت وجوب الزكاة، ولا عبرة بالنقص أو الزيادة عن ثمنها الأصلى.
ولا تجب زكاة التجارة إلا بعد مرور الحول، وبعد أن تبلغ قيمتها نصابا، وهو ما يستوى ثمن خمسة وثمانين جراما من الذهب تقريبا، وهو نصاب الذهب، على أن يضم إليها الربح الذى حققته التجارة أثناء الحول، وبقى متداولاً حتى آخر الحول، وتخصم الديون التى عليه، أما التى له عند الغير، فلا تزكىَّ إلا عند قبضها، على ما يراه الإمام مالك رضى الله عنه، وذلك عن سنة، وفى ذلك تيسير على من يبيعون بالأجل، مع النصيحة بالرحمة والقناعة.
هذا، وندعو للتجار الحريصين على إخراج الزكاة، بالبركة والنماء، ونذكرهم بقول النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذى وحسنه " التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء"
(9/242)
________________________________________
زكاة الخضر والفواكه

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما رأى الدين فى كيفية إخراج الزكاة عن القصب والموز والطماطم؟

الجواب
أوجب الله سبحانه وتعالى الزكاة على الثروة الزراعية بقوله تعالى: {وهو الذى أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} الأنعام:
141 وبقوله: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض} البقرة: 267.
وقد اختلفت أراء الفقهاء الأربعة أبى حنيفة ومالك والشافعى وأحمد فى الأصناف التى تجب فيها الزكاة، فأوجبها أبو حنيفة فى كل ما تنبته الأرض ما دام قد قصد بزراعته استغلالها:
ولم يستثن من ذلك إلا أنواعا قليلة كالحطب والشجر الذى لا ثمر له. وعلى رأيه تجب الزكاة فيما ذكر فى السؤال، وهو القصب والموز والطماطم، أما صاحباه أبو يوسف ومحمد فقالا: ما يبقى سنة بلا علاج كبير فيه زكاة، وما لا يبقى سنة كالبطيخ والخيار فلا زكاة فيه.
والإمام مالك حصر الزكاة فيما يبقى وييبس ويستنبته الآدميون، ولم يوجب الزكاة فى الخضراوات والفواكه الطرية كالتين والرمان والموز، وقال الشافعى كقول مالك فى عدم الزكاة فى هذه الأصناف وأحمد بن حنبل لا يوجب الزكاة فيما لا يبقى ولا ييبس، فلا زكاة فى الخضر والفواكه الطرية.
بعد عرض هذه الأقوال نرى أن جمهور الفقهاء لا يوجبون الزكاة فى القصب والموز والطماطم، وأوجبها أبو حنيفة بناء على عموم قوله تعالى فى الآية السابقة {ومما أخرجنا لكم من الأرض} وعموم الحديث الذى رواه البخارى " فيما سقت السماء والعيون العشر، وفيما سقى بالنضح نصف العشر " واستند الجمهور إلى أحاديث وآثار تحصر الزكاة فى أصناف معينة مما يقتات ويدخر.
وإذا كانت زراعة الخضراوات والفواكه الأخرى غير التمر والزبيب قد كثرت وصارت تدرُّ ربحا كبيرا، فهل من سلطة ولى الأمر أن يفرض فيها الزكاة مراعاة للصالح العام؟ إن وعاء الزكاة على النحو المذكور موضع اجتهاد من الفقهاء، وللفرد أن يختار منها ما يشاء، لكن لو رأى ولى الأمر اختيار مذهب أبى حنيفة فى جمع الزكاة من الخضراوات وسائر الفواكه وسائر الزروع، مراعاة للمصلحة العامة، جاز له ذلك وعلينا أن نطيع أمره فهو ليس فى معصية، وهو يحقق المصلحة التى يراها الخبراء والمختصون على أساس من الشورى واستهداف الخير العام
(9/243)
________________________________________
الزكاة لمن لا يستحق

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
مر بى سائل فظننت أنه محتاج فدفعت له قسطا من زكاتى، ثم ظهر بعد ذلك أنه من المحترفين الذين يملكون مالا كثيرا لا يستحقون معه الزكاة فهل زكاتى عليه صحيحة؟

الجواب
سبق القول بالتحرى لدفع الصدقة، كأية عبادة يؤديها الإنسان لابد أن تكون كما قرر الشرع فى حجمها وكيفيتها ووقتها وغير ذلك وقلنا: إن حسن الظن بطالب الصدقة يشفع فى قبولها عند الله لو ظهر خلاف الظن، وأوردنا فى ذلك حديث البخارى الذى أخذ فيه معن ابن الصحابى "يزيد " صدقة أبيه وكان ينوى إعطاءها لغيره: وقول الرسول صلى الله عليه وسلم " لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن " وحديث الصحيحين فيمن ظهر أن صدقته وقعت فى يد سارق ويد زانية ويد غنى، وأن الله تقبلها.
وإذا حمل ذلك على صدقة التطوع وهى النافلة فهل يصدق على الزكاة الواجبة إذا ظهر أنها وقعت فى غير موقعها؟ جاء فى المغنى لابن قدامة "ج 2 ص 528" قوله وإذا أعطى من يظنه فقيرا فكان غنيا فعن أحمد فيه روايتان، إحداهما يجزئه وذكر أنه مذهب أبى حنيفة، واستشهد بحديث رواه النسائى وأبو داود: أن رجلين طلبا من النبى صلى الله عليه وسلم صدقة مما كان يوزعه فى حجة الوداع فراهما قويين، فقال لهما "إن شئتما أعطيتكما ولا حظ لغنى ولا لقوى مكتسب " قال الخطابى: هذا الحديث أصل فى أن من لم يُعْلَم له مال فأمر محمول على العدم، كما استشهد بحديث الصحيحين فى الرجل الذى تصدق فظهر أن المتصدَّق عليه غنى، وتحدث الناس بذلك، وأن الرسول أخبره أن صدقته قبلت. لعل الغنى يعتبر، والرواية الثانية لأحمد أنها لا تجزى، وهو قول أبى يوسف. وأما الشافعى فله قولان كالروايتين الواردتين عن أحمد. وذكر ابن قدامة تعليلا للرواية بالجواز أن الفقر والغنى مما يعسر الاطلاع عليه والمعرفة بحقيقته. قال الله تعالى {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم} البقرة: 273، فاكتفى بظهور الفقر ودعواه.
وأقول للسائل: زكاتك وقعت موقعها على رأى أبى حنيفة واحد قولين لأحمد والشافعى
(9/244)
________________________________________
الزكاة للغارمين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
رجل تكاثرت عليه الديون ولا يستطع الوفاء بها فهل يمكن أن نعطيه من الزكاة ليسد ديونه؟

الجواب
يقول الله تعالى فيمن تعطى لهم الزكاة "والغارمين " والغارمون هم الذين ركبهم الدين ولا يملكون وفاء به كما ذكره القرطبى فى تفسيره، وجاء فى المغنى لابن قدامة أن الغارمين وهم المدينون ضربان، ضرب غرم لغيره كإصلاح ذات البين، وضرب غرم لنفسه لإصلاح حاله فى شىء مباح "ج 2 ص 699" والشرط فى استحقاق الغارم الزكاة ألا يكون دينه فى سفاهة أو محرم. فإن تاب أخذ منها. ويقول القرطبى: إن الغارم يعطى من الزكاة من له مال وعليه دين محيط به -ما يقض به دينه -فإن لم يكن له مال وعليه دين فهو فقير فيعطى بالوصفين، كونه غارما وكونه فقيرا.
وقد صح فى مسلم عن أبى سعيد الخدرى أن رجلا أصيب فى ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تصدقوا عليه " فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال عليه الصلاة والسلام لغرمائه - أصحاب الديون - " خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك ". وروى مسلم حديثا عن قبيصة بن مخارق بين فيه النبى صلى الله عليه وسلم من تحل لهم المسألة ويطيب لهم ما يأخذونه، وهم ثلاثة:
(أ) رجل تحمَّل حمالة، أى دفع دية القتيل حتى لا يقتل القاتل، فيعطى من الزكاة مقدار الدية فقط ويمسك عن المسألة. (ب) رجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فيعطى حتى يصيب قواما أو سدادا من عيش. (ج) رجل أصابته فاقة أى فقر وشهد ثلاثة من العقلاء على فقره، فيعطى حتى يصيب قواما أو سدادا من عيش. وجاء فى رواية"إن المسألة تحل لأحد ثلاثة: ذى فقر مدقع - شديد أفض به إلى الدعقاء أى التراب - أو لذى غرم مفظع - شديد شنيع - أو لذى دم موجع لا أى تحمل الدية عن القاتل حتى لا يقتل.
وجاء فى فقه المذاهب الذى نشرته وزارة الأوقاف المصرية أن الحنفية قالوا: الغارم هو الذى عليه دين ولا يملك نصابا كاملا بعد دينه، وأن المالكية قالوا: إنه المدين الذى لا يملك ما يوفى به دينه بشرط ألا يكون دينه فى فساد، ويعطى إن تاب، وأن يكون الدين لآدمى وليس لله كالكفارة. وأن الشافعية قالوا: الغارم هو المدين وأقسامه ثلاثة:
1- مدين للإصلاح بين المتخاصمين.
2 - من استدان لمصلحة نفسه فى مباح أو غير مباح بشرط التوبة.
3 - مدين بسبب ضمان لغيره وكان معسرا هو والمضمون.
ومهما يكن من شىء فإن المدين لنفسه أو لغيره وكان الدين بسبب مباح يعطى من الزكاة بمقدار دينه، ومن استدان لمعاص أو لهو لا يعطى إلا إذا تاب. والقرطبى تحدث عن دين المتوفى هل يقضى من الزكاة أو لا، فقال: إن أبا حنيفة منعه، فالغارم من عليه دين يسجن فيه. والمالكية وغيرهم جعلوا الميت من الغارمين فيقضى دينه من الزكاة، وكما قلنا أكثر من مرة: إن الأمور الخلافية لا يجوز فيها التعصب، وللإنسان أن يختار ما فيه المصلحة
(9/245)
________________________________________
تقدير الزكاة بالمعايير الحديثة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نقرا فى كتب الفقه أن الزكاة يقدر نصابها بالمكاييل والأوزان القديمة فهل يمكن أن نعرف ذلك بالمعايير الحديثة؟

الجواب
فى حديث رواه البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال {ليس فيما أقل من خمسة أوسق صدقة، ولا فى أقل من خمسة من الإبل الذود صدقة، ولا فى أقل من خمس أواق من الورق صدقة" والذود من الإبل ما بين الثلاث إلى العشر. وفى حديث رواه البخارى وغيره أن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير. الأوسق جمع وسق، الوسق ستون صاعا، والصاع أربعة أمداد، والمد رطل وثلث -بالرطل العراقى- وهو 130 درهما، فيكون المد 174 درهما، ويكون الصاع بالدراهم 696 درهما.
والصاع يقدر بالكيلو جرام هكذا: الصاع يساوى 696 درهما، والكيلو جرام يساوى 324 درهما، وبقسمة دراهم الصاع وهو 696 على دراهم الكيلو جرام، وهى 324 يساوى الصاع اثنين من الكيلو جرامات، 48 درهما. أى أربع أوقيات.
والوسق ستون صاعا فى 2 من الكيلو جرامات وأربع أوقيات فيكون الوسق 129 كيلو جرامًا تقريبًا، والنصاب وهو خمسة أوسق يضرب فى 129 كيلو جراما فيكون 645 كيلو جراما، وهذا هو الذى عليه العمل الآن بمصر بالنسبة لغالب الحبوب كالقمح وتقدير النصاب بالكيل المصرى هو خمسون كيلة، أى أربعة أرادب وكيلتان.
وبالنسبة للنقود المعبر عنها فى الحديث بالورق أى الفضة، وهى تقدر بالدراهم، فالنصاب خمس أواق والأوقية أربعون درهما، كما ثبت فى كتب السنة فيكون النصاب مائتى درهم، أى حوالى ستمائة جرام، وجاء فى بعض التقديرات أنه ستمائة وأربعة وعشرون جراما.
هذا فى نصاب الفضة، أما نصاب الذهب فهو عشرون مثقالا، يساوى بالجرامات حوالى خمسة وثمانين جراما. وهذا التقدير تقريبى، وذلك لكثرة الاختلاف بين الأوزان فى البلاد وعلى توالى العصور، وقد جاء فى بعض التقديرات أنه سبعة وثمانون جراما.
والفروق البسيطة فى الوزن أو الكيل ينبغى أن يؤخذ فيها بالأحوط.
ليطمئن الإنسان على إبراء ذمته من هذه الحقوق التى كثر الوعيد فى عدم الوفاء بها
(9/246)
________________________________________
زكاة الفطر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
متى شرعت زكاة الفطر وما مقدارها، وما هى حكمة مشروعيتها وهل تجب على من لم يصم رمضان؟

الجواب
شرعت زكاة الفطر فى السنة الثانية من الهجرة مع فرض صيام رمضان، فقد روى البخارى وغيره عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان، صاعا من تمر أو صاعا من شعير، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين. كما روى أبو داود وابن ماجه أن ابن عباس رضى الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهى زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات.
تقدم فى المجلد الثالث من هذه الفتاوى "ص 309" بيان موعد إخراج زكاة الفطر ويبين الحديث الأول مقدار هذه الزكاة وهو صاع من غالب قوت البلد، وكان الغالب فى أيام النبى صلى الله عليه وسلم فى المدينة هو التمر والشعير، وأئمة الفقه على إخراجها عينًا، لكن أبا حنيفة رأى جواز إخراج القيمة، وهى تختلف من بلد إلى بلد، ومن زمن إلى زمن، وتقدم فى المجلد الثانى من هذه الفتاوى "ص 123 " الكلام عن إخراج القيمة بدل العين فى الزكاة.
والمقدار هو نصف صاع من القمح عن كل فرد عند أبى حنيفة. أما من الأصناف الأخرى فصاع كامل، وهو قدحان وثلث القدح، وعند الشافعية صاع من أى صنف من الأقوات وهو قدحان، وعند المالكية صاع أيضا، لكن مقداره عندهم قدح وثلث القدح بالكيل المصرى، فتكفى الكيلة عن ستة أشخاص، ورأى الجمهور فى كونها صاعا من أى قوت أقوى من رأى أبى حنيفة فى المفاضلة بين القمح وغيره، فإن معاوية هو الذى قال عند قدومه من الشام إلى الحجاز:
إنى أرى أن مُدَّين من سمراء الشام -أى القمح -تعدل - صاعا من تمر، فأخذ بعض الناس برأيه، لكن الأكثرين بقوا على ما كان عليه أيام النبى صلى الله عليه وسلم رواه الجماعة عن أبى سعد الخدرى، ولا مانع من الأخذ برأى أبى حنيفة فى إخراج القيمة مع مراعاة عدم التقيد بالسعر الرسمى، فإن الفقير ربما لا يستطيع أن يحصل على القوت بهذا السعر، فيؤخذ بالسعر العادى الجارى بين عامة الناس، وكلما زاد عليه كان أفضل، هذا، والصاع يساوى اثنين من الكيلو جرامات، 48 درهما، أى أربع أوقيات.
وبالنسبة لحكمة مشروعية هذه الزكاة قد أشار إليها الحديث الثانى، فهى تتمثل فى فائدتين، فائدة تعود على المزكى وفائدة تعود على من يأخذون الزكاة.
أما الأولى: فهى تطهير الصائم مما عساه يكون قد وقع فيه مما يتنافى مع حكمة الصوم وأدبه، كالسباب والنظر المحرم والغيبة والتمتع بما دون الاتصال الجنسى حتى من زوجته كاللمس والقبلة، وقليل من الناس من يسلم له صومه من كل المآخذ، فتكون زكاة الفطر بمثابة جبر لهذا النقص، أو تكفير له إلى جانب المكفرات الأخرى من الاستغفار والذكر والصلاة وغيرها.
وهى فى الوقت نفسه برهان على أنه استفاد من دروس الجوع والعطش رحمة بمن يعانون منهما من الفقراء والمساكين، فقد قاسى كما يقاسون، وهنا لا يجوز له أن يقسو قلبه وتجمد عاطفته عندما يرى غيره ممن لا يجد ما يسد به جوعته أو يطفئ ظمأه، يسأله شيئا من فضل الله عليه. وكأن هذه الزكاة، وهى رمز متواضع، بمثابة الرسم المفروض على الصائم ليتسلم جائزة التقدير من الله يوم العيد، كما جاء فى حديث ابن عباس بسند مقبول فى مثل هذه المواطن، حيث يشهد الله تعالى ملائكته على رضاه ومغفرته لعباده جزاء صيام رمضان وقيام لياليه.
ومن قسا قلبه ولم يخرجها، على الرغم من يسرها، دل على أنه لم يستفد من دروس الصيام رحمة، وكان صيامه صياما شكليا قد يكون مرغما عليه حياء، لا من الله ولكن من الناس، فهو عمل مرفوض مردود عليه، وذلك ما يشير إليه الحديث الذى رواه أبو حفص بن شاهين فى فضائل رمضان وقال: إنه حديث جيد الإسناد "صوم شهر رمضان معلَّق بين السماء والأرض ولا يرفع إلا بزكاة الفطر " وأما الفائدة الثانية لزكاة الفطر فهى للمحتاجين إلى المعونة، وبخاصة فى يوم العيد، كى يشعروا بالفرح والسرور كما يفرح غيرهم من الناس، ولذلك كان من الأوقات المتخيرة لإخراج زكاة الفطر صبيحة يوم العيد وقبل الاجتماع للصلاة، حتى يستقبل الجميع يومهم مسرورين، ولا يحتاج الفقراء إلى التطواف على أبواب الأغنياء ليعطوهم ما يشعرهم ببهجة هذا اليوم، وقد جاء ذلك فى حديث رواه البيهقى والدارقطنى " أغنوهم عن طواف هذا اليوم " ولهذه الفائدة التى تتصل بإشاعة الفرح والسرور والتخفيف عن البائسين كانت الزكاة مفروضة حتى على من لم يصم شهر رمضان لعذر أو لغير عذر، فإن كان قد قصَّر فى واجب فلا يجوز أن يقصر فى واجب آخر، وإن كان قد حرم من الفائدة الخاصة للصيام فلا يجوز أن يؤثر ذلك على واجبه الاجتماعى
(9/247)
________________________________________
المذاكرة والامتحان فى رمضان

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للطالب أن يفطر فى رمضان للمساعدة فى المذاكرة وفى الامتحان؟

الجواب
قال تعالى فى أعذار الفطر فى رمضان: {ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} البقرة: 185، والمرض الذى يبيح الفطر هو الذى يطرأ أو يزداد بالصيام أو يحول دون الشفاء أو يترتب عليه ضرر آخر، ومثل المريض من يقوم بعمل شاق هو مورد رزقه الوحيد لا يستطيع الصوم معه، كالخباز الواقف أمام الفرن والحر شديد، وعمله بالنهار وقت الصيام. على أن يكون المرض أو التعب واقعا بالفعل لا متوهما ولا متوقعا والطالب الذى يذاكر لا تتحتم مذاكرته بالنهار، وعليه أن ينسق بين واجباته وبين الوقت المناسب، فله أن يجعل مذاكرته بالليل إذا كان النهار في رمضان طويلا وحارا، ولا يجوز له الفطر لمجرد اختياره أن تكون مذاكرته بالنهار، وكل ذلك إذا ترتب على الصيام ضعف شديد في الجسم أو التفكير، أما إذا لم يكن ذلك فلا يجوز التفكير في الفطر.
وإذا كان الامتحان يعقد بالنهار وفى وقت الحر الشديد - قبيل الظهر إلى قبيل المغرب - ولو أصبح صائما أحس بالجوع أو أحس بالعطش الشديد الذى يؤثر على تفكيره فله الفطر عند الإحساس بالتعب، بمعنى أن ينوى الصيام ليلا ويتناول سحوره ويستريح أو يذاكر، فإذا دخل الامتحان في الوقت المذكور ولم يحس تعبا فلا يجوز له الفطر أما إذا أحس بالتعب فيفطر عند الإحساس به، أما ألا ينوى الصيام ولا يتسحر ويصبح مفطرا ليستعد للامتحان فى فترة الحر فذلك لا يجوز مطلقا فالتعب المتوقع متوهم غير واقع بالفعل.
وكذلك لو كان الامتحان فى الساعات الأولى من النهار حيث الجو يكون مناسبا ولا يوجد إحساس بالجوع أو العطش أو كان الامتحان فى وقت الشتاء أو اعتدال الجو فلا يجوز أن يصبح مفطرا، أى لا بد أن ينوى الصيام ليلا ويتسحر ويبدأ الصيام ويدخل الامتحان صائما حيث لا يكون تعب.
وأقول لمن يذاكر ويدخل الامتحان عليك بتقوى الله واحرص على طاعته {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} الطلاق: 4
(9/248)
________________________________________
صوم الجنب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
طلع الفجر علىّ فى رمضان وأنا فى جنابة، ولم اغتسل إلا بعد ساعة. فهل صومى صحيح؟

الجواب
الجنابة إما حيض ونفاس، وهى خاصة بالنساء، وإما بالاتصال الجنسى أو نزول المنى فى اليقظة أو النوم بالاحتلام. وهى مشتركة بين الرجال والنساء.
فإذا طلع الفجر والحيض أو النفاس موجود حرم الصيام، ولو صامت المرأة فالصوم باطل مع الإثم، لكن لو انقطع الدم قبل الفجر انقطاعا تاما ولم تغتسل إلا بعد الفجر فالصوم صحيح. وذلك كالجنابة بشىء آخر غير الحيض والنفاس. فالصوم صحيح مع عدم الاغتسال، والاغتسال شرط للصلاة ولأمور أخرى وليس للصيام، فقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم.كان يصبح جنبا وهو صائم، يعنى يطلع الفجر وهو لم يغتسل بعد، ثم يغتسل بسرعة ليصلى الصبح جماعة مع الناس وذلك فيما رواه البخارى ومسلم عن عائشة رضى الله عنها
(9/249)
________________________________________
خطأ الظن فى عدم طلوع الفجر وغروب الشمس

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
صحوت من النوم فظننت أن الفجر لم يطلع، فأكلت وشربت، ثم تبين أن النهار قد طلع فهل يصح صومى؟

الجواب
ذكر ابن قدامة فى كتابه " المغنى " أن من أكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب -أن عليه القضاء، وذلك مع وجوب الإِمساك على من أكل ظانا عدم طلوع الفجر، وقال ابن قدامة: إن هذا الحكم هو قول أكثر أهل العلم، ثم حكى عن بعض التابعين أنه لا قضاء عليه، وذكر فى ذلك أثرا عن عمر رضى الله عنه، ولكن الرأىَ الأول هو المعول عليه، وذلك لحديث البخارى أنهم أمروا بقضاء يوم أفطروا فيه لوجود غيم ثم طلعت الشمس. هذا فى الظن - وهو إدراك الطرف الراجح - أما الشك وهو إدراك الطرفين على السواء، والطرفان هما طلوع الفجر وعدم طلوعه، فقد قال فيه ابن قدامة أيضا: وإن أكل شاكًّا فى طلوع الفجر ولم يتبين الأمر فليس عليه قضاء، لأن المدار على تبين طلوع الفجر، قال تعالى {وكلوا واشربو حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} البقرة: 187، وقال: إن هذا هو رأى الشافعى وأصحاب الرأى - الحنفية - ولكن مالكا أوجب القضاء، لأن الأصل بقاء الصوم فى ذمته فلا يسقط بالشك، وذكر أن الأكل عند الشك فى غروب الشمس ولم يتبين الامر يوجب القضاء. فعلى صاحب السؤال أن يمسك بقية يومه ويقضى هذا اليوم، وهو الرأى المختار
(9/250)
________________________________________



فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع   - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السابع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 7انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الرابع
» فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس
» فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد السادس
» فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الأول
» فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الثاني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـتـــاوى دار الإفـتــــاء الـمـصــــرية-
انتقل الى: