| فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 8:26 pm | |
| اقرار بالزوجية
المفتي محمد خاطر. ذو القعدة 11390 هجرية - 17 يناير 1971م
المبادئ 1- إقرار الوارث بوارث آخر معه يعامل به في حق نفسه أى في المال فقط. 2- رجوع زوجة المتوفى بعد إقرارها بزوجة أخرى له غير صحيح لأنه لا ينصب إلا على المال فقط، وقد تعلق به حق الغير ولا علاقة له بالزوجية
السؤال بالطلب المتضمن أن السائلة كانت متزوجة من المرحوم م ح ع بتاريخ 4/12/1964 - ثم توفى زوج السائلة المذكور بتاريخ 26/4/1976 وأن للمتوفى المذكور زوجة أخرى وأنه بعد وفاة المتوفى المذكور اعترفت زوجته الأخرى المذكورة بزوجية السائلة للمتوفى وحقها في الميراث فيه وذلك في إشهاد الوفاة والوارثة الصادر بتاريخ 30/7/1967 - ثم عادت زوجة المتوفى الأخرى المذكورة ورجعت عن هذا الإقرار بعد ذلك. وطلبت السائلة بيان الحكم الشرعى في ميراثها من زوجها المذكور بعد عدول الزوجة الأخرى عن هذا الإقرار، وهل يصح رجوعها عن هذا الإقرار شرعا أم لا يجوز هذا الرجوع
الجواب فيما يختص بإقرار س ار زوجة المتوفى الأخرى بزوجية اف ح للمتوفى المذكور في إشهاد الوفاة والوراثة المنوه عنه - فإن نصوص الفقهاء بشأن الوارث حين يقر بوارث آخر معه أنه يعامل بإقرار في حق نفسه فقط أى في المال فقط، إذا ما استوفى الإقرار شروط المقررة شرعا ولم تشبه شائبة. أما الرجوع عن الإقرار بالزوجية الثابت في إشهاد الوفاة والوارثة سالف الذكر. فقد جاء في كتاب بدائع الصنائع للكاسانى الحنفى الجزء السابع بالصحيفة رقم 233 فى باب الإقرار ما نصه (فأما المال فحق العبد فلا يصح الرجوع فيه) . وعلى ذلك فيكون رجوع (سعاد) عن إقرارها بصحة زوجية إجلال للمتوفى المذكور هذا الرجوع لا ينصب إلا على المال فقط، لأن إقرارها كما ذكرنا إنما تعامل به في حق نفسها فقط. أى في المال ولا علاقة له بالزوجية، والرجوع في المال وقد تعلق به حق العبد لا يصح الرجوع فيه كما قرر الفقهاء. ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله أعلم (7/310) ________________________________________ التزام بما لا يلزم المبدأ
المفتي جاد الحق على جاد الحق. جمادى الأولى 1399 هجرية - 5 أبريل 1979 م
المبادئ الإقرار يدفع تعويض عند أقدام المقر على فعل مباح له باطل
السؤال بالطلب المقدم من السيدة / ع أن المتضمن أن زوجها حرر على نفسه إقرارا تعهد فيه بدفع 5000 خمسة آلاف جنيه مصرى كتعويض إذا حصل فراق بينه وبين زوجته أو تزوج غيرها وأنه بعد قيام المعاشرة الزوجية بينهما أكثر من عشرين عاما طلقها وتزوج بأخرى، وطلبت السائلة الإفادة عما إذا كان فى تنفيذ الإقرار أو الاستناد إليه مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية
الجواب إن الفقهاء اختلوا فى لزوم الشروط التى يقرها الزوجان بهذا الوصف لمصلحة أحدهما أو يفرضها الزوج على نفسه لزوجته، كما إذا شرط لها أن لا يتزوج عليها أو أن لا ينقلها من بلدها أو أن لا يطلقها فقال فقهاء مذاهب المالكية والحنفية والشافعية إن هذا الشرط لا يلزم الزوج، وقال فقهاء المذهب الحنبلى بلزوم الشرط إذا كان فيه نفع للزوجة، ورتبوا لها الحق فى طلب فسخ عقد الزواج عند عدم الوفاء بمثل هذا الشرط. لما كان ذلك وكان الزوج فى هذا السؤال قد شرط لزوجته أن لا يفارقها أن لا يتزوج غيرها، فإن خالف هذا الشرط يكون ملزما بأن يدفع لها مبلغا قدره خمسة آلاف من الجنيهات على سبيل التعويض. وكان الطلاق موكولا شرعا للزوج، وكان القضاء فى مسائل الأحوال الشخصية يجرى فى نطاق القواعد المقررة فى المادة 280 من القانون رقم 78 سنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وعمادها أرجح الأقوال فى فقه مذهب أبى حنيفة. لما كان ذلك كانت الشروط المسئول عنها باطلة لا يلزم بها الزوج إذا أخل بها، ولا يترتب على مخالفته إياها استحقاق ذلك المبلغ المشروط فى نطاق أحكام فقه المذهب الحنفى ومن وافقه لأن الزوج إذا طلق فقد استعمل حقا منوطا به شرعا. وبهذا علم جواب السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم (7/311) ________________________________________ اقرار بوصية
المفتي جاد الحق على جاد الحق. جمادى الآخرة 1399 هجرية - 17 مايو 1979 م
المبادئ 1 - توقيع أحد الورثة بإمضائه شاهدا على الورقة العرفية بالوصية حال حياة الموصية يعتبر معه على علم بما تضمنته ومقرا إقرارا ضمنيا بالتصرف الذى حملته الورقة. 2 - إنكاره بعد ذلك يعتبر بمثابة رجوع منه عن الإقرار وهو باطل لا يقبل منه لتعلقه بحق العباد
السؤال بالطلب المتضمن أن سيدة قد توفيت عن غير زوج أو ولد، وانحصر إرثها الشرعى فى أختها الشقيقة وابن أخيها الشقيق فقط - وأن هذه السيدة قد أوصت قبيل وفاتها بثلث تركتها لغير وارثين بمقتضى محرر عرفى مشهد عليه مع شهود آخرين (الوكيل الرسمى للأخت الشقيقة وابن الأخ الشقيق) فهل يقبل من ابن الأخ الشقيق الوارث الذى وقع شاهدا على عقد الوصية أن يعود فينكر واقعة الإيصاء مع العلم بأنه مقر بتوقيعه. وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع
الجواب إن الظاهر من السؤال أن الموصية قد أشهدت أحد ورثتها ابن أخيها الشقيق على وصيتها المكتوبة على ورقة عرفية، وأن هذا الوارث قد أقر بعد وفاتها بتوقيعه على هذه الورقة شاهدا، فإذا كان ذلك فهل يقبل منه بعد هذا أن يعود فينكر واقعة الإيصاء التى حوتها الورقة العرفية التى سبق أن وقع عليها بإمضائه بوصفه شاهدا فى حياة الموصية وأنه لما كان الاعتراف بالإمضاء على الورقة العرفية دليلا على علم الموقع بما تضمنته ويعتبر مقرا إقرارا ضمنيا بالتصرف الذى حملته الورقة وقد اعترف فقهاء المذهب الحنفى بالإقرار الضمنى، وأجروا عليه أحكام الإقرار الصريح سواء كان فى مجلس القضاء أو خارجه، ومن هذه الإحكام بطلان الرجوع عن الإقرار المتعلق بحقوق الآدميين - بمعنى أن المقر إذا عاد فأنكر إقراره السابق الصريح أو الضمنى. كان هذا الإنكار منه رجوعا عن هذا الإقرار فلا يقبل منه، لأن الرجوع عن الإقرار المتعلق بحقوق الناس باطل. وعلى ذلك ففى واقعة السؤال إذا ثبت أن هذا الوارث قد وعق بإمضائه شاهدا على الورقة العرفية بالوصية حال حياة الموصية فإنه يكون قد علم بالتصرف الذى حوته ويعتبر مقرا به شمنا، فإذا عاد وأنكره لم يقبل منه هذا الإنكار، حيث يكون إنكاره بمثابة رجوع عن الإقرار الضمنى السابق الثابت المتعلق بحقوق العباد، والرجوع عن الإقرار بهذه الحقوق باطل وهذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم (7/312) ________________________________________ علم الغيب
المفتي عبد المجيد سليم. ذى الحجة 1333 هجرية - 28 أكتوبر 1915 م
المبادئ 1 - لا يعلم الغيب بجميع أنواعه بالذات علما حقيقيا إلا الله سبحانه وتعالى لا فرق بين الخمس الواردة فى آية {إن الله عنده علم الساعة} الآية وغيرها. 2 - علم غير الله ليس فى حقيقته علما بالغيب بالذات، وإنما هو علم حادث بتعليم الله تعالى. 3 - لا مانع من أن يطلع الله سبحانه من شاء على ما شاء من الغيب ولا يعد ذلك علما بالغيب
السؤال من الشيخ على على بما صورته فى مسألة أشكلت على أهل الناحية بلدنا (تزمنت الزوايا مركز ومديرية بنى سويف) وهى هل يجوز لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يطلعه الله على الساعة، وعلى الجواز هل ورد ما يثبت ذلك أفيدوا بالجواب ولفضيلتكم الثواب
الجواب اطلعنا على هذا السؤال الموضح أعلاه. ونفيد أنه فى تفسير الآلوسى بصحيفتى 495، 496 فى آخر سورة لقمان عند قوله تعالى {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث} الآية ما نصه وكون المراد اختصاص علم هذه الخمس به عز وجل هو الذى تدل عليه الأحاديث والآثار، فقد أخرج الشيخان وغيرهما عن أبى هريرة رضى الله عنه. من حديث طويل أنه صلى الله عليه وسلم سئل متى الساعة فقال للسائل ما المسئول عنها بأعلم من السائل وسأخبرك عن أشراطها. إذا ولدت الأمة ربها، وإذا تطاول رعاة الإبل البهم فى النبيان فى خمس لا يعلمهن إلا الله تعالى. ثم تلا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث} الآية أى إلى آخر السورة كما فى بعض الروايات وما وقع عند البخارى فى التفسير من قوله إلى الأرحام تقصير من بعض الرواة. وأخرجا أيضا هما وغيرهما عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس لا يعلمهن إلا الله إن الله عنده علم الساعة الآية. وظاهر هذه الأخبار يقتضى أن ماعدا هذه الخمس من المغيبات قد يعلمه غيره عز وجل وإليه ذهب من ذهب. أخرج حميدين زنجوية عن بعض الصحابة رضى الله تعالى عنهم أنه ذكر العلم بوقت الكسوف قبل الظهور فأنكر عليه، فقال إنما الغيب خمس وتلا هذه الآية، وما عدا ذلك غيب يعلمه قوم ويجهله قوم وفى بعض الأخبار ما يدل على أن علم هذه الخمس لم يؤت للنبى صلى الله عليه وسلم، ويلزمه أنه لم يؤت لغيره عليه الصلاة والسلام من باب أولى أخرج أحمد والطبرانى عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال أوتيت مفاتيح كل شى إلا الخمس إن الله عنده علم الساعة الآية وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود قال أوتى نبيكم صلى الله تعالى عليه وسلم مفاتيح كل شىء غير الخمس إن الله عنده علم الساعة الآية. وأخرج ابن مردويه عن على كرم الله وجهه قال لم يغم على نبيكم صلى الله تعالى عليه وسلم إلا الخمس من سرائر الغيب هذه الآية فى آخر لقمان {إن الله عنده علم الساعة} إلى آخر السورة،وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخارى فى الأدب عن ربعى بن حراش قال حدثنى رجل من بنى عامر أنه قال يا رسول الله هل بقى من العلم شىء لا نعلمه فقال عليه الصلاة والسلام لقد علمنى الله تعالى خيرا، وإن من العلم ما لا يعلمه إلا الله تعالى الخمس إن الله عنده علم الساعة الآية. وصرح بعضهم باستئثار الله تعالى بهن، أخرج بن جرير وابن أبى حاتم عن قتادة أنه قال فى الآية خمس من الغيب استأثر الله تعالى بهن فلم يطلع عليهن ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا إن الله عنده علم الساعة، ولا يدرى أحد من الناس متى تقوم الساعة فى أى سنة ولا فى أى شهر ليلا أم نهارا وينزل الغيث فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث ليلا أم نهارا، ويعلم ما فى الأرحام فلا يعلم أحد ما فى الأرحام ذكرا أم أنثى أحمد أو أسود، ولا تدرى نفس ماذا تكسب غدا أخيرا أم شرا، وما تدرى بأى أرض تموت، ليس أحد من الناس يدرى أين مضجعه من الأرض أفى بحر أم فى بر فى سهل أم فى جبل، والذى ينبغى أن يعلم أن كل غيب لا يعلمه إلا الله عز وجل. وليست المغيبات محصورة بهذه الخمس وإنما خصت بالذكر لوقوع السؤال عنها، أو لأنها كثيرا ماتشتاق النفوس إلى العلم بها. وقال القسطلانى ذكر صلى الله تعالى عليه وسلم خمسا وإن كان الغيب لا يتناهى لأن العدد لاينفى زائدا عليه، ولأن هذه الخمسة هى التى كانوا يدعون علمها انتهى - وفى التعليل الأخير نظر لا يخفى، وأنه يجوز أن يطلع الله تعالى بعض أصفيائه على إحدى هذه الخمس ويرزقه عز وجل العلم بذلك فى الجملة، وعلمهما الخاص به جل وعلا ما كان على وجه الإحاطة والشمول لأحوال كل منها وتفصيله على الوجه الأتم. وفى شرح المناوى الكبير للجامع الصغير فى الكلام على حديث بريدة السابق خمس لا يعلمهن إلا الله على وجه الإحاطة والشمول كليا وجزئيا، فلا ينافى إطلاع الله تعالى بعض خواصه على بعض المغيبات حتى من هذه الخمس لأنها جزئيات معدودة. وإنكار المعتزلة لذلك مكابرة انتهى - ويعلم مما ذكرنا وجه الجمع بين الأخبار الدالة على استئثار الله تعالى بعلم ذلك وبين ما يدل على خلافه كبعض إخباراته عليه الصلاة والسلام بالغيبات التى هى من هذا القبيل يعلم ذلك من راجع نحو الشفاء والمواهب اللدنية مما ذكر فيه معجزاته صلى الله تعالى عليه وسلم وإخباره عليه الصلاة والسلام بالمغيبات. وذكر القسطلانى أنه عز وجل إذا أمر بالغيث وسوقه إلى ما شاء من الأماكن علمته الملائكة الموكلون به ومن شاء سبحانه من خلقه عز وجل وكذا إذا أراد تبارك وتعالى خلق شخص فى رحم يعلم سبحانه الملك الموكل بالرحم بما يريد جل وعلا كما يدل عليه ما أخرجه البخارى عن أنس بن مالك عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قال إن الله تعالى وكل بالرحم ملكا يقول يارب نطفة يارب علقة يارب مضغة، فإذا أراد الله تعالى أن يفصى خلقه قال أذكر أم أنثى شقى أم سعيد فما الرزق والأجل فيكتب فى بطن أمه. فحينئذ يعلم بذلك الملك ومن شاء الله تعالى من خلقه عز وجل. وهذا لا ينافى الاختصاص والاستئثار بعلم المذكورات بناء على ما سمعت منا من أن المراد بالعلم الذى استأثر سبحانه به العلم الكامل بأحوال كل على التفصيل فما يعلم به الملك ويطلع عليه بعض الخواص يجوز أن يكون دون ذلك العلم. بل هو كذلك فى الواقع بلاشبهة) انتهى - وفى تفسير القاضى البيضاوى عند قوله تعالى {فلا يظهر على غيبه أحدا} قال أى على الغيب المخصوص به علمه. وقال الشهاب عليه قوله على الغيب المخصوص به علمه، لإفادة الإضافة الاختصاص. واختصاصه به تعالى، لأنه لا يعلم بالذات والكنه علما حقيقيا يقينيا بغير سبب كاطلاع الغير إلا الله وعلم غيره لبعضه ليس علما للغيب إلا بحسب الظاهر، وبالنسبة لبعض البشر كما ذكره بعض المحققين انتهى. ومن ذلك يعلم. أنه لا يعلم الغيب بجميع أنواعه بالذات علما حقيقيا إلا الله سبحانه وتعالى لا فرق بين الخمس وغير الخمس، وأما علم غيره تعالى فليس فى الحقيقة علما بالغيب بالذات، وإنما هو علم حادث بتعليم الله سبحانه وتعالى وإطلاعه. ويعلم مما ذكر أنه لا مانع من أن يطلع الله من شاء على ما شاء من الغيب. ولا يعد ذلك علما بالغيب، وعلى ذلك يجوز أن الله سبحانه وتعالى يطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على الساعة، كما يعلم مما تقدم عن الأولسى من أن ما ذكر لا ينافى إطلاع الله تعالى بعض خواصه على بعض المغيبات حتى من هذه الخمس. والله أعلم (7/313) ________________________________________ حلقات الذكر
المفتي محمد بخيت. جمادى الآخرة 1334 هجرية - 26 أبريل 1916 م
المبادئ 1 - لا يجوز ذكر الله إلا بأسمائه التى وردت فى القرآن الكريم وفى الأحاديث الصحيحة. 2 - الذكر الملحون ليس ذكرا شرعيا فلا ثواب فيه. 3 - يجوز الذكر بلفظ هو، حى مشددا لأنه هو الاسم الذى ورد بلفظه فى القرآن الكريم
السؤال قوم يذكرون الله تعالى بلا إله إلا الله بمد هاء إله وأحيانا يثبتون ياء فى إله فيقولون إيلاها مع مد الهاء أيضا. وتارة يذكرون بأه آه ويسمون ذلك باسم الصدر، ويذكرون بحى حى بتخفيف الياء وبمجرد الحلق من غير أن نعرف ما ينطقون به. والله بقصر اللام، واستندوا فى ذلك كله لكتاب وضعه بعض من المدعى أنه من الشاذلية أباح فيه جميع ماتقدم وعزا ذلك الجواز لابن حجر، فهل يجوز الذكر بهذه الصيغ المذكورة مع اعمتاد ما فى هذا الكتاب وصحة ما نسبه لابن حجر على زعمه أم هو ذكر باطل
الجواب اتفق جميع أهل العلم سلفا وخلفا على أن الذكر الملحون ليس ذكرا شرعيا فلا ثواب فيه. وقد نص على ذلك غير واحد كسيدى مصطفى البكرى وأما ما نسب للعلامة ابن حجر فهو برىء منه. وبناء على ما ذكر لا يجوز الذكر بشىء من الألفاظ المذكورة بهذا السؤال إلا بلفظ هو، ولفظ حى، بشرط تشديد الياء من حى، لأنه هو الاسم يطلق على الله سبحانه وقد ورد بلفظه فى القرآن كذلك. وقد نص الإمام الرازى فى تفسير قوله تعالى {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون فى أسمائه} الأعراف 180، إن من الإلحاد أن يسمى الله تعالى باسم غير اسمه وجميع أسمائه سبحانه توقيفية. فلا يجوز أن يذكر الله بمالم يرد إطلاقه عليه فى القرآن والأحاديث الصحيحة. وأما جميع الألفاظ المذكورة بهذا السؤال فلم يرد واحد منها فى القرآن ولا فى الأحاديث الصحيحة اسما الله تعالى إلا لفظ هو، حى مشددا، ولفظ الجلالة مع مد لامه الثانية مدا طبيعيا مع عدم مد همزة الوصل فى أوله. وأما مد هاء إله أو إثبات ياء بعد الهمزة فهو لحن محض فلا يجوز الذكر به. والله تعالى أعلم (7/314) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 8:27 pm | |
| طوفان نوح
المفتي محمد عبده. شوال 1317 هجرية
المبادئ لا يجوز لشخص مسلم أن ينكر شيئا مما يدل عليه ظاهر الآيات والأحاديث التى صح سندها إلا بدليل عقلى يقطع بأن الظاهر غير مراد
السؤال ظهر بعض الطلبة ديدنهم البحث فى العلوم الرياضية والخوض فى توهين الأدلة القرآنية وقد قالوا إن الطوفان لم يكن عاما لأنحاء الأرض بل هو خاص بالأرض التى كان بها قوم نوح عليه السلام وأنه بقى ناس فى أرض الصين لم يصبهم الغرق وإن دعاء نوح عليه السلام بهلاك الكافرين لم يكن عاما بل هو خاص بكفار قومه لأنه لم يكن مرسلا إلا إلى قومه بدليل ما صح (وكان كل بنى يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة) فإذا قيل لهم إن الآيات الكريمة ناطقة بخلاف ذلك لقوله تعالى {رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا} نوح 26، وقوله تعالى {وجعلنا ذريته هم الباقين} الصافات 77، وقوله تعالى {لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم} هود 43، قالوا هى قابلة للتأويل ولا حجة فيها، وإذا قيل لهم بأن نوحا عليه السلام أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض ويكون عموم بعثته أمرا اتفاقيا لعدم وجود أحد غير قومه ولو وجد غيره لم يكن مرسلا إليهم سخروا واستندوا إلى حكايات أهل الصين، والمطلوب كشف الغطاء عن سر هذا الحادث العظيم والإفادة بما يطمئن إليه القلب
الجواب أما القرآن الكريم فلم يرد فيه نص قاطع على عمود الطوفان ولا على عمود رسالة نوح عليه السلام، وما ورد من الأحاديث على فرض صحة سنده فهو أحاد ولا يوجب اليقين، والمطلوب فى تقرير مثل هذه الحقائق هو اليقين لا الظن إذا عد اعتقادها من عقائد الدين، أما المؤرخ ومريد الاطلاع فله أن يحصل من الظن ما ترجحه عنده ثقته بالراوى أو المؤرخ أو صاحب الرأى، وما يذكره المؤرخون والمفسدون فى هذه المسألة لا يخرج عن حد الثقة بالرواية أو عدم الثقة بها ولا تتخذ دليلا قطعيا على معتقد دينى أما مسألة عموم الطوفان فى نفسها موضوع نزاع بين أهل الأديان وأهل النظر فى طبقات الأرض، وموضوع خلاف بين مؤرخى الأمم. أما أهل الكتاب وعلماء الأمة الإسلامية فعلى أن الطوفان كان عاما لكل الأرض ووافقهم على ذلك كثير من أهل النظر، واحتجوا على رأيهم بوجود بعض الأصداف والأسماك المتحجرة فى أعالى الجبال لأن هذه الأشياء مما لا يتكون إلا فى البحر، فظهورها فى رؤوس الجبال دليل على أن الماء صعد إليها مرة من المرات ولن يكون ذلك حتى يكون قد عم الأرض. ويزعم غالب أهل النظر من المتأخرين أن الطوفان لم يكن عاما ولهم على ذلك شواهد يطول شرحها غير أنه لا يجوز لشخص مسلم أن ينكر قضية أن الطوفان كان عاما لمجرد حكايات عن أهل الصين أو لمجرد احتمال التأويل فى آيات الكتاب العزيز بل على كل من يعتقد بالدين أن لا ينفى شيئا مما يدل عليه ظاهر الآيات والأحاديث إلى صح سندها وينصرف عنها إلى التأويل إلا بدليل عقلى يقطع بأن الظاهر غير مراد. والوصول إلى ذلك فى مثل هذه المسألة يحتاج إلى بحث طويل وعناء شديد وعلم غزير فى طبقات الأرض وما تحتوى عليه، وذلك يتوقف على علوم شتى عقلية ونقلية ومن هذى برأيه بدن علم يقينى فهو مجازف لا يسمع له قول ولا يسمح له ببث جهالاته والله أعلم (7/315) ________________________________________ أهل الفترة
المفتي محمد بخيت. ربيع الأول 1338 هجرية - 25 نوفمبر 1919 م
المبادئ أهل الفترة مكلفون بالإيمان والتوحيد بمجرد بعثة آدم. فمن كان منهم مؤمنا بالله وحده كان كافيا
السؤال من محمد محمد الجزايرى بما صورته نعوذ بالله من معضلة ليس لها إلا العلماء الراسخون فى العلم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله القائل فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون والصلاة والسلام على رسوله محمد الأمين المأمون وعلى آله وأصحابه مادامت السموات والأرضون أما بعد، فهذا سؤال إلى حضرات العلماء الأعلام جعلهم الله نورا للأنام كاشفين من غوامض العلم اللثام ماقولكم دام فضلكم فى رجلين تنازعا فى مسألة غريبة بالنسبة إلى عوام المسلمين فادعى أحدهما أن أهل الفترة ناجون لعدم وجود الرسول وادعى الثانى بأنهم غير ناجين لمجئ الرسل عامة بالتوحيد من لدم آدم إلى عيسى عليهم السلام وتمادى بينهما النزاع إلى أن تكلما فى أبوى المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال الأول هما ناجيان حيث أنهما من أهل الفترة ولقوله صلى الله عليه وسلم (فأنا خيار من خيار من خيار) ولقوله (خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح) وقال الثانى أنهما ماتا مشركين واستدل بالحديث المروى عن ابن عباس ولفظه (أنه لما فتح الله مكة على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل أى والديه أحدث به عهدا فقيل أمك فذهب إلى قبرها ووقف معتبرا يبكى فقال عمر رضى الله عنه يارسول الله نهيتنا عن الزيارة والبكاء. وزرت وبكيت فقال قد أذن لى فيه ولما رأيت ما هى فيه من عذاب الله وإنى لا أغنى عنها من الله شيئا فبكيت رحمة لها) وهذا الحديث موجود فى تفسير الفخر الرازى وأبى السعود على هامشه وفى البيضاوى وفى مصابيح السنة للإمام البغوى وكثير من الكتب وعدوه سببا لنزول قوله تعالى {ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى} التوبة 113، الخ واستدل أيضا بالحديث المروى عن الإمام على وهو أنه سمع رجلا يستغفر لأبويه فقال أتستغفر لهما وهما مشركان فقال الرجل قد استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك فحكى ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل قوله تعالى {ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآية - واستدل أيضا بالحديث المروى عنه وهو أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم فقال - كان أبى فى الجاهلية يصل الرحم ويقرى الضيف ويمنح من ماله وأين أبى فقال أمات مشركا فقال نعم، قال فى ضحضاح من نار، فولى الرجل يبكى فدعاه صلى الله عليه وسلم فقال إن أبى وأباك وأبا إبراهيم فى النار، واستدل أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم (استأذنت ربى فى زيارة قبر أمى فأذن لى واستأذنته فى الاستغفار لها فلم يأذن لى) - وهذا الحديث موجود فى مصابيح السنة للامام البغوى وكشف الغمة للشعرانى وأيضا حمل قوله تعالى {وتقلبك فى الساجدين} الشعراء 219، على أنه صلى الله عليه وسلم يتفقد المصلين ويقلب بصره فيهم وينظرهم من خلفه كما ينظرهم من أمامه، وعلى تسليم أنه يتقلب فى أصلاب الساجدين وبطون الساجدات فهذا محمول على ماقبل انتقال النور المحمدى من أحد أصوله إلى من بعده فإذا انتقل منه جاز أن يعبد غير الله كما فى فتح البيان نقلا عن الحفناوى مع أن الجمهور على خلاف ما ادعاه الرجل الأول فى تفسير هذه الآية، وأيضا اتفق الجمهور على أن آزر مات مشركا كما صرح به القرآن وما جاز على أحد والديه يجوز على الباقين بعد اتفاقهم أيضا على أن نسبه صلى الله عليه وسلم ينتهى إلى إسماعيل عليه السلام فأوى الرجلين على الصواب وهل أهل الفترة ناجون مطلقا أو هالكون مطلقا مع أن العلماء قسموهم ثلاثة أقسام كما فى شرح مسلم وهل والدا المصطفى صلى الله عليه وسلم داخلان فى أهل الفترة مع ورود هذه النصوص أم لا ولو اعتقد معتقد أنهما ماتا على الشرك هل يكفر أم لا مع هذا الخلاف وما حكم من يحكم عليه بالكفر وهل هذه المسألة من ضروريات الدين يجب على المكلف تحصيلها أم لا أفتونا مأجورين ولازلتم ملجأ للحائرين ودليلا للمسترشدين
الجواب اطلعنا على هذا السؤال - ونفيد أنه قال فى شرح مسلم الثبوث بصحيفة 98 جزء ثان ما نصه (وأما الواقع فالمتوارث من لدن آدم أبى البشر إلى نبينا ومولانا أفضل الرسل وأشرف الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يبعث نبى قط أشرك بالله طرفه عين) وعليه نص الإمام أبو حنيفة فى الفقه الأكبر وفى بعض المعتبرات أن الأنبياء عليهم السلام معصومون عن حقيقة الكفر وعن حكمه بتبعية آبائهم. وعلى هذا فلا بد من أن يكون تولد الأنبياء بين أبوين مسلمين أو يكون موتهما قبل تولدهم لكن الشق الثانى قلما يوجد فى الآباء ولا يمكن فى الأمهات. ومن ههنا بطل ما نسبه بعضهم من الكفر فى أم سيد العالم مفخر بنى آدم صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم وذلك لأنه حينئذ يلزم نسبة الكفر بالتبع وهو خلاف الإجماع، بل الحق الراجح هو الأول، وأما الأحاديث الواردة فى أبوى سيد العالم صلوات الله وسلامه عليه وآله وأصحابه فمتعارضة مروية آحادا فلا تعويل عليها فى الاعتقاديات، وأما آزر فالصحيح أنه لم يكن أبا إبراهيم عليه السلام بل أبوه تارح كذا صحح فى بعض التواريخ وإنما كان آزر عم إبراهيم ورباه الله تعالى فى حجره والعرب تسمى العم الذى ولى تربية ابن أخيه أبا لم وعلى هذا التأويل قوله تعالى {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر} الأنعام 74، وهو المراد بما روى فى بعض الصحاح أنه نزل فى أب سيد العالم صلى الله عليه وآله واصحابه {ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم} فإن المراد بالأب العم. كيف لا وقد وقع صريحا فى صحيح البخارى أنه نزل فى أبى طالب. هذا وينبغى أن يعتقد أن آباء سيد العالم صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم من لدن أبيه إلى آدم كلهم مؤمنون وقد بينه السيوطى بوجه أتم - وفى الفتاوى الحامدية بصحيفة 33 جزء ثان طبعة أميرية سنة 1300 أنه قد وردت أحاديث دالة على طهارة نسبه الشريف عليه الصلاة والسلام من دنس الشرك وشين الكفر - ومن ذلك يعلم أنه لا شك ولا شبهة فى موت أبوى النبى صلى الله عليه وسلم على الإيمان، وأنه لا حاجة إلى التمسك بالحديث الضعيف من أن الله سبحانه وتعالى أحيا أبويه وآمنا به وأن محل كون أن الإيمان لا ينفع بعد الموت فى غير الخصوصية لأن ذلك يرجع إلى تخصيص القواعد العقلية القاضية بانتهاء التكليف بالموت، وأنه لا تكليف بعده ولا إلى ما تكلفه بعض العلماء فى ذلك، ومن هذا يعلم أيضا أن أحد الرجلين المتنازعين القائل بأن أبوى النبى صلى الله عليه وسلم ناجيان هو الذى على الصواب لا لما قاله من أن أهل الفترة ناجون، ولا لقوله تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} الإسراء 15، بل نجاتهما لأنهما كانا على الإيمان وماتا عليه وأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون عن حقيقة الكفر وعن حكم تبعية آبائهم إلى آخر ما تقدم. وأما أهل الفترة فالحق أنهم مكلفون بالإيمان وجميع ما اتفقت عليه الشرائع وكان معلوما مشهورا لما قرره المحققون من الأصوليين من أن لا حكم قبل الشرع أى قبل البعثة لأحد من الرسل فالأحكام موجودة فكل من بلغته الأحكام فيما يتعلق بالإيمان أو غيره كان مكلفا به ولم تختلف الشرائع فى وجوب الإيمان والتوحيد فالخطاب به معلوم لكل من بلغته دعوة أى رسول كان. فان جميع المكلفين من لدن بعثة آدم الذى هو أول الرسل بعثا إلى أن تنتهى دار التكليف مخاطبين شرعا بوجوب الإيمان والتوحيد وأما بعد البعثة ولو لواحد من الرسل فلا خلاف فى وجود الأحكام ووجوب العمل بها على من بلغته. وأما أهل الفترة الذين هم قوم كانوا بين رسولين فلم يدركوا الأول ولا أدركوا الثانى، فاختلاف العلماء فيهم إنما هو فيما اندرس من الشرائع وخفيت فيه الأحكام على هؤلاء القوم، فذهب فريق إلى أن الأصل فيما اندرست أحكامه هو الإباحة، وقال فريق هو الحظر، وقال فريق بالوقف وهذا الخلاف بين أثمتنا أهل السنة فى حكم هؤلاء بعد البعثة وكل فريق من هذه الفرق يستند فى قوله إلى الدليل الشرعى وهذا الخلاف غير الخلاف الذى وقع بين المعتزلة أنفسهم فى الأفعال التى خفيت فيها المصلحة والمفسدة أو انتفاؤهما ولم تكن ضرورية للعباد واختلفوا فيها على ثلاثة أقوال أيضا الإباحة والحظر والوقف، فإن هذا الخلاف الذى هو بين المعتزلة موضوعه فيما قبل البعثة لأحد من الرسل وفيمن لم تبلغه دعوة أحد من الرسل أصلا. وأهل السنة ينفون الحكم أصلا قبل البعثة لأحد من الرسل فليس عند أهل السنة قبل البعثة لأحد من الرسل شىء من الأحكام لاحظ ولا إباحة ولا غيرها. وأما خلافهم فى أهل الفترة على الأقوال الثلاثة المتقدمة فإنما هو بعد ورود الشرع، وخاص بمن درس فيه الشرائع، وأما ما اتفقت عليه الشرائع كالإيمان والتوحيد والزنا والقتل فلا خلاف فى التكليف به لكل من اجتمعت فيه صفات التكليف بلا فرق بين أهل الفترة وغيرهم، كما فصلنا ذلك على الوجه الحق فى كتاب البدر الساطع على جمع الجوامع. ومن ذلك يعلم أن أهل الفترة الذين ولدوا بعد عيسى عليه الصلاة والسم وقبل بعثة سيد الحق جميعا ومنهم أبو المصطفى عليه الصلاة والسلام مكلفون بالإيمان والتوحيد بمجرد بعثة آدم خصوصا وأن رسالة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام كانت عامة ولم تنسخ إلا فيما خالفها مما يتعلق ببنى إسرائيل فى شريعتهم فمن كان منهم مؤمنا بالله وحده كان ناجيا ومن لم يكن مؤمنا أو ارتكب قتل النفس بغير حق كان عاصيا مخلدا فى النار إن كان كافرا وإلا فلا، وأما ما يتعلق بالاعتقاد فقد قال فى الفتاوى الحامدية بصيحفة 331 من الجزء المذكور سئل القاضى أبو بكر بن العربى أحد أئمة المالكية رحمه الله تعالى عن رجل قال إن آباء النبى صلى الله عليه وسلم فى النار فأجاب بأنه ملعون لأن الله تعالى يقول {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله فى الدنيا والآخرة} الأحزاب 57، قال ولا أذى أعظم من أن يقال عن أبيه أنه فى النار وقال الإمام السهيلى رحمه الله تعالى فى الروض الأنف (وليس لنا نحن أن نقول ذلك فى أبويه عليه الصلاة والسلام لقوله عليه الصلاة والسلام لا تؤذوا الأحياء بسبب الأموات والله تعالى يقول {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله فى الدنيا} وقد أمرنا أن نمسك اللسان إذا ذكر أصحابه رضى الله عنهم بشىء يرجع إلى العيب والنقص فيهم. فلأن نمسك ونكف عن أبويه أحق وأحرى إذا تكرر ذلك فحق المسلم أن يمسك لسانه عما يخل بشرف نسب نبيه عليه الصلاة والسلام بوجه من الوجوه ولا خفاء فى أن إثبات الشرك فى أبويه إخلال ظاهر بشرف نسب نبيه الطاهر، وجملة هذه المسائل ليست من الاعتقاديات فلاحظ للقلب فيها، وأما اللسان فحقه الإمساك عما يتبادر منه النقصان خصوصا عند العامة لأنهم لا يقدرون على دفعه وتداركه) . ومن ذلك يعلم أن الرجل الثانى الذى قال بموت أبوى النبى صلى الله عليه وسلم على الكفر قد أخطأ خطأ بينا يأثم ويدخل به فيمن آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن لا يحكم عليه بالكفر لأن المسألة ليست من ضروريات الدين التى يجب على المكلف تفصيلها هذا هو الحق الذى تقتضيه النصوص وعليه المحققون من العلماء والله أعلم (7/316) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 8:29 pm | |
| رأى الافتاء فى كتاب (الله والانسان)
المفتي حسن مأمون. شوال 1376 هجرية - 23 مايو 1957 م
المبادئ 1 - لا ينكر الدين الإسلامى تمجيد العقل والعلم والحرية، وإظهار أثر ذلك فى تقدم الفرد والجماعة. 2 - ما جاء بالكتاب من أن (الطريقة العصرية فى بلوغ الفضيلة ليست الصلاة، وإنما هى الطعام الجيد والكساء الجيد والمسكن الجيد والمدرسة والملعب وصالة الموسيقى) خطأ، لأنه جعلها من العوائق المانعة من بلوغ الفضيلة، وقد حظ المؤلف من قدر الصلاة ونسى أثرها فى تقويم النفوس. 3 - الصلاة لا تتعارض مع مطالب الحياة ولا تنافيها، بل هى رأى الفضائل كلها. 4 - الصلاة شرعت بأمر الله سبحانه وتعالى، وليست من صنع الناس كما يقول المؤلف. 5 - تحريم الخمر إنما جاء ليحفظ على الناس عقولهم. 6 - تحريم الزنا إنما جاء لحمل الناس على الزواج الصحيح، والتناسل بسببه حفظا للولد وللنوع الإنسانى على أكمل وجه. 7 - ليست الأديان سببا من أسباب الخلط فى معنى السعادة، بل هى موضحة لها كل الوضح مقررة أنها ليست تحررا مطلقا من كل قيد وإلا لأوقعت صاحبها فى الهلاك. 8 - ذات الله سبحانه وتعالى منزهة عن صفات الحوادث ومتصفة بجميع صفات الكمال، وليس الله سبحانه وتعالى فكرة متطورة كما يقول المؤلف. 9 - ليست الأديان قصة من القصص التى لا أصل لها، وإنما الأديان السماوية حقيقة أيدها الله سبحانه وتعالى بالمعجزات وآخرها القرآن الكريم. 10 - الحياة الثانية حقيقة اتفقت عليها الأديان السماوية كلها. 11 - ما جاء بالكتاب من أن (الله ليس فوق الجدل وليس فوق العقل وليس فوق الواقع بل هو العقل والواقع إلخ) إن أريد به أن الكون خلق بلا خالق، أو أن العقل هو الذى أوجده، فهذا مردود بتفاوت العقول ذاتها، وإن أريد به التفكير فى الكون فهذا لا يقتضى إنكار ذات الله الذى أوجد الكون وخلق العقل للإنسان للتفكير والتدبير. 12 - معرفة أسرار الكون كافية وحدها للإيمان بوجود الله وقدرته وعظمته
السؤال من الأستاذ م ح أبطلب يرغب فيه منا أن نطلع على كتاب الله والإنسان ونبدى رأينا فيه
الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبى بعده. وبعد فقد اطلعنا على هذا الكتاب الذى ألفه الدكتور م. م وأخرجه فى مارس سنة 1957 بعد أن نشر بعض فصوله فى مجلة روز اليوسف. ونظرا لأن هذا الكتاب قد أثار ضجة كبيرة. وطلب منى الطالب بصفته ممثلا لمجمع البحوث العلمية وجماعة البر والتقوى إبداء رأيى فيما نشر بمجلة روز اليوسف من الكتاب، وفى الكتاب نفسه بعد طبعه وتوزيعه على القراء - وقد قرأت هذا الكتاب من أوله إلى آخره قراءة هادئة غير متأثر بما أثير حوله، لأننى لا أحب أن يصدر حكمى عليه فى جو عدائى له أو جو يسيطر عليه فكرة سيئة عنه. ولذلك أجد من الإنصاف أن أقول إن الكاتب عنى فى كتابه بتمجيد العقل والعلم والحرية، وإظهار أثرها فى تقدم الفرد والأمة. ولا جدال فى أن الدين الإسلامى قد سبقه إلى ذلك فقد عرف للعقل قيمته وقدره. وطالب الناس بالتفكير فى خلق الله وبالنظر والاعتبار ونجد آيات القرآن الكريم حافلة بذلك - كما أنه دعا إلى العلم بكل ما يحتاج إليه الإنسان فى حياته وبعد مماته، وكل ما يرفع شأن البشرية ويحقق على الوجه الأكمل معنى خلافة الإنسان عن الله فى أرضه يعمرها ويستخرج كنوزها ويفيد من كل ما أودع الله فيها - وأيضا فإن الإيمان الذى فرضه الإسلام وسائر الأديان السماوية، وهو الإيمان بأن للعالم إلها واحدا هو الله سبحانه وتعالى، وهو المستحق وحده للعبادة والذى يستعان به، ولا يستعان بغيره فى كل شئون الحياة، يحقق معنى حرية الإنسان فى أسمى صورها وأعلى مراتبها. فالمؤمن إيمانا صادقا لا يكون عبدا لغيره، ولا عبدا لشهواته، ولا لأى شىء آخر سوى الله سبحانه وتعالى الذى خلقه وخلق كل شىء - فدعوة الكتاب إلى تمجيد العلم والعقل، وإلى أن يفكر الإنسان تفكيرا حرا مستقيما دعوة لا ننكرها عليه، ولا ينكرها عليه الدين الإسلامى. فما جاء فى آخر الكاتب من الدعوة غلى أن يتكاتف المسلم المفكر الحر والسياسى اليقظ ورجل الدين العصرى إلى أن يكونوا فى توثب دائم ليكسروا الدروع السميكة حول أعدائنا، ويمزقوا عن وجوههم القبيحة النقاب لا شىء فيه وهو مما نوافقه عليه. غير أن الكتاب لم يخل من أخطاء لا نستطيع أن نمر عليها بدون إبداء رأينا فيها. وقبل أن نبين هذه الأخطاء نقول إننا قد خرجنا من قراءة الكتاب بحقيقة لمسناها، وهى أن الكاتب قد عاش فى وسطنا المصرى الشرقى وشاهد بعض تصرفات ممن لا يفهمون الدين الإسلامى أو لا يفهمون منه إلا بعض رسومه وأشكاله، والذين يحاولون أن يقتنعوا بهذه الصور الشكلية التى لا روح فيها ولا غناء متناسي روح الدين وتعاليمه التى ترفع من شأن الإنسان وتدفعه غلى العمل الحر الكريم لنفسه ولأسرته ولوطنه بل وللإنسانية. كلها، ولعل الكاتب قد ظن أن ما يراه بمثل حقيقة الدين الإسلامى فازدرى هؤلاء وكتب ما كتب متأثرا بهم وبأحوالهم، ولو أنصف لعالج هذه العيوب من طريق آخر غير طريق الهجوم على الدين الإسلامى وعلى الأديان كلها هجوما واضحا نلمسه فى كتابه فى كثير من المواطن - وأعتقد أن هذا الكاتب وأمثاله لم يقعوا فيما وقعوا فيه من خطأ إلا لأنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء دراسة الأحكام التى دعا الإسلام الناس إلى اتباعها، بدليل أننى لم أجد فى كتابه شيئا منسوبا إلى الدين يستحق أن ينقد أو أن يزدرى. وسنذكر بعض أمثلة من خطئه الذى لا نقره عليه. بل إننا نعتقد أنه لو راجع نفسه لا يقر هذا الخطأ. من ذلك قوله فى ص 24 (والطريقة العصرية فى بلوغ الفضيلة ليست الصلاة، وإنما هى الطعام الجيد والكساء الجيد والمسكن الجيد والمدرسة والملعب وصالة الموسيقى) فإنه إذ يمجد الطريقة العصرية يخطىء الطريق. فيظن أن الصلاة من العوائق التى تمنع من بلوغ الفضيلة، ولذلك حط من قدرها، ونسى أو تناسى أثرها فى تقويم الخلق وتهذيب النفس ولا يفهم معنى للربط بين الصلاة وبين ما يتطلبه الجسم والعقل، فقد أمر الله الناس بالصلاة وفرضها عليهم، ونهاهم عن الزهد فى الحياة وأباح لهم الطيبات من الرزق وكل ما يحتاج إليه الجسم ليكون قويا والعقل ليؤدى واجبه فى فائدة صاحبه. فالصلاة لا تتعارض مع مطالب الحياة ولا تنافيها. فلا وجه لقوله إن الفضيلة ليست الصلاة بل الصلاة تجىء على رأس الفضائل كلها. وإذا كان هذا هو ما قد يفهمه بعض المتصوفة من الدين، فلا يجوز بحال من الأحوال أن يفهمه كاتب متحرر يحاول أن يحل مشكلته مع نفسه ومشاكل الناس مع أنفسهم بتأليفه هذا الكتاب. ومن أمثلة خطئه أيضا ما كتبه فى ص 26 (لقد صنعنا الصلاة وحددناها إلى هكسلى وأجداده. وجربناها على المذاهب الأربعة ولم يبق إلا أن نجرب الطعام الجيد) . وفى هذه العبارة خطأ فاضح، فليس من الإنصاف أن يقول كاتب إننا صنعنا الصلاة، فالصلاة لم يصنعها الإنسان وإنما أمر بها الله، ولا أدرى ما الذى دعاه إلى مثل هذا التهجم على أوامر الله بإنكار فائدتها أولا، وبنسبة صدورها لا إلى الله بل إلى الناس ثانيا. ولو قال بدل هذه العبارة إننا امتثلنا أمر الله بالصلاة وذقنا أثرها وحلاوتها فى صدورنا، فلنضف إليها أيضا ما تحتاج إليه أجسامنا ومقومات حياتنا، لنكون أقوياء بإيماننا وبأجسامنا وأرواحنا، حتى نستطيع أن نواجه عدونا بهذه الأسلحة مجتمعة. ومن ذلك أيضا قوله فى ص 54 (والأديان سبب من أسباب الخلط فى معنى السعادة، لأنها هى التى قالت عن الزنا والخمر لذات وحرمتهما، فتحولت هذه المحرمات إلى أهداف يجرى وراءها البسطاء والسذج على أنها سعادة وهى ليست بسعادة على الإطلاق) ولا أدرى هل ذكر الحقائق أمر معيب فإذا قرر الدين الإسلامى أن الخمر والزنا لذات كما يقول الكاتب، أى مشتهيات تشتهيها النفوس وتميل إليها الحيوانية التى هى جزء من الإنسان ثم حرمها، فهل يكون ذلك دعوة للناس إليها أو يكون إيحاء للناس بأن السعادة فيها الواقع أن الدين وهو يحرم بعض ما يشتهيه الإنسان ويلذ له إنما يحرمه للضرر الذى يعود عليه من الجرى وراء لذاته، فقد حرم الخمر ليحفظ على الناس عقولهم، وحرم الزنا ليحملهم على الزواج والتناسل، فيحفظ بذلك النوع الإنسانى على أكمل الوجوه، ويقيه شر الإنحلال والانهيار والانقراض - هذه هى الحقيقة التى ما أظن أن الكاتب غفل عنها، ولكنه مع هذا يخطىء فى التعبير فيقول إن الأديان سبب من أسباب الخلط فى معنى السعادة، ولو أنصف لقرر أن الأديان واضحة كل والوضوح فى إفهام الناس معنى السعادة، وأن السعادة ليست تحررا بحيث يفعل الإنسان كل ما يريد، وكل ما تشتهيه نفسه ولو كبه ذلك على وجهه وأوقعه فى الهلاك ثم يستمر الكاتب فى خطئه ويتجاوز هذا الخطأ إلى الطعن فى الذات العلية. فيتحدث عن الله تعالى حديثا ما كان يليق من كاتب مثله أن يتحدث عنه بهذه العبارات التى لا تليق. ومن ذلك قوله فى ص 111 (إن الله فكرة إنه فكرة فى تطور مستمر كما تدل على ذلك قصة الأديان) ثم ينتهى إلى قوله وشريعة هذا الدين (أى الذى يدعو إليه) بسيطة جميلة إنها الولاء للحياة - لا أيها الكاتب المتعلم تعليما جامعيا. ليس الله فكرة كما تقول. وإنما الله سبحانه وتعالى ذات منزهة عن صفات الحوادث ومتصفة بجميع صفات الكمال، وهو الذى خلقك وخلق كل ما تراه حولك فليس الله فكرة متطورة كما تقول. وليست الأديان قصة كباقى القصص التى لا أصل لها. وإنما الأديان السماوية حقيقة أيدها الله سبحانه وتعالى بالمعجزات التى أجراها على أيدى رسله ن ومن هذه المعجزات المعجزة الباقية الخالدة التى أعجزت العرب وغير العرب عن أن يأتوا بمثلها وهى القرآن الكريم الذى قلت فى ص 18 إنك فتحت عينيك فى يوم لتجد نفسك وحيدا وإلى جوارك مصحف وحجاب لمنع الفقر. فالمصحف الذى وجدته والذى لا يمكن أن يكون مثلك بعيدا عنه هو المعجزة التى يكفيك أن تقرأه تمعن النظر فيه، لتعرف الأسس التى تضمنها، والتى لو عمل بها الفرد وعملت بها الأمة لتحقق الفرد الصالح والأمة الصالحة، ولما صار الشرق كما تراه الآن بعيوبه وبضعفه، فإن الإسلام لا يعرف الضعف والضعفاء، ولا يعرف السعادة التى يحققها حجاب أو دعاء، كما تريد أن تلمز به الإسلام بحملك الحجاب مع المصحف - فلا يوجد فى الشريعة الإسلامية حجاب يمنع الفقر أو يجلب السعادة، وإنما يوجد عمل دائب مستمر لتحقيق معنى السعادة الحقيقية - السعادة المؤسسة على قوة المادة وقوة الروح معا، ولعلك لو تحدثت عن الشرق وقد استحال أمره إلى أن يكون له جيوش ومصانع وطيارات وغير ذلك مما يوجد فى الغرب، والذى لا يحول الإسلام بينه وبين أن يبلغه لما كان حديثك عن الإسلام هذا الحديث المتأثر بحالة الشرق الآن تأثر دعا إلى أن تمجد المادة التى وصل إليها الغربيون والتى لم يصل إليها الشرق بعد. لا لأن الدين قد حال بينه وبين بلوغه، ولكن الاستعمار الذى رزح على صدر الشرق والشرقيين فى القرون الأخيرة هو السبب الأكبر فى ذلك كله. ثم يتابع بعد أفكاره لله فى صورته الحقيقية إنكار الحياة الثانية التى اتفقت عليها الأديان السماوية كلها، والتى يدعو إليها العقل والعدل فليس من العدل أن يتحارب الناس بعضهم مع بعض، وأن يغلب قويهم ضعيفهم، ويظلم بعضهم البعض من غير أن يكون هناك حياة ثانية يأخذ فيها الله سبحانه وتعالى بيد المظلوم من الظالم. ومن ذلك قوله عن الحياة الآخرة صفحة رقم 2662 بعبارة فيها سخرية فى ص 119 وما بعدها (فلا محل لافتراض بقاء آخر روحانى لهذا الترابط المادى البحت وإنها لنهاية طبيعية إذن أن يبعث الإنسان حيا بعد الموت هو والدود التى فى بطنه والقملة التى فى رأسه فهكذا تعنى روحية الأديان. وقوله إن دعوى الخلود الشخصى لا يسندها العلم ولم تعد تسندها الضرورات الاجتماعية القديمة) فإن هذه الدعوى العريضة التى يدعيها الكاتب فى كتابه ويقول عنها إن دعوى الخلود الشخصى لا يسندها العلم. لم يقل لنا إسم العلم الذى ينكر الحياة الآخرة اللهم إلا أن يكون قولا لبعض العلماء المتطرفين الذين يدعون إلى الوجودية والذين مجدهم الكتاب فى أثناء كتابته. أما العلماء الذين بحثوا فى أصل الإنسان وعرفوا عظمة الله وقدرته فيما كشفوه عن بعض آثارها فى الأرض أو السماء فما أظن أنهم ينكرون الحياة الثانية - أو ينكرون وجود الله وقدرته وعظمته - ثم يعود الكاتب مرة أخرى إلى إنكار الله فى تعبيرات ضعيفة لا يسندها منطق ولا دليل ولا شبه دليه. كقوله فى ص 131 (إن الله ليس فوق الجدل، وليس فوق العقل، وليس فوق الواقع. إن الله هو العقل وهو الواقع وهو مجموع القوى الكونية التى تعمل لخيرنا فى كل وقت، وهى قوى تقبل المراجعة والتفكير والبحث والتطور) ما الذى يريده الكاتب من هذه العبارات هل يريد أن يوحى إلى قارئيه بأن الكون الذى يعيش فيه ويعيش فيه الناس خلق هكذا بدون خالق. وهل العقل الذى بمجده ويقول إنه هو الله هو الذى أوجد هذه المخلوقات كلها، وإذا كان العقل هو الموجد كما يقول. فلماذا وجد عند قوم وكان ضعيفا أو معدوما عند آخرين وإذا كان يريد أن يوحى إلى القراء بأن الكون محتاج دائما إلى التفكير والبحث والتطور، فإن هذه الدعوى لا تتطلب بحال من الأحوال إنكار الله سبحانه وتعالى الذى أوجد هذا الخلق، وخلق للإنسان العقل الذى يفكر ويبحث ويتدبر فى كل مخلوقات الله ليصل أولا إلى الإيمان بالله سبحانه وتعالى وبألوهيته وربوبيته وليحقق للناس السعادة. ولعله قال ما قال ليضفى على نفسه الكاتب المتحرر الذى لا يؤمن بالله ولا يقر بوجوده، ولا بأن لهذا العالم إلها واحدا خلقه ونظمه أبدعه على هذه الصورة التى عجز الإنسان عن فهمها ما فيها من أسرار تدل على عظمة الله وقدرته. ولو أنصف لمجد الله سبحانه وتعالى مادام قد تعلم وعرف قيمة العلم وآثاره فى نهضة الأمم وقوتها. وجدير بمن يمجد العقل ويمجد العلم أن ينصف فيمجد من خلق العقل ومن خلق الأرض والسماء، وأودع فيها من الأسرار ما دأب الإنسان على كشفه منذ أزمان طويلة، ولا يزال للآن أمامه شوط بعيد أو شوط لا يعلمه إلا الله ليستكمل معرفة هذه الأسرار الكونية التى تكفى وحدها للإيمان بوجود الله وبقدرته وعظمته هذا ما وصلنا إليه من قراءتنا لهذا الكتاب، ولا يفوتنا أننا قد تجاوزنا عن كثير من العبارات اللاذعة والتى تعرض فيها للأديان كلها وحكم عليها بأن فكرتها صعدت من الأرض ولم تنزل من السماء ك صعدت من احتياجات الإنسان ورغباته وضروراته وأنظر ص 113. وغير ذلك من العبارات التى لا يراد منها إلا أن ينكر الناس عقائدهم وأديانهم لمجرد فكرة ملأت رأس الكتاب لم يقم عليها دليل ولا برهان. ولو كانت الأديان تعالج بكتاب يسلك فيه الكاتب مسلك الروائى الخيالى لما بقيت هذه الأديان صامدة آلاف السنين تنادى بجحود كل من ينكرها. نسأل الله لهذا الكاتب وأمثاله الهداية والرجوع إلى الحق فإن الرجوع إلى الحق فضيلة والله أعلم. ے (7/317) ________________________________________ متجمد نفقة الزوجة المتوفاة يورث عنها
المفتي علام نصار. شوال سنة 1370 هجرية - 12 من يوليو سنة 1951 م
المبادئ المتجمد من النفقة الزوجية فى ذمة الزوج إذا لم يؤده لها أو تبرئه حتى ماتت فانه يعتبر تركة يرثه ورثتها ومنهم زوجها
السؤال من محمد كنوز. قال زوجة فرض لها على زوجها الغائب نفقة وكسوة بحكم وصار الحكم نهائيا وتجمد لها مبلغ من حساب هذه النفقة لم يؤدها الزوج - وقد توفيت الزوجة فى مايو سنة 1950 ولها هذا المتجمد بذمة زوجها فهل ورثة الزوجة لهم حق ميراث هذه المتجمد
الجواب ان نفقة الزوجة المذكورة التى فرضت لها على زوجها دين فى ذمته لاتسقط إلا بالأداء أو الابراء طبقا للمادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1920 فاذا تجمدت النفقة المذكورة للزوجة على زوجها المذكور ولم يؤدها لها ولم تبرئه منها كان المتجمد تركه لها يرثه ورثتها عند موتها ومنهم زوجها والله أعلم (7/318) ________________________________________ مؤخر الصداق والميراث
المفتي حسنين محمد مخلوف. محرم سنة 1369 هجرية - 16 من نوفمبر سنة 1949 م
المبادئ مؤخر صداق الزوجة المتوفاة تركة يرثه ورثتها ويقسم بينهم قسمة الميراث
السؤال من حسن خالد قال توفيت سيدة فى سنة 1944 عن ورثتها الشرعيين وهم زوجها وبنتها وأبوها وأمها وتركت ما يورث عنها شرعا مؤخر صداقها فهل يرث أبوها وأمها وبنتها فى مؤخر صداقها أم لا. وهل للزوج أبى البنت أن يضع ما يخص ابنته فى ميراث أمها من متأخر صداق وخلافه فى احدى البنوك أو احدى الشركات
الجواب اطلعنا على السؤال والجواب أن مؤخر صداق الزوجة المتوفاة من تركتها يرثه ورثتها فلكل من أبيها وأمها سدسه فرضا ولزوجها ربعه فرضا لوجود الفرع الوارث ولبنتها نصفه فرضا فأصل المسألة من أثنى عشر سهما وتعول إلى ثلاثة عشر لكل من أبيها وأمها سهمان ولزوجها ثلاثة أسهم ولبنتها ستة ولأبى البنت القاصر ولاية قبض نصيب بنته المذكورة ويسوغ له ايداعه للحفظ بأحد المصارف واستثماره بمعاملة جائزة شرعا ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال والله تعالى أعلم (7/319) ________________________________________ توزيع مكافأة المتوفى أثناء الخدمة وباقى مرتبه
المفتي أحمد إبراهيم مغيث. ربيع ثان سنة 1374 هجرية - 21 من ديسمبر سنة 1954 م
المبادئ 1 - مكافأة المتوفى أثناء الخدمة لا تعتبر تركة. 2 - باقى المرتب يعتبر تركة ويقسم بين الورثة الشرعيين قسمة الميراث
السؤال طلب السيد رئيس مجلس بلدى شبين القناطر (تقسيم تركة المرحوم عبد الحليم محمد ربيع)
الجواب اطلعنا على كتابيكم المؤرخين فى 25/11، 5/12 سنة 1954 1517/1712 والمطلوب بهما بيان التقسيم الشرعى لمبلغ عبارة عن مكافأة لمدة خدمة ومتأخر مرتب المرحوم الأوسطى الكهربائى عبد الحليم محمد ربيع بين ورثته وهم زوجة وابنان وبنتان فقط - وتفيد أنه بوفاة المتوفى المذكور أثناء الخدمة كما هو الظاهر من كتابكم الأخير لا تكون المكافأة التى قدرت له عن مدة خدمته تركة فلا تقسم بين ورثته قسمة الميراث لأنه لم يتملكها قبل الوفاة بل تقسم بين مستحقيها طبقا للقانون الخاص بذلك يتملكونها ابتداء بمقتضى هذا القانون لا بطريق الخلافة عن الميت هذا بالنسبة للمكافأة وأما متأخر المرتب فيعتبر تركة يقسم بين ورثته الشرعيين قسمة الميراث للزوجة منه الثمن فرضا لوجود الفرع الوارث والباقى لأولاده للذكر ضعف الأنثى تعصيبا - وهذا إذا كان الحال كما ذكر ولم يكن للمتوفى المذكور وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة (7/320) ________________________________________ التعويض والميراث
المفتي حسن مأمون. شعبان سنة 1306 هجرية - 27 من مارس سنة 1957 م
المبادئ 1 - التعويض المستحق من احدى الشركات يخضع فى تقسيمه لقانون الشركة المختصة بصرفه. 2 - إذا لم يكن لدى الشركة قانونينظم صرف التعويض المستحق أخذ حكم التركات. وقسم بين الورثة طبقا لأحكام المواريث. 3 - بانحصار الارث فى أم وأب يكون للأم السدس فرضا وللأب الباقى تعصيبا. 4 - إذا اجتمع الاخوة والأخوات مع الأب حجبوا عن الميراث
السؤال من محمد حسن قال توفى شخص سنة 1956 عن أبيه وأمه واخوته واخواته لأبيه وعن أخواته لأمه فقط وتركته عبارة عن مبلغ قدره 500 جنيه قيمة التعويض المستحق من احدى الشركات
الجواب هذا المبلغ يخضع فى تقسيمة لقانون الشركة المختصة بصرفه فإذا لم يكن لدى الشركة قانون ينظم صرفه فانه يأخذه حكم التركات ويقسم قسمتها طبقا لأحكام المواريث فى الشريعة الإسلامية وبناء على هذا يكون لأمه السدس فرضا لوجود من يحجبها إلى السدس وهو عدد من الاخوة والاخوات والباقى يستحقه الاب تعصيبا ولا شئ للاخوة لأب والأخوات لأم بحجبهم جميعا بالأب الذى يحجب الاخوة من كل جهة وهذا إذا لم يكن له وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة والله أعلم (7/321) ________________________________________ الزوجة ترث زوجها ولو لم يدخل أو يختل بها
المفتي حسن مأمون. رجب سنة 1377 هجرية - 26 من يناير سنة 1957 م
المبادئ 1 - وفاة الزوج قبل الدخول والخلوة بزوجته غير مانع لها من الارث فيه. 2 - بوفاة الزوج قبل الدخول والخلوة يتأكد المهر جميعه فى ذمته ولا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء
السؤال من السيد محمد لطفى بطلبه المتضمن أن رجلا عقد قرانه على امرأة وتوفى قبل الدخول بها والخلوة فهل ترثه شرعا ام لا وهل تستحق جميع المهر أم لا
الجواب ان الزوجية التى هى سبب من أسباب الارث تثبت شرعا بمجرد العقد والزوجة ترث زوجها شرعا ولو لم يدخل بها أو يختل بها قبل الوفاة فيكون لها فى تركته الربع فرضا ان لم يكن له فرع وارث والثمن فرضا ان كان له فرع وارث ولم يكن له زوجة سواها أما إذا كان له أكثر من زوجة فانهن يشتركن فى هذا الفرض إلى الحالين ويقسم بينهن بالتساوى وبوفاة الزوج قبل الدخول والخلوة يتأكد المهر جميعه فى ذمته ولا يسقط إلا بالأداء اليها من تركته أو ابرائها زوجها المتوفى منه لأنه من الديون الصحيحة التى تقضى من التركة قبل قسمتها بين الورثة والله أعلم (7/322) ________________________________________ متجمد النفقة حتى تاريخ الوفاة تركة يستحق فيها الزوج
المفتي حسن مأمون. ذو الحجة سنة 1376 هجرية - 21 من مايو سنة 1957 م
المبادئ 1 - متجمد النفقة المحكوم بها للزوجة حتى تاريخ وفاتها يعتبر تركة يستحق فيها زوجها وما بعد تاريخ الوفاة من حق زوجها فقط ولا يعتبر تركة. 2 - بانحصار الارث فى زوج وأم وابن يكون للزوج الربع فرضا وللأم السدس فرضا وللابن الباقى تعصيبا
السؤال طلب السيد مأمور مركز ديرمواس. تقسيم تركة فوزية عبد الباقى المتوفاة فى 28/8/1952 عن زوجها وأمها وابنها فقط وصدر حكم نفقة لهذه المتوفاة على زوجها المذكور وقد تجمد مبلغ من هذه النفقة قبل وفاتها
الجواب المبلغ المتجمد للمتوفاة المذكورة قبل وفاتها فى يوم 28/8/1952 فقط يعتبر تركة عنها يرثه ورثتها الشرعيون فيكون لزوجها ربعه فرضا ولأمها سدسه فرضا لوجود الفرع لاوارث ولابنها الباقى تعصيبا أما المبلغ المتجمد بعد تاريخ وفاتها وهو 28/8/1952 فيكون من حق زوجها ولا يورث عنها شرعا وهذا إذا لم يكن لها وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة (7/323) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 8:30 pm | |
| مكافأة المتوفى ليست تركة ما لم يمتلكها قبل الوفاة
المفتي حسن مأمون. محرم سنة 1377 هجرية - 4 من أغسطس سنة 1957 م
المبادئ 1 - توزع المكافأة طبقا للقوانين واللوائح لا عن طريق الميراث ما لم يمتلكها المتوفى قبل وفاته. 2 - بوفاة المتوفى عن زوجته وبنته وقد أعطت المصلحة الزوجة نصف المكافأة فلا مانع من اعطاء بنته النصف الباقى
السؤال طلب السيد سكرتير مجلس بلدى السويس. تقسيم تركة حسن اسماعيل المتوفى عن زوجته وبنته فقط
الجواب طبقا للاحكام الفقهية ان هذه المكافأة لم يمتلكها المتوفى قبل وفاته فلا تكون تركة عنه وانما توزع طبقا للقوانين وللوائح الخاصة بذلك لدى المصلحة التى كان يعمل بها المتوفى ويمتلكها هؤلاء ابتداء لا عن طريق الميراث عن المتوفى فإذا لم يكن هناك قانون وقد أعطيت زوجته نصف المكافأة فنرى ان تعطى بنته النصف الثانى (7/324) ________________________________________ اختلاف الجنسية وأثره فى الميراث
المفتي حسن مأمون. صفر سنة 1377 هجرية - 19 من سبتمبر سنة 1957 م
المبادئ بوفاة المتوفى عن ابن تجنس بالجنسية الفرنسية واختين شقيقتين ان كانت قوانين فرنسا لا تمنع توريث الأجنبى عنها. فالتركة جميعها للابن تعصيبا والا فهى للشقيقتين فرضا وردا مناصفة بينهما
السؤال من الاستاذ ماهر حلمى. قال ان فاهى بربيان المسيحى المذهب والمصرى الجنسية توفى بمصر سنة 1957 وترك ابنا مسيحى المذهب وفرنسى الجنسية ومقيم بفرنسا واختين شقيقتين مسيحيتى المذهب ومصريتى الجنسية وطلب بيان ما إذا كان الابن يستحق تركة والده المتوفى أم لا لاختلاف الدارين
الجواب إذا لم يكن للمتوفى المذكور وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة يكون لابنه الفرنسى الجنسية جميع تركته إذا كانت شريعة فرنسا لا تمنع من توريث الاجنبى عنها طبقا للمادة السادسة من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 اما إذا فقدها الشرط فتكون تركته لأختيه الشقيقتين مناصفة بينهما فرضا وردا ولا شئ لابنه المذكور فى هذه الحالة لما بينا والله أعلم (7/325) ________________________________________ مكافاة المدة المستحقة بعد الوفاة والمرتب المستحق قبلها
المفتي حسن مأمون. التاريخ 10 من جماد الثانى سنة 1377 هجرية - 3 من ديسمبر سنة 1957 م
المبادئ 1 - المرتب المستحق يكون تركة عن المتوفى ويقسم قستها شرعا. 2 - المكافأة عن مدة الخدمة المستحقة بعد الوفاة ليست تركة ويكون استحقاقها لمن يستحقها من الورثة طبقا للقانون المنظم لها والا كانت تركة وتقسم قسمتها
السؤال طلب مدير مديرية الفيوم. تفسيم مبلغ استحقه المرحوم عطيه أحمد قبل وفاته من مرتب شهر مارس سنة 1954 وتقسيم مبلغ مكافأة عن مدة خدمته على ورثته وهم زوجته سعدية عبد الباقى أبو زيد وبنتاه سيدة وحميدة وأخوه الشقيق عبد القادر أحمد فقط
الجواب المبلغ الذى استحقه من مرتب شهر مارس سنة 1954 يعتبر تركة عنه ويرثه ورثته الشرعيون فتستحق فيه زوجته ثمنه فرضا لوجود الفرع الوارث ولبنتيه ثلثاه مناصفة بينهما فرضا ولأخيه الشقيق الباقى تعصيبا - أما مبلغ مكافأته عن مدة خدمته فانه لا يعتبر تركة عنه لأنه لم يتملكه قبل وفاته وانما يكون ملكا لمستحقه من ورثته طبقا للقانون الخاص بذلك وإذا لم يكن هناك قانون للمصلحة التى يتبعها الشخص المتوفى خاص بذلك فنرى أن تقسم هذه المكافأة لأحكام قانون المواريث وحينئذ يجرى تقسيمها كقسمة مبلغ المرتب المذكور وهذا إذا لم يكن للمتوفى وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة والله أعلم (7/326) ________________________________________ ضرب الوارث مورثه ضربا أفضى إلى موته
المفتي حسن مأمون. رجب سنة 1377 هجرية - 22 من يناير سنة 1957 م
المبادئ 1 - ضرب الوارث مورثه ضربا أفضى إلى موته غير مانع من الارث فيه إذا كان قاصدا قلته. 2 - بانحصار الارث فى زوج وأم وبنتين يكون للزوج الربع فرضا وللأم السدس فرضا وللبنتين الثلثان فرضا وفى المسألة عول. 3 - متى استغرقت الفروض التركة فلا شئ للعاصب
السؤال تضمن سؤال طلبة عبد الدايم أبوشادى المتضمن أن س ع أاعتدى على زوجته ع ع. أاعتداء أدى إلى وفاتها وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتاريخ 2/2/1957 فى القضية رقم - لسنة 1956 شمال القاهرة وأنها توفيت عن بنتيها الفت والهام ووالدتها ست الدار وأخواتها الأشقاء عبد الوهاب وطلبه ومسلم وأختها لأبيها ستوتة وعن أخيها لأمها محمد فقط - وقدم حكم المحكمة المشار إليه وقد جاء به أنه ثبت للمحكمة ورسخ فى يقينها أن س ع أفى الزمان والمكان سالف الذكر ضرب ع ع أعمدا فاحدث بها الاصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها ولم يكن يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى إلى متها
الجواب ان القتل المانع من الارث طبقا للمادة الخامسة من القانون رقم 77 سنة 1943 هو القتل العمد العدوان فقد جاء بها من موانع الارث قتل المورث عمدا سواء كان القاتل فاعلا أصليا أم شريكا أم شاهد زور أدت شهادته إلى الحكم بالإعدام إذا كان القتل بلا حق ولا عذر وكان القاتل عاملا بالغا من العمر خمس عشرة سنة ويعد من الأعذار تجاوز حق الدفاع الشرعى) ولأن القتل العمل لا يتحقق إلا إذا ثبت أن الوارث قصده بما أرتكبه سواء كان فعله مباشرة للقتل أو متسببا فيه وقد ثبت من الحكم المرفق أن س. ع لم يقصد قتل زوجته ع ع اوإن أدى ضربه إياها إلى قتلها فلا يكون ممنوعا من ارثها طبقا للمادة السابقة. وبوفاتها عن المذكورين سابقا يكون لزوجها من تركتها الربع فرضا لوجود الفرع الوارث ولبنتيها الثلثان فرضا مناصفة بينهما ولوالدتها السدس فرضا لوجود الفرع الوارث فأصل المسألة من أثنى عشر سهما وتعول إلى ثلاثة عشر سهما تنقسم اليها تركة هذه المتوفاة لزوجها سليمان منها ثلاثة أسهم ولبنتيها ثمانية اسهم مناصفة بينهما ولوالدتها سهمان. ولا شئ لاخوتها الأشقاء لاستغراق التركة بسهام أصحاب الفروض كما لا شئ لأخيها لأمها لحجبه بالفرع الوارث. وهذا إذا لم يكن لها وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة. والله أعلم (7/327) ________________________________________ الاقرار بالبنوة يعقب ميراثا
المفتي حسن مأمون. جمادى أول سنة 1379 هجرية - 21 من نوفمبر سنة 1959 م
المبادئ 1 - البنوة الحقيقة سبب من أسباب الارث. 2 - اقرار المتوفى بالبنوة قبل وفاته. وكان الظاهر لا يكذبه فى اقراره اقرار صحيح شرعا تثبت به البنوة ويترتب عليه جميع الحقوق المشروعة. 3 - البنوة لا تثبت الاقرار إذا صرح المقر باتخاذ المقر له ولدا وليس بولد حقيقى له أو صلح بأنه ابنه من الزنا
السؤال من السيد محمد القبطان المتضمن أن رجلا مسلما تبنى لقيطين وأقر ببنوتهما بمقتضى اشهادين بعد أن تسلمهما من احدى المستشفيات الأميرية وكانا قد سلما للمستشفى بمقتضى محاضر بوليس رسمية بعد أن عثر على اخذهما بتاريخ 17 مايو سنة 1940 والأخر بتاريخ 2 أغسطس سنة 1940 وان سن كل منهما عند الاقرار 3 سنوات وشهور وسأل هل يستحقان شيئا فى تركة المتوفى باعتبارهما ولدين له بالاسناد إلى اقراره بالبنوة الرسمى أمام القاضى شرعا وان كان الواقع المؤيد بالأوراق الرسمية يكذب هذا الاقرار. وذكر فى الطلب ان البنت تزوجت والولد أصبح قادرا على الكسب وقدم - أولا الاعلام الشرعى رقم 107 متتابعة الصادر لدى محكمة العطارين الشرعية بتاريخ 21/12/1943 من المكلفين حسين أفندى حسن وهبة مقاول أعمال وزوجته نعمات عبد الرحيم قناوى الشهيرة بحكمت بأنهما أقرا بأن الطفل حمدى ابنهما وانهما يقران ببنوته وانهما رزقا به على فراش الزوجية الصحيحة شرعا - الثابتة بمقتضى وثيقة رسمية بتاريخ 28 سبتمبر سنة 1933 رقم 7 عملية مأذون شرعى قسم مينا البصل - ثانيا - صورة رسمية من الاشهار رقم 486 متتابعة الصادر من محكمة الاسكندرية الابتدائية الشرعية بتاريخ 1/7/1943 من حسين حسن وهبة والست نعمات عبد الرحيم قناوى الشهيرة بحكمت زوجته بأنهما اقرا بأن فتحية الصغيرة بنتهما وانها هى المرزوقة لهما على فراش الزوجية الصحيحة الثابت فى التاريخ المذكور - واطلعنا على ملف الفتوى المقيد طلبها برقم 1208 سنة 1959 المقدم من الأستاذ محمود وصيف المحامى بالاسكندرية والمتضمن طلب الافتاء فى نفس الحادثة وقد قدم معه صورة شمسية من الاعلام الأول المبين سابقا
الجواب انه بالاطلاع على هذا الاستفتاء وما أرفق به تبين أنه نفس الاستفتاء المقيد برقم 1208 سنة 1959 وقد سبق أن أجبنا عليه بفتوانا رقم 341 سجل 88 وهو نفس جوابنا عن هذا الاستفتاء ونصه كالآتى - نفيد بأن المنصوص عليه شرعا أن من أسباب الارث البنوة الحقيقية وهو أن يكون الابن مولودا للمتوفى من فراش صحيح معترف به أو أن يكون المتوفى قد أقر ببنوته قبل وفاته وكان الظاهر لا يكذبه فى اقراره بأن كان المقر له صغيرا ليس من أهل التمييز مجهول النسب ويولد مثله لمثل المقر شرعا. أما إذا كان المقر له كبيرا فيشترط مع إقرار المتوفى له بالبنوة تصديق المقر له للمقر فى هذا الاقرار. ولا تثبت البنوة بالاقرار إذا صرح المقر بأنه يتخذه ولدا وليس بولد حقيقى أو صرح بأنه ابنه من الزنا ولما كان الولدان صغيرين ومجهولى النسب ويولد مثلهما لمثل المقر وقت الاقرار فيكون اقرار الرجل المذكور ببنوتهما اقرارا صحيحا شرعا تثبت به بنوتهما الشرعية له ويترتب على هذا الاقرار جميع الحقوق التى للأبناء على الآباء ومنها أنهما يرثانه شرعا عند وفاته باعتبارهما ولدين له (7/328) ________________________________________ أموال صندوق الادخار والميراث
المفتي حسن مأمون. ذو الحجة سنة 1377 هجرية - 16 من يولية سنة 1958 م
المبادئ 1 - المال المدخر يقسم مع التركة قسمة الميراث إذا لم يكن هناك قانون ينظم أموال الادخار ويبين كيفية توزيعها. 2 - إذا وجد قانون ينظم توزيع المال المدخر يجب العمل به. 3 - بانحصار الارث فى زوجة وأولاد يكون للزوجة الثمن فرضا والباقى للأولاد ذكورا واناثا للذكر مثل حظ الأنثيين
السؤال طلب المدير المساعد لمنطقة قنا التعليمية تقسيم مبلغ استحقه المرحوم محمد عبد المتعال فى صندوق الادخار بين ورثته وفد توفى بتاريخ 14 فبراير سنة 1954 عن ورثته وهم زوجته سعاد محمد وأولاده رجاء ونوال وناهد وجمال فقط
الجواب إذا لم يكن هناك قانون ينظم أموال الادخار وكيفية توزيعها بعد وفاة المدخر فإننا نرى أنه يوزع طبقا لأحكام قانون المواريث وحينئذ يكون لزوجته ثمن تركته ومنها المبلغ المطلوب تقسيمه فرضا لوجود الفرع الوارث والباقى لأولاده للذكر منهم ضعف الأنثى تعصيبا وهذا إذا لم يكن للمتوفى المذكور وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة. والله أعلم (7/329) ________________________________________ المنحة والميراث
المفتي حسن مأمون. ذو الحجة سنة 1377 هجرية - 17 من يوليو سنة 1958 م
المبادئ 1 - المنحة إذا اعتبرت تركة تقسم تقسيم التركات. 2 - فان لم تعتبر تركة يطبق فى توزيعها القوانين الموضوعية الخاصة بالمنح والمكافآت. 3 - بانحصار الارث فى أب وأم وزوجة وبنت يكون للبنت النصف فرضا وللزوجة الثمن فرضا وللأم السدس فرضا وللاب الباقى فرضا وتعصيبا
السؤال اطلعنا على الطلب المقدم من السيد / عبد الله محمد المتضمن أن نجله كان عاملا ببلدية القاهرة قسم النظافة وتوفى عن والده ووالدته وزوجته وبنته من زوجة أخرى مطلقة ولم يترك تركة قود منحته نقابة عمال البلدية منحة قدرها 40 جنيها منها 10 جنيها خارجة المتوفى. وطلب السائل الافادة عمن يستحق مبلغ الثلاثين جنيها المذكورة
الجواب ان كان مبلغ المنحة المذكورة معتبرا تركة ويقسم تقسيم التركات يكون لزوجته ثمنه فرضا لوالدته سدسه فرضا لوجود فرع وارث ولبنته نصفه فرضا ولوالده الباقى بعد الثمن والسدس والنصف فرضا وتعصيبا. أما إذا كان مبلغ المنحة يتبع فى توزيعه قانونا خاصا ولا يقسم قسمة التركات فيطبق فى تقسيمه القوانين الموضوعية الخاصة بالمنح والمكافآت. وبهذا علم الجواب على السؤال. والله أعلم (7/330) ________________________________________ مكافأة نهاية الخدمة واعانة النقابات مع الميراث
المفتي حسن مأمون. محرم سنة 1378 هجرية - 22 من يوليو سنة 1958 م
المبادئ 1 - المكافأة والاعانة إذا اعتبرا تركة للمتوفى تقسمان على الورثة تقسيم التركات. 2 - بانحصار الارث فى أب وزوجة وأولاد يكون للأب السدس فرضا للزوجة الثمن فرضا والباقى للأولاد للذكر ضعف الأنثى
السؤال اطلعنا على الطلب المقدم من السيدة فوزية حسن المتضمن أن زوجها المرحوم محمد محمود قابيل (كاتب حسابات بالمطبعة الأميرية) توفى فى مايو سنة 1958 عن زوجته الطالبة ووالده وأولاده ذكرين وأنثى فقط وأولاده من زوجة أخرى متوفاة وطلبت السائلة الافادة عما يستحقه كل وارث فى المكافأة المستحقة للمتوفى وكذا فى الاعانة التى تمنح لهم من النقابة
الجواب انه إذا كانت المكافأة والاعانة تعتبر كل منهما تركة تقسم على الورثة تقسيم التركات يكون لزوجته ثمنها فرضا ولوالده سدسها فرضا لوجود فرع وارث ولأولاده الذكرين والأنثى بعد الثمن والسدس تعصيبا للذكر ضعف الأنثى أما إذا كانت لا تعتبر تركة بل تخضع لقانون موضوعى ينظم توزيعها فتقسم طبق القانون الموضوع فى وعلى الوجه الذى نص عليه فيه وبهذا علم الجواب على السؤال. والله أعلم (7/331) ________________________________________ ميراث المتوفى عنها زوجها
المفتي حسن مأمون. التاريخ 2 من جمادى ثان سنة 1378 هجرية - 13 من ديسمبر سنة 1958 م
المبادئ 1 - من المنصوص عليه شرعا أن المعتدة من طلاق أو وفاة تعتد فى البيت الذى وجبت فيه العدة. 2 - معتدة الوفاة لا تجب لها النفقة بأنواعها ومنها أجر المسكن ومن ثم فلا تقيم أثناء العدة إلا فى نصيبها. 3 - ليس للمتوفى عنها زوجها الحق فى البقاء فى نصيب باقى الورثة بدون أجر. والا فلهم منعها أو اخراجها منه. 4 - بانحصار الارث فى زوجة وأخوين شقيقين ذكر وأنثى يكون للزوجة الربع فرضا وللأخوين الشقيقين الباقى للذكر ضعف الأنثى تعصيبا
السؤال اطلعنا على السؤال المقدم من السيد / عبد الله محمد المتضمن أن المرحوم الحاج توفيق شعير توفى سنة 1958 عن زوجته واخويه الشقيقين ذكر وانثى فقط - وان هذا المتوفى ترك عوامه بشارع الجبلاية رقم 18 بالزمالك وزوجة هذا المتوفى مقيمة بتلك العوامة جميعها وتمنع باقى الورثة من حقهم فيها مدعية أن لها الحق فى البقاء فيها مدة انقضاء عدتها وهى أربعة أشهر وعشرة أيام وهذا الحق لها شرعا وبدون أجر وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما إذا كان يحق لهذه الزوجة البقاء فى العوامة المدة المذكورة جميعها بدون أجر أو لا
الجواب أنه بقسمة تركة هذا المتوفى ومنها العوامة المسئول عنها يكون لزوجته ربعها فرضا لعدم وجود الفرع الوارث ولأخويه الشقيقين الثلاثة الأرباع الباقية للذكر ضعف الأنثى تعصيبا وتثبت ملكية كل وارث من المذكورين فى نصيبه من يوم وفاة هذا المتوفى وله الحق فى الاستيلاء على ريع نصيبه من هذا التاريخ ومن المنصوص عليه شرعا أن المعتدة سواء كانت معتدة من طلاق أو من وفاة تعتد فى البيت الذى وجبت فيه العدة إلا أن معتدة الوفاة لا تجب لها النفقة بأنواعها ومنها أجر سكناها وحينئذ فالمعتدة المسئول عنها تعتد فى نصيبها من هذه العوامة وقدره الربع وإذا لم يكفيها اشترت أو استأجرت من نصيب باقى الورثة ما يكفيها فى ذلك ان كان ذلك فى مقدرتها وليس لها الحق فى البقاء فى نصيب باقى الورثة بدون أجر لهم والا فلهم منعها أو اخراجها من نصيبهم وهذه الأحكام مستفادة من كتابى فتح القدير والبحر ومنه يعلم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالىأعلم (7/332) ________________________________________ الاقرار بالبنوة والميراث
المفتي أحمد هريدى. شوال سنة 1381 هجرية - 28 من مارس سنة 1962 م
المبادئ 1 - الاقرار بالبنوة يثبت به النسب شرعا متى توافرت فيه شروطه ويكون المقر له ولدا للمقر ولكل منهما حقوق قبل الآخر. 2 - يحجب الاخوة لأب بالأخوين الشقيقين. 3 - بانحصار الارث فى زوجة وبنت وأخوين شقيقين يكون للزوجة الثمن فرضا وللبنت النصف فرضا وللأخوين الباقى تعصيبا للذكر ضعف الأنثى
السؤال اطلعنا على السؤال المقدم من السيد أحمد عزت المتضمن أن المرحوم أحمد فهمى توفى سنة 1961 عن ورثته وهم زوجته عين الحياة أمين سعد وبنته التى تبناها وقيدها بشهادة ميلاد وسماها نادية وأخوان شقيقان منصور ومشرفة ولدا العزب أحمد وأخوته لأبيه سيد أحمد ومحمد وابراهيم وفاطمة وتفيدة أولاد العزب أحمد فقط - وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى كيفية تقسيم تركة هذا المتوفى ومن يرث ومن لا يرث ونصيب كل وارث وهل بنته المتبناه تستحق فى تركته شيئا أو لا
الجواب المقرر شرعا أن الاقرار بالبنوة يثبت به النسب شرعا إذا توافرت فيه شروط ثلاثة الأول أن يكون المقر له مجهول النسب والثانى ان يكون المقر له من السن بحيث يولد مثله لمثل المقر والإرث أن يصدق المقر له المقر فى هذا الاقرار إذا كان قد بلغ حد التمييز وأن يكون هذا الاقرار قد جرى على نسق الأوضاع والشروط الواجبة فى الاقرار بصفة عامة - فإذا توفر ذلك فى الاقرار بالبنوة ثبت به النسب وصار المقر له ولدا للمقر وصارت له كل حقوق الولد وعليه واجبات الولد شرعا وبالتالى إذا كان الاقرار فى الحادثة فد توافر فيه ذلك يثبت به النسب شرعا وعلى هذا الاساس تقسم تركة المتوفى على ورثته فيكون لزوجته ثمن تركته فرضا لوجود الفرع الوارث ولبنته نادية النصف فرضا والباقى لأخويه الشقيقين للذكر منهما ضعف الأنثى تعصيبا ولا شئ لأخوته لأبيه لحجبهم بالاخوين الشقيقين وهذا إذا لم يكن للمتوفى المذكور وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة. والله أعلم (7/333) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 8:31 pm | |
| التعويض والادخار والمكافأة فى الميراث
المفتي أحمد هريدى. ذى القعدة سنة 1381 هجرية - 19 من ابريل سنة 1962 م
المبادئ 1 - التعويض بمنزلة مال الدية يقسم قسمة الميراث. 2 - المال المدخر والمكافأة يخضعان للقانون الخاص بالمصلحة التابع لها المتوفى. 3 - إذا لم يكن هناك قانون منظم لكل من مال الادخار والمكافأة قسما قسمة الميراث. 4 - بانحصار الارث فى زوجة وأم وبنت وأخوين شقيقين يكون للزوجة الثمن فرضا وللأم السدس فرضا وللبنت النصف فرضا وللأخوين الشقيقين الباقى تعصيبا
السؤال اطلعنا على السؤال المقدم من الإمام عطية المتضمن أن المرحوم السيد عطية الشرقاوى توفى بحادث حال تأدية عمله بشركة الأسمنت القومية بحلوان عن ورثته وهم زوجته مشرقة الشهيرة بفهيمة محمد عبد ربه ووالدته خديجة ابراهيم حجازى وبنته أصيلة واخوته الأشقاء الامام وعبد اللطيف وبهية أولاد عطية الشرقاوى فقط وان لهذا المتوفى تعويضا ومكافأة ومال ادخار وطلب بيان الحكم الشرعى فى كيفية تقسيم هذه الأموال ونصيب كل وارث
الجواب ان مال التعويض بمنزلة مال الدية ومال الدية يقسم قسمة الميراث - أما مال الادخار والمكافأة فان كلا منهما يخضع للقانون الخاص بالمصلحة التى يتبعها هذا المتوفى فإذا لم يكن هناك قانون منظم لكل من مال الادخار والمكافأة فانهما يقسمان قسمة الميراث أيضا وفى هذه الحالة. فان هذه الأموال جميعها تقسم بين ورثته المذكورين فيكون لزوجته الثمن فرضا ولوالدته السدس فرضا لوجود الفرع الوارث ولبنته النصف فرضا والباقى لأخوته الأشقاء للذكر منهم ضعف الأنثى تعصيبا وهذا إذا لم يكن للمتوفى المذكور وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة (7/334) ________________________________________ الحق فى الارث وتقادم الزمان
المفتي أحمد هريدى. ذى الحجة سنة 1381 هجرية - 22 من مايو سنة 1962 م
المبادئ 1 - المقرر شرعا أن الحق فى الارث لا يسقط بتقادم الزمان. 2 - لا تسمع الدعوى بالارث أمام القضاء بمضى المدة المقررة مع الانكار والتمكن وعدم العذر الشرعى. 3 - يبدأ من التركة بتجهيز الميت إلى قبره ثم سداد ديونه ثم تنفيذ وصاياه والباقى بعد ذلك يكون هو التركة التى توزع شرعا على الورثة
السؤال من السيد / يوسف سعد المتضمن أن خليفة مروان خطاب توفى بتاريخ 18/11/1982 عن ورثته وهم زوجته حفيظة حسن سلامة أولاده محمد ونظيمة ولطيفة وترك ميراثا شرعيا قسم بعضه على جميع الورثة وترك 3 قراريط و 2 فدان ومنازل لم تقسم للآن، ثم توفيت بعده زوجته حفيظة حسن سلامة بتاريخ 16/9/1940 عن أولادها محمد خليفة ونظيمة خليفة ولطيفة وتركتها هى نصيبها فى تركة زوجها خليفة مروان خطاب، ثم توفى ابنها محمد خليفة بتاريخ 26/1/1952 عن زوجته حبيبة دياب وأولاده محمد ونبوية ومنيرة وبهية وان محمد محمد خليفة ابن ابن المتوفى الأول قد تعرض لباقى ورثة جده خليفة مروان خطاب فى القدر الذى لم يقسم من الأطيان والمنازل وقرر أنه لاحق للورثة فى أطيان جده خليفة مروان بعد مضى 33 سنة، وطلب السائل بيان حكم الشرعى فى ذلك وهل يسقط حق الورثة الأصليين فى ميراثهم عن والدهم بطول المدة
الجواب المقرر شرعا أن الحق لا يسقط بتقادم الزمان وأن عدم سماع الدعوى فى الارث بمضى ثلاث وثلاثين سنة مع الانكار والتمكن وعدم العذر الشرعى ليس مبنيا على سقوط الحق فى ذاته - وانما هو مجرد منع للقضاة من سماع الدعوى مع بقاء الحق لصاحبه. حتى لو أقر به الخصم يلزمه، والمنصوص عليه قانونا أن القضاة ممنوعون من سماع الدعوى التى مضى عليها خمس عشرة سنة مع تمكن المدعى من اقامتها وعدم العذر الشرعى فى عدم اقامتها إلا فى الارث والوقف فانه لا يمنع من سماعها إلا بعد مضى ثلاث وثلاثين سنة مع التمكن وعدم العذر الشرعى - وهذا كله مع الانكار للحق فى تلك المدة، والمقرر فقها قانونا أن تركة المتوفى التى تورث عنه بعد وفاته هى الباقى بعد تجهيزة وتكفينه ودفنه ثم سداد ديونه. ثم تنفيذ الوصايا سواء كانت واجبة أو اختيارية، ويتضح مما ذكر أن الحق لا يسقط مهما طالت المدة وانما يسقط حق المطالبة - بمضى المدة المقررة فلا تسمع الدعوى به أمام القضاء، وظاهر من حادثة السؤال أنه ليس هناك نزاع ولا انكار فى صفة الوراثة ولا فى أن المقدار المشار إليه بالسؤال من الأطيان والمنازل من تركة المتوفى الأول خليفة مروان خطاب فيكون من حق ورثته جميعا اقتسام جميع تركته بينهم بمقدار الأنصباء الشرعية طبقا لأحكام قانون المواريث رقم 77 سنة 1943 ولا محل للاعتراض بالنسبة للمقدار 3 قراريط، 2 فدان والمنازل التى لم يقسم من قبل واذن تقسم جميع تركة خليفة مروان خطاب المتوفى فى 28/11/1928 بين ورثته بما فى ذلك الأطيان والمنازل التى لم تقسم إلى الآن ومن ذلك يعلم الجواب عما جاء بالسؤا ل (7/335) ________________________________________ ميراث من أسلم بعد وفاة مورثه
المفتي أحمد هريدى. شوال سنة 1380 هجرية - 8 من ابريل سنة 1961 م
المبادئ 1 - اتحاد الدين واختلافه معتبر عند وفاة المورث بالنسبة للوارث. 2 - بانحصار الارث فى زوجة وابن أسلم بعد وفاة والده يكون للزوجة الثمن فرضا وللابن الباقى تعصيبا لاتحاده فى الدين مع أبيه حين وفاته
السؤال اطلعنا على السؤال المقدم من عبد الله أحمد المتضمن وفاة حكيم ابراهيم سنة 1943 عن ورثته وهم زوجته عديلة حنا وبنتاه أنصاف وجيفيان واخواته الأشقاء حبيب وعبد السيد وباخوم ابناء ابراهيم ملطى فقط ثم وفاة حبيب ابراهيم ملطقى سنة 1952 عن ورثته وهم زوجته اجبة مرقص وابنه رمزى فقط وبعد وفاة هذا المتوفى اعتنق ابنه رمزى المذكور الدين الإسلامى بتاريخ 30/4 سنة 1958 وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى كيفية تقسيم تركة كل متوفى ونصيب كل وارث وهل اعتناق رمزى المذكور للدين الإسلامى بعد وفاة والده يؤثر فى القدر الذى ورثه أولا
الجواب بوفاة حكيم ابراهيم عن ورثته يكون لزوجته ثمن تركته فرضا لوجود الفرع الوارث ولبنتيه الثلثان مناصفة بينهما فرضا والباقى لأخوته الأشقاء بالتساوى بينهم تعصيبا وبوفاة حبيب ابراهيم ملطى سنة 1956 عن ورثته المذكورين يكون لزوجته ثمن تركته فرضا لوجود الفرع الوارث والباقى لابنه رمزى تعصيبا لأنه كان متحدا فى الدين مع أبيه حين الوفاة وهو الوقت الذى تثبت فيه الوارثة وينتقل الارث فيعتبر اتحاد الدين أو اختلافه فى ذلك الوقت - أما اعتناق ابنه رمزى الإسلام بعد ذلك فلا أثر له مطلقا ولا يمنعه من الميراث شرعا والله أعلم (7/336) ________________________________________ الاتهام بالقتل عند عدم الثبوت لا يمنع من الميراث
المفتي أحمد هريدى. شعبان سنة 1381 هجرية - 11 من يناير سنة 1962 م
المبادئ 1 - من شروط التوارث وفاة المورث حقيقة أو حكما وحياة الوارث بعد ذلك. 2 - إذا لم يثبت بطريق يقينى أى المتوفيين مات أولا وأيهما مات ثانيا فلا توارث بينهما ويرث كلا منهما ورثته الآخرون. 3 - اتهام الزوج وأم الزوجة بقتل الزوجة وولدها بغير دليل صحيح لا يحرمهما من الميراث. 4 - استغراق أصحاب الفروض للتركة مانع من ميراث العصبة. 5 - بنت الأخ من ذوى الأرحام المؤخرين فى الميراث عن أصحاب الفروض والعصبات. 6 - بانحصار الارث فى زوج وأم وأخت شقيقة وأختين لأم يكون للزوج النصف فرضا وللام السدس فرضا وللاخت الشقيقة النصف فرضا وللأختين لأم الثلث مناصفة بينهما فرضا وفيما عول. 7 - بانحصار الارث فى أب وجدة لأم يكون للجدة لأم السدس فرضا وللأب الباقى تعصيبا
السؤال اطلعنا على السؤال المقدم من عبد الحميد أحمد المتضمن أن زوجة السائل ف م د وابنه مسامح واجدا مقتولين بالمساقى وقد قرر الطبيب الشرعى بعد الكشف عليهما أن الزوجة مقتولة من منذ خمسة أيام والابن مقتول من منذ أربعة أو خمسة أيام وذلك وقت العثور عليهما وقد اتهم الزوج فى قتلهما واتهمت أم الزوجة أيضا فى قتلهما ولكن جريمة القتل لم تثبت عليهما وحفظ التحقيق كما جاء بالطلب وقدم السائل صورة عرفية من تقرير الطبيب الشرعى دلت على ما ذكر وان الزوجة ف. م توفيت عن ورثتها وهم زوجها ع. أر وأمها س م وأختها الشقيقة س م م وأختاها لأمها وابنا أخيها الشقيق وبنت أخيها الشقيق فقط وتوفى مسامح عن ورثته وهما والده ع أر وجدته لأم فقط وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى كيفية تقسيم تركة كل متوفى ومن يرث ومن لا يرث ونصيب كل وارث
الجواب المقرر شرعا أن شرط التوارث وفاة المورث حقيقة أو حكما وحياة الوارث بعد ذلك فإذا لم يتحقق ذلك لا يجرى التوارث بين الشخصين وفى الحادثة موضوع السؤال لم يثبت بطريق يقينى أى المتوفيين مات أولا وأيهما مات ثانيا فلا يجرى التوارث بينهما شرعا ويرث كلا منهما ورثته الآخرون فإذا كانت المتوفاه ف. م. د توفيت عن زوجها وأمها وأختها الشقيقة وأختها لأمها وابنى أخيها الشقيق وبنت أخيها الشقيق فقط وإذا كان الزوج والأم قد اتهما بقتل هذه المتوفاة ولم يثبت عليهما أنهما قتلاها بدليل صحيح فانهما لا يحرمان من الارث شرعا غذ الحرمان من الارث انما هو للقاتل ولم يثبت انهما قاتلان. واذن يكون زوجها النصف من تركتها فرضا لعدم وجود الفرع الوارث ولأمها السدس فرضا لوجود جمع من الأخوات ولأختها الشقيقة النصف فرضا ولأختيها لأمها الثلث فرضا مناصفة بينهما فأصل المسألة من ستة أسهم وتعول إلى تسعة أسهم وبالقسمة يخص الزوج ثلاثة أسهم ويخص الأم سهم واحد ويخص الأخت الشقيقة ثلاثة أسهم ويخص الاختين لأم سهمان لكل منهما سهم ولا شئ لابنى أخيها الشقيق لأنهما من العصبة ولم يبق لهما شئ من التركة بعد أصحاب الفروض ولا شئ أيضا لبنت أخيها الشقيق لأنها من ذوى الأرحام المؤخرين فى الميراث عن أصحاب الفروض والعصبات. وإذا كان المتوفى مسامح عبد الحميد توفى عن والده وجدته لأمه فقط فيكون لجدته لأمه السدس فرضا ولوالده الباقى تعصيبا وهذا إذا لم يكن لكل متوفى وارث أخر ولا فرع يستحق وصية واجبة ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال والله أعلم (7/337) ________________________________________ التنازل عن الميراث بعد الاستحقاق جائز شرعا
المفتي أحمد هريدى. التاريخ 9 من جماد اخر سنة 1382 هجرية - 6 من نوفمبر سنة 1962 م
المبادئ 1 - بانحصار الارث فى زوجة وبنت واخوة أشقاء يكون لزوجته الثمن فرضا وللبنت النصف فرضا والباقى للاخوة الأشقاء تعصيبا بالسوية بينهم. 2 - تنازل الاخوة الأشقاء عن نصيبهم فى التركة بعد استحقاقهم له للبنت جائز شرعا
السؤال طلبت مديرية أمن الغربية بكتابها رقم 9586 بيان الأنصبة الشرعية لورثة المرحوم حامد عبد الرازق طبيخ المتوفى سنة 1961 عن زوجته الناعسة المرسى طبيخ وبنته جليلة واخوته عبد الرازق ومحمد وبدر (أنثى) أولاد عبد الرازق طبيخ مع أن أخوة المتوفى قد تنازلوا عن نصيبهم فى التركة لبنت أخيهم المتوفى كما جاء بالاقرار المرفق
الجواب أنه بوفاة هذا المتوفى سنة1961 عن المذكورين فقط يكون لزوجته ثمن تركته فرضا لوجود فرع وارث ولبنته نصفها فرضا ولأخوته الباقى بعد الثمن والنصف للذكر منهم ضعف الأنثى تعصيبا لعدم وجود عاصب أقرب، وبما أن الأخوة قد تنازلوا عن نصيبهم فى التركة بعد استحقاقهم له لبنت أخيهم وهو تنازل جائز شرعا فيؤول نصيبهم اليها طبقا لهذا التنازل وعلى ذلك فبقسمة تركة هذا المتوفى إلى ثمانية أسهم يكون لزوجته منها سهم واحد والسبعة أسهم الباقية لبنته - وهذا إذا لم يكن للمتوفى وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة (7/338) ________________________________________ تصحيح توريث فى اعلام شرعى
المفتي أحمد هريدى. التاريخ 18 من مارس سنة 1963 م
المبادئ 1 - ما قضى به الاعلام الشرعى من توريث الجدة لأب مع الأم ومن جعل نصيب الأم هو السدس مع عدم الفرع الوارث ومع عدم الجمع من الاخوة غير صحيح شرعا. 2 - بوفاة المتوفى عن أم وجدة لأب وجد لأب يكون للام الثلث فرضا وللجد لأب الباقى تعصيبا ولا شئ للجدة لأب لحجبها بالأم
السؤال طلبت ادارة التأمين والمعاشات بالقوات المسلحة بكتابها رقم 5484 ومعه الاعلام الشرعى الصادر من محكمة ميت غمر بتاريخ 18 سبتمبر سنة 1962 والمتضمن وفاة محمود محمد السيد محمد الجندى فى سنة 1957 وانحصار ارثه الشرعى فى والدته أمينة محمود محمد واستحقاقها لسدس تركته فرضا وفى جدته لأبيه زينب سيد أحمد حسنين الجندى تستحق سدس تركته فرضا وفى جده لأبيه السيد محمد الجندى ويستحق باقى التركة فرضا وردا والمطلوب له الافادة عما إذا كانت الجدة تستحق فى هذه الحالة فى الميراث من عدمه
الجواب أن ما جاء بالاعلام الشرعى غير صحيح بالنسبة لنصيب الأم ولتوريث الجدة والصحيح هو الآتى - للأم ثلث التركة فرضا لعدم وجود فرع وارث ولا اخوة - وللجد الباقى وهو ثلثا التركة تعصيبا لعدم وجود عاصب أقرب - ولا شئ للجدة لأب لحجبها بالأم (7/339) ________________________________________ ميراث للقيط من المورث بعد ثبوت نسبه
المفتي أحمد هريدى. رجب سنة 1383 هجرية - 25 من نوفمبر سنة 1963 م
المبادئ 1 - ثبوت نسب الولد اللقيط للمتوفى يحجب الأخ الشقيق وأولاد الأخ الشقيق. 2 - متى ثبت نسب الطفل اللقيط للمورث بحكم يكون ابنه شرعا. 3 - بانحصار الارث فى زوجتين وابن يكون للزوجتين ثمن تركته فرضا مناصفة والباقى للابن تعصيبا
السؤال اطعلنا على الطلب المقدم من السيد / محمد أحمد المتضمن أن عم السائل كان قد تسلم طفلا من مصدر حكومى واستخرج له شهادة ميلاد لقيط وأنه صدر حكم من محكمة المنصورة الاستئنافية بقيد هذا الطفل باسم أبيه (العم) المذكور واحدى زوجتيه وقد توفى ذلك العم عن زوجتيه وذلك الطفل وأخ شقيق وأولاد أخ شقيق وطلب السائل الافادة عما إذا كان هذا الولد يحمل لقب الأسرة ويكون له حق الميراث على أنه ابنه عصبا ويمنع باقى الورثة أم لا
الجواب ظاهر من السؤال أنه قد صدر حكم من المحكمة بالحاق نسب ذلك الوالد بالمتوفى وعلى ذلك فيكون ابنة شرعا ويثبت لة جميع الحقوق التى للابناء على الأباء ومنها ارثه إذا توفى. وعلى ذلك فبوفاة المتوفى عن المذكورين بالسؤال يكون لزوجتيه ثمن تركته مناصفة بينما فرضا لوجود فرع وارث والباقى بعد الثمن يكون لذلك الابن تعصيبا. ولا شئ لأخيه الشقيق ولا لأولاد أخيه الشقيق لحجبهم بالابن وهذا إذا لم يكن للمتوفى وارث آخر والله أعلم (7/340) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 8:31 pm | |
| ثبوت النسب بعقد عرفى موجب للميراث
المفتي أحمد هريدى. رجب سنة 1383 هجرية - 26 من نوفمبر سنة 1963 م
المبادئ 1 - متى ثبت نسب الأخ لأم بولادته على فراض زوجية صحيحة شرعا بعقد عرفى كان وارثا ولو لم يقيد فى دفتر المواليد. 2 - بانحصار الارث فى أم وأخوين لأم وعم شقيق يكون للأم السدس فرضا وللأخوين لأم الثلث فرضا بالسوية وللعم الشقيق الباقى تعصيبا
السؤال اطلعنا على الطلب المقدم من السيد / عطا عبد الراضى المتضمن وفاة المرحوم محمود عبد الحليم سنة 1963 عن أمه أنيسة محمود السباعى وأخيه لأمه محمد صابر اسماعيل وعن أخ لأم آخر يدعى سليم أنجبته أمه عن عقد زواج عرفى ولم يقيد دفاتر المواليد وعن عمه الشقيق عبد الحميد أحمد على فقط وطلب السائل بيان نصيب كل وارث
الجواب بوفاة المرحوم محمود عبد الحليم أحمد على سنة 1963 عن المذكورين فقط يكون لأمه سدس تركته فرضا لوجود اثنين من الاخوة والأخويه لأم الثلث مناصفة بينهما فرضا والباقى لعمة الشقيق تعصيبا لعدم وجود عاصب أقرب. هذا وعدم قيد سليم بدفتر المواليد لا يمنع من ارثه شرعا مادام نسبه ثابتا بولادته على فراض زوجية صحيحة شرعا بالعقد العرفى المشار إليه. وهذا إذا لم يكن لهذا المتوفى وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة والله أعلم (7/341) ________________________________________ شبكة الزوجة ميراث عنها
المفتي أحمد هريدى. رمضان سنة 1383 هجرية - 18 من يناير سنة 1964 م
المبادئ 1 - الشبكة للزوجة هبة لها من زوجها وتتم بالقبض وتكون ملكا لها وجزءا من تركتها تورث عنها ان كانت باقية. 2 - مؤخر الصداق ملك خالص للزوجة ومن تركتها ويورث عنها. 3 - متى استغرقت الفروض التركة فلا ميراث للعصبة. 4 - بانحصار الارث فى زوج وأخت شقيقة وأخوة لم يكون للزوج النصف فرضا ولأخت الشقيق النصف فرضا وللأخوة لأم الثلث فرضا بالسوية وفيها عول
السؤال اطلعنا على الطلب المقدم من السيد / سعيد اسماعيل المتضمن وفاة المرحومة زينب اسماعيل عن زوجها وأختها الشقيقة وأخوتها لأمها وأخوتها لأبيها فقط وطلب السائل بيان من يرث ومن لا يرث ونصيب كل وارث وهل من حق زوج هذه المتوفاة رد الشبكة التى قدمها اليها اثناء خطبتها وهل من حق ورثتها مطالبة زوجها بمؤخر صداقها
الجواب بوفاة المرحومة زينب اسماعيل ابراهيم عنتر عن المذكورين فقط يكون لزوجها نصف تركتها فرضا لعدم وجود الفرع الوارث ولأختها الشقيقة النصف فرضا ولأخوتها لأمها الثلث بالتساوى بينهم (الذكر كالأنثى) فرضا والمسألة من ستة أسهم وتعول إلى ثمانية أسهم لزوجها منها ثلاثة أسهم ولأختها الشقيقة ثلاثة أسهم ولأخوتها لأمها سهمان يقسمان بالسوية بينهم (الذكر كالأنثى) ولا شئ لأخوتها لأبيها (ذكورا واناثا) لأنهم عصبة وقد استغرقت أنصباء ذوى الفروض التركة. ولا حق لزوج هذه المتوفاة فى رد شبكتها لأنها هبة قد تمت بالقبض وتملكتها الزوجة وتصبح جزءا من تركمتها وتورث عنها ان كانت باقية ومن حق ورثة هذه المتوفاة مطالقة زوجها بمؤخر صداقها لأنه ملك خالص لزوجته المتوفاة ويصبح من تركتها ويورث عنها وهذا إذا لم يكن لهذه المتوفاة وارث آخر والله أعلم (7/342) ________________________________________ القدر المتصرف فيه قبل الوفاة يخرج عن الملك
المفتي أحمد هريدى. صفر سنة 1387 هجرية - 15 من مايو سنة 1967 م
المبادئ 1 - المنصوص عليه شرعا أن التركة هى ما يتركه المتوفى باقيا على ملكه إلى حين وفاته. 2 - ما تصرف فيه المتوفى قبل وفاته بأى تصرف يكون خارجا عن ملكه ولا يحتسب من تركته. 3 - بانحصار الارث فى زوج وأم وأخوات شقيقات يكون للزوج النصف فرضا وللأم السدس فرضا وللأخوات الشقيقات الثلثان بالتساوى بينهن فرضا وفى المسألة عول
السؤال اطلعنا على السؤال المقدم من محمد كمال الدين ابراهيم المتضمن وفاة أحمد ابراهيم بتاريخ 8/8/1959 عن ورثته وهم زوجته أم السعد محمد علام وبناته فتحية ونعيمة وعطيات وهانم وصفية وعلية وفوزية وصباح واعتماد وأخوته الأشقاء خليل ومحمد كمال الدين ونفيسة وفاطمة وزينب وعديله ورقية وأم الرزق أولاد إبراهيم خليل فقط، ثم وفاة علية أحمد ابراهيم عن ورثتها وهم زوجها ابراهيم محمد السرى ووالدتها أم السد محمد علام وأخواتها الشقيقات فتحية ونعمة وعطيات وهانم وصفية فوزية وصباح واعتماد بنات أحمد ابراهيم خليل وعماها الشقيقان خليل ومحمد كمال الدين ابنا ابراهيم خليل وعماتها الشقيقات نفيسة وفاطمة وزينب وعديلة ورقية وأم الرزق بنات ابراهيم خليل فقط وان المتوفى الأول أحمد ابراهيم خليل قد باع ما يملكه من أطيان وعقارات بعقد عرفى لزوجته وبناته وقد صدر حكم من المحكمة المختصة بصحة البيع فى بعضها على اعتبار أنه وصية والبعض الآخر على انه هبة صحيحة وأبطل البيع فيما عدا ما نص عليه بصحته بالحكم المذكور وطلبت بيان الحكم الشرعى فى كيفية تقسيم تركة كل متوفى ونصيب كل وارث
الجواب المنصوص عليه شرعا ان التركة هى ما يتركه المتوفى باقيا على ملكه إلى حين وفاته وأما ما تصرف فيه بطريق البيع أو الهبة أو أى تصرف آخر قبل الوفاة فيكون خارجا عن ملكه ولا يحتسب من تركته التى تقسم بين ورثته وبناء على ذلك يكون ما نص عليه بصحته مما ورد بالعقد العرفى وصدر به الحكم لا يكون من التركة ويكون ملكا لمن صدر لهم التصرف من المتوفى وحكم به وما بقى بعد ذلك سواء ما أبطلت فيه المحكمة التصرف أو ما بقى على ملكه ولم يتناوله عقد البيع العرفى يكون هو التركة التى تقسم بين ورثته وبوفاة هذا المتوفى أحمد ابراهيم خليل عن ورثته المذكورين يكون لزوجته ثمن تركته فرضا لوجود الفرع الوارث ولبناته الثلثان بالتساوى بينهن فرضا والباقى لأخوته الأشقاء للذكر منهم ضعف الأنثى تعصيبا لعدم وجود عاصب أقرب. وبوفاة عليه أحمد ابراهيم عن ورثتها المذكورين يكون لزوجها نصف تركتها فرضا لعدم وجود الفرع الوارث ولأمها السدس فرضا لوجود جمع من الأخوات ولأخواتها الشقيقات الثلثان بالتساوى بينهن فرضا. فأصل المسألة من ستة أسهم وتعول إلى ثمانية أسهم فيكون لزوجها منها ثلاثة أسهم ولأمها سهم واحد ولأخواتها الشقيقات أربعة أسهم تقسم بينهن بالتساوى ولا شئ لعميها الشقيقين لاستغراق التركة بأصحاب الفروض ولا شئ أيضا لعماتها الشقيقات لأنهن من ذوى الأرحام المؤخرين فى الميراث عن أصحاب الفروض والعصبات وهذا إذا لم يكن لكل متوفى وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة والله سبحانه وتعالى أعلم (7/343) ________________________________________ الوصية الواجبة للطبقة الأولى من أولاد البنات فقط
المفتي أحمد هريدى. صفر سنة 1387 هجرية - 16 من مايو سنة 1967 م
المبادئ 1 - أولاد ابن البنت المتوفاة قبل أمها لا يستحقون بطريق الوصية الواجبة لأنها خاصة بالطبقة الأولى من أولاد البنات فقط وهم من ذوى الأرحام المؤخرين فى الميراث عن أصحاب الفروض والعصبات. 2 - بانحصار الارث فى بنتين وأخوات لأب يكون للبنتين الثلثان مناصفة بينهما فرضا والثلث الباقى للأخوات لأب بالتساوى بينهن تعصيبا
السؤال اطلعنا على الطلب المقدم من السيدة / حميدة أحمد المتضمن وفاة المرحومة حبيبة مصطفى سنة 1966 عن بنتيها حميدة ورتيبة بنتى أحمد ابراهيم وعن أخواتها لأبيها نعيمة وزيكة وصلوحة بنات مصطفى أحمد وعن أولاد ابن بنتها حسين وسيد وحسنى وأمال أولاد صالح سيد قطب فقط وطلبت السائلة بيان نصيب كل وارث هل أولاد ابن بنتها المتوفاة قبلها يستحقون شيئا عن طريق الوصية الواجبة أم لا
الجواب بوفاة المرحومة حبيبة مصطفى أحمد سنة 1966 عن المذكورين فقط يكون لبنتيها حميدة ورتيبة ثلثا تركتها مناصفة بينهما فرضا والثلث الباقى لأخواتها لأبيها بالتساوى بينهن تعصيبا لصيرورتهن مع البنتين عصبة بمنزلة أخ لأب ولا شئ لأولاد ابن بنتها لا عن طريق الميراث لأنهم من ذوى الأرحام المؤخرين فى الميراث عن أصحاب الفرض والعصبات ولا عن طريق الوصية الواجبة - لأن الوصية الواجبة خاصة بأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات وذلك تطبيقا للمادة 76 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 والله أعلم (7/344) ________________________________________ هبة وميراث
المفتي أحمد هريدى. رجب سنة 1387 هجرية - 18 من أكتوبر سنة 1967 م
المبادئ 1 - المقرر شرعا أن من موانع الرجوع فى الهبة موت أحد العاقدين الواهب أو الموهوب له. 2 - بوفاة الزوجة عن زوجها الذى وهب لها مبلغا من المال صار المبلغ الموهوب من ضمن تركتها يورث عنها ان كان باقيا
السؤال اطلعنا على الطلب المقدم من السيد / محمد محمد المتضمن وفاة امرأة عن زوجها وعن ابنها فقط وكان زوجها المذكور قد أعطى زوجته المتوفاة المذكورة مبلغا وقدره خمسمائة جنيه على سبيل الهبة لخدمتها له أثناء مرضه الذى امتد ثمانية عشر عاما. كما جاء بالسؤال ثم توفى الزوج الواهب وطلب السائل بيان هل من حق ورثة هذا الزوج شرعا استرداد المبلغ المذكور الموهوب أم يصبح هذا المبلغ من ضمن تركة هذه الزوجة ويقسم قسمة الميراث
الجواب المقرر شرعا أنه من موانع الرجوع فى الهبة موت أحد العاقدين الواهب أو الموهوب له وفى حادثة السؤال يقرر السائل أن الزوجة الموهوب له توفيت كما توفى الزوج الواهب وبهذا لا يحق لورثة الزوج الواهب المطالبة بشئ من المبلغ الموهوب وقدره خمسمائة جنيه ويصبح حقا خالصا للزوجة الموهوب لها ويصير من ضمن تركتها يورث عنها ان كان باقيا ولأن الزوجية والوفاة من موانع الرجوع فى الهبة شرعا وبوفاة هذه الزوجة عن المذكورين فقط يكون لزوجها ربع تركتها فرضا لوجود الفرع الوارث والباقى لابنها تعصيبا وهذا إذا لم يكن لهذه المتوفاة وارث آخر غير من ذكر ولا فرع يستحق وصية واجبة والله أعلم (7/345) ________________________________________ مؤخر صداق الزوجة المتوفاة تركة
المفتي محمد خاطر. شعبان سنة 1395 هجرية - 17 من أغسطس سنة 1975 م
المبادئ مؤخر صداق الزوجة المتوفاة دين فى ذمة زوجها يضاف إلى تركتها ويقسم قسمة الميراث
السؤال اطلعنا على الطلب المقدم من السيد رقيب أول فتحى أحمد المتضمن وفاة المرحومة هلالية أحمد سنة 1975 عن زوجها صدقى عبيد بدوى وأمها فاطمة عبد الوهاب جمعة وأخوتها الأشقاء فتحى (الطالب) ومحمد وابراهيم وحمادة ورضا (ذكر) فقط. وطلب السائل الافادة عن نصيب كل وارث فى تركة المتوفاة المذكورة كما طلب الافادة عن الحكم بالنسبة لمؤخر الصداق أم مقدم الصداق فقد قرر السائل أنه قد تم قبضه عند العقد
الجواب المقرر فقها أن المهر يجب بالعقد ويتأكد جميعه بأمور منها وفاة أحد الزوجين وعلى هذا فبوفاة الزوجة موضوع السؤال تستحق الزوجة المذكورة جميع المهر مقدمه ومؤخره ويعتبر مؤخر الصداق دينا فى ذمة الزوج يضاف إلى تركتها ويقسم مع باقى تركتها على ورثتها الشرعيين وبوفاة الزوجة المذكورة المرحومة هلالية أحمد عبد الفضيل سنة 1975 عن المذكورين فقط يكون لزوجها نصف تركتها فرضا لعدم وجود الفرع الوارث ولأمها سدسها فرضا لوجود جمع من الاخوة ولأخوتها الأشقاء الباقى بعد النصف والسدس - وهو الثلث بالسوية بينهم تعصيبا لعدم وجود عاصب أقرب وهذا إذا لم يكن للمتوفاة المذكورة وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة. والله سبحانه وتعالى أعلم (7/346) ________________________________________ ميراث زوجة بعقد عرفى
المفتي محمد خاطر. جمادى الأولى سنة 1397 هجرية - 7 من مايو سنة 1977 م
المبادئ 1 - لا تسمع عند الانكار دعوى الزوجية أو الاقرار بها إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية. 2 - إذا صادق ورثة المتوفى على عقد الزواج العرفى سمعت الدعوى وثبتت الزوجية به واستحقت الزوجة به ميراثا فى زوجها المتوفى. 3 - لا تسمع دعوى الزوجية إذا لم يصادق ورثة المتوفى على عقد الزواج العرفى ولا تستحق المدعية به ميراثا
السؤال اطلعنا على الطلب المقدم من السيد / جليلة عبده المتضمن أن السائلة تزوجت بشخص وأنجبت منه أولادا ثلاثة ثم طلقت منه طلاقا أول على الابراء بوثيقة رسمية - وأثناء وجود السائلة فى عدة هذا الطلاق راجعها الزوج ثانية بعقد عرفى على يد شهود وقد وعدها هذا الزوج باثبات هذا العقد رسميا وانقضى على ذلك عشر سنوات - وقد توفى هذا الزوج قبل أن يثبت هذا العقد رسميا وقصة هذا العقد مشهورة فى البلدة - قود ترك هذا المتوفى تركة وله زوجة أخرى غير سائلة. وطلبت السائلة بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع وهل لها الحق شرعا فى ميراث هذا الزوج أم لا
الجواب تنص الفقرة الأخيرة من المادة 99 من القانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة المحاكم الشرعية على أنه (لا تسمع عند الانكار دعوى الزوجية أو الاقرار بها إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية فى الحوادث الواقفة من أول أغسطس سنة 1931 وعلى هذا فإذا كان عقد الزواج العرقى المسئول عنه قد صدر بعد أول أغسطس سنة 1931 وصادق عليه ورثة المتوفى فان دعوى الزوجية والحالة هذه تكون مسموعة شرعا وتكون الزوجية ثابتة به ويكون للسائلة الحق فى ميراث زوجها المتوفى المذكور فتستحق هى والزوجة الأخرى الثمن بالسوية بينهما فرضا لوجود الفرع الوارث - أما إذا لم يصادق ورثة المتوفى الذكور على هذا العقد وانكروه فإن دعوى الزوجية لا تسمع به حينئذ ومن ثم لا تسمع دعواها الوارثة فى تركته بسبب الزوجية طبقا للمادة المذكورة. ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم (7/347) ________________________________________ جميع المهر والشبكة حق للزوجة بوفاة الزوج
المفتي جاد الحق على جاد الحق. ربيع الأول سنة 1399 هجرية - 25 من فبراير سنة 1979 م
المبادئ 1 - بوفاة المتوفى عن زوجة لم يدخل ولم يختل بها يكون ما دفعه لها من مهر وشبكة حق لها. 2 - إذا كان المبلغ المدفوع للزوجة قدر المهر المسمى فى العقد كان هو الواجب وصار ملكا لها - وان كان المسمى أكثر منه فان الباقى منه والمؤجل يصير دينا فى ذمة الزوج يستوفى من التركة. 3 - يحجب الاخوة الأشقاء أو لأب بالأب. 4 - بانحصار الارث فى زوجة ووالدين يكون للزوجة الربع فرضا وللأم السدس فرضا لوجود جمع من الأخوة والباقى للأب تعصيبا
السؤال اطلعنا على الطلب المقدم من السيد / عبد الرحمن عبد اللطيف المتضمن أن للسائل ابنا عقد قرانه على فتاة وأنه قد دفع لها مهرا قدره ألف ومائة جنيه وقدم لها شبكة قيمتها ثلاثمائة وخمسون جنيها وان ابنه قد توفى قبل ان يدخل بزوجته ولم يلتق بها وطلب السائل بيان حق زوجة ابنه التى توفى عنها قبل الدخول بها وحق ورثة ابنه المتوفى وهم والده عبد الرحمن عبد اللطيف، ووالدته وهيبة عبد الجواد وزوجته التى لم يدخل بها ايمان فاروق عبد الحافظ واخوته محمد قاسم وفتحية ووفاء أولاد عبد الرحمن عبد اللطيف فقط
الجواب أولاد المنصوص عليه شرعا ان المهر يتأكد جميعه بأمور منها موت أحد الزوجين قبل الدخول والخلوة ويتقرر جميعه للزوجة وبموت الزوج المذكور فى حادثة السؤال قبل الدخول الخولة فان المهر يتقرر جميعه للزوجة فان كان المبلغ المدفوع قدر المهر المسمى فى العقد كان هو الواجب الذى صار ملكا لها بمجرد القبض. وان كان المسمى أكثر من المبلغ المدفوع فان الباقى من المهر والمؤجل منه يصير دينا فى ذمة الزوج تستوفيه الزوجة من تركة زوجها قبل تقسيمها على الورثة. أما الشبكة فانها بتسليمها للزوجة حال حياة الزوج قد صارت ملكا لها حتى على فرض انها هبة إذ أنه لا يصح الرجوع فيها بوفاته. ومن ذلك يتبين أن جميع ما قبضته زوجته صار ملكا لها ولا حق لأحد فى الرجوع عليها بشئ من المهر والشبكة لتأكدهما بالموت. ثانيا بوفاة هذا الزوج عن المذكورين فقط يكون لزوجته ربع تركته فرضا لعدم وجود الفرع الوارث ولوالدته سدسها فرضا لوجود عدد من الاخوة ولوالده الباقى بعد الربع والسدس تعصيبا لعدم وجود عاصب أقرب. ولا شئ لأخوته سواء كانوا أشقاء أو لأب لحجبهم بالأب الأقرب منهم جهة وهذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال ولم يكن لهذا المتوفى وارث آخر غير من ذكر والله سبحانه وتعالى أعلم (7/348) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 8:33 pm | |
| زوجة لم يوثق عقد زواجها مع أولاد منها ومن غيرها
المفتي جاد الحق على جاد الحق. جماد آخر سنة 1399 هجرية - 24 من مايو سنة 1979 م
المبادئ 1 - بوفاة المتوفى عن زوجة لم يوثق عقد زواجها رسميا وأولاد منها ومن غيرها يكون لها الثمن فرضا إذا أقر لها الورثة جميعا بالزوجية والباقى لأولاده منها ومن غيرها تعصيبا للذكر ضعف الأنثى إذا أقر أولاده من غيرها بنسبهم من أبيهم. 2 - إذا جحد النسب فعلى أولادها منه اثبات نسبهم بكافة طرق الاثبات الشرعية. 3 - إذا ثبت النسب استحقوا نصيبهم فى الميراث مثل الأولاد الأخرين تماما. 4 - إذا انركت زوجتيها فلا ميراث لها فى التركة
السؤال اطلعنا على الطلب المقدم من السيد / أمين عبد الغنى المتضمن وفاة المرحوم عبد الغنى فراج عن أولاده من زوجته الأولى التى توفيت قبله بعامين وهم أربعة ذكور وأربع اناث. وعن زوجته الثانية التى توفى وهى على قيد الحياة وكان قد تزوجها بدون وثيقة زواج رسمية وعن أولادها منها وهم أربعة ذكور وثلاث اناث فقط. وطلب السائل الافادة عمن يرث ومن لا يرث ونصيب كل وارث
الجواب انه لما كانت المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 تقضى بانه لا تسمع عند الانكار دعوى الزوجية فى الحوادث الواقعة من أول أغسطس سنة 1931 إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية. وكان المتوفى عبد الغنى فراج محمود قد توفى عن زوجة لم يوثق عقد زواجه بها رسميا فانه إذا أقر ورثته المذكورون بهذه الزوجية. يكون لهذه الزوجة من تركته الثمن فرضا لوجود الفرع الوارث. والباقى (بعد الثمن) لأولاده جميعا سواء من الزوجة المتوفاة حال حياته أو ممن بقيت بعده تعصيبا للذكر منهم ضعف الأنثى أما إذا أنكر الورثة أو بعضهم هذه الزوجية فلا تسمع دعواها ولا تنال هذا النصيب من التركة وتكون جميعها لأولاده جميعا للذكر ضعف الانثى تعصيبا إذا لم يجحد أولاد الأولى نسب أولاد الزوجة الأخيرة للمتوفى فإذا جحد أولاد الأولى نسب هؤلاء كان لهم أن يثبتوا النسب بكافة طرق الاثبات الشرعية فإذا ثبت النسب بعد الجحود استحقوا الميراث على وجه ما سبق وهذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال ولم يكن لهذا المتوفى وارث آخر غير من ذكروا ولا فرع يستحق وصية واجبة - والله سبحانه وتعالى أعلم (7/349) ________________________________________ المعاش والتركة
المفتي جاد الحق على جاد الحق. جماد أول سنة 1401 هجرية - 7 من مارس سنة 1981 م
المبادئ 1 - المعاش غير التركة ولو كان استحقاقه بسبب المورث. 2 - يرجع فى المعاش إلى الجهة التى تنظمه
السؤال من السيد / خضر أحمد المتضمن أولاد وفاة المرحوم محمد زكى شعبان الذى ترك زوجته وأولاده القصر واستحقوا بعده معاشا من القوات المسلحة. ثانيا توفى بعده والده المرحوم زكى شعبان وترك زوجتيه وأولاد ابنه المتوفى قبله واستحق ورثته عنه معاشا فهل يستحق أولاد ابن المتوفى الثانى وزوجة ابنه معاشا من معاش هذا الجد أم لا
الجواب أن المعاش وإن كان مستحقا بسبب المورث إلا أنه لا يعتبر من التركة ولذلك تنظمه قوانين المعاشات المختلفة وفى شأن الاستحقاق فى المعاش عن المرحوم زكى شعبان يرجع إلى الجهة المختصة والله سبحانه وتعالى أعلم (7/350) ________________________________________ احداث الزاوية الحمراء
المفتي جاد الحق على جاد الحق. شعبان 1401 هجرية - 25 يونية 1981 م
المبادئ 1 - لا تفرقة فى الإسلام بسبب الدين أو الجنس أو اللون. 2 - دماء غير المسلمين وأموالهم وأعراضهم حرام كحرمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم. 3 - الحوادث الفردية بين مختلفى الديانات يجب وأدها فى الحال قبل اتساع نطاقها
السؤال عن أحداث الزاوية الحمراء فنشر هذا البيان
الجواب بمناسبة حوادث الزاوية الحمراء يوم الأربعاء 17 يونية 1981 أصدرت دار الإفتاء البيان التالى وقد نشر بجريدة الأهرام يوم 20/6/1982 م. لمصلحة من هذا الذى حدث قرأت بأسف شديد الباين الذى أذاعته وزارة الداخلية أمس عن وقوع شجار بين اثنين من المواطنين أحدهما مسلم والآخر قطبى امتدت آثاره إلى قتل وجراح لغيرهما ومآسى أخرى. فتذكرت قول الله سبحانه فى القرآن الكريم {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} الحجرات 13، مساواة تامة فى الإنسانية تتبعها المساواة العادلة فى الحقوق والواجبات، ويؤكد هذا ويشرحة قول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع (أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب وليس لعربى على أعجمى ولا لأعجمى على عربى ولا لأحمر على أبيض ولا لأبيض على أحمر فضل إلى بالتقوى) هذه دعوة الإسلام إلى المساواة تذكيرا لبنى الإنسان أن أصلهم واحد لا تفرقة بسبب الدين أو الجنس أو اللن، بل لقد أوصى الإسلام بغير المسلمين، وأوضح أن لهم ما للمسلمين من حقوق وعليهم ما على المسلمين من واجبات، تسرى على هؤلاء وأولئك قوانين الدولة، إلا أن غير المسلمين تحترم عقائدهم، وما يدينون به. فدماء غير المسلمين وأموالهم وأعراضهم حرام كحرمة دماء وأموال وأعراض المسلمين، حكم بهذا ووصى به رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حين قال (من قذف ذميا حد له يوم القيامة بسياط من نار) . وقال (من آذى ذميا فقد آذانى) وقال (من ظلم معاهدا أو انتقصه حقه أو كلفه فوق كاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا خصمه يوم القيامة) وبهذا العهد كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص، إبان رسول الله خصمك) وقال رضى الله عنه فى عهده لأهل بيت المقدس عقب فتح المسلمين له (هذا ما أعطى عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان أعطاهم أمانا لأنفسهم وأمالهم وكنائسهم) إن الإسلام حين ذكر أخبار الأنبياء السابقين احترمهم جميعا، دفع عنهم الإثم ونفى عنهم العدوان فى سورة الأنبياء، خاطبنا، بل خاطب الإنسانية على امتدادها فقال {إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون} الأنبياء 92، إن الإسلام دين السلام مع الله، ومع الناس، ومع النفس، هكذا فصل القرآن، وبهذا أمر رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام، وما كان الإسلام باغيا ولا متعديا، إنه يدعو إلى الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح، وبالرسل وأنبياء الله السابقين عليه قال تعالى {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله} البقرة 285، وإذا كان لأهل كل دين عقائدهم وأساليبهم الإيمانية فى ظل من حرية العقيدة والعبادة فإن الإسلام قد سبق كل النظم لأنه دين الله، فقرر أن {لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى} البقرة 256، إن أهل مصر اشتهروا فى التاريخ - كل التاريخ - بالأخوة والسماح، ولهذا كانوا غوثا للمظلوم، وموئلا للمطارد يجد عندهم الأمن والأمان. هذه مريم وابنها عيسى عليهما السلام يفدان إلى مصر تضمهما، وتحميهما، وقد كان أمامهما - حين طوردا - جهات ونواح شتى، ولكن الله سحبانه قد اختار لهذه الأسرة المقدسة هجرتها إلى مصر، ووجدت من المصريين كل رعاية وعون، بل وحماية وتقديسا، وها هى مصر فى ظل الإسلام موئل سلالة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين طاردهم الأمويون. أيها المصريون - مسلمين وأقباط - هذا شرف لبلادكم العزيزة الكرمية، هذا رضوان من الله عليها وتكريم لها فصونوا هذه البلاد واحفظوها من الفرقة والاختلاف وحافظوا عليها كما كانت دائما واحة الأمن والأمان. فهكذا كانت مصر وستظل، آمنة بأهلها ويتخطف الناس من حولها، لقد عاش الإسلام والمسيحية هنا هذه القرون، يرتوى المسلمون والمسيحيون من ماء النيل، ويفلحون أرضها، يبذرون الحب ويعتمدون على الرب ويعيشون إخوة متجاورين متحابين. ليتذكر المواطنون أن مصر قد تحررت من الاستعمار بوحدتها، فلنعد إلى التاريخ أيضا ولنطالع تلك الصحائف الغنية صحائف الرجال، الذين تغاضوا عن كل أسباب الفرقة والتباعد فى ثورة الشعب فى سنة 1919، فدخل القص الزهر خطيبا ودخل عالم الأزهر الكنيسة داعيا للوطن والوطنية، والتقت القلوب قبل الكلمات، وكان رصاص العدو لا يفرق بين المسلم والمسيحى، ولقد استمر جهاد المواطنين، دون تراخ أو تباعد عن ساحة الاستشهاد حتى تحررت مصر واستردت ذاتها. ولما نكبت فيما كسبت، وولى أمرها الرشيد من أبنائها، احتسب نفسه وجهده لخلاصها واسترداد كرامتها، فماذا كان كان هذا الإخاء الوطنى فى حرب رمضان 1939 - أكتوبر 1973 أن وقف المصريون، بل الوطن العربى - مسلمين ومسيحيين - يقاتلون، لا يفرقهم الدين، فقد ارتوت أرض المعارك بدماء المسلمين والمسيحيين على السواء، هذا الإخاء فى الوطن، ليس وصية للمسلمين فحسب، بل هو كذلك صلب المسيحية، التى ترفع دائما نداء وشعار المحبة والسلام، والسلام الذى ينادى به الإسلام، ويتمثل فى دعاء الرسول محمخد صلى الله عليه وسلم (اللهم أنت السلام، ومنك السلام وإليك السلام، فحينا ربنا بالسلام) ويقرؤه إخواننا الأقباط فى الأنجيل إذ يقول (المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة) إن الدين بأهله، وعلى أهل الدين - أى دين - أن يحفظوا تعاليمه الحقة، فيؤدون واجباتهم، ويأخذون حقوقهم، وبالكلمة الكيبة الهادئة، وليس باستثارة الطائفية وإثارة البغضاء والشحناء التى تستتبع إرقاة الدماء، وقتل الأنفس التى حرم الله فى جميع شرائعه قتلها إلا بالحق. إنه لا ينبغى أن يتسبب حادث فردى فى هذا الذى رواه بلاغ وزارة الداخلية الذى اهتزت له قلوب المواطنين مسلمين ومسيحيين - فلا أحد فى هذا اولطن يود أن يجرى فيه ما جرى فى غيره. وإذا كان ما حدث قد تولاه المختصون من رجال الأمن والنيابة العامة فليترك الجميع التحقيقات تأخذ سيرها، لتكشف عن الحقيقة فى هذا الأمر، إذ أنى أستبعد أن يقدم مواطن صالح مختص لوطنه ولدينه على إثارة الفتنة وإشاعة الفرقة، وقد يكون وراء هذا دوافع ليست من أخلاق المواطنين. إن الشياطين يئسوا من الاستجابة لهم، فيما حاولوا ويحاولون من فتن واضطراب فركبوا موجة اختلاف الدين والطائفية، لانهم يعلمون أن شعب مصر، شعب متدين، جاءوا ليلبسوا عليهم دينهم، ويدفعوهم ليخلطوا عملا صالحا وآخر سيئا. أيها المواطنون - أقباطا ومسلمين - لا تدعوا لشياطين الإنس سبيلا للتفرقة بينكم تحت أى شعار، إن أعداء الوطن يتربصون به. {والله من ورائهم محيط} البروج 20، إن الله نصحنا فى القرآن الكريم بقوله سبحانه {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} الأنفال 25، نعم إن الفتن يجب أن توأد فى مهدها، وألا تترك لتزداد اشتعالا بفعل أهل السوء الذين تؤرقهم وحدة هذا الوطن، فهم لا يفترون، يعيثون فى الأرض فسادا وفرقة، والله سبحانه يدعونا بهذه النصيحة إلى أن نأخذ على يد المفسدين بحزم وعزم، وهذا ما نأمل من أولى الأمر لأن معظم النار من المستصغر الشرر. حفظ الله كنانته فى أرضه وأتم عليها نعمة الوحدة والأمن، والله متم نوره - ولو كره الحاقدون - على مصر، أمنها، وأمانها، ووحدتها. وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون، وعندئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، وإنا لهذا النصر لمرتقبون. دعوة قالها نبى وحكاها القرآن {ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين} يوسف 99 (7/351) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 8:34 pm | |
| مهام دار الافتاء بالقاهرة
المفتي جاد الحق على جاد الحق. محرم 1401 هجرية - 3 نوفمبر 1981 م
المبادئ 1 - الإفتاء بيان حكم الله تعالى بمقتضى الأدلة الشرعية على وجه اللعموم والشمول. 2 - أول من قام بالإفتاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم فقهاء الصحابة ومن بعدهم. 3 - قديما كان لكل مديرية أو ولاية مفت، ولوزارة الحقانية مفت، ولوزارة الأوقاف مفت، وفوق كل هؤلاء مفتى السادة الحنفية، أو مفتى الديار المصرية الذى حل محل هؤلاء جميعا الآن. 4 - الفتوى فى القضايا كانت ملزمة للقضاة قديما وغير ملزمة الآن. 5 - ضوابط الفتوى فى قضايا الإعدام، هى الالتزام بعرض الواقعة والأدلة حسبما تحملها أوراق الجناية على الأدلة الشرعية بمعاييرها الموضوعية المقررة فى الفقه الإسلامى. 6 - يعاون المفتى عدد من العلماء المتخصصين فى الفقه الإسلامى والإداريين. 7 - تستقبل دار الإفتاء وفودا من قضاة الأحوال الشخصية فى البلاد الآسيوية الإسلامية للتدريب فيها على أعمال الإفتاء فنيا وإداريا
السؤال من لجنة العدالة - المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية. بالكتاب المؤرخ 30/6/1981 الذى قيد برقم - 361/1981 بدار الإفتاء وقد جاء به إنه قد نشأت بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية فكرة القيام بمسح اجتماعى شاشمل للمجتمع المصرى، يقوم برصد حركة وتحليل واقع المجتمع المصرى وتغيره فى جميع مجالاته، ونظم رفه وحضره فى المرحلة الزمنية من سنة 1952 إلى سنة 1980 بمراحل ثلاث: 1 - مرحلة بداية الثورة من سنة 1952 إلى سنة 1961. 2 - مرحلة تطبيق النظام الاشتراكى من سنة 1962 إلى سنة 1972. 3 - مرحلة الانفتاح الاقتصادى من سنة 1973 إلى سنة 1980. وأن يعنى المسح بالتركيز على دراسة النظم المختلفة للمجتمع المصرى لاسيما ما يتخذه المجتمع من إجراءات وجهود رسمية وشعبية لمقابلة احتياجاته. ومن الموضوعات التى تقوم لجنة العدالة بدارستها ومسحها موضوع الإفتاء من حيث النشأة والتطور، والقوانين المنظمة وعدد القضايا والفتاوى وأنواعها، وضوابط الفتوى فى قضايا الإعدام، والجهاز الفنى والإدارى. وأن اللجنة قد ارتأت إسناد وضع تقرير شامل حسب تلك العناصر إلى المفتى خدمة للوطن
الجواب استجابة لهذا الكتاب تحرر التقرير التالى: 1 - تمهيد (أ) الإفتاء فى اللغة العربية أفتاه فى الأمر أبانه له. وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى فى عديد من الآيات (سورة النساء 127، 176 وسورة يوسف 43 وسورة الصافات 11) وفى اصطلاح علماء الفقه الإسلامى وأصوله. أن الإفتاء. بيان حكم الله تعالى بمقتضى الأدلة الشرعية على جهة العموم والشمول. ومن عباراتهم فى شأن المفتى: المفتى قائم فى الأمة مقام النبى صلى الله عليه وسلم، لأن العلماء ورثة الأنبياء كما يدل عليه الحديث الشريف (ان العلماء ورثة الأنبياء، ان الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم) . والمفتى نائب فى تبلغ الأحكام. وهذا معنى كونه قائما مقام النبى (ب) مكانة الإفتاء قال الإمام النووى فى كتابه المجموع شرح المهذب للشيرازى. اعلم أن الإفتاء عظيم الخطر، كبير الموقع، كثير الفضل، لأن المفتى وارث الأنبياء صولات الله وسلامه عليهم، وقائم بفرض الكفاية، لكنه معرض للخطأ. ولهذا قالوا المفتى موقع عن الله تعالى (ج) حكم الإفتاء تكاد نصوص الفقهاء تتفق على أن تعليم الطالبين، وإفتاء المستفتين فرض كفاية، فإن لم يكن وقت حدوث الواقعة المسئول عنها إلا واحد تعين عليه فإذا استفتى وليس فى الناحية غيره تعين عليه الجواب، فإن كان فيها غيره وحضر فالجواب فى حفهما فرض كفاية، وإن لم يحضر غيره، وجهان أصحهما لا يتعين والثانى يتعين. (د) أول من قام بالإفتاء كان هذا مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم من بعده فقهاء أصحابه والتابعين ثم الفقهاء المجتهدون فى الشريعة وعلماء المسلمين بشروط استوجبوا توافرها فيمن يتصدى للافتاء، وقد استنبطوا تلك الشروط من أصول الشريعة. (الفتاوى الإسلامية من دار الافتاء المصرية طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية المجلد الأول فى التقديم والتصدير ففيها من ص 5 حتى 32 بيان لكل ما يتعلق بالافتاء من أحكام وأسانيدها ومراجعها الفقهية والأصولية) وأهمية الإفتاء فى هذا العصر ان فيها (فقه وتطبيق الواقعات الجديدة، وهى فى ذات الوقت منهل حافل، ينهل منه الدارسون لعلوم الاجتماع والتاريخ والسياسة والاقتصاد، إذ تحمل الاستفتاءات الرسمية، والشعبية صورة لواقع حياة الناس فى مصر، وبل وربما فى العالم الإسلامى) (المرجع السابق ص 5) والإفتاء صنو القضاء فى النشأة، فقد قاما فى حياة المسلمين معا منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه كان المبلغ وحيا عن الله، والمفتى للناس الأحكام، والقاضى يفصل فى الأنزعة وفق ما يسمع من دعاوى وأدلة يبين كل ذك بأصلو قررها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يزال القضاء والفتوى يجريان عليها. 2 - نشأة دار الافتاء المصرية، ولقب مفتى الديار المصرية لم أعثر - بالرغم مما بذل من جهد فى البحث والرجوع إلى المصادر التاريخية بل وسؤال بعض المؤرخين الاسميين المعاصرين - على بدء إنشاء دار الإفتاء بواقعها الحالى فيما قبل - شهر جمادى الآخرة سنة 1313 هجرية نوفمبر سنة 1895 م، وفقط، قد تردد لقب المفتى، أو مفتى الديار المصرية، فى بعض اللوائح والقوانين الصادرة فيما قبل هذا التاريخ على ما سنبينه فيما بعد أما هذا التاريخ. فهو التاريخ الذى وجدناه مدونا فى افتتاح السجل الأول من مكتبة دار الإفتاء ونص المديون به هو دفتر قيد فتاوى الديار المصرية المحولة على حضرة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر مولانا الشيخ حسونة النواوى بأمر عال صادر لنظارة الحقانية بتاريخ 21 نوفمبر سنة 1895 نمرة 10 وبلغ لحضرته من النظارة المذكورة بتاريخ 7 جمادى الثانية سنة 1313 هجرية نمرة 55 وعلى الله حسن الختام، ثم كان تعيين الإمام الشيخ محمد عبده. وقد وجد مدونا فى افتتاح فتاويه بالسجل الرقيم 2 من سجلات الفتاوى قرار تعيينه مفتيا بالعبارات التالية صدر أمر عال من المعية السنية بتاريخ 3 يونية سنة 1899 م - 24 محرم سنة 1317 هجرية نمرة 2 سايرة صورته فضيلتلو حضرة الشيخ محمد عبده مفتى الديار المصرية بناء على ماهر معهود فى حضرتكم من العالمية وكمال الدراية قد وجهنا لعهدتكم وظيفة إفتاء الديار المصرية، وأصدرنا أمرنا هذا لفضيلتكم للمعلومية والقيام بهمام هذه الوظيفة. عطو فتلو الباشا رئيس مجلس النظار بذلك. الختم عباس حلمى وهكذا تتابع تعيين المفتين باسم مفتى الديار المصرية بقرار من رئيس الدولة، وإن كان منذ قيام الجمهورية يسمى باسم مفتى جمهورية مصر العربية (المرجع السابق ص 34 و 35) . 3 - إفتاء الديار المصرية قبل جمادى الآخرة سنة 1313 هجرية نوفمبر سنة 1985 م يدل استقراء الوثائق التاريخية التى تحت أيدينا على أنه كان لكل مذهب من المذاهب الأربعة مفت، فهناك مفتى الحنفية، ومفتى المالكية، ومفتى الشافعية ومفتى الحنابلة، وكان يطلق على هؤلاء المفتين أيضا شيوخ المذاهب، وكان المفتى الحنفى هو الذى يطلق عليه لقب مفتى الديار المصرية، أو مفتى افندى الديار المصرية. ففى ولاية محمد على باشا عام 1245 هجرية - 1829 م. كان تأليف مجلس الشورى، ويضم نقيب الأشراف، والشيخ الأمير مفتى المالكية، والشيخ محمد المهدى مفتى الحنفية. وفى عام 1258 هجرية - 1842 م كان استفتاء الوالى إلى المفتى فى جواز تصرف الفلاحين فى ممتلكاتهم بالبيع والهبة والوقف. وفى ولاية عباس باشا الأول عام 1265 هجرية - 1849 م كان تأليف المجلس الخصوصى ويضم مفتى الحنفية، وشيخ الأزهر. وبالمناوبة الشيخ السادات والشيخ البكرى (وهما نقيبا الأشراف) . وفى ولاية اسماعيل باشا عام 1280 هجرية - 1863 م كان رفع مرتب فمتى المالكية الشيخ عليش إلى 1500 قرشا. وفى عام 1281 هجرية - 1864 م كان تحديد مرتبات (كلمة مفاتى جمع تكسي شاذ وغير صحيح، ومفرده مفتى، وجمعه الصحيح جمع مذكر سالم فيجمع على مفتين) مفاتى مجالس مصر والاسكندرية والأقاليم. وفى عام 1282 هجرية - 1865 م صدر أمر عال إلى ناظر الداخلية يتضمن إشارة صريحة إلى مفتى الديار المصرية ويطالب بوضع تشريع لمعاقبة من يتصدى للإفتاء دون (رخصة) وهذا الأمر صادر من الخديو فى 11 رجب 1281 هجرية. وفى عام 1288 هجرية - 1781 م كان تعيين الأستاذ الأنور مفتى السادة الحنفية، وشيخ الأزهر عضوين بالمجلس المخصوص. وفى ولاية عباس باشا الثانى 1313 هجرية - 1895 م كان الأمر العالى بإسناد إفتاء الديار المصرية إلى شيخ الأزهر حسونة النواوى (مرجع هذه البيانات هو المؤرخ الإسلامى الدكتور أحمد عطية الله نقلا عن كتاب تقويم النيل للمرحوم أمين باشا سامى) هذا وقد تردد لقب مفتى الديار المصرية غير ما سلف ذكره فيما يلى (أ) كتابى نظارة الجهادية فى 5، 12 صفر سنة 1298 هجرية إلى مفتى أفندى وإلى شيخ الجامع الأزهر فى شأن الشهادات التى من مشيخة الجامع الأزهر إلى المشتغلين بطلب العلم الشريف. (ب) قرار نظارة الداخلية فى يولية سنة 1885 م بتشكيل مجالس التأديب للمديريات والمحافظات ولمصلحة بيت المال، ومن بين أعضاء مجلس تأديب هذه المصلحة - المفتى. (ج) جاء فى الأمر العالى فى 26 مارس سنة 1885 م الخاص بالقرعة العسكرية (التجنيد) فى الاستثناء والمعافاة من الخدمة العسكرية فى المادة - 26 - أن حملة القرآن الشريف يعفون من الخدمة العسكرية إذا خلوا من أى عمل آخر، ويمتحنون فى القرآن بحضور مجلس القرعة، بمعرفة القاضى، والمفتى (والمقصود هنا مفتى الإقليم وليس مفتى الديار المصرية) . (د) فى الأمر العالى إلى رياسة المجلس الخصوصى فى 5 ربيع الثانى سنة 1290 هجرية نمرة - 275 باختصاص (مفاتى) المجالس والمديريات وديوان الأوقاف بأعضاء الأجوبة الشرعية، وما يسأل عنه من إحدى دهات الحكومة عند اللزوم، كما أن (مفاتى) مصر والاسكندرية منوطون بما يسألون عنه من الحوادث التى فيها سواء كانت من الحكومة أو خلافها، وعدم خروج كل شخص عما هو منوط به، ومنع عن مداهم من التعرض لإعطاء فتاوى. (هاء) الأمر العالى الصادر فى 9 رجب سنة 1297 هجرية - 17 يونية سنة 1880 م نمرة - 11 باصدرا لائحة المحاكم الشرعية بعد استصوابها بموافقة كل من حضرات شيخ الجامع الأزهر ومفتى السادة الحنفية وقاضى أفندى محكمة مصر الكبرى. وقد جاء فى المادة الخامسة من هذه اللائحة أن اللجنة المنوط بها النظر فى تعيين القضاة وأعضاء المجالس الشرعية أن من أعضائها مفتى السادة الحنفية. (و) المادة 22 من هذه اللائحة نصت على أنه إذا اشتبه أمر من الأمر الشرعية على المجلس الشرعى بمحكمة مصر الكبرى، أو من كان له ولاية الحكم بالمحكمة المذكورة، فعليه أن يستفتى من حضرة مفتى أفندى السادة الحنفية بالديار المصرية وبمقتضى ما تصدر به فتواه يكون العمل، وإذا حصل اشتباه من أحد قضاة سائر المحاكم الشرعية ومجلس محكمة اسكندرية والنواب فى أمر من الأمور المذكورة، فعليه أن يستفتى المفتى الموظف من طرف الحكومة الموجود بدائرة محكمته بالولاية التابع لها لإجراء العمل بمقتضى فتواه الشرعية فإن اشبته الأمر مع ذلك على من ذكر، أو على المفتى أيضا، فحين ذاك يتحرر بطلب الإفتاء عما صار إليه الاشتباه فيه من حضرة مفتى أفندى السادة الحنفية المومى غليه، وبمقتضى ما تصدر به فتواه يكون العمل. (ز) درا الإفتاء (قاموس القضاء والادارة لفيليب جلاد ج - 5 ص 530 ط. 1894 م، وذات المرجع الفقرات الست السابقة عليه ج - 1 ص 151، ج - 2 ص 490 - 499 وج - 3 ص 409 وج - 4 ص 136 و 146) جاء هذا العنوان بمناسبة الأمر العالى الصادر لنظارة الحقانية بتاريخ 17 ربيع الثانى سنة 1311 هجرية - 27 أكتوبر سنة 1893 م بإحالة كل الأعمال التى من خصائص مفتى افندى الديار المصرية لمرضه على مفتى الحقانية، لصالح المصلحة. 4 - التطور والقوانين المنظمة من هذه الإشارات، وبتتبع نصوص تلك الأوامر العالية ولوائح المحاكم الشرعية الصادرة فى سنة 1856 م، وسنة 1880 م، و1897 م وسنة 1909 م وسنة 1910 م وسنة 1914 وسنة 1931 يتبين الآتى (أ) جاء فى المادة - 21 من لائحة 1856 م (وينبغى للقاضى - أيضا - أن يشاور العلماء ويستفتيهم فى الدعاوى المشكلة، ولا يستقل فى ذلك برأيه حذرا من الخطأ فى الأحكام الشرعية. (ب) ثم نجد الرجوع إلى المفتى فيما يشبته على القاضى صار أمرا حتما بمقتضى المادة 22 من لائحة سنة 1880 م وتدل هذه المادة على أنه كان لكل ولاية مفت يجب الرجوع إليه، فإذا اشتبه الحكم الشرعى فى القضية على مفتى الولاية وعلى القاضى أو اختلفا كان على القاضى الرجوع فى شأنه لزوما إلى مفتى افندى السادة الحنفية بالديار المصرية، ويكون العمل بمقتضى فتواه. ونجد الرجوع إلى مفتى الديار المصرية، والالتزام قضاء بفتواه فيما يشتبه من الأحكام الشرعية على القضاة وعلى مفتى المديريات نراه واضحا فى الفتاوى التى دونت فى سجلات دار الإتاء، ردا على الاستفتاءات الواردة من هؤلاء، وذلك حتى تاريخ العمل بلائحة 25 من ذى الحجة 1314 هجرية - 27 مايو 1897 م حيث قصرت هذه اللائحة مجال الإفتاء على غير القضايا المنظورة أمام المحاكم الشرعية على ما سيأتى بيانه. هذا وتدل هذه اللائحة والتى قبلها على أن المحاكم الشرعية كانت هى المحاكم العامة فى البلاد، تفصل فى الدماء والأموال وغيرها من فروع القضاء وفقا وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية. (ج) اعتبرت نصوص لائحة 1897 م مفتى الولاية أو المديرية عضوا فى محكمة المديرية المكونة من ثلاثة أعضاء، وتكون الرياسة للقاضى (م 6) ومفتى الديار المصرية عضوا فى المحكمة العليا المكونة من خمسة أعضاء يرأسها قاضى مصر (م7) . ونصت كذلك على اشتراك مفتى الديار المصرية فى لجنة اختيار القضاة ومفتى الميدريات وفى تأديبهم. (د) نصت المادة / 100 على أن تقتصر أعمال المفتيين على إفتاء المحاكم الأهلية والحكومة والأفراد فى غير القضايا المنظورة أمام المحاكم الشرعية. (هاء) جاء نص المادة / 18 من لائحة سنة 1910 م بأنه فيما عدا محكمة المحروسة (القاهرة) يؤدى كل نائب أو من يقوم مقامه وظيفة الإفتاء فى دائرة المحكمة المعين فيها. كما جاءت المادة / 377 من هذه اللائحة مقررة أن أعمال النواب أو من يقوم مقامهم فيما يتعلق بالإفتاء تكون قاصرة على إفتاء المحاكم الهلية والحكومة والأفراد فى غير القضايا المنظورة أمام المحاكم الشرعية، وليست المحاكم مقيدة بفتوى أيا كانت، وذات المعنى قررته المادة 376 من اللائحة الشرعية رقم 78 سنة 1931 م. (و) اختيار وتعيين مفتى الديار المصرية جرى نص المادة العاشرة من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والاجراءات وانتخاب بها الصادرة بأمر عال فى 27 مايو سنة 1897 م بما يلى انتخاب قاضى مصر يكون منوطا بنا وتعيينه يكون حسب القواعد المتبعة وانتخاب وتعيين مفتى الديار المصرية يكون منوطا بنا وبأمر منا بالطرق المتبعة. وقد ألغيت هذه المادة بمقتضى القانون رقم 12 لسنة 1914 م بإلغاء وتعديل بعض مواد هذه اللائحة. وجاء فى المذكرة الإيضاحية فى صدد إلغاء المادة العاشرة من لائحة سنة 1897م ما يلى وألغيت المادة - 10 بفقرتيها وكانت الأولى منهما تنص على الإجراءات الخاصة بتعيين قاضى مصر، أما الفقرة الثانية فإنها تنص على ما يتعلق بتعيين مفتى الديار المصرية، وإنه وإن كان مفتى الديار المصرية موظفا تابعا لوزارة الحفانية، إلا أنها ترى أنه لائحة المحاكم الشرعية ليست محلا للنص على إجراءت تعيينه، لأن هذه الوظيفة لا علاقة لها بأعمال المحاكم الشرعية. وهذا الذى قالته المذكرة الإضاحية سائغ بعد إذ لم يعد مفتى الديار المصرية عضوا فى المحكمة العليا الشريعة بمقتضى تشكيلها الذى نص عليه القانون رقم 12 لسنة 1914 وجرت عليه لائحة المحاكم الشرعية الصادرة فى 1931 م. وجرى العمل بعد هذا على ما كان مقررا فى المادة الملغاة، فيتعيبن مفتى الديار المصرية بقرار من رئيس الدولة باختياره وبالطرق المتبعة. على أنه قد نص فى قانون الإجراءات الجنائية على أنه فى حال خلو وظيفة المفتى أو غيابه أو قيام مانع لديه يندب وزير العدل بقرار منه من يقوم مقامه (المادة 381/3 من قانون الاجراءات الجنائية) . 5 - خلاصة تدل نصوص الأوامر واللوائح - على الوجه السابق - على أنه كان لكل مديرية أو ولاية مفت، ولزارة الحقانية مفت، ولوزارة الأوقاف مفت وفوق كل هؤلاء مفتى السادة الحنفية أو مفتى الديار المصرية، وأن الفتوى فى القضايا كانت ملزمة للقضاة حسب لوائح 1856 م، 1880، ثم لم تعد ملزمة للقضاة فى المحاكم الشرعية فى لائحة 1897 م وتعديلاتها بالقوانين أرقام 25 لسنة 1909 م و 31 لسنة 1910 م - و 12 سنة 1914 م ثم الاستعاضة عن كل هذه القوانين باللائحة الأخير بالمرسوم 78 لسنة 1931 م. هذا وبإلغاء المحاكم الشرعية القانون رقم 462 لسنة 1955 م لم يعد فى المحاكم الابتدائية إفتاء، وصارت أعمال الفتوى سواء للحكومة أو للأفراد وللهيئات مقصورة على مفتى الديار المصرية فى القاهرة. ومما يجدر التنويه عنه أنه منذ أول يناير 1956 تاريخ العمل بقانون إلغاء المحاكم الشرعية آلت إلى دار الافتاء الاشهادات التى كانت من اختصاص رئيس المحكمة العليا الشرعية، وهى اشهاد خروج المحمل بكسوة الكعبة الشريعة وبكسوة مقام الرسول صلى الله عليه وسلم، وبمقدار المبلغ النقدى المهدى من الأوقاف إلى فقراء الحرمين الشريفين (الصرة) وإشهاد وفاء النيل، الذى بمقتضاه يحق شرعا للدولة جباية ضرائب الأراضى الزراعية. وقد توقف هذان الاشهادان حيث كان آخر إشهاد بخروج المحمل فى 26 من شهر ذى القعدة سنة 1381 هجرية أول مايو سنة 1962 م بسب خلافات سياسية بين جمهورية مصر والمملكة العربية السعودية فى ذلك الوقت امتنعت السعودية بسببه عن التصريح بدخول الكسوة من مصر، وكان آخر اشهاد بوفاء النيل فى 12 من شهر رجب الفرد سنة 1392 هجرية - 21 أغسطس سنة 1972 م بسبب حجز مياه فيضان النيل بالسد العالى فوق أسوان بعد هذا التاريخ. كما كان من اختصاص رئيس المحكمة العليا الشرعية استطلاع أهلة الشهور القمرية التى فيها مواسم دينية - وهى أشهر المحرم وربيع أول ورجب وشعبان ورمضان وشوال وذو الحجة وصار هذا من اختصاص دار الإفتاء منذ إلغاء المحاكم الشرعية، تقوم به اللآن. 6 - عدد وأنواع القضايا والفتاوى يحتويها الجدول المرفق (ينظر الجدول المشار اليه فى نهاية الفتوى) ، مع ملاحظة أن من بينها فتاوى إلى أفراد عديدة من العالم الإسلامى أى من خارج جمهورية مصر. 7 - ضوابط الفتوى فى قضايا الإعدام تحيل محاكم الجنايات وجوبا إلى المفتى القضايا التى ترى بالإجماع وبعد إقفال باب المرافعة وبعد المداولة إنزال عقوبة الإعدام بمقترفها، وذلك قبل النطق بالحكم، تنفيذا للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية. وهذا الإجراء معمول به منذ صدور القانون الجنائى الوضعى ولائحة الإجراءات الجنائية فى مصر فى أواخر القرن التاسع عشر، أى منذ نحو مائة سنة أو تزيد وبمقتضاهما توقف تطبيق العقوبات المقررة فى الشريعة الإسلامية (فى الجنايات أو الحدود والتعازير) كما توقف تطبيق قواعد الإثبات فى فقه هذه الشريعة عند النظر فى الجرائم بوجه عام. وأصبح على محكمة الجنايات عند النظر فى قضايا القتل العمد أن تسلك فى الإثبات القواعد المبينة فى قانون الإجراءات الجنائية، والذى استقرت قواعده ونصوصه أخيرا تحت هذا العنوان، وعليها أن تستكمل ما لم يرد فيه بما ورد فى قانونى المرافعات المدنية والإثبات. وكان لزاما أن تفسح أمام المحكمة معايير الإثبات الجنائى على ما تفصح حرتيه، ومع ذلك لا يجوز له أن يبنى حكمه على أى دليل لم يطرح أمامه فى الجلسة. وكل قول يثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة الإكراه أو التهديد به، يهدر ولا يعول عليه) . وفى هذا النص نجد عبارة (يحكم القاضى فى الدعوى حسب العقيدة التى تكونت لديه بكامل حريته) - هذه الحرية غير المحدودة إلا بالقواعد العامة التى أشارت المادة إلى بعضها، تعطى المحكمة معايير واسعة فى الاستدلال بينما طرق الإثبات فى فقه الإسلام جاءت مقننة ذات أبعاد وشروط ينبعى على القاضى التثبت من توافرها، ففى الشهادة يشترط النصاب، أى عدد الشهود وأوصاف أخرى يلزم توافرها فى الشهود، وكذلك فى الإقرار والإنكار واليمين وغير هذا من الطرق مما هو مبين فى موضعه من كتب فقهاء المسلمين وبهذا لا يكون للقاضى تكوين عقيدته فى القضية بكامل حريته، بل فى نطاق الأدلة كل دليل بشروطه، ومن الأدلة التى قال بها الفقهاء ويعمل بها فى الفتوى القرائن التى تنطق بها الوقائع والأوراق، أى القرائن القاطعة. وبعد هذا التمهيد يمكن القول بأن ضوابط الفتوى فى قضايا الإعدام تتلخص فى أن المفتى حين يفحص القضة المحالة إليه من محكمة الجنايات، أنما يدرس الأوراق منذ بدايتها فإذا وجد فيها دليلا شرعيا ينتهى حتما ودون شك بالمتهم إلى الإعدام أفتى بهذا الذى قامت عليه الأدلة. فعمل المفتى هو عرض الواقعة والأدلة التى تحملها أوراق الدعوى على أنواع وشروط الأدلة ومعاييرها فى الفقه الإسلامى، دون الالتزام بمذهب معين، بل عند اختلاف الفقهاء يختار الرأى الذى يمثل العدالة وصالح المجتمع ذلك لأن لكل دليل شروطه التى يلزم توافرها حتى يؤخذ به قضاء على ما هو مبين فى موضعه من كتب الفقه، وهذا هو منشأ الاختلاف الذى قد يقع وكثيرا ما يقع، بين الفتوى فى بعض قضايا الإعدام، وبين الرأى الذى انتهت إليه المحكمة، لأن مستقى الدليل وضوابطه تختلف اختلافا بينا فى القوانين الوضعية المعمول بها عنها فى الفقه الإسلامى، المستمد من الأصول الأصلية للاسلام. كما أن الفعل الذى أدى إلى موت المجنى عليه تتفاوت عناصر تكييفه بأنه قتل عمد فى الفقه الإسلامى عنها فى القوانين السارية وليس ذلك اختلافا فى تقدير الدليل، بل هو اختلاف فى ذات الدليل وضوابطه ومعايره، ففى فقه الإسلام يجرى القاضى فى الاستدلال على قواعد فى كل دليله بحسبه، أما فى هذه القوانين فإن القاضى يحكم فى الدعوى حسب العقيدة التى تكونت لديه بكامل حريته فى نطاق القواعد القانوينة العامة. وبإيجاز تصبح ضوابط الفتوى فى قضايا الإعدام هى الالتزام بعرض الواقعة والدلة حسبما تحملها أوراق الجناية على الأدلة الشرعية بمعايرها الموضوعية المقررة فى الفقه الإسلامى وتكييف الواقعة ذاتها وتوصيفها قتلا عمدا إذا تحققت فيها الأوصاف التى انتهى الفقه الإسلامى إلى تقريرها لهذا النوع من الجرائم وهى إجمالا القتيل آدمى حى، وموت المجنى عليه نتيجة لفعل الجانى، وأداة القتل ووسيلته وثبوت قصد القتل، إما من الآلة المستعملة أو من الدلة القضائية كالإقرار والشهود، وقصد احداث الوفاة، فإذا توافرت عناصر التكييف وقام عليها الدليل أو الأدلة الشرعية كانت الفتوى بالإعدام، أما إذا خرج ما تحمله الأوارق عن هذا النطاق، كان الإعمال لقول عمر بن عبد العزيز رضى الله تعالى عنه الذى صارقا عدة فقهية فى قضاء الجنايات لدى فقهاء المسلمين (لأن يخطىء الإمام فى العفو خير من أن يخطىء فى العقوبة) لأن القرآن حرم قتل النفس الإنسانية بغير حق، سواء كان هذا القتل عدوانا أو كان جزاء وقاصا. فوجب التحقق من واقع الجريمة وتكييفها وقيام الدليل الشرعى على اقتراف المتهم اياها حتى يقتص منه. 8 - الجهاز الفنى والإدارى بدار الإفتاء جرى العمل بدار الإفتاء منذ أن ارتبطت بنظارة الحقانية ثم وزارة الحقانية ثم وزارة العدل على أن يعاون المفتى عدد من العلماء بالفقه الإسلامى والاداريين. وكان من الوظائف الرئيسية فيها وظيفة أمين الفتوى بدرجة - موظف قضائى - وهو المنوط به إعداد الفتوى للعرض على المفتى، والمعاونة فى البحوث الفقهية والقانونية، ولكثرة العمل الفنى كان ينتدب للعمل بدار الإفتاء علماء فنيون بدرجة موظف قضائى من قضاة المحاكم الشرعية. ودار الإفتاء منذ إلغاء المحاكم الشرعية تعتبر من الإدارات الرئيسية فى ديوان وزارة العدل. ويتكون الجهاز الذى يعمل فيها الآن من (أ) المكتب الفنى للمفتى وأعضاؤه منتدبون من رجال القضاء ومن النيابة على الوجه التالى ورئيس بالمحكمة من الفئة أ، ثلاثة رؤساء بالمحكمة من الفئة ب. ثلاثة وكلاء للنائب العام من الفئة الممتازة. وجحميعهم من المتخرجين من كلية الشريعة بالأزهر الشريف، وسبق لهم أن مارسوا العمل القضائى بالمحاكم أو العمل الفنى بدار الإفتاء. ومن هذا المكتب انبثقت شعبتان إحدهما شعبة تبويب الفتاوى بمبادئها وإعدادها للنشر، ويعمل بهذه الشعبة اثنان من الرؤساء بالمحكمة من الفئة ب ووكلاء النيابة الثلاثة ومهمتها تبويب الفتاوى واستظهار مبادئها، واختيار ما ينشر منها من واقع السجلات الموجودة بمكتبة الدار منذ سنة 1313 هجرية - 1895 م وقد نفذ النشر فعلا وصدر منها للآن اثنا عشر جزءا تحت عنوان الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية. وهذه المرحلة من النشر تحوى المختار من فتاوى (المتنوع) أى ماعدا الوقف والمواريث، فإنه سيكون لكل من هذين النوعين مجموعة مستقلة. وقد أصدر المفتى توجيهات محددة تنظم عمل هذه الشعبة. الشعبة الأخرى ويعمل بها رئيس بالمحكمة من الفئة (أ) ، ورئيس بالمحكمة من الفئة (ب) ومهمة هذه الشبعة اعداد الأسئلة الواردة لدار الإفتاء للعرض على المفتى ومعاونته فى البحوث الفقهية والعلمية والقانونية، التى تتطلبها المسائل المعروضة للبحث. (ب) المكتب الإدارى يرأسه سكرتير عام الدار - إدارى بدرجة باحث أول. ويتكون من قسمين (أ) قسم السجلات والمكتبة ويعمل به باحث ثان خريج كلية الشرعية سنة 1965 ويرأس هذا القسم وهو منتدب من النيابة العامة. باحث ثالث خريج كلية الشرعية سنة 1976. ثلاث سيدات إحداهن ليسانس الحقوق سنة 1973 وأخريان ليسانس الآداب فى سنة 1974 وسنة 1980. باحثان ليسانس الحقوق سنة 1977. وتقوم السيدات الباحثان بالعمل بالسجلات مع أعمال إدارية أخرى أما البابحثون فالمتخرجان منهم من كلية الشريعة يعملان بالإضافة إلى أعمال هذا القسم فى إعداد وعرض بعض الأسئلة الواردة على الرئيس بالمحكمة من الفئة أالذى يتولى عرضها على المفتى برأيه النهائى، كما يقوم الباحثان المتخرجان من كلية الحقوق فوق العمل فى هذا القسم، بمعاونة المكتب الفنى بشعبتيه فى تحديد المراجع ومواضع البحوث المطلوبة منها، بالإضافة إلى ما يناط بهما من أعمال إدارية أخرى. (ب) قسم السكرتارية ويعمل به باحث أول إدارى ويرأس القسم. عدد 8 - كاتب وكاتبة لأعمال السكرتارية والنسخ. وهذا التنظيم جرى وفقا للقرارات الداخلية التى أصدرها المفتى فى السنوات 1978، 12979، 1980، 1981. هذا وليس لدار الإفتاء ميزانية مالية مستقلة، ولكنها كما تقدم القول معتبر من إدارات ديوان وزارة العدل، وكل العاملين بها من باحثين وكتاب مقيدون على ميزانية ديوان هذه الوزارة - عدا رئيس قسم السجلات والمكتبة فهو مقيد على ميزانية النيابة العامة. 9 - دار الإفتاء ودورها فى تدريب المفتين للمسلمين وفوق ما تقدم فإن دار الإفتاء تستقبل وفودا من قضاة الأحوال الشخصية فى البلاد الأسيوية الإسلامية، للتدريب فيها على أعمال الإفتاء فنيا وإداريا. وقد تدرب فيها لمدة عام قاضيان من جزيرة برونى المجاورة لماليزيا والثالث من هذه الجزيرة مازال فى التدريب للآن، حيث ينتهى تدريبه فى آخر عام 1981 م، كما أتمت الدار تدريب سكرتير عام دار الإفتاء فى جمهورية جزر القمر الإسلامية لمدة ثلاثة أشهر، وذلك على الأعمال المكتبية والإدارية وعاد فعلا إلى بلاده. وفى التدريب الآن أيضا اثنان من القضاة من ماليزيا، وقد سبق أن وافق المفتى على تدريبهما لمدة عامين. ومنهج هذا التدريب حسب قرار المفتى رقم 4 لسنة 1980 يشمل دراسة الفتوى وأعمالها النفية والإدارية والمكتبية، والعمل على ترتيب زيارتهم للمحاكم بواسطة إدارة التدريب بوزارة العدل، لاشتغالهم فى بلادهم أصلا بقضاء الأحوال الشخصية. ويشرف على هؤلاء فى التدريب الفنى كل من الرئيسين بالمحكمة من الفئة أوب من أعضاء المكتب الفنى للمفتى، وذلك بالنسبة لدراسة الفتوى وأعمالها ويقوم سكرتير عام دار الإفتاء بتدريب المبعوثين على العمل الإدارى والمكتبى وإطلاعهم على أسسه المعمول بها. وبهذا البيان يتضح - عملا - المهام المنوطة بدار الإفتاء، والنوعيات التى تواجهها بالبحث والدراسة وبالتدريب، وهذه المهام ليست مفصلة قانونا وإنما استقرت عملا. والله نسأل أن يوفق العاملين الذين يبتغون الخير للعباد والبلاد، وأن يجزيهم الجزاء الأولى. والله سبحانه وتعالى أعلم (7/352) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 8:46 pm | |
| الروح والنفس
المفتي جاد الحق على جاد الحق. محرم 1402 هجرية - 10 نوفمبر 1981 م
المبادئ 1 - الروح جسم نورانى علوى حى يسرى فى الجسد بإذن الله لا يقبل التحلل ولا التبدل ولا خلافهما تعطى للجسمس الحياة وتوابعها. 2 - لا ينبغى الاشتغال بما استأثر الله بعمله. 3 - جمع النقود فى المساجد جائز متى دعت الحاجة إلى ذلك بشروطها. 4 - القاعدة العامة التى تسود حقوق كل من الزوجين قبل الآخر هى الإحسان فى المعاملة وتجنب المضارة. 5 - المباشرة الجنسية بين الزوجين حقهما معا، ولكل منهما الاستجابة للآخر. وعلى الزوجة حفظ ماله وكتم أسراره. وألا تدخل بيته أحدا دون إذنه. 6 - الحامل إذا ماتت فى الولادة تغسل ويصلى عليها. ولها حكم الشهداء فى الآخرة
السؤال بكتاب الهيئة العامة للاستعلامات - قطاع الإعلام الخارجى وحدة تركيا المؤرخ 31 مارس شنة 1981 الموجه إلى السيد مدير تحرير مجلة منبر الإسلام، المحال إلى دار الإفتاء بتاريخ 21 سبتمر سنة 1981 وقيد بها برقم 307 سنة 1981 يحوى أسئلة موجهة من فضيلة الأستاذ على سورمش. واعظ مدينة ريجانلى بتركيا نصها: 1 - هل الروح هى النفس. 2 - هل الروح هى التى تعذب أم النفس. 3 - هل يجوز جمع النقود فى الجوامع. 4 - ما أقوال العلماء والمفسرين فى حق الزوج. 5 - إذا ماتت المرأة الحامل عند الولادة، ما حكم غسلها، والصلاة عليها. وقد انتهى الخطاب بطلب نشر الإجابة على هذه الأسئلة بمجلة منبر الإسلام
الجواب عن السؤال الأول إن كلمتى الروح والنفس ترددتا فى آيات كثيرة فى القرآن الكريم وكثر ورود الكملة الأخيرة منفردة ومجموعة قرابة الثلاثمائة مرة أو تزيد. وقد اختلف العلماء فى الروح والنفس. هل هما شىء واحد أو هما شيئان متغايران فقال فريق أنهما يطلقان على شىء واحد، وقد صح فى الاخبار إطلاق كل منهما على الأخرى، من هذا ما أخرجه البزار بسند صحيح عن ابى هريرة (ان المؤمن ينزل به الموت، ويعاين ما يعاين، يود لو خرجت نفسه والله تعالى يحب لقاءه، وان المؤمن تصعد روحه إلى السماء فتأتيه أرواح المؤمنةين فيستخبرونه عن معارفه من أهل الدنيا) . فهذا الحديث يؤيد إطلاق الروح على النفس، والنفس على الروح وقال القريق الآخر إنهما شيئان، فالروح ما به الحياة، والنفس هذا الجسد مع الروح، فللنفس يدان وعينان ورجلان ورأس يديرها، وهى تلتذ، وتفرح وتتألم وتحزن. فالروح جسم نوارانى علوى حى يسرى فى الجسد المحسوس بإذن الله وأمره سريان الماء فى الورد، لا يقبل التحلل، ولا التبدل ولا التمزق ولا التفرق، يعطى للجسم المحسوس الحياة وتوابعها ويترقى الانسان باعتباره نفساب النواميس التى سنها الله وأمر بها فهو حين يولد يكون كباقى جنسه الحيوانى، لا يعرف إلا الأكل والشرب، ثم تظهر له باقى الصفات النفسية من الشهوة والغضب، والمرض والحسد والحلم والشجاعة، فإذا غلبت عليه إنابته إلى الله وإخلاصه فى العبادة تغلبت روحه على نفسه فأحب الله وامتثل أوامره وابتعد عما نهى عنه، وإذا تغلبت نفسه على روحه كانت شقوته. وقد جاءت الروح فى القرآن الكريم وفى السنة بمعان، فهى تارة الوحى كما فى قوله تعالى {يلقى الروح من أمره على من يشاء من عباده} غافر 15، ويسمى القرآن روا باعتباره أحيا الناس من الكفر الشبيه بالموت، وأطلق الروح على جبريل {نزل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين} الشعراء 193، 194، وقوله {وأيدناه بروح القدس} البقرة 253، وفى الحديث الشريف (تحابوا بذكر الله وروحه) قيل المراد بالروح هنا أمر النبوة أو القرآن، وهو المعنى عند أكثر العلماء فى قوله تعالى {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا} الشورى 52، ولكن الروح المسئول عنها هى ما سأل عنها اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابهم الله فى القرآن بقوله سبحانه {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} الإسراء 85، فهذه الروح التى يحيا بها الإنسان، قد استأثر الله فى علمه بكنهها وحقيقتها، لم يخبر بذلك أحدا من خلقه، ولم يعط علمه بالعباد، وهى التى نفخها فى آدم وفى بنيه من بعده، وهى من خلق الله سر أودعه فى المخلوقات، وكلمة النفس تجرى على لسان العرب فى معان فيقولون خرجت نفسه أى روجه، وفى نفس فلان أن يفعل كذا أى فى روعه وفكره. كما يقولون قتل فلان نفسه أو أهلك نفسه أى أوقع الإهلاك بذاته كلها وحقيقته، فمعنى النفس فى هذا جملة الإنسان وحقيقته. كما فى قوله تعالى {ولا تقتلوا أنفسكم} النساء 29، وتطلب كلمة النفس على الدم فيقال سالت نفسه، ذلك لأن النفس تخريج بخروجه وقد أطلق القرآن هذه الكملة على الله فى قوله {تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك} والمعنى والله أعلم - تعلم ما عندى ولا أعلم ما عندك أو كما قال ابن الأنبارى ان النفس فى هذه الآية الغيب، ويؤكده ما انتهت به الآية {إنك أنت علام الغيوب} المائدة 116، أى تعلم ما أعلم ولا أعلم ما تعلم. فلفظ الروح والنفس من الألفاظ التى تؤدى أكثر من معنى يحددها السباق والسياق واللحاق، وهما فى الواقع متغايرتان فى الدلالة حسبما تقدم وإن حلت إحداهما محل الأخرى فى كثير من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، ولكن على سبيل المجار لا الحقيقة. وقد اختلف أهل العلم فى الروح. هل تموت أو لا تموت فذهبت طائفة إلى أنها تموت لقول الله سبحانه {كل شىء هالك إلا وجهه} القصص 88، وقالت طائفة أخرى إنها لا تموت للأحاديث الدالة على نعيمها وعذابها بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله تعالى إلى الجسد. قال القاضى محمود الألوسى فى تفسيره (ج - 15 فى تفسير سورة ص 195 دار الطباعة المنيرية) والصواب أن يقال موت الروح هو مفارقتها للسجد، فان أريد بموتها هذا القدر فهى ذائقة الموت، وإن أريد أنها تنعدم وتضمحل فهى لا تموت، بل تبقى مفارقة ما شاء الله تعالى ثم إلى الجسد وتبقى معه فى نعيم أو عذاب أبد الآبدين وهى مستثناة ممن يصعق عند النفخ فى الصور على أن الصعق لا يلزم منه الموت، والهلاك ليس مختصا بالعدم، بل يتحقق بخروج - الشىء عن حد الانتفاع به ونحو ذلك. عن السؤال الثانى تقدم اختيار تغاير النفس والروح، بمعنى ما يصدق عليه كل من هذين اللفظين إذ النفس هى مجموع الجسد والروح، أما هذه فذاتية نورانية يقذفها الله من فضله فى الإنسان عند خلقه إياه. ومتى فارقت الروح البدن بموته كان مستقرها مختلفا، فارواح الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فى أعلى عليين، فقد صح أن آخر ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم الرفيق الأعلى) ومستقر أرواح الشهداء فى الجنة وأرواح أطفال المؤمنين ما هو قريب من ذلك وأرواح غير المسلمين وغير المؤمنين فى سجين وفى كل هذا تروى أخبار وآثار تطالع فى محلها من كتب الحديث. وإذا كان هذا المعنى، هو المردد فى المنقول، والثواب والعقاب أمر غيبى مفوض إلى الله سبحانه. وإذا كانت الروح بعد افتراقها عن الجسد هى التى تذهب إلى الجنة أو إلى سجين، كما جاءت الاخبار، كان العذاب للروح، حتى يبعث الناس يوم القيامة، فيكون الثواب والعقاب للنفس التى هى الانسان - أى الجسد والروح معا. اقرأ إن شئت قول الله تعالى {ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} آل عمران 25،. وقوله تعالى {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا} آل عمران 30، وقوله تعالى {يوم يأتى لا تكلم نفس إلا بإذنه} هود 105، وقوله تعالى {وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون} النحل 111، وقوله تعالى {كل نفس بما كسبت رهينة} المدثر 38، وقوله تعالى {يا أيتها النفس المطمئنة. ارجعى إلى ربك راضية مرضية} الفجر 27، 28، فهذه الآيات وأمثالها مما جاء فى القرآن الكريم وما جاء فى السنة على هذا النسق كل أولئك يدل على أن العذاب للنفس إنما يكون بعد البعث من القبور والنشور يوم القيامة. أما عذاب الروح وحدها فبعد مفارتقها للجسد بالموت، وبعد السؤال فى القبر تكون فى عليين أو فى سجين، وهذا لا ينافى عذاب القبر للروح والجسد لمن استحقه كما جاء ذكره فى الأحاديث الشريفة ومنها ما رواه ابن عباس رضى الله عنه (البخارى ج - 1 ص 224) (مر النبى صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان فى كبير ثم قال بلى أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله) وهذا ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة خلافا لابن حزم، وابن هبيرة. هذا وما استأثر الله بعلمه لا ينبغى الاشتغال به، فلا تذهبن إلى ما نقل عن الفلاسفة قديما وحديثا، فإنهم انطلقوا إلى ما لا يعرفون، فتاهوا ولا يزالون. واقرأ دائما قول الله سبحانه {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} الإسراء 85، وابتعد فى عظاتك للناس عن المتشابهات حتى لا تزيغ عن الجادة وتنحاو عن الطريق المستقيم. واقرأ قول الله سبحانه وتوجيهه {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} الإسراء 36، فقد قال القاضى ابن العربى قول الناس هل الحوض قبل الميزان والصراط أو الميزان قبلهما أم الحوض، فهذا هو ما لا سبيل إلى علمه، لأن هذا أمر لا يدرك ينظر العقل ولا ينظر السمع وليس فيه خبر صحيح. (أحكام القرآن لابن العربى ص 1212 القسم الثالث طبع دار المعارف بيروت) ولا ريب أن حقيقة الروح والنفس ومن يعذب ومن يثاب كل أولئك من هذا القبيل. (يراجع فى السؤالين الأول والثانى تفسير الفخر الرازى ج - 5 ص 434 وما بعدها الطبعة الثانية سنة 1324 هجرية وتفسير ابى السعود ج - 6 ص 458 على هامش الفخر الرازى طبعة ثانية سنة 1324 هجرية، وتفسير الألوسى ج - 15 ص 155 - 164 طبع ادراة الطباعة المنيرية، وتفسير ابن كثير ص 60 و 61 ج - 3 طبعة 1367 هجرية - 1948 م ولسان العرب لابن منظور فى مادتى روح ونفس ومعجم ألفاظ القرآن من عمل مجمع اللغة العربية الطبعة الثانية مادة روح بالمجلد الأول ص 521 - 523 ومادة نفس المجلد الثانى ص 741 - 747) عن السؤال الثالث لا بأس أن يعطى السائل فى المسجد شيئا لحديث عبد الرحمن بن أبى بكر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا. فقال أبو بكر دخلت المسجد فإذا أنا بسائل فوجدت كسرة خبر فى يد عبد الرحمن فأخذتها فدفتعها إليه - وفى كتاب الكسب لمحمد بن الحسن صاحب أبى حنيفة قال أبو مطيق البلخى لا يحل للرجل أن يعطى سؤال المسجد لما روى فى الآثار. ينادى يوم القيامة مناد ليقم بغيض الله فيقوم سؤال المسجد. قال والمختار أنه إن كان السائل لا يتخطى رقاب الناس ولا يمر بين يدى المصلى، ولا يسأل الناس إلحافا فلا بأس بالسؤال والإعطاء، لأن السؤال كانوا يسألون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد حتى يورى أن عليا تصدق بخاتمه وهو فى الركوع، فمدحه الله بقوله {ويؤتون الزكاة وهم راكعون} المائدة 55، أما إذا كان السائل يتخطى رقاب الناس، ويمر بين يدى المصرى فيكره إعطاؤه لأنه إعانة له على أذى الناس. (كتاب اعلام الساجد بأحكام المساجد للزركشى ص 253 المسألة 51 طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سنة 1385 هجرية) لما كان ذلك جاز جمع النقود فى الجوامع متى دعت حاجة إلى ذلك بمراعاة تلك الشروط التى أوضحها الفقهاء أخذا من الآثار والأخبار الواردة فى كتب السنة عن إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذلك، دون تشويش أو تخط أو مرور بين أيدى المصلين. عن السؤال الرابع ليس من السهل تفصيل حقوق كل من الزوجين قبل الآخر، أو تفصيل حق واحد منهما لكثرة تنوع تلك الحقوق وتجددها، لأنها تشمل كل ملابسات الحياة فى جميع حقائقها ومظاهرها، ولقد فصل القرآن الكريم بعض الحقوق التى لكل منهما على الآخر، وجاءت الأحاديث النبوية الشريفة بذكر شىء منها زائدا على ما ورد فى القرآن. وجماع هذه الحقوق قول الله سبحانه وتعالى {ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة} البقرة 228، وجاء ذلك فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع (إن لكم من نسائكم حقا وإن لنسائكم عليكم حقا) (نيل الأوطار ج - 5 ص 364) ومع ذلك فقد قرر الله للرجال على النساء درجة، أى منزلة أكدتها الآية {الرجال قوامون على النساء} النساء 34، وهذه القوامة أو تلك الدرجة، لا تخل بالمساواة بين الرجل والمرأة، إذ الدرجة التى هى قيام الرجل على المرأة يقتضيها النظام فى كل عمل مشترك، وإلا صار الأمر فوضى، ومراعاة النساء لهذه الدرجة، يجعل ما لهن من شئون الزوجية قبل أزواجهن مثل ما عليهن لهم تماما وقد جاء هذا القول فيما رواه الطبرى فى تأويل قوله تعالى {وللرجال عليهن درجة} لا أعلم إلا أن لهن مثل الذى عليهن إذا عرفن تلك الدرجة. (تفسير الطبرى ج - 2 ص 257) والقاعة العامة التى تسود كل حقوق الزوجية وتقيدها هى الإحسان فى المعاملة وتجنب المضارة (الأم للامام الشافعى ج - 5 ص 95 والبدائع للكاسانى الحنفى ج - 2 ص 334) وإذا كان بيان حقوق الزوج على وجه الحصر متعذرا، فإنه يكفى أن نشير فيما يلى إلى أبرزها: أولا - حق تدبير المعيشة وإدارة حياتهما من حيث الاسكان والاستقرار فى بيت الزوجية ومراقبة سلوكها داخل المسكن وخارجه، واتصالها بالغير والنظر فيما يجوز لها أن تزاوله من عمل داخل المنزل وخارجه، والانتقال بها إلى حيث يشاء ويرتزق ما دام مأمونا عليها. وإعطاء الزوج هذا الحق أو تلك السلطة يقصد به المحافظة على ما منحته الشريعة للزوج من حقوق قبل زوجته بمقتضى عقد الزواج، ودفع الضرر عن نفسه وعنها وحماية حياتهما الزوجية مما قد يضر بها. وقد تحدث الفقهاء فى تلك الحقوق المفوضة للزوج وقالوا إنها مقيدة بما تتقيد به سائر الحقوق فى شريعة الإسلام وهو ألا يترتب عليها ضرر بالزوجة. كما تحدثوا فى حقه فى منعها من الاتصال بمحارمها وقالوا إنه ليس له منعها إلا إذا كانوا مفسدين أو يفسدونها عليه. ثانيا - حق التأديب وأساس هذا الحق التشريعى قول الله سبحانه {واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا} النساء 34، وهذا الحق فرغ عن كون الرجال قوامين على النساء، وقد قال الفقهاء فى حدود هذا الحق بأن الرجل حق تعزير زوجته، كما للقاضى حق تعزير الناس كافة، لكنهم قيدوا هذا الحق بقيود، يعتبر بخروجه عنه متعديا لأن شرعية هذا الحق مقصود به إصلاح حال الزوجة، إذا ما بان لزوجها أنها قد تنكبت السبيل المستقيم، فلا حق له فى تعزيرها لمجرد الانتقام والإيذاء ولا فى الخروج عن تلك الوسائل التى قررتها تلك الآية الكريمة. ثالثا - حق المباشرة الجنسية على خلاف بين الفقهاء فيما إذا كان هذا حقه الخالص أو أن الاستمتاع حق مشترك بينهما، لأنه لا يمكن لأحدهما الانفراد به، بل لابد من المشاركة التى تدعو إليها طبيعة الفعل، وأيا ما كان فان حق الزوج أن تستجيب له زوجته متى بدت رغبته، ولم يكن بها مانع شرعى وفقا لأحكام الله تعالى {فأتوهن من حيث أمركم الله} البقرة 222، وقوله {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} البقرة 223، ويتقيد هذا الحق بألا يحدث منه ضرر للزوجة، والأحاديث الشريفة فى هذا الباب كثيرة. ولعله من المرجحات للقول بأن العمل الجنسى بين الزوجين حقهما معا ولكل منهما الاستجابة الآخر أنه قد أجيز للزوجة طلب الطلاق للهجر فى الفراش وترك المضاجعة، وأن الإيلاء من الزوجة والإصرار عليه سبب للطلاق فى قول الأئمة الفقهاء من غير مذهب أبى حنيفة الذى مذهبه أنه بمجرد مضى مدة الإيلاء المقررة فى القرآن دون أن يفىء إليها تطلق منه طلقة بائنة. رابعا حفظ مال الزوج وكتم أسراره، وألا تدخل بيته أحدا دون إذنه (فى بيان حقوق كل من الزوجين من غير حصر كتب فقه المذاهب فى باب النفقة وحديث كلكم راع) وفى بيان هذه الحقوق أحاديث كثيرة منها ما جاء فى خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع. استوصوا (رواه ابن ماجة والترمذى منتقى الأخيار وشرحه نيل الأوطار للشوكانى ج - 6 ص 120 وما بعدها ففيه بيان حقوق أخرى للزوج) بالنساء خيرا، فإنما هن عندكم عوان، ليس تملكون منهم شيئا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فان فعلن فاهجروهن فى المضاجع، واضربوهن ضربا غير مبرح، فان أطعنكم، فلا تبغوا عليهن سبيلا، إن لكم من نسائكم حقا، ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم، فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن فى بيوتكم لمن تكرهون وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن فى كسوتهن وطعامهن. ومنها الحديث الذى رواه البخارى ومسلم كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته. (زاد المسلم فيما اتفق عليه البخارى ومسلم برقم 559 ج - 1 ص 302 و 303) وفيه والمرأة راعية فى بيت زوجها وهى مسئولة عن رعيتها. عن السؤال الخامس اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أن المرأة الحامل إذا مات فى الولادة تغسل ويصلى عليها، ولها حكم الشهداء فى الآخرة وثوابهم فضلا من الله ورحمة. قال ابن قدامة فى المغنى (فأما الشهيد بغير قتل كالمبطون والغريق وصاحب الهدم والنفساء، فإنهم يغسلون ويصلى عليهم، لا نعلم فيه خلافا إلا ما يحكى عن الحسن لا يصلى على النفساء لأنها شهيدة ولنا أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى على امرأة ماتت فى نفاسها فقام فى وسطها. متفق عليه (ج - 2 ص 405 مع الشرح الكبير مطبعة المنار سنة 1345 هجرية) والله سبحانه وتعالى أعلم (7/353) ________________________________________ دور الشريعة الإسلامية فى تحقيق أهداف المجتمع
المفتي جاد الحق على جاد الحق. 1 أبريل 1979 م
المبادئ 1 - الأحكام الشرعية التى فصلها المصدران الأساسيان وهما القرآن والسنة، وما أجمع عليه المسلمون، وما ثبت بالقياس الصحيح، كل ذلك ثابت لا نقاش فيه، أما ما لم يرد فيه نص قاطع أو إجماع فهو محل اجتهاد. 2 - تطبيق الشريعة الإسلامية فى المجتع إنما يعنى ربطه بالأسس الشرعية الثابتة دون الجزئيات المتغيرة، على أن الأخلاق الإسلامية لا تدخل فى المتغيرات. بل هى من الأعمال الثابتة التى يجب أن يلتزم بها المجتمع. 3 - لابد من التفريق بين أخلاقيات وعادات الناس وأعرافهم. 4 - شريعة الإسلام دواء لما أصاب المجتمع من علل وأمراض اجتماعية، تخلق فيه روح الصفاء والتآلف والبذل والعطاء. 5 - الضروريات الخمس وهى حفظ النفس والعقل والنسل والدين والمال اعتبرها الإسلام غاية وأساسا لقيام المجتمع السليم، وذلك لا يختلف فى القرن العشرين عنه فى القرون السابقة. 6 - شريعة الإسلام قامت على اعتبارات من الدين والأخلاق والعدالة المطلقة بين الناس على اختلاف عقائدهم الدينية. 7 - غير المسلمين يلتزمون بالقانون الإسلامى كقانون فقط لا مساس فيه بالقعيدة ولا ما يتبعها من الأمور اللصيقة بها. 8 - الشريعة كقانون مطبقة فعلا على جميع المصريين دون حرج أو اعتراض فى الميراث والوصية والولاية على المال. 9 - طبيعة العقوبات فى الشريعة لا تسمح بالتفريق فى العقوبة بين الأفراد لأى سبب أو وصف من الأوصاف. 10 - تطبيق حد الردة على المسلم الذى يرتد عن الإسلام استقرار للعقائد الدينية السماوية المتآخية فى هذا الوطن. 11 - التريث غير مطلوب لتطبيق الشريعة الإسلامية فى الحكم والقضاء حتى نعد جيلا جديدا على أساس خلق الإسلام. 12 - الإسلام والسياسة متداخلان لا انقصام بينهما، وهو شريعة وعقيدة لا ينفصل عن السياسة ولا تضربه، لأنه صمام الأمن والأمان لها. 13 - يحكم العرف والعادة ما لم يصادما نصا قطعيا فى القرآن والسنة. أو إجماعا سابقا للأمة فى عصر من العصور
السؤال فى مجلة المصور بالآتى س 1 يقول السيد محمد رشيد رضا الأحكام المنزلة من الله تعالى. منها (أ) ما يتعلق بالدين نفسه كأحكام العبادات وما فى معناها كالنكاح والطلاق وهذه لا تحل مخالفتها. (ب) ومنها ما يتعلق بأمور الدنيا كالعقوبات والحدود والمعاملات المدينة والمنزل من الله تعالى فى هذا قليل وأكثره متروك للاجتهاد. ويقول الكاتب توفيق الحكيم إن الثابت من أحكام الدين هو الإلهيات بما فى ذلك علاقة الإنسان بالله وإن المتغير هو الانسانيات مثل المعاملات والاخلاقيات. فما هو رأى فضيلتكم فى نصيب هذين الرأيين من الصواب والخطأ فيما يتصل بالدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية
الجواب ج - 1 كرم الإسلام الإنسان وسخر الله له ما فى الأرض جميعا وجعله خليفته فيها وعلمه ما لم يكن يعلم ليعمر هذا العالم وشاءت إرادته تعالى ألا يترك الناس تسودهم الأهواء يستقل القوى بكل شىء وتنحصر يد الضعيف صفرا بغير شىء فجاءت رسله تترى فى كل عصر وزمان للهداية والرشاد حتى كانت خاتمة الراسلات الإسلام الذى هدفت شريعته إلى تكوين مجتمع فاضل يضم الأسرة الإنسانية كلها فبدأت بتربية ذات المسلم ليكون عضوا سليما فى هذا المجتمع فهذبت نفسه بالعبادات {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت 45، ومن أجل هذا الهدف كانت الضروريات فى الشريعة الإسلامية خمسا لحفظ النفس الإنسانية سامية تقية نفية آمنة مطمئنة - حفظ النفس والدين والعقل والنسل والمال - ثم كانت أحكام هذه الشرعية بمعناها العام الشامل للعقيدة أى ما يجب الإيمان به فيما يتعلق بالله تعالى وصفاته والدار الآخرة والرسل السابقين والقضاء والقدر وغير هذا مما اصطلح العلماء على تسمية بحوثه بعلم الكلام أو التوحيد، وما يشمل ما نسميه بالعلاقات الاجتماعية وهو المثل الأعلى الذى يجب على الإنسان بلوغه فى التعامل مع مجتمعه. واصطلح على أنه علم الإخلاق، ثم فقه الشريعة الشامل لأحكام الله تعالى فيما يخص العمل من عبادات ومعاملات وحدود وتعازير، فهذه الشريعة الخاتمة لابد أن تحكم أحوال الإنسان حتى غاية الزمان، ومن أجل هذا جاءت أحكام الله محددة فيما فرضه من عبادات وفيما يتصل بتكوين الأسرة وترتيب نظامها منذ بدء الولادة للطفل الإنسانى وحتى مماته وتوريث تركته كما جاءت الحدود العقابية على بعض الجرائم الماسة بنظام المجتمع محددة كذلك، ومن ثم فإن الأحكام الشرعية التى فصلها المصدران الأساسيان وهما القرآن والسنة وما أجمع عليه المسلمون وما ثبت بالقياس الصحيح كل هذا ثابت لا نقاش فيه، أما ما لم يرد فيه نص قاطع أو إجماع فهو محل الاجتهاد ويدخل فيه العقود المالية وغيرها من طرق الكسب والتجارة وعقوبات التعزير على ما جد من جرائم، واستنباط الأحكام لمثل هذا لابد أن يكون فى نطاق الضوابط العامة للتعامل بين الناس الواردة فى كتاب الله وسنة روسله صلى الله عليه وسلم مثل {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} النساء 29، ففى هذه الآية ضوابط عامة لا يسوغ لأحد مخالفتها وللمجتمع الإسلامى أن يقننها فى قواعد حاكمة لتعاملة، ويجوز أن تتغير أسماء التعرفات والتجارات بتغير العصر والزمن وانحسار العادات والأعراف ولكن يظل التعامل قائما فى هذا النطاق الذى أمرت به هذه الآية الكريمة، وعلى هذا فان تطبيق أحكام الشريعة الاسمية فى المجتمع إنما يعنى ربطه بالأسس الشرعية الثابتة دون الجزئيات المتغيرة، على أن الأخلاق الإسلامية لا تدخل فى المتغيرات بل هى من العمد الثابتة التى يجب أن يلتزم بها المجتمع، فالصدق والأمانة والعفة ليس التحلى بها موضع اجتهاد، على أنه لا يغيب عن البال أن الإسلام قد ربط دائما العمل بالنية وحاسب عليها فقد يتصدق المسلم وينفق أمواله بغية الذكر فى الدنيا أو التقرب من حاكم وهو فى هذا الحال مراء فلا يقبل الله منه هذا العمل، وفى سعى الرجل وكسبه للانفاق على زوجه وولده صدقة مع أنه يؤدى واجبا لزمه بعقد الزواج وبمقتضى الأبوة لطفله. فالاجتهاد فى الأحكام الشرعية لا يدخل نطاق ما حدده المشرع سبحانه بنص قاطع فى القرآن الكريم أو بقول الرسول أو فعله أو تقريره كما لا يدخل الاجتهاد فى أخلاقيات هذا الدين ولابد أن نفرق بين أخلاقياته وعادات الناس وأعرافهم لأن هذين يكتسبان وقد ينشآن عن أصل فى الدين أو البيئة أو تقليدا للغير ويجب رد كل أوليئك إلى النصوص الأصلية للشريعة احتكاما إليها {قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث} المائدة 100، {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول} النساء 59، ص 2 ما هو دور الشريعة الإسلامية فى تحقيق أهداف المجتمع روحيا وماديا ج - عنى الإسلام بتربية الفرد المسلم لأنه عماد الأسرة التى هى الخلية الأولى فى المجتمع الإنسانى فرباه على نقاء السيرة والسريرة وعلى الإخلاص والنصيحة لدينه وعشيرته لم يفرق بين بنى الإنسان بسبب اللون أو الجنس قال تعالى {إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} الحجرات 13، وفرض الصلاة وسن فيها الجماعة خمس مرات فى اليوم والليلة ثم صلاة أسبوعية جامعة ثم مؤتمرا سنويا أشتمل فى الحج كل ذلك لتصفو نفس الجماعة المسلمة بل الأمة الإسلامية وتجتمع على كلمة سواء. أرأيت كيف حث الله تعالى فى آياته على صدق العقيدة مع الإخلاص له وحده فى العبادة وعلى البر بالوالدين وصلة الرحم وإكرام اليتيم والمسكين والإحسان إلى الجار والرحمة بالفقير والمحتاج ومساعدة الضعفاء، ثم التحذير من البخل والرياء والنهى عن الكفر الجحود ومعصية الرسول إليك واحدة من هذه الآى {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} النساء 36، ورسول الله صلوات الله عليه يقول حماية للمجتمع (لا ضرر ولا ضرار) أرأيت أجمع وأشمل من هذه العبارة الوجيزة كيف جاءت بقاعدة شاملة تحمى الفرد والأمة. وقول الله {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} المائدة 2، ثم ما فرضه الإسلام من تكافل بين الأسرة الواحدة ثم بين الأسر المتجاورة ثم الأمة كلها، كل هذا متمثل فى نظام الزكوات والكفارات والصدقات والنذور والوصايا، ثم مع هذا وقبله دعوة هذه الشريعة الإنسان للعمل والكسب والعمارة محاطا بقواعدها فى بيان والحلال والمحرم من الكسوب والأموال قال جل شأنه {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله} الجمعة 10، اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا. وقال تعالى {وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه} الحديد 7، أليس الإنسان خليفة الله فى الأرض فما فى يده من مال ومتاع ملك لمولاه ومستخلف فيه، ومن هنا كانت شريعة الإسلام دواء لما أصابنا من علل وأمراض اجتماعية وتخلق فيه روح الصفاء والتآلف والبذل والعطاء ومع كل هذا تدفعه للعمل والكسب وعمارة الأرض حتى يكون قوى البناء كالجسد الواحد. س 3 ما مدى ضرورة الشريعة الإسلامية فى القرن العشرين ج - الإسلام دين ودنيا غير موقوت بعصر وأوان وإنما هو دين الله ما دامت على الأرض حياة، أرأيت إلى شريعة حفظت حياة الإنسان وكرامته أى إنسان منذ تحرك فى بطن أمه جنينا فمنعت الاعتداء على نفس الإناسن أو أى جزء منه بل حافظت على سمعته وبعدت به عن مواطن الاحتقار والإهانة وقدست حريته وجعلت كل هذا ضروريا وشرعت عقوبات التعدى قال تعالى {ولكم فى القصاص حياة} البقرة 179، وعقوبة القذف والزنا ثم حافظت على عقل الإنسان وسلامته، ومن أجل هذا حرمت الخمر وكل ما يضر بعقل الإنسان ثم حافظت على النسل الإنسانى فكان على الوالد كفالة والده. ومن هنا كان تنظيم الإسلام للزواج ومنع الاعتداء على الأعراض ثم حفظ الدين فكانت حماية العقيدة لأنها رابطة الإخلاص فى المجتمع، ونحن نرى من حولنا المجتمعات المادية منحلة متحللة لا تدعمها رابطة ولا تشدها عاطفة ثم المحافظة على المال، فبعد أن دعت إلى تحصيله بالطرث المشروعة وإنفاقه فى أوجه البر والخير منعت الاعتداء عليه بالسرقة أو الغصب أو أكله بالباطل رشوة أو تغريرا أو نصبا واحتيالا أو ربا. هذه الضروريا الخمس اعتبرها الإسلام غاية وأساسا لقيام المجتمع السليم، وذلك لا يختلف فى القرن العشرين عنه فى القرون السابقة بل اننا لو رجعنا البصر كرتين فى تاريخ الإسلام لوجدنا أن الأمة الإسلامية سادت نفسها وغيرها حين سادتها أحكام شريعتها وحين غفل المسلمون عن تطبيقها غاض خيرهم وانفض جمعهم وهانوا على أنفسهم وعلى غيرهم حتى تخطفتهم الأمم من حولهم، أليس التاريخ خير شاهد ثم أرايت نظاما قانونيا عاش أربعة عشر قرنا فما وهن لما أصاب أهله وما استكان لانصرافهم، تلكم هى الشريعة الإسلامية بسطت ظلها على الإنسان فى المجتمع المسلم نفسا ومالا وعيالا تدعمه وتنفث فيه من قوتها حتى يستوى عوده على هدى الله قال تعالى {إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا} الإسراء 9، س 4 ما موقف غير المسلمين فى حالة تطبيق الشريعة الإسلامية وهل تضار الوحدة الوطنية ج - يلزم أن يستقر فى الأذهان أن شريعة الإسلام قامت على اعتبارات من الدين والأخلاق والعدالة المطلقة بين الناس على اختلاف عقائدهم الدينية وهى فى تقديسها لهذه العدالة لم ترع المسلمين وحدهم بل كافة المواطنين، وحين حرمت التعدى والظلم وغيرهما من الموبقات لم تفرق بين المسلم وغير المسلم قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله} المائدة 8، أى لا ينبغى أن يحملكم أى خلاف مع آخرين بسبب ما كالمخالفة فى الدين على مجانبة العدل فى الأحكام ن ومن ثم فان الإسلام سوى فى الحكم والأحكام بين طوائف الناس جميعا، ومن هنا فان غير المسلمين إنما يلتزمون بالقانون الإسلامى كقانون فقط لا مساس فيه بالعقيدة ولا ما يتبعها من الأمور اللصيقة بها كمسائل الزواج والطلاق، ففى هذا الخصوص يقرر فقه الإسلام أن غير المسلمين يتركون وما يدينون، فيجب إذا ألا نخلط بين الإسلام كدين وبينه كقانون، وما لنا نذهب بعيدا فالشريعة كقانون مطبقة فعلا على جميع المصريين دون حرج أو اعتراض، فهذه قوانين الميراث والوصية الوقف والولاية على المال جميعها مصدرها الوحيد فقه الشريعة الإسلامية والك راض بها ووحدة الأمة مصونة فى ظلها، وقد كانت البلاد العربية فى إبان حضارتها يحكمها قانون واحد يتمثل فى الشريعة الإسلامية التى ظلت سائدة مطبقة تطبيقا شاملا فى مختلف النواحىة على مدى قرون طويلة دون تفريق بين المسلم وغير المسلم، بل الكل أمام قانونها سواء كما يأمر بذلك النص القرآنى الكريم سالف الذكر، فإذا عادت بلادنا إلى مقوماتها الأصلية تعين علينا الرجوع غلى هذه الثورة الفقهية لنقنن منها أنزة تتسق مع حاجات العصر، وإلا فهل يرضى غير المسلم أن لا يعاقب سارقه بقطع يده إذذا ثبتت السرقة ثبوتا شرعيا بل هل يليق أن يترك من يعتدى على عرض غير المسلم دون عقاب رادع إن نظام التجريم فى فقه الإسلام مقصوده الزجر والردع عن اقتراف تلك الجرائم، بل والعلاج الحاسم للعود، ثم هل هناك مجتمع يشفق أو يرحم من يسرق أمواله ويهتك أعراضه ويروع الأطفال والنساء، ان توفير الأمن فى الأمة وتقويم السلوك أمر متعلق بالنظام العام فى الدولة، وهو فى نفسه لا يمس عقيدة دينية ولا يحد منها، ولقد عاشت وحدة الوطن فى ظل القانون الإسلامى أكثر من ثلاثة عشر قرنا من الزمان أمن فيه غير المسلمين قبل المسلمين على أموالهم وأعراضهم وأنفسهم، فالمسلم يقتص منه عدلا بقتل غير المسلم كما يرجم إذا زنى بغير المسلمة كما تقطع يده إذا سرق المال. والحال كذلك بالنسبة للجانى إذا كان غير مسلم لأن القصد هو سلامة المجتمع كله ومعاقبة المجرم أيا كان دينه ليصلح المجتمع. ومن هذا يتضح أن طبيعة العقوبات فى الشريعة لا تسمع بالتفريق فى العقوبة بين الأفراد لأى سبب أو وصف من الأوصاف إذ العقوبة مقررة للجريمة حتى تسرى النصوص الحنائية على الكافة. س 5 ما هو رأى فضيلتكم فيما يثار حول الردة ج - ان الأساس فى الشريعة فى التجريم هو حماية الأمة، ومن أجل هذا كانت الحدود فى الإسلام حازمة بالقدر الذى يكفى لاستئصال الجريمة وتأديب المجرم على وجه يمنعه من العودة إلى ارتكابها، بل ويزجر غيره عن التفكير فى مثلها، وعقيدة الجماعة فى حاجة إلى هذه الحماية حتى تعيش مستقرة، من أجل هذا كان حد الردة كغيره من الحدود المكافحة للجريمة الماسة بأمن المجتمع، ذلك لأن التساهل يؤدى حتما إلى تحلل الأخلاق وفساد المجتمع، وفى تطبيق حد الردة على المسلم الذى يرتد عن الإسلام استقرار للعقائد الدينية السماوية المتآخية فى هذا الوطن، ولمنع هؤلاء اذين يتنقلون بين الأديان لأهواء فاسدة لا يقرها الدين أى دين، والمحاكم مليئة بالمنازعات التى ثارت بين الأزواج، والتى لجأ بعض الأطراف فيها إلى اعتناق دين غير دينه هربا من الزوج أو من الزوجة. أو قصدا للزواج بمن لا تدين بدينه، ومن الأمور الثابتة أن رجال القانون المصريين من غير المسلمين قد شاركوا فى تقنين المواريث والوصية ولاوقف والولاية على المال من فقه الإسلام، بل وكثير من أحكام التقنين المدنى من هذا الفقه. ومن يتصفح محاضر لجان مجلس الشيوخ والنواب فيما قبل يوليه سنة 1952 يجد ذلك واضحا، كما يجد أن هؤلاء القانون لم يتعترضوا على هذا التقنين، وأمر آخر يجب أن يكون فى الحسبان أن آثار الردة مطبقة فعلا فى المواريث وغيرها، فإذا جاءت الدولة الآن لتقنن أمرا قائما تحمى به وحدة الأمة وهذه الوحدة مسألة أمن دولة يقضى بها الدستور فإن على جميع المواطين أن يعوانوا فى هذا السبيل، ثم أين هى حوادث الارتداد الفعلى ان الواقع هو حيل قانونية لا تتصل بالعقيدة وإنما تتخذ وسلة للهروب من التزامات أو الحصول على مكاسب ليست حقا ن ولعل الحقائق التاريخية الثابتة شاهدة على أن غير المسلمين عاشوا بين مواطنيهم المسلمين ثلاثة عشر قرنا من الزمان، وقد كان الجميع شركاء فى السراء والضراء والكل فى الوطن مواطن، وكما سبق أن قلت ان الحدود تطبيق قانونى على الجميع وإن إنفاذ حد الردة يحمى العقائد الدينية ويجعل الثبات عليها والالتزام أمرا مستقرا. س 6 ما رأى فضيلتكم فى أن التشريع الإسلامى يعتمد اعمادا كبيرا على ضمير الفرد وإحساسه برقابة الله تعالى وأنه بغير هذا المضير وهذا الاحساس لا يمكن أن يستقيم التطبيق، وإنما يقتضى وجودهما إعداد جيل جديد على أساس خلق الإسلام وقيمة ومبادئه. ج - إننا لا نبدأ من فراغ، فالدين الإسلامى قائم بحمد الله المعبود، ونحن نتلو القرآن الكريم ونسمعه ونعم بشرعه فى الكثير من نواحى الحياة وليست الصلة منقطعة بين الإسلام وواقع الحياة، فان التقنين المدنى فى مصر قد أخذ بالكثير من قواعد الفقه الإسلامى وقانون العقوبات أكثره يدخل تحت باب التعازير، والإسلام حين علم المسلم أن الله مطلع عليه ومراقب له قال تعالى {يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور} غافر 19، وقال جل شأنه {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} المجادلة 7، وحين وضح الرسول صلوات الله وسلامه هذا بقوله (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى) إنما أراد بهذا أن يكون المسلم سليم السيرة والسريرة. فالأخلاق ترتبط فى الإسلام أشد الارتباط بالقانون المستنبط من القرآن والسنة، ولكنه من الخطأ أن يقال أنه لا تمييز بين السلوك أو الأخلاق وبين القواعد القانونية، لأن الإسلام وإن جعل التربية الخلقية جزءا من العمل يخضع للثواب والعقاب، إلا أن الفقه الإسلامى قد ماز بين قواعد الأخلاق وقواعد القانون. ففى كتب هذا الفقه على اختلاف مذاهبه يفرقون بين ما هو واجب قانونا ويعبرون عنه بقضاء وما هو واجب ديانة أى خلقيا دون جزاء دنيوى، بل ان القرآن الكريم قد جنب هذه عن تلك فجاءت نصوصه فى الحدود سابغة قاطعة وفى الأخلاق بقوله تعالى {ولا تطع كل حلاف مهين. هماز مشاء بنميم. مناع للخير معتد أثيم} القلم 10، 11، 12، {ويل لكل همزة لمزة. الذى جمع مالا وعدده} الهمزة 1، 2، فهذا من قبيل قواعد الأخلاق التى يحاسب عليها المسلم فى الآخرة، ولم يفرض لها جزاء فى الدنيا، والإسلام حين يسبغ على القاعدة القانونية صفة الأخلاق إنما يريد أن يقرها فى نفس المجتمع ليحاسب كل فرد نفسه. ومن هذا يتضح أننا لسنا فى حاجة إلى التريث فى تطبيق الشريعة الإسلامية فى الحكم والقضاء حتى نعد جيلا جديدا على أساس خلق الإسلام وقيمه ومبادئه، لأننا أمة مسلمة نقيم أمور الإسلام ولا ينقصنا إلا القليل نبغى استكماله، وبه يعتدل سلوكنا على الجادة. س 7 هل تنفضل فضيلتكم بتفصيل العلاقة بين السياسة والدين فى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. ج - لعل الرد على هذا التساؤل فى آيات من القرآن الكريم وعدة من أحاديث الرسول صلوات الله وسلامه عليه، ففى القرآن قول الله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} النساء 58، إلى آخر هذه الآية والتى تليها. فقد قال العلماء فى شأن هاتين الآيتين ان فيهما جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة. ومن هنا ندرك أن الإسلام نظم أمور الناس فى علاقتهم بربهم وفى علاقاتهم الأسرية وحقوق الجيرة، ثم سياسة الدولة، فجعل الحكم شورى ورسم طريق العدالة المطلقة، والمتتبع لآيات القرآن وأحاديث الرسول يرى صنوف السياسة وقواعدها فى إدارة أمور الناس وحسن اختيار الحكام والقضاة، كما يرى أن الإسلام والسياسة متداخلان لا انفصام بينهما لأنه دين ودنيا يسوس نفس الإنسان ويهذبها بالعبادات وصالح العمل، ويسوس علاقة الإنسان بزوجه وولده ووالديه والناس جميعا، ويضع لكل علاقة حكما وحدا، ولكل عمل مواصفات العامل الذى يقول به، يتمثل هذا فى قول الرسول الأمين إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات. حتى فى الصلاة وضع معايير لمن يؤم الناس فيها (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى فإن كانوا فى القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فان كانوا فى السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا فى الهجرة سواء فأقدمهم سلما ولا يؤمن الرجل الرجل فى سلطانه ولا يقعد فى بيته على تكرمته إلا بإذنه) رواه مسلم. وقد حمل إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه مال عظيم من الخمس فقال (ان قوما أدوا الأمانة فى هذا لأمناء فقال له بعض الحاضرين انك أديت الأمانة إلى الله تعالى الأمانة إليك ولو رتعت رتعوا) من هذا وغيره مما تزخر به كتب هذه الشريعة من نصوص وآثار يبدون جليا أن الإسلام لا يفارق السياسة وإنما هو دين وسياسة، ولذلك فالنصوص التشريعية فى القرآن والسنة عامة تعرض لكليات الأمور مقرونة بحكمة تشريعها والمصلحة التى اقتضتها للارشاد إلى استنباط الأحكام لما يجد من أحداث فى العلاقات الخارجية كدولة وفى العلاقات بين الأفراد بل وبينهم وبين أولياء أمورهم على اختلاف صنوفهم. أرأيت بعد هذه الإشارات كيف أن الإسلام شريعة وعقيدة لا ينفصل عن السياسة ولا تضر به لأنه صمام الأمن والأمان لها. س 8 كيف يمكن استخلاص أسس التلاحم المنشود بين أصول الشريعة الإسلامية والتشريع العصرى بما يوافق البنيات أو التركيب الحضارى الراهن لعصرنا ومجتمعنا ج - لا جدال فى أن مصدر الأحكام فى الشريعة الإسلامية هو نصوص القرآن والنسة وما يلحق بهما مما أجمعت عليه الأمة ثم ما هدى إليها اجتهاد علمائها على أساس هذه الأصول، وأن النصوص منها العام القطعى مثل قول الله سبحانه {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} المائدة 1، {وما جعل عليكم فى الدين من حرج} الحج 78، {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} النساء 29، وهناك نصوص قطعية خاصة مثل آيات المواريث وتحريم الربا والزنا والخمر والميسر، ومما أجتمعت عليه الأمة بطلان زواج المسلمة بغير المسلم ووجوب نفقه الزوجة على زوجها، ومما قطعت فيه السنة، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. وفى هذا النطاق يدور استنباط الأحكام من هذه المصادر فى باب المعاملا وفى التقنين الإدارى والاقتصادى والتجارى والجنائى ما دامت فى نطاق القواعد العامة لهذه الشريعة، ويضيق الوقت والنطاق عن تلاوة آيات القرآن الكريم التى نصت أو أشارت إلى قواعد قانونية فى شتى فروع القانون، كما اصطلحنا على تسميتها الآن، ففى كتاب الله أهم قواعد القانون الدولة المتعلقة بالسلم والحرب والمعاهدات، ففيه قاعدة المعاملة بالمثل وفيه حكم الأسرى فى الحروب والالتزام بالمبرم من المعاهدات والوفاء بها ووجوب إعلان إلغاء المعاهدات دون عذر، وفى هذا يقول فقيه مسلم (وفاء بعهد من غير غدر خير من غدر بغدر) وفى القرآن الدعوة إلى السلم وفيه العمل على الصلح بين التنازعين وردع المعتدين، وفيه المساواة بين الناس والدعوة إلى تحكيم الحجة والبرهان والمجادلة بالحسنى وصولا للحق، وفيه المساواة بين الرجل والمرأة فى الأهلية حيث حفظ لها رأيها وحريتها لا تذوب ولا تؤول إلىولاية زوجها كما تقرر أكثر قوانين الغرب الذى نسعى إلى تقليده، وفيه القواعد العامة للمعاملات المدينة، وفيه مبادىء قانون الإثبات مدنيا وجنائيا، وفيه أحكام الزواج والطلاق وتنظيم أمور حقوق الزوجين وفاقا وافتراقا، وحقوق الأولاد والوالدين وذوى القربى، وفيه عقوبات محددة للجرائم الماسة بأمن وسلامة المجتمع وثمة جرائم أخرى ناط تقدير العقوبة عليها بأولياء الأمور وهذه موضع الاجتهاد ومحل للتعديل والتبديل تبعا لتطور الأزمان، وكما قيل يحدث للناس أقضية بقدر ما يحدثون وهذا هو مؤدى القول المشهور. إن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان. إذ عموم قواعدها ومرونتها تجعلها غير جامدة ولا هامدة، ولا مانع إطلاقا من تحكيم العرف والعادة إذا لم يصادما نصا قطعيا فى القرآن والسنة أو إجماعا سابقا للأمة فى عصر من العصور، وقد جرت نصوص الفقهاء المسلمين بذلك بل ان الدولة الإسلامية حين امتدت أطرافها نقل عمر بن الخطاب نظام الداوين وطرق جباية الموال عن الفرس والروم واستخدمهم فى هذه الأعمال للقيام بها ولتدريب المسلمين عليهيا. ومن هنا كان لنا أن ننقل عن غيرنا ما لا يناقض أصول الإسلام. وبعد فان كتب فقه الإسلام على اختلاف مذاهبه تحوى الكثير الوفير من القواعد العادلة التى تعالج مشاكل مجتمعنا بروج العصر دون تضييق أو خروج على أحكام الإسلام العامة والخاصة القطيعة، وأنه ينبغى أن تكون تلك القواعد هى المورد للمقننين والمصلحين بدلا من أن نستورد ما نشأ على غير أرضنا وفى غير بيئتنا وعادانا، وسنجد - ان فعلنا ذلك - أن تشريعنا المستمد من أصول الإسلام عصرى يواكب هذه الحضارات التى نعيشها، ويقول المجتمع إلى بر الأمن والسلام حافظا عليه دينه وتقاليده مشمولا برضى الله الذى رضى لنا هذا الدين وجعلنا خير أمة {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} آل عمران 110. ے (7/354) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 8:47 pm | |
| أحوال النبى عيسى عليه السلام
المفتي جاد الحق على جاد الحق. جمادى الأولى 1399 هجرية - 24 أبريل 1979 م
المبادئ 1 - رفع الله سبحانه وتعالى عيسى عليه السلام من بين أعدائه فلم يقتلوه ولم يصلبوه كما يزعم من يزعم الآن وقد التبس أمره على خصومه وقت القبض عليه بالاشتباه الذى كان سببا فى نجاته منهم. 2 - ينبغى الوقوف عند حد المسكوت عن بيانه فى آيات القرآن الكريم. 3 - نفى القتل والصلب عن عيسى عليه السلام وإثبات رفعه لا يجوز جحوده ومن جحده كان مرتدا. 4 - جمهور أهل العلم على أن عيسى عليه السلام حى عند الله تعالى حياة لم تثبت كيفيتها ولا طبيعتها. 5 - العقيدة الإسلامية إنما تثبت بالأدلة القطعية الثبوت والدلالة من القرآن والسنة ونزول عيسى عليه السلام لم يثبت بدليل قطعى الثبوت والدلالة من القرآن والسنة فمن حجد ذلك لا يكون به مرتدا. 6 - ما ورد من الأحاديث الدالة على نزول عيسى عليه السلام وأن ذلك من علامات الساعة تقبلها جمهور العلماء بقبول حسن. 7 - القول بموت عيسى عليه السلام فعلا من الاعتقاد برفعه إلى الله سبحانه وتعالى وعدم قتله وصلبه لا يقتضى ردة صاحب هذا القول. 8 - ليس هناك ما يؤكد أن عيسى عليه السلام قد نشر دعوته فى الهند وأفغانستان والسند وإيران، وإنما انتشر ذلك بفعل اتباعه وجهدهم. 9 - الترجمة الحرفية للقرآن الكريم غير جائزة شرعا
السؤال بالكتاب الوارد من / عميد معهد علوم الشريعة الإسلامية - بجنوب أفريقيا - بتاريخ 10 من ذى القعدة سنة 1398 هجرية الموافق 3/10/78 م والمقيد برقم 284/1978 المطلوب به فتوى عن أحوال النبى عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلوات وأتم التسليم - والمحدد به الأسئلة التالية: 1 - ما هو حال النبى عيسى وفق الكتاب والسنة الشريفة الثابتة. 2 - ما حكم من قال ان عيسى قد مات. 3 - هل توجد أية أدلة تدل على أن عيسى قد نشر دعوته لأناس فى الهند وأفغانستان والسند وإيران. 4 - لماذا لم تطبع ترجمة القرآن الكريم فى دولة إسلامية إذ أن الترجمة التى نشرها أساتذة مسلمون من الهند بينهم من يدعى / محمد أسد - جاء فيها أن النبى عيسى عليه السلام مات وأن اعتقاد المسلمين فى عودته خطأ
الجواب إن القرآن الكريم قد أخبر بنهاية أمر عيسى السلام مع قومه فلا ثلاث سور على الوجه التالى: 1 - قال الله تعالى فى سورة آل عمران {فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون. ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين. ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين. إذ قال الله يا عيسى إنى متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون} آل عمران 52 - 55. 2 - قال الله تعالى فى سورة النساء {وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفى شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا. بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما} النساء 157، 158. 3 - قال الله تعالى فى سورة المائدة {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لى أن أقول ما ليس لى بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك إنك أنت علام الغيوب. ما قلت لهم إلا ما أمرتنى به أن اعبدوا الله ربى وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شىء شهيد} المائدة 116، 117، صدق الله العظيم. تأويل قوله تعالى {متوفيك} وأصل مادة توفى فى لغة العرب. لفظ {إنى متوفيك} فى آيات سورة آل عمران ولفظ {فلما توفيتنى} فى آيات سورة المائدة لامتبادر منهما أن عيسى عليه السلام قد مات لن كلمة (توفى) وردت فى القرآن الكريم بمعنى الموت، حتى صار هذا المعنى هو المتبادر منها عند النطق بها، كما يأتى لفظ (توفيت) فى اللغة بمعنى القبض والأخذ، وعلى هذا يكون معنى {إنى متوفيك} ، {فلما توفيتنى} إنى قابضك من الأرض، كما يقال توفيت من فلان ما لى عليه بمعنى قبضته واستوفيته - ويأتى لفظ (يتوفى) بمعنى النوم كما فى قوله تعالى فى سورة الأنعام فى الآية 60 (وهو الذى يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم غليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم بعملون). ففى هذه الآية جاء لفظ (يتوفى) ، مقصودا به النوم، كما استعمل لفظ (يبعث) - الذى يشير عادة إلى البعث فى الحياة الأخرى بعد الموت فى الدنيا - بمعنى الأيقاظ من النوم وعلى هذا فإنه يمكن أن يقصد بلفظ (إنى متوفيك) و (فلما توفيتنى) معنى النوم أيضا بدلا من الوفاة بمعنى الموت السابق ذكره. تأويل قول الله {ورافعك إلى} {بل رفعه الله إليه} فلفظ {ورافعك إلى} فى آيات آل عمران و {بل رفعه الله إليه} فى آيات سورة النساء فسره جمهور المفسرين على أن الله رفع عيسى عليه السلام إلى السماء - واللفظ الأخير {بل رفعه الله إليه} اخبار عن تحقيق ما وعد الله به فى آيات آل عمران بقوله تعالى {إنى متوفيك ورافعك إلى} وقد جاء لفظ الرفع فى القرآن الكريم بالرفع المادى المعنى الذى يدل على التشريف والتكريم، وإذا كان القول بالرفع المادى هو المقبول لأن به نجاة عيسى عليه السلام من أعدائه فعلا روحا وجسدا لزم عليه أن يسبق هذا الرفع المادى موته حيقيقة أو حكما بالنوم، لأن فى رفعه حيا بحياته العادية فى الدنيا تعذيبا له لما علم الآن بالتجربة العلمية من أن الإنسان كلما صعد فى الجو إلى أعلى ضاق صدره لقلة الاكسوجين فى الهواء كما يقول العلماء التجريبيون الآن. ولعل الآية الكريمة فى سورة الأنعام تشير إلى صدق هذه التجربة العلمية (يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء) من الآية رقم 125. فجماع ما تقدم يشير إلى أن الله سبحانه وتعالى رفع عيسى عليه السلام وأنجاه من القتل والصلب، يعنى أنه توفاه وأماته إما حقيقة أو حكما بالنوم ليعفيه ويجنبه بهذه التوفية أقسى العذاب الذى يتعرض له الجسد الإنسانى الحى لو صعد بحالته العادية فى الدنيا إلى السماء، أو أنه رفع حيا وما زال كذلك حياة لا تدرى طبيعتها. تأويل قوله تعالى {ولكن شبه لهم} فلفظ {ولكن شبه لهم} فى آيات سورة النساء السابق تلاوتها اختلف المفسرون فى صفة التشبيه وكيفيته - على ما حكاه الطبرى فى تفسيره - فقال بعضهم إن اليهود حين أحاطوا بعيسى عليه السلام مع أصحابه لم يكونوا يعرفونه بشخصه وأشكل عليهم استخراجه بذاته من بين من كانوا معه لأن الله حولهم جيمعا إلى شبه عيسى وصورته، ولذلك ظنوا أن من قتلوه هو عيسى وليس كذلك. وقال آخرون ان شبه عيسى ألقى على أحد أصحباه فأخذه اليهود وقتلوه. ويأتى لفظ (شبه) فى اللغة العربية بمعنى لبس الأمر من قولهم اشتبهت الأمور وتشابهت التبست فلم تتميز ولم تظهر ومنه اشتبهت القبلة ونحوها أى لم تتبين جهتها - ومعنى (ولكن شبه لهم) على هذا أن الأمر بشأن المصلوب لبس على من قبضوا عليه وحاكموه ومن صلبوه، وأن الذى جعل الأمر يلتبس عليهم أن الله قد خلص المسيح عليه السلام ورفعه إليه دون أن يدرك ذلك من حضروا للقبض عليه بعد أن التبس عليهم شخصه وذاته فواقع المر قد لبس عليهم أو التبس واختلط فلم يدركوا ذات المسيح عليه السلام. ويمكن أن يقال أيضا إن قوله تعالى {ولكن شبه لهم} معناه أى وقعت الشبهة لهم فظنوا أنهم قتلوه مع أنهم قتلوا غيره ظانين أنه هو. وقد كذب الله سبحانه وتعالى وهمهم بقوله {وما قتلوه وما صلبوه} كما زعموا ولكن وقعت لهم شبهة فى ذاته فقتلوا وصلبوا غيره. ومن هذا العرض لما تحمله هذه الآيات فى شأن وفاة عيسى عليه السلام وهل كانت وفاة موت أو وفاة نوم أو وفاة قبض ونقل ورفع وما يحتمله قوله تعالى {ورافعك} وقوله {بل رفعه الله إليه} من الرفع المادى بمعنى أنه نقله بذاته وجسمه من بين من أرادوا القبض عليه وقتله فلم يمكنهم منه أو أن الرفع أدبى ومعنوى رفع مكانة وتشريف وما قيل فى قوله تعالى {ولكن شبه لهم} من هذا يظهر اختلاف العلماء فى شأن عيسى عليه السلام. المختار من هذه التأويلات والذى اختاره أن الله سبحانه وتعالى قد رفع عيسى عليه السلام من بين أعدائه ولم يمكنهم من القبض عليه فلم يقتلوه ولم يصلبوه كما يزعم أتباعه الآن وأن أمره التبس واشتبه على خصومه بأى طريق من طرق التلبس بالاشتباه التى أرادها الله سبحانه وأنجاه الله بها ولم تفصح الآيات المتلوة آنفا عن هذا الطريق بل جاء الفعل (شبه) بالبناء للمجهول الأم الذى كثرت فى بيانه واستبانته الأفهام، ومن الحكمة وحسن التأويل لآيات القرآن الكريم الوقوف عند ما سكتت عن بيانه والكف عن استكشاف مالا طائل وراءه لأنه غير ثابت فطعا - إذ المر الذى تفيده قطعا تلك الآيات أن الله تعالى لم يمكن اليهود من قتل عيسى عليه السلام وصلبه ولكن شبه لهم والتبس أمره عليهم فلم يعرفوا ذاته وقطع القرآن فى رفعه من بين أظهرهم واستخلاصه من أيديهم بقوله تعالى {وما قتلوه يقينا. بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما} ما يجب الإيمان به وبذلك تكون العقيدة الصحيحة للمسلم فى هذا هو ما قطعت به هذه الآية من نفى قتل عيسى عليه السلام وصلبه ومن إثبات رفعه إلى الله تعالى، فهذا القدر لا يجوز لمسلم جحوده، ويخرج عن الإسلام من اعتقد ما يقول المسيحيون الآن من قتل ذاات هذا النبى وصلبه. أما رفعه عليه السلام حيا أو ميتا أو نائما إن كان حيا وما مكانه وما كيفية حياته وهيئتها فان هذا مما اختلف فى شأنه العماء إذ لم تفده آيات القرآن الكريم على وجه قطعى الدلالة. وجمهور أهل العلم على أن عيسى عليه السلام حى عند الله تعالى حياة لم تثبت كيفيتها ولا طبيعتها مستدلين بما سنورده فيما يلى عن واقعة نزوله وعودته إلى الأرض. نزول عيسى إلى الأرض يدل مجموع الأحاديث المروية فى كتب السنة على أن عيسى عليه السلام سينزل إلى الأرض داعيا بالإسلام وحاكما بشريعته ومتبعا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. من هذا ما أخرجه البخارى فى صحيحه فى كتاب الأنبياء عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (والذى نفسى بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فليكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية (أى يلغيها ولا يقبلها من أحد من أهل الأديان الأخرى إذ لا يقبل منهم غير الإسلام دينا) ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها) ثم قال أبو هريرة أقرءوا إن شئتم قول الله تعالى {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا} النساء 159، وقد رواه مسلم فى صحيحه هكذا عن أبى هريرة وزاد أنه (يقتل الدجال) ما حكم من جحد نزول عيسى هذا الحديث الشريف وأمثاله ليس من الأدلة القطيعة الثبوت والدلالة لأنه ليس من المتواتر فلا يفيد قطعا نزول عيسى عليه السلام للأرض. كذلك لم تفد آيات القرآن الكريم نزوله على وجه قاطع، وإن كانت الآيتان 159 من سورة النساء، 61 من سورة الزخرف تحتملان الدلالة على هذا فى أحد التأويلات الكثيرة لكل منهما والتى أوردها الكبرى فى تفسيره. ولما كانت أسس العقيدة الإسلامية إنما تثبت بالدليل القطعى الثبوت والدلالة من القرآن والسنة. فإن من جحد نزول عيسى عليه السلام وعودته إلى الأرض لا يخرج عن الإسلام ولا يعتبر كافرا لأن ماحجده غير ثابت بدليل قطعى من القرآن أو السنة. ومع هذا فقد تقبل جمهور أهل العلم منذ حدث رواة هذا الحديث به وبأمثاله من الصحباه رضوان الله عليهم ومنذ أن دونت السنة الشريفة تقبلوا الأحاديث الشريفة الدلالة على نزول عيسى عليه السلام وعودته إلى الأرض قبولا حسنا وآمنوا بها وعدوا نزوله من أشراط الساعة وعلاماتها الكبرى. وأختار طريق هؤلاء والاقتداء بهم باعتبار ذلك خبرا عن المعصوم صلوات الله وسلامه عليه وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى مع عدم تكفير من يجحد نزول عيسى عليه السلام ما حكم من قال بموت عيسى ما كانت عبارة القرآن الكريم فى قوله تعالى {إنى متوفيك} فى آيات سورة آل عمران {فلما توفيتنى} فى سورة المائدة تحتمل الموت والنوم والاستيفاء والقبض على ما سبق بيانه فإنه مع هذه الاحتمالات تكون دلالة الآيات على حياته عليه السلام الآن غير قاطعة، فمن قال من المسلمين بموته فعلا يكون متأولا لما يحتمل التأويل فلا يخرج بهذا القول من الإسلام ولا يعتبر كافرا ما دام معتقدا ومقرا بأن الله سبحانه وجلت قدرته قد رفعه إليه من بين أعدائه ولم يمكنهم من قتله وصلبه امتثالا وتصديقا لقوله تعالى {وما قتلوه يقينا. بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما} هل نشر عيسى دعوته بالهند أما أن عيسى عليه السلام قد نشر دعوته فى الهند وأفغانستان والسند وإيران فليس هناك ما يؤكد هذا الزعم وإنما انتشرت بفعل أتباعه وجهدهم كما هو ملموس الآن من انتشار جماعات التبشير التى تلبس ثوب الإصلاح الاجتماعى والتطبيب العلاجى أو تفتح المدارس للتعليم فى المجتعمات التى تغلب فيها الأمية. هل تجوز ترجمة القرآن الكريم أما عن ترجمة القرآن الكريم فإن الترجمة الحرفية لآيات القرآن الكريم غير جائزة شرعا، وإنما تجوز ترجمة المعنى والتفسير، فإذا وجدت ترجمة لفظية للقرآن فيجب ألا يعتمد عليها ولا تعتبر قرآنا. وانا نأمل أن تقوم الجهات المعنية بترجمة تفسير مختار للقرآن الكريم بدلا من الترجمة المشار إليها فى السؤال وغيرها من الترجمات المنتشرة فى الغرب والشرق بيد المستشرقين أو بعض المسلمين الذين لا يحسنون صنعا. والله الموفق والهادى إلى الصراط المستقيم وهو سبحانه وتعالى أعلم (7/355) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 8:48 pm | |
| نقل الأعضاء من انسان إلى آخر
المفتي جاد الحق على جاد الحق. محرم 1400 هجرية - 5 ديسمبر 1979 م
المبادئ 1 - الإيصاء ببعض أجزاء الجسم لا يدخل فى نطاق الوصية بمعناها الشرعى. 2 - إرادة الإنسان بالنسبة لشخصه مقيدة بعدم إهلاك نفسه. 3 - يجوز نقل عضو أو جزء عضو من إنسان حى متبرع لوضعه فى جسم إنسان حى بشروطه، كما يجوز نقل الدم من إنسان لآخر بذات الشروط متى غلب على ظن الطبيب واتفادة هذا الأخير بهذا النقل. 4 - يكون قطع العضو أو جزئه من الميت إذا أوصى بذلك قبل وفاته، أو بموافقة عصبته. وهذا إذا كانت شخصيته وأسرته معروفة. وإلا فبإذن النباية العامة. 5 - يمتنع تعذيب المريض المحتضر باستعمال أى أدوات أو أدوية متى بان للطبيب أن هذا كله لا جدوى منه. 6 - عند تزاحم المرضى على ضرورة نقل عضو أو دم إليهم بينما الموجود عضو واحد أو كمية دم لا تكفى إلا لواحد منهم يكون للطبيب إيثار بعضهم بذلك إذا غلب على ظنه انتفاع ذلك المريض به وإلا تجرى القرعة بينهم فى ذلك
السؤال 1 - هل يجوز الوصية بقطع عضو أو جزئه من الميت إذا أوصى بذلك أو بموافقة عصبته. 2 - هل ينطبق على هذه الوصية المعنى الشرعى أو القانونى أو اللغوى. 3 - هل يجوز تببرع إنسان حى بعضو من أعضاء جسده لشخص آخر مهدد بالموت أو التبرع ببعض دمه، وما معيار ذلك وهل يجوز اقتضاء مقابل مادى فى نظير العضو أو الدم المتبرع به. 4 - هل يمكن نقل عضو من ميت دون وصية منه أو ترخيص من ورثته. ومن أصحاب الحق فى هذا الترخيص شرعا. 5 - ما هو التعريف الفقهى للموت. ومتى يعتبر الإنسان ميتا. 6 - ما حكم شق بطن من ماتت حاملا وجنينها حى، وما إذا مات الجنين فى بطن أمه وما حكم شق شطن الميت لاستخراج ما يكون قد بالتلعه من مال قبل وفاته وآراء الفقهاء فى ذلك والرأى المختار للفتوى. 7 - ما حكم المفاضة بين عدد من المرضى تساوت حالتهم المرضية فى وجوب نقل عضو أن نقل دم مع عدم وجود أعضاء أو كمية من الدم أو الدواء كافية لإنقاذ الجميع. 8 - ما حكم الإسلام فى استعمال الأجهزة الطبية التى تساعد على التنفس والنبض مع التأكد من موت الجهاز العصبى. وقد وردت تلك الأسئلة بالطلب المقدم من السيد / المستشار عبد المجيد أبو طالب - المقيد برقم 149 سنة 1979 المتضمن أنه قد انتشر فى بلاد الغرب التبرع أو الإيصاء ببعض أجزاء الجسم بعد الوفاة خدمة للمرضى المحتاجين إليها كالكلى والقرنية وغيرها - ويطالب بعض الأطباء فى مصر بنشر هذا التقليد النافع. وأن للسائل رغبة فى مسايرتهم للاعتبارات الإنسانية - إلا أنه يخشى أن يكون فى ذلك مخالفة لتعاليم الدين أو امتهان للجسم البشرى. وبالطلب المقدم من السيد / ناجى مصطفى كمال - الطالب بنهائى طب الأزهر والمقيد برقم 177/979 الذى جاء به أن لديه رغبة فى كتابة وصية نصها (أتبرع بجسدى بعد الوفاة لمشرحة كلية طب جامعة الأزهر للاستفادة من الأعضاء السليمة إذا لزم الأمر لزراعتها للمحتاجين إليها من المسلمين أو للاستفادة بها بقسم التشريح للدراسة العملية لطلاب الكلية) . وطلب السائل الأول بيان ما إذا كان يوجد من النصوص الشرعية والفقهية ما يؤيد اتجاهه وطلب السائل الآخر بيان ما إذا كانت وصيته على هذا الوجه مقبولة من الناحية الشرعية، وإذا لم تكن مقبولة شرعا، فهل هناك قانون وضعى يبيح هذه الوصية
الجواب إن الوصيلة فى اصطلاح فقهاء الشريعة الإسلامية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت، وبهذا المعنى تكون الوصية شرعا جارية من الأموال والمنافع والديون وقد عرفها قانون الوصية بأنها. تصرف فى التركة مضاف لما بعد الموت. وبهذا فإن الإيصاء ببعض أجزاء الجسم كما جاء فى السؤال لا يدخل فى نطاق الوصية بمعناها الاصطلاحى الشرعى، لأن جسم الإنسان ليس تركة ولكنه يدخل فى المعنى اللغوى للفظ الوصية، إذ هذا للفظ يطلق بمعنى العهد إلى الغير فى القيام بفعل شىء حال حياة الموصى أو بعد وفاته. كما أن التبرع بجزء من الجسم حال الحياة هل يجوز شرعا باعتبار أن الإنسان صاحب التصرف فى ذاته أو غير جائز باعتبار أن هذه الإرادة ليست مطلقة بدليل النهى شرعا عن قتل الإنسان نفسه. والذى أختاره أن كل إنسان صاحب إرادة فيما يتعلق بشخصه وإن كانت إراة مقيدة بالنطاق المستفاد من قول الله تعالى فى سورة البقرة {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين} البقرة 195، وقوله سبحانه فى سورة النساء {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} النساء 29، يدل لذلك ما ساقه الفقهاء من نصوص فى شأن الجهاد بالنفس وتعريضها بذلك للقتل، وما أوجبه الإسلام فى شأن إنقاذ الغرقى والحرقى والهدمى مع ما قد يترتب على ذلك من هلاك المجاهد أو المنقذ، فإذا جزم طبيب مسلم ذو خبرة أو غير مسلم كما هو مذهب الإمام مالك بأن شق أى جزء من جسم الإنسان الحى بإذنه وأخذ عضو منه أو بعضه لنقله إلى جسم إنسان حى آخر لعلاجه إذا جزم أن هذا لا يضر بالمأخوذ منه أصلا إذ الضرر لايزال بالضرر ويفيد المنقول إليه جاز هذا شرعا بشرط ألا يكون الجزء المنقول على سبيل البيع أو بمقابل، لأن بيع الإنسان الحر أو بعضه باطل شرعا. وبعد هذا فإن السؤال المطروح هل يجوز شرعا للانسان التبرع أو الإيصاء ببعض أجزاء جسمه بعد الوفاة خدمة للمرضى المحتاجين كالكلى والقرنية وغيرها أو لا يباح ذلك لا جدال فى أن الله سبحانه كرم الإنسان وفضله على كثير من خلقه، ونهى عن ابتذال ذاته ونفسه والتعدى على حرماته حيا وميتا. وكان من مقاصد التشريع الإسلامى حفظ النفس، كما تدل على ذلك الآيتان الكريمتان المتلوتان آنفا، ويدل على تكريم الإسلام للموتى من بنى الإنسان ما شرع من التكفين والدفن وتحريم نبش القبول الا لضرورة، كما يدل على هذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن كسر عظم الميت بقوله (كسر عظيم الميت ككسره حيا) . وإذا كان الإسلام قد كرم الإنسان حيا وميتا فهل يجوز شق جسده بعد الوفاة ومتى. حين نرجع إلى كتب الفقه الإسلامى التى بأيدينا نرى أن الفقهاء قد تحدثوا فى باب الجنائز عن شق بطن من ماتت حاملا وجنينها حى وما إذا مات الجنين فى بطن أمه، وفى هذا يقول فقهاء المذهب الحنفى حامل ماتت وولدها حى يضطرب، شق بطنها من الجانب الأيسر ويخرج ولدها، ولو بالعكس بأن مات الولد فى بطن أمه وهى حية قطع وأخرج، وذلك لأنه متى بانت علامة غالبة على حياة الجنين فى بطن الأم المتوفاة كان فى شق بطنها وإخراجه صيانة لحرمة الحى وحياته، وهذا أولى من صيانة حرمة الميت، ولأن الولد إذا مات فى بطن أمه الحية وخيف على حياتها من بقائه ميتا فى بطنها ولم يمكن إخراجه دوت تقطيع كان للقابلة إدخال يدها بآلة تقطعه بها وتخرجه حفظا لحياة الأم، وفى شأن شق البطن لإخراج ما ابتلعه الميت من مال قالوا إنه إذا ابتلع الإنسان مالا مملوكا له ثم مات فلا يشق بطنه لاستخراجه لن حرمة الآدمى وتكريمه أعلى من حرمة المال، فلا تبطل الحرمة الأعلى للوصول إلى الأدنى، أما إذا كان المال الذى ابتلعه لغيره فإن كان فى تركته ما يفى بقيمته أو ورقع فى جوفه بدون فعله فلا يشق بطنه، لأن فى تركته وفاء به ولأنه إذا وقع فى جوفه بغير فعله لا يكون متعديا، أما إذا ابتلعه قصدا فإنه يشق بطنه لاستخراجه لأن حق الآدمى صاحب المال مقدم فى هذه الحال على حق الله تعالى. سيما وهذا الإنسان صار متعديا ظالما بابتلاعه مال غيره فزالت حرمته بهذا التعدى. وفى فقه الشافعية أنه إن ماتت امرأة وفى جوفها جنين حى شق بطنها لأنه استبقاء حى بإتلاف جزء من الميت، فأشبه إذا اضطر إلى أكل جزء من الميت، وهذا إذا رجى حياة الجنين بعد إخراجه، أما إذا لم ترج حياته ففى قول لاتشق بطنها ولا تدفه حتى يموت، وفى قول تشق ويخرج. وعن ابتلاع الميت المال قالوا وإن بلغ الميت جوهرة لغيره وطالب بها صاحبها شق جوفه وردت الجوهرة، وإن كانت الجوهرة له ففيه وجهان أحدهما يشق لأنها صارت للورثة، فهى كجوهرة الأجنبى، والثانى لا يجب لأنه استهلكها فى حياته فلم يتعلق بها حق الورثة. وفى فقه الماليكة أنه يشق بطن الميت لاستخراج المال الذى ابتلعه حيا سواء كان المال له أو لغير، ولا يشق لإخراج جنين وإن كانت حياته مرجوة. ويقول فقه الحنابلة إن المرأة إذا ماتت وفى بطنها ولد يتحرك فلا يشق بطنها، ويخرجه القوابل من المحل المعتاد. وإن كان الميت قد بلع مالا حال حياته فإن كان مملوكا له لم يشق لأنه استهلكه فى حياته إذا كان يسيرا، وإن كثرت قيمته شق بطنه واستخرج المال حفظا له من الضياع ولنفع الورثة الذين تعلق بهم حقهم بمرضه، وإن كان المال لغيره وابتلعه بإذن مالكه فهو كحكم ماله، لأن صاحبه أذن فى إتلافه، وإن بلعه غصبا ففيه وجهان أحدهما لا يشق بطنه ويغرم من تركته، والثانى يشق إن كان كثيرا لأنه فيه دفع الضرر عن المالك برد ماله إليه، وعن الميت بإبراء ذمته، وعن الورثة بحفظ التركة لهم. وفى فقه الزيدية أن المرأة إذا ماتت وفى بطنها ولد حى شق بطنها واستخرج الولد لقوله عز وجل {ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا} المائدة 32، وذلك بشرائط أن يكون الولد قد بلغ وقتا ومدة يعيش إذا خرج حيا، وأن يكون الشاق بصيرا بإخراجه وأن يكون هناك من يكلفه ويقوم به إذا خرج حيا. وروى صاحب الروض النضير عن الحسن بن زياد قال كنت عند أبى حنيفة فجاءه رجلان على حمارين فسلما عليه ثم مضيا فقال لى أبو حنيفة أتدرى من هذا. يعنى أحدهما فقلت لا فقال هذا ماتت أمه وهى حامل به فجاؤوا فسألونى عن امرأة ماتت وفى بطنها ولد حى فقلت الحقوا لساعة فشقوا بطنها وأخرجوا الولد. قال فهذا هو. وينص فقه الشيعة الامامية على أنه إذا مات ولد الحامل قطع وأخرج، ولو ماتت هى دونه يشق جوفها من الجانب الأيسر وأخرج، وفى رواية يخاط بطنها. وخلاصة ما تقدم. أن فقه مذهبى الإمامين أبى حنيفة والشافعى يجيزان شق بطن الميت سواء لاستخراج جنين حى أو لاستخراج مال، وأن فقه مذهبى مالك وأحمد بن حنبل الشق فى المال دون الجنين. والذى أختاره فى هذا الموضع هو ما ذهب إليه فقهاء الحنفية والشافعية من جواز شق بطن الميت لمصلحة راجحة، سواء كانت لاستخراج جنين حى أو مال للميت أو لغيره، إذا كان ذا قيمة معتد بها عرفا ينتفع بها الورثة أو تقضى به ديونه، وأما الحديث الشريف الذى رواه البيهقى فى السنن الكبرى كما ورى فى سسنن أبى دواود وسنن ابن ماجه عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (كسر عظم الميت ككسره حيا) فالظاهر أن معناه أن للميت حرمة وكرامة كحرمة الحى، فلا يعتدى على جسمه بكسر عظم أو غير هذا مما فيه ابتذال له لغير ضرورة أو مصلحة راجحة. وهذا المعنى ظاهر ما ذكره المحدثون فى بيان سبب الحديث من أن الحفار الذى كان يحفر القبر أراد كسر عظم إنسان دون أن تكون هناك مصلحة فى ذلك. (البيان والتعريف فى أسباب ورود الحديث الشريف ج - 3 ص 64) . وبهذا المفهوم يتفق الحديث مع مقاصد الإسلام المبينة على رعاية المصالح الراجحة، وتحمل الضرر الأخف لجلب مصلحة تفويتها أشد، وفى استدلال الفقه الزيدى بالآية الكريمة (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) . إشارة إلى رجحان العمل بهذه الرخصة التى ارتآها فقهاء مذاهب الحنفية والزيدية والشافعية والشيعة الامامية كما تقدم فى النقل عنهم. وإذ قد انتهينا إلى اختيار جواز شق بطن الميت لاستخراج ما ابتلعه من مال أو لاستخراج جنين حى ترجى حياته. فهل يجوز هذا شرعا لأخذ جزء من جسم الميت وإضافته إلى جسم الإنسان الحى على سبيل العلاج والجواء أو لا يحل هذا. أو بعبارة أخرى هل يحل شرعا نقل جزء من جسم إنسان ميت إلى جسم إنسان حى بقصد علاج هذا الخير أو لا يحل. وتقدمة للإجابة على هذا التساؤل يتعين التعرف على حكم الإسلام على الإنسان بعد الموت، هل جسده ميتة نجس كسائر الميتات، وهل ما ينفصل منه حال حياته يصير ميتة نجسا كذلك يقول الإمام النووى الشافعى فى كتابه المجموع شرح المهذب فى بيان الجلود النجسة ان الصحيح فى المذهب أن الآدمى لا ينجس بالموت لكن لا يجوز استعمال جلده ولا شىء من أجزائه بعد الموت لحرمته وكرامته، وأن قولا ضعيفا فى المذهب قد قال بنجاسة الآدمى بالموت. وفى الفقه الحنفى ان الآدمى ينجس بالموت ثم اختلف فقهاء المذهب هل هى نجاسة خبث باعتباره حيوانا دمويا فيتنجس الموت كسائر الحيوانات أو هى نجاسة حدث يطهر بالغسل كالجنب والحائض إعمالا لحديث أبى هريرة رضى الله عنه كما جاء فى فتح القدير للكمال بن الهمام (سبحان الله. المؤمن لا ينجس حياو لا ميتا) وحديث ابن عباس رضى الله عنهما قال (لا تنجسوا موتاكم فإن المؤمن ليس بنجس حيا ولا ميتا) ، أخرجه الحاكم والدار قطنى مرفوعا كل بسنده. والأظهر فى الفقه المالكى أن الآدمى الميت ولو كافرا طاهر كما جاء فى الشرح الكبيرة وحاشية الدسوقى فى بيان الأعيان الطاهرة والنجسة، وأن ما انفصل منه حيا أو ميتا طاهر كذلك. والصحيح عند الحنابلة كما جاء فى المغنى لابن قدامة فى بيان ما ينجس به الماء أن الآدمى طاهر حيا وميتا ومقابل الصحيح أنه ينجس بالموت ويطهر بالغسل. ويرى فقه الزيدية أن جسد الآدمى المسلم طاهر حيا أو ميتا، وأن ما يلحقه هو الحديث الأكبر أو الأصغر، ويقول ابن حزم فى كتابه المحلى إن كل ما قطع من المؤمن حيا أو ميتا طاهر. ومن هذا العرض الوجيز نرى أن كلمة الفقه الشافعى والمالكى والحنبلى والزيدى والظاهرى متفقة على أن الصحيح أن جسد الإنسان المسلم طاهر حيا أو ميتا، وإذا أخذنا من الفقه الحنفى القول بأن النجاسة بعد الموت إنما هى نجاسة حدث لا خبث ويطهر بالغسل كالجنب والحائض. فإن رأى هذه المذاهب يكاد يتفق على طهارة جسد المؤمن بعد الموت، وعلى طهارة ما انفصل منه حال الحياة كذلك. ثم ننتقل بعد هذا للبحث فى أقوال الفقهاء عما إذا كان يحل قطع جزء من جسم إنسان حى أو ميت ونقله إلى جسم إنسان حى لعلاجه أو بديلا لجزء تالف فى جسد هذا الأخير أو لا يحل ذلك يقول الفقه المالكى كما جاء فى الشرح الكبير وحاشية الدسوقى - إذا سقطت السن جاز ردها وربطها بشريط من ذهب أو من فضة وإنما جاز ردها لأن يمتة الآدمى طاهرة، وكذا يجوز أن يرد بدلها سنا من حيوان مذكى وأما من ميتة فقولان الجواز والمنع، وعلى الثانى فيجب قلعها فى كل صلاة ما لم يتعذر عليه قلعها وإلا فلا. وفى الفقه الحنفى نقل العلامة ابن عابدين فى حاشيته رد المحتار على الدر المختار فى الجزء الأول فى بيان حكم الوشم عن عزانة الفتاوى فى مفسدات الصلاة كسر عظمهن فوصل بعظم كلب ولا ينزع إلا بضرر جازت الصلاة. وقد بدائع الصنائع للكاسانى فى أواخر كتاب الاستحسان ولو سقط سنه يكره أن يأخذ سن ميت فيشدها مكانها بالإجماع، وكذا يكره أن يعيد تلك السن الساقطة مكانها عند أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله، ولكن يأخذ سن شاة ذكية فيشدها مكانها وقال أبو يوسف رحمه الله لا بأس بسنه ويكره سن غيره، ونقل صاحب البحر الرائق فى كتاب الحظر والإباحة عن الذخيرة رجل سقط سنه فأخذ سن الكلب فوضعه فى موضع سنه فثبتت لا يجوز ولا يقطع لو أعاد سنه ثانيا وثبت قال ينظر إن كان يمكن قلع سن الكلب بغير ضرر يقلع. وإن كان لا يمكن إلا بضرر لا يقلع. وفى الفقه الحنبلى قال ابن قدامة فى المغنى فى الجنائز وإن جبر عظمه بعظم فجبر ثم مات لم ينزع إن كان طاهرا وإن كان نجسا فأمكن إزالته من غير مثله أزيل لأنه نجاسة مقدور على إزالتها من غير مضرة. وفى الفقه الشافعى كما جاء فى المجموع للنووى فى باب طهارة البدن إذا انكسر عظمه فينبغى أن يجبره بعظم طاهر. قال أصحابنا ولا يجوز أن يجبره بنجس مع قدرته على طاهر يقوم مقامه، فإن جبره بنجس نظر إن كان محتاجا إلى الجبر ولم يجد طاهرا يقوم قمامه فهو معذور. وان لم يحتج إليه أو وجد طاهرا يقوم مقامه أثم ووجب نزعه إن لم يخف منه تلف نفسه ولا تلف عضو ولم يوجد أحد الأعذار المذكور فى التيمم، فان لم يفعل أجبره السلطان ولا ستصح صلاته معه ولا يعذر بالألم إذا لم يخف منه وسواء اكتسى العظم لحما أم لا هذا هو المذهب، وهناك قول أنه إذا اكتسى العظم لحما لا ينزع وإن لم يخف الهلاك. حكاه الرافعى ومال إليه الحرمين والغزالى وهو مذهب أبى حنيفة ومالك. وإن خاف من النزع هلاك النفس أو عضو أو فوات منفعة عضو لم يجب النزع على الصحيح من الوجهين ثم قال فى مداواة الجرحى بدواء نجس وخياطته بخيط نجس كالوصل بعظم نجس ولو انقلعت سنه فردها موضعها. قال اصحابنا العراقيون لا يجوز لأنها نجسة وهذا بناء على طريقتهم - ان عضو الآدمى المنفصل فى حياته نجس وهو المنصوص عليه فى الم ولكن المذهب طهارته وهو الأصح عند الخراسانيين، فلو تحركت سنه فله أن يربطها بفضة وذهب وهى طاهرة بلا خلاف. وفى استبدال جزء من جسم الإنسان بالذهب ورد حديث عرفجة بن أسيد الذى أصيب أنفه يوم الكلاب، فاتخذ أنفا من فضة فأنتن، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفسا من ذهب، وقد أخذ بهذا الحديث فقهاء الحنفية فى باب الحظر والإباحة وفقهاء الحنابلة كما نقله ابن قدامة فى غير موضع من كتابه المغنى. وفقهاء الشافعية. فقد أورده النووى فى باب الآنية وغيره، ونص الشافعية على أنه يحل لمن ذهبت سنه أو أنملته أن يتخذ بديلا لها من الذهب إمضاء لحديث عرفجة، سواء أمكنه اتخاذ ذلك من فضة أم لا واختلفت كلمتهم فيمن ذهبت أصبعه أو كفه أو قدمه هل له أن يتخذها من فضة أو من ذهب بين محرم ومبيح. وفى جواز أكل لحم الآدمى عند الضرورة قال فقهاء الحنفية - على ما جاء فى الدر المختار للحصكفى وحاشية رد المحتار لابن عابدين فى الجزء الخامس - إن لحم الإنسان لايباح فى حال الاضطرار ولو كان ميتا لكرامته المقررة بقول الله تعالى {ولقد كرمنا بنى آدم} الإسراء 70، وكذلك لا يجوز للمضطر قتل إنسان حى وأكله ولو كان مباح الدم كالحربى والمرتد والزانى المحصن لأن تكريم الله لبنى آدم متعلق بالانسانية ذاتها فتشمل معصوم الدم وغيره. وبهذا أيضا يقول الظاهرية بتعليل آخر غير ما قال به الحنفية. ويقول الفقه المالكى إنه لا يجوز أن يأكل المضطر لحم آدمى وهذا أمر تعبدى، وصحح بعض المالكية أنه يجوز للمضطر أكل الآدمى إذا كان ميتا بناء على أن العلة فى تحريمة ليست تعبدية وإنما لشرفه وهذا لا يمنع الاضطرار على ما أشار إليه فى الشرح الصغير بحاشية الصاوى فى الجزء الأول. وأجاز الفقه الشافعى والزيدى أن يأكل المضطر لحم إنسان ميت بشروط منها ألا يجد غيره كما أجاز للانسان أن يقتطع جزء نفسه كلحم من فخذه ليأكله استبقاء للكل بزوال البعض كقطع العضو المتآكل الذى يخشى من باقئه على بقية البدن، وهذا بشرط ألا يجد محرما آخر كالميتة مثلا، وأن يكون الضرر الناشىء من قطع الجزء أقل من الضرر الناشىء من تركه الأكل. فإن كان مثله أو أكثر لم يجز قطع الجزء، ولا يجوز للمضطر قطع جزء من آدمى آخر معصوم الدم، كمما لايجوز للآخر أن يقطع عضوا من جسده ليقدمه للمضطر لأكله. وفى الفقه الحنبلى إنه لا يباح للمضطر قتل إنسان معصوم الدم ليأكله فى حال الاضطرار ولا إتلاف عضو منه مسلما كان أو غير مسلم، أما الإنسان الميت ففى إباحة الأكل منه فى حال الضرورة قولان أحدهما لا يباح والآخر يباح الأكل منه لأن حرمة الحى أعظم من حرمة الميت، قال ابن قدامة فى المغنى إن هذا القول هو الأولى. ونخلص مما سلف إلى أن فقهاء الماليكة والشافعية والحنابلة قد صرحوا بأنه إذا كسر عظم الإنسان فينبغى جبره بعظم طاهر - على حد تعبير الشيرازى الشافعى فى المهذب، وأنه لا يجوز جبره بعظم نجس إلا عند الضرورة، كما إذا لم يوجد سواه، وأنه يجوز رد السن الساقطة إلى مكانها وربطها بالفضلة أو بالذهب، كما يجوز استبدالها بسن حيوان مذكى. ونص الفقه الحنفى على أنه لو وصل عظم إنسان بعظم كلب ولا ينزع إلا بضرر جازت الصلاة معه وهذا النوع وأمثاله من فروع الحنفية يتخرج عليه. أنه إذا قضت الضرورة بوصل العظم المكسور بعظم نجس فلا حرج فى ذلك ولا إثم، بدليل إجازة الصلاة ما دام يتعذر نزعه إلا بضرر. كما نخلص إلى أن جسم الإنسان الميت طاهر وما انفصل منه حال حياته كذلك طاهر، وإلى جواز شق بطن الآدمى الميت لاستخراج جنين حى ترجى حياته أو مال ابتلعه قبل وفاته على الاختلاف بين فقهاء المذاهب كما تقدم بيانه، وإلى أنه يجوز اضطرار أكل لحم إنسان ميت فى قول فقهاء الشافعية والزيدية وقول فى مذهب الميالكية ومذهب الحنابلة، ويجوز أيضا عند الشافعية والزيدية أن يقطع الإنسان من جسمه فلذة ليأكلها حال الاضطرار بالشروط السابق الإشارة إليها، ويجوز وصل عظم الإنسان المكسور بعظم طاهر على نحو ما تقدم أيضا فى سنده الفقهى. وتخريجا على ذلك وبناء عليه يجوز شق بطن الإنسان الميت وأخذ عضو منه أو جزء من عضو لنقله إلى جسم إنسان حى آخر يغلب على ظن الطبيب استفادة هذا الأخير بالجزء المنقول إليه، رعاية للمصلحة الراجحة التى ارتآها الفقهاء القائلون بشق بطن التى ماتت حاملا والجنين يتحرك فى أحشائها وترجى حياته بعد إخراجه، وإعمالا لقاعدة الضرورات تبيج صفحة رقم 3710 المحضورات، وأن الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف، التى سندها الكتاب الكريم والسنة الشريفة، فإن من تطبيقاتها كما تقدم جواز الأكل من لإنسان ميت عند الضرورة صونا لحياة الحى من الموت جوعا، المقدمة على صون كرامة الميت إعمالا لقاعدتى اختيار أهون الشرين وإذا تعارضت مفسدتان روعى أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما، وإذا جاز الأكل من جسم الآدمى الميت ضرورة جاز أخذ بعضه نقلا لإنسان آخر حى صونا لحياته متى رجحت فائدته وحاجته للجزء المنقول إليه. هذا عن الإنسان الميت، أما عن الإنسان الحى واقتطاع جزء منه فقد تقدمت الإشارة إلى أن فقه كل من الشافعية والزيدية يجيز أن يقطع الإنسان الحى جزء نفسه ليأكله عند الضرورة بشرط ألا يجد مباحا ولا محرما آخر يأكله ويدفع به مخمصته، وأن يكون الضرر الناشىء من قطع جزئه أقل من الضرر الناشىء من تركه الأكل. ومتى كان الحكم هكذا فإنه يجوز تخريجا عليه القول بجواز تبرع إنسان حى يجزء من جسده لا يترتب على اقتطاعه ضرر به متى كان مفيدا لمن ينقل إليه فى غالب ظن الطبيب. لأن للمتبرع - كما تقدم - نوع ولاية على ذاته فى نطاق الآيتين الكريمتين {ولا تقتلوا أنفسكم} النساء 29، و {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} البقرة 195، ولا يباح أى جزء. بل الجزء أو العضو الذى لا يؤدى قطعه من المتبرع إلى عجزه إو إلى تشويهه. وبهذا المعيار يكون حكم نقل الدم من إنسان لآخر. وإذ قد انتهى الرأى إلى إجازة شق جسم الميت أو تشريحه لأخذ عضو أو جزء منه وجواز نقله إلى جسم إنسان حى يستفيد به، وإلى جواز تبرع إنسان حى بأخذ عضو منه أو جزء عضو وجواز نقل هذا إلى إنسان آخر حى بالشروط سالفة الإشارة. فإنه يمكن إيجاز الإجابة على الأسئلة المرددة فى هذا الموضع على الموجه التالى إنه يجوز نقل عضو أو جزء عضو من إنسان حى متبرع لوضعه فى جسم إنسان حى بالشروط الموضحة آنفا. ومن هذا الباب أيضا نقل الدم من إنسان لآخر بذات الشروط. ويحرم اقتضاء مقابل للعضو المنقول أو جزئه، كما يحرم اقتضاء مقابل للدم لأن ربيع الآدمى الحر باطل شرعا لكرامته بنص القرآن الكريم وكذلك بيع جزئه ويجوز كذلك أخذ جزء من إنسان ميت ونقله إلى إنسان حى، ما دام قد غلب على ظن الطبيب استفادة هذا الأخير بهذا النقل باعتباره علاجا ومداواة، وذلك بناء على ما تقدم من أسس فقهية ويجوز قطع العضو أو قطع جزئه من الميت إذا أوصى حى بذلك قبل وفاته أو يموافقة عصبته بترتيب الميراث إذا كانت شخصية المتوفى المأخوذ منه معروفة وأسرته وأهله معروفين، أما إذا جهلت شخصيته أوعرفت وجهل أهله فإنه يجوز أخذ جزء من جسده نقلا لإنسان حى آخر يستفيد به فى علاجه أو تركه لتعليم طلاب كليات الطب، لأن فى كل ذلك مصلحة راجحة تعلو على الحفاظ على حرمة الميت، وذلك بإذن من النيابة العامة التى تتحقق من وجود وصية أو إذن من صاحب الحق من الورثة أو إذنها هى فى حالة جهالة شخص المتوفى أو جهالة أسرته. ولا يقطع عضو من ميت إلا إذا تحققت وفاته. والموت - كما جرى بيانه فى كتب الفقه - هو زوال الحياة. وعلامته إشخاص البصر وأن تسترخى القدمان وينعوج الأنف وينخسف الصدغان وتمتد جلدة الوجه لتخلو من الانكماش. وفى نطاق هذا يجوز اعتبار الإنسان متى زالت مظاهر الحياة منه، وبدت هذه العلاماة الجسدية، وليس ما يمنع من استعمال أدوات طبية للتحقق من موت الجهاز العصبى، لكن ليست هذا وحده آية الموت بمعنى زوال الحياة بل إن استمرار التنفس وعمل القلب والنبض وكل أولئك دليل على الحياة، وإن دلت الأجهزة الطبية على فقدان الجهاز العصبى لخواصه الوظيفية، فإن الإنسان لا يعتبر ميتا بتوقف الحياة فى بعض أجزائه، بل يعتبر كذلك شرعا وتترتب آثار الوفاة من تحقق موته كلية فلا يبقى فيه حياة ما، لأن الموت زوال الحياة، ويمتنع تعذيب المريض المحتضر باستعمال أية أدوات أو أدوية متى بان للطبيب أن هذا كله لا جدوى منه، وأن الحياة فى البدن فى سبيل التوقف، وعلى هذا فلا إثم إذا أوقفت الأجهزة التى تساعد على التنفس وعلى النبض متى بان للمختص القائم بالعلاج أن حالة المحتضر ذاهبة به إلى الموت. ولعله من التتمة بيان حكم ما قد يثار عن المفاضلة بين عدد من المرضى الذين تساوت حالتهم المرضية فى ضرورة نقل عضو أو نقل دم أو إعطائه دواء، حالة أن الموجود هو عضو واحد أو كمية من الدم أو الدواء لا تكفى لإنقاذ الجميع، فهل تجوز المفاضلة بين المرضى فى هذه الحال المتعلقة بأمور الحياة والموت أم ماذا لامراء فى أن الآجال موقوتة عند الله سبحانه وتعالى، وأمر غيبى لا يصل إليه علم الإنسان. وأن المرض ليس دائما علامة على قرب الأجل أو على حتمية الموت عقبه، وغلبة الظن أساس شرعى تقوم عليه بعض الأحكام فإذا غلب على ظن الطبيب المختص بحكم التجربة والممارسة، وبشرط إجادته وحذقه مهنة الطب أن أحد هؤلاء المرضى يفيده هذه العضو أو تلك الكمية من الدم أو الدواء كان إيثاره بذلك، باعتبار أن العلامات والقرائن قد أكدت انتفاعه بهذا العضو أو بالدم إذا نقل إليه، أما إذا لم يغلب على ظن الطبيب ذلك بقرائن وعلامات مكتسبة من الخبرة والتجربة، فإن الإسلام قد أرشد إلى اتخاذ القرعة طريقا لاستبانة المستحق عند التساوى فى سبب الاستحقاق وانعدام أوجه المفاضلة الأخرى، وهذه القرعة قد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أمور كثيرة، منها الإقراع لمعرفة من ترافقه من نسائه أمهات المؤمنين فى سفره. والله سبحانه وتعالى أعلم (7/356) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 8:49 pm | |
| الحيل المشروعة وغيرها
المفتي جاد الحق على جاد الحق. محرم 1402 هجرية - 14 نوفمبر 1981 م
المبادئ 1 - الحيل المشروعة هى ما لا تهدم أصلا شرعيا ولا تتعارض مع مصلحة شرعية. 2 - مبنى الشريعة على مصالح العباد فى العالج والآجل. 3 - قبض الشخص مبلغا لشراء شىء ثم استقطاعه منه مبلغ باعتبار أنه حقه ورده الباقى لصاحبه من الحيل غير المشروعة
السؤال بالطلب المقيد وبه أن السائل يشتغل فى شركة قطاع خاص، وقد اتفق معه صاحب العمل على أجر إضافى بواقع 50 من الأجر الأصلى إذا مكث فى العمل من الساعة السابعة صباحا حتى الساعة السادسة مساء، وأنه قبل ونفذ العمل فى هذه المدة طوال أيام الشهر، وأنه فى نهاية الشهر صرف له صاحب العمل المرتب فقط، وامتنع عن صرف ال- 50 المتفق عليها أجرا إضافيا. وأن السائل بحكم وضعه فى العمل قبض مبلغ 130 جنيها لشراء مستلزمات للورشة، مع أن الورشة فى غير حاجة إلى شراء هذه المستلزمات وبعد أن قبض هذا المبلغ فى يده ذهب إلى الإدارة المالية بالشركة لحساب قيمة الجر الإضافى وهو ال- 50 فبلغ 95 جنيها أخذها من المبلغ الباقى وهو 35 جنيها - إعلاما لصاحب العمل بأنه قد فعل ذلك لهذا الغرض. والسؤال ما رأى الدين هل طريقة أخذه للمبلغ والحصول عليه حرام أو حلال
الجواب فى لسان العرب لابن منظور أن الحيلة - بالكسر - الاسم من الاحتيال، ويقال لا حيلة له ولا احتيال ولا محالة ولا محيلة، والاحتيال مطالبتك الشىء بالحيل. وقال الشاطبى فى كتاب الموافقات فى أصول الشريعة التحيل بوجه سائغ، مشروع فى الظاهر، أو غير سائغ على إسقاط حكم أو قبله إلى حكم آخر، بحيث لا يسقط أو لا ينقلب إلا مع تلك الواسطة، فتفعل، ليتوصل بها إلى الغرض المقصود، مع العلم بكونها لم تشرع له، فكان التحيل مشتملا على أمرين أحدهما قلب أحكام الأفعال بعضها إلى بعض فى ظاهر الأمر. والآخر جعل الأفعال المقوصد بها فى الشرع معان، وسائل إلى قلب تلك الأحكام. ثم قال الحيل فى الدين بالمعنى المذكور غير مشورعة فى الجملة والدليل على ذلك ما لا ينحصر من الكتاب والسنة، لكن فى خصوصات يفهم من مجموعاها منعها والنهى عنها على القطع. وساق الشاطبى الأدلة على هذه القاعدة التى قررها إلى أن قال لما ثبت أن الأحكام شرعت لمصالح العباد كانت الأعمال معتبرة بذلك، لن مقصود الشارع فيها مما يتبين، فإذا كان الأمر فى ظاهره وباطنه على أصل المشروعية فلا إشكال، وإن كان الظاهر موافقا والمصلحة مخالفة فالفعل غير صحيح وغير مشروع، لأن الأعمال الشرعية ليست مقصودة لأنفسها، وإنما قصد بها أمور أخرى هى معانيها، وهى المصالح التى شرعت لأجلها، فالذى عمل من ذلك على غير هذا الوضع فليس على وضع المشروعات (ج - 2 ص 378، 380 حتى 385 وما بعدها تحقيق المرحوم الشيخ عبد الله دراز طبع المكتبة التجارية) وقد أقام الشاطبى حكمه هذا على الاحتيال والحيلة على جملة من الأصول الشرعية الكلية، والقواعد القطعية موجزها. أولا الاحيتال ومخالفة قصد الشارع ذلك أن المحتال قد قصد إلى ما ينافى قصد الشارع فبطل عمله لأن قصد المكلف ينبغى أن يكون موافقا لقصد الشارع، ومن ابتغى غير هذا فأولئك هم العادون، لأنه ناقض الشريعة وكل من ناقضها كان عمله النقيض باطلا. وقد أقام الشاطبى الأدلة على أن مخالفة قصد الشارع مبطلة للعمل. باعتبار أن هذه المقاصد مشروعة للامتثال (الموافقات ج - 2 ص 231 وما بعدها) ثانيا الاحتيال وقاعدة اعتبال المآل فقد بين الشاطبى أن تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعى أو تحويله فى الظاهر إلى حكم آخر، كان مآل العمل خرم قواعد الشريعة فى الواقع (المرجع السابق ج - 4 ص 201) إذ أن هذا العمل مناقض لقاعدة المصالح مع أنها معتبرة فى الأحكام وهو أيضا مضاد لقصد الشارع من جهة أن السبب لما انعقد سببا وحصل فى الوجود صار مقتضيا شرعا لمسببه لا لغيرة وما كان مضادا لقصد الشارع كان باطلا (ذات المرجع ج - 2 ص 278) ثالثا - فى الاحتيال انعدام الإرادة فى العقد المتحيل به ذلك أن ركن العقد هو الرضا، وإذا كانت الإرادة أمرا خفيا لا يطلع عليه أحد جعل الشارع مظنة الرضا، وهو صيغة العقد قائمة مقام الرضا، وإذا قصد العاقد خلاف معنى لفظ العقد لم يصح القول بأنه قاصد لمدلوله حكما، وترتب الأثر إنما يكون بحكم الشارع لا بإرادة العاقد (المرجع السابق ج - 1 ص 216 ص 330 وأعلام الموقعين لابن القيم ج - 3 ص 95 وما بعدها طبع ادارة الطباعة المنيرية) هذا. وقد أفاض ابن القيم فى الحديث عن الحيل مبينا منها المحرم والمباح موردا أمثلة شتى بلغت المائة وست عشرة مثالا (المرجع السابق ج - 3 ص 140 وما بعدها حتى نهاية الجزء وج - 4 من افتتاحه حتى ص 101، واغاثة اللهفان من مصايد الشيطان لابن القيم ج - 2 ص 69) هذا ولما كان قد تردد فى بعض النقول السابقة أن الحيلة قد تكون مباحة، لا سيما بعد ما سلف من أن ابن القيم قد أورد أمثلة للمباح منها فى كتابيه أعلام الموقعين، وإغاثه اللهفان من مصايد الشيطان - لزم أن نشير إلى ضابط عام للحيل المشروعة ذلك أن اللحيل التى جاء الشرع بذمها والتحذير منها، بل وإبطالها هى ما هدم أصلا شرعيا، أو نقض مصلحة شرعية، فان كانت الحيلة لا تهدم أصلا شرعيا، ولا تناقض مصلحة شهد الشارع باعتبارها، فهى غير داخلة فى النهى وغير باطلة. وقد وقع اختلاف الفقهاء فى بعض مسائل الحيل من جهة أنه لم يتبين فيها بدليل واضح أنها من النوع المحظور، أو من ذلك النوع المشروع، ومن ثم يلحقها بعضهم بالأول، بينما قد يلحقها بعضهم بالثانى والحيل المشروعة هى ما كان المقصود بها إحياء حق، أو دفع ظلم أو فعل واجب، أو ترك محرم، أو إحقاق حق، أو إبطال باطل، ونحو ذلك مما يحقق مقصود الشارع الحكيم، إذا كان الطريق سائغا مأذونا فيه شرعا. وبهذا الاعتبار يمكن تعريف الحيلة الجائزة بأنها. طريق خفى مأذون فيه شرعا، يتوصل به إلى جلب مصلحة أو درء مفسدة لا تتنافى ومقاصد الشرع ولا بد فيها من توافر ثلاثة أمور الأول أن يكون طريقها خفيا، إما لأن ظاهرة خلاف باطنه، أو لأن الذهب لا يلتفت إلى هذا الطريق عادة وإن لم يكن له ظاهر وباطن. الثانى أن يكون الطريق مأذونا فيه شرعا، بألا يكون فيه تفويت حق الله أو للعباد. الثالث أن يكون المقصود الذى يراد التوصل إليه مشروعا. ومع هذه الأمور قد قسموا الحيل الجائزة إلى قسمين الأول أن تكون الطريق التى يسلكها المحتال مفضية إلى المقصود شرعا، ولكن فى إفضائها إليه نوع خفاء. أما إن كانت مفضية إلى المقوصد إفضاء ظاهرا بوضع الشارع لها فليست من الحيل عند الاطلاق لغة، كالعقود الشرعية التى تترتب عليها أحكامها مثل البيع والإقالة والكفالة والحوالة والإجارة والسلم والخيارات، فإن أحكامها تترتب عليها بحكم الشارع وإذنه، وهى فى الأحكام التشريعية وزان الأسباب الحسية فى الأحكام القدرية كل يفضى إلى المقصود وسالكه سالك للطريق المشروع. الثانى أن تكون الطريق التى يسلكها المحتال لمقصوده قد وضعت فى الشرع لمقصود آخر، غير أن ما يقصده المحتال منها لا يتنافى مع ما يقصده الشارع، فإن حصلت المنافاة بين المقصودين كانت الحيلة من الفريق المحظور (هذا التقسيم وما قبله من سمات الحيل الجائزة مستخلص من المراجع السابقة) وقد قال ابن القيم فى إغاثة اللهفان بعد إيراده لأمثلة من الحيل الجائزة بلغة ثمانين مثالا، قال والمقصود بهذه الأمثلة وأضعافها مما لم نذكره بيان أن الله سبحانه أغنانا بما شرعه لنا من الحنيفية السمحة، وما يسره من الدين على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وسهله للأمة عن الدخول فى الآصار والأغلال وعن ارتكاب طرق المكر والخداع والاحتيال، كما إغنانا عن كل باطل ومحرم وضار، وبما هو أنفع لنا منه من الحق والمباح النافع. (ج - 2 ص 69) لما كان ذلك وكان بناء الشريعة على مصالح العباد فى العاجل والآجل وهذا ثابت بالعديد الوفير من آيات القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت الأعمال متعبرة بذلك، لأن مقصود الشارع فيها. فإذا كان الأمر فى ظاهره وباطنه أصل المشروعية، كان موافقا لأحكام الشرع دون إشكال، وإن كان الظاهر موافقا والباطن مخالفا فالعمل غير صحيح وغير مشروع لوجوه الأول أن الشارع لما لم يشرع هذا السبب لذلك المسبب المعين دل على أن ذلك التسبب مفسدة لا مصلحة، وأن المصلحة المشروع لها المسبب منتفية بذلك التسبب، فيصبح العمل باطلا لمخالفته لقصد الشارع. الثانى أن هذا السبب بالنسبة إلى المقصود غير مشروع، فصار كالسبب الذى لم يشرع أصلا، وإذا كان السبب الذى لم يشرع أصلا لا يصح، فكذلك ما شرع إذا أخذ لما لم يشرع له. الثالث أن الأعمال الشرعية ليست مقصودة لذاتها وإنما المقصود بها أمور أخر هى معانيها، وهى المصالح التى شرعت لأصلها، فما يفعل على غير وضعه الشرعى لا يكون مشروعا. من أجل ذلك كانت قاعدة سد الذرائع من قواعد الشريعة الثابتة قطعا بالكتاب والسنة، لأن من الأفعال ما يكون مباحا فى ذاته، ولكنه يؤدى إلى الإضرار بالدين أو بالعباد، فإجازة الحيل بإطلاق فيه عبث ظاهر بالحقوق، فوق ما فيه من مناكير أخرى يأباها الإسلام. وإذا كانت العقود الشرعية معتبرة، وسد الذرائع قاعدة سديدة ثابتة وفق الأدلة المشروحة فى مواضعها، والمشار إلى بعضها فيما تقدم، كان ما فعله السائل داخلا فى نطاق الحيلة غير المشروعة، لأنه قد اقتضى من صاحب العمل مبلغا من النقود نقدا بقصد شراء مستلزمات للعمل الذى يقوم به لحساب رب العمل، وتكييف هذا أنه صار وكيلا فى هذا الشراء وأمينا على ما أقبضه إياه، وهذا هو القصد المشروع من هذا الفعل، والذى يقره الشرع حين أقبضه المبغل (130 جنيها) فإذا ما اقتضى السائل من هذا المبلغ ما اعتبره دينار له على رب العمل فقد احتال إلى هذا بطريق غير مشروع لاقتضاء الدين الذى قد يكون محل منازعة، وقد انقلب السائل بهذا العمل إلى قاض يقضى لنفسه فى خصومة هو مدعيها، دون رضاء أو استماع لأقوال المدعى عليه رب العمل. وبذلك فقد ظفر السائر - بغير اختيار من عليه الحق - بما يدعيه حقا له مع أن سبب الحق فى هذه الواقعة ليس ثابتا طقعا، والآخذ بهذا الطريق ظالم فى الظاهر، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الفعال وسمى الآخذ بهذا الطريق خائنا فى الحديث الذى رواه أبو هريرة (الكنز الثمين فى أحاديث النبى الأمين برقم 109 ومراجعة من كتب السنة) (أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك) ونزولا على هذا الحديث كان على السائل سلوك الطريق القانونى لاقتضاء الحق إن كان. والله سبحانه وتعالى أعلم (7/357) ________________________________________ تحية الإسلام
المفتي جاد الحق على جاد الحق. صفر 1402 هجرية - 13 ديمسبر 1981 م
المبادئ إفشاء السلام سنة مشرعة تأليفا لقلوب المؤمنين وما عداه غير مشروع ولا يترتب عليه التحية بغير المشروع الوقوع فى كفر أو شرك
السؤال بالطلب المتضمن أن أحد الخطباء المصريين بالسعودية قال فى إحدى خطبه ان (صباح الخير) لا يقولها إلا المشرك والكافر ولا يقولها المسلم لأخيه. ويسأل عن حكم ذلك شرعا
الجواب عن أبى هريرة رضى الله عنه (صحيح الترمذى ج - 10 ص 160 - 163 باب الاستئذان والآداب) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (والذى نفسى بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على أمر إذا أنتم فعلتموه تحاببتم. أفشوا السلام بينكم) . وعن أبى رجاء (صحيح الترمذى ج - 10 ص 160 - 163 باب الاستئذان والآداب) عن عمران بن حصين (أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليكم قال قال النبى صلى الله عليه وسلم عشر ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله، فقال النبى صلى الله عليه وسلم عشرون. ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فقال النبى صلى الله عليه وسلم ثلاثون) . وفى الصحيح (صحيح الترمذى ج - 10 ص 160 - 163 باب الاستئذان والآداب) (خير الإسلام أن تعطم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) . ومن هذه النصوص الشريفة يتضح لنا أن تحية الإسلام هى السلام عليك ورحمة الله وبركاته. يحيى بها المسلم أخاه المسلم، إذ أن هذه التحية إذا صدرت دعت القلوب الواعية لها إلى الإقبال عليها وتحصيل ثوابها العظيم وأثرها أعظم وهو شيوع السلم بين المسلمين والمحبة الصادقة فيما بينهم، وهذا من أسس الإيمان الذى هو مفتاح الجنة. وتحية السلام (المصدر السابق مع شرح الإمام أبى بكر العربى المالكى ط. أولى 1353 هجرية - 1934 م) هى أول كلمة دار بها الحوار بين آدم والملائكة، فإنه لما خلقه الله قال له اذهب إلى أولئك النفر من الملائكة فسلم عليهم فاستمع ما يجيبونك به فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال لهم السلام عليكم، فقالت له الملائكة وعليك السلام ورحمة الله. وكل سلام منه بعشر حسنات. قال تعالى {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} ، فعلينا نحن المسلمين التمسك بسنة الإسلام فى التحية، وهى إفشاء السلام التزاما بما ورد عن نبينا محمد صلى الله عليه ونسلم وامتثالا لقول الله سبحانه {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} الحشر 7، أما ألفاظ التحية الشائعة فى عصرنا كصباخ الخير ومساء الخير وأمثالها فغير مشروعة فى الإسلام والأولى بالمسلم أن يتمسك بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا ولا يترتب على التحية بالألفاظ الشائعة بدلا من كلمة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كفر المسلم أو وقوعه فى الشرك، بل إنه من باب ترك الأولى فقط، ولا ينبغى لمسلم أن يكفر مسلما أقام الصلاة، لما جاء فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى رواه أبو داود (ثلاث من أصل الإيمان الكف عمن قال لا إله إلا الله لا نكفره بذنب ولا نخرجه من الإسلام بعمل والجهاد ماض منذ بعثنى الله إلى أن يقاتل آخر أمتى الدجال، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار) . والدعوة إلى الله وإلى تعاليم الإسلام ينبغى أن تكون فى نطاق قول الله سبحانه {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} النحل 125، والله سبحانه وتعالى أعلم (7/358) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 8:56 pm | |
| كتيب الفريضة الغائبة والرد عليه
المفتي جاد الحق على جاد الحق. ربيع الأول 1402 هجرية - 3 يناير 1982 م
المبادئ 1 - الرجوع إلى لغة العرب فى فهم معانى القرآن واجب. 2 - الإيمان شرعا هو التصديق بما وجب الإيمان به. والإسلام هو النطق بالشهادتين والعمل بما جاء به الإسلام والبعد عما نهى عنه. 3 - ارتكاب المسلم ذنبا من الذنوب مخالفا بذلك نصا من القرآن أو السنة لا يخرجه عن الإسلام ما دام معتقدا صدق النص ومؤمنا بوجوب التزامه به ولكنه يكون عاصيا فقط. أما جحوده ما وجب الإيمان به فيكون به كافرا. 4 - من كفر مسلما أو وصفه بالفسوق ارتد عليه ذلك إن لم يكن صاحبه على ما وصف. 5 - النزاع فى شىء من أمور الدين يرد إلى الكتاب والسنة والعالمين بهما. 6 - الجهاد نوعان جهاد فى الحرب وهو مجاهدة المشركين بشروطه ويكون بالقتال وباليد وبالمال وباللسان وبالقلب، وجهاد فى السلم وهو جهاد النفس والشيطان والجهاد فى مواضعه ماض إلى يوم القيامة. 7 - الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة فى حالة احتلال بلاد المسلمين ويكون بكافة الوسائل. 8 - حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (بعثت بالسيف بين يدى الساعة) صحيح ولكنه جاء مبينا لوسيلة حماية الدعوة عند التعدى عليها أو التصدى للمسلمين. 9 - حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (لقد جئتم بالذبح) ليس المراد به المعنى الحقيقى للذبح وإنما المقصود به معنى مجازى هو التهديد. 10 - تكفير الحاكم لمجرد تركه لبعض أحكام الله وحدوده دون تطبيق لا سند له من القرآن أو السنة ولكنه يكون بذلك آثما. 11 - ما جاء فى الكتيب من أن أحكام الكفر تعلو بلادنا وإن كان أهلها مسلمين، مناقض للواقع. 12 - الإسلام لا يبيح الخروج على الحاكم المسلم وقتله، ما دام مقيما على الإسلام يعمل به حتى ولو بإقامة الصلاة فقط. 13 - إذا خالف الحاكم الإسلام، على المسلمين أن يتولوه بالنصح والدعوة السليمة، وإلا فلا طاعة له فيما أمر به من معصية أو منكر. 14 - دعوى أن قوله تعالى {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين} الخ الآية ناسخة لكل آية فى القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء، غير صحيحة. 15 - فتوى ابن تيمية الواردة فى الكتيب فى باب الجهاد. خاصة بالتتار. وهم عنده كفار. 16 - الشورى أساس الحكم فى الإسلام، والخليفة مجرد وكيل عن الآمة يمضع لسطلانها. 17 - تسمية الحاكم بالخليفة. أمر تحكمه عوامل السياسة فى الأمة الإسلامية، ولا تتعطل بسببها مصالح الناس خاصة بعد تفرق المسلمين إلى دول ودويلات، وانتخاب الحاكم فى كل عصر قائم مقام البيعة بالخلافة فى صدر الإسلام. 18 - الخلافة والإمارة والولاية ورئاسة الجمهورية وغيرها من الأسماء مجرد اصطلاحات ليست من رسم الدين ولا من حكمه. 19 - العلم فى الإسلام يتناول كل ما وجد فى هذا الكون، فضلا عن العلم بالدين عقيدة وشريعة وآدابا وسلوكا. 20 - العلم جهاد، وجهاد العلماء ثابت تاريخيا ولا مراء فيه. 21 - الأصل فى الإسلام التعامل مع الناس جميعا، المسلم وغير المسلم، فيما لا يخالف نصا صريحا من كتاب أو سنة أو إجماع
السؤال تقرير عن كتاب الفريضة الغائبة اطلعنا على صورة ضوئية لهذا الكتاب فى أربع وخمسين صفحة وقد احتوى فى جملته على تفسيات لبعض النصوص الشرعية من القرآن والسنة وعنى بالفريضة الغائبة الجهاد داعيا إلى إقامة الدولة الإسلامية، وإلى الحكمبما أنزل الله مدعيا أن حكام المسلمين اليوم فى ردة، وأنهم أشبه بالتتار، يحرم التعامل معهم، أو معاونتهم، ويجب الفرار من الخدمة فى الجيش، لأن الدولة كافرة، ولا سبيل للخلاص منها إلا بالجهاد وبالقتال كأمر الله فى القرآن، وأن أمة الإسلام تختلف فى هذا عن غيرها فى أمر القتال وفى الخروج على الحاكم، وأن القتال، فقد كان المجاهدون فى عصر النبى صلى الله عليه وسلم ومن بعده وفى عصور التابعين، وحتى عصور قريبة ليسوا علماء، وفتح الله عليهم الأمصار ولم يحتجوا بطلب العلم، أو بمعرفة علم الحديث وأصول الفقه، بل إن الله سبحانه وتعالى جعل على أيديهم نصرا للإسلام، لم يقم به علماء الأزهر يوم أن دخله نابليون وجنوده بالخيل والنعال فماذا فعلوا بعلمهم أمام تلك المهزلة وآية السيف نسخت من القرآن مائة آية وأربعا وعشرين آية. وهكذا سار الكتاب فى فقراته كلها داعيا إلى القتال والقتل
الجواب فيما يلى الحكم الصحيح مع النصوص الدالة عليه من القرآن ومن السنة فى أهم ما أثير فى هذا الكتيب تمهيد (أ) القرآن نزل بلسان عربى مبين على رسول عربى، لا يعرف غير لغة العرب. ففى القرآن الكريم قول الله سبحانه {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} يوسف 2، وقوله تعالى {وكذلك أنزلناه حكما عربيا} الرعد 37، فوجب أن نرجع إلى لغة العرب وأصولها لمعرفة معانى هذا القرآن واستعمالاته فى الحقيقة والمجاز وغيرهما وفقا لأساليب العرب، لأنه جاء معجزا فى عبارته، متحديا لهم أن يأتوا بمثله أو بسورة أو بآية. ولا شك أنه نزل على رسول عربى قال جل شأنه {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} إبراهيم 4، (ب) الإيمان وحقيقته الإيمان فى لغة العرب، هو التصديق ملطقا، ومن هذا القيل قول الله سبحانه حكاية عن إخوة يوسف عليه السلام قال تعالى {وما أنت بمؤمن لنا} يوسف 17، أى ما أنت بمصدق لنا فيما حدثناك به عن يوسف والذئب. وقول النبى صلى الله عليه وسلم فى تعريف الإيمان (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خير وشره) ومعناه التصديق القلبى بكل ذلك وبغيره مما وجب الإيمان به. والإيمان فى الشرع هو التصديق بالله وبرسله وبكتبه وبملائكته وباليوم الآخر وبالقضاء والقدر. قال تعالى {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله} البقرة 285، وهكذا توالت آيات الله فى كتابه ببيان ما يلزم الإيمان به. والإيمان بهذا تصديق قلبى بما وجب الإيمان به، وهو عقيدة تملأ النفس بمعرفة الله وطاعته فى دينه. ويؤيد هذا دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم (اللهم ثبت قلبى على دينك) وقوله لأسامة وقد قتل من قال لا إله إلا الله (هلا شققت قلبه). وإذا ثبت أن الإيمان عمل القلب، وجب أن يكون عبارة عن التصديق الذى من ضرورته المعرفة، ذلك لأن الله إنما يخاطب العرب بلغتهم ليفهموا ما هو المقصود بالخطاب، فلو كان لفظ الإيمان فى الشرع مغايرا عن وضع اللغة، لبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما بين أن معنى الزكاة والصلاة غير ما هو معروف فى أصل اللغة، بل كان بيان معنى الإيمان إذا غاير اللغة أولى. (ج) الإسلام وحقيقته الإسلام يقال فى اللغة أسلم دخل فى دين الإسلام، وفى الشرع كما جاء فى الحديث الشريف (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان). وبهذا يظهر أن الإسلام هو العمل بالقيام بفرائض الله من النطق بالشهادتين وأداء الفروض والانتهاء عما حرم الله سبحانه ورسوله. فالإيمان تصديق قلبى، فمن أنكر وجحد شيئا مما وجب الإيمان به فهو كافر، قال الله تعالى {ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا} النساء 136، أما الإسلام فهو العمل والقول، عمل بالجوارح ونطق باللسان، ويدل على المغايرة بينهما قول الله سبحانه {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم} الحجرات 14، والحديث الشريف فى حوار جبريل عليه السلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام يوضح مدلول كل منهما شرعا على ما سبق التنويه عنه فى تعريف كل منهما (حديث جبريل من الايمان والإسلام والاحسان وراه الترمذى ج - 10 ص 77 و 78 بشرح القاضى ابن العربى) وهما مع هذا متلازمان، لأن الإسلام مظهر الإيمان. (د) متى يكون الإنسان مسلما حدد هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بى، وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله) رواه البخارى. وفى قوله (يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان فى قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان فى قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان فى قلبه من الخير ما يزن ذرة). وراه البخارى. هذا هو المسلم، فمتى يخرج عن إسلامه، وهل ارتكاب معصية بفعل أمر محرم، أو ترك فرض من الفروض ينزع عنه وصف الإسلام وحقوقه قال الله سبحانه {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} النساء 116، وفى حديث طويل لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ذاك جبريل أتانى قال من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، قلت وإن زنى وإن سرق، قال وإن زنى وإن سرق..) رواه البخارى. هذه النصوص من القرآن والسنة تهدينا صراحة إلى أنه وإن كانت الأعمال مصدقة للإيمان ومظهرا عمليا له، لكن المسلم إذا ارتكب ذنبا من الذنوب بأن خالف نصا فى كتاب الله، أو فى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يخرج بذلك عن الإسلام، ما دام يعتقد صدق هذا النص ويؤمن بلزوم الامتثال له، وفقط يكون عاصيا وآثما لمخالفته فى الفعل أو الترك. بل إن الخبر الصادق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دال على أن الإيمان بالمعنى السابق منقذ من النار فقد روى أنس رضى الله عنه. قال (كان غلام يهودى يخدم النبى صلى الله عليه وسلم، فمرض، فأتاه النبى صلى الله عليه وسلم ويعوده (يعنى يزوره وهو مريض) فقعد عند رأسه، فقال له أسلم. فنظر الغلام إلى أبيه وهو عنده. فقال له أبوه أطع أبا القاسم. فأسم. فخرج النبى صلى الله عليه وسلم وهو يقول (الحمد لله الذى أنقذه من النار) رواه البخارى وأبو داود. (هاء) ما هو الكفر فى اللغة كفر الشىء ستره (أى غطاه) والكفر شرعا أن يجحد الإنسان شيئا مما أوجب الله الإيمان به بعد إبلاعه إليه، وقيام الحجة عليه. وهو على أربعة أنحاء كفر إنكار، بأن لا يعرف الله أصلا ولا يعترف به، وكفر جحود وكفر معاندة، وكفر نفاق. ومن لقى الله بأى شىء من هذا الكفر لم يغفر له، قال تعالى {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} النساء 116، وقد شاع الكفر فى مقابلة الإيمان، لأن الكفر فيه ستر الحق، بمعنى إخفائه وطمس معامله، ويأتى هذا اللفظ بمعنى كفر النعمة، وهو بهذا ضد الشكر. وأعظم الكفر حجود وحدانية الله باتخاذ شريك له، وجحد نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته. والكافر متعارف بوجه عام فيمن يجحد كل ذلك. وإذا كان ذلك هو معنى الإيمان والإسلام والكفر مستفادا من نصوص القرآن والسنة، كان المسلم الذى ارتكب ذنبا وهو يعلم أنه مذنب عاصيا لله سبحانه وتعالى معرضا نفسه لغضبه وعقابه، لكنه لم يخرج بما ارتكب عن ربققة الإيمان وحقيقته، ولم يزل عند وصف الإسلام وحقيقته وحقوقه. وأيا كانت هذه الذنوب التى يقترفها المسلم خطأ وخطيئة، كبائر أو صغائر، لا يخرج بها عن الإسلام ولا من عداد المؤمنين، ذلك مصداقه قول الله سبحانه {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} النساء 116، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبادة بن الصامت (المحلى لابن حزم ج - 11 ومثله رواه مسلم) قال (أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعة ألا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزنى ولا نقتل أولادنا ولا يعضه بعضنا بعضا (أى لا يرم أحدنا الآخر بالكذب والبهتان) فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أتى منكم حدا فأقيم عليه فهو كفارة له، ومن ستر الله عليه، فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له) وبهذا يكون تفسير خلود العصاة فى نار جهنم الوارد فى بعض آيات القرآن الكريم مثل قوله تعالى {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين} النساء 14، يمكن تفسير هذا - والله أعلم - بالخلود الآبد المؤبد إذا كان العصيان بالكفر أما إذا كان العصيان بارتكاب ذنب - كبيرة أو صغير خطأ وخطئية دون إخلال بالتصديق والإيمان. كان الخلود البقاء فى النار مدة ما حسب مشئية الله وقضائه، يدل على هذا أن الله سبحانه ذكر فى سورة الفرقان عددا من كبائر الأوزار (الآيتان 68، 69 من سورة الفرقان) ثم أتبعها بقوله سبحانه {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما. ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا} الفرقان 70، 71، وهذا لا يعنى الاستهانة بأوامر الله طمعا فى مغفرته، أو استهتارا بأموامره ونواهيه، فإن الله أغير على حرماته وأوامره من الرجل على أهله وعرضه، كما جاء فى الأحاديث الشريفة. ذلك هو الكفر، وتلك هى المعصية، ومنهما تحدد الكافر، والعاصى أو الفاسق، وأن هذين غير ذاك فى الحال وفى المال. (و) هل يجوز تكفير المسلم بذنب ارتكبه. أو تكفير المؤمن الذى استقر الإيمان فى قلبه ومن له الحكم بذلك إن كان له وجه شرعى قال الله سبحانه {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة} النساء 94، وفى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاث من أصل الإيمان وعد منها الكف عمن قال لا إله إلا الله، لا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل) (رواه أبو داود) وقوله (لا يرمى رجل رجلا بالفسق، أو يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك) . (رواه الامام أحمد فى مسنده ج - 18) من هذه النصوص نرى أنه لا يحل تكفير مسلم بذنب اقترفه سواء كان الذنب ترك واجب مفروض، أو فعل محرم منهى عنه، وأ، من يكفر مسلما أو صفه بالفسوق، يرتد عليه بهذا الوصف إن لم يكن صاحبه على ما وصف. من له الحكم بالكفر أو بالفسق قال الله تعالى {فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول} النساء 59، وقال سبحانه {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم} التوبة 122، وقوله {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} الأنبياء 7، وفى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى رواه الزهرى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال (أعلام الموقعين لابن القيم ج - 2 ص 126) (سمع النبى صلى الله عليه وسلم قوما يتمارون فى القرآن (يعنى يتجادلون فى بعض آياته) فقال إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض، وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضا، ولا يكذب بعضه بعضا، فما علمتم منه فقولوا وما جهلتهم منه، فكلوه إلى عالمه) . هذا هو القرآن، وهذه هى السنة، كلاهما يأمر بأن النزاع فى أمر من أمور الدين يجيب أن يرد إلى الله وإلى رسوله، أى إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله، وأن من يتولى الفصل وبيان الحكم هم العلماء بالكتاب وبالسنة، فليس لمسلم أن يحكم بالكفر أو بالفسق على مسلم، وهو لا يعلم ما هو الكفر، ولا ما يصير به المسلم مرتدا كافرا بالإسلام، أو عاصيا مفارقا لأوامر الله. إذ الإسلام عقيدة وشريعة. له علماؤه الذين تخصصوا فى علومه تنفيذا لأمر الله ورسوله فالتدين للمسلمين جميعا، ولكن الدين وبيان أحكامه وحلاله وحرامه لأهل الاختصاص به وهم العلماء، قضاء من الله ورسوله. وبعد هذا التمهيد ببيان هذه العناصر، نتابع قراءة ذلك الكتيب على الوجه التالى. لنرى ما إذا كانت أفكاره فى نطاق القرآن والسنة أو لا. 2 أولا الجهاد جاء فى ص 3 وما بعدها أن الجهاد فى سبيل الله بالرغم من أهميته القصوى، وخطورته العظمى على مستقبيل هذا الدين، قد أهمله علماء العصر وتجاهلوه، بالرغم من علمهم بأنه السبيل الوحيد لعودة ورفع صرح الإسلام من جديد ثم ساق الكتاب حديث (بعثت بالسيف بين يدى الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقى تحت ظل رمحى) الخ الحديث. وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاطب قريشا فقال (استمعوا يا معضر قريش أما الذى نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح) وبهذا رسم الطريق القويم الذى لا جدال فيه، ولا مداهنة مع أئمة الكفر وقادة الضلال وهو فى قلب مكة. والجهاد فى سبيل الله أمر جاء به القرآن، وجرت به السنة، لا يمارى فى هذا أحد. ولكن ما هو الجهاد الجهاد فى اللغة أصله المشقة، يقال جاهدت جهادا، أى بلغت المشقة. وفى الشرع جهاد فى الحرب، وجهاد فى السلم. فالأول هو مجاهدة المشركين بشروطه، والآخر هو جهاد النفس والشيطان - ففى الحديث (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، ألا وهو جهاد النفس) وللحديث روايات أخرى وليس من الأحاديث الموضوعة كما جاء فى هذا الكتيب، فقد رواه البيهقى وخرجه العراقى على الاحياء (أحياء علوم الدين للغزالى وعلى هامشه تخريج الأحاديث للحافظ العراقى فى كتاب شرح عجائب القلب) فالجهاد ليس منحصرا لغة ولا شرعا فى القتال، بل إن مجاهدة الكفار تقع باليد وبالمال وباللسان وبالقلب، وكل أولئك سبيله الدعوة إلى الله بالطريق الذى رسمه الله تعالى فى القرآن، وابتعه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن} النحل 125، هل الجهاد فرض عين على كل مسلم قال أهل العلم بالدين وأحكامه إن الجهاد بالتقال كان فرضا فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم من دعاه الرسول من المسلمين للخروج للقتال، وأما بعده فهو فرض كفاية إذا دعت الحاجة. ويكون فرض عين على كل مسلم ومسلمة فى كل عهد وعصرنا إذا احتلت بلاد المسلمين ويكون بالقتال وبالمال وباللسان وبالقلب. لقوله صلى الله عليه وسلم (رواه أحمد وأبو داود والنسائى) (جاهدوا المشركين بأوالكم وأيديكم وألسنتكم) . وجهاد النفس هو فرض عين على كل مسلم ومسملة دائما وفى كل وقت، وفى هذا أحاديث شريفة كثيرة، منها قول الرسول عليه الصلاة والسلام (ضمن حديث وراه الترمذى وقال حديث حسن صحيح) (المجاهد من جاهد نفسه فى طاعة الله عز وجل) . حديث (بعثت بالسيف بين يدى الساعة) هو حديث صحيح لكن ما مدلوله وهل تؤخذ ألفاظه هكذا وحدها دون النظر إلى الأحاديث الأخرى وإلى سير الدعوة منذ بدأت. وإن ما قال به هذا الكتيب هو ما قال به المستشرقون، حيث عابوا على الإسلام فقالوا إنه انتشر بالسيف. ألا ساء ما قال هؤلاء وأولئك، فإن القرآن قد فصل فى هذه القضية وما كان رسول الله إلا مبلغا ومنفذا للوحى، ولا يصدر منه ما يناقض القرآن الذى يقول {لا إكراه فى الدين} البقرة 256، ويقول {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} النحل 125، ويقول {أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين} يونس 99، ويقول {وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد} آل عمران 20، ويقول {إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء} القصص 56، ذلك القرآن أصل الإسلام، والسنة مفسرة له لا تختلف معه، وحديث بعثت بالسيف مع هذه الآيات لا يؤخذ على ظاهره، فقد جاء بيانا لوسيلة حماية الدعوة عند التعدى عليها، أو التصدى للمسلمين، وإلا فهل استعمل الرسول صلى الله عليه وسلم السيف لإكراه أحد على الإسلام اللهم لا وما كان له أن يخالف القرآن الذى نزل على قلبه. وقوله الشريف (وجعل رزقى فى ظل رمحى) إشارة إلى آية الغنائم (الآية 41 من سورة الأنفال (واعلموا انما غنمتم من شىء فان لله خمسة وللرسول ولذى القربى)) وقسمتها، وأن له رزقا فى بيت مال المسلمين، حتى لا ينشغل عن الدعوة بكسب الرزق وكان هذا مبدأ فى الإسلام، فأصبح لولى أمر المسلمين مرتبا فى بيت مال المسلمين حتى يتفرغ لشئونهم، فأصبح لولى أمر المسلمين مرتبا فى بيت مال المسلمين حتى يتفرغ لشئونهم، وهذا هو ما فهمه أصحاب رسول الله، فإن أبا بكر رضى الله تعالى عنه بعد أنه اختاره المسلمون خليفة توجه إلى السوق كعادته للتجارة، فقابله عمر رضى الله عنه وقال له ماذا تصنع فى السوق. قال أعمل لرزقى وزرق عيالى، فقال له قد كفيناك ذلك، أو قد كفاك الله ذلك. مشيرا إلى هذه إلى هذه الآية، فإن فيها قول الله (فأن لله خمسه) فمرتب الخليفة من هذا الخمس هذا هو الحديث الذى يستهدى به الكتيب فى حتمية القتال لنشر الإسلام فهو استدلال فى غير موضعه، إيراد للنص فى غير ما جاء فيه ولا يحتمله وإلا - على زعم هذا الكتيب - كان الحديث مناقضا للقرآن. وذلك ما لا يقول به مسلم. أما ما نقله الكتاب من قول الرسول صلى الله عليه وسلم لقريش (استمعوا يا معشر قريش، أما والذى نفسه محمد بيده لقد جئتكم بالذبح) . فإن قصة هذا القول - كما جاءت فى السيرة النبوية (ج - 1 ص 309 و 310 طبعة ثالثة دار احياء التراث العربى بيروت 1391 هجرية - 1971 م) لابن هشام قال ابن اسحاق فحدثنى يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه عروة ابن الزبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال ما أكثر ما رأيت قريشا أصابوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانوا يظهرون من عداوته. قال حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما فى الحجر، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ما رأينا مثل ما صبرها عليه من أمر هذا الرجل قط سفه أحلامنا، وشتم آباءنا، وعاب ديننا، وفرق جماعتنا، وسب آلهتنا، لقد صبرنا منه على أمر عظيم، أو كمما قالوا فبينما هم فى ذلك إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل يمشى حتى استلم الركن، ثم مر بهم طائفا بالبيت، فلما مر بهم غمزوه ببعض القول. قال فعرفت ذلك فى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ثم مضى، فلما رجع مر بهم الثانية غمزوه مثلها، فعرفت ذلك فى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها، فوقف. ثم قال أتسمعون يا معشر قريش أما والذى نفسى بيده، لقد جئتكم بالذبح ثم استطردت الرواية إلى ما كان بين الرسول صلى الله عليه وسلم وهؤلاء الذين غمزوه بالقول ثلاث مرات وهو يطوف حول البيت فى ذات اليوم واليوم التالى. فما معنى هذه العبارة الأخيرة فى قول الرسول حسبما جاء فى هذه القصة (لقد جئتكم بالذبح) . تعود إلى اللغة نجدها تقول ذبحت الحيوان دبحا قطعت العروق المعروفة فى موضع الذبح بالسكين، والذبح الهلاك، وهو مجاز، فإنه من أسرع أسبابه، وبه فسر حديث ولاية القضاء (فكأنما ذبح بغير بسكين) ويطلق الذبح للتذكيه، وفى الحديث (كل شىء فى البحر مذبوح) أى ذكى لا يحتاج إلى الذبح، ويستعار الذبح للإحلال، أى لجعل الشىء المحرم حلالا، وفى هذا حديث أبى الدرداء رضى الله عنه (ذبح الخمر، الملح والشمس. ) أى أن وضع الملح فى الخمر مع وضعها فى الشمس يذبحها أى يحولها خلا فتصبح حلالا (تاج العروس فى مادة ذ. ب. ح) فأى معنى لغوى للفظ الذبح فى هذه القصة يعتد به لا يجوز أن يكون المراد المعنى الأصلى للذبح، وهو قطع العنق من الموضع المعروف، لأن الله أبلغ الرسول فى القرآن {لا إكراه فى الدين} البقرة 256، {إنك لا تهدى من أحببت} القصص 56، {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين} المائدة 92، {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين} التغابن 12، {فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين} النحل 82، وهو لم يفعل ذلك، يعنى لم يذبح أحدا لا فى مكة ولا فى غيرها، ولم يكره أحدا على اتباعه، فيستبعد المعنى الأصلى لمعارضته للقرآن. وإذا يكون المعنى المجازى هو المراد بهذا التهديد، فإنهم قد غمزوه وعابوه وشتموه وهو يطوف بالبيت فهددهم بالهلاك، بأن يدعو الله عليهم كما فعل السابقون من النبياء، أو بالتطهير مما هم فيه من الشرك، يعنى أنه جاءهم بالدين الصحيح الذى يتطهرون باتباعه، وهذا المعنى الأخير هو المتفق مع ما أثر عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو لقومه بالهداية إلى الإسلام. بهذا البيان - مع واقع القرآن والسنة، ومن لغة العرب التى نزل بها القرآن - يظهر بوجه قاطع الرسول صلى الله عليه وسلم لهم يهدد قومه بالذبح الذى قصده هذا الكتيب وصرف القصة إليه وهو القتل، فالرسول إنما كان يهدد بما يملك إنزاله بهم، لا بما يفوق فدرته الذاتية، فقد كان ومن تبعوه قلة، لا يستطيعون ذبخ مخالف لهم، وهو لم يفعل حتى بعد أن هاجر وصارت له عدة وعدد من المؤمنين بل إن تفسير الذبح فى هذا التهديد بالمعنى المتبادر لهذا اللفظ يتعارض مع ما عرف عن رسول الله من خلق وحكمة ورحمة بالناس، وقد أكد القرآن كل هذه الصناف لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} الأنبياء 107، وقال سبحانه {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنتب فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} آل عمران 159، وقال {وإنك لعلى خلق عظيم} القلم 4. ثالثا - الحكم بما أنزل الله فى القرآن الكريم قول الله سبحانه {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} النساء 65، وقوله {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا} الإسراء 82، وقوله {وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون} الأنعام 155، وقوله {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين} النحل 89. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 8:58 pm | |
| تابع للفتوى السابقة وفى الحديث الشريف الذى رواه مالك فى الموطأ. (تركت فيكم أمرين لت تضلوا ما تمسكتم بهما. كتاب الله وسنة رسوله) . فالقرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، هما المرجع فى التشريع الإسلامى، فقد اشتملا على العقائد والعبادات والمعاملات، وعلى أحكام وحكم وعلوم وفضائل وآداب وأنباء عن اليوم الآخر وغير هذا مما يلزم الإنسان فى حياته وفى آخرته. وقد أمر القرآن بالأخذ به، وبما جاء به رسول الله (أى سنته) ذلك قول الله سبحانه {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} الحشر 7، وقوله تعالى {من يطع الرسول فقد أطاع الله} النساء 80، وقوله جل شأنه {ليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} النور 63، وقوله تعالى {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون} النور 51، وقوله تعالى {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} المائدة 44، وقوله تعالى {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} المائدة 45، وقوله تعالى {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} المائدة 47، ذهب الخوارج إلى أن مرتكب الكبيرة كافر، محتجين بهذه الآيات الثلاث الأخير، وهذا النظر منهم غير صحيح. ذلك لأننا إذا رجعنا إلى قواعد اللغة ودلالات الحروف والأسماء نجد أن كلمة (من) الواردة فى تلك الآيات من أسماء الموصول، وهذه الأسماء لم توضع - فى اللغة - للعموم، بل هى للجنس، تحتمل العموم، وتحتمل الخصوص. قال أهل العلم باللغة والتفسير، وعلى هذا يكون المراد، والمعنى (والله أعلم) أما من لم يحكم بشىء مما أنزل الله أصلا فأولئك، أى من ترك أحكام الله نهائيا وهجر شرعه كله، هم الكافرون وهم الظالمون، وهم الفاسقون، وذلك بدليل ما سبق من الأحاديث الدالة على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج بها عن إيمانه وإسلامه وإنما يكون آثما فقط. أو أن المراد فى هذه الآيات بقول الله (بما أنزل الله) هو التوارة، بقرينة ما قبله وهو قوله {إنا أنزلنا التوراة} وإذا أخذنا هذا المعنى كانت الآيات موجهة للهيود الذين كان كتابهم التوارة، فإذا لم يحكموا بها كانوا كافرين أو ظالمين أو فاسقين، والمسلمون غير متعبدين بما اختص به غيرهم من الأمم السابقة، فقد كانت - مثلا - توبة أحدهم من ذنب ارتكبه قتل نفسه {فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم} البقرة 54، وحرم هذا فى الإسلام {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} النساء 29، وشرع بديلا لقتل النفس التوبة بالاستغفار وبالصدقات. وبهذا البيان يكون مجرد ترك بعض أوامر الله أو مجرد فعل ما حرم الله مع التصديق بصحة هذه الأوامر وضرورة العمل بها، يكون هذا إثما وفسقا، ولا يكون كفرا، ما دام مجرد ترك أو فعل دون جحود أو استباحة. وعلى ذلك يكون تكفير الحاكم لتركه بعض أحكام الله وحدوده دون تطبيق لا يستند إلى نص فى القرآن أو فى السنة، وإنما نصوصهما تسبغ عليه إثم هذه المخالفة، ولا تخرجه بها من الإسلام، ولعل فيما قاله رسول الله وأوردناه فيما سبق من قوله (ثلاث من أصل الإيمان الكف عمن قال لا إله إلا الله، لا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل) لعل فى هذا الرد القاطع على دعوى تكفير المسلم الذى لم يجحد شيئا من أصول الإسلام وشريعته. ثالثا بلادنا دار لإسلام جاء فى ص 7 من هذا الكتيب أن أحكام الكفر تعلوا بلادنا، وإن كان أكثر أهلها مسلمين، وهذا قول مناقض للواقع، فهذه الصلاة تؤدى، وهذه المساجد مفتوحة وتبنى، وهذه الزكاة يؤديها المسلمون، ويحجون بيت الله، وحكم الإسلام ماض فى الدولة، إلا فى بعض الأمور كالحدود والتعامل بالربا وغير هذا مما شملته القوانين الوضعية. وهذا لا يخرج الأمة والدولة عن أنها دولة مسلمة وشعب مسلم، لأننا - حاكما ومحكومين نؤمن بتحريم الربا والزنا والسرقة وغير هذا، ونعتقد صادقين أن حكم الله خير وهو الأحق بالاتباع، فلم نعتقد حل الربا وإن تعاملنا به، ولم نعتقد حل الزنا والسرقة وغير هذا من الكبائر وإن وقع كل ذلك بيننا، بل كلنا - محكومين وحاكمين - نبتغى حكم الله وشرعه ونعمل به فى حدود استطاعتنا، والله يقول {فاتقوا الله ما استطعتم} التغابن 16، وعقيدتنا فيما أمر الله بقدر ما وهبنا من قوة. رابعا ما السبيل إلى تطبيق أحكام الله غير المنفذة. وهل يبيح هذا قتل الحاكم والخروج عليه. نسوق لرسم الطريق والجواب عن هذا. الحديث الذى رواه الإمام مسلم فى صحيحه عن عوف بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم (تصلون أى تدعون لهم ويدعون لكم، لأن الصلاة فى اللغة الدعاء) ، ويصلون عليكم (تصلون أى تدعون لهم ويدعون لكم، لأن الصلاة فى اللغة الدعاء) ، وشرار أئتمكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم. قال قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم. (أى نقاتلهم) قال لا ما أقوموا فيكم الصلاة. لا ما أقاموا فيكم الصلاة تصلون عليهم (يعنى تدعون لهم)) ومثله الحديث الذى رواه أحمد وأبو يعلى قال (يكون عليكم أمراء تطمئن إليهم القلوب وتلين لهم الجلود، ثم يكون عليكم أمراء تشمئز منهم القلوب وتقشعر منهم الجلود. فقال رجل أنقاتلهم يا رسول الله، قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة) . وروى الإمام مسلم فى صحيحه عن أم سلمة (هند بنت أبى حذيفة) رضى الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (انه يستعمل عليكم أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برىء، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضى وتابع. قالوا يا رسول الله ألا نقاتلهم، قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة) . ومعناه أن من كره بقلبه، ولم يستطع إنكارا بيد ولا لسان، فقد برىء من الإثم وأدى وظيفته، ومن أنكر بحسب طاقته فقد سلم من هذه المعصية، ومن رضى بفعلهم وتابعهم فهو العاصى. بهذه الأحاديث الصحيحة وغيرها نهتدى إلى أن الإسلام لا يبيح الخروج على الحاكم المسلم وقتله مادام مقيما على الإسلام يعمل به، حتى ولو بإقامة الصلاة فقط، وأن على المسلمين إذا خالف الحاكم الإسلام أن يتولوه بالنصح والدعوة السليمة المستقيمة كما فى الحديث الصحيح (رواه الترمذى ج - 8 ص 113 و 114 بشرح القاضى ابن العربى) (الدين النصيحة. قلنا لمن يا رسول الله، قال لله ولرسوله ولأئمة الملسمين وعامتهم) فإذا لم يقم الحاكم حدود الله وينفذ شرعه تاما، فليست له طاعة فيما أمر من معصية أو منكر، ومعنى هذا أن الحكم بما أنزل الله لا يقتصر على الحاكم فى دولته، بل يشمل كل أفراد المسلمين رجالا ونساء، وعليهم الالتزام بأمر الله فيما افتراض من طاعات والانتهاء عما نهى من منكرات. ذلك أخذا بمجموع نصوص القرآن والسنة، وإلا فإن هذا الاتجاه والفكر الذى ساقه هذا الكتاب من باب من يقرأ قول الله {فويل للمصلين} الماعون 4، 5، ويسكت ولا يتبعها بقوله {الذين هم عن صلاتهم ساهون} الماعون 4، 5، ومن يقرأ قول الله {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة} النساء 43، ويسكت ولا يتبعها بقوله سبحانه {وأنتم سكارى} النساء 43، بل إن هذا الفكر ممن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، ويقول فى دين الله بغير علم، وذلك إثم عظيم يحمله كل من يبث هذا الفكر، وعلى المجتمع مقاومته ونبذه، وعلى الدولة الوقوف ضده. والسبيل المستقيم مع أصول الإسلام فى القرآن والسنة أن نطالب جميعا بتطبيق أحكام الله دون نقصان بالأسوة الحسنة والحجة الواضحة، لا بالقتل والقتال وتكفير المسلمين وإهدار حرماتهم. هكذا أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى {لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة} الأحزاب 21، وهكذا يجب أن نكون، وأن تكون دعوتنا إلى الله وإلى تطبيق شرع الله وتعميق العمل به فى السوك والحكم. خامسا - آية السيف (ص 27 - 29) وقد عنى الكتيب المعروض بها. وهى قول الله سبحانه فى سورة التوبة {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم} التوبة 5، ونقل الكتاب أن هذ الآية نسخت مائة وأربع عشرة آية فى ثمان وأربعين سورة، فهى ناسخة لكل آية فى القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء. هذه الآية الكريمة، كما هو منطوقها واردة فى مشركى العرب الذين لا عهد لهم، حيث نبذت عودهم، وضرب الله لهم موعد الأربعة الأشهر الحرم، وقد فرق القرآن فى المعاملة بين مشركى العرب، والمشركين وأهل الكتاب من الأمم الخرى. والأمر بقتال مشركى العرب فى هذه الآية وما قبلها مبنى على كونهم البادئين بقتال المسلمين والناكثين لعهودهم، كما جاء فى آية تالية فى ذات السورة {ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة} التوبة 13، ولقد أطلق بعض الناس القول فى أن آية السيف ناسخة لغيرها من الآيات حسبما نقل هذا الكتيب، ولكن الصواب أنه لا نسخ، وأن كل لآية واردة فى موضعها، كما أن الأصل أن الإعمال مقدم على الإهمال. بل إن آية السيف جاء فى آخرها ما يوقف حكم أولها {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم} التوبة 5، فمن آمن وأسلم تائبا بذلك عن الشرك وأقام الصلاة وآتى الزكاة امتنع قتالهم وقتلهم. فالآية موجهة إلى المشركين الكافرين بأصول الدين، وغير موجهة إلى الأمر بقتال المسلمين، فالاستدلال بها على أنها آمرة بقتال المشركين وغيرهم فى غير موضعه، بل يناقض لفظها، وفى صدد المشركين أجاز القرآن التعاهد معهم والوفاء بهذه المعاهدة فى قوله تعالى {إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم} التوبة 7، وقوله {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} المائدة 1، وقوله {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا} الإسراء 34، فكيف إذن يقال إن آية السيف ناسخة لأمثال هذه الآيات التى نظمت التعاهد مع المشركين وغيرهم من أهل الكتاب، وكيف يمدون حكمها إلى السملم الذى ترك فرضا من الفرائض عن غير جحود أو فعل موبقة منيها عنها تحريما، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول (أمرت أن أقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها) وقد فسر الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحق بثلاث فى قوله (لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو فتل نفس بنفس) . فكيف مع هذا يستباح قتل المسلم الذى يصلى ويزكى ويتلو القرآن باسم آية السيف. فليقرءوا قول الله سبحانه {الذين يجادلون فى آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار} غافر 35، سادسا - السلاجقة والتتار هم أولئك الوثنيون الزاحفون من الشرق، أخضعوا واحتلوا بلاد ما رواء النهر وتقدموا إلى العراق، وظلوا يزحفون حتى وقعت فى أيديهم أكثر الأراضى الإسلامية. ثم من بعدهم المغول التتار المتوحشون الوثنيون الذين سفكوا دماء المسلمين بالقدر الذى لم يفعله أحمد من قبلهم.. وقد وصف ابن الأثير فظائعهم، وجعلهم مساجد بخارى اصطبلات خيل، وتمزيقهم للقرآن الكريم، وهدم مساجد سمرقند وبلخ فقال (ابن الأثير حوادث سنة 617 هجرية) (لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة، استعظاما لها كارها لذكرها، فأنا أقدم إليها رجلا وأؤخر أخرى، فمن الذى يسهل عليه نعى الإسلام إلى المسلمين ومن الذى يهون عليه ذكر ذلك الخ) . هؤلاء الذين حاربهم ابن تيمية وأفتى فى شأنهم فتاويه التى ولغ فيها هذا الكتيب اختصارا وابتسارا واستلالا بها فى غير موضعها. أين هؤلاء من المسلمين فى مصر وأولى الأمر المسلمين فيها، وهل هناك وجه للمقارنة بين أولئك الذين الذين صنعوا بالمسلمين ما حملته كتب التاريخ فى بطونها وبين مصر حكامها وشعبها، أو أن هناك وجها لتشبيه هؤلاء بأولئك. هذا الكتيب إنما يروج ما قال به المستشرقون من انتشار الإسلام بالسيف، وواقع الإسلام قرآن وسنة، وواقع تاريخه يقول لهم {كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا} الكهف 5، سابعا - فتاوى ابن تيمية التى نقل منها الكتيب تقدم القول بأنه لا وجه للمقارنة بين حكام مصر للمسلمين وبين التتار لكن هذا الكتيب قد أشار إلى فتوى لابن تيمية فى المسألة 516 من فتاويه فى باب الجهاد. وبمطالعة هذه الفتوى نرى أنها قد أوضحت حال التتار، وأ، هم وإن نطق بعضهم بكلمة الإسلام، لكنهم لم يقيموا فروضه حيث يقول وقد شاهدنا عسكر القوم، فرأينا جمهورهم لا يصلون، ولم نر فى عسكرهم مؤذنا، ولا إماما، وقد أخذوا من أموال المسلمين وذراريهم وخربوا من ديارهم ما لا يعلمه إلا الله، ولم يكن معهم فى دولتهم إلا من كان من شر الخلق، وإما زنديق منافق، لا يعتقد دين الإسلام فى الباطن، وإما من هو من شر أهل البدع، كالرافضة والجهمية، والاتحادية ونحوهم، إلى أن قال وهم يقاتلون على ملك حنكسخان إلى أن قال وهو ملك كافر مشرك من أعظم المشركين كفرا وفسادا وعدوانا من جنس بختنصر وأمثاله إن اعتقاد التتار كان فى حنكسخان عظيما، فإنهم يعتقدون أنه ابن الله إلخ. هذه العبارت وأمثالها مما جاء فى تسبيب الفتوى تفصح عن أن ابن تيمية قد وقف على واقع حال التتار، وأنهم كفار غير مسلمين وإن نطقوا بكلمة الإسلام تضليلا للمسلمين. فما لهذا الكتيب قد ابتسر الفتوى. - إن واضع هذا الكتاب وأتباعه تصدق عليهم الآية {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزى فى الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون} ، أين هؤلاء التتار من جيش مصر الذى عبر وانتصر بهتاف الإسلام الله أكبر من شهر رمضان ورجاله صائمون مصلون يؤمهم العلماء، وفى كل معسكر مسجد وإمام يذكرهم بالقرآن، وبأحكام دين الله - إن هذه الأقوال الجائزة التى جاءت فى هذا الكتيب فاسدة مخالفة للكتاب والسنة {ألا ساء ما يحكمون} النحل 59، ثامنا - هذا الكتيب لا ينتسب للاسلام وكل ما فيه أفكار سياسية نرى هذا واضحا فى الكثير من عناوينه (أ) الخلافة والبيعة على القتال إن الشورى هى أساس الحكم فى الإسلام، وبهذا أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم فى قوله {وشاورهم فى الأمر} آل عمران 159، أى فى الأمور التى تتعلق بأمور الحياة والدولة، لا فى شأن الوحى والتشريع، وما يأتى من عند الله. وقال سبحانه {وأمرهم شورى بينهم} الشورى 38، وقال {لست عليهم بمسيطر} الغاشية 22، وقال {وما أنت عليهم بجبار} ق 45، والحاكم فى الإسلام وكيل عن الأمة، لذلك كان من شأنها أن تختار الحاكم وتعزلهم، وتراقبهم فى كل تصرفاتهم، ويجب أن يكون الحاكم المسلم عادلا قويا فى دينه ومقاومته لأهل البغلا والعدوان. ويتفق أهل العلم بالإسلام وأحكامه على أن (خليفة المسلمين) هو مجرد وكيل عن الأمة يخضع لسلطانها فى جميع أموره، وهو مثل أى فرد فيها فهو فرد عادى، لا امتيا زله ولا منزلة إلا بقدر عمله وعدله. فالإسلام أول من سن بتلك الآيات مبدأ الآمة مصدر السلطات. والإجماع منعقد منذ عصر الصاحبة على وجوب تعيين حاكم للمسلمين، واستنادا إلى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا الموضع. ولم تحدد نصوص الإسلام كريا لاختيار الحاكم (ولى الأمر) لأن هذا مما يختلف باختلاف الأزمان والأماكن. ومن ثم كان الاختيار بطريق الانتخاب المباشر أو بغيره من الطرق داخلا فى نطاق الشورى فى الإسلام. وتسمية خليفقة للمسلمين أمر تحكمه عوامل السياسة فى الأمة الإسلامية على امتداد أطرافها وأقطارها، وليس من الأمور التى تتعطل من أجلها مصالح الناس وإقامة الدين، بعد أن تفرق المسلمون إلى دول ودويلات، لكن المهم أن يكون هناك الحاكم المسلم فى كل دولة إسلامية، ليقيم أمور الناس وأمور الدين، حتى إذا ما اجتمعت كلمة المسلمين كأمة وصاروا فى دولة ذات كيان سياسى واحد بعرف العصر وأساليبه، كما هم فى واقع الدين أمة واحدة مع اختلاف لغاتهم وأوطانهم، إذا اجتمعت الكلمة حق عليهم أن يكون لهم حاكم واحد. وانتخاب الحاكم بالطرق القررة فى كل عصر، قائم مقام البيعة التى ترددت فى كتب فقهاء الشريعة، فما البيعة إلا إدلاء باالرأى والتزام بالعهد وقد كان المسلمون يبايعون الرسول صلى الله عليه وسلم على الوقوف معه وحمايته مما يحمون منه أنفسهم ونساءهم وأولادهم، فهو عهد والتزام منه بحماية الرسول وحماية دعوته، فقد كان يستوثق منهم لدينه بهذه البيعة. والقتال فى ذاته ليس هدفا - كما تقدم - وكما يقضى القرآن والسنة، وإنما هو وسيلة لحماية الدين والبلاد، ولم يكن آنذاك تجنيد إجبارى وجيش نظامى متفرغ لهذه المهمة، حتى إذا ما جيش عمر بن الخطاب ومن بعده الجيوش ودون الدواوين، لم يعد هناك مجال هلذه البيعة على القتال خارج صفوف جيش الدولة، وإلا كان هؤلاء الذى يتبايعون على مثل هذا خارجين على جماعة المسلمين، وحل قتالهم، والأخذ على أيديهم. ذلك ما يقتضيه القرآن والسنة وسيرة السلف الصالح، فمن خرجك على الجماعة كان الجزاء كما قال سبحانه {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض} المائدة 33، ماذا يعنى لفظ الخليفة وتاريخه فى الإسلام. الخلافة اسم مصدر من استخلف، والمصدر الاستخلاف، وهذا المعنى دخل فى الاصطلاح الشرعى فى اسم الخليفة ومهمته فقط اصطلح علماء الشريعة على أن الخليفة نائب فى القيام فى سياسة الأمة وتنفيذ الأحكام، وقد توقف هذا اللقب بعد وفاة أبى بكر رضى الله عنه، ولم يلقب بخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد من الخلفاء بعده، وإنما أطلق عليهم اسم أمير المؤمنين، وهذه الإمارة اصطلاح ليس من رسم الدين ولا من حكمه فلنسم الحاكم واليا أو رئيس جمهورية أو غير هذا من الأسماء التى يصطلح عليها، إذ لا مشاحة فى الاصطلاح. فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا. أيريدون إطلاق اسم خليفة رسول الله على من يحسن القيام بأمر الدين ومن يخالفة، كان أولى بهذا عمر بن الخطاب وأمثاله، وهم قد رأوا أنهم أقل من أن يحملوا هذا اللقب فاستبدلوه بأمير المؤمنين لقبا للحاكم لا غير لا يعطيه امييازا، بل هو من أفراد المسلمين ولكنه ولى أمرهم باختيارهم. (ب) الإسلام والعلم جاء فى كتيب (الفريضة الغائبة) تحت عنوان الانشغال بطلب العلم ص 22 وما بعدها إننا لم نسمع بقول واحد يبيح ترك أمر شرعى أو فرض من فرائض الإسلام بحجة العلم، خاصة إذا كان هذا الفرض هو الجهاد، نترك فرض عين من أجل فرض كفاية، وحدود العلم أن من علم فرضية الصلاة فعليه أن يصلى. الخ ومن كتب هذا لم يقرأ القرآن، وإذا كان قد قرأ فإنه لم يفهم ما قرأ، أو أنه ممن آمن ببعض الكتاب وأعرض عن بعض فلنستعرض بعض ما أمر به القرآن الكريم وتوجيهاته إلى العلم والتعليم إن أول نداء فتح الله به على نبيه إيذانا ببدء الوحى قوله سبحانه {اقرأ باسم ربك الذى خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذى علم بالقلم. علم الإسنان ما لم يعلم} العلق 1 - 5، والقراءة طريق العلم والمعرفة، ثم يذكر القرآن خلق الإنسان وتكوينه ويمن الله بنعمة العلم. وبالعلم أعلى الله قدر آدم على الملائكة المقربين فى قوله سبحانه {وعلم آدم الأسماء كلها} البقرة 31، والعلم فى الإسلام يتاول كل ما وحد فى هذا الكون، فضلا عن العلم بالدين عقيدة وشريعة وآدابا وسلوكا. والعلم جهاد ففى الحديث الشريف قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من خرج فى طلب العلم فهو فى سبيل الله حتى يرجع) رواه الترمذى عن أنس رضى الله عنه. ولقد ذكر أمامه صلى الله عليه وسلم رجلان، عالم وعابد فقال (فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم) رواه الترمذى عن أبى أمامه. والإسلام يدعو إلى دراسة الدين وفقه - قال سبحانه {لولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم} التوبة 122، ويدعوا إلى دراسة نفس الإنسان والكون فى قول الله {سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم} فصلت 53، ويدعو إلى دراسة التاريخ وأحوال السابقين من الأمم والشعوب فى قوله تعالى {أفلم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم} محمد 10، ويدعو إلى دراسة علم النبات والزراعة فى قول الله {فلينظر الإنسان إلى طعامه. أنا صببنا الماء صبا. ثم شققنا الأرض شقا} عبس 24 - 26، وإلى دراسة الحيوان فى قوله الله {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} الغاشية 17، وإلى دراسة الفلك فى قول الله {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون} يس 37، وإلى دراسة الجغرافيا فى قول الله {وفى الأرض آيات للموقنين} الذاريات 20، وإلى دراسة الجيولوجيا فى قول الله {ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها} فاطر 27، وإلى دراسة الكيمياء والفيزياء فى قول الله {وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد} الحديد 25، ولو ذهبنا نستقصى أوامر القرآن وحثه على العلم والتعلم وتفضيله العلماء على غيرهم، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا الموطن لاحتجنا إلى كتاب بل إلى كتب. وكما بدأ القرآن فى النزول بكلمة العلم وتفضيله {اقرأ باسم ربك} كان افتداء الأسارى فى بدر تعليم أولاد المسلمين القراءة والكتابة وهكذا كانت السنة الشريفة مع القرآن تبيانا وهداية إلى العلم. وهكذا كان شأن العلم فى الإسلام. فهل بعد هذه المنزلة نغض من شأنه، ونقول إنه يكفى منه القليل، والله يقول {قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون} الزمر 9، إن هذه الدعوة الأثيمة إلى التقليل من فضل العلم، هى دعوة إلى الأمية والبدائية باسم الإسلام، وفيها تحريض للشباب بالانصراف وهجر دراستهم فى المدارس والجامعات والامتناع عن استيعاب العلوم، علوم الدين وعلوم الدنيا، وهى الدعوة التى أوى إليها بعض الشباب الذين غرر بهم هؤلاء المفسدون، ونسى أولئك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لعبد الله بن عباسله عنهما بقوله (اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل) وفى هذا الرد على الدعوة للانصراف عن العلوم الشرعية. وقد روى عن زيد بن ثابت رضى الله عنه قال (أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم السريانية) وهذه دعوة من رسول الله لأحد أصحابه ليتعلم لغة أخرى غير العربية، وقال زيد ابن ثابت أيضا (أمرنى رسول الله أن أتعمل له كلمات من كتاب يهود. وقال إنى والله لا آمن يهود على كتابى قال زيد فما مر بى نصف شهر حتى تعلمته له، قال فلما تعلمته كان إذا كتب إلى هيود كتبت إليهم وإذا كتبوا له قرأت كتابتهم) (سنن الترمذى ج - 4 ص 167) نابليون والأزهر وعلماؤه جاء فى ص 23 من الكتيب وهناك مجاهدون منذ بداية دعوة النبى صلى الله عليه وسلم، وفى عصور التابعين حتى عصور قريبة، لم يكونوا علماء، وفتح الله على أيديهم أمصارا كثيرة، ولم يحتجوا بطلب العلم بمعرفة علم الحديث وأصول الفقه، بل إن الله سبحانه وتعالى جعل على أيديهم نصرا للإسلام لم يقم به علماء الأزهر يوم أن دخل نابليون وجنوده الأزهر بالخيل والنعال ماذا فعلوا بعلمهم أمام تلك المهزلة. وبهذا بلغ هذا الكتيب حدا مفرطا فى الحط من شأن العلم وجهاد العلماء. وإذا أهملنا علوم الحديث والفقه وأصول الفقه والتفسير والعقيدة، وكل هذه العلوم الأصلية فى الشريعة المنبثقة عن القرآن والسنة. فما هو قوام هذا الدين، وكيف يتعرف المسلمون أحكام الدين. إن الرسول صلى الله عليه وسلم مكث بعد الرسالة نحو ثلاث عشرة سنة فى مكة يعلم أتباعه أصول الدين وعلومه، ولم يبدأ جهاده إلا بعد أن استقرت فى قلوب جمهرة من أصحابه، كانوا هم القادة فى العلم والمرجع فى الفتوى. ثم أليس فى القرآن {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم} التوبة 122، وأليس فيه {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} الأنبياء 7، أفبعد هذا نغض من شأن علم الحديث وأصول الفقه وغيرهما من علوم الدين، ونغض كذلك من شأن علوم الحياة التى حث عليها القرآن حسبما تقدمت الإشارة إلى بعض أوامره فى شأنها. سبحان الله هذا بهتان عظيم. إن الكتيب يعيب على الأزهر وعلمائه بادعائه أنهملم يعلموا شيئا حين دخل نابليون وجنوده الأزهر بخيلهم ونعالهم، متجاهلا التاريخ المسطور الأمين بوصف جهاد العلماء وقيادتهم لشعب مصر، ومطاردتهم للاستعمار ومنذ عهد نابليون ومن قبله ومن بعده، وهل خرج نابليون وأتباعه مدحورين إلا بجهاد الشعب بقيادة الأزهر وكان هذا هو الجهاد المشروع الذى أفتى به العلماء وقادوه من الأزهر ومن غير الأزهر، وليس ذلك الجهاد الذى يستعمل فيه السلاح فى غير موضعه، أو يجاهد فى غير عدو، فيقتل المواطنين عدوانا وظلما، ويدعى لنفسه حق تكفير المسلمين واستباحة دمائهم. (ج) التعامل مع غير المسلمين والاستعانة بهم فى ص 43 نقل الكتيب بعض الأحاديث فى النهى عن الاستعانة بالمشرك والتعامل معه وهذا - كما تقدم - من باب الإيمان ببعض الكتاب والكفر بالبعض، وشرع الإسلام كل لا يتجزأ، فلابد حين نستقى حكما ونستنبطه من القرآن والسنة أن نستوفى كل النصوص المؤدية إلى الحكم صحيحا بمعرفة أهل الاختصاص والعلم بالأحكام. وإذا رجعنا إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم نجده قد استعان فى هجرته بعبد الله بن أريقط وهو مشرك، وقد اتخذه دليلا لرحلة الهجرة يرشده إلى الطريق، وقد رافقه حتى وصل إلى المدينة، أليس هذا استعانة من الرسول بمشرك لم يتبع دينه بعد. ولما دخلت بلاد الفرس والروم فى الإسلام ودون عمر بن الخطاب الدواوين ونقل عنهم بعض نظمهم الإدارة استعان فى ذلك ببعض خبرائهم وهم على دينهم، أليس هذا استعانة بغير المسلمين من أمير المؤمنين الذى ملأ الأرض عدلا، وكان القرآن ينزل مؤيدا لما اقترحه ورآه فى كثير من أمور الدين والدنيا. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 9:01 pm | |
| تابع للفتوى السابقة فالأصل فى الإسلام التعامل مع الناس جميعا، المسلم وغير المسلم فيما لا يخالف نصا صريحا من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو حكما أجمع عليه المسلمون. وبالإضافة إلى ما سبق من عمل الرسول صلى الله عليه وسلم واتخاذه مشركا دليلا ورائدا لرحلة الهجرة، فقد ثبت فى السنة وفى السيرة الشريفة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل دعوة يهودى لتناول الطعام فى بيته ومعه السيدة عائشة قبل نزول آية الحجاب، وقد قبل هدية امرأة يهودية وكانت الهدية شاة مسمومة. ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودى، وعمل على بن أبى طالب على بئر ليهودى بتمرات، وعقد الرسول صلى الله عليهوسلم معاهدة مع اليهود بعد هجرته مباشرة، وظل على عهده ومعاهدته لهم حتى نقضوها هم، وجرى تعامل المسلمين فى هذا العهد مع غيرهم من المخالفين فى الدين فى التجارة والزراعة وغيرهما ولم ينعزلوا عن جيرانهم وكيف ينعزلون والقرآن قد نزل وقال الله سبحانه فيه {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} الممتحنة 8، وقال {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان} المائدة 5، هل هناك إباحة للتعامل أكثر من تبادل الطعام بين المسلمين وغير المسلمين من أهل الكتاب وحل نسائهم زوجات للرجال من المسلمين كل ذلك ما لم يرد نص صريح فى القرآن والسنة يمنع التعامل فى شأن ما مع غير المسلمين، ومن المأثور وإعمالا لهذه الآية الكريمة (خالط الناس ودينك لاتكلمنه) ويوضح هذا ويؤازره الحديث الشريف الذى رواه الترمذى وابن ماجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - (الذى يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذى يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) (ج - 2 من أحياء علوم الدين للغزالى مع تخريج الحافظ العراقى للأحاديث) (د) الخدمة فى الجيش إن الجيش هو عدة البلاد، وهو المنوط به حماية أمنها الخارجى والداخلى، وهو فى الجملة معهود إليه من الشعب بحماية الأرض والعرض وهو البديل المشروع للبيعة التى كانت تعقد بين أفراد المسلمين وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال، فقد كان عهده معهم أن يمنعوه (أى يدافعون عنه) مما يمنعون منه أولادهم ونساءهم، حتى إذا ما استقرت دولة المسلمين كان لها الجيش المنظم المتفرغ لهذه المهام، وهذا نوع من الجهاد فإن المرابطة فى سبيل الله من الجهاد وحراسة الحدود والثغوب من الجهاد فى سبيل الله، وفى الحديث الشريف (عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس فى سبيل الله). وراه الترمذى. هل هناك وجه للمقارنة بين جيش مصر، والتتار إن المفارقة ظاهرة حتى من تلك النبذ التى ساقها كتيب (الفريضة الغائبة) نقلا من فتاوى ابن تيمية. إذ كيف نقارن بين جيش مصر الذى له فى كل معسكر مسجد وإمام يقيم بهم شعائر الإسلام، ويصومون رمضان، ويتلون القرآن، يقدمون أنفسهم فداء لاسترداد الأرض وتطهير العرض هاتفين فى كل موطن وموقع الله أكبر. وبين التتار الذين وصفهم ابن تيمية بقوله قد شاهدنا عسكرهم، فرأينا جمهور لا يصلون، ولم نر فى عسكرهم مؤذنا ولا إماما، وقد أخذوا من أموال المسلمين وذراريهم وخربوا من ديارهم ما لا يعلمه إلا الله الخ ما سبقت الإشارة إلى بعضه وموضعه من فتاويه، وتاريخهم المظلم على ما تقدمت الإشارة إليه نقلا عن ابن الأثير المؤرخ. تاسعا أفكار سياسية منحرفة عن الإسلام وخارجه عنه إن مستقى هذا الكتيب ومورده فى جملته أفكار طائفة الخوارج، وهم جماعة من أتباع على بن أبى طالب رضى الله عنه خرجوا عليه بعد قبوله التحكيم فى الحرب التى كانت بينه وبين معاوية بن أبى سفيان فى شأن الخلافة، ثم انقسم هؤلاء الخوراج من بعد ذلك إلى نحو عشرين فرقة، كل واحدة منها تكفر الأخريات، وقد سموا بهذا الاسم إما - على حسب زعمهم وأوهامهم - لخروجهم فى سبيل الله، وإما للخروج على الأمة والجماعة، وهذا هو واقع التسمية، لأنهم فى جملة مذاهبهم قد حكموا بالكفر على سيدنا على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه وعلى ابنيه الحسن والحسين، سبطى الرسول صلى الله عليه وسلم، وابن عباس وأبى أيوب الأنصارى، كما أكفروا أيضا عائشة وعثمان وطلحة والزبير، وأكفروا كل من لم يفارق عليا ومعاوية بعد التحكيم وأكفروا كل مسلم ارتكب ذنبا. (كتاب الفرق بين الفرق للبغدادى سنة 429 ص 193) وهى فى ذات الوقت أفكار استشراقية، روجها المستشرقون وأتباعهم فى مصر وغيرها من بلاد المسلمين، محرفين الكلم عن مواضعه، مطلقين على بعض آيات القرآن عناوين لا تحملها ولا تصلح لها، متأولين هذه الآيات، بما يطابق أغراضهم وأهواءهم، ابتغاء فتنة فى الدين يثيرونها بين الناس حتى تلتبس عليهم الأمور، فهم كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر، فلما كفر قال إنى برىء منك. هؤلاء الخوارج - فى تاريخهم القديم وما أشبه الليلة بالبارحة - لما طلبوا من عبد الله بن الزبير حين أرادوا الانضمام إليه فى قتاله مع الأمويين بعد أن أكفروا على بن أبى طالب والزبير وطلحة، لما طلبوا منه البراءة من هؤلاء رد عليهم بقوله إن الله أمر - وله العزة والقدرة - فى مخاطبته أكفر الكافرين وأعتى العاتين بأرق من هذا القول، فقال لموسى وأخيه صلى الله عليهما {اذهبا إلى فرعون إنه طغى. فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى} طه 43، 44، فهم الآن يذيعون هذه الأفكار التى انطمست (كتاب العقد الفريد ج - 2 ص 394) ، ولم تبق إلا فى بطون الكتب يقرؤها الدارسون لتاريخ الفرق. هذا ولا ينبغى أن يطلق على هؤلاء الذين اتخذوا هذا الكتيب منهجا وصف الجماعة الإسلامية، أو المتطرفين فى الدين أو المتعصبين له، لأن الدين لا ينحرف، وإنما ينحرف عنه، ومن تطرف فى الدين فقد انحرف عنه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لأولئك النفر من أصحابه الذين ذهبوا إلى بيوته يسألون عن عبادته، فلما أخبروا بها عدوها قليلة، وقال أحدهم مالنا وله، لقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأما أنا فإنى أصول ولا أفطر. وقال آخر وأنا أقوم الليل ولا أنام وقال ثالث وأنا أعتزل النساء ولا أتزوج، فلما قابلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم أأنتم الذين قلتم البارحة كذا وكذا قالوا نعم، فقال لهم أما أنا فأقوم وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتى فليس منى) . هؤلاء لم ينحرفوا عن الدين، فلم يتركوا العبادة ولكنهم تغالوا فيها فردهم الرسول إلى الصواب، إلى العمل الوسط، الذى يستديمون به طاعة ربهم، والقيام بفرائضه، يحلون الحلال ويحرمون الحرام. عاشرا هل الجهاد فريضة غائبة إن الجهاد ماض إلى يوم القيامة والجهاد قد يكون قتالا، وقد يكون مجاهدة للنفس والشيطان. وإذا أمعنا النظر البصير فى آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فى شأن الجهاد بالقتال نجد أوامرهما فى هذا موجهة إلى قتال الكفار الذين تربصوا بالإسلام ونبى الإسلام، وأرادوا إطفاء نور دعوته والقضاء عليه، ولم يكن قتالا لنشر هذه الدعوة وإكراه الناس على الدخول فيها قسرا وجبرا - كما سلف -. ولذلك لا نجد فى القرآن ولا فى السنة الأمر بالقتال موجها ضد المسملين أو ضد المواطنين من غير المسلمين، إذ قد سمى الإسلام هؤلاء أهل الذمة، لهم مالنا وعليهم ما علينا من حقوق وواجبات، وأمر المسلمين بترك أهل الكتاب وما يدينون، فيما بخص العقيدة والعبادة. فإذا حدث ما يستدعى القتال دفاعا عن الدين والبلاد، فذلك ما يدعو إليه الإسلام ويحرص عليه، ويقوم به الجيش الذى استعد وأعد وأنيطت به هذه المهام، وهذا هو الجهاد قتالا ويكون الجهاد بمجاهدة النفس والشيطان، وهذا هو نوع الجهاد المستمر الذى ينبغى على كل إنسان، وعلى المسلم بوجه الخصوص أن يجاهد نفسه حتى يصلح من أمرها، وتنطبع على الخير والبر والأمانة والوفاء بالعهد، ومغالبة الشيطان والشر، سعيا إلى طاعة الله ومرضاته، وأداء فرائضه، والانتهاء عما نهى الله ورسوله عنه. ولا يكون الجهاد بإكفار المسلمين، أو بالخروج على الجماعة والنظام الذى ارتضته فى نطاق أحكام الإسلام. ولا يكون الجهاد بتأويل آيات القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما لا تحتمله ألفاظها وتحميلها معانى لا تحتويها مبانيها، إلا كان تحريفا للكلم عن مواضعه، وهو مما نهى الله سبحانه وتعالى عنه. ولا يكون الجهاد بقتل النفس التى حرم الله قتلها، لأن له نطاقا حدده الله. وإنما الجهاد فى مواضعه ماض إلى يوم القيامة، جهاد بالقتال إذا لزم الأمر دفاعا عن دين الله عن بلاد المسلمين، وعن النفس وعن المال وعن العرض، وجهاد للنفس حتى تكون فى طاعة الله ومجاهدة للشيطان، فليس الجهاد فريضة غائبة، ولكنه فريضة ماضية إلى يوم القيامة فى حدود أوامر الله وكما فسر رسول الله قوله سبحانه {وأن هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} الأنعام 153، صدق الله العظيم والله سبحانه وتعالى. أعلم. (نص كتاب الفريضة الغائبة) (آثرنا أن ننقل نص الكتاب كما ورد فى الأصل، دون التعرض لتصحيح الأخطاء ما عدا ما ورد فى آيات القرآن الكريم) بسم الله الرحمن الرحيم الم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون من سورة الحديد. قال عبد الله بن المبارك حدثنا صالح المرى عن قتادة عن ابن عباس قال ان الله استبطا قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة من نزول القرآن فقال الم يأن للذين آمنوا الآية. بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغرفه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ومن يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد فان أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار. أما بعد فان الجهاد فى سبيل الله بالرغم من أهميته القصوى وخطورته العظمى على مستقبل هذا الدين فقد أهمله علماء العصر وتجاهلوه بالرغم من علمهم بأنه السبيل الوحيد لعودة ورفع صرح الاسم من جديد آثر كل مسلم ما يهوى من أفكاره وفلسفاته على خير طريق رسمه الله سبحانه وتعالى لغزة العباد ... والذى لا شك فيه هو أن طواغيت هذه الأرض لن تزول إلا بقوة السيف ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم بعثت بالسيف بين يدى الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقى تحت ظل رمحى وجعل الذلة والصغار على من خالف أمرى ومن تشبه بقوم فهو منهم. أخرجه الامام أحمد عن ابن عمر. ويقول ابن رجب قوله صلى الله عليه وسلم بعثت بالسيف يعنى أن الله بعثه داعيا بالسيف إلى توحيد الله بعد دعائه بالحجة فمن لم يستجب إلى التوحيد بالقرآن والحجة والبيان دعى بالسيف. هديه صلى الله عليه وسلم فى مكة ويخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم طواغيت مكة وهو بها (استمعوا يا معشر قريش، أما والذى نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح) فأخذ القوم كلمته حتى ما فيهم رجل إلا كأنما على رأسه طير واقع وحتى ان أشدهم عليه ذلك ليلقاه بأحسن ما يجد من القول حتى أنه ليقول انطلق يا أبا القاسم راشدا فوالله ما كنت جهولا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (لقد جئتكم بالذبح) قد رسم الطريق القويم الذى لا جدال فيه ولا مداهنة مع أئمة الكفر وقادة الضلال وهو فى قلب مكة. الإسلام مقبل واقامة الدولة الإسلامية واعادة الخلافة قد بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فضلا عن كونها أمر من أوامر المولى جل وعلا واجب على كل مسلم بذل قصارى جهده لتنفيذه. (أ) يقول عليه الصلاة والسلام ان الله زوى لى الأرض فرأيت مشرقها ومغربها وان أمتى سيلبغ ملكها مازوى إلى منها رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه والترمذى. وهذا لم يحدث إلى الآن. حيث ان هناك بلادا لم يفتحها المسلمون فى أى عصر مضى إلى الآن وسوف يحدث ان شاء الله. (ب) ويقول عليه الصلاة والسلام (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز به الله الإسلام وذلا يذل به الكفر) رواه أحمد والطبرانى قال الهيثمى رجاله رجال الصحيح - المدر أهل القرى والأمصار. الوبر أهل البوادى والمدن والقرى. (ج-) وفى الحديث الصحيح يقول أبو قبيل كنا عند عبد الله بن عمرو ابن العاص وسئل أى المدينتين تفتح أولا القسطنطينية أو رومية فدعا عبد الله بصندوق له حلق فأخرج منه كتابا. قال فقال عبد الله بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب اذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أى المديتنين تفتح أولا يعنى القسطنطينية أو رومية فقال صلى الله عليه وسلم مدينة هرقل تفتح أولا القسطنطينية. رواه أحمد والدرامى (رومية) هى روما كما فى (معجم البلدان) وهى عاصمة ايطاليا اليوم. وقد تحقق الفتح الأول على يد محمد الفاتح العثمانى وذلك بعد أكثر من ثمانمائة سنة من اخبار النبى صلى الله عليه وسلم بالفتح وسيحقق الفتح الثانى باذن الله ولابد ولتعلمن نبأه بعد حين. (د) تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها اذا شاء الله ان يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ماشاء الله أن تكون يكون ثم يرفعها اذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها اذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة تعمل فى الناس بسنة النبى ويلقى الإسلام جرانة فى الأرض يرضى عنها ساكن السماء وساكن الأرض لا تدع السماء من قطر إلا سبته مدرارا ولا تدع الأرض من نباتها ولا بركاتها شيئا إلا أخردته ذكره حذيفة مرفوعا ورواه الحافظ العراقى من طريق أحمد وقال هذا حسن صحيح. والملك العارض قد انتهى والملك الجبرى هو عن طريق الانقلابات التى يحصل أصحابها على الحكم رغم ارادة الشعب ... والحديث من المبشرات بعودة الإسلام فى العصر الحالى بعد هذه الصحوة الإسلامية وينبىء أن لهم مستقبلا باهرا من الناحية الاقتصادية والزراعية. الرد على اليائسين ورد بعض اليائسين على هذا الحديث وهذه المبشرات بحديث النبى صلى الله عليه وسلم عن أنس اصبروا فانه لا يأتى زمان الا والذى بعده شر منه حتى تلقوا ربكم سمعت هذا من نبيكم عليه الصلاة والسلام قال الترمذى حسن صحيح ويقولون لا داعى لاضاعة الجهد والوقت فى أحلام وهنا نذكر قول النبى صلى الله عليه وسلم أمتى أمة مباركة لا تدرى أولها خير أم آخرها رواه ابن عساكر عن عمرو بن عثمان أشار عليه وسلم موجه إلى جبل الصحابة حتى يلقوا ربهم وليس الحديث على عمومه بل هو من العام المخصوص، وأيضا بدليل أحاديث المهدى الذى يظهر. فى آخر الزمان ويملآ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا. وبشر الله طائفة من المؤمنين بقوله عز وجل (وعد الله الذين آمنوا منكم وعلموا الصاحلات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم منن بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئا) من الآية 55 سورة النور والله لا يخلف الميعاد. نسأله جل وعلا أن يجعلنا منهم. اقامة الدولة الإسلامية هو فرض أنكره بعض المسلمين وتغافل عنه البعض مع أن الدليل على فرضية قيام الدولة واضح بين فى كتاب الله تبارك وتعالى فالله سبحانه وتعالى يقول {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} ويقول {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ويقول جل وعلا فى سورة النور عن فرضية أحكام الاسم {سورة أنزلناها وفرضناها} ومنه فان حكم اقامة حكم الله على هذه الأرض فرض على المسلمين وتكون أحكام الله فرضا على المسلمين فبالتالى قيام الدولة الإسلامية فرض على المسلمين لأن مالم يتم الواجب إلا به فهو واجب وأيضا اذا كانت الدولة لن تقوم الا بقتال فوجب علينا القتال. ولقد أجمع المسلمون على فرضية اقامة الخلافة الإسلامية. واعلان الخلافة يعتمد على وجود النواة وهى الدولة الإسلامية. ومن مات وليس فى عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية. فعلى كل مسلم السعى لاعادة الخلافة بجد لكيلا يقع تحت طائلة الحديث. والمقصود بالبيعة بيعة الخلافة. النار التى نعيش فيها ويبدو هنا تساؤل هل نحن نعيش فى دولة اسلامية من شروط الدولة أن تعلوها أحكام الإسلام وأفتى الامام أبو حنيفة أن دار الاسم تتحول إلى دار كفر اذا توافرت ثلاثة شروط مجتمعة 1 - أن تعلوها أحكام الكفر. 2 - ذهاب الأمان للمسلمين. 3 - المتاخمة أو المجاورة وذلك بأن تكون تلك الدار مجاورة لدار الكفر بحيث تكون مصدر خطر على المسملين وسببا فى ذهاب الأمن. وأفتى الامام محمد والامام أبو يوسف صاحبا أبى حنيفة بأن حكم الدار تابع للأحكام التى تعلوها فان كانت الأحكام التى تعلوها هى أحكام الإسلام (فهى دار اسلام) وان كانت الأحكام التى تعلوها هى أحكام كفر (فهى دار كفر) . بائع الصنائع جزء - 1 وأفتى شيخ الإسلام بن تيمية فى كتابه الفتاوى الجزء الرابع (كتاب الجهاد) عندما سئل عن بلد تسمى ماردين كانت تحكم بحكم اسلام ثم تولى أمرها أناس اقاموا فيها حكم الكفر هل هى دار حرب أن سلم فأجاب ان هذه مركب فيها المعنيان فهى ليست بمنزلة دار السلم التى يجرى عليها أحكام الاسم ولا بمنزلة دار الحرب التى أهلها كفار بل هى قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحق ويعامل الخارج عن شريعة الإسلام ببما يستحقه والحقيقة انه لهذه الأقوال لا نجد تناقضا بين أقوال الأئمة فأبو حنيفة وصاحباه لم يذكروا أن أهلها كفار فالسلم لمن يستحق السلم والحرب لمن يستحق الحرب فالدولة تحكم بأحكام الكفر بالرغم من أن أغلب أهلها مسلمون. الحاكم بغير ما أنزل الله والاحكام التى تعلو المسلمين اليوم هى أحكام الكفر بل هى قوانين وضعها كفار وسيروا عليها المسلمين ويقول الله سبحانه وتعالى فى سورة المائدة {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} المائدة 44، فبعد ذهاب الخلافة نهائيا عام 1924 واقتلاع أحكام الإسلام كلها واستبدالها بأحكام وضعها كفار.. أصبحت حالتهم هى نفس حالة التتار. كما ثبت فى تفسير ابن كثير لقوله سبحانه وتعالى فى سورة المائدة {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} المائدة 50، قال ابن كثير ينكر الله تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمر على كل خير الناهى عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء واصطلاحات التى وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يصنعونها بأرائهم وأهوائهم وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيزخان الذى وضع لهم الياسق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامة وغيرها وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه فصارت شرعا متبعا يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه من كثير ولا قيل، ابن كثير الجزء الثانى ص 67. وحكام العصر قد تعددت أبواب الكفر التى خرجوا بها عن ملة الإسلام بحيث أصبح الأمر لا يشتبه على كل ما تابع سيرتهم. هذا بالاضافة إلى قضية الحكم. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية فى كتاب الفتاوى الكبرى باب الجهاد ص 288 الجزء الرابع ومعلوم بالاضطراد من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين ان من سوغ ابتاع غير دين الاسم أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب. كما قال تعالى {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا. أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا} النساء 150، 151، حكام المسلمين اليوم فى ردة عن الإسلام فحكام هذا العصر فى ردة عن الإسلام تربوا على موائد الاستعمار سواء الصليبية أو الشيوعية أو الصهيونية. فهم لا يحملون من الاسم إلا الاسماء وان صلى وصام وادعى أنه مسلم. وقد استقرت السنة بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلى من وجوه متعددة منها أن المرتد يقتل وان كان عاجزا عن القتال بخلاف الكافر الأصلى الذى ليس هو من أهل القتال فانه لا يقتل عند أكثر العلماء كأبى حنيفة ومالك وأحمد ولهذا كان مذهب الجمهور أن ا2لمرتد يقتل كما هو مذهب مالك والشافعى وأحمد. ومنها أن المرتد لا يرث ولا يناكح ولا تؤكل ذبيحته بخلاف الكافر الأصلى الى غير ذلك من الأحكام. واذا كانت الردة عن أصل الدين أعظم من الكفر بأصل الدين فالردة عن شرئعه أعظم من الكفر بأصل الدين فالردة عن شرائعه أعظم من خروج الخارج الأصلى عن شرائعه. ويقول ابن تيمية ص 293. وقد استقرت السنة بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلى من وجوه متعددة منها. أن المرتد يقتل بكل حال ولا يضرب عليه جزية ولا تعقد له ذمة بخلاف الكافر الأصلى ومنها. أن المرتد يقتل وان كان عجزا عن القتال بخلاف الكافر الأصلى الذى ليس هو من أهل القتال فانه لا يقتل عند أكثر العلماء كأببى حنيفة ومالك وأحمد ولهذا كان مذهب الجمهور أن المرتد لا يرث ولا يناكح ولا تؤكل ذبيحته بخلاف الكافر الأصلى إلى غير ذلك من الأحكام واذا كانت الردة عن أصل الدين أعظم من الكفر بأصل الدين فالردة عن شرائعه أعظم من الكفر وخروج الخارج الأصلى عن شرائعه. اذا فما موقف المسلمين من هؤلاء يقول بن تيمية أيضا فى نفس الباب ص 281 كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع اسلام الظاهرة المتواترة فانه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وان تكلمت بالشهادتين فاذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا وان امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة كذلك ان امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق وكذلك ان امتنعوا عن تحريم الفواحش أو الزنا أو الميسر أو الخمر أو غير ذلك من محرمات الشريعة، وكذلك ان امتنعوا عن الحكم فى الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة، كذلك ان امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وجهاد الكفار إلى أن يسلموا ويؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون وكذلك ان اظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة واتباع السلف مثل أن يظهروا الالحاد فى أسماء الله وآياته أو التكذيب بآيات الله وصفاته والتكذيب بقدره وقضائه أو التكذيب بما كان عليه جماعة المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين أو الطعن فى السابقين الولين من المهاجرين والأنصار والذين ابتعوهم باحسان أو مقاتلة المسلمين حتى يدخلوا فى طاعتهم التى توجب الخروج عن شريعة الإسلام وأمثال هذه الأمور قال تعالى {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} ولهذا قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله} وهذه الآيات نزلت فى أهل الطائف لما دخلوا فى الإسلام والتزموا بالصلاة والصيام ولكن امتنعوا عن ترك الربا فبين الله أنهم محاربون له ولرسوله اذا لم يتنهوا عن الربا والربا هو آخر ما حرمه الله وهو ما لا يؤخذ برضا صاحبه فاذا كان هؤلاء محاربين لله ورسوله يجب جهادهم فكيف لمن يترك كثيرا من شعائر الإسلام أو أكثرها كالتتار وقد اتفق علماء المسلمين على أن الطائفة ان امتنعت عن بعض واجبات الإسلام الظاهرة المتواترة فانه يجب فتالها اذا تكلموا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلاة والزكاة وصيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق أو عن الحكمب ينهم بالكتاب والسنة أو عن تحريم الفواحش أو الخمر أو نكاح ذوات المحارم أو عن استحلال النفوس والأموال بغير حق أو الربا أو الميسر أو الجهاد للكفار أو عن ضربهم الجزية على أهل الكتاب، ونحو ذلك من شرائع الإسلام فانهم يقاتلون عليها حتى يكون الدين كله لله. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 9:04 pm | |
| تابع للفتوى السابقة المقارنة بين التتار وحكام اليوم 1 - واضح من قول ابن كثير فى تفسير قوله تعالى {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} صفحة 6 بهذا الكتاب أنه لم يفرق ين كل من خرج عن الحكمب ما انزل الله أيا من كان وبين التتار وفى الحقيقة أن كون التتار يحكمون بالياسق الذى اقتبس من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغير وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه فلا شك أن الياسق أقل جرما من شرائع وضعها الغرب لا تمت للاسلام بصلة ولا لأى من الشرائع. 2 - وفى سؤال موجه إلى شيخ الإسلام بن تيمية من مسلم غيور. يقو السائل واصفار حالهم للامام هؤلاء التتار الذين يقدمون الى الشام فى أول الأمر فهل يجب قتالهم وما حكم من قد أخرجوه معهم كرها (أى أنهم يضمون المسلمين إلى صفوف جيشهم كرها التجنيد الاجبارى) وما حكم من يكون مع عسكرهم من المنتسبين إلى العلم والفقه والتصوف ونحو ذلك وما يقال فيمن زعم أنه مسلمون والمقاتلون لهم مسلمون وكلاهما ظالم فلا يقاتل مع أحدهما.. (وهى نفس الشبهة) الموجودة الآن وسوف يتم توضيحها ان الله شاء الله. الفتاوى الكبرى ص 280، 281 مسألة (516) . 3 - ويقول ابن تيمية فى وصف التتار (ولم يكن معهم فى دولتهم مولى لهم إلا من كان من شر الخلق اما زنديق منافق لا يعتقد دين الإسلام فى الباطن أى أن يظهر الاسلام والا من هؤلاء من هو شر أهل البدع كالرافضة والجهمية والاتحارية ونحوهم (وهم من أصحاب البدع) وأما من أفجر الناس وأفسقهم وهم فى بلادهم مع تمكمنهم لا يحجون البيت العتيق وان كان فيهم من يصلى ويصوم فليس الغالب عليهم اقام الصلاة وإيتاء الزكاة أليس ذلك هو الكائن 4 - وهم يقاتلون على ملك جنكيز خان (اسم ملكهم) فمن دخل فى طاعتهم جعلوه وليهم وأن كان كافرا، ومن خرج عن ذلك جعلوه عدوا لهم وان كان من خيار المسلمين لا يقاتلون على الإسلام ولا يضعون الجزية والصغار بل غاية كثير من المسلمين منهم من أكقر أمرائهم ووزائرهم أن يكون المسلم عندم كمن يعظمونه من المشركين من اليهود والنصارى. الفتاوى ص 286. ملحوظة أليست هذه الصفات هى الصفات لحكام العصر هم وحاشيتهم الموالية لهم الذين عظموا أمر الحكام أكثر من تعظيمهم لخالقهم. 5 - وفى صفحة 287 يضيف شيخ الإسلام واصفا الموالين لجنكيز خان اظهارهم للاسلام يعظمون أمر جنكير خان كما يقاتلون المسلمين بل أعظم أولئك الكفار يبذلون له الطاعة والانقيادويحملون اليه الأموال ويقرون له بالنيابة ولا يخالفون ما يأمرهم به إلا كما يخالف الخارج عن طاعة الامام للامام وهم يحاربون المسلمين ويعادونهم أعظم معاداة ويطلبون من المسلمين الطاعة لهم وبذل الموال والدخول فى ما وضعه لهم الملك الكافر المشرك المشابه لفرعون أو النمرود ونحوهم بل هو أعظم فسادا فى الأرض منهما. 6 - ويضيف ابن تيمية ويقول (من دخل فى طاعتهم الجاهلية وسنتهم الكفرية كان صديقهم ومن خالفهم كان عدوهم ولو كان من أنبياء الله ورسله وأوليائه) ص 288. 7 - ويضيف شيخ الإسلام متكلما عن القضاء على عصر التتار فيقول (وكذلك وزيرهم السفيه الملقب بالرشيد يحكم على هذه الاصناف ويقدم شرار المسلمين كالرافضة والملاحدة على خيار المسلمين أهل العلم والايمان حتى يتولى قضاء القاضة من كان أقرب إلى الزندقة والالحاد والكفر بالله ورسوله بحيث تكون موافقة للكفار والمنافقين من اليهود والقرامطة والملاحدة والرافضة على ما يريدون أعظم من غيره ويتظاهرون من شريعة الإسلام بما لابد له منه لأجل من هناك من المسلمين حتى ان وزيرهم هذا الخبيث الملحد المنافق صنف مصنا مضمونه ان النبى صلى الله عليه وسلم رضى بدين اليهود والنصارى وأنه لا ينكر عليهم ولا يذمون ولا ينهون عن دينهم ولا يؤمرون بالانتقال إلى الإسلام واستدل الخبيث الجاهل بقول الله تعالى فى سورة الكافرون {قل يا أيها الكافرون. لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد. ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد. لكم دينكم ولى دين} وزعم أن هذه الآية تقتضى أنه يرضى دينهم قال وهذه الآية محكمة ليست منسوخة ص 288، 289 الفتاوى الكبرى فسبحان الله. أليس مصنف وزير التتار هو نفس مصنف (الاخاء الدينى) و (مجمع الاديان) بل الأخير أفظع وأجرم. مجموعة فتاوى لابن تيمية تفيد فى هذا العصر ومن هناك يجدر بنا أن ننقل بعض فتاوى ابن تيمية فى حكم هؤلاء وكنا قد ذكرنا فتواه فى حكم بلدة (ماردين) التى كان يحكمها التتار بقوانين تجمع ما بين شريعة اليهود والنصارى وجزء من الإسلام وجزء من العقل والهوى فقال أما كونها دار حرب أو سلم فهى مركبة فيها المعنيان ليست بمنزلة دار السلم التى تسرى عليها أحكام الإسلام لكون جندها مسلمين ولا بمنزل دار الحرب التى أهلها كفار بل هى قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه. ما هو حكم اعانتهم ومساعدتهم يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ردا على هذا السؤال ص 280 (باب الجهاد) واعانة الخارجين عن شرعية دين الإسلام محرمة سواء كانوا أهل (ماردين) أو غيرهم والمقيم بها أن كان عاجزا عن قامة دينه وجبت الهجرة عليه والا استجنبت ولم تجب. ومساعدتهم لعدو المسلمين بالأنفس تغيب أو ترعيض أو مصانعة فاذا لم يكون الا بالهجرة تعينت ويضيف ان تيمية قاصدا أهالى ماردين الذى يعاونون (التتار السلطة الحاكمة) (ولا يحل سبهم عموما بالنفاق بل السب والرمىب النفاق يقع على الصفات المذكورة فى الكتاب والسنة. فيدخل فيها بعض أهل ماردين وغيرهم) أى ليس كلهم. حكم الجنود المسلمين الذين يرفضون الخدمة فى جيش التتار ص 280 مسألة (513) فى رجل جندى وهو يريد ألا يخدم (الجواب) أذا كان للمسلمين به منفعة وهو قادر عليها لا ينبغى له أن يترك ذلك لغير مصلحة راجعة على المسلمين بل كونه مقدما فى الجهاد الذى يجعله الله ورسوله أفضل من التطوع بالعبادة كصلاة التطوع والحج وصيام التطوع والله أعلم.. حكم أموالهم مسألة (514) اذا دخل التتار الشام ونبهوا أموال النصارى والمسلمين ثم نهب المسلمون التتار وسلبوا القتلى منهم فهل المأخوذ من أموالهم وسلبهم حلال أم لا (الجواب) كل ما أخذ من التتار يخمس ويباح الانتفاع به (ومعنى يخمس أى غنيمة) . حكم قتالهم يقول ابن تيمية فى ص 298 مسألة (217) قتال الذين قدموا الى بلاد الشام واجب بالكتاب والسنة فان الله يقول فى القرآن وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله والدين هو الطاعة فاذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله. وجب القتال حتى يكون الدين كله لله ولهذا قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله} وهذه الآية نزلت فى أهل الطائف لما دخلوا فى الإسلام والتزموا الصلاة والصيام ولكن امتنعوا عن ترك الربا بين الله أنهم محاربون له ولرسوله فاذا كان هؤلاء محاربين لله ولرسوله يجب جهادهم فكيف بمن يترك كثيرا مع شرائع الإسلام أو أكثرها كالتتار وقد اتفق علماء المسلمين على ان الطائفة الممتنعة اذا امتنعت عن بعض الواجبات الإسلامية الظاهرة فانه يجب قتالهم اذا تكلموا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلاة والزكاة أو صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق أو عن الحكم بينهم بالكتاب والسنة أو عن تحريم الفواحب أو الخمر أو نكاح ذوات المحارم أو استحلال ذوات النفوس والأموال بغير الحق أو الربا أو الميسر أو الجهاد للكفار أو عن ضربهم الجزية على أهل الكتاب ونحو ذلك من شرائع الإسلام فانهم يقاتلون عليها حتى يكون الدين كله لله. وقد ثبت فى الصحيحين أن عمر لما ناظر أبا بكر فى مانعى الزكاة. قال له أبو بكر كيف لا أقاتل من ترك الحقوق التى أوجبها الله ورسوله وان كان قد أسلم كالزكاة وقال له فان الزكاة من حقها والله لو منعونى عقال بعير كانوا يؤدونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها. قال عمر فما هو إلا أن رأيت قد شرح الله صدر أبى بكر للقتال فعلمت أنه الحق وقد ثبت فى الصحيح غير مرة أن النبى صلى الله عليه وسلم ذكر الخوارج وقال فيهم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قرءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية اينما لقيتموهم فاقتلوهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة لئن أدركتهم لأقتلهم قتل عاد. وقد اتفق السلف والأئمة على قتال هؤلاء وأول من قاتلهم على بن أبى طالب رضى الله عنه ومازال المسلمون فى صدر خلافة بنى أمية وبنى العباس مع الأمراء وان كانوا ظلمة وكان الحجاج ونوابهممن يقاتلونه فكل ائمة المسلمين يأمرون بقتالهم والتتار وأشباههم (أمثال حكام اليوم) أعظم خروجا عن شريعة الإسلام من مانعى الزكاة والخوارج من أهل الطائف الذين امتنعوا عن ترك الربا فمن شك فى قتالهم فهو أجهل الناس بدين الإسلام وحيث وجبت قتالهم قوتلوا وأن كان فيهم المكره.. هل قتالهم قتال بغى يقول ابن تيمية ص 283 باب الجهاد (فقد يتوهم البعض أن هؤلاء التتار من أهل البغى المتأولين ويحكم فيهم بمثل هذه الحكام كما أدخل فى هذا الحكم ما نعى الزكاة والخوارج وسنبين فساد هذا التوهم ان شاء الله ويقول ابن تيمية فى ص 296 كما قال النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون حرمه فهو شهيد، فكيف بقتال هؤلاء الخارجين عن شرائع الإسلام المحاربين لله ولرسوله الذين صولهم وبغيهم أقل ما فيهم فان قتال المعتدين الصائلين ثابت بالسنة والاجماع وهؤلاء صائلون معتدون على المسلمين فى أنفسهم وأموالهم وحرمهم من شر البغاة المتأولين الظاملين ولكن من زعم أنهم يقاتلون كما تقاتل البغاة المتأولون أن يكون لهم تأويل سائغ خرجوا به ولهذا قالوا ان الامام يراسلهم فان ذكروا شبهة بينها وان ذكروا مظلمة ازالها فأى شبهة لهؤلاء المحاربين لله ورسوله الساعين فى الأرض فسادا الخارجين عن شرائع الدين انهم لقولون انهم أقوم بدين الإسلام علما وعملا من هذه الطائفة. حكم من والاهم ضد المسلمين يقول ابن تيمية فى ص 291 باب الجهاد (وكل من نفر اليهم من أمراء العسكر وغير الأمراء فحكمه حكمهم وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الاسلام واذا كان السلف قد سلموا مانعى الزكاة مرتدين مع كونهم يصومون ويصلون ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قاتلا للمسلمين. ويقول ابن تيمية ص 293 (وبهذا يتبين أن من كان مسلم الأصل هو شر من الترك الذين كانوا كفارا فان المسلم الأصلى اذا ارتد عن بعض شرائعه أسوأ حالا ممن لم يدخل بعد فى تلك الشرائع متفقها أو متصوفا أو تاجرا أو كاتبا أو غير ذلك فهؤلاء شر من الترك الذين لم يدخلوا فى تلك الشرائع وأصروا على الكفر ولهذا يجد المسلمون من ضرر هؤلاء على الدين ما لا يجدونه من ضرر أولئك وينقادون للاسلام وشرائعه وطاعة الله ورسوله أعظم انقياد من هؤلاء الذين ارتدوا عن بعض الدين ونافقوا على بعض وان تظاهروا الانتساب إلى العلم والايمان) . حكم من يخرج للقتال فى صفهم مكرها يقول ابن تيمية ص 292 ايضا (فانه لا ينضم اليهم طوعا من المظهرين الإسلام إلا منافق أو زنديق أو فاسق فاجر ومن أخرجوه معهم مكرها فانه يثبت على نيته ونحن علينا أن نقاتل العسكر جميعه اذ لا يميز المكره من غيره) .. تحذير للمكره ويقول ابن تيمية محذرا المكره فى ص 295 باب الجهاد (المكره على القتال فى الفتنة ليس له أن يقاتل بل عليه افساد سلاحه وأن يصبر حتى يقتل مظلوما فكيف بالمكره على قتال المسلمين مع الطائفة الخارجة عن شرائع الإسلام كمانعى الزكاة والمرتدين ونحوهم فلا ريب ان هذا يجب عليه اذا أكره على الحضور أن لا يقاتل وان قتله المسلمون وإن أكرهه بالقتل ليس حفظ نفسه ذلك المعصوم أولى من العكس فليس له أن يظلم غيره فيقتله لئلا يقتل هو) . اراء وأهواء ولكن هناك أراء فى الحقل الإسلامى لازالة هؤلاء الحكام واقامة حكم الله عز وجل فما قدر هذه الآراء من الصحة. الجمعيات الخيرية هناك من يقول اننا نقيم جميعات تابعة للدولة تدفع الناس الى اقامة الصلاة وايتاء الزكاة وأعمال الخير والصلاة والزكاة وأعمال الخير تلك أوامر من الله عز وجل لا يجب علينا التفريط فيها ولكن اذا تساءلنا هل كل هذه العمال والعبادات هى التى سوف تقيم دولة الإسلام فالاجابة الفورية بدون أدنى تفكير هى.. لا هذا بالاضافة إلى أن هذه الجمعيات خاضعة أصلا للدولة ومفيدة بسجلاتها وتسير بأوامرها. الطاعة والتربية وكثرة العبادة وهناك من يقول ان علينا أن ننشغل بطاعة الله وبتربية المسلمين وعلينا بالاجتهاد فى العبادة لأن كل هذا الذل الذى نعيش فيه من ذنوبنا ومن أعمالنا سلط علينا ويستدل أحيانا بالحكمة القائلة من مالك بن دينار يقول الله عز وجل (انا الله ملك الملوك قلوب الملوك بيدى فمن أطاعنى جعلتهم عليه رحمه ومن عاصنى جعلتهم عليه نقمة فلا تشغلوا أنفسكم بسبب الملوك ولكن توبوا إلى أعطفهم عليكم) . والحقيقة من ظن أن هذه الحكمة هى ناسخة لفريضتى الجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فقد أهلك نفسه وأهلك من أطاعه واستمع له ومن يريد حقا أن ينشغل بأعلى درجات الطاعة وأن يكون فى قمة العبادة فعليه بالجهاد فى سبيل الله وذلك مع عدم اهمال بقية اركان الإسلام. رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف الجهاد بأنه ذروة سنام الإسلام ويقول صلى الله عليه وسلم. (من لم يغز أو تحدثه نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية أو على شعبة من نفاق) ولذلك يقول المجاهد فى سبيل الله عبد الله بن المبارك الذى أبكى الفضيل. يا عاد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب من كان يخضب خده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب ويقول البعض ان الانشغال بالسياسة يقسى القلب ويلهى عن ذكر الله وأمثال هؤلاء كأنما يتجاهلون قول النبى صلى الله عليه وسلم أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر والحق يقول من يتكلم بهذه الفلسفات أما أنه لا يهتم بالإسلام أو هو جبان لا يريد أن يقف بصلابة مع حكم الله. قيام حزب اسلامى وهناك من يقول ان علينا أن نقيم حزبا اسلاميا فى قائمة الأحزاب الموجودة وفى الحقيقة أن هذا يزيد الجمعيات الخيرية بكونه حزبا يتكلم فى السياسة بالاضافة إلى ذلك فان الهدف الذى قام من أجله تحطيم دولة الكفر سوف يكون العمل عن طريق الحزب هو عكسه وهو بناء دولة الكفر فهم يشاركونهم فى الآراء ... ويشتركون فى عضوية المجالس التشريعية التى تشرع من دون الله. الاجتهاد من أجل الحصول على المناصب وهناك من يقول ان على المسلمين الاجتهاد من أجل الحصول على المناصب فتملأالمراكز بالطبيب المسلم والمهندس المسلم وبذلك يسقط النظام الكافر وحده وبدون مجهود ويتكون الحاكم المسلم.. والذى يسمع هذا الكلام لأول وهلة يظنه خيالا أو مزاحا ولكن الحقيقة أن بالحقل الإسلامى من يفلسف الأمور بهذه الطريقة وهذا الكلام بالرغم من أنه لا دليل له من الكتاب والسنة فان الواقع حائل دون تحقيقه فهمها وصل الأمر إلى تكوين أطباء مسلمين ومهندسين مسلمين فهم أيضا فى بناة الدولة ولن يصل الأمر الى توصيل أى شخصية مسلمة إلى منصب وزارى إلا اذا كان مواليا للنظام موالاة كاملة. الدعوة فقط وتكوين قاعدة عريضة ومنهم من يقول ان الطريق لاقامة الدولة هو الدعوة فقط واقامة قاعدة عريضة وهذا لا يحق قيام الدولة بالرغم من أن البعض جعل هذه النقطة أساس تراجعه عن الجهاد والحق أن الذى سيقيم الدولة هم القلة المؤمنة والذين يستقيمون على أمر الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم دائما قلة بدليل قول الله عز وجل وقليل من عبادى الشكور وقوله سبحانه {وإن تطع أكثر من فى الأرض يضلوك عن سبيل الله} وتلك سنة الله فى أرضه فمن أين سنأتى بهذه الكثرة المأمولة ويقول سبحانه {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} والإسلام لا ينتصر بالكثرة فالله سبحانه وتعالى يقول {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله} ويقول سبحانه {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت} ويقول صلى الله عليه وسلم ولينزعن الله الهيبة من قلوب أعدائكم وليقذفهن فى قلوبكم الوهن وذلك بعد أن سالوه صلى الله عليه وسلم أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله قال بل أنتم يومئذ كثير ولكن عثاء كغثاء السيل. ثم كيف تنجح الدعوة هذا النجاح العريض وكل الوسائل الاعلامية الآن تحت سيطرة الكفرة والفسقة والمحاربين لدين الله ... فالسعى المفيد حقا هو من أجل تحرير هذه الأجهزة الاعلامية من أيدى هؤلاء ومعلوم أنه بمجرد النصر والتمكين تكون هناك استجابة فيقول سبحانه وتعالى {إذا جاء نصر الله والفتح. ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجا} . ويجدر بنا فى استعراض هذه النقطة الرد على من يقول انه لابد أن يكون الناس مسلمين حتى نطبق الإسلام عليهم كى يستجيبوا له وكى لا نفشل فى تطبيقه والذى يتشدق بهذا الكلام فهو انما يتهم الإسلام بالنقص والعجز دون أن يشعر فهذا الدين الصالح للتطبيق فى كل زمان ومكان وقادر على تسيير المسلم والكافر والفاسق والصالح والعالم والجاهل وإذا كان الناس يعيشون تحت أحكام الكفر فكيف بهم اذا وجدوا أنفسهم تحت حكم الإسلام الذى هو كله عدل. وقد أخطأ الفهم من يفهم كلامى هذا بمعنى التوقف عن الدعوة (دعوة الناس إلى الإسلام) فالأساس هو أن يأخذ الاسلام ككل ولكن ذلك رد على من جعل قضيته هى تكوين القاعدة العريضة وانشغل عن الجهاد بل من أجلها أوقفه وعطله. الهجرة وهناك من يقول ان الطريق لاقامة الدولة الإسلامية هو الهجرة الى بلد أخرى واقامة الدولة هناك ثم العودة مرة أخرى فاتحين، ولتوفير جهد هؤلاء فعليهم أن يقيموا دولة الإسلام ببلدهم ثم يخرجوا منها فاتحين وهل هذه الهجرة شرعية أم لا. للاجابة على هذا التساؤل ندرس أنواع الهجرة الواردة فى السنة فى تفسير حديث فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله كانت هجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر اليه، يقول ابن حجر والهجرة الى الشىء الانتقال اليه من غيره، وفى الشرع ترك ما نهى الله عنه وقد وقعت فى الإسلام على وجهين الأول الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن كما فى هجرتى الحبشة. وابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة. الثانى الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان وذلك بعد أن استقر النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهاجر اليه من أمكنه ذلك من المسلمين. ولا عجب فى ذلك فان هناك من يقول انه سوف يهاجر إلى الجبل ثم يعود فيلتقى بفرعون كما فعل موسى وبعد ذلك يخسف الله بفرعون وجنوده الأرض وكل هذه الشطحات ما نتجت إلا من جراء ترك الأسلوب الصحيح والشرعى الوحيد لاقامة الدولة الإسلامية. اذا فما هو الأسلوب الصحيح يقول الله تعالى {كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم} ويقول سبحانه {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله} . الانشغال بطلب العلم وهناك من يقول ان الطريق الآن هو الانشغال بطلب العلم، وكيف نجاهد ولسنا على علم وطلب العلم فريضة ولكننا لم نسمع بقول واحد يبيح ترك أمر شرعى أو فرض من فرائض الإسلام بحجة العلم خاصة اذا كان هذا الفرض هو الجهاد فكيف نترك فرض عين من أجل فرض كفاية ثم كيف يتأتى أن نكون قد تعلمنا أقل السنن والمستحبات وننادى بها ثم نترك فرضا عظمه الرسول صلى الله عليه وسلم ثم الذى تعمق فى العلم إلى درجة أنه عرف الصغيرة والكبيرة كيف يمر عليه قدر الجهاد وعقوبة تأخيره أو التقصير فيه ومن يقول ان العلم جهاد عليه أن يعلم أن الفرض هو القتال لأن الله سبحانه وتعالى يقول {كتب عليكم القتال} ومعلوم أن رجلا شهد الشهادتين بين يدى رسول الله صلى اله عليه وسلم ثم نزل ميدان القتال فقاتل حتى قتل قبل أن يفعل شيئا سواء فى العلم أو فى العبادة فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا العمل القليل بالأجر الكثير. وحدود العلم أن من علم فرضية الصلاة فعليه أن يصلى، ومن علم فرضية الصيام فعليه أن يصوم كذلك، ومن علم فرضية الجهاد فعليه أن يجاهد ومن يصرح بعدم علمه بأحكام الجهاد فعليه أن يعرف أن أحكام الإسلام سهلة وميسرة لمن اختلص النية لله فعلى هذا أن ينوى الجهاد فى سبيل الله وبعد ذلك فأحكام الجهاد تدرس بسهولة ويسر وفى وقت قصير جدا والأمر لا يحتاج إلى ومن أراد أن يزداد من العلم فوق هذا الحد فليس هناك حكر على العلم فالعلم متاح للجميع أما تأخير الجهاد بحجة طلب العلم فتلك حجة من لا حجة له وهناك مجاهدون منذ بداية دعوة النبى صلى الله عليه وسلم وفى عصور التابعين حتى عصور قريبة لم يكونوا علماء وفتح الله على أيديهم أمصارا كثيرة ولم يحتجوا بطلب العلم أو بمعرفة علم الحديث وأصلو الفقه بل أن الله سبحانه وتعالى جعل على أيديهم نصرا للاسلام لم يقم به علماء الأزهر يوم أن دخل نابليون وجنوده الأزهر بالخيل والنعال ماذا فعلوا بعلمهم أمام تلك المهزلة فالعلم ليس هو السلاح الحاد والقاطع الذى سوف يقطع دابر الكافرين ولكن هذا السلاح الذى ذكره لنا المولى عز وجل فى قوله قالتوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ونحن لا نحقر قدر العلم والعلماء بل ننادى به ولكن لا نحتج به فى التخلى عن فرائض شرعها الله. بيان أن أمة الإسلام تختلف عن الأمم الأخرى فى أمر القتال يوضح الله تعالى أن هذه الأمة تختلف عن الأمم الأخرى فى أمر القتال ففى الأمم السابقة كان الله سبحانه وتعالى ينزل عذابه على الكفار وأعدائه دينه بالسنن الكونية كالخسف والغرق والصيحة والريح وهذا الوضع يختلف مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم فالله سبحانه وتعالى يخاطبهم قائلا لهم {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين} أى أنه على المسلم أولا أن ينفذ الأمر بالقتال بيده ثم بعد ذلك يتدخل الله سبحانه وتعالى بالسنن الكونية وبذلك يتحقق النصر على أيدى المؤمنين من عند الله سبحانه وتعالى. الخروج على الحاكم جاء فى صحيح مسلم بشرح النووى عن جنادة بن أبى أمية قال دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض فقلنا حدثنا أصلحك الله بحديث ينفع الله به سمعته عن رسول الله صلى اله عليه وسلم فقال دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة فى منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثره علينا وأن لا ننازع المر أهله قال إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان. بواح أى ظاهر والمراد بالكفر هنا المعاصى. معنى عندكم من الله فيه برهان أى تعلمونه من دين الله. ويقول النووى فى شرح الحديث (قال القاضى عياض أجمع العلماء على أن الأمامة لا تنعقد لكافر وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل قال وكذا لو ترك اقامة الصلوات والدعاء اليها وكذلك قال عند جمهورهم المبدعة قال وقال بعض البصريين تنعقد له وتسند له لأنه متأول قال القاضى لو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب امام عادل ان أمكنهم ذلك إلا لطائفة وجبت عليهم القايم بخلع الكافر (صحيح مسلم - باب الجهاد) وهذا الباب هو أيضا رد على القائلين بأنه لا يجوز القتال إلا تحت خليفة أو أمير. ويقول ابن تيمية (كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة اللمتواتر فانه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وان تكلمت بالشهادتين) . (الفتاوى الكبرى باب الجهاد ص 281) . العدو القريب والعدو البعيد وهناك قول بأن ميدان الجهاد اليوم هو تحرير القدس كأرض مقدسة والحقيقة أن تحرير الأراضى المقدسة أمر شرعى واجب على كل مسلم ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف المؤمن بأنه كيس فطن أى أنه يعرف ما ينفع وما يضر ويقدم الحلول الحاسمة الجذرية وهذه نقطة تستلزم توضيح الآتى أولا ان قتال العدو القريب أولى من قتال العدو البعيد. ثانيا ان دماء المسلمين التى ستنزف حتى وأن تحقق النصر فالسؤال الآن هل هذا النصر لصالح الدولة الإسلامية القائمة أم أن هذا النصر هو لصالح الحكم الكافر القائم وهو تثبيت لأركان الدولة الخارجة عن شرع الله وهؤلاء الحكام انما ينتهزون فرصة أفكار هؤلاء المسلمين الوطنية فى تحقيق أغراضهم الغير إسلامية وإن كان ظاهرها الإسلام فالقتال يجب أن يكون تحت راسة مسلمة وقيادة مسلمة ولا خلاف فى ذلك. ثالثا ان أساس وجود الاستعمار فى بلاد الإسلام هم هؤلاء الحكام فالبدء بالقضاء على الاستعمار هو عمل غير مجدد وغير مفيد وما هو إلا مضيعة للوقت. فعلينا أن نركز على قضيتنا الإسلامية وهى إقامة شرع الله أولا فى بلدنا وجعل كلمة الله هى العليا فلا شك أن ميدان الجهاد الأول هو اقتلاع تلك القيادات الكافرة واستبدالها بالنظام الإسلامى الكامل ومن هنا تكون الانطلاقة. الرد على من يقول ان الجهاد فى الإسلام للدفاع فقط ويجدر بنا فى هذا الصدد الرد على من قال أن الجهاد فى الإسلام للدفاع وان الإسلام لم ينشر بالسيف وهذا قول باطل ردده عدد كبير ممن يبرز فى مجال الدعوة الإسلامية والصواب يجيب به رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سئل أى الجهاد فى سبيل الله. قال من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله فالقتال فى الإسلام هو لرفع كلمة الله فى الأرض سواء هجوما أو دفاعا.. والإسلام انتشر بالسيف ولكن فى وجه ائمة الكفر الذين حجبوه عن البشر، وبعد ذلك لا يكره أحد فواجب على المسلمين أن يرفعوا السيوف فى وجوه القادة الذين يحجبون الحق ويظهرون الباطل والا لن يصل الحق إلى قلوب الناس واقرأ معى رسالة النبى صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عن ابن عباس فى صحيح البخارى ونصها. بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى - أما بعد فانى أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فان توليت فانما عليك اثم ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباب من دون الله فان تولوا فقلوا اشهدوا بأنا مسلمون ونضيف نص رسالة النبى صلى الله عليه وسلم إلى كسرى أيضا. بشم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وأدعوك بدعاء الله فانى أنا رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين اسلم تسلم فان أبيت فان اثم المجوس عليك (أخرجه بن جرير عن طريق ابن اسحاق). وأخرج البيهقى نص رسالة الرسول إلى أهل نجران وهى باسم اله ابراهيم واسحاق ويعقوب من محمد النبى رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران سلام عليكم. فانى أحمد اليكم اله ابراهيم واسحاق ويعقوب أما بعد فانى أدعوك إلى عبادة الله من عبادة العباد وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد فإن أبيتم فالجزية فان أبيتن فقد آذنتكم بحرب والسلام. وقد أرسل صلى الله عليه وسلم رسائل مشابهة إلى المقوقس والى ملك اليمامة والى المنذر بن ساوى عظيم البحرين والى الحارث بن أبى شمر الغسانى والى الحارث بن عبد كلال الحميرى والى ملكى عمان وغيرهم. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 9:05 pm | |
| تابع الفتوى السابقة آية السيف ولقد تكلم أغلب المفسرين فى آية من آيات القرآن وسموها آية السيف وهى قول الله سبحانه وتعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد}. قال الحافظ بن كثير فى تفسير الآية (قال الضحاك بن مزاحم انها نسخت كل عهد بين النبى صلى الله عليه وسلم وبين أحد المشركين وكل عقد ومدة. قال العوفى عن ابن عباس فى هذه الآية لم يبق لأحد من المشركين عهد ولا ذمة نزلت براءة. ويقول الحافظ محمد بن أحمد بن محمد بن جزى الكلبى صاحب تفسير التسهيل لعلوم التنزيل (وتقدم هنا ما جاء من نسخ مسالمة الكفار والعفو عنهم والاعراض والصبر على أذاهم بالأم بقتالهم ليغنى ذلك عن تكراره فى مواضعه فانه وقع منه فى القرآن مائة وأربع عشرة آية من أربع وخمسين سورة نسخ ذلك كله بقوله {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} {كتب عليكم القتال} وقال الحسين بن فضل فيها هى آية السيف نسخت هذه كل آية فى القرآن فيها ذكر الاعراض والصبر على أذى الأعداء فالعجب ممن يستدل بالآيات المنسوخة على ترك القتال والجهاد. وقال الامام أبو عبد الله محمد بن حزم فى الناسخ والمنسوخ باب الاعراض عن المشركين (فى مائة وأربع عشرة آية فى ثمان وأربعين سورة نسخ الكل بقوله عز وجل {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} وسنذكرها فى مواضعها ان شاء الله تعالى) انتهت. ويقول الامام المحقق أبو القاسم هبة الله بن سلامة اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم (الآية الثالثة هى الآية الثالثة وهى الناسخة ولكن نسخت من القرآن مائة آية وأربعا وعشرين ثم صار آخرها ناسخا لأولها وهى قوله تعالى {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} (كتاب الناسخ والمنسوخ) . فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب وقال السدى والضحاك ان آية السيف منسوخة بآية فاذا لقيتم الذى كفروا فضرب الرقاب حتى اذا اثخنتموهم فشدوا الوثاق فاما منا بعد واما فداء وهى أشد على المشركين من آية الشيف وقال قتادة بالعكس ولا أعلم أحدا خالف القول بالمنسوخ سوى السيوطى قال فى كتاب الاتفاق (الأمر حين الضعف والقلة بالصبر بالصفح ثم نسخ بايجاب القتال وهذا فى الحقيقة ليس بل هو من قسم المنسأ كما قال تعالى {أو ننسها} فالمنسأ هو الأمر بالتقال إلى أن يقوى المسلمون وفى حال الضعف يكون الحكم وجوب الصبر على الأذى وبهذا يضعف ما لهج به كثيرون من أن الآية فى ذلك منسوخة بآية السيف وليس كذلك بل هو المنسأ وقال ذكر جماعة أن ما ورد من الخطاب والتوقيت والغاية مثل قوله فى البقرة لاعفوا واصفحوا حتى يأتى الله بأمره حكم غير منسوخ لأنه مؤجل بأجل. انتهى كلام السيوطى. وبالرغم من مخالفة السيوطى لكل الأقوال السابقة مما لا يدع مجالا للشك بأن الصواب هو الأخذ بالقول الأول. فبالاضافة إلى ذلك فانه قد أخطأ من فهم أن القول بعدم نسخ آيات العفو واصفح يعنى تعطيل فريضتى الجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أو اسقاط فرض الجهاد فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الجهاد ماض إلى يوم القيامة ويقول الأستاذ عبد الوهاب خلاف فى كتاب علم أصول الفقه ص 227 فان كونه ماضيا إلى يوم القيامة يدل على أنه باق ما بقيت الدنيا. وتعطيل الجهاد بحجة النسأ ليس ايفاقا للغزو فقط ولكنه ايقاف لينة الغزو أيضا وخطورة ذلك فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يغز أو تحدثه نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية والأمر المتفق عليه أن المسلمين كى يجاهدوا لابد لهم من قوة ولكن كيف تتحقق هذه القوة وأنت معطل لفرض الجهاد والله سبحانه وتعالى يقول {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم} فكونك لا تريد الخروج يتلوه تركك للعدة فالمسلم الذى أوقف فرض الجهاد انى له أن يأخذ بأسباب القوة ويقول صلى الله عليه وسلم اذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة، وترطوا الجهاد فى سبيل الله، وأخذوا أذناب البقر أنزل الله عليهم من السماء بلاء فلا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم. مواقف المسلمين فى القتال جيوش المسلمين على مر العصور قليلو العدد والعدة ويواجهون جيوشا أضعافهم ويحتج البعض بأن تلك خصوصية للرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والرد على ذلك هو أن وعد الله بالنصر دائم مادامت السموات والأرض ومن الممكن أن تطلع على ما حدث مع ظهير الدين بابر الذى واجه الملك الهندوكى (دانا سنجى) وجيشه عشرون ألفا وجيش الملك الهندوكى مائتا ألف وانتصر القائد المسلم بعد توبته عن شرب الخمر وغيره كثيرون المجتمع المكى والمجتمع المدنى وهناك من يدعى أننا نعيش فى مجتمع مكى مجتهدا فى ذلك كى يحصل على رخصة بترك الجهاد فى سبيل الله فان من يضع نفسه فى مجتمع مكى لكى يترك فريضة الجهاد فعليه أن يترك الصوم والصلاة وأن يأكل الربا لن الربا لم يحرم إلا فى المدينة والصواب هو أن مكة هى فترة نشأة الدعوة وقول الله سبحانه وتعالى {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا} قد نسخ كل هذه الأفكار التثبطية بحجة أننا ميكون فنحن لا نبدأ كما بدأ النبى صلى الله عليه وسلم ولكن نأخذ بما انتهى به الشرع ونحن لسنا فى مجتمع مكى ولسنا أيضا فى مجتمع مدنى ولكى تعرف المجتمع الذى نعيش فيه راجع فصل (الدار التى نعيش فيها) . القتال الآن فرض على كل مسلم والله سبحانه وتعالى عندما فرض الصيام قال {كتب عليكم الصيام} وفى أمر القتال قال {كتب عليكم القتال} أى أن القتال فرض وذلك رد على من قال أن الفرض هو الجهاد ومن هنا يقول اننى اذا قمت بواجب الدعوة فقد أديت الفرض لأن ذلك جهاد. واذا خرجت فى طلب العلم فأنا فى سبيل الله حتى أرجع بنص الحديث فبذلك فقد أديت الفرض. فالفرض واضح بالنص القرآنى أنه القتال أى المواجهة والدم. والسؤال الآن متى يكون الجهاد فرض عين يتعين الجهاد فى ثلاثة مواضع أولا اذا التقى الزحفان وتقابل الصفان حرم على من حضر الانصارف وتعيين عليهم المقام لقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا} وقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار} ثانيا - اذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم. ثالثا - اذا استنفر الامام قوما لزمهم لقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا فى سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا فى الآخرة إلا قليل. إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شىء قدير} وقال صلى الله عليه وسلم إذا استنفرتم فانفروا انتهى. وبالنسبة للاقطار الإسلامية فان العدو يقيم فى ديارهم بل أصبح العدو يمتلك زمام الأمور وذلك العدو هم هؤلاء الحكام الذين انتزعوا قيادة المسلمين ومن هنا فجهادهم فرض عين هذا بالاضافة الى أن الجهاد الإسلامى اليوم يحتاج إلى قطرة عرق كل مسلم. وأعلم أنه اذا كان الجهاد فرض عين فليس هناك استئذان للوالدين فى الخروج للجهاد كما قال الفقهاء فمثله كمثل الصلاة والصوم. مراتب الجهاد وليست مراحل الجهاد الواضح أن الجهاد اليوم فرض عين على كل مسلم وبالرغم من ذلك نجد أن هناك من يحتج بأنه يحتاج إلى تربية نفسه وأن الجهاد مراحل فهو مازال فى مرحلة جهاد النفس ويستدل على ذلك بقول الامام بن القيم الذى قسم الجهاد إلى مراتب 1 - جهاد النفس. 2 - جهاد الشيطان. 3 - جهاد الكافر والمنافقين. وهذا الاستدلال ينبىء من خلفه أما جهل كامل أو جبن فاحش. ذلك لأن ابن القيم قسم الجهاد إلى مراتب ولم يقسمه الى مراحل.. والا فعلينا أن نتوقف عن مجاهدة الشيطان حتى ننتهى من مرحلة جهاد النفس والحقيقة أن الثلاثة مراتب تسير سويا فى خط مستقيم ونحن لا ننكر أن أقوانا ايمانا وأكثرنا مجاهدة لنفسه أكثرنا ثباتا ولكن من يدرس السيرة يجد أنه عندما يندى منادى الجهاد كان الجميع ينفر فى سبيل الله حتى مرتكبى الكبيرة وحدينى العهد بالإسلام ويروى أن رجلا أسلم أثناء القتال ونزل فى المعركة فقتل شهيدا فقال صلى الله عليه وسلم عمل قليل وأجر كثير.. وقصة أبو محجن الثقفى الذى كان يدمن الخمر وبلاؤه فى حرب فارس مشهور نذكر بن القيم ان حديث رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر قيل ما الجهاد الأكبر يا رسول الله قال جهاد النفس أنه حديث موضوع (المنار للسيف) وما قصد بوضع هذا الحديث إلا التقليل من شأن القتال بالسيف لشغل المسلمين عن قتال الكفار والمنافقين. خشية الفشل وهناك قول بأننا نخشى أن نقيم الدولة ثم بعد يوم أو يومين يحدث نرد فعل مضاد يقضى على كل ما أنجزناه. والرد على ذلك هو ان اقامة الدولة الإسلامية هو تنفيذ لأمر الله ولسنا مطالبين بالنتائج والذى يتشدق بهذا القول الذى لا فائدة من ورائه إلا تثبيط المسلمين عن تأدية واجبهم الشرعى باقامة شرع الله قد نسى أنه بمجرد سقوط الحكم للكافر فكل شىء سوف يصبح بأيدى المسلمين مما يستحيل معه سقوط الدولة المسلمة. ثم ان قوانين الإسلام ليست قاصرة ولا ضعيفة عن اخضاع كل مفسد فى الأرض خارج عن أمر الله. وبالاضافة إلى ذلك فان قوانين الله كلها عدل لن تجد سوى كل ترحاب حتى ممن لا يعرف الإسلام ولتوضيح موقف المنافقين فى عدائهم للمسلمين ليطمئن الذين يخشون الفشل بقول المولى فى سورة الحشر {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون. لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون} وهذا وعد الله فانهم (المنافقين) اذا رأوا أن القوة فى صف الإسلام سوف يعودون مذعنين فلا تنخذع لهذه الأصوات فانها سرعان ما تخمد واتنطفىء وموقف المنافقين سوف يكون موقف كل أعداء الإسلام ويقول الله تعالى {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} . القيادة وهناك من يحتج بعدم وجود قيادة تقود مسيرة الجهاد وهناك من يعلق أمر الجهاد بوجود أمير أو خليفة والقائلون لهذا القول هم الذين ضيعوا القيادة وأوقفوا مسيرة الجهاد والرسول صلى الله عليه وسلم يحض المسلمين فى أحاديثه على تكوين القيادات يروى أبو داود فى كتاب الجهاد قال صلى الله عليه وسلم اذا خرج ثلاثة فى سفر فليؤمروا أحدهم ومن هنا تدرك أن قيادة المسلمين بأيديهم هم الذين يظهرونها ويقول صلى الله عليه وسلم من استعمل على عصابة وفيهم من هو ارضى لله منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين رواه الحاكم ورمز السيوطى الى صحته. فينبغى أن تكون للأحسن اسلاما ويقول صلى الله عليه وسلم لأبى ذر انك ضعيف وانها أمانة وينبغى أن تكون للاقوى والأمر نسبى، وما نستنتجه أن قائد المسلمين فليس هناك حجة لمن يدعى فقدان القيادة فانهم يستطيعون أن يخرجوا من أنفسهم القيادة. واذا كان فى القيادة شىء من القصور فما من شىء إلا ويمكن اكتسابه.. أما أن تفقد بحجة فقدان القيادة فهذا لا يجوز.. وقد نجد فقيها ولكن ليس عالما بأحوال الزمان والقيادة والتنظيم وقد نجد العكس ولكن كل هذا لا يعفينا من ايجاد القيادة وأن نخرج أنسبنا لقيادتنا فى وجود الشورى والنواقص يمكن استكمالها. والآن لم تعد هناك حجة لمسلم فى ترك فريضة الجهاد الملقاة على عاتقه فلابد من البدء وبكل جد فى تنظيم عملية الجهاد لاعادة الإسلام لهذه الأمة واقامة الدولة واستئصال طواغيت لا يزيدون عن كونهم بشر لم يجدوا أمامهم من يقمعهم بأمر الله سبحانه وتعالى. البيعة على القتال والموت أخرج البخارى عن سلمة رضى الله عنه قال بايعت النبى صلى الله عليه وسلم ثم عدلت إلى ظل الشجرة فلما حف الناس قال يا ابن الأكوع إلا تبايع. قلت بايعت يا رسول الله. قال أيضا. فبايعته الثانية فقلت له يا أبا سلمة على أى شىء كنتم تبايعون يومئذ. قال على الموت وأخرجه أيضا مسلم والترمذى. وأخرج البخارى ص 415 أيضا عن عبد الله بن زيد رضى الله عنه قال لما كان زمن الحرة أتاه آت فقال له ان ابن حنظلة يبايع الناس على الموت فقال لا أابيع على هذا أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرجه أيضا مسلم فى العين ص 15 والبيهقى. والرواية السابقة تفيد جواز البيعة على الموت ولسنا بصدد دراسة موقف عبد الله بن زيد. وهناك فارق بين بيعة الموت والبيعة المطلقة للخليفة فقط وليس معنى ذلك أن أمير الجند لا يطاع فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أطاعنى فقد أطاع الله ومن عصانى فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعنى ومن يعصى الأمير فقد عصانى (متفق عليه) . وعن ابن عباس فى قوله تعالى {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} نزلت فى عبد الله بن حذافة بعثه رسول الله فى سرية أى كان أمير جهاد. التحريض على الجهاد فى سبيل الله ولا يجب على المسلم إلا أن يعد نفسه للجهاد فى سبيل الله فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (انتدب الله لمن خرج فى سبيل الله لا يخرجه إلا الجهاد فى سبيل الله وايمان بى وتصديق برسولى فهو على ضامن أن ادخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذى خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة) متفق عليه. ويقول صلى الله عليه وسلم من سأل الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وأن مات على فراشه. رواه مسلم والبيهقى عن أبى هريرة وجاء رجل رسول الله فقال دلنى على عمل يعدل الجهاد قال لا أجده. قال هل تسطتيع اذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر قال من يستطيع ذلك. قال أبو هريرة ان فرض المجاهد ليستن (يتحرك) فى طوله يكتب له حسنات. قال أبو هريرة ان فرض المجاهد صلى الله عليه وسلم للشهيد عند الله ست خصال. يغفر له من أول دفعه دم، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر ويأمن الفزع الأكبر، ويحلى حلية الايمان، ويزوج من الحول العين، ويشفع فى سبعين من أقاربه (الترمذى) . عقوبة ترك الجهاد ترك الجهاد هو السبب فيما يعيش فيه المسلمون اليوم من ذلك ومهانة وتفرق وتمزق فقد صدق فيهم قول المولى عز وجل {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا فى سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا فى الآخرة إلا قليل. إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شئ قدير} التوبة 38، 39. ويقول ابن كثير فى تفسير هذه الآيات (هذا شروع فى عتاب من تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك حين طابت الثمار والطلال فى شدة الحر وحمارة القيظ فقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا فى سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض} أى اذا دعيتم للجهاد فى سبيل الله اثاقلتم الى الأرض أى تكاسلتم وملتم إلى المقام فى الدعة والخفض وطيب الثمار {أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة} ما لكم فعلتم رضا منكم بالدنيا بدلا من الآخرة ثم زهد تبارك وتعالى فى الدنيا ورغب فى الآخرة فقال {فما متاع الحياة الدنيا فى الآخرة إلا قليل} ثم توعد الله تعالى من ترك الجهاد فقال {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما} قال ابن عباس استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا من العرب فتثاقلوا عنه فأمسك الله عنهم القطر فكان عذابهم ويستبدل قوما غيركم أى لنصرة نبيه وإقامة دينه. كما قال تعالى {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} {ولا تضروه شيئا} أى ولا تضروا الله شيئا بتوليكم عن الجهاد وتثاقلكم عنه. ويقول صلى الله عليه وسلم اذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة. تركوا الجهاد فى سبيل الله، وأخذوا أذناب البقر أنزل عليهم من السماء بلاء فلا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم، ولا يجب على مسلم ان يرضى أن يكون الآن فى صفوف النساء كما أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جهادهم فى الحج والعمرة. شبهات فقهية والرد عليها هناك من خيشى الدخول فى هذا النوع من القتال محتجا بأن الذين يواجهونه هم جنود فيهم المسلم وفيهم الكافر فكيف نقاتل مسلمين ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان القاتل والمقتول فى النار. ولقد تعرض شيخ الإسلام ابن تيمية لنفس السؤال فكانت مسألة من مسائل الفتاوى الكبرى. (517) فى أجناد يمتنعون عن قتال التتار ويقولون ان فيهم من يخرج مكرها (والجواب) يقول ابن تيمية (فمن شك فى قتالهم فهو باتفاق المسلمين كما قال العباس لما أسر يوم بدر يا رسول الله انى خرجت مكرها فقال النبى صلى الله عليه وسلم أما ظاهرك فكان علينا وأما سريتك فالى الله وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار اذا تترسوا أى احتموا بمن عندهم من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضرر اذا لم يقاتلوا فانهم يقاتولن وان أفضى ذلك إلى قتل المسملين الذين تترسوا بهم وان لم يخف على المسملين ففى جواز القتال المفضى إلى قتل هؤلاء المسلمين قولان مشهوران للعلماء وهؤلاء المسلمون اذا قتلوا كانوا شهداء ولا يترك الجهاد الواجب لأجل من يقتل شهيدا فان المسلمين اذا فاتولا الكفار فمن قتل من المسلمين يكون شهيدا ومن قتل شهيدا وهو فى الباطن لا يستحق القتل لاجل مصلحة الإسلام كان شهيدا. وقد ثبت فى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال يغزو جيش من الناس فبينما هم ببيداء من الأرض اذ خسف بهم فقيل يا رسول الله وفيهم المكره فقال يبعثون على نياتهم فاذا كان العذاب الذى ينزله الله بالجيش الذى يغزو المسلمين ينزله بالمكره وغيره فكيف يالعذاب الذى يعذبهم الله به أو بأيدى المؤمنين كما قال تعالى {قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا} ونحن نعلم أننا لا نقدر على التمييز بين المكره وغيره فاذا قتلناهم بأمر الله كنا فى ذلك مأجورين ومعذورين وكانوا هم على نياتهم فمن كان مكرها لا يستطيع الامتناع فانه يحشر على نيته يوم القيامة فاذا قتل لاجل قيام الدين لم يكن ذلك بأعظم من قتل من يقتل من عسر المسلمين وأما اذا هرب أحدهم فان من الناس من يجعل قتالهم بمنزلة قتال البغاة المتأولين وهؤلاء اذا كان لهم طئافة ممتنعة فهل يجوز اتباع مدبرهم وقتل اسيرهم والاجهاز على جريحهم على قولين للعلماء مشهورين فقيل لا يفعل ذلك لأن منادى على بن أبى طالب نادى يوم الجمل لا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح ولا يقتل أسير وقيل بل يفعل ذلك لأنه يوم الجمل لم يكن لهم طائفة ممتنعة وكان المقصود من القتال دفعهم فلما اندفعوا لم يكن إلى ذلك حاجة بمنزلة جفع الصائم وقد روى أنه يوم الجمل وصفين كان أمرهم بخلاف ذلك فمن جعلهم بمنزلة البغاة المتأولين جعل فيهم هذين القولين والصواب أن هؤلاء ليسوا من البغة المتأولين فان هؤلاء ليس لهم تأويل سائغ أصلا وانما هم من جنس الخوارج المارقين ومانعى الزكاة وأهل الطائف ونحوهم ممن قوتلوا على ما خرجوا عنه من شرائع الإسلام وهذا موضع اشتبه على كثير من الناس من الفقهاء. أسلوب القتال المناسب مع تقدم الزمن وتطور البشرية يبدو تساؤل لا شك أن أساليب القتال الحديثة قد تختلف شيئا ما عن أساليب القتال فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم فما هو أسلوب قتال المسلم فى العصر الحديث وهل له أن يعمل عقله ورأيه مخادعة الكفار فن من فنون القتال فى الإسلام يقول (الحرب خدعة) ويقول النووى فى شرح الحديث (أتفق العلماء على جواز خداع الكفارة فى الحرب كيفما أمكن الخداع الا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يحل) ومعلوم أنه لا عهد بيننا وبينهم حيث أنهم محاربون لدين الله سبحانه وتعالى والمسلمون أحدار فى اختيار أسلوب القتال المناسب على أن تتحقق الخدعة وهى النصر بأقل الخسائر وأيسر السبل. أسلوب القتال فى غزة الأحزاب بعد أن نجح ساسة اليهود فى تأليب الأحزاب الكافرة على النبى صلى الله عليه وسلم ودعوته. وأصبح الوضع خطيرا، رسم المسلمون على عجل خطة فريدة لم تسمع العرب عنها من قبل، فهم لا يعرفون إلا قتال الميادين المكشوفة، وتلك الخطة أشار بها الفارسى وهى حفر خندق عميق يحيط بالمدينة من ناحية السهل ويفصل بين المدافعين والمغيرين، فأسلوب القتال ليس وحيا ولا سنة ثابتة ولكن المسلم له أن يعمل عقله ويدبر ويخطط والأمر يعود فيه للمشورة. الكذب على الأعداء وقد صح فى الحديث جواز الكذب فى ثلاثة أشياء قال الطبرى انما يجوز من الكذب فى الحرب المعارضة دون حقيقة الكذب فانه لا يحل هذا كلامه والظاهر هو اباحة حقيقة نفس الكذب لكن الاقتصار على التعويض أفضل والله أعلم (سلم شرح النووى). تخطيطات اسلامية ومن خلال دراسة السرايا يخرج السملم بتخطيطات اسلامية وخدع قتالية تمضى أحكامها على كثير من المسلمين ونذكر على سبيل المثال 1 - سرية مقتل كعب بن الأشرف فى السنة الثالثة من الهجرة فى صحيح البخارى عن جابر بن عبد الله قال صلى الله عليه وسلم من لكعب ابن الأشرف فانه قد آذى الله ورسوله فقام محمد بن مسلمة فقال يا رسول الله أتحب أن أقتله. قال نعم. قال فاذن لى أن أقول شيئا (وهو استئذان من النبى صلى الله عليه وسلم بأن يتكلم كلاما وحتى لو كان منافيا للايمان وذلك لاظهار الكفر أمام كعب بن الأشرف فأذن له) . قال صلى الله عليه وسلم قل فأتاه محمد بن مسلمة فقال ان هذا الرجل (يقصد النبى صلى الله عليه وسلم قد سألنا صدقة وقد عنانا وهبذا القول ظاهره انكار الصدقة والتعدى على النبى صلى الله عليه وسلم وهذا كفر) وهذا يفيد بأنه من الممكن للمسلم اظهار موالاته الكاملة للعدو فى الحرب ولو وصل الأمر إلى اظهار الشرك والكفر. وانى قد أتيتك استسلفك قال وأيضا والله لملته، قال أنا قد ابتعناه فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى شىء يصير شأنه وقد أردنا أن تسلنا وسقا أو وسقين، فقال كعب نعم ارهنونى، قالوا أى شىء تريد قالوا ارهنونى نساءكم قالوا كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب قال أرهنونى أبناءكم قالوا كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم فيقال رهن بوسق أو وسقين هذا عار علينا ولكنا نرهنك الأمة (أى السلاح) فواعداه أن يأتيه فجاءه ليلا ومعه أوب نائلة وهو أخو كعتب من الرضاعة فدعاهم الى الحصن فنزل اليهم فقال له امرأته أين تخرج هذه الساعة فقال له أسمع صوته كأنه يقطر، قال انما هو أخى محمد بن مسلمة ورضيعى أبو نائلة ان الكريم اذا دعى إلى طعنة بليل لأجاب. قال ويدخل محمد بن مسلمة ومعه رجلان ميل لسفيان سماهم عمرو قال (الحارث بن بشر، وعياد بن بشر) قال عمرو فقال محمد بن مسلمة اذا جاء فانى قائل (أى جاءب بشعره) فأشمه فاذا رأيتمونى استمكت من رأسه فدونكم فاضربوه (وتلك هى طريقة للتمكن من قتله حيث انه كان ضخم الجثة قوى البنية) وفى هذه القصة من الفوائد فى فن القتال الكثير وقد زعم بعض المستشرقين ومن فى قلوبهم مرض أن مقتل كعب بن الأشرف كان غدرا وخيانة له والرد عليهم هو أن ذلك الكافر قد نقض عهده وأمعن فى ايذاء المسملين وقد جاء اليهود إلى النبى صلى الله عليه وسلم بعد مقتل كعب بن الأشرف فقالوا يا محمد قد طرق أى قتل صاحبنا الليلة وهو سيد من ساداتنا قتل غليله بلا جرم ولا حدث علمناه قال صلى الله عليه وسلم أنه لو قر كما تد غيره ممن هو على مثل رأيه ما اغتيل، ولكنه آذانا وهاجانا بالشعر ولم يفعل هذا أحد منكم الا كان للسيف. (الصارم المسلول على شاتم الرسول ص 71 لابن تيمية) . 2 - سرية عبد الله إلى أبى سفيان، وكانت فى السنة الرابعة وسببها أن النبى بلغه أن شعبان بن خالد الهذلى يقيم بعمرنه وأنه يجمع الجموع لحرب المسلمين فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله ابن أنيس الجهنى بقتله قال عبد الله قلت يا رسول الله انعته (صفه لى) حتى أعرفه فقال صلى الله عليه وسلم انك اذا رأيته اذكرك الشيطان وآية ما بينك وبينه ذلك قال واستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول (هو نفس أذن محمد بن مسلمة) فأذن لى ثم قال لى (انتسب إلى خزاعة) (وهذا كذب ولكنه مباح) . قال عبد الله فعرفته تبعث (أى بوصف) رسول الله صلى الله عليه وسلم وشعرت بالخوف منه فقلت صدق رسول الله. قال عبد الله وكان وقت العصر قد دخل حين رأيته فخشيت أن تكون بينى وبينه محادثة تشغلنى عن الصلاة فصليت وأنا أمشى نحوه أومىء أيماء برأسى. فلما انتهيت إليه قال ممن الرجل قلت من خزاعة سمعت بجمعك لمحمد فجئتك لأكون معك (وفى هذا القول اظهار الموالاة) قال أجل أنى لا جمع له قال عبد الله فمشيت معه وحدثته فاستحلى حديثى وانشدته وقلت عجبا لما أحدث محمد من هذا الدين المحدث فارق الآباء وسفه أحلامهم (وهذا القول كفر) قال (أبى سفيان) أنه لم يلق أحد يشبهنى، وهو يتوكأ على عصا يهد الأرض حتى انتهى إلى خبائه وتفرق عنه أصحابه إلى منازل قريبة منه وهم يطيقون به، فقال هلم يا أخا خزاعة فدنوت منه. فقال اجلس قال عبد الله فجلست معه حتى إذا هدأ الناس وناموا اغترته فقتلته وأخذته راسه ثم خرجت وتركت ظمأته منكبات عليه. فلما قدمت المدينة وجدت رسو الله عليه الصلاة والسلام فلما رآنى قال افلح الوجه. قالت افلح وجهك يا رسول الله، ثم وضعت الرأسى بين يديه وأخبرته خبرى. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 9:07 pm | |
| تابع الفتوى السابقة 3 - قصة نعيم بن مسعود فى غزوة الأحزاب. لما جاء نعيم ابن مسعود مسلم أوصاه أن يكتم اسلامه ورده على المشركين يوقع بينهم فذهب نعيم الى بنى قريظة وقال لهم على هيئة النصيحة لا تقاتلوا مع القوم (يقصد قريشا وغطفان) حتى تأخذوا رهنا من أشرافهم يكونون ب أيديكم وذلك بعد أن أقنعهم أن قريشا وغطفان بصفتهم ليسوا من أهل المدينة فغن حدث شىء لحقوا ببلادهم وتركهم للنبى صلى الله عليه وسلم فقالوا له لقد اشرت بالرأى. ثم أتى قريشا وأخبرهم أن يهود بنى قريظة قد ندموا على تحالفهم معكم وأرسلوا إلى محمد يقولون (هل يرضيك أن نأخذ لك من القبيلتين رجالا من أشرافهم فتضرب أعناقهم) وأتى غطفان فقال مثل ذلك. فأرسل أبو سفيان ورءوس غطفان إلى بنى قريظة عكرمة بن أبى جهل فى نفر من قريش وغطفان فقالوا لهم (اغدوا للقتال حتى نناجز محمدا) فأجابوا أن هذا يوم السبت لا نعمل فيه شيئا ولن نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا فانا نخشى ان اشتد عليكم القتال أن تنتشروا إلى بلادكم. فلما رجعت الرسل قالت قريش وغطفان (والله الذى حدثكم به نعيم بن مسعود لحق) انا والله لا ندفع اليكم رجلا وأحدا من رجالنا. فقالت بنو قريظة أن الذى ذكر لكم نعيم لحق. ومن هنا انشب نعيم الفرقة فى صفوف الأحزاب. نقطة هامة جواز انغماس المسلم فى صفوف الكفار ان كان فى ذلك مصلحة للمسلمين يقول بن تيمية فى باب الجهاد صفحة 296 وقد روى مسلم فى صحيحه عن النبى صلى الله عليه وسلم قصة أصحاب الأخدود وفيها ان الغلام أمر بقتل نفسه لأجل مصلحة الدين ولهذا جحوز الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم فى صف الكفار وأن غلب على ظنه أنهم يقتلونه اذا كان فى ذلك مصلحة المسلمين. ويعنى كلام بن تيمية جواز انغماس المسلم فى صفوف الجيش الكافر وان أدى ذلك إلى قتله حتى قبل أن يرى بعينه الفائدة من انغماسه. الدعوة قبل القتال جواز الاغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام من غير انذار روى الامام مسلم عن بن عدى قال كتبت إلى نافع أسئلة عن الدعوة قبل القتال قال. فكتب الى انما كان ذلك فى أول الإسلام قد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بنى المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى سبيهم وأصاب يومئذ قال يحيى احسبه قال جويرية او قال البيته ابنه الحارث. الشرح قال النووى فى هذا الحديث جواز الاغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة بغير انذار بالاغارة وفى هذه المسألة ثلاث مذاهب حكاها المازرى القاضى احدهما يجب الانذار مطلقا قال مالك وغيره وهذا ضعيف والثانى لا يجب مطلقا وهذا اضعف منه أو باطل، والثالث يجب ان لم تبلغهم الدعوه ولا يجب ان بلغتهم لكن يستحب، وهذا هو الصحيح وبه قال نافع مولى ابن عمر والحسن البصرى والثورى والليث والشافعى وأبو ثور وابن المنذر والجمهور.. وقال ابن المنذر وهو قول أكثر أهل العلم انتهى (مسلم شرح النووى) . جواز تبيت الكفارة ورميهم وان أدى إلى قتل ذراريهم الاغارة ليلا عن ابن عباس عن الصعب بن جثمامه قال قلت يا رسول الله أنا نصيب فى البيان من ذرارى المشركين (ذريتهم) قال هم منهم (رواه مسلم) الشرح سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم صبيان المشركين الذين يبيقون فيصاب من نسائهم وصبيانهم بالقتل فقال هم من آبائهم أى لا بأس لأن أحكام آبائهم جارية عليهم فى الميراث وفى النكاح وفى العصاص والديات وغير ذلك والمراد اذا لم يتعدوا من غير ضرورة. انتهى) مسلم شرح النووى باب الجهاد) الكف عن قصد النساء والرهبان والشيخ بالقتل عن ابن عمر قال وجدت امرأة مقتولة فى بعض مغازى النبى صلى الله عليه وسلم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان والشيوخ (رواه الجماعة إلا النسائى) . ويروى أحمد وأبو داود أنه فى احدى الغزوات مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على مقتولة مما أصابت المقدمة فوقفوا ينظرون اليها يعنى وهم يتعجون من خلقها حتى لحقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما كانت هذه لتقاتل. فقال لأحدهم الحق خالدا فقل له لا تقتلوا ذرية ولا عسيفا (أى أجيرا) .. وحديث ابن عباس السابق فى جواز قتل الذرارى لا يتناقض مع هذا الحديث حيث أن لكل منهما حالة تختلف عن الأخرى. الاستعانة بمشرك عن عائشة رضى الله عنها قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان بجرة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة فرح أصحاب رسول الله صلى الله عليهه وسلم حين رأوه فلما أدركه قال الرسول صلى الله عليه وسلم تؤمن بالله ورسوله قال لا فقال ارجع فلن تستعين بمشرك قال ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركنا الرجل فقال له كما قال أول مرة فقال هل النبى صلى الله عليه وسلم كما قال أول مرة فقال ارجع فلن تستعين بمشرك قالت ثم رجع فأدركنا بالبيداء فقال له كما قال أول مرة تؤمن بالله ورسوله قال نعم. فقال له صلى الله عليه وسلم فانطلق (رواه مسلم) يقول النووى قد جاء حديث آخر ان النبى صلى الله عليه وسلم استعان بصفوان بن أمية قبل اسلامه فأخذ طائفة من العلماء بالحديث الول على اطلاقه وقال الشافعى وآخرون ان الكافر حسن الرأى فى المسلمين ودعت الحاجة الى الاستعانة به استعين والا فيكره. وحمل الحديثين هذين الحالتين، واذا حضر الكافر بالاذن رضخ له ولا يسهم له وهذا هم مذهب مالك والشافعى وأبو حنيفة والجمهور وقال الزهرى والأوزعى يسهم له والله أعلم انتهى (مسلم بشرح النووى) باب الجهاد. ويقول مالك فى الاستعانة بالمشركين والكفرة إلا أن يكونوا خداما للمسلمين فيجوز وقال أبو حنيفة يستعان بهم ويعاونون على الاطلاق متى كان الإسلام هو الغالب الجارى عليهم فان حكم الشرك هو الغالب كره. وقال الشافعى يجوز وذلك بشرطين أحدهما أن يكون بالمسلمين قلة ويكون المشركون كثرة. والثانى أن يعلم من المشركين حسن رأى فى الإسلام وميل اليه ومتى استعان بهم رضخ لهم ولم يسهم (أى أعطاهم مكافأة ولم يشركهم فى سهام المسلمين من الغنيمة) . جواز قطع اشجار الكفار وتحريقها روى الامام مسلم عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بنى النضير وقطع وهى البويرة زاد قتيبة وابن رفح فى حديثهما فأنزل الله عز وجل ما قطعتم من لينة أو تركتموها قامئة على أصولها فباذن الله وليخرى الفاسقين (مسلم شرح النووى الجزء 12) . قال النووى فى شرح الحديث فى هذا الحديث جواز قطع شجر الكفار واحراقه (مسلم شرح النووى باب الجهاد) . من خشى الأسر فله أن يستأسر وله ان يقاتل حتى يقتل عن أبى هيرية (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غزة رهطا عينا. وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصارى، فانطلقوا حتى اذا كانوا بالهدأة وهو بين عسفان ومكة ذكروا لبنى لحيان فنقروا لهم قريبا من مائتى رجل كلهم رام، فاقتصوا أثرهم فلما رآهم عاصم وأصحابه لجئوا إلى فدفد وأحاط بهم القوم، فقالوا لهم انزلوا وأعطوا بأيديكم ولكم العهد والميثاق اليوم فى ذمة كافر، اللهم خبر عنا نبيك، فرموهم بالنبل فقلتوا عاصما فى سبعة، فنزل اليهم ثلاثة وهطر بالعيهد والميثاق منهم حبيب الأنصارى، وابن دئنة ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم اطلقوا أوتار فسيسهم فأوثقوهم فقال الرجل الثالث هذا أول القدر والله لا أصحبكم ان لى فى هؤلاء لأسوة يريد القتلى، فجروه وعالجوه على ان يصحبهم فأبى، فقتلوه وانطلقوا. بخبيب وابن دئنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر، وذكر قصة قتل خبيب، إلى أن قال استجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أصيب. فأخبر والنبى صلى الله عليه وسلم أصحابه خبرهم وما أصيبوا) مختصر لأحمد والبخارى وأبو داود. وتنظيم الجيش المسلم عن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستحب للرجل أن يقاتل تحت راية قومه رواه أحمد. وعن البراء بن عازب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انكم ستلقون العدو غدا وان شعاركم حم لا ينصرون رواه أحمد. وعن الحسن عن قيس بن عباد قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون الصوت عند القتال رواه أبو داود. الأوقات التى يستحب الخروج فيها للغزو عن كعب بن مالك (أن النبى صلى الله عليه وسلم خرج فى يوم الخميس فى غزوة تابوك وكان يحب أن يخرج يوم الخميس) متفق عليه. وعن النعمان بن مقرن (أن النبى صلى الله عليه وسلم كان اذا لم يقاتل فى أول النهار أخر التقال حتى تزول الشمس وتهب الرياح ونزل النصر) رواه أحمد وأبو داود وصححه البخارى. وقال انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات. استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو وادعية القتال من أدعيته صلى الله عليه وسلم فى القتال اللهم منزل الكتاب ومجرى السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم (صحيح مسلم) . أمر هام يجب التنبيه عليه الاخلاص فى الجهاد فى سبيل الله والاخلاص هو تجريد قصد التقرب الى الله عز وجل من جميع الشوائب وقيل هو نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق. وفى باب تلبس ابليس على الغزاة يذكر الامام ابن الجوزى قد لبس ابليس على خلق كثير خلجوا إلى الجهاد ونيتهم المباهاة والرياء ليقال فلان غاز وربما كان المقصود ان يقال شجاع أو كان طلب الغنيمة وانما الأعمال بالنيات. عن أبى موسى قال جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء فأى ذلك فى سبيل الله فقال صلى الله عليه وسلم من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل اللهه. أخرجاه وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال اياكم ان تقولوا مات فلان شهيدا أو قتل شهيدا فان الرجل ليقاتل ليغنم ويقاتل ليذكر ويقاتل ليرى مكانه. ويالاسناد عن أبى هريرة رضى الله عنه قال أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها فقال ما علمت فيها قال قاتلت فيك حتى قتلت قال كذبت ولكنك قاتلت حتى يقال هو جرىء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه وألقى فى النار. ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها. فقال ما عملت فيها فقال تعمت فيك العلم وعلمته وقرأت القرآن فقال كذبت ولكنك تعملت ليقال هو عالم فقد قيل وقرأت القرآن ليقال هو قارىء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى فى النار. ورجل وسع الله عليه فأعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها فقال ما علمت فيها فقال ما تركت من سبيل انك جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى فى النار (تفرد باخراجه مسلم) . وباسناد مرفوع عن أبى حاتم الرازى قال سمعت عبده بن سلميان يقول كنا فى سرية مع عبد الله بن المبارك فى بلاد الروم فصادفنا العدو فلما التقى الصفان خرجد رجل من العدو فدعا الى البراز فخرج اليه رجل فطارده ساعة فطعنه فقتله ثم آخر فقتله ثم دعا إلى البراز فخرج اليه رجل فطارده ساعة فطعنه الرجل فقتله فازدحم الناس عليه فكنت فيمن ازدحم عليه فاذا هو ملثلم بكمه فأخذت بطرف كمه فمددته فاذا هو عبد الله بن المبارك فقال وأنت يا أبا عمر ومن يمتنع علينا قلت فا، روا حرمكم الله الى هذا السيد المخلص. كيف خاف على اخلاصه برؤية الناس له ومدحهم اياه فستر نفسه. وكان ابراهيم بن آدم يقاتل فاذا اغتنموا لم يأخذ شيئا من الغنيمة ليوفر له الأجر وقد ليس ابليس على المجاهد اذا غنم. فربما أخذ من الغنيمة ما ليس له فاما أن يكون قليل العلم فيرى أن أموال الكفار مباحة لمن أخذها ولا يدرى أن الغلول من الغنائم معصية. وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ففتح الله علينا. فلم نغنم ذهبا ولا ورقا غنمنا المتاع والطعام والثياب. ثم انطلقنا إلى الوادى ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد له فلما نزلنا قام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل رحاله فرمى بسهم فكان فيه حتفه. فلما قلنا له هنيئا له الشهادة يا رسول الله فقال كلا والذى نفس محمد بيده ان الشملة تلتهب عليه نارا أخذها من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم قال ففزغ الناس فجاء رجل بشراك أو شراكين فقال أصبته يوم خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم شراك من نار أو شراكان من نار. وقد يكون الغازى عالما بالتحريم إلا أنه يرى الشىء فلا يصبر عنه وربما ظن أن جهاده يدفع عنه ما فعل. وها هنا يتبين أثر الايمان والعلم. روينا باسناد عن هبيره بن الأشف عن أبى عبيدة العنبرى قال لما هبط المسلمون المداين وجمعوا الأقباض الذين معه. ما رأينا مثل هذا قط. أقبل رجل بحق معه فدفعه إلى صاحب الأقباض فقال الذين معه ما رأينا مثل هذا قط ما يعذله ما عندنا ولا ما يقاربه فقال له هل أخذت منه شيئا فقال أما والله لولا ما اتيتكم به. فعرفوا أن للرجل شأنا فقالوا من أنت فقال والله لا أخبركم لتحمدونى ولا أغريكم لتقرظونى ولكن أحمد الله وأرضى بثوابه فأتبعوه رجلا حتى انتهى إلى اصحابه فسأل عنه فاذا هو عامر بن عبد قيس. هناك من يتم اسبعادهم عن الطريق فانتهوا ان للشدائد أهلا وذروا ما ترين الأهواء لهو بطلب منهم الانتهاء عن الغى ويدعوهم إلى الافصاح عما ستروه من دافع حب الراحة وتجنب المشقة وهو نفسه الدافع الذى حكاه القرآن عن الخلفين فى سورة التوبة اذ يقول الله تعالى {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله وقالوا لا تنفروا فى الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون} وان هؤلاء لهم نموذج فى ضعف الهمة واطراوة الارادة وكثيرون هم الذين يشفقون من المتاعب وينفرون من الجهد ويؤثرون الراحة الرخيصة على الكدح الكريم ويفضلون السلامة الذليلة على الخطر العزيز وهم يتساقطون اعياء خلف الصفوف الجادة الزاحفة العارفة بتكاليف الدعوات ولكن هذه الصفوف تظل فى طريقها المملوء بالعقبات والأشواك لأنها تدرك بفطرتها ان كفاح العقابات والأشواك بفطرة فى الانسان وانه ألذ وأجمل من القعود والتخلف والراحة البليدة التى بالرجال، فى ظلال القرآن 10/26 هؤلاء الذين آثروا الراحة على الجهد فى ساعة العسرة وتخلفوا عن الركب فى أول مرة هؤلاء لا يصلحون للكفاح ولا يرجون للجهاد ويجوز أن يؤخذوا بالتقاضى ولا أن يتاح لهم شرف الجهاد الذين تخلفوا عنه وهم راضين، فان رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معى أبدا ولن تقاتلوا معى عدوا انكم رضيتهم بالعقود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين (ان الدعوات فى حاجة الى طبائع صلبة مستقيمة ثابتة مصحة تصمد فى الكفاح الطويل الشاق والصف الذى يتخلله الضعاف والسترخون لا يصمد لأنهم يخذلونهم فى ساعة الشدة فيشيعون فيه الخذلان والضعف والاضطراب فالذين يضعفون ويتخلفون يجب نبذهم بعديا عن الصف وقاية لهم من التخلخل والهزيمة والتسامح مع هؤلاء حناية على الصف كله. فتاوى الفقهاء فى تنفية الصف كان للسلف أقوال كثيرة فى ذلك. فمثال كلام السلف الأول من ذلك استعراض الامام الشافعى فى كتاب الأم لحوادث المنافقين المتتالية عن المشاركة فى الغزوات النبوية الكرمية وتنبيه الى من يشتهد فى أجيال المسلمين بعد ذلك يمثل ما وصف به أولئك المنافقون فانه يقاس عليهم ويعاقب بمثل ما عوقبوا به. يقول الشافعى (غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم فغزا معه من يعرف نفاقه فانخزل يوم أحد عنه يلثمائة ثم شهدوا معه يوم الخندق فتكلموا بما حكى الله عز وجل من قولهم ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ثم غزا النبى صلى الله عليه وسلم بنى المصطلق فشهد معه عدد فتكلموا بما حكى الله من قولهم ونفاقهم ثم غزا غزوة تبوك قوم منهم نفروا ليلة العقبة ليقتلوه فوقاه الله شرهم وتخلف آخرون منهم فيمن بحضرته ثم انزل الله بغزوة تبوك من أخبارهم فقال ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين. قال الشافعى فأظهر الله لرسوله أسرارهم وخبر السماعين لهم وايتائهم أن يفتنوا من معه بالكذب والارجاف والتخذيل لهم فأخبره أنه كره انبعاثهم فثبطهم اذا كانوا على هذه النية وكان فيهم ما دل على أن الله أمر أن يمنع من عرف بما عرفوا به من أن يغزوا من المسلمين لأنه ضرر عليهم. يقول الشافعى أفمن شهر بمثل ما وصفص الله المنافقين لم يحل للامام أن يدعه يغزو معه لطلبه فتنة وتخذيله اياهم وأن فيهم من يستمع له بالغفلة والقرابة والصداقة وأن هذا قد يكون ضررا عليهم من كثير من عددهم الامام الشافعى 4/89. وأستمر الفقه على هذا حتى استلم رايته بن قدامة المقدسى فقال (ولا يصطحب الأمير معه مخزلا وهو الذى يثبط الناس عن غزو ويزهدهم فى الخروج اليه والقتال والشمقة مثل أن يقول الحر أو البرد الشديد والمشقة شديدة ولا تؤمن هزيمة هذا الجيش وأشباه هذا ولا مرجفا وهو الذى يقول قد هلكت سرية المسلمين ومالهم من مدة ولا طاقة لهم بالكفار والكفار لهم قوة ومدد وصبر ولا يثبت لهم أحد ونحو هذا ولا من يعين على المسلمين بالتجسس للكفار واطلاعهم على عورات المسلمين ومكاتبتهم بأخبارهم ودلالتهم على عوارتهم أو ايواء جواسيسهم، ولا من يوقع العداوة بين المسلمين ويسعى بالفساد لقوله تعالى {ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين. لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة} ولأن هؤلاء مضرة على المسلمين فيلزمه منعهم المغنى لابن قدامة 8/351. غرور الفقيه يمنع تأميره اننا نجد فى فقه عمر بن عبد العزيز رحمه الله ما يسوغ ابعاد الصادق صاحب الخير عن المسئولية اذا كان فيه نوع من حب الظهور والخيلاء سدا للذريعة وصيانة له من احتمالات الافتتان والجناية على نفسه وعلى الدعوة. فقد روى أن الراشد الخامس لما ولى الخلافة أرسل إلى أبى عبيد المزجى وكان فقيها ثقة فى الحديث من شيوخ الأوزاعى ومالك وممن يستعين به الخليفة سليمان بن عبد الملك فقال عمر هذا الطريق الى فلسطين وأنت من أهلها فألحق بها فقيل له يا أمير المؤمنين لو رأيت أبا عبيد وتشيره للخير فقال ذاك أحق إلا فتنة كان أبهة للعامة، تهذيب التهذيب 12/158. ولقادة جماعات المسلمين هذا اليوم أن يقولوا لكل داعية يتطلع للمسعة والجاه والمكانة الاجتماعية المرموقة مثل الذى قاله عمر لأبى عبيد. ويفهموه أنه قد أخطأت بداية الطريق إلى مرادك فمررت بديار دعوة التواضع والبذر والالتزام الخططى هذه الطريق إلى ديار أشكالك فالحق بهم. فالحق بهم.. بسم الله الرحمن الرحيم تقديم للمرحلة الرابعة من الفتاوى اسلامية فى أحكام الوقف بقلم صاحب الفضيلة الامام الأكبر الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر أحمدك اللهم عرفانا بفضلك، وشكرا لواسع كرمك، وأسألك قريب هدايتك، واستتمام نعمتك، بنصرة شريعتك واستسلام لعزتك، والاستعانة بقدرتك والتوكل عليك، بيدك ناصيتى وناصية كل شىء، واصلى وأسلم على سيدنا محمد الذى كانت بعثته رحمه للعالمين، جاء بالكتاب المبين، وبالسنة المطهرة، والشريعة السمحة المحكمة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى من اتبعهم، وعلى من نقلوا الينا علومهم وفقههم الذى استنار به المسلمون من بعدهم، فكان منهم الأئمة الهداة، الذين وقفوا انفسهم على استظهار أحكام الله من قرآنه وسنة رسوله، فاختصروا وأوضحوا، وأصلوا وفرعوا ن وحبسوا أنفسهم لجلاء الأحكام للناس فى كل فروع الحياة فأبانوا أن شرع الله جاء شاملا للدين والدنيا فما ترك شيئا إلا والله فيه بيان فى القرآن أو سنة رسول الله. ولقد تصدى أولئك الأعلام من فقهاء الصحابة ومن بعدهم ممن حملوا عنهم هذا الدين، تصدى كل هؤلاء لافتاء الناس وأعلامهم بهذا الشرع القيم. واذا كان الإسلام دين الله الخاتم إلى بنى الانسان فقد جاء شاملا بقواعده واصوله وتفصيلاته، وافيا موفيا بحاجة البشرة فى نظم حياتهم وتعاملهم. وكان من العقود التى تعامل بها أهل الإسلام نظام الوقف، واختلف فى شأنه فقهاؤهم اختلافا بينا واتسع مداه فيما عدا وقف المسجد الذى اتفقوا على أنه صحيح نافذ لازم متى توافرت شروطه، وأن اختلفوا فى بعض هذه الشروط. وكان هذا الاختلاف من الفقهاء فى شأن الوقف على غير المسجد لأن الفقه الإسلامى كان قد نضج وأكتمل، وأرسيت قواعده وأصوله، قبل انتشار نظام الأوقاف وذيوع مشكلاته فى العالم الإسلامى. ولقد تصدى الفقهاء للافتاء فى مشاكله، باعتبار أن أحكام الوقف كلها اجتهادية كما أن هذه الأحكام تتغير بتغير العرف والزمان، ومن ثم كانت الفتوى والقضاء بما هو أنفع للوقف ومستحقيه إلى غير هذا من القواعد التى اصلها الفقهاء فتكونت مجموعة فقهية للوقف تتسم بالمرونة والصلاحية مسايرة للازمان والاحوال، ومجاراة للنافع والاصلح. ولقد ظل الافتاء فى الوقف والقضاء فى منازعاته زمنا مديدا غير محصور فى مذهب امام معين، سواء فى عصور القضاة والفتيين المجتهدين، أو فى أزمان من جاءوا بعدهم من المقلدين المتبعين، حتى كان حكم محمد على باشا لمصر فاوجب أن تكون الفتوى والقضاء فى هذهذ البلاد طبقا لمذهب الامام أبى حنيفة فى كل الأمور التى تعرض للفتيا أو على القضاء. وكان مما يعرض على المفتين فى مصر فى الحقبة التى توالى نشرها تحت عنوان (الفتاوى الإسلامية عن دار الافتاء المصرية) موضوعات تتعلق بالاوقاف، تصدى المفتون لها فجعلوا غامضها، وخرجوا أحكامها وردوها إلى أصولها فى الفقه الحنفى فى الفترة التى أنفرد فيها بالاعمال، ثم باعمال القوانين المتعاقبة مع أحكام هذا الفقه فيما جد من واقعات بعد العمل بتلك القوانين. ولقد قامت صيحات فى أزمان متتالية ضد نظام الاوقاف، غذاها جمود بعض الحكام القضائية، وقعودها دون حل لبعض المشاكل التى تكاثرت وتراكمت فى شأن نظارة الاوقاف، وبعض الشروط التى كان يضعها بعض الواقفين، وفى شأن التصرف فى الاعيان التى تخربت وانعدم ريعها أو قل، وكان ذلك وقوفا عند لفظ قيل (شرط الواقف كنص الشارع) ثم كان الاصلاح التشريعى فى مصر الذى كان من بين ثماره القانون رقم 48 لسنة 1946 باحكام الوقف. ولم يكن هذا القانون شاملا لأحكام الوقف جميعها، بل اقتصر على اختيار الأحكام التى رؤى ان فى تطبيقها علاجا لمواضع الشكوى التى تكاثرت على مدى حقة من الزمان. وبصدور هذا القانون والعمل به بدأت فترة حديدة فى التطبيق القضائى فى منازعات الوقف، فقد كانت قبله وحتى تاريخ العمل به محكومة بأرجح الأقوال فى فقه مذهب الامام أبى حنيفة فقط، ومنذ العمل بهذا القانون أصحبت المنازعات فى المسائل المتعلقة بالوقف خاضعة لنوعين من الأحكام أحدهما أحكام هذا القانون، والآخر أرجح الأقوال فى فقه مذهب أبى حنيفة فيما لم ينص عليه فى هذا القانون (48 لسنة 1946) على ما هو مفصل فى أحكامه الختامية. وسنرى فى فقه فتاوى الوقف التى تبدأ بهذه المقدمة اجتهادات فقهية قيمة سواء فى فترة التطبيق الخالص لفقه الإمام أبى حنيفة أو فى الفترة التى بدأت العمل بالقانون المرقوم بالاضافة إلى الفقه الحنفى فيما لم يرد فيه نص فى القانون. وسرنى أيضا من سير الفتاوى بعد ما تعاقب من قوانين بدأت بالقانون رقم 180 لسنة 1952 م بالغاء الوقف على غير الخيرات أن هذه المرحلة التى أعقبت هذا القانون وتوابعه أدت إلى انهاء وجه من أوجه التعاون على البر، والتحصين للثروات العقارية، وما اعتور سبل البر من فتور ضنا بالأموال عن التبديد والضياع، فقد انكمشت هذه السبل أو توقفت، فلم نعد نسمع أن أحدا قد أوقف وقوفا على المساجد أو المستشفيات، أو الملاجىء، أو المدارس أو تحفيظ القرآن كما كان متداولا فى أغراض الواقفين فى الأزمان الخالية، بل لقد تبددت وقوف كثيرة وكبيرة كانت مدادا وسندا للدعوة الإسلامية، وفيها ومنها كان العون لطلاب العلم وللعلماء فى الأزهر ومعاهده. وغير هذا من جهات البر والعلم. نعم ستقص علينا هذه الفتاوى انباء هذا المجتمع واتجاهاته الاجتماعية والاقتصادية فى فترة قاربت المائة من السنين، وتعرض علينا فقه المفتين فيما عرض عليهم من مشكلات اجتهدوا لاسباغ الحكم الشرعى عليها، والعلم يحيا بنشره ودرسه وقد قيل قديما حياة العلم مذاكرته. اللهم أنا نسألك علما نافعا ينفعنا فى ديننا ودنيانا. اللهم افتح لنا أبواب فضلك ورحمتك، واجز اللهم كل من شاركوا فى هذا العمل من عطائك الذى لا ينفد، فانا قصدنا العمل خالصا لوجهك وتوطيدا لأحكام شريعتك. ونحمد الله أولا وآخرا ونصلى ونسلم على رسول الله، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. شيخ الأزهر القاهرة 20 من شوال سنة 1403 هجرية 30 من يوليو سنة 1983م جاد الحق على جاد الحق. (7/359) ________________________________________ |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 9:14 pm | |
| رؤية الهلال
المفتي محمد عبده. ربيع الأول سنة 1320 هجرية
المبادئ ثبوت رؤية الهلال فى معرفة أوائل الشهور العربية إنما يكون بالشهادة شرعا ولا يعول على الحساب فى ذلك
السؤال بافادة من جناب مدير عموم المساحة مؤرخة فى 17 يونية سنة 902 6808 مضمونها أن هذه المصلحة أخذت من عهد قريب فى حساب النتيجة الميرية السنوية ويهمها أن تكون هذه النتيجة غاية فى الضبط ليصح التعويل عليها فى الأعمال الدينية وترغب المصلحة الإفادة عما إذا كان المعول عليه فى تعيين أوائل الشهور العربية بحسب الشرع الإسلامى هو الرؤيا كما فى رمضان أو الحساب وتنفرد بعض الشهور بالرؤيا ويتحتم فيها ذلك كما يتحتم فى تعيين أول شهر الصوم وعما إذا كانت والحالة هذه النتيجة الدينية المبنية على الرؤيا تنطبق على النتيجة المدنية المبنية على الحساب أو بينهما فرق وما هو هذا الفرق مع الإشارة غلى المؤلفات العربية التى تفى المقام ويمكن التعويل عليها فى هذا الموضوع
الجواب المقرر شرعا أن أول الشهر إنما يعرف برؤية الهلال ويثبت ذلك بالشهادة المعروفة عند أهل الشرع، لا فرق فى ذلك بين رمضان وشوال وغيرهما. أما العمل بالحساب ففيه خلاف بين علماء بعض المذاهب والمعول عليه أن لا يلتفت إلى الحساب لأن أحكام الدين الإسلامى مبنية على الأسهل والأيسر للناس فى أى قطر كانوا وأى بقعة وجدوا. وأما مظان وجود هذا الحكم فهى أبواب الصوم فى جميع كتب الفقه المعتبرة والله أعلم (7/360) ________________________________________ الوصية بقراءة القرآن الكريم
المفتي محمد عبده. محرم سنة 1324 هجرية
المبادئ الوصية بقراءة القرآن الكريم باطلة لما فيها من شبهة الاستئجار على قراءة القرآن
السؤال من حضرة حامد أفندى فى امرأة تملك منزلا لا غير أوصت فى حالة صحتها وكمال عقلها بثلث منزلها الكائن بجهة كذا ليصرف ثمنه فى خرجتها وأعمال رحمات وقراءة قرآن شريف، وبثلثه الثانى لمن أقامته وكيلا عنها فى قبض مالها واستلامه وفى دفع ما عليها، وبثلثه الثالث لتدفع قيمته للديون المطلوبة منها، وقد أقامت الوكيل المذكور وصيا مختارا من قبلها لتنفيذ ما أوصت به على الوجه المذكور، ثم من بعد مدة ماتت مصرة على ذلك وتركت وارثا شرعيا لم يجز ما أوصت به مورثته على وجه ما ذكر فماذا يكون الحكم فى الوصية المذكورة والحالة هذه، وما يصح منها ويجب تنفيذه على الوصى وما لا يصح منها أفيدوا الجواب
الجواب نص العلماء على أنه يبدأ من تركة المتوفى الخالية غن تعلق حق الغير بعين من أعيانها كالرهن بتكفينه وتجهيزه من غير إسراف ولا تقتير بما يناسب حال أمثاله، ثم تقضى ديونه الثابتة التى لها مطالب من جهة العباد، ثم تنفذ وصيته الشرعية من ثلث الباقى، يقسم الباقى بين ورثته الشرعيين، وعلى أن الوصية لقراءة القرآن الشريف باطلة لما فيها من شبهة الاستئجار على قراءة القرآن. إذا تقرر هذا ولم يجز الوارث المذكور فى هذا الحادثة تلك الوصية وكان الأمر كما ذكر فى السؤال فالذى يقتضيه الحكم الشرعى فى ذلك أن تقدم خرجة المتوفاة المذكورة الشرعية من جميع تركتها المذكورة، ثم تقضى ديونها الثابتة التى لها مطالب من جهة العباد من الباقى بعد ذلك، ثم يقسم ثلث هذا الباقى بين الرحمات المذكورة من أعمال البر كالصدقة والوكيل المذكور بالسوية بينهما. هذا ما ظهر لى أخذا مما نص عليه العلماء. والله تعالى أعلم (7/361) ________________________________________ زكاة الوقف
المفتي محمد بخيت. شوال سنة 1933 هجرية
المبادئ 1- لا تجب الزكاة فى ريع الوقف الخيرى عند الشافعية والحنفية. 2- تجب الزكاة فى الريع إن كان الوقف على معين أو جماعة معينين لأنهم يملكون الريع ملكا تاما متى بلغ نصابا لكل منهم وتحققت شروط الوجوب شرعا. 3- إذا كان الوقف على معينين ونقص نصيب كل منهم عن النصاب ولكن بلغ مجموع نصيبهم نصابا وتحققت شروط الوجوب وجبت الزكاة فى الريع كله متى وجدت شروط الخلطة له. 4- الأعيان الموقوفة ذاتها لا زكاة فيها ولو كانت زكوية
السؤال من السيد عبد الرحمن ناظر بماصورته التمس من مكارم أخلاق مولاى الغراء إرشادى إلى ما يجب عمله فى المسألتين الآتيتين على مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه جعلكم الله نورا يستضاء به وموردا عذبا يغترف منه. المسألة الأولى أوقف رجل ثلث أملاكه على الأعمال الخيرية واشترط أن يحجز فى آخر كل عام عند توزيع ريعها جزءا صغيرا لما يحدث من الطوارئ، وقد يكون عند ناظر الوقف مبلغ يزيد عن النصاب وحال عليه الحول - فهل تجب فيه الزكاة أم لا المسالة الثانية نظرا للحالة اضطر ناظر الوقف أن يضع ما عنده من الاحتياطى وما تحصل من إيراد هذا العام فى أحد المصارف بدون شرط خوف الضياع، وفى آخر العام الميلادى أضاف المصرف ربحا على المبالغ المودعة عنده، فهل يجوز للناظر استلام هذا الريح أم لا وإن كان يجوز له ذلك فهل يوزعه على المستحقين باعتبار أنه إيراد جديد أم يضيفه إلى الاحتياطي هذا ما نرجو من فضيلة الأستاذ الأكبر إرشادنا إليه والله لا يضيع أجر من أحسن عملا. وتقبلوا بقبول احترام المسلمين هنا
الجواب اطلعنا على خطاب حضرتكم المسطر أعلاه. ونفيد أنه مرسل لحضرتكم طى هذه الإجابة عن المسألتين المذكورتين به على مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه المسطرة من حضرة صاحب الفضيلة الشيخ سليمان العبد شيخ السادة الشافعية بالجامع الأزهر الشريف، ومن حضرة الأستاذ الشيخ محمد الحلبى من كبار علماء الشافعية بالجامع المذكور. وملخص الجواب عن المسألة الأولى أن ريع الوقف إن كان الوقف على جهة عامة كالمساجد والفقراء ونحو ذلك من سبل الخير فلا زكاة فى الريع، وإن كان الوقف على إنسان معين أو جماعة معينين وجبت الزكاة فى الريع، وإن كان الوقف على إنسان معين أو جماعة معينين وجبت الزكاة فى الريع لأنهم يملكونه ملكا تاما يتصرفون فيه جميع أنواع التصرف، فإن بلغ نصيب كل منهم نصابا وجبت الزكاة فيه إن حصلت شروط الوجوب، وإن نقص نصيب كل منهم وبلغ نصيب جميعهم نصابا ووجدت شروط الخلطة مع وجود شروط الوجوب وجبت الزكاة فى الريع، وأما الأعيان الموقوفة إن كانت زكوية فلا زكاة فيها - وملخص الجواب عن المسألة الثانية أنه ليس للناظر أخذ شىء من مال الوقف على وجه الضمان، فإن فعله ضمنه، ولا يجوز له إدخال ما ضمنه فى مال الوقف. وإقراض الناظر مال الوقف كإقراض مال الصبى، فلا يجوز لغير القاضى إقراض مال الوقف إلا لضرورة كسفر أو نهب، فيقرضه مليا أمينا خاليا ماله عن الشبهة، ويأخذ رهنا إن رأى فى أخذه مصلحة. وحينئذ فما فعله الناظر من الوضع فهو إما قرض بالقول فلابد من الشروط المعتبرة فيه، ولم يوجد جميعها فى هذا القرض فهو فاسد وغير جائز له. وإما قرض وضعى بالمعاطاة مع الاتفاق المعلوم بين المصارف والمقرض فلا يجوز أيضا - وحينئذ فلا يجوز للناظر استلام هذا الربح بل هو لصاحبه الأصلى من المصارف، وإذا كان لا يجوز استلامه له لبقائه على ملك صاحبه، فلا يجوز للناظر رده على مال المستحقين، ولا على الاحتياطى، ولا يجوز للناظر الانتفاع به بل يجب رده، وهو ضامن للمال الموضوع فى أحد المصارف، فإذا استلمه منه فلا يبرأ من ضمانه بالاستلام بل لابد من تسليمه للقاضى ثم يدفعه له القاضى فيبرأ - وليس وضع الناظر مال الوقف المذكور بأحد المصارف من قبيل الإيداع الشرعى - لأن من شرط الوديعة أن لا تستهلك وأن ترد بعينها، وعادة المصارف جرت على استهلاك كل ما يودع فيها إلا إذا كان مودعا بخزينة خاصة لصاحب المال توضع هى فى المصرف، على أن الناظر ليس له إيداع مال الوقف أيضا إلا عند القاضى الشرعى بشروطه هذا ما تفيده نصوص مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه التى يفتى بها وأما الجواب على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان رضى الله عنه فأما عن المسألة الأولى فهو أن ريع الأوقاف الموقوفة على الأعمال الخيرية لا زكاة فيه ولا فيما تكون عند الناظر وزاد عن النصاب كما هو مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه - وأما عن المسألة الثانية فوضع الناظر ما عنده من الاحتياطى وما تحصل من إيراد هذا العام كما ذكر فى أحد المصارف ليس من الإيداع فى شىء، لأن المصارف جرت عادتها على استهلاك ما يودع فيها وشرط الوديعة أن لا تستهلك وأن ترد بعينها كما هو مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه بل هو من باب القرض وليس للناظر أن يقرض مال الوقف، وإنما ذلك للقاضى الشرعى. وحينئذ يكون الناظر المذكور ضامنا لما وضعه بأحد المصارف. وأما الربح الذى نتج عن ذلك فهو باق على ملك صاحبه، ولا يجوز للناظر قبضه من المصرف متى كان ذلك فى دار الإسلام، فإن قبضه وكان ذلك فى دار الإسلام كما ذكرنا ملكه الناظر ملكا خبيثا فيجب عليه رده لمن قبضه منه فإن لم يرده كان الواجب عليه أن يتصدق به على الفقراء. والله أعلم (7/362) ________________________________________ بناء المساكن على أرض الجبانة
المفتي محمد إسماعيل البرديسى. شوال سنة 1338 هجرية - 14 يولية سنة 1920 م
المبادئ أرض الجبانة لا يجوز شرعا بناء مساكن عليها ولا غرس أشجار فيها أو نباتات، كما لا يجوز بيعها ولو نقلت منها عظام الموتى إلى مكان آخر لأن لها حكم المقبرة
السؤال بافادة واردة من وزارة الداخلية رقم 29 سنة 1920 نمرة 277 صورتها فى مدينة بورسعيد جبانة قديمة منع الدفن فيها منذ زمان بعيد ثم نقلت منها العظام والرفات إلى موضع آخر من عهد قريب، وقد حصل الشروع فى هذه الأيام فى تقسيم أرض تلك الجبانة القديمة إلى ثلاثة أقسام يكون أحدهما مخصصا لإقامة ورشة عليه لأجل إصلاح عربات البلدية، والثانى لإنشاء مشتل لتربية النباتات والأشجار وأما القسم الثالث فسيباع بالمزاد العلنى للأفراد لاستخدام ثمنه فى الوفاء بالنفقات التى أوجبها نقل تلك العظام والرفات، ولكن بلدية بورسعيد صاحبة المشروع قد رأت فيما بعد أن أرض الجبانات ولو نقلت منها العظام والرفات يجب أن تبقى مقدسة ولا يليق أن يبنى عليها مساكن وغيرها. فبناء عليه نرجو فضيلتكم إصدار الفتوى الشرعية فى هذه المسألة وتفضلوا يا صاحب الفضيلة بقبول وافر احترامنا
الجواب اطلعنا على خطاب دولتكم رقم 29 يونية سنة 1920 نمرة 277 الذى يتضمن أن فى مدينة بورسعيد جبانة قديمة منع الدفن فيها منذ زمن بعيد، ثم نقلت منها العظام والرفات إلى موضع آخر من عهد قريب وقد حصل الشروع فى هذه الأيام فى تقسيم أرض تلك الجبانة القديمة إلى ثلاثة أقسام - أحدها يكون مخصصا لإقامة ورشة عليه - وثانيها لإنشاء مشتل لتربية النباتات والأشجار وثالثها سيباع بالمزاد العلنى للأفراد وأن بلدية بورسعيد قد رأت فيما بعد أن أرض الجبانات ولو نقلت منها العظام والرفات يجب أن تبقى مقدسة ولا يليق أن يبنى عليها مساكن وغيرها ويراد إصدار فتوى شرعية منا فى هذه المسألة. ونفيد إنه قال فى الفتاوى الهندية بصحيفة 470 جزء ثان ما نصه (وسئل هو (أى القاضى الإمام شمس الأئمة محمود الأزوجندى) أيضا عن المقبرة فى القرى إذا اندرست ولم يبق فيها أثر الموتى لا العظم ولا غيره هل يجوز زرعها واستغلالها قال لا، ولها حكيم المقبرة كذا فى المحيط) . ومن ذلك يعلم أن أرض الجبانة المذكورة لا يجوز شرعا أن يبنى عليها مساكن، ولا أن تغرس فيها أشجار ولا نباتات ولا يجوز شرعا بيعها، ولو نقلت منها عظام الموتى إلى محل آخر، لأن لها حكم المقبرة. وللإحاطة تحرر هذا والخطاب المذكور عائد من طيه كما ورد. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام (7/363) ________________________________________ عقد بيع بشرط المنفعة للبائع مدى الحياة
المفتي محمد إسماعيل البرديسى. شوال 1339 هجرية - 25 من يونية 1921 م
المبادئ 1- اشتمال عقد البيع على شرط المنفعة للبائع مدى حياته مفسد للعقد شرعا. 2- لا يعتبر هذا العقد وصية، لأنها تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع وهذا ليس كذلك. 3- يبقى المبيع على ملك البائع ويورث عنه شرعا
السؤال بخطاب وزارة المالية رقم 29 سنة 1921 نمرة 244-17-88 بما صورته مرفق ضمن الأوراق طيه الواردة لهذا بمكاتبة مديرية الشرقية الرقيم 17 الجارى نمرة 134 صورة عقد بيع مقول بصدوره من عبد النبى موسى عسكر ببيع 4 سهم 7 قيراط أرض زراعية ومعطى له بمقتضاه حق الانتفاع أيام حياته على أن يكون بعد وفاته الأرض المذكورة وجميع ما يمتلكه ملكا وأثرا واستحقاقا لزوجته الست نفيسة بالأمل بعد الاطلاع على صورة العقد المذكور التكرم بالإفادة عما يقتضيه الحكم الشرعى فيما إذا كان العقد المذكور يعتبر وصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت أو يعتبر بيعا صحيحا شرعيا نافذا بعد وفاته أم لا هذا ولا ذاك أو يعتبر مالا موروثا عن المتوفى. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
الجواب اطلعنا على خطاب الوزارة رقم 29 مايو سنة 1921نمة 244-17-88 بخصوص العقد المقول بصدوره من عبد النبى موسى عسكر ونفيد أن البيع الذى اشتمل عليه العقد لم يكن بيعا صحيحا شرعا لاشتمال على شرط مفسد للبيع وهو اشتراطه أن يكون الانتفاع له طول حياته وليس وصية أيضا لأنها تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع وتمليكه هنا لم يكن بهذا الطريق - وحينئذ يكون القدر المبيع مما يجرى فيه التوارث لأنه باق على ملك البائع. وللإحاطة تحرر هذا، والأوراق عائدة من طيه كما وردت (7/364) ________________________________________ الانتقال من مذهب اسلامى إلى آخر
المفتي عبد الرحمن قراعة. ذو الحجة سنة 1340 هجرية - 22 أغسطس 1922م
المبادئ يجوز انتقال الشخص من مذهب إسلامى إلى آخر سوءا كان لغرض دينى أولا، متى كان الانتقال إلى مذهب من مذاهب الأئمة الأربعة
السؤال من عبد الصمد عيس فى رجل عاص قد تعبد منذ ثلاثين عاما على مذهب الإمام مالك من كل الوجوه من غي تلفيق، ثم انتقل إلى مذهب الإمام أبى حنيفة من غير تلفيق من كل الوجوه من منذ شهرين. هل ذلك جائز أم لا
الجواب متى كان المنتقل عاميا وكان انتقاله لغرض دينى أو لكم يكن لغرض أصلا فإنه يجوز له الانتقال من مذهب إلى مذهب آخر من مذاهب الأئمة الأربعة المعروفة فى بلاد الإسلام، وهذا حيث كان الحال كما ذكر فى السؤال (7/365) ________________________________________ حكم وقف المسلم بعد ردته
المفتي عبد المجيد سليم. ذو القعدة سنة 1351 هجرية 18 مارس سنة 1933 م
المبادئ وقف المسلم لا يبطل بردته عند أبى يوسف (من الحنفية) وعليه الفتوى
السؤال من جان أبو طاقية بالآتى سيدة تدعى روجينا جيولتى بنت يوسف تاملو إسرائيلية أيطالية لا تعرف اللغة العربية. ثم بتاريخ 14 أبريل لسنة 1932 أسلمت. ثم بعد إسلامها وقفت وقفا أهليا على نفسها أيام حياتها، ثم من بعدها على أشخاص عينتهم عنها. ثم رجعت عن دين الإسلام بتاريخ 8 مارس سنة 1933 فهل والحال ما ذكر يبقى وقفها كما هو أو يبطل وتتصرف فيه تصرف الملاك فى أملاكهم
الجواب اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأنه قد ذهب الخصاف إلى أن السلم إذا وقف وقفا فى حال إسلامه ثم ارتد والعياذ بالله عن الإسلام بطل وقفه بالارتداد. وقد تبعه فى ذلك كثير ممن جاء بعده، وقد اعترضه شارح الوهبانية حيث قال على ما جاء بتقرير المرحوم الشيخ الرافعى على رد المحتار ما نصه (ولى فى هذه المسألة نظر، فإن حبوط عمله ينبغى أن يكون فى إبطال ثوابه لا فى إبطال ما يتعلق به من حق الفقراء، وصار إليه فإنه ينبغى أن لا يبطل حقهم بفعله) . وهو اعتراض وجيه وأصله لصاحب المحيط حيث قال على ما جاء فى حاشية عبد الحليم على الدرر مانصه (وعندى فى هذه المسألة نظر، فإن حبوط علمه ينبغى أن يكون فى إبطال ثوابه لا إبطال ما يتعلق به حق الفقراء وصار إليهم فإنه ينبغى أن لا يبطل حقهم بفعله، قال عبد الحليم بعد هذا ما نصه (أقول ومن الله الإعانة والتوفيق إن هذا النظر مدفوع عن آخره لما أن هذه المسألة مبنية على قول أبى حنيفة والوقف عنده حبس العين على ملك الواقف، ومن ذلك صح تمليكه وإرثه والرجوع عنه يعد كونه وقفا صحيحا، فإذا بقى الموقوف فى ملكه لم يبق فرق بين الوقف قبل الارتداد وبعده، وقد سبق فى باب المرتد أن تصرفاته موقوفة. إن أسلم نفذت وإن هلك حقيقة أو حكما بطلت. إذا عرفت هذا ظهر أن وقفه باطل على كلتا الحالتين من غير فرق عنده خلافا لهما فيهما. فإنه إن وقف حال الإسلام فعند أبى يوسف خرج عن ملكه بمجرد قوله وقفت هذا لهذا، وعند محمد خرج عنه به وبالتسليم والقبض فلم يبق فى ملكه عندهما، فلا يبطل بالردة إلى آخر ماقاله) . وهذا تحقيق للمسألة جديد بالاعتبار والتعويل عليه، وبه يزول إشكال صاحب المحيط الذى تبعه فيه شارح الوهبانية وعلى ذلك فبارتداد الواقفة المذكورة عن الإسلام لا يبطل وقفها على قول أبى يوسف المفتى به والذى جرى عليه العمل هذا ما ظهر لنا. والله تعالى أعلم (7/366) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 9:21 pm | |
| هبة المرأة نفسها لمطلقها ثلاثا
المفتي عبد المجيد سليم. رمضان سنة 1357 هجرية - 30 أكتوبر سنة 1938 م
المبادئ هبة المرأة نفسها لمن طلقها ثلاثا غير جائزة شرعا. إلا إذا تزوجت بآخر ودخل بها دخولا حقيقيا ثم طلقها أو مات عنها وانقضت عدتها منه شرعا
السؤال من أحمد مختار قال رجل طلق زوجته ثلاث مرات فحرمت عليه شرعا. ولرغبتهما فى المعاشرة محافظة على أولادهما وهم ثلاثة أطفال. هل يجوز أن تهب الزوجة نفسها بأى حال إلى زوجها فتعاشره معاشرة شرعية شبيهة بالمعاشرة الزوجية وإذا كان الجواب بالإيجاب نرجو الإفادة عن كيفية وصيغة الهبة ثم ما حكمها شرعا
الجواب اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه متى كان الحال كما جاء بالسؤال بانت المرأة المذكورة من مطلقها بينونة كبرى فلا تحل له حتى تتزوج بغيره ويدخل بها دخولا حقيقيا ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضى عدتها منه. فإن كانت الهبة المذكورة بالسؤال يقصد بها تزوج المرأة لمطلقها بطريق عقد الزواج الشرعى المستوفى لشروطه فلا بد أن يكون هذا العقد بعد ما ذكرنا من تزوجها بزوج آخر إلخ. وإن كان المقصود غير ذلك فليس هذا بسبب مشروع لحلها له وبهذا علم الجواب والله أعلم (7/367) ________________________________________ حقيقة الخمر وحكمها
المفتي عبد المجيد سليم. صفر سنة 1358 هجرية - 12 أبريل سنة 1939 م
المبادئ 1- كل ما خامر العقل وستره فهو خمر ومحرم شرعا. 2- حد شارب الخمر الجلد مع اختلاف فى مقداره، والزيادة عليه تعزيز مفوض للامام، وهو الذى يقيم الحد أو نائبه. 3- لا يجوز لغير المسلمين بيع الخمر علنا. 4- النهى عن المنكر يكون إذا لم يترتب على هذا النهى منكر أعظم من هذا المنكر ومفسدة أشد من مفسدة فعل المنكر
السؤال من الأستاذ مصطفى أفندى قال ما حكم الإسلام فى الخمر، وما هو حد شارب الخمر، وإلى أى حد يجوز لغير المسلمين الاتجار فيها وبيعها للمسلمين على رؤوس الأشهاد، وما هو حد الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وما قول فضيلتكم فى مسلم أساءه الاستهتار بالدين إذ رأى الحانات تفتح أمام المساجد فدعا المسلمين إلى العمل على إغلاقها وقصر بيعها على أهل الذمة فى أحيائهم ولفضيلتكم أكرم الثواب
الجواب اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بما يأتى عن المسألة الأولى أن حكم الخمر فى الشريعة الإسلامية هو الحرمة. وذلك ثابت بالكتاب والسنة، أما الكتاب فقول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} المائدة 90، 91، وأما السنة فقوله عليه الصلاة والسلام وروى عبد الله بن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه رواه أبو داود. إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة الواردة فى تحريم الخمر. قال ابن قدامة فى المغنى (وثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم تحريم الخمر بأخبار تبلغ بمجموعها رتبة التواتر) . هذا والخمر - كل مسكر خامر العقل وستره - فاسم الخمر يتناول كل شراب مسكر - سواء أكان من العنب أو من غيره، وهذا ماعليه جمهور الفقهاء وأهل الحديث جميعا، ويدل على ذلك ما جاء فى البخارى عن ابن عمر رضى الله عنهما قال (خطب عمر رضى الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه قد نزل تحريم الخمر وهى من خمسة أشياء العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل. والخمر ما خامر العقل) وما رواه البخارى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال (كنت أسقى أبا عبيدة وأبا طلحة وأبى ابن كعب من فضيخ زهو وتمر فجاءهم آت فقال إن الخمر قد حرمت فقال أبو طلحة قم يا أنس فأهرقها فأهرقتها) والفضيخ بوزن عظيم اسم للبسر إذا شدخ ونبذ. والزهو بفتح الزاى وسكون الهاء بعدهما واو هو البسر الذى يحمر أو يصفر قبل أن يترطب. وفى البخارى عن أنس أيضا قال (كنت قائما على الحى أسقيهم - عمومتى وأنا أصغرهم سنا - الفضيخ فقيل حرمت الخمر فقالوا أكفئها فكفأتها) وعن بكر بن عبد الله أن أنس بن مالك حدثهم (أن الخمر حرمت والخمر يومئذ البسر والتمر) غلى آخر ما جاء فى البخارى. وما أحسن ما نقله الحافظ بن حجر عن القرطبى من قوله (الأحاديث الواردة عن أنس وغيره على صحتها وكثرتها تبطل مذهب الكوفيين القائلين بأن الخمر لا يكون إلا من العنب وما كان من غيره لا يسمى خمرا ولا يتناول اسم الخمر، وهو قول مخالف للغة العرب وللسنة الصحيحة وللصحابة. لأنهم لما نزل تحريم الخمر فهموا من الأمر باجتناب الخمر تحريم كل مسكر ولم يفرقوا بين ما يتخذ من العنب وما يتخذ من غيره بل سووا بينهما وحرموا كل ما يسكر نوعه ولم بتوقفوا ولا استفصلوا ولم يشكل عليهم شىء من ذلك بل بادروا إلى إتلاف ما كان من غير عصير العنب وهم أهل اللسان وبلغتهم نزل القرآن، فلو كان من غير عصير العنب وهم أهل اللسان وبلغتهم نزل القرآن، فلو كان عندهم فيه تردد لتوقفوا عن الإراقة حتى يستكشفوا ويستفصلوا ويتحققوا التحريم لما كان تقرر عندهم من النهى عن إضاعة المال، فلما لم يفعلوا وبادروا إلى الإتلاف علمنا أنهم فهموا التحريم نصا فصار القائل بالتفريق سالكا غير سبيلهم، ثم انضاف إلى ذلك خطبة عمر بما يوافق ذلك (وهو ممن جعل الله الحق على لسانه وقلبه) وسمعه الصحابة وغيرهم فلم ينقل عن أحد منهم إنكار ذلك. وإذا ثبت أن كل ذلك يسمى خمرا لزم تحريم قليله وكثيره، وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة فى ذلك ثم ذكرها. قال وأما الأحاديث عن الصحابة التى تمسك بها المخالف فلا يصح منها شىء على ما قال عبد الله بن المبارك وأحمد وغيرهم وعلى تقدير ثبوت شىء منها فهو محمول على نقيع الزبيب أو التمر من قبل أن يدخل حد الإسكار جمعا بين الأحاديث. وقد قال أبو بكر بن العربى فى كتابه أحكام القرآن عند قوله تعالى {يسألونك عن الخمر والميسر} إن الخمر كل شراب ملذ مطرب قاله أهل المدينة وأهل مكة وتعلق أبو حنيفة بأحاديث ليس لها خطم ولا أزمة ذكرناها فى شرح الأحاديث ومسائل الخلاف فلا يلتفت إليها والصحيح ما روى الأئمة أن أنسا قال حرمت الخمر يوم حرمت وما بالمدينة خمر الأعناب إلا قليل وعامة خمرها البسر والنمر خرجه البخارى. واتفق الأئمة على رواية أن الصحابة إذ حرمت الخمر لم يكن عندهم يومئذ خمر عنب، وإنما كانوا يشربون خمر النبيذ فكسروا دنانهم وبادروا بالامتثال لاعتقادهم بأن ذلك كل خمر إلى آخر ما قال. وجملة القول أن اسم الخمر المحرمة فى الشريعة الإسلامية يتناول كل مسكر، إما على سبيل الحقيقة اللغوية أو على سبيل الحقيقة الشرعية، بأن يكون الشارع نقلها من نوع خاص من الشراب المسكر إلى مفهوم يتناول جميع أنواع الشراب المسكر. وعلى فرض أن اسم الخمر لا يطلق حقيقة على كل شراب مسكر. فالنصوص المستفيضة عن النبى صلى الله عليه وسلم فى الصحاح والسنن والمسانيد قاطعة بأنه صلى الله عليه وسلم حرم كل مسكر ولولا خشية الإطالة لذكرنا هذه النصوص. ومن شاء الاطلاع عليها فليرجع إلى كتب الأحاديث أو باب الأشربة وحد الشراب الجزء الرابع من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية فقد ذكر رحمه الله كثيرا من هذه الأحاديث، ثم قال (فمن اعتقد من العلماء أن النبيذ الذى رخص فيه يكون مسكرا يعنى من نبيذ العسل والقمح ونحو ذلك فقال يباح أن يتناول منه ما لم يسكر فقد أخطأ. وأما جماهير العلماء فعرفوا أن الذى أباحه هو الذى لا يسكر، وهذا القول هو الصحيح فى النص والقياس أما النص فالأحاديث كثيرة فيه. وأما القياس فلأن جميع الأشربة المسكرة متساوية فى كونها تسكر، والمفسدة الموجودة فى هذا موجودة فى هذا، والله تعالى لا يفرق بين المتماثلين، والتسوية بين هذا وهذا من العدل والقياس الجلى، فتبين أن كل مسكر خمر حرام. والحشيشة المسكرة حرام، ومن استحل المسكر منها فقد كفر) . وجاء فى تفسير الألوسى عند قوله تعالى {يسألونك عن الخمر والميسر} . الآية بعد كلام ما نصه (وعندى أن الحق الذى لا ينبغى العدول عنه أن الشراب المتخذ مما عدا العنب كيف كان وبأى اسم سمى متى كان بحيث يسكر من لم يتعوده حرام، وقليله ككثيرة، ويحد شاربه ويقع طلاقه ونجاسته غليظة. وفى الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن النقيع وهو نبيذ العسل فقال - كل شراب أسكر فهو حرام - وروى أبو داود - نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر - وصح - ما أسكر كثيره فقليله حرام - وفى حديث آخر - ما أسكر الفرق (مكيال يسع ستة عشر رطلا) منه فملء الكف منه حرام - والأحاديث متضافرة على ذلك) إلى آخر ما قال الألوسى (والفرق مكيال مخصوص بالمدينة) ومما ذكرنا كله يتبين جليا أن الحق أن كل مسكر حرام قليله وكثيره فى ذلك سواء. ومن هذا كانت الفتوى فى مذهب أبى حنيفة على رأى محمد القائل بذلك عن المسألة الثانية أن حد شارب الخمر، هو الجلد، ولكن الفقهاء اختلفوا فى مقداره فذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه ثمانون جلدة. وذهب الإمام الشافعى إلى أنه أربعون جلدة. وعن الإمام أحمد روايتان قال ابن قدامة فى المغنى وبهذا قال مالك والثورى وأبو حنيفة ومن تبعهم لإجماع الصحابة فإنه روى أن عمر استشار الناس فى حد الخمر فقال عبد الرحمن بن عوف اجعله كأخف الحدود ثمانين فضرب عمر ثمانين،وكتب به إلى خالد وأبى عبيدة بالشام. وروى أن عليا قال فى المشورة إنه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى فحدوه حد المفترى - روى ذلك الجرجانى والدار قطنى وغيرهما. والرواية الثانية أن الحد أربعون وهو اختيار أبى بكر - من الحنابلة ومذهب الشافعى لأن عليا جلد الوليد بن عطية أربعين ثم قال جلد النبى صلى الله عليه وسلم أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلى - رواه مسلم. وعن أنس قال - أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب الخمر فضربه بالنعال نحوا من أربعين، ثم أتى به أبو بكر فصنع مثل ذلك، ثم أتى به عمر فاستشار الناس فى الحدود. فقال ابن عوف أقل الحدود ثمانون فضربه عمر - متفق عليه - وفعل النبى صلى الله عليه وسلم حجة لا يجوز تركه بفعل غيره ولا ينعقد الإجماع على ما خالف فعل النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعلى رضى الله عنهما، فتحمل الزيادة من عمر على أنها تعزير يجوز فعلها إذا رآه الإمام) انتهت عبارة المغنى - والظاهر لنا وجاهة القول بأن الحد أربعون وللإمام أن يعزر مع إقامة الحد بما يراه أصلح هذا ومن يقيم الحد إنما هو الإمام أو من ولاه الإمام ذلك. عن المسألة الثالثة لايجوز تمكين غير المسلمين من بيع الخمور ظاهرا فى أمصار المسلمين، لان إظهار بيع الخمر إظهار للفسق فيمنعون من ذلك. نعم لهم أن يبيعوا الخمر بعضهم لبعض سرا. وعلى الجملة لا يجوز الاتجار بالخمر فى أمصار المسلمين على رؤوس الأشهاد. كما يؤخذ هذا من البدائع صفحة 113 من الجزء السابع ومن فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية فى باب الأشربة من الجزء الرابع. عن المسألة الرابعة إن من أوجب الواجبات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وذلك ثابت بالكتاب الكريم والسنة، قال الله تعالى {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} آل عمران 104، وقال تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} المائدة 2، ومعنى التعاون على البر والتقوى الحث عليهما وتسهيل طرق الخير وسد سبل الشر والعدوان بحسب الإمكان. وقد روى مسلم عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) وروى الترمذى عن حذيفة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (والذى نفسى بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر. أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه) إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث المتضافرة على وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وقد فصل العلماء شروط الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وبينوا حدود ذلك. وأحسن من كتب فى هذا الموضوع على ما رأينا هو حجة الإسلام الغزالى فى الجزء الثانى من كتاب إحياء علوم الدين، فقد أطال رحمه الله تعالى القول فى ذلك وشرح هذا الموضوع شرحا وافيا والذى يهمنا فى الإجابة عن هذا السؤال هو ما ذكره من أنه إذا كانت المعصية راهنة وصاحبها مباشر لها كلبسه الحرير وإمساكه العود والخمر فإبطال هذه المعصية واجب بكل ما يمكن مالم يؤد إلى معصية أفحش منها أو مثلها وذلك يثبت للآحاد والرعية) فهذا صريح فى أن النهى عن المنكر إنما يكون إذا لم يترتب على هذا النهى منكر أعظم من هذا المنكر ومفسدة أشد من مفسدة فعل المنكر. وهذا هو الذى ينبغى ألا يكون فيه خلاف. وقد قال المحقق ابن القيم فى أعلام الموقعين من الجزء الثالث فى مبحث تغير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد - بعد كلام مانصه (فإنكار المنكر أربع درجات الأولى أن يزول ويخلفه ضده. الثانية أن يقل وإن لم يزل بجملته. الثالث أن يخلفه ماهو مثله. الرابعة أن يخلفه ماهو شر منه. وحينئذ لا يجوز الأمر بالمعروف ولا النهى عن المنكر إذا ترتب على ذلك مفسدة أشد وشر أعظم من ترك المعروف وفعل المنكر. ومن هذا يعلم أنه إذا كان المسلم الذى ساءه الاستهتار بالدين إذ رأى الحانات تفتح أمام المساجد إلى آخره دعا المسلمين إلى العمل على إغلاق هذه الحانات بطريقة لا يترتب عليها شر أعظم ولا فتنة أكبر بأن دعاهم إلى مطالبة أولى الأمر بمنع فتح هذه الحانات والانجار بالخمر ومنع سائر المنكرات التى فشت فى الأمة فأماتت القلوب وأفسدت على العقول إدراكها فأصبح كثير من الناس يستحسنون القبيح ويستقبحون الحسن، وفقدت منهم قوة التمييز بين الخير والشر والنافع والضار والحسن والقبيح كان هذا المسلم ومن يقوم معه قد أدوا ماهو واجب على حسب استطاعتهم. أما إذا قاموا بأنفسهم بإزالة هذا المنكر وتغييره بأيديهم وكان هذا مما يترتب عليه فتنة وشر للأمة أعظم من الاتجار بالخمر فذلك مما لا يجوز فعله، بل هو محظور لما يترتب عليه من المفاسد والمضار كما قدمنا. هذا وقد ذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن تغيير المنكر باليد إنما هو على الأمراء والحكام، والتغيير باللسان على العلماء، والتغيير بالقلب على العوام ذهابا منه إلى أن التغيير باليد يعتمد القدرة وأنه لا قدرة لغير الأمراء والحكام. ولكن حديث (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده. إلى آخره) نص كما قال العلامة البركوى فى كون الوجوب على هذا الترتيب على كل شخص، وهو قول أكثر العلماء وهو المختار للفتوى. غير أن الأمر مقيد كما قلنا سابقا بما إذا لم يترتب على ذلك شر أعظم ومفسدة أكبر وخلاصة القول أن الشريعة الإسلامية كما قال المحقق ابن القيم - مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد فى المعاش والمعاد، وهى عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها. فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة. فإذا أمرت بشىء فإنما تأمر به لما فيه من المصلحة الراجحة، وإذا نهت عنه فإنما تنهى عنه لما به من المفسدة الراجحة. فعلى المسلم حينئذ أن يتبع قواعد دينه، فيكون حكيما فى دعوته إلى الله، وفى أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر. هذا ما ظهر لنا والله سبحانه وتعالى أعلم (7/368) ________________________________________ ميراث المرتد
المفتي حسنين محمد مخلوف. جمادى الأولى 1366 هجرية 26 مارس سنة 1947م
المبادئ 1- مال المرتد الذى مات على ردته يكون فيئا فى بيت مال المسلمين وهذا عند الإمام أحمد بن حنبل، وقيل يكون لورثته المسلمين. وهو مروى عن أبى بكر الصديق وآخرين. 2- فى مذهب الحنفية الجارى عليه العمل اتفق الإمام وصاحباه على توريث المسلم من المرتد فيما تملكه قبل درته. واختلفوا فيما تملكه وهو مرتد الصاحبان على أنه يكون ميراثا لورثنه المسلمين، والإمام على أنه يكون فيئا فى بيت مال المسلمين
السؤال من عبد الحميد حسن قال ما مصر مال المرتد الذى كسبه قبل اعتناقه الإسلام هل يرثه فيه ورثته الذين من دينه الأصلى أو المسلمين منهم أو أنه يعود إلى بيت المال وذلك بالنسبة لشخص كان مسيحيا ثم اعتنق الإسلام ثم ارتد إلى المسيحية وبقى عليها حتى مات
الجواب إن المرتد إذا مات على ردته فعند الإمام أحمد بن حنبل كما فى المغنى لابن قدامة يكون ماله فيئا فى بيت مال المسلمين، وهو قول ابن عباس وربيعة ومالك وابن أبى ليلى والشافعى وأبى ثور وابن المنذر وهو المشهور عنه. لقول النبى عليه السلام (لا يرث المسلم الكافر ولا الكفر المسلم) وقوله (لا يتوارث أهل ملتين شتى) ولأنه كافر فلا يرث المسلم كالكافر الأصلى، ولأن ماله مال مرتد فأشبه الذى كسبه فى ردته، ولا يمكن جعله لأهل دينه لأنه لا يرثهم فلا يرثونه كغيرهم من أهل الأديان ولأنه يخالفهم فى حكمهم، فإنه لا يقر على ما انتقل إليه ولا يؤكل له ذبيحة ولا يحل نكاحه إن كان امرأة، فأشبه الحربى مع الذمى. وقيل إنه يكون لورثته المسلمين. وهو مروى عن أبى بكر الصديق وعلى وابن مسعود وبه قال بن المسيب وجابر بن زيد والحسن وعمر بن عبد العزيز وعطاء والشعبى والأوزاعى والثورى وابن شبرمة وأهل العراق وإسحق. وعلة هذا القول أن ردته ينتقل بها ماله فوجب أن ينتقل لورثته المسلمين، كما لو انتقل بالموت، والمشهور هو القول الأول أما مذهب الحنفية الجارى عليه العمل فى الديار المصرية فقد اتفق الإمام وصاحباه على توريث المسلم من المرتد فيما تملكه قبل ردته غير أنهم اختلفوا فيما تملكه وهو مرتد - فذهب الصاحبان إلى أنه يكون ميراثا لورثته المسلمين أيضا، وذهب الإمام إلى أنهم لا يرثونه فيه بل يكون هذا المال فيئا فى بيت مال المسلمين. وعلى هذا يكون جميع ماتملكه هذا المرتد قبل ردته لورثة المسلمين. والله أعلم (7/369) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 9:22 pm | |
| الشريعة الإسلامية بها ما يحقق العدالة الاجتماعية
المفتي حسنين محمد مخلوف. جمادى الأولى سنة 1367 هجرية - 3 ابريل سنة 1948 م
المبادئ 1- فى الشريعة الإسلامية ما يكفل تحقيق العدالة الاجتماعية بأوسع معانيها للأفراد والجماعات. 2- الفرد فى الشريعة الإسلامية قوام الجماعة، والجماعة فيها عضد للفرد وظهير له فى أداء رسالته والتمتع بحقوقه. 3- فى كتاب الله ما يهدى إلى الحق وإلى الطريق المستقيم فى كل ما يمس شئون الحياة. 4- الإسلام يبيح الملكية المطلقة للأفراد ويوجب بجانب ذلك على الأغنياء حقوقا للفقراء يؤدونها إليهم، كما يوجب على الفرد العمل كى لا يكون عالة على غيره، ولتقوى الأمة بالعمل والإنتاج. 5- لا يسوغ لمسلم الأخذ بغير هدى الإسلام فيما شرعه من الأحكام كما لا يسوغ له دعوة الناس إلى غير ما دعا إليه الإسلام من الحق ونوره. 6- لا يوجد فى الشريعة الإسلامية ما يحول بين المرء والتملك، وليس فيها ما يسوغ تسمية الملاك بالمحتكرين مهما اتسعت ثورتهم. 7- العمل على هدم الثروات باعتبارها ضرب من الاحتكار يأباه الإسلام الذى يحترم حق الملكية ويحميها. 8- لم تحدد الشريعة الإسلامية حدا لا يتجاوزه المالك، ولم تلزم أحدا بالنزول عن ملكه مجانا أو بثمن. 9- استغلال الأراضي الزراعية بالتأجير فقط أو مزارعة مشروع متى خلا العقد من الجهالة والغرر والشروط المبطلة له
السؤال طلبت منا وزارة الداخلية بكتابها المؤرخ فى 9 مارس سنة 1948 بيان الحكم الشرعى فيما تضمنه المنشور الذى وضعته إحدى الهيئات بالمملكة المصرية بعنوان مشاكلنا الداخلية فى ضوء النظام الإسلامى من أن الإسلام يرفض أن توجد طبقة تحتكر الثروة وفى مقدمة ما عنى به من الناحية الاقتصادية توزيع الملكيات الزراعية، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد وضع العلاج الناجع لما تعانيه مصر الآن من التباين الشاسع فى توزيع هذه الملكيات. فقال من كان له أرض واسعة فيزرعها أو يمنحها أخاه ولا يؤاجرها إياه ولا يكريها وأن مؤدى ذلك أن الملكية الفردية يجب أن تكون محدودة بطاقة الإنسان على زرع أرضه، وما زاد عن ذلك يجب أن يوزع على المعدمين، فلا استغلال بالايجار بل لا تأجير مطلقا، وكذلك عمر بن الخطاب حينما فتح المسلمون أرض سواد العراق وأرادوا قسمة أربعة أخماسها بين الفاتحين أبى عليهم ذلك وقال ما يفتح بلد فيكون فيه كبير نيل حتى يأتى المسلمون من بعدهم فيجدوا الأرض قد قسمت وحيزت وورثت عن الآباء وتضيع الذرية والأرامل. وانتهى المنشور إلى القول بأن الإسلام يحارب الإقطاعات الشائعة اليوم فى النظام الرأسمالى الذى يبيح الملكية المطلقة، كما يحارب الشيوعية اللادينية التى تنادى بأن تكون الأرض ملكا للدولة فينهار بذلك ركن من أركان الاقتصاد السليم فضلا عن تجاهل المبدأ الغريزى فى الإنسان وهو حب التملك، وأن الحل الوسط بين الرأسمالية والشيوعية هو أن يتملك الإنسان بقدر طاقته الزراعية وما زاد عن ذلك يجب أن يعطيه ليغيره من المعدمين مجانا. ذلك ما زعموا أنه حل لهذه المعضلة فى ضوء النظام الإسلامى
الجواب والحق الذى لا مرية فيه أن فى الشريعة الإسلامية ما يكفل تحقيق العدالة الاجتماعية بأوسع معانيها بالنسبة للأفراد والجماعات، فقد اعتبرت الفرد قواما للجماعة وسنت له النظم الصالحة لحياته فى نفسه وباعتباره عضوا فى أسرته وفى عشيرته وفى أمته وفى المجتمع الإنسانى عامة ليكون لبنة متينة فى بنائه وعضوا قويا فى كيانه. كما اعتبرت الجماعة عضدا للفرد وظهيرا له فى أداء رسالته والتمتع بحقوقه والقيام بواجباته. ووثقت الصلة بين الفرد والجماعة بالتكافل فى كثير من الحقوق والواجبات، ولم تدع شأنا من شئون الفرد والجماعة إلا أنارت فيه السبيل وأوضحت النهج وكشفت عما فيه من صلاح وفساد وخير وشر، فكانت لذلك خاتمة الشرائع وأبقاها على الدهر وأصلحها لكل أمة وزمان، قررت أسمى المبادئ وأعدل النظم فى الاجتماع والسياسة الثقافة والاقتصاد وما إلى ذلك مما يكفل للأمة إذا هى استمسكت بها واعتصمت بهديها القوة والسلطان والحياة المشرقة الرافهة التى يسودها التعاون على البر والخير ويظلها الأمن والسلام. وهذا كتاب الله الذى أنزله على صفوة خلقه بين أيدينا نطالع فيه ما يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم فى كل ما يمس شئون الحياة. ونجد فيه العلاج الشافى لكل نازلة والحل الموفق لكل معضلة مما فيه كل الغنى عما سواه من مذاهب وآراء استحدثها الغرباء عنه وأولع بها بعض الدخلاء فيه أو الجهلاء بمقاصده ومراميه. وهل يستوى تشريع إلهى حكيم أنزل الله على رسوله لمصالح عباده وهو العليم الخبير بما يصلح لهم ويسعد حالهم ومذاهب وآراء يصنعها آحاد الناس كتشريع ونظام عام على مايظنون ويتخيلون. وهل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون. وما هذه الثورات الفكرية والاضطرابات الدولية والدماء المراقة والأموال المستنزفة والمدن المهدمة والمدنيات المنهارة والحضارات المحتضرة والوشائج المقطعة إلا نتائج لتلك المذاهب والآراء المستحدثة التى لا يقرها الإسلام فى سياسة الشعوب ونظام الاجتماع والعمران ويقرر فى ضوء الحق والواقع ما فيها من هدم وإفساد ولسنا نطمع فى أن يكون الناس أمة واحدة ولكنا ندعو أم الأرض على اختلاف العقائد والنحل وفيهم الفلاسفة والعباقرة ودعاة الأمن والإصلاح أن يدرسوا مبادئ الإسلام وتعاليمه فى القرآن الكريم والسنة الصحيحة دراسة العالم المدقق والمفكر الحر ليعلموا أنها وحدها هى النظام المثالى للاجتماع والحضارة والعدل والسلام وأنه لا منجى للعالم مما حاق به إلا بالأخذ بها العيش فى ظلالها. اندفعت أمم من الغرب بدافع الجشع والطمع وعبادة المال إلى استعمار البلاد الشاسعة واستعباد الأمم الضعيفة واستغلال مواردها واحتكار مرافقها ولبست لذلك مسوح الرهبان خداعا للشعوب وتغريرا بالعقول، فمرة تزعم أنها إنما أقدمت على ذلك لترقيها وترفع مستواها وتسعد أهلها اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا، ومرة تزعم أنها إنما تبسط يدها عليها وتتحكم فى مواردها وخيراتها لتنقذ الطبقة الدنيا من مخالب الرأسمالية وهى فى كل هذه المظاهر الكاذبة مخادعة مرائية لا تبغى إلا السيادة والغلب واحتكار الأمم الضعيفة والشعوب المفككة كما تحتكر الأمتعة والسلع. وأى فرق بين ما تنعاه على الأثرياء من احتكار الثروات العقارية وبين ما تهالكت عليه وبذلك فى سبيله المهج والأموال من إخضاع الشعوب لسلطانها وبسط يدها فى جميع مرافقها قهرا عنها وإرغاما لها. أليس ذلك احتكارا لملكية الشعوب بأسرها نفوسا وأموالا بل هو أبشع صور الاحتكار وأفحش أساليبه. ليس لنا وراية الإسلام تظلنا وتعاليمه ترشدنا أن ننخدع بهذه البروق الخالية ونذعن لتلك الدعايات الهادمة وندع ماشرعه الله لنا من النظم الحكمية المالية والاجتماعية بل ذلك حقيق أن يوقظ دول الإسلام وينبه منها الشعور لما يراد بها ويدبر لها من كيد وإذلال، وأن يحفزها لجمع الكلمة والتئام الصفوف وتضافر القوى للدفع فى صدور هذه الدول الطامعة التى لا تبغى من وراء دعايتها إلا الهدم والتدمير. ومما احتالوا به لاذكاء نار الفتنة فى نفوس طبقات العمال وأشباههم من الشعوب وهم الكثرة الغالبة إظهار التحنن لهم والحدب عليهم بدعوى وجوب محو الملكيات العقارية بتاتا أو وجوب تقصير مداها إلى حد الكفاف (على النحو الذى عالج به المنشور توزيع الثروة العقارية بين الأفراد) بزعم أنه علاج إسلامى. أما الإسلام الحنيف فقد ساير سنن الوجود وطبيعة العمران وقرر أسمى المبادئ فى نظام الملكية فأباح الملكية المطلقة للأفراد وأوجب بجانب ذلك على الأغنياء فى أموالهم حقوقا يؤدونها للفقراء والمساكين وذوى الحاجة سدا لخلتهم وينفقون منها فى المصالح العامة التى تعود بالخير على المجتمع وفى آيات القرآن والأحاديث النبوية من الحث على أداء هذه الحقوق والترهيب من الإخلال بها، والترغيب فى التصدق والإنفاق والبر والمواساة ما لو ابتعه المسلمون كانوا أسعد الأمم حالا وأهناها بالا وأبعدها عما نراه من المآثم والشرور أوجب الزكاة فى الأموال تؤخذ من الأغنياء وترد على الفقراء وهى الركن المالى فى دعائم الإسلام، وأمر بالبر والاحسان لذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل. وقال تعالى {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} آل عمران 92، وضاعف مثوبة الصدقات فقال تعالى {مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم} البقرة 261، وحث على صدقة السر فقال تعالى {إن تبدوا الصدقات فنعما هى وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير} البقرة 271، إلى غير ذلك من الآيات التى عدلت الأغنياء بالفقراء وأسعدت الفقير بحظ من ثمرات ملكية الغنى يسد خلته ويكفى حاجته، وبجانب ذلك حث القرآن فى كثير من الآيات على العمل والكسب، ونهت السنة عن البطالة وإراقة ماء الوجه بالسؤال والاستجداء كيلا يتكل الفقراء على الأغنياء ويعيشوا عليهم عالة يتكففونهم وفى ظلال هذه التعاليم التى يكمل بعضها بعضا يعيش العامل والفقير والغنى عيشة راضية مطمئنة لا يشوبها كدر ولا ينغصها ألم. احترم الإسلام حق الملكية فأباح لكل فرد أن يتملك بالأسباب المشروعة مايشاء من المنقولات والعقارات وأباح له استثمارها والانتفاع بها فى نطاق الحدود التى رسمها وخوله حق الدفاع عنها كالدفاع عن النفس والعرض ولو بقتل الصائل عليها وأوجب عليه صيانتها ونهاه عن إضاعتها وصرفها فى غير المشروع من وجوهما استكمالا لوسائل العمران. وفى الحديث (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) وفى حديث آخر. (من قتل دون ماله فهو شهيد) وقد أضاف القرآن الأموال إلى أصحابها إضافة التملك فقال تعالى {وفى أموالهم حق للسائل والمحروم} الذاريات 19، وقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما. ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا} النساء 29، 30، وشرع الإسلام أسباب ملكية الأعيان والمنافع وطرائق انتقالها من مالك إلى آخر، أقام للتعامل بين الناس نظما وحدودا تكفل صيانة حق الملكية، وتمكن المالك من استيفاء حقه والانتفاع بثمرة ملكه، وتخول المستأجر الانتفاع بملك غيره، وحرم من وسائل التعامل ما يقضى إلى التهارج والتقاتل كالربا فى صورة المختلفة والعقود التى فيها جهالة وغرر ومخاطرة، وحرم الغصب والسرقة وأكل أموال الناس بالباطل وسن الحدود والعقوبات جزاء لمن ينتهك حرمة الملكية ويتعدى حدودها المشروعة قال تعالى {ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون} البقرة 229، بل نهى سبحانه عن أدنى أنواع التعرض للأموال، وهو تنمى زوالها عن الغير فقال تعالى {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شىء عليما} النساء 32، للارشاد إلى أن التفاضل فى المال لا يسوغ العدوان عليه ولو بالتمنى المذموم، فإن ذلك قسمة صادرة من الحكيم الخبير، وعلى العبد أن يرضى بما قسم الله له ولا يتمنى حظ المفضل حسدا وحقدا بل يسأل الله من واسع فضله وجزيل إنعامه، فإن خزائن ملكه لا تنفد قال تعالى {أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون} الزمر 52، وقال تعالى {ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون} الأحقاف 19، أقام الشارع هذه النظم الحكيمة الآخذ بعضها برقاب بعض صيانة للمجتمع من الفوضى والفساد ورعاية لمصالح العباد وهو أعلم بها، ولم يترك الأمر سدى تعبث به الأهواء ويضل الناس فيه السبيل، فانزل القرآن الكريم هدى ونورا، وجاءت السنة النبوية بيانا له وتنويرا، وجاء فيهما من التعاليم ما إن تمسك به المسلمون كانوا على بينة من دينهم وعلى هدى من أمرهم، وكانت السعادة ملاك إيمانهم، وليس بعد الحق إلا الضلال، فليس لمسلم أن يأخذ بغير هدى الإسلام فيما شرعه من الأحكام، ولا أن يدعو الناس إلى غير ما دعا إليه من الحق والنور. هذه كلمة الإسلام فى احترام حق الملكية الفردية للعقار وصيانته من العدوان وهو حق تقتضيه سنة العمران وغريزة الإنسان، غير أن بعض العقول قد غشيها فى هذا العصر غواش من الظلم حجبت عنها نور الحق فارتطمت فى عميائها بالصخور وتردت فى المهاوى. وتلقفها فى إبان هذه العمايا وغمرة هاتيك الحيرة شياطين من الإنس يوحون إليهم زخرف القول غرورا ويمنونهم بباطل الأماني وكاذب الأحلام فذهب دعاة هدامون إلى إهدار ملكية العقار الفردية، وأقاموا نظامهم الاقتصادى والاجتماعى على هذا المبدأ - وسيعلمون بعد حين أنه غير صالح للبقاء وأنه وأن امتد به الزمن حينا فسيقضى عليه بالفناء وقال آخرون إن الإسلام يرفض وجود طبقة تحتكر الثروة، وإنه حق لو كان هناك احتكار، ولكنه فى الواقع حديث عن وهم وخيال، فليس هناك طبقة تحول بقوتها بين الناس وأسباب الغنى والثراء وتمنعهم بحولها من التملك والشراء وليس هناك احتكار من أحد للثروة بالمعنى المفهوم من الاحتكار، بل هناك نواميس طبيعية وسنن اجتماعية قضت بتفاوت الناس فى القوى والمدارك والعمل والإنتاج فكن منهم طوائف العمال والصناع والزراع وفيهم الجهال والعلماء والإنتاج، فكان منهم طوائف العمال والصناع والزراع وفيهم الجهال والعلماء والأغبياء والأذكياء والكسالى والمجدون، والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق يبسط لمن يشاء ويقدر، ولهذا التفاوت آثاره الطبيعية فى الكسب والتملك، كما قضت هذه السنن بخضوع التعامل بين الناس لقاعدة العرض والطلب والحاجة والاستغناء، ولم يشذ عنها التعامل فى العقار فلا يزال فى ظلها حرا فى الأسواق يتبادله من الأفراد من يشاء بالبيع والشراء لا حظر من أحد على أحد، وليس وجود طبقة عاجزة عن التملك بطريق الشراء مما يسوغ حسبان القادرين عليه محتكرين مادام مرد الأمر فيه إلى عوامل أخرى ليس بينها حجر فريق على حرية فريق. وقد ترك الإسلام الحنيف الناس أحرارا فى التعامل بالبيع والشراء ولم يقيدهم فى ذلك إلا بما يكفل صحة العقود ويدفع التنازع والتخاصم وأكل الأموال بالباطل. وليس فى أحكامه ما يحول بين المرء والتملك، وما يسوغ تسمية الملاك محتكرين مهما اتسعت ثروتهم بل العمل على هدم هذه الثروات بزعم أنها ضرب من الاحتكار مما يأباه الإسلام الذى يقدس حق الملكية ويحرم العدوان عليه. قالوا إن الإسلام يوجب أن تكون الملكية الفردية محدودة بطاقة الإنسان، ومازاد عن طاقته الزراعية يجب أن يعطى منحة للمعدمين بالمجان، ولا يجوز أن يستغل المالك أرضه بالتأجير بصوره المختلفة، والعجب أن يشرعوا للناس مالم يشرعه الله ويوجبوا عليهم مالم يوجبه، فمن البدهى أن الشريعة الإسلامية لم تحدد للملكية الفردية حدا لا يتجاوزه المالك، ولم توجب عليه أن ينزل عما زاد عن طاقته الزراعية للمعدمين بالمجان ولا لغير المعدمين بالثمن وقد كن من الصحابة رضوان الله عليهم من يملك الثروات الطائلة كعبد الرحمن بن عوف أحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد أصحاب الشورى فى الخلافة وكان بجانب هؤلاء الجم الغفير ممن لا يملك شروى نقير كأهل الصفة وأشباههم وكان فى الأنصار كثير من أهل المزارع الواسعة ولم يوجب الرسول على أحد ممن تضخمت ثرواتهم بجهودهم أن يوزع ما زاد عن طاقته الزراعية على المعدمين لا من العقار ولا من المنقول. نعم آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صدر الإسلام حين قدم المدينة بين المهاجرين والأنصار فى دار أنس بن مالك وكانوا تسعين رجلا نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار. آخى بينهم على المواساة والبر والتوارث بعد الموت دون ذوى الأرحام إلى أن نزل قوله تعالى {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله} الأحزاب 6، فنسخ التوارث بعقد الأخوة وبقى التوارث بالقرابة. أما المواساة والترافق بين المؤمنين عامة فأمر مندوب إليه مرغوب فيه، وفيما تلونا من آيات القرآن من الحث عليه وعلى معونة الفقراء والمحتاجين بلاغ للناس، ولكن هذا شىء ووجوب التنازل عن الملك شىء آخر. ولا واجب فى الدين إلا ما أوجبه الشارع الحكيم وقد أجازت الشريعة لمالك الأرض أن يتصرف فيها كيف يشاء فله أن يزرعها كلها أو بعضها بنفسه وله أن يؤجرها لغيره بطريق المزارعة أو بالنقد بلا تحديد بالطاقة وعيش الكفاف وله أن يمنحها أو يمنح منها للغير غنيا أو فقيرا. الاستغلال بطريق المزارعة فأما الاستغلال بالمزارعة وهى نوع نم التأجير مشروع فأصله أن أهل المدينة كانوا أكثر الناس حقولا ومزارع، وكانوا فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغلون الأرض بطريق المزارعة وتسمى أيضا المخابرة (مشتقة من الخبير وهو الفلاح وهى عقد بين المالك والعامل على كراء الأرض ببعض ما يخرج منها فتارة كانوا يحددون نصيب المالك بالشطر أو الثلث أو الربع، وتارة يحددونه بما ينبت على حافة الأنهر أو الجداول أو أن له ثمرة قطعة معينة من الأرض وللعامل ثمرة قطعة أخرى ونحو ذلك مما من شأنه أن يفضى إلى التنازع والتشاحن وأكل الأموال بالباطل لما فيه من الجهالة والغرر. وتارة يجمعون بين التحديدين. فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النوعين الأخيرين من الكراء لما فيهما من المخاطرة المفضية إلى النزاع. وعن حنظلة بن قيس الأنصارى قال سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والفضة فقال لابأس به إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. بما على الماذيانات (لفظة معربة معناها حافة النهر ومسايل الماء) وإقبال الجداول (رءوس - الأنهر الصغيرة) وأشياء من الزرع فيلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا، ويهلك هذا. ولم يكن للناس كراء إلا هذا فلذلك زجر عنه. فأما شىء معلوم مضمون فلا بأس به رواه مسلم وأبو داود والنسائى. وفى رواية عن رافع قال حدثنى عماى أنهما كانا يكتريان الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ينبت على الأربعاء (جمع ربيع وهو النهر الصغير) وبشىء يستثنيه صاحب الأرض فنهى النبى عن ذلك (رواه البخارى وأحمد والنسائى) وفى رواية عنه. كنا أكثر أهل المدينة مزدرعا كنا نكرى الأرض بالناحية منها تسمى لسيد الأرض فمما يصاب ذلك وتسلم الأرض ومما تصاب ويسلم ذلك فنهينا. فأما الذهب والورق (الفضة) فلم يكن يومئذ (رواه البخارى) وفى رواية عنه. كنا أكثر الأنصار حقلا فكنا نكترى الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك فأما الورق فلم ينهنا (أخرجه البخارى ومسلم) وعن أسيد بن ظهير كان أحدنا إذا استغنى عن أرضه أو افتقر إليه أعطاها بالنصف والثلث والربع، ويشترط ثلاث جداول والقصارة (بضم القاف وهى الحب فى السنبل بعد ما يداس) وما يسقى الربيع، وكان يعمل فيها عملا شديدا ويصيب منها منفعة. فأتانا رافع بن خديج فقال نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن أمر كان بكم رافقا وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم خير لكم نهاكم عن الحقل (الزرع) رواه أحمد وابن ماجة. فهذه الروايات صريحة فى أنه عليه السلام إنما نهى عن كراء الأرض ببعض ما يخرج منها إذا اشتملت على ما يؤدى إلى المخاطرة والغرر من مثل هذه الشروط الفاسدة، فأما إذا خلت منها فيجوز كراؤها به مثل كرائها على النصف أو الربع مما يخرج منها، وهذا هو الذى فهمه ابن عمر حيث رد على رافع فى قوله (نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن كراء المزارع، بقوله (قد علمت أنا كنا نكرى مزارع، بقوله (قد علمت أنا كنا نكرى مزارعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما على الأربعاء وشىء من التبن) أخرجه فى الصحيح. وحاصل رده كما ذكره القسطلانى. أنه ينكر على رافع إطلاقه فى النهى عن كراء الأرض ويقول إن الذى نهى عنه النبى صلى الله عليه وسلم هو الذى كانوا يدخلون فيه الشرط الفاسد، وهو أنهم يشترطون ما على الأربعاء وطائفة من التبن وهو مجهول وقد يسلم هذا ويصيب غيره آفة أو بالعكس فتقع المزارعة ويبقى الزارع أو رب الأرض بلا شىء. وهو ما فهمه أيضا ابن عباس رضى الله عنهما حيث قال كما فى الصحيح أنه عليه السلام لم ينه عنه. أى عن كراء الأرض بشطر ما يخرج منها ولكن قال (لأن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ شيئا معلوما) . قال الخطابى وقد عقل ابن عباس المعنى من الخبر وأن ليس المراد به تحريم المزارعة بشطر ما يخرج من الأرض وإنما أراد بذلك أن يتمانحوا أراضيهم وأن يرفق بعضهم ببعض - وقد ذكر رافع فى رواية عنه فى هذا الباب (باب المزارعة) النوع الذى حرم منه والعلة التى من أجلها نهى عنها. وذلك قوله كان الناس يؤاجرون الخ. فأفاد أن المنهى عه هو المجهول منه دون المعلوم، وأنه كان من عاداتهم أن يشترطوا فيها الشروط الفاسدة، وأن يستثنوا من الزرع لرب الأرض ما على السواقى والجداول والمزارعة، وحصة الشريك لا يجوز أن تكون مجهولة، وقد يسلم ما فى السواقى والجداول ويهلك سائر الزرع فيبقى العامل لاشىء له وهذا خطر - ملخصا -. وقال الليث ابن سعد وكان الذى نهى عنه من ذلك مالو نظر فيه ذوو الفهم بالحلال والحرام لم يجيزوه لما ففيه من المخاطرة. وهو ما وافق عليه الجمهور من حمل النهى عن كراء الأرض بما يخرج منها على الوجه المفضى إلى الغرر والجهالة - قال فى الفتح ونيل الأوطار - وعليه تحمل الأحاديث المطلقة الواردة فى النهى عن المزارعة والمخابرة كما هو الشأن حمل المطلق على المقيد. وفى منتقى الأخبار. أن حديث حنظلة بن قيس بيان لما أجمل فى المتفق عليه من إطلاق النهى عن كراء الأرض. وممن حمل النهى على ذلك وأجاز كراء الأرض يجزء مما يخرج منها كالنصف والثلث والربع دون أن يقارنه شرط مفسد للعقد الخلفاء الراشدون وابن عمر وابن عباس وابن مسعود وسعد بن مالك وحذيفة ومعاذ بن جبل وأسامة وخباب وعمار بن ياسر. وهو قول ابن المسيب وطاووس وابن أبى ليلى والأوزاعى والثورى والقاضى أبى يوسف ومحمد بن الحسن وابن المنذر واحم بن حنبل استنادا لما ثبت فى الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم عامل يهود خيبر بعد أن ظهر عليهم على أن يزرعوا له أرضها ولهم نصف ما تخره من ثمر أو زرع، واستمر اليهود على ذلك إلى صدر من خلافة عمر حتى أجلاه عنها إلى تيماء وأريحاء - وعن أبى جعفر قال بالمدينة أهل بيت هجرة ألا يزرعون على الثلث والربع - وزارع عمر وعلى وسعد بن مالك وابن مسعود ومعاذ وعمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وكثير غيرهم- وقال ابن القيم فى زاد المعاد فى قصة خيبر دليل على جواز المساقاة والمزارعة بجزء من الغلة من ثمر أو زرع فإن النبى صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر على ذلك واستمر إلى حين وفاته ولم ينسخ البتة ودرج عليه الخلفاء الراشدون. وجملة القول أنه يجوز استغلال الأرض بكرائها يجزء من الخارج منها على الوجه الذى لا يفضى إلى المنازعة والتخاصم، وهو قول الجمهور، والقول المفتى به عند الحنفية، والمختار عند الشافعية كما ذكره النووى خلافا لما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك والشافعى من عدم جواز كرائها به استنادا إلى أحاديث النهى المطلقة، وقد علمت أنها محمولة على ما فيه شروط مفسدة. على أنه قد روى عن زيد بن ثابت أنه قال يغفر الله لرافع أنا والله أعلم بالحديث منه إنما أتى النبى عليه السلام رجلان من الأنصار قد اقتتلا فقال إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع. ومقصوده كما فى سبل السلام أن رافعا اقتطع الحديث فروى النهى ولم يروا أوله فأخل بالمقصود. استغلال الأرض بالايجار ونعنى به تأجيرها بالذهب أو الفضة أو بما جرى به التعامل من النقود والأوراق المالية ولا شك فى جوازه، ويقاس على ما ذكر التأجير بغيره من سائر الأشياء المعلومة المتقومة كما (فى سبل السلام ونيل الأوطار) ويدل عليه حديث حنظلة بن قيس السابق. قال ابن عباس إن أمثل ما انتم صانعون أن تستأجروا الأرض البيضاء من السنة إلى السنة (رواه البخارى) وعن سعد بن أبى وقاص إن أصحاب المزارع فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم كانوا يكرون مزارعهم بما يكون على السواقى وما سعد بالماء (ما جاء من الماء من غير طلب) مما حول النبت فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختصموا فى بعض ذلك فنهاهم أن يكروا بذلك، وقال اكروا بالذهب والفضة (رواه أحمد وأبو داود والنسائى) وقال ابن المنذر إن الصحابة أجمعوا على جواز كراء الأرض بالذهب والفضة. ونقل ابن بطال اتفاق فقهاء الأمصار عليه. وقد تبين من ذلك أنه يجوز استغلال الأرض المملوكة بطريق المزراعة المستوفية شرائط الصحة وهى نوع من التأجير، وبطريق التأجير بالنقد وما يقاس عليه، ولا شك أن هذا رفقا عظيما بالناس. فإن الملاك قد يعجزون عن العمل بأنفسهم فلا يستطيعون الانتفاع بأرضهم إلا بتأجيرها للغير، والمستأجرون قد لا يملكون الأرض مع استطاعة الزراعة فلا يتيسر عيشهم إلا بالاستئجار من الملاك فرعاية للمصلحتين أجازت الشريعة استغلال الأرض بهاتين الطريقتين وكثيرا ما كن حظ المستأجر أوفر من حظ المالك، وخاصة إذا اتقى الله فى عمله وعزم على وفاء دينه وإعطاء المالك حقه فإن الله يعينه ويريحه ويبارك له فى رزقه فالقول بأنه لا استغلال بالإيجار للأرض المملوكة بل لا تأجير مطلقا قول زائف لا يعول عليه، ولا يلتفت إليه من الوجهة الشرعية والعملية الحديث الذى رووه رواياته ومعناه عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له أرض فليزرعها أو ليحرثها أخاه فان أبى فليمسك أرضه. أخرجه البخارى ومسلم وأصل هذا الحديث ما رواه جابر رضى الله عنه قال كنا نخابر على عهد رسول الله فنصيب من القصرى (القصرى كبشرى بقية الحب فى السنبل بعد الدياس) ومن كذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له أرض فليزرعها أو فليحرثها أخاه وإلا فليدعها. رواه مسلم وأحمد وفى رواية عنه كنا فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم نأخذ الأرض بالثلث أو الربع بالماذيانات فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذلك فقال. من كانت له أرض فليزرعها فان لم يزرعها فليمنحها أخاه، فإن لم يمنحها أخاه فليمسكها وما رواه رافع بن خديج عن عمه ظهير بن رافع قال ظهير لقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان بنا رافقا. قلت ما قال رسول الله فهو حق قال دعانى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما تصنعون بمحافلكم قلت نؤاجرها على الربيع (يشترطون لأنفسهم ما ينبت على النهر وعلى الأوثق من الثمر والشعير قال عليه السلام لا تفعلوا ازرعوها أو امسكوها. قال رافع قلت سمعا وطاعة رواه مسلم. وهذه الروايات يفسر بعضها بعضا وتدل على أنه عليه السلام لما وجدهم فى المدينة يكرون الأرض بعقود مزارعة تشتمل على شروط فاسدة نهاهم عنها فضائها إلى التنازع والتقاتل كما صرح به فى حديث سعد بن أبى وقاص، وحديث زيد ابن ثابت، وأرشدهم إلى ما ينبغى أن يفعلوه فى استغلال مزارعهم فقال مرة كما فى رواية سعد اكروا بالذهب والفضة، وهو جائز بالإجماع لأن الكراء بهما وبما فى معناهما لا مخاطرة فيه. وقال مرة كما فى رواية ابن عباس لأن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ عليها أجرا معلوما. وفى رواية من كانت له أرض فانه إن يمنحها أخاه خير له. وهو صريح فى عدم إيجاب منح الأرض يدون أجر، وفى جواز أخذ الأجرة، لأن الخيرية والأولوية ظاهرة فى الجواز فيكون المراد مجرد استحباب المنح والترغيب فيه مواساة ورفقا كما صرح به ابن عباس، وخيرهم مرة ثالثة بين هذا الأمر المستحب وهو إعطاء الأرض منحة بدون أجر، وبين أن يزر عوها بأنفسهم أو يتركوها بدون زرع. والأمر فى الثلاثة للندب لا للوجوب. بقرينة جواز تأجير الأرض بالذهب أو الفضة بالإجماع. وجواز تأخيرها بالنصف أو الثلث أو الربع على طريق المزارعة كما فعل الرسول فى أرض خيبر مستمرا على ذلك إلى وفاته، وكما فعل أصحابه فى حياته وبعد وفاته كما سبق. وقد انعقد الإجماع على عدم وجوب الإعارة بلا فرق بين المزارعة وغيرها فوجب حمل هذا الحديث على الاستحباب والندب، كما أوضحه صاب منتقى الأخبار على أن الإمام الصنعانى قال فى سبل السلام بعد رواية حديث النهى فى المزارعة أنه كان فى أول الأمر لحاجة الناس وكون المهاجرين ليس لهم أرض فأمر الأنصار بالتكرم والمواساة، ويدل عليه ما أخرجه مسلم من حديث جابر قال كان لرجال من الأنصار فضول أرض، وكانوا يكرونها بالثلث والربع فقال النبى صلى الله عليه وسلم من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه فإن أبى فليمسكها. وهذا كما نهوا أول الأمر عن ادخار لحوم الأضاحى ليتصدقوا بها، ثم بعد أن اتسع حال المسلمين زاد الاحتياج، فأبيح لهم المزارعة وتصرف المالك فى ملكه بما يشاء من إجارة وغيرها، ويدل على ذلك ماوقع من المزارعة فى عهده صلى صلى الله عليه وسلم وفى عهد الخلفاء من بعده، ومن البعيد غفلتهم عن النهى وترك إشاعة رافع له فى هذه المدة وذكره فى آخر خلافة معاوية. سواء أقلنا إن أحاديث النهى عن المزارعة إنما وردت فى المزارعة الفاسدة أم أن النهى عنها كان عاما أول الأمر للحاجة ثم زال بزوال سببه فان الذى استقر عليه الأمر فى حكم الشريعة الإسلامية أن المالك حر يتصرف فى مالكه بما يشاء من زرع ومزارعة وتأجير لا حجر عليه فى شىء من ذلك ولا إيجاب (ما فعله عمر فى سواد العراق) لما فتح المسلمون سواد العراق فى خلافة عمر بن الخطاب، رأى الفاتحون أن يقسم بينهم قسمة تمالك كقسمة الغنائم فأبى عمر عليهم ذلك، وقال كما فى كتاب الخراج لأبى يوسف والله لا يفت بعدى بلد فيكون فيه كبير نيل بل عسى أن يكون كلا على المسلمين فاذا قسمت أرض العراق بعلوجها وأرض الشام بعلوجها فما يسد به الثغور وما يكون للذرية والأرامل بهذا البلد وبغيره من أهل الشام والعراق. فترك. الأرض مملوكة لأهلها يجوز بيعهم لها وتصرفهم فيها، وضرب على رءوسهم الجزية وعلى الأرض الخراج ليكون ما يجبى من ذلك سدا لحاجة المسلمين عامة، ينفق منه على الجيوش المقاتلة وسد الثغور وبناء القناطر والجسور وأرزاق العمال والموظفين وما إلى ذلك مما يتوقف عليه صيانة البيضة وبقاء الدولة. وقد أسلم كثير من أهل السواد، فوضعت عنهم الجزية، وتداولت الأيدى أرضه، وأصبحت ملكا للمسلمين وغيرهم يتصرف كل مالك فى ملكه بما يريد من أنواع التصرف. ومن هؤلاء الملاك التابعون وتابعوهم وأئمة المسلمين والفقهاء والمحدثون ومن بعدهم على تتابع القرون إلى وقتنا هذا. فأى صلة بين هذا وبين ما يدعون إليه من قصر ملكية الفرد على قدر عيش الكفاف، ووجوب تنازله عما زاد عن ذلك منحة للمعدمين. الرأسمالية ولقد أسرف الكاتبون فى الطعن على الرأسمالية مجاراة لتلك الدعايات الهادمة وصوروها للعامة بأبشع الصور فإن عنوا احتكار الملكية بمعناه بمعناه الحقيقي فنحن أول من ينكره وينعى عليه، وإن أرادوا مجرد الملكية كان طعنهم مراغمة للشرائع ومكابرة للعقول. وقد تبين مما أسلفنا أن النظام المالى فى الإسلام يحترم حق الملكية، ويعاقب على العدوان عليه ويبيح للمالك حق التصرف فى ملكه بما يشاء من بيع ورهن وإجارة ومزارعة وإعارة ووقف ونحو ذلك ولا يوجب عليه، يمنح ملكه لغيره، ولا أن يكتفى من زراعة أرضه بما يحصل له عيش الكفاف كما تبين من سياق الحديث الذى استندوا إليه ومما ذكره أئمة الحديث فى بيانه. أنه لا يمت بصلة إلى مازعموه وكذلك فعل عمر فى سواد لا يؤيد ما ذهبوا إليه. ولسنا ننكر أن أمر الطبقات الفقيرة فى بلادنا يحتاج إلى علاج حاسم، ونرى بالإجمال أنه لا علاج له إلا باتباع تعاليم الإسلام الحقة فى النظم المالية والاجتماعية، ولبيان ذلك تفصيلا مجال آخر والله أعلم (7/370) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 9:24 pm | |
| زواج الرجل بزوجة الغير من علمه بذلك باطل
المفتي حسنين محمد مخلوف. 28 أبريل سنة 1949 م
المبادئ 1- تزوج الرجل زوجة آخر مع علمه بذلك باطل، ولا عدة عليها عند المتاركة ولو دخل بها. 2- تزوج الرجل زوجة آخر مع عدم علمه بذلك فاسد، وتجب المتاركة عليهما، وعليها العدة من حين المتاركة إن كان قد دخل بها
السؤال طلب وكيل نيابة الدرب الأحمر الجواب عن سؤال تضمنته الإجابة التالية
الجواب اطلعنا على السؤال الوارد إلينا بتاريخ 2-3-1949 - 1882 المطلوب معرفة الحكم الشرعى فيمن تزوجت بزوج وهى على عصمة زوج آخر هل تلزمها العدة بعد طلاقها من الزوج الثانى أم لا وذلك للتصرف فى القضية رقم 11 سنة 1949 حصر تحقيقات الدرب الأحمر. والجواب أنه إذا كان زواج الثانى بهذه المرأة مع علمه بأنها زوجة للأول كان زواجه بها باطلا،ولا عدة عليها ولو دخل بها. لأن وطأه لها زنا. والزنا لاحرمة له. وإن كان زواج الثانى بها مع عدم علمه بأنها زوجة للأول كان زواجه بها فاسدا تجب المتاركة فيه شرعا، وعليها العدة إذا كان قد دخل بها محافظة على حقه فى نسب ولده لعذره بعدم علمه بنكاح الأول. والله سبحانه وتعالى أعلم (7/371) ________________________________________ تصرف الزوجة فى مالها
المفتي حسنين محمد مخلوف. جمادى الثانية 1365 هجرية - 14 مايو 1946 م
المبادئ للمرأة الرشيدة التصرف فى مالها كله ولا حقق لزوجها فيه. وفى رواية عن أحمد أنه ليس لها التصرف فى مالها بزيادة عن الثلث بغير عوض إلا بإذن زوجها
السؤال من محمد أسعد قال: 1- هل أموال الزوجة حسب الشريعة الإسلامية مستقلة عن أموال الزوج. 2- وهل للزوج الحق فى أى إشراف أو مراقبة على أموال زوجته. 3- وهل فى حالة وفاة الزوجة للزوج أكثر من نصيبه الشرعى المحدد فى القانون من عدمه حسب الشريعة الإسلامية
الجواب اطلعنا على هذا السؤال وإليك الجو اب ذهب أبو حنيفة والشافعى وابن المنذر وأحمد فى إحدى الروايتين إلى أن للمرأة الرشيدة التصرف فى مالها كله بالتبرع والمعاوضة ولا حق لزوجها فيه، ولا يملك الحجر عليها فى تصرفها فيه كلا أو بعضا. فلا فرق فى ذلك بينها وبين الرجل الرشيد وذهب أحمد فى الرواية الأخرى إلى أنه ليس لها التصرف فى مالها بزيادة عن الثلث بغير عوض إلا بإذن زوجها لما رواه ابن ماجه أن امرأة كعب ابن مالك أتت النبى صلى الله عليه وسلم بحلى تريد التصدق به فقال لها لا يجوز للمرأة عطية حتى يأذن زوجها، فهل استأذنت كعبا فقالت نعم فبعث إليه فقال هل أذنت لها أن تتصدق بحليها. قال نعم فقبله النبى صلى الله عليه وسلم. ولما رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى خطبة خطبها لا يجوز لا مرأة عطية إلا بإذن زوجها إذ هو مالك عصمتها ولأن حق الزوج متعلق بمالها والعادة أن الزوج يزيد فى المهر من أجل مالها ويبسط فيه وينتفع به - وقد استدل الجمهور بقوله تعالى {فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم} النساء 6، وهو ظاهر فى فك الحجر عن اليتامى وإطلاق أيديهم فى التصرف ذكورا كانوا أو إناثا متى أنس رشدهم. ومتى وجب دفع ماله إليه لرشده جاز له التصرف فيه من غير إذن وأجابوا عن حديث ابن ماجه بأنه ضعيف وعن حديث أبى داود بأنه مرسل. ومع ذلك فهو محمول على النهى عن تبرعها من مال زوجها وأما تبرعها من مالها فليس محمل النهى بدليل أنه يجوز لها التبرع بالثلث فأقل من مالها بدون إذن للزوج، وليس هناك ما يدل على التحديد بالثلث بل هو تحكم ليس فيه توقيف ولا عليه دليل انتهى من المغنى للامام ابن قدامه الحنبلى بتصرف وزيارة. وما ذكر من أن للزوج حقا فى مالها غير مسلم، وما جرت به العادة من تبسطه فى مالها فهو من تسامح الزوجات فى حقوقهن مبالغة فى إرضاء الأزواج وسبيل إلى حسن المعاشرة لا تقرير لحقهم فى أموالهن. وقد أفاد فى المغنى أن مذهب الإمام مالك يتفق مع الرواية الأخرى عن أحمد وبيانه كما فى الشرح الكبير لأبى البركات الدردير وحاشية الدسوقى عليه أن الزوجية من أسباب الحجر على الزوجة الحرة الرشيدة فى تبرعها لغير زوجها بأزيد من ثلث مالها فإذا تبرعت به لغيره كان لزوجها رد الجميع لحمله على قصدها إضرار زوجها فعوملت بنقيض قصدها وله إمضاؤه وله رد الزائد على الثلث وهذا بخلاف المريض إذا تبرع بزائد على الثلث فليس للوارث رد الجميع بل رد الزائد عن الثلث فقط أو إجازة الجميع. والفرق بين الزوجة والمريض من جهة أخرى أن الزوجة قادرة على إنشاء ما أبطله الزوج بعد مدة وهى نصف عام على. قول أصبغ وابن عرفة بخلاف المريض وما لم يحصل من الزوج رد فتبرعها جائز ماض. وأما تبر عها بالثلث فأقل محجور عليها فيه إذ قصدت به ضرر زوجها على ما اختاره ابن حبيب. وغير محجور عليها فيه ولو قصدت به إضراره عند ابن القاسم. وإنما كانت الزوجية موجبة للحجر فيها ذكر لأن المقصود من ما لها تجمل الزوجة به فحجر الشارع عليها لأجله وبذلك جاز لها التبرع لزوجها بما شاءته ولو بكل مالها انتهى بتصرف وإيضاح وظاهر أن هذه العلة تقتضى الحجر مطلقا فكيف ساغ جواز التبرع بالثلث فأقل بدون إذن عند ابن القاسم مطلقا وعند ابن حبيب إذا لم تقصد إضرار الزوج على أن جعل الزوجية من أسباب الحجر على الزوجة وسليها حريتها فى التصرف فى مالها والذهاب إلى أن المقصود من مالها تجمل الزوجة به وبسطه يده فى إنفاقه من شأنه أن يبغض الأبيات من الزوجات فى الزواج والأزواج ويبت حبل المودة بينهما ويفتح أبوابا من الشر والنزاع بين الزوجين لحرص الزوجة بطبيعة كونها مالكه على إطلاق يدها فى مالها الذى تملكه وحرص الزوج بدافع غريزة حب المال على حجرها ليبسط يده فيه فى حياتها ويدخره ميراثا له بعد وفاتها كما أن من شأنه أن يجعل الزوج هو المتصرف فى مالها وذلك يغرى راغبى الزواج بالكلف بذوات الأموال للانتفاع العاجل بها والإعراض عمن عداهن وإن كن ذوات حسب ودين. وفى ذلك ما لا يخفى من الفساد الاجتماعى والبعد عن المقاصد الأصلية للنكاح. وصفوة القول أن مذهب الجمهور أقوى، دليلا وأوضح سبيلا وهو الذى جرى عليه القضاء الشرعى منذ قرون ولا تزال المحاكم الشرعية مقيدة به طبقا للمادة 280 من المرسوم بقانون رقم 78 سنة 1931 وهو أعدل وأقوم وخاصة فى هذه الأزمنة الأخيرة ومن هذا يتضح الجواب عن السؤالين الأول والثانى - وأما الجواب عن السؤال الثالث فهو أن للزوج من تركة زوجته المتوفاة النصف فرضا عند عدم الولد وولد الابن وإن نزل والربع فرضا مع الولد وولد الابن وإن نزل والله أعلم. ے (7/372) ________________________________________ الحلف بغير الله
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل يجوز الحلف بغير الله؟
الجواب روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال حين سمع عمر يحلف بأبيه " إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت " وروى أبو داود والترمذى وقال: حسن، قوله صلى الله عليه وسلم " من حلف بغير الله فقد كفر" وفى بعض الروايات " فقد أشرك " وفى بعضها " فقد كفر وأشرك ". قال العلماء: إن الحلف الذى يجوز وتترتب عليه آثاره هو ما كان بالله أو بصفة من صفاته، أما الحلف بغير ذلك فهو غير ملزم ولا تترتب آثار على عدم البر به، ومع ذلك فهو ممنوع كما نص عليه الحديث، وجاء التغليظ بأنه خروج عن الإسلام عن طريق الكفر بالله وعدم الإيمان به، أو عن طريق الشرك، أى ضم غير الله إليه فى الألوهية وما يتبعها، ودرجة المنع من الحلف بغير الله مختلف فيها بين الحرمة والكراهة، يقول الشوكانى فى " نيل الأوطار ج 8 ص 236 ": للمالكية والحنابلة قولان -أى قول بالحرمة وقول بالكراهة التنزيهية - وجمهور الشافعية على أنه مكروه تنزيها، وجزم ابن حزم بالتحريم، وقال إمام الحرمين: المذهب القطع بالكراهة، وجزم غيره بالتفصيل: فإن اعتقد فى المحلوف به ما يعتقد فى الله تعالى كان بذلك الاعتقاد كافرا. ويثار هنا سؤالان، الأول لماذا يحلف الله بالمخلوقات كالشمس والقمر والليل، والثانى كيف يحلف الرسول صلى الله عليه وسلم بغير الله وقد نهى عنه؟ . أثار ذلك الحافظ ابن حجر فى فتح البارى " وخلاصة ما جاء فيه: أن لله أن يحلف بما شاء من خلقه لا يسأل عما يفعل " وذلك لتعظيم المحلوف به وهو سبحانه صاحب الأمر فى خلقه، وفيه لفت لأنظارنا أن نتدبر وجه العظمة فى هذا المحلوف به. أما حلف الرسول بغير الله فقد جاء فى الصحيح أنه قال للأعرابى الذى أقسم ألا يزيد ولا ينقص عما تعلمه من الرسول من الواجبات (أفلح وأبيه إن صدق " وأجيب عنه بأجوبة: أ-الطعن فى صحة هذه اللفظة-وأبيه -كما قال ابن عبد البر: إنها غير محفوظة، وزعم أن اصل الرواية " أفلح والله " فصحفها بعضهم. ب - أن ذلك كان يقع من العرب ويجرى على ألسنتهم من دون قصد للقسم أى الحلف، والنهى أنتا ورد في حق من قصد حقيقة الحلف، قاله البيهقى، وقال النووى: إنه الجواب المرضى. ج -أنه كان يقع فى كلامهم على وجهين للتعظيم وللتأكيد، والنهى إنما ورد عن الأول وهو التعظيم. د-أن الحلف بغير الله كان جائزا، وما صدر من النبى كان على الجواز، ثم نسخ، قاله الماوردى، وقال السهيلى: أكثر الشراح عليه، قال المنذرى: دعوى النسخ ضعيفة، لإمكان الجمع بين الأمرين المختلفين، ولعدم تحقق التاريخ حتى يعرف السابق من اللاحق. هـ - أنه كان فى ذلك حذف، والتقدير " أفلح ورب أبيه " قاله البيهقى. و أنه للتعجيب، وليس قسما، قاله السهيلى. ز-أنه خاص بالنبى صلى الله عليه وسلم، لكن يرد على هذا بأن الخصوصيات لا تثبت بالاحتمال، بل لا بد لها من دليل، فيبقى الأمر عاما للرسول وغيره. ثم يقول الشوكانى: وأحاديث الباب تدل على أن الحلف بغير الله لا ينعقد- أى لا تترتب عليه آثاره - لأن النهى يدل على فساد المنهى عنه، وإليه ذهب الجمهور. وقال بعض الحنابلة: إن الحلف بنبينا صلى الله عليه وسلم ينعقد وتجب الكفارة. بعد هذا العرض نرجو ممن لم يطلعوا على ما قاله العلماء فى الحلف بغير الله ألا يسرعوا فى تجريم من حلف بالنبى أو بغير الله بوجه عام، فقد قال بعض الفقهاء بعدم الحرمة وبأنه مكروه كراهة تنزيه بمعنى عدم العقوبة فيه، وأخطر ما يكون التجريم هو الحكم بالكفر أو الشرك على من حلف بغير الله وهو لا يريد تعظيمه كتعظيم الله، فإن من كفر مسلما بدون وجه حق كان كافرا، والحديث معروف فى ذلك وهو " إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه " رواه البخارى ومسلم. وفى رواية لأبى داود والنسائى والترمذى وصححه " ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقاتله " والحاكم على الحالف بغير الله بالكفر لم يطلع على نيته، وقد أمر الله بالتبيُّن، وقال فى ذلك {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} النساء: 94، وسبب نزولها معروف فى سرية كان قائدها أسامة بن زيد (7/373) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 9:26 pm | |
| علم الغيب
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل أطلع الله أحدا على علم الغيب؟
الجواب مما يتصل بالعقيدة الإيمان بالغيب، كما قال تعالى فى وصف المتقين {الذين يؤمنون بالغيب} البقرة: 3، وقد وردت نصوص تتحدث عن الغيب منها: قوله تعالى {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو} الأنعام: 59، وصح فى الحديث الذى رواه البخارى أنها خمس، وهى التى جاءت فى قوله تعالى {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت إن الله عليم خبير} لقمان: 34، وقوله تعالى {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا. إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا} الجن: 26، 27، وقوله تعالى {قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله، ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون} الأعراف: 188، والغيب ما قابل الشفاعة، أى ما يغيب على الإنسان العلم به ومنه ما يمكن التوصل إليه بالوسائل المختلفة، كالمسروق يعرف بالبحث عنه، والمجهول يعرف بالتعلم، كالكهرباء والفيروسات وما إليها، ومنه ما لا يمكن التوصل إلى معرفته بالوسائل العادية بل لا بد فيه من خبر صادق، كأحوال الآخرة، التى يجب أن نؤمن بها لورودها فى القرآن والسنة. ومن الغيب قيام الساعة وما ذكر فى مفاتح الغيب، وقد يعرف شئ ع منها بإطلاع الله سبحانه عليها من يرتضيه من الرسل، كما نصت على ذلك الآية. والإيمان باختصاص الله بعلم مفاتح العيب واجب بدليل الحصر فى قوله: {لا يعلمها إلا هو. ومن ادعى عَدم اختصاصه بذلك كفر، لأنه كذب القرآن الكريم الصريح فى الدلالة عليه، ومن حاول معرفة هذه المفاتح ليشارك الله فيها كفر أيضا، أما من يحوم حولها مؤمنا بأنه لن يصل إلى العلم اليقينى به فلا يكفر، ومعلوماته التى يصل إليها من وراء هذه المحاولة معلومات ظنية لا يقينية، والفرق بين علم الله تعالى ومعارف البشر يتركز فى نقطتين أساسيتين، أولاهما أن علم الله عن أى شىء شامل لجميع ما يتصل بهذا الشىء، والثانية أن علمه سبحانه يقينى لا ظنى. أما علم غيره من البشر فلن يجمع الأمرين معا، لا فى الكم ولا فى الكيف، قال تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} الإسراء: 85، وقال: {وما لهم به من علم. إن يتبعون إلا الظن. وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا} النجم: 28، ولئن حصل علم بشىء عن شىء فهو علم قاصر. وقد حاول الإنسان أن يبحث عن المجهول المستقبل منذ خلق وفيه غريزة حب الاستطلاع، وبذل فى ذلك جهودا كبيرة، واتخذ وسائل متعددة، وكان من هذه الوسائل ما عرف باسم الكهانة والتنجيم والعرافة والطيرة والطرق وضرب الرمل وقراءة الفنجان وقياس الأثر وما يبتكر غير ذلك. وفيما يلى تعريف بكل منها: 1 - الكهانة، هى ادعاء علم الغيب، بالإخبار عن المضمرات، أو عن المغيبات فى مستقبل الزمان بأية وسيلة من الوسائل، وقد تختص بما كان فيه اتصال بالجن (يراجع شرح النووى على صحيح مسلم ج 5 ص 22) . 2 -التنجيم: وهو الاستدلال بالنجوم فى مواقعها وتحركاتها على ما سيكون فى المستقبل من مطر أو حر أو برد أو مرض أو موت وغير ذلك، وقيل هو الكهانة (يراجع شرح النووى على صحيح مسلم ج 5 ص 22) .. 3 -العرافة: هى ادعاء معرفة الأمور بمقدمات وأسباب يستدل بها علَّى مواقعها كالمسروق من الذى سرقه، والضالة أين مكانها، وقيل هى السحر " (يراجع شرح النووى على صحيح مسلم ج 5 ص 22) . 4- الطيرة: بكسر الطاء وفتح الياء وقد تسكن -وهى مصدر تطير، مثل تخير خيرة، ولم يجئ من المصادر هكذا غيرهما-ومعناها التشاؤم بالشىء، أو الاستدلال من طيران الطائر، أو من رؤية شئ أو سماع صوت على ما سيحصل للإنسان، وقد كان العرب يزجرون الطير من أماكنها. فإن طارت يمينا استبشرت، وإن طارت شمالا تشاءمت، ويقال لها أيضا " العيافة" من عاف عيفا، وسيجىء حديث عن الفرق بين الطيرة والفأل. 5 - الطرق: وهو الضرب بالحصا أو الودع، وقيل: هو الطيرة وقيل: ضرب الرمل. 6-ضرب الرمل: وهو وضع خطوط وعلامات على الرمل، لمعرفة ما يخبأ للإنسان ويعرف أيضا بالخط، روى مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عنه فقال: " كان نبى من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك " وكذب ابن القيم نسبة الخط إلى إدريس عليه السلام، وجاء فى تفسيره: أن "الحازى " أى المحترف لذلك يأتيه الرجل ليعرف حظه، فيخط على أرض رخوة خطوطا كثيرة بالعجلة، ومعه غلام، ثم يمحو منها على مهل خطين خطين والعلام يقول: ابنى عيان، أسرعا البيان، فإن بقى خطان فهما علامة النجح، وإن بقى خط واحد فهو علامة الخيبة، ويقول ابن الأثير فى " النهاية ": إنه علم معروف فيه تصانيف، ويعمل به الآن، ولهم فيه اصطلاحات، يستخرجون به الضمير وغيره، وكثيرا ما يصيبون فيه (هكذا يقول) ويرجع فيه إلى شرح النووى على صحيح مسلم ج 5 ص 23، 7 -قراءة الفنجان: وهى الاستدلال بآثار القهوة على الفنجان على ما يفكر فيه شاربه، ويزعم بعض المعاصرين أن أثر الزفير على القهوة يعطى مؤشرات صادقة، لكن إذا كان ذلك من الناحية الطبية أو العضوية فهل تمكن معرفة المستقبل؟ فيه كلام. 8 - قياس الأثر: وهو أخذ قطعة من ثياب الإنسان أو متعلقاته وقياسها بالشبر والأصابع، والاستدلال بذلك على ما يكون لصاحبه. وهذه الأشياء وأمثالها نهى الإسلام عنها، لأنة تتنافى مع اختصاص علم الله بالغيب يقول النبى صلى الله عليه وسلم " ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " (رواه البزار بإسناد جيد والطبرانى بإسناد حسن دون قوله " ومن أتى كاهنا ") ويقول " من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد برىء مما أنزله الله على محمد، ومن أتاه غير مصدق له لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " (رواه الطبرانى) ، ويقول " من أتى عرافا فسأله عن شىء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما" (رواه مسلم) ويقول " من أتى عرافا أو كاهنا فصدق بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " (رواه أصحاب السنن الأربعة والحاكم وصححه) ويقول " من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من للسحر زاد ما زاد " (رواه أبو داود وابن ماجه) ويقول: " العيافة والطير والطرق من الجبت " (رواه أبو داود والنسائى وابن حبان فى صحيحه) والجبت ما عبد من دون الله 0 وقد ذكر الله تعالى فى القرآن الكريم أن الجن لا يعلمون الغيب، فكيف يصدقها من يعتمد على أخبارها؟ قال تعالى {فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته، فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين} سبأ: 14، والاتصال بالجن ممكن، وكذلك استخدامهم فى بعض الأغراض، فقد سخرهم الله لسليمان كمعجزة، فلا مانع من تسخيرهم لغيره، ولم يرد نص يمنع ذلك، وقد حدث لبعض الناس بطرق يعرفونها، ووضح ذلك المحدث الشبلى فى كتابه " آكام المرجان ". يتبين من هذه النصوص أن الاعتقاد بان غير الله يعلم الغيب علما يقينيا شاملا كفر بما جاء فى القرآن الكريم خاصا بذلك، ومن مارس هذه الأعمال ينسحب حكمه على من يلجأون إليه لمعرفة الغيب، فمن صدقه فقد كفر، ومن لم يصدقه فقد ارتكب إثما عظيما ينقص من إيمانه، ولا يقبل الله صلاته أربعين يوما. روى الشيخان أن ناسا سألوا النبى صلى الله عليه وسلم عن الكاهن أو الكهان فقال " لا ليسوا بشىء " فقالوا: يا رسول الله انهم يحدثونا أحيانا بشىء أو بالشىء فيكون حقا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تلك الكلمة من الوحى يخطفها الجنى فيقرها - أى يلقيها - فى أذن وليه، فيخلط معها مائة كذبة " وجاء فى البخارى " إن الملائكة تنزل فى العنان، وهو السحاب، فتذكر الأمر قضى فى السماء، فيسترق الشيطان السمع فيسمعه، فيوجه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم ". هذا وقد أبدلنا بهذه الأمور وسيلة يمكن بها أن نطمئن لما نقدم عليه من عمل، وهى صلاة الاستخارة مع دعائها المعروف الذى جاء به الحديث الصحيح الذى رواه البخارى ولنسمع قول الله تعالى {ولا تقف ما ليس لك به علم، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} الإسراء: 36. تنبيهات التنبيه الأول عن علم الساعة: سبق بيان أن علم الساعة من مفاتح الغيب التى استأثر الله بعلمها، والآيات القرآنية كثيرة فى ذلك، وكذلك الأحاديث النبوية الصحيحة، التى من أقواها حديث جبريل حين سأل النبى صلى الله عليه وسلم عنها، فقال " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " ثم ذكر له بعض علاماتها. ومع ذلك حاول بعض الناس قديما وحديثا معرفة موعدها، وأثبت الواقع خطأهم، ثم جاءت نحلة البهائية أخيرا وزعمت أنها تعرف موعد قيام الساعة بناء على أمرين، أولهما سر العدد 19 والثانى بعض آيات من القرآن الكريم، وفيما يلى تفصيل ذلك والرد عليه. أولا: العدد 19 المذكور فى قوله تعالى فى وصف جهنم: {عليها تسعة عشر} المدثر: 30، زعموا أن له سرا حاولوا أن يثبتوه بحصر الحروف الموجودة فى بعض السور، أو فى فواتحها من الحروف المقطعة أو فى بعض الكلمات، وبطريق التعويض عن الحروف بأرقام على النظام اليهودى فى الأبجدية حددوا وقت قيام الساعة. ويرد على هذا بأن القرآن فيه أعداد أخرى كالعشرة والمائة والألف وغيرها، فلماذا اختاروا هذا العدد بالذات؟ وبأنهم لم يتبعوا المنهج العلمى عند حصر الحروف، فأسقطوا بعضها ليتم لهم ما يريدون، كما كشف عن ذلك المتبعون للحصر الذى أعلنوه، وبأن أية مجموعة كبيرة من الأعداد يمكن التوصل منها إلى مجموعات تقبل القسمة على أى عدد من الأعداد، وليس شرطا أن يكون العدد 19، وذلك من البدهيات عند علماء الرياضة (بحث الدكتور على موسى أستاذ الفيزياء الرياضية بكلية العلوم جامعة عين شمس، المنشور بجريدة اللواء الإسلامى: عدد 116، فى 7 رجب 1405 هجريه 28/3/1985 م) كما زعموا أن اليهود أخبروا النبى صلى الله عليه وسلم بأن حروف " الم " تدل على. عدد السنوات التى تعيشها دعوته ولم ينكر عليهم ذلك. وهذا خبر مدسوس ليس له سند يعتمد عليه. ثانيا: استدلوا من القرآن الكريم بآيتين، أولهما قول الله تعالى {يسألونك عن الساعة أيان مرساها، قل إنما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلا هو، ثقلت فى السموات والأرض، لا تأتيكم إلا بغتة، يسألونك كأنك حفى عنها، قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون} الأعراف: 187، قالوا: إن قوله {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} يفيد أن بعضا قليلا من الناس يعلمون موعد الساعة، وهم من هذا القليل. ويرد عليهم بان نفى العلم عن أكثر الناس منصب على الإيمان بما سبق فى الآية، من اختصاص علم الله بها، وبأنها ثقيلة ولا تأتى إلا بغتة، فأكثر الناس وهم الكافرون يجهلون هذه الحقيقة المقررة فى الآية، ولا معنى لما فهموه من أن أكثر الناس جاهلون بموعد الساعة والقليل بعلمه، ففى فهمهم لأول الآية وآخرها تضارب، والقرآن الكريم منزه عن ذلك. ومع احتمال فهمهم هذا فالاستدلال به ساقط، لأنه ليس هو الفهم الوحيد المتعين لها، ومعلوم أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال. والآية تدل بصراحة على نفى علم أحد بالساعة، أى بوقت حدوثها، فَذلك من اختصاص الله وحده، وذلك واضح فى قصر علمها عليه سبحانه بأكثر من أسلوب، وفى أنها تأتى بغتة، وفى عدم علم النبى صلى الله عليه وسلم بذلك. فلا بد من توافق آخر الآية مع هذه المقررات الصريحة فيها. ونفى علم أحد بموعدها يستوى فيه القليل والكثير من الناس. والآية الثانية التى استدلوا بها هى قوله تعالى {إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى} طه: 15، قالوا إن فعل " كاد " إذا كان مثبتا يدل على نفى ما بعده، فمن يقول: كدت أقع يدل على أنه لم يقع؟ وعلى هذا فمعنى " أكاد أخفيها " أنه لم يخفها، فتمكن معرفتها بطريق أو بآخر، وليس حتما أن يكون ذلك عن طريق الوحى فقط كما قال تعالى {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا. إلا من ارتض من رسول} الجن: 26، 27، بل يمكن أن يكون بطريق الحساب أو بغيره. ويرد على ذلك بأن الفعل " خفى " يستعمل فى اللغة للستر وللإظهار، فهو من الأضداد، يقال: خفاه يخفيه خفيا، من باب رمى. وخفيا أيضا-بضم الخاء وكسر الفاء-وفى بعض القراءات " أخفيها " بفتح الهمزة، وكما أن الخفى الثلاثى يفيد الستر والإظهار كذلك يفيدهما الإخفاء وهو مصدر الفعل الرباعى أخفاه. وعلى هذا فالآية ليست دليلا قاطعا على مدعاهم، فقد يكون معناها: أكاد أظهرها، بل يجب المصير إلى هذا المعنى لتتوافق الآيات بعضها مع بعض، والمتشابه يرد إلى المحكم كما قال تعالى {هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب} آل عمران: 7، وهؤلاء فى قلوبهم زيغ يبتغون الفتنة، حيث تمسكوا بالمتشابه ولم يأبهوا بالمحكم الذى يجب رده إليه، وليسوا من الراسخين فى العلم على أى وجه يكون الوقف فى الآية " مذهب السلف ومذهب الخلف " لأنهم فى محاولتهم لتقديس العدد 19 خالفوا المنهج العلمى وزيفوا، وفى عدم رد المتشابه إلى المحكم ظهر جهلهم بأصول البحث، ولم يؤمنوا بما جاء فى القرآن الكريم نصا فى عدم علم أحد بالساعة إلا الله سبحانه. وبهذا يظهر أن استدلال هؤلاء استدلال واه ضعيف أو فاسد لا يثبت مدعاهم، ولم يعتبروا بمن سبقهم ممن زعموا علم الساعة وحددوا موعدها فافتضح أمرهم، وليس المهم هو معرفة وقت قيامها بل المهم هو الاستعداد لها، وقيامة كل إنسان موته أو عقب موته، فمن مات فقد قامت قيامته، لأنه لا عمل بعد الموت، بل جزاء وحساب، كما فى القيامة الكبرى. وقد نبه النبى صلى الله عليه وسلم من سأله عنها إلى الاستعداد لها، فكل من الموت والقيامة يأتى بغتة، روى البخارى ومسلم عن أنس رضى الله عنه أن إعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم متى الساعة؟ فقال " ما أعددت لها "؟ قال: حب الله ورسوله، قال " أنت مع من أحببت ". التنبيه الثانى عن العلم بما فى الأرحام: مما اختص الله بعلمه: ما فى الأرحام، كما سبق فى الآية، وكما قال تعالى أيضا: {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد، وكل شىء عنده بمقدار} الرعد: 8، ولا ينافى ذلك ما يقال: إن بعض الناس توصلوا إلى معرفة نوع الجنين قبل أن يولد من بطن أمه، وهو ما يزال فى الرحم حتى أيامه الأولى، ذلك أن علم الله بما فى الأرحام علم شامل، وفى الوقت نفسه علم يقينى لا ظنى، فالله يعلم المولود قبل أن يولد، بل قبل أن يتكون أصلا، يعلمه علما شاملا، ويخبر الملائكة ببعض ما يعلمه عنه، وهم لا يعلمون عنه شيئا قبل أن يخبرهم الله به، كما قال سبحانه عنهم: {قالوا سبحانك لا علم لنا آلا ما علمتنا} البقرة: 32، جاء فى الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم " إن أحدكم يجمع خلقه فى بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقه مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقى أو سعيد، فوالذى لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها" (رواه البخارى) ، وفى بعض الروايات " ذكر أم أنثى " بدل "عمله ". فلو فرضنا أن الإنسان عرف نوع الجنين فهل يعرف ما بقى من رزقه وأجله وما تنتهى إليه حياته من سعادة أو شقاء، على أن معرفة نوع الجنين لا تتيسر فى كل الحالات، بل فى فترة معينة، أما الله سبحانه وتعالى فيعلم ذلك كل وقت، بل قبل أن يتكون الجنين كما قلنا، وعلم الله بذلك علم يقينى لا يتطرق إليه الشك، وعلم الإنسان ظن وأحيانا يتخلف، ولبعض الناس شواهد لمعرفة نوع الجنين لا تعدو أني تكون ظنونا (انظر كتاب منهج الإسلام فى تربية الأولاد) . التنبيه الثالث عن التنجيم: ينبغى الفرق بين التنجيم وعلم النجوم أو الفلك، فالتنجيم حدس واستنباط لا يقوم على أسس علمية صحيحة لا تخطئ، أما علم النجوم فهو علم يدعو إليه الدين لمعرفة أسرار الكون والإيمان بالله أو تعميق الإيمان به، وقد جاءت الآيات الكثيرة تدعو إلى التفكر فى خلق - السموات والأرض، والإفادة من مسخرات الكون ماديا وأدبيا. يقول ابن حجر الهيتمى (الزواجر: ج 2 ص 110) : والمنهى عنه من علم النجوم ما يدعيه أهلها من معرفة الحوادث الآتية فى مستقبل الزمان، لمجىء المطر ووقوع الثلج وهبوب الريح وتغير الأسعار ونحو ذلك، يزعمون أنهم يدركون ذلك بسير الكواكب لاقترانها وافتراقها وظهورها فى بعض الأزمان، وهذا علم استأثر الله به لا يعلمه أحد غيره، فمن ادعى علمه بذلك فهو فاسق، بل ربما يؤدى به إلى الكفر. أما من يقول: إن الاقتران والافتراق الذى هو كذا جعله الله علامة، بمقتضى ما اطردت به عادته الإلهية، على وقوع كذا وقد يتخلف فإنه لا إثم عليه بذلك، وكذا الأخبار عما يدرك بطريق المشاهدة من علم النجوم الذى يعرف بها الزوال وجهة القبلة، وكم مضى وكم بقى من الوقت، فإنه لا إثم فيه، بل هو فرض كفاية. وفى حديث الصحيحين عن زيد بن خالد الجهنى رضى الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فى أثر سماء - أى مطر- كانت فى الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: " أتدرون ماذا قال ربكم "؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: " قال: أصبح من عبادى مؤمن بى وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بى، كافر بالكواكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا- أى وقت النجم الفلانى - فذلك كافر بى، مؤمن بالكوكب ". قال العلماء: من قال ذلك مريدا أن النوء هو المحدث والموجد فهو كافر، أو أنه علامة على نزول المطر، والذى ينزله هو الله وحده، لم يكفر، ويكره قول ذلك، لأنه من ألفاظ الكفرة، والمهم أن يكون الاعتقاد صحيحا فى أن الله هو فاعل كل شىء، وأنه وراء الأسباب جميعا، ولا يقع فى ملكه إلا ما يريد، وما يصل إليه الباحثون ويستنتجونه هو ظن قد يصدق بعضه ويتخلف البعض الآخر. التنبيه الرابع عن الطيرة والفأل: سبق القول بأن الطيرة أو التطير يقوم على الربط بين ما يحصل للإنسان فى المستقبل وبين رؤية شىء أو سماع صوت، والتشاؤم نوع من التطير إذا كان رد الفعل مكروها، ويقابله التفاؤل والفأل إذا كان رد الفعل مقبولا، وقد تستعمل هذه الألفاظ بعضها مكان البعض الآخر. وللباعث عليه هو رغبة الإنسان فى معرفة ما يغيب له، وهو قديم تحدث عنه القرآن الكريم، فقال عن ثمود قوم صالح عليه السلام {قالوا اطيرنا بك وبمن معك. قال طائركم عند الله} النمل: 47، وعن قوم موسى عليه السلام {وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه. ألا إنما طائرهم عند الله} الأعراف: 131، وعن أصحاب القرية التى بعث إليها أصحاب عيسى عليه السلام {قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمساكم منا عذاب أليم. قالوا طائركم معكم} يس: 18، 19. وكان معروفا عند العرب فى الجاهلية، وبخاصة فى طيران الطير أو زجره أو زجر الوحوش وإثارتها، فما تيامن منها سموه " السانح " وما تياسر سموه " البارح " وما استقبلهم سموه " الناطح " وما جاءهم من الخلف سموه " القعيد أو القاعد ". ومن اشتهر عندهم بمعرفة ذلك يسمونه " العائف أو العراف " ومنهم عراف اليمامة والأبلق الأسيدى وعروة بن زيد. ومنهم من كان يقدح فيه ولا يعترف به، كالمرقش السدوسى وجهم الهذلى، وجاء فى ذلك قول المرقش: ولقد غدوت وكنت لا لم أغدو على واق وحائم * فإذا الأشائم كالأيامن والأيامن كالأشائم * وكذاك لا خير ولا شر على أحد بدائم * لا ينعنك من بغاء الخير تعقاد التمائم* قد خط ذلك فى السطور الأوليات القدائم * والواقى هو الصرد - نوع من الطيور - والحائم هو الغراب. يقول ابن القيم: من اهتم بذلك أسرع إليه التأثر، وكثر وساوسه فيما يسمعه ويراه ويعطاه، فإذا أهدى إليه سفرجل أو سمع اسمه تشاءم وقال: سفر وجلاء، وهكذا، وذكر عدة حوادث فى ذلك. وقد ذم الله التطير وحكاه عن قوم هم أعداء الرسل، ومعنى طائركم وطائرهم ما قض وقدره عليهم بسبب كفرهم وتكذيبهم، وهو راجع عليهم، وذمه النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث الصحيحين عن الذين يدخلون الجنة بغير حساب بقوله " ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون " وفى غير ذلك من الأحاديث التى سبق ذكرها. وجاء فى مسلم أن معاوية بن الحكم السلمى قال: يا رسول الله، ومنا أناس يتطيرون، فقال " ذلك شىء يجده أحدكم فى نفسه فلا يصدنه ". فبين أن تأثيرها ليس من ذاتها، بل من الإنسان نفسه الذى يعتقد فيها. ومع نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن الطيرة كان يحب الفأل الحسن، ففى الصحيحين " لا عدوى ولا طيرة، وأحب الفأل الصالح " وفى لفظ "وخيرها الفأل " وفى لفت " وأصدقها الفأل " ومنه قوله عليه الصلاة والسلام " إذا أبردتم إلى بريدا فاجعلوه حسن الاسم حسن الوجه " وله فى الفأل حوادث، منها اختيار من اسمه "يعيش " ليحلب الناقة ورفض من اسمه " حرب "، وأخبر عمر عن سبب ذلك ونفى أنه تطير فقال " ظننت يا عمر أنها طيرة، ولا طير إلا طيره، ولا خير إلا خيره، ولكن أحب الفال " وكره المرور يوم بدر بطريق فيه جبلان لم يعجبه اسمهما ولا اسم الساكنين فيه. وفى الصحيحين أنه قال " الشؤم فى ثلاث، فى المرأة والدار والدابة " وفى الموطأ أنه أمر امرأة بالتحول من دارها لما أصابهم فيها من مكروه. وقد علق ابن القيم على ذلك بأن الفال ليس فيه شرك بل فيه تقرير لطبيعة الإنسان فى حب الخير وكراهية الشر، كما يحب الصوت الحسن والرائحة الطيبة والأخبار السارة عن الخصب والصحة والانتصار، مع اعتقاد أن هذه الأمور لا تؤثر أبدا إلا بإذن الله كما فى التشاوم بالدار، والتشاؤم قد يؤدى الى الشرك وترك التوكل على الله. أما الفأل فيفضى إلى الأمل والطاعة وتوحيد الله. وقال بعضهم فى الفرق بين التطير والفأل: إن الفأل فيه إبانة عن شىء حاصل فى النفس وهو الارتياح الذى ظهر بسماع الاسم الحسن مثلا، أما التطير ففيه استدلال على شىء غير حاصل. وحديث الشؤم روى بوجهين، أحدهما بالجزم والثانى بالشرط. فالأول " الشؤم فى الدار والمرأة والفرس " والثانى " إن يكن من الشؤم شىء حقا ففى الفرس والمسكن والمرأة " فقالت طائفة: لم يجزم النبى صلى الله عليه وسلم بالشؤم فى هذه الثلاثة، بل علقه على الشرط ولا يلزم من صدق الشرطية صدق كل واحد من طرفيها. وقالت طائفة أخرى: إضافة الشؤم إليها مجاز واتساع، أى قد يحصل مقارنا لها لأنها هى نفسها مما يوجب الشؤم، فقد تكون الدار قد قض الله أن يميت فيها بعضا من خلقه، فمن كتب الله عليه الموت فى تلك الدار حسن إليه سكناها حتى يقبض فيها. سئل مالك رضى الله عنه عن الشؤم فى الدار فقال: إن ذلك كذب فيما نرى، كم من دار سكنها ناس فهلكوا، ثم سكنها آخرون فملكوا. وقال آخرون: إنما يلحق الشؤم من تشاءم منها، أما من توكل على الله فلا يلحقه ضرر منها، ولذلك نصح النبى صلى الله عليه وسلم المرأة أن تتحول عن هذه الدار ما دامت تتشاءم منها، وهو من باب الرحمة والتيسير، بدل أن يرغمها على سكناها ونفسها لم تتهيا لترك الشؤم وللاتكال على الله بعد، فقد يزيدها ذلك أعتقادا فى التطير وهو شرك، أو يسلمها إلى الحزن بكراهة الدار، ولو أرغم من ضاق رزقه فى بلد على عدم مفارقتها لكان ذلك هو الحرج الذى لا يرضاه الله لعباده. ثم يجيب ابن القيم إجابة جامعة عن كل ما نسب إلى الرسول وغيره من الفال بقوله: إن بين الأسماء والمسميات ارتباطا بقدرة الله. وألهمه الله للعباد، وليس ارتباط العلة بمعلولها، بل ارتباط تناسب وتشاكل، ولكل شىء من اسمه نصيب بقدر ما، ووقوع حوادث مرتبطة بأشياء أخرى هو مصادفة واتفاق وليس على سبيل التسبب والتأثير. ثم يقول: تعطيل الأسباب تعطيل للشرع ومصالح الدنيا، والاعتماد عليها كلية شرك بالله تعالى، فالمقامات ثلاثة: أحدها تجريد التوحيد وإثبات الأسباب، وهو ما جاء به الشرع، والثانى الشرك فى الأسباب بالمعبود، والثالث إنكار الأسباب بالكلية محافظة من منكرها على التوحيد. فالمنحرفون طرفان مذمومان، إما قادح فى التوحيد بالأسباب، وإما منكر للأسباب بالتوحيد، والحق غير ذلك، وهو إثبات التوحيد والأسباب وربط أحدهما بالآخر، فالأسباب محل حكمه الدينى والكونى، والحكمان عليها يجريان بل عليها يترتب الأمر والنهى والثواب والعقاب، والتوحيد تجريد الربوبية والإلهية عن كل شرك. وذكر فى التوفيق بين النهى عن الاقتراب من المجذوم وبين أكل النبى معه، أن النبى صلى الله عليه وسلم أثبت السبب وأمر بالفرار، وأثبت المانع وهو التوكل فأجاز المؤاكلة، لكن لا يقدر كل أحد على المانع وهو التوكل، فأرشد إلى مجانبة المجذوم تشريعا للفرار من أسباب الأذى، ووضع يده معه تعليم للأمة بدفع الأسباب بما هو أقوى منها، وإعلام بأن الضرر والنفع بيد الله عز وجل. فالمؤمن إذا وثق بالله لا يضره السبب، كما قيل عند الطيرة (اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك، اللهم لا يأتى بالحسنات إلا أنت، ولا يذهب بالسيئات آلا أنت، ولا حول ولا قوة آلا بك " ثم يمض لحاجته. هذا الأثر ذكره ابن القيم فى بحثه عن الطيرة والتشاؤم، روى أبو عمرو فى " التمهيد" بسند فيه ابن لهيعة عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال " من أرجعته الطيرة من حاجته فقد أشرك " قال: وما كفارة ذلك؟ قال " أن يقول أحدهم. . . " وذكر الحديث، وأورد عن كعب الأحبار مثل ذلك وأنه فى التوراة (7/374) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 9:27 pm | |
| قراءة الكف
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى قراءة الكف؟
الجواب الإسلام أمرنا بالعلم والبحث والنظر، ووجهنا إلى عدم الظن فى كل الأحوال، وإلى أن تكون معلوماتنا مبنية على الحقائق ما أمكننا ذلك، والآيات والأحاديث فى ذلك كثيرة. والناس من قديم الزمان لهم طرق فى الاستنتاج قد تصح نتائجها وقد تبطل، ولكنهم مع ذلك مغرمون بحب الاستطلاع، والوصول إلى معلومات تهمهم عن طريق شواهد ومقدمات، وسمعنا فى ذلك عما يسمى بالكهانة والعرافة والتنجيم وضرب الحصا. . . وشاع فى أيامنا ما يعرف بقراءة الفنجان وقراءة الكف. وقد عكف جماعة على دراسة خطوط الكف عندما رأوا صدق دلالتها فى بعض الأحوال فنرى مثلا الدكتورة إكرام عبد السلام أحمد أستاذ طب الأطفال بقصر العينى تقول: هناك نوعان من خطوط اليد، خطوط ثنايا الكف، وهى واضحة عند النظر إليها وأساسها ثلاثة خطوط، اثنان عرضيان تحت الأصابع الأربع، والثالث بحد منطفة الإبهام وهو منحن وهى متشابهة فى جميع الناس، وإذا تغيرت يكون هناك شذوذ، أما خطوط الأصابع فهى عكس ذلك لا تكاد تتشابه أو لا تتشابه مطلقا من شخص لآخر، وعليها الاعتماد فى البصمات، وهى ترى إما بالعدسة المكبرة وإما بالطبع بالحبر. واكتشفت أن تغير الخطوط الثلاثة فى الكف يدل على تأخر عقلى أو اختلاف فى الكروموسومات التى تنشا عنها تشوهات خلقية. وسبب ارتباط ذلك باليد أن اليد يبدأ تكوينها فى الأشهر الثلاثة الأولى مع تكوين أعضاء الجسم، فأى اختلال فى التكوين يظهر فيها. وقد بحثت ارتباط الخطوط ببعض الأمراض كالتأخر العقلى وروماتيزم القلب وأمراض الجهاز العصبى، كما يمكن دراسة بعض الإمراض أو التكهن بها من خلال بصمات الأصابع " الأهرام 26 / 8 ". وواضح من هذا الكلام أن هذه الخطوط لها ارتباط بالتكوين العضوى لجسم الإنسان وما ينشأ عنه من تأثير فى القوى العقلية، لكن التنبؤ بالمستقبل من النظر فى هذه الخطوط هو الذى ما يزال رجما بالغيب لم تقم له قواعد ثابتة يقينية. هذا، وقارئ الكف العالمى (دافيد براندون جونز) حاول أن يربط بين خطوط الكف وبين المستقبل بوجه عام، وله فى ذلك بحوث واطلاعات واستنتاجات كثيرة (القبس 4 / 6 / 979 1) ولكن كل ذلك لا يتعدى مرحلة الظن، ولا ينبغى الاعتماد على أقوال هؤلاء فى رسم الخطوط لحياتنا المستقبلة، فإن المقدمات غير اليقينية لا تلزم عنها نتائج يقينية. وقد علمنا النبى صلى الله عليه وسلم دعاء الاستخارة فى كل ما يهمنا من الأمور، والأولى الالتجاء إلى الله بها، فهو وحده مالك الأمر كله، وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. ويثار هنا سؤال: هل أطلع الله رسوله على ما يكون فى غد؟ والجواب ما جاء فى قوله تعالى {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السؤ} الأعراف: 188، وصح فى مسلم أن عائشة رضى الله عنها قالت: من زعم أن رسول الله يخبر بما يكون فى غد فقد أعظم الفرية على الله. وتلت قوله تعالى {قل لا يعلم من فى السموات والأرض الغيب إلا الله} النمل: 65 (7/375) ________________________________________ الرقى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى الرقى؟
الجواب الرقى جمع رقية، وهى كلمات يقولها الناس لدفع شر أو رفعه، أى يحصنون بها أنفسهم حتى لا يصيبهم مكروه، أو يعالجون بها مريضا حتى يبرأ من مرضه، وكان العرب قبل الإسلام يعتقدون أنها مؤثرة بنفسها دون تدخل لقدرة أخرى غيرها، واختيار- كلماتها مبنى على اعتقادات قد يرفضها الدين، ولذلك كان موقف الإسلام منها هو تصحيح الخطأ فى الاعتقاد، وتقرير أنه لا تأثير لها إلا بإرادة اللَّه تعالى، وكذلك رفض الكلمات التى تتنافى مع العقيدة الإسلامية الصحيحة. فإن كانت كلماتها مقبولة مع اعتقاد أن أثرها هو بإرادة اللَّه سبحانه كان مسموحا بها، مثلها مثل الدعاء أو الدواء، وبهذا يمكن أن نفهم ما جاء من نصوص رافضة أو مجيزة لها. فمما ورد فى رفضها حديث البخارى ومسلم عن الذين يدخلون الجنة بغير حساب الذى جاء فيه " هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون " وفى رواية لمسلم زيادة " ولا يرقون ". فالراقى وطالب الرقية مذمومان، وعن ابن مسعود رضى اللَّه عنه أنه دخل على امرأته وفى عنقها شىء معقود، فجذبه فقطعه ثم قال: لقد أصبح آل عبد الله أغنياء أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " قالوا: يا أبا عبد الرحمن هذه الرقى والتمائم قد عرفناها.. فما التولة؟ قال: شىء تصنعه النساء يتحببن إلى أزواجهن " (رواه ابن حبان فى صحيحه، والحاكم وصححه) . والتولة بكسر التاء وفتح الواو. ومما ورد فى إجازتها: (أ) حديث الصحيحين من رقية بعض الصحابة بفاتحة الكتاب لسيد الحى الذى لدغ فشفاه اللَّه، ثم أقرهم النبى صلى الله عليه وسلمِ " على فعلهم وما أعطاه إياهم هذا السيد، وبين أن العلاج بكتاب اللَّه أحق أن يؤخذ عليه الأجر. (ب) حديث الصحيحين عن عائشة رضى اللَّه عنها: أمر النبى صلى الله عليه وسلم أن نسترقى من العين. (جما حديث الصحيحين: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه نفث فى كفيه بقل هو اللَّه أحد والمعوذتين، ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يده من جسده. (د) حديث الصحيحين: أنه صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله، يمسح عليه بيده اليمنى ويقول " اللهم رب الناس أذهب البأس، واشف أنت الشافى لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما ". (هـ) ما رواه مسلم أن جبريل عليه السلام أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال " نعم " فقال جبريل: باسم اللَّه أرقيك من كل داء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، اللَّه يشفيك، باسم اللَّه أرقيك. (و) ما رواه مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: " من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات اللَّه التامة من شر ما خلق لم يضره شىء حتى يرتحل من منزله ذلك ". (ز) ما رواه مسلم عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص فى الرقية من الحمة والعين والنملة. (ج) ما رواه مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لعثمان بن أبى العاص لما اشتكى إليه وجعا يجده فى جسده منذ أسلم " ضع يدك على الذى تألم من جسدك وقل: بسم الله " ثلاثا " وقل سبع مرات: أعوذ بعزة اللَّه وقدرته من شر ما أجد وأحاذر". (د) ما رواه أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم أذن للشفاء بنت عبد اللَّه أن ترقى من النملة بعد أن عرضت عليه، وقال " لا باس بها " النملة بكسر الميم بثور فى الجنبين، اللحمة ضرر ذوات السموم. (ى) ما رواه ابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم أذن لعمارة بن حزم فى الرقية من الحية بعد أن عرضت عليه، وقال " لا بأس بها ". قال النووي فى شرح صحيح مسلم فى الجمع بين الأحاديث الناهية عن الرقى والمجيزة لها: أن المنهى عنه هو الرقية بكلام الكفار، والرقى المجهولة والتى بغير العربية وما لا يعرف معناها، فهى مذمومة لاحتمال أن معناها كفر أو قريب منه أو مكروه، وأما الرقى بآيات القرآن والأذكار المعروفة فلا نهى عنها بل هى سنة (ج 14 ص 196) وقد روى مسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم "اعرضوا علىَّ رقاكم، لا باس بالرقى ما لم يكن فيه شرك ". وقال ابن حجر فى فتح البارى: أجمع العلماء على جواز الرقية عند اجتماع ثلاثة شروط: أن تكون بكلام اللَّه أو بأسمائه أو صفاته، وباللسان العربى أو بما يعرف معناه من غيره، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بتقدير اللَّه (نفثات صدر المكمد لسفارينى: ج 2 ص 642) (7/376) ________________________________________ التمائم
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى التمائم؟
الجواب التمائم جمع تميمة، قال الحافظ المنذرى: يقال إنها خرزة كانوا يعلقونها، يرون أنها تدفع عنهم الآفات. واعتقاد هذا الرأى جهل وضلالة، إذ لا مانع إلا اللَّه، ولا دافع غيره. ذكره الخطابى (الترغيب والترهيب: ج 4 ص 96) . فالنهى عنها عند اعتقاد أنها تؤثر بنفسها، فذلك شرك وبدون هذا الاعتقاد جهالة، جاء فى الحديث " من علق تميمة فلا أتم اللَّه له، ومن علق ودعة فلا أودع اللَّه له " (رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد جيد والحاكم وصححه) . وفى حديث آخر (من علق فقد أشرك " (رواه أحمد برواة ثقات) وعن عائشة رضى الله عنها قالت: ليست التميمة ما يعلق به بعد البلاء، إنما التميمة ما يعلق به قبل البلاء (رواه الحاكم وصححه) . ويؤخذ من كلام المنذرى أن التميمة خرزة، وفى الحديث ذكر التميمة والودعة، فهل هما شىء واحد؟ وإذا كان ذلك فلملذا التكرار والعطف يقتضى المغايرة؟ وقد يجاب على ذلك بان الودعة هى الخرزة الصدفية المعروفة التى تتكون فى البحار، والتميمة كل شىء يعلق من أية مادة تكون، كقطعة خشب أو خرقة أو غيرهما، مما يعتقد الجهلة منفعته. وتفسير عائشة يدل على أنها كانت للحفظ من الإصابة ودفع الشر، وليست للاستشفاء من مرض واقع. ومهما يكن من شىء فإن أعتقاد أن هذه الأشياء تؤثر بنفسها دون توقف على إرادة الله تعالى يتنافى مع الإيمان. ومثل التمائم ما يعرف بالأحجبة، وهى كتابات تعلق بقصد دفع الشر أو رفعه، فإن كانت كلمات من القرآن الكريم أو ذكر اللَّه تعالى، مع اعتقاد أنها لا تؤثر إلا بإرادته سبحانه فلا يؤثر ذلك على الإيمان، مع التنبيه على صيانة كلام اللَّه تعالى من كل ما يخل بتوقيره، ومع التوصية بطلب العلاج عند المختصين. وجاء فى زاد المعاد لابن القيم (ج 4 ص 119) أن جماعة من السلف أجازوا كتابة شىء من القرآن ثم إذابته بالماء والتداوى به سقيا أو غسلا، روى ذلكُ عن مجاهد ومثله عن أبى قلابة، ويذكر عن ابن عباس أنه أمر أن يكتب لامرأة يعسر عليها ولادها أثر من القرآن ثم يغسل ويسقى. وجاء فى " الفتاوى الإسلامية " (ج 10 ص 3567) : اختلف العلماء فى جواز كتابة بعض آيات من القراَن أو أسماء لتكون تمائم، فقالت طائفة بجوازه، ونسبوا هذا إلى عمرو بن العاص وأبى جعفر الباقر، رواية عن الإمام أحمد، وقالت طائفة بمنعه لحديث أحمد " من علق تميمة. . . " وجزم كثير من العلماء بقول الطائفة الأخيرة، لعموم هذا النص، وسدا للذريعة حتى لا يكبر الصغار وهم يعتقدون أن التمائم هى التى تشفى وتحفظ دون إرادة اللَّه. ولا يحل لمسلم أن يأخذ أجرا على كتابة هذه الآيات، وليس هناك حديث يقول " خذ من القرآن ما شئت لما شئت ". ويراجع فى ذلك تفسير القرطبى (ج 10 ص 318) (7/377) ________________________________________ العدوى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى العدوى؟
الجواب العدوى انتقال المرض من المصاب به إلى آخر، بطريق مباشر أو غير مباشر، وكان العرب يعتقدون أن الجسم المريض يؤثر حتما فى الجسم السليم عند وجود الفرصة، وذلك دون حساب أو تقدير لإرادة اللَّه تعالى. ولما كانت العدوى حقيقة واقعة لم ينكرها الإسلام، وإنما أنكر الاعتقاد الشائع حولها، ولهذا جاءت نصوص تثبتها كحقيقة طبية، ونصوص تنفيها كمؤثر حتمى بعيد عن إرادة الله. فمما جاء فى إثباتها حديث " إذا سمعتم بالطاعون فى أرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه " ولما سمعه عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه رجع من الشام. ولما قيل له: أفرارا من قدر اللَّه قال؟ : أفر من قدر اللَّه إلى قدر اللَّه (رواه البخارى) . وحديث (لا يورد ممرض على مصح " (رواه مسلم) . وحديث " فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد" (رواه البخارى تعليقا) . وعدم مبايعة النبى صلى الله عليه وسلم لرجل مجدوم كان فى وفد ثقيف (رواه مسلم) . ومما جاء فى نفى العدوى حديث " لا عدوى ولاطيرة ولا هامة ولا صفر " (رواه البخارى) . وحديث " فمن أعدى الأول "؟ (رواه أحمد والبيهقى والطبرانى) وذلك فى معرض الحديث عن الإبل يدخل فى وسطها بعير أجرب. وحديث: وضع النبى صلى الله عليه وسلم يد مجذوم معه فى الطعام وقوله: " كل باسم اللَّه توكلا على اللَّه وثقة باللَّه " (رواه الترمذى) . وقد وضح ابن القيم هذا الموضوع فى كتابه " زاد المعاد " وذكر أنه لا تعارض بين الأحاديث القوية، فالإثبات على أنها سبب عادى، والنفى يحمل على أنها لا تؤثر بنفسها. والهامة: طائر يزعم العرب أن عظام الميت تصير طائرا يطير من قبره ينادى بأخذ الثأر له وتقول: اسقونى اسقونى، فإذا اخذ بثأره سكتت. والصفر: حية فى البطن تصيب الإنسان إذا جاع وتؤذيه كما كان يزعم العرب. وقيل: أراد بالصفر الشهر الذى كانوا يؤخرون به حرمة المحرم إلى صفر (7/378) ________________________________________ الحسد بالعين
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حكم الدين فى الحسد بالعين؟
الجواب الحسد بالعين حقيقة ملموسة لا ينكرها أحد. وهى طاهرة موجودة من قديم الزمان. وأن عجز بعض الناس عن تفسيرها تفسيرا علميا، وقد صح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: " العين حق، ولو كان شىء سابق القدر لسبقته العين " رواه مسلم. وقد اتخذ النبى صلى الله عليه وسلم لها إجراء وقائيا وإجراء علاجيا، فقد ورد عن أبى سعيد أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان وعين الإنسان. كما روى الترمذى وصححه أن أسماء بنت عميس قالت: يا رسول اللَّه، إن بنى جعفر تصيبهم العين، فأسترقى لهم؟ فقال: " نعم، ولو كان شىء يسبق الفضاء لسبقته العين ". وجاء فى مسند أبى داود عن عائشة قالت: كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين، وروى مالك أن عامر بن ربيعة رأى سهل بن حنيف يغتسل، فقال: واللَّه ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة. قال: فلَبِط سهل، فأتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عامرا فتغيظ عليه وقال " علام يقتل أحدكم أخاه، إلا بركت، اغتسل له " فغسل له عامر وجهه ويده ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه داخلة إزاره فى قدح، ثم صب عليه، فراح مع الناس، وقد ذكر ابن القيم فى كتابه " زاد المعاد ج 3 ص 116 " عدة أحاديث فى هذا الموضوع، وعلق عليها بقوله: أبطلت طائفة ممن قل نصيبهم من السمع والعقل أمر العين، وقالوا: إنما ذلك أوهام لا حقيقة لها. وهؤلاء من أجهل الناس بالسمع والعقل، ومن أغلظهم حجابا، وأكثفهم طباعا، وأبعدهم معرفة عن الأرواح والنفوس وصفاتها وأفعالها وتأثيراتها. وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمر العين ولا تنكره وإن اختلفوا فى سببه ووجهة تأثير العين. ثم ذكر ابن القيم وجهات نظر مختلفة وتفسيرات لكيفية الإصابة بالعين، منها قوله: أن العائن إذا تكيفت نفسه بالكيفية الرديئة انبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين، فيتضرر. قالوا: ولا يستنكر هذا، كما لا يستنكر انبعاث قوة سمية من الأفعى تتصل بالإنسان فيهلك. وهذا أمر قد اشتهر عن نوع من الأفاعى أنها إذا وقع بصرها على الإنسان هلك، فكذلك العائن. ثم قال: وهو يلتقى مع قول النبى صلى الله عليه وسلم فى الأبتروذى الطفيتين من الحيات أنهم ليلتمسان البصر ويسقطان الحبل ويؤمن ابن القيم بذلك حتى قال: إن نفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية، بل قد يكون أعمى فيوصف له شىء فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره. وذكر ابن القيم علاج الإصابة بالعين مستوحى من الأحاديث النبوية، مع أدعية واردة تفيد فى هذا الموضوع، وأفاض فى بيان تأثير العلاج النبوى بالاغتسال بالماء الذى اغتسل به العائن بما لا يدع مجالا للشك فى أهميته، فارجع إليه إن شئت. هذا، والأبحاث النفسية الحديثة لا تنكر أثر العين، بل أثر القوى الأخرى، وهى تثبت صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فى قوله، وأثر الاستعاذة والتحصن فى تقوية الروح لتدفع خطر العين (7/379) ________________________________________ معنى نزول الله إلى السماء الدنيا
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال وردت أحاديث تقول إن الله ينزل إلى السماء الدنيا ليسمع دعاء التائبين والمسترزقين، فكيف يكون هذا النزول، وهل الله فى مكان ينزل منه؟
الجواب روى البخاري ومسلم وغيرهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعونى فأستجيب له، من يسألنى فأعطيه من يستغفرنى فأغفر له ". هذا الحديث من المتشابه الذى يوجد فى القرآن الكريم وفى السنة النبوية، والمسلمون حياله فريقان، فريق يطلق عليهم اسم السلف، وفريق يطلق عليهم اسم الخلف، فالأولون يؤمنون بأن الله سبحانه ينزل من عرشه إلى سماء الدنيا نزولا يليق بجلاله وكماله، بعيدا عن المشابهة للحوادث كما قال سبحانه {ليس كمثله شىء} الشورى: 11، والآخرون يصرفونها عن ظاهرها ويريدون بها لازمها، بمعنى القرب والرحمة وسرعة الاستجابة كما يجىء فى كلام العرب تعبيرا عن الرجل الكريم بأنه لا تطفأ له نار. وعلى شاكلة ذلك كان تفسيرهم لليد والعين فى قوله تعالى {يد الله فوق أيديهم} الفتح:10، وقوله {ولتصنع على عينى} طه: 39. ومن موقف السلف والخلف من الإيمان بالظاهر ومن التأويل كان الوقف فى قوله تعالى {فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا} آل عمران: 7، فالأولون يقفون عند قوله تعالى {وما يعلم تأويله إلا الله} ويكون قوله: " والراسخون " كلاما مستأنفا، أو مبتدأ خبره " يقولون آمنا به " والآخرون لا يقفون عند قوله {الله} وأنما يصلون به على العطف " والراسخون فى العلم " فالذى يعلم التأويل عند الأولين هو الله فقط، والذى يعلمه عند الآخرين الله والراسخون فى العلم. " راجع موضوع: الرحمن على العرش استوى " (7/380) ________________________________________ القضاء والدعاء وعمل البر
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال وردت نصوص يؤخذ منها أن الدعاء يرد القضاء وأن صلة الرحم تزيد فى العمر، فكيف يكون ذلك مع أن قضاء الله واحد وعلمه لا يتغير؟
الجواب روى الحاكم وصححه وابن حبان فى صحيحه أن النبى صلى الله عليه وسلم فى قال " لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد فى العمر إلا البر. . . " ورواه الترمذى وقال: حسن غريب، أى رواه راو واحد فقط - وجاء فى حديث البزار والطبرانى والحاكم " لا يغنى حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء ينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة " ومعنى يعتلجان: يتصارعان ويتدافعان. قال العلماء فى هذا: إن القضاء نوع من علم الله تعالى بما سيكون عليه حال العبد قبل خلقه، ومنه قضاء مبرم لابد من وقوعه لا يدفعه ولا يرفعه شىء، ومنه قضاء معلق فى وقوعه أو رفعه على شىء، فالموت مثلا قضاء مبرم لابد منه ولا يدفعه شىء " وطول العمر قضاء معلق على فعل، مثل صلة الرحم وعمل خير آخر، كما فى حديث " من سره أن يبسط له فى رزقه وينسأ له فى أثره فليصل رحمه " رواه أحمد وغيره. ومن هذا النوع المعلق أن يعلم الله سبحانه أن شيئا سيحصل للعبد عند دعائه، وأن مرضا سيصيبه لا يبرأ منه إلا بالدعاء والعلاج، فكل حركات العبد والكون معلومة مكشوفة لله تعالى، ولكنها مغيبة عنا، ولذلك أمرنا بطاعته، ومن الطاعة الدعاء الذى يؤكد الإنسان شيه إيمانه بضعفه وحاجته إلى الله، وقد عبر عن هذا فى الحديث بأنه العبادة أو مخ العبادة، فإذا حصل الدعاء وتم ما أراد الله كانت إرادته مرتبطة بدعاء العبد كما علمها من قبل، وما دام القضاء مغيبا علينا فعلينا امتثال أمر الله فى الدعاء وغيره، ولو علمنا ما قدر لنا ما كان هناك معنى للتكليف ولركدت حركة الحياة (7/381) ________________________________________
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51501 العمر : 72
| موضوع: رد: فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس الثلاثاء 02 يناير 2024, 9:28 pm | |
| سجود الشمس تحت العرش
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال يقال إن الشمس عند الغروب تسجد تحت العرش،فهل هذا صحيح؟
الجواب قال تعالى {حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب فى عين حمئة ووجد عندها قوما} الكهف: 86، المعروف أن الأرض كروية، ولها دورتان، دورة حول نفسها ينتج عنها الليل والنهار ودورة حول الشمس ينتج عنها الفصول الأربعة، والشمس هى أيضا لها دوران حول نفسها، على ما يفيده قوله تعالى {والشمس تجرى لمستقر لها} يس: 38، فى أحد التفاسير، وكانت هذه الحقيقة مجهولة إلى وقت قريب، سبق بها القرآن المنزل من عند اللَّه. ومشرق الشمس ومغربها هو فى حقيقته ظهور جزء من الأرض فى مقابلها واختفاؤه عنها، فحركه الشروق والغروب حركة ظاهرية فى رأى العين للشمس، وهى فى الحقيقة لنا، وعندما تغيب الشمس عنا أو نغيب عنها يراها الناظر إليها وهو على شاطئ البحر أو المحيط أنها تغوص فى الماء كأن عينا ابتلعتها أو سقطت هى فيها. ووصف العين فى الآية بأنها حمئة، قال بعض المفسرين: إنها ذات حمأة وطين، وفى قراءة ... حامية أى حارة ساخنة، وذلك كله تخيل وتصور للناظر يعطيه لون الماء فى زرقته التى تميل،من بعد إلى السواد، أو توهج الشمس عن طريق تفرق أشعتها عند الغروب كأن نارا توقد فى هذا الماء، فالتصوير كله بحسب ما يراه الناظر بصرف النظر عن الحقيقة. ذلك ما يعطيه لنا العلم الحديث، الذى يقول إن نصف الكرة الأرضية يكون نهارا حين يقابل الشمس، والنصف المقابل يكون ليلا حين تغيب عنه. لكن ورد فى البخارى حديث عن أبى ذر يقول فيه: كنت مع النبى صلى الله عليه وسلم فى المسجد عند غروب الشمس، فقال " يا أبا ذر تدرى أين تغرب الشمس "؟ قلت: اللَّه ورسوله أعلم. قال " فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش "، فذلك قوله تعالى {والشمس تجرى لمستقر لها} . وأخرجه النسائى بلفظ فإنها تذهب حتى تنتهى تحت العرش عند ربها ثم تستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تستأذن فلا يؤذن لها، وتطلب، فإذا كان ذلك قيل لها: اطلعى من مكانك، فذلك قول اللَّه {والشمس تجرى لمستقر لها} . فكيف يستقيم الإخبار عن سجودها تحت العرش عند مغيبها، ومع قول القرآن إنها تغرب فى عين حمئة؟ ولم يفت شراح الحديث القدامى هذا السؤال، فقد قال الحافظ ابن حجر فى شرح البخارى " فتح البارى " لا تخالف بين الحديث والقرآن، فإن المراد بالآية نهاية مدرك البصر إليها حال الغروب، وسجودها تحت العرش إنما هو بعد الغروب. وقال الخطابى: يحتمل أن يكون المراد باستقرارها تحت العرش أنها تستقر استقرارا لا نحيط به نحن، وليس فى سجودها كل ليلة تحت العرش ما يعوقها عن دورانها فى سيرها، وهناك أقوال أخرى لا يوجد لها سند صحيح. وقال بعض العلماء: إن المراد بسجودها تحت العرش خضوعها لله وانقيادها للنظام الذى وضعه لها. وهذا أمر يجرى على كل كائن فى الوجود مهما تصور الإنسان عظمته وفتن بقوته وأثره، فهو تحت حكم الله يتصرف فيه كيف يشاء، وكل حركة فى الكون فهى بأمره سبحانه. وعند نهاية العالم سيغير اللَّه نظام الكون المشاهد لنا، فتشرق الشمس من حيث غربت. والله على كل شىء قدير. وبهذا لا يوجد تعارض بين مقررات العلم وبين القرآن والحديث، فالكل من اللَّه سبحانه واللَّه حكيم خبير (7/382) ________________________________________ الشرك الخفى
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هو الشرك الخفى؟
الجواب عن أبي سعيد الخدرى رضي اللَّه عَنه قال: خرج علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ونحن نتذكر المسيخ الدجال فقال "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيخ الدجال "؟ فقلنا: بلى يا رسول اللَّه فقال "الشرك الخفي، أن يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل " رواه ابن ماجه والبيهقى. وجاءت فيه روايات بألفاظ متقاربة كلها تفيد أن الرياء مذموم، كأن الإنسان يشرك مع اللَّه غيره في أداء العبادة، قال تعالى في ذم المرائين {إن المنافقين يخادعون اللَّه وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون اللَّه إلا قليلا} النساء: 142، وقال تعالى {فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يراءون ويمنعون الماعون} الماعون: 4 - 7. والأحاديث في ذم الرياء كثيرة، منها حديث مسلم في الثلاثة الذين يكونون أول من تسعَّر بهم النار يوم القيامة، المجاهد والعالم والجواد، كانوا يحرصون على ثناء الناس عليهم.، وحديث البخاري ومسلم "من سمَّع سمَّع اللَّه به، ومن يراء يراء اللَّه به " أي من أظهر عمله للناس رياء أظهر الله نيته الفاسدة يوم القيامة وفضحه على رءوس الأشهاد. وحديث ابن خزيمة في صحيحه "يا أيها الناس إياكم وشرك السرائر" قالوا وما هو؟ . قال "يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته جاهدا، لما يرى من نظر الناس إليه، فذلك شرك السرائر" وجاء في حديث أحمد والطبرانى أن النبي حذَرهم من هذا الشرك الخفي فسألوه كيف يتقونه؟ فقال "قولوا اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه " وفي بعض الروايات: يقال ذلك ثلاث مرات كل يوم (7/383) ________________________________________ أهل الفطرة
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما حساب الذين ماتوا قبل الإسلام، هل يدخلون الجنة أم يدخلون النار؟
الجواب أهل الفطرة هم الذين لم يروا نبيًّا سابقًا ولا نبيًّا لاحقًا، عاشوا وماتوا في فترة ليس فيها نبي، ومنهم العرب الذين ماتوا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم حيث لم يأتهم نبي بعد إسماعيل فمن أمن من هؤلاء بالرسل الذين أرسلوا إليهم فهم في الجنة، ومن لم يؤمن فهو في النار، وهناك جماعة لم تبلغهم دعوة أي نبي من الأنبياء، وقد اختلف فيهم العلماء، فقال أى بعضهم، كان الواجب عليهم أن يعرفوا ربهم بعقولهم عن طريق النظر في مخلوقاته ليؤمنوا به، فمن توصل منهم إلى معرفته وآمن به نجا، ومن لم يفعل ذلك فهو في النار. وقال آخرون: لا يكلف هؤلاء بالإيمان إلا بحسب شرع يأتى إليهم،فإذا لم يجئ فلا مسئولية عليهم، قال تعالى {وما كنا معذِّبين حتى نبعث رسولاً} الإسراء: 15. وحجة كل فريق مبسوطة فى الكتب المتخصصة، راجع كتاب: الملل والنحل للشهرستاني، المواهب للقسطلانى مع شرح الزرقانى، وسترى الحديث عن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم له نصيب كبير من البحث. ومهما يكن من شيء فإن معرفة ذلك ليست فرضًا علينا، وليست عقيدة نسأل عنها، والبحث شهوة عقلية لا تغير من واقع هؤلاء الناس شيئًا، فربهم أعلم بهم وقد أفضوا إليه بما قدموا (7/384) ________________________________________ الرب والإله
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما الفرق بين الرب والإله؟
الجواب الرب فى اللغة هو المالك للشيء، ويطلق على السيد المالك للعبد، وعلى المربى، ولا يقال "الرب " مطلقا بغير إضافة لشيء إلا لله تعالى، المتكفل بمصالح الخلق، أما بالإضافة فيطلق على غير الله، كرب الدار ورب الفرس، ذكره الأصفهانى فى " المفردات ". والإله بالتعريف اسم للمعبود بحق، وهو اللَّه سبحانه، وإذا ذكر بدون التعريف " إله " كان اسما لكل معبود ولو باطلا. ويقول الراغب الأصفهانى فى " المفردات " الإله حقه ألا يجمع، إذ لا معبود سواه، لكن العرب - لاعتقادهم أن ههنا معبودات -جمعوه فقالوا: الآلهة. قال اللَّه تعالى {أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا} الأنبياء: 43، وقال {أجعل الآلهة إلها واحدا} ص: 5 (7/385) ________________________________________ اقتران صفات الله بلفظ "كان"
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال تأنى فى بعض الآيات صفات الله تعالا فيها عبارة " كان " مثل " كان الله غفورًا " فهل هذه الصفات، كانت فى الماضى وزالت عنه وتغيرت أم باقية؟
الجواب إذا وصف اللَّه نفسه فى القرآن الكريم لم يأت هذا الوصف دائما مقرونا بلفظ " كان " فكثيرا ما يأتى الوصف بدون ذلك قال تعالى {إن اللَّه على كل شيء قدير} البقرة: 109، {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} البقرة: 222، {واستغفروا اللَّه إن الله غفور رحيم} المزمل: 20. وفى بعض الآيات يأتى الوصف مع لفظ " كان " كقوله تعالى {وكان الله غفورا رحيما} الأحزاب: 59، وقوله {وكان الله بكل شىء عليما} الفتح: 26، وقوله تعالى {وكان اللَّه سميعا بصيرا} النساء: 134. وليس المراد بذلك أن اللَّه سبحانه كان متصفا بالمغفرة والرحمة والعلم والسمع والبصر فى زمن مضى، ثم زالت عنه هذه الصفات فى الزمن الحاضر ولا يتصف بها فى المستقبل، ذلك لأن تقسيم الزمن إلى ماض وحاضر ومستقبل هو بالنسبة لنا نحن، حين نتحدث ونحدد ما يقع من أحداث قبل زمن الحديث عنها أو فى أثناء الحديث أو بعده، أما اللَّه سبحانه فهو منزه عن الزمان. وما كان مخلوقا لا يتحكم فيمن خلقه. وكأن اللَّه سبحانه حين يقرن صفاته بلفظ " كان " يبين لنا أنه موصوف بذلك قبل أن يخبرنا، بل قبل أن يخلقنا، فهى صفات أصيلة فيه وجبت له لذاته لا لعلة أوجدتها فيه. فقد كان اللَّه بصفاته ولا شيء معه وقد نبه المفسرون على ذلك، فجاء مثلا فى تفسير الجلالين لقوله تعالى فى أول سورة النساء {إن اللَّه كان عليكم رقيبا} قوله: أى لم يزل متصفا بذلك. وقال الجمل فى الحاشية: نبه به على أن " كان " قد استعملت هنا فى الدوام، لقيام الدليل القاطع على ذلك (7/386) ________________________________________ تخلقوا بأخلاق الله
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال هل هناك حديث يقول: تخلقوا بأخلاق الله، وكيف يقال عن صفات الله أنها أخلاق؟
الجواب لا يوجد حديث عن النبى صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ، ذلك أن الخُلق كما عبر عنه العلماء ملكة راسخة فى النفس تصدر عنها الأفعال بيسر وسهولة من غير فكر ولا روية، ولا يمكن أن يعبر عن صفات اللَّه مثل الرحمة والعدل بأنها آثار لملكة راسخة فى النفس. والذى ورد أن السيدة عائشة رضى الله عنها سئلت عن أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خلقه القرآن رواه مسلم وغيره، وجاء فى زيادة: يغضب لغضبه ويرضى لرضاه. وقد علق العارف باللَّه عمر شهاب الدين بن محمد بن عمر السهروردى المتوفى ببغداد فى المحرم سنة 632 هجريه - فى كتابة عوارف المعارف على قول السيدة عائشة بقوله: ولا يبعد أن قول عائشة رضي اللَّه عنها: كان خلقه القراَن فيه رمز غامض وإيماء إلى الأخلاق الربانية، فاحتشمت الحضرة الإلهية أن تقول: كان متخلقا بأخلاق اللَّه تعالى، فعبرت عن المعنى بقولها: كان خلقه القرآن، استحياء من سُبُحات الجلال، وسترًا للحال بلطيف المقال، وهذا من وفرة عقلها وكمال أدبها. " الزرقانى على المواهب اللدنية ج 4 ص 246 ". فإذا جاء التعبير على لسان بعض رجال التصوف بلفظ " أخلاق الله " فلم يجىء هذا التعبير عن النبى صلى الله عليه وسلم. وإن كانت صفات اللَّه سبحانه معروفة (7/387) ________________________________________ الوجودية
المفتي عطية صقر. مايو 1997
المبادئ القرآن والسنة
السؤال ما هى الوجودية وما موقف الإسلام منها؟
الجواب الوجودية مذهب أو اتجاه فكرى يعنى بالبحث فى الوجود الإنسانى، ويصورها "ريجيس جوليفييه " فى كتابه "مذاهب الوجودية" بأنها اعتقاد أن أساس وجود الإنسان هو ما يفعله بمعنى أن أفعاله هى التى تحدد وجوده، كما قال سارتر: أنا موجود فأنا أفكر، على عكس ما قال ديكارت: أنا أفكر فأنا موجود. إن هذا المذهب ليس جديدا، فقد اهتم به كثيرون من الفلاسفة والأدباء والمتصوفين وغيرهم من قديم الزمان، وإن كان أبرزهم حديثا هو "كير كجارد" الدانمركى المتوفى سنة 1855 م وآخرهم "جان بول ساتر" الفرنسى المولود فى 21 من يونيو سنة 1905 م والمتوفى فى يوم الثلاثاء 15 من إبريل 1980 م. وبعض المعتنقين لهذا المذهب يؤمنون بوجود اللَّه الذى خلق الإنسان، لكن يرون أنه مى به فى تيه يعيش فيه بين الألم والخوف والقلق، ومن هؤلاء: كير كجارد، جبرييل مارسيل، وبعضهم لا يؤمنون بأن الله خلق الإنسان، بل هو الذى خلق نفسه بنفسه، وذلك لعدم اليقين بمصدر وجوده الحقيقى، ومنهم: هيدجر، سارتر. والذين درسوا تاريخ هؤلاء تبين له أن ظروف حياتهم هى التى أملت عليهم هذا الاتجاه فى التفكير، فقد كان "كير كجارد" منطويا على نفسه منعزلا، ولذلك حلل الوجود البشرى تحليلا يعيش فى جو الحصر النفسى والتمزق الداخلى والشعور بالخطيئة، وكذلك "سارتر" حيث اهتم اهتماما كبيرا بفكرة العدم باعتباره داخلا فى نسيج الوجود، فالفرد عنده يعيش فى مواقف تتصف بالتميع، ويحاول أن يتخطى حدود نفسه ويخدعها، ومن أجل أن وجوده مرتبط بوجود الآخرين يرى تصارع إرادتهم مع إرادته فى جو كله غثيان، والفرد يسعى جاهدا إلى تحقيق رغباته لكن ذلك غير ممكن، لأن إمكاناته لا تسعفه. ويمكن أن نحدد أهم الصفات المميزة للوجوديين فيما يلى: 1- الإيمان بأن التجربة الفردية هى أساس المعرفة، وليس العقل أو غيره موصلا إلى معرفة الحقيقة. 2- الإغراق فى تقديس الحرية الشخصية فكرا وسلوكا، وعدم الاهتمام بالآخرين بقدر الاهتمام بالنفس، ولذلك كثر فيهم الشذوذ والتطرف والآراء الغريبة والإنسان هو صانع وجوده بنفسه، لأنه رب أفعاله. 3- التشاؤم والقلق والتمزق، فالوجودى يحاول أن يخلع نفسه من نفسه ليعيش نفسا أخرى، لأنه إما أن يكون قد قذف به فى الكون وترك مع الطوفان بلا مدد أو وقاية، كما يقول الملحدون، وإما أن يكون اللَّه قد ترك له حرية الاختيار، وإن كان الاختيار نفسه محدودا بحواجز خارجة عن إرادته وهو يشعر بها عند الفشل والمقاومة، فالوجود عندهم يتأرجح دائما بين الوجود والعدم أو بين الاختيار والجبر. وهى تجرد الإنسان من كل ثقة فى الحياة، وتهدم كل أساس ينطلق منه العمل. يقول "هيدجر" إننا قد ألقى بنا إلى هذا العالم ولست أعرف لماذا ولا كيف، والشيء الوحيد الذى أعرفه حق المعرفة هو أننى سأموت يوما من الأيام، فالإنسان مستقبله محدود ومتناه، وأنا أعرف ذلك. إن لهم تعبيرات غريبة عن التجربة الفردية التى يعيشونها، يقول عنها "كارل ياسبرز" إنها الإحساس بمدى هشاشة الوجود الإنسانى، ويقول عنها "هيدجر" هى المضى نحو الموت، ويقول عنها "سارتر": الإحساس بالغثيان والتقزز بل إن كثيرا منهم لا يرضى أن يقال عنه: إنه فيلسوف، وإنما يقال: كاتب أو أديب، لأن الفيلسوف الوجودى يقصر بحثه على الوجود الخاص به، وهو يرى أن فلسفة البحث عن الوجود هى العدم، وذلك ما قاله هيدجر. ومن هنا اعتبر كبار النقاد أن سارتر أديب أولا، ثم فيلسوف ثانيا. 3- تقوم الوجودية على إنكار وجود الله، وبالتالى إنكار حياة بعد الموت،أو على عدم الرضا بقضاء الله وحكمته فى هذا الوجود، وأنه بقدرته يمكن أن يغير أى حال إلى حال آخر، الأمر الذى جعلهم يعيشون حياة القلق والتشاؤم والاهتمام بالذات وانتهاز الفرص التى ربما لا تتاح بعد. إن الناظر إلى هذا الفكر يراه مخالفا للإسلام، وذلك لما يأتى: (ا) أن الإسلام يقوم على الإيمان بوجود اللَّه وبالحياة الآخرة، فالوجود الزمنى فى الدنيا معه وجود آخر دائم بعد الموت، فالعدم ليس نهاية الوجود كله، بل إن الحياة الآخرة خير لمن اتقى واستقام أمره. (ب) ليست وسائل المعرفة الصحيحة قاصرة على إحساس الفرد نفسه بما يعانيه من تجربة، فهناك العقل وميدان التفكير واسع غير محدود، وهناك الوحى المنزل من عند اللَّه على رسله. (ج) ليست الحرية الشخصية فى الإسلام أو فى أى دين آخر، بل فى أى تشريع أو عرف، حرية مطلقة بغير حدود، فهناك ضوابط موضوعة لاستقامة السلوك وللمحافظة على حقوق الآخرين، ضرورة أن الإنسان مدنى بطبعه، لابد أن يعيش فى مجتمع له حقوقه، ومعلوم أن الأهواء الشخصية مختلفة، وفى بعضها تضارب كبير، والإنسان ليس كالحيوانات التى تسيرها غرائزها فى أكثر أحوالها. (د) الإسلام لا يرضى عن التشاؤم المطلق، أو اليأس المقنط بل فتح باب الأمل ودعا إلى النشاط والعمل، ووعد بالعفو عن المسيء إذا أناب إليه، وباليسر والفرج لمن توكل عليه، وآمن برحمته وحكمته وهو يباشر نشاطه المأمور به. وكل ذلك له أدلته من الكتاب والسنة وآثار السلف وواقع التاريخ الذى أثبت أن المسلمين انطلقوا بإ |
|