منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات Empty
مُساهمةموضوع: الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات   الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات Emptyالأربعاء 01 نوفمبر 2023, 8:04 am

الفصل الثالث:
الرؤية الصهيونية للذات

يمكن القول ان الصهيونية تنطلق من توليفة من الافكار العلمانية الشاملة (التي شاعت في الحضارة الغربية في القرن التاسع عشر، عصر الامبريالية والعنصرية) من اهمها النظرية النفعية المادية والنظرية العرقية والإثنية التي تذهب الى ان الاختلافات بين البشر ان هي الا اختلافات مادية، كامنة في خصائصهم العرقية والتشريحية والثقافية والاثنية (الطعام ـ التنظيم الاجتماعي)، وان البشر مادة بشرية يمكن ان توظف فتكون نافعة كما يمكن الا يكون لها نفع.
ومن هنا تبرز اهمية الاختلافات العرقية (لون الجلد ـ حجم الرأس… الخ) كمعيار للتفرقة بين البشر.
والخصائص الحضارية، ورقي شعب ما وتخلفه هو -حسب هذه الرؤية- نتيجة صفاته العرقية والتشريحية، ومن ثم فتقدم او تخلف شعب مسألة عرقية أو إثنية متوارثة.

الصهيونية وحجم الرأس!
تنبع الصيغة الصهيونية الاساسية الشاملة من التشكيل العلماني الامبريالي العرقي فهي تفترض ان اليهود شعب عضوي يحوي داخله خصائصه العرقية والاثنية.
ولكن هذا الشعب غير نافع ولذا لابد من نقله الى ارض خارج اوربا لتوظيفه لصالحها ليتحول الى عنصر نافع.
وقد استخدمت الصهيونية النظريات العرقية الغربية لتبرير نقل الشعب العضوي اليهودي المنبوذ من أوربا ولتبرير إبادة السكان الاصليين ليحل اعضاء هذا الشعب محلهم.

وقد عبَّرت النظرية العرقية الغربية عن نفسها على مستويين:
أ) داخل اوربا: طبق منظرو العرقية النظريات نفسها على شعوب اوربا وأقلياتها، فاتجه الالمان الى وضع الآريين، وخصوصاً التيوتون، على رأس الهرم، كما نجد الانجليز يضعون العنصر الانجلوساكسوني (الانجليزي الامريكي) عند هذه القمة.
وقد كان هناك ايضاً من السلاف من فعل ذلك.
وعلى أية حال، فان الشعوب البيضاء (الشقراء) في الشمال تجيء على القمة، اما الشعوب الداكنة في الجنوب (الايطاليون واليونانيون) فكانت توضع في منتصف الهرم، وفي قاعدة الهرم كان يوضع الغجر واليهود.
وقد ظهرت ادبيات عرقية معادية لليهود تحاول اثبات عدم انتمائهم لاوربا وانفصالهم عنها حضارياً او عرقياً كما تحاول اثبات تدنيهم.
ب) خارج اوربا: الشعوب الملونة خارج اوربا هي شعوب متخلفة حضارياً وعرقياً، على حين ان الرجل الابيض متقدم متحضر، الامر الذي يضع على الانسان الابيض عبئاً ثقيلاً ويفرض عليه ان يغزو بقية العالم ويهزم شعوبها ويبيد اعداداً منهم حتى يتم ادخال الحضارة عليهم.
وقد تبنت الصهيونية كلا جانبي النظرية العرقية الغربية من الصفحة الحالية، فاستخدمت النظرية العرقية في مجالها الاوربي لتفسير ظاهرة نبذ الشعب العضوي اليهودي وضرورة نقله، واستخدمت النظرية العرقية في مجالها العالمي لتبرير عملية طرد العرب من بلادهم.
وقد ترجمت العنصرية الصهيونية نفسها الى شعار (ارض بلا شعب لشعب بلا ارض)، ولفهم هذا الشعار قد يكون من الافضل قلبه.
فنقول: (شعب (يهودي منبوذ طفيلي لا نفع له في أوربا لا ينتمي لها ولا وطن له فهو) بلا أرض، (ولذا يجب نقله) ترانسفيره transfer الى ارض (لا تاريخ فيها ولا تراث ولا بشر فهي) بلا شعب (وان وجد الشعب يمكن ابادته او طرده من وطنه)).
فكأن الصهيونية تعني عمليتي نقل او ترانسفير: لليهود من أوطانهم أو المنفى الى فلسطين، وللفلسطينيين العرب من وطنهم فلسطين الى المنفى.
ولذا، فالعنصرية الصهيونية ليست موجهة ضد العرب وحسب وانما ضد اعضاء الجماعات اليهودية ايضاً.
وغني عن القول ان وضع مثل هذه الرؤية موضع التطبيق يتطلب الحد الاقصى من العنف، ضد كل من اعضاء الجماعات اليهودية (اينما كانوا) وضد الفلسطينيين العرب، سكان الأرض الاصليين.



الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات   الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات Emptyالأربعاء 01 نوفمبر 2023, 8:05 am


الديباجات الصهيونية العنصرية ونظرية الحقوق اليهودية المطلقة:
تستند الديباجات، أية ديباجات، (انظر الملحق) الى رؤية للذات (الفاعلة) ورؤية الآخر (المفعول به).
وفي حالة الديباجات الاستعمارية، نجد أنها في جوهرها نظرية للحقوق يحاول الكيان الغازي ان يبرر عن طريقها عدوانيته وأن يضفي شيئاً من المعنى على فعلته.
وتنطلق الديباجات الصهيونية من الافتراض المحوري في الفكر القومي العضوي والعنصري الغربي الذي يذهب الى ان اعضاء الحضارة (الغربية) الغازية اكثر تفوقاً من الناحيتين الحضارية والعرقية من اعضاء الحضارات (الشرقية) المغزوة، وان تخلف هذه الحضارات الشرقية امر وراثي حتمي، ومن ثم تكون الغزوة الامبريالية مسألة منطقية وحتمية، بل ويحتمها منطق التقدم!
وقد تم الغزو الصهيوني لفلسطين مثلما تم أي استعمار استيطاني احلالي آخر، أي عن طريق العنف واغتصاب الارض من اصحابها.
لكن المادة البشرية الغازية في حالة فلسطين كانت متنوعة غير متجانسة وكان لها انتماءات حضارية ودينية وثقافية وسياسية مختلفة، كما ان الصهيونية كان عليها ان تبيع صورتها للاستعمار الغربي وللدول الاشتراكية وليهود العالم، ومن ثم تنوعت الديباجات والتبريرات التي يستند إليها الغزو الصهيوني بشكل يفوق الاعتذاريات الاستعمارية المألوفة.

لكن هناك عناصر كثيرة مشتركة:
1 ـ عبء اليهودي الابيض:
من أهم الديباجات الصهيونية، تلك الديباجات الاستعمارية العامة، أي التي لا تصدر عن منطق او تسويغ صهيوني او يهودي خاص، وانما تصدر عن منطق استعماري عام.
ومن المعروف ان الجيوب الاستيطانية البيضاء قامت بتقديم اعتذاريات مفصلة لتسويغ وجودها الشاذ في كل من آسيا وأفريقيا.
وفي بعض الاحيان، نجد ان الاعتذاريات الصهيونية من النوع التقليدي المألوف الذي يدافع عن نقاء الرجل الابيض وتفوقه.
فالانسان الابيض في هذه المنظومة هو مثل اللوجوس المتجسد او موضع الحلول ومركز الاطلاق والركيزة النهائية للكون والتاريخ والذي يدو حوله ويكتسب معنى من وجوده في مركزه.
ولهذا، فإن حقوق هذا الانسان مطلقة وتجب حقوق الآخرين.
وقد وصف اللورد آرثر بلفور (1848 ـ 1990) عملية الاستعمار الاستيطاني بأنها تعبير عن حقوق وامتيازات الاجناس الاوربية، واعتبر عدم المساواة بين الاجناس حقيقة تاريخية واضحة.
اما ريتشارد كروسمان، فكان يرى ان الاستعمار الاستيطاني الاوربي يصدر عن الايمان بان الرجل الابيض سيقوم بجلب الحضارة الى السكان الأقل تحضراً في آسيا وأفريقيا، وذلك عن طريق احتلال القارتين فعلياً، حتى لو ادى ذلك الى ابادة السكان الاصليين (ولا شك في انها طريقة غريبة ومدهشة ان تدخل الحضارة الى شعب عن طريق ابادته).
اما ماكس نوردو، فقد اقترح (حتى قبيل تبنيه الرؤية الصهيونية وتمشيا مع نظرته العنصرية الاستعمارية) توطين العمال الأوربيين العاطلين ليحلوا محل الاجناس الدنيا التي لا تستطيع البقاء خلال معركة التطور.
اما الزعيم والمفكر النازي ألفريد رونزبرج (1893 ـ 1946) الذي تم اعدامه باعتباره مجرم حرب بعد الحرب العالمية الثانية، فقد قدم حجة مماثلة لاثبات براءته خلال محاكمته في نورمبرج، مؤكداً للقضاة العلاقة العضوية بين العنصرية والاستعمار، اذ اشار الى انه عثر على لفظ (سوبرمان) لاول مرة في كتاب عن حياة اللورد كتشنر، الرجل الذي قهر العالم.
وبين روزنبرج ايضاً انه صادف عبارة (العنصر السيد) او (العنصر المتفوق) في مؤلفات عالم الاجناس الامريكي ماديسون جرانت والعالم الفرنسي لابوج، ثم اشار اخيراً الى ان هذا الضرب من التفكير لانثروبولوجي ليس سوى اكتشاف بيولوجي جاء في ختام أبحاث دامت 400 عام وان النظرية العنصرية، ونظريات التفوق العرقي، جزء من فكر الحضارة الغربية العلمانية الحديثة.
والمشروع الصهيوني جزء من المشروع الاستعماري الغربي، والصيغة الصهيونية الاساسية صيغة غربية غير يهودية.
وليس غريباً ان تجد الصهاينة يؤكدون انتماءهم الى الجنس الابيض، صاحب الرؤية المعرفية العلمانية الامبريالية والمشروع الاستعماري المنتصر، حتى يتمكنوا من المشاركة في المزايا والحقوق التي منحها الرجل الابيض لنفسه، وحتى يساهموا في حمل عبئه الحضاري الثقيل.
فنجد ان عالم الاجتماع الصهيوني آرثر روبين يؤيد في دراسته يهود اليوم النظرية التي تؤكد الشبه الجسماني بين الجنس اليهودي وأجناس آسيا الصغرى ولا سيما الأرمن، إذ انه يفضل (على حد قوله) ان يرى اليهود اعضاء في الجنس الابيض، ويرحب بأية محاولات نظرية ترمي الى توجيه الضربات للنظرية السامية التي تنسب اليهود للعرق السامي او الحضارة السامية.
ويرى ان الاختلاف العنصري بين اليهود والاوروبيين ليس كبيراً الى درجة تؤدي الى التشاؤم من ثمار الزواج المختلط بين اعضاء الجنسين.
وثمة اتجاه في التفكير الصهيوني يقصر لفظ (يهودي) على اليهود البيض وحدهم، أي الاشكناز.
وقد افصح روبين عن هذه الفكرة بصراحة بالغة في كتابه آنف الذكر، حيث يناقش أثر الحركة الصهيونية في وعي كثير من اليهود الغربيين، وكيف ان محاولات الاستيطان الصهيوني كانت تستهدف اساساً تجنيد اليهود الاوربيين، لا اليهود الشرقيين، رغم أن تجنيد وتوطين اليهود الشرقيين (من اليمن والمغرب وحلب (سوريا) والقوقاز) في المستعمرات الزراعية كان أكثر سهولة ويسراً.
وقد ذكر روبين قارئه بأن الاشكناز، بسبب طبيعة حياتهم في أوربا، وبسبب الاضطهاد الذي تعرضوا له، اجتازوا عملية طويلة من الاختيار وصراعاً مريراً من اجل البقاء، وهو صراع لا يستطيع البقاء فيه سوى الاكثر ذكاء والاكثر قوة.ولذلك تمت المحافظة على المواهب العنصرية الطبيعية العظيمة التي يتمتع بها اليهود، بل جرت تقويتها.
وقد ساهمت عوامل أخرى أيضاً في تصفية غير الموهوبين، وفي الابقاء على الاكثر موهبة، الامر الذي شكل ضماناً أكيداً للتقدم الفكري للاشكناز وتفوقهم في النشاط والذكاء وفي المقدرة العلمية على السفارد وعلى اليهود العرب.
لكل ما تقدم، يرى روبين ان الحقوق التي يدعيها الرجل الابيض لنفسه لا تنطبق على السفارد، وانما تنطبق على الاشكناز وحدهم (فهم وحدهم القادرون على حمل عبء الرجل الابيض، وعلى اغتصاب اسيا وأفريقيا).
وهذه الرؤية للمستعمر الصهيوني، بوصفه رجلاً أبيض، موضوع أساسي كامن في الاعتذاريات الصهيونية.
فتيودور هرتزل كان يؤمن تمام الايمان بتفوق الرجل الابيض، وكان يدرك تمام الادراك ضرورة التنسيق بين الخطة الصهيونية الاستعمارية والمشروعات الاستعمارية المماثلة حتى لا تتعارض الحقوق المختلفة للبيض.ولذلك، فقد قرر الزعيم الصهيوني، قبل ان يجتمع بتشامبرلين، ان من الضروري قبل مناقشة الخطة الصهيونية، ان يبين لوزير المستعمرات البريطاني ان هناك بقعة ما في الممتلكات الانجليزية ليس فيها حتى الآن أناس بيض.
وقد بين الروائي الانجليزي والمفكر الصهيوني اسرائيل زانجويل في خطابه امام المؤتمر الصهيوني السادس (1903) ان الاستيطان الصهيوني في شرق افريقيا سيكون وسيلة لمضاعفة عدد السكان البيض التابعين لبريطانيا هناك.
ولكن يبدو ان المستوطنين البيض هناك لم يقبلوا تعريف اليهودي بانه رجل ابيض فعارضوا الاستيطان.
وقد حاول الصهاينة تسويغ الاستعمار الصهيوني بالرجوع الى فكرة التفوق الحضاري الغربي.
وانطلاقاً من هذا التصور، تحدث هرتزل عن الامبريالية بوصفها نشاطاً نبيلاً، يهدف الى جلب الحضارة للأجناس الاخرى التي تعيش في ظلام البدائية والجهل.
وقد كان هرتزل ينظر الى مشروعه الصهيوني من خلال ذلك المنظور الغربي حين كتب رسالة الى دوق بادن يؤكد له فيها ان اليهود، عندما يعودون الى وطنهم التاريخي، سيفعلون ذلك بصفتهم ممثلين للحضارة الغربية، وانهم سيجلبون معهم النظافة والنظام والعادات الغربية الراسخة الى هذا الركن الموبوء البالي من الشرق، وان الصهاينة سيقومون (بصفتهم من المؤيدين المتحمسين للتقدم الغربي) بمد السكك الحديدية في آسيا التي تعد الطريق البري للشعوب المتحضرة.
والديباجات التي تنطلق من مقولة عبء الرجل الأبيض موجهة بالدرجة الأولى للدول الامبريالية ولشعوبها.
وفي هذا الاطار طرحت اسرائيل نفسها باعتبارها دولة وظيفية غربية (بيضاء) نظيفة متقدمة، قاعدة للديمقراطية الغربية تحمي المصالح الاستراتيجية الغربية وتقف بحزم وصرامة ضد القومية العربية (في عصر النظام العالمي القديم) وضد الحركات الاسلامية (في عصر النظام العالمي الجديد).
ويؤكد الكثير من تصريحات الصهاينة أنهم لا يعتبرون أنفسهم كياناً عنصرياً منفصلاً فحسب، بل يعتبرون أنفسهم اعضاء في الجنس الأبيض.
وفي عام 1917، كتب الزعيم الصهيوني ديفيد بن جوريون مقالاً تحت عنوان (في يهودا والجليل) وصف فيه المستوطنين الصهاينة في فلسطين لا بوصفهم عاملين في هذه الأرض فحسب، بل على أنهم غزاة لها، (لقد كنا جماعة من الفاتحين).
وفي مقال آخر بعنوان: (الحصول على وطن قومي) كتبه عام 1915، قارن بن جوريون بين الاستيطان الصهيوني والاستيطان الاميركي في العالم الجديد، مستحضراً صورة المعارك العنيفة التي خاضها المستوطنون الاميركيون ضد الطبيعة الوحشية، وضد الهنود الحمر الأكثر وحشية.
ومما له مغزاه أنه ساوى بين الطبيعة وبين الهنود، بل وضعهم في مرتبطة أدنى إذ هم أكثر وحشية منها.
والواقع أن هذه الواحدية الكونية تؤدي الى تجريد الإنسان وتحويله الى مجرد جزء من دورات الطبيعة، الأمر الذي يجعل ابادته او نقله امراً مقبولاً بل مرغوباً فيه، أما وايزمان فقد فضّل في كتابه (المحاولة والخطأ) أن يقارن بين المستوطنين الصهاينة من جهة والمستوطنين الفرنسيين في تونس والمستوطنين البريطانيين في كندا وأستراليا من جهة اخرى، كما أظهر ايضاً تعاطفاً ملحوظاً ازاء المستوطنين في جنوب افريقيا.
ويتبدّى الاتجاه العنصري، الذي يسوغ الاستعمار والعنف والابادة باسم التقدم، في مذكرة بعث بها حاييم وايزمان (1874 ـ 1952)، أول رئيس لدولة اسرائيل، الى الرئيس ترومان (في 27 نوفمبر 1947) يشرح له فيها أن المجتمع الصهيوني في فلسطين يضم اساساً فلاحين متعلمين وطبقة صناعية ماهرة تعيش على مستوى عال، ثم يقارن بين هذه الصورة المشرقة والصورة الكئيبة للمجتمعات الأمية الفقيرة في فلسطين.
وإذا نظرنا الى الجانب الآخر لأسطورة عبء اليهودي الأبيض، وهو التفوق التكنولوجي للصهاينة (وليس العرقي)، الذي سيجعلهم رسلاً للتقدم يقومون بتطوير المجتمع ودفعه من المرحلة الدنيا التقليدية الى المرحلة العليا الحديثة، فإننا نجد أن كتابات الصهاينة تزخر بها.
وقد اقتبسنا بعضاً من كتابات بن جوريون (الصهيوني الاشتراكي) وغيره، في دفاعهم عن الاستعمار الصهيوني، باعتبارهم ممثلين للحضارة الغربية.
ولا شك في أن المستوطنين الصهاينة كانوا عارفين بالتكنولوجيا وبوسائل التنظيم والقيم السياسية المعاصرة، كما كانوا جماعة معاصرة فعلاً، وقد نقلوا قيمهم ومؤسساتهم المعاصرة الى الوطن الجديد، فنظموا النقابات العمالية والأحزاب السياسية، وأجروا الانتخابات على أساس صوت واحد لكل ناخب.
بل إنهم مارسوا أحياناً أشكالاً من الاشتراكية، من حيث عدالة توزيع الدخل او الإيمان بأهمية العمل اليدوي ومساواته بالعمل الفكري.
ولكن كل هذه الأشكال المعاصرة من التنظيم، وهذه القيم الديمقراطية والاشتراكية، ظلت مقصورة على الصهاينة وحدهم، تُطبّق على مجتمعهم الصغير (الميكرو) وليس على المجتمع كله.
ولم يحاول الصهاينة تحديث المجتمع بأكمله بل على العكس حاولوا أن يوقفوا تطوره (وهذا الدور يقف على الطرف النقيض من الدول الذي تلعبه النخبة المعاصرة ذات الأصول القومية).
وقد بذل المستوطنون جهدهم في أبقاء السكان الاصليين في مستوى حضاري متخلف، ومنعهم من تنظيم انفسهم داخل أطر معاصرة (نقابات عمال ـ احزاب سياسية)، وفضلوا التعامل معهم داخل أطر المجتمع التقليدي وتنظيماته.ولذا، فقد فضلوا التعامل مع كبار الملاك وزعماء العشائر.
وقد رفض الهستدروت (اتحاد العمال المستوطنين الصهاينة) السماح للعمال العرب بالانتظام في صفوفه إلا في تاريخ قريب.
كما أن الدولة الصهيونية (العصرية الديمقراطية) ترفض الاعتراف بحق تقرير المصير للسكان الاصليين او حقهم في المشاركة في النظام السياسي الصهيوني الجديد عن طريق تكوين الاحزاب والاشتراك في الانتخابات، وترفض ايضاً تشكيل دولة تضم كلاً من العنصر السكاني الدخيل والعنصر الأصلي على قدم المساواة.
والى جانب هذا، هناك الحقيقة الأساسية، وهي أن جماعة المستوطنين الغزاة تسرق من السكان الأصليين أرضهم، أي تسرق منهم الأساس المادي لأي تقدم، وتهدم نمط حياتهم (الإطار الاجتماعي الذي تتحقق من خلاله ذواتهم التاريخية).
ولذا، تتغير الأولويات، ويصبح واجب المواطن الاصلي (الجزائري او الفلسطيني) هو البقاء وليس التقدم.
ولعل هذا هو الذي يفسر سر رفض موسى العلمي لكلمات بن جوريون الحلوة العذبة حين تقابلا عام 1936 في منزل موشي شاريت.
فطبقاً لما جاء على لسان بن جوريون بدأ الحديث بترديد النغمة (القديمة) التي أعدها عن المستنقعات التي يجري تجفيفها، والصحارى التي تزدهر بالخضرة، والرخاء الذي سيعم الجميع.
ولكن العربي قاطعه قائلاً: (اسمع! اسمع يا خواجه بن جوريون، إنني أفضل أن تظل الأرض هنا جرداء مقفرة مائة عام أخرى، او الف عام آخر، الى أن نستطيع نحن استصلاحها ونأتي لها بالخلاص).
ولم يسمع بن جوريون إلا أن يعلق (فيما بعد) بأن العربي كان يقول الحقيقة، وأن كلماته هو بدت مضحكة وجوفاء.



الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات   الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات Emptyالأربعاء 01 نوفمبر 2023, 8:06 am


2ـ عبء اليهودي الخالص:
رغم شيوع اسطورة اليهودي الأبيض وحقه في استعمار فلسطين، فإن هذه الأسطورة لا تحتل مركز الصداقة وحدها في الخطاب الصهيوني، ذلك أن الديباجات الصهيونية، وبخاصة حينما تتوجه الى يهود العالم، تستند بصفة جوهرية الى فكرة اليهودي الخالص.
واليهودي الخالص غير مرتبط بأي جنس او حضارة، شرقية كانت او غربية (فهو يهودي مائة في المائة، على حد قول بن جوريون)، إذ أن اليهود بحسب هذا التصور يشكلون جنساً مستقلاً او أمة مستقلة، وليسوا مجرد سلالة من سلالات الجنس الأبيض او الحضارة الغربية.
واليهودي، وليس الجنس الأبيض، هو نقطة الحلول والركيزة الأساسية للتاريخ والكون، أي أن مفهوم اليهودي الخالص عودة الى الحلولية العضوية اليهودية المنفصلة تمام الانفصال عن الأغيار.
وفي الواقع، فإن اليهودي الخالص ظهر في اطار محاورة تهويد الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة، حين اسقطت الصهيونية الإثنية مصطلحات الصهيونية الحلولية اليهودي عليها.
كما أن فكرة اليهودي الخالص، مثلها مثل فكرة الرجل الأبيض المتفوق، تمنح اليهود حقوقاً معينة مقدسة وخالدة لا تتأثر بأية اعتبارات او مطالب تاريخية، ولا يمكن حتى للفلسطينيين أنفسهم أن يكون لهم حقوق أقوى او حتى مماثلة لحقوق اليهود في فلسطين.
ويتضح هذا التصور في كلمات الحاخام ج. ل. هاكوهين فيشمان ميمون، أول وزير للشؤون الدينية في اسرائيل، حيث أكد أن الصلة بين الشعب اليهودي وأرضه مقدسة او هي سر من الأسرار الدينية، وهذا ما يبين أنه يدور في إطار حلولي عضوي.
وقد يكون للآخرين، على أحسن الفروض، صلة ما بهذه الأرض (سياسية علمانية خارجية عرضية مؤقتة) في حين أن لليهود، حتى وهم في حالة الشتات، صلة مباشرة بها (صلة سماوية وأبدية، فهي صلة حلولية عضوية).
وفي مجال الدفاع عن هذه الأسطورة، نصح مناحيم بيجين (رئيس وزراء اسرائيل الأسبق) بعض المستوطنين الصهاينة عام 1969 بأن يصروا على أن فلسطين هي أرض اسرائيل (فلو كانت هذه الأرض هي حقاً لفلسطين وليس ارض اسرائيل، إذن فأنتم فاتحون ولستم مزارعين يفلحون الأرض، أنتم إذن غزاة.
وإذا كانت هذه الأرض هي فلسطين فهي إذن تنتمي الى الشعب الذي عاش هنا قبل أن تأتوا اليها لن يكون لكم حق العيش فيها إلا إذا كانت ارض اسرائيل).
وإذا اصبحت فلسطين الأرض المقدسة او ارض اسرائيل تصبح حقوق اليهود الخالدة سارية المفعول فيها، فيصبح بالإمكان الادعاء بأن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض لأنها دخلت الدائرة الحلولية التي تستبعد الآخر.
لقد كان الصهاينة يدركون أن الفلسطينيين يعيشون في فلسطين، وأن اليهود المشردين يعيشون في الأراضي التي ولدوا فيها.
ولكن الرابطة الأبدية بين الأرض والشعب اليهودي هي التي تجعل اليهود مجرد مشردين وشعباً رحلاً بلا جذور، رغم وجودهم في أوطانهم في كل انحاء العالم.
وهذه الرابطة التي تنكر وجود الفلسطينيين وتجعل مطالبهم القومية مسألة هامشية.
ولهذا، فإن شعار (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض) لابد أن تتم اعادة صياغته على النحو الحلولي التالي: (أرض مقدسة بلا شعب مقدس لشعب مقدس بلا أرض مقدسة).
وفي هذه القداسة يذوب الفلسطينيون (شعب غير مقدس لا يتمتع بالحلول الإلهي)، وتصبح مطالبهم امراً هامشياً وتافهاً، وقد تحقق كل ذلك دون اللجوء الى أية نظريات عرقية فاضحة.
إن اسطورة الحقوق الأبدية لليهودي الخالص في أرض فلسطين، التي تفترض هامشية السكان الأصليين، هي شكل من أشكال الاعتذاريات يتسم بدرجة عالية من الغموض واللاأخلاقية تفوق غموض ولا أخلاقية الديباجات العنصرية التقليدية التي تنسب التفوق الحضاري والعرقي للمستغل وتنسب التدني الحضاري العرقي للمستغل؛ فالأساطير التقليدية، في نهاية الأمر، تعترف بوجود الآخر، أما الأسطورة الصهيونية الخاصة بالحقوق اليهودية فهي ترفض الاعتراف بوجوده.
وفي اطار الحلولية العضوية، تصبح فلسطين (الأرض المقدسة) بلداً بلا سكان، لأن امتلاك فلسطين ليس من حق السكان الاصليين.
وليس بإمكان البشر، يهوداً كانوا أم عرباً ان يتساءلوا عن معنى هذا القرار، لأن محور مشكلة فلسطين، وفقاً لما قاله بن جوريون، يتلخص في حق اليهود المشتتين في العودة (فاليهود هم موضع الحلول الإلهي)، وهو حق مطلق قائم منذ بداية التاريخ حتى نهايته.
وكما قال حاييم وايزمان: (إن أساس وجودنا كله هو حقنا في إقامة وطن قومي فوق أرض اسرائيل (فلسطين) وهو حق نملكه منذ آلاف السنين، ومصدره وعد الرب لإبراهيم، وقد حملناه معنا في انحاء العالم كله طوال حياة حافلة بالتقلبات).
وقد وصلت نظرية الحقوق هذه الى ذروتها فيما نسميه (الصهيونية الحلولية العضوية)، صهيونية جوش إيمونيم وكاهانا حيث يصبح اليهودي الخالص هو اليهودي المطلق.
والجدير بالذكر أن النطاق الإقليمي المحدود للأسطورة الصهيونية قد جعل كثيراً من الناس، ولا سيما في الغرب، يعتقدون أن الصهيونية ليست عنصرية.
وهم على حق في هذا من بعض النواحي، فالنازية على سبيل المثال لم تكن عنصرية إزاء اليابانيين مثلاً.
وكذلك الصهيونية في العالم الغربي، فهي ليست سوى ايديولوجيا سياسية وضعها اليهود من أجل اليهود، تخصهم وحدهم ولا تتضمن أي تمييز ضد أي شخص في الولايات المتحدة او انجلترا.
بل لقد دافع بعض الغربيين عن الدور الايجابي البنّاء الذي تلعبه الصهيونية بين الاميركيين اليهود، حيث تزوّدهم بالشعور بالترابط والانتماء.
وقد تكون هذه النظرة سليمة في حدود هذه الجزئية.
ولكن الصهيونية حين نقلت من اوروبا واميركا الى آسيا (مسرحها الحقيقي)، فإن الأمر اصبح جد مختلف، وافصحت الصهيونية عن وجهها العنصري القبيح وأخذت تمارس اثرها الهدام على المجتمع الفلسطيني.
والواقع أن التناقش هنا ليس تناقضاً بين النظرية والممارسة، ولكنه تناقض بين نظرية و(نوعين) من أنواع الممارسة، احدهما عرضي مؤقت (في الغرب) والآخر ضروري وجوهري (في آسيا).
وفي تصوري أن الحكم على الصهيونية لا يمكن أن يتم في لندن او باريس، وانما ينبغي أن يتم الحكم عليها في مجال فعاليتها الأساسية، في حيفا ويافا والضفة الغربية ومئات القرى التي هدمت.
ولو أننا حكمنا على النازية في طوكيو مثلاً لوجدناها ايضاً مجرد أيديولوجيا قومية تدافع عن حقوق وأمجاد الشعب الألماني.
ومما يدعو للسخرية أن بعض المتحدثين بلسان حكومة التمييز العنصري بجنوب افريقيا، والذين لا يهتمون بالتجربة الصهيونية العرضية في الغرب، قد وضعوا تقييماً واقعياً للتجربة الصهيونية في اسيا.
فقد عنّف فيروورد، رئيس وزراء جنوب افريقيا السابق، بعض الصهاينة الذين أرادوا المقارنة بين سياسة النمو المنفصل التي تنتهجها اسرائيل على أساس من الدين (او اليهودية الخالصة) والسياسة المماثلة التي تنتهجها حكومة جنوب افريقيا على أساس عنصري، فقال: (إذا كان التمييز خاطئاً في الحالة الثانية، فهو لاشك خاطئ أيضاً في الحالة الأولى).
والواقع أن الديباجات، مهما بلغت من تركيب ودهاء، فإنها لا تغير حقيقة التمييز العنصري في شيء.
كما أن الحقوق المقدّسة التي تجب حقوق الآخرين، سواء استندت الى أساس عنصري او الى اساس الهي او إثني، فإنها في نهاية الأمر تعد على حقوق الغير وإلغاء لوجوده.
وتعبر فكرة اليهودي الخالص عن نفسها في فكرة الدولة اليهودية الخالصة الخالية من أية عناصر غير يهودية وفي التركيز المستمر على قضية اضطهاد اليهود في كل زمان ومكان.
وقد حاول وايزمان ان يبلور هذه الفكرة من خلال صورة مجازية إذ قارن بين (اليهودي الخالص) والحيوانات التي تحيا حياة سعيدة في حديقة الحيوان (في جنوب افريقيا): (ها هي ذي في موطنها، الذي تقل مساحته قليلاً عن مساحة فلسطين، تنعم بالحرية، وتقدّم لها الطبيعة هباتها بسخاء، ولا تواجهها مشكلة العرب).وحتى لا يترك أي مجال للشك لدى قارئه، يعمم القضية على كل اليهود: (لاشك أنه أمر رائع أن يكون المرء حيواناً في حديقة الحيوانات بجنوب افريقيا، فذلك أفضل له كثيراً من أن يكون يهودياً في وارسو أو حتى في لندن).
والصورة المجازية التي يستخدمها وايزمان تدل على غبائه الشديد، ولكنها مع هذا ذات دلالة، فالحيوان في حديقة الحيوان يشبه اليهودي الخالص في دولته اليهودية، وهذا ما يفتقده اليهودي في فلسطين ووارسو ولندن.
كما أن التركيز على قضية البقاء اليهودي المهدد دائماً إما من خلال الإبادة المباشرة (الهولوكوست ـ افران الغاز) او من خلال الاندماج وفقدان الهوية هو تعبير عن مفهوم اليهودي الخالص.
وينبع النقد الصهيوني للشخصية اليهودية في المنفى (باعتبارها شخصية جيتوية هامشية طفيلية) من مفهوم اليهودي الخالص هذا.



الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات   الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات Emptyالأربعاء 01 نوفمبر 2023, 8:06 am


الديباجات الصهيونية الاشتراكية
إذا كانت الديباجات التي تستند الى فكرة اليهودي الخالص فريدة مقصورة على الصهاينة، فإن الديباجات التي تستند الى فكرة اليهودي الاشتراكي وحقوقه في فلسطين قد تكون أكثر تفرداً وطرافة.
ومن المعروف أن كثيراً من الشباب من أعضاء الجماعات اليهودية انضموا الى صفوف الحركات الثورية، وقد سبب هذا حرجاً شديداً لليهود المندمجين.
وقد باعت الصهيونية نفسها باعتبار أنها الحركة التي ستحول الشباب اليهودي عن طريق الثورة.
والواقع أن اسطورة الاستيطان العمالية برزت لتحقيق ذلك الهدف.
تقوم هذا الأسطورة بتسويغ الاستيطان الصهيوني لا باسم التفوق العنصري او التقدم الحضاري الأزلي او الحقوق المقدّسة الأزلية بل على أسس اشتراكية علمية (والاشتراكية في هذه المنظومة هي موضع الحلول، وهي ايضاً اللوجوس المتجسد في التاريخ).
ومن ثم، فإن الحقوق اليهودية تستند -حسب هذه الاسطورة- الى المثل الاشتراكية العليا (ومنها نبل العمل اليهود).
ولم يكن هذا المنطق مقصوراً على الصهاينة وحدهم، فثمة اتجاه داخل الحركة الاشتراكية الغربية يطلق عليه اصطلاح (الاشتراكية الامبريالية)، وتضم اولئك الاشتراكيين الذين وجدوا أن من المحتم عليهم (باسم التقدم والأممية) تأييد الامبريالية الغربية لأنها تعبير عن الرأسمالية الغربية (أعلى مراحل التطور الاجتماعي والاقتصادي الذي بلغه الإنسان).
كما أنهم كانوا يرون أن الإمبريالية، بغزوها آسيا وافريقيا، ستقضي على كل المجتمعات التقليدية فيها، كما ستقضي ايضاً على التخلف وتجلب الصناعة والتقدم لها.
ومن هذا المنطلق، شجع بعض اتباع سان سيمون وكذلك فردريك انجلز الاستعمار الاستيطاني في الجزائر، كما دافع كثير من الاشتراكيين الهولنديين عن (الهجمة الحضارية) التي شنتها بلادهم على الأندونيسيين.
وقد خرجت اسطورة الصهيونية العمالية من هذه المجموعة من الأفكار، فلم يكن المستوطنون الصهاينة مجرد يهود فحسب بل كانوا ايضاً رواداً زراعيين اشتراكيين وحارثين لأرض اجدادهم.
وقد كتب مارتن بوبر لغاندي يقول: (إن مستوطنينا لم يجيئوا الى فلسطين كما يفعل المستعمرون الغربيون الذين يطلبون من اهالي البلاد أن يقوموا عنهم بكل الأعمال، بل إنهم يشدون بأكتافهم المحراث ويبذلون قوتهم ودمهم من أجل ان تصبح الأرض مثمرة).
وقد عاد المستوطنون العبريون الجدد الى الأرض مثقلين بماضي يهود الشتات بكل ما في ذلك من شذوذ وطفيلية.
وتقول النظرية العمالية الصهيونية -كما أشرنا من قبل- إن المستوطن الجديد يمكنه، من خلال العمل العبري، أن يطهّر نفسه مما علق بها من شوائب وأدران، فالمستوطنون إنما يحررون أنفسهم حين يحررون الأرض، بحرثها والعمل على ازدهارها (إن هذه الأرض تعترف بنا لأنها تثمر من خلالنا).
ولقد نقل الكاتب الاسرائيلي عاموس ايليون سطراً من أغنية جذابة كان الرواد الزراعيون يرددونها في المستوطنات الاسرائيلية، يصفون أنفسهم فيها بأنهم أول من وصل، (مثل العصافير في الربيع)، الى الحقول الملتهبة والارض المقفرة الجرداء.
وهذه البراءة الكونية، وهذا الإيمان بقدرة العمل على الشفاء والتطهير، وهذا الالتزام بمبدأ المساواة، تظهر جميعاً في كلمات بن جوريون حين تحدث عن مدى أحقية الإنسان في أرض ما، فهذا الحق لا ينبع من سلطة سياسية او سلطة قضائية (فكل هذه الأمور ليست ذات شأن من وجهة النظر الصهيونية العمالية) وإنما ينبع من العمل.
ثم أطلق بن جوريون شعاراً ثورياً أحمر لابد أنه لاقى هوى في القلوب الثورية البريئة: (الملكية الحقيقية والدائمة للعمال).
بيد أن نقل المفاهيم من مستواها وسياقها الى مستوى وسياق آخرين يسفران عن نتائج مختلفة، فمثل هذا الشعار يتسم بالثورية الحقة إذا استخدمه العمال الفرنسيون في الأرض الفرنسية.
ولكن حينما يقوم العمال الفرنسيون بتطبيق الشعار نفسه في الأراضي الجزائرية، فإنه يصبح في التو اغتصاباً للأرض، وخصوصاً إذا كانت المنافسة بين العمال الفرنسيين والجزائريين منافسة غير متكافئة، حيث كان الفريق الأول تسانده مؤسسة عسكرية متقدمة تكنولوجياً.
وقد علق الكاتب الاسرائيلي عاموس كنان على هذا النوع من الديباجات الاشتراكية قائلاً: (إن الصهيونية لم تستطع تحقيق انتصاراتها وانجازاتها دون الاستفادة من النفاق الذي تنطوي عليه هذه الاشتراكية.
فكما أن المسيحية (بمثلها ومثالياتها) كان بمنزلة عذر معنوي، (أي ديباجات) للصليبيين (أي للفرنجة)، فإن الاشتراكية (بمُثُلها ومثالياتها) أدّت هذه المهمة للصهاينة).
والديباجات الاشتراكية موجهة بالدرجة الأولى للقوى والدول الاشتراكية في العالم وللشباب الاشتراكي من اعضاء الجماعات اليهودية.
وفي هذا الإطار كانت اسرائيل تطرح نفسها باعتبارها دولة اشتراكية يمقت سكانها الرأسمالية.
ويلاحظ أنه في الستينات مع تصاعد قوى التحرر الوطني في آسيا وأفريقيا، كان ضرورياً أن تتلون الديباجات الصهيونية.
فطرحت الصهيونية نفسها على أنها حركة تحرر الشعب اليهودي (ممن؟) وهو شعب صغير استُعبد عبر تاريخه ويبحث عن الحرية.
وعملية تلون الديباجات الصهيونية دليل على مدى ذكاء الصهاينة وغياب البعد العقائدي الثابت، وهو أمر متوقع من ايديولوجية تحملها جماعات هامشية تطالب بإنشاء دولة وظيفية لخدمة الاستعمار الغربي أو أية قوى على استعداد لتزويد هذا الجيب الاستيطاني بالأمن والدعم.
وتعبر كل نظرية للحقوق عن رؤية للذات تكملها رؤية للآخر.
ويمكن القول فيما يتعلق بالحقوق الصهيونية بأن نظرية الحقوق الصهيونية في فلسطين تعني في واقع الأمر أن اليهود لا حقوق لهم في أوطانهم التي يقيمون فيها، فمن له حقوق مطلقة في مكان لا يمكنه الادعاء أن له حقوقاً مطلقة او نسبية في مكان آخر.



الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي
» الفصل الثالث عشر: التنظيمات الصهيونية العسكرية قبل مايو 1948
» الباب الثالث عشر: الصهيونية الإثنية العلمانية
» الجزء الثالث.. الباب الأول: العنصرية الصهيونية
» الفصل الحادي عشر: الصهيونية: استعمار احلالي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأحداث الفارقة في حياة الدول :: الصهيــونيـة والعُنف-
انتقل الى: