منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي Empty
مُساهمةموضوع: الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي   الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي Emptyالأربعاء 01 نوفمبر 2023, 9:06 am

الفصل التاسع:
الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي
الاستيطانية الصهيونية تعبر عن نفسها -كما أسلفنا- من خلال المفهوم الصهيوني الاسرائيلي للأمن، كما تعبر عن نفسها من خلال المفهوم الاسرائيلي للصراع والسلام والحكم الذاتي للفلسطينيين، كما تعبر عن نفسها بشكل محسوس ومتعين من خلال الطرق الالتفافية.
(كما سنبين في هذا الفصل).

المفهوم الصهيوني/الاسرائيلي للصراع العربي الاسرائيلي
لإدراك الابعاد الحقيقية للمفهوم الصهيوني/الاسرائيلي للسلام والامن قد يكون من المفيد العودة الى احد المؤتمرات الصهيونية الاولى (في عشرينيات هذا القرن) حين طرح أحد المستوطنين الصهاينة السؤال التالي: هل تريد الحركة الصهيونية الحرب مع العرب ام لا؟ وطرح السؤال على هذا النحو يلقي كثيراً من الضوء على القضية موضع البحث: فهل السلام مسألة ارادة ورغبة، أم مسألة بنية تشكلت على ارض الواقع، لها حركية مستقلة، تدوس كل من يقف في طريقها؟
ومن الواضح ان المستوطنين الصهاينة، في لحظات صدق كثيرة، تجاوزوا الديباجات الصهيونية البلهاء وأدركوا أن الارض مأهولة وأنهم جاءوا لاغتصابها وان اهلها لذلك سيشتبكون معهم دفاعاً عن حقوقهم.
ففي خطاب له في 9 يوليو 1936 أمام اللجنة السياسية لحزب الماباي عرّف موشيه شاريت رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق الثورة العربية بانها ثورة الجماهير التي تمليها المصالح القومية الحقة، واضاف ان الفلسطينيين يشعرون انهم جزء من الامة العربية التي تضم العراق والحجاز واليمن، (ففلسطين بالنسبة لهم وحدة مستقلة لها وجه عربي، وهذا الوجه آخذ في التغير، فحيفا من وجهة نظرهم كانت بلدة عربية، وها هي ذي قد اضحت يهودية).
ورد الفعل ـ كما اكد شاريت ـ لا يمكن ان يكون سوى المقاومة.
وفي 28 سبتمبر من العام نفسه، كان شاريت قاطعاً في تشخيصه الحركة العربية على انها ثورة ومقاومة قومية وان القيادة الجديدة تختلف عن القيادات القديمة، كما لاحظ وجود عناصر جديدة في حركة المقاومة: اشتراك المسيحيين العرب بل النساء المسيحيات في حركة المقاومة، كما لاحظ تعاطف المثقفين العرب مع هذه الحركة، وبين ان من أهم دوافع الثورة الرغبة في انقاذ الطابع العربي الفلسطيني وليس مجرد معارضة اليهود.
وقد توصل ديفيد بن جوريون لنفس النتائج وبطريقة اكثر تبلوراً عام 1938 حين قال: (نحن هنا لا نجابه ارهاباً وانما نجابه حرباًن وهي حرب قومية أعلنها العرب علينا.
وما الارهاب سوى احدى وسائل الحرب لما يعتبرونه اغتصاباً لوطنهم من قبل اليهود ـ ولذا يحاربون، ووراء الارهابيين توجد حركة قد تكون بدائية ولكنها ليست خالية من المثالية والتضحية بالذات.
يجب ألا نبني الآمال على ان العصابات الارهابية سينال منها التعب، فاذا ما نال التعب من أحدهم، سيحل آخرون محله.
فالشعب الذي يحارب ضد اغتصاب أرضه لن ينال منه التعب سريعاً… وحينما نقول ان العرب هم البادئون بالعدوان وندافع عن أنفسنا ـ فإننا نذكر نصف الحقيقة وحسب.
ومن الناحية السياسية نحن البادئون بالعدوان وهم المدافعون عن أنفسهم.
إن الأرض أرضهم لانهم قاطنون فيها بينما نحن نريد أن نأتي ونستوطن، ونأخذها منهم، حسب تصورهم).
كان ثمة إدراك واضح المعالم من جانب الصهاينة لطبيعة الغزوة الصهيونية الاستيطانية الاحلالية وطبيعة المقاومة العربية.
ولكن السلوك الناتج عن هذا الادراك كان متبايناً، فكان هناك نمط من الصهاينة أدرك طبيعة الجرم الكامن في عملية تغييب العرب هذه فتنكر لرؤية الصهيونية تماماً وتخلى عنها، وعاد الى أوربا.
وهناك كثيرون من حزب بوعالي صهيون (عمال صهيون) عادوا الى الاتحاد السوفيتي بعد الثورة البلشفية حتى يشاركوا في الثورة الاجتماعية وحتى لا يشاركوا في الارهاب الصهيوني.
ولكن هؤلاء قلة نادرة على ما يبدو، وعلى كل فانهم يختفون تماماً من التواريخ الصهيونية ومن الادراك الصهيوني.
ولذلك فهم لا يؤثرون من قريب او بعيد في البرنامج السياسي الصهيوني او سلوك الصهاينة نحو العرب.
وهناك نمط ثان من الصهاينة أدرك طبيعة المقاومة العربية ولكنه لم يطرح رؤيته الصهيونية جانباً، وبذل محاولات يائسة لاعادة صياغة المشروع الصهيوني بطريقة تستوعب وجود العربي الحقيقي وتأخذه في الحسبان.
ولكن من الملاحظ ان مثل هذه الشخصيات تحولت بالتدريج الى شخصيات مبهمة وهامشية، ومن وجهة نظر الصهيونية، تنتمي الى منظمات هامشية وتدافع عن رؤى هامشية لا تؤثر في المركز او الممارسات الاساسية.
ولعل سيرة يتسحاق ابشتاين المسئول الصهيوني عن الاستيطان (1862 ـ 1943) وآرثر روبين وغيرهما خير دليل على ذلك.
فهؤلاء الصهاينة، نظراً لاحتكاكهم الدائم بالواقع العربي، أدركوا مدى تركيبية الموقف فطرحوا صيغاً مركبة نوعاً مثل الدولة ثنائية القومية وطالبوا بالتعاون مع الحركة القومية العربية وأسسوا جمعية بريت شالوم ثم جمعية ايحود لاجراء حوار مع العرب يعترف بهم ككيان قومي ولا يتعامل معهم كمجرد مخلوقات اقتصادية.
ولكن المحاولات كلها ظلت في نهاية الامر تعبيراً عن ضمير معذب اكثر من كونها ممارسات حقيقية.
ولعل يهودا ماجنيس (1877 ـ 1948) من أكثر الشخصيات المأساوية في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، فهذا الرئيس السابق للجامعة العبرية، واليهودي الاصلاحي، أدرك الخلل العميق في وعد بلفور منذ البداية بانكاره وتغييبه للعرب، وادرك مدى عمق الصراع المحتمل بين المستوطنين الصهاينة والعرب، ولذا قضى حياته كلها يحاول ان يصل الى صيغة صهيونية تنيرها لحظة الادراك النادرة دون جدوى.
وانتهى به الامر ان تنكر له مجال الجامعة العربية التي كان يترأسها.
ويمكن ان نذكر في هذا السياق آحاد هعام الذي رأى الدماء العربية النازفة فولول وكأنه أحد انبياء العهد القديم، يستمطر اللعنات على شعبه لما اقترف من آثام، ومع هذا نجده بعد ذلك في لندن مستشاراً لحاييم وايزمان، في الفترة التي سبقت إصدار وعد بلفور، يدلي له بالنصيحة بشأن كيفية الاستيلاء على فلسطين، ولا يذكره من قريب او بعيد بالمقاومة العربية ـ او الدماء النازفة.
وينتهي به المطاف ان يستقر هو نفسه على الارض الفلسطينية، بكل ما يحمل ذلك من معاني اغتصاب وقهر.
ولكنه حتى وهو في فلسطين، بعد وعد بلفور، ظلت تخامره الشكوك بشأن المشروع الصهيوني وظل موقفه مبهماً حتى النهاية.
وهناك اخيراً النمط الثالث، وهو أكثر الأنماط شيوعاً وهو النمط الذي يؤدي ادراكه لحقيقة المشروع الصهيوني وأبعاد المقاومة العربية الى مزيد من الشراسة الصهيونية.
ولنضرب مثلاً على هذا النمط الصهيوني بفلاديمير جابوتنسكي -زعيم الحركة الصهيونية التصحيحية- ذي أدرك منذ البداية أن الصراع بين الصهيونية كحركة استيطانية مغتصبة للأرض والعرب أمر حتمي، فلم يختبئ وراء السحابة الكثيفة من الاعتذاريات الصهيونية عن الحقوق اليهودية الأزلية، ولم يختبئ وراء الحجج الليبرالية عن شراء فلسطين، او الحجج الاشتراكية عن رجعية القومية العربية وخلافه من الاستراتيجيات الادراكية، وإنما أكد دون مواربة أن الصهيونية جزء من التشكيل الاستعماري الغربي الذي لم يكن بمقدوره أن يحقق انتشاره إلا بحد السيف، ولذلك طالب منذ البداية بتسليح المستوطنين الصهاينة (تماماً مثلما يتسلح المستوطنون الاوروبيون في كينيا وفي كل مكان)، أي طالب بتعديل موازين القوى بطريقة تخدم التحيز الصهيوني.
فالعرب -حسبما صرّح- لن يقبلوا الصهيونية (وتحيزاتها ورؤيتها) إلا إذا وجدوا انفسهم في مواجهة حائط حديدي.
ونفس النتيجة توصل اليها بن جوريون، إذ أن ادراكه للمقاومة العربية كان يحيده التزامه بالرؤية الصهيونية، ولذا توصل الى أنه لا مناص من فرض هذه الرؤية عن طريق القوة وحد السيف.
ولذا لم يبحث الزعيم الصهيوني عن سلام مع العرب، فمثل هذا السلام ـ على حد قولهـ مستحيل، كما لم يحاول أن يعقد اتفاقية معهم، فهذا ـ في تصوره ـ سراب بغير شك.
إن السلام مع العرب، بالنسبة لبن جوريون، (إن هو إلا وسيلة وحسب، أما الغاية فهي الإقامة الكاملة للصهيونية، لهذا فقط نود أن نصل الى اتفاق (مع العرب).
إن الشعب اليهودي لن يوافق، بل لن يجسر على أن يوافق، على أية اتفاقية لا تخدم هذا الغرض.
ولذا فالاتفاق الشامل امر غير مطروح الآن، (فالعرب) لن يستسلموا في إرتس يسرائيل إلا بعد أن يستولي عليهم اليأس الكامل، يأس لاينجم عن فشل الاضطرابات التي يثيرونها أو التمرد الذي يقومون به وحسب وإنما ينجم عن نمونا (نحن اصحاب الحقوق اليهودية المطلقة في هذا البلد)).
ثم استمر يقول: (لا يوجد مَثَل واحد في التاريخ لأمة فتحت بوابات وطنها (للآخرين).
إن تشخيصي للموضوع أنه سيتم التوصل الى اتفاق (مع العرب) لأنني أؤمن بالقوة، قوتنا التي ستنمو، وهي إن حققت هذا النمو، فإن الاتفاق سيتم إبرامه).
وهكذا تم رسم الصورة الصهيونية (للسلام مع العرب).
ولا يختلف شاريت عن هذه الرؤية التي تذهب الى أن المثل الأعلى الصهيوني لابد أن تسانده القوة حتى يمكن فرضه على الواقع.
وهو ايضاً يتبنّى سياسة الحائط الحديدي، شأنه في هذا شأن بن جوريون وجابوتنسكيك: (لا أعتقد أننا سنصل الى اتفاق مع العرب حتى تنمو قوتنا.
ولكني أعتقد أنه ستحين اللحظة حين نصبح أكثر قوة وسنبرم اتفاقاً ثابتاً مع بريطانيا العظمى، كقوة مع قوة أخرى، وسنصل الى اتفاق مع العرب كقوة مع قوة أخرى.
لكن الشرط الأساسي هو ألا ينظر لنا العرب باعتبارنا قوة محتملة وإنما باعتبارنا قوة فعلية).
وقد أدرك وايزمان منذ البداية أن أي سلام مبني على العدل، أي يؤدي الى اعطاء الفلسطينيين حقوقهم السياسية والدينية والمدنية كافة، عواقبه وخيمة، إذ سيؤدي الى (سيطرة العرب على الأموال).
فلو تم تأسيس حكومة في إطار هذا السلام العادل، فإن العرب سيمثّلون فيها، وهي حكومة ستتحكّم في الهجرة والأرض والتشريع -وبذا سيحقق الصهاينة السلام- ولكنه (سلام المقابر) (على حد قوله).
والصهاينة شأنهم شأن كل من في موقفهم، كانوا لا يبحثون عن سلام المقابر لأنفسهم، وإنما للآخرين.
ولذا فالاتفاق الذي يتحدث عنه جابوتنسكي ثم بن جوريون وشاريت ووايزمان ليس اتفاقاً مع العرب باعتبارهم كياناً مستقلاً له حقوقه وفضاؤه التاريخي والجغرافي إنما هو اتفاق مع طرف آخر تم تغييبه او ترويضه عن طريق القوة والحائط الحديدي، ولذا فهو يقنع بالبقاء حسب الشروط التي يفرضها الآخر.
وهذه رؤية ولاشك واقعية: إذ كيف يمكن أن يتوقع أحد من العرب أن يخضعوا طواعية لرؤية تلغي وجودهم؟
وهذا، على كل، ما أدركه العرب منذ البداية.
فرغم كل محاولات الصهاينة المعلنة عن السلام والحوار والتفاوض والأخوة العربية اليهودية والأخذ بيد العرب، كان العرب يعرفون أن الصهاينة قد رفضوا ان يستقروا في المنطقة باعتبارهم رعايا عثمانيين وأصروا على أن يأتوا تحت راية الاستعمار الانجليزي ورماحه وبمساعدة جيوشه وبوارجه، وأن وعد بلور قد وعدهم بفلسطين، وأنه أشار بشكل عابر الى حقوق (الجماعات غير اليهودية)، أي أن الصياغة اللفظية نفسها قد قامت بتهميشهم وتغييبهم على مستوى المخطط، ولم يبق سوى التنفيذ والممارسة.
ولم يكن العرب غافلين عن المفاهيم الصهيونية مثل العمل العبري أو عن المؤسسات الصهيونية مثل الكيبوتس والهستدروت والهاجاناه التي تستبعدهم وتستعبدهم وتغيبهم.
وفي علاقاتهم اليومية مع مؤسسات ادارة الانتداب كانوا يعرفون أن بوابات وطنهم قد فتحت على مصراعيها ليهود الغرب ليستوطنوا فيه، كما كانوا يدركون أنه بغض النظر عن نوايا بعض الصهاينة الطيبة وبغض النظر عن إدراكهم لطبيعة المشروع الصهيوني وطبيعة المقاومة العربية فإن الواقع الذي كان آخذاً في التشكل كان واقعاً صراعياً، فالصهاينة كانوا يهدفون دائماً الى زيادة عدد اليهود في فلسطين والى إقامة كيان اقتصادي اجتماعي (عسكري) منفصل، وفي نهاية الأمر مهيمن.
وقد تنبأ نجيب عازوري، هذا المؤلف الفلسطيني العربي المسيحي الذي كان من اوائل من أدرك حقيقة ما يحدث (بأن الصراع سيستمر الى أن يسود طرف على الآخر).
وهذا الرأي ليس رأياً متشائماً ينكر مثاليات البشر، وإنما هو رأي يحكم على هذه المثاليات في ضوء الطموحات والممارسة، وفي ضوء ما تشكّل في الواقع بالفعل.
وقد تنبه أحد زعماء حزب الاستقلال في فلسطين الى أن الرؤية الصهيونية للسلام مع العرب، مهما بلغت من اعتدال، هي في نهاية الأمر رؤية وهمية (ايديولوجية بالمعنى السلبي للكلمة) وأن أي تحقق لها يعني سلب حقوق العرب.
ولذا حينما كتب له يهودا ماجنيس يقترح إمكانية التخلي عن فكرة الدولة اليهودية على أن يسمح لجماعة يهودية أن يسمح لجماعة يهودية أن تتمتع بحكم ذاتي محدود في فلسطين، رد عليه قائلاً: (لا أرى أي شيء في اقتراحاتك سوى استفزاز صريح ضد العرب، الذين لن يسمحوا لأحد أن يقاسموا حقوقهم الطبيعية.
أما بالنسبة لليهود فليس لديهم أية حقوق سوى ذكريات روحية مفعمة بالكوارث والقصص المحزنة.
ولذا من المستحيل عقد لقاء بين زعماء الشعبين ـ العربي واليهودي).
وكان العرب يدركون تماماً أن الحديث العذب عن التقدم الزراعي والصناعي وخلافه إنما هو حديث عن التغيب وعن سلب الوطن.
إن التقدم في إطار غير متزن من القوة لصالح المغتصب يعني أن العرب سيفقد كل شيء، وبخاصة إذا كان الآخر لا يعترف بالعربي ككيان تاريخي وإنما كمخلوق اقتصادي.
ولذا تغيّر كثير من الشعوب المقهورة استراتيجياتها التحررية وبدلاً من البحث عن التقدم تفضل الدفاع عن البقاء من خلال التشرنق.
وهكذا أدرك الصهاينة والعرب من البداية أن الصراع بينهما له طابع بنيوي وأدركا أن السلام الذي يعرضه الصهاينة هو سلام المقابر، سلام مبني على الظلم والحرب.
والأمر لا يختلف كثيراً هذه الأيام.
فلا يزال السلام المبني على العدل يعني، في واقع الأمر، مشاركة العرب الكاملة في حكم فلسطين، أي أنه (سلام المقابر) (عبارة وايزمان) بالنسبة للصهاينة.
ولذا يحاول الصهاينة التوصل الى السلام المبني على الحرب والظلم، والى الأمن المبني على الإكراه والعنف.



الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي   الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي Emptyالأربعاء 01 نوفمبر 2023, 9:07 am


المفهوم الصهيوني / الاسرائيلي للسلام
ظلت بنية الصراع العربي الاسرائيلي واضحة حتى عام 1967 مع هزيمة العرب، ومنذ ذلك الحين بدأ الحديث عن (السلام) والرغبة في التسوية من جانب الطرفين.
ويرى دعاة السلام أن الرغبة في السلام من الطرفين العربي والاسرائيلي اصبحت قوية وصادقة وحقيقية، وهو أمر قد يكون مفهوماً بالنسبة للعرب (بعد الهزائم المتكررة).
ولكن الأمر بالنسبة للاسرائيليين قد يحتاج الى قليل من الشرح والتفسير.

ويمكننا أن ندرج الأسباب التالية التي ولّدت لدى الاسرائيليين الرغبة في السلام:
1ـ لم تأت الانتصارات العسكرية بالسلام للاسرائيليين رغم أن الآلة العسكرية الاسرائيلية وصلت الى ذروة مقدرتها الحربية، بل إنها أتت لهم بالمزيد من الحروب وتحققت النبوءة القائلة بأن أقصى ما يطمح له المستوطنون الصهاينة هو حالة من (الحرب الراقدة).

2ـ منطق جيش الشعب (النظامي والاحتياطي) لم يعد ممكناً بالسهولة التي كان عليها سابقاً وذلك بسبب مقتضيات الاقتصاد الاسرائيلي في اطار النظام العالمي الجديد والتكنولوجيا المتقدمة.

3ـ لم يعد الاسرائيليون قادرين على تحمل الحرب الدائمة والاستنفار المتواصل، باعتبار أن الحرب الخاطفة الساحقة، أي الحرب بدون تكلفة بشرية واقتصادية عالية، لم تعد ممكنة.

4ـ تزايدت تكلفة الحرب وهو ما يعني تزايد اعتماد اسرائيل على الولايات المتحدة.
والولايات المتحدة حليف موثوق به تماماً، ومع هذا بدأت تظهر عليه علامات تثير القلق مثل تزايد المزاج الانعزالي الذي قد يتحول في أية لحظة (بضغط من القوى الشعبوية) الى تحرك سياسي يرفض التورط في مغامرات خارجية والى تخفيض المعونات الاقتصادية لحلفائه وعملائه.

5ـ ومما يزيد الرغبة في السلام عند المستوطنين الصهاينة أن الشعب اليهودي (أي الجماعات اليهودية المنتشرة في أنحاء العالم) قرر عدم ترك منفاه وهو ما يثير قضية سبب بناء المستوطنات أساساً (هذا في الوقت الذي يتزايد فيه العرب في الأراضي الفلسطينية التي احتلت قبل عام 1967).

6ـ وقد بدأت تظهر علامات الإرهاق والتذمر بين المستوطنين الصهاينة ويظهر هذا في أزمة الخدمة العسكرية والتكالف على الاستهلاك.

7ـ بدأ العرب يطورون نظماً هجومية ودفاعية، صاروخية وربما ميكروبية تعادل القوة النووية الاسرائيلية.

8ـ مسألة التسليم والاستسلام، وبخاصة بالنسبة للفلسطينيين حتى بعد اوسلو، لم تعد واردة (مَن يستسلم لمَن؟).

9ـ رغم كل سلبيات اتفاقيات اوسلو الا أن قيام السلطة الفلسطينية يشكل أول اختراق للعمق الاستراتيجي الاسرائيلي، إذ توجد كتلة بشرية ضخمة (مليونا فلسطيني في الأرض المحتلة بعد عام 1967، مليون في الأراضي المحتلة بعد عام 1948) لها مؤسساتها وإرادتها وطموحاتها.


10ـ لخص المفكر الاستراتيجي المصري أمين هويدي الموقف في هذه الكلمات: (نحن نعيش الآن كعقارب سامة وضعت في أنبوب واحد ستلدغ بعضها بعضاً قبل أن تموت وتفنى، أو كراكبي سيارة أصبحت في منتصف السفح تحاول أن تصل الى القمة، فإن سقطت الى القاع تحطمت بمن فيها.
وعليها -أي اسرائيل- أن تعرف سواء وهي تحت قيادة بيريز او نتنياهو أنه إن كان في يدها الأرض ففي يدنا السلام، وإن كان بيديهم عناصر القوة ففي يدنا عناصر القدرة من مياه وأرض وسوق وقوة بشرية ورأس مال وغاز ونفط، وإن كان في قدرتهم اختراق الحدود ففي يدنا مقومات الوجود.
وعليها أن توقن أخيراً بأنها إن كانت قد فشلت في تحقيق الهيمنة الإقليمية عن طريق استخدام القوة فإن مصيرها لن يكون افضل حالاً لو أنها حاولت ذلك عن طريق وسائل أخرى).
لاشك إذن في أن الرغبة الاسرائيلية في السلام حقيقية وصادقة.
ولكن بنية الصراع لا تزال قائمة، فالدولة الصهيونية هي دولة استيطانية احلالية، اغتصبت الأرض وحاصرت سكانها.
ولا يزال المستوطنون الصهاينة متمسكين بالأرض والسيادة عليها وبمحاولة فرض سلام المقابر على الفلسطينيين.
ولذا نرى أن ما حدث هو أن الرؤية العدوانية القمعية لا تزال كما هي والسلوك العدواني والقمعي لم يتغير وما تغير هو الديباجة والخطاب نظراً لتغير الظروف الدولية وظهور النظام العالمي الجديد المبني على التفكيك والإغواء بدلاً من المواجهة المباشرة مع شعوب العالم الثالث.
ولذا بدلاً من دق طبول الحرب، فإن الاعداد للحرب يستمر على أن تعزف نغمات السلام.
وتبدأ معزوفة السلام الاسرائيلية بالمناداة بالبعد عن عقد التاريخ وأن تتناسى كل دول المنطقة خلافاتها لمواجهة الخطر الأكبر (الاتحاد السوفيتي ـ السلام… الخ).
وأن نقطة البداية لابد أن تكون الأمر الواقع.
وهذا المفهوم يفترض ان اسرائيل ليست التهديد الأكبر، مع أن الأمر الواقع الذي يطلب منا أن نبدأ منه يقول عكس ذلك.
فهو أمر واقع مؤسس على العنف ويؤدي الى الظلم والقمع وهو ليس ابن اللحظة وانما هو نتيجة ظلم تاريخي ممتد من الماضي الى الحاضر.
وهذا الظلم والقمع هو مصدر الصراع والحروب والاشتباك.
فالمسألة ليست عقداً آنية او تاريخية، وإنما بنية الظلم التي تشكلت في الواقع ولا يمكن تأسيس سلام حقيقي إلا إذا تم فكّها.
بعد تناسي عقد التاريخ يطالب الصهاينة بوقف المقاومة واستسلام الفدائيين مقابل تسليم بعض المدن والقرى التي لا (تنسحب) منها القوات الاسرائيلية الغازية، وانما (يعاد نشرها)، وهذا ما يسمونه (الأرض مقابل السلام).
والقوات الوطنية لا تنسحب من أرض الوطن وإنما يعاد نشرها فيه وحسب.
ولذا رغم اتخاذ هذه الخطوة الرمزية الاعلامية فإن الاستيطان سيستمر على قدم وساق (تحدّث شامير عن استمرار التفاوض في مدريد لمدة عشر سنوات والمضي أثناء ذلك في الاستيطان) والقدس ستظل عاصمة اسرائيل الأبدية.
إن كل هذه التصورات للسلام تنبع من ادراك أن ارض فلسطين هي ارتس يسرائيل، وأن الاسرائيليين لهم حقوق مطلقة فيها، أما الحقوق الفلسطينية فهي مسألة ثانوية، فالأرض في الأصل ارض بلا شعب.
وتتبدّى هذه الخاصية بشكل واضح ومتبلور في المفهوم الاسرائيلي للحكم الذاتي.
وتصور اسرائيل لمستقبل المنطقة لا يختلف كثيراً عن ذلك، فالمركز هو اسرائيل وهي التي تمسك بكل الخيوط، أما بقية (المنطقة) فهي مساحات وأسواق.واسقاط عقد التاريخ هنا يعني اسقاط الهوية التاريخية والثقافية بحيث يتحول العرب الى كائنات اقتصادية، تحركها الدوافع الاقتصادية التي لا هوية لها ولا خصوصية.
هنا تظهر سنغافورة كصورة اساسية للمنطقة وكمثل أعلى: بلد ليس له هوية واضحة ولا تاريخ واضح، نشاطه الأساسي هو نشاط اقتصادي محض.وحينما يتحول العالم العربي الى سنغافورات مفتتة متصارعة فإن الاستراتيجية الاستعمارية والصهيونية للسلام تكون قد تحققت دون مواجهة ومن خلال (التفاوض) المستمر!
جاء في مجلة نيوزويك الاميركية أنه بعد أن قبل الرئيس السادات توقيع اتفاقية كامب ديفيد طلب تخصيص رقعة ما في القدس ترفع عليها الأعلام العربية، فاقترح اعضاء الوفد الاسرائيلي أن ترفع الأعلام على المقابر العربية، أي أنه اقترح (سلام المقابر).
أمَّا ديان فارتفع عن هذا قليلاً ووصف طلب الرئيس السادات بأنه (بقشيش)، أي انه اقترح سلام السادة والعبيد.
وما بين المقابر والبقشيش يقع المفهوم الاسرائيلي للسلام.



الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي   الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي Emptyالأربعاء 01 نوفمبر 2023, 9:08 am


المفهوم الصهيوني / الاسرائيلي للحكم الذاتي
يدور المفهوم الصهيوني / الاسرائيلي للحكم الذاتي داخل الإطار الصهيوني الاستيطاني الاحلالي، الذي يرى أن فلسطين أرض بلا شعب، وأنه إن وجد فيها شعب فوجوده عرضي، وأن هذا الشعب لا يتمتع بنفس الحقوق المطلقة التي يتمتع بها المستوطنون الصهاينة.
وقد تفرّغ عن هذا الإطار الكلي عدة أفكار صهيونية مختلفة بشأن الدولة الفلسطينية قد تبدو متضاربة ولكنها في واقع الأمر تتسم بالوحدة.
ولتبسيط الصورة حتى يمكن تناولها بشيء من التحليل سنقسم المواقف الصهيونية المختلفة الى ثلاثة، يقترب أولها من الحد الأقصى الصهيوني أي تغييب العرب ويكاد يلتصق به، ويبتعد ثالثها عنه حتى يبدو كأنه نقيض، ويقف ثانيها في نقطة اعتبارية متوسطة بينهما.
وقد اخترنا شموئيل كاتس ـ أحد مؤسسي حركة حيروت وقد شغل منصب مستشار رئيس الوزراء مناحم بيجين عام 1978 كممثل للنموذج الأول.
وليعبّر كاتس عن وجهة نظره في الدولة الفلسطينية يقتبس كلمات بن جوريون الذي يشير فيها الى (تاريخ اليهود) والى (بلاد اسمها يهودا وهي التي نسميها ارض اسرائيل … إن هذه البلاد جعلت منا شعباً، وشعبنا خلق هذه البلاد).ويضيف كاتس: (خلال مئات السنين هذه التي تخللتها عمليات قتل وطرد وتمييز ومستوى معيشي سيء لم يتأثر بالوجود اليهودي في فلسطين ولم يتخل اليهود عن عاداتهم وتقاليدهم).
وخلال هذه الفترة (لم يتأثر التراث اليهودي كما لم تتأثر الثقافة اليهودية أي اللغة العبرية التي بدأ استعمالها في القرن العاشر في طبرية).
ونحن لن نحاول تفنيد هذه الأفكار الصبيانية او الرد عليها فهي من التفاهة بحيث لا يصح أن ينشغل المرء بها إلا بمقدار كونها مؤشراً على حدود صاحبها الإدراكية.
وكاتس لا يرى سوى حضور يهودي كامل وثابت عبر التاريخ يقابله غياب عربي كامل.
وهذا هو الحد الأقصى الصهيوني الذي ينكر العرب تماماً، فالبشر الذين وجدوا في فلسطين ليسوا فلسطينيين وإنما مجرد مهاجرين من البلاد المجاورة (عناصر متحركة).
أمَّا النموذج الثالث فيمثله مائير بعيل، وهو من نشطاء مابام، ومن المنادين بالصهيونية ذات الديباجة اليسارية.
وأطروحاته العقائدية وإطاره التاريخي لا يختلفان عن اطروحات وإطار كاتس، فهو يعرّف الحركة الصهيونية بأنها حركة تحرر وطني (أي حركة تغييب للفلسطينيين).
وقد امتازت الصهيونية (بأنها ضمت يهوداً من مختلف الاتجاهات والميول رأوا بأعينهم هدفاً مشتركاً هو جمع شتات الشعب اليهودي وبناء أمة يهودية متجددة على أساس العمل العبري في أرض اسرائيل).
فبعيل ينطلق إذن من الإيمان بأن للشعب اليهودي حقوقاً تاريخية كاملة في أرض اسرائيل.
ثم يفسّر وجود الشعب الفلسطيني في أرض فلسطين على أساس صهيوني (فلولا قيام الحركة الصهيونية لما ظهر الفرع الفلسطيني التابع للحركة القومية العربية.
ويمكن الاعتقاد بأن مجيء اليهود الى ارض اسرائيل واستيطانهم فيها كان الحافز الذي أدّى الى نشوء الكيان الفلسطيني).
بل إنه يؤكد أن (من الصعب أن نتصور اليوم كيف كانت ستبدو الأوضاع في أرض اسرائيل لو لم يتحقق فيها الفكر الصهيوني).
فوجود الفلسطينيين ـ حسب تصوره ـ عرضي وتابع للوجود الصهيوني، ولكنه ـ وهنا مصدر الاختلاف بينه وبين كاتس ـ ليس بالضرورة زائلاً، فهو يرى أن بعض الصهاينة قد اعترفوا بحقوق الشعب الفلسطيني (بصفته يمتلك حقوقاً طبيعية في بلاده).
ولا ندري ما الفارق بين حقوق اليهود التاريخية وحقوق العرب الطبيعية، ولكن ما يهمنا في سياق هذا المدخل أن ثمة اعترافاً ما بوجود العرب وبحقوقهم.وهذا الاعتراف نابع من خوف عميق من أن العنصر الفلسطيني داخل الدولة الصهيونية يهدد هويتها اليهودية ويهدد الطبيعية الإحلالية للكيان الصهيوني، بل إن بعيل يطرح السيناريو التالي: (هناك مخاوف من أنه إذا استمرت سيطرة اسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة سوف تشتد حدة المقاومة الفلسطينية للاحتلال الاسرائيلي، لتصل حمى المقاومة الى العرب الاسرائيليين المقيمين في المثلث الصغير وفي الجليل بحيث يطلب عرب اسرائيل بعد جيل او جيلين الانضمام الى المطالبين بحق تقرير المصير للفلسطينيين).
ولكن كيف يمكن التصدي لهذا التيار وتلك الحمى؟ يرى بعيل (أن ذلك يتم من خلال إقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل … وكلما سارعت اسرائيل في تقديم مبادرة السلام المقترحة للشعب الفلسطيني كان أفضل لها).
ثم يأتي بعد ذلك بحشد هائل من التفاصيل عن الجمارك والكهرباء وعن ارتباط الدولة الجديدة بالأردن، إذ لابد أن تولد الدولة مقيدة.
أما شلومو افنيري فهو مثال جيد للنموذج الثاني (الوسط).
وأفنيري من كبار المفكرين السياسيين الاسرائيليين (شغل منصب مدير عام وزارة الخارجية في حكومة العمال بين عامي 76 ـ 1977).
وهو يتحدث ايضاً عن أرض اسرائيل ذات التراث اليهودي المجيد وأرض الخلاص بالنسبة لليهود.
والصهيونية هي الحركة القومية اليهودية التي ستقوم بعملية الخلاص هذه (وهو في واقع الأمر تخليص الأرض وتغييب اصحابها الاصليين، أي العرب).
وهو يرى أن المطالب الصهيونية خضعت لقرار التقسيم لأن (أحداً في العالم لم يكن يؤيد المطالب اليهودية)، أي أنه كان خضوعاً عملياً لا علاقة له بالمبادئ الكلية والنهائية.
ثم يضيف الى هذا ديباجات اخلاقية عن (أن الصهيونية تجد صعوبة في المطالبة بحق تقرير المصير لنفسها، ومعارضة منح هذا الحق لفئة سكانية أخرى).
ويسمّي افنيري نفسه بأنه من أتباع الصهيونية السوسيولوجية (مقابل صهيونية الأراضي) وهي صهيونية تهتم بالطابع اليهودي للدولة، أما صهيونية كاتس فتركز اهتمامها على ضم الأراضي، ومن هنا حديث (المعتدلين) عن الأرض مقابل السلام.
ولكن مهما كانت الأسباب (الضغوط الدولية او عذاب الضمير الصهيوني أو الخوف على الطابع اليهودي للدولة) فإن افنيري يطرح الحل التالي الذي يسميه حلاً وسطاً: (لا دولة اسرائيل الكاملة ولا دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، بل استعداد بعيد الأثر لقبول الحل الوسط في إطار حل اردني ـ فلسطيني).ولعل هذه النماذج الثلاث تغطي كل الاتجاهات السياسية الاسرائيلية تجاه الدولة، مع اختلاف طفيف في الديباجات، فجوش إيمونيم والليكود ينتميان للنموذج الأول بينما تنتمي بعض الأحزاب الصغيرة الليبرالية ومابام للنموذج الثالث، وينتمي المعراخ للنموذج الثاني.
فالعمل يقبل التفاوض على الأرض، ويطرح فكرة إمكانية تقديم تنازلات اقليمية في أراضي الضفة والقطاع.



الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي   الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي Emptyالأربعاء 01 نوفمبر 2023, 9:09 am


رغم كل الاختلافات بين الاتجاهات الصهيونية الثلاث إلا أنه يجب ملاحظة الوحدة بينهم التي تتبدّى فيما يلي:
1ـ يلاحظ أن جميع الصيغ الصهيونية، المتطرف منها والمعتدل، اليميني منها واليساري، لا تتوجه البتة لقضية الفلسطينيين الذين طردوا عام 1948 واستوطنوا سوريا ولبنان والأردن ومصر وأنحاء أخرى متفرقة من أنحاء العالم العربي، ولا تذكر بتاتاً قضية الفلسطينيين الذين يطالبون بحقوقهم في حيفا ويافا وعكا وكل بقعة في أرض فلسطين المحتلة والذين صدر قرار من هيئة الأمم لتأكيد حقهم في العودة الى ديارهم او التعويض لمن لا يريد العودة.

2ـ لا يتحدث الصهاينة البتة عن الأراضي خلف الخط الأخضر التي خصصها قرار التقسيم للفلسطينيين مثل الجليل وغيرها من المناطق.
وهكذا حوّل الخطاب الصهيوني الخط الأخضر الى مطلق صهيوني جديد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وعلينا قبوله والخضوع له.
وهذا ايضاً امر منطقي ومفهوم، فالتفاوض بشأن الأراضي فيما وراء الخط الأخضر وبشأن حق العرب في السكنى في فلسطين المحتلة قبل 1948 هو في واقع الأمر تفاوض بشأن فك الكيان الصهيوني.

3ـ يلاحظ أن كل الحلول مبنية على فكرة القسر والخضوع، وأن أحد الأطراف سيدفع الطرف الآخر مضطراً للتسليم بوجهة نظره.
فالصهاينة يرون أن رؤيتهم للتاريخ هي الرؤية الوحيدة السليمة التي لا يمكن التراجع عنها على مستوى العقيدة حتى لو تم التراجع عنها على مستوى الاجراءات البرجماتية.
وقد لخص ذلك الموقف أهارون ياريف بقوله: (الصهيونية هي حركة التحرر الوطني للشعب اليهودي… اصطدمت بالحركة القومية العربية عامة والحركة القومية الفلسطينية خاصة).
ولكنه يضيف: (إن أقوالي هذه لا تنطوي على تنازل او استعداد للتنازل عما نعتبره حقنا التاريخي في ارتس يسرائيل وفي علاقتنا التاريخية بها).
هذا الموقف المبدئي السائد في صفوف الجميع يخلق استعداداً كامناً دائماً لدى كل الصهاينة، مهما كان موقعهم على خريطة المتصل الادراكي السياسي، ان ينزلقوا دائماً نحو تغييب العرب وإنكار حقهم في انشاء دولة حقيقية خاصة بهم إن سنحت الظروف، كما أنه يضفي صفة الشرعية على موقف دعاة اسرائيل الكبرى.فالأصل في الموقف الصهيوني هو ابتلاع كل الأرض وتغييب كل العرب، والاستثناء هو المرونة والاستعداد للتفاوض بشأن الأرض خارج الخط الأخضر وبشأن الفلسطينيين خارجه.
ولعل هذا يفسر كل أن الأستيطان الصهيوني في الضفة الغربية قد بدأ إبان حكم العمال المعتدلين وأنهم اعتمدوا ملايين الدولارات لانشاء مستوطنات هناك في الأرض نفسها التي بدأ بيريس بالإعلان عن استعداده للتنازل عنها مقابل السلام.
في هذا الاطار ظهر مفهوم الحكم الذاتي الذي يرى أن الحقوق اليهودية في فلسطين مطلقة، أما الحقوق الفلسطينية فليست اصيلة.
فالأرض ملك للشعب اليهودي وقد تصادف وجود شعب فيها.
ولذا فإن أية حقوق تمنح للفلسطينيين هي من قبيل التسامح الصهيوني او التكيف البرجماتي مع أمر واقع وتعبيراً عن هذا تقرر فصل الشعب (العرضي الزائل) عن الأرض الصهيونية.
ولذا فالحكم الذاتي هو تعامل مع بشر وليس مع أرض، ومنح السكان بعض الحقوق دون أن يكون على الأرض ظل من السيادة، فالحكم الذاتي باختصار حكم للشعب دون الأرض.
ولذا فالسلطة الفلسطينية ليس لها سلطة على المجال الجوي او موارد المياه في الأراضي وليس من حقها تشكيل جيش فلسطيني.
والفلسطينيون يعيشون في مدن وقرى أشبه بالمعازل في المناطق كثيفة السكان إذ تظل اسرائيل المسؤولة عن الأمن في كل المناطق وتحديد المعابر والشواطئ والطرق الرئيسية.
فالحكم الذاتي قد منح الفلسطينيين درجة من الاستقلال على أن تبقى الصلاحية في أيدي الصهاينة.
وقد وُصفت السلطة الفلسطينية بأنها أكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة.
فقال احد الكتّاب العرب إن الحكم الذاتي يعني، في واقع الأمر، قيام محمية اسرائيلية تخدم المصالح الاسرائيلية.
وقد شبهه نتنياهو بالنظام السياسي القائم في أندورا وبورتوريكو (وهي دولة حرة تابعة للولايات المتحدة يحمل سكانها الجنسية الاميركية دون ان يكون لهم حق التصويت في الانتخابات).
ولعل بورتوريكو قد لاقت هوى في نفس نتنياهو لأنها جزيرة وليست جزءاً من الأرض الاميركية، فهي بمنزلة معزل لسكانها.
وقد وصف أحدهم الحكم الذاتي بأنه يعرّف فلسطين بأنها 500 قرية وثماني مدن رئيسية تفصل بينها طرق التفافية وتديرها اسرائيل وفق تصورها للامن، أي أن الوطن الفلسطيني تم تفكيكه ليصبح معازل، تماماً كما فكّك مفهوم الفلسطيني ليصبح كائناً اقتصادياً لا انتماء له.
ومع هذا لابد أن ندرك أن ثمة فروق قد لاتكون جوهرية ولكنها كبيرة بين رؤية حزب العمل والرؤية الليكودية للحكم الذاتي تنبع من تصورهم لوضع اسرائيل الدولي والمحلي ومقدرتها على قمع الفلسطينيين وتحقيق الأمن لنفسها.وهذه الفروق تعبّر عن نفسها في البرامج السياسية لكلا الحزبين.
ومع هذا من الملاحظ أننا حينما ننتقل من عالم النظرية والبرامج الى عالم الممارسة فإن نقط الاتفاق والإجماع تؤكد نفسها على حساب نقط الاختلاف.



الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي   الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي Emptyالأربعاء 01 نوفمبر 2023, 9:10 am


بيريز ونتنياهو ورؤيتهما للسلام
حدثت تشققات عديدة في الاجماع الصهيوني لأسباب عديدة (عدم تجانس المهاجرين اليهود ـ تزايد الاستهلاكية والعلمنة في المجتمع الاسرائيلي).
ولكن أهم الأسباب هو اندلاع الانتفاضة التي فرضت على عدد كبير من المستوطنين أن يكتشفوا أن الحلم الصهيوني القديم بتوسعيته المستمرة أمر مستحيل، وأنه في إطار النظام العالمي الجديد من الصعب التمسك به وأن مشكلة اسرائيل السكانية (تزايد العرب وتناقص اليهود بسبب الاحجام عن الانجاب وبسبب جفاف المصادر البشرية في الخارج) آخذة في التفاقم.
لكل هذا انقسم الصهاينة فيما بينهم من دعاة التمسك بالأرض المحتلة دون التنازل عن شبر واحد من الأراضي (صهيونية الأراضي) مقابل من يطلبون بالتنازل عن بعض الأراضي نظير الاحتفاظ بالصبغة اليهودية الخالصة للدولة الصهيونية.ولذا يمكن القول بأن الفريق الأول الذي يمثله نتنياهو (لا يملك رؤية للسلام) أما الفريق الثاني (الذي يمثله بيريز) فله رؤية محددة للسلام.
وقد فصّل بيريز رؤيته هذه في كتابه الشرق الأوسط الجديد فهو يذهب الى أن السلام لابد أن ينطلق من نوايا جماعية لدى اطرافه المعنية تدفع باتجاه الثقة وتزيل مشاعر الشك والقلق، ومن ترتيبات ومؤسسات مشتركة، فتصبح المنظمات الاقليمية مفتاح الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة.
وبالتالي، فإن القضاء على مشكلات الإقليم لا يتم بالاتفاقات الثنائية، بل عن طريق ثورة عامة في المفاهيم.
من هنا، يجب أن تعكس السوق الاقليمية المشتركة توجّهات جديدة في المنطقة بحيث يسود نمط الحضارة الغربي، الذي اصبحت (السوق) بمقتضاه أكثر اهمية من الدول المنفردة، واصبح الجو التنافسي اهم من وضع الحواجز على الطريق.
ولهذا، ينبغي ألا تؤجّل العلاقات الاقتصادية او ترتبط بعملية السلام؛ إذ في الإمكان الشروع في تعاون اقتصادي لامتصاص المعارضة السياسية، وفي الإمكان بالتالي أن تقوم العلاقات الاقتصادية بتسويق العلاقات الدبلوماسية.
وهذه الرؤية تقتضي توفير مناخات اقتصادية تطبيعية تهمّش الشأن القومي التاريخي ((العقد التاريخية) كما يسمونها، و(الذاكرة التاريخية) كما نسميها نحن) وتلغيه وتحل محله شأناً جيو ـ اقتصادياً جديداً، وهذا ما دعاه بيريز (الشرق الاوسط الجديد) باعتباره وحدة متكاملة اقتصادياً وامنياً وسياسياً، بما يحقق الهدف الاسرائيلي المتمثل في (اسرائيل العظمى) عبر السيطرة على المنطقة ويضمن أمنها عبر موافقة معظم الأنظمة العربية المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ على ضمان أمن اسرائيل.
في هذا الإطار يمكن السماح بقيام دولة فلسطينية مستقلة على جزء من أرض فلسطين المحتلة على أن تظل هذه الدولة خاضعة للاعتبارات الأمنية الاسرائيلية.
أما رؤية نتنياهو فترفض الفكرة السابقة وتعارض اسلوب بيريز، باعتبار أنها اضعفت السياسة الاسرائيلية وشلتها استراتيجياً، فالمؤسسات والاتفاقات التي ركزت عليها حكومة بيريز فشلت جميعها في توفير الأمن لاسرائيل، ولذلك لابد من اجراءات اكثر حسماً، واعادة ترتيب سلم الأولويات وفق رؤية اخرى طرحها نتنياهو في كتابه (مكان تحت الشمس) ليكون:
1ـ الأمن قبل الاقتصاد، والأرض ملازمة للامن (وهو ما يعني استمراراً لفكرة العمق الاستراتيجي) فلابد من وضع أسس جديدة للمفاوضات تستند الى مبدأ (السلام مقابل السلام) بدلاً من مبدأ (الأرض مقابل السلام) الذي أدّى الى تراجع مكانة اسرائيل الاستراتيجية.
وعلى الجيش الاسرائيلي ان يتولى مباشرة حماية الاسرائيليين في أي مكان دون قيود او حدود.
والسلطة الفلسطينية مطالبة بتوفير الأمن لاسرائيل، أما الجولان فهو غير قابلة للتفاوض في هذه المرحلة لأنها تشكل العمق الاستراتيجي لاسرائيل.

2ـ الاقتصاد قبل السياسة، فاسرائيل القوية هي التي تجذب الاستثمار، وتصبح قوة اقتصادية تقود المنطقة، وتدخل الاقتصاد العالمي دون حاجة الى جسر شرق أوسطي لأنه جسر الفقراء.
ولكن شعار (الأمن قبل الاقتصاد) لا يلغي الاقتصاد او يغفله، لأن عنصر الأمن الداخلي الاسرائيلي هو الشرط الأساسي لجذب الاستثمار وازدهار الاقتصاد.
وترفض هذه الرؤية فكرة أن تراجع عملية التسوية يمكن أن يؤدي الى تراجع معدلات النمو الاقتصادي في اسرائيل، لأن الهجرة اليهودية ستواصل تحريك الاقتصاد الاسرائيلي بجانب التطور التكنولوجي والمساعدات الخارجية.

3ـ السياسة قبل السلام، فالسلام يجب ان يبنى على مرتكزات موضوعية راسخة بصرف النظر عن القادة والزعماء، لأن الفرق بين اسرائيل والعرب هو الاختلاف في القيم السياسية المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان.
وتنطلق هذه الرؤية مما أشار نتنياهو اليه في كتابه من أن (السلام) الذي يمكن تحقيقه في الشرق الأوسط هو السلام المبني على الأمن، أي الردع، إذ ان اسرائيل هي الدولة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة، في حين أن الدول العربية جميعها ذات نظم استبدادية، وبالتالي فإن (سلام الردع) هو البديل الوحيد الممكن، فكلما بدت اسرائيل قوية أبدى العرب موافقتهم على إبرام سلام معها.
لذا، فإن الأمن، أي قوة الردع المعتمدة على قوة الجسم، هو العنصر الحيوي للسلام، ولا بديل عنه.
وثمرة هذا الموقف هو غياب أية استراتيجية للسلام.
وكما يقول عزمي بشارة: (ان الليكود يكتفي بطرح الحكم الذاتي الموسع على الفلسطينيين في ظل السيادة الاسرائيلية.
ويكتفي في الحالة السورية بمحاولة التوصل الى اتفاق امني في لبنان في هذه المرحلة لايقود بالضرورة الى اتفاق سلام، بل يضمن الامن الحدودي كما في الجولان.
وفي الحالة فلسطينية، لا يقبل الليكود الارض مقابل السلام، ويطرح مقابلها السلام مقابل السلام، اما في الحالة اللبنانية، فانه مستعد لاعادة الارض دون السلام: الارض مقابل الامن فقط).



الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي   الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي Emptyالأربعاء 01 نوفمبر 2023, 9:10 am


الطرق الالتفافية والمعازل
تتضح الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للحكم الذاتي في الطرق الالتفافية وهي طرق تبنيها الدولة الاستيطانية (الاحلالية) الصهيونية يقتصر استخدامها على المستوطنين الصهاينة في الضفة الغربية بحيث تتحول التجمعات الفلسطينية الى كانتونات محاصرة بالمستوطنات والطرق الالتفافية والمنشآت العسكرية.والطرق الالتفافية بذلك تكون بمنزلة سياج أمني حول المستوطنات، كما انها تجعل المستوطنين الذين يعيشون وسط القرى والمدن العربية قادرين على التحرك دون ان يضطروا الى عبور الاراضي الفلسطينية او مواجهة الفلسطينيين.
وتستند خطة الاستيطان أمناه (وهي برنامج واسع للاستيطان والبناء في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة) على نظام متكامل من الطرق الالتفافية أعلنها الجيش الاسرائيلي رسمياً في أواخر سنة 1994 أثناء حكم حزب العمل واكتسبت شرعيتها من خلال اتفاق توسيع الحكم الذاتي عام 1995 (اوسلو ـ 2) وموافقة السلطة الفلسطينية عليها لارتباطها بخطة اعادة الانتشار من المناطق الفلسطينية الآهلة.
وقد كثفت اسرائيل بناء هذه الطرق التي تخترق معظم مناطق الضفة الغربية المأهولة بالسكان منذ عام 1995 وتم الاعلان عن خطط لشق طرق جديدة، يتم من خلالها تجديد طرق ترابية قائمة وشق أخرى، اضافة الى فتح طرق سريعة من الشمال الى الجنوب عبر وادي الاردن، وشق مداخل ومخارج جديدة في شمال الضفة الغربية، وشق مجموعة طرق عسكرية.
وأهم هذه الطرق الطريق رقم 60، والطريق رقم 20.
وقد بلغ عدد هذه الطرق عام 1996 حوالي عشرين طريقاً تغطي 400 كم تتفرع من الطريق الرئيسي المعروف باسم (الطريق 60) الذي يمتد من الشمال الى الجنوب لجزئي الضفة الغربية.
وبعض هذه الطرق مازال قيد الانشاء، وتعتزم سلطات الاحتلال بناء خمس طرق أخرى.
ويلتف الطريق 60 حول المدن الفلسطينية في الضفة ويربط عشرات المستوطنات المنتشرة في كل انحاء الضفة.
ويتم الاستيلاء على معظم الاراضي اللازمة لبناء هذه الطرق من خلال أوامر وضع اليد، وهي غطاء قانوني يحجب المصادرة، وهي أولى الخطوات نحو المصادرة النهائية، والتبرير المعطى في أ:ثرية أوامر وضع اليد هو الأمن والضرورة العسكرية، وهو تبرير لا يمكن الملاك الفلسطينيين من الاحتجاج ضده.
وتؤدي هذه الطرق الى اتلاف آلاف الدونمات من الاراضي الزراعية وتدمير مئات المنازل، والحاق خسائر فادحة لان هذه الاراضي مزروعة بكثافة بأشجار الزيتون، الامر الذي يؤدي الى تدمير مصدر رزق العائلات الفلسطينية الوحيد.
كما يؤدي شق هذه الطرق الى اعاقة نمو القرى الفلسطينية والحد من قدرة البلديات الفلسطينية على توسيع الخدمات البلدية.
كل هذا يجعلنا نرى الطرق الالتفافية لا باعتبارها مجرد ظاهرة سياسية اقتصادية وانما صورة مجازية تعبر بشكل متبلور عما آل اليه الاستعمار الاستيطاني الاحلالي الصهيوني في فلسطين المحتلة.
فهو استيطان يستند الى أكذوبة (ارض بلا شعب) لم يعد بمقدور صاحبها الاستمرار فيها فدب فيها الموت.
ولكن الأكذوبة أساسية لبقائه واستمراره ولذا فهو يحاول ان يتشبث بها ويبث فيها الحياة بقدر الامكان بالطرق الالتفافية، فهي محاولة أخيرة يائسة بعد ان فشل الاستيطان الصهيوني في جانبه الاحلالي، ولم يتمكن من ابادة الشعب او طرده حتى تقليل كثافته وأثبتت فلسطين انها ليست ارضاً بلا شعب بل أرض مأهولة يزرعها ويحرثها نسلها.
ولذا فالحل ان تصبح فلسطين (أرضاً يسكنها شعب لا تقع عيوننا عليه، فكأنها بالفعل ارض بلا شعب، وان ظهر الشعب على طرقنا الالتفافية حصدته رصاصات جيش الدفاع الاسرائيلي، فتستمر الاكذوبة).
ومن الواضح ان فلسطين ثابتة، فمدنها وقراها لا تتحول، وسكانها لا يكفون عن المقاومة.
فالطرق الالتفافية من ثم تعبير عن قدرة الصهاينة على خداع الذات.
ولكنه خداع للذات يكلف صاحبه الكثير من الناحيتين الاقتصادية والعسكرية.
فالطرق الالتفافية تتناقض مع أبسط معايير الجدوى الاقتصادية (أن يكون هناك طريق للمستعمر وآخر للسكان الاصليين) وهدفها تحقيق قدر كبير من الراحة النفسية لصاحبه.
ولكن لا شك في ان وجود الجنود الاسرائيليين لحراسة هذه الطرق يؤدي الى القلق ويذكر المستوطنين (بالشعب الذي لا تقع عيوننا عليه).
والطرق الالتفافية تذكر المرء بتجربة أعضاء الجماعات اليهودية في أوكرانيا حين اسس النبلاء البولنديين (شلاختا) للملتزمين اليهود (أرانداتور) مدناً صغيرة شتلت شتلاً في أوكرانيا (الشتتل) وهي جيتوات متكاملة كان أعضاء الجماعة اليهودية الوظيفية يمارسون فيها حياتهم كاملة، لا يتعاملون مع البيئة الجغرافية والتاريخية والاجتماعية المحيطة (بل والمحدقة) بهم، فهم فيها وليسوا منها، لا يتعاملون مع الاغيار الا في السوق، في عمليات التبادل المجردة، التي لا تتخللها أية حميمية ولا تعبر عن أي تراحم.
والطرق الالتفافية تحقق هذا للمستوطنات الصهيونية الشتولة في الضفة الغربية، فهم في الضفة الغربية وليسوا منها، ولا يقابلون السكان الاصليين الا في السوق.
ورغم ان إقامة الشتتلات كان يهدف الى حماية أعضاء الجماعة اليهودية، حتى يمكنهم الاستمرار في استغلال الفلاحين الاوكرانيين لصالح النبلاء البولنديين، فإن الشتتلات تحولت الى معازل محصنة مسلحة، وحتى المعبد اليهودي نفسه تمت اعادة صياغته معمارياً بحيث اصبح معبداً وقلعة في آن واحد، يتعبد فيه اليهود ومنه يقاتلون، معبداً له أبراج بها كوات تخرج منها المدافع والبنادق، وهو ما يذكرنا بالدولة الصهيونية الوظيفية، التي تزعم انها في الشرق الاوسط وليست منه، والتي تحاول الا تتعامل مع العرب الا في السوق الشرق أوسطية.
فهي الدولة/الشتتل، او الدولة/الجيتو وهي في الوقت نفسه المعبد/القلعة.
وقد كان الجنود البولنديون يقومون على حراسة الشتتلات حتى لا يهاجمها الفلاحون الاوكرانيون، وهذا ما يفعله الدعم العسكري والاقتصادي الامريكي الذي يصب في الكيان الصهيوني فيقوي عضده ويجعله قادراً على بناء طرق التفافية ليس لها أية جدوى اقتصادية.
وحينما هبت انتفاضة شميلنكي لم تكتسح في طريقها القوات البولندية وحسب وانما اكتسحت الشتتلات المحصنة والمعابد/القلاع أيضاً.
ومن هنا خطورة الطرق الالتفافية، فبدلاً من ان يواجه الاسرائيليون طبيعة وضعهم ويتعاملوا مه خارج الاطار الصهيوني (الذي يؤدي الى عزل الآخر وتحصين الذات واطاحتها بسياج عسكري) فانهم يحاولون اطالة عمر الأكذوبة، وهو ما يعني ان الفلسطينيين لن ينالوا حقوقهم الا من خلال الانتفاضات المتتالية، التي ستقضي على الطرق الالتفافية وغيرها من الطرق.
اما (المعازل) فهي كلمة عربية تستخدم لوصف القرى والمدن العربية في الضفة الغربية، وربما يقابلها في اللغة الانجليزية كلمة (جيتو).
فبعد ان تحقق الصهاينة من ان فلسطين ارضاً بلا شعب، وبعد إدراكهم ان الشعب لا يود ان يخضع لآليات الترانسفير المختلفة، بل انه يتوالد ويتكاثر تقرر تأسيس مستعمرات استيطانية صهيونية في مناطق استراتيجية وطرق التفافية مختلفة تربط هذه المستعمرات بحيث تتحول القرى والمدن الفلسطينية الى (مناطق) مأهولة بالسكان معزولة خاضعة للرقابة العسكرية الصارمة، وتمارس حق تقرير المصير في حدود المفهوم الصهيوني للادارة الذاتية بحيث تتحول فلسطين من وطن الى أرض، ومجموعة من القرى والمدن الممتازة (يعزل) الفلسطينيون فيها ويتم حصارهم.
ونحن نرى انه قد يكون هناك نقط تشابه كبيرة بين التصور النازي والصهيوني للحكم الذاتي، فالنازيون أسسوا جيتوات (معازل) كانت تأخذ شكل مناطق قومية تتمتع بقدر كبير من الاستقلال.
فكان يتم اخلاء رقعة من احدى المدن من غير اليهود ثم ينقل اليها عشرات الآلاف من اليهود ويعاد نشر القوات النازية وتسلم لسلطة يهودية شبه مستقلة تسمى (مجلس الكبراء) (كانت السلطات النازية تعين أعضاءه).
وكان لجيتو (او معزل) وارسو (أهم المناطق القومية) طوابعه وشرطته (التي كانت تحرس مداخل الجيتو مع الشرطة البولندية والنازية).
وكانت الشرطة اليهودية متعاونة تماماً مع النازيين في كبح جماح اليهود.
وكان للجيتو اقتصاده (المستقل) الذي كان يعتمد اعتماداً كاملاً على النظام النازي.
فقد كان الجيتو يقوم باستيراد كل ما يحتاجه من مواد صناعية او غذائية من سلطة الاحتلال النازية على ان يسدد ثمن الواردات بالمنتجات الصناعية التي كان الجيتو ينتجها، او الخدمات التي كان يؤديها بعض اعضائه.
وكلن وضع التبادل لم يكن متكافئاً، فقيمة السلع التي كان الجيتو ينتجها والخدمات التي كان اعضاؤه يؤدونها كانت دائماً دون حد الكفاف، وهو ما كان يعني سوء التغذية وتزايد الفقر ويؤدي الى الموت جوعاً، وبذلك كانت تتم إبادة اليهود بالتدريج وببطء دون أفران غاز.



الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الفصل التاسع: الرؤية الصهيونية/الاسرائيلية للصراع وللحكم الذاتي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل الثالث: الرؤية الصهيونية للذات
» الباب التاسع: الصهيونية السـياسية
» الفصل الحادي عشر: الصهيونية: استعمار احلالي
» الفصل الثاني: العنف والرؤية الصهيونية
» الفصل الثالث عشر: التنظيمات الصهيونية العسكرية قبل مايو 1948

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأحداث الفارقة في حياة الدول :: الصهيــونيـة والعُنف-
انتقل الى: