منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الدرس السابع من مدرسة الحياة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الدرس السابع من مدرسة الحياة Empty
مُساهمةموضوع: الدرس السابع من مدرسة الحياة   الدرس السابع من مدرسة الحياة Emptyالأحد 15 مايو 2011, 9:31 pm

الْمُحَاضَرَة الْسَّابِعَة
دَرَسُنَا هَذَا الْمَسَاء سِلْسِلَة بِعُنْوَان مَدْرَسَةُ الْحَيَاة وَكُنْتُ قَدِيْماً مُنْذ نَحْو عَشْر سَنَوَات أَرَدْت أَبْتَدِئ هَذَا الْدَّرْس الَّذِي هُو عِبَارَة عَن تَجَارِب الْعُلَمَاء وَالْحُكَمَاء وَالْخُلَفَاء وَالْوُزَرَاء فِي شَتَّى أُمُوْر الْحَيَاة الُمخْتَلِفَة ، وَالَّذِي نُسَمِّيَه نَحْن بِالتَّجْرِبَة فَإِن الْتَّجْرِبَة مِن أَعْوَنِ مَا يُعِيْن الْعَبْد عَلَى تَأَمَّل الْأَحْدَاث الْجَارِيَة ، وَمَا مِن حَدَثِ مَضَى إِلَّا وَالَّذِي يَأْتِي شَبِيْه بِه مَع اخْتِلَاف الْشُّخُوْص ، إِنَّمَا يحْتَاج الْمَرْء إِلَى تَأَمُل لَيُدْرِك الْعِبْرَة وَالْعِظَة فِيْمَا مَضَى لِيَسْتَعِيْن عَلَيْه فِي حَيَاتِه الْحَاضِرَة .

وَكَان عَلِي بْن أَبِي طَالِب قَد لَخَص بِقَوْلِه: (وَاسْتَدَل عَلَى مَا لَم يَكُن بِمَا كَان فَإِن الْأُمُور اشْتِبَاه)
قال بن الجوزي - رحمه الله تعالي - مؤنبًا نفسه ، أو مخاطبًا نفسه: (أَتُرَاهُ لو هَبَت نَفحةٌ فَأخذَت البَصر كَيف كانت تَطِيبُ لك الدنيا؟ وأسفًا عليك لقَد عَشِيَت البَصيرة التي هِي أَشرَف ومَا عَلِمت كَم أقُولُ عَسى ولَعَلَ؟ وأنتِ في الخَطأ إلى قُدَّام )

كنا ذكرنا أمس وهذا هو المجلس السابع من شرح هذه الخاطرة لابن الجوزي -رحمه الله تعالي- في الخاطرة التي سميناها (وَيَا نَفْس جِدِّي)، وهذا يوم الثلاثاء الذي يوافق الثامن عشر من شهر رمضان سنة ألف وأربع مائة وثلاثين من هجرة خير من وطئ الحصى نبينا محمد- . وكنا ذكرنا في المرة الماضية، أو ختمنا الكلام في المرة الماضية عن تأنيب النفس.
وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْ الْمَرْءِ أَنْ يُؤَنِّبُ نَفْسِهِ أَمْ أَنَّهُ يُمَرِّرُ لَهَا ؟
هذه المسألة فيها تفصيل هناك إنسان إذا أنب نفسه وأشتد عليها خارت قواها ويأس ، وهناك إنسان يتحمل هذا فهذه مثل التكاليف الشرعية قد يعجز المرء عن آداء الواجب فينحط إلي المرتبة التي تحتها بحكم الشرع .
قال- - كما في حديث عمران بن حصين- رضي الله عنهما- قال:" صلي قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا ، فإن لم تستطع فعلي جنب " وعندما رأي النبي- - حبلًا بين ساريتين ، قال:" حبل من هذا ؟ قالوا : هذا حبل زينب ،_ أي امرأته وهي زينب بنت جحش- رضي الله عنها- ، قال:" ماذا تفعل به ؟ قالوا: إذا تعبت استندت علي هذا الحبل _، إذا تعبت في قيام الليل ، أو من كثرة الصلاة استندت علي هذا الحبل ، فقال :" حلوه إن الله لا يمل حتى تملوا ".
الْشَّاهِد مِن الْحَدِيْث: إذًا النفس لها طاقة ، وكل إنسان أدري بنفسه ، وأعرف بملكاتها ومواهبها ، فيه إنسان إذا لامته نفسه فاستجاب لها حصل له إحباط ، وحصل له يأس لأنه لا يستطيع أكثر من هذا ، ومع ذلك هو غير راضيًا عن أدائه، أي كلما صلي وصلي وصلي ، أو صام وصام ، أو قرأ القرآن وقرأ ، وقرأ في سير المجديين رأي أنه لم يفعل شيئًا ، هذا أقصي ما عنده ، ماذا يفعل أكثر من هذا ؟ سيتوقف عن العمل ، لا .
نقول لهذا الإنسان: أربع علي نفسك ، كما أن يوجد رخصة شرعية ، و الرخصة الشرعية إنما توائم حاجة النفس إذا نزلت تأتي الرخصة الشرعية ، فأنت إذا لمت نفسك لمها لومًا لا تحبطها به ، فيه واحد قوي النفس .
مثلًا عمر بن الخطاب: عندما حدثته نفسه بالخلافة يومًا ، فجمع المدينة في المسجد وقال: ( إني كنت ، أرعي الغنم علي قراريط بني فلان ، فقال له عبد الرحمن بن عوف: مازدت علي أن أزريت نفسك ) _لم تقل لنا شيئًا جديدًا , قال: (إن نفسي حدثتني بالخلافة فأردت أن أؤدبها )، فهناك من يقدر علي هذا ، وآخر ولا يقدر علي هذا.
فَمَسْأَلَة تَأْنِيْب الْنَّفْس ، أَو تَشْتَد عَلَيْهَا هَذِه مَسْأَلَة مَتْرُوْكَة إِلَي فِقْه الْنَّفْس: وهذا طبعًا داخل في مسألة البصيرة ، فيه الإنسان الذي ينطلق علي غير هدي ، ولا غير بصيرة هذا يخبط خبط عشواء .
فهنا بن الجوزي-رحمه الله- يؤنب نفسه من أول الخاطرة كما سمعتم ، ويهددها ويذكر لها مصارع الذين من قبل ، ويذكر لها البلاء أَتُرَاهُ لو هَبَت نَفحةٌ فَأخذَت البَصر كَيف كانت تَطِيبُ لك الدنيا ؟ فكيف إذا عشيت البصيرة التي هي أشرف من البصر؟) .
اليوم يتكلم إن شاء الله عن بصيرة العلم قال تعالي:﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾(يوسف:108) ، هناك مشاكل كثيرة يذكرها لي الشباب ، وهذه الموضوعات تتسبب في مشاكل كثيرة سببها قلة البصيرة .
الْبَصِيْرَة وَالتَّجْرِبَة لَا يَنْفَكَّان :التجربة تُثقل بها البصيرة ، من ليس له تجربة فليأخذ تجربة غيره ، وليتمثل قول القائل: ( اللهم اجعل لنا عبرة ، ولا تجعلنا عبرة )، التجربة تحتاج إلي عمر يسميها أهل العلم الاستقراء استقراء: أي استفعال من القراءة ، وهذا يحتاج إلي طول عمر في القراءة مع الفهم الجيد.
فَالدَّعْوَة إِلَي الْلَّه عَز وَجَل هِي أَشْرَف الْوَظَائِف عَلَي الْإِطْلَاق:حتى لو كان المرء يأكل ورق الشجر ، لأن يوجد بعض إخواننا الذين تركوا الثغر ، وتركوا مواقعهم وانطلقوا إلي بلاد الله الواسعة يجمعون المال بعدما تعلم ، وعرف شرف العلم ، يذهب إلي هناك يظل عشرين سنة ، أو خمساً وعشرين سنة ، ثم يرجع لم يحصِّل شيئًا مذكورًا ، لكنه خسر الذي هو أشرف ، جاء فوجد الصبيان الذين تركهم يلعبون في الطرقات وجدهم هم المشايخ ، وهم الذين يجلسون علي الكراسي وعلي المنابر ويعلمون الناس .وَالْلَّه - سُبْحَانَه وَتَعَالَي - لَا يُضِيْع مَن ثَبَت عَلَي قَدَم الْصِّدْق أَبَداً: يرضيه حتى بالقليل أي يُضِيْق فتحة العين ، الطمع ، لأن أوسع شيء في الإنسان عينه ، مع أنها ضيقة كما ترون ، لكن هي أوسع تبلع الفضاء الواسع ، وهذا من أغرب ما يكون ، عينك هذه وأنت تنظر إلي الأمام تنظر بها ، وأنت تنظر إلي الأمام تري من بجوارك ، وتري من بجوارك ، وهي عين ضيقة ، لكنها تبلع الفضاء الواسع .قال : " لو كان لابن آدم واديًا من ذهب ، لقال: لو أن لي اثنين . ولو أن له اثنان لقال: لو أن لي ثلاثة . ولا يملأ عين بن آدم إلا التراب ، وتاب الله علي من تاب " .
الْدَّعْوَةُ إِلَيَّ الْلَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَي - تَحْتَاجُ إِلَيَّ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ :1-الداعية نفسه 2-المدعو 3-والدعوة . أي أحد يريد أن يتصدر إلي الدعوة لابد أن يري هذه الأركان الثلاثة ، وأن يحسب حساب كل ركن .
الْدَّاعِيَة نَفْسِه:لابد أن يكون عالمًا بقدره ونفسه ابتداًء قبل أن يدخل لهذه الساحة الواسعة ، قال الله- عز وجل-:﴿ بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾ (القيامة:13- 15) .فقلنا أمس أن البصيرة: هي عين القلب ، وإذا أبصر القلب رأي الأشياء علي حقيقتها﴿ بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾
الْشَّاهِد مِن الْآَيَة:، أن الإنسان يمكن أن يعتذر لك اعتذارًا تقبله أنت ، لكنه من داخلة نفسه يعلم أنه مبطل ، هذا هو معني الآية:﴿ بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾ للآخرين حتى لو قبلت أنت عذره ، هو يعلم حقيقة الأمر أنه إما أن يكون مبطلًا ، وإما أن يكون صادقًا .
مَايَلْزَم الْدَّاعِيَة:فالإنسان الذي يدعو إلي الله- عز وجل- لابد أن يكون الشيء الأول: بصيرًا بنفسه . الشيء الثاني: لابد أن يكون عالمًا بصحة ما يدعو إليه .
الْعِلْم عِنْدَنَا شَيْئَان: نَص صحيح ، وَوَاقِع :هذا النص نحتاج أن نُنَزِّلُه علي الواقع فأنا وصفت النص ولم أصف الواقع ، نصٌ صحيح مع واقع أي واقع ، سواء كان في واقع مخالف ، أو موافق ، مسلمٍ ، كافر ، لأن ديننا صالح لكل زمان ، فالمفترض أن هذا الدين الذي اختاره الله- سبحانه وتعالي- ورضيه دينًا ، ولا يقبل من عمل عامل عملًا إلا إذا كان مسلمًا ، هذا المفترض أنا أنزله علي أي واقع في الدنيا فيوائمه ، وهذه مهمة العالِم ، ليست مهمة النص ، لأن النص قد يكون معناه في الظاهر ضيق ، لكن العالِم إذا استعمل دلالة المفهوم وسع دلالة إلي حدود النص ، فالنص له حدود له حد أول ، و حد آخر ,أنا حريتي في هذا الحد سواء من هنا إلي هنا ، أو رأسًا من هنا إلي تحت ، فقد يكون النص صحيحًا ، والواقع غير ملائم ، لابد أن أنظر إلي المسألة بهذين .
ومن الفتاوي الغريبة : اليوم عندما أقرأ في الجرائد وأجد بعض الذين يتصدرون للكلام في الفضائيات يتكلمون بكلام أنا أستغرب غاية الغرابة أنه يتمني أن يري في كل شارع كنيسةً بجانب مسجد ، ويقول: يجوز للمسلم أن يتبرع بالمال لبناء الكنائس هذه فتاوى ، تخرج بمناسبة شهر رمضان المبارك ، وهذا يخالف قول كل أهل العلم أبني محفلًا للشرك بأموال المسلمين وأترك المسلمين جوعى ومرضي ؟ هؤلاء يتكلمون من المكاتب المكيفة ، هؤلاء لا يخالطون الناس ، أو خالطوهم ونسوا القضية فليأتي واحد من هؤلاء علي أبواب مسجد كهذا المسجد ليري أصحاب الحوائج ليري المرضي ، ليري الفقراء ، ليري أصحاب الديون ، هؤلاء أمم بعد الأزمات المتتالية المتلاحقة الذين كانوا يعيشون في الستر ، نزلوا تحت خط الفقر . أحيانًا أخجل من نفسي عندما يأتيني رجل فاضل يشتغل بالتعليم ، طيلة حياته وأصبح وكيل مدرسة وأصبح ناظر مدرسة وبعد ذلك يُحال علي المعاش ، ثم يأتي يقول: لا أستطيع أن أسدد إيجار المسكن ، ما الذي يأخذه بعد أربعين ، خمسين سنة من التدريس ، كم يبلغ مرتبه الأساسي ، لا يحصِّل ألف جنيه ، ماذا تفعل هذه الألف ؟ هذا رجل عنده سكن وعنده خمسة أو ست أولاد الذي في الجامعة ، والذي يريد أن يزوج ابنته، والذي يريد أن يعمل غير ذلك ، ماذا يعمل هذا ؟ اجمالي السنة اثني عشر ألفاً ، لو عنده بنت تريد أن تتزوج أو هذا الكلام ستلتهم هذا المبلغ كله ، هذا لو فرضنا أنه سيأتيه المبلغ هذا كله مرة واحدة أنا أشعر بالخجل وأحس بيني وبين نفسي بالعار أن هناك ناس كانوا يعيشون في منطقة الستر نزلوا تحت خط الفقر ، فيأتي من يقول أن الصدقات يبنى بها الكنائس ، وهل هذا جائز أصلًا ، في ميثاق عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- إذا هُدمت كنيسة وسقطت لا يجوز لها أن تُجدد ، فنحن في زمان الانفلات ، أُناس يتكلمون بمنتهى الحرية ، نحن نقول للنصارى بشروا بدينكم ومن حقكم أن تبشروا بهذا الدين في الفضائيات .النبي- - يقول كما في حديث أبي هريرة كما في مقدمة مسلم :" سيكون آخر الزمان أُناس يحدثونكم بما لا تعرفون أنتم ولا آباؤكم ، فإياكم وإياهم ، لا يضلونكم " ، وهذا كلام الرسول ، نحن أصبحنا في آخر الزمان "يحدثونكم بما لا تعرفون أنتم ولا آباؤكم " ، آباؤنا هم السلف ، وليس آباؤنا الأب المباشر ، الأب المباشر قد يكون جاهلًا ، لا يكون عنده أي فكرة عن الدين ، آباؤنا هم السلف ، وأجدادنا هم السلف .سلفنا لا يعرف شيئًا من هذا ، ففي هذا الزمن زمن الفتن وزمن تبديل الدين بالآراء الشخصية والاجتهادات وإخضاع الدين للسياسة الْفِرَق بَيْن الْسِيَاسَة الْشَّرْعِيَّة وَالْسِّيَاسَة الْمُعَاصِرَة:لأننا عندنا مايسمي بالسياسة شرعية التي يحكمها الدين ، السياسة المعاصرة لا دين لها ، بل السياسة تتبع المصلحة حيث وُجدت حتى وإن كانت المصلحة تخالف أبجديات الدين ، هذه هي السياسة الآن فنحن حتى لا يُضرب علينا الذل أأكثر من هذا ، وحتى تنجو الأرض بأفراد من الصالحين لابد أن نقف وقفة صحيحة على هذا القانون .
القانون: نصٌ صحيح في مقابل واقع ، أي واقع ، اجتهاد العالم هو الذي ينزل النص الصحيح على الواقع الملائم ، وليس الواقع الصحيح ، لأن الواقع قد لا يكون صحيحًا بل ينزل النص الصحيح على الواقع الملائم .
ومن الأمثلة الشهيرة على ذلك: قول النبي لعائشة- رضي الله عنها-:" لولا حِدثان قومك بالكفر لهدمت البيت وبنيته على قواعد إبراهيم ، لكن قومك قصٌرت بهم النفقة " ، الشاهد من الحديث: فالنبي- – لماذا ترك هدم البيت وهو مُمْكَن وما كان أحدًا يستطيع أن يقول له لما ؟على وجه الاعتراض ، ولا لماذا علي وجه الاعتراض ؟ وقلت لكم أنه كان مُمَكنًا ، لم يكن مستضعفًا كما كان في مكة .
قال: " لولا حِدثان قومك بالكفر " ، النبي- معه كلام أمنية يتمني أن يفعلها لكن الواقع غير ملائم فيكون عندي نص صحيح أن نرجع البيت إلي قواعد إبراهيم ، لكن الواقع لا يلائم هذا التغيير ، عبد الله بن الزبير- رضي الله عنه- في زمانه أيام كان خليفة المسلمين ، رأي أن الذي تهيب منه النبي- - انتهي ، وأنتم تعرفون القتال الذي كان بين دولة بني أمية وما بين عبد الله بن الزبير ، وانتهت القصة أيضًا بتهدم الكعبة عندما ضربت بالمنجنيق ، المهم أراد عبد الله بن الزبير بعدما أستقر الأمر أنه يجدد ما وَهَي من الكعبة ، ما وهي من الكعبة يعني نصف جدار منها راح ، ربع الجدار راح ، فيريد ناس قالوا: نجدد الكعبة نبني ما وهي منها . أَبَى عبد الله بن الزبير وقال: والله لو كان بيت أحدكم ما تركه حتى يجدده ، فكيف ببيت ربكم ؟ أشيروا علي أيها الناس ، قال بن عباس: لقد فُرق لي فيها رأي , أي ظهر ووضح لي رأي في ذلك ، أري أن تترك بيتًا أسلم الناس عليه ، وأحجارًا أسلم الناس عليها ، فقال له المقالة السابقة: لو كان بيت أحدكم ما تركه حتى يجدده ، وإني مستخير ربي ثلاثًا ، بعد ثلاثة أيام قال قد بدا لي أن أنقضها ، إن عائشة حدثتني أن النبي- -:" لولا حِدثان قومك بالكفر لهدمت البيت وبنيته على قواعد إبراهيم ، لكن قومك قصرت بهم النفقة " ، فأنا لا أخشى الناس وعندي النفقة ، فكان الذي أوقف النبي لم يعد موجودًا عند بن الزبير ، وصعد بن الزبير مع مجموعة فوق ظهر الكعبة .والناس كلها تحاشوا هذا المنظر ، وبعدوا عن الكعبة تمامًا على أساس أن هناك نار من السماء تنزل وتحرق الذي يهدم الكعبة فلما وجد الناس أنهم هدموا شيئًا كثيرًا من الكعبة ولم يحدث لهم شيء تتابعوا كلهم حتى نقضوا هذا البناء ووصلوا إلى قواعد إبراهيم- عليه السلام- .فبني عبدالله بن الزبير الكعبة كلها وأدخل الحجر فيها ، لما ولي عبدالملك قال: إني لست في تلطيخ بن الزبير من شيء ، اهدموا الكعبة ، الزيادة التي فعلها اهدموها ، فهدموها وأخرج الحجر كما ترونه الآن ، الذي يذهب للحج أو العمرة يجد حجر إسماعيل عليه سور هكذا نصف جدار حول الكعبة ، وهذا هو حجر إسماعيل الذي كان ينبغي أن يدخل في الكعبة .فكان رجل اسمه الحارث فيما أذكر والحديث في مسلم ، كان يمشي مع عبدالملك بن مروان وهو يقول هذا الكلام: قاتل الله الزبير بن العوام يزعم أن عائشة تقول كذا وكذا وَكذا ، قال: يا أمير المؤمنين إني سمعت عائشة- رضي الله عنها- تقول ذلك ، قال: فنكث بمبصرته طويلًا ثم قال: ليتني تركته وما تحمل ، أي ليتنى ما هدمت البيت ، فاليوم هذا مثال ، عندي نص صحيح لكن ليس عندي واقع ملائم .جاء بعد ذلك عبدالله بن الزبير صار عنده نص صحيح وواقع ملائم .
أَهَمِّيَّة نَظَر الْدَّاعِيَة إِلَي الْوَاقِع: فأنت في هذه الحالة وأنت تدعو إلى الله- عز وجل- لابد أن تنظر إلى الواقع أولاً هل يتحمل هذا الذي نفعله أم لا ؟ وطبعًا لم يكن لنا من يعلمنا لما كنا في بداية الدعوة ، من الأشياء التي علمت أنني أخطأت فيها ولكن بعد سنوات طويلة .كنت في البلدة عندنا قرية من القرى كان الناس لا يصلون سنة المغرب القبلية ، وأنا أريد أن أثبت هذه السنة ، فأنا والمؤذن على نفس المذهب ، المؤذن من تلاميذي واتفقت معه أول ما ينتهي من آذان المغرب وهو على الباب يركن على جنب ثم يقول الله أكبر ويصلي حتى لا يقول له أحد أقم الصلاة ، وتصلي ، وأنا كذلك أقف في القبلة انتباه ، وأول ما قال لا إله إلا الله حتى لم أقل اللهم رب هذه الدعوة التامة ، ودخلت في الصلاة على طول حتى لا أحد يقول لي صلى .الجماعة أهل البلد يسبوا فينا ونحن نصلي أولاد كذا وأولاد كذا ، لما لا تصلي ركعتين بدل أن تسب فيه ، لا هو طبعًا هذا كله هو يشتم ونحن نصلي ، وهذا كله يزيدنا تحديًا للناس ، أنه لابد أن نصلي قبل المغرب ، لا كنا فاهمين ولا دارسين ، وصلوا قبل المغرب ، صلوا قبل المغرب ، صلوا قبل المغرب ، لمن شاء ، ولمن شاء هذه أنا لم أراها نهائيًا ولا عقلتها ، لكن كل الذي عندي صلوا قبل المغرب ، صلوا قبل المغرب ، ثلاث مرات ، كيف يقول لك ثلاث مرات صلوا قبل المغرب ولا تصلي ؟ لمن شاء هذه لم انتبه إليها نهائيًا .هذه لم تقرب الناس ، بل نفرتهم منا وكنا شباب صغار كنا في الثانوي ، أو في بداية الكلية ، ولم يكن عندي شيء ، كلها قراءات في الهواء ، لما عقلنا وفهمنا وبدأت أنقب على الآثار وجدت آثارًا صحيحًا أن أصحاب النبي قلَّ ما كان يصلون قبل المغرب ، وهذا رواه الطحاوى في مشكل الآثار وغيره وله أكثر من إسناد ، قلَّ ما كانوا يصلون قبل المغرب ، لكن أنا لم أفهم هذه القضية ، وهذه أبعدت الناس ,لما ذهبنا إلى القاهرة ورأينا الشيوخ وتعلمنا وهذا الكلام الذي فك هذه الأزمة كلها زجاجة عطر بحوالي خمسة عشر قرش وكانت ورد بلدي ، أول ما يدخل الناس تمسك أيديهم وتعطرهم واحد ، واحد ، وهذا الكلام حتى أنا أذكر أن خالتي رحمة الله عليها كانت تدفع أولادها دفعًا ليصلوا حتى تشم أيديهم من هذا الورد البلدي الجميل هذا ، وهذا هو الذي فك المسألة كلها ، توددنا إلى الناس ، وتحببنا إلى الناس ، بأي صنيعة من الصنائع مثل هذه وانتهت القصة .
فأنا عندي نص صحيح لكن الواقع غير ملائم ، وأنا لم أتدرج بالناس شيئًا فشيئًا ، لم أكن أعطي الدروس ، ولا هذا الكلام ، حتى أكون أعلمت الناس بالسنة ، وحتى لو أعلمتهم بالسنة وورثوا هذا من قديم ، من الصعب عليهم أن يتركوا هذا لاسيما عندهم منظومة ، يأتي من الحقل على أول المغرب ، ويدخل البهائم الحظيرة ، وهذا الكلام ربما يكون من كلام الفلاحين ، ويأتي على الحظيرة ثم يأتي على المسجد ، متعب طوال النهار يحرث في الأرض ويعمل في الأرض ، لا يكاد يصدق أن يصلي ثم بالعافية حتى يصل إلى العشاء ، وينام فورًا .لأنه مع استيقاظ العصافير قبل الفجر بقليل هو يستيقظ ، يصلي ويبدأ يومه ، هذه القصة لم تكن عندنا تمامًا ، قصه أنه متعب ، والفلاحة مناحة ، والكلام الذي كان يقوله هذا القصة هذه غائبة عنا تمامًا ، أي الواقع غير ملائم كَم مِن نُصُوْص صَحِيْحة نَزَّلْنَاهَا عَلَي وَاقِع غَيْر مُلَائِم فَأَحْدَثَت فَسَادا :بن حزم مثلًا مع اعترافنا أنه كان عالمًا فاضلًا ، وكانت حافظته هائلة ، وكان ذكيًا في غاية الذكاء مع مخالفات لابن حزم في الاعتقاد وهذا الكلام ، لكننا نتكلم عن الواقع الذي لم يلائمه بن حزم ، الأندلس كلهم مالكية فيأتي فيزري علي مالك ، كيف يقبلون منك ؟ حتى العلماء الذين يلقنون الناس الدين مالكية ,بن حزم رأي أنه ليس لأحد كلام مع النبي- ، وهذا كلام صحيح لا يخالف فيه أي إنسان عنده أي مساس من العلم ، قد يطبقه خطأً ، لكن من حيث الاعتقاد ليس هناك إنسان أعتقد أنه يحمل العلم الشرعي يقول: أن كلام النبي- يهدر بكلام غيره أبدًا .
لِسَان بْن حَزْم وَسَيْف الْحَجَّاج شَقِيْقَان:لكن بن حزم دخل في المسألة بشدة ولم يراعي الواقع , فبدأ يزري علي المالكية ، ويرد عليهم ، ويستعمل خشن القول ، طبعًا العلماء عنده درجات في الشدة ، أكثر واحد شد عليه بن حزم أبو حنيفة وأصحابه حتى أنه وصفهم في بعض المواضع في المحلي بأنهم أعداء الإسلام ، ثاني واحد: مالك ، ثالث واحد: الشافعي ، رابع واحد: أحمد بن حنبل .طبعًا لأن أحمد لأنه لم يصنف كتابًا فقهيًا فبعض الناس لا يعتبرونه من الفقهاء ، وكانت هذه نغمة سارية أن أحمد ليس من الفقهاء ، وعلى رأس من يقولون بذلك بن جرير الطبري الإمام الكبير المفسر المحدث الفقيه كان مجتهدًا على رسم الاجتهاد ، وله كتاب اسمه اختلاف الفقهاء ولم يذكر اختلاف أحمد بن حنبل مع الفقهاء الثلاثة ، لماذا ؟ لأنه كان يعتقد أن أحمد محدث ، له في الفقه وليس فقيه له في الحديث ، بخلاف الأئمة الثلاثة كانوا فقهاء لاسيما الشافعي لأن الشافعي صنف في الفقه كله كتبًا .أحمد كان لا يرى تصنيف الكتب في الفقه ، بل كان ينهى عن ذلك ، ولذلك لم يؤثر عن أحمد – رحمه الله- إلا المسائل التي سأله أصحابه إياها ن مسائل عبدالله بن أحمد ، ومسائل صالح بن أحمد ومسائل الخلال ومسائل المروزي ، مسائل إسحاق بن منصور الكوسج ، إسحاق بن هانئ ، هذه كلها مسائل سئل بها الإمام أحمد ، يسأل عن مسألة فقهية فيجيب بإجابة معينة ، يأخذوا هذه الإجابات ويجمعوها على بعضها ، ويخرجوا فقه الإمام أحمد في هذه المسائل.
إنما الشافعي: صنف في أصول الفقه كتاب الرسالة ، وصنف الأم وعندك مختصر المزني وعندك اختلاف الحديث ، وعندك جماع العلم ، الشافعي كتب هذه الكتب كلها فمنهم من كان يعتقد أن أحمد ليس فقيه ، وهذه النغمة صارت في كثير من البلاد الإسلامية في ذلك الزمان ، فكان بن حزم قلما يذكر أحمد ، لا يذكره كما كان يذكر أبا حنيفة والفقهاء الباقين .فالذي حدث بن حزم مع شدته على المالكية وكان صاحب لسان يساوي سيف الحجاج ، حتى قال بعض الأندلسية لسان بن حزم وسيف الحجاج شقيقان ، أنظر السيف عندما يأتي على الرقبة ماذا يفعل فيها ، كذلك لسان بن حزم فكان إذا طالبهم بالدليل كاعوا أي ينتهي ، كما يقول بن العربي فظل بن حزم ينشر مذهبه على حساب المالكية كلهم ، ولا عالم مالكي عرف يقف له.
يتبع إن شاء الله...


الدرس السابع من مدرسة الحياة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الدرس السابع من مدرسة الحياة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدرس السابع من مدرسة الحياة   الدرس السابع من مدرسة الحياة Emptyالأحد 15 مايو 2011, 9:50 pm

الْفِرَق بَيْن بَن نَفْس ابن عَبْد الْبَر وَنَفْس وَابْن حَزْم:
بن عبدالبر, كان رفيق بن حزم في أول الطلب وكان ظاهريًا، لكن بن عبدالبر نفسه هادي لذلك أبقى العلاقة الأخوية مع بن حزم وفارقه في المذهب، وصار هو إمام المالكية في الأندلس، وطبعًا هناك فرق كبير بين نفس بن حزم ونفس بن عبدالبر في الفقه، مع ضلاعة الاثنين لكن بن عبدالبر وأنت تقرأ له تحس أن نفسه هادي وتحس أن أنت مستمتع، وأنت تقرأ لابن حزم تحس أنك مشدود وداخل معركة وتشد القوس وهذا الكلام، ولابد أن أعصابك تتوتر وأنت تقرأ لابن حزم, إنما بن عبدالبر تسترخي تحس أنك أنت مستريح وأنت تقرأ له، حتى أن تقريبًا الذي نجا من لسان بن حزم هو بن عبدالبر، وأثني على كتابه التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، وهو من أعظم كتب بن عبد البر على الإطلاق، بل من أعظم الكتب الفقهية على الإطلاق هذا الكتاب، يقول كتاب التمهيد لصاحبنا أبي عمر بن عبدالبر ليس في فقه الحديث أفضل منه فضلًا على أن يكون فوقه، كلام بمعنى هذا الكلام.
ظل بن حزم يمشي ويأخذ أي عالم في وجهه ويطرحه أرضًا، حتى رجع له أبو الوليد الباجي وكان إمامًا مالكي المذهب ولكنه أتى المشرق عندنا فأخذ عن الشيوخ وظل تقريبًا عدة سنوات سبع سنوات تقريبًا ثم رجع إلى الأندلس وجد بن حزم هزم الكل، فوقف لابن حزم وصارت بينهما مساجلات كثيرة ظفر فيها بن حزم مرة وظفر فيها أبو الوليد الباجي مرة، وقد اعترف بن حزم لأبي الوليد بالعلم فيها وهذه المناظرات جمعها عالم من علماء المغرب في مجلد كبير، كتاب ممتع، مناظرات بن حزم وأبو الوليد الباجي، وظل بن حزم على هذه الخطة حتى وُشي به، فأرجعوه ونفوه إلى بلده مرة أخرى وأحرقوا كل كتبه، من ضمن ما حرق كتاب الإيصال إلى ذكر الخصال، وهذا الكتاب هو أطول كتاب لابن حزم، وهو الذي فيه علم بن حزم التفصيلي، ولم ينجو من كتب بن حزم إلا الإحكام في أصول الأحكام، والمحلى، وكتاب في أصول النبذ في أصول الفقه الظاهري، وطوق الحمامة، وعدد قليل من الكتب الخفيفة والبسيطة، وهذا هو الذي بقي لابن حزم.
لو أن بن حزم راعي الواقع ورأى أنه لا يجوز له أن يعبر بهذه الشدة في حق مالك وأصحاب مالك الذين يملئون الأندلس، لصار بن حزم محمولًا على الرؤوس ووصل علمه إلى كل مكان:
لكن سنقول بن حزم كان معه أدلة صحيحة أنزلها على واقع لم يلائمه لذلك حدث لابن حزم كل هذا، وله شكاوى كثيرة حتى هو نفسه لم يكن يواري في الكلام، إنما كان يصك خصمه صك الجندل.
يقول: يتكلم عن هؤلاء الذين يناظرونه أو يغضبون:

هل عيبهم لي غير أني لا
أقول بالرأي إذ في رأيهم فنن
دعهم يعضوا على صم الحصى كمدًا
من مات من مات من قالتي عندي له كفن
لطريقته، يقول:
عندما تأتي وتكلم كل هؤلاء تقول دعه يموت والكفن عليَّ ، هو يموت ويغتاظ من الذي أقوله وهذا الكلام ، أنا لا أقلل من جهد بن حزم ، وأنه كان في المالكية من كان مُغرِقًا في التقليد لدرجة أنه قد يخالف النص الصريح ، أنا لا ألوم بن حزم على طول الخط ، بل أعذره في بعض المواقف التي وقفها ، هناك أناس كانوا يتبعون المذاهب ويقفون عليها في غاية الجمود ، مع ظهور الدليل الصحيح.
الْعِلْم لَه سِيَاسَة وَهِي الْوَاقِع الْمُلَائِم:
ولابد أن يتمتع الذي يدعو إلى الله – عز وجل- بهذا البصر أحيانًا قد تكون في مجلس وتعلم أنك إذا تكلمت بكلام واضحٍ صريحٍ أضررت بدعوتك أو بنفسك أو بإخوانك ، فتلتقطها من بعيد ، تشعر من وجه المتكلم أنه مخالف موافق متحفز ، فتعرف تنزل الكلام على الواقع الملائم .
قِصَّة الْنَّضْر بْن شُمَيْل مَع الْمَأْمُوْن:
قصة كنت حكيتها مرة لما جلس مع المأمون، والنضر كان في بغداد والنضر بن شميل إمام في الحديث، إمام في العربية، ترك بغداد وشيعه ثلاثة ألاف محدَِّث وفقيه وعروضي ولُغوي، ثلاثة ألاف، ذاهب للرملة، فذهبوا يودعونه, قال لهم: والله يا أهل بغداد لو أجد عندكم كل يوم مدًا باقيلا ما خرجت من بين أظهركم لو كل يوم أجد غذائي فقط ما تركت بغداد، ثلاثة ألاف واحد ليس فيهم واحد يستطيع أن يترك حبة من الفول من الكيلو الفول الذي يأكله، حبة فول، عنه ثلاثة ألاف حبة لا مد ولا غيره أكثر من ذلك كانوا فقراء ولم يكن عندهم أموال.
المهم خرج النضر بن شُميل وذهب إلى الرملة، والنضر النضر ولا أقول أكثر من ذلك لما نزل الرملة سبقه اسمه وضج الناس له، فالمأمون في يوم من الأيام كان في ضيق فقال أنظروا لي أحد آنس به وأكلمه، فلم يكونوا يأتون له بأي أحد، لا، يأتون له بعالم كبير، منادم جيد، وأنت تعرف الخلفاء يحبون المنادمة الكلام النظيف والجيد والعالي حتى لو نزل قليلًا يكون الكلام أيضًا جيد, فالتمسوا له جليسًا فوجدوا النضر بن شُميل، ودخل النضر بن شُميل ملابسه ممزقة وحالته كرب، أول ما دخل قال: يا نضر أتدخل على أمير المؤمنين بهذه الخلقان؟ هذه الملابس الممزقة، فقال: يا أمير المؤمنين إن حر مرو شديد وهذه فتحات تهوية، ما معنى الكلام؟ أن حر مرو شديد، قال: لا بل أنت رجل زاهد، ثم أخذوا يتكلموا حتى جاء ذكر النساء، فالمأمون معه إسناد حدثني هُشيم، وهذا عظيم أنه أدرك هُشيم ويقول حدثني هُشيم عن المبارك بن فضالة عن الحسن البصري أن النبي- قال:" إذا تزوج الرجل المرأة لدينها كان له سَدَادًا من عوز " فقال النضر: صدق أمير المؤمنين ثم ساق إسناده إلى المبارك بن فضالة أيضًا إلي الحسن بن علي أن النبي قال: " إذا تزوج الرجل المرأة لدينها كان له سِدادًا من عِوز "، بعد انتهاء النضر من الكلام مباشرةً اعتدل المأمون من جلوسه وكان متكئاً وقال: تُلَحِّنُني يا نضر؟, المأمون قال: كان له سَدادً بفتح السين, النضر قال: سِدادًا بكسر السين، وهذه هي التي جعلت المأمون يعتدل في جلسته، قال تُلَحِّنُني يا نضر؟ قال: لا يا أمير المؤمنين ولكن هُشيم كان رجلًا لَحَّاناً، هو لا يتهم هُشيم، حتى لا تظنوا أن النضر لكي يجامل أمير المؤمنين فيلصقها في هُشيم، لا هُشيم كان كذلك، كان رجلًا لَحَّاناً، فمشى أمير المؤمنين على لفظه، بن هُشيم قال سَدادًا فهو يقول سِدادًا، فأنت لما تأخذ الرواية من شيخك على الخطأ في الإعراب وترويها على الخطأ في الإعراب لا يضيرك هذا شيئًا.
بل هناك من أهل العلم من يقول أنه لا يجوز لك أن تغير في حركة النحو إذا تلقيتها من شيخك، شيخك أخطأ تروي الخطأ ثم تصحح لاحتمال أن يكون هذا الخطأ له وجه في العربية وأنت لا تدري، لأننا عندنا مدرسة الكوفة ومدرسة البصرة، وكان بينهما خلاف كبير، ومنذ مرتين لما ذكرنا قصة أبا عثمان المازني وقلنا أنه من ربيعه وأنهم يقلبون الباء ميمًا والميم باء، لما يقول باسمك أي ما اسمك، ففيه لغات فيها لهجات، من الممكن أن يكون هذا صحيح عند قبيلة من العرب وخطأ عندك، فأنت لما تغير هذا الكلام من تلقاء نفسك فتكون غيرت النص الذي تلقيته، وهذه ليست مُهمتك، مُهمتك أن تذكر النص كما هو ثم علق كما شئت. فهو قال: إن هُشيم كان رجلًا لحانًا فتبع أمير المؤمنين لفظه.
قال: ما الصواب في هذا يا نضر؟، قال السِداد بالكسر: هو البُلغَة من كل شيء، أما السَداد: بفتح السين فهو القصد والاعتدال، قال: يا نضر هل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم قول العرجى:

أضاعوني وأي فتىً أضاعوا
ليوم كريهةٍ وسِداد ثغر

لأنه لما يقف على الثغر هذا بلغة أيضًا، سيدفع العداء وسداد ثغر، فقال المأمون: قبَّحَ الله من لا أدب له، أنظر كلمة كسرة وفتحة عار.
يقول الشيخ_ حفظه الله _وقعت في هذا العار مرة، سنة ألف وأربعمائة وعشرة: وأنا أقول هذا الكلام لأن كلما أتذكر الواقعة أشعر بخجل شديد، في سنة ألف وأربعمائة وعشرة حججت أول مرة مع الشيخ الألباني- رحمه الله-. والمخيم الذي كان يعطي فيه الشيخ الألباني المحاضرة في منى كان يسع ثمانمائة فرد، وأنا الذي كنت أقرأ الأسئلة على الشيخ، فذات مرة قرأت عليه الحديث حديث:" مكة لا يختلى خلاها ولا يَعضَدُ شجرها " أنا قلت ولا يُعَضَد، والشيخ ردني، قال: ولا يَعضَدُ، وأنا والله من ألف وأربعمائة وعشرة من يوم حدث هذا الموقف وأنا خجل كلما أتذكر هذا الموقف أشعر بخجل شديد لأن التصحيف عار خاصة على من يعمل بعلم الحديث، ونحن عِنْدَنَا الْتَّصْحِيْف أَحَد أَقْسَام عِلْم الْحَدِيْث: فلأن العلم المفترض أنه يُتلقى سماعًا كله، ونحن لم نتلقى العلم كله سماعًا، أخذنا جزءًا منه والباقي دخلنا في الكتب وذاكرنا وحفظنا وهذا الكلام.
الْعَطَاء الَّذِي حَصَل عَلَيْه الْنَّضْر بْن شُمَيْل فِي حَرَكَة: فانظر المأمون السين المكسورة مع المفتوحة، يقول: قبَّحَ الله من لا أدب له، مع أن المأمون هذا الذي رباه الأصمعي، وأنا حكيت لكم حكاية الحذاء الذي كانوا يريدون الأمين والمأمون أولاد الرشيد، قال: قبَّحَ الله من لا أدب له. ثم قال: مالك يا نضر؟ أي أذكر لي مالك، ما الذي تملكه من الدنيا، قال: أُرَيضةٌ أتصَابُها وأتَمَذذُها، عندي قطعة أرض لم يقل أرض بل قال: أريضة تصغير أرض، وليس عندي غيرها، قال: ألا أتحفك مالًا؟ قال: إني لذلك لمحتاج، فكتب له ورقة وقال له اذهب بها إلى فلان أي وزير الخزانة وأعطه هذه الورقة فلما ذهب له وأعطاه الورقة وفتحها فقال له: ما الذي حدث؟ احكي لي هذا مبلغ محترم، ما الذي حدث؟ فقال له الحكاية كما هي. فقال: إن أمير المؤمنين أمر لك بخمسين ألفًا، ولولا أنه لا يجوز لي أن أساوي أمير المؤمنين في العطاء لأعطيتك مثلها أعطيك ثلاثين فوقها، فأخذ ثمانين ألفًا في حرف، بل أقول ثمانين ألفًا في حركة، ولا أقول في حرف في حركة فتحة وضمة وليس حرف كامل.
لِكُل لُغَة: نرجع مرة أخرى ونقول سياسة العلم لابد أن تعلم أن الغني له لغة، والفقير له لغة والعالم له لغة، والجاهل له لغة، والسلطان له لغة كل واحد من هؤلاء له لسان، لا ينبغي أن يُسوى بين هؤلاء، أهل الفضل لهم لغة، من دونهم لهم لغة.
مُنَاظَرَة بَيْن الْشَّافِعِي- رَحِمَه الْلَّه- وإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه:
ناظر إسحاق بن راهويه في مسألة فحاد إسحاق عن الجواب الصحيح وقال كلامًا من رأيه في الوقت الذي يقول فيه الشافعي الدليل الصحيح عن النبي- فقال الشافعي لإسحاق لو غيرك قالها لفركت أُذنه, وهل لأحد قول مع قول النبي- وراعى مكانة إسحاق لأن إسحاق يعد من طبقة تلاميذ الشافعي صح إسحاق لم يتعلم من الشافعي، بل وكان يستقل الشافعي أيضًا ولام أحمد بن حنبل أنه ترك مجلس سفيان بن عيينة وذهب يجلس مع الشافعي.
مَا يَدُل عَلَي بَعْد نَظَر الْإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل_ رَحِمَه الْلَّه_: لكن أحمد بن حنبل كان أبعد نظرًا من إسحاق, أخذ من الشافعي الفقه، وأخذ اللسان وندم إسحاق بن رهويه بعد ذلك أنه لم يتلق العلم على الشافعي واشترى كتب الشافعي بأربعمائة دينار، ولم يعرف قدر الشافعي في حياة الشافعي.
الْشَّافِعِي- رَحْمَة الْلَّه عَلَيْه- كَان مِن أَكْمَل الْنَّاس عَقْلا:
يقول يونس بن عبدالأعلى وكان تلميذ الشافعي وأحد مشايخ البخاري ومسلم، يقول ما رأيت أعقل من الشافعي، خاصمته مرة أي في مناظرة، فأتاني فطرق بابي فلما خرجت أخذ بيدي وقال لي يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة، أي وإن اختلفنا في كل شيء ألا تبقى الأخوة طالما أنني أقصد نصرة الدين وليس عندي هوى، وأنت تقصد نصرة الدين وليس عندك هوى، لكن اختلفنا. ألا يستقيم أن نكون إخوانًا؟ يقول الذهبي: ما أكمل عقل هذا الإمام، فلا زال النظراء يختلفون.
عَمَل الْعَالِم فِي الْأَصْل أَن يَجْعَل الْوَاقِع مُلَائِما لِلْنَّص الْصَّحِيْح:
فانظر لسانك لا يمكن أن يمشي على ميزان واحد مع كل الخلق، وأنا يمكن في الحلقة الثانية من هذه الخاطرة لما تكلمت عن قوم قارون كيف خاطبوا قارون، وكيف خاطبوا العوام، لعلكم تذكرون، خاطبوا قارون بلسان رجل معه فلوس ومملوء بالفلوس وينظر إليهم باحتقار، وخاطبوا العوام بلسان آخر لسان التهديد بدأوا بالتهديد مع العوام، وهذه هي سياسة العلم، عندك نص صحيح وعندك واقع أنت الذي تجعله ملائماً للنص الصحيح، هذا عمل العالم، وهذا ليس بالشيء الهين، العالم ليس أن تحفظ أدلة وتذهب فتقولها في أي مكان، لا.
عمل العالم في الأصل أن يجعل الواقع ملائمًا للنص الصحيح وهذا الذي نسميه بسياسة العلم.
وَالْلَّه سُبْحَانَه وَتَعَالَى أَسْأَل أَن يَجْرِي الْحَق عَلَى لِسَانِي وَأَسْأَل الْلَّه تَبَارَك وَتَعَالَى أَن يَنْفَعُكُم بِمَا أَقُوْل إِنَّه وَلِي ذَلِك وَالْقَادِر عَلَيْه، وَآَخِر دَعْوَانَا أَن الْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن وَالْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه.
انْتَهَي الْدَّرْس الْسَّابِع


الدرس السابع من مدرسة الحياة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الدرس السابع من مدرسة الحياة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدرس (13) من مدرسة الحياة
» الدرس (14) من مدرسة الحياة
» الدرس (15) من مدرسة الحياة
» الدرس (1) من مدرسة الحياة
» الدرس (16) من مدرسة الحياة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــافـــــــــة والإعـــــــــلام :: الكتابات الإسلامية والعامة :: كتابات أبي إسحاق الحويني :: حلقات 1430 هجرية-
انتقل الى: