أهمية استصحاب السنة العملية ومثال ذلك:
فاستصحاب السنة العملية، ترى النبي ﷺ وسنة الصحابة من بعده، وأيام النبي ﷺ وبعد النبي ﷺ كيف كانوا يتصرفون، فتعرف هل هذه بدعة أو لا.
مثال : هناك من يجوز ضرب الدف في الأفراح للرجال، لأن فيه حديث للنبي عليه الصلاة والسلام يقول، (فَاجْعَلُوْهُ فِيْ الْمَسَاجِدِ وَاضْرِبُوْا عَلَيْهِ بِالْدُّفِّ) المفروض أن الأدلة يخاطب بها الرجال والنساء فالمفترض لا تقول هذا للرجال وهذا للنساء إلا بدليل، يفرِّق ،مثل
( الْتَّسْبِيحِ لِلْرِّجَالِ وَالْتَّصْفِيْقُ لِلْنِّسَاءِ)،عرفنا ما يلزم لكل واحد، إنما طالما لم يأتي دليل تفريق يكون للاثنين معا وقد قال بهذا بعض أهل العلم، مثل ألحليمي في شعب الإيمان وغيره من العلماء، لكن هذا الكلام مردود ومردود على لسان أكثر أهل العلم ( وَاضْرِبُوْا عَلَيْهِ بِالْدُّفِّ) وإن كان خرج هذا المخرج لكن المعني به النساء وحدهن.
ما الدليل على أن الضرب بالدف معني به النساء فقط ؟
السنة العملية، إذن ائتوا لي برجل ضرب على دف من يوم أن بُعِثَ النبي ﷺ إلي نهاية الأئمة المجتهدين علي الأقل، إلي القرن الرابع الهجري أو الثالث الهجري ألحليمي طبعًا جاء بعد ذلك، أنا أريد أن أفهم هذه أيام الصحابة والتابعين والأئمة المتبوعين إلى القرون الثلاثة الأول التي إليها المرجع في هذه المسألة، أذكروا لي أحد أفتى بهذا أو عمل هذا.
أقوال بعض العلماء في ضرب الدف للرجال:
الشافعي رحمه الله: التخدير الذي هو الضرب على الرق، ما يفعله إلا الفَّسَّاق وكذلك قال مالك .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عن الذين يضربون بالدف من الرجال قال ما يفعله إلا المخانيث .ليس هناك رجل يمسك طبلة ويضرب بها.لأن الطبلة والدف من المعازف والمعازف محرَّمة على الرجال وعلى النساء معًا إلا في مواضع.
المواضع التي يجوز فيها الضرب علي الدف.
يجوز للجارية_البنت الصغيرة_دون الكبيرة أن تضرب بالدف وحديث النبي ﷺ _ لما قال أبو بكر(أَمِزْمَارُ الْشَّيْطَانِ فِيْ بَيْتِ رَسُوْلِ الْلَّهِ ؟ قَالَ: دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيْدُ وَهَذَا عِيْدِهِمْ)
أو أن تكون امرأة نذرت (أن أمرأةً نذرت إن رد الله النبي ﷺ سالمًا أن تضرب بين يديه بالدف، فأذن لها بذلك) .
تحرير المسألة:أولاً: أريد أن أقول أنه لا يحل لأحدٍ أن ينذر نذر معصية ابتداءً الضرب على الدف أو المعازف للرجال والنساء حرام، عندما نذرت هذه المرأة أن تضرب على الدف أليس من المفترض أن يكون نذر معصية؟ كيف و النبي ﷺ رخّص لها ؟ لأن بعض الناس يلعب بهذا الجانب .المرخّص ضرب الدف في يوم العيد، ولا شك أن رجوعه ﷺ سالمًا هو العيد، ، فأذن لها أن تضرب بالدف لأجل هذا المعني وليس لأجل النذر، لأن النبي ﷺ قال:( مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيْعَ الْلَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ الْلَّهَ فَلَا يَعْصِيَهُ) .
الضرب بالدف يكون في الأفراح في العيد للجواري الصغيرات وليس للكبار إنما الضرب بالدف للكبيرات في الأفراح أثناء زفاف امرأة، فعندما أريد أن أفهم (وَاضْرِبُوْا عَلَيْهِ بِالْدُّفِّ)لابد من استصحاب السنة العملية التي كانت في زمان النبي ﷺ وفي زمان الصحابة، عندما أدخلها على النص أصل إلي فيصل في المسألة، وينتهي إشكال واضربوا عليه بالدف .
مثال آخر: عندما قال النبي عليه الصلاة والسلام:( إذا حملتم الجنازة فأسرعوا) إذاً تحمل النساء المحمل، يحملوا النعش، لأنه لا فرق بين
[ حملتم وأسرعوا، وأضربوا ]، اضربوا قالوا ليس هناك دليل، كذلك أسرعوا ولا احملوا، أين الدليل على التفريق إذاً، ليس هناك دليل على التفريق ،ما الذي يجعلني أقول أن النساء لا تحمل النعش ؟ السنة العملية
الخلاصة:من أراد أن يتقي البدع المحدثات فعليه بمعرفة السنن وبمعرفة ما كان عليه الشرب الأول أو الصحابة الأولون .
وصية الشيخ حفظه الله _ بمطالعة أحوال القرون الثلاثة الأول :
وأنا دائمًا أوصي إخواننا بمطالعة أحوال القرون الثلاثة الأول، لأن كل قرن يأتي بعد ذلك يتبع هذه القرون فهو خير، لأن التفضيل جاء في القرون الثلاثة وهناك شك في القرن الرابع والصحيح الثلاثة فقط، والرواية التي أتي فيها القرن الرابع رواية ضعيفة فاللفظ الصحيح، (خَيْرُ الْنَّاسِ قَرْنِيّ ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلُوْنَهُمْ ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلُوْنَهُمْ) أما لفظ (خَيْرٍ الْقُرُوْنِ قَرْنِيّ) فباطل لا يصح من جهة الرواية . .
( كُلِّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا)كلمة_ أمرنا_إشارة إلى سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حتى بعض المسائل التي اختلف فيها أهل العلم، نحن ننظر إلى السلف الأول كيف كان تصرفهم
من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم :[ السبحة]
1-الشيخ حفظه الله و كثير من أهل العلم ،: يرون بدعيتها.
2-بعض أهل العلم: يرى أنها ليست ببدعة، يرى أنها مباحة .
3- وبعضهم: يرى أنها خلاف الأولى، وهذه لو خلاف الأولي لا تبقى بدعة مباحة طبعًا خارج النطاق .
تاريخ السبحة:
عندما ننظر في تاريخ السبحة ودخولها بهذا الشكل عند المسلمين نجد أنها مأخوذة من الهندوس ومن النصارى، والطرق الصوفية لقطتها وأدخلتها بهذه الطريقة.
تحقيق الآثار في السبحة:
لا توجد أي آثار صحيحة عن الصحابة أنهم كانوا يستعملون السبحة، كل الآثار إما ضعيف أو منكر أو باطل أو ليس هناك أصلاً إلا ما يعتمدون عليه (أَنْ الْنَّبِيِّ ﷺ دَخَلَ عَلَىَ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ فَوَجَدَهَا تُسَبِّحُ بِحَصَى فَقَالَ: وَلَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ كَلِمَةَ هِيَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ) فقالوا خير من ذلك، إذن هو خير لكن فيه أخير، فالمسألة داخلة في باب الإباحة بهذا، لكن الصحابة أنكروا هذا نصًا.
السبحة بدعة لسببين:
السبب الأول: أنه لم يصح حديث في هذا، حديث أنس الذي احتج به الشافعي في هذا حديث منكر، حديث أبي جعفر الرازي عن أبي العالية عن أنس تقريبًا، عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أنس: (لَا زَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ ﷺ يَقْنُتُ فِيْ الْفَجْرِ أَوْ فِيْ الْصُّبْحِ حَتَّىَ فَارَقَ الْدُّنْيَا)
هذا منكر لأن أبا جعفر الرازي عيسى بن مَهان سيء الحفظ، وسوء حفظه كلمة اتفاق عند العلماء وتفرد بهذا الحديث، ولم يتابعه أحد .
والقاعدة عند أهل العلم : أن سيء الحفظ إذا تفرد بحديث فإن حديثه منكر .
وإلا لماذا لم يحفظ هذا الحديث عند غيره من الثقات من أصحاب هذا الشيخ فلماذا هو الذي يتفرد مع سوء حفظه، فهذا منكر كلمة اتفاق، والغريب إن بعض علماء الشافعية من المحدثين يصححون هذا الحديث، وأنا مستغرب كيف يصح هذا الحديث مع أنه ضعَّف لأبي جعفر الرازي روايات كثيرة كالبيهقي مثلاً، أو النووي ،كيف هذا إسناده صحيح ويقوونه بأحاديث متنها أن النبي ﷺ (كان يقنت في الصبح)، ليس إشكالنا في أن يقنت الصبح أو لا .
[ إشكالنا]( ما زال حتى فارق الدنيا) ، أنا لا أنكر أنه كان يقنت الصبح كما كان يقنت الظهر والعصر والمغرب والعشاء في مسائل النوازل وهكذا، فكلمة كان( يقنت في الصبح)ليس فيها دليل على المسألة، لكن دليلها( لازال يقنت حتى فارق الدنيا)، أي أن آخر أمره كان يقنت وبعدها لا زال فهذا التي جعلهم يقنتون كل فجر، وأنا قلت هذا القدر لم يتابع أبو جعفر الرازي عليه، فهو حديث منكر .
السبب الثاني:ما رواه الترمذي وصححه عن أبي طارق الأشدعي عن أبي مالك الأشدعي، طارق بن أشيب عن أبيه وهو من الصحابة (أن أبا مالك قال لأبيه يا أبتي صليت خلف النبي ﷺ وخلف أبي بكر وخلف عمر وعثمان وعلي، أكانوا يقنتون في الصبح ؟ قال: أي بني محدثة) محدثة _ أي بدعة _ قال انفرد طارق بن أشيب بهذا ولم يتابع عليه، يعني وهم .
هل يُعقل أن يصلي أحد خلف النبي ﷺ وخلف أبي بكر عمر وعثمان وعلي ،لا يتذكر أقنت أحدهم أم لا؟ عشر سنين يصلي خلف عمر بن الخطاب دون أن يتذكر هل قنت أم لا، هذا كلام لا يُتصور.
فعندما يُقال أن هذا ليس ببدعة نقول له ابن مسعود و أبي موسي الأشعري كلاهما أنكر التسبيح بالحصى، وأفتي كليهما ببدعيته، وأن النبي ﷺ ما فعله ولا أحد من أصحابه فعله إنما قوله (أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَىَ خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ) يمكن تأويلها .
وكان من عادة النبي ﷺ أن يرد إلي الأفضل، فهل هذا الكلام فيه شيء بأن النبي ﷺ ، لم ينكر عليها أنها تسبح على الحصى، هذا مأخوذ بدلالة المفهوم، والمفهوم ممكن أن يُنازع فيه بخلاف المنطوق .
ما صحة ما قِيلَ أن أبا هريرة ِ كان له سبحة يسبح عليها اثنا عشر ألف حصاة ؟
لو نظرت إلى السيرة العملية وكل ما أوردوه من الآثار عن الصحابة أن أبا هريرة كان له سبحة اثنا عشر ألف حصاة، أي إنسان له أي دور في الحديث يعلم أن هذا باطل، لا يمكن أن يكون صحيحًا وسيرة الصحابة لو كانوا يفعلون هذا أو اتخذوه لا يمكن بالأسانيد المتكاثرة ولرؤى مع ألوف الصحابة كل واحد يحمل له سبحة، أو جعل نصف الصحابة حاملين سبح والتابعون الذين رأوهم والذين يتعلموا منهم، لاشك أنهم كانوا سينقلون شيئًا من هذا
لكي نتقي البدع المحدثات لأنها تديُن بما لم يُشرع، وهذه مشكلتها أنك عبدت الله بدين مختلف، و ليس هو الدين الذي جاء به نبينا ﷺ ، فهذا الحديث أصل في هذا الباب (كُلِّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)وهذا مؤذن برد كل البدع المحدثات
قال: [ ولا يَنبَغِي أَن يُغتَرَ بِعبَادةِ جُرَيحٍ ولَا بِتَقوى ذِي الخُويِصِرَة .]
يريد أن يقول أن القصة ليست قصة عبادة، لا تحكم على سلامة منهج أحد بكثرة عبادته ولا بزهده ولا بتخليه عن الدنيا، صحة المنهج شيء والعبادة شيء ثاني ،عندنا واحد كان يجمع خمساً من البدع اسمه عمر بن عُبيد عمر بن عبيد هذا كانت علامة الصلاة في وجهه كركبة العنز ظاهرة، عندما كان يراه المنصور كان ينشد قائلاً:
كلكم يمشي رويد كلكم | طالب صيد غير عمر بن عبيد |
يقول للعلماء ليس أحد منكم كعمر بن عبيد، أنتم كلكم صيادين الذي يقترب مني يريد مالاً، يريد شفاعة، يريد أرضًا ،فكيف اغتر المنصور بهذا المبتدع ؟ومدحه بهذا المدح العالي، من أجل علامة الصلاة وأنه كان زاهدًا في الدنيا فعلاً، وليس زاهد بالقول، كان زاهدًا في الدنيا وكان كثير الصلاة
العبادة لا تدل علي صحة المنهج.
فأنا أقول لكم العبادة لا تدل على صحة المنهج، فلا يأتيني قائل يقول لي فلان في الجماعة الفلانية، وهذا رجل طيب ورجل صالح ويساعد المساكين و تجده في الصف الأول دائماً لا تفوته تكبيرة الإحرام وزوجته منتقبة وأولاده ملتحين ، كل هذا ليس له أي علاقة بصحة المنهج .
قد يكون مبتدعاً مع كل هذا، مثلما سنبسط الكلام مع مثل ذِي الخويصرة لأن ابن الجوزي يقول لا تغتر بعبادة جُريج ولا بتقوى ذِي الخويصرة .
لأن ابن الجوزي كما قلنا يقوم بعملية تجديد الخطاب الديني ، يصحح للذي أدخله المتزهدون على الإسلام من الباطل وخالفوا به السلف الأول، فيريد أن يقول لك لا تقول لي زاهد ولا عابد ولا، ولا، إلى آخره، إذا خالف السلف الأول اسمه مبتدع، ، فلا تغتر بعبادة جريج ولا بتقوى ذِي الخويصرة، وإن شاء الله عز وجل سنحكي في المرة القادمة، قصة جُريج والشاهد منها وقصة ذِي الخويصرة.
إنتهى الدرس الثالث عشر