أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الدرس (16) من مدرسة الحياة السبت 14 مايو 2011, 7:50 pm | |
| قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: [ لَمَا رَأَيتُ رَأيَ نَفسِي فِي العِلمِ حَسَنَا فَهي تُقدِمَهَ عَلَى كُلِ شَيءٍ وتَعتَقِدُ الدَلِيل وَتُفَضِلُ سَاعَةَ التَشَاغُلِ بِهِ عَلَى سِاعَاتِ النَوَافِل وَتَقولُ: أقوى دَلِيلٍ لِي عَلَى فَضلِهِ عَلَى النَوَافِلِ أَنَي رَأَيتَ كَثيراً مِمن شَغَلَتهُم نَوَافِلِ الصَلَاةِ والصَومِ عَن نَوافِلِ العِلمِ عَادَ ذَلِكَ عَليِهم بِالقَدحِ فِي الأُصُول فَرأَيتُهَا فِي هَذَا الاتِجَاهِ عَلى الجَادَةِ السَهلَةِ والرَأيَ الصَحِيح، إِلا أَني رَأيتُهَا وَاقِفَةً مَعَ صُورَةِ التَشَاغُلِ بِالعِلمِ فَصِحتُ بِهَا: فَمَا الذي أَفَادَكِ العَلمُ ؟ أَينَ الخَوفُ ؟ أَينَ القَلقُ ؟ أَينَ الحَذَر ؟ أَو مَا سَمِعتِ بِأَخبَارِ أَخيَارِ الأَحبَارِ فِي تَعَبُدِهِم وَاجتِهَادِهِم ؟أَمَا كَانَ الرَسُولَ ﷺ سَيدَ الكُلِ ثُمَ إِنَهُ قَامَ حَتَى تَوَرَمَت قَدَمَاهأَمَا كَانَ أَبُو بَكرٍ ط شَجِيِ النَشِيجِ كَثِير البُكَاء ؟أَمَا كَانَ فِي خَدِ عُمَرَ ط خَطَانِ مِن آَثَارِ الدِمُوع ؟أَمَا كَانَ عُثمَانُ ط يَختِمُ القُرآَنَ فِي رَكعَةٍ ؟أَمَا كَانَ علي ط يَبكِي بِاللَيلِ فِي مِحرَابِهِ حَتَى تَخضَلَ لِحيَتَهُ بِالدِمُوعِ ؟ وَيَقُولُ : [ يَا دُنيَا غُرَيِ غَيرِيِ ] .أَمَا كَانَ الحَسنِ البَصرِي يَحيَا عَلَى قُوَةِ القَلَق ؟أَمَا كَانَ سَعيِد بن المُسَيبِ مُلًازِمًا لِلمَسجدِ لَم تَفُتهُ صَلَاةً فِي جَمَاعةٍ أَربَعينَ سَنَةٍ أَمَا صَامَ الأَسوَدَ بنَ يَزيدَ حَتَى اخضَرَ وَاصفَر ؟أَمَا قَالَت ابنَةَ الرَبيعِ بن خُثَيم لَهُ : [ مَالِي أَرَى النَاسَ يَنَامُونَ وَأَنتَ لَا تَنَام ] ؟ فقَالَ : [ إِن أَبَاكِ يَخَافُ عَذَابَ البَيَات ] .أَمَا كَانَ أَبُو مُسلمٍ الخَولَانيً يُعَلِقُ سَوطًا فِي المَسجدِ يُؤَدِبُ بِهِ نَفسَهُ إِذَا فَتَرَ ؟ أَمَا صَامَ يَزيدُ الرُقَاشِيُ أَربَعينَ سَنَة ؟ وكَانَ يَقُولُ : وَالَهفَاهُ سَبَقَنِي العَابِدُونَ وَ قَطَعَ بِيأَمَا صَامَ مَنصُورُ بن المُعتَمِر أَربَعِينَ سَنَة ؟أَمَا كَانَ سُفيَانُ الثَورِيُ يَبكِي الدَمَ مِنَ الخَوفِ ؟أَمَا كَانَ إِبرَاهيمَ بن أَدهمَ يَبُولَ الدَمَ مِنَ الخَوفِ ؟أَمَا تَعلَمِينَ أَخبَارَ الأَئِمَةَ الأَربَعَةَ فِي زُهدِهِم وَتَعَبُدِهِم : أَبُو حَنِيفةَ وَمَالِكُ و الشَافِعِي وَأَحمَد ؟ فَاحذَرِي مِن الإِخلَادِ إِلَىَ صُورَةِ العِلمِ مَعَ تَركِ العَمَلَ بِهِ فَإِنهَا حَالَةَ الكُسَالَىَ الزَمنَىَ :وَخُذ لَكَ مِنكَ عَلَى مُهلَــةٍ | وَمُقبِلُ عَيشِكَ لَم يُدبِــــرِ | وَخَف هَجمَةً لَا تُقِيلَ العِثَـارَ | وَتَطوِي الوُرُودَ عَلَى المَصدَرِ | َثِل لِنَفسِكَ أَيَ الرَعِيــلِ | يَضُمُكَ فِي حَلبَةِ المَحشَــرِ | هذه الخاطرة التي كنت أود أن أقولها قبل ساعات من الآن، لكن حبسني حابس سأجعلها قصيرة لن أعلِّق عليها تعليقًا طويلاً حتى أذكر الخاطرة التي وعدتكم بها وذكرها ابن الجوزي نصيحة لطلاب العلم .العلم ُ وسيلة وليس غاية.العلم كما قلت قبل ذلك وسيلة وليس غاية في نفسه إنما الغاية هي رضا الله تبارك وتعالي المُفضي إلى دخول الجنة، هذه هي الغاية، والعلم طريق إلى هذه الغاية، فإذا تشاغل المرء بصورة العلم كوسيلة وترك الغاية كان كالذي توضأ ولم يصلِّي لأن المقصود من الوضوء ليس هو الوضوء في حد ذاته، إنما المقصود من الوضوء إقامة الصلاة ،.وتشاغل العلماء قديمًا بالعلم كان لأجل العمل .وأنالا أعلم أحدًا من الأئمة سواء كانوا من المحدثين أو من الفقهاء الذين زكى الله سيرهم إلا كانوا على قمة أهل العبادة، حتى في أثناء سفرهم وفي طلب العلم أو طلب الحديث، كانوا يصلون حيث كانوا، ما كان الواحد منهم مثلاً يترك ورد قيام الليل بدعوى أنه مسافر، وإنَّ في السفر تسقط عنه النوافل إلي آخره ،ما كانوا يتركون قيام الليل .وكما قلت لكم ابدأ من الآن في صلاة إحدى عشرة ركعة لا تقطعها أبدًا حتى لو صليت في كل ركعة بآية، لا تقلل العدد ولكن قلل القراءة، فإذا وجدت من نفسك نشاطًا أقبلت وزدت في القراءة وهكذا، لا تزال هكذا حتى تصير ملكة عندك، بلا أي مجهود أصبحت تقوم الليل .الحوار الذي دار بين ابن الجوزي رحمه الله ونفسه.يقول: إن رأي في العلم حسن ولذته مقدمة على كل لذة لمن عرف ذلك هي لذة التشاغل بالعلم ألذ من كل لذة في الدنيا، يعني أحد ابن العميد أظن أو واحد غيره يعني المهم كان وزيرًا، أو كان رئيس الوزراء قال: حضرت مناظرة لأبي القاسم الطبراني مع أبي بكر الجعابي، فكان الجعابي يغلب الطبراني بذكائه والطبراني يغلبه بحفظه، فكلما أدلي هذا بدلوه أدلي هذا بدلوه حتى صارا كفرسي رهان، فأراد الجعابي أن يحسم المناظرة فقال عندي حديث ليس في الدنيا إلا عندي، قال له الطبراني وما هو قال حدثنا أبو خليفة قال حدثنا سليمان بن أحمد قال حدثنا فلان عن فلان وساق حديثًا، فقال له الطبراني أنا سليمان بن أحمد فخذه مني عاليًا، لا ترويه بواسطة، بواسطة أبي خليفة عني لخذه مني عاليًا، قال فوددت أنني لم تكن لي الوزارة وفرحت كفرح الطبراني مع أن طبعًا هذا كان يسمى ذا الوزارتين، فليس هناك لذة في الدنيا تعدل لذة الاشتغال بالعلم، لا سيما إذا صاحبه نية .فنفسه تقول له إن العلم أفضل من صلاة النافلة لأن أقوامًا أهملوا العلم فعبدوا الله عز وجل بجهل، قال ابن الجوزي فرأيتها على الاتجاه السليم، نفسي كذلك، لكنه حذرها من الاشتغال بصورة العلم عن حقيقة العلم وبدأ بالنبي ﷺ وبالخلفاء الأربعة من بعده، كيف كانت عبادتهم ؟ مع كثرة مشاغلهم :عبادة النبي ﷺ _ والخلفاء الأربعة من بعده مع كثرة مشاغلهم.فنبينا ﷺ: هو أعبد من مشي علي الأرض بقدميه لا يقاربه أحدٌ قط في العبادة ولا في حضور قلبه لربه سبحانه وتعالي، ومع ذلك كان إذا قيل له كما قالت عائشة له في ذلك أنه يكثر الصلاة حتى تتورم قدماه، قال: (أفلا أكون عبدًا شكورا).ثم ذكر أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وعلي رأسهم ومقدمهم الصديق أفضل صاحب نبي علي الإطلاق (شَجِيِ النَشِيجِ كَثِير البُكَاء)، وكان من عادة أبي بكر أنه إذا بكي لا تتبين قراءته، كما في الصحيحين من حديث عائشة ل لما مرض النبي ﷺ مرض الموت، وقال النبي ﷺ لعائشة(مَرُّوْا أَبَا بَكْر فَلِيُصَلِّي بِالْنَّاس) فكرهت عائشة أن يموت النبي ﷺ وأبو بكر مكانه فيتشاءم الناس من أبي بكر، فقالت يا رسول الله إن أبا بكر رجلٌ أسيف، أي كثير الأسف إذا بكي لا تتبين الناس قراءته من البكاء، فقال(مَرُّوْا أَبَا بَكْر فَلِيُصَلِّي بِالْنَّاس) انقطعت حجة عائشة أو انقطع سؤالها، فأوعدت إلي حفصة ل أن تقول ذلك للنبي ﷺ فقالت حفصة يا رسول الله لو أمرت عمر فإن أبا بكر رجلاً أسيف، قال مَرُّوْا أَبَا بَكْر فَلِيُصَلِّي بِالْنَّاس فَإِنَّكُن صَوَاحِب يُوَسُف)، عرف عليه الصلاة والسلام ما هي العلة التي من أجلها تريد عائشة ل ألا يصلى أبا بكر .وفي حديث عائشة أيضًا عند البخاري وغيره وقد ذكرت هذا الحديث قبل ذلك أو طرفًا منه، لما هاجر أبو بكر أراد أبو بكر أن يذهب إلى الساحل و يهاجر خارج مكة فلقيه زيد بن الدَغِنّه وكان سيد القارة، قال إِلَي أَيْن يَا أَبَا بَكْر ؟ قَال: أَخْرَجَنِي قَوْمِي أُرِيْد أَن أَسِيْح فِي الْأَرْض فَأَعْبُد رَبِّي فَقَال مَثَلُك لَا يَخْرُج وَلَا يُخْرَج ارْجِع وَأَنَا جَار لَك، فَرَجَع وَدَخَل أَبَا بَكْر فِي جِوَار ابْن الْدَغْنّه، وَاتَّخَذ لِنَفْسِه فِي بَيْت ابْن الْدَغْنّه مَسْجِدا يُصَلِّي فِيْه، ثُم بَدَا لِأَبِي بَكْر أَن يُسْتَعْلَن بِقِرَاءَتِه، فَابْتَنَي لِنَفْسِه مَسْجِدا خَارِج الْدَار_ بِفِنَاء الْدَّار_ ،( فَكَان يَتَقَذَّف عَلَيْه نِسَاء قُرَيْش وَوِلْدَانِهُم، فَخَشِيَت قُرَيْش أَن يُفْتَتَن الْنِّسَاء وَالْأَوْلاد _و كَانُوْا فِي حَالِة حَرْب مَع الْنَّبِي عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام وَفِي حَالَة صَد هَائِل عَنْه وَعَن الْدِين الَّذِي بَعَثَه الْلَّه بِه _، فَقَالُوَا لِابْن الْدَغْنّه مُر أَبَا بَكْر فَلِيُصَلِّي دَاخِل دَارِه كَمَا كَان يُصَلِّي فَإِنَّا نَخْشَى أَن يَفْتِن نِسَائِنَا وَأَبْنَائِنَا، فَقَال لَه ابْن الْدُّغُنَّة إِمَّا أَن تُصَلِّي دَاخِل الْدَّار وَإِمَّا تُرَد عَلَي جَوَارِي فَإِنِّي أَكْرَه أَن يَتَحَدَّث عَنِّي الْعَرَب أَنِّي أُخْفِرْت جَوَارِي، قَال: أُرِد عَلَيْك جِوَارِك وَأَرْضِي بِجِوَار الْلَّه عَز وَجَل)الذي كان يجعل نساء قريش وولدانهم يتقذفون على أبي بكر هو أنه كان يبكي وهو يصلي، وهذا أمر أو منظر لم يروه قبل ذلك ،.وكذلك كان عمر رضي الله عنه :كان من أكثر خلق الله بكاءً برغم غلظة قلبه في الجاهلية، إلا أنه سبحان الله كان من أكثر الناس بكاءً وقد ذكر ابن الجوزي هذا الأثر عن عمر وآثارًا أخري عن عمر بن الخطاب في كتابه الذي صنفه في سيرة عمر .وعثمان بن عفان :صح عنه لأن فيه بعض الناس يضعفون إسناد هذه الواقعة، أن عثمان ختم القرءان عند الكعبة في ركعة الوتر وهذا أثر صحيح وله أكثر من إسناد .وكذلك علي بن أبي طالب: معروف عنه هذا الأثر[ يَا دُنيَا غُرَيِ غَيرِيِ إلي تعرضت ] إلى آخر الأثر المعروف ،.وذكر الحسن البصري .سعيد بن المسيب: أنه ما فاتته تكبيرة الإحرام أربعين سنة في المسجد، حتى أن كسيد المطلب بن أبي وداعة الذي زوجه سعيد ابنته ورفض أن يزوجها للوليد بن عبد الملك، عبد الملك بن مروان أراد أن يأخذ ابنة سعيد لابنه ولي العهد الوليد بن عبد الملك، فرفض سعيد بن المسيب وكان بينه وبين بني مروان خصومات، حتى أنه رفض أن يأكل أُعطياته من بيت المال وقال حتى يفصل الله بيني وبين بني مروان .احتالوا عليه وأوقعوه في خطأ وجلدوه وصبوا عليه الماء البارد في يومٍ شاتٍ بسبب أنه رفض أن يزوج ابنته لولي العهد، فالكسيد بن عبد المطلب بن أبي وداعه، كان أحد طلاب العلم الفقراء وهو أحد العلماء يعني الذين كانوا يجالسون سعيد بن المسيب، غاب عدة أيام عن سعيد سأل عنه فقيل ماتت امرأته فأتاه قال: لما لم تعلمني، قال: أنا أعلم أنك تتردد علي المسجد وأنه لم تفتك تكبيرة الإحرام فكرهت أن أزعجك، قال هل أحدثت امرأة بعدها قال: ومن يزوجني يرحمك الله وأنا لا أمتلك درهمين، قال أنا أزوجك، لم يصدق طبعًا أذنه لأن سعيد بن المسيب هذا، كان أحدَ سادات التابعين ويكفي أن عبد الملك بن مروان يريد ابنته للوليد، قال: أنا أزوجك، قال فلم أتمالك نفسي من الفرح، وجلست أفكر من أين آتي بدرهمين كي يدفعهم كصداق فيقول في يوم من الأيام وأنا أفطر على زيت وخبز في صلاة المغرب طرق بيتي طارق، قلت من ؟ قال: سعيد، قال: فخطر لي كل سعيد إلا سعيد بن المسيب لأنه لم يرى منذ أربعين سنة إلا من بيته، فلما فتحت وجدته فظننته رجع في كلامه، فلت له يرحمك الله هل بدا شيء لك، قال لا ولكن علمت أنك رجل عزب فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وإذا ابنته خلفه، فأدخلها وأخذ الباب وراءه قال: فصعدت علي السطح وجعلت أرمي الجيران بالحجارة، هذا نوع من أنواع التنبيه ، فلما انتبهوا صعدوا إيه مالك، قال زوجني سعيد وهذه ابنته عندي في الدار ،فاجتمع الجيران وأتت أمه وقالت وجهي من وجهك حرام إن قربتها إلا بعد ثلاثة أيام فأخذتها أمه فأصلحتها، ثم بني بها، وظل شهرًا لا يأتي حلقة سعيد، قال وجدتها أجمل الناس وأحفظ الناس للقرءان وأعلم الناس بالسنن، فلما أراد أن يخرج مرة قالت: له إلى أين ؟ قال: إلى مجلس سعيد، قالت اجلس أعلمك علم سعيد فسعيد بن المسيب كان رجلاً نسيج وحده .وصية الشيخ حفظه الله للآباء:أوصي كل أب إذا تقدم له إنسان صالح فقيه ألا يتردد في تزويجه .كلنا تزوجنا فقراء لم يكن معنا شيء قط ثم فتح الله عز وجل بعد ذلك، ثم إنَّ المال يذهب ويجيء والتي تبقي الأخلاق الحميدة، فأنا أرجوا أن تصل رسالتي هذه إلى كل أبٍ أنه لا يتعنت في مسائل المهر ،فأقل مايحتاجه الشاب إذا أراد أن يتزوج خمسة عسر ألف، أو عشرين ألففسعيد الحقيقة له مآثر كثيرة وكان ممن يصدع بالحق وكان جريئًا لا يخاف في الله لومة لائم .قال: أَمَا صَامَ الأَسوَدَ بنَ يَزيدَ (بن يزيد بن قيس) حَتَى اخضَرَ وَاصفَر ؟، وكان كثير الصيام، وكان من جميل كلامه ما حكاه علقمة بن وغثة رحمه الله قال كان الأسود يجتهد في العبادة ويصوم حتى يخضر ويصفر، فلما أُحتُضِرَ بكي، قِيل له هل تجزع من الموت، قال: ومالي لا أجزع والله لو أتيت بالمغفرة لما استطعت أن أرفع رأسي حياءً من الله مما أتيت به، إن الواحد منا إذا أذنب في حق أخيه وغفر له أخوه لا يرفع رأسه إليه حياءً منه، فكيف بالله عز وجل ؟وابنة الربيع بن خُثيم، :الربيع بن خُثيم كان ابن مسعود إذا رآه قال: وبشر المخبتين، والله لو رآك محمد ﷺ لأحبك، فالربيع بن خُثيم كان كثير قيام الليل، فقالت له ابنته يا أبت ألا تنام فإن الناس ينامون، قال إن أباك يخاف عذاب البيات، والبيات_ هو الأخذ بغتة بالليل _ يخشي ينام فلا يقوم ؟ يُساق من فرشه إلى الأكفان فيخاف عذاب البيات، من أجل هذا كان يصلى لعله أن يُقبض على طاعة وليس وهو نائم .وكان أبو مسلم الخولاني :واسمه عبد الله بن ثوب كان معه سوط فكان يقوم الليل طويلاً فإذا أعيا وشعر بهذا الإعياء، كان يضرب قدميه بسوطه ويقول والله إنكما لأحق بالضرب من دابتي، أيظن أصحاب محمد صلي الله علي وسلم أنهم لم يخلِّفوا بعده رجالاً، فلما يقول هاتين هذه الجملة كان يقوم فيصلي .وكذلك يزيد الرقاشي : يزيد بن أبان الرقاشي وهو مع أنه ضعيف الحديث عند المحدثين كلمة إجماع في الضعف، لكنه كان محل إجماع من جهة عبادته حتى أن ابن حبان قال: كان من خيار عباد الله، من البكائين في الخلوات المجتهدين بالحقائق لكنه غفل عن صناعة الحديث حتى كان يجعل كلام الحسن عن أنس عن النبي ﷺ ، فلما كثر ذلك منه بطل الاحتجاج بحديثه، فهو من جهة الحديث ورواية الحديث فهو ضعيف، أما من جهة العبادة فكان فرد زمانه في العبادة . وترجمته طويلة وقد اخترت منها بعض كلمات له وبعض أحوال له .ما اختاره الشيخ _ حفظه الله_ من ترجمة يريد الرقاشي.أشعث بن سوَّار :وهذا أحد رواة الحديث أيضًا، قال دخلت على يزيد الرقاشي في يوم شديد الحر فقال يا أشعث تعالى حتى نبكي على الماء البارد يوم الظمأ، ثم قال والهفاه سبقني العابدون وقُطع بي، مع كل هذه العبادة يقول سبقوني وأنا الذي انقطعت وحيدًا فريدًا بليدًا لا عبادة لي، قال : الأشعث بن سوار وقد كان صام ثلاثين أو أربعين سنة يسرد الصيام حتى أسود لسانه .وقال الأعمش: أن يزيدًا الرُّقاشي كان ينوح على نفسه وهو يقول يا يزيد إذا مت من يتصدق عنك، يا يزيد إذا مت من يصوم عنك، ثم يقول ويايزيداه إنما سمي نوح لأنه ناح على نفسه ويزيد لا ينوح على نفسه بسبب هذه الحالة والبكاء المستمر والخوف من الآخرة والخوف من الحساب أراد ابنه أن يخفف عنه يومًا، فدخل عليه ابنه وهو يبكي وقال: إلى كم تبكي يا أبتي والله لو كانت النار خُلقت لك ما زدت على هذا البكاء، فقال: ثكلتك أمك يا بني وهل خلقت النار إلا لي ولأصحابي ولإخواننا من الجن أم تقرأ يا بني:﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ﴾ (الرحمن:31) أما تقرأ يا بني: ﴿ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ﴾( الرحمن:35) فجعل يقرأ عليه حتى انتهي إلى قوله﴿ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ﴾ (الرحمن:44)، فجعل يجول في الدار ويبكي حتى غُشي عليه، فقالت للفتي أمه، يا بني ما أردت بذا من أبيك قال إني والله إنما أردت أن أهون عليه، لم أرد أن أزيده حتى يقتل نفسه .ومن كلامه: أيها المتفرد في حفرته المتخلي في القبر بوحدته، المستأنس في بطن الأرض بأعماله، ليت شعري بأي أعمالك استبشرت، وبأي إخوانك اغتبطت قال: ثم يبكي حتى تبتل عمامته ويقول: استبشر والله بأعماله الصالحة واغتبط والله بإخوانه المتعاونين على طاعة الله .وأخيرًا دخل على عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين رحمه الله فقال له عمر عظني قال أنت أول خليفة موت يا أمير المؤمنين، قال زدني، قال: لم يبقى أحد من أبائك من لدن آدم إلى أن بلغت التوبة إليك إلا وقد ذاق الموت قال: زدني، قال : ليس بين الجنة والنار منزل إن الله يقول: ﴿ إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾ (الانفطار:14)، وأنت أبصر بفجورك وبرك، فبكي عمر حتى سقط عن سريره .و كثير من العباد قطعتهم عبادتهم عن إتقان الحديث، لكنه إذا سقط كمحدث فإنه لم يسقط كعابد وعامل .ومنصور بن المعتمر :صام أربعين سنة وكان كثير القيام حتى أنه لما مات قال صبي لأمه وكان هذا الصبي جار منصور بن المعتمر، لما مات منصور قال هذا الصبي لأمه، يا أم أين النخلة التي كانت على بيت منصور، قالت يا بني هذا منصور، كان كلما طلع على سطح البيت يجد شيئاً واقفاً لا تتحرك فظنها نخلة من شدة ثباته في القيام .وسفيان الثوري: أخباره في الزهد معروفة، قال يحي بن سعيد القطان، كان سفيان أحيانًا يجلس بيننا ثم يقوم فجأة ويجري و هو يقول النار، النار منعني ذكر النار النوم، يقول يحي بن سعيد القطان فما كنا ننتفع به عدة أيام ،لا نستطيع أن نستفتيه ولا نأخذ منه حديثًا ولا يحدثنا إنما يكون منجمعًا على نفسه .ولما مرض ذات مرة فأخذوا بوله إلى الطبيب قال هذا رجل خائف، كان يبول الدم من الخوف، فقال لا برء لصاحبكم هذا بول رجل خائف .وأخبار الأئمة الأربعة :كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وأئمة الحديث كانوا جميعًا من أهل العبادة، لأنهم تحققوا بحقيقة العلم، و المقولة التي قالها مجاهد ويحي بن أبي كثير وقالها مالك لابن أنس وغيرهم، ليس العلم بكثرة المسائل إنما العلم الخشية، هناك بعض علماء الأصول وأنا لا أريد أن أسمي لكن كتابه كقطب الرحى، لا يكاد أحدًا يدرس أصول الفقه إلا رجع إلى كتابه .ذكر الذهبي في الميزان: أنه كان لا يصلي وهذا شيء عجيب أن يكون بهذا العلم ولا يصلي، أمارة ذلك لماظُنَّ أنه لا يصلي وهو نائم سكبوا على بطن رجله حبرًا، فجاءوا بعد أيام فإذا الحبر كما هو، فالعلم ليس بكثرة المسائل إنما العلم هو الذي يهدي إلى خشية الله سبحانه وتعالي .أشار ابن الجوزي هذه الإشارة الخاطفة، يقول لنفسهفَاحذَرِي مِن الإِخلَادِ إِلَىَ صُورَةِ العِلمِ مَعَ تَركِ العَمَلَ فَإِنهَا حَالَةَ الكُسَالَىَ الزمني الزمني: أي أصحاب المرض المزمن، ثم ختم خاطرته بهذه الأبيات وَخُذ لَكَ مِنكَ عَلَى مُهلَــةٍ | وَمُقبِلُ عَيشِكَ لَم يُدبِــــرِ | وَخَف هَجمَةً لَا تُقِيلَ العِثَـارَ | وَتَطوِي الوُرُودَ عَلَى المَصدَرِ | وَمَثِل لِنَفسِكَ أَيَ الرَعِيــلِ | ... يَضُمُكَ فِي حَلبَةِ المَحشَــرِ |
من أحب قومًا حُشر معهم، أنظر من تريد أن تكون معه في ساعة الحشر فإذا كنت قد حزمت أمرك فاصحب في الدنيا من يكونون معك في ساعة الحشر . الحقيقة الخاطرة كانت تحتاج إلى كلام أكثر من هذا ولكن بسبب حالتي الصحية ما استطعت أن آتي في التهجد، فأسأل الله عز وجل أن يفتح قلوبكم لما سمعتموه من هذا الكلام الطيب .
أما الخاطرة التي اخترتها لكم من كتاب صيد الخاطر تتعلق بالعلم : فأنا أري والحمد لله أن كثيرًا من إخواننا جاءوا ليأخذوا أصول العلم يأخذوا معهم خطوطًا عريضة يذاكرون عليها، ويأخذون أسماء بعض الكتب التي يقتنيها الطالب في بداية العلم ، فأنا إن شاء الله سأذكر كلام ابن الجوزي وأحلِّيه بكلام آخر من واقع الأئمة المتبوعين . يقول ابن الجوزي رحمه الله تعالى: اعلم أن المتعلم يفتقر إلي دوام الدراسة خلي لأن هناك بعض إخوانا أصيب بإحباط بسبب أنه يسمع بعض الذين يحضون على العلم يشتد عليه في حضه علي الطلب مع أن هذا الطالب لا تقوي نفسه إلا علي شيء يسير هين، فيقوم بعض الشيوخ يقوله أنت لا فائدة منك ارجع، العلم يحتاج أن تسهر ليل نهار، وابن الجوزي يعطي خطة وسطى حكيمة لطالب العلم كي لا ينقطع عن الدراسة . يتبع إن شاء الله... |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الدرس (16) من مدرسة الحياة السبت 14 مايو 2011, 7:52 pm | |
| فيقول رحمه الله:( اعلم أَن المُتَعَلِمَ يَفتَقِرُ إِلَى دَوَامِ الدِرَاسَةِ ومِنَ الغَلَطِ الاِنهِمَاكُ فِي الإِعَادَةِ لَيلًا وَنهَارًا فَإِنَهُ لَا يَلبَثُ صَاحِبُ هَذِهِ الحَالُ إِلا أيَامًا ثُمَ يَفتُرُ بَِمَرَض وقَد رُوينَا أَنَ الطَبيِبَ دخَلَ على أبِي بَكر بن الأَنبَارِي فِي مَرضِ مَوتِهِ فَنَظَرَ إلى مَائه( أي إلى بوله) وقال: [ قَد كُنتَ تَفعلُ شَيئًا لَا يَفعَلَهُ أحَد ] ثُمَ خَرَجَ فقَالَ: [ مَا يَجِيءُ مِنهُ شَيء فَقِيلَ لَهُلأبِي بَكر بن الأَنبَارِي : [ مَا الذِي كَنتَ تَفعَل ؟ ] قَالَ: [ كُنتُ أُعِيدُ كُلَ أَسبُوعٍ عَشرَةَ آلَافِ وَرَقَة ] ،( أجهد نفسه غاية الإجهاد) وَمِنَ الغَلَطِ تَحمِيلِ القَلبِ حِفظَ الكَثِيرِ مِن فِنُونٍ شَتَى فَإِنَ القَلبِ جَارِحَةٌ مِن الجَوارِحِ وكمَا أَنَ مِن الناسِ مَن يَحمِلُ المَائَةَ رَطلٍ ومِنهُم مَن يَعجِزُ عن عِشرِينَ رَطلًا فَكذَلِكَ القُلُوب فَليَأخُذ الإنسَانُ علَى قَدرِ قُوَتِهِ وَدُونَهَا فَإِنهُ إذَا استَنفَدَهَا فِي وقتٍ ضَاعَت مِنهُ أَوقَات .كَمَا أَن الشَرِهَ يَأكُلُ فَضلَ لُقِيمَاتٍ فَيكُونُ سَبَبًا إلى مَنعِ أِكَلَات والصَوَابُ أَن يَأخُذَ قَدرَ مَا يُطِيق ويُعيدُهُ فِي وَقتَينِ مِنَ النِهَارِ واللَيلِ وَيُرَفِهَ القُوىَ فِي بَقِيةِ الزَمَان والدَوَامُ أَصلٌ عَظِيم فَكَم مِمَن تَرَكَ الاستِذكَارَ بَعدَ الحِفظِ فَضَاعَ زَمَنٌ طَوِيلٌ في استِرجَاعِ مَحفُوظ .ولِلحِفظِ أَوقَاتٌ مَنَ العُمُرِ فَأفضَلَهَا الصِبَا ومَا يُقَارِبُهُ مِن أَوقَاتِ الزَمَان وَأَفضَلُهَا إَعَادَةُ الأَسحَارِ وَأنصَافِ النِهَارِ والغَدَوَاتُ خَيرٌ مِن العَشِيَاتِ وأوقَاتُ الجُوعِ خَيرٌ مَن أَوقَاتِ الشِبَع ولا يُحمَدُ الحِفظُ بِحَضرَةِ خُضرَةٍ وعَلى شَاطِئِ نَهر لأَن ذَلكَ يُلهِي والأَمَاكِنُ العَاليَةُ لِلحُفظِ خَيرٌ مِنَ السَوَافِلِ والخَلوَةُ أَصلٌ وَجَمعُ الهَمِ أَصلُ الأُصُول وَتَرفِيهِ النَفسِ مِن الإَعَادَةِ يَومًا فِي الأُسبُوعِ لِيَثبُت المَحفُوظ وتَأخُذَ النَفسُ قُوَةَ كَالبُنيَانِ يُترَكُ أَيَامًا حَتَى يَستَقِرَ ثُمَ يُبنَي عَلِيهِ، وتَقلِيلُ المَحفُوظِ مَعَ الدَوَامِ أَصلٌ عَظِيم وأَلَا يُشرَعَ فِي فَنِ حَتَى يُحكِمَ مَا قََبلَهُوَمَن لَم يَجِد نَشَاطًا لِلحِفظِ فَليَترُكهُ فَإِن مُكَابَرَةَ النَفسِ لا تَصلُح وإِصلَاحُ المِزَاجِ مِنَ الأُصُولِ العَظِيمَة فَإِن لِلمَأكُولَاتِ أَثَرٌا فِي الحِفظِ .قَالَ الزُهرِيُ: [ مَا أَكَلتُ خَلًا مُنذُ عَالَجتُ الحِفظ ] وقِيلَ لأَبِي حَنِيفَة: بِمَ يُستَعَانُ عَلَى حِفظِ الفِقهِ ؟ قَالَ: بِجَمعِ الهَمِ .وقَالَ حَمَادُ بن سَلَمَةَ: [ بِقِلَةِ الغَمِ ] وقَالَ مَكحُولٌ : مَن نَظُفَ ثَوبُهُ قَلَ هَمَهُ ومَن طَابَت رِيحُهُ زَادَ عَقلُهُ ومَن جَمَعَ بَينَهُمَا زَادَت مُرُوءَتُه .وَأَختَارُ للمبتدئِ فِي طَلَبِ العِلمِ أَن يُدَافِعِ النِكَاحَ مَهمَا أَمكَنَ فَإِنَ أَحمَد بن حَنبَل لَم يَتَزَوجَ حتَى تَمت لَهُ أَربَعِينَ سَنَة وَهَذَا لِأَجلِ جَمعِ الهَم فَإِن غَلَبَ عَلِيهِ الأَمرُ تَزَوج وَاجتَهد فِي المَدَافَعَةِ بِالفِعلِ لِتَتَوَفرَ القُوةَ عَلى إِعَادَةِ العِلم ثُمَ لِيَنظُرُ مَا يَحفَظُ مَن العِلمِ فَإِنَ العُمرَ عَزِيزٌ والعِلمَ غَزِير .وإِنَ أَقوَامًا يَصرِفُونَ الزَمَانَ إِلَى حِفظِ مَا غَيرُهُ أَولَىَ مِنه، وَإِن كَانَ كُلُ العِلُومِ حَسنًا ولَكِنَ الأَولَىَ تَقدِيمِ الأَهَمِ والأَفضَل .وَأَفضَلُ مَا تُشُغِلَ بِهِ حِفظِ القُرآِن ثُمَ الفِقهُ وَمَا بَعدَ هَذَا بِمَنزِلَةِ التَابِع ومَن رُزِقَ يَقَظَةً دِلِتهُ يَقَظَتُهُ فَلَم يَحتَج إِلَى دَلِيل ومَن قَصَدَ وَجهَ الله تَعَالَى بِالعِلمِ دَلَهُ المَقصُودُ عَلَى الأَحسَنِ (وَاتَقُوا اللهَ وَيُعَلِمَكُمُ الله) .هذا كلام ابن الجوزي رحمه الله، ابن الجوزي لا يدعو الطالب إلى التعب ولا إلي تضييع الأوقات لكن يقول أنظر إلي نفسك، هناك رجل همته عالية ورجل همته دون ذلك ورجل همته أدون من ذلك، لكنه محب للعلم فإن قسي علي نفسه في الطلب انقطع ،لا بد أن يراعي نفسه صح، العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، ولهذا من أهم أصول جمع العلم قلة الهم، وهذا طبعًا سيكلف الطالب كثيرًا، سيؤخر نكاحه ولابد، لأن النكاح يحتاج إلى مال والمال يحتاج إلى عمل والعمل يحتاج إلى وقت .فهو إذا كان في أول الطلب فلا يضيع عمره إلا في طلب العلم ويرضي باليسير ابن الجوزي كان يقول، كان مطعمي أرغفة، لا أستطيع أن أكلها إلا إذا أتيت نهر عيسي، فيضع الرغيف في ماء النهر مدة ،إلي أن يصير الرغيف طرياً يأكله.أبو سعيد الأشج : أبن أبي داود خرج إلي سعيد بن الأشج، ظل عنده ثلاثين يومًا وأخذ معه عدة كيلوات من الباقيلا وقدر لنفسه مطعومًا في اليوم، قال فما خرجت من عند أبي سعيد إلا وكنت قد كتبت عنه ثلاثين ألفًا، ثلاثين ألف حديث هذه بعض الباقيلا التي كان يأكلها .تفقهوا قبل أن تسودوا.فطالب العلم لابد أن يقنع باليسير ولا يمد عينه أبدًا إلى ما ينظر إليه رفاقه ولا يصاحبهم وهو في أثناء طلب العلم، إنما يكون مشغولاً بكليته في طلب العلم بعد ذلك ستنفتح عليه الدنيا، لكن إذا فاتته سن التحصيل يظل فقيرًا إلي أن يموت، الشافعي: تفقهوا قبل أن تسودوا .وقال الشافعي أيضُا: إذا تصدر الحدث فاته علم كثير، الحدث: صغير السن، إذا تصدر وصار شيخًا فاته علم كثير، وتفقهوا قبل أن تسودوا قبل أن يكون لكم سيادة ويكون لكم في الناس مكانة لأنه أول ما يصير لك مكانة لا تستطيع أبدًا أن ترجع تلميذ، عندك درس كل يوم ومشاكل، والناس تستشيرك وتأتي بهمومها عندك والمديون يأتي لك كي تسدد ديونه، والمريض يأتي لك كي تذهب به للطبيب وتأتي له بالدواء ،إذا أردت أن تحرر مسألة فقهية لا تستطيع لا تجد وقتًا .فأفضل الزمان زمان الخمول ،ليس لك شهرة وهو أفضل الزمان حتى في العبادةفلأجل هذا إن أردت أن تأخذ سبيل العلم، اعلم أن للعلم غَيرَه ،إذا أدخلت معه غيره خرج العلم، :ورأس العلم القرآن :، والله عز وجل لما وصف القرآن قال: ﴿وإنه لكتاب عزيز ﴾، أي لا يبقى في صدر من أهمله، إن لم تراجعه ليل نهار ليل نهار سيتفلت منك، لأنه عزيز والعزيز لا يكون في بأرض هوان ولا مذلة، لابد من إعطائه قدره طالما أنه عزيز، فالعلم المستقي من الكتاب ومستقي من السنة كذلك إذا أدخلت معه غيره فارقك .في زمان الخمول قبل أن تورق شجرتك تقبل بكليتك على طلب العلمحفظ القرآن من أهم المهمات، إذا عجزت عن الحفظ حاولت كثيرًا وعجزت عن الحفظ فيكفي أن، تكون مستحضرًا لما تريد من آيات، أو على الأقل يكون عندك الخمسمائة آية الأحكام التي في القرآن تكون حافظها لأن هذه هي التي يترتب عليها الفقه ،ابن الجوزي يقول في أيام الصبا، لكن كثير من الشباب ما بدأ يعرف الالتزام ولا حلاوة الطلب، ولا طلب العلم إلا بعدما تخطي مرحلة ثانوي ودخل على مرحلة الجامعة سيكون مثلاً في حدود ابن ثماني عشر سنه، تسعة عشر سنة، فلا تشغل نفسك في هذه السن إلا بالعلم، أنا أعلم أن كل شيء حولك يصرفك عن العلم بالذات الشباب الصغير، إذا مد المرء بصره إلى مثل هذا لن يفلح مطلقًا في طلب العلم، حتى يتخلي عن كل شيء إلا من العلم ثم يفعل هذا فيما بعد يفعل ما يريد، كل هذا سيأتي بعد ذلك لكن لو انقضي زمان التحصيل زمان الخمول، انتهت مسألة طلب العلمابن الجوزي يقول: ترفق بنفسك فإن القلوب إذا كلَّت عميت وإذا لم يكن لك حضور قلب لا تستطيع أن تحتفظ علي صفحته بكلمة واحدة إلا أن تكون من أصحاب الإرادات الكبيرة .والذي يحرك الهم نحو طلب العلم أن يعيش المرء حالة الأمة، أن يعيشها بقلبه وليجعل خلاص الأمة فرضًا عليه هو، هذا أحري أن ينطلق .يعني أنا مثلاً لو أردت أن أطلب العلم فقلت أن تبليغ القرآن فرض علي واعتقدت هذه الفرضية، هذا يحملك علي الجد في الطلب .السبب في طلب الشيخ _حفظه الله _لعلم الحديث.وهذا الحمد لله ما تلبست به أنا في أول حياتي العلمية، عندما قرأت في كتاب السلسلة الضعيفة للشيخ الألباني ورأيت كثرة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وقع في روعي أن التحذير منها واجبٌُ أكيدٌ أأثم أنا إذا لم أفعل ذلك، إذا لم أنبه كيف أنبه ؟ وأنا ليس عندي كتب ولم أدرس أصول العلم، من هنا بدأت فكرة أن أطلب علم الحديث، أنني جعلته فرضًا عليَ وانطلقت من هذا المنطلق فكنت أحصِّّّل في الليلة الشيء الكثير برغم قلة وقتي آنذاك، لما كنت أعمل في البقالة، كنت أعمل من اثني عشر إلي أربع عشر ساعة في اليوم ،ومع ذلك بعد رجوعي كنت أحيانًا وأنا أدرِّب نفسي علي التخريج والنظر في كتب الرجال، أكون بخرج في حديث ما ولم أكتب حكمي علي الراوي فأكتب قلت وبعدين أنظر في الساعة أجد المفروض أن أنزل إلي البقالة أضع القلم في مكانه وأرجع بعد فترة الشغل، بمجرد رجوعي أدخل علي الورق مباشرةً وأكتب لا أقول أين كنت ؟لأنني طوال الوقت أثناء العمل والحديث في رأسي والراوي الذي قرأت روايته أدورها في رأسي، يُمكن أن يفتح علي ساعات، بعض معاني أوفق فيها ما بين قول عالم وعالم .أفضل سنوات عمري التي قضيتها في طلب العلم هي سنوات البقالة .كنت أقدر بالكاد بعد تقليل أوقات نومي وغير ذلك من أمور حياتي، أستطيع توفير خمس ساعات في اليوم ،بالَتِي والُتَيَ، وكنت أحيانًا آخذ معي بعض الكتب لعلي أجد ربع ساعة أو عشر دقائق لأستذكر فيها، فهذا اسمه زمان الخمول، لا أحد يعرفك، ولا أحد يطلب منك أي شيء ولا مطلوب منك دروس، ولا مطلوب منك فتاوى، فكانت أفضل سنوات العمر حتى في العبادة، كان الإنسان خالي الذهن تمامًا من هم الدنيا، وما مددت عيني قط لأن أحصِّل شيئًا من الدنيا في أول الطلب وزواها الله عني فاسترحت وحصَّلت كثيرًا من العلوم في وقت يسير، إلي أن انفتحت الدنيا بالتدريس وأمور أخري ضاعت بهجة العبادة وضاعت حلاوة تحصيل العلم .لذلك أُوصي إخواني إذا أراد أن ينطلق لابد من أن يكون له هم، يتحملهثم يعقب فضيلته علي بعض الأمور :أولا :من يبدلون الدين، ويبدلون أحكام الله _عز وجل_أحدهم قيل له أن هناك جماعة يريدون إخراج بطايق شخصية،إنهم غير مسلمين، ويريدون في خانة الديانة لا يكتب أمامها شيء، فما رأيك؟، قال والله الدين هذا حرية شخصيه فهذا رجل ،كبير المحل وليس عندنا نص يعاقب من ترك دينه.أين هو من حديث(مَن بَدَّل دِيْنَه فَاقْتُلُوْه) الذي رواه البخاري؟ فلا أحد يعرف شيء.ثانياً: استضاف مذيع نصراني أحد هؤلاء الجماعة في برنامج ذات مرة، قائلاً له، أريد أن أقول لك كلام، لاتزعل منه، الآن يقولون، إن أنتم بتقولوا يا معشر المسلمين ،أن النصارى كفره هل هذا الكلام صحيح ؟ قال له لا القرآن كان يقصد نصارى زمان، هذا في برنامج من أشهر البرامج صيتًا يُقال فيه هذا الكلام ،هذا تبديل صريح للدين وإذا كان القائل بيعتقد هذا هو كافر بلا مثنويه لا كلام فيها عندنا النصوص قاطعة، لا أحد يبدلها قال تعالي﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾(المائدة:72) وقال تعالي﴿لقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ ﴾(المائدة:73)، كيف تؤل هذه الآية؟ إن لم تكن مستطيعاً قول الحق اجلس في بيتك، أصبحنا الآن الرمال الناعمة بتتحرك ،كنت أقف هنا، فأجد نفسي في مكان آخر وحدي، من الذي يصون عقائد الناس ؟ ومن الذي يبلِّغ دين الله كما أنزله الله سبحانه وتعالي؟، لابد أن يكون هناك طلاب متحمسين ،إن لم يكُن هذا الهم يحركك لن تتحرك، لأن كل شيء حولك يدعوك إلي الكسل وإلى ترك العلم .الذي يتعلم سيسف التراب، لذلك يجب أن تكون عارفاً طريقك من البداية، الرسول عليه الصلاة والسلام في غزوة تبوك جلَّي للناس أُهبةُ غزوهم كان في كل غزوة يورَّي بغيرها إلا في غزوة تبوك، لأن النبي ﷺ استقبل سفرًا بعيدًا ومفازًا وحرًا شديدًا، جلَّي للناس أُهبةُ غزوهم لكي يأخذ كلاً منهم استعداده ،المسألة كلها جد وهناك تبديل للدين وبعد النظام العالمي الجديد واتفاقيات الجات، مازال هناك المزيد من التبديل، إلي أن هذا التبديل ربما صار قانونًا فإذا لم تكن تتحرك بهذا الهم فلن يحركك شيء .أفضل شيء أن يكون طلبك للعلم على يد شيخ، لأن الشيخ يسدد لك الفهم ويقصِّر لك زمان الطلب .أشاربعض العلماء إلي الصفات التي ينبغي أن يتحلي بها طالب العلم فقال:أخي لن تنالَ العلمَ إلا بستةٍ | سأُنبيكَ عن تفصيلها ببيانِ | ذكاءٌ وحرصٌ وافتقارٌ وغربةٌ | وتلقينُ أستاذٍ وطولُ زمانِ | هذه الستة لابد أن تحرص عليها.1-ذكاءٌ : لأن العلم لا يعطي قياده لغبي لابد أن يكون عندك ذكاء ومن الذكاء أن تختار العلم الأوفق لك ،الذي يُمكن أن تبرع فيه يعني، بعدما تحصِّل أصول العلم كلها تعرف أنه مفتوحٌ لك في العلم الفلاني، فتنطلق إليه الذكاء أن تتصرف في القراءة تجمع النظير علي النظير في زمان الطلب وتحرص تمامًا علي تدوين كل فائدة، إياك أن تفوت على نفسك فائدة عندما تقرأ في أي كتاب، بعدما تفتح الكتاب تجد صفحة ً بيضاء في أوله، سجل فيها كل ما يجده من فوائد،، ولا تزال هكذا، حتى يكون عندك أوقات فراغ، ولست قادراً علي الإطلاع، إياك أن تخرج إلي الشارع لضياع الوقت، أو الفسحة. لابد يكون عندك بديل في العلم أيضًا .أنا أدرس الفقه مليت، أدخل في الحديث، مليت أدخل في النحو، مليت أدخل في التفسير، مليت أدخل في كتب الأدب والشعر والنوادر، المهم لا يوجد شيء اسمه مليت من العلم أترك العلم.، ملَلُكَ في فن من العلوم رياضتك في فن آخر من العلوم، تدرب نفسك علي هذه المسألة .بعد زمان طويل في أوقات الفراغ، تصفح كتبك، لتري مادونته من الفوائد، ستجد أنك دونت عناوين متشابهة في كل الكتب، تقول مثلاً من علامة حسن الخاتمة، من الهمة مثلاً شعر جميل، رجلٌ يبكي دهره، رجلٌ مثلاً أو من الفراسة .، ستجد عناوين كتبتها بيدك، تجمع بعد ذلك كل هذه النظائر على بعضها، وتخرج كتب على حسب العناوين .عندما تكتب مثلاً الفِراسة، ستجد من خلال العناوين التي دونتها، أنك جمعت مثلاً أكثر من فصل أو فصلين أو ثلاثة في الفِراسة وحدها ستنفعك في أيام التدريس، لما تكون مدرساً، لو أحببت أن تجمعها اليوم مثلاً كي تُعطي درساً في الفراسة لا تعرف تجمعها أبدًا من هذه الكتب، وبعض الناس أحيانًا كان يستغرب من بعض أهل العلم، من أين يأتي بكل هذه المعلومات، لم تأت جزافاً، إنما يجتمع السيل بالنقط، نقطه علي نقطه علي نقطه يجتمع السيل بها .فهذا من ذكاء طالب العلم، ومن ذكائه حسن توظيف المعلومة .2- وحرصٌ: أي الحرص علي الوقت، لا تضيع شيئاً من الوقت .3-وافتقارٌ: يُمكن أن يكون الافتقار إلي المال، لأن الإنسان إذا لم يكن عنده مال يتصرف فيه جمع همه، أو الافتقار بمعني التذلل للمشايخ، لأنه يوجد بعض المشايخ عندهم سوء خلق، و يُمكن أن يكون شديداً، فالطالب في هذه الحالة لابد أن يوطن نفسه علي ذلك .كان سفيان بن عيينه يقول: لو تركتم ما عندي لسوء خُلُقي خبتم وخسرتم، والأعمش شيخ سفيان بن عيينه كلاهما قالها، الشيخ أخلاقه لنفسه وعلمه لك4-وغربةٌ:، طلب العلم، تكون من محافظة بعيدة وتأتي تقطع كل هذه الأميال لكي تحضر درس لمدة ساعة ولا تستكثر هذا، طالما هناك من يعطيك المعلومة لا تستكثر هذا ولا تستكثر خطواتك ،كان السلف قديمًا من أهل الحديث علي وجه الخصوص كانوا يرحلون الأميال الكثيرة والفراسخ العديدة لتحصيل لفظة واحدة .بقي بن مخلد: الذي نشر علم الحديث في الأندلس وهو الذي روي مصنَّف ابن أبي شيبة في الأندلس وقال غرستُ لأهل الأندلس غرسًا لن يُقلع إلا بخروج الدجال، استمرت رحلته أربعة وثلاثين سنة ولم يركب دابة قط في الأربعة وثلاثين سنة، كان من المغرب الأقصى من الأندلس _أي إسبانيا _، لا بد أن يعبر البحر كي يأتي علي المغرب العربي وثم يأتي علي بغداد .خرج من بلده ماشيًا إلى بغداد ليلقى أحمد بن حنبل، ظل في الرحلة الأولي عشرين سنة، وظل في الرحلة الثانية أربعة عشر عامًا، وما ضره أن يمشي وكان يتعبد بالمشي في طلب حديث رسول الله ﷺ.وعبد الأول بن عيسي :أبو الوقت الذي انتهي إليه علو الإسناد لصحيح البخاري أتاه شاب من كرمان وكرمان بعيده، فقال له: من أين أتيت ؟ قال: من كرمان قال: إن موطنك لبعيد، قال: أنا ما جئت إلا إليك لأسمع صحيح البخاري، فحكي له عبد الأول بن عيسي حكايته، فقاله وأنا صبي صغير كنت أرحل مع أبي لطلب العلم، فكان يأمرني أبي أن أحمل صخرةً في كل يد، وهو يمشي معه، و هذا صبي صغير. كيف يحمل هذا الثقل ؟ وكان أبوه طويلاً، فكان أبوه يمشي بسرعة، فطبعًا خطوة أبوه أوسع من خطوته، لكي يمشي أبوه بسرعة لابد أن تكون خطوة الولد قبالته، كيف يجري الصبي وهو يحمل هذا الثقل؟ فكان يجتهد ويجري، فإذا تأخر، قال: ينظر إلي ويقول: تعبت ؟ فيقول فمن خوفي منه أقول له لا، يقول مالك قصُرت خطوتك ؟ فيجري قباله إلي أن يشعر أبوه أنه تعب، فيقول له ارم أحد الثقلين، ثم بعد فتره يسأله تعبت ؟ يقول له لا بعد فتره أخري يقول له ارم الثقل الثاني، فلم يعد عند الصبي قدرة ويشعر أبوه بذلك، فيحمله علي كتفه ويمشي به، ويمر عيسي هذا، أبو عبد الأول علي القوافل، والقوافل فيها ركايب ويعرفون عيسي، يقولون له يا شيخ عيسي هات ولدك وتعالى اركب، يقول:[ معاذ الله أن أركب أنا وولدي في طلب حديث رسول الله ﷺ ، بل يمشي وأمشي فإذا تعب حَملتُه ] حَمَلتَه، ماذا ضرّ عبد الأول بن عيسي لما حمل هذا الثقل؟ صار إلى عز الدنيا وشرف الآخرة إن شاء الله، أعلى إسناد في الدنيا كان إستاد أبي الوقت والدنيا كلها كانت بتتكالب عليه .مسألة الجد والهمة لا تقصِّر الأعمار فأنت أتيت من بلد بعيدة راكباً لمدة ساعة أو ثلاثة أربع ساعات في الطريق، لكي تستفيد بساعة، ولكن لابد أن تكون ذكيًا وتوظف هذا العلم الذي تأخذه من شيخك، وكيف تستفيد بمقابله في الكتب .فالطالب لابد أن يغتنم، بلده ليس فيها علماء ولا طلاب علم يبحث عن أي مكان فيه طالب علم أو فيه عالم ويذهب إليه ويتعلم، ذكاءٌ وحرصٌ وافتقارٌ وغربةٌ .5-وتلقين أستاذ : أي الشيوخ .6-وطول زمان:، طول الزمان التي تُعطي الطالب مسألة الاستقراء لطول الزمان فهو به يستطيع الإنسان أن يقرأ في علوم شتي.والكلام في طلب العلم كثير، أريد أن أقول للأخوة الذين يطلبون العلم لابد لك، من همٍ تحمله لكي يعينك على الطلب، ابدأ بصغار العلم قبل كباره ولكن كونوا ربانين، قال بن عباس وهو الذي يعلم بصغار العلم قبل كباره وقديمًا قيل غذاء الكبار سم الصغار ،فإذا أعطيت الطفل الذي يرضع قطعة لحمة سيموت.فلابد في بداية الطلب تبدأ بصغار الكتب.في الفقه:لا سيما التي تعتني في الفقه :مثلاً بالفقه المقارن، وبعض الطلبة الذين يريدون أن يتخلصوا من مسألة التقليد، يبدأ في حياته الفقهية مثلاً بكتاب مثل سبل السلام أو كتاب نيل الأوطار، مالذي جعلك تترك فقه الشافعي وتأخذ فقه الشوكاني ؟، يقول أنا لا أريد أن أقلد، أنت في الآخر قلدت الشوكاني هربت من تقليد الشافعي إلى تقليد الشوكاني، لأن الإنسان لا يستطيع أن يصل إلى مسألة الفقه المقارن والموازنة بين الأدلة إلا إذا درس أصول الفقه وتعمق فيها وكان له فيها ذوق كمانشيخ الإسلام بن تيمية : الذي نضرب به المثل بدأ تظهر له ملكة الاستقلال الفقهي وهو سنه ستين سنة، كان حنبليًا خالصًا أكثر فترات حياته، ثم بدأ يتحقق بالدليل ويناقش الأئمة حتى استوي على سوقه وصار له اختيارات فقهية يخالف فيها كثيرًا من المذاهب، ويوافق أقلها ويقيم الدليل علي صحة ما ذهب إليه، كعادة العلماء المجتهدين لهم اختيارات فقهية، هذه لم يصل إليها بن تيمية إلا في أواخر حياته .أريد أن أقول ليس معني أنه لمجرد أنه قرأ كتاب ولا كتابين في أصول الفقه يستطيع أن يستقل بالنظر في الأدلة، لا، لابد في النهاية أنه سيقلد أحد العلماء .لذلك ننصح بدراسة كتاب في الفقه علي مذهب فقهي :وأنا سألت الشيخ الألباني رحمة الله عليه، وقت الإشاعة عليه أنه ضد المذاهب الأربعة، وأنه لا يجيد التقليد ويوجب الاجتهاد .قلت له هل يجوز لطالب العلم أن يتمذهب على مذهب في أول حياته ؟قال: نعم، قلت له أي المذاهب تفضل ؟ قال: المذهب الشافعي، أفضل المذاهب فقهًا، يليه المذهب الحنبلي يليه المذهب المالكي يليه المذهب الحنفي .إذن لا حرج في أن يتمذهب علي مذهب، يأخذ الكتاب فينهيه كله، وإن استطاع أن ينهي كتابًا في كل مذهب كان حسنًا، حتى يعرف أقوال الناس، ثم عليه أن يعتني بكتب الأدلة .ومن أجمع كتب الأدلة في الفقه:1-،السنن الكبير لأبي بكر البيهقي رحمه الله، هذا لا يستغني عنه مشتغل بالفقه أبدًا، ومن أراد أن يجمع شتات الفقه ويشار إليه بالبنان ويقال هذا فقيه الزمان فعليه بهذه الكتب، هذه الكتب التي سينتهي إليها وليست التي سيبتدئُ بها 2- المغني لابن قدامه ،3- الأوسط لابن المنذر 4- التمهيد لابن عبد البر ،4- السنن الكبير للبيهقي 5-، المحلي لابن حزم 6- ولو ضم الاستذكار لابن عبد البر أيضًا، فيه بعض فوائد زيادة على التمهيد وكتب البيهقي عمومًا من الكتب النفيسة، أي كتاب للبيهقي تقع عليه ستحصِّل منه علمًا جما لا سيما كتاب المعرفة، للبيهقي وكتاب الخلافيات للبيهقي أيضًا وهي الخلاف اللي كان بين الشافعية وبين الحنفية في المسائل الفقهية .2- العقيدة أوصي دائمًا النشء أن يهتم بالمصادر الأصلية في الاعتقاد، يدرس الكتاب ويلخصه، ويجعل كتب شيخ الإسلام بن تيميه وابن القيم ومن دونهم من أصحاب العقيدة السلفية كتبًا مساعدة لزيادة الفهم .لكن عليه بكتب السلف الأول .ومن أفضلها وأجمعها 1-كتاب شرح اعتقاد أهل السنة لللاكائي من أفضل كتب الاعتقاد المبوبة السهلة، وطريقته أن يأتي بالباب ويأتي بالأدلة من القرآن والسنة، والسنة طبعًا حدثنا وأخبرنا، ثم يأتي بمن قال بهذا المذهب من الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى الأئمة المتبوعين من أئمة الحديث والثقة، لخصه لنفسك،احذف الأسانيد إذا كان الحديث عند الشيخين يكفي أن تذكر صحابي الحديث والحديث وتخرج الحديث، تقول أخرجه الشيخان .إذا كان الحديث ليس في الصحيحين ولكن رواه أحد الأئمة كالترمذي وغيره إذا حكم الترمذي علي الحديث ينقل حكم الترمذي، لم يجد حكمًا، عليه بكتب الشيخ الألباني رحمه الله يأخذ منها أحكام الشيخ الألباني، ويحذف الأسانيد في كل ذلك توفيرًا له على المذاكرة وعلى الحفظ .ومن الكتب التي تُقتني في العقيدة:2-شرح الأصول لللالكائي ،2- الإبانة لابن بطال، 3- الشريعة للأجوري 4- التوحيد لابن خزيمة5- والتوحيد لابن مندل6- والإيمان لابن مندل 7- كتاب ابن أبي زنين في الاعتقاد، عندما تجمع هذه الكتب، مع أبواب التوحيد والإيمان في الكتب الستة، كتاب الإيمان عند مسلم و كتاب الإيمان عند البخاري وكتاب التوحيد عند البخاري وغيره أيضًا هذه أيضًا من كتب الأدلة في الاعتقاد .إذاً عليك دائمًا بتصحيح المصادر أو ما يميز عمومًا السلفيين في طلب العلم هو رعاية المصادر الأصلية، عندما تقرأ مثلاً في الاعتقاد، مثلاً الإيمان يزيد وينقص، سيأتي لك اللالكائي الآيات و الأحاديث و من قال بهذا من الصحابة والتابعين وتابعيهم والأئمة المتبوعين، تريد أن تفهم القضية كلها يزيد وينقص كيف يزيد وينقص؟ تطالع كتب شيخ الإسلام بن تيميه فصارت كتب شيخ الإسلام كالكتب المساعدة .لكننا الآن بسبب عدم رعايتنا لأصالة المصادر صار السقف عندنا هو ابن تيميه، سقفنا أعلي من ذلك بكثير،عندما تقرأ لابن تيميه في أي مسألة يقول لك وهذا قول أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسعيد وعكرمة ومجاهد وقول فلان وفلان إلي أن ينزل للأئمة الأربعة، وقول أبي مثلاً حنيفة ومالك واحدي الروايتين عن أحمد، هذه طريقة ابن تيمية .أصالة المصادر لا يكون سقفنا شيخ الإسلام، مع عظيم الامتنان لشيخ الإسلام ومعرفة حقه ونحن من أعرف الناس بحقه والحمد لله، لكن أصالة المصادر هذا شيء نتميز به .فالطالب لا يقف عند الكتب المتأخرة وفروع الكتب المتأخرة، وهذه المسألة في غاية الأهمية .3-في الحديث: كتب الأدلة عمومًا المجردة من الأسانيد التي صنفها الحفاظ مثلاً1- الكامل المنتقي لأبي البركات بن تيميه الذي شرحه الشوكاني في نيل الأوطار، 2- كتاب بلوغ المرام الذي شرحه الصنعاني في سبل السلام 3-كتاب رياض الصالحين لأن هذين الاثنين في أحاديث الأحكام، 4-عمدة الأحكام في المتفق عليه، لكن هذه أوسع من عمدة الأحكام، المنتقي وكتاب بلوغ المرام، لو تريد تحفظ كتب الأدلة، الأدلة الشرعية هذين الكتابين.4-في الرقائق 1- رياض الصالحين للإمام النووي رحمه الله .في الفضائل: 1- كتاب الترغيب والترهيب للمنذري رحمه الله، والشيخ الألباني رحمة الله عليه فصّل كتاب الترغيب والترهيب إلي قسمين كعادته فجعل صحيح الترغيب والترهيب، ضعيف الترغيب والترهيب، هذه الكتب تقريبًا جمعت معظم الأدلة التي يندر أن تحتاج إلي كتاب بعدها لتحتاج إلي حديث صحيح في أصل من أصول العلم أو فروعه .علم الحديث كمصطلح: وكعلم حديث لابد أن تهتم به، لأنك إذا لم تدرس الأصول، مهما حفظت من الفروع ممكن أرد عليك أدلتك.مثال ذلك: لو أنك أتيت بمسألة تقول دليلي فيها ما رواه البخاري، أنا ممكن أقول لك ضعيف، كيف ضعيف وقد رواه البخاري. يرد ويقول البخاري عندك ،لكن البخاري عندي أنا رجل يصيب ويخطئ، فما المانع أن يكون أخطأ في هذا ويأتي لك بأي علة من العلل .علم أصول الفقه :، هذا ضروري، لأن أي حكم من الأحكام ممكن أحد يهدمه، فعلم أصول الحديث مع علم أصول الفقه كجناحي طائر، لا يتم طيرانه إلا بقوة الجناحين معًا .إذا وأنت تدرس كتب الفروع التي قلناها مع كتب الأدلة ينبغي لك أيضًا أن تدرس علم أصول الحديث وعلم أصول الفقه .الكلام في طلب العلم كثير لكن هذا مجرد ندا، ندا أذكره لك وهو باب أفتحه لك، واحرص علي كل مجالس طلب العلم في أي مكان، كن مثل النحلة من بلد إلي بلد، والعلم مشقة في الأول .وكما روي مسلم في صحيحه بعدما نظم طرق بعض الأحاديث كأحسن ما أنت راءٍ من النظم، نظم الإسناد يعني روي بإسناده ومع أنه ليس من موضوع كتابه، روي عن يحي بن أبي كثير قال لا يُستطاع العلم براحة الجسد)،دائماً بدنك تعبان، أمنيتك أن تنام، الروح الخفية التي حملتها بين ضلوعك لا تسمح لك بالنوم، كلما أردت أن تنام أزعجتك، إلى متى تنام ؟ قم واطلب العلم .فلا يزال المرء متعبًا بسبب هذه الروح الخفية حتى يبلغه الله عز وجل أمانيه .أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكمإنتهى الدرس السادس عشر |
|