أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الدرس السادس من مدرسة الحياة الأحد 15 مايو 2011, 9:20 pm | |
| الْمُحَاضَرَة الْسَّادِسَة دَرَسُنَا هَذَا الْمَسَاء سِلْسِلَة بِعُنْوَان مَدْرَسَةُ الْحَيَاة وَكُنْتُ قَدِيْماً مُنْذ نَحْو عَشْر سَنَوَات أَرَدْت أَبْتَدِئ هَذَا الْدَّرْس الَّذِي هُو عِبَارَة عَن تَجَارِب الْعُلَمَاء وَالْحُكَمَاء وَالْخُلَفَاء وَالْوُزَرَاء فِي شَتَّى أُمُوْر الْحَيَاة الُمخْتَلِفَة ، وَالَّذِي نُسَمِّيَه نَحْن بِالتَّجْرِبَة فَإِن الْتَّجْرِبَة مِن أَعْوَنِ مَا يُعِيْن الْعَبْد عَلَى تَأَمَّل الْأَحْدَاث الْجَارِيَة ، وَمَا مِن حَدَثِ مَضَى إِلَّا وَالَّذِي يَأْتِي شَبِيْه بِه مَع اخْتِلَاف الْشُّخُوْص ، إِنَّمَا يحْتَاج الْمَرْء إِلَى تَأَمُل لَيُدْرِك الْعِبْرَة وَالْعِظَة فِيْمَا مَضَى لِيَسْتَعِيْن عَلَيْه فِي حَيَاتِه الْحَاضِرَة .وَكَان عَلِي بْن أَبِي طَالِب قَد لَخَص بِقَوْلِه: (وَاسْتَدَل عَلَى مَا لَم يَكُن بِمَا كَان فَإِن الْأُمُور اشْتِبَاه) فهذا هو المجلس السادس من شرح هذه الخاطرة والتي جعلت عنوانها: ( وَيَا نَفْس جِدِّي )، والذي يوافق يوم الاثنين السابع عشر من شهر رمضان لسنة ألف وأربعمائة وثلاثين من هجرة خير من وطئ الحصى نبينا محمد- ﷺ - . قال بن الجوزي- رحمه الله-: (يا أربَابَ المُعامَلة بالله عليكم لا تُكَدِرُوا المَشرب قِفُوا على بَابِ المُراقبةِ وِقُوفَ الحُرَّاس وادفَعُوا مالا يَصلُح أن يَلِجَ فَيُفسِد واهجروا أغَراضَكَم لِتحصيلِ مَحبوبَ الحبيبِ فإنَّ أغرَاضَكُم تَحَصُل ، عَلى أَننِي أقُولُ أُفٍ لمن تَركَ بِقَصدِ الجزاء: أهذَا شَرطُ العُبُودية كَلا ؟ إنَّما يَنبغِي لي إذا كُنتُ مَملُوكًا أن أفعَل ليَرضَى لا لأُعطَى فإن كُنت مُحبًا رأيت قطَعَ الآرَابِ في رِضَاهُ وَصلًا ).
وهذه الفقرة هي التي تكلمنا عنها أمس ثم تابع قوله قائلًا: (اقبل نُصحِي يا مَخدُوعًا بِغَرضه إن ضَعُفتَ عن حمَل بَلائِهِ فاستَغِث به وإن آلمَكَ كَربُ اختياره فإنكَ بين يَديه ولا تَيأَس مِن رَوحِه ، وإن قَويَّ خِنَاق البِلاء ، بالله إن مَوتَ الخَادم في الخِدمَةِ حَسنٌ عِند العُقَلاء )فقوله هنا: ( إن ضَعُفتَ عن حمَل بَلائِهِ فاستَغِث به ).وهذا يشهد له قوله تعالى:﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ ﴾(النحل:127) ، أي لولا أنه صبرَّك ما صبرت ، وقوله تعالى أيضًا:﴿ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ﴾ (التوبة:118) ، لولا إن إرادته تقدمت توبتهم ما تابوا ، فلله الحمد في الأولى والآخرة وفي البدء والختام ، ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ (النحل:53) ، على أن البلاء إذا اشتد بالعبد قد يكون خيرًا له ، لأن المرء لا يُبصر تحت شراك نعله من الخير والشر . قِصَّة حَقِيْقِيَّة تُوَضِّح أَن الْإِنْسَان يُمْكِن أَن يَهْلِك نَّفْسِه وَهُو لَا يَدْرِي:من إنسان بحث عن تلف نفسه وهو لا يدري ، وأنا لا أزال أذكر ولعلكم تذكرون معي الطائرة المصرية التي سقطت في المحيط من حوالي ثماني سنوات ، أو نحو ذلك ، كان بعض المشايخ من إخواني في أمريكا آنذاك ، وكان سيركب هذه الطائرة ، المهم جاء رجل له رتبة عسكرية وكان هذه الطائرة عليها أكثر من اثنين وثلاثين رجلًا عسكريًا من الضباط حصَّلوا تدريسًا عاليًا في المعاهد العسكرية الأمريكية وكانوا يمتطون هذه الطائرة ، حتى قيل أنها ضُربت لأجل قتل كل هؤلاء ولا يستفيد الجيش بهم ، كلام قيل في هذه الواقعة وكان فيه رجل له رتبة عالية ، رتبة لواء ، وكان لابد أن يأتي مصر في نفس اليوم ، أو ثاني يوم عنده مشوار مهم أو مشكلة ، المهم أنه استغل نفوذه واستطاع أن يأخذ كرسيًا في الطائرة ، وهذا الكرسي كان من نصيب صاحبنا الشيخ ، المهم لما ذهب إلى هناك تعللوا له بعلل ونحن كأناس عاديين لا نستطيع أن نرد الكلام ، يقدر يقول لك لم تؤكد الحجز ، كان المفروض تعمل ألف شرطه ، أو تعمل كذا أو كذا ، المهم أدخله في متاهات هو لا يستطيع أن يجيب عنها .فلما قالوا له ليس لك حجز في ذلك اليوم ، قال: أرجع للمسجد وكان هو في نيويورك آنذاك ، قال: أرجع أعطيهم محاضرة الليلة وأسافر غدًا ، وبعد خمسين دقيقة من إقلاع الطائرة حدث لها ما حدث وسقطت في قاع المحيط ، صاحبنا هذا استخدم رتبته ، استخدم نفوذه ليموت . ونحن ما نعرف الموت أبدًا أن يكون أمنية لأحد إلا إذا كان يائسًا من الحياة مائة بالمائة ، فمتى صار الموت أمنية كان للموت قيمة ، والموت سماه الله -عز وجل- في كتابه مصيبة كما قال المتنبي: كُفِّي بِك دَاءً أَن تَرَي الْمَوْت شَافِيا | وَحَسْب الْمَنَايَا أَن يَكُن أَمَانِيَ | تَمَنَّيْتَهَا لَمّا تَمَنَّيْت أَن تَرَي صِدِّيْقا | فَأَعِي أَو عَدُواً مُدَاجـــياَ |
فقد يختار الإنسان بلاءه وهو لا يدري :، وقال النبي- ﷺ - الحديث الذي رواه بن ماجة وغيره " إذا جعل الله- عز وجل- يمنية عبد بأرض جعل له إليها حاجة " ، يقول: أنا ذاهب اشتغل في بلد معينة ، يا بني أنت مرتاح ومبسوط ، يقول: لا أريد أن أحسن مستقبلي ، ويحاولوا معها فلا يستطيعوا إثناءه عن قراره .حتى أمه تقول له: يا بني أنت الوحيد وأنت عكازي وغير ذلك أبدًا ، مستقبلي ويرجع في تابوت ، ما الذي جعله يُصر علي الذهاب إلي هذه الأرض ؟ ليموت ، فكم من إنسان ذهب إلي أرض ما في أرض الله الواسعة باختياره وذهب ليموت ، فالمرء لا يدري ما يُكتب له من أمنيته لكن علي المسلم أو يجب عليه أن يصبر ، أما الرضا فمستحب . لماذا يستحب الرضا ؟ لأن أقل الناس هو الذي يرضي ، الصبر واجب لازم لا يحل لأحد أن يتركه ، ولو تركه ربما أدخله في مشاكل ، قد يسُب ربه- سبحانه وتعالي- مثل ما نري بعض الناس إذا أصيب بمصيبة يرفع عقيرته علي ربه ، لماذا يا رب ؟ لماذا أنا ؟ ماذا فعلت ؟ أنا أمشي حلو ، وتمام ، في الفرائض ، وفي المساجد ، وأتصدق ، أنا فقط الذي تبتليني ، أنتم طبعًا سمعتم أكيد كلام مثل هذا وأنا سمعت . فهذا العبد يأثم بهذا ، أما الرضا فلا يصل إليه إلا أفراد من بني آدم ممن يعلمون حقائق الأشياء ، وليس ما يظهر من الجزع علي الوجه أو من دمع العين يدل علي عدم الرضا ، لا ، الرضا عبادة قلبية تظهر في سلوك العبد ، ألم يبكي النبي- ﷺ - علي إبراهيم ؟ ، حتى قالوا : أتبكي يا رسول الله ؟ قال:" إن العين لتدمع ، وإن القلب ليحزن ، ولا نقول ما يغضب الرب وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون " ، وقال- ﷺ -: " إن الله لا يعذب بدمع العين " الْفِرَاق بَيْن الْرَّاضِي وَغَيْر الْرَّاضِي حِيَال وُقُوْع الْمُصِيبَة: فيكون إذًا هذا البكاء الذي يظهر منه أثار الجزع لا يعد جزعًا علي الحقيقة ، لأن الرضا عبادة قلبية تظهر أثارها علي سلوكك أنت ، فالراضي إذا قرعته المصيبة في الحال ، بخلاف غير الراضي يفعل ما يفعله الراضي بعد شهر ، الإنسان الذي لا يرضي يفعل ما يفعله الذي يرضي بعد شهر أو أكثر ، أي يأتي له مصيبة ولد يموت ، أموال تحرق ، مصنع يضيع وغير ذلك ، غير الراضي تجده يرقد في الأرض ، ويشق الملابس ويرفع عقيرته على ربه ، وبعد ذلك يمر أسبوع ، أسبوعين ، ثلاث أسابيع ، تقول له: ما الأخبار ؟ يقول : الحمد لله رضا . هذا الكلام لم يقوله إلا بعد شهر أو بعد أسبوعين ، أو بعد ثلاثة ، بخلاف الذي يرضي من أول مرة ولذلك قال النبي- ﷺ - قال: " إنما الصبر عند الصدمة الأولي " ، هذا الذي يُعد صابرًا . نحن لدينا فيه مصطلحات شرعية مثل الصابر ، والواصل وهذه الأشياء ، هذه لها تعاريف شرعية ؟ .إنما الصبر عند الصدمة الأولي أول ما قرع بالصدمة ، قال: الحمد لله ثم دعي ربه أن يثبته علي الصبر علي هذا البلاء. عرِِّف الْوَاصِل شرَّعَا مَع الْدَّلِيل:الواصل: قال ﷺ " ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل من إذا انقطعت رحمه وصلها " هذا الواصل شرعًا ليس الواصل بالمكافئ متى تسمي واصلًا ، أو تسمي قاطعًا للرحم ؟ ليس الواصل بالمكافئ ، أي ليس معني أن أزورك وتزورنني كمكافئة لي أسمك واصلًا ، لكن الواصل شرعًا من إذا انقطعت رحمه وصلها, ففيه تعاريف شرعية ينبني عليها جزاء فهنا . يقول بن الجوزي : ( إن ضَعُفتَ عن حمَل بَلائِهِ فاستَغِث به ). نحن عندما نقول: ( لا حول ولا قوة إلا بالله ,)معناها أي لا قوة لي ولا حول ولا طول إلا إذا تفضل علي ربي وأعطاني ذاك , وانظر في دعاء الاستخارة عندما يستخير الفرد ربه في أمر ما ، فأنت تستخير وبعد ذلك في حديث أبي سعيد الخدري في الاستخارة في آخره (ولا حول ولا قوة إلا بك ). يقول الحافظ بن حجر: كلاماً معناه ،( ولا يمضي في أمره هذا ، إذا كان له هويً قوي في هذا قبل الاستخارة ) مثلما يفعل شباب الجامعة ، يظل مع البنت أربع سنوات في الجامعة ، يحبها ، يموت فيها ، لا يقدر علي الاستغناء عنها ، ولا يستطيع أن يتصور الحياة بدونها ونائم عليها ، وقائمٌ عليها ، وكل كلامه عليها ، ويسمع الأغاني ويبكي ، لأنها تفكره بالحب ، والغرام ، وغير ذلك ، ويصر وممكن أن يخالف الأعراف الجارية ، ويأخذها يخطفها ، ويهرب بها ، ويتزوجوا، ويبتدئوا في رحلة كفاح كما يحدث في المسلسلات وغير ذلك ، وأبوه يهدده ، وأبو البنت كان مثلًا لواء ، أتي بهجوم عليه قفز من شباك الحمام ، نزل من علي المواسير ، أنت نفسك كمشاهد تقول: الحمد لله لم يمسكه ,وتكون أنت مغتبط أنه هرب ، والولد يبدأ حياته برحلة يدق علي الأنابيب ويحمل الغاز ويصعد للدور العاشر ، فيقع في روع الجماهير أنه مكافح ولد يدافع عن حبه ، ويكافح وهذا الكلام ، مثل هذا لو افترضنا جدلًا أنه ابتلي بشيء مثل هذا ، وبعد ذلك أحب أن يستخير من الذي سيطلع له في المنام ؟ هي التي ستطلع له في المنام ، فما هي فائدة الاستخارة ؟ أنت لم تفعل شيء ، المفترض لا يكون لك هويً قوي في الشيء الذي تستخير فيه قبل الاستخارة ، لكي تُرزق بر الاستخارة .وليست الاستخارة أن تري منام ، أو أن صدرك ينشرح ، لا ، إنما تستخير وتمضي ، إذا أراد الله بك خيرًا وكان الموضوع شر تجد المسائل تعقدت أمامك ، تفتح باب يقفل لك باب ، تفتح باب يقفل لك باب حتى تغضب من نفسك ، أول ما تجد القصة هذه لا تعرف أن تجادل ، تجد الدنيا مقفلة ، كلما تذهب تقفل امشي ، اعلم أن المسألة هذه ليس فيها خير لك فلأن المرء قد يتلبث بشيء يحبه ، فإذا استخار ظهر له ما يحبه في الاستخارة ، قال أنظر في آخر حديث أبي سعيد ألخدري قال:" ولا حول ولا قوة إلا بك " ، أي أنا لا أملك لنفسي نفعًا ، ولا ضرًا ، ولا أعرف الخير من الشر فاختر لي . هذا هو معني الكلام . يقول بن الجوزي_ رحمه الله_ : ( إن ضَعُفتَ عن حمَل بَلائِهِ فاستَغِث به وإن آلمَكَ كَربُ اختياره فإنكَ بين يَديه ) أي هو يراك ، ويسمع تألمك ، ولكن أنظر أفضل من حقق هذا أيوب - عليه السلام - . ماذا قال أيوب - عليه السلام - ؟ (وإن آلمَكَ كَربُ اختياره فإنكَ بين يَديه )ماذا قال أيوب - عليه السلام - ؟ قال:﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ ﴾(الأنبياء:83) ، ولم يقل فاشفني ، لماذا ؟ قد يكون الشفاء مشكلة ، فلو أنت في مكان أيوب عليه السلام ، ومرضت مرضًا شديدًا ، وارتدت إليك العافية ممكن الإنسان يكون جبارًا عنيدًا ، ممكن أن يعصي الله- سبحانه وتعالي قال:﴿ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ (الأنبياء:83) ، أي إذا كان مقتضي الرحمة هو ازدياد البلاء فأنا راضً ، إذا كان مقتضي الرحمة أن ترفع عني فأنا راضً ، فسلم بين يدي ربه- تبارك وتعالي- ، ولم يختر لنفسه . الَّذِي يُخْتَار لِنَفْسِه ، وَلَم يَكُن ذَا بَصِيْرَة ، قَد يَقَع فِي تَلَف نَفْسِه وَهُو لَا يَدْرِي: أظن فاطمة بنت قيس عندما تأيمت لزوجها ، وجاءت للنبي- ﷺ تقول: "إن معاوية ، وأبا الجهم تقدما لي ، فقال لها: أما معاوية فصعلوك لا مال له ، وأما أبو الجهم فلا يضع عصاه عن أهله,ولكن انكحي أسامة بن زيد ، قالت: فكرهت ذلك "، لأن أسامة بن زيد كان أسود فحم ، لدرجة أنهم شككوا في نسبته لأبيه زيد بن حارثة ، زيد كان أبيض ، وأسامة وجهه فحم ، فكانوا يتكلمون، فذات مرة وهم نائمين معاً كما في صحيح البخاري ، زيد وأسامة نائمين معاً هذا أبيض ، وهذا أسود ، فمر رجل قائف .قائف: أي الذي يعرف الأنساب ، فنظر فقال:" إن هذه الأقدام بعضها من بعض قالت عائشة: فدخل علي النبي- ﷺ - مسرورًا ، وهو يقول: ألا تنظري ما قال القائف ؟ "مع أن النبي - ﷺ - هو الفيصل في المسألة ، أسامة بن زيد أي أسامة بن زيد لا أحد يقدر أن يقول ابن أحد ثاني . مثل عبد الله بن حذافة كما في حديث أنس في الصحيحين ،: كانوا كلما تشاحنوا معه ينسبونه إلي غير أبيه ، فطبعًا هذه مشكلة عند العرب ، الأنساب هذه شيء فيها دم علي الفور ، فكلما تشاحنوا معه ، يغضبون منه ، يلعبون معه يقولون: عبد الله بن أي حد لكن ليس بن حذافة ، أبوه اسمه حذافة . فلما قال النبي- ﷺ - وكان مُغضبًا آنذاك"والله لا تسألوني في مقام هذا شيئًا إلا نبأتكم " ،فسأله سائل قال له: أين أبي ؟ قال: أبوك في النار ، وعبد الله قال له: من أبي ؟ قال: أبوك حذافة ، وكان مُغضبًا فعمر بن الخطاب خشي أن أحداً من الجماهير يسترسله يقول له أشياء تكون مشاكل فهو يقول له: أين أبي ؟ قال: أبوك في النار ، فهل فرح من هذه الشهادة ؟ فبرك عمر علي ركبتيه لكي يوقف هذه القصة ولا أحد يسأل مرة أخرى ، قال: "رضينا بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد ﷺ - نبيًا "، ونزل قوله تعالي: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾ (المائدة:101) ، فلما قال له: أبوك حذافة أنهى الموضوع ، صار أبوه حذافة ، ولم يعد أحد لا في الملاحاة ولا في غير ذلك ينسبه إلى غير أبيه ، لكن النبي- ﷺ - سُرََّّ أن الرجل القائف قال هذا . فلما قال لها انكحي أسامة لم تكن سعيدة ، تريد واحد شكله حلو وجميل ، وكما هي عادة الناس في محبة الجمال ، وأنت تعرف أول امرأة اختلعت في الإسلام ، وهي امرأة ثابت بن قيس بن شمَّاس ، في مسند الإمام أحمد من ضمن الأشياء التي كانت ليست سعيدة بها امرأة ثابت بن قيس وطلبت الخلع منه ، قال لها:" لما تختلعي منه ؟ قالت إني أكره الكفر في الإسلام ، وهو كفران العشير ، فعندها تُطلق ولا تأتي يوم القيامة تعذب بسبب أنها خاصمت زوجها ، أو أنها عقته ، أو أنها خالفت أمره في المعروف ، هذه هي مشاكل موضوعة علي أكتاف النساء . فَفِيْ مُسْنَدُ الْإِمَامِ أَحْمَدُ: عللت فتقول:" يا رسول الله إني رفعت طرف الخيمة , فكان قصيرًا ، قالت: لولا خوفي من الله لبصقت عليه" لا يعجبها ، لا شكل ، ولا منظر ولا غير ذلك ، فالمرأة تحب أيضًا الرجل يكون قريب الشكل منها ، لا يلزم الرجل يكون مثل المرأة ، الرجل صفات ، إنما المرأة جمال ، ولذلك عندما تذهب لخطبة واحدة تعرف صفاتها ؟ لا تعرف صفاتها ، إلا عندما تعيش معها وتريك المر ، فتعرف صفاتها ، أو أن تعيش معها وتريك الذل ، أو ترضيك تعرف صفاتها مع العشرة,لكن عندما تذهب لتخطب ، يقول: يراها مرة ، واثنين وثلاثة ، وأربعة ، وخمسة وستة ، وسبعة ، وثمانية وعشرة ، وعشرين ، براحته ، لكن المهم تصل في النهاية إلي قرار إن هذه تنفع ، هل أنت تري غير وجهها ؟ لا تري غير وجهها ، وإذا كانت تتكلم كلمتين أو شيء تنظر إلي كلامها فيه لكنة ، أو صوتها غليظ ، أو صوتها جميل ، المهم في الآخر المرأة شكل إنما الرجل صفات . الْخِيَرَة فِي اخْتِيَار رَسُوْل الْلَّه- ﷺ - ولذلك تجد المرأة الجميلة جدًا متزوجة رجل أخشم وأنت تستغرب وتقول ما الذي جمعهم مع بعض ؟ وكيف المرأة هذه تصبر علي الرجل صاحب الأنف الكبيرة ، وتجد الست تموت فيه ، وتحبه جدًا ، ولا تتصور الحياة إلا به لماذا ؟ لأن الرجل صفة ، الرجل مجموعة من الصفات لا شكل ولا غير ذلك ، فقال لها:" قال لها انكحي أسامة ، قالت: فكرهت ذلك ، قال: انكحي أسامة ، قالت: فكرهت ذلك ،: انكحي أسامة ، قالت: فقال لي انكحي أسامة ، قالت: فنكحته فاغتبطت به ."رأت إنسان عشرة على عشرة ، دين وأخلاق وغير ذلك ،. الْإِنْسَان إِذَا رَمَى نَفْسَه عَلَى عَتَبَة الْعُبُوْدِيَّة وَجَعَل الاخْتِيَار لِلاسْتِخَارَة كَان أَفْضَل مِن اخْتِيَارِه لِنَفْسِه :وهذا لا ينافي طلب العافية ، وحتى لا يتصور أحد أن طل العافية فيه مشكلة ، لا ، إنما الناس درجات ، طلب بالعافية كلنا يطلب العافية في الدنيا والآخرة ، لكن أصحاب المقامات العلية قد يهاب أن يختار لنفسه ، كما فعل أيوب- عليه والسلام- قال:﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾(الأنبياء:83) ، فـ﴿ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ لا يصدر عنه إلا مقتضى الرحمة ,فلذلك يقول: (وَإِن آَلَمَك كرَب اخْتِيَارِي فَإِنَّك بَيْن يَدَي وَلَا تَيْأَس مِن رُوْحِه وَإِن قَوِي خِناق الْبَلَاء ) إِن صِدق ابْتِهَال الْعَبْد لِلَّه تَبَارَك وَتَعَالَى نَجَّاه ، حَتَّى لَو مِن ثَقْب الْإِبْرَة: بَعْض المشايخ الذي كان معنا في المعتقل سنة واحد وثمانين ، من المشايخ الكبار المشاهير وكان اسمهم يسير مسير الشمس ، ثم حدث تشديد عليه من الرئيس السادات وصى عليه شخصيًا ، فمأمور السجن عادةً يكون عقيد ، لا هذا كان على زنزانته عميد ، أي أعلى رتبةً من مأمور السجن ، هذا كله لأجل أن يشدد عليه الحياة جدًا ، فيكون هذا العميد يموت في هذا الشيخ ، يحبه حب غير عادي ، فكان كل يوم يأتي له بدجاجة مشوية في الشنطة ويحضر له الجرائد ، طبعًا هذه الجرائد كان دخولها إلى السجن حاجة مستحيلة ، أنا فاكر لما مرة ذهبنا إلى جلسة للمدعي الاشتراكي ونحن في سيارة السجن ، والدنيا كانت حر جدًا ، وواحد كانت أصلع ويغطى رأسه بالجرائد ، فواحد من الأخوة الذين معنا في السيارة خطف منه الصحيفة ، وقال له اسكت حتى لا يحدث مشكلة, وبدأنا نتداول كلنا كيف ندخل هذه الجرائد ، لأنه تفتيش ذاتي ، تدخل تفتيش ذاتي ، ولا تعرف تدخل ولا الهواء ، كيف ندخل هذه الجرائد لأنه كان فاكهة ونحن نريد أن نعرف ما في الخارج ، الدنيا فيها فتنة والرئيس قُتل ولا نعرف حاجة وهذا الكلام ، نريد أن نعرف ما الذي يحدث ، لاسيما بعد مأمور السجن لما جاءه واحد الساعة الثالثة بالليل ، وقال الرئيس قتل في العرض العسكري ، فلا تعرف ما الذي حدث للسجن ، زلزال ، أنا أحسست أن الجدران ستقع عليَّ من التكبير .وبعض الأخوة من فرحهم أخذوا يتقلبون في الزنزانة ، وكنا نتناول السحور ، وكنا في العشر الأوائل من ذي الحجة وكلنا كنا متيقظين ، المهم لما مأمور السجن قال: أيها الأخوة قالوا: إنه يقول: أيها الأخوة ، الدولة الإسلامية قامت ، هو المأمور سيقول أيها الأخوة إلا إذا حدث ، قال: ربما حدث انقلاب عسكري والمسلمين تملكوا البلد ، وهذا الكلام وأنا لا أعرف ما الذي ذهب بنا إلى السجن,المهم أن هذا الضابط كان يحب الشيخ جدًا فكان يأتي له بدجاجة مشوية ، والجرائد ، وكان في رفاهية جدًا ، حتى لدرجة أنه لما قال لنا هذه الحكاية ن أنا قفز إلى ذهني قوله تعالي: ﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ (الأنبياء:69) ، فسئل إبراهيم- عليه السلام- كما في الإسرائيليات ما أفضل الأيام التي عشتها في حياتك ؟ قال: الأيام التي كنت فيها في النار ، أنت لا تردي إن صدق ابتهال العبد لله- تبارك وتعالى- نجاه ، حتى لو من ثقب الإبرة ألا ربما ضاق الفضاء على الفتى | وأمكن من بين الأسنة مخرج |
الفضاء الواسع لا يسعك وثقب الإبرة ينفذك ، لكن هذا يحتاج إلى يقين ويحتاج إلى توكل ، أن يكون العبد قوي التوكل . شَيْخ الْإِسْلَام بْن تَيْمِيَّة- رَحِمَه الْلَّه- إِذَا ضَاقَت عَلَيْه نَفْسُه أَو مَسْأَلَة مَن الْمَسْائِل: مما يذكره بن القيم وغيره أنه كان إذا ضاقت عليه نفسه كان يذهب إلى الأماكن الخربة ويمرغ وجهه في التراب ويمرغ لحيته في التراب ويستغيث بالله- عز وجل- ، وإذا ضاقت عليه مسألة علمية يريد أن يحررها كان أيضًا يمرغ وجهه في التراب ويقول: (يا معلم إبراهيم علمني )،( وكان يقول ربما استغلق عليَّ الشيء فاستغفر الله- عز وجل- ألف مرة حتى يفتح علي) ، ينسى المسألة الأصلية التي يريد أن يحررها ثم ينشغل بالاستغاثة بربه – سبحانه وتعالي- حتى يُفتح له ولذلك كان لشيخ الإسلام- رحمة الله عليه- كلام بن القيم أخذ منه القليل ويصنع كتابًا من وراء شيخ الإسلام بن تيمية ومشهور أن بن القيم في الروحانيات والقلبيات أفضل من بن تيمية ، لا ؟، أنا ما رأيت بن القيم بسط الكلام في شيء إلا ورأيت أصله لشيخ الإسلام بن تيمية- رحمه الله- ، فالمسألة مسألة الاستغاثة وأن يقبل الإنسان بقلبه علي ربه- سبحانه وتعالي- . يقول ابن الجوزي رحمه الله: (بالله إن مَوتَ الخَادم في الخِدمَةِ حَسنٌ عِند العُقَلاء) .أنت تعرف الدول في العمل يقول: هذه إصابة عمل ، لو أصيب خارج العمل يعالج علي حسابه ، إنما هذه إصابة عمل ، يقول: (إن مَوتَ الخَادم في الخِدمَةِ حَسنٌ عِند العُقَلاء) لأنه مرضي عنه ,لأنه عندما تلفت نفسه كان يخدم وهو بن الجوزي يقصد خدمة العبودية يقول: (أيَتُها النَّفس لقَد أعطَاك مَا لم تُؤَمِلِي ، وبَلَغكِ ما لم تَطلُبِي وسَتَر عَليك من قَبِيحِكِ ما لَو فَاحَ ضَجَت المَشَام )المشام: وهي الأنوف ,كان محمد بن واسع رحمه الله يقول: ( لو كان للذنوب رائحة ما أستطاع أحد أن يجالسني )، محمد بن واسع الذين يطالعون ترجمته إمام من الأئمة ، أدرك أنس بن مالك ، وكان صاحب عبادة وزهد وتأله . يقول ابن الجوزي_ رحمه الله_: (فمَا هَذا الضَّجِيج مِن فَوَاتِ كَمَالِ الأَغرَاض ؟) .أي كلما يفوتك شيء تريده تصرخ وتشتكي ، كأنما تشتكي ربك- سبحانه وتعالي- يقول: ( أمَملُوكةً أنتِ أم حُرة ؟ أما عَلِمتِ أنَّكِ في دارِ التَّكليف ) أي المتعة الني تريدها أنت ليس موعدها الآن ، إنما موعدها في الجنة ، كان مالك بن مهول يقول للذين لا يعملون: ( أراكم لبستم ملابس الفراغ قبل أن تعملوا) يقول: (وهَذا الخِطابُ يَنبغي أن يَكُون لِلجُهَالِ فَأين دَعوَاك المَعرِفَة ) . طبعًا كل هذا يكلم نفسه . يقول: (أَتُرَاهُ لو هَبَت نَفحةً فَأخذَت البَصر كَيف كانت تَطِيبُ لك الدنيا ؟ وأسفًا عليك لقَد عَشِيَت البَصيرة التي هِي أَشرَف ). أشرف ممن؟ من البصر ، الكلام مرتب علي بعضه يقول له: أتراه لو هبت رائحة ، أو هبت ريح فأخذت البصر كيف تطيب لك الحياة ؟ فكيف وقد عَشيت البصيرة التي هي أشرف وأمسكت ، أي التي هي أشرف من البصر الذي نتكلم أنه لو أخذ ما طابت الحياة ، طبعًا البصر هو الآلة الجارحة المعروفة هي العين .أما البصيرة: فهي عين القلب ، والبصيرة قدر زائد يجعل العبد يري الشيء علي حقيقته . لذلك يقول: من البصر ، يقول: أَبصَرَ ، ومن البصيرة يقول: بَصُرَ ، لأن البصيرة هي الملكة ، الفِراسة ، كما ذكرها العلماء أنهم الاثنين مثل بعض ، أي مرادف لبعض البصر والبصيرة ، أنظر البصيرة كما في قوله تعالي:﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾(ق:22) مَا مَعْنَىً:﴿ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيْدٌ ﴾ ؟ أي رأيت الأشياء علي حقيقتها ، لكن البصيرة هي الفراسة. يتبع إن شاء الله... |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الدرس السادس من مدرسة الحياة الأحد 15 مايو 2011, 9:28 pm | |
| الفراسة: نور يقذف في قلب العبد يبصره بلا أسباب وبأسباب وربنا- عز وجل- يقول: ﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ﴾ (محمد:30) ، فأنا عندي مقطعان : المقطع الأول: ﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ ﴾، المقطع الثاني: ﴿ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ ﴾ اللام لام التوكيد ﴿ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ﴾ ففرق بين الاثنين، أما معرفة السيما فهذا نور يقذفه الله في قلب العبد، لذلك قال له: ﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ ﴾ لأنه لا يستطيع أن يأتي بهم لوحده، إلا إذا قذف الله- عز وجل- في قلبه نورًا فينظر لوجه الإنسان ويقول هذا غدار أو مكار أو هذا طيب، وتأتي لتقول له ما السبب؟ يقول لا أعرف، هذا وجهه يقول ذلك، وهذه حاجة ليس للعبد فيها اختيار، ولا العبد يستطيع أن يأتي بها إلا إذا أراه الله- عز وجل- ذلك السمت لذلك علق معرفة السيما بالمشيئة, إنما لحن القول، قال له: ﴿ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ ﴾ لماذا؟ لأنه يظهر عليه لحن القول. لحن القول: أن يقول كلامًا مثل التورية ، أن يقول كلامًا لا يقصده .ذات مرة بنت جارية تنشد والأصمعي يمر تقول: منطق صائب وتلحن أحيانًا | وخير الكلام ما كان لحنًا |
واللحن في الأصل: هو الغلط ، وعندنا في القرءان يقول اللحن الخفي واللحن الجلي أي تقرأ خطأ ، وتنطق غلط ، وهذا معنى اللحن ، أن تأتي بالفاعل تنصبه لا الفاعل المفروض يكون مرفوعاً لأنه الفاعل أشرف الحركات كلها حركة الضمة ، فهذا اسمه لحنفالجاحظ وهو يسمع هذا البيت فسره خطأ .فقال: وخير الكلام ما كان لحنًا ، أي يُستعذب اللحن من الجواري يقول لك: المرأة عندما تتكلم باللغة العربية الفصحى تكون في ضجر منها ، لابد أن تكسر في الكلام لكي تكون مليحة وجميلة وجيدة ، تقول لك الولد هذا ماله صغنن هكذا ، فما صغنن هذه ، لو أردنا أن نضعها تحت أي قاموس أو تحت أي فعل ، لكن يقول هذا جميل منها وحلو أنها تقول هكذا ، تقعد وتكسر في الكلام يقول هذه جميلة وحلوة . فالجاحظ فهم ذلك قال: وخير الكلام ما كان لحنًا ، أي يُستعذب اللحن من الجواري فواحد من علماء اللغة الكبار قال له: لا أخطأت .وخير الكلام ما كان لحنًا: أي تورية وهذه البنت كانت تتكلم عن واحد تريد أن تقابله والمحرم لها كان بجانبها فقالت هذا الكلام ، فالثاني فهم أن هناك ميعاد و الذي بجانبها لم ينتبه لذلك . فهو قال: وخير الكلام ما كان لحنًا ، قال: أن تواري مقصدك وأنت تتكلم ، وهي التورية على وجهها ﴿ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ﴾ هذا واضح ممكن أي إنسان عنده قدر من الذكاء ممكن يبصر أن هذا الإنسان يلون في الكلام أم لا ؟ إنما معرفة السيما هذه لا أحد يعرفها إلا إذا تفضل الله علي عبد وقذف في قلبه نورًا ، فيبصر الشيء على حقيقته .مثل علماء الحديث عندنا الذين يعللون الأحاديث بغير إسناد ، واحد يقرأ عليه الحديث ، يقول هذا باطل لماذا هو باطل ؟ حاجة موهبة ، بصيرة ن وتقعد تحفر وتبحث وراءه وتنتهي في الآخر إلى حكمه هو .كما جاء رجل إلى أبي حاتم الرازي ، قال: ما سر تعليلكم للحديث تقول هذا باطل وهذا منكر وهذا ضعيف وغير ذلك ، فما السر في أنكم تعرفون الحديث ، قال: لا أدري ، لكن ألقي عليَّ حديثًا أقول لك درجته مثلًا ، باطل ، موضوع منكر ، ثم تأخذ هذا الحديث وتذهب إلى أبي زُرعة يقول لك باطل ، تذهب إلى بن واري يقول لك باطل ، فإذا اتفقت كلمتنا فاعلم حقيقة هذا العلم ، وإذا اختلفنا فاعلم أن كل منا تكلم على مراده .فألقى عليه حديثًا فقال أبو حاتم باطل ، فذهب إلى أبو زُرعة قال له باطل ، ثم ذهب إلى بن وارى قال له: باطل ، فقال: أشهد أن هذا العلم إلهام ، وهذه تكون بصيرة . مِن أَشْهُر مِن اشْتُهِر بِالْبَصِيْرَة إِيَاس بْن مُعَاوِيَة :وهذه البصيرة لابد أن يتمتع بها أهل العلم ، لأنه يقع في مطبات ، يأتي واحد مثلًا ويسألك عن مسألة طلاق يلعب بك ويقول: كنت أقصد كذا ولا أقصد كذا ، أنت تأتي بما في قراره ، لماذا ؟ حسن الأسئلة التي تسألها له ، تقيده ولا يستطيع أن ينفك منك . جَاء رَجُل دِهْقَان مِن الْجَمَاعَة الَّذِيْن يَسْقُوْن إِلَى إِيَاس بْن مُعَاوِيَة ، فَقَال له : ما تقول في التمر ؟ أحلال هو ؟ قال له: حلال ، قال له: ما تقول في الكشوت ، وهو نبات بالضم أو الفتح للكاف ، قال له: حلال ، قال له: ما تقول في الماء ؟ قال حلال ، قال له: عندما نضع هؤلاء جميعًا في الماء يتخمرون ، أي سكر فما الذي حرمه ؟ إذا كانت مفرداته حلال ، فمن أين أتت له الحرمة ؟ فقال له: لو ضربتك بكف من تراب أآلمتك به ؟ قال: لا ، قال: أرأيت لو ضربتك بكف من ماء أآلمتك بها ؟ قال: لا ، قال: أرأيت إن ضربتك بكف من التبن أآلمتك ؟ قال: لا .قال: فإذا أتيت بالتراب والماء والتبن وعجنته ثم جففته وضربتك به أآلمتك به أنا ؟ قال: بل قد يقتلني ، قال: فهذه مفردات هذه مثل هذه مثل هذه ، لما تجمعهم على بعض عملوا هكذا ، فهو كذلك الكشوت مع التمر مع الماء لما وضعوا على بعض صار سكرًا وصار حرام . ذَات مَرَّة دَخَل إِيَاس بْن مُعَاوِيَة الْشَّام ، وَكَان غُلَاما ، فَاخْتَصَم مَع رَجُل كَبِيْر وصادف أن هذا الخصم كان صديقًا للقاضي ، فعندما وقف الاثنين أمام القاضي فقال له القاضي: يا غلام ألا تستحي من نفسك أن تسأل أن تخاصم رجلًا كبيرًا ؟ قال: الحق أكبر منه ، فقال له: أظنك ظالمًا ، قال: والله ما خرجت من بيتي علي ظن القاضي ، انتبه هذا غلام ، قال: لن تقول خيرًا في مقامك هذا ، قال له: لا إله إلا الله ، فهو يقول له: لن تقول خيرًا ، قال له : لا إله إلا الله ، فدخل هذا القاضي علي عبد الملك بن مروان ، قال له: فيه واحد صفاته كذا وكذا ، قال: أعطيه ما يريد وأخرجه حتى لا يفسد الناس علينا ، وكان مشهورًا بالبداهة . يُحْي بْن أَكْثَم .يَقُوْل عَلَي بْن الْمَدِيْن: دَخَل عَلَيْنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة يَوْما ضَجْرا ، ثُم قَال: أليس من البلاء أن أكون جالست ضمرة بن سعيد ، وجلس أبا سعيد الخدري ؟ وجالست عمر بن دينار وجالس جابرًا ؟ ، وجالست عبد الله بن دينار وجالس عبد الله بن عمر ؟ ، وجالست الزهري وجالس أنساً ؟ وجعل يعد جماعة ، فقام حدث في المجلس ، حدث أي صغير ، قال: أبا محمد أتنصف ؟ قال: إن شاء الله ، قال: والله لشقاء من جالس أصحاب النبي ﷺ بك أشد من شقاءك بنا . أي يقول له الذين جالسوا أصحاب النبي ﷺ الله يكون في عونهم إن تحملوك ، المهم أطرق سفيان ساعة ثم أنشد أبيات أبي نواس : خلي جنبيك لرام | وامض عنه بسلام | مت بداء الصمت خيرٌ | لك من داء الكلام |
ثم قال: من الحدث ؟ فقالوا: يحي بن أكثم ، فقال: هذا يصلح لمجالسة السلاطين لأن مجالسة السلاطين تحتاج إلى واحد يلعب بالبيض والحجر ، يسرق الكحل من العين كلامه جميل ، وإذا وقع في أي مطب يستطيع أن يخلَّص منه السلطان ، ويدافع عنه فقال: هذا يصلح لمجالسة السلاطين . وعندنا حديث النبي ﷺ " إن يكن منكم مُحَدَّثُون فعمر " المُحَدَّث : هو الذي يُلقي عليه الصواب, وفي اللفظ الثاني:" إن يكن منكم مُلهَمُون فعمر " . يسرد الشيخ حفظه الله قصة قرأها في صحيح البخاري:وأنا الحقيقة وأنا آتي ، كان هناك حكاية بحثت عنها لأني كنت قرأتها من زمان ، ولكن كنت ناسياً مكانها ، ولكن وجدتها في صحيح البخاري ، قرأتها من أول عهدي للطلب ، لكن جلست أتذكر من هو الصحابي حتى استطعت أن أعرفه ، شيء من فراسة عمر تستغرب لها جدًا ، و هذا الحديث أتي بأكثر من لفظ ، له سياقات مختلفة بعض سياقاتها تخالف ما جاء في صحيح البخاري .أنظر ماذا يقول ؟ يقول: الحديث عن عبد الله بن عمر يقول:" ما سمعت عمر لشيء قط يقول إني أظنه كذا إلا كان كذلك ، فبينما عمر جالسًا إذ مر به رجل جميل ، فقال عمر: لقد أخطأ ظني ، أو إن هذا علي دينه في الجاهلية ، أو لقد كان كاهنهم " ، عمر تفرس هكذا ، قال: إما أنه مازال كافراً علي دين قومه ، أو كان كاهنًا للكفرة في الجاهلية عليَّ بالرجل ، والرجل هذا اسمه سواد بن قارب ، فدُعي له ، فقال له: ذلك قال له: أنظر أنا تصورت أنك علي دين قومك ، أو أنك كاهنًا ، أو كنت تكهن لهم في الجاهلية ، فقال له:" ما رأيتك اليوم استقبل به رجل مسلم " لماذا تكلمني هكذا ، وظننت في هكذا ؟ .فقال:" فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني , قال: كنت كاهنهم ,قال: فما أعجب ما جاءت به جنيتك ، فقال: بينما أنا يومًا في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع ، فقالت: ألم تري الجن وإبلاسها ويأسها من بعد إنكاسها ولحوقها بالقراص وأحلاسها ؟فقال عمر: صدق بينما أنا عند آلهتهم ، _وهذا الكلام في الجاهلية _ إذ جاء رجل بعجل فذبحه فصرخ به صارخ ، لم أسمع صارخًا قط أشد صوتاً منه يقول_، وهذا الصوت جاء من بطن العجل_في بعض الروايات يقول هذا الصوت:" يا جليح ، أمر نجيح ، رجل فصيح يقول: لا إله إلا الله ،"_وهذا كان في أول بعثة النبي- ﷺ ،_ فوثب القوم ، فقلت: لا أبرح حتى أعلم ما وراء ذلك _ قال عمر: لابد أن أجلس لحين ما يذهبوا ليروا القصة ويرجعوا ، ثم نادي يا جليح ، أمر نجيح ، رجل فصيح ، يقول: لا إله إلا الله ، فقمت فما نشبناا أن قيل هذا نبي " أنظر عمر بن الخطاب عنده فراسة ، يقول هذا كاهن ، أو علي دين قومه ، أو كان يكهن لهم ، فعندما عزم علي سواد بن قارب أخبره ، قال: نعم كنت كاهنهم في الجاهلية فحديث:" إن يكن منكم محدثون " أن يُلقي إليهم الصواب ، أو ملهَمون يلقي إليهم الصواب فعمر بن الخطاب- رضي الله عنه . فابن الجوزي يقول: (لو هَبَت نَفحةً فَأخذَت البَصر كَيف كانت تَطِيبُ لك الدنيا ؟ وأسفًا عليك لقَد عَشِيَت البَصيرة ) لو هبت ريح فأخذت البصر أتطيب لك الحياة ؟ طبعًا لا ، فكيف إذا عشيت البصيرة التي هي نور بصر القلب نفسه ، فلا شك أن المصيبة تكون أعظم كل ذلك يؤنب نفسه أنها لا تقنع, وطبعًا تأنيب النفس نحن لنا معه كلام غدًا بإذن الله - عز وجل - ، هل يؤنب المرء نفسه أم لا يفعل ؟ أي يأخذها علي راحتها أم يضغط عليها ؟ هذا إن شاء الله تعالي غدًا يكون بدء حديثنا إن شاء الله . وَالْلَّه سُبْحَانَه وَتَعَالَى أَسْأَل أَن يَجْرِي الْحَق عَلَى لِسَانِي وَأَسْأَل الْلَّه تَبَارَك وَتَعَالَى أَن يَنْفَعُكُم بِمَا أَقُوْل إِنَّه وَلِي ذَلِك وَالْقَادِر عَلَيْه، وَآَخِر دَعْوَانَا أَن الْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن وَالْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه.
انْتَهَي الْدَّرْس الْسَّادِس |
|