الدرس الثاني
ولا زلنا مع الخاطرة التي سطرها ابن الجوزي في كتابه (صيد الخاطر) ونحن بصدد شرحها فيما اصطلحنا عليه وسميناه بمدرسة الحياة
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: (تأملت أمراً عجيباً وأصلاً ظَرِيفًا وهو انهيال الابتلاء على المُؤمِن وعرض صُورِ اللذَاتِ عليه مَعَ قُدرَتِه على نَيلِهَا وخصوصاً ما كان في غير كُلفةٍ من تحصيله كمَحبُوبٍ مُوافقٍ في خَلوةٍ حصينة فقلت: سبحان الله هَاهُنا يَبِينُ أثَرُ الإيمان لا في صلاة ركعتين، والله ما صَعِد يُوسُف –عليه السلامُ– ولا سَعِد إلا في مثل هذا المَقَام، فبالله عليكم ياإخوانى تَأمَلُوا حالَهُ لو كان وافق هواه من كان يكون وقِيسُوا بين تلك الحالة وحالة آدم –عليه السلام– ثم زِنُوا بميزان العقل عُقبَى تلك الخطيئة، وثَمَرة هذا الصبر، واجعلوا فَهمَ الحال عُدَةٍ عند كل مُشتَهَي، وإن اللذاتِ لتُعرَض على المؤمن فمتي لَقِيَهَا في صَف حَربِه وقد تأخر عنه عَسكَرُالتدَبُر للعواقب هُزِم، وكأني أرى الواقع في بعض أشرَاكِها ولِِسَان الحَال يقول له قِف مكانك أنت وما اخترت لنفسك، فَغَاية أمرَهِ الندم والبكاء فإن أَمِنَ إٍخرَاجَهُ من تلك الهُوةِ لم يخرج إلا مَدهُوناً بالخِدُوش، وكم من شخصٍ زَلَت قَدَمُه فما ارتفعت بعدها، ومن تأمل ذُلَ إخوة يوسفَ عليهم السلام يوم قالوا: ﴿ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا﴾ عَرَفَ شُؤمَ الزَلَل، ومن تَدَبَرَ أحوالهم وقَاسَ ما بينهم وبين أخيهم من الفِرُوق، وإن كانت تَوبَتهم قٌبِلت لأنه ليس من رَقَعَ وَخَاطَ كمن ثوبه صحيح، وَرَبَ عَظمٍ هِيضَ لم يَنجَبِر فإن جُبِرَ فعلى وَهيِن، فَتَيَقَظُوا إخواني لِعَرض المُشتَهَيَاتِ على النفوس واستَوثِقُوا من لُجُم ُالخيل، وانتَبِهُوا لِلغَيمِ إذا تَرَاكَمَ للصِعُودِ إلى تَلعَةٍ، فَرُبَمَا مُدَ الوادي فَرَاحَ بالرَكبِ .)
عصب هذه الخاطرة يدور على معنى الصبر ،" وقد ذكر في أول الخاطرة انهيال البلاء على أهل الإيمان، مع عرض صور اللذات المشتهيات التي تركها لله عليه فإن هذا يزيد من مرارة نفسه، لأنه لو لم يكن عنده تصور لا استراح .
أكثرما يشتت عزم القلب البصر :، هاتان العينان تشتت أكثر من سبعين بالمائه من عزم القلب :لذلك تجد من عُقبى الذين فقدوا أبصارهم وصبروا على ذلك تجد عندهم من ذكاء القلب واجتماع النفس ما ليس عند أهل البصر الذين يبصرون، لأن القلب له خمسة طرق تؤدي إلى القلب، طريق العين، طريق السمع، طريق الشم، طريق اللمس، وطريق الذوق، فمتى أغلقت بابًا منها استرحت، الذي فقد البصر يستوي عنده الدُرُ الثمين مع الخرز المهين، وليس عنده من التطلع إلى زينة الدنيا ما ليس عند أهل البصر، لأجل هذا يكون من البلاء أن تُعرَض صور اللذة عليك والذي أوقفك هو الإيمان.
كثير من الناس في أوقات المحن ينفسخ عزمُهُ ويسقط، لذلك أسباب منها:
عدم استثمار المعاني الإيمانية المختزنة في وقت السلامة ،:
هذه المحاضرة مثلاً ساعة، أتكلم فيها في معانٍ شتى، كلها تدور حول الإيمان بالله عز وجل والوصول إليه فربما، لا تستفيد من هذه المحاضرة إلا بجملة الآن هذه الجملة دقيقة أو دقيقتان، أين ذهبت بقية المحاضرة ؟
المفترض أن تُختَزَن كلُّ هذه المعاني إلي وقت الحاجة، أنت اليوم عندما يكون عندك مال، بتأخد مثلا ًخمس، ست ألاف جنيه في الشهر، تصرف ألفين بقى معك ثلاثة، أين تذهب ؟
تُدَخر ،لوقت الحاجة حتى إذا احتجت أو افتقرت لا تمد يدك وتَصُون ماء وجهك إذاً أنت تدخر، القرش الأبيض لليوم الأبيض أيضاً، فلا يوجد مايُسني باليوم الأسود إلا اليوم الذي يمر على صاحبه وهو يعصي الرب فهذا اليوم الأسود فعلاً ،كما ذهب بعض الناس إلى بعض العلماء فقال: إني طلقت امرأتي وحلفت أنني لا أردها إلا في يومٍ أسود، قال له هل صليت الصبح ؟
قال: لا، قال فراجعها فإنه يوم أسود عليك، فإني سمعت النبي ﷺ يقول:( (من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمته فإنه من أدركهما، إذا أراد الله عز وجل عبدًا أدركه) .
نصطلح على الكلام الذي سنذكره بما يسمي بالحقيبة الإيمانية، تجاوزًا، هذه الحقيبة المفترض كل المعاني الإيمانية التي تسمعها ولا تحتاج إليها في الساعة تقوم مخزنها في الحقيبة الحقيبة هذه هي أبواب النفس.
ابتلي الإنسان ببلاء، المفترض أن المعاني الإيمانية المختزنة استدعيها في وقت البلاء، أحيانًا لا يكون عندك من الموهبة ما تستطيع أن تستدعيه، أنت محتاج في هذه الحالة إلى مساعد خارجي، عالم مثلاً، هذا العالم تشكو له علتك فيحرك فيك المعاني الإيمانية ويذكرك بالله فالكامن في أغوار النفس يخرج، طالما أنك عاجز أن تستخرج هذه المعاني بنفسك، يستخرجها لك عالم يثير هذه المعاني يخرجها.
إذا العالم حاول معاك استخراج المعاني ولم تخرج فأنت مفلس تراجع نفسك مرة أخري كيف استثمر هذه المعاني الإيمانية التي لا احتاج إليها في اللحظة ،.الإنسان عادةً لا يتذكر إلا بمقتضي، يُمكن يقرأ الحديث أو يسمع الحديث مائة مرة ولا يعتبر به إلا إذا كان له مقتضي.
ولعلكم تذكرون حال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما مات النبي عليه الصلاة والسلام :
لما قال والله من قال إن رسول الله ﷺ مات لأعدونه بسيفي هذا، وليبعثنه الله فليقطعن أيدي أناس من المنافقين وأرجلهم، حتى جاء أبو بكر فقال: على رسلك أيها الحالف﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ﴾ (آل عمران 144)فقال عمر بن الخطاب فلكأني ما سمعتها إلا الآن مسألة الموت مسألة عظيمة، لكن داعية الحب التي تجعل الإنسان يفعل ذلك لأنه لا يتمني أن يعيش في موت حبيبه .
كلما ودعت رجلاً من أحبابك فقدت بعضك .
الإمام البخاري لما بلغه موت شيخه الدارمي رحمه الله استعبر وبكى وأنشد قول القائل:
إن عشتَ تُفجعُ بالأحبة كلِّهم | وفناءُ نفسيك فلا أبَ لك أفجعُ |
الإنسان إذا عاش وطال عمره وهذه من مساوئ طول العمر أن يودِّع كل الأحباب، وأن يدفن في التراب بعضًا منه حتى يموت وهو حي، فعمر بن الخطاب لما سمع هذه الآية لما ما تصور أنها مرَّت عليه قبل ذلك، ولكأنه ما سمعها قبل الآن، إذن فيه بعض أو كثير من المعاني الدائمة لا يحس المرء بها إلا إذا صار لها مقتضي،أهل الإيمان عندهم تخزين صحيح للإيمان، هؤلاء هم الذين يرتفعون بإيمانهم في أوقات المحن
يقول ابن الجوزي رحمه الله::
[ تأملت أمراً عجيباً وأصلاً ظَرِيفًا وهو انهيال البلاء على المُؤمِن مع عرض صُورِ اللذَاتِ عليه مَعَ قُدرَتِه على نَيلِهَا ]
هناك مقتضي أن يفعل الذي أوقفه هو الإيمان بالله تبارك وتعالي ،بين ابن الجوزي ذلك بمثلين كلاهما متقابل، وهما حال يوسف عليه السلام، وحال آدم عليه السلام، أما يوسف عليه السلام فإنه ما صعد ولا سعد إلا بافتقاره إلى ربه تبارك وتعالى والوقوف عند حدوده، مع وجود الآلة ووجود المقتضى
يوسف عليه السلام ابتلى بلاءين :
1-البلاء الأول: في أول حياته لما ألقاه إخوته في الجب ولا حيلة له في هذه المسألة .
2-البلاء الثاني: قصته مع امرأة العزيز، البلاء الثاني أكمل من الأول، الأول لا اختيار له فيه، ثم إنه خَرَجَ من الجب بغير حيلة، ولم يكن له جهد في أن يخرج إنما أخرجه الله عز وجل .
البلاء الثاني أعظم أنواع البلاء أن يُبتَلَي الرجل بامرأة مع وجود المقتضي للوقوع في الفاحشة لذلك يعد من السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله ( وَرَجُل دَعَتْه امْرَأَة ذَات مَنْصِب وَجَمَال فَقَال إِنِّي أَخَاف الْلَّه) فيوسف عليه السلام سيد هذه الطائفة، هذه المرأة كانت سيدة القصر ويبدو أنها كانت المتحكمة في البلد وإن زوجها لا وجود له، بدليل عندما ظهرت براءة يوسف وأن المرأة هي التي دعته وشقت له القميص كل مافعله، قال: ﴿ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِك ﴾ (يوسف:29) ومما أعرفه من أحوال الناس، كلما سما منصب الرجل وعلي حكمته امرأته كتير جداً أري الرجل، يكون صاحب منصب خطير ، ومع ذلك لا اختيار له مع امرأته أبدًا ، فيوسف عليه السلام ابتلي بالمرأةِ ابتلاءًا .
الفتنة بالنساء أعظم ما يعترض طريق الرجل .
الكون كله رجل وامرأة
الرسول عليه السلام قال: (مَا تَرَكْت بَعْدِي فِتْنَة أَضَر عَلَى الْرِّجَال مِن الْنِّسَاء) رُكِّبَ في الرجل الميل إلى المرأة ميل الغريزة إلى المرأة لدرجة أنه قد يفقد عقله في طلبها، قد يكون أعقل الناس وكلامه موزون جدًا، ومع ذلك يفقد هذا العقل الراجح الذي يقتبس الناس منه في مقابل المرأة وهذا كلام الرسول عليه الصلاة والسلام (مَا تَرَكْت بَعْدِي فِتْنَة) النكرة في سياق النفي تفيد العموم الفتنة نكره و ما منفية (مَا تَرَكْت بَعْدِي فِتْنَة أَضَر عَلَى الْرِّجَال مِن الْنِّسَاء) فعموم ما يعرض للناس من الفتن لا ترى فتنةً أعظم من المرأة، كما قلت لك تسلب عقل الرجل وهذا كلام النبي عليه السلام، لكي يظن أحد أنه يدخل ميدان النساء ويعمل رجل، لا لو كان هناك رجلٌ يمنعه شرف أصلِه ويمنعه مَحسِبَهُ ونبله من الوقوع في الفاحشة لكان يوسف عليه السلام، لأنه الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ضارب الجذور في النبل والعراقة أبوه نبي وجده نبي وجد أبيه نبي ومع ذلك يقول ﴿ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ﴾ (يوسف:33)،.
هناك ناس يترفعون عن الدنايا شرفًا، كما فعل أبوسفيان، كما في قصة هرقل أجلس أبي سفيان وأجلس أصحابه وراءه، وقال إن كذبني فكذبوه، قال أبو سفيان: (فَلَوْلَا أَن يُؤْثِرُوْا عَلَى كَذِبا لَكَذَبْت عَنْه)،في رواية ابن إسحاق عن الزهري في هذا الحديث قال لَكِنَّنِي كُنْت سَيِّدا شَرِيْفا أَتَنَزَّه عَن الْكَذِب) .
لا يكذب المرء إلا من مهانة نفسه عليه، مع أن أبا سفيان لو كذب لن يكذبوه لأنهم جميعًا يشتركون في عداوة النبي عليه الصلاة والسلام وفي تبشيع صورته إلى هرقل خشية أن يؤمن .، لكنه شريف صاحب مروءة
أصحاب المروءة دائماً يتنزهون عن الكذب، حتى لو تعرض المرء إلى ما يسلبه مروءته يصبر على حفظ الغلاسم ولا تخدش مروءته، قيل للأحنف بن قيس ودخلوا عليه وقد حُمَّ، أصابته الحمى ثلاثة أيام الأحنف بن قيس سيد بني تميم وكان يضرب به المثل في الحلم، دخل عليه أحد الناس لماذا صرت سيدًا لتميم ولا أنت أجودهم ولا أشرفهم ولا أكرمهم قال: لأنني على خلاف ما أنت فيه قال: وما هو الخلاف الذي بيني وبينك قال: سكتُّ عما لا يعنيني كما أنك تسأل عما لا يعنيك، فالأحنف لما سمع هذا الكلام مرض قال ما منعك أن ترد عليه ؟ قال خشيت أن أسمع اشر منه .
أصحاب المروءات لا يصبرون على هذا، لذلك تجد صاحب المروءة يشتري عرضه بالمال ،صيانة لمروءته .
المروءة، تصد عن الفواحش وعن اللسان يرتكب دنايا الأخلاق.
فلو فرضنا أن الرجل تمنعه مروءته من الدنايا والفواحش لكان يوسف عليه السلام، ومع ذلك كان من توفيق الله عز وجل له ألا يرتكن إلي حوله وقوته قال وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ) (يوسف:33 )
فيظل في مقابل المرأة لا يدّعي القوة لا بد أنه يخاف ويحتاط لنفسه، والرسول عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الذي تعرفونه وأتى النساء فوعظهن قال الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (يَا مَعْشَر الْنِّسَاء تَصَدَّقْن فَإِنِّي رَأَيْتُكُن أَكْثَر أَهْل الْنَّار قَالَت امْرَأَة سَفْعَاء الْخَدَّيْن فِي وَجْهِهَا تَغَيَّر مِن الْسَّوَاد، وَفِي رِوَايَة قَالَت امْرَأَة مِن سَقط الْنِّسَاء، مِن وَسْطَهُن يَعْنِي لَمَا يَا رَسُوْل الْلَّه قَال: (تَكْفُرْن الْعَشِير وَتَكْفُرْن الْإِحْسَان وَلَو أَحْسَن الْرُّجُل إِلَيْكُم الْدَّهْر ثُم أَسَاء يَوْما لِقُلْتُن مَا رَأَيْنَا مِنْك خَيْرا قَط، وَقَال لَهُن: مَا رَأَيْت نَاقِصَات عَقْل وَدِيْن أَذْهَب لِلُب الْرَّجُل الْحَازِم مِنْكُن)، الحازم: الذي يغلِب الرجال ولا يُغلَب ،.
فقول عليه السلام (أَصْبُ إِلَيْهِنَّ) من الصبوة، والصبوة لا تكون إلا مع الصبي، فوجود المقتضى يجعل المسألة سهله، فتخيل عندما يكون الرجل لا يكون له شخصية أمام زوجته، وعندما تراه في البيت، تتعجب هذا الرجل، لكن في عمله تجد كل موظف يعمل له حساب، فهذا الرجل أمام المرأة لا شيء، فهذا الرجل الذي حذرنا منه النبي عليه الصلاة والسلام، وجود المقتضى يحعل المسألة سهله، أول مقتضي إن المرأة تفعل ذلك أو توارب له الباب، لا يمكن رجل له حوار مع امرأة لا تحل له و يكون هو من استطاع أن يدخل، إلا إذا المرأة فتحت له الباب يستحيل حتى لو كان المرأة فاجرة، لا يستطيع الرجل أبدًا أن يساومها إلا إذا فتحت له الباب، فأي مشكلة مثل هذه، المرأة هي السبب وليس الرجل هذا أول مقتضي، يوسف عليه السلام دخل بيت العزيز، بدأ يتدرج، كان جميلاً يخطف القلوب، (أوتي شطر الحسن) وفي رواية ثانية (هو وأمه) سارة ورثا نصف الجمال والنصف الثاني على بنات آدم من لدن آدم عليه السلام إلي قيام الساعة أنتم تعرفون قصة سارة مع إبراهيم لما دخل بلد من البلدان والعسس رأوها شُغفوا بجمالها، قالوا للملك هنا امرأة لا تصلح إلا لك، فيوسف وأمه ورثا نصف الجمال، والنصف الثاني على بنات آدم من لدن آدم عليه السلام إلي أن تقوم الساعة، مليارات المليارات من النساء، في هذه المليارات واحده أخذت من نصف ويقولون ما هذا الجمال ؟
فلما يكون إنسان أخذ شطر الحسن أو ربع الحسن فكيف يكون شكله ؟
فيوسف عليه السلام مازال يتدرج في الفتوة، وصار فتوه وشباب وجمال في قصر العزيز على عين المرأة، فرأته المرأة وروادها الشيطان كثيرًا وظلت متحكمة في نفسها، إلى أن انهارت مقاومتها، ثم نسقت أمرها، وزوجها ديوس ليس عنده غيره ولا حشمة، كل همه الانشغال بالملك والمرأة هي سيدة القصر ومعها الأقفال والكوالين، قفلت الأبواب وقال هيت لك،كل المقتضيات مع يوسف عليه السلام ،1- كان شابًا والشاب فيه من الفتوة ما ليس في الشيخ
2- وكان عزبًا لم يتزوج ولم يتسرى
3- وكان غريباً، والغريب يفعل في دار الغربة ما يأنف أن يفعله بين أهله وإخوانه
4-وكان مملوكاً والمملوك عادةً حريص على إرضاء سيده
5-والمرأة هي الداعية، هو في أمن من الفضيحة.
6- وهو في جنةٍ حصينةٍ وخلوةٍ محكمه .
كل الدواعي تدعوه أن يقع في هذا الفعل، ومع ذلك قال﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ [يوسف:23 ]
فسعد يوسف عليه السلام وارتقى ونبل وشرف، ولذلك قوي قلبه ألا يخرج من السجن بعد الفضيحة .
ليس من المروءة أن تخون من أحسن إليك
يقول عنترة بن شداد :
وأغض طرفي عن جارتي حتى | تداري جارتي مأواها أو مثواها |
وأسوتنا النبي_ﷺ_ كما في حديث أبى هريرة في الصحيحين لما قال النبي ﷺ (دَخَل جَنَّة فَرَأَيْت قَصْرا وَعَلَيْه جَارِيَة تَتَوَضَّأ فَقُلْت لِمَن هَذَا الْقَصْر ؟ قَالُوْا لِعُمَر قُلْت وَمِن هَذِه ؟ قَالُوْا امْرَأَة عُمَر قَال: فَوَلَّيْت مُدْبِرا، فَذَكَرْت غَيْرَتَك يَا عُمَر فَوَلَّيْت مُدْبِرا، فَبَكَى عُمَر وَقَال يَا رَسُوْل الْلَّه أَعَلَيْك أَغَار).
الوفاء يراعي أصحابه حتى في المنام، ويجري علي قانون الوفاء، لذلك بكى عمر وقال (أَعَلَيْك أَغَار) يعني أغار من مثلك وأنت آمن علي العرض مني.
﴿ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ (يوسف:23)،
فسعد يوسف عليه السلام وارتقى ونبل وشرف ولذلك قوي قلبه ألا يخرج من السجن بعد الفضيحة، مع أن النبي ﷺ كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين، قال النبي ﷺ كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين (يَرْحَم الْلَّه أَخِي يُوْسُف لَو كُنْت مِنْه لَأَجَبْت الْدَّاعِي)،.لما دخل السجن وظلت القضية سنوات طويلة والرجل الذي عبر له يوسف عليه السلام الرؤيا لما رأي الملك الرؤيا المشهورة وتذكر قول يوسف عليه السلام ﴿ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ﴾ (يوسف:42)
فعندما ذهب الرجل بتعبير الرؤيا للملك قال: في الأول (أَسْتَخْلِصْهُ)
﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِه ِ﴾ هذا أول شيء، يوسف عليه السلام رفض الخروج، كيف يفضحوني في ميدان ويصالحوني في، أنا لن أخرج من السجن لأن هذا الدرب من بني آدم يفضل الموت على الفضيحة لماذا يخرج؟ فالسجن والبيت سواء طالما أنه يحقق العبودية لله في المكان الذي آوى فيه، لا يفرق عنده المكان ولكن هذا ،يفرق عند أهل الدنيا، يريدون المأكل الطيب والمشرب الطيب، أهل الإيمان الدنيا عندهم لا تساوي شيئاً إذا حقق العبودية لله فأبى أن يخرج إلا أن، يعترف الكل بطهارة ذيله، فأراد النبي ﷺ أن يبين فضل يوسف وكرمه لو كنت منه لأجبت الداعي فيريد أن يقول ياله من صبور يريد أن يمدح يوسف عليه السلام ليس كما ظن البعض الجماعة الذين كذبوا هذا الحديث مثل محمود أبوريه والجماعة الغجر الذين يتكلمون في البخاري ويقولون أحاديث موضوعه ومكذوبه أتوا بهذا الحديث، وقال الكلام هذا غير معقول، و هذا حديث إسرائيلي لأن فيه تفضيل نبي من بني إسرائيل على نبينا واليهود يريدون أن يفضلوا أنبياءهم فوق النبي، فهذا حديث مكذوب الملك لما رأي مثل هذا التفسير قال ﴿ ائْتُونِي بِهِ ﴾ يكون مستشار .
أبى يوسف أن يخرج وقال لابد أن تعلنوا براءتي، الخارج والسجن واحد، أرسل للنسوة ماهذا الموضوع؟ برءوه، وجد نفسه أمام معدن نفيس لا يوجد على ظهر الأرض، قال الملك ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ﴾ (يوسف:54) هذه المرة الثانية، المرة الأولي قال ائْتُونِي بِه) واحد من ضمن الناس نستفيد بيه وبعدين نعامله مثل خيل الحكومة نقتله برصاصتين في الآخر ليس لأحد قيمه عند هذا الجنس الذي لا يعرف الوفاء ولا مشتقاته، يشغله عنده يستفيد بخبرته ويوم أن يزعل منه ولا يريده يقتله .
يتبع إن شاء الله..