أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الدرس (12)من مدرسة الحياة السبت 14 مايو 2011, 7:26 pm | |
| قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: (بَلغَنِي عن بعض زُهَادِ زَمانِنا أَنه قُدِمَ إِليهِ طَعامُ فقال : لَا آَكُل فقيل لَهُ : لِمَا ؟ قال : لأن نفسي تَشتَهِيه وَأنا منذ سِنين مَا بَلَغتُ نَفسِي مَا تَشتَهي، فَقُلتُ : لقد خَفِيَ الطَريقُ الصَوابِ عن هذا من وجهَين و سَببُ خَفَائِهَا عَدمُ العِلم . أما الوجه الأول: فإن النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن عَلى هَذا ولا أصحَابُه وقد كان عليه الصلاة و السلام يَأكُلُ لَحمُ الدَجَاجِ ويُحِبُ الحَلوى والعَسل ودخل فَرقَدُ السَبَخِيُ عَلَى الحَسنِ وهو يَأكُلُ الفَالُوذَج فقال: [ يا فرقد ما تقول في هذا ] ؟ فقال:[ لا آكله و لا أُحِبُ من أَكَلَهُ ] فقال الحسنُ:[ لُعَابُ النحلِ بِلِبَابُ البُرِ مع سَمنِ البَقَرِ هل يَعِيبَهُ مُسلم ؟ ]، وجاء رجل إلى الحَسنِ فقال: [ إن لي جارًا لا يأكل الفَالُوذَج ] فقال [ ولِمَا ؟ ] قال يقول: [ لَا أُؤَدِي شُكرَه ] فقال: [ إن جَارَكَ جَاهِل وهَل يُؤَدِي شُكرَ المَاءِ البَارِد ؟ ] . كنا وصلنا في المرة الماضية إلى هذا المقطع من كلام ابن الجوزي رحمه الله وكما هو واضح من عصب الخاطرة أو المعنى الذي يدور عليه ابن الجوزي هو محاولة إصلاح الفهم والتلقي الصحيح عن الله ورسوله، اليوم ظهر مصطلح بعض الناس يعده جديدًا لكنه ليس بجديد، إنما هو مصطلح قديم نادي به ابن الجوزي في هذه الخاطرة وفي غيرها . المصطلح هو تجديد الخطاب الديني، ولعلكم قرأتم في الجرائد السيارة والمجلات أو سمعتم في الإذاعات عن تجديد الخطاب الديني، فأنا أريد أن أتكلم بكلام واضح بخصوص هذه المسألة ،
ما معنى تجديد الخطاب الديني؟ مع قطع النظر عما يريده من أطلق هذه العبارة ؟، لا أحد فينا يمتري أن معظم الذين يصعدون المنابر لوعظ الناس ليسوا على المستوى المطلوب بل هم دون المستوى بكثير وخطبة الجمعة الأسبوعية تصير عناءً لدى كثيرين أين يصلي ومن يسمع حتى صار هناك شيءٌ من التبلد وأن المساجد كلها واحدة فما عاد أحد يحرِّك قدميه ليبحث عن خطيب جيد، إنما يصلِّى بجانب البيت أسباب ضعف مستوي الخُطباء. أسبابٌ كثيرة من أظهرها أن الذين دخلوا كليات الشريعة وأصول الدين وأصول الدعوة إنما دخلوا بالمجموع ليس عندهم محبة القراءة ولا محبة العلم أبدًا، دخل من أجل أن يأخذ في النهاية شهادة كي يتوظف، ومنذ عدة سنوات نشرت جريدة الأهرام أن وزير الأوقاف رفض تحويل الخطباء والأئمة لفراشين، كثرت الطلبات لأنه لا يستطيع أن يقرأ القرءان ليس عنده حفظ ليصلي بالناس، فلما صارت ظاهرة ولفتت نظر وزير الأوقاف ،أوقف المسألة سيحدث عجز في الأئمة . تجديد الخطاب الديني ضرورة : لكن الذين تكلموا في هذا المصطلح أفصحوا عما يريدون بهذا التجديد فكان مما قالوا بسط جانب الترغيب والإقلال من جانب الترهيب، بدل أن تتكلم عن النار والجحيم والقبر وعذاب القبر والشجاع الأقرع، نتكلم عن الجنة وعن الناس الذين سيدخلون الجنة ودرجات الجنان لأن الناس يعيشون في جحيم في الدنيا فيكيفيهم فليسوا بحاجة أن تخاطبهم عن ،الجحيم الحقيقي و تصوره لهم .، وهنا بيت الداء . لماذا صار الناس في جحيم ؟ لأنهم بعدوا عن شرع الله، أنا لن أترك الأصل أعوج وأحاول أصلاح الفرع كيف نعالج مسألة الخطاب الديني؟ لابد من معالجة جذرية لهذه المسألة، تجديد الخطاب الديني يحتاج إلى أُناس يحبون الدين، يحبون الدعوة، يبذلون حُشاشة أنفسهم ولابد حينئذٍ من توفير الآلات اللازمة لكي يُحسن هؤلاء، أنا أعلم أنه يوجد شباب ممتازين وعقولهم جيدة لكن ليس عنده كتب، من أين يأتي بالمعلومة، اليوم الوزارة يُمكن أن تصرف بدل كتب عشرين جنيه، طبعًا عشرين جنيه في عشرات الألوف من الخطباء يعمل رقم صحيح، لكن هذا لا يكفي، عندنا مصادر أخرى بننفق فيها لا تساوي مطلقًا إنني أوفر كتب، لأن هذا عصب الدعوة في الأصل أنا ممكن أحرم المساجد من المكيفات، وأحرمها من التشطيب وأجعلهم يصلوا على الطوب ولا أفرش سجاد في الأرض هذا كله سيختصر لي ملايين وأعطي هذه الملايين لهذا المرفق الحيوي، عشرين جنيه عندما يكون أي إنسان بيأخد عشرين جنيه في الشهر بدل كتب، كم سنة سيظل يُسدد مثلاً كتاب فتح الباري أو كتاب مثلاً فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميه سبعة وثلاثين مجلد، فهذا الكتاب ستجده بخمسمائة وكسر، طيب خمسمائة وكسر اقسمهم على عشرين جنيه، ويظل محبوساً على هذا الكتاب حتى يُسدد ثمنه ويفكر يشتري كتاب آخر وطبعًا أنا لا أستطيع أن أقول له عندك في المركز مكتبة لأنني رجل بعيد بيني وبين المركز ثلاثين كيلوا، فلو أتيت من بلدي وقطعت المسافات من أجل تحضير درس وأنت طالب منى الظهر درس والعصر درس والعشاء درس، فبذلك سأترك المسجد الذي أنا مكلف بإعطاء دروس فيه، من أجل الذهاب للمكتبة فلا ينفع أن تكون مكتبة عامة، لابد أن يكون لكل إنسان مكتبة خاصة .أول درجة من درجات الإصلاح توفير الخُطباء المجيدين. إفشاء مذهب الإرجاء بإطلاق ليس من الحكمة في شيء. ثانياً: مسألة إفشاء مذهب الإرجاء فيما يتعلق بالترغيب والترهيب إن الله غفور رحيم، لكن ذو عذاب أليم نؤخرها قليلاً، لأن الناس تخاف من هذه المسألة لا حياة لا دنيا ولا آخرة، إفشاء هذا المذهب هكذا بإطلاق ليس من الحكمة في شيء، بل ينبغي أن يُنّزِّل المرء الكلام على مقتضى حال الشخص فعندما يكون الإنسان منهمك في الدنيا، كل حياته أموال ومصانع ورحلات لانكلمه عن الجنة، فهذا لابد أن أوقفه بأن أعرّفه حقارة الدنيا، وأنها ليس لها قيمه وأنّ الورثة هم الذين سيأخذون الأموال وأنك بددت عمرك بلا مُقابل فلو حدثته بهذا الكلام يبدأ يفيق من غفلته، فمن الناس لو حدثته بالترغيب فسد، وآخر لو حدثته بالترهيب فسد، مقتضى الحكمة تحتاج إلى شيوخ يعلموا هؤلاء الطلبة كي يستطيعوا التصرف بالدليل فتجديد الخطاب الديني أي بمعنى أن يكون للمرء في حياة الناس تأثير بحيث أنه يحملهم على الاستقامة . الأدلة التي ينبغي أن يرتكز عليها الخطاب الديني. أيضًا تجديد الخطاب الديني لابد أن يرتكز على أدلة منها عدم إهمال النص أنا كنت اليوم أقرأ في كتاب لأحد أعلام هذا العصر يتكلم عن مسألة مس الجن للإنسان وينكرها إنكارًا تامًا ويقول لأنني من مدرسة الرأي التي لا تأخذ بظاهر القرءان إذا عارض نصًا . مع أن هذا الكلام مخالف لما عليه أهل العلم، بل نقل بن عبد البر في كتاب التمهيد عن جماعة العلماء أنهم يستنكرون من لا يقف مع ظاهر النص ويقول إنه ليست هناك أدلة متعارضة أبدًا، بل التعارض إنما هو في ذهن المجتهد، أما إذا كان هناك نص صحيح ونص آخر صحيح يستحيل أن يكون بينهما تعارض لكن المجتهد أو الناظر هو الذي عجز أن يجد رابطًا بينهما، إذا لم أجد صارفًا أقف مع ظاهر القرءان وهذا نص كلام الإمام الشافعي في الرسالة وفي غيرها . ومن مقتضى هذا أنك لا تتكلم إلا إذا جمعت الأدلة كلها في موضوع واحد
مالسبب في إضلال الخوارج ؟ الذي أضل الخوارج مثلاً الذين يكفرُّون بالمعصية الكبيرة، أحاديث اقتطفوها وتعاملوا معها وحدها دون سائر النصوص، مثل حديث أبو أمامه ط وهو في صحيح مسلم (مَنْ حَلَفَ عَلَىَ يَمِيْنٍ لِيَقْتَطِعَ بِهِ حَقٌّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ حَرَّمَ الْلَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَدْخِلْهُ الْنَّارِ قَالُوْا يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ وَإِنْ قَضِيِّبا مِنْ أَرَاكٍ ؟ قَالَ وَإِنْ قَضِيِّبا مِنْ أَرَاكٍ) لو حلف على يمين وكان كاذبًا في هذا الحلف فهل يُعدُّ معصية أو كفر، معصية، كيف يكون الكلام (حَرَّمَ الْلَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَدْخِلْهُ الْنَّارِ)، فقال النص واضح وصريح، حرَّم عليه الجنة أي لن يدخلها وهذه معصية كبيرة حلف بالله كاذبًا واقتطع حق امرئ مسلم فيكون كافراً مباشرةً و المرجئة يحتجون بقوله ﷺ(مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا الْلَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ) نعم كلنا نقول لا إله إلا الله لكن لا صلَّى ولا زكى فهذا أخذ الحديث خطفه وتكلم به، و الآخر أخذ الحديث خطفه وتكلم به، في حين أن هذا الحديث الأول لا يُفهم إلا مع آيات وأحاديث، والحديث الثاني لا يُفهم إلا مع آيات وأحاديث، لأن في بعض الأحاديث زيادات، فتضمها على بعضها فتخرج بفهم سليم . لو قلت لك ما الإسلام ؟ ستقول أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة و تحج البيت إن استطعت إليه سبيلا وتصوم رمضان، النبي ﷺ سُئِلَ هذا السؤال مرارًا ما الإسلام ؟ يقول أن تطعم الطعام فالإجابة مختلفة، ما الهجرة ؟ أن تهجر ما نهى الله عنه عندما أحبُّ أعرف ما الإسلام ؟ الجزئيات كثيرة، النبي ﷺ يمكن أن يتكلم على مقتضى حال المخاطب، هذه التي تصلحه فأعطاه إياها ولم يكن في ذاك الحديث بمعرض ذكر حد الإسلام .فلكل مقام مقام .
إذا أردت أن أجمع الحكم الصحيح في قضية ما لابد أن أجمع كل النصوص التي وردت وأكون حسن التصرف مع النصوص . أعرف أسلط إيه على إيه وأقدم إيه وأخر إيه، طبعًا هذا وفق قواعد وضوابط معروفة عند أهل العلم في أصول الفقه . فأنا لو أردت أعمل تجديد الخطاب الديني ليس في كتيب أعمله وأنشره وأقول لهم جددوا الخطاب الديني من أخاطب؟ أنا أخاطب الذين لا يعرفون يتكلموا ثلاث كلمات، فهذا الكتاب ليس عصى موسى كي أضربه في الأرض فيُخرج ماء، الذين سيقرؤن الكتاب هم أنفسم الغير قادرين علي الكلام فالقضية أعمق بكثير من هذا الشعار الجميل تجديد الخطاب الديني، الذي يعتمد على الفهم الحقيقي . ابن الجوزي :في هذه المسألة يُمكن أن يكون هذا تجديد الخطاب الديني وهو أن نفهم فهمًا صحيحًا عن الله ورسوله، فهو يتعرض كما قلت لكم لزهَّاد عصره أو الذين تلّبسوا بالزهد ولبسوا الخشن من الثياب وأعرضوا عن الدنيا الظاهرة وتركوا المستحسنات من المطاعم والمشارب ومن الملابس إمعانًا في الزهد . فحوي خاطرة ابن الجوزي رحمه الله:يقول ،كل ما شئت ما كان من حلال وتمتع بما شئت ما كان من حلال واعبد الله عز وجل هذا هو المطلوب، أن تقوم بشكر هذه النعمة، وهذا ماكان النبي ﷺ يفعله والصحابة كانوا يفعلونه ويرون النبي ﷺ يفعل يفعلون مثله لكن لو أن هناك من الناس من له حالة خاصة ننزله على خصوصها ولا نجعلها قانوناً. بعدما ذكر كلامًا عن الحسن البصري وأنه كان متنعمًا والحسن البصري إذا ذُكِرَ الزهد فالحسن أحد الزهاد الثمانية المعدودين، لكن مع هذا الزهد أنظركيف كان يتكلم ؟ وكيف كان يأكل .أتي بعده برجل مشهور بالزهد ألا وهو سفيان الثوري رحمه الله . وكان سُفيانَ الثَورِي يَحمِلَ في سَفَرِهِ الفَالُوذَج و الحَمَلَ المَشوِي _ خروف مشوي كان سفيان يأخذه معه _ و يقول : [ إن الدَابَة إذا أُحسِنَ إِليهَا عَمِلَت ] في أيام اختفاء سفيان الثوري من الخليفة، مع العلم أنه لم يكن مُختفياً بسبب جريمة إنما كان، الخليفة يريده بجانبه، فسفيان كان يعتقد أن من يقبل قليل العقل، فكان يشتد هربًا من الخليفة ويتنقل كان كوفياً ذهب إلي البصرة واختبأ في بيت أحمد القطان مدة كي لا يعرف أحد أين سفيان الثوري، لأنه كان يخشى أن ينصدع قلبه .
القرب من السلطان فتنة لا يأمن أحد عاقبتها أحد. أنا اليوم أتكلم من وسع وأقول لا يجوز لأنني بعيد، لكن لا تأمن إذا اقتربت ماذا تفعل، لقد رأينا بأعيننا رجالاً أنا أعرفهم شخصيًا كانوا في منتهى الاستقامة العلمية وكلامه في منتهي الشدة فلما قرّب، قلت سبحان الذي يربط على قلوب الخلق، بدل جلده كله، بدل جلده أنا لا أَّعنى الشجاعة فطالما أنت بعيد بتعرف تتكلم، حتى لو اسكت ستسكت لكن لا تبدِّل فسفيان الثوري خائف على نفسه.
ومن قارب الفتنة لا يأمن السلامة ولا يتقاوى أحدٌ على الله عز وجل. ويقول نحن هنا وأنا مستعد للبلاء مثل سنون الواعظ ،فسفيان كان يخاف وقد أظهر هذا وقال [والله ما أخشى إهانته، ولكن أخشى معروفهم فلا أرى منكرهم منكراً ،] فكان يهرب بمكة، ففي مرة من المرات عبد ربه أبو شهاب الحنَّاط أحد الرواة عن سفيان وأحد رواة الحديث خارج من الكوفة إلي مكة فمرّ على أخت سفيان . واخبرها أنه ذاهب إلي مكة وسفيان في مكة فلو أردت أن ترسلي له شيء، فأعطت له، فالوذج وقرص وغيرها من المطاعم، فاحتمل أبو شهاب الحنّاط ما أعطته له أخت سفيان ثم ذهب إلي مكة وظلّ يبحث عنه في الطواف، فوجده مُقنّعاَ كي لا يعرفه أحد ، فألقى عليه السلام فما رد عليه ،لأنه لا يعرف من هو؟ فقال له أنا أبو شهاب أتيتك بأكل من عند أختك قاله قرِّب، قال فوضعت أمامه الأكل فأكل أكلاً جيدًا وبعدما أكل قام يصلى حتى برق الفجر، لم يكلمه قال: ثم التفت إلى فقال[ أطعم الحمار ثم كُدَهُ ]، أكله وشغله وهذا الكلام الذي ينقله عنه [ إن الدابة إذا أحسن إليه عملت ] . فسفيان مع زهده وورعه كان يحب اللين من المطاعم وكان يفضله . ومره وجدوه في السوق معه مال، وهذه من الأشياء المغلوطة بعض الناس يتصور مادام أنه زاهداً معني ذلك لا يكون لديه مال، فقالوا يا أبو عبد الله أمثلك يحمل هذه ؟ أي الأموال قال له أسكت، لولاها لتمندل بنا الملوك لتمندل بنا الملوك، يعملونا مثل المناديل وفي الآخر المنديل تبصق به ثم ترميه في الزبالة وكان يقول [ من استطاع أن يأكل الخبز بالملح لم يستعبده أحد ] فهذه هي عزة العالم عرف لماذا خُلِق و وفي كم تُقطع مرحلة الدنيا واستعمل النصوص فعاش حرًا ،فدعا زهد هؤلاء وبعدهم عن مصادر المال ومصادر الثروة، _الملوك _ كان يأكل اللين من الطعام، إذن الزهد ليس معناه لبس الخشن ولا أكل الخشن إنما،الزهد في الدنيا زهد القلب .
قال ابن الجوزي رحمه الله : [ومَا حَدَثَ في الزُهََّادِ بَعدَهم من هذا الفَنِ فَأُمُورٌ مَسرُوقَةً من الرَهبَانِيةِ وَأَنَا خَائِف (أي عليهم أن يندرجوا تحت قوله تعالى): ﴿ لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ﴾ الاعتداء للتحريم لأن كما قال النبي ﷺ في حديث عياض بن حمار المجاشعي الذي رواه مسلم في آخر صحيفه قال: قال رسول الله ﷺ (إِنَّ الْلَّهَ أَمَرَنِيَ أَنْ أُعَلِّمَكُمْ فِيْ يَوْمِيَ هَذَا مَا جَهِلْتُمْ كُلِّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدِا حَلَالٌ) نحلته عبدًا إما بكسب حلال أو بميراث أو بهبة، هذا حلال ،( وَإِنِّيَ خَلَقْتُ عِبَادِيَ حُنَفَاءَ فَاجْتَالَتْهُمْ الْشَّيَاطِيْنُ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ )فكل مال نحلته عبدًا حلال الأصل في هذه الأشياء الحل، فإذا تعدى رجلٌ فحرم ما طيبه الله للناس فهذا معتدي تجاوز حدوده. يتبع إن شاء الله.. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الدرس (12)من مدرسة الحياة السبت 14 مايو 2011, 7:28 pm | |
| [ولا يُحفَظُ عن أَحَدٍ من السَلَفِ الأُولِ من الصحَابَةِ من هَذَا الفَنِ شَيءٌ إلا أن يكونَ ذلك لِعَارِض ]
هذا هو الاستثناء ثم أتى ببعض الأمثلة .
فقال: ،[ وأما سَببُ ما يُروَى عن ابن عُمَرَ م : أَنَهُ اشتَهَى شيئًا فَآَثَرَ به فَقِيرًا وَأعتَقَ جَاريَتَهُ رُمَيثَةَ و قال : (إِنهَا أَحَبُ الخَلقَ إِلَيَ)فهذا وَأمثَالُهُ حَسَن (ليه)، لَأَنَهُ إِيثَارٌ بِما هو أَجوَدُ عِندَ النفسِ مِن غَيرِه وأَكثَرُ لَهَا من سِوَاهَا] من سمت صحابة النبي ﷺ إذا بذل شيئاً لله لم يرجع فيه. ابن عمر فيما يتعلق برُميثة جاريته، أبو داود السجستاني صاحب السنن له كتاب في الزهد ذكر فيه خبر رُميثة وأنها كانت من أحب النساء إلى ابن عمر وفي يوم من الأيام سمع قوله أو قرأ قوله تعالى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ (آل عمران:92) فوقف ثم نظر جعل يقلب خاطره ما هو أحب شيء إلى في الدنيا ؟ فلم يجد إلا رُميثة فزوجها مولاه نافعًا، و هذه مسألة غير مطاقه نافع معه باستمرار، وهذه المرأة كانت أحب النساء إلى ابن عمر، فأعطاها لنافع و لم يشعر بأي غضاضة في هذا ولم تذهب نفسه حسرات خلفها، لأن هناك بعض الناس ممكن يسخن فيفعل الشيء ثم يندم أنه فعله ،الشرب الأول الصحابة، صحابة النبي ﷺ لم يكونوا من هذا الجنس، إذا بذل شيئًا لا يرجع فيه . ابن عمر نفسه كان غلامه يرعى بالأنعام، مر عليه جماعة من الخوارج والخوارج يستحلون كل شيء فأخذوا من الغلام عدداً من الأنعام، وكان من ضمن ما أخذوه ناقة جيدة، فالغلام ذهب مباشرةً لابن عمر وكان في المسجد فأخبره بما حدث. فقال للغلام : احتسبتهم، وهو جالس في المجلس ثم بعد فترة جاءه جاءٍ قال : يابن عمر إني رأيت ناقتك تُباع في السوق _أي المسروقة_ فوقف ابن عمر ووضع رجله خارج المسجد ثم استغفر الله من ذلك ودخل المسجد مرة أخري وقال: قلت هي لله ،استعظم أن يرجع قال هي لله ابن عمر م كان له أكثر من فعل بسبب هذه الآية ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ مشهور عن ابن عمر أنه كان يحمل في جيبه قطع السكر وكان إذا لقي أحدًا كان يعطيه قالب سكر ،فيسألونه في ذلك يقول إني سمعت الله يقول: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ وأنا أحبّ السكر . حتى لو كان الشيء الذي تحبه من الأشياء الرخيصة ،فسمعت الآية أو مرت بخاطرك فانفعلت بها وأخرجت جزءاً مما تُحبه، صرت من أهل الآية . يقول:[ فَإِذَا وَقَعَ في بعض الأَوقَاتِ كُسِرَت بذلك الفعل ثورَةُ هَوَاهَا أن تَطغَى بِنَيلِ كُلَ مَا تُريد، فأما من دَامَ على مُخَالَفَتِهَا على الإِطلَاق فَإِنَهُ يُعمِي قَلبَهَا وَيُبَلِد الخَوَاطِر ويُشَتِت عَزَائِمِهَا فَيُؤذِيَهَا أكثرُ مِما يَنفَعُهَا] . عندما تستمر في حرمان نفسك، ونفسك شديدة التوقان إلى هذا الشيء وهو حلال، ثم أنه مبذول، وأنت تستطيعه بلا مشقة، ولن يصرفك عن صلاة ولا عن ذكر ،فما الحكمة أن تظل تصلي وتفكر فيما في نفسك، وحارم نفسك منه، تذكر قلبك ليس مع الذكر لسانك بس يتحرك إنما قلبك فيما تشتهيه فما الحكمة ؟ ﴿ ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وءامنتم﴾ وذكر قول إبراهيم بن أدهم [إن القلب إذا أُكرِه عمي ] تحت هذا الكلام معنىً كبير، القلب ملك البدن، عندما تعامل الملك ،أهل الشرف والسيادة والنخوة لا يتحملون الذل، فبحرمانك لقلبك كأنك تذله، فلابد من حدوث شيء له، عندما تضرب أحداً من أهل الشرف علي وجهه، يفضل الموت على هذه الضربة . العبد يُقرع بالعصا * والحرُّ تكفيه الإشارة. فكيف إذا ضُرِبَ الحر بالعصا، أيُجلدُ الحر جلد العبد ؟ ما يتحمل الحر يفضل الموت ،فالقلب إذا اشتهى شيئًا وهو ملك البدن والمفترض عندما تعامل الملوك عامل الملوك بما يناسب الملوك، إذا أكرهته على شيء فيكون مثل إكراه الحر السيد المطاع على شيء أو كمعاقبته، يعمى لا يرى لأنه لا يطيق الذل . [إن القَلب إِذَا أُكرِهَ عَمِى و تَحتَ مَقَالَتِهِ سِرٌ لَطِيف] تحت مقالة إبراهيم بن أدهم [ و هو أن الله عَز وجَل قد وضَعَ طَبِيعَةَ الآَدَمِي على مَعنًى عَجِيب وهو أنهَا تَختَارُ الشَيءَ مِنَ الشهَواتِ مِما يُصلِحُهَا فَتعلَم بِاختِيَارٍهَا لَهُ صَلَاحَهُ وصلَاحَهَا بِهِ ]. الشاهد من الكلام : الإنسان الذي لا يشتهي الطعام، لن يستفيد منه لذلك أُمِرَ المرءُ ألا يأكل إلا إذا جاع ولا ينام إلا إذا رغِب، أي شهوة من الشهوات أعرض عنها إلى أن يطلبها الجسم فإذا طلبها واشتاق إليها انتفع بها . ابن القيم في مثل هذه المسائل يقول: إن الفرح والسرور يوجب زيادة قوة الأعضاء، لأن النفس مفتوحه، تأكل الأكل تحس إنه هُضِم لكن عندما تكون مكتئباً وحزيناً وتأكل الأكل يظل في معدتك مدة أطول ،لأن الإنسان مجموعة من الأعصاب، فإذا وقفت الأعصاب صار حزيناً محبطاً، تجد جسدك كله واقفاً، لا ينتفع المرء به .
أكثر الناس حزناً أكثرهم دخولاً للخلاء. قرأت في بعض الأبحاث الطبية تقول أن أكثر الناس دخولاً للخلاء أكثرهم حزنًا فالجسم لا يستفيد، والجسم يضمر شيئًا فشيئا . المعني الذي يقوله ابن الجوزي : أن الله عز وجل جعل النفس تختار ما تشتهيه مما فيه صلاحه _صلاح الإنسان وصلاح النفس_ . [وقد قال حُكمَاءَ الطِبُ : يَنبَغِي أن يُفسَحَ للنفسِ فِيمَا تَشتَهي من المَطَاعِم وإِن كَان فِيهِ نَوعُ ضَرَر لأَنهَا إِنمَا تَختَارُ مَا يُلَائِمُهَا فَإِذَا قَمَعَهَا الزَاهِدُ فِي مِثلِ هَذَا عَادَ عَلى بَدَنِهِ بِالضَرَرِ، ولَولَا جَوَاذِبِ البَاطِن من الطَبِيعَةِ ما بَقِيَ البَدن . فَإِنَ الشَهوةَ لِلطعَامِ تَثُورُ فإِذَا وَقعت الغُنيَةُ بِمَا يَتنَاولُ كَفَتِ الشَهوَة، فالشهوةُ مُرِيدٌ ورَائِد وَنِعمَ البَاعِثُ هِي عَلَى مَصلَحةِ البَدن .] لأن أولاً الشهوة في البهيمة ليست موجودة، أنثى الجاموس أو البقر إذا ضربها الفحل فحملت لا تسمح مطلقًا لفحلٍ آخر أن يقترب منها وأنتم فليست شهوة بهيمية، إنما هي شهوة آدمية، إنما البهيم بريء من هذه العملية لأنه بالحمل تم مراده مثل النفس بالضبط إذا وصلت إلى ما تشتهى لا يمكن أن تضيف إليها شيئًا، فهذا مقياسها. مقياس النفس كما ذكره ابن الجوزي. يقول:[فَإِنَ الشَهوةَ لِلطعَامِ تَثُورُ فإِذَا وَقعت الغُنيَةُ بِمَا يَتنَاولُ كَفَتِ الشَهوَة فالشهوةُ مُرِيدٌ ورَائِد وَنِعمَ البَاعِثُ هِي عَلَى مَصلَحةِ البَدن، غَيرَ أنهَا إذَا أَفرَطَت وَقَعَ الأَذَى ومَتَى مُنِعَت مَا تُرِيدُ عَلَى الإِطلَاقِ مَعَ الأَمنِ مِن فَسَادِ العَاقِبَة عَادَ ذلك بِفسَادِ أحوَالِ النفسِ وَوَهنِ الجِسمِ وَاختِلَافِ السَقَمِ الذي تَتَدَاعَى به الجُملَة مِثلَ أَن يَمنَعَهَا المَاءَ عِندَ اشتِدَادِ العَطَش وَالغِذَاءَ عِندَ الجُوع و الجِمَاعَ عند قُوةِ الشَهوَة وَالنومَ عند غَلَبَتِهِ حَتَى إِن المُغتَمَ إذا لَم يَتَرَوح بِالشَكوى قَتَلَهُ الكَمَد] . عندك مشكلة تريد أن تُفضفِض، وإذا لم تفضفض يمكن أن يحدُث لك شيء، هناك من الناس من يُصاب بنزيف في المخ بسبب ارتفاع الضغط، لكن بمجرد أن نفس عن تفسه، ووجد متلقٍ عاقل لهذا التنفيس، تنتهي المشكلة فهذا المغتم إذا اشتكى إلى من يعني يجد البرء عنده كما قال على بن أبي طالب حدث له نوع من التنفيس، إذا لم يفعل هذا يمكن أن يموت بسبب هذا الكمد يقول:[ فَهَذَا أَصلٌ _ الكلام الذي ذكره ابن الجوزي هذا أصل يُرجعُ إليه ويُعتمدُ عليه _ إذا فَهِمَهُ الزَاهِدُ عَلِمَ أَنهُ قَد خَالَفَ طَرِيقَ الرَسُولِ ﷺ وأَصحَابِهِ مِن حَيثُ النَقلُ] . طبعًا لأنه لا يوجد دليل من الأدلة يدل على أن الصحابة كانوا يستعملون مثل هذا أبدًا، بل كانت حياتهم سهلة وميسورة، إذا وجد حلالًا استكثر منه ولا يجد غضاضة في ذلك ولا يتكلف مفقودًا، من حيث النقل لا يجدون أثارة من علم عند الصحابة إلا لو كان الإسناد لا يصح، وأنت لا شك أنك واجد مثل ما فعله هذا الزاهد، لكن لا يصح إسناده، هذا من حيث النقل [وَخَالَف المَوضُوعَ مِن حيثُ الحِكمَة] . أي أنه لم يكن حكيمًا لما حرم نفسه من شهوةٍ أباحها الله عز وجل له . [ولا يَلزَمُ عَلَى هَذَا قولُ القَائِلِ : فَمِن أَينَ يَصفُو المَطعَم ؟ لأَنهُ إِذَا لَم يَصفُ كَانَ التَركُ وَرَعًا وَإِنمَا الكَلَامُ فِي المَطعَمِ الذي لَيسَ فِيهِ مَا يُؤذِي في بًَابِ الوَرع و كَانَ مَا شَرحتَهُ جَوَابًا لِلقَائِلِ : مَا أُبَلِّغُ نَفسِي شَهوَةً عَلَى الإِطلَاقِ ]. هذا الوجه الأول الذي ذكره ابن الجوزي رحمه الله تعالى في الرد على من قال أنا إذا اشتهيت شيئًا لا آكله، وفي المرة القادمة إن شاء الله سنتكلم عن الوجه الثاني الذي ذكره ابن الجوزي . إنتهى الدرس الثاني عشر |
|