أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: المسلمات العاقلات (04) الأحد 20 مارس 2011, 8:58 pm | |
| 9- العاقلة مستجيبة للَّه ولرسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} [ الأنفال : 24 ] . فاستجابت أم حُمَيْد رضي الله عنها وعن زوجها أبي حميد الساعدي ، جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يومًا فقالت : يا رسول الله ، إني أحب الصلاة معك . فقال لها : (( قد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك ، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك ، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي ))( ).
قال الراوي عبد الله بن سويد : فأمرت فبُني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه ، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله تعالى . وبيت المرأة هو المكان الذي تبيت فيه ، وهو أستر مكان في المنزل كله ، فهل تستجيب أخواتنا لتوجيهات النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخص الخروج إلى المساجد وآداب ذلك ، في الوقت الذي كثر فيه الاختلاط والسفور والفتن ، وغابت الضوابط الشرعية التي تضبط خروج المرأة ، وكثر مرضى القلوب والمتعرضون ؟ وإن العاقلة لتختار بيتها لتصلي فيه إذا عرفت أن زمننا أشد وأفظع من زمن أم حميد .
ولما خطب النبي صلى الله عليه وسلم في النساء يوم عيد قائلاً : (( يا معشر النساء ، تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم ))( ). تأثرت النساء جدًّا بهذا الخبر ، فكانت الاستجابة سريعة جدًّا أيضًا ، وفي نفس الموقف ، فجعلن يتصدقن من حليهن ويلقين في ثوب بلال ? من أقراطهن وخواتيمهن - والقُرط هو الحلق. وفِعْلُ النساء هذا الشيء يوم عيد وفرحة وزينة وتباهي بالحلي يدل على سرعة الاستجابة للَّه ورسوله ، والخوف من جهنم ، ولو طلب النبي صلى الله عليه وسلم أرواحهن لقدَّمنها رخيصة افتداءً من عذاب النار .
إنها القلوب الحية التي تستجيب للَّه ورسوله وتختار ما عند الله . والحديث كما أسلفنا كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلى النساء في يوم عيد، حيث قام صلى الله عليه وسلم يعظهن ويذكرهن بالله. وها هو بتمامه.
عن عبد الله بن عمر رضي اللَّه عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( يا معشر النساء ، تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار )) . فقالت امرأة منهن جزلة( ) : وما لنا يا رسول الله ؟ قال : (( تكثرن اللعن وتكفرن العشير ، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لبٍ منكن )) . قالت : يا رسول الله ، وما نقصان عقلها ؟ قال : (( أما نقصان العقل ؛ فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل( )، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي ؛ وتفطر في رمضان ، فهذا نقصان الدين ))( ).
10- العاقلة والتعبد بالليل قال الله تعالى : {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ...} [ الزمر : 9 ] .
ها هي حفصة بنت سيرين الأنصارية العالمة الزاهدة العابدة تحفظ القرآن وهي بنت ثنتي عشرة سنة ، وعاشت سبعين سنة ، عمرت كلها بالعبادة والقرآن ، مكثت حفصة بنت سيرين ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا لقائلة - الراحة وقت القيلولة - أو قضاء حاجة كما قال عنها مهدي بن ميمون .
ويقول عنها إياس بن معاوية : ما أدركت أحدًا أفضله عليها .
وليس معنى هذا دعوة النساء إلى الرهبنة ، (( فلا رهبانية في الإسلام ))( ) ، فالإسلام لا يدعو إلى التبتل والانقطاع وترك الأعمال والتربية والخدمة وغير ذلك من الأمور الاجتماعية والحياتية، لكن لا يبغي أحدها على الآخر .
ونموذج آخر هو امرأة رياح بن عمرو القيسي وهو رجل صالح أراد أن يختبر عزيمة امرأته على قيام الليل ، فتناوم ، فقامت هي تصلي وأيقظته ، فادّعى التثاقل وأنه سيقوم ، فكررت إيقاظه بعدما مضى ربع الليل ، وهكذا إلى أن مضى الليل ولم يقم ، فقالت : مضى الليل وعسكر المحسنون وأنت نائم ! ليت شعري من غرَّني بك يا رياح ، من غرني بك( )؟
إن هذه المرأة ما هي إلا نموذج عملي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت ، وأيقظت زوجها فصلى ، فإن أبى نضحت في وجهه الماء ))( ) أي رشت عليه من الماء .
وامرأة رياح تأسف على زواجها منه لمَّا رأته لا يقيم الليل ، فعلى أي شيء تأسفين في زوجك أيتها المسلمة ؟ ألأنه فقير ، أم لأنه لا يمتلك سيارة ، أم لأنه ليس من أسرة عريقة مرموقة ، أم لأنه ضعيف في دينه ؟!
هذه الأخيرة التي نريد أن تكون مصدر قلق وانزعاج المسلمة العاقلة .
11- العاقلة والثبات مع حسن التصرف عند فجيعة المأزق ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الجواب الكافي (( أن رجلاً كان واقفًا بـإزاء داره( )، وكان بابها يشبه باب حمّام منجاب( )، فمرت جارية لها منظر ، فقالت : أين الطريق إلى حمام منجاب ؟ فأشار إلى بيته وقال لها : هذا حمام منجاب ، فدخلت الدار - وهي لم تعرف أنه خدعها - ودخل وراءها ، فلما رأت نفسها في داره وعلمت أنه قد خدعها ، أظهرت له البشرى والفرح باجتماعها معه ، وقالت له : يصلح أن يكون معنا ما يطيب به عيشنا وتقرُّ به عيوننا ، فقال لها : الساعة آتيك بكل ما تريدين وتشتهين ، وخرج وتركها في الدار ولم يغلقها ، فأخذ ما يصلح ورجع فوجدها قد خرجت وذهبت.. ))( ).
سبحان الله ! رغم أنها وقعت في ورطة عظمى ، ومصيبة كبرى ، لكنها بما تتمتع به من ذكاء وثبات ، ورجاحة عقل وهدوء أعصاب استطاعت بتوفيق اللَّه أن تنجو من هذا المأزق المهين كما تخرج الشَّعْرةُ من العجين ، ولو أنها ارتبكت ، وصاحت وبكَت ؛ لحاول الخبيث كَتْم فَمِها وأنفاسها ، ثم قام بافتراسها ، ليفعل بها ما يريد ، وليقضي على الأخضر واليابس من عرضها وشرفها . نسأل الله تعالى أن يعافي بنات المسلمين من مثل ذلك الخائن اللئيم .
12- العاقلة وتحصين فرجها عن الفاحشة : ضرب اللَّه تعالى مثلاً في الطهر والعفاف بواحدة من سيدات نساء العالمين ، وهي مريم ابنة عمران ، فقال تعالى : { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ... } [ التحريم: 12].
وعلى طريق مريم سارت عاقلات صالحات قانتات، نذكر منهن هذه الأمثلة:
1- هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان ، بايعت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح مع النساء ، وبايعهن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على ألا يسرقن ولا يزنين ، فقالت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قولتها المشهورة : وهل تزني الحرة( )؟
وحقًّا ما قالت ، فإنها تعبر عما ينبغي أن يستقر في قلب كل حرة عاقلة ، وأن الحرة حقًّا ينبغي ألا تكون أسيرة لشهوتها ولا مطيعة لمن يقضي على عفتها .
وعن جابر ? أنه كان لعبد اللَّه بن أبي بن سلول جارية يقال لها : مسيكة ، وأخرى يقال لها : أميمة ، فكان يكرههما على الزنى، فشكَتا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله : {وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ...} إلى قوله : {غَفُورٌ رَحِيمٌ}( ).
2- وهذه معاذة جارية عبد اللَّه بن أُبَيِّ بن سلول أيضًا ، وكان عنده أسير ، فكان ابن سلول يضربها لتمكن الأسير من نفسها ، رجاء أن تحبل منه فيأخذ ابن سلول فداءً عن الأسير وابنه ، وهو العَرَض الذي قال اللَّه تعالى فيه : { لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } .
وكانت الجارية تأبى عليه ، وكانت مسلمة ، فأنزل اللَّه تعالى فيها الآية: { ... وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ... }( ) [ النور : 33 ] .
والقصة رواها الطبراني والبزار( ) عن ابن عباس قال : كانت لعبد الله بن أبي جارية تزني في الجاهلية ، فلما حرم الزنى قالت : لا واللَّه لا أزني أبدًا ، فنزلت : {وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ...} الآية .
وفي القصة الأولى كنا نذكر قول هند : (( هل تزني الحرة ؟ )) . وفي غيرها رأينا الجاريات ترفض أيضًا الزنى !
إذن فمن هذه التي تقبل الزنى وتُقْدِم عليه ؟ لا شك أنها الوضيعة الحقيرة التي وضعت شرفها وعفتها تحت تَصَرُّف الزاني بها ، وهي دون الحرة ، وأقل من الجارية ، فهي أقرب إلى الحيوانات، والعاقلة لا تفعل ذلك.
|
|