أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: المسلمات العاقلات (14) الأحد 20 مارس 2011, 6:31 pm | |
| 61- العاقلة وبشرى لكل المذنبين عن أم عصمة العوصية امرأة ابن قيس قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ما من مسلم يعمل ذنبًا إلا وقف الملك الموكل بإحصاء ذنوبه ثلاث ساعات ، فإذا استغفر من ذنبه ذلك في شيء من تلك الثلاث ساعات لم يرفعه عليه يوم القيامة )) ( ).
فما أوسع رحمة الله جل وعلا الذي قال في ذلك : { وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا } [ النساء : 11 ] ، والشرط في ذلك الصدق في التوبة والاستغفار وليس استغفار المستهزئين .
62- العاقلة والتوبة النصوح التوبة النصوح هي التي تكون عامة وشاملة لكل الذنوب ، مما يعني تسليم المرء قلبه كله لله رب العالمين ، فلا يتوب عن معصية ويترك غيرها بلا توبة ؛ فالتسليم لله لا يتجزأ .
روى مسلم في صحيحه عن بريدة أن امرأة تسمى الغامدية جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني زنيت فطهِّرني ، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما كان الغد قالت : يا رسول الله ، لِمَ تردُّني ؟ لعلك تردني كما رددت ماعزًا ، فوالله إني لحُبْلى ، فقال صلى الله عليه وسلم: (( ... فاذهبي حتى تلدي )) فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة ، قالت : هذا قد ولدته ، قال : (( اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه )) ، فلما فطمته أتت بالصبي في يده كسرة خبز فقالت : هذا يا نبي الله قد فطمته ، وقد أكل الطعام ، فدفع النبي صلى الله عليه وسلم الصبي إلي رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها ، وأمر الناس فرجموها ، فَيُقْبِل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فنضح الدم على وجه خالد فسبَّها ، فسمع نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم سَبَّهُ إياها فقال : (( مهلاً يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس ( نوع خبيث من أكل أموال الناس بالباطل ) لغُفِر له )) ، ثم أمر بها فَصُلِّى عليها ودفنت ، فهل هناك توبة أصدق من مثل هذه التوبة ؟ تُلِحُّ المرأة وتجادل ، ليس للهروب من الذنب والخطأ كما يفعل الكثيرون ولكن لتطهر من دنس الذنب ورجس المعصية ، ولو كان التطهير رجمًا بالحجارة حتى الموت .
إنها تعرف أن الرجم مهما كان قاسيًا فهو أهون بكثير من غمسة واحدة في النار ، من أجل ذلك جادت بأعز ما تملك ؛ بروحها . فليسارع العصاة والزناة بالتوبة إلى الله ، فإن الله تعالى يغفر لمن تاب ويهدي إليه من أناب .
63- العاقلة وهي وحيدة أبويها سهل بن رافع صاحب الصاعين الذي لمزه المنافقون - فأنزل الله تعالى في حقه : { الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ... } [ التوبة : 79 ] .
خرج سهل بابنته عميرة ، وبصاع من تمر فقال : يا رسول الله إن لي إليك حاجة ، قال : (( وما هي ؟ )) قال : تدعو الله لي ولابنتي ، وتمسح رأسها فإنه ليس لي ولد غيرها . قالت عميرة : فوضع كفه عليَّ ، فأُقْسم بالله لكان برد كف رسول الله صلى الله عليه وسلم على كبدي بعد( ) .
رضي اللَّه تعالى عن عميرة ؛ فحب أبيها لها وهي وحيدته لم يدفعه أن يهمل تربيتها أو يتساهل في تأديبها ، لكنه ذهب يلتمس صلاحها والبركة بدعوة من سيد البشر ، ( تدعو الله لي ولابنتي ) .
64- العاقلة وبر أبويها قبل وبعد موتهما جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله يا رسول الله : إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال : (( نعم ))( ) .
وأخرى جاءت إليه تسأله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها نذر أن تمشي إلى الكعبة ( في حج أو عمرة أو اعتكاف أو صلاة ) فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (( اقض عنها ))( ) .
65- العاقلة واحترام الأب عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت أحدا أشبه سمتا ودلاً وهديًا برسول الله صلى الله عليه وسلم في قيامها وقعودها ؛ من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قام إليها فقبَّلها وأجلسها في مجلسه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها قامت من مجلسها وقبلته وأجلسته في مجلسها( ) .
ما أحسن العشرة حين يكون الاحترام متبادلاً سواء بين الزوج وزوجته أو بين الوالدين والأبناء ، عندها يكون البيت جنة وبهجة ، وتنمو المبادئ والقيم فيتلقنها الأولاد بالرضا والقبول .
66- العاقلة وصلة أمها ولو كانت كافرة لقد أوصى الله سبحانه وتعالى بصلة الرحم ، قال تعالى : { وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ } [ الرعد : 21 ] . وقال صلى الله عليه وسلم: (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه )) ( ) .
واشتق الله تعالى للرحم اسمًا من اسمه (( الرحمن )) جل وعلا ، ووعد بوصل من وصلها ، وتوعد بقطع من قطعها ، فقال سبحانه للرحم كما بالحديث القدسي : (( ... أما ترضين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك ؟ )) . قالت : بلى ، قال: (( فذاك لك )) . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( اقرأوا إن شئتم : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ...}( ) [ محمد : 22، 23 ] )) .
وهذه أسماء بنت أبي بكر رضي اللَّه عنهما ترى أمها مشركة وأتتها ، فلم تعرف أسماء ماذا تفعل ، فاستفتت معلم البشرية صلى الله عليه وسلم في ذلك ، قالت: يا رسول الله ، إن أمي قدمت ( إليَّ ) ، وهي راغبة أفأصِلُها ؟ قال : (( نعم صلى أمك )) ( ) .
وكانت أمها كافرة ، فكيف إذا كانت الأم مسلمة ؟ وكيف إذا كانت كبيرة وضعيفة وفقيرة ؟! إن من وصل رحمًا وصله الله ، ومن قطع رحمًا قطعه الله كما جاء به ديننا .
67- العاقلة وملاينة العجوز المسن عن أسماء بنت الصديق - رضي الله عنهما - قالت : لما توجه النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة مهاجرًا - حمل أبو بكر معه جميع ماله - خمسة آلاف ، أو ستة آلاف ، فأتاني جدي - والد أبي بكر - وقد عَمِيَ ، فقال : إن هذا - يعني أبا بكر - قد فجعكم بماله ونفسه - يعني هاجر وفارقكم ولم يترك لكم مالا - فقلت : كلا ؛ قد ترك لنا خيرًا كثيرًا ، قالت : فعمدت إلى أحجار فجعلتهن في كُوَّة البيت ( طاقة ) ، وغطيت عليها بثوب ثم أخذت بيده ووضعتها على الثوب فقلت : هذا تركه لنا - تقصد الثوب حتى لا تقع في الكذب ، أما جدها فقد فَهِم أن ما تحت الثوب نقودٌ تركها أبو بكر - فقال : أمَا ترك لكم هذا فَنَعم )) ( ) .
رحمك الله يا أسماء ، الذكاء والفطنة ، والصدق والخلق الحسن ، كيف لا وأنت بنت الصديق ؟ .
68- العاقلة والحداد على الميت المعروف شرعًا أنه لا يجوز للمرأة الحداد على الميت أكثر من ثلاث ليال ، إلا على الزوج فقط ، فتحد عليه زوجته أربعة أشهر وعشرا ، والمقصود بالحداد الحزن وترك التزيُّن ، يقال أحدَّت المرأة على زوجها إذا حزنت عليه ولبست ثياب الحزن وتركت الزينة( ) .
تقول زينب بنت أبي سلمة- رضي الله عنهما-: دخلتُ على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين تُوفِّي أبوها أبو سفيان وذلك بعد وفاته بأكثر من ثلاث ليال - فدعت بطيب فيه صفرة خلوق ( عطر ) أو غيره ، فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها( ) ، ثم قالت : والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر : (( لا يحل لامرأة مؤمنة بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا ... )) ( ).
الناس ليسوا سواءً ، فمن الناس من يهمل الضوابط الشرعية عند الوصية ، ومنهم من يهملها عند الأفراح والليالي الملاح ، ومنهم من يهمل الضوابط الشرعية في كل أحيانه ، والجميع على خطر لكن الصنِّف الأخير هم شرار الخلق ، لا في فرح يشكرون ولا في مصيبة يصبرون ، ولا لأمر الله ورسوله يعظمون .
لكن المسلم العاقل والمسلمة العاقلة يحسنون طاعة ربهم في السر والعلن ، والسراء والضراء ، والغنى والفقر ، فإن أصابهم سراء شكروا فكان خيرًا لهم وإن أصابهم ضراء صبروا فكان خيرًا لهم وما ذلك إلا للمؤمنين .
|
|