أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: المسلمات العاقلات (12) الأحد 20 مارس 2011, 6:42 pm | |
| 51- العاقلة ومعاملة الأسير قالت مارية أو ماوية مولاة حجر بن أبي إهاب وكان خبيب بن عدي - الصحابي الجليل - قد حبسه المشركون في بيتها - قبل إسلامها - فكانت تحدث بعد أن أسلمت قالت : إنه لمحبوس في بيتي مغلق دونه إذ اطلعتُ من خَلَل الباب وفي يده قطف من عنب مثل رأس الرجل يأكل منه ، وما أعلم في الأرض ( مكة ) حبة عنب ، فلما حضره القتل قال يا مارية : التمسي لي حديدة أتطهر بها ، قالت فأعطيت الموسى غلامًا منا وأمرته أن يدخل بها عليه ، فما هو إلا أن ولَّى داخلا عليه ، فقلت : أصاب هذا الرجل ثأره ، يقتل هذا الغلام بهذه الحديدة ليكون رجل برجل ، فلما انتهى إليه الغلام أخذ الحديدة وقال : لعمري ما خافت أمك غدري حين أرسلت إليَّ بهذه الحديدة معك ؟ ثم خلّى سبيله( ).
وفي رواية أنهم حبسوه عندها حتى يخرج الشهر الحرام فيقتلوه ، وكانت تُحدِّث بقصته بعد أن أسلمت وحسن إسلامها ، وفيها : (( وكان يتهجد بالقرآن فإذا سمعه الناس - الكافرات - بَكَيْن ورَفَقْن عليه ، فقلت له : هل لك من حاجة ؟ قال : لا ، إلا أن تسقيني العُذَيب ( الماء العذب ) ، ولا تطعميني ما ذبح على النُّصب ، وتخبريني إذا أرادوا قتلي ، فلما أرادوا قتله أخبرته ، فوالله ما اكترث ( ما اهتم بذلك ) ، وقال : ابعثي لي بحديدة أستصلح بها – يعني يحلق بها الشعر الداخلي – فبعثتُ إليه بموسى مع ابني( ) من الرضاعة )) .
سبحان الله ! كيف عامل نساء المشركين أسير المسلمين ، وكيف بكت الناس الكافرات لتهجده وقراءته ؟ وكيف أنجزن له كل رغباته بكل أمانة ؟ وكثير من الأسرى المسلمين لا يرون مثل هذه المعاملة من أبناء ملتهم في أنحاء من الدنيا كثيرة !!
رواية البخاري : عن أبي هريرة ? قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية عينا وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت ، فانطلقوا حتى إذا كان بين عسفان ومكة ذُكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان ، فتبعوهم بقريب من مائة رامٍ ، فاقتصوا آثارهم حتى أتوا منزلاً نزلوه فوجدوا فيه نوى تمر تزودوه من المدينة ، فقالوا : هذا تمر يثرب ، فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم ، فلما انتهى عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد ، وجاء القوم فأحاطوا بهم ، فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلاً ، فقال عاصم : أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر ، اللهم بَلِّغ نبيك ، فرموهم حتى قتلوا عاصمًا في سبعة نفر بالنبل ، وبقي خبيب وزيد ورجل آخر ، فأعطوهم العهد والميثاق ، فلما أعطوهم العهد والميثاق نزلوا إليهم ، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قِسِيِّهم فربطوهم بها ، فقال الرجل الثالث : هذا أول الغدر ، فأبى أن يصحبهم فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم ، فلم يفعل فقتلوه ، وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة ، فاشترى خبيبًا بنو الحارث بن عامر بن نوفل ، وكان خبيب هو قتل الحارث يوم بدر ، فمكث عندهم أسيرًا حتى إذا أجمعوا قتله استعار موسىً من بعض بنات الحارث ليستحد بها فأعارته ، قالت : فغفلت عن صبي لي فدرج إليه حتى أتاه فوضعه على فخذه ، فلما رأيته فزعت فزعةً عرف ذلك مني ، وفي يده الموسىَ ، فقال : أتخشين أن أقتله ؟ ما كنت لأفعل ذلك إن شاء الله ، وكانت تقول : ما رأيت أسيرًا قط خيرًا من خبيب ، لقد رأيته يأكل من قطف عنب وما بمكة يومئذ ثمرة ، وإنه لموثق في الحديد وما كان إلا رزق رزقه الله ، فخرجوا به من الحرم ليقتلوه ، فقال : دعوني أصلي ركعتين ثم انصرف إليهم، فقال : لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت ، فكان أول من سن الركعتين عند القتل هو ، ثم قال : اللهم أحصهم عددًا ، ثم قال :
ولست أبالي حين أُقتل مسلمًا على أي شق كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع
ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه ، وكان عاصم قتل عظيمًا من عظمائهم يوم بدر ، فبعث اللَّه عليه مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم فلم يقدروا منه على شيء ( ) .
52- العاقلة والشدة في الحق ومجانبة أهل المعاصي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ))( ).
وانطلاقًا من هذا الحديث أيتها المسلمة انظري كيف استقامت لأمره أم المؤمنين ميمونة . عن يزيد بن الأصم أن أحد أقارب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فوجدت منه ريح شراب ( خمر ) فقالت: لئن لم تخرج إلى المسلمين فيجلدوك ، لا تدخل عليّ أبدا( ) .
إن المسلم حين يغضب لله ، ويغير المنكر ما استطاع ذلك ، ولا يجامل القرابة علي حساب دينه ، يكون قد استكمل إيمانه ، وذلك الذي فعلته ميمونة - رضي الله عنها - .
53- العاقلة والكفر بالطاغوت لما أسلمت هند - رضي الله عنها - ( زوج أبي سفيان ? ) جعلت تضرب صنمًا لها في بيتها بالقدوم حتى فلذته ( قطعته ) فلذة فلذة ، وتقول : كنا معك في غرور( ) . أي اغتروا به فاعتقدوا النفع منه والضر ، فلم يجدوا منه ذلك ، وما فعلته هند هو مقتضى الإيمان وحقوق لا إله إلا اللَّه ، فقد قال الحق جل شأنه : { فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ } [ البقرة : 256 ] .
فهل تترك العاقلة أصنام الجاهلية ومعتقداتها ولا تأتي السحرة والكهان الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ؟.
وهل تترك صنم الجاهلية الخطير الذي كثر ضرره وقل نفعه وشاع فساده وإفساده ؛ ذلك الصنم هو الجهاز المسمى بالتلفاز، وقى الله تعالى بيوت المسلمين شره وبلاءه ، وفساده ووباءه .
54- العاقلة والبراءة من المشرك ولو كان من أهلها عن هشام بن عروة عن أبيه أن أسماء بنت أبي بكر رضي اللَّه عنها قالت : أتتني أمي راغبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم: أَصِلُها ؟ قال : (( نعم )) .
قال ابن عيينة : فأنزل الله تعالى فيها : {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [ الممتحنة : 8 ] .
وفي الرواية الأخرى أنها قالت : قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش ومدتهم إذ عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم مع أبيها ، فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : إن أمي قدمت وهي راغبة ، قال : (( نعم ، صلي أمك ))( ) .
وفي رواية مسلم وغيره أن أم أسماء أتتها وهي راغبة وراهبة . قال الحافظ ابن حجر : والمعنى أنها قدمت طالبةً في بر ابنتها لها ، خائفة من ردها إياها خائبة ...
وقال الخطابي : فيه أن الرحم الكافرة توصل من المال ونحوه ، كما توصل المسلمة ، ويستنبط منه وجوب نفقة الأب الكافر والأم الكافرة وإن كان الولد مسلمًا( ) . اهـ . ما أرحم الإسلام بالوالدين .
55- العاقلة وإيثارها قصور الجنة على قصور زوجها الكافر عن أبي موسى ? قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلى مريم بنت عمران وآسية بنت فرعون وفضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ))( ) .
وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن أفضل نساء أهل الجنة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم ابنة عمران ، وآسية بنت مزاحم ، مع ما قصَّ الله علينا من خبرها في القرآن : { قالت رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [ التحريم : 11]))( ).
وآسية بنت مزاحم هي زوجة فرعون الطاغية الذي ملأ الأرض ظلمًا وفسادًا وعلا فيها وجعل أهلها شيعًا ، وقال للناس : أنا ربكم الأعلى ، وكان عنده من المُلْك والمال والسلطة والقصور ما ليس عند أحد في زمنه ، ورغم كل ذلك المتاع والدنيا بزينتها وفتنتها ، شاء الله تعالى لامرأة فرعون أن تكون من الصالحات ، الرافضات لهذا الانحراف الخطير ، والتطرف المثير ، فلم تُفتن بالقصور ولا الذهب والحرير ، وآثرت ما عند الله العلي القدير ، فطلبت من ربها عز وجل النجاة فقالت :{ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [ التحريم : 11 ] .
فاستحقت آسية بنت مزاحم سيدة مصر الأولى أن تكون واحدة من سيدات نساء العالمين .
سبحان الله ! وهل هناك فتنة أعظم من فتنة قصر فرعون ؟ حيث يبلغ التنعُّم مداه ، والترف أقصاه ، ولكن امرأة فرعون علمت أنه زائل فانٍ ، فنظرت نظرة بعيدة لترى قصور الجنة ، مَشِيدة تتلألأ ، باقية لا تزول ، فاختارت الباقي على الفاني . رحم الله آسية بنت مزاحم .
|
|