أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: المسلمات العاقلات (10) الأحد 20 مارس 2011, 6:50 pm | |
| 40- العاقلة ومؤهلات الزوجة الدينية لما ماتت خديجة رضي اللَّه عنها ، اشتد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ، فسئل عن ذلك ، فقال : (( أجل ، كانت أم العيال وربة البيت ))( ).
وعندما أرادت خديجة أن يتوجه النبي صلى الله عليه وسلم في تجارتها قالت : (( إنه دعاني إلي البعث إليك ، ما بلغني من صدق حديثك ، وعِظَم أمانتك وكرم أخلاقك ))( ).
فما اختارته لتجارتها إلا لما فيه من صفات ومؤهلات دينية يحبها الله ورسوله ، ولا تفعل ذلك إلا من فيها هذه الصفات وتلك المؤهلات .
قال ابن حبان : وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة ... بعثت إلى الرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت : إني قد رغبت فيك وفي قرابتك وفي أمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك( ).
ولما وجدت ميل النبي صلى الله عليه وسلم إلى زيد بن حارثة وكان في ملك يمينها ، وهبته للنبي صلى الله عليه وسلم. فكانت هي السبب فيما امتاز به زيد من السبق إلى الإسلام ، حتى قيل إنه أول من أسلم مطلقًا( ).
فصدق الحديث ، وعظم الأمانة ، وكرم الخلق ، والجود ، كلها صفات ربانية ، وكلها كانت مؤهلات خديجة في اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لتجارتها ثم اختياره كزوج ، رغم أنها قد تمناها أكابر قريش ورؤساؤها وكانت ترفضهم ، ومثل هذه استحقت أن يُتَوِّجَها النبي صلى الله عليه وسلم بتاج النجاح والفلاح ، فيقول : (( كانت أمَّ العيال وربةَ البيت )).
فانظري أيتها الأخت المسلمة كيف كانت رعاية الأولاد وإدارة البيت وسامًا نبويًّا على صدر خديجة - رضي اللَّه عنها - في الوقت الذي نرى في كثير من بيوت المسلمين ؛ أمر تربية الأولاد وإدارة البيت موكولاً فقط إلى الخادمة !
41- العاقلة والزهد في المال وإنفاقه والتطلع إلى ما عند اللَّه بعث معاوية بن أبي سفيان ? بثمانين ألف درهم إلى عائشة - رضي اللَّه عنها - وكانت صائمة وعليها ثوب خَلِق ( بالي ) ، فوزعت هذا المال من ساعتها ( في الحال ) على الفقراء والمساكين .. ولم تُبق منه شيئًا ، فقالت لها خادمتها : يا أم المؤمنين ، ما استطعت أن تشتري لنا لحمًا بدرهم تفطرين عليه ؟ فقالت : يا بنية ، لو ذكرتني لفعلت( ).
ومن المواقف العظيمة لأم المؤمنين رضي اللَّه عنها في الإنفاق والزهد ما قاله الإمام مالك رحمه اللَّه في موطئه ، قال : أنه بلغه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أن مسكينًا سألها وهي صائمة ، وليس في بيتها إلا رغيف ، فقالت لمولاة لها : أعطيه إياه ، فقالت : ليس لك ما تفطرين عليه ، فقالت : أعطيه إياه، قالت : ففعلت ، قالت : فلما أمسينا أهدَى لنا أهل بيت أو إنسان ؛ ما كان يُهدى لنا ؛ شاة وكفنها( )، فدعتني عائشة أم المؤمنين فقالت : كلي من هذا ، هذا خير من قرصك .
وعن مالك أيضًا قال : بلغني أن مسكينًا استطعم عائشة أم المؤمنين ، وبين يديها عنب ، فقالت لإنسان : خذ حبة فأعطه إياها ، فجعل ينظر إليها ويعجب ، فقالت عائشة : أتعجب ! كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة( )!
نعم {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [ الزلزلة : 7، 8 ]. وهذا ما فهمته عائشة رضي اللَّه عنها.
وعن عطاء بن السائب قال : أوصى إليَّ رجل من أهل الكوفة في تركته وذكر أنه مولى لآل علي بن أبي طالب ، فقدمت المدينة فدخلت على أبي جعفر ؛ محمد بن علي ، فقال : ما أعرفه ، ودلني على ( أخته ) أم كلثوم بنت علي ، فإذا عجوز على سرير في بيت رَثّ ، فإذا في البيت سقاء معلق، فجعلت أقلِّب بصري في البيت ، فقالت : يا بني ، لا يحزنك ما ترى ، فأنا بخير ، قلت : أوصى رجل إليَّ بتركته ، وذكر أنه مولى لكم ، قالت : ما أعرفه ، وإن مولى لنا يقال له هرمز أو كيسان أخبرني أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال : (( يا كيسان ، إن آل محمد لا يأكلون الصدقة ، وإن مولى القوم من أنفسهم فلا تأكله )) ( ) .
فانظري أيتها المسلمة لهذا النموذج الفذ العظيم ، ليس عندها في البيت متاع إلا ما يبلغها ويحفظ حياتها ؛ وتقول لعطاء : يا بني لا يحزنك ما ترى ، فأنا بخير ، نعم هي بخير مادامت تشعر بأنها قريبة من ربها وأن الدنيا ليست دار مقر ، وأن الآخرة خير وأبقى .
أما عمر ? فقد أرسل إلى أم المؤمنين زينب بنت جحش - رضي اللَّه عنها - نصيبها من العطاء ، فلما أُدخل عليها قالت : غفر الله لعمر ، غيري من أخواتي كان أقوى على قَسْم هذا مني ، قالوا : هذا كله لك ، قالت : سبحان الله ! واستترت من المال بثوب ، وقالت : ضعوه واطرحوا عليه ثوبًا ، قالت بَرّة أو برزة بنت رافع راوية الحديث: ثم قالت لي : أدخلي يدك فاقبضي منه قبضة فاذهبي بها إلى بني فلان وبني فلان من أهل رحمها وأيتامها ، فقسمت حتى بقي منه بقية تحت الثوب ، فقالت لها برة : غفر الله لك يا أم المؤمنين ، والله لقد كان لنا في هذا حق ، فقالت : فلكم ما تحت الثوب ، قالت : فكشفنا فوجدنا ما تحته خمسة وثمانين درهمًا ، ثم رفعت أم المؤمنين يدها ، فقالت : اللهم لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا( ). فتوفيت من عامها .
ومن هنا نرى أن أم المؤمنين :
أولاً : كرهت مجيء هذا المال إليها .
ثانيًا : سترته بثوب عن وجهها لتحفظ عينيها من النظر إلى فتنته ، ومن ثم لا يصل إلى قلبها حب ذلك المال .
ثالثًا : أمرت الجارية أن تقبض منه بيدها لتحفظ أم المؤمنين يدها من مس ذلك المال فتؤثر في يدها فتنته .
رابعًا : دعت الله ألا يدخل عليها مثل هذا المال بعد يومها ، فاستجاب الله لها وقبضها .
فالدنيا ليست هَمَّ أم المؤمنين ، بل جعلت المال وسيلة لنيل أعلى درجات الآخرة ، ولم تجعله هدفًا ، كما هو في حياة الكثيرين اليوم .
42- العاقلة ومال زوجها المرأة مأمورة أن تحافظ على مال زوجها ، فهي مؤتمنة عليه وهي عندئذ من خير النساء كما بين ذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم في قوله: (( خير النساء من تسرك إذا أبصرت وتطيعك إذا أمرت وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك ))( ).
وليس لها أن تتصرف في شيء منه إلا بإذنه ما دام أنه يحسن الإنفاق عليها وعلى بيتها وأولادها ، لكنه في حالة ما إذا كان الزوج شحيحًا في الإنفاق على أولاده ، فيجوز أن تأخذ المرأة من ماله بدون علمه وإذنه ما يكفيها وأولادها بالمعروف ، كما أذن بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
عن أم المؤمنين عائشة - رضي اللَّه عنها - أن هند بنت عتبة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن أبا سفيان - زوجها - رجل مِسِّيك ، وفي رواية : شحيح ، فهل عليَّ حرج أن أطعم من الذي له عيالنا؟ قال : (( لا أراه إلا بالمعروف )) .
وفي رواية : (( خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك وولدك ))( ).
43- العاقلة والتصدق على زوجها انطلقت زينب امرأة عبد الله بن مسعود - ? وعنهما - إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا امرأة من الأنصار( ) حاجتها كحاجة زينب .
تقول: فخرج علينا بلال ، فقلنا : ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك: أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وأيتام في حجورهما ؟ ولا تخبره من نحن ، فدخل بلال فسأله ، فقال صلى الله عليه وسلم: (( من هما )) قال : امرأة من الأنصار وزينب ، قال : (( أي الزيانب ؟ )) قال بلال : امرأة عبد الله ، فقال صلى الله عليه وسلم: (( لهما أجران ، أجر القرابة ، وأجر الصدقة ))( ).
|
|