أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: المسلمات العاقلات (11) الأحد 20 مارس 2011, 6:44 pm | |
| 44- العاقلة وأكل الحلال هذه عمرة بنت الحارث الخزاعية أخت أم المؤمنين جويرية - رضي اللَّه عنها - تحدِّث عمرة حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : (( الدنيا خضرة حلوة ، فمن أصاب منها من شيء من حِلِّهِ بُورك له فيه ، ورُبَّ متخوض في مال الله ( أي يخوض فيه بأكله حرامًا) ومال رسوله ، له النار يوم القيامة ))( ) .
فالعاقلة التي تأكل من حلال وتوصي زوجها كلما خرج من البيت وتقول له : اتق الله فينا ولا تكسب إلا من حلال ولا تطعمنا إلا من حلال ، فكل جسم نبت من سُحت فالنار أولى به ، ومعاذ اللَّه .
45- العاقلة والعفو عن المسيئ ومقابلة السيئة بالحسنة للعفو والصفح أهلٌ كظموا غيظهم وعفوا عمن أساء إليهم، والله يحب المحسنين ، ومن هؤلاء عائشة - رضي اللَّه عنها - بلغها أن عبد اللَّه بن الزبير وهو ابن أختها أسماء ، كان في دار لها فباعتها فتسخَّط عبد الله بيع تلك الدار ، فقال : أما والله لتنتهين عائشة عن بيعِ رباعها ( منازلها ) ، أو لأحجرن عليها( ) ، قالت عائشة : أَوَ قال ذلك ؟ قالوا : قد كان ذلك ، قالت : لله عليَّ ألاَّ أكلمه حتى يفرق بيني وبينه الموت ، فطالت هجرتها إياه ، فشق عليه ذلك ، فاستشفع بكثيرين لكي تكلمه ، فأبت أن تكلمه ، فلما طال ذلك كلم المسور بن مخرمة ، وعبد الرحمن بن الأسود أن يستأذنا على عائشة وهو معهما ، فإن أذنت لهما قالا : كلنا ؟ وذلك حتى يدخلوا كلهم ، فقالت : نعم كلكم فليدخل ، ولا تشعر أن معهما عبد الله ، فدخل فكشف الستْر - وهي خالته - فاعتنقها وبكى ، وبكت عائشة بكاء كثيرًا ، ونشدها عبد الله بن الزبير الله والرحم ، ونشدها مسور وعبد الرحمن بالله والرحم وذكرا لها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا يحل لمسم أن يهجر أخاه فوق ثلاث )) فلما أكثروا عليها كلمته بعدما خشي ألا تكلمه ، ثم كَفَّرت عن نذرها ذلك بعتق أربعين رقبة ، قال عوف راوي الحديث : ثم سمعتها بعد ذلك تذكر نذرها ذلك فتبكي حتى تبل خمارها( ) .
نعم فإن عبد الله ابن الزبير بشر يصيب ويخطئ ، وعائشة بشر تصيب وتخطئ ، لكنهم إذا ذُكِّروا تذكروا { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } [الأعراف: 201].
وفيما يخص النذر وكفارته ؛ فعن عقبة بن عامر ? عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( كفارة النذر كفارة اليمين ))( ) .
يعني أن من نذر فِعْل طاعة ثم عجز عن الوفاء ، أو نذر نذرًا محرمًا فلا يفعل المحرم وعليه كفارة يمين ، وهذا الذي فعلته أم المؤمنين.
أيضًا فإن صفية بنت حُيَيْ زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت تعرف بأنها (( شريفة عاقلة ، ذات حسب وجمال ودين )) رضي الله عنها ، وأبوها حُيَيْ بن أخطب من زعماء اليهود ( بني قريظة )، أسلمت وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ، قال ابن عبد البر : روينا أن جارية لصفية أتت عمر بن الخطاب - في خلافته - فقالت له : إن صفية تحب السبت( ) ، وتصل اليهود . فبعث عمر يسألها ، فقالت : أما السبت فلم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة ، وأما اليهود فإن لي فيهم رحمًا فأنا أصلها ، ثم قالت للجارية : ما حملك على ما صنعت ؟ قالت : الشيطان ، قالت : فاذهبي فأنت حره( ) .
سبحان الله ! من سمع أن النمام يُعْطَى أعز جائزة ( عتق رقبته ) ؟! وانظري أيتها العاقلة إلى ثمرة الصدق وجزائه . وكثيرًا ما تُظْلَم صفية رضي اللَّه عنها وهي بريئة صادقة .
قال الحافظ ابن حجر : أخرج ابن سعد بسند حسن عن زيد بن أسلم قال : اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه ، فقالت صفية بنت حيي : إني واللَّه يا نبي الله ؛ لوددت أن الذي بك بي ! فغمزن أزواجه ببصرهن ، فقال : (( مضمضن )) . فقلت : من أي شيء ؟ فقال : (( من تغامزكن بها ، واللَّه إنها لصادقة )) ( ) .
46- العاقلة والوفاء بالعهد والشرط قالت الربيع بنت معوذ : قلت لزوجي : أختلع منك بجميع ما أملك ، قال : نعم ، فَدَفَعْتُ إليه كل شيء إلا درعي ( قميصي ) فخاصمني ( شكاني ) إلى عثمان فقال : له شَرْطُه ، فدفعته إليه . وفي رواية فقال عثمان : الشرط أمْلَكْ فخذ كل شيء حتى عقاص رأسها ( ضفائرها )( ) . وأصل العقيصة هي الشعر المضفور ، والعقص هو اللَّي وإدخال أطراف الشعر في أصوله( ) .
فلتحذر العاقلة حين تشترط ولتعلم أن المسلمين على شروطهم كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
47- العاقلة وإنزال الناس منازلهم عن الشعبي قال : تزوج علي بن أبي طالب أسماء بنت عميس رضي اللَّه عنها ، فتفاخر ابنها محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر ، فقال كل منهما : أنا أكرم منك ، وأبي خير من أبيك ، فقال لها علي : اقضي بينهما ، فقالت : ما رأيت شابًا خيرًا من جعفر ، ولا كهلاً خيرًا من أبي بكر ، فقال لها : فما أبقيت لنا ؟( ) .
رحم اللَّه أسماء بنت عميس ، فهي دائمًا صاحبة المواقف العظيمة ، وهي في هذا الموقف النبيل الكريم وفي وجود زوجها الثالث ؛ علي بن أبي طالب تضع كل زوج من أزواجها الذين توفوا عنها في موضع حسن ، وتلقن أبناءها درسًا تربويًّا بألا يبغي أحد على أحد ، ولا يفخر أحد على أحد ، وهذا غاية النُّبل في إنزال الناس منازلهم .
48- العاقلة وتقربها إلى الله بأحسن شيء لما نذرت امرأة عمران ما في بطنها لخدمة المسجد ؛ سألت ربها القبول ، فلما وضعت كان المولود أنثى ، والأنثى ليست كالذكر في الخدمة والقيام ببعض الأعمال ، فقالت : يا رب كنت أريدها ذكرا ليقوم بالخدمة على وجه أكمل وأقوى من الأنثى { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى } [ آل عمران : 36 ] ، فلما رأى الله تعالى منها الصدق والإخلاص في نذرها { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا } [ آل عمران : 37 ] .
فلتتقرب المسلمة إلى ربها بأحسن ما تستطيع في كل شيء ، ولتكن ذات قوة وعزيمة وإتقان في عملها ، واللَّه تعالى يقول : { خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ } [ البقرة : 63 ] ويقول : { واتَّبِعُواْ أحسن مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ } [ الزمـر : 55 ] .
49- العاقلة وجزاء الإحسان عن ميمون بن مهران قال : خطب معاوية أم الدرداء ، فأبت أن تزوجه ، وقالت: سمعت أبا الدرداء يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( المرأة في آخر أزواجها)) . أو قال : (( لآخر أزواجها )) أو كما قال ، ولست أريد بأبي الدرداء بدلاً( ) .
وقد صحح الشيخ الألباني رحمه اللَّه الأحاديث الدالة على هذا المعنى ؛ الحديث الأول في مسند الخرائطي عن عائشة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( المرأة لآخر أزوجها))( ) .
والحديث الثاني عند الطبراني عن أبي الدرداء ? أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال : (( أيُّما امرأة توفي عنها زوجها فتزوجت بعده فهي لآخر أزواجها ))( ) .
فهذه المؤمنة الفاضلة أم الدرداء بلغ بها الإحسان والوفاء لزوجها الميت أبي الدرداء أن ترفض الزواج من أحدٍ بعده ، ولو كان أميرًا على المسلمين ؛ لِما رأته من إحسان زوجها أبي الدرداء إليها إحسانًا جعلها لا تفكر في الزواج بعده ، وتنتظر لقاءه في الجنة . فاللهم ارزقنا وإياها الجنة . وهذه بلا شك رسالة إحسان ، فليفهمها أزواج آخر الزمان !!
50- العاقلة والتحلل من المظالم قبل الموت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم على فراش الموت ، مقبلة على ربها والدار الآخرة ، ترى أنه لا مفر من التسامح وطلب العفو من الآخرين . تقول عائشة - رضي الله عنها - : دعتني أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عند موتها فقالت : قد كان بيننا ما يكون بين الضرائر - أي من كراهية وكيد - فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك ، فقلت : غفر الله لك ذلك كله وحلَّلَك من ذلك ، فقالت : سررتني سَرَّك الله . وأرسلت إلى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك( ) .
رحم الله أمهات المؤمنين فإنهن يعلمن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( من كانت عنده مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم ( يعني يوم القيامة ) إن كان له عمل صالح أُخِذَ منه بقدر مظلمته ، وإن لم يكن له حسنات أُخِذَ من سيئات صاحبه فحُمل عليه )) ( ) .
وما أكثر المظالم بين الضرائر ، والعاقلة من حسبت حسابها وخرجت من الدنيا وليس أحد يطلبها يوم القيامة بشيء .
|
|