أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: المسلمات العاقلات (05) الأحد 20 مارس 2011, 8:52 pm | |
| 18- العاقلة غير ناظرة إلى الرجال ولا تختلط بهم لا يجوز جلوس الرجال والنساء واجتماعهم في مجلس واحد مختلطين ينظر بعضهم إلى بعض .
قالت أم سلمة - رضي اللَّه عنها -: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة ، فأقبل ابن أم مكتوم ، وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( احتجبا منه )) . فقلنا : يا رسول الله ، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( أفعمياوان أنتما ، ألستما تبصرانه ؟ ))( ) .
قال ابن حجر : وفيه دليل على أن النساء محرم عليهن النظر إلى الرجال إلا أن يكونوا لهن بمحرم، سواء أكانوا مكفوفين أو بصراء. قلت : وهذا لا يتعارض مع أمره صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم ، لما قاله القرطبي : قال ابن العربي : وإنما أمرها بالانتقال من بيت أم شريك إلى بيت ابن أم مكتوم ؛ لأن ذلك أولى بها من بقائها في بيت أم شريك ؛ إذ كانت أم شريك مؤثرة بكثرة الداخل إليها ، فيكثر الرائي لها ، وفي بيت ابن أم مكتوم لا يراها أحد ، فكان إمساك بصرها عنه أقرب من ذلك وأولى فرخص لها ذلك . واللَّه أعلم( ) .
لكن يجوز أن تنظر المرأة المسلمة إلى الرجال للحاجة وهم يمشون في الطرقات ، أو أثناء البيع والشراء ، أو يلعبون ألعابًا غير محرمة ، بشرط ألا يظهر من الرجال شيء من عوراتهم من الركبة إلى السرة ، كمن يلعب مظهرًا فخذيه ، وبشرط ألا يترتب على هذا النظر فتنة ، وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل ينظر إلى الحبشة وهم يلعبون في حرابهم في المسجد يوم العيد ، وعائشة - رضي اللَّه عنها - تنظر من ورائه وهو يسترها منهم ، حتى ملّت ورجعت .
فالعاقلة المنصفة تعرف أن عائشة كانت مختفية مستترة خلف جسم النبي صلى الله عليه وسلم ، فتراهم من حيث لا يرونها .
وعلى هذا فالنظر إلى الرجال مشترط بشرطين :
الأول : ألا يترتب عليه فتنة . الثاني : ألا يكون في مجلس واحد مواجهة كمجلس ابن أم مكتوم . وفي الجملة فإن الله تعالى أمر الفريقين - الرجال والنساء- بتقوى الله وغض البصر ؛ لأنه كما قال جل وعلا: {... ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } [ النور : 30].
19- العاقلة والحجاب عن عطاء بن رباح قال : قال لي ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى ، قال : هذه المرأة السوداء ، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أُصرع وإني أتكشف ، فادعُ اللَّه لي ، قال : (( إن شئتِ صبرتِ ولك الجنة ، وإن شئت دعوتُ اللَّه أن يعافيكِ )) . فقالت : أصبر ، قالت : وإني أتكشف فادع اللَّه ألا أتكشف ، فدعا لها( ) .
وعند البزار عن ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت : إني أخاف الخبيث - أي الشيطان - أن يجردني ، فدعا لها ، فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها( ).
يعني أنها بربها تستغيث من كيد ذلك الخبيث.
انظري أيتها المسلمة إلى إصرار تلك المرأة على أن تتستر ولا ينكشف منها شيء ، وتخشى أن يجردها ويكشفها الشيطان الخبيث إذا صرعها ، رغم أنها سوداء ، ربما لا يشتهيها أحد، وهي معذورة ، وفي ذلك عبرة لمن تقول : أنا لن أتحجب لأنني لست جميلة ، ومن تقول : أن أرجلها مثل الكِسْرة البالية! لكن الناظر إلى حال تلك المرأة السوداء الصابرة المحتسبة يجد أن هذه المرأة أفزعها انكشافها أكثر مما أفزعها الصرع والجن الذي يصرعها ، فصبرت على الصرع ولم تصبر على أن تتكشف ، ولو أصاب جن امرأة في زماننا لذهبت إلى السحرة والكهان وارتكبت شتى المخالفات في سبيل تحصيل الشفاء ، إلا من رحمها الله ، فأيتهما العاقلة ؟
وهذه فتاة فرنسية (( فاطمة عشبون )) في حديث مع صحيفة (( الفيجارو الفرنسية )) تقول للصحيفة : أنا لن أخلع الحجاب مهما كلف الأمر .
وتقول : لن أخضع لأي ضغط لخلع الحجاب ولو كان هذا الضغط من والدي( ). وتقول : وإذا ما حاولوا دون عودتي إلى المدرسة فسأبقى في المنزل .
نعم : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } [ المنافقون : 8 ] .
تلك الكلمات الناصعة المذهبة التي ستظل خالدة في سمع الزمان وسمع الدنيا ، سطرتها فاطمة عشبون ، تلك الفتاة المثالية التي آمنت باللَّه ربًّا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ، وعرفت قوله صلى الله عليه وسلم: (( ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء ))( ).
ولذلك فهي تقول : لن أخلع الحجاب مهما كلف الأمر ، في حين أننا في المقابل نرى من المسلمات من انهزمت في دينها فصارت تقول : لن ألبس الخمار مهما كلف الأمر !! بعكس فاطمة عشبون التي تعيش في مجتمع فرنسي غير مسلم ، أما بناتنا ونساؤنا فالمجتمع لا يمنعهن من ذلك ، فأيتهما أعقل ؟!
ويوم يكون خروج المرأة مؤديًا إلى مخالفات شرعية كخلع الحجاب ، فإن العودة إلى المنزل حينئذ هي التصرف الشرعي الصحيح ، وهكذا فعلت وقالت فاطمة : (( وإذا ما حاولوا دون عودتي إلى المدرسة فسأبقى في المنزل )) .
بارك اللَّه فيكِ يا فاطمة ، وأكثر من أمثالك ، ونصرك على القوم الظالمين ، ويا ليتك يا ابنتي ، يا صغيرة السن ، يا طالبة المدرسة تكوني عبرة ومثلاً ودرسًا لكثير من أخواتنا الجامعيات حاملات الشهادات ، أنا أشهد لك يا فاطمة أنك تحملين أغلى وأعز شهادة في الوجود وهي شهادة ألا إله إلا اللَّه ، وعرفت معناها وعملت بمقتضاها ، كما أشهد أن كثيرات غيرك يحملن شهادات الدنيا العالية – كما يسمونها - لكنهن ينطبق عليهن قول الله جل وعلا : { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } [ الروم : 7 ].
20- العاقلة ومصافحة الرجال أخرج الطبراني عن عقيلة بنت عتيك بن الحارث قالت : (( جئت أنا وأمي بريرة بنت الحارث العتوارية في نساء من المهاجرات فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو ضارب عليه قبة - خيمة - بالأبطح - وهو مكان بأعلى مكة - فأخذ علينا ألا نشرك باللَّه ولا نسرق ... الحديث .
وفيه : فبسطنا( ) أيدينا - لمصافحته - فقال : (( إني لا أمس أيدي النساء )) . فاستغفر لنا فكانت تلك بيعتنا )) .
واستغفاره لهن كان تحقيقًا لقول الله جل وعلا: { فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ الممتحنة : 12 ] .
فكيف يصافحهن صلى الله عليه وسلم وهو القائل : (( َلأَن يُطعن أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ))( ).
وعند البخاري ومسلم وغيرهما قالت عائشة : (( واللَّه ما مست يد رسول الله يد امرأة )) .
21- العاقلة والصراحة المُنصِفة هذه هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان ، وصفوها بأنها من عقلاء النساء ، كانت قبل إسلامها لا تكره أحدًا مثلما تكره بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعد أن أسلمت لم تكن تحب أهل بيت مثلما أحبت بيت النبوة ، وها هي تصارح النبي صلى الله عليه وسلم بتلك المعلومة التي تحمل في طياتها اعتذارًا عن شَقِّها بطن عمه حمزة ? وهو مقتول بمعركة أحد ، وإخراجها كَبِدَه ومضغها تشفيًا وكراهية ، وهي تعلم أن ذلك أَثَّر في نفس النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أن أرادت بعد إسلامها أن تثبت صدقها في حبها لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، قدَّمت أولاً أنها لم تكن تكره بيتًا أشد من بيته صلى الله عليه وسلم ، واعترافها بهذا راضية غير مكرهة وصدقها فيه يدل على صدقها في الأخرى وهي حب آل بيته صلى الله عليه وسلم.
عن أم المؤمنين عائشة رضي اللَّه عنها : جاءت هند بنت عتبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، والله ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب إليَّ أن يُذَلوا من أهل خبائك ، ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إليَّ أن يُعَزُّوا من أهل خبائك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( وأنا أيضًا والذي نفسي بيده )) الحديث( ) .
رحم الله هند بنت عتبة .
لقد عفا عنها النبي صلى الله عليه وسلم وقبل منها وقابلها بنفس شعورها ، وأقسم على ذلك رغم ما فعلته في عمّه حمزة ? ، لكنها فعلت ذلك تحت وطأة الكفر الذي يُكنُّ للإسلام كل عداوة ، ثم بعد ذلك أسلمت ، والإسلام يَجُبُّ ما قبله ؛ أي يمحو كل ما سبقه من انحراف ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليدخل الناس في الإسلام لا لينتقم لنفسه منهم ، فلذلك لم يَعُد أهل بيت أحب إلى قلب هند من أن يُعزوا من بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
|
|