451
" من بلغه عن الله شيء فيه فضيلة فأخذ به إيمانا به و رجاء ثوابه أعطاه الله
ذلك و إن لم يكن كذلك " .
قال الألبانى فى سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 647 ) :
$ موضوع .
أخرجه الحسن بن عرفة في " جزئه " ( 100 / 1 ) و ابن الأبار في " معجمه " ( ص
281 ) و أبو محمد الخلال في " فضل رجب " ( 15 / 1 - 2 ) , و الخطيب ( 8 / 296 )
, و محمد بن طولون ( 880 - 953 ) في " الأربعين " ( 15 / 2 ) عن فرات بن سلمان
, و عيسى بن كثير , كلاهما عن أبي رجاء , عن يحيى بن أبي كثير , عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن , عن جابر بن عبد الله الأنصاري مرفوعا .
و من هذه الطريق ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 258 )و قال :
" لا يصح , أبو رجاء كذاب " .
و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 214 ) , و أنا لم أعرف أبا رجاء هذا , ثم
وجدت الحافظ السخاوي صرح في " المقاصد " ( ص 191 ) بأنه لا يعرف . و كذا قال فى
" القول البديع " ( ص 197 ) .
و أما قول المؤرخ ابن طولون :
" هذا حديث جيد الإسناد , و أبو رجاء هو فيما أعلم محرز بن عبد الله الجزري
مولى هشام , و هو ثقة , و للحديث طرق و شواهد ذكرتها في كتابي " التوشيح لبيان
صلاة التسبيح " . فهو بعيد جدا عن قواعد هذا العلم .
فإن محرزا هذا إن سلم أنه أبو رجاء , فهو يدلس , كما قال الحافظ في " التقريب "
و قد عنعن , فأنى لإسناده الجودة ? على أنني أستبعد أن يكون أبو رجاء هو محرز
هذا , لأسباب : منها أنهم ذكروا في ترجمته أن من شيوخه , فرات بن سلمان , و
الواقع في هذا الإسناد خلافه , أعنى أن فرات بن سلمان هو راوى الحديث عنه , إلا
أن يقال : إنه من رواية الأكابر عن الأصاغر , و فيه بعد .
و الله أعلم .
و يؤيد أنه ليس به , أنني رأيت على هامش " جزء ابن عرفة " : " العطاردي " إشارة
إلى أن هذا نسبه , و لكن لم يوضع بجانبها حرف " صح " إشارة إلى أن هذه النسبة
هي من أصل الكتاب سقطت من قلم الناسخ , فاستدركها على الهامش كما هي عادتهم ,
فإذا لم يشر إلى أنها من الأصل , فيحتمل أن تكون وضعت عليه تبيينا و توضيحا ,
لا على أنها من الأصل , و لعلنا نعثر على نسخة أخرى لهذا الجزء فنتبين حقيقة
هذه الكلمة . و الله أعلم .
ثم رأيت الحديث قد أخرجه الحافظ القاسم ابن الحافظ ابن عساكر فى " الأربعين "
للسلفي ( 11 / 1 ) من الطريقين عن أبى رجاء به و قال :
" و هذا الحديث أيضا فيه نظر , و قد سمعت أبي رحمه الله يضعفه " .
ثم أورده ابن الجوزي من رواية الدارقطني بسنده عن ابن عمر , و فيه إسماعيل بن
يحيى , قال ابن الجوزي : " كذاب " , و من رواية ابن حبان من طريق يزيع أبي
الخليل عن محمد بن واسع , و ثابت بن أبان ( كذا الأصل , و لعله ابن أسلم , فإني
لا أعرف فى الرواة ثابت بن أبان ) عن أنس مرفوعا . و قال ابن الجوزى :
" بزيع متروك " .
قلت : قال الذهبي فى ترجمته :
" متهم , قال ابن حبان : يأتي عن الثقات بأشياء موضوعة كأنه المتعمد لها " .
و قال في " الضعفاء " :
" متروك " .
و فى " اللسان " للحافظ ابن حجر :
" و قال الدارقطني : كل شيء يرويه باطل . و قال الحاكم : يروى عن الثقات أحاديث
موضوعة " .
قلت : و من طريقه أخرجه أبو يعلى , و الطبراني في " الأوسط " بنحوه , كما فى "
المجمع " ( 1 / 149 ) , و سنذكره بعد هذا .
ثم إن السيوطي تعقب ابن الجوزي , فساق لحديث أنس طريقا آخر فيه متهم أيضا , كما
يأتي بيانه في الحديث الذي بعده , و ذكر كذلك طريقا أخرى لحديث ابن عمر من
رواية الوليد بن مروان عنه , و سكت عنه , و الوليد هذا مجهول , كما قال ابن أبى
حاتم ( 4 / 2 / 18 ) عن أبيه , و كذا قال الذهبي , و العسقلاني . ثم إن فيه
انقطاعا , فإن الوليد هذا روى عن غيلان بن جرير , و غيلان لم يرو عن غير أنس من
الصحابة , فهو من صغار التابعين , فالوليد على هذا من أتباعهم لم يدرك الصحابة
, فثبت انقطاع الحديث .
و من عجائب السيوطي أنه ساق بعد هذا قصة عن حمزة بن عبد المجيد .
خلاصتها : أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسأله عن هذا الحديث ,
فقال : " إنه لمني و أنا قلته " .
و من المقرر عند العلماء أن الرؤيا لا يثبت بها حكم شرعي , فبالأولى أن لا يثبت
بها حديث نبوي , و الحديث هو أصل الأحكام بعد القرآن .
و بالجملة , فجميع طرق هذا الحديث لا تقوم بها حجة , و بعضها أشد ضعفا من بعض ,
و أمثلها - كما قال الحافظ ابن ناصر الدين في " الترجيح " - طريق أبي رجاء ,
و قد عرفت وهاءها , و لقد أصاب ابن الجوزي في إيراده إياه في " الأحاديث
الموضوعة " , و تابعه على ذلك الحافظ ابن حجر , فقال , كما سبق في الحديث الذي
قبله : " لا أصل له " .
و كفى به حجة فى هذا الباب , و وافقه الشوكاني أيضا كما سيأتي في الحديث الذي
بعده .
و من آثار هذا الحديث السيئة أنه يوحي بالعمل بأي حديث طمعا في ثوابه , سواء
كان الحديث عند أهل العلم صحيحا , أو ضعيفا , أو موضوعا , و كان من نتيجة ذلك
أن تساهل جمهور المسلمين , علماء , و خطباء , و مدرسين , و غيرهم , فى رواية
الأحاديث , و العمل بها , و في هذا مخالفة صريحة للأحاديث الصحيحة في التحذير
من التحديث عنه صلى الله عليه وسلم إلا بعد التثبت من صحته عنه صلى الله عليه
وسلم كما بيناه في المقدمة .
ثم إن هذا الحديث و ما في معناه كأنه عمدة من يقول بجواز العمل بالحديث الضعيف
في فضائل الأعمال , و مع أننا نرى خلاف ذلك , و أنه لا يجوز العمل بالحديث إلا
بعد ثبوته , كما هو مذهب المحققين من العلماء , كابن حزم , و ابن العربي
المالكي , و غيرهم - فان القائلين بالجواز قيدوه بشروط :
منها أن يعتقد العامل به كون الحديث ضعيفا .
و منها : أن لا يشهر ذلك , لئلا يعمل المرء بحديث ضعيف , فيشرع ما ليس بشرع ,
أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة . كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر في "
تبيين العجب بما ورد فى فضل رجب " ( ص 3 - 4 ) قال :
" و قد صرح بمعنى ذلك الأستاذ ابن عبد السلام و غيره , و ليحذر المر من دخوله
تحت قوله صلى الله عليه وسلم : " من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد
الكذابين " , فكيف بمن عمل به , و لا فرق في العمل بالحديث في الأحكام , أو في
الفضائل , إذ الكل شرع .
قلت : و لا يخفى أن العمل بهذه الشروط ينافي هذا الحديث الموضوع , فالقائلون
بها , كأنهم يقولون بوضعه . و هذا هو المطلوب - فتأمل .
ثم رأيت رسالة ابن ناصر الدين في صلاة التسابيح التي نقلت عنها تجويده لإسناد
هذا الحديث قد طبعت بتعليق المدعو محمود بن سعيد المصري , و قد شغب فيها علينا
ما شاء له الشغب - كما هي عادته - و تأول كلام العلماء بما يتفق مع جدله
بالباطل , و مكابرته الظاهرة لكل قاريء , و لا مجال الآن للرد عليه مفصلا
, فحسبي أن أسوق مثالا واحدا على ما نقول :
لقد تظاهر بالانتصار للتجويد المشار إليه , فرد إعلالي للحديث بتدليس محرز , إن
سلم بأنه هو أبو رجاء , فزعم ( ص 32 و 33 ) بأن محرزا إنما يدلس عن مكحولا فقط
, و بذلك تأول ما نقله عن ابن حبان أنه قال :
كان يدلس عن مكحول , يعتبر بحديثه ما بين السماع فيه عن مكحول و غيره .
فتعامى عن قوله : و غيره , الصريح في أنه إذا لم يصرح بالسماع عن مكحول و عن
غيره , فلا يعتبر بحديثه , كما تعامى عن قول الحافظ المتقدم : " كان يدلس "
, فإنه مطلق يشمل تدليسه عن مكحول و غيره .
و إنما قلت : تظاهر .... لأنه بعد تلك الجعجعة رجع إلى القول بضعف الحديث فقد
تشكك ( ص 36 ) أولا في كون أبي رجاء هو محرز بن عبد الله المدلس
و ثانيا خالف ابن ناصر الدين بقوله :
و لكن الحديث فيه نكارة شديدة توجب ضعفه , فإنه يؤدي للعمل بكل ما يسمع ,
و لو كان موضوعا أو واهيا , ما دام في الفضائل .
قلت : فقد رجع من نقده إياي بخفي حنين بعد أن سرق ما جاء في استدراكه الأخير من
قولي المتقدم قريبا :
" و من آثار هذا الحديث السيئة أنه يوحي بالعمل بأي حديث طمعا في ثوابه ...
" إلخ .
أفلا يدل هذا على بالغ حقده و حسده و مكابرته ? بلى , هناك ما هو أعظم في
الدلالة , فانظر مقدمتي لكتابي " آداب الزفاف " طبع المكتبة الإسلامية في عمان
, تر العجب العجاب .
و الخلاصة : أن العلماء اتفقوا على رد هذا الحديث ما بين قائل بوضعه أو ضعفه ,
و هم : ابن الجوزي , و ابن عساكر , و ولداه , و ابن حجر , و السخاوي ,
و السيوطي , و الشوكاني , ( و هم القوم لا يشقى جليسهم ) .
و أما الطريق الأخرى التي سبقت الإشارة إليها من حديث أنس , فهي :
452
" من بلغه عن الله فضل فأخذ بذلك الفضل الذي بلغه , أعطاه الله ما بلغه و إن
كان الذي حدثه كاذبا " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 653 ) :
$ موضوع .
أخرجه البغوي في " حديث كامل بن طلحة " ( 4 / 1 ) , و ابن عبد البر في " جامع
بيان العلم " ( 1 / 22 ) , و أبو إسماعيل السمرقندي في " ما قرب سنده " ( 2 / 1
) , و ابن عساكر في " التجريد " ( 4 / 2 / 1 ) من مخطوطة الظاهرية مجموع ( 10 /
12 ) من طريق عباد بن عبد الصمد عن # أنس # مرفوعا .
قلت : و عباد متهم , قال الذهبي :
وهاه ابن حبان و قال : حدث عن أنس بنسخة كلها موضوعة .
ثم ذكر له الذهبي طرفا من حديث ثم قال : فذكر حديثا طويلا يشبه وضع القصاص , ثم
ذكر له آخر ثم قال : فهذا إفك بين .
قلت : و مع أن ابن عبد البر قد ذكر الحديث بإسناده و ذلك يبرئ عهدته منه , فقد
اعتذر عن ذكره بقوله :
أهل العلم بجماعتهم يتساهلون في الفضائل فيروونها عن كل , و إنما يتشددون في
أحاديث الأحكام , و قد تعقبه المحقق الشوكاني فأجاد , فقال في " الفوائد
المجموعة " ( ص 100 ) :
و أقول : إن الأحكام الشرعية متساوية الأقدام لا فرق بينها , فلا يحل إذاعة
الأصل : إضاعة شيء منها إلا بما يقوم به الحجة , و إلا كان من التقول على الله
بما لم يقل , و فيه من العقوبة ما هو معروف , و القلب يشهد بوضع ما ورد في هذا
المعنى و بطلانه , و قد روي الحديث بلفظ آخر , و هو :
453
" من بلغه عن الله فضيلة فلم يصدق بها لم ينلها " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 654 ) :
# موضوع .
رواه أبو يعلى في " مسنده " ( 6 / 163 ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق 40 / 2 )
عن بزيع أبي الخليل الخصاف عن ثابت عن # أنس # مرفوعا , و قال : لا أعلم رواه
غير بزيع أبي الخليل .
قلت : و هو متهم بالوضع كما تقدم قبل حديث , و ذكره الهيثمي في " المجمع " ( 1
/ 149 ) من حديث أنس و قال :
رواه أبو يعلى , و الطبراني في " الأوسط " , و فيه بزيع أبو الخليل و هو ضعيف
.قلت : بل هو متهم , كما قال الذهبي , و تقدمت عبارة ابن حبان و غيره في ذلك
قبل حديث .
454
" إذا صليتم فقولوا : سبحان الله ثلاثا و ثلاثين , و الحمد لله ثلاثا و ثلاثين
, و الله أكبر ثلاثا و ثلاثين , و لا إله إلا الله عشرا , فإنكم تدركون بذلك من
سبقكم , و تسبقون من بعدكم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 654 ) :
$ ضعيف بهذا السياق .
أخرجه النسائي ( 1 / 199 ) و الترمذي ( 2 / 264 - 265 ) من طريق عتاب بن بشير
عن خصيف عن مجاهد , و عكرمة عن # ابن عباس # قال :
جاء الفقراء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إن
الأغنياء يصلون كما نصلي , و يصومون كما نصوم , و لهم أموال يتصدقون و ينفقون ,
فقال النبي صلى الله عليه وسلم ... " فذكره . و قال الترمذي :
حديث حسن غريب .
قلت : إسناده ضعيف , خصيف , و هو ابن عبد الرحمن الجزري , صدوق , سيء الحفظ ,
خلط بأخرة , و عتاب : صدوق , يخطيء .
و قوله : و " لا إله إلا الله عشرا " منكر مخالف لحديث أبي هريرة في هذه القصة
, و فيه : لا إله إلا الله وحده لا شريك له .... مرة واحدة , و إسناده صحيح ,
كما كنت بينته في " الأحاديث الصحيحة " رقم ( 100 ) .
455
" الرجل الصالح يأتي بالخبر الصالح , و الرجل السوء يأتي بالخبر السوء " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 655 ) :
$ موضوع .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 95 ) , و ابن عساكر ( 13 / 185 / 2 ) من
طريق محمد بن القاسم الطايكاني قال : حدثنا عمر في " الحلية " عمرو
و هو خطأ , ابن هارون عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب عن # أبي هريرة #
مرفوعا , و قال :
غريب لم نكتبه إلا من حديث محمد بن القاسم .
قلت : و هو وضاع , و شيخه عمر بن هارون كذاب و خفي هذا على السيوطي , فأورد
الحديث في " الجامع الصغير " برواية أبي نعيم و ابن عساكر عن أبي هريرة ,
و لم يتكلم شارحه على إسناده بشيء , غير أنه قال :
و رواه عنه الديلمي ثم وجدت له طريقا أخرى , رواه أبو بكر الأزدي في " حديثه "
( 5 / 1 ) عن يحيى بن عبدويه , حدثني أبو محمد بن سعيد بن المسيب - و أحسب اسمه
عبد الملك - عن أبيه عن جده عن أبي هريرة به .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا , علته ابن عبدويه , رماه ابن معين بالكذب , و أما
أحمد فأثنى عليه و أبو محمد بن سعيد بن المسيب لم أعرفه , و لسعيد ابن يدعى
محمد , فلعله هذا انقلب اسمه على ابن عبدويه فجعله كنيته , و حسب أن اسمه
عبد الملك , ثم زاد في السند " عن جده " فجعله من سند المسيب عن أبي هريرة ,
و المسيب صحابي , و لا نعرف له رواية عن أبي هريرة و له شاهد لا يساوي فلسا ,
أخرجه أبو الشيخ في " الأمثال " ( 66 ) من طريق داود ابن المحبر : حدثنا عنبسة
ابن عبد الرحمن القرشي عن عبد عبد الله بن ربيعة عن أنس مرفوعا .
قلت : و عنبسة و داود وضاعان .
456
" إن فاطمة حصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 656 ) :
$ ضعيف جدا .
أخرجه الطبراني ( 1 / 257 / 1 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 286 ) و ابن عدي
في " الكامل " ( ق 249 / 1 ) و ابن شاهين في " فضائل فاطمة " ( ورقة 3 وجه 1 )
و تمام في " الفوائد " ( 61 / 2 ) و ابن منده في " المعرفة " ( 2 / 293 / 1 )
و ابن عساكر ( 5 / 23 / 1 , 17 / 386 / 1 ) عن معاوية بن هشام , حدثنا عمر ابن
غياث الحضرمي عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن # عبد الله بن مسعود #
مرفوعا , ثم رواه ابن شاهين , و كذا أبو القاسم المهراني في " الفوائد المنتخبة
" ( 2 / 11 / 2 ) من طريق حفص بن عمر الأبلي , حدثنا عبد الملك بن الوليد بن
معدان , و سلام بن سليم القاري عن عاصم به , و ابن شاهين أيضا من طريق محمد بن
عبيد بن عتبة , حدثنا محمد بن إسحاق البلخي حدثنا تليد عن عاصم به .
قلت : فهذه طرق ثلاث عن عاصم , و هي ضعيفة جدا , و بعضها أشد ضعفا من بعض .
ففي الطريق الأولى عمر بن غياث , قال العقيلي :
قال البخاري : في حديثه نظر , قال العقيلي : و الحديث هو هذا , و قال البخاري
في " التاريخ الصغير " ( ص 214 ) .
و لم يذكر سماعا من عاصم , معضل الحديث , و اتهمه ابن حبان فقال : يروي عن عاصم
ما ليس من حديثه , و قال ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 3 / 1 / 128 )
عن أبيه : هو منكر الحديث , و الراوي عنه معاوية بن هشام فيه ضعف , لكن الحمل
فيه على شيخه عمر , و من هذه الطرق برواية ابن عدي أورده ابن الجوزي في "
الموضوعات " و قال : مداره على عمرو بن غياث و يقال فيه عمر , و قد ضعفه
الدارقطني , و قال ابن حبان : عمرو يروي عن عاصم ما ليس من حديثه , و لعله سمعه
في اختلاط عاصم , ثم إن ثبت الحديث فهو محمول على أولادها فقط , و بذلك فسره
محمد بن علي بن موسى الرضى فقال : هو خاص بالحسن و الحسين .
قلت : و من هذا الوجه أخرجه الحاكم ( 3 / 152 ) و أبو نعيم ( 4 / 188 ) و قال :
هذا حديث غريب تفرد به معاوية ,و أما الحاكم فقال : صحيح الإسناد , و رده
الذهبي بقوله :
قلت : بل ضعيف , تفرد به معاوية , و قد ضعف عن ابن غياث , و هو واه بمرة .
قلت : و رواه العقيلي أيضا من طريق آخر عن معاوية بن هشام به , إلا أنه أوقفه
على ابن مسعود , و قال العقيلي : و الموقوف أولى .
قلت : و لا يصح لا موقوفا و لا مرفوعا .
و أما الطريق الثاني , ففيه حفص بن عمر الأبلي و هو كذاب .
و أما الطريق الثالث , ففيه تليد , قال ابن معين : كذاب يشتم عثمان , و قال أبو
داود : رافضي يشتم أبا بكر و عمر , و في لفظ " خبيث " , فتبين أن هذه الطرق
واهية لا تزيد الحديث إلا وهنا , و قد روى أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 /
206 - 207 ) بسند فيه نظر عن ابن الرضا أنه سئل عن هذا الحديث فقال : خاص للحسن
و الحسين , و ذكره العقيلي من قول أبي كريب أحد رواته عن ابن هشام , و زاد :
و لمن أطاع الله منهم , و هذا تأويل جيد لو صح الحديث , و قد ذكر له السيوطي
شاهدا من حديث ابن عباس , و هو عندي شاهد قاصر , لأنه أخص منه , على أن إسناده
ضعيف , و هو :
457
" إن الله غير معذبك ( يعني فاطمة رضي الله عنها ) و لا ولدها " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 659 ) :
$ ضعيف .
أخرجه الطبراني ( 3 / 131 / 2 ) حدثنا أحمد بن بهرام الإيذجي , أخبرنا محمد بن
مرزوق , حدثنا إسماعيل بن موسى بن عثمان الأنصاري , سمعت صيفي بن ربعي يحدث عن
عبد الرحمن بن الغسيل عن عكرمة عن # ابن عباس # مرفوعا .
و قد أورده السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 402 ) شاهدا للحديث الذي قبله و سكت
عنه , و قال الهيثمي في " المجمع " ( 9 / 202 ) : رواه الطبراني و رجاله ثقات
و أقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 1 / 417 ) .
قلت : و فيه نظر من وجوه :
الأول : أن إسماعيل هذا لم يوثقه غير ابن حبان , و قد ذكرنا مرارا أن توثيقه
إذا تفرد غير موثوق , و لا سيما إذا خالفه غيره كما هنا , فقد قال ابن أبي حاتم
( 1 / 1 / 196 ) عن أبيه : إنه مجهول .
الثاني : أن محمد بن مرزوق و إن خرج له مسلم ففيه لين كما قال ابن عدي .
الثالث : أن الإيذجي هذا أورده السمعاني في " الأنساب " فقال : روى عن محمد بن
مرزوق , روى عنه الطبراني , و سمع منه بإيذج , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا
و الله أعلم , ثم شككت في كون ابن عثمان الأنصاري هو الذي وثقه ابن حبان , لأنه
ذكره في ( أتباع التابعين ) ( 6 / 43 ) , و هذا كما ترى دونه بحيث أدركه محمد
بن مرزوق شيخ مسلم , ثم هو لم يجاوز في نسبه أباه موسى الأنصاري ,
فالله أعلم .
458
" دية ذمي دية مسلم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 660 ) :
$ منكر .
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 45 ـ 46 / 780 ) و الدارقطني في " سننه " (
ص 343 , 349 ) و البيهقي ( 8 / 102 ) من طريق أبي كرز القرشي عن نافع عن # ابن
عمر # مرفوعا , و ضعفه الدارقطني بقوله : لم يرفعه عن نافع غير أبي كرز و هو
متروك , و اسمه عبد الله بن عبد الملك الفهري , و ذكر الذهبي في ترجمته من
" الميزان " أن هذا الحديث من أنكر ما له , ثم رواه الدارقطني من حديث أسامة بن
زيد , و أعله بأن فيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي متروك الحديث .
قلت : بل هو متهم , و قد تقدم له غير ما حديث , ثم رواه البيهقي من حديث ابن
عباس , و أعله بأن فيه الحسن بن عمارة قال : و هو متروك لا يحتج به .
و من طريق أخرى عنه , و فيه أبو سعد البقال , قال البيهقي :
لا يحتج به , و قال الزيلعي ( 4 / 336 ) : فيه لين .
و رواه الرافقي في حديثه ( 19 / 2 ) عن أبي هريرة , و فيه بركة بن محمد
الأنصاري و هو الحلبي و ليس فيه بركة , قال الدارقطني : كان يضع الحديث .
ثم رواه البيهقي من حديث الزهري مرسلا , و قال : رده الشافعي بكونه مرسلا ,
و بأن الزهري قبيح المرسل .
قال الشوكاني ( 7 / 55 ) مبينا وجه ذلك : لأنه حافظ كبير لا يرسل إلا لعلة .
و رواه الإمام محمد في " كتاب الآثار " ( ص 104 ) قال : أخبرنا أبو حنيفة عن
الهيثم مرفوعا .
قلت : و هذا معضل , فإن الهيثم هذا هو ابن حبيب الصيرفي الكوفي و هو من أتباع
التابعين , روى عن عكرمة و عاصم بن ضمرة , و أبي حنيفة .
و توضيحا لذلك أقول : و أبو حنيفة ضعفوا حديثه كما سبق بيانه عند الحديث
( 397 ) .
و توضيحا لذلك أقول : ذكرت هناك أن الإمام رحمه الله قد ضعفه من جهة حفظه :
البخاري , و مسلم , و النسائي , و ابن عدي و غيرهم من أئمة الحديث ,فأذكر هنا
نصوص الأئمة المشار إليهم و غيرهم ممن صح ذلك عنهم , ليكون القاريء على بينة من
الأمر , و لا يظن أحد منهم أن فيما ذكرنا هناك ما يمكن أن يدعي مدع أنه اجتهاد
منا , و إنما هو الاتباع لأهل العلم و المعرفة و الاختصاص , و الله عز وجل
يقول : *( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )* , و يقول : *( فاسأل به
خبيرا )* .
1 - قال الإمام البخاري في " التاريخ الكبير " ( 4 / 2 / 81 ) : سكتوا عنه .
2 - و قال الإمام مسلم في " الكنى و الأسماء " ( ق 31 / 1 ) : مضطرب الحديث ليس
له كبير حديث صحيح .
3 - و قال النسائي في آخر " كتاب الضعفاء و المتروكين " ( ص 57 ) : ليس بالقوي
في الحديث , و هو كثير الغلط على قلة روايته .
4 - و قال ابن عدي في " الكامل " ( 403 / 2 ) : له أحاديث صالحة , و عامة ما
يرويه غلط و تصاحيف و زيادات في أسانيدها و متونها , و تصاحيف في الرجال ,
و عامة ما يرويه كذلك , و لم يصح له في جميع ما يرويه , إلا بضعة عشر حديثا ,
و قد روى من الحديث لعله أرجح من ثلاثمائة حديث , من مشاهير و غرائب , و كله
على هذه الصورة , لأنه ليس هو من أهل الحديث , و لا يحمل عمن يكون هذه صورته في
الحديث .
5 - قال ابن سعد في " الطبقات " ( 6 / 256 ) : كان ضعيفا في الحديث .
6 - و قال العقيلي في " الضعفاء " ( ص 432 ) : حدثنا عبد الله بن أحمد قال :
سمعت أبي يقول : حديث أبي حنيفة ضعيف .
7 - و قال ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 4 / 1 / 450 ) : حدثنا حجاج
ابن حمزة قال : أنبأنا عبدان بن عثمان قال : سمعت ابن المبارك يقول : كان
أبو حنيفة مسكينا في الحديث .
8 ـ و قال أبو حفص بن شاهين : و أبو حنيفة , فقد كان في الفقه ما لا يدفع من
علمه فيه , و لم يكن في الحديث بالمرضي , لأنه للأسانيد نقادا , فإذا لم يعرف
الإسناد ما يكتب و ما كذب نسب إلى الضعف .
كذا في فوائد ثبتت في آخر نسخة " تاريخ جرجان " ( ص 510 ـ 511 ) .
9 ـ قال ابن حبان : و كان رجلا جدلا ظاهر الورع لم الحديث صناعته حدث بمئة
و ثلاثين حديثا مسانيد ما له حديث في الدنيا غيرها أخطأ منها في مئة و عشرين
حديثا إما أن يكون أقلب إسناده أو غير متنه من حيث لا يعلم فلما غلب خطؤه على
صوابه استحق ترك الاحتجاج به في الأخبار .
10 - و قال الدارقطني في " سننه " و قد ساق عن أبي حنيفة عن موسى بن أبي عائشة
عن عبد الله بن شداد عن جابر مرفوعا : " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة
" , فقال الدارقطني عقبه ( ص 123 ) : لم يسنده عن موسى بن أبي عائشة غير أبي
حنيفة , و الحسن بن عمارة , و هما ضعيفان .
11 - و أورده الحاكم في " معرفة علوم الحديث " في جماعة من الرواة من أتباع
التابعين فمن بعدهم , لم يحتج بحديثهم في الصحيح , و ختم ذلك بقوله ( ص 256 ) :
فجميع من ذكرناهم , قوم قد اشتهروا بالرواية , و لم يعدوا في طبقة الأثبات
المتقنين الحفاظ .
12 - و ذكر الحافظ عبد الحق الأشبيلي في " الأحكام " ( ق 17 / 2 ) حديث خالد بن
علقمة عن عبد خير عن على في وضوئه صلى الله عليه وسلم : فمسح برأسه مرة , و قال
عقبه : كذا رواه الحفاظ الثقات عن خالد , و رواه أبو حنيفة عن خالد فقال :
و مسح رأسه ثلاثا , و لا يحتج بأبي حنيفة لضعفه في الحديث .
13 - و أورده ابن الجوزي في كتابه " الضعفاء و المتروكين " ( 3 / 163 ) و نقل
تضعيف النسائي و غيره ممن تقدم ذكره و عن الثوري أنه قال : ليس بثقة و عن النضر
ابن شميل : متروك الحديث .
14 - قال الذهبي في " ديوان الضعفاء " ( ق 215 / 1 - 2 ) : النعمان الإمام
رحمه الله , قال ابن عدي : عامة ما يرويه غلط و تصحيف و زيادات , و له أحاديث
صالحة , و قال النسائي : ليس بالقوي في الحديث كثير الغلط و الخطأ على قلة
روايته , و قال ابن معين : لا يكتب حديثه .
و هذا النقل عن ابن معين معناه عنده أن أبا حنيفة من جملة الضعفاء , و هو يبين
لنا أن توثيق ابن معين للإمام أبي حنيفة الذي ذكره الحافظ في " التهذيب " ليس
قولا واحدا له فيه , و الحقيقة أن رأى ابن معين كان مضطربا في الإمام , فهو
تارة يوثقه , و تارة يضعفه كما في هذا النقل , و تارة يقول فيما يرويه ابن محرز
عنه في " معرفة الرجال " ( 1 / 6 / 1 ) : كان أبو حنيفة لا بأس به , و كان لا
يكذب , و قال مرة أخرى : أبو حنيفة عندنا من أهل الصدق , و لم يتهم بالكذب .
و مما لا شك فيه عندنا أن أبا حنيفة من أهل الصدق , و لكن ذلك لا يكفي ليحتج
بحديثه حتى ينضم إليه الضبط و الحفظ , و ذلك مما لم يثبت في حقه رحمه الله , بل
ثبت فيه العكس بشهادة من ذكرنا من الأئمة , و هم القوم لا يضل من أخذ بشهادتهم
و اتبع أقوالهم , و لا يمس ذلك من قريب و لا من بعيد مقام أبي حنيفة رحمه الله
في دينه و ورعه و فقهه , خلافا لظن بعض المتعصبين له من المتأخرين فكم من فقيه
و قاض و صالح تكلم فيهم أئمة الحديث من قبل حفظهم , و سوء ضبطهم , و مع ذلك لم
يعتبر ذلك طعنا في دينهم و عدالتهم , كما لا يخفى ذلك على المشتغلين بتراجم
الرواة , و ذلك مثل محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى القاضي و حماد بن أبي
سليمان الفقيه و شريك بن عبد الله القاضي و عباد بن كثير و غيرهم , حتى قال
يحيى بن سعيد القطان : لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث , رواه مسلم
في مقدمة صحيحه ( 1 / 13 ) و قال في تفسيره : يقول يجري الكذب على لسانهم ,
و لا يتعمدون الكذب , و روى أيضا عن عبد الله بن المبارك قال : قلت لسفيان
الثوري : إن عباد بن كثير من تعرف حاله ( يعني في الصلاح و التقوى ) و إذا حدث
جاء بأمر عظيم , فترى أن أقول للناس : لا تأخذوا عنه ? قال : سفيان : بلى , قال
عبد الله : فكنت إذا كنت في مجلس ذكر فيه عباد أثنيت عليه في دينه , و أقول :
لا تأخذوا عنه .
قلت : فهذا هو الحق و العدل و به قامت السماوات و الأرض , فالصلاح و الفقه شيء
و حمل الحديث و حفظه و ضبطه شيء آخر , و لكل رجاله و أهله , فلا ضير على أبي
حنيفة رحمه الله أن لا يكون حافظا ضابطا , ما دام أنه صدوق في نفسه , أضف إلى
ذلك جلالة قدره في الفقه و الفهم , فليتق الله بعض المتعصبين له ممن يطعن في
مثل الإمام الدارقطني لقوله في أبي حنيفة ضعيف في الحديث .
و يزعم أنه ما قال ذلك إلا تعصبا على أبي حنيفة , و لم يدر البعض المشار إليه
أن مع الدارقطني أئمة الحديث الكبار مثل الشيخين و أحمد و غيرهم ممن سبق ذكرهم
أفكل هؤلاء متعصبون ضد أبي حنيفة ? ! تالله إن شخصا يقبل مثل هذه التهمة توجه
إلى مثل هؤلاء , لأيسر عليه و أقرب إلى الحق أن يعكس ذلك فيقول : صدوق هؤلاء
فيما قالوه في الإمام أبي حنيفة , و لا ضير عليه في ذلك , فغايته أن لا يكون
محدثا ضابطا , و حسبه ما أعطاه الله من العلم و الفهم الدقيق حتى قال الإمام
الشافعي : الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة , و لذلك ختم الحافظ الذهبي ترجمة
الإمام في " سير النبلاء " ( 5 / 288 / 1 ) بقوله و به نختم :
قلت : الإمامة في الفقه و دقائقه مسلمة إلى هذا الإمام , و هذا أمر لا شك فيه
و ليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل
ثم إن الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 127 ) من الطريق الأولى
, و قال : قال الدارقطني : باطل لا أصل له , و أبو كرز عبد الله بن كرز متروك ,
و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 189 ) و زاد عليه , فذكر ما سبق نقله عن
الذهبي و أنه أخرجه الطبراني في " الأوسط " يعني من الطريق المذكور .
و هذا شيء غير معهود من السيوطي فإن عادته أن يتعقب ابن الجوزي في مثل هذا
الحديث , الذي له ما سبق ذكره من الشواهد ! و لعله إنما أمسك عن ذكرها لأنها مع
ضعفها تعارض الحديث الثابت , و هو قوله صلى الله عليه وسلم :
" إن عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين " , و هم اليهود و النصارى .
أخرجه أحمد ( رقم 6692 , 5716 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 11 / 26 / 2 )
و أصحاب " السنن " و الدارقطني و البيهقي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
و حسنه الترمذي ( 1 / 312 ) و صححه ابن خزيمة كما قال الحافظ في " بلوغ المرام
" ( 3 / 342 بشرح سبل السلام ) و هو حسن الإسناد عندي , و على هذا فكان على
السيوطي أن لا يورد الحديث في " الجامع الصغير " لمعارضته لهذا الحديث الثابت ,
و لفظه عند أبي داود : كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثمانمائة دينار : ثمانية آلاف درهم , و دية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية
المسلمين , و له شاهد من حديث ابن عمر في " المعجم الأوسط " ( 1 / 188 / 1 ) .
و قد خرجته في " الإرواء " ( 2251 ) .
و من أراد تحقيق القول في هذا الحديث من الناحية الفقهية فليراجع
" سبل السلام " للصنعاني " , و " نيل الأوطار " للشوكاني .
459
" صام نوح عليه الصلاة و السلام الدهر إلا يوم الفطر و يوم الأضحى " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 668 ) :
$ ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 1 / 524 ) من طريق ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن أبي فراس
أنه سمع # عبد الله بن عمر # يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
... فذكره .
قال البوصيري في " الزوائد " ( ق 108 / 2 ) : هذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة
قلت : و بقية رجال الإسناد ثقات , و أبو فراس اسمه يزيد بن رباح السهمي المصري
قال العجلي في " الثقات " ( رقم 1572 ـ نسختي ) : مصري ( الأصل : بصري ) تابعي
ثقة , و هو من رجال مسلم , و قد خفي هذا على المنذري في " الترغيب " ( 2 / 82 )
ثم الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 195 ) فقالا : إنه لا يعرف , و به أعلا الحديث
و قد أورداه بزيادة من رواية الطبراني في " الكبير " , و إنما علته ابن لهيعة
كما سبق , ثم إن الحديث لو صح لم يجز العمل به لأنه من شريعة من قبلنا , و هي
ليست شريعة لنا على ما هو الراجح عندنا , و لا سيما و قد ثبت النهى عن صيام
الدهر في غير ما حديث عنه صلى الله عليه وسلم حتى قال صلى الله عليه وسلم في
رجل يصوم الدهر : " وددت أنه لم يطعم الدهر " .
رواه النسائي ( 1 / 324 ) , بسند صحيح .
460
" أنا أولى من وفى بذمته " قاله صلى الله عليه وسلم حين أمر بقتل مسلم كان قتل
رجلا من أهل الذمة .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 669 ) :
$ منكر .
أخرجه ابن أبي شيبة ( 11 / 27 / 1 ) و عبد الرزاق ( 18514 ) و أبو داود في
المراسيل ( 207 / 250 ) و الطحاوي ( 2 / 111 ) و الدارقطني ( ص 345 ) و البيهقي
( 8 / 20 ـ 21 ) من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن البيلماني
أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل من المسلمين قد قتل معاهدا من أهل الذمة
فأمر به فضرب عنقه و قال ... فذكره , و أعله الطحاوي بالإرسال , و قد وصله
الدارقطني و البيهقي من طريق عمار بن مطر , أنبأنا إبراهيم بن محمد الأسلمي عن
ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن ابن البيلماني عن ابن عمر به , و قال الدارقطني :
لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى و هو متروك الحديث , و الصواب عن ربيعة عن
ابن البيلماني مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم و ابن البيلماني ضعيف لا تقوم
به حجة إذا وصل الحديث فكيف بما يرسله ? .
و أقره الحافظ في " الفتح " ( 12 / 221 ) , و نقل البيهقي عن الإمام صالح بن
محمد الحافظ أنه قال : هو مرسل منكر .
قلت : و روى من وجهين آخرين مرسلين :
الأول : عن يحيى بن سلام عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر عن النبي
صلى الله عليه وسلم مثله , أخرجه الطحاوي .
و هذا مع إرساله ضعيف جدا , يحيى بن سلام ضعفه الدارقطني , و محمد بن أبي حميد
ضعيف جدا , قال البخاري : منكر الحديث , و قال النسائي : ليس بثقة .
الآخر : عن عبد الله بن يعقوب حدثنا عبد الله بن عبد العزيز بن صالح الحضرمي
عنه صلى الله عليه وسلم نحوه .
أخرجه أبو داود في " المراسيل " ( 208 / 251 ) قال الزيلعي في " نصب الراية " (
4 / 336 )
و قال ابن القطان في كتابه : و عبد الله بن يعقوب و عبد الله بن عبد العزيز
مجهولان و لم أجد لهما ذكرا و أقره الزيلعي .
قلت : فهذه طرق شديدة الضعف لا يتقوى بها الحديث , و يزيده ضعفا أنه معارض
للحديث الصحيح و هو قوله صلى الله عليه وسلم : لا يقتل مسلم بكافر .
أخرجه البخاري ( 12 / 220 ) و غيره عن علي رضي الله عنه و هو مخرج في الإرواء
( 2209 ) , و به أخذ جمهور الأئمة , و أما الحنفية فأخذوا بالأول على ضعفه
و معارضته للحديث الصحيح ! و قد أنصف بعضهم فرجع إلى الحديث الصحيح فروى
البيهقي و الخطيب في " الفقيه " ( 2 / 57 ) عن عبد الواحد بن زياد قال : لقيت
زفر فقلت له صرتم حديثا في الناس و ضحكة ! قال : و ما ذلك ? قال : قلت :
تقولون في الأشياء كلها : ادرءوا الحدود بالشبهات , و جئتم إلى أعظم الحدود
فقلتم : تقام بالشبهات ! قال : و ما ذلك ? قلت : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " لا يقتل مؤمن بكافر " , فقلتم : يقتل به ! قال : فإنى أشهدك الساعة
أني قد رجعت عنه , و رواه أبو عبيد بنحوه , و سنده صحيح كما قال الحافظ .
ثم وقفت بعد ذلك على فصل للأستاذ المودودي في " الحقوق العامة لأهل الذمة " في
كتابه " نظرية الإسلام و هديه " , لفت انتباهي فيه مسألتان :
الأولى : قوله : إن دية الذمى دية المسلم , و قد سبق بيان ما فيه عند الكلام
على الحديث ( 458 ) : و الأخرى قوله ( ص 341 ) :
دم الذمي كدم المسلم , فإن قتل مسلم أحدا من أهل الذمة اقتص منه له كما لو قتل
مسلما , ثم ذكر هذا الحديث من رواية الدارقطني محتجا به , و قد عرفت من تخريجنا
للحديث أن الدارقطني رحمه الله لما خرجه عقبه ببيان ضعفه , فالظاهر أن الأستاذ
لم يقف على هذا التضعيف , و إنما رأى بعض فقهاء الحنفية الذين لا معرفة عندهم
بالتخريج عزى هذا الحديث إلى الدارقطني و لم يذكر معه تضعيفه , فظن الأستاذ أن
الدارقطني سكت عنه , و لولا ذلك لما سكت عنه الأستاذ و لأتبعه بنقل التضعيف كما
تقتضيه الأمانة العلمية , ثم إن الأستاذ أتبع الحديث ببعض الآثار عن الخلفاء
الثلاثة : عمر و عثمان و على رضي الله عنهم , استدل بها أيضا على قوله المذكور
, فرأيت الكلام عليها بما يقتضيه علم الحديث حتى يكون المسلم على بينة من الأمر
, أما أثر عمر فخلاصته أن رجلا من بني بكر بن وائل قتل رجلا من أهل الذمة ,
فأمر عمر بتسليم القاتل إلى أولياء المقتول , فسلم إليهم فقتلوه .
قلت : فهذا لا يصح إسناده لأنه من رواية إبراهيم و هو النخعي أن رجلا ..
هكذا رواه عبد الرزاق في " مصنفه " ( 10 / 101 / 18515 )مختصرا و رواه البيهقي
في " المعرفة " بتمامه كما في " نصب الراية " للزيلعي ( 4 / 337 ) ,
و إبراهيم لم يدرك زمان عمر و في إسناد البيهقي أبو حنيفة و قد عرفت ما قيل فيه
قبل حديث , على أنه قد جاء موصولا من طريق أخرى فيها زيادة في آخره تفسد
الاستدلال به لو صح , و هي : فكتب عمر : أن يودى و لا يقتل .
رواه الطحاوى ( 2 / 112 ) عن النزال بن سبرة قال : قتل رجل من المسلمين رجلا من
الكفار ... " .
أما أثر عثمان ففيه قصة طويلة , خلاصتها أن أبا لؤلؤة لعنه الله لما قتل عمر
رضي الله عنه , ذهب ابنه عبيد الله إلى ابنة لأبي لؤلؤة صغيرة تدعي الإسلام ,
فقتلها و قتل معها الهرمزان و جفينة و كان نصرانيا , فعل ذلك لظنه أنهم تمالؤوا
على قتل أبيه , فلما استخلف عثمان رضي الله عنه استشار المهاجرين على قتله ,
فكلهم أشاروا عليه بذلك , ثم حال بينه و بين ذلك أن كثر اللغط و الاختلاف من جل
الناس يقولون لجفينة و الهرمزان : أبعدهما الله , لعلكم تريدون أن تتبعوا عمر
ابنه ! ثم قال عمرو بن العاص لعثمان : يا أمير المؤمنين إن هذا الأمر قد كان
قبل أن يكون لك على الناس سلطان , فتفرق الناس عن خطبة عمرو , و انتهى إليه
عثمان , و ودى الرجلان و الجارية .
أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2 / 111 ) عن سعيد بن المسيب , و في سنده
عبد الله بن صالح و فيه ضعف , لكن رواه ابن سعد في " الطبقات " ( 3 / 1 / 256 ـ
258 ) من طريق أخرى بسند صحيح عن سعيد , و ظاهره الإرسال لأنه كان صغيرا لما
قتل عمر , كان عمره يومئذ دون التاسعة , و يبعد لمن كان في مثل هذه السن أن
يتلقى هذا الخبر عن صاحب القصة مباشرة و هو عبيد الله بن عمر , ثم لا يسنده عنه
, فإن كان سمعه منه أو من غيره ممن أدرك القصة من الثقات فالسند صحيح , و إلا
فلا , لجهالة الواسطة , اللهم إلا عند من يقول بأن مراسيل سعيد حجة .
و على كل حال فليس في القصة نص على أن المسلم يقتل بالذمي لأن عثمان
و المهاجرين الذين أرادوا قتله لم يصرحوا بأن ذلك لقتله جفينة النصراني , كيف
و هو قد قتل مسلمين معه : ابنة أبي لؤلؤة , و الهرمزان فإنه كان مسلما كما رواه
البيهقي , فهو يستحق القتل لقتله إياهما , لا من أجل النصراني و الله أعلم .
و أما أثر علي , فهو نحو أثر عمر , إلا أن فيه :
فجاء أخوه ( أي القتيل ) فقال : قد عفوت , فقال : لعلهم فزعوك أو هددوك ? قال :
لا ... فهذا إسناده ضعيف , ضعفه الزيلعي ( 4 / 337 ) و غيره , و أعلوه بأن فيه
حسين بن ميمون , قال أبو حاتم : ليس بالقوي في الحديث , و ذكره البخاري في
" الضعفاء " , و فيه أيضا قيس بن الربيع و هو ضعيف .
على أنه بالإضافة إلى ضعف إسناده , فإنه مخالف لحديثه المتقدم " لا يقتل مسلم
بكافر " و لهذا قال الزيلعي :
قال الشافعي : فيه دليل على أن عليا لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا
يقول بخلافه " .
فتبين أن هذه الآثار لا يثبت شيء منها , فلا يجوز الاستدلال بها , هذا لو لم
تعارض حديثا مرفوعا ? فكيف و هي معارضة لحديث علي المذكور ? ! فهذا يبين لك
بوضوح أثر الأحاديث الضعيفة بحيث أنه استبيح بها دماء المسلمين !
و عورضت بها الأحاديث الصحيحة الثابتة عن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم .