ضيف الحلقة:
الشيخ د.عبد الكريم بكار ( الرياض - السعودية )
موضوع الحلقة:
تنمية الشخصية ( معرفة الذات )
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أيها الأخوة المشاهدون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحبا بكم في حلقة جديدة من الحلقات التي نتحدث فيها عن تنمية الشخصية إننا في كل أسبوع سنتناول بحول الله وطوله جانبا من جوانب الشخصية الإسلامية وفي كل جانب سنحاول أن نقدم بعض الأفكار والمفاهيم التي تغطي ذلك الجانب والتي تقدم رؤية ومعونة للنهوض بها وحديثنا اليوم عن الوعي الذاتي أو عن معرفة الإنسان بنفسه أيها الأخوة الكرام على مدار التاريخ كانت المشكلة الحقيقية التي تواجه الإنسان هي مشكلة الجهل الإنسان بسبب الجهل كفر بالله تعالى وعبد الأصنام وعبد الحجر والشجر وعبد الأشياء وعبد الحيوان بسبب الجهل كذب الرسل عليهم الصلاة والسلام وقتلهم وحاربهم وبسبب الجهل اقتتل بنو الإنسان وبسبب الجهل تلوث البيئة اليوم ويعتدي القوي على الضعيف عن قائمة أضرار الجهل تبدأ لكنها لا تنتهي ومن هنا ندرك أن المعنى الجوهري الذي يكمن خلف نزول أول آية في كتاب الله تبارك وتعالى وهي قوله تعالى ( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) إنها مرحلة جديدة ينتقل فيها مركز السيطرة من المال ومن القوة البدنية ومن الشرف والجاه والحسب والنسب ينتقل ليكمن في العلم ويكمن في المعرفة ويكمن في الخبرة وفي الاطلاع إنها فاتحة لعهد جديد والنبي عليه الصلاة والسلام بعد غزوة بدر صار يقبل من الأسرى الذين يعرفون القراءة والكتابة أن يعلم كل واحد منهم عشرة من صبيان المسلمين كيف يقرأ وكيف يكتب ويكون ذلك فداء له.
أيها الأخوة الكرام الجهل فنون ولكن أخطر أنواع الجهل هو جهل الإنسان بنفسه حين لا يعرف الإنسان هل هو على خطأ أو على صواب حين لا يعرف هل هو من السابقين أم من المقصرين حين لا يعرف نقاط القوة لديه و لايعرف نقاط الضعف لديه حين يكون في مثل هذه الحالة فإن علاقته بالله تبارك وتعالى فإن علاقته بالله تعالى تتعرض للتشوه وكذلك علاقته بالناس تتشوه إمكاناته لا تستغل و لا يستفاد منها و لا يعرف كيف يواجه التحديات التي تعترض سبيله كل واحد منا لديه نقطة قوة ولو أنه اكتشف تلك النقطة في وقت مبكر وجعلها محورا لأنشطته لتثقفه لتدربه لتعلمه لممارساته فإنه يستطيع من خلف تلك من وراء تلك النقطة أن ينجز الكثير لنفسه وللأمة وللناس من حوله ،
حدثني أحد الأصدقاء وهو ممن يقدم تدريبا في الهندسة النفسية وفي البرمجة العصبية قال لي كنت في دورة وكنت أنبه الشباب إلى أن كل واحد منهم عنده نقطة إبداع أو نقطة قوة فقام أحد المتدربين وقال أنا لا أدري سوى أنني إنسان عادي في كل شيء فهل تستطيع أنت أنتقول لي ما نقطة القوة التي لدي مادامت القضية يعني بهذا التعميم قال الصديق والله أنت عندك نقطة قوة قلت له ما تلك قال له ما تلك النقطة قال لديك ابتسامة جميلة قال طيب والابتسامة الجميلة تطعم الإنسان الخبز أنت تظن قال له نعم بإمكانك أنت أن تصبح موظفا في استقبال في العلاقات العامة وان تدرس وتنمي خبراتك حول هذه القضية كيف تخدم الناس كيف ترحب بهم كيف تساعدهم كيف تمثل الشركة التي تعمل فيها على شكل حسن ، الرجل يعني سمع هذا الكلام وهو بين الظن والشك و اليقين عاد إلى البيت وسأل زوجته قال فلان المدرب قال إن لدي نقطة قوة ويقول أن نقطة القوة التي لدي هي أن ابتسامتي جميلة فماذا ترين أنت ؟ قالت له أكيد وإلا إيش اللي مصبرني عليك فمضت سنوات يقول صديقي وإذا بجرس الهاتف يرن في الساعة الواحدة ليلا وإذا بهذا الشاب يقول له يا فلان أبشر فقد صدر الليلة قرار بتعيني مديرا للعلاقات العامة في الشركة الفلانية وهذا الشيء الذي أنت نبهتني إليه منذ البداية اتصل ليشكره وفي وقت مزعج إذا لدى كل واحد نقطة قوة قد تكون ذاكرة قوية قد تكون خطا جميلا قد تكون خيالا خصبا قد تكون قدرة على المثابرة قد تكون صبرا قد تكون قوة على التسامح أشياء كثيرة في ذواتنا هي نقاط قوة إذا رعيناها فإننا نأخذ منها الكثير في المقابل لدى كل واحد منا أيضا نقاط ضعف ومن الضروري أن يتعرف على هذه النقاط لأنني أعتقد أن فكرة واحدة يمكن أن تشل إنسانا إذا كان الإنسان يعتقد انه لا يصلح لشيء ليس عنده أي شيء ينميه ليس عنده أي شيء يقدمه هو محتقر من الناس أو محارب أو أو سيء الحظ إن مثل هذه الأفكار كافية لأن تشل أي إنسان مهما كانت قدراته ومهما كانت أحواله وأوضاعه ، من المفاهيم التي أريد أن أقدمها اليوم في هذه الحلقة حول قضية معرفة الذات أن علينا أن نوقن أيها الأخوة الكرام جميعا أن العوائق المادية لا تشكل أبدا عائقا أمامنا نعرف أشخاصا كثيرين ولدوا في ظروف سيئة جدا لكن من خلال العمل الجاد من خلال التعلم الجيد من خلال المثابرة من خلال الاستقامة من خلال الأمانة تفوقوا وتقدموا خطوات واسعة جدا على أشخاص ولدوا كما يقولون وفي أفواههم ملاعق من ذهب إذا العوائق المادية لا تشكل أبدا عائقا وكان ابن خلدون يقول إذا جمع الإنسان بين الأمانة والمهارة فهذا لا يحتاج أن يعمل عند أحد هذا الناس يحتاجونه الناس يقصدونه الناس يشغلون أموالهم معه الناس يصبحون أجراء لديه والمهارة تكتسب بدون مال والأمانة أيضا تكتسب بدون مال ، من المفاهيم التي أود أن أقدمها أيضا في هذا اليوم هي أن المعركة الحقيقية التي على الواحد منا أن يخوضها هي معركة مع أهوائه وشهواته أهواؤنا وشهواتنا هي العدو الأكبر الذي علينا أن نحاربه وعلينا أن نكون على حذر منه أشخاص كثيرون يملكون الكثير من الخير والكثير من الاستعداد والكثير من الإمكانية لكنهم ضعفاء أمام ميولهم ضعفاء أمام غرائزهم فادى ذلك بهم إلى أن يصبحوا في مؤخرة الركب وإلى أن يسلكوا سبل الضلالة وأن يقدموا للأمة وللمجتمع نماذج في منتهى السوء والحقيقة من خلال التجربة ومن خلال ما نراه هناك تجد قائدا عسكريا يستطيع ويملك من الهمة ومن العزيمة أن يواجه جيشا جرارا ولو كان عدده مائة ألف لكن هذا الرجل الشجاع المقدام تجده ضعيفا وضعيفا جدا أمام عادة صغيرة من عاداته عادة سيئة تجده ضعيفا ومهزوما أمامها المعركة الحقيقية التي سنخوضها هي معركة مع أهوائنا ومع شهواتنا هي معركة في دواخلنا معارك صامتة في توجيه نزعاتنا في السيطرة على أهوائنا في تنمية الجوانب الإيجابية في شخصياتنا ، المفهوم الآخر الثالث الذي أود أن أقدمه هو أنني إذا لم أساعد نفسي فلن يساعدني أحد نحن خلال التربية التي نقدمها والتي أيضا نحن بدورنا تلقيناها من أسلافنا نربي دائما الإنسان المتواكل الإنسان الذي ينتظر المساعدة من غيره الذي ينتظر المعونة ولكنه لا يبحث أبدا عن دوره الشخصي أنا أقول من حق كل إنسان أن يبحث عن المساعدة وعلينا أن نقدم له المساعدة لكن الجهد الأساسي الذي يجب أن يبذل هو من قبله وليس من قبل أي شخص آخر أناس كثيرون يملكون فعل أشياء كثيرة لكنهم اتكاليون أبي ما ساعدني أخي ما ساعدني فلان ما ساعدني مع أنهم يتلقون المساعدة لكن هم ما ساعدوا أنفسهم وعليهم أن يدركوا أن المساعدة الحقيقية ستأتي من أنفسهم لأنفسهم هذا ما أحببت أن أقوله في هذا اليوم وأسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا ممن يقولون القول فيتبعون أحسنه إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.