ضيف الحلقة :
فضيلة الشيخ: د.عبد الكريم بكار- الرياض
موضوع الحلقة :
تنمية الشخصية ( النفس الزكية)
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أيها الأخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد لو تأمل كل واحد منا في نفسه لوجد أنه قد كون صورة ذهنية عن ذاته هذه الصورة الذهنية في الحقيقة ما كوناها نحن بمحض إرادتنا نحن ساهمنا في تكوينها لكن الذين ساهموا أكثر منا في تكوينها هم الآباء والأمهات والأقرباء والأساتذة والزملاء والأصدقاء وهذه الصورة في تصوري كثيرا ما تكون غير صحيحة أو غير دقيقة أو تكون في بعض الأحيان مشوهة هناك أسر تدلل أطفالها بما يزيد عن المطلوب ولذلك تضع فيه من صفات النبل والتفوق ما ليس فيه وهناك أسر كثيرة تمارس الضغط على الأطفال وتصفهم تلقبهم ببعض الألقاب و تصفهم بما هم يعني بما لديهم أكثر وأفضل ولذلك في تصوري نحن في حاجة إلى نقف وقفة مراجعة لنرى هذه الصورة التي كوناها عن أنفسنا لماذا نراجع هذه الصورة نراجعها لنتأمل في صفات الخير في سلوكنا وفي علاقاتنا وفي صفات السوء الله جل وعلا أقسم بالنفس اللوامة ( لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة ) أي أقسم بالنفس اللوامة هذه لا هنا صلة كما يقول المفسرون والمعربون الله تعالى يقسم بهذه النفس التي تلوم صاحبها حينما يرتكب غلطا من الأغلاط أو خطيئة من الأخطاء نحن في حاجة إلى أن نزكي هذه النفوس لأننا إذا لم نتبع مبدأ التزكية ومبدأ التنقية ومبدأ المجاهدة فقد نبتعد عن الجادة ونبتعد عن الطريق الصحيح كثيرا دون أن نشعر نحن في حاجة ونحن نراجع أنفسنا أو دعونا نقول نراجع الصورة التي كوناها عن أنفسنا نحن في حاجة في حقيقة الأمر إلى الاتزان وهذا الاتزان يعني أن نصحح الرؤية إلى الأشياء كنت قرأت عبارة قالها أبو بكر رضي الله تعالى عنه في إحدى خطبه المشهورة يقول فيها (لا تغبط الأحياء إلا على ما تغبطون عليه الأموات) لا تغبط الأحياء إلا على ما تغبطون عليه الأموات تصور هذا الشخص الذي تغبطه على شيء يملكه أو على صفة فيه أو أشياء كثيرة يمكن أن يغبط الناس عليها تصور هذا الشخص وقد مات بعد أن يموت على أي شيء يغبط إغبطه عليه قبل أن يموت حين يموت إنسان لا احد يقول هنيئا له ترك رصيدا كبيرا لا أحد يقول هنيئا له ترك مائة ولد لا احد يقول هنيئا له كان ذا شهرة واسعة لا احد يقول لكن الناس يقولون رحمه الله كان دائما في الصف الأول كان كريما معطاءا حليما صبورا خيرا تقيا ورعا..
أبو بكر رضي الله عنه لخص في هذه الكلمات القليلة الفلسفة الإسلامية والرؤية الإسلامية في النظرة إلى الحياة والأحياء وفي النظرة إلى الدنيا والآخرة فمن خلال امتلاك هذه النظرة هذه النظرة ليست فقط للآخرين أيضا لأنفسنا بمعنى ونحن نراجع الصورة التي كوناها لا نعد من نقاط القوة إلا تلك النقاط التي يغبطنا الناس عليها بعد أن نموت أما ما نغبط عليه قبل أن نموت فهذا شيء مؤقت ومؤقت وصغير وزائل وإذا استطعنا أن نمتلك هذه الرؤيا المتوازنة في تصوري سنستطيع حينئذ أن نراجع أنفسنا مراجعة جيدة وسنستطيع حينئذ أن نبدأ بتزكية هذه النفوس وبتطهيرها وبتغيير الاتجاه أهم شيء هو أن نغير في الاتجاه لما يكون اتجاهي ماديا أو يكون فيه خطأ فيه شوائب فيه تقصير فيه قصور فيه غلط أحاول أن أغير في هذا الاتجاه وأن أحسن فيه هذا مفهوم أول في حلقة هذه الليلة.
هناك مفهوم ثاني في قضية تزكية النفس وهو أن الفضيلة دائما هي شيء وسط بين رذيلتين ، الفضيلة شيء وسط بين رذيلتين الكرم فضيلة فإذا زاد عن حد معين صار إسرافا وتبذيرا وللقاضي حينئذ أن يحجر على هذا الإنسان الذي يبذر أمواله يصير سفيه الإنسان ، الشجاعة إذا زادت عن حد معين تصبح تهورا ، الحلم إذا زاد عن حد معين يصبح ذلا، الحذر إذا زاد عن حد معين يصبح جبنا وهكذا ...فأوقاتنا محدودة أعمارنا محدودة طاقاتنا محدودة فرصنا محدودة علاقاتنا محدودة وبالتالي فلا بد في أخلاقنا في تصرفاتنا أن نلزم دائما الطريق الوسط وذلك لأمر جوهري وهو أن نتمكن من أن نعطي كل ذي حق حقه بالتوسط في الأخلاق ولزوم الجادة والحقيقة كل تعاليم الشريعة وكل الأحكام الفقهية وكل الأدبيات والرمزيات لدينا بل ولدى الأمم الأخرى أيضا كلها تحث على هذه على هذه الوسطية ولذلك هذه نقطة أيضا تحتاج إلى المراجعة هل فلان هو حليم أكثر مما ينبغي ويفسر ذله حلما هل هو حذر أكثر مما ينبغي فهو جبان في حقيقة الأمر ويفسر جبنه على أنه حذر ، فلان منفتح على الناس أكثر مما يجب هل هو يعد هذا الانفتاح فضيلة ولكنه في حقيقة الأمر يستهلك أوقاته ويستهلك طاقته ويستهلك فرصه ويستهلك ويستهلك نحن بناء على هذا المفهوم مفهوم الفضيلة وسط بين رذيلتين نستطيع أيضا أن نشق طريقا جديدا في تصحيح سلوكاتنا وتصحيح مسيرتنا وتصحيح مواقفنا وتصحيح علاقاتنا.
أيضا في هذا الباب في باب التزكية تزكية النفس كما ورد في الحديث الشريف توجيه عظيم جدا وهو أننا في أمور الدنيا ننظر إلى من هو دوننا وفي أمور الآخرة ننظر إلى من هو فوقنا معظم الناس للأسف يفعلون الآن العكس هم لا يحدثون أنفسهم لا يقولون في أنفسهم لا يتأملون في أولائك الذين يسبقونهم إلى صلاة الجماعة لا يتأملون في أولائك الذين ينفقون أكثر منهم لا يتأملون في أولائك الذين يملكون من الورع أكثر منهم لا يفكرون في هؤلاء يعني لا ينظرون في أمور الدين إلى من هم فوقهم هم فقط ينظرون إلى من فوقهم في أمور الدنيا مهما ملك يقول أنا ماذا عندي انظر إلى فلان أنا ماذا فعلت انظر إلى ما فعل فلان هذا عكس للتوجيه للتوجيه الإسلامي إذا أردنا أن لا نزدري نعم الله تعالى علينا وإذا أردنا أيضا أن نصحح المسيرة أن نصحح رؤيتنا لأنفسنا علينا أن ننظر بهذا المنظار منظار في أمور الدين ننظر إلى من هم فوقنا إلى من هم سبقونا لنستفيد منهم ونقتدي بهم ونتأسى بهم وفي أمور الدنيا في أمور المادة ننظر إلى من هم دوننا ، مهما كانت حالة الإنسان بائسة وصعبة فإنه إذا نظر إلى أحوال كثير من الناس البائسين فيجد أنه في نعمة وسيشكر الله تبارك وتعالى على تلك النعمة .
هناك نقطة مهمة جدا أيضا في هذه المسألة وهي أننا جميعا في حاجة ماسة إلى أن نغرس في أنفسنا في دواخلنا أحاسيس الشعور بالرخاء هناك أشخاص كثيرون أسس الشيطان في عقولهم وفي نفوسهم أسس فيها رذيلة الشعور بالفقر ( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ) نحن نريد أن نفعل غير هذا نريد أن نؤسس في نفوسنا فضيلة الرخاء ماهو موجود الآن كاف للجميع وبدل أن نتنافس نتعاون دائما على مدار التاريخ كان التنافس متصلا بشكل من أشكال الانحطاط المدنية حين تجد الناس يتنافسون في الدنيا فاعلم أنهم أصابهم انحطاط ما في أخلاقهم وفي مدنيتهم نحن بدل أن نتنافس نتعاون ونعتقد أن في فضل الله تبارك وتعالى وأن في ما أتاحه من فرص وما أتاحه من إمكانات أنه يسعى للجميع وفي تعاوننا تزداد هذه السعة في التنافس تضعف هذه السعة لكن في التعاون تزداد هذه السعة حينما أعتقد أن في فضل الله تبارك وتعالى ما يسع الجميع لا أطلب من الناس أطلب من الله تبارك وتعالى ولا أحسد الناس وإنما أسأل الله تبارك وتعالى أن يعطيني كما أعطاهم في هذا الإطار في هذه المفاهيم في إطار هذه المفاهيم وفي هذه المعاني نستطيع أن نشق طريقا جديدا في رؤية أنفسنا وفي تزكيتها وفي الارتقاء بها وأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يلهمنا رشدنا وأن يجعلنا ممن يقولون القول فيتبعون أحسنه إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.