الأصل الثالث:
معرفة العبد نبيه
قال المؤلف:
الأصل الثالث:
معرفة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم وهو:
"محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب بن هاشم وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل، ابن إبراهيم الخليل، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام".
السؤال السابع والثمانون بعد المائة:
ما الأصل الثالث من الأصول الثلاثة التي يجب معرفتها؟
الجواب:
معرفة النبي صلى الله عليه وسلم وقد سبق معرفة العبد ربه، ودينه.
السؤال الثامن والثمانون بعد المائة:
ماذا تتضمن معرفة النبي صلى الله عليه وسلم؟
الجواب:
معرفة النبي صلى الله عليه وسلم.
وتتضمن أربعة أمور:
الأول:
معرفته نسباً فهو أشرف الناس نسباً فهو هاشمي قرشي عربي فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم إلى آخر ما قاله الشيخ رحمه الله.
الثاني:
معرفة سنه، وزمان ولادته، ومُهاجره وقد بيَّنها الشيخ بقوله: "وله من العمر ثلاث وستون سنة، وبلده مكة، وهاجر إلى المدينة" فقد ولد بمكة وبقي فيها ثلاثاً وخمسين سنة، ثم هاجر إلى المدينة فبقي فيها عشر سنين، ثم توفي فيها في ربيع الأول سنة إحدى عشر بعد الهجرة.
الثالث:
معرفة حياته النبوية وهي ثلاث وعشرون سنة فقد أوحِيَ إليه وله أربعون سنة.
كما قال أحد شعرائه صلى الله عليه وسلم:
وأنت عليه أربعـون فأشرقت
شمس النبوة منه في رمضان
الرابع:
بماذا كان نبياً ورسولاً؟ فقد كان نبياً حين نزل عليه قول الله تعالى: "أقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * أقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم"، ثم كان رسولاً حين نزل عليه قوله تعالى: "يأيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر * والرُّجز فأهجر * ولا تمنن تستكثر * ولربك فاصبر"، فقام صلى الله عليه وسلم فأنذر وقام بأمر الله عز وجل.
السؤال التاسع والثمانون بعد المائة:
ما الفرق بين الرسول والنبي؟
الجواب:
الفرق بين الرسول والنبي كما يقول أهل العلم:
أن النبي هو مَنْ أوحِيَ إليه بشرعٍ ولم يؤمر بتبليغه، والرسول مَنْ أوحى اللهُ إليه بشرع وأمر بتبليغه والعمل به فكل رسولٍ نبيٍ، وليس كلُّ نبيٍ رسولاً.
السؤال التسعون بعد المائة:
بماذا أُرسل ولماذا أُرسل؟
الجواب:
أرسل بتوحيد الله تعالى وشريعته المتضمنة لفعل المأمور وترك المحظور؛ وأرسل رحمةً للعالمين لإخراجهم من ظُلمة الشرك والكفر والجهل إلى النور العلم والإيمان والتوحيد حتى ينالوا بذلك مغفرة الله ورضوانه وينجوا من عقابه وسخطه.
قال المؤلف:
"وله من العمر، ثلاث وستون سنة، منها أربعون قبل النبوة، وثلاث وعشرون نبياً ورسولاً، نُبِيءَ بإقرأ، وأرسل بالمدثر، وبلده مكة، وهاجر إلى المدينة، بعثه الله بالنذارة عن الشرك، ويدعو إلى التوحيد.
والدليل قوله تعالى:
"يأيها المُدَّثِرْ * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر والرُّجز فاهجُر * ولا تمنُن تستكثر * ولربك فاصبر"، ومعنى "قم فأنذر": ينذر عن الشرك ويدعو إلى التوحيد، "وربك فكبر" أي: عظّمه بالتَّوحيد، "وثيابك فطهر" أي: طهر أعمالك عن الشرك، "والرُّجز فاهجر" الرُّجز: الأصنام، وهجرها: تركها، والبراءة منها وأهلها، أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد وبعد العشر عُرِجَ به إلى السَّماء وفُرضَتْ عليه الصَّلوات الخمس، وصلّى في مكة ثلاث سنين، وبعدها أمِرَ بالهجرة إلى المدينة".
السؤال الحادي والتسعون بعد المائة:
كم كانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة؟
الجواب:
بقي عشر سنين يدعو إلى توحيد الله عز وجل وافراده بالعبادة سبحانه وتعالى.
السؤال الثاني والتسعون بعد المائة:
ماذا حدث بعد أن أمضى عشر سنين في الدعوة؟
الجواب:
العروج الصعود ومنه قوله تعالى: "تعرُجُ الملائكةُ والرُّوحُ إليهِ" وهو من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم العظيمة التي فضَّلهُ اللهُ به قبل أن يهاجر من مكة.
السؤال الثالث والتسعون بعد المائة:
كم صلى النبي صلى الله عليه وسلم في مكة قبل الهجرة؟
الجواب:
صلى في مكة ثلاث سنين.
السؤال الرابع والتسعون بعد المائة:
كم كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصلي الرباعية؟
الجواب:
كان يُصلي الرباعية ركعتين حتى هاجر إلى المدينة فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر.
قال المؤلف:
"والهجرة: الإنتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام".
السؤال الخامس والتسعون بعد المائة:
ما تعريف الهجرة في اللغة وفي الشرع؟
الجواب:
الهجرة في اللغة:
"مأخوذه من الهجر وهو الترك".
وأما في الشرع:
فهي كما قال الشيخ: "الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام".
السؤال السادس والتسعون بعد المائة:
ما هو بلد الشرك؟
الجواب:
بلد الشرك هو الذي تُقام فيها شعائر الكفر ولا تُقام فيه شعائر الإسلام، كالأذان، والصلاة جماعة، والأعياد، والجمعة على وجه عام شامل، وإنما قلنا على وجه عام شامل ليخرج ما تقام فيه هذه الشعائر على وجه محصور.
قال المؤلف:
"والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، وهي باقية إلى أن تقوم الساعة.
والدليل قوه تعالى:
"إن الذين توفَّاهم المَلائكة ظالمِي أنفسهم قالوا فيمَ كنتم قالوا كنَّا مُستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرضُ اللهِ واسعةٍ فتُهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً * إلا المُستضعفين من الرِّجال والنِّساء والولدان لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلاً * فأولئك عسى اللهُ أن يعفوَ عنهم وكان الله عفُواً غفوراً".
وقوله تعالى:
"يا عبادي الذين ءامنوا إن أرضي واسعةً فإياىَ فاعبدون".
السؤال السابع والتسعون بعد المائة:
ما حكم الهجرة؟
الجواب:
واجبةٌ على كل مؤمنٍ لا يستطيعُ إظهار دينه في بلد الكفر فلا يتم إسلامهُ إذا كان لا يستطيع إظهارهُ إلا بالهجرة، وما لا يتمُ الواجبُ إلا بهِ فهو واجبٌ.
السؤال الثامن والتسعون بعد المائة:
ما دلالة هذه الآية: "إن الذين توفَّاهم المَلائكة ظالمِي أنفسهم قالوا فيمَ كنتم قالوا كنا مُستضعفينَ في الأرض"؟.
الجواب:
دلالتها أن هؤلاء الذين لم يُهاجروا مع قدرتهم على الهجرة أن المَلائكة تتوفَّاهم وتُوبخهم وتقول لهم ألم تكن أرضُ اللهِ واسعةً فتهاجرُوا فيها، أمَّا العاجزون عن الهجرة من المُستضعفين فقد عفا اللهُ عنهم لعجزهم عن الهجرة ولا يُكلِفُ اللهُ نفساً إلا وسعَها.
السؤال التاسع والتسعون بعد المائة:
ما حكم السفر إلى بلاد الكفر؟
الجواب:
السفر إلى بلاد الكفار لا يجوز إلا بثلاثة شروط:
الشرط الأول:
أن يكون عند الإنسان علم يدفع به الشبهات.
الشرط الثاني:
أن يكون عنده دين يمنعه من الشهوات.
الشرط الثالث:
أن يكون محتاجاً إلى ذلك، فإن لم تتم هذه الشروط فإنه لا يجوز السفر إلى بلاد الكفار لما في ذلك من الفتنة أو خوف وفيه إضاعة المال لأن الإنسان ينفق أموالاً كثيرة في هذه الأسفار، أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك لعلاج أو تلقي علم لا يوجد في بلده وكان عنده علم ودين على ما وصفنا فهذا لا بأس به، وأما السفر للسياحة في بلاد الكفار فهذا ليس بحاجة وبإمكانه أن يذهب إلى بلاد إسلامية يُحافظ أهلها على شعائر الإسلام، وبلادنا الآن والحمد لله أصبحت بلاداً سياحية في بعض المناطق فبإمكانه أن يذهب إليها ويقضي زمن إجازته فيها.
السؤال المائتين:
ما خطر الإقامة في بلاد الكفار؟
الجواب:
الإقامة في بلاد الكفار فإن خطرها عظيم على دين الإسلام، وأخلاقه، وسلوكه، وآدابه وقد شاهدنا وغيرنا انحراف كثير مِمَّنْ أقاموا هناك فرجعوا بغير ما ذهبوا به، رجعوا فُسَّاقاً، وبعضهم رجع مُرتداً عن دينه وكافراً به وبسائر الأديان -والعياذ بالله- حتى صاروا إلى الجُحود المُطلق والاستهزاء بالدين وأهله السابقين منهم واللاحقين، ولهذا كان ينبغي بل يتعين التحفظ من ذلك ووضع الشروط التي تمنع من الهوي في تلك المَهَالِك.
السؤال الواحد بعد المائتين:
ما شروط الإقامة في بلاد الكفار؟
الجواب:
الشرط الأول:
أمن المقيم على دينه بحيث يكون عنده من العلم والإيمان، وقوة العزيمة ما يُطمئنه على الثَّبات على دينه والحَذر من الانحراف والزَّيغ، وأن يكون مُضمِراً لعداوة الكافرين وبُغضهم مبتعداً عن موالاتهم، ومحبتهم، فإنَّ موالاتهم ومحبتهم مِمَّا يُنافي الإيمان بالله تعالى.
الشرط الثاني:
أن يتمكن من إظهار دينه بحيث يقوم بشعائر الإسلام بدون مُمَانع، فلا يُمنع من إقامة الصلاة، والجمعة، والجماعات، إن كان معه مَنْ يُصلي جماعة ومَنْ يقيم الجمعة، ولا يُمنع من الزكاة، والصيام، والحج، وغيرها من شعائر الدين، فإن كان لا يتمكن من ذلك لم تجز الإقامة لوجوب الهجرة حينئذ.
وزاد الشارح لِمَنْ كان طالباً شروط على هذين الشرطين:
الشرط الأول:
أن يكون الطالب على مستوى كبير من النضوج العقلي الذي يُميّز به بين النّافع والضّار وينظر به إلى المُستقبل البعيد فأمَّا بَعْثُ الأحداثِ "صغار السّن" وذوي العقول الصغيرة، فهو خطر عظيم على دينهم، وخُلقهم، وسُلوكهم، ثم هو خطر على أمتهم التي سيرجعون إليها وينفثون فيها من السُّموم التي نهلوها من أولئك الكفار كما شهد ويشهد به الواقع، فإن كثيراً من أولئك المبعوثين رجعوا بغير ما ذهبوا به، رجعوا منحرفين في دياناتهم، وأخلاقهم، وسلوكهم، وحصل عليهم وعلى مجتمعهم من الضَّرر في هذه الأمور ما هو معلوم ومُشاهد، وما مثل بعث هؤلاء إلا كمثل تقديم النّعاج للكلاب الضَّارية.
الشرط الثاني:
أن يكون عند الطالب من علم الشريعة ما يتمكن به من التمييز بين الحق والباطل، ومُقارعة الباطل بالحق لئلا ينخدع بما هم عليه من الباطل فيظنه حقاً أو يلتبس عليه أو يعجز عن دفعه فيبقى حيراناً، أو يتبع الباطل.
وفي الدعاء المأثور:
"اللهم أرني الحق حقاً وارزقني اتباعه، وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه، ولا تجعله مُلتبساً عليَّ فأضل".
الشرط الثالث:
أن يكون عند الطالب دينٌ يحميه ويتحصَّنَ به من الكفر والفسوق، فضعيف الدين لا يسلم مع الإقامة هناك إلا أن يشاء الله، وذلك لقوة المُهاجم وضعف المُقاوم، فأسباب الكفر والفسوق هناك قوية وكثيرة متنوعة فإذا صادفت محلاً ضعيف المقاومة عملت عملها.
الشرط الرابع:
أن تدعو الحاجة إلى العلم الذي أقام من أجله بأن يكون في تعلُّمه مصلحةً للمسلمين ولا يوجد له نظيرٌ في المدارس في بلادهم، فإن كان من فُضول العلم الذي لا مصلحة فيه للمسلمين أو كان في البلاد الإسلامية من المدارس نظيره لم يجز أن يقيم في بلاد الكفر من أجله لما في الإقامة من الخطر على الدين والأخلاق، وإضاعة الأموال الكثيرة بدون فائدة، الشرط الخامس: أن يقيم للسَّكن وهذا أخطر مِمَّا قبله وأعظم لما يترتب عليه من المفاسد بالاختلاط التَّام بأهل الكفر وشعوره بأنه مواطن ملتزم بما تقتضيه الوطنية من مودة، وموالاة، وتكثير لسواد الكفار، ويتربى أهله بين أهل الكفر فيأخذون من أخلاقهم وعاداتهم، وربما قلدوهم في العقيدة.
السؤال الثاني بعد المائتين:
ما أقسام الإقامة في دار الكفر؟
الجواب:
القسم الأول:
أن يقيم للدعوة إلى الإسلام والترغيب فيه فهذا نوع من الجهاد فهي فرض كفاية على مَنْ قَدَرَ عليها، بشرط أن تتحقق الدعوة وأن لا يوجد مَنْ يمنع منها أو من الاستجابة إليها، لأن الدعوة إلى الإسلام من واجبات الدِّين وهي طريقة المُرسلين وقد أمر النبيُ صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه في كل زمان ومكان فقال صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية".
القسم الثاني:
أن يقيم لدراسة أحوال الكافرين والتعرف على ما هم عليه من فساد العقيدة، وبطلان التعبد، وإنحلال الأخلاق، وفوضوية السلوك؛ ليُحذر الناس من الاغترار بهم، ويبين للمُعجبين بهم حقيقة حالهم، وهذه الإقامة نوع من الجهاد أيضاً لما يترتب عليها من التَّحذير من الكفر وأهله المتضمن للترغيب في الإسلام وهديه، لأن فساد الكفر دليل على صلاح الإسلام، كما قيل: وبضدها تتبين الأشياء، لكن لابد من شرط أن يتحقق مراده بدون مَفْسَدَة أعظم منه، فإن لم يتحقق مراده بأن مُنع من نشر ما هم عليه والتحذير منه فلا فائدة من الإقامة، وإن تحقق مراده مع مفسدة أعظم مثل أن يُقابلوا فعله بسب الإسلام ورسول الإسلام صلى الله عليه وسلم وائمة الإسلام وجب الكفّ.
القسم الثالث:
أن يُقيم لحاجة الدولة المُسلمة وتنظيم علاقاتها مع دول الكفر كمُوظفي السّفارات فحكمها حكم ما أقام من أجله، فالملحق الثقافي مثلاً يقيم ليرعى شؤون الطلبة ويراقبهم ويحملهم على التزام دين الإسلام وأخلاقه وآدابه، فيحصل بإقامته مصلحة كبيرة ويندرئ بها شرٌ كبير.
القسم الرابع:
أن يقيم لحاجة خاصة مباحة كالتجارة والعلاج فتباح الإقامة بقدر الحاجة، وقد نص أهل العلم رحمهم الله على جواز دخول بلاد الكفر للتجارة وأثروا ذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم.
القسم الخامس:
أن يقيم للدراسة وهي من جنس ما قبلها إقامة لحاجة لكنها أخطر منها وأشد فتكاً بدين المُقيم وأخلاقه، فإن الطالب يشعر بدنو مرتبته وعلو مرتبة معلميه، فيحصل من ذلك تعظيمهم والاقتناع بآرائهم وأفكارهم وسلوكهم فيقلدهم إلا مَنْ شاء اللهُ عصمته وهم قليل، ثم إن الطالب يشعر بحاجته إلى معلمه فيؤدي ذلك إلى التودد إليه ومداهنته فيما هو عليه من الانحراف والضلال.
قال المؤلف:
"فلما استقر بالمدينة أمر ببقية شرائع الإسلام مثل: الزكاة، والصوم، والحج، والجهاد والآذان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من شرائع الإسلام".
السؤال الثالث بعد المائتين:
متى فرضت الزكاة، ومتى فرض الصوم؟
الجواب:
أما الزكاة والصيام فقد فرضا في السنة الثانية من الهجرة؛
وعلى كلام المؤلف رحمه الله أن الزكاة فُرضت أصلاً وتفصيلاً في المدينة، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الزكاة فرضت أولاً في مكة وفي المدينة قدرت الأنصباء وقدر الواجب وأستدل هؤلاء بأنه جاءت آيات توجب الزكاة في سورٍ مكية مثل قوله تعالى في سورة الأنعام: "وءاتوا حقه يوم حصاده"، ومثل قوله تعالى: "والذين في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم"، وعلى كل حال فاستقرار الزكاة وتقدير أنصابها وما يجب فيها وبيان مستحقيها كان في المدينة.
السؤال الرابع بعد المائتين:
متى فرض الحج والأمر بالمعروف؟
الجواب:
فرض في السنة التاسعة على القول الراجح من أقوال أهل العلم وذلك حين كانت مكة بلد إسلام بعد فتحها في السنة الثامنة من الهجرة، وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرهما من الشعائر الظاهرة كلها فرضت في المدينة بعد استقرار النبي صلى الله عليه وسلم فيها وإقامة الدولة الإسلامية فيها.
قال المؤلف:
"أخذ على هذا عشر سنين وبعدها توفي صلوات الله وسلامه عليه ودينه باق، وهذا دينه، لا خير إلا دل الأمة عليه، ولا شر إلا حذرها منه، والخير الذي دل عليه: التوحيد، وجميع ما يحبه الله ويرضاه، والشر الذي حذر منه: الشرك وجميع ما يكرهه الله ويأباه، بعثه الله إلى الناس كافة وأفترض الله طاعته على جميع الثقلين: الجن والأنس، والدليل قوله تعالى: "قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً"، وأكمل الله به الدين، والدليل قوله تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً".
السؤال الخامس بعد المائتين:
متى توفي النبي صلى الله عليه وسلم وماذا قال عند موته؟
الجواب:
يوم الاثنين الثاني عشر أو الثالث عشر من شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشر من الهجرة أختاره الله لجواره فلما نَزَلَ به جعل يُدخل يده في ماءٍ عندهُ ويمسح وجههُ ويقول: "لا إله إلا الله إن للموت سكرات" ثم شخص بصره نحو السماء وقال: "اللهم في الرفيق الأعلى"، فتوفي ذلك اليوم فاضطرب الناس لذلك وحق لهم أن يضطربوا، حتى جاء أبو بكر رضي الله عنه فصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن مَنْ كان يعبد مُحَمَّدًا فإن مُحَمَّدًا قد مات ومَنْ كان يعبدُ اللهَ فإن اللهَ حيٌ لا يمُوت ثم قرأ: "ومَا مُحَمَّدٌ إلَّا رسولٌ قد خلت من قبله الرُّسل أفإين مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم"، "إنك ميت وإنهم ميتون".
السؤال السادس بعد المائتين:
على ماذا تدل هذه الآية
"قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً".
الجواب:
تدل على أن مُحَمَّدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعاً وأن الذي أرسله له مالك السماوات والأرض، ومَنْ بيده الإحياء والإماتة، وأنه سبحانه هو المُتوحد بالألوهية كما هو متوحد في الربوبية.
قال المؤلف:
"والدليل على موته صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: "إنك ميت وإنهم ميتون * ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون"، والناس إذا ماتوا يبعثون، والدليل قوله تعالى: "منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى"، وقوله تعالى: "واللهُ أنبتكم من الأرض نباتاً * ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجاً".
السؤال السابع بعد المائتين:
ما دلالة هذه الآية:
"إنك ميت وإنهم ميتون"؟.
الجواب:
دلالتها أن النبي صلى الله عليه وسلم ومَنْ أرسل إليهم ميتون وأنهم سيختصمون عند الله يوم القيامة فيحكم بينهم بالحق ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً.
قال المؤلف:
"وبعد البعث مُحاسبون ومَجزيون بأعمالهم، والدليل قوله تعالى: "ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحُسنى".
السؤال الثامن بعد المائتين:
ما الدليل على أن الناس مجازون على حسب أعمالهم؟
الجواب:
الناس بعد البعث يجازون ويحاسبون على أعمالهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر، قال الله تبارك وتعالى: "فَمَن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره * وَمَن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره"، وقال تعالى: "ونضعُ الموازينَ القسط ليوم القيامة فلا تُظلم نفسٌ شيئاً وإن كان مِثقال حبةٍ من خردلٍ أتينا بها وكفى بنا حاسبين، من جاء بالحسنة فله عشرُ أمثالِها ومَن جاء بالسيئة فلا يُجزى إلا مثلها وهم لا يُظلمون"، فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائةِ ضعفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ فضلاً من الله عز وجل وامتناناً منه سبحانه.
السؤال التاسع بعد المائتين:
هل السيئة تُضاعف؟
الجواب:
أما العمل السيءُ فإن السيئةَ لا يُجازى الإنسانُ بأكثر منها، قال تعالى: "وَمَن جاء بالسيئةِ فلا يُجزى إلا مثلها وهم لا يُظلمون"، وهذا من كمال فضل الله وإحسانه.
قال المؤلف:
"ومَنْ كَذَّبَ بالبعثِ كفر، والدليل قوله تعالى: "زَعَمَ الذين كفروا أن لن يُبعثوا قل بلى وربي لتُبعثُن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير".
يتبع إن شاء الله...