بسم الله الرحمن الرحيم
"230" سـؤال وجـواب على شـــرح الأصـــــول الثلاثة
الأصل الأول: معرفة العبد ربه
للشيخ: محمد بن صالح العثيمين
(رحمه الله)
إعداد: راضي مبارك الشمــري
------------------------------
بســـم الله الرحـمـن الرحـيــــم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أولي الفضل والمكرمات.
أما بعد..
قد مَنَّ اللهُ عليَّ أن قرأت بعض المتون العلمية على شيخي الدكتور: عقيل بن سالم الشمري -حفظه الله وأجزل له المثوبة- ومن ضمن هذه المتون متن الأصول الثلاثة لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين ومن خلال القراءة أرشدني لهذا النهج "نهج السؤال على كل فقرة" ليسّهل لطالب العلم المراد؛ وقد وضعت هذه الأسئلة لي وبعد فترة جمعت هذه الأسئلة ووضعتها على طريقة "السؤال والجواب" ليسهل للقارئ المبتغى؛ فأذكر متن الأصول الثلاثة لشيخ محمد بن عبد الوهاب ثم أتبعه بسؤال باجتهاد مني ثم أذكر الجواب من شرح الشيخ: محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله)، أسأل الله عز وجل أن ينفع بهذا الجهد وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، والله ولي التوفيق.
------------------------------
قال المؤلف:
"بسم الله".
السؤال الأول:
لماذا ابتدأ المؤلف بالبسملة؟
الجواب:
اقتداء بكتاب الله عز وجل واتباعاً لحديث "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر" واقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه يبدأ كتبه بالبسملة.
السؤال الثاني:
في ماذا يتعلق الجار والمجرور في قوله " بسم الله " ؟
الجواب:
متعلق بمحذوف فعل مؤخر مناسب للمقام تقديره بسم الله أكتب أو أصنف .
السؤال الثالث:
لماذا قدرنا المحذوف فعل ؟
الجواب:
وقدرناه فعلاً لأن الأصل في العمل الأفعال .
السؤال الرابع:
لماذا قدرنا الفعل المحذوف مؤخراً ؟
الجواب:
وقدرناه مؤخراً لفائدتين:
الأولى: التبرك بالبداءة باسم الله سبحانه وتعالى.
الثانية: إفادة الحصر لأن تقديم المتعلق يفيد الحصر.
قال المؤلف:
"الرحمن الرحيم".
السؤال الخامس:
ما الفرق بين الرحمن والرحيم ؟
الجواب:
الرحمن اسم من الأسماء المختصة بالله عز وجل لا يطلق على غيره والرحمن معناه المتصف بالرحمة الواسعة ، الرحيم يطلق على الله عز وجل وعلى غيره ، ومعناه ذو الرحمة الواصلة ، فالرحمن ذو الرحمة الواسعة، والرحيم ذو الرحمة الواصلة فإذا جمعا صار المراد بالرحيم الموصل رحمته إلى من يشاء من عباده كما قال الله تعالى: يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون.
قال المؤلف:
"أعلم رحمك الله".
السؤال السادس:
ما هو العلم؟
الجواب:
العلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً.
السؤال السابع:
ما مراتب الإدراك ؟
الجواب:
الأولى: العلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً.
الثانية: الجهل البسيط وهو عدم الإدراك بالكلية.
الثالثة: الجهل المركب وهو إدراك الشيء على وجه يخالف ما هو عليه.
الرابعــة: الوهم وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد راجح.
الخامسة: الشك وهو إدراك الشيء مع احتمال مساو.
السادسة: الظن وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد مرجوح.
السؤال الثامن:
ما أقسام العلم ؟
الجواب:
العلم ينقسم إلى قسمين: ضروري ونظري.
فالضروري ما يكون إدراك المعلوم فيه ضرورياً بحيث يضطر إليه من غير نظر ولا استدلال كالعلم بأن النار حارة مثلاً.
والنظري ما يحتاج إلى نظر واستدلال كالعلم بوجوب النية في الوضوء.
السؤال التاسع:
ما معنى الرحمة إذا افردت وما معناها إذا اقترنت بالمغفرة ؟
الجواب:
رحمك الله أفاض عليك من رحمته التي تحصل بها على مطلوبك وتنجو من محذورك ، فالمعنى غفر الله لك ما مضى من ذنوبك ، ووفقك وعصمك فيما يستقبل منها هذا إذا افردت أما إذا اقترنت بالمغفرة فالمغفرة لما مضى من الذنوب، والرحمة والتوفيق للخير والسلامة من الذنوب في المستقبل.
قال المؤلف:
"أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل الأولى: العلم وهو: معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة".
السؤال العاشر:
أين تكون معرفة الله؟ وماذا تستلزم؟
الجواب:
تكون معرفته بالقلب، معرفة تستلزم قبول ما شرعه الله والإذعان والأنقياد له، وتحكيم شريعته التي جاء بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، ويتعرف العبد على ربه بالنظر في الآيات الشرعية في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والنظر في الآيات الكونية التي هي المخلوقات .
السؤال الحادي عشر:
ماذا تستلزم معرفة النبي صلى الله عليه وسلم؟
الجواب:
تستلزم قبول ما جاء به من الهدى ودين الحق، وتصديقه فيما أخبر، وامتثال أمره فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وتحكيم شريعته والرضا بحكمه قال الله عز وجل: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليماً وقال تعالى: إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون وقال عز وجل: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم وقال الإمام أحمد رحمه الله: "أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
السؤال الثاني عشر:
ما هو الإسلام بالمعنى العام؟
الجواب:
الإسلام بالمعنى العام هو التعبد لله بما شرع منذ أن ارسل الله الرسل إلى أن تقوم الساعة كما ذكر عز وجل ذلك في آيات كثيرة تدل على أن الشرائع السابقة كلها إسلام لله عز وجل: قال الله تعالى عن إبراهيم: ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة.
السؤال الثالث عشر:
ما هو الإسلام بالمعنى الخاص؟
الجواب:
الإسلام بالمعنى الخاص بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم يختص بما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم لأن ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم نسخ جميع الأديان السابقة فصار من أتبعه مسلماً ومن خالفه ليس بمسلم ، فأتباع الرسل مسلمون في زمن رسلهم ، فاليهود مسلمون في زمن موسى صلى الله عليه وسلم والنصارى مسلمون في زمن عيسى صلى الله عليه وسلم ، وأما حين بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم فكفروا به فليسوا بمسلمي.
السؤال الرابع عشر:
ما تعريف الأدلة؟
الجواب:
الأدلة جميع دليل وهو ما يرشد إلى المطلوب.
السؤال الخامس عشر:
ما الأدلة على معرفة دين الإسلام ومعرفة النبي صلى الله عليه وسلم؟
الجواب:
الأدلة على معرفة دين الإسلام سمعية، وعقلية، فالسمعية ما ثبت بالوحي وهو الكتاب والسنة، والعقلية ما ثبت بالنظر والتأمل، وقد أكثر الله عز وجل من ذكر هذا النوع في كتابه فكم من آية قال الله فيها ومن آياته كذا وكذا وهكذا يكون سياق الأدلة العقلية الدالة على الله تعالى.
وأما معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بالأدلة السمعية فمثل قوله تعالى: محمد رسول الله والذين معه الآية، وقوله: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل. بالأدلة العقلية بالنظر والتأمل فيما أتى به من الآيات البينات التي أعظمها كتاب الله عز وجل المشتمل على الأخبار الصادقة النافعة والأحكام المصلحة العادلة، وما جرى على يديه من خوارق العادات، وما أخبر به من أمور الغيب التي لا تصدر إلا عن وحي والتي صدقها ما وقع منها.
قال المؤلف:
"الثانية العمل به, الثالثة: الدعوة إليه".
السؤال السادس عشر:
ما المراد بقوله "الثانية العمل به"؟
الجواب:
أي العمل بما تقتضيه هذه المعرفة من الإيمان بالله والقيام بطاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه من العبادات الخاصة، والعبادات المتعدية، فالعبادات الخاصة مثل الصلاة، والصوم، والحج، والعبادات المتعدية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله وما أشبه ذلك.
السؤال السابع عشر:
ما هو ثمرة العلم؟
الجواب:
العمل في الحقيقة هو ثمرة العلم، فمن عمل بلا علم فقد شابه النصارى، ومن علم ولم يعمل فقد شابه اليهود.
السؤال الثامن عشر:
ما مراتب الدعوة؟
الجواب:
الدعوة إلى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من شريعة الله تعالى على مراتبها الثلاث أو الأربع التي ذكرها الله عز وجل في قوله: "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" والرابعة قوله: "ولا تجادلوا أهل الكتب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم".
السؤال التاسع عشر:
ما شروط الدعوة؟
الجواب:
شروط الدعوة أن يكون عالم بشريعة الله عز وجل حتى تكون الدعوة عن علم وبصيرة، لقوله تعالى: "قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن أتبعني وسبحن الله وما أنا من المشركين"، والبصيرة تكون فيما يدعو إليه بأن يكون الداعية عالماً بالحكم الشرعي، وفي كيفية الدعوة، وفي حال المدعو.
السؤال العشرون:
ما مجالات الدعوة؟
الجواب:
مجالات الدعوة كثيرة منها: الدعوة إلى الله تعالى بالخطابة، وإلقاء المحاضرات، ومنها الدعوى إلى الله بالمقالات، ومنها الدعوة إلى الله بحلقات العلم، ومنها الدعوى إلى الله بالتأليف ونشر الدين عن طريق التأليف ومنها الدعوة إلى الله في المجالس الخاصة فإذا جلس الإنسان في مجلس في دعوة مثلاً فهذا مجال للدعوة إلى الله عز وجل ولكن ينبغي أن تكون على وجه لا ملل فيه ولا إثقال.
السؤال الحادي والعشرون:
ماهي أهمية الدعوة؟
الجواب:
هي وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام وطريقة من تبعهم بإحسان، فإذا عرف الإنسان معبوده، ونبيه، ودينه ومنّ الله عليه بالتوفيق لذلك فإن عليه السعي في إنقاذ أخوانه بدعوتهم إلى الله عز وجل وليبشر بالخير، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبى طالب رضي الله عنه يوم خيبر: "أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حمر النعم" متفق على صحته، ويقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم: "مَنْ دعا إلى الهدى كان له من الأجل مثل أجور مَنْ تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومَنْ دعا إلى ضلالة كان عليه من الأثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً"، وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم أيضاً: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله".
قال المؤلف:
"الرابعة: الصبر على الأذى فيه".
السؤال الثاني العشرون:
ما تعريف الصبر؟
الجواب:
حبس النفس على طاعة الله، وحبسها عن معصية الله، وحبسها عن التسخط من أقدار الله فيحبس النفس عن التسخط والتضجر والملل، ويكون دائماً نشيطاً في الدعوة إلى دين الله وإن أوذى.
السؤال الثالث والعشرون:
ما أقسام الصبر؟
الجواب:
الصبر ثلاثة أقسام:
1- صبر على طاعة الله.
2- صبر عن محارم الله.
3- صبر على أقدار الله التي يجريها إما مما لا كسب للعباد فيه، وإما مما يجريه الله على أيدي بعض العباد من الإيذاء والاعتداء.
قال المؤلف:
"والدليل قوله تعالى: "والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ".
السؤال الرابع والعشرون:
ما الدليل على المسائل الأربع؟
الجواب:
الدليل قوله تعالى: "و العصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر".
السؤال الخامس والعشرون:
ما المراد بقوله تعالى: "والعصر "؟
الجواب:
هو الدهر وهو محل الحوادث من خير وشر، فاقسم الله عز وجل به على أن الإنسان كل الإنسان في خسر إلا من أتصف بهذه الصفات الأربع: الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتوصي بالصبر.
السؤال السادس والعشرون:
ما مراتب جهاد النفس؟
الجواب:
قال ابن القيم –رحمه الله تعالى-: جهاد النفس أربع مراتب:
إحداها: أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به.
الثانية: أن يجاهدها على العمل به بعد علمه.
الثالثة: أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه.
الرابعة: أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله الله ، فإذا أستكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين".
قال المؤلف:
"قال الشافعي رحمه الله تعالى: "لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم".
السؤال السابع والعشرون:
مَنْ هو الشافعي؟
الجواب:
هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي، ولد في غزة سنة 150هـ وتوفي بمصر سنة 204هـ وهو أحد الأئمة الأربعة على الجميع رحمة الله تعالى.
السؤال الثامن والعشرون:
ما المراد من قول الشافعي؟
الجواب:
مراده رحمه الله أن هذه السورة كافية للخلق في الحث على التمسك بدين الله بالإيمان، والعمل الصالح، والدعوة إلى الله، والصبر على ذلك، وليس مراده أن هذه السورة كافية للخلق في جميع الشريعة.
وقوله: "لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم" لأن العاقل البصير إذا سمع هذه السورة أو قرأها فلابد أن يسعى إلى تخليص نفسه من الخسران وذلك باتصافه بهذه الصفات الأربع: الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.
قال المؤلف:
"وقال البخاري –رحمه الله -: "باب العلم قبل القول والعمل" والدليل قوله تعالى: "فأعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك"، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل.
السؤال التاسع والعشرون:
مَنْ هو البخاري؟
الجواب:
هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، ولد ببخارى في شوال سنة أربعة وتسعين ومائة ونشأ يتيماً في حجر والدته، وتوفي رحمه الله في خرتنك بلدة على فرسخين من سمرقند ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين ومائتين.
السؤال الثلاثون:
على ماذا استدل البخاري بهذه الأية: "فأعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك"؟
الجواب:
أستدل البخاري رحمه الله بهذه الآية على وجوب البداءة بالعلم قبل القول والعمل وهذا دليل أثري يدل على أن الإنسان يعلم أولاً ثم يعمل ثانياً، وهناك دليل عقلي نظري يدل على أن العلم قبل القول والعمل وذلك لأن القول أو العمل لا يكون صحيحاً مقبولاً حتى يكون على وفق الشريعة، ولا يمكن أن يعلم الإنسان أن عمله على وفق الشريعة إلا بالعمل، ولكن هناك أشياء يعلمها الإنسان بفطرته كالعلم بأن الله إله واحد فإن هذا قد فطر عليه العبد ولهذا لا يحتاج إلى عناء كبير في التعلم، أما المسائل الجزئية المنتشرة فهي التي تحتاج إلى تعلم وتكريس جهود.
قال المؤلف:
"أعلم رحمك الله: أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم ثلاث هذه المسائل والعمل بهن، الأولى: أن الله خلقنا".
السؤال الحادي والثلاثون:
ماهي المسألة الأولى التي يجب علينا تعلمها ؟
الجواب:
أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملاً بل أرسل إلينا رسولاً فمَنْ أطاعه دخل الجنة ومَنْ عصاه دخل النار.
السؤال الثاني والثلاثون:
ما الدليل السمعي والعقلي على أن الله خلقنا؟
الجواب:
أما السمعي فكثير ومنه قوله عز وجل: "هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلاً وأجلٌ مسمىً عنده ثم أنتم تمترون"، وقوله: "ولقد خلقنكم ثم صورناكم..." الآية، وقوله تعالى: ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأٍ مسنون"، وقوله: "ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون"، وقوله: "خلق الإنسان من صلصال كالفخار"، "الله خلق كل شيء"، وقوله: "والله خلقكم وما تعملون"، وقوله: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"... إلى غير ذلك من الآيات.
أما الدليل العقلي على أن الله خلقنا:
فقد جاءت الإشارة إليه في قوله تعالى: "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون"، فإن الإنسان لم يخلق نفسه لأنه قبل وجوده عدم والعدم ليس بشيء وما ليس بشيء لا يوجد شيئاً، ولم يخلقه أبوه ولا أمه ولا أحد من الخلق، ولم يكن ليأتي صدفة بدون موجد؛ لأن كل حادث لابد له من محدث؛ ولأن وجود هذه المخلوقات على هذا النظام والتناسق المتآلف يمنع منعاً باتاً أن يكون صدفة.
إذاً الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده فكيف يكون منتظماً حال بقائه وتطوره، فتعين بهذا أن يكون الخالق هو الله وحده فلا خالق ولا آمر إلا الله، قال الله تعالى: "ألا له الخلق والأمر.
السؤال الثالث والثلاثون:
هل يوجد أحد أنكر الربوبية؟
الجواب:
لم يعلم أن أحداً من الخلق أنكر ربوبية الله سبحانه وتعالى إلا على وجه المكابرة كما حصل من فرعون، وعندما سمع جبير بن مطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الطور فبلغ قوله تعالى: "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون * أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون"، وكان جبير بن مطعم يومئذ مشركاً فقال: "كاد قلبي أن يطير وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي".
قال المؤلف:
"ورزقنا".
السؤال الرابع والثلاثون:
ما الأدلة على أن الله هو الذي يرزق؟
الجواب:
أدلة هذه المسألة كثيرة من الكتاب والسنة والعقل.
أما الكتاب:
فقال الله تعالى: "إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين"، وقال تعالى: "قل مَن يرزقكم من السماوات والأرض قل الله"، وقوله: "قل مَن يرزقكم من السماء والأرض أمَّن يملك السمع والأبصار ومَن يُخرج الحيَّ من الميت ويُخرج الميَّت من الحيِّ ومَن يدبر الأمر فسيقولون الله"، والآيات في هذا كثيرة.
وأما السنة:
فمنها قوله صلى الله عليه وسلم في الجنين يبعث عليه ملك فيؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله، وعمله وشقي أم سعيد.
وأما الدليل العقلي على أن الله رزقنا:
فلأننا لا نعيش إلا على طعام وشراب، والطعام والشراب خلقه الله عز وجل كما قال الله تعالى: "أفرأيتم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون * لو نشاء لجلعناه حطاماً فظلتم تفكهون * إنا لمغرمون * بل نحن محرومون * أفراءيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون * لو نشاء جعلته أجاجًا فلولا تشكرون"، ففي هذه الآيات بيان إن رزقنا طعاماً وشراباً من عند الله عز وجل.
قال المؤلف:
"ولم يتركنا هملاً".
السؤال الخامس والثلاثون:
ما الأدلة على أن الله خلقنا للعبادة ولم يخلقنا عبثاً؟
الجواب:
تدل عليه الأدلة السمعية والعقلية:
أما السمعية فمنها قوله تعالى: "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو"، وقوله: أيحسب الإنسان أن يُترك سدى * ألم يكُ نطفة من مني يُمنى * ثم كان علقةً فخلق فسوى * فجعل منه الزَّوجين الذَّكر والأنثى * أليس ذلك بقدر على أن يحيى الموتى".
وأما العقل:
فلأن وجود هذه البشرية لتحيا ثم تتمتع كما تتمتع الأنعام ثم تموت إلى غير بعث ولا حساب أمر لا يليق بحكمة الله عز وجل بل هو عبث محض، ولا يمكن أن يخلق الله هذه الخليقة ويرسل إليها الرسل ويبيح لنا دماء المعارضين المخالفين للرسل عليهم الصلاة والسلام ثم تكون النتيجة لا شيء، هذا مستحيل على حكمة الله عز وجل.