أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: اليوم الثاني: استعن بالله ولا تعجز الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 4:55 am | |
| اليوم الثاني: استعن بالله ولا تعجز بقلم: الشيخ عوينات محي الدين هذه الوصية النبوية أسوقها لإخوتي الصائمين في اليوم الثاني من رمضان، لعلها تكون معيناً لهم على اغتنام الأوقات، والاستزادة من الطاعات، والاجتهاد في تحصيل القربات. وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم التي وردت في حديثه عن المؤمن القوي. ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. إحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز. وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت، كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان رواه مسلم. هذه وصية غالية نحتاج إليها في أيام رمضان ولياليه المباركة حيث إنها تدلنا على أن نطلب من الله أن يعيننا على طاعته ومرضاته، والتي لو لم يعيننا عليها لم نقدم ولم نؤخر. أخي المسلم لا تظن أننا قادرون على القيام بواجبات العبودية بقوتنا الضعيفة الهزيلة المحدودة، فوالله لولا عون الله للعبد ما استطاع أن يسبح الله تسبيحة واحدة، فهو سبحانه الذي يأذن لعبده في طاعته، ويفتح قلبه لها، ويذيقه لذتها ويعينه عليها، ثم يتفضل عليه بكرمه ويتقبلها منه ويثيبه عليها. وصدق سبحانه حيث قال: "وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ {الحجرات:7}، وقال تعالى: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ). فتدبر هذه الآيات وأمثالها يجعل المسلم يشعر بالعجز والتقصير في حق الله تعالى، وهذا الشعور يحول بينه وبين الإعجاب بالعمل، أو النظر إلى النفس، بل يلهم العبد أن يكون دائماً وأبداً في مقام الافتقار لله تعالى. ولهذا السبب فقد أمرنا ربنا سبحانه أن نجدد عهد العبودية لله في كل ركعة من ركعات الصلاة، وكذلك أمرنا أن نطلب منه العون على هذه العبودية، وذلك في الفاتحة حيث نقرأ فيها قوله تعالى "إياك نعبد وإياك نستعين"، تأمل لم يقل إياه نعبد بل قال إياك نعبد، وهذا مناسب لحال العبد مع ربه فهو واقف بين يديه يدعوه بالضراعة والإخبات في الصلاة، و يقر لله بالضراعة عند المناجاة، فناسب حال الشاهد لا حال الغائب، وتأمل أيضا قال: نعبد ولم يقل أعبد وفي هذا تواضع وافتقار وانكسار، أي أنني واحد من عبيدك فلست أهلاً أن أتقدم إلى جنابك العظيم لوحدي، بل أضم نفسي إلى سائر عبيدك، فعسى أن أكون مقبول العبادة مجاب الدعوة، ولو قال إياك أعبد لكان معظما لنفسه قد ولج باب الكبرياء كأنه وحيد الميدان. وتقديم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص و من تقديم حقه تعالى على حق عبده، ولأن العبادة هي المقصود الأعظم من العبد، والاستعانة وسيلة إليها، وأيضاً لأن في تأخير فعل الاستعانه توافق رؤس الآيات مما يضفي جمالاً على النظم القرآني فتأمل إعجاز القرآن و أسرار ألفاظه. ولما كان العبد ضعيفاً فقيراً احتاج أن يسأل الله تعالى العون (قال إياك نستعين) والاستعانة هنا على إطلاقها فنستعين بك يا الله على كل شيء وان كان أعظم مقاصدها العون على العبادة (نحن يا ربنا نريد أن نطيعك و نعبدك و نتقرب إليك فان لم تعن على ذلك فقد خسرنا).
تأمل هذه المعاني وأنت تقرأ في الصلاة فلا حول ولا قوة لنا إلا بك لذلك كان أنفع الدعاء طلب العون على مرضاته. وقد قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: تأملت أنفع الدعاء: فإذا هو سؤال الله تعالى العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في: (إياك نعبد وإياك نستعين). - والاستعانة: تجمع أصلين: الثقة بالله، والاعتماد عليه، فإن العبد قد يثق بالواحد من الناس، ولا يعتمد عليه في أموره، مع ثقته به، لاستغنائه عنه وقد يعتمد عليه، مع ثقته به لحاجته إليه، ولعدم من يقوم مقامه، فيحتاج إلى اعتماده عليه. مع أنه غير واثق به. والقلب يمرض بالرياء والكبر، ودواء الرياء (إياك نعبد)، ودواء الكبر (إياك نستعين) فإذا عوفي العبد من الرياء بإياك نعبد ومن الكبر والعُجب بإياك نستعين، ومن مرض الضلال والغضب ب (إهدنا الصراط المستقيم) عوفي من أمراضه وأسقامه. والاستعانة بالله هي كذلك من جنس العبودية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدعاء هو العبادة " وذلك لأنه يدل على تعلق العبد بربه واعتماده عليه وثقته فيه، وتلك هي العبودية. * أخي الصائم استعن بالله في أن تصوم الصيام الذي يرضاه الله منك، استعن بالله في غض بصرك، وحفظ سمعك، وكف جوارحك، وحفظ لسانك. * استعن بالله في قيام ليالي رمضان بخشوع وحضور قلب وترتيل الآيات والدعاء في السجود والتبتل لله تعالى. * استعن بالله في تلاوة القرآن الكريم وتدبره وسهر الليالي المباركة في التلذذ بسماع كلام الله تعالى وتلاوته. * استعن بالله تعالى في التخلق بالأخلاق الحسنة التي تجعلك تحسن إلى الناس، وتتحمل إساءتهم. وصدق رسول الله حيث قال لمعاذ بن جبل: يا معاذ إني أحبك فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" وقوله لابن عباس وهو غلام صغير "وإذا استعنت فاستعن بالله". فاللهم إنا نسألك أن تعيننا على صيام رمضان وقيامه والتقرب إليك فيه على الوجه الذي يرضيك عنا إنك على ما تشاء قدير. وصلى اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
|
|