الفصل الثاني
أزمة ومعركة انتخابات نادي الضباط
كانت انتخابات نادي الضباط هي المحك، الذي أظهر قوة تنظيم الضباط الأحرار، إذ تكتل التنظيم حول مرشحين معينين، ونجح في جعلهم يفوزون بالعضوية في مجلس إدارة النادي، كما ساند التنظيم اللواء محمد نجيب ليفوز برئاسة مجلس إدارة النادي، ولم يرشح من الضباط الأحرار سوى خمسة ضباط فازوا بالعضوية في هذا المجلس.
ويكفي لتوضيح الأهمية التي أسفرت عنها هذه المعركة قول اللواء محمد نجيب، وكان الشخصية الأولى في هذه الأزمة، "إن انتخابات نادي الضباط كانت هي فعلاً الثورة، وعندما يُكتب التاريخ الحقيقي لثورة 23 يوليه سوف يقرر المؤرخون أن الملكية قد انتهت في مصر، بعد انتخابات نادي الضباط".
في عصر 16 أكتوبر 1951، عُقد اجتماع الضباط في حديقة النادي وتولى رئاسته البكباشي محمد رشاد مهنا أكبر الحاضرين رتبة، ودارت المناقشات في شأن استئثار إدارة الجيش بشؤون النادي، وتبلورت المناقشات في صورة توصيات، تدعو أولاً: إلى عقد دورة غير عادية للجمعية العمومية، وهو حق يجيزه القانون إذا تقدم عشرون من أعضاء النادي، على الأقل، إلى إدارة النادي بطلب مسبب لانعقادها. وعلى الفور تم اتفاق الحاضرين على توقيع هذا الطلب، ورفعه إلى إدارة النادي، ووافق الفريـق حيدر، قائد عام الجيـش، على طلب دعـوة الجمعية العمومية غير العادية، ولم يشأ أن يتحدى مشاعر الضباط، عسى أن يكتسب شعبية في الجيش، تعيد إليه ثقة الملك [1].
اجتماع الجمعية العمومية العادية لنادي ضباط الجيش
وقبيل اجتماع الجمعية العمومية في الساعة الرابعة من مساء الحادي والثلاثين من ديسمبر عام 1951 اجتمع محمد رشاد مهنا، مع تنظيم الضباط الأحرار في منزل مجدي حسنين في عابدين وحضر الاجتماع كل من زكريا محيي الدين وجمال سالم وحسن إبراهيم وعبد اللطيف البغدادي، وكان محمد رشاد مهنا مستمعاً فقط. وفي نهاية الاجتماع اقترح عليهم أن يتضافر جميع الضباط للتركيز على عملية انتخابات نادي الضباط؛ وبذلك يمكن إثبات قوة تنظيم الضباط في مواجهة الفساد الملكي، واقترح أن يتفق الجميع على إنجاح محمد نجيب [2] ليكون رئيساً لمجلس إدارة النادي، وهو المنافس لحسين سري عامر قائد سلاح الحدود ومرشح الملك لرئاسة النادي، وبذلك يظهر الضباط تحديهم لإرادة القصر.
عُقد الاجتماع في الساعة الرابعة من مساء الحادي والثلاثين من ديسمبر، بقاعة السينما، بثكنات العباسية، للنظر في التعديلات التي طرأت على قانون النادي، وكانت هذه التعديلات قد أرسلتها رئاسات الأسلحة إلى إدارة النادي التي جمعتها في صيغة مشروع بقانون مقترح أرسل إلى الأسلحة لأخذ رأي الضباط عليه، قبل التصويت عليه، من الجمعية العمومية. كانت هناك مادتان في القانون المقترح أثارتا النقاش والجدل، وكان يكمن فيهما أسباب النزاع: أولاهما هي المادة الثامنة، وكانت تتعلق بتحديد الأسلحة، التي تمثل في مجلس إدارة النادي، ومن ثم نشب نزاع في شأن سلاح الحدود، لمحاولة ضمه كسلاح مستقل لبقية أسلحة الجيش، على الرغم من أن ضباطه منتدبين، من أسلحه أخرى، ممثلون في مجلس إدارة النادي.
والواقع أن أغلب الضباط في مساندتهم للرأي الذي يقول بأن سلاح الحدود، ليس سلاحاً قائماً بذاته، كان يكمن في تحدي الضباط لمدير سلاح الحدود الجديد، اللواء حسين سري عامر، الذي أُبعد بسببه من منصبه، اللواء أركان الحرب محمد نجيب مدير الحدود السابق، بعد أن أصر الملك على تعيين رجل السراي اللواء حسين عامر في هذا المنصب، وكان اللواء حسين سري تحوم حوله الريب والشبهات، طوال مدة خدمته في سلاح الحدود، فضلاً عن اتهامه في قضية الأسلحة الفاسدة، والتحقيق معه من قبل النيابة العامة.
أما المادة الأخرى فكانت المادة التاسعة، وتنص على أن تقوم الجمعية العمومية مجتمعة بانتخاب ممثلي الأسلحة المختلفة، في مجلس إدارة النادي، وهذا من شأنه، أن يصبح الانتخاب صادقاً، ممثلاً لإرادة الضباط، ولكن القصر خشي من تكتل الضباط واتحاد كلمتهم، فعمل على ترويج اتجاه آخر، هو أن يقوم ضباط كل سلاح، من أسلحة الجيش، بانتخاب ضباطه، على أساس أن كل سلاح أدرى بضباطه، ولم يكن هدفه من وراء ذلك سوى تفرقة كلمة الضباط.
حضر الاجتماع حوالي (455) ضابطاً وهو أكثر من العدد القانوني، الذي يقتضيه اجتماع الجمعية العمومية العادية (أكثر من 10% من مجموع أعضاء النادي).
وكان رئيس إدارة الجيش، ورئيس هيئة أركان حرب، عثمان المهدي باشا، خارج قاعة الاجتماع، ونبها على البكباشي محمد رشاد مهنا، بعدم اعتلاء المنصة لإعطاء الفرصة للمجلس القديم بإدارة الجلسة.
وافتتح رئيس اللجنة التنفيذية للنادي الأميرلاي جلال صبري الجلسة، ولما تليت مقترحات تعديل اللائحة، كما أراد محمد رشاد مهنا، اختلفت الآراء، وكاد الاجتماع يفشل لكثرة الجدل.
وهنا طلب رئيس هيئة أركان حرب من محمد رشاد مهنا، أن يعتلي المنصة، إنقاذاً للموقف، وسيطر محمد رشاد مهنا على الموقف، حيث اقترح مباشرة وفي الحال، عرض مشروع اللائحة الداخلية المقترحة (وكانت المقترحات تنص صراحة على ضرورة إجراء الانتخابات)، وعرضها للتصويت، من دون مناقشة، وكانت نتيجة التصويت الموافقة بأغلبية الأصوات، وبالتصفيق المتواصل، من أغلبية الحاضرين. وطالب أحد ضباط سلاح الحدود من أعوان حسين سري عامر ضرورة تمثيل سلاح الحدود بعضو في مجلس الإدارة، الذي سينتخب فوراً، وعارض محمد رشاد مهنا بالحجة القوية، بأن سلاح الحدود لا يعتبر سلاحاً قائماً بذاته، لأن جميع ضباطه منتدبين من أسلحة مختلفة، وأن لكل منها مكان في مجلس الإدارة، والمقترح انتخابهم في الجلسة نفسها، وانتقل محمد رشاد مهنا مباشرة إلى طلب إجراء عملية الانتخابات، التي تمت على الفور.
وقد تقدم لانتخابات الرياسة مدير سلاح المشاة اللواء أركان الحرب محمد نجيب، اللواء حافظ بكري مدير سلاح المدفعية، واللواء إبراهيم الأرناؤوطي، مدير سلاح المهمات، واللواء سيد محمد، مدير سلاح الصيانة، ولم يكن لأحد من هؤلاء مشكلة أو قضية، بخلاف اللواء حسين سري عامر، مدير سلاح الحدود، الذي تطورت قصته مع انتخابات النادي، وإصرار الملك على فرضه على القوات المسلحة إلى محاولة اغتياله.
ويقول محمد نجيب في مذكراته: "استقر رأيي على أن أرشح نفسي رئيساً لمجلس إدارة النادي لجس نبض الحالة في الجيش، وتحدياً للملك الذي نقلني من سلاح الحدود".
وفي منتصف الليل، ومع استقبال فجر الأول من عام 1952،
أُعلنت النتيجة على النحو التالي:
انتخب اللواء أركان الحرب محمد نجيب مدير سلاح المشاة بأغلبية شبه إجماعية إذ لم يحصل منافسوه الثلاثة إلا على (58) صوتاً من مجموع خمسمائة صوتاً تقريباً
حيث فاز بمنصب رئيس مجلس الإدارة اللواء محمد نجيب، وانتخب عضوان فقط، من الضباط، الذين شكلوا فيما بعد مجلس قيادة الثورة، وهما بكباشي زكريا محيي الدين من المشاة، وقائد أسراب حسن إبراهيم من الطيران، كما انتخب ثلاثة من الضباط الأحرار من غير أعضاء مجلس القيادة هم: بكباشي محمد رشاد مهنا من المدفعية، والصاغ أحمد حمدي عبيد، والصاغ جمال الدين حماد، من المشاة.
وممن خانهم الحظ في الانتخاب من أعضاء مجلس قيادة الثورة فيما بعد قائد الجناح جمال سالم، ومن الشخصيات التي لمعت بعد ذلك البكباشي محمد فوزي، وزير الحربية فيما بعد، وحصل على 37 صوتاً. وبذلك كانت نتيجة الانتخاب فوزاً ساحقاً للضباط الأحرار، إذا تبين مدى انضمام الضباط ذوي الرتب الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب التيار الوطني، كما كان إبعاد ممثل سلاح الحدود من الانتخاب تحدياً سافراً من الضباط للملك.
وكان هذا دليلاً على تأثير ونفوذ، تنظيم الضباط الأحرار، بين ضباط الجيش، كما كان دليلاً كذلك على شعبية محمد نجيب.
وبذلك تُعد انتخابات نادي الضباط هي بداية المواجهة العلنية الصريحة بين الملك وبين الضباط الأحرار، وعاملاً مؤثراً في تطوير الأحداث، التي تلاحقت بعد ذلك، وانتهت بنجاح حركة الجيش، وسقوط الملكية.
ويعلق عبداللطيف البغدادي على معركة انتخابات نادي ضباط الجيش بقوله:
"وقد أكدت نتيجة الانتخاب، التي نجح فيها جميع مرشحينا، فاعلية التنظيم وقدرته.
ولكن من جانب آخر، كانت هناك نقطة ضعف، صاحبت هذا التصرف منا، فلقد تخلينا ولأول مرة، عن الأسلوب السري الذي كنا نتبعه من قبل. وكان نشاطنا علنياً، في هذه المعركة، فكشفنا عن أنفسنا، وأصبح من الطبيعي بعد ذلك، أن يسعى الملك، وأجهزته السرية الخاصة بالأمن، إلى التعرف على من وراء هذا التنظيم، ومن هم أفراده، حتى تحاول القضاء عليهم، قبل استفحال خطرهم.
ومن هنا كان لعامل الوقت أهمية قصوى، وكان علينا أن نسبقه في التحرك، وأن نضرب ضربتنا، ونقوم بالانقلاب، الذي كنا نعد أنفسنا له، قبل أن يعمل هو على تصفيتنا نهائياً من الجيش، وتضيع علينا بذلك الفرص.
الفريق حيدر يستدعي محمد نجيب
ولم يمر يومان حتى استدعى الفريق حيدر، إلى مكتبه في ثكنات قصر النيل، كلاً من اللواء محمد نجيب، رئيس مجلس إدارة النادي الجديد، والبكباشي محمد رشاد مهنا، عضو مجلس الإدارة، واجتمع بهما إلى ساعة متأخرة من الليل، محاولاً إقناعهما تنفيذ رغبة أوامر الملك بانضمام ممثل سلاح الحدود إلى مجلس إدارة النادي، وحين أرادا أن يبينا له أن ذلك ليس من سلطات مجلس إدارة النادي، بل من سلطة الجمعية العمومية، استشاط الفريق حيدر غضباً، وأبدى لهما ضرباً من التهديد، وانتهى الاجتماع بعد، منتصف الليل بساعتين، من دون الوصول إلى أي حل.
وعن هذه المقابلة يقول اللواء محمد نجيب: "قال الفريق حيدر لنا في صراحة أن أوامر مولانا أن يدخل حسين سري عامر مجلس إدارة النادي هكذا دون لف أو مواربة. فقلت لحيدر أن هذا ليس من حق مجلس الإدارة، بل هو من صميم حقوق الجمعية العمومية، فإذا أصر مولانا، فسأعقد الجمعية العمومية وأعرض الأمر عليها. واستمرت الجلسة سبع ساعات حتى الثانية صباحاً في حوار، ونحن لا نتزحزح عن موقفنا شعرة، رغم ظهور نبرة تهديد صريحة في حديث حيدر عندما أعيته الحيل".
وفي الثالث من يناير عام 1952، وجهت رئاسة هيئة أركان حرب الجيش خطاباً إلى اللواء محمد نجيب، بصفته رئيساً لمجلس إدارة النادي المنتخب، تعلن فيه أنه تقرر اعتبار سلاح الحدود سلاحاً قائماً بذاته، وبناءاً عليه يصبح له الحق في تمثيله في مجلس إدارة النادي.
وأحس اللواء محمد نجيب بخطورة الموقف، فدعا إلى عقد اجتماع مجلس إدارة النادي يوم السبت 5 من يناير وعرض خطاب رئاسة أركان حرب الجيش على أعضاء مجلس الإدارة، فانقسمت الآراء، في بادئ الأمر، بين مؤيد ومعارض، ولكن اللواء محمد نجيب بيَّن لأعضاء المجلس خطورة الموقف، وما قد يسفر عنه من مخاطر نتيجة تحدي رغبة الملك، واقترح انتداب البكباشي محمد إبراهيم فهمي، كحل وسط، ليمثل سلاح الحدود في مجلس إدارة النادي، إلى حين دعوة الجمعية العمومية.
ووافق مجلس إدارة النادي بالإجماع على الاقتراح، وكان الفريق حيدر ينتظر قرار مجلس الإدارة، في إحدى غرف النادي، على أحر من الجمر، فما إن انتهى مجلس الإدارة من إصدار القرار، حتى ابلغه الفريق حيدر للملك، ظناً منه أنه سيحوز رضاه ويجعله يكسب ثقته، ولكن الملك لم يرض بذلك، فقد أحس بأن نتيجة الانتخاب كانت بمثابة طعنة له، واعتبر كل ما حدث تحدياً له.
وثار حسين سري عامر، فقد شعر بأن "الضباط الأحرار" وراء هزيمته، وكتب مقالاً هاجم فيه "الضباط الأحرار" هجوماً بذيئاً ومليئاً بالشتائم، وهدد بأنه سيتخلص منهم في ساعة واحدة، ويدخلهم جميعاً السجون، الأمر الذي أثار عبدالناصر بصورة كبيرة.
وكان اللواء حسين سري عامر، قد اعتبر قرار مجلس إدارة النادي الخاص بتمثيل سلاح الحدود في إدارة النادي نصراً خاصاً له، وفي صباح اليوم الثامن من يناير 1952، توجه على رأس وفد من ضباط سلاح الحدود، إلى قصر عابدين، للتعبير في سجل التشريفات الملكية عن ولائهم للملك. وبعد ذلك عاد إلى مكتبه، حيث استقبل وفود المهنئين، ثم عاد إلى بيته في منطقة الزيتون، وما كادت سيارته تتوقف، أمام منزله في المساء، حتى انطلقت طلقات نارية عديدة نحو السيارة من أفراد، تربصوا له بالقرب من منزله.
وكان عبدالناصر، وقد قرر أن يرد على حسين سري عامر بقوة، ليحفظ للضباط الأحرار مكانتهم ومهابتهم، ومن خلف ظهر "لجنة القيادة لتنظيم الضباط الأحرار" اتفق عبدالناصر، وحسن إبراهيم، وحسن التهامي، وكمال رفعت، وصلاح الدسوقي، على اغتيال حسين سري عامر، وأطلقوا عليه الرصاص في مساء 8 يناير عام 1952 وفشلت المحاولة.
وقد أقر عبدالناصر بتدبيره هذه المحاولة في كتابه فلسفة الثورة.
بقوله: وكمنت الفرقة في أماكنها، التي حددت لها وأقبل الواحد (يعني حسين سري عامر) الذي كان يجب أن يزول وانطلق نحوه الرصاص وانسحبت فرقة التنفيذ وغطت انسحابها فرقة الحراسة وبدأت عملية الإفلات من النجاة، وأدرت محرك سيارتي وانطلقت أغادر المسرح الذي شهد عملنا.
ويفصّل اليوزباشي كمال رفعت ما حدث بقوله: "حضر جمال عبدالناصر إلىَّ بالمنزل مساء يوم 7 يناير عام 1952 وأخبرني بفكرته.. وعموماً فقد ذهبت معه ومعنا حسن التهامي إلى منزل حسين سري عامر نفس الليلة لانتهاز أية فرصة لتنفيذ العملية ولما لم يتيسر ذلك أرجأنا العملية إلى اليوم التالي حيث انضم إلينا حسن إبراهيم حيث قام بعملية المراقبة، وكان جمال عبدالناصر يقود عربته الأوستن الصغيرة وينتظرنا في شارع مجاور، وتوليت أنا وحسن تهامي تنفيذ العملية".
استمر الفاعل مجهولاً، على الرغم من محاولات رجال الأمن، وفي 21 من الشهر نفسه، نشرت الصحف في مكان بارز، زيارة اللواء محمد نجيب للواء عامر داعياً له بالشفاء، حتى يتبدد من الأذهان أي شك في صلة اللواء نجيب بالحادث، وجاء رد الفعل سريعاً في 24 من مارس عندما لقي الملازم عبدالقادر مصرعه على يد جماعة مجهولة جاءت إلى منزله ليلاً، بشارع الإخشيد بالروضة، في سيارة وأطلقت عليه الرصاص، أثناء عودته إلى بيته، بصورة مشابهة، لما حدث بضاحية الزيتون، وأصيب عبدالقادر طه، وأتهم قبل أن يلفظ أنفاسه، اللواء حسين سري عامر بتدبير الحادث، لأنه سبق أن اتهمه بالشروع في قتله مع اليوزباشي مصطفى كمال صدقي.
لما تبين للملك فاروق أن جميع المحاولات لفرض حسين سري عامر على نادي ضباط الجيش قد باءت بالفشل، وأن الخلاف تحول إلى مبارزة دموية، أصدر مدير إدارة الجيش، اللواء عباس زغلول، أمراً، بتعليمات من القائد العام، في 12 يوليه عام 1952 بحل مجلس إدارة النادي المنتخب، وتعيين مجلس إدارة مؤقت، تولى رياسته قائد المنطقة المركزية اللواء علي نجيب، شقيق اللواء محمد نجيب، وعضوية بكباشي يوسف العجرودي، أركان حرب المنطقة، وجلال صبري، الرئيس الأسبق للنادي، ومصطفى كمال عبدالرازق، ومحمد حسني، وعلي صبري، (نائب رئيس الجمهورية السابق)، وشُكلت في يوم 16 من الشهر نفسه، لجنة تسلمت مفاتيح النادي من سكرتيره، البكباشي حافظ عاطف، وقد مهد لهذه الحركة الأميرلاي حسن حشمت، قائد سلاح الفرسان، وعضو مجلس الإدارة، بتقديم استقالته في يوم 12 يوليه، مدعياً أن القانون الجديد للنادي لا يتفق تماماً مع النظم العسكرية، ولا يتمشى مع التقاليد.
في هذه الفترة أصبحت قصة نادي ضباط الجيش مادة للشائعات، ومن ثم صدر قرار سري من الرقيب العام، (فقد كانت البلاد ما زالت تحت الأحكام العرفية)، وذلك بتاريخ 16 يوليه، بمنع نشر أخبار النادي في الصحف.
وكان من ردود الفعل على حل المجلس رفع قضيته إلى مجلس الدولة تولاها المحامي صبري الحكيم.
أمّا ذيول معركة انتخابات النادي فقد امتدت إلى ما بعد قيام حركة الجيش، وذلك في سبتمبر عام 1952، حيث طالبت مجموعة من الضباط بانتخابات جديدة لمجلس إدارة النادي، تكون أكثر تعبيراً للوضع الجديد، بعد التغييرات الجذرية، التي مرت بها القوات المسلحة، ونجاح حركة 23 يوليه، فكان رد مجلس قيادة الثورة أن الوقت لم يحن بعد لإجراء هذا الانتخاب، بدعوى أن الجيش لم يستكمل تطهير نفسه، لهذا فإن مجلس قيادة الثورة يرى أن يتم تشكيل المجلس الجديد بالتعيين، الأمر الذي أثار ثائرة الداعين إلى إجراء الانتخابات، متهمين مجلس قيادة الثورة بأنه عاد بهم إلى الوضع الذي ثاروا عليه، إبان سيطرة إدارة الجيش على النادي، وهكذا انتهت قصة نادي ضباط الجيش من حيث بدأت.
[1] كان الفريق حيدر مزعزعاً إذا كان قد أثير حوله عام 1950 ما يشير إلى تدخله في قضية الأسلحة الفاسدة مما جعله يقدم استقالته نوفمبر عام 1950، ولكن الملك لم يشأ أن يتخلى عن رجله، فأعاده إلى منصبه في مايو عام 1951.
[2] اللواء أركان الحرب محمد نجيب كان يشغل في ذلك الوقت منصب مدير المشاة بعد أن نقله الملك فاروق من مدير سلاح الحدود إلى مدير سلاح المشاة وكاد يقدم استقالته لولا تدخل الضباط الأحرار ومنعه من تقديم استقالته.