أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الجزء التاسع: صفات النبي -صلى الله عليه وسلم- وشمائله الإثنين 22 أبريل 2013, 7:16 am | |
| الجزء التاسع: صفات النبي -صلى الله عليه وسلم- وشمائله
أن السيرة العطرة للنبي -صلى الله عليه وسلم- لن تكفيها مجلدات.. لماذا؟
لأنها قصة حياة أعظم إنسان خلقه الله في الوجود, وجعله خاتم الأنبياء والمرسلين...
ولا عجب إذاً أن رجلاً شديداً كعمر بن الخطاب - رض الله عنه- الذي كان جباراً في الجاهلية...
ذهب عندما علم بإسلام أخته وزوجها لكي يقتل النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا به يعود مسلماً موحداً بعد أن رآه في دار الأرقم...
وعاد ليقف في وجه كل من يعترض طريق الدعوة أو يحاول أن يؤذي النبي -صلى الله عليه وسلم-!!
ولا عجب أن يبايعه أهل لمدينة من الأنصار ويخوضون معه الأهوال في حروب طاحنة وغزوات متتالية وهم يفدونه بأموالهم وأرواحهم أولادهم وأهليهم...
وهو الذي يذكرهم ليل نهار أنه لا يملك لهم نفعٍ ولا ضراً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشورًا...
نعم ..لا عجب في ذلك وغيره ..
لأن شخصية النبي -صلى الله عليه وسلم- وحياته وسيرته وعظمته وعفته وأمانته وتواضعه وشجاعته..
وغير ذلك من الصفات والشمائل الجليلة التي تجمع الكمال الإنساني في شخصه -صلى الله عليه وسلم-..
كانت هي المصباح الذي أضاه للبشرية كلها وليس للمسلمين فقط, الطريق إلي الله تعالي ومحبته...
وفي ذلك قال تعالي: ({قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}" سورة آل عمران " آية 31).
وسنذكر في هذا الجزء بعضاً من الصفات الخُلقية والشمائل الطيبة للنبي -صلى الله عليه وسلم- والله المستعان..
**أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم-:
للنبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر من أسم وكان يكني بأبا القاسم...
وأمرنا أن نتسمى باسمه ولا نكني بكنيته...
ومن أسمائه -صلى الله عليه وسلم- ما جاء في قوله: " أنا محمد، وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو اللهُ به الكفر، وأنا الحاشِرُ الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقِب الذي ليس بعده نبي "..
وفي رواية أخري قال -صلى الله عليه وسلم-:" أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا المقفِّي، ونبي التوبة، ونبي الرحمة "-ومعني المقفِّي: آخر الأنبياء.
**تواضع النبي -صلى الله عليه وسلم-:
-عن أنس ابن مالك -رضي الله عنه- قال: «لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهيته لذلك».
وكان صلى الله عليه وسلم لا يواجه أحداً بما يكره...
يعود المريض، ويحب المساكين، ويجالسهم ويشهد جنائزهم، ولا يحقر فقيراً لفقره... ولا يهاب ملكًا لملكه..
يعظم النعمة وما عاب طعاماً قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه... يأكل ويشرب بيمينه بعد أن يسمي الله في أوله، ويحمده في آخره.
ويبدأ من لقيه بالسلام، وإذا صافح رجلاً لا ينزع يده من يده، حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده.
وكان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تواضعاً، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس.
ويعطي كل جلسائه نصيبه ولا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه، وإذا جلس إليه أحدهم لم يقم حتى يقوم الذي جلس إليه إلا أن يستعجله أمر فيستأذنه...
ولقد رأينا كيف عارض المشركون هذه الدعوة لمخالفتها عقيدتهم الوثنية، وتقليدهم الأعمى لآبائهم، واتهموا الرسول صلى الله عليه وسلم بالسحر والجنون بعد أن كانوا يسمونه الصادق الأمين.
ومع ذلك صبر الرسول صلى الله عليه وسلم على أذى قومه، ممتثلاً أمر ربه القائل: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} "سورة الإنسان" آية 24.
وبقي ثلاثة عشر عاماً في مكة يدعو إلى التوحيد، ويتحمل مع أتباعه العذاب....
ثم هاجر مع أصحابه إلى المدينة ليقيم المجتمع الإسلامي الجديد على العدل والمحبة والمساواة.
وقد أيده الله بمعجزات أهمها القرآن الكريم الداعي إلى التوحيد والعلم والجهاد ومكارم الأخلاق.
ولقد اجتمع لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكارم الأخلاق والشجاعة والكرم، فمن رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه...
ولقد بلّغ الرسول الرسالة، ونصح الأمة وجمع الكلمة، وفتح مع صحابته القلوب بتوحيدهم، كما فتحوا البلاد بجهادهم، ليخرجوا الناس من عبادة العباد، إلى عبادة رب العباد.
وكان يقول تواضعاً: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله». "رواه البخاري". (لا تطروني: لا تزيدوا في مدحي).
**حلم النبي -صلى الله عليه وسلم- وسماحته:
لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- فظاً أو غليظًا في دعوته قط لأي مسلم مهما كان ذنبه..
بل كان رحيماً بالمسلمين جميعاً, يحدثهم وهو مبتسماً, ويقنعهم بأسلوب لطيف فيه رحمة وتسامح..
ألم يقل تعالي: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159))- آل عمران.
وأمام هذه السماحة والرحمة المهداة لا يملك المسلم العاصي إلا أن يستجيب لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-.
وأذكر هنا موقفين تدل علي عظمة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتواضعه وحلمه مع الناس..
- الموقف الأول: يرويه لنا الصحابي الجليل أبي أمامة-رضي الله عنه- قال:
إن فتى شابا اتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله! ائذن لي بالزنى، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا مه مه! فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- له: ادنه، فدنا منه قريبا... قال: فجلس، قال أتحبه لأمك؟.. قال: لا والله جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله! جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال أتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك ... قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال أتحبه لعمتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك... قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال أتحبه لخالتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم... قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم! اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.
- الموقف الثاني: يرويه لنا الصحابي الجليل أبو هريرة- رضي الله تعالي عنه- قال:
بال أعرابي في المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه... فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: دعوه وأريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوباً من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين..
وفي رواية قال الرجل: اللهم اغفر لي ولمحمد ولا تغفر لأحد معنا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم... وقال: لقد احتظرت واسعاً ثم ولى حتى إذا كان في ناحية المسجد فشج يبول...
فقال الأعرابي بعد أن فقه فقام إلي بأبي وأمي فلم يؤنب ولم يسب فقال إن هذا المسجد لا يبال فيه وإنما بني لذكر الله وللصلاة ثم أمر بسجل من ماء فأفرغ على بوله.
وسبحان الله...
ما أعظم حلم النبي -صلى الله عليه وسلم- مع هذا الرجل الذي لم يعرف دينه بعد...
لقد تعامل معه رغم الجرم العظيم الذي وقع فيه برفق, وقد أمرنا به وقال: أن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله.
وهناك الكثير من الصفات الخُلقية لا يتسع المجال لبيانها نذكر منها أجمالاً مايلي:
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتاز بفصاحة اللسان، وبلاغة القول وأوتي جوامع الكلم...
- كان يعفو عند المقدرة وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً...
- وكان جواداً كريماً، يعطي عطاء من لا يخاف أو يخشى الفقر وأجود بالخير من الريح المرسلة..
- كان أشد الناس حياء كالعذراء في خِدْرها، وإذا كره شيئاً عرف في وجهة.
- كان أوفي الناس بالعهود، وأوصلهم للرحم، وأعظمهم شفقة ورأفة ورحمة بالناس...
- لم يكن فاحشاً، ولا متفحشاً، ولا لعاناً، ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح.
- كان يحب المساكين ويجالسهم، ويشهد جنائزهم، ولا يحقر فقيراً لفقره.
وصفات النبي -صلى الله عليه وسلم- ومواقفه الخُلقية كثيرة وسنذكر بعضها في الأجزاء الأخرى بحسب موقعها..
كفي بشهادة الله تعالي له في قوله: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4))، القلم.
ولندع ما بقي من هذا الجزء في بيان صفاته الخَلقية والله المستعان.
**صفة لونه:
-عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أزهر اللون، ليس بالأدهم و لا بالأبيض الأمهق (أي لم يكن شديد البياض والبرص)، يتلألأ نوراً ".
**صفة وجهه:
كان وجهه مثل الشمس والقمر في الإشراق والصفاء..
وكان صلى الله عليه وسلم إذا سُرَّ استنار وجهه حتى كأنَّ وجهه قطعةُ قمر...
قال عنه البراء بن عازب: "كان أحسن الناس وجهًا وأحسنهم خَلقا".
صفة جبينه:
-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيل الجبين" -الأسيل: هو المستوي.
وكان صلى الله عليه وسلم واسع الجبين -أي ممتد الجبين طولاً وعرضاً..
والجبين هو غير الجبهة، هو ما اكتنف الجبهة من يمين وشمال، فهما جبينان، فتكون الجبهة بين جبينين...
**صفة حاجبيه:
حاجباه قويان مقوَّسان، متّصلان اتصالاً خفيفاً..
**صفة عينيه:
كان عليه الصلاة والسلام مشرب العينين بحمرة -أي توجد عروق حمر رقاق وهي من علامات نبوته -صلى الله عليه وسلم- في الكتب الكتب السالفة...
وكانت عيناه واسعتين جميلتين، شديدتي سواد الحدقة، ذات أهداب طويلة -أي رموش العينين- ناصعتي البياض..
و كان عليه الصلاة والسلام أشكل العينين -والشُكلة بضم الشين هي الحمرة تكون في بياض العين وهو محبوب محمود.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا نظرت إليه قُلت أكحل العينين وليس بأكحل..
صفة أنفه:
يحسبه من لم يتأمله أشماً ولم يكن أشماً وكان مستقيماً، أقنى -أي طويلاً في وسطه بعض ارتفاع، مع دقة أرنبته (الأرنبة هي ما لان من الأنف).
صفة خـدّيه:
كان صلى الله عليه وسلم صلب الخدين...
- وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسَلِّمُ عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده".
صفة فمه وأسنانه:
قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشنب مفلج الأسنان -الأشنب: هو الذي في أسنانه رقة وتحدد...
-و"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ضليع الفم -أي واسع الفم-، وكان من أحسن عباد الله شفتين وألطفهم ختم فم...
وكان عليه الصلاة والسلام وسيماً أشنب "أبيض الأسنان" مفلج "أي متفرق الأسنان"... بعيد ما بين الثنايا والرباعيات..
**صفة لحيته:
- "كان رسول الله صلى الله عليه حسن اللحية اسود الشعر تتخللها شعرات بيضاء...
و قالت عائشة رضي الله عنها: "كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية. -والكث: الكثير منابت الشعر..
**صفة عنقه ورقبته:
رقبته فيها طول، أما عنقه فكأنه جيد دمية -الجيد: هو العنق. والدمية: هي الصورة التي بولغ في تحسينها....
-وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: " كأن عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم إبريق فضة.
**صفة منكِبيه:
كان عليه الصلاة و السلام أشعر المنكبين -أي عليهما شعر كثير-, واسع ما بينهما، والمنكب هو مجمع العضد والكتف....
صفة خاتم النبوة:
وهو خاتم أسود اللون مثل الهلال وفي رواية أنه أخضر اللون، وفي رواية أنه كان أحمراً، وفي رواية أخرى أنه كلون جسده...
ويبلغ حجم الخاتم قدر بيضة الحمامة، وورد أنه كان على أعلى كتف النبي صلى الله عليه وسلم الأيسر...
**صفة كفيه:
كان -صلى الله عليه وسلم- رحب الراحة -أي واسع الكف- كفه ممتلئة لحماً، غير أنّها مع غاية ضخامتها كانت لَيِّنَة أي ناعمة...
- قال أنَس رضي الله عنه: "ما مَسَستُ ديباجة ولا حريرة أليَنَ من كَفِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
**صفة صَدره:
عريض الصدر، مُمتَلِىءٌ لحماً، ليس بالسمين ولا بالنَّحيل، سواء البطن والظهر.
وكان صلى الله عليه و سلم أشعر أعالي الصدر، عاري الثديين والبطن -أي لم يكن عليها شعر كثير.
**صفة مفاصله وركبتيه:
كان صلى الله عليه و سلم ضخم الأعضاء كالركبتين والمِرفَقين و المنكبين والأصابع، وكل ذلك من دلائِل قوَّته عليه الصلاة والسلام.
**صفة قدميه:
"كان النبي صلى الله عليه وسلم خمصان الأخمصين مسيح القدمين..
ومعني خمصان الأخمصين: الأخمص من القدم ما بين صدرها وعقبها، وهو الذي لا يلتصق بالأرض من القدمين، يريد أن ذلك منه مرتفع.
ومعني مسيح القدمين: أي أنهما ملساوان ليس في ظهورهما تكسر..
**صفة قامته وطوله:
-عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رَبعَة من القَوم" -أي مربوع القامة-...
ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، وكان إلى الطول أقرب.
**صفة مشيته:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما رأيتُ شيئاً أحسن من رسول الله صلى الله عليه و سلم كأنَّ الشمس تجري في وجهه، وما رأيت أحداً أسرع من رسول الله صلى الله عليه و سلم كأنَّما الأرض تطوى له، إنَّا لَنُجهد أنفسنا وإنَّه غير مكترث ".
ونكتفي بما ذكرنا عن صفات النبي -صلى الله عليه وسلم- الخُلقية والخَلقية في هذا الجزء من السيرة النبوية.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي الرسول الأمين وعلي آله وصحبه أجمعين.
|
|