المبحث الثالث والعشرون
تطور الموقف العسكري العربي

أولاً: انتهاكات الهدنة

عندما بدأت الهدنة الثانية، حاول كل من العرب والإسرائيليين تدعيم قواتهما وتحسين أوضاعهما العسكرية[1]، الأمر الذي كان يؤدي بطبيعة الحال إلى انتهاك تلك الهدنة نتيجة أفعال الجانبين وردود فعلهما. إلا أنه يمكن القول، أن انتهاكات الجانب الإسرائيلي ـ مثلما كان الحال في الهدنة الأولى ـ كانت هي الأصل (اُنظر ملحق مذكرة جورج مارشال إلى الرئيس "ترومان" (16 أغسطس 1948)) و(النص الإنجليزي Top Secret Memorandum From George C. Marshall, Secretary of State , to President Truman)، بينما كانت انتهاكات الجانب العربي في جوهرها ردود فعل لانتهاكات الجانب الإسرائيلي وعدم احترامه للهدنتين.

وكان العرب على استعداد للالتزام بشروط الهدنة، لو أنهم أحسوا أن الجانب الآخر يعطي أي وزن أو احترام لها. وكانت تجربتهم مع الإسرائيليين خلال الهدنة الأولى خير دليل على صحة تقديرهم.

ونتيجة لاستمرار انتهاك الهدنة، وافق مجلس الأمن ـ على ضوء تقارير الوسيط الدولي ـ على مشروع قرار أمريكي/ بريطاني مشترك في التاسع عشر من أغسطس، يلزم كل طرف بمنع أعمال انتهاك الهدنة ومعاقبة المنتهكين، كما حظر على أي طرف خرق الهدنة على أساس الانتقام أو كسب امتياز عسكري أو سياسي من خلال انتهاكات الهدنة. (اُنظر ملحق القرار الرقم 56 (1948) بتاريخ 19 آب (أغسطس) 1948. إصدار تعليمات بشأن الهدنة).

إلا أن الانتهاكات الإسرائيلية وتدعيم قواتها وتحسين أوضاعها لم تتوقف، استناداً إلى قناعة بن جوريون بعدم رغبة كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية في توقيع عقوبات على إسرائيل[2]. ومن ثم استمرت ردود الفعل العربية لمقاومة الانتهاكات الإسرائيلية. مما دعا الوسيط الدولي إلى أن يسجل في تقريره في منتصف سبتمبر تلك الانتهاكات قائلاً:

"وقعت عدة حوادث يومية ذات طابع محلي. كما حدثت عدة انتهاكات لشروط الهدنة من الجانبين، ولم يقتصر الأمر على اندفاع العرب واليهود في سبيل القنص والسلب، بل إنهم دعموا مواقعهم العسكرية بما يتناقض مع شروط الهدنات…". وأكد الوسيط الدولي أن اليهود بصفة عامة ـ وإن لم يكن في كل وقت ـ كانوا الطرف الأكثر عدواناً منذ الهدنة.

وطبقاً لوثائق وزارة الدفاع المصرية، بلغت الانتهاكات الإسرائيلية، خلال الهدنة الثانية وحتى الثاني والعشرين من أكتوبر 318 مخالفة على الأرض، 445 في الجو، على الجبهة المصرية وحدها، منها انتهاكات جسيمة شملت اعتداءات مباشرة على القرى العربية واحتلال مواقع تكتيكية في مواجهة القوات المصرية، بل والهجوم على المواقع نفسها، بالإضافة إلى عمليات النقل البري والجوي غير المشروعة لإمداد مستعمرات النقب بالرجال والأسلحة والذخائر[3].

ثانياً: مقترحات الكونت "فولك برنادوت"
في الوقت الذي كانت تجري فيه الانتهاكات السابقة للهدنة، كان الوسيط الدولي يقوم بنشاط سياسي مكثف ولقاءات واتصالات مع رؤساء حكومات الدول العربية وإسرائيل والأمين العام لجامعة الدول العربية، لوقف تدهور الموقف ووضع تصور مقبول لحل المشكلة الفلسطينية، واضعاً في اعتباره الأوضاع السياسية والعسكرية في فلسطين آنذاك. ورغم رفض إسرائيل وساطة "برنادوت"، وإصرارها على التفاوض المباشر مع العرب ـ بشرط أن يقبلوا إسرائيل كدولة مستقلة عاصمتها "القدس" ـ فقد أعد الوسيط تقريره الأخير إلى السكرتير العام للأمم المتحدة في السادس عشر من سبتمبر، متضمناً تقييمه للموقف في فلسطين ومقترحاته لحل المشكلة التي نجمت عن قيام الدولة اليهودية.

وقد أوضح الوسيط في تقريره، أن الجانبين احتفظا بموقف لا يتزحزح، ولم يكونا على استعداد لتقديم تنازلات جوهرية. وبينما كان العرب على استعداد للمحافظة على الهدنة، فقد رفضوا أي اقتراح بقبول الدولة اليهودية أو الاعتراف بها، لأنهم يعتبرون اليهود متطفلين ومعتدين. كما أن العرب اعتبروا حل مشكلة اللاجئين أمراً أساسياً.

أما بالنسبة لإسرائيل فقد أوضح برنادوت تصلب موقفها بعد المكاسب العسكرية التي حققتها خلال فترة القتال السابقة، كما أصبح الإسرائيليون أقل تقبلاً للوساطة وأكثر طموحاً في مطالبهم السياسية والإقليمية، حيث يشعر الإسرائيليون أنهم قادرون على استخدام قواتهم العسكرية المتفوقة كأداة مساومة فعالة للحصول على شروط أفضل مما نص عليه قرار التقسيم. ومن ثم، فإنهم فضلوا تجاوز الأمم المتحدة ووسيطها مصرين على مفاوضات الصلح المباشرة مع العرب، ورفض عودة اللاجئين حتى يتم التوصل إلى اتفاق للسلام.

وبعد أن انتقد "برنادوت" السياسة الإسرائيلية تجاه الأمم المتحدة واللاجئين العرب، فإنه طالب إسرائيل بالحد من الهجرة لكسب ثقة العرب والحد من مخاوفهم، ومن ناحية أخرى فإنه أوضح للعرب أن الدولة اليهودية حقيقة واقعة لا يمكن تجاهلها، وليس هناك سبب يدعو للافتراض بأن هذه الدولة لن تبقى. ودعاهم إلى تقبلها والتكيف مع وجودها. وأشار إلى أن أي أمل للعرب في دولة موحدة في فلسطين قد أصبح أملاً غير واقعي.

وعرض الوسيط الدولي مقترحاته الجديدة لحل المشكلة الفلسطينية، والتي تتلخص فيما يلي:
1. إنشاء لجنة توفيق خاصة للمساعدة على استبدال الهدنة القائمة بهدنة دائمة أو اتفاقية صلح.
2. تعديل حدود مشروع التقسيم بحيث يحصل العرب على النقب واللد والرملة في مقابل حصول إسرائيل على منطقة الجليل، وبقاء ميناء "حيفا" ومطار "اللد" كمنطقتين حرتين.
3. ترك الترتيب النهائي لوضع المناطق العربية في فلسطين ـ التي لن تدخل ضمن الدولة اليهودية لمشاورات الحكومات العربية والفلسطينيين، مع التوصية بدمج تلك المناطق مع مملكة شرق الأردن في دولة واحدة.
4. وضع مدينة "القدس" تحت إشراف الأمم المتحدة.
5. السماح بعودة اللاجئين إلى ديارهم.

ورغم أن برنادوت قد عدل مقترحاته السابق عرضها على الجانبين في الثامن والعشرين من يونيه لصالح الإسرائيليين، بجعل الإشراف على القدس من مسؤولية الأمم المتحدة بدلاً من العرب والتسليم لليهود بمنطقة يافا العربية، فقد أغتيل الوسيط الدولي في اليوم التالي لإعداد تقريره الأخير إلى الأمم المتحدة، بواسطة جماعة من منظمة "ليهي" (شتيرن) الإرهابية في الجانب اليهودي من القدس.

وقد أدى اغتيال الوسيط الدولي وعدم تقديم قتلته إلى العدالة إلى تدهور موقف إسرائيل في الأمم المتحدة. وتبنى كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية تقرير "برنادوت" وكأنه وصيته الأخيرة. فعندما عرض التقرير على الجمعية العامة للأمم المتحدة في دور انعقادها الثالث، الذي بدأ في الحادي والعشرين من سبتمبر 1948، أيد جورج مارشال وزير الخارجية الأمريكي مشروع "برنادوت" الجديد تأييداً كاملاً، وبدا وكأن الدولتين قد وجدتا أساساً للاتفاق على سياسة موحدة تجاه فلسطين، بينما وقف الاتحاد السوفيتي بحزم وراء إسرائيل، وكانت الأخيرة تقبل الجوانب التي في صالحها من مقترحات "برنادوت"، بينما ترفض التوصيات الأخرى كضم النقب وإعادة اللد والرملة إلى العرب، والإشراف الدولي على بعض المناطق، بالإضافة إلى حق اللاجئين في العودة. ومن ثم فقد كانت تحارب سياسياً ـ كما تحارب عسكرياً ـ من أجل الحيلولة دون إقرار مقترحات "برنادوت"، حتى يستمر قرار التقسيم أساساً لأي تسوية في فلسطين. وكما حدث عند إعلان قيام دولة إسرائيل توجهت المنظمات الصهيونية إلى الرئيس "ترومان" الذي أعلن أن الولايات المتحدة الأمريكية لن توافق على أي تعديل لقرار التقسيم ما لم تقبله إسرائيل.

وعلى الجانب العربي فجرت مقترحات "برنادوت" ـ التي وأدها الرئيس الأمريكي ـ الخلاف علناً بين الدول العربية وشرق الأردن، إذ انتقدت كافة الدول العربية ـ عدا الأخيرة مقترحات الوسيط الدولي وخاصة ما يتعلق منها بضم الجزء العربي من فلسطين إلى شرق الأردن ـ التي وجد فيها الملك عبدالله فرصة لتحقيق أهدافه ـ لأنها تنسف فكرة قيام الدولة الفلسطينية من أساسها. وحتى تقطع الجامعة العربية الطريق على الملك الطموح، بدأت تشجع الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين على تشكيل إدارة مدنية مؤقتة للمناطق العربية في فلسطين، وهو ما أحس به الملك عبدالله مبكراً.

وفي محاولة لطمأنة مصر إلى نواياه واستقطابها إلى جانبه بعيداً عن سورية ولبنان والمملكة العربية السعودية بعث برسالة شفهية إلى الملك فاروق في الرابع من سبتمبر يطمئنه فيها على نواياه ويحاول فيها تشكيل محور مصري/ أردني/ عراقي، بحجة أن الدول الثلاث هي الأقدر على مواجهة إسرائيل أو عقد صلح مشرف معها. (اُنظر ملحق رسالة الملك عبدالله إلى الملك فاروق (4 سبتمبر 1948))

وفي الثامن من سبتمبر وصل الحاج أمين الحسيني إلى "غزة" لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتشكيل الحكومة والمؤسسات الفلسطينية، وفي 20 سبتمبر أقرت اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية قيام حكومة فلسطينية مؤقتة أُطلق عليها أسم "حكومة عموم فلسطين". وقد أعلنت تلك الحكومة ـ التي تشكلت من عدد من الشخصيات الفلسطينية البارزة واتخذت من غزة قاعدة لها ـ أن القدس عاصمة الدولة الجديدة وأنها الممثل الوحيد لفلسطين والفلسطينيين، وأنها صاحبة السلطة على كل فلسطين، ورفضت أي شكل من أشكال التقسيم.

وكان رد الملك عبدالله على هذه الخطوة هو الحصول على تأييد زعماء الفلسطينيين اللاجئين إلى الأردن لسياسته تجاه فلسطين. فأعلن الشيخ سليمان التاجي الفاروقي باسم اللاجئين في الأردن "أنهم يعارضون قيام أي حكومة عربية شكلها زعماء تخلوا عنهم وهربوا إلى أماكن آمنة"، وطالب الملك عبدالله بأن يضمن حقوق اللاجئين تحت سلطته، وأعقب ذلك عقد المؤتمر الفلسطيني الأول في عمان بهدف التعبير عن رفض أعضائه لحكومة عموم فلسطين، والتعبير عن ولائهم للملك عبدالله.

وفي الوقت الذي كان فيه الأخير يسعى إلى جمع أكبر عدد من الزعماء الفلسطينيين تحت لوائه، فإنه بعث إلى الملوك والرؤساء العرب والأمين العام لجامعة الدول العربية ومفتي فلسطين برسائل يعلن فيها رفضه التام لحكومة مفتي فلسطين ومؤكداً على أنه سيقاومها، فهو لا يسمح للحاج أمين الحسيني لأن يكون رئيساً لحكومة بنيت على أكتاف جنوده وأرواح بنى وطنه الشهداء. (اُنظر ملحق رسالة الملك عبدالله إلى الملك عبدالعزيز آل سعود (22 سبتمبر 1948)) و(ملحق رسالتي الملك عبدالله إلى مفتي فلسطين والأمين العام لجامعة الدول العربية (14، 16 أكتوبر 1948))

ثالثاً: تطورات الموقف العسكري العربي
مع تزايد النشاط العسكري الإسرائيلي خلال الأسابيع الأولى للهدنة قدَّم اللواء نور الدين محمود نائب القائد العام للجيوش العربية في الرابع من أغسطس تقريراً إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية عن موقف القوات الإسرائيلية والعربية، وبالرغم من أن تقدير اللواء نور الدين للقوات الإسرائيلية كان أقل كثيراً من حقيقة حجم تلك القوات عند كتابة التقرير، فإنه بعد أن استعرض موقف القوات العربية والإسرائيلية خلص إلى أن "حالة اليهود في تحسن مستمر على مر الزمن من جهتي العدد والتسليح، وعلى العكس من ذلك فإن حالة الجيوش العربية بصورة عامة أصبحت في تناقص ولا سيما في الذخيرة والسلاح والرجال ولا شك أنه يصعب عليها الاستمرار في القتال إذا بقيت على تلك الحالة ولم يتخذ المسؤولون التدابير اللازمة لتوفير العتاد والسلاح والرجال لتقويتها وجعلها قادرة على الاستمرار وإحراز النصر الأخير على اليهود". (اُنظر ملحق تقرير اللواء نور الدين محمود إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية (4 أغسطس 1948))

وأنهى اللواء نور الدين تقريره بتوصياته بالنسبة لتدبير الأسلحة والذخائر ودعم القوة البشرية للجيوش العربية وتشكيل الوحدات الاحتياطية على المستويات المختلفة، بالإضافة إلى تنظيم القيادة والسيطرة على الجيوش العربية وإعادة تنظيم جيش الإنقاذ وتدبير الأموال اللازمة لدعم القوات العربية في فلسطين على نحو ما جاء في التقرير المرفق صورته. وطالب نائب القائد العام بضرورة اجتماع القادة العسكريين في "القاهرة" لمناقشة كافة التطورات المنتظرة والخطة الواجب إتباعها في حالة استئناف القتال.

ولما كان الملك عبدالله هو القائد العام للجيوش العربية في فلسطين، فقد أدى تصاعد الخلاف بينه وبين باقي الملوك والرؤساء العرب إلى تأجيل انعقاد المؤتمر الذي دعا إليه اللواء نور الدين محمود حتى شهر نوفمبر، وبالتالي غاب التنسيق العربي لمواجهة المخططات الإسرائيلية في المرحلة النهائية والحاسمة من الحرب، عندما ألقت إسرائيل بكل ثقلها أمام الجبهة المصرية، وهو ما حوَّل تلك الحرب في نهاية مراحلها إلى حرب مصرية/إسرائيلية خالصة.

تطور موقف وأوضاع القوات المصرية
أ. تطور موقف القوات البرية المصرية في الجبهة

في الثامن عشر من يوليه بعث اللواء المواوي قائد القوات المصرية في الجبهة تقريراً إلى مدير العمليات الحربية في رئاسة الأركان المصرية لخص فيه موقف قواته بعد فترة القتال الثانية على النحو التالي:
(1) بالرغم من الزيادة التي طرأت على القوات المصرية فإنه لا زال ينقصها قوة مدرعة، فالعدد المحدود من الدبابات القديمة الخفيفة التي توفرت لها غير صالح للتعاون الوثيق مع المشاة في المهام الهجومية لأنها مصممة أصلاً لمهام الاستطلاع وحماية الأجناب وليس لأعمال الاقتحام، واستخدامها في المهمة الأخيرة ـ كما حدث في المعارك خلال فترتي القتال السابقتين ـ هو تكليف لها فوق طاقتها أدى إلى تزايد خسائرها دون تحقيق الفائدة المرجوة منها
(2) على الرغم من توفر عدد مناسب من وحدات المدفعية إلا أنه لم يتوفر لها مواسير احتياطية، فضلاً عن النقص الكبير في ذخائرها الذي أدى إلى التقتير في استخدامها رغم شدة الحاجة إلى نيرانها مع تطور الحرب والدعم الذي حصلت عليه القوات الإسرائيلية.
(3) تعاني القيادة المصرية نقصاً كبيراً في مواصلات القيادة والسيطرة، فبالرغم من وجود قيادة فرقة وقيادات ثلاث لواءات فإن المواصلات المتوفرة لا تكفي إلا للواء واحد.
(4) لا يتوفر للقوات المصرية أية احتياطيات إستراتيجية يمكن الدفع بها أو بجزء منها لمواجهة المواقف الحرجة في أي قسم من الجبهة، والاحيتاطيات التي أمكن تدبيرها كانت كلها احتياطيات تكتيكية على مستوى اللواء أو الكتيبة، وحتى هذه كان تدبيرها صعباً وعلى حساب قوة مهاجمة أو مدافعة.

وحذر اللواء المواوي في تقريره من أن استمرار الافتقار إلى التنسيق بين القوات العربية الحليفة وخاصة بين الجيشين الأردني والمصري سيؤدي إلى تهديد مواجهة وأجناب قواته فيما لو حدثت متاعب للجيش الأردني، وأن أي موقف سلبي يتخذه أى جيش عربي آخر سيؤدي إلى إطلاق الحرية للقوات الإسرائيلية في العمل ضد الجبهة المصرية.

كما أبدى اللواء المواوي قلقه الشديد بالنسبة للموقف الإداري للقوات المصرية في الجبهة وخاصة بالنسبة لذخائر المدفعية، التي شارف المخزون من بعض أعيرتها على النفاد، وما تبقى من مخزون الأعيرة الأخرى كان لا يكفي إلا معركة أو معركتين بمعدلات الاستهلاك العادية. ولم تكن المركبات بأفضل حالٍ، فقوات الجبهة كانت في أمسِّ الحاجة إلى 150 عربة جيب و 150 عربة نقل صغيرة فضلاً عن مائة لوري.

وخلص قائد القوات المصرية في تقريره بأن قواته كُلفت بأكثر من طاقاتها، وكانت النتيجة امتداد خطوط مواصلاتها وضعف حامياتها وعدم توفر أية احتياطيات تعتمد عليها إذا ما ركزت القوات الإسرائيلية هجومها على أحد قطاعاتها.

وأنه إذا ظل الحال كما هو عليه فهناك خياران أمام القيادة المصرية إما أن تنتهج إستراتيجية دفاعية، وفي هذه الحالة فإنها تحتاج إلى فرقة أخرى بعد استكمال احتياجات الفرقة الحالية وتشكيل لواء مدرع، أو تتبع إستراتيجية هجومية، وفي هذه الحالة يجب أن تتناسب الأهداف المطلوب تحقيقها مع الوسائل الممكن تدبيرها، فإذا كان تدبير احتياجات هذين الخيارين غير ممكنة عملياً فإنه من الواجب حل المشكلة حلاً سياسياً.

وبالرغم من الجهود الجادة التي بذلتها الحكومة المصرية لتدبير احتياجات قواتها بعد قرار دخول الحرب في شهر مايو، فإن أغلب تلك الجهود لم تكن قد أثمرت بعد كامل ثمارها عندما تفجر القتال الشامل مرة أخرى على الجبهة المصرية خلال شهر أكتوبر، فضلاً أن بعض هذه الاحتياجات كان فوق طاقة إمكانات تلك الحكومة في ذلك الوقت.

ب. تطور أوضاع القوات البرية المصرية في نهاية الهدنة الثانية
إزاء امتداد خطوط المواجهة التي كانت تحتلها القوات المصرية نحو أربعمائة كيلومتراً ولعدم كفاية القوات العاملة لاحتلال هذه المواجهة بالكفاءة المطلوبة لصد أي هجوم معاد على أي جزء منها، قررت القيادة المصرية في فلسطين تقسيم تلك الجبهة خلال الهدنة الثانية إلى ست مناطق على النحو التالي:

(1) منطقة "أسدود"
وتمتد حدود هذه المنطقة من شمال "أسدود" إلى شمال طريق "المجدل/ بيت جبرين"، وأُلقيت مسؤوليتها على عاتق القائمقام (العقيد) محمود فهمي نعمة الله قائد اللواء الثاني المشاة، وتحت قيادته الكتيبة الرابعة المشاة التي اتخذت أوضاعها شمال المنطقة ومعها سرية سودانية وسرية من القوات المرابطة، والكتيبة السابعة المشاة التي احتلت القطاع الأوسط من تلك المنطقة، بالإضافة إلى الكتيبة الخامسة (عدا سرية) التي اتخذت أوضاعها جنوب القطاع الأخير.

(2) منطقة "المجدل/ بيت جبرين"
وتمتد حدود هذه المنطقة بطول المحور العرضي للجبهة المصرية من حدود الجناح الشرقي للجبهة المصرية ـ الذي تحتله قوات المتطوعين شرق بيت جبرين ـ حتى البحر المتوسط غرباً، وألقيت مسؤوليتها على عاتق الأميرالاي (العميد) توفيق مجاهد رضوان قائد اللواء الرابع (الذي خلفه الأميرالاي محمد نجيب)، وتحت قيادته الكتائب الأولى والثانية والسادسة والتاسعة المشاة والكتيبة الأولى احتياط وبعض السرايا السعودية والسودانية، بالإضافة إلى بعض سرايا القوات المرابطة.

ونظراً لامتداد هذه المنطقة بشكل كبير بطول المحور العرضي للجبهة فقد تم تقسيمها إلى خمسة قطاعات فرعية على النحو التالي:
(أ) القطاع الأول (المجدل)

وتمتد حدود هذا القطاع من شرق طريق "أسدود/ غزة" إلى البحر المتوسط غرباً، وألقيت مسؤوليته على عاتق القائمقام (العقيد) محمد جاد على عثمان قائد الكتيبة الأولى احتياط ووضع تحت قيادته سريتان سودانيتان وسريتان سعوديتان، بالإضافة إلى سريتين مصريتين. وتمركز أربع من هذه السرايا في شكل قوس يمتد من شمال "المجدل" إلى شرقها وجنوبها، بينما اتخذت السريتان الأخريان أوضاعهما غرب وجنوب غرب البلدة.

(ب) القطاع الثاني (تقاطع الطرق/ الحليقات/ مركز شرطة عراق سويدان)
ويمتد هذا القطاع من شرق قطاع "المجدل" حتى شرق قلعة شرطة "عراق سويدان"، وألقيت مسؤوليته على عاتق القائمقام محمد كامل الرحماني قائد الكتيبة التاسعة المشاة الذي احتلت سرايا كتيبته المواقع الحيوية بالقطاع (قلعة شرطة عراق سويدان، تقاطع الطرق، كوكبة، الحليقات) في شكل جزر دفاعية تغطي بعضها بالنيران.

(ج) القطاع الثالث (بيت عفة/ قرية عراق سويدان/ جنوب كراتيا)
ويمتد هذا القطاع شرقاً من شرق قلعة شرطة "عراق سويدان" حتى شرق "كراتيا"، وألقيت مسؤوليته على عاتق القائمقام احمد توفيق قائد الكتيبة الثانية الذي احتلت سرايا كتيبته الهيئات الحيوية في القطاع مع تدعيمها بسرية وفصيلة من الكتيبة التاسعة احتياط.

(د) القطاع الرابع (الفالوجا)
ويمتد هذا القطاع شرقاً من شرق "كراتيا" حتى غرب "عراق المنشية"، وألقيت مسؤوليته على عاتق القائمقام السيد طه قائد الكتيبة الأولى المشاة الذي احتلت سرايا كتيبته ومعها سريتان من القوات المرابطة مواقعها حول بلدة "الفالوجا" وشرقها، كاحتياط عام لكل المحور العرضي.

(هـ) القطاع الخامس (عراق المنشية/ بيت جبرين)
ويمتد هذا القطاع شرقاً من غرب "عراق المنشية" حتى شرق "بيت جبرين"، وألقيت مسؤوليته على عاتق القائمقام حسين كامل قائد الكتيبة السادسة الذي احتلت سرايا كتيبته ومعها سرية سودانية وأربع فصائل من الكتيبة التاسعة احتياط مواقعها حول "عراق المنشية" وفي منطقة خربة الأمير شرقها، فضلاً عن قلعة شرطة "بيت جبرين".

(3) منطقة "بيت جبرين/ بيت لحم"
تمثل هذه المنطقة القسم الشمالي من الجناح الشرقي للجبهة المصرية وتمتد من "بيت جبرين" في اتجاه الشمال الشرقي حتى "صور باهر" جنوب "القدس" ووقعت مسؤولية هذه المنطقة على عاتق الأميرالاي (العميد) إبراهيم عثمان شوكت (بعد استشهاد البكباشي (المقـدم) أحمد عبدالعزيز في 22 أغسطس). وتنقسم هذه المنطقة بدورها إلى قطاعين فرعيين: القطاع الأول ويمتد من "بيت جبرين" إلى جنوب "بيت لحم" ويحتله نحو ألف من متطوعي القوة الخفيفة الذين تزايدت أعدادهم خلال الهدنة الثانية، بالإضافة إلى 210 من المجاهدين الفلسطينيين، والقطاع الثاني ويمتد من "بيت لحم" إلى "صور باهر" ويحتله 672 فرداً من المتطوعين المصريين والليبيين والسودانيين بالإضافة إلى ستة عشر مجاهداً فلسطينياً.

(4) منطقة "الخليل/ العوجة"
تمثل هذه المنطقة القسم الجنوبي من الجناح الشرقي للجبهة المصرية، وتمتد من مدينة الخليل شمالاً حتى العوجة على الحدود المصرية/ الفلسطينية جنوباً. وقُسمت هذه المنطقة إلى خمسة قطاعات فرعية على النحو التالي:
(أ) قطاع "الخليل"، ويحتله 144 فرداً من القوات المصرية النظامية.
(ب) قطاع "بئر السبع/ الظاهرية"، ويحتله 398 فرداً من القوات المصرية النظامية، فضلاً عن 216 فرداً من المتطوعين.
(ج) قطاع "العسلوج"، ويحتله 414 فرداً من القوات المصرية النظامية، بالإضافة إلى 34 فرداً من المتطوعين.
(د) قطاع "العوجة"، ويحتله 126 فرداً من القوات النظامية.

(5) منطقة "غزة"
وتمثل منطقة خطوط المواصلات، وأسندت مسؤولية الدفاع عنها إلى القائمقام عبدالحليم الدغيدي قائد الكتيبة الثالثة المشاة التي احتلت سرايا كتيبته ومعها ثلاث سرايا سعودية وسرية من الكتيبة الثامنة احتياط مواقعها الدفاعية شرق غزة وشمالها وجنوبها على امتداد الطريق المرصوف الذي يربط تلك المدينة بكل من المجدل ورفح.

(6) منطقة "العريش/ رفح"
وتمثل منطقة الشؤون الإدارية والقاعدة الإدارية المتقدمة للجيش المصري في الجبهة التي تشتمل على المستودعات والوحدات الإدارية والفنية، وقُسمت من الناحية الدفاعية إلى قطاعين على النحو التالي:

(أ) قطاع "رفح"
ويحتل هذا القطاع الكتيبة السادسة احتياط بقيادة القائمقام عبدالحميد بدران الذي وضع تحت قيادته سريتان من الكتيبة الخامسة احتياط والكتيبة الثانية سيارات حدود، وتمركز في هذا القطاع عدد من الوحدات والمستودعات الإدارية والفنية بالإضافة إلى المستشفى الميداني الثاني.

(ب) قطاع "العريش"
ويحتل هذا القطاع الكتيبة الخامسة احتياط (عدا سريتين) والألاي الأول سيارات حدود، وتمركز في هذا القطاع عدد من الوحدات والمستودعات الإدارية والفنية ومستشفى إخلاء الخسائر.

ج. تطور موقف وأوضاع القوة الجوية المصرية
في الرابع والعشرين من يوليه ـ بعد أقل من أسبوع على بداية الهدنة الثانية ـ عقد الفريق محمد حيدر وزير الحربية المصري مؤتمراً حضره مديرو الأسلحة والإدارات المختلفة بالجيش لبحث حالة القوات المصرية وما يمكن عمله لتدعيمها، وفي ذلك المؤتمر أوضح مدير السلاح الجوي أنه يوجد لديه في ذلك الوقت 41 طائرة (مقاتلة ومقاتلة قاذفة) منها 31 طائرة فقط جاهزة للقتال والباقي لا زال تحت التجهيز، أما بالنسبة للقاذفات فقد تم التعاقد على شراء تسع طائرات "سترلنج" وصلت واحدة منها، وبالنسبة لطائرات النقل ـ سواء المستخدم منها لقذف القنابل أو النقل الجوي ـ أوضح مدير السلاح الجوي أنه يوجد لديه ثماني طائرات من نوع "داكوتا" وطائرتان من نوع "كوماندو"، ويجري إعداد أربع طائرات أخرى من النوع الأخير من المخلفات الأمريكية لأغراض النقل الجوي.

ويفيد تقرير لجنة الإحتياجات ـ التي شكلت في بداية الحرب لبحث وتدبير احتياجات القوات المصرية من الأسلحة والعتاد ـ أنها تعاقدت على شراء ثمان وثلاثين طائرة من نوعي "ماكي" و"فيات" من إيطاليا.

ويوضح تقدير موقف السلاح الجوي المصري في أول أكتوبر 1948 أن الطائرات الإيطالية التي تم التعاقد عليها لم تصل بعد، وأن قوة طائرات القتال القديمة من نوع "سبيتفير" وصلت إلى سبع وأربعين طائرة إلا أن الصالح منها لا يزيد عن ثلاثين طائرة موزعة بين القوة الجوية التكتيكية بالجبهة والقوة الاحتياطية بالقاهرة، بينما لا يزيد عدد طائرات القوة الجوية الإستراتيجية عن خمس من نوع "داكوتا"، وثلاث من نوع "كوماندو"، وخمس من نوع "سترلنج"، أما طائرات النقل والمواصلات فقد وصلت قوتها إلى 14 "داكوتا" و 10 من نوع "كوماندو".

إلا أن تقدير الموقف التالي للسلاح الجوي في العاشر من أكتوبر يوضح سوء الحالة الفنية للطائرات التي يمكن اشتراكها في العمليات نتيجة الافتقار إلى قطع الغيار ـ على النحو التالي:
20 طائرة.    
صالح منها
9 مقاتلة قاذفة
طائرة نوع سبيتفير    
28
7 طائرة.
صالح منها
5 مقاتلة
طائرة نوع سبيتفير21
1 طائرة.
صالح منها
مقاتلة
طائرة نوع فيوري1
2 طائرة.
صالح منها    
نقل مجهزة كقاذفة    
طائرة نوع بيتشكرافت2
3 طائرة.
صالح منها    
قاذفة متوسطة
طائرة نوع سترلنج
6
5 طائرة.
صالح منها
نقل مجهزة كقاذفة    
طائرة نوع كوماندو
6
3 طائرة.
صالح منها
نقل مجهزة كقاذفة
طائرة نوع داكوتا
3

ويظهر تقدير الموقف الأخير أن عدد الطائرات التي كان يمكن إشراكها في العمليات من جميع الأنواع لم تكن تزيد عن 67 طائرة (كان أكثر من ثلثها عاطلاً).

وتوضح يومية الحرب المرفقة بتقدير الموقف الأخير أن عدد طائرات القوة الجوية التكتيكية بمطار العريش عشية العملية "يوآب" لم يكن يزيد عن ثماني عشرة طائرة بيانها كما يلي:
منها 12 صالحة.
مقاتلة قاذفة
سبيتفير 9
طائرة
14
كلها صالحة.
مقاتلة
سبيتفير 5
طائرة    
2
صالحة.
استطلاع بالصور
لايسندر
طائرة    
1
صالحة.
مقاتلة
فيوري
طائرة
1

أما بالنسبة للذخائر والقنابل، فيوضح محضر المؤتمر الذي عقده وزير الحربية في السادس من سبتمبر – لمتابعة ما تم إنجازه منذ المؤتمر السابق – استمرار العجز في ذخائر مدافع الطائرات عيار 20 مم ونصف بوصة، فضلاً عن حاجة القوة الجوية إلى بعض أنواع القنابل زنة 500 رطل و 250 رطلاً.

ويشير تقدير موقف العاشر من أكتوبر إلى تحسن نسبي في موقف الذخائر والقنابل بالسلاح الجوي، إلا أن العجز في الأعيرة الأساسية استمر قائماً، فلم تزد نسبة الذخائر المتوفرة من عياري 20 مم ونصف بوصة أكثر من 4.21% من جملة الذخائر المتوفرة، كما لم تزد أعداد القنابل الثقيلة المتوفرة من أوزان 500 و 250 كجم عن 614 قنبلة.

ويوضح تقدير موقف العاشر من أكتوبر أن الإنذار الجوي المبكر عن الجبهة أو الدولة كان معدوماً باستثناء مدينتي الإسماعيلية والقاهرة. وخلص تقدير الموقف المشار إليه إلى أن الطائرات المعادية قد تصل إلى أهدافها في الجبهة أو عمق الدولة قبل أن تعترضها المقاتلات أو تستعد المدفعية المضادة للطائرات.

أما بالنسبة للقوة البشرية للسلاح الجوي المصري فيوضح تقدير موقف الأول من أكتوبر أنها كانت 3437 فرداً (84 ضابطاً طياراً، و26 ضابطاً فنياً، و1216 من ضباط الصف والجنود الفنيين، و 2111 من ضباط الصف والجنود النظاميين)، أي أن كل ما طرأ على القوة البشرية في السلاح الجوي منذ بداية تدخل الجيوش العربية 29 ضابطاً و 728 من ضباط الصف والجنود كان أغلبهم من النظاميين.

وحتى اندلاع القتال مرة أخرى في منتصف أكتوبر لم يتوفر للقوة الجوية المصرية سوى ثلاث مطارات لتمركزاتها هي مطار ألماظة وحلوان فى منطقة القاهرة ومطار العريش في منطقة الجبهة، وبالرغم من إلحاح قائد السلاح الجوي وقائد القوة الجوية التكتيكية على وزارة الحربية من أجل تجهيز مطارات متقدمة وتبادلية في منطقة الجبهة كمطار "رفح" وأرض الهبوط جنوب "العريش" ومطارات أخرى غرب القناة لتوفير مدى أطول لطائرات القتال في الجبهة وانتشار الطائرات المصرية المكدسة في مطاري "ألماظة" و"حلوان"، إلا أنه حتى فترة القتال الثالثة لم يكن قد تم الانتهاء من تجهيز أراضي الهبوط المطلوبة بالرغم من تصديق وزير الحربية منذ أواخر يوليه على تجهيز مطار رفح وأراضى الهبوط جنوب مطار العريش وفي منطقة بلبيس لاستخدام القوة الجوية، حيث كانت عملية إنشاء وتجهيز المطارات من مسؤولية إدارة المهندسين والأشغال العسكرية التي كانت تلتزم في عملها بنظام (روتين) ولوائح الحكومة وقت السلم، الأمر الذي لا يتمشى مع أهمية عامل الوقت زمن الحرب، وهو ما كانت له نتائج وخيمة عندما تجدد القتال في منتصف أكتوبر.

د. تطور موقف القوة البحرية المصرية
مع تزايد أعباء البحرية المصرية عملت وزارة الدفاع على دعم القوة القتالية للسلاح البحري المصري حتى وصلت في نهاية صيف عام 1948 إلى ثماني عشرة قطعة بحرية مشكلة على النحو التالي:
(1) ثلاث قرويطات كانت في الأصل كاسحات ألغام وتم تسليحها بالمدفعية المتوسطة والمضادة للطائرات.
(2) ثلاث طوافات حمولة كل منها 750 طناً (كانت في الأصل كاسحات ألغام تم تجهيز إحداها وتسليحها بالمدفعية قبل تجدد القتال في 15 أكتوبر بينما كانت الأخريان تحت التجهيز).
(3) ثماني كاسحات ألغام صغيرة كان معظمها في الإصلاح.
(4) أربعة سفن خدمة عامة.

وبالإضافة إلى السفن السابقة فقد تم التعاقد على أربع قرويطات أخرى وعشرين من زوارق الطوربيد إلا أن كل هذه السفن كانت لا تزال تحت الإصلاح في المواني الأجنبية.

ومن الوحدات الصالحة خُصص للعمل في منطقة الجبهة المصرية قرويطتان وكاسحتان وطوافة وثلاث من سفن الخدمة العامة.


***********************************
[1] قدرت إدارة المخابرات المركزية الأمريكية ، في تلك الأيام أن القوات اليهودية قد تفوقت على القوات العربية سواء في فلسطين أو حولها بنسبة 2 : 1 وأن لدى اليهود مدفعية ثقيلة وقوة جوية حديثة كبيرة. وأضافت المخابرات الأمريكية قائلة: "إن ما نجم عن الهدنة هو تحسين القدرات العسكرية لدى اليهود، الذي هم الآن أقوياء بما فيه الكفاية، لأن يقوموا بهجوم كامل وطرد القوات العربية خارج فلسطين".

[2] كان بن جوريون يرى أنه بالإضافة إلى مساندة الاتحاد السوفيتي لإسرائيل سياسياً وعسكرياً، فإن الرئيس ترومان كان من غلاة المؤيدين لموقف إسرائيل، بل إنه أرسل إليه ممثله جيمس مكدونالد بخطاب في 16 أغسطس، يعرض عليه إمكانية الاعتراف الكامل بإسرائيل، ووقف الحظر على الأسلحة مع تقديم المساعدة المالية. وقد بنى بن جوريون وجهة نظره على أن الدول العظمى في مجلس الأمن غير راغبة في استخدام القوة لغرض قرار المجلس وأن مراقبي الأمم المتحدة لا يعترضون على تدعيم إسرائيل. دافيد بن جوريون

[3] قامت القيادة الإسرائيلية بعدة محاولات لتسريب قوافل الإمداد إلى مستوطنات النقب، إلا أنه لم تنجح سوى واحدة منها. ورغم موافقة القيادة المصرية في 29 أغسطس على إمداد مستعمرات النقب بمواد الإعاشة تحت إشراف مراقبي الأمم المتحدة، إلا أن القيادة الإسرائيلية نظمت عملية جوية (العملية آفاك) لإمداد مستوطنات النقب جواً بالأسلحة والذخائر والرجال. وجرت تلك العملية ليلاً دون رقابة الأمم المتحدة التي حُرم على مراقبيها دخول مطارات النقل القائمة بالعملية، وبعيداً عن متناول القوة الجوية المصرية التي لم تكن تملك آن ذاك أية مقاتلات ليلية.