منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
الحــواس فـي القـــرآن الكـــريــم أحكـام صـلاة المـريض وطهـارته إلــــــــى كــــــــــل زوجـيــــــــــن مـــن أقـــــوال شيـــــخ الإســــلام لا عـلـيـك مـا فـاتـك مـن الـدنـيــا رؤية الخاطب مخطوبته قبل العقد شــاعر العـاميــة بيــرم التـونسي أحْلامٌ مِنْ أبِي باراك أوباما كُــــتُـبٌ غَــــــيُّـرَتْ الـعَـالَــــــمْ مــصـــــر التي فـي خــاطـــــري الزعيـم الثــائر أحـمـــد عـــرابي مـحـاسـن العقيـــدة الإسـلامـيـــة الرحـالة: أبي الحسن المسعـودي رضـــي الله عـنـهـــم أجـمـعـــين الأسئلة والأجــوبــة في العقيــدة النـهـضــة اليـابـانـيــة الـحـديثــة الحجاج بـن يــوســف الـثـقـفــي قـصــة حـيـاة ألـبرت أيـنـشـتــاين الأمثـــال لأبـي عبيــد ابن ســلام الإسـلام بيـن الـعـلـم والـمــدنـيــة
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب Empty
مُساهمةموضوع: الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب   الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب Emptyالأحد 26 مايو 2024, 7:01 pm

الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب
تمهيد:
من الأنواع التي تناولها المحدثون بالتأليف، وأفردوا لها كتبًا بعينها، أوردوا فيها من الأحاديث ما يوجد الرغبة في عمل الخير ببيان ما يترتب عليه من ثواب أو أجر، وما ينفر من عمل الشر ببيان ما يترتب عليه من عقاب أو وزر -كتب الترغيب والترهيب.

وليس معنى احتواء هذه الكتب على ما يرغب في الخير أو ينفر من الشر أنه لا يستدل بشيء من أحاديثها على الأحكام الشرعية، وإنما الهدف المقصود من جمع هذه الأحاديث في كتب بعينها أن تتربى على موائدها النفوس الكريمة، فتندفع بها إلى الخير طمعًا في ثواب الله، وتنأى عن الشر خوفًا من عقابه تعالى، على أنه قد يستفاد من بعض هذه الأحاديث الحكم على بعض أفعال المكلفين بالوجوب أو الندب أو الحرمة أو الكراهة.

فمثل حديث: "لا سهم في الإسلام لمن لا صلاة له، ولا صلاة لمن لا وضوء له" 1 المقصود به أولًا الترغيب في كل من الصلاة والوضوء والتنفير من تركهما، ولكنه مع هذا لا يمكن إخلاؤه من الدلالة على أن الصلاة فرض، وأن تركها محظور، وأن الوضوء شرط في صحتها، وكذلك مثل حديث: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا صلاة لمن لا طهور له، ولا دين لمن لا صلاة له، وإنما موضع الصلاة من الدين كموضع الرأس من الجسد" 2 فإنه ترغيب في الأمانة والصلاة، وتشديد في الحث على فعل كل منهما، والتخويف من تركهما، ولكنه -مع هذا- واضح الدلالة على وجوب الأمانة وحرمة تركها، وعلى وجوب الصلاة وحرمة تركها كذلك.

فالمقصود -كما بينا- من إيراد أمثال هذه الأحاديث في تلك الكتب إنما هو الحث على الفعل، والتحذير من الترك، وليس فيه مجرد بيان الحكم أو إقامة الدليل كما هو الشأن في الكتب الموضوعة لبيان أدلة الأحكام من السُّنَّة المطهرة.

وبعد: فإنه يتضح من هذه المقدمة الموجزة أن الترغيب والترهيب يحتلان مكانة ممتازة في التربية الإسلامية على وجهها الصحيح، بحيث يسهل بها قيادة النفوس لتحقيق الأحكام الشرعية على أكمل الوجوه، ويتم عمران الحياة بدفع كل مكلف إلى الخير وكفه عن الشر، فإذا تم ذلك أخذت الأحكام الشرعية التي تتمثل في كتب الأحكام مكانها، وطبقت على أحسن الوجوه وأكملها ومن هنا كان التصوف المستمد من هذه الأحاديث خير مصلح للنفوس، وكان الآخذون به على وجهه أقرب الناس لتطبيق أحكام الشرع وعدم تجاوزها، فمهمة كتب الترغيب والترهيب خطيرة، ومهمة الداعين بها في معالجة النفوس وتقويمها من أدق المهام وأشقها بغير جدال.

----------------------------
1 الترغيب والترهيب ج1 ص380 أخرجه البزار بسنده إلى أبي هريرة.
2 الترغيب والترهيب ج1 ص381 أخرجه الطبراني في الأوسط والصغير.
----------------------------

من أجل هذا عني علماء السُّنَّة قديمًا وحديثًا بجمع أحاديث الترغيب والترهيب وإفرادها في مؤلفات، فمنهم من جمع بين أحاديث الترغيب والترهيب في كتاب، ومنهم من أفرد كلا منهما على حدة، ومن النوع الأول كتاب الترغيب والترهيب للمنذري -وسنتناوله بالدراسة بعون الله- ومن النوع الثاني ترغيبًا كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه لأبي الشيخ، وترهيبًا كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيثمي، وسوف نفسح لدراسته مكانًا في هذا الكتاب بإذن الله.

ومن بين من ألفوا في الترغيب والترهيب من علماء الحديث من سنذكرهم مع بيان كتبهم على ترتيب سني وفاتهم على النحو التالي:
1- كتاب الزهد، وكتاب البر والصلة لأبي عبد الرحمن عبد الله بن المبارك الحنظلي المتوفى عام واحد وثمانين ومائة1.

2- كتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل الشيباني المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائتين2.

3- كتاب الزهد لأبي السري "هناد بن السري" بن مصعب التميمي الدارمي المتوفى سنة ثلاث وأربعين ومائتين3.

4- كتاب الترغيب والترهيب، كتاب الأهوال، كتاب فضائل الأعمال، وكتاب الآداب النبوية لحميد بن زنجويه أبو أحمد النسائي الحافظ المتوفى سنة إحدى وخمسين ومائتين للهجرة4.

5- كتاب الشمائل للترمذي محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمي الترمذي المتوفى سنة تسع وسبعين ومائتين للهجرة5.

6- كتب ابن أبي الدنيا أبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس المعروف بابن أبي الدنيا، والمتوفى سنة إحدى وثمانين ومائتين، وله في هذا النوع كتب كثيرة ذكرها صاحبا الرسالة المستطرفة وهدية العارفين6.

7- ذم الغيبة لأبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشير بن عبد الله الحربي المتوفى سنة خمس وثمانين ومائتين7.

8- نخبة المؤانسة من كتاب المجالسة لأبي بكر أحمد بن مروان بن محمد الدينوري المتوفى سنة ثلاث وتسعين ومائتين، كما ذكره صاحب هدية العارفين أو سنة ثمان وتسعين ومائتين، كما ذكره صاحب الرسالة8.

----------------------------
1 الرسالة المستطرفة ص37، 39 وشذرات الذهب ج1 ص295 وهدية العارفين ج5 ص438.
2 الرسالة المستطفرة ص14، 39، شذرات الذهب ج2 ص96.
3 الرسالة المستطرفة ص39، وشذرات الذهب ج2 ص104.
4 شذرات الذهب ج2 ص124، والرسالة المستطرفة ص43، وكشف الظنون ج1 ص401.
5 شذرات الذهب ج2 ص174 وذيل كشف الظنون ج4 ص54.
6 الرسالة المستطرفة ص34 و38 وهدية العارفين ص 441 ج5.
7 الرسالة المستطرفة ص39، وهدية العارفين ج5 ص4 وشذرات الذهب ج2 ص190.
8 الرسالة المستطرفة ص41، وهدية العارفين ج5 ص55.
----------------------------

9- كتب: الشكر، واعتلال القلوب، ومساوئ الأخلاق، ومكارم الأخلاق. كلها لأبي بكر محمد بن جعفر بن محمد بن سهل بن شاكر الخرائطي المتوفى سنة سبع وعشرين وثلاثمائة1.

10- كتاب أدب النفوس لأبي بكر محمد بن الحسين بن عبد الله البغدادي الآجري المتوفى سنة ستين وثلاثمائة للهجرة2.

11- كتاب الأخلاق للطبراني أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي المتوفى سنة ستين وثلاثمائة للهجرة3.

12- كتب: أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه، والأدب، وثواب الأعمال، والتوبيخ، كلها لأبي محمد بن عبد الله بن محمد بن جعفر بن حبان الأصبهاني المعروف بأبي الشيخ المتوفى سنة تسع وستين وثلاثمائة4.

13- كتاب الأخلاق لأحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن فرج بن لال أبي بكر الشافعي المتوفى سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة5.

14- كتاب الفتوة وأدب الصحبة كلاهما لأبي عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى السلمي المتوفى سنة اثنتي عشرة وأربعمائة6.

15- الترغيب في الفروع "وهو يتضمن فروعًا بأدلتها" للإمام أبي بكر فخر الإسلام محمد بن القفال الشاشي الشافعي المتوفى سنة سبع وخمسمائة7.

16- الأنوار في شمائل النبي المختار لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي المتوفى سنة ست عشرة وخمسمائة8.

17- الترغيب والترهيب لقوام السُّنَّة إسماعيل بن محمد الأصبهاني المتوفى سنة خمس وثلاثين وخمسمائة9.

18- الترغيب والترهيب لأبي موسى المديني محمد بن أبي بكر عمر بن أحمد الحافظ المتوفى سنة إحدى وثمانين وخمسمائة10.

----------------------------
1 الرسالة المستطرفة ص38 وهدية العارفين.
2 الرسالة المستطرفة ص32 و40 وشذرات الذهب ج3 ص35.
3 الرسالة المستطرفة ص39، شذرات الذهب ج3 ص30.
4 الرسالة المستطرفة ص39-43، وشذرات الذهب ج3 ص69.
5 الرسالة المستطرفة ص39، وهدية العارفين ج5 ص69.
6 الرسالة المستطرفة ص41، وشذرات الذهب ج3 ص196.
7 الرسالة المستطرفة ص43، وشذرات الذهب ج4 ص105، وكشف الظنون ج1 ص400.
8 الرسالة المستطرفة ج4 ص48 ومقدمة وتحقيق كتاب أخلاق النبي وآدابه لأبي الشيخ ص11.
9 شذرات الذهب ج4 ص105، وكشف الظنون ج1 ص400 والرسالة ص43.
10 كشف الظنون ج1 ص401، وشذرات الذهب ج4 ص273.
----------------------------

19- مشكاة الأنوار فيما روي عن الله سبحانه وتعالى من الأخبار لمحيي الدين بن عربي المتوفى سنة ثمان وثلاثين وستمائة1.

20- كتاب الترغيب والترهيب للحافظ الكبير الإمام شيخ الإسلام زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري المتوفى سنة ست وخمسين وستمائة2 وسنتولى بإذن الله دراسته في هذا الفصل من الكتاب.

21- كتاب رياض الصالحين، وكتاب الأذكار محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حزام النووي الدمشقي المتوفى سنة ست وسبعين وستمائة3.

22- الزواجر في النهي عن اقتراف الكبائر لأبي العباس أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيثمي المصري المتوفى سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة للهجرة4. وله دراسة في هذا الكتاب بإذن الله.

23- الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية للإمام محمد عبد الرءوف المناوي المتوفى سنة إحدى وثلاثين وألف للهجرة5. وسنفرد له دراسة بإذن الله.

24- كتاب الأحاديث القدسية لمؤلفه الشيخ عبد الغني النابلسي المتوفى سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف.

هذا ما وقفنا عليه من أسماء المؤلفين في الترغيب والترهيب، وما عرفناه من أسماء مؤلفاتهم، نعرضها على القارئ الكريم لتكون الصورة واضحة فيما سبق، وفيما نحن بصدده من الدراسة زمانًا ومكانًا، ولارتباط السابق باللاحق، وبيان فضل المدرسة المصرية التي استفادت -كما يبدو- من بعض المؤلفات التي سبقتها، ثم أنتجت أول كتاب مستوعب في هذا النوع، ذلك هو كتاب الترغيب والترهيب للإمام الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري، الذي جمع فيه مؤلفه من كتب السُّنَّة ما تفرق من أحاديث الترغيب والترهيب، ولشخصيته الحديثية العظيمة وفق توفيقًا كريمًا في جمع هذه الأحاديث وتبويبها بإضافة كل حديث إلى موضعه، وتخريجها في ضبط يدل على قوة استعداد وبالغ دراية، حتى نستطيع أن نقول: إنه لم يأت بعده مؤلف في هذا النوع من الحديث إلا كان دونه في الضبط والاستيعاب، ولعل جميع من كتبوا بعده كانوا عالة عليه في منهجه ودراسته وطريقة عارضه.

فلنبدأ على بركة الله في دراسة هذا الكتاب العظيم، ثم نتبعه ببعض ما ألف بعده في الترغيب والترهيب، والله الموفق، وهو الهادي لأقوم سبيل.

----------------------------
1 شذرات الذهب ج5 ص190.
2 حسن المحاضرة ج1 ص355 والشذرات ج5 ص277.
3 شذرات الذهب ج5 ص354.
4 شذرات الذهب ج8 ص370.
5 الرسالة المستطرفة ص138.
----------------------------



الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب   الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب Emptyالأحد 26 مايو 2024, 7:01 pm

كتاب الترغيب والترهيب:
للحافظ عبد العظيم المنذري المتوفى سنة 656هـ:
ندرس لهذا الكتاب لأنه يدخل ضمن موضوع دراستنا، فإن مؤلفه حافظ مصر عاصر الفترة التي اتخذناها زمانا لهذه الدراسة، ولأن هذا الكتاب كان مادة أساسية للكتب التي ألفت بعده في الترغيب والترهيب، من أمثال الأذكار للنووي، والمتجر الرابح في ثواب العمل الصالح للدمياطي، والزواجر في النهي عن اقتراف الكبائر لنور الدين الهيثمي، والإتحافات السنية في الأحاديث القدسية للمناوي.

وكذلك الإتحافات السنية للشيخ محمد المدني من علماء الحديث في القرن الثاني عشر الهجري.

وهذا الكتاب من أمثل ما ألف في الترغيب والترهيب إن لم يكن أمثلها جميعًا، ولهذا كان له ولأمثاله اعتبار بين المسلمين، وانتشار بين أوساط العلماء والمتعلمين، وكان مادة خصيبة للدعاة والموجهين.

وقد قسمه المؤلف تقسيمًا لا نرى أحدًا سبقه إليه في بابه، فقد جعله كتبًا عديدة، وأورد تحت كل كتاب أبوابًا كثيرة، اشتمل كل باب منها على عدة أحاديث.

فأفرد كتبًا لكل من العلم والطهارة والصلاة المفروضة ونوافل الصلوات والجمعة والصدقات إلى آخره، وأورد تحت كل كتاب من هذه أبوابًا، وتحت كل باب منها عدة أحاديث، وهكذا سلك في بقية الكتاب.

وبين المؤلف -في خطبة الكتاب- ما حفزه على تأليفه، وهو أنه مبني على طلب بعض ذوي الهمم العالية ممن اتصف بالزهد والإقبال على الله، وأنه أملى -بناء على ذلك- كتابه في الترغيب والترهيب مجردًا عن التطويل بذكر إسناد أو كثرة تعليل، فجاء -كما وصفه- صغير الحجم غزير العلم، حاويًا لما تفرق في غيره من الكتب، مقتصرًا فيه على ما ورد صريحًا في الترغيب والترهيب من السُّنَّة القولية في أكثر أحاديثه، وأن طريقته أن يروي الحديث، ثم يعزوه إلى من رواه من الأئمة أصحاب الكتب المشهورة، وقد يعزوه إلى بعضها دون بعض طلبًا للاختصار -ولا سيما إذا كان في الصحيحين أو أحدهما- ثم يشير إلى صحة إسناده وحسنه أو ضعفه، إن لم يكن من عزاه إليهم ممن التزم إخراج الصحيح.

وذكر المؤلف أنه إذا كانت هناك علل دقيقة لبعض الأحاديث فإنه لا يذكرها؛ لأنها مما يختص به الجهابذة من النقاد، فاقتضى الاختصار ألا يتعرض لها، وأعانه على ذلك أن من تقدمه من العلماء أساغوا التساهل في أحاديث الترغيب والترهيب.

وقد أوضح منهجه بما يدل على دقة فاحصة في التخريج وتتبع رواة الحديث، والتنبيه على مرتبة كل حديث، مع تعليل أسباب الضعف إن وجد، وذكر خلاف الأئمة في بيان المرتبة إن وجد أيضًا.

وأن المختلف فيهم من الرواة قد أورد -في آخر الكتاب- أسماءهم مرتبة على حروف المعجم، وذكر ما قيل في كل منهم من جرح وتعديل على سبيل الاختصار، وقد يكتفي بذكر أنه مختلف فيه فقط دون استقصاء سبب الاختلاف.

وأورد أنه إذا كان في الإسناد متهم بالكذب أو الوضع أو ما إلى ذلك فإنه يصدر الحديث بلفظ "رُوي" ولا يذكر الراوي ولا ما قيل فيه ألبتة.

ثم قال: إنه استوعب جميع ما كان من هذا النوع من:
1- موطأ مالك.
2- مسند الإمام أحمد.
3- صحيح البخاري.
4- صحيح مسلم.
5- سنن أبي داود.
6- المراسيل له.
7- جامع أبي عيسى الترمذي.
8- سنن النسائي الكبرى.
9- اليوم والليلة له.
10- سنن ابن ماجه.
11- المعجم الكبير للطبراني.
12- المعجم الأوسط له.
13- المعجم الصغير له.
14- مسند أبي يعلى الموصلي.
15- مسند أبي بكر البزار.
16- صحيح ابن حبان.
17- المستدرك على الصحيحين للحاكم أبي عبد الله النيسابوري رضي الله عنهم أجمعين.


قال: ولم أترك شيئًا من هذا النوع في الأصول السبعة، إلا ما غلب على فيه ذهول أو نسيان، أو أكون قد ذكرت فيه ما يغني عنه، وقد يكون للحديث دلالتان فأكثر فأذكره في باب ثم لا أعيده، فيتوهم الناظر أني تركته وكذلك لا أترك شيئا من هذا النوع من المسانيد والمعاجم إلا ما غلب علي فيه ذهول أو نسيان، أو يكون ما ذكرت أصح إسنادًا مما تركت، أو يكون ظاهر النكارة جدًّا وقد أجمع على وضعه أو بطلانه1.

ثم بين أنه أضاف إلى ذلك جملًا من الأحاديث معزوة إلى أصولها،
18- كصحيح ابن خزيمة.
19- وكتاب ابن أبي الدنيا.
20- وشعب الإيمان للبيهقي.
21- وكتاب الزهد الكبير له.
22- وكتاب الترغيب والترهيب لأبي القاسم الأصبهاني.


وقال: إنه استوعب جميع ما في كتاب أبي القاسم هذا مما لم يكن في الكتب المذكورة وهو قليل، وأنه أضرب عن ذكر ما قيل فيه من الأحاديث المتحققة الوضع، وإذا كان الحديث في الأصول السبعة لا يعزوه إلى غيرها من المسانيد والمعاجم إلا نادرًا طلبًا للاختصار، وقد يعزوه إلى صحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم إن لم يكن متنه في الصحيحين.

----------------------------
1 الترغيب والترهيب ج1 ص36 وما بعدها.
----------------------------

وذكر أنه ينبه على كثير مما حضره حال الإملاء، مما تساهل أبو داود رحمه الله في السكوت عن تضعيفه، أو الترمذي عن تحسينه، أو ابن حبان والحاكم عن تصحيحه لا انتقادًا عليهم رضي الله عنهم، بل مقياسًا لمتبصر في نظائرها من هذا الكتاب.

وقال: إن كل حديث عزاه إلى أبي داود وسكت عنه فهو كما ذكر أبو داود، ولا ينزل عن درجة الحسن، وقد يكون على شرط الصحيحين أو أحدهما.

هذا هو المنهج الذي أورده المؤلف بنفسه عن كتابه، وهو منهج يطمئن كل قارئ للكتاب أو دارس له على دقة علمية، وأمانة في العرض، واحتياط في النقل إلى أقصى حد، وليس هناك بعد بيان المصادر، ثم الهيمنة عليها بنقد ما يستحق النقد منها على بينة وبصيرة.

فالحافظ المنذري من أئمة هذا الشأن، وخير من يرجع إليهم في تعرف درجات الأحاديث ومنزلة كل منها، وقد أفرغ هذا الإمام -رحمه الله- جعبته صادقًا في العلم، خالصًا مخلصًا في نشره، هذا إلى محاولة الاستيعاب التي مكنت له أن ينقب في هذه الكتب الأصول التي زادت على العشرين، ولكل كتاب منها خطره، ولمؤلفه فحولته، وكل واحد منها يكفي ليكون مرجعًا في أخذ السُّنَّة، والارتواء من مناهلها العذبة.

فهو -إذن- كتاب غزير الفوائد، لا نبالغ إذا قلنا: إنه كفاية لكل من رجع إليه في هذا النوع من السُّنَّة، وهو الترغيب في صالح الأعمال، والترهيب من سيئها وقبيحها.

والكتاب مطبوع في أربعة أجزاء، ومبوب -كما قال- على أبواب الفقه، إلا أنه في واقع الأمر قد ذكر قبل أبواب الفقه أنواعًا من الترغيب والترهيب، كالترغيب في الإخلاص والصدق والنية الصالحة، والترهيب من الرياء وما يقوله من خاف شيئًا منه، والترغيب في اتباع الكتاب والسُّنَّة، والترهيب من ترك السُّنَّة وارتكاب البدع والأهواء، والترغيب في البداءة بالخير ليستن به، والترهيب من البداءة بالشر خوفًا من أن يستن به، ثم كتاب العلم وما تحته من عناوين مختلفة: كالترغيب في طلب العلم، وما جاء في فضل العلماء والمتعلمين، والترغيب في الرحلة في طلب العلم، وما يتصل بذلك.

وبعد ذلك وضع كتابًا للطهارة تحته عدة عناوين، وتحت كل عنوان منها مواضيع مختلفة من الترغيب والترهيب، وفي كل موضوع أحاديث كثيرة تتناسب معه، وصنع مثل ذلك في كتاب الصلاة، ومثله في كتاب النوافل، وكذلك في كتاب الجمعة، ثم أورد كتب الصوم، والعيدين، والأضحية، والحج، والجهاد، وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، والبيوع، وغيرها، والنكاح وما يتعلق به، واللباس والزينة، والطعام وغيره، والقضاء وغيره، والحدود وغيرها، والبر والصلة وغيرها، والأدب وغيره، والتوبة، والزهد، والجنائز، والبعث، وأهوال يوم القيامة، وصفة الجنة والنار.

وتحت كل كتاب من هذه الكتب موضوعات جمة، وفي كل منها أحاديث تندرج تحت عنوانه.

ثم ختم الكتاب بباب ذكر الرواة المختلف فيهم، وهم الرواة المشار إليهم في الكتاب ولم يحقق اختلاف علماء الجرح والتعديل في شأنهم، فذكرهم في آخر الكتاب مرتبين على الحروف الهجائية في كل من الأسماء والكنى، وأورد اختلاف العلماء في كل واحد منهم، وهذا أيضًا مظهر من مظاهر الحرص على الدقة في التحري في الحكم على الأحاديث، وبيان مرتبة كل منها، فإذا كان هذا مسلكه في أحاديث الترغيب والترهيب، وهي مما قد يتساهل في شأنها بعض التساهل -فكيف يكون مسلكه في أحاديث العقائد والأحكام لو أنه صنف فيها؟

إن مثل هذا الإمام لجدير أن يفاخر به من علمه ودينه، طيب الله ثراه.

والكتاب بعد هذا -موسوعة خصيبة جامعة، فيها غناء عن غيرها في موضوعاتها، ونخال أن ليس في غيرها غناء عنها، ويقرب ذلك إلى ذهن القارئ أن نبين له أن عدد أحاديث الكتاب قد بلغت في مجموعها سبعة وثمانين وسبعمائة وخمسة آلاف حديث، وأن فيها كثيرًا من المطولات، بحيث يبلغ الحديث الواحد منها صفحة أو يزيد، بل إن في بعضها ما يزيد على الصفحتين، وما أكثر المطولات في الأحاديث الواردة فيه، وهي ظاهرة يتميز بها عما سواه.



الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب   الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب Emptyالأحد 26 مايو 2024, 7:02 pm

ومن أمثلة ذلك ما يأتي:
1- في باب الترغيب في الإخلاص والصدق والنية الصالحة1 أورد حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى أواهم المبيت إلى غار..." 2 وساق الحديث بطوله في نحو صفحة من الكتاب.

2- وفي باب الترهيب من الرياء، وما يقوله من خاف شيئًا منه أورد حديث عقبة بن مسلم رضي الله عنه3 "حدث أن شفيا الأصبحي حدثه أنه دخل المدينة فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الثاني فقال: من هذا؟ قالوا: أبو هريرة. قال: فدنوت منه حتى قعدت بين يديه وهو يحدث الناس" ثم ساق الحديث بطوله في نحو صفحة أو يزيد.

3- وفي نفس الباب أورد حديث معاذ رضي الله عنه4 أن رجلًا قال: "حدثني حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فبكى معاذ حتى ظننت أنه لا يسكت ثم سكت، ثم قال..." وأورد الحديث في نحو صفحتين من صفحات الكتاب.

4- وفي باب الترهيب من ترك الصلاة تعمدًا، وإخراجها عن وقتها تهاونًا أورد حديث سمرة بن جندب5 رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول لأصحابه: "هل رأى أحد منكم من رؤيا؟ " فيقص عليه ما شاء الله أن يقص، وساق حديثه الذي يزيد على الصفحتين.

----------------------------
1 الترغيب والترهيب ج1 ص51.
2 رواه البخاري ومسلم.
3 الترغيب والترهيب ج1 ص62.
4 الترغيب والترهيب ج1 ص73.
5 الترغيب والترهيب ج1 ص387.
----------------------------

5- وفي باب الترغيب في صيام رمضان احتسابًا وقيام ليله أورد حديث ابن عباس1 رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الجنة لتنجد وتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان ... " ثم أورد حديثه الذي يزيد على صفحتين أيضًا.

6- وفي فصل الحشر وغيره من فصول كتاب البعث وأهوال يوم القيامة أورد حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه2 عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم" وهو حديث يقع في نحو ثلاث صفحات.

7- وفي فصل زيارة أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى أورد حديث محمد بن علي بن الحسين3 رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة شجرة يقال لها: طوبى لو يسخر الراكب الجواد يسير في ظلها لسار فيه مائة عام..." وأورد حديثه في نحو ثلاث صفحات.

8- وأنه في باب الترغيب في الصدق والترهيب من الكذب4 أورد حديث كعب بن مالك حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وأنه لفي نحو سبع صفحات من هذا الكتاب، ولا نطيل بسرد أمثلة لهذا، فإنه في الكتاب كثير.

ومن الظواهر العامة في هذه الكتاب، ومما ينبغي أن ننبه له من مميزاته أن مؤلفه الإمام المنذري كثيرًا ما يشرح الغريب من ألفاظ الحديث الواردة فيه، أو يضبطه، أو يشرح جملة منه فيبين المراد منها، أو يتكلم عن الرواة ضبطًا لأسمائهم.


ومن أمثلة ذلك ما يلي.
أ- في حديث أبي هريرة عند مسلم قال: عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله عز وجل: إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعملها، فإذا عملها فأنا أكتبها له بعشر أمثالها..." الحديث، وفيه نرى المؤلف يشرح كلمة غريبة وردت في آخره فيقول5: قوله من جراي بفتح الجيم وتشديد الراء: أي من أجلي.

ب- وفي حديث شفي الأصبحي أنه دخل المدينة فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس فقال من هذا؟ قالوا: أبو هريرة ... الحديث، نجد المؤلف يشرح كلمتين غريبتين وردتا فيه فيقول6: جريء هو بفتح الجيم وكسر الراء وبالمد، أي شجاع، نشغ بفتح النون والشين المعجمة وبعدها عين معجمة: أي شهق حتى كاد يغشى عليه أسفًا أو شوقًا.

ج- وفي حديث معاوية رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ألا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة..." الحديث.

----------------------------
1 الترغيب والترهيب ج2 ص99.
2 الترغيب والترهيب ج4 ص391.
3 الترغيب والترهيب ج4 ص546.
4 الترغيب والترهيب ج3 ص580.
5 الترغيب والترهيب ج1 ص60
6 الترغيب والترهيب ج1 ص64.
----------------------------

يضبط المؤلف فيه كلمة غريبة فيقول: قوله1: الكلب بفتح الكاف واللام قال الخطابي: هو داء يعرض للإنسان من عضة الكلب، قال: وعلامة ذلك في الكلب أن تحمر عيناه، ولا يزال يدخل ذنبه بين رجليه، فإذا رأى إنسانًا ساوره.

د- وفي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة ... " الحديث يضبط المؤلف الكلمة ويشرحها فيقول2: الشرة بكسرالشين المعجمة وتشديد الراء وبعدها تاء التأنيث: هي النشاط والهمة، وشرة الشباب: أوله وحدته.

هـ- وفي حديث جرير رضي الله عنه قال: "كنا في صدر النهار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه قوم عراة مجتابي النمار والعبار، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر، فتعمر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أرى ما بهم من الفاقة..." الحديث، يتكلم المؤلف على شرح ما فيه من غريب بعد أن يضبط ألفاظه فيقول3: قوله: مجتابي هو بالجيم الساكنة ثم تاء مثناة وبعد الألف باء موحدة "والنمار" جمع نمرة، وهي كساء من صوف مخطط: أي لابسي النمار قد خرقوها في رءوسهم، والجواب: القطع "وقوله: تمعر" هو بالعين المهملة المشددة أي تغير "وقوله: كأنه مذهبة" ضبطه بعض الحافظ بدال مهملة وهاء مضمومة ونون، وضبطه بعضهم بذال معجمة وبفتح الهاء وبعدها هاء موحدة، وهو الصحيح المشهور، ومعناه على كل التقديرين: ظهر البشر في وجهه صلى الله عليه وسلم حتى استنار وأشرق من السرور، والمذهبة صحيفة منتقشة بالذهب أو ورقة من القرطاس مطلية بالذهب، يصف حسنه وتلألؤه صلى الله عليه وسلم.

وفي حديث ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده نجد المؤلف بعد فراغه من رواية الحديث يتعرض لضبط اسم الراوي فيقول4: ربيح بضم الراء وفتح الباء الموحدة بعدها ياء آخر الحروف وحاء مهملة ويأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى: وفي الكتاب من هذه الأمثلة شيء كثير، لو تتبعناه لخرج بنا عما نحن بصدده من دراسة الظواهر العامة للكتاب، ولكنا نكتفي بما ذكرناه من أمثلة إيثارًا للاختصار.

وقد أحصيت ما أورده المؤلف من أحاديث الترغيب والترهيب في هذا الكتاب فوجدت عددها -كما سبق أن ذكرت- بلغ سبعة وثمانين وسبعمائة وخمسة آلاف حديث، وأنها موزعة على أجزاء الكتاب الأربعة: في الجزء الأول منها أربعة وستون ومائتان وألف حديث، وفي الجزء الثاني سبعة وثمانون وخمسمائة وألف حديث، وفي الثالث تسعة وسبعمائة وألف حديث، وفي الرابع سبعة وعشرون ومائتين وألف حديث.

----------------------------
1 الترغيب والترهيب ج1 ص84.
2 الترغيب والترهيب ج1 ص87.
3 الترغيب والترهيب ج1 ص90.
4 الترغيب والترهيب ج1 ص68.
----------------------------



الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب   الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب Emptyالأحد 26 مايو 2024, 7:16 pm

فإذا تصورنا هذه الكثرة الكاثرة من أحاديث الكتاب

وعلمنا أن من بينها ما يصل طول الحديث فيه إلى سبع صفحات أو تزيد، وإذا علمنا أن مؤلفه قد بوبه على نحو لا نرى أحدًا من المؤلفين يطاوله في بابه أو يدانيه، وأنه شرح غريبه وضبط كلماته ورواته، وترجم -في آخر كتابه- للمختلف فيهم من هؤلاء الرواة، وذكر آراء علماء الجرح والتعديل فيهم مرتبًا إياهم على حروف المعجم أقول إذا تصورنا هذا العمل الجليل والمجهود الضخم من الإمام المنذري -رحمه الله- لبان لنا أن الكتاب ثروة في الترغيب والترهيب لا تعدلها ثروة، ومرجع رئيسي يعول عليها العلماء والدارسون، ويقتبس من كنوزه الخطباء والمرشدون، وينتفع بما ورد فيه الخاصة والعامة كل بما يفتح الله عليه في فهم ما ورد فيه من حديث. رحم الله الإمام المنذري وأجزل له الثواب والجزاء.

تعقيب: رياض الصالحين
وفي هذا المجال لا يفوتنا أن ننوه بكتاب عظيم، له في باب الترغيب والترهيب قيمته وخطره قد ذاع صيته، وعَمَّ نفعه، وكثر تداوله، وتعدَّدت طبعاته لولوع المسلمين به، وإقبالهم الكبير عليه ذلك هو كتاب "رياض الصالحين" لمؤلفه الإمام الفقيه المحدث محرر مذهب الشافعية أبي زكريا، يحيى بن شرف الدين النووي المتوفى سنة ست وسبعين وستمائة للهجرة ببلدته نوى من أعمال دمشق1.

وهذا الكتاب يجمع ثروة حديثية متخيرة في الترغيب والترهيب، وسائر أنواع آداب السالكين من أحاديث الزهد، ورياضات النفوس، وتهذيب الأخلاق، وطهارات القلوب وعلاجها، وصيانة الجوارح وإزالة أعوجاجها كما يقول المؤلف عنه في خطبة الكتاب التي ذكر فيها: أنه التزم فيه ألا يذكر إلا حديثًا صحيحًا من الواضحات، وإن كنا نستدرك عليه في ذلك بأنه وصف بعض الأحاديث بالحسن، وأنه ترك التنبيه على بعضها وذلك قليل.

 ومن أمثلة ذلك ما يأتي:
1- في حديث: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قومًا ابتلاهم 2 ... " الحديث، قال النووي، رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.

2- وفي حديث: "من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله سبحانه وتعالى 3 على رءوس الخلائق ... " الحديث علق المؤلف عليه بقوله: رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.

3- وعلق على حديث: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله ... " الحديث. بقوله4 رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

----------------------------
1 شذرات الذهب ج5 ص354.
2 رياض الصالحين ص39.
3 رياض الصالحين ص42.
4 رياض الصالحين ص57.
----------------------------

وكثير من أحاديث الكتاب من هذا النوع الذي يحمل وصف الحسن، ونرجو ألا يكون ذلك مخلا بالغرض المقصود للمؤلف من تخير الأحاديث المعتبرة، والحسن يجتمع مع الصحيح في هذا القدر، ويستدل به في الأحكام فضلًا عن الترغيب والترهيب الذي أورد المؤلف أحاديثهما في هذا الكتاب.

ورياض الصالحين للإمام النووي يتفق مع الترغيب والترهيب للمنذري في قيمته العظيمة، وتحري الدقة في تحرير الأحاديث، وفي شرح غريبها، وإن كان يمتاز على الترغيب والترهيب في تصدير أكثر موضوعاته بتوضيح يصور المراد منها، وإيراد آيات من القرآن الكريم تتصل بهذه الأبواب، وإنه لم يذكر فيه حديثًا ضعيفًا، وأنه أوجزه بتخير أحاديثه إلى درجة سهلت تناوله وتداوله، ويسرت الانتفاع بما حواه من السُّنَّة وأنه أطلق نفسه من الالتزام بأبواب الفقه، ومسايرتها، كما يمتاز كتاب الترغيب والترهيب للمنذري بكثرة ما فيه من مادة غزيرة في أحاديث الترغيب والترهيب تجعله عدة ينتفع بها من أراد دراسة هذا النوع من السُّنَّة، نفع الله بهما المسلمين.

الزواجر في النهي عن اقتراف الكبائر:
للعلامة ابن العباس أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيثمي المتوفى سنة973هـ:
وإنما أوردته بين كتب الحديث الخاصة بالترغيب والترهيب لأنه هو الكتاب الذي رأيناه يتمثل فيه هذا النوع من الأحاديث، ولأنه اشتمل من أحاديث الترهيب من الكبائر على ما يتعسر تحديده وتعداده لكثرته البالغة، ولما فيه من خصوبة في هذا الباب ينبغي توجيه الأنظار إليها، على أنه في الكثير من أبوابه التي يذكر أنه رتبها على أبواب الفقه الشافعي تيسيرًا على القراء كما يقول يتقدم بين يديها بإيراد كثير من الآيات القرآنية تبركًا بها، وتعزيزًا لما يورده من الأحاديث دليلًا على ما يذكره من الكبائر، ومع أنه فيما يورده من آيات يلتزم أن يفسر بعضها بالآثار من كلام الصحابة والتابعين إن احتاجت الآيات إلى التفسير ووجد إلى ذلك سبيلًا.

ولا ينبغي أن يمنعنا من إيراده هنا ما أضافه المؤلف -إلى ما أورده فيه من حديث- من تعليقات يطلق عليها اسم التنبيهات شرحًا لما ارتضاه استنتاجًا من هذه الأحاديث، وبيانًا لما وقع من خلاف في بعض دلالاتها، فإن الناحية البارزة في الكتاب ما يغمره من الأحاديث الكثيرة التي اختارها استدلالا لآرائه في تحديد نوع الكبائر، والتي تترك القارئ وهو يعتبر الكتاب من كتب الحديث ذات الشأن والبال.

والكتاب يقع في جزأين كبيرين في مجلد، وأول الجزأين في تسع وستين ومائتي صفحة، وثانيهما في أربع وستين ومائتي صفحة من القطع الكبير.

تناول المؤلف فيه الكلام على اثنين وستين وأربعمائة كبيرة قسمها قسمين:
1- الكبائر الباطنة وما يتبعها مما ليس له مناسبة بخصوص أبواب الفقه، وذلك مثل كبائر الشرك الأكبر، والشرك الأصغر، والغضب بالباطل، والحقد والحسد، والكبر، والعجب، والخيلاء، والغش، والأمن من مكر الله، واليأس من رحمة الله، وكتم العلم، وتعلم العلم للدنيا، وما إلى ذلك مما هو أقرب غلى علوم الصوفية ومعارفهم، وما تناول الإمام الغزالي وأمثاله دراسته ترغيبًا وترهيبًا وتوجيهًا إلى التهذيب ومكارم الأخلاق، وقد أورد من هذه الكبائر ستًّا وستين كبيرة.

2- الكبائر الظاهرة التي رتبها على ترتيب فقه الشافعية -كما دل على ذلك في مقدمة كتابه- وذلك مثل الأكل أو الشرب في آنية الذهب أو الفضة، وكبيرة نسيان القرآن، وكبيرة الجدال والمراء -وذلك بمناسبة ذكر القرآن- وكبيرة التغوط في الطرق، وعدم التنزه من البول في البدن أو الثوب وترك شيء من واجبات الوضوء، وترك شيء من واجبات الغسل، وكشف العورة لغير ضرورة ووطء الحائض، وتعمد ترك الصلاة، ونحو ذلك من الكبائر المتعلقة بالعبادات.

ومثل كبيرة التبتل أي ترك التزوج، وكبيرة نظر الأجنبية بشهوة مع خوف الفتنة، وما إلى ذلك، وكبيرة الغيبة والسكوت عليها رضًا وتقريرًا. وكذلك كبيرة المطلق بالتحليل، وطواعية المرأة المطلقة عليه، ورضا الزوج المحلل له، وكبيرة إفشاء الرجل سر زوجته، وإفشائها سره، وإتيان الزوجة أو السرية في دبرها، وأن يتزوج امرأته وفي عزمه ألا يوفيها صداقها، وكبيرة التطفل وهو الدخول على طعام الغير، ومثل كبيرة سؤال المرأة زوجها الطلاق من غير بأس، وكبيرة الدياثة والقيادة بين الرجال والنساء، وكبيرة وطء الرجعية قبل ارتجاعها، وكبيرة الظهار، وكبيرة اللعان وكبيرة سب المسلم والاستطالة في عرضه، وما إلى ذلك من الكبائر المتعلقة بالمعاملات.

ومجموع ما أورده من الكبائر الظاهرة ست وتسعون وثلاثمائة كبيرة.

ولعلنا بهذا العرض لمفردات من هذه الكبائر في هذا التصوير للنوعين من الكبائر الباطنة والظاهرة ننبه القراء إلى أن أمورًا كثيرة مما هو من صميم المعاصي قد خفيت على كثير من العامة، بل الخاصة أنفسهم، ونلفت نظر كل دارس للعلم إلى وجوب الاطلاع على مثل هذا الكتاب القيم النفيس على كل مسلم ومسلمة؛ محافظة على أنفسهم من مخاطر هذه المعاصي، والتخلص منها جهد الاستطاعة لسلامة الدين.

وقد بدأ المؤلف كتابه -قبل ذكر الكبائر- بخطبة أشار فيها إلى بيان الداعي إلى تأليفه وأنه قد ظفر بكتاب منسوب لإمام عصره الحافظ الذهبي لتعرف هذا النوع من العلوم الإسلامية فلم يشف هذا الكتاب أوامه؛ لأنه استروح فيه استرواحًا، تجل مرتبته عن مثله -يريد أنه تسامح في عرض بعض الكبائر بما قد يجرئ بعض العصاة، ولأنه أورد فيه أحاديث وحكايات لم يعز كلا منها إلى محله، مع عدم إمعان نظره في تتبع كلام الأئمة، وعدم تعويله على كلام من سبقه إلى تلك المسالك، فيقول: إن ذلك دعاه -مع ما تفاحش من ظهور الكبائر، وعدم أنفة الأكثر عنها في الباطن والظاهر- إلى الشروع في تأليف يتضمن ما قصده، ويتكفل ببيان جميع ما قدمه، ويكون في هذا الباب زاجرًا أي زجر، وواعظًا أي وعظ، ولهذا أسماه الزواجر عن اقتراف الكبائر.

ثم ذكر في خطبة الكتاب أنه رتبة على مقدمة في تعريف الكبيرة، وما وقع للناس في تعريفها وفي عددها وما يتعلق بذلك، وبابين: الأول في الباطنة، والثاني في الظاهرة -كما قلنا- ثم أورد تلك المقدمة المعرفة للكبيرة، وأردفها ببيان تلك الكبائر التي أسلفنا عددها والتمثيل لها.



الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب   الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب Emptyالأحد 26 مايو 2024, 7:18 pm

ثم ذكر خاتمة في آخر الكتاب أورد فيها أربعة أمور:
1- ما جاء في فضائل التوبة ومتعلقاتها.
2- في ذكر الحشر والحساب والشفاعة وما إلى ذلك، وأورد فيه فصولًا: أحدها في الحشر وغيره، والثاني في الحساب وغيره، والثالث في الحوض والميزان والصراط، والرابع في الإذن في الشفاعة.
3- في ذكر النار وما يتعلق بها.
4- في الجنة ونعيمها.


وفي الحق لقد جاء هذا الكتاب نفيسًا وافيًا، وقيمًا كافيًا، ما رأينا ولا سمعنا له بضريب في تحقيقه واستيعابه، وما فيه من صور الأمانة والدقة والإخلاص للعلم، لولا هنات يسيرة وقعت فيه، ترجع إلى تساهله -وهو أولى الناس بالتحقيق- في بيان مراتب كثير من الأحاديث التي أوردها مما يحتاج إلى ذلك، وإن كان قد نبه إلى مصادرها، والمراجع التي أخذها منها.

وإنما قلنا: يترك بيان كثير من الأحاديث لأنه أحيانًا ينبه إلى ذلك ولا يغفله، فقد جاء في التعليق على الحديث الذي أوله: "كان صلى الله عليه وسلم بقباء وكان صائمًا1..." الحديث قوله: قال شيخ الإسلام الزين العراقي: قال الذهبي في الميزان: إنه خبر منكر، وكما جاء أيضًا في تعليقه على خبر أوله: "كان صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه في بيت يأكلون2..." إلى أن يقول: "فما مات هذا الرجل حتى كانت به زمانة" كذا في الإحياء، قال شيخ الإسلام الزين العراقي: لم أجد له أصلًا والموجود حديث أكله صلى الله عليه وسلم مع مجذوم.

رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وقال: غريب، وكتعليقه في نفس الصفحة على حديث: "أربع لا يعطيهن الله إلا لمن يحب..." بقوله رواه الطبراني والحاكم بلفظ: "أربع لا يصبن إلا بعجب" وقال الحاكم: صحيح الإسناد، واعترض بأنه فيه من قال ابن حبان في حقه: إنه يروي الموضوعات ثم روى له هذا الحديث.

وهذا مسلك واضح في بيان مرتبة الحديث عند أهل الشأن.

ونستطيع أن نسجل أن المؤلف -في كتابه هذا- لا يلتزم حالًا واحدة في تقويم الأحاديث بل نراه كثيرًا يفرط بترك التقويم، وتارة يبالغ في أمره، وأحيانًا يتوسط، ولعل مما يبرر له ترك التقويم -أحيانًا- أنه يعتمد على كثرة ما يورده في الاستدلال، وأنه يعزو بعض ما يورده إلى ما ثبتت صحته من كتب السُّنَّة، كالصحيحين أو أحدهما، وصحيح ابن حبان وصحيح ابن خزيمة، ولا سيما أنه بنى الكتاب على الاختصار الدقيق، حتى إنه كثيرًا ما يحذف الراوي، وكثيرًا ما يحذف اسم النبي صلى الله عليه وسلم اعتمادًا على أنه يروي أحاديث، وأنه يريد أن يفسح المجال لذلك الطوفان الذي قدمه للقراء من الأحاديث جهد طاقته، فجزاه الله خيرًا وتغمده برحمته ورضوانه.
----------------------------
1 الزواجر ج1 ص77.
2 الزواجر ج1 ص78.
(1/231)
----------------------------

ولعله يكون من الخير أن نقف القارئ الكريم على أمثلة مما فعله المؤلف، ومن إسهاب في التخريج أو اقتصار فيه، ومن ذكر للتقويم أو إغفال له، ومن بيان لمن روى الحديث أو ترك لهذا البيان، فإن في ذلك تصويرًا للكتاب، وإيضاحًا لمنهجه ومسلك المؤلف فيه:
1- فمما اقتصر فيه ولم يورد إلا راويًا واحدًا وأتبعه بسيل من الأحاديث لا يدري القارئ أهو من رواية الراوي الذي ذكره، أو هو من رواية غيره، ولم يخرج منها إلا حديثًا واحدًا -على ما يبدو- وأغفل تقويمها جميعًا، ذلك الذي أورده في "خاتمة" في ذكر شيء من فضائل كظم الغيظ والعفو والصفح والحلم والرحمة والحب في الله تعالى قال: قال1 ابن مسعود: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًّا من الأنبياء وقد ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعملون"، "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". ومسلم: "إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة". قاله لأشج عبد القيس كما يأتي: "إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على سواه"، "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه"، "من يحرم الرفق يحرم الخير كله"، "إن الله عز وجل كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته"، "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا بيده قط ولا امراة ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله عز وجل فينتقم لله عز وجل".

2- ومما اعتدل في تخريجه وتقويمه، ولم يذكر في بعضها رواته ما أورده في قوله: وقال صلى الله عليه وسلم2: "يخرج من النار عقرب له أذنان تسمعان ... " الحديث، قال في آخره رواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب.

وكذلك قوله:3
وفي أخرى صحيحة أيضًا: "احذروا بيتًا يقال له الحمام" فقالوا: يا رسول الله يذهب الدرن -أي الوسغ- وينفع المريض، قال: "فمن دخله فليستتر". زاد الطبراني في أولهما: "شر البيوت الحمام ترفع فيه الأصوات، وتكشف فيه العورات".

وفي صحيحة أيضًا: إن نساء من حمص أو الشام دخلن على عائشة رضي الله عنها فقالت: أنتن اللاتي تدخلن نساءكم الحمام؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت الستر بينها وبين ربها"، وفي رواية لأحمد والبزار والطبراني: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر..." الحديث، وفي أخرى في سندها ابن لهيعة: إن عائشة رضي الله عنها سألته صلى الله عليه وسلم عن الحمام فقال: "إنه سيكون بعدي حمامات، ولا خير في الحمامات للنساء"، فقالت: يا رسول الله إنها تدخله بإزار فقال: "لا وإن دخلته بإزار ودرع وخمار، وما من امرأة تنزع خمارها في غير بيت زوجها إلا كشفت الستر فيما بينها وبين ربها".

----------------------------
1 الزواجر ج1 ص65.
2 الزواجر ج1 ص70.
3 الزواجر ج1 ص129
----------------------------

وإن من بين ما أوردناه هنا من الأمثلة ما لم يذكر له تخريجًا، ومن بينه ما لم يبين درجته اعتمادًا على وروده في الصحاح، ومن بينه ما ذكر في سنده راويا بعينه معروفًا بضعفه ليستغنى به عن ذكر درجة الحديث.

3- ومما خرجه ولم يقومه ما ذكره في القدر من أحاديث عزاها إلى أصولها، واكتفى بذلك عن تقويمها حيث قال1: وورد في القدر أحاديث كثيرة غير ما مر، أحببت ذكر أكثرها لعظم فائدتها وعموم عائدتها.
منها: أخرج ابن عدي: "من كذب بالقدر فقد كفر بما جئت به". وأبو يعلى: "من لم يؤمن القدر خيره وشره فأنا منه بريء". وأحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم: "لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع..." الحديث، والطبراني في الأوسط: "من لم يرض بقضاء الله، ويؤمن بقدر الله فليلتمسن إلهًا غير الله" والحاكم: "لا يغني حذر عن قدر". والبيهقي: قال الله تعالى: "من لم يرض بقضائي وقدري فيلتمس ربًّا غيري" والحاكم وابن عدي والطبراني: "خلق الله يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمنًا". إلى آخر ما أورده من أحاديث في القدر.

وكذلك ما أورده في خاتمة في بعض أحاديث منها على أمور مهمة تتعلق بالقرآن2، فقد ذكر الأصول التي وردت هذه الأحاديث فيها، ولم يقوّم من هذه الأحاديث رغم كثرتها إلا حديثًا واحدًا قال فيه: والبيهقي وضعفه عن أبي بن كعب.

4- وأحيانًا نرى المؤلف يعنى بتقويم الأحاديث، فيبين درجتها، وينص على رتبتها، ومع بيان تخريجها في بعض الأحيان، وذلك كما ورد في بعض الأحاديث حيث قال3: 

وابن شاهين وقال: غريب، وابن عساكر: "كان في بني إسرائيل جدي ترضعه أمه..." وساق الحديث، ثم قال: والترمذي وابن سعد والحاكم وصححه لكن تعقب: "يا عائشة إذا أردت اللحوق بي فلكيفك من الدنيا كزاد الراكب..." الحديث، ثم قال: والترمذي وحسنه النسائي والدارقطني عن أبي هريرة وأحمد والطبراني عن ابن عباس وابن عساكر عن ثوبان: "إن الدين النصيحة..." الحديث.

وكما أورد في الكبيرة الأربعين حين قال4: وأخرج الترمذي وحسنه عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى يابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي..." الحديث، وقال بعد ذلك: وعن أنس بسند حسن أنه صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت فقال: "كيف تجدك..." الحديث، وفي الكبيرة الثالثة والأربعين5 قوم بعض الأحاديث التي أوردها، فقال في أحدها: والترمذي وقال: حديث غريب وابن أبي الدنيا والحاكم شاهدًا والبيهقي، وقال في آخر: وابن ماجه

----------------------------
1 الزواجر ج1 ص 103.
2 الزواجر ج1 ص123.
3 الزواجر ج1 ص83.
4 الزواجر ج1 ص89.
5 الزواجر ج1 ص91.
----------------------------

وحبان في صحيحه، والبيهقي بسند فيه من احتج به الشيخان، وغيرهما ولا التفات لمن شذ فيه، وقال في ثالث: وصح بسند فيه انقطاع، وقال في رابع: وابن ماجه بسند رواته ثقات.

5- وإن المؤلف في بعض أحيانه، وفي ختام دراسته لبعض الكبائر وما يورده بشأنها من أحاديث يذكر خاتمة يقول عنها: إنها في سرد أحاديث صحيحة وحسنة، وذلك مثل ما فعله في ثواب المتحابين في الله تعالى1، وفي فضل الصلاة والسلام على نبينا صلى الله عليه وسلم2.

هذا ما سنح لنا من عرض لعمل المؤلف في الكتاب، بالنسبة لما يورده فيه من أحاديث.



الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب   الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب Emptyالأحد 26 مايو 2024, 7:18 pm

وأما طريقة عرضه للزواجر والاستدلال لها

فإنه -بعد أن يذكر عنوان الكبيرة- كثيرًا ما يورد آيات من القرآن الكريم للاستدلال على أنها كبيرة، ثم يورد طائفة كثيرة من الأحاديث النبوية تدل على مبلغ إحاطته العظيمة بالسُّنَّة، ثم يورد بعدها بعض التنبيهات المتعلقة بتلك الكبيرة، فهو بعد كبيرة الشرك -مثلًا- يذكر جملة من أنواعه لكثرة وقوعه في الناس وعلى ألسنة العامة، ويشبعه أيضًا بأدلة من الكتاب والسُّنَّة النبوية في تنبيه، ثم يبين أن الشرك لا يغفره الله، ويدفع التعارض بين بعض الأدلة وبعض في هذا المقام في تنبيه آخر، ويذكر حكم من نطق بكلمة الردة ويزعم أنه أضمر التورية في تنبيه ثالث، ويذكر أنه لا يحصل الإسلام من كافر أصلي أو مرتد إلا بنطقه بالشهادتين في تنبيه رابع، ويذكر مذهب أهل الحق في الإيمان عند الغرغرة أو عند معاينة العذاب بالاستئصال في تنبيه آخر، ويذكر ما دلت عليه الآيات والأحاديث من أن عذاب الكفار في جهنم دائم في تنبيه آخر، فإذا انتقل إلى كبيرة الشرك الأصغر -وهو الرياء- ذكر أدلته من الكتاب والسُّنَّة التي تتجاوز أحاديثها مائة حديث، ويضيف إلى هذه الأدلة الإجماع، ثم يعقب على ذلك بتنبيهات: منها تنبيه في حقيقة الرياء وحده، وكونه تارة يكون بالفعل وتارة يكون بالقول، وتنبيه في أن الرياء حيث أطلق على لسان الشرع فالمراد به المذموم، وما يترتب عليه من بطلان العبادة، وقد يطلق الرياء على أمر مباح شرعًا نحو الجاه والتوقير كالتزين باللباس والنظافة وما إلى ذلك ويستدل عليه، وتنبيه في تحرير اختلاف العلماء في إحباط العمل كلًّا أو بعضًا، وتنبيه في تقسيم الرياء إلى درجات متفاوتة في القبح، وتنبيه إلى ما ورد في الخبر: "أن من الرياء ما هو أخفى من دبيب النمل" وما يتصل بذلك وتنبيه في طريق معالجة الرياء ومغالبته حتى يحصل الإخلاص، ثم يختم هذا الموضوع بخاتمة في الإخلاص والترغيب فيه، ويسوق ما ورد في ذلك من الكتاب والسُّنَّة.

فإذا انتقل إلى الكبيرة الثالثة، وأورد ما يدل عليها من الكتاب والسُّنَّة، من الأدلة التي تبلغ العجب كثرة فإنه ينتقل إلى تنبيهات تتعلق بقوة الغضب ومحلها، والحكمة من استعمالها، ومناقشة ما يقال من أن الرياضة تزيل قوة الغضب وما يتصل بذلك.

ثم يلحق به كبيرة الحقد والحسد، ويبين مراتب كل وطريق علاجه، ويتبع ذلك بخاتمة في فضائل كظم الغيظ والعفو والصفح والحلم والرحمة، ويورد عددًا جمًّا من الأحاديث النبوية الكريمة في ذلك هذا هو مسلكه المطرد من الكبائر الباطنة.

----------------------------
1 الزواجر ج1 ص110.
2 الزواجر ج1 ص116.
----------------------------

وإنه لا يخرج عن مسلكه هذه في الكبائر الظاهرة التي رتبها على أبواب الفقه، فهو -مثلًا- يبدأ بذكر كبيرة الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة، ويذكر ما يدل على ذلك من السُّنَّة النبوية، ثم يتبعه بتنبيهات، أحدها بيان الاختلاف في أنه كبيرة أو صغيرة، والثاني بيان ما ألحق بالأكل والشرب من وجوه الاستعمال، والثالث بيان أنه لا فرق في تحريم ذلك بين الرجال والنساء، بالأكل والشرب من وجوه الاستعمال، والثالث بيان أنه لا فرق في تحريم ذلك بين الرجال والنساء، ثم ينتقل إلى كبائر الأحداث، فيذكر نسيان القرآن أو آية منه فيستدل على ذلك، ثم يذكر تنبيهات: منها ما يبين به الخلاف في كونه كبيرة، ومنها ما يفسر به بعض ألفاظ الحديث، فيبين المراد بالأجذم في عقاب من ينسى القرآن ومنها ما قيد به بعض الفقهاء محل اعتبار ذلك كبيرة، ومنها بيان ما يقال في حكم حفظ جميع القرآن، ثم ينتقل إلى جريمة الجدال والمراء في القرآن فيستدل لها بعدة أحاديث، ثم يذكر تنبيهًا يبين فيه أنه لم يسبق إلى عد هذا النوع كبيرة، ولكن الأدلة تدل عليه ويفصل ذلك، ثم يذكر خاتمة في بضع أحاديث تنبه إلى أمور مهمة تتعلق بالقرآن، وهذا مسلكه في أمور العبادات.

وهو أيضًا في المعاملات لا يختلف عن ذلك، فهو -مثلًا- يذكر من الكبائر إضاعة عياله كأولاده الصغار، ويستدل لها ببعض الأحاديث، ولكنه يستطرد بعد ذلك بإيراد تنبيه في أن ذكرها في الكبائر ظاهر لما يدل عليه، ولأنه من أقبح الظلم، ثم يذكر فائدة في ذكر ما ورد من الحث على الإحسان إلى الزوجة والعيال -ولا سيما البنات- ويذكر عددًا عديدًا من الأحاديث دليلًا على ذلك، ثم يذكر حقوق الوالدين أو أحدهما وإن علا فيستدل له من الكتاب والسُّنَّة بما فوق المائة الدليل، ويتبع ذلك بتنبيه في كون العقوق من الكبائر مما اتفقوا عليه، ونقول عن العلماء في ذلك، ثم يتبع هذا كله بأحاديث في بر الوالدين وصلتهما، وتأكيد طاعتهما والإحسان إليهما، وبر أصدقائهما من بعدهما.

ولعلنا بهذه الدراسة الموجزة، وبعد ما أوردناه من أمثلة تبين مسلك المؤلف بذكر الآيات والأحاديث والآثار، بل والإجماع -أحيانًا- فيما يذكره من الكبائر، والاستطراد -أحيانًا أخرى- بذكر ما يقابل تلك الكبائر من الفضائل ترغيبًا فيها وحثًّا عليها، مستشهدًا لذلك ومستدلًّا عليه، وما أورده من خاتمة قيمة هي جديرة أن تصلح شأن من انتفع بها، واهتدى بهدايتها لعلنا بذلك نكون قد قضينا بعض الحق بالتوجيه إلى ذلك الكتاب العظيم، والتنبيه إلى فضله وغزارة ما فيه من أحاديث، حتى لنستطيع أن نحكم بأنه كنز من كنوز العلم، وفيض من التراث الإسلامي لا نظير له في منهجه وبابه، ونسأل الله التوفيق.

الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية:
للشيخ محمد عبد الرءوف المناوي الحدادي القاهري المتوفى سنة 1031هـ:
تمهيد:
الحديث القدسي: هو الحديث الذي يضيفه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل بقوله: قال الله عز وجل، أو يقول الله تعالى، أو نحو ذلك، ولكون الحديث القدسي من رواية النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل فإنه يندمج في الأحاديث النبوية ويذكر بينها في جميع كتب السُّنَّة، إلا أن بعض المؤلفين خص هذا النوع بالتأليف منفردًا لعلو مرتبته من حيث إضافته إلى الله عز وجل وإن كان في درجته يخضع لقواعد التحديث وأصوله من حيث الصحة والحسن، وربما اتصف بالوضع إذا كان في رواته من يبرر الحكم عليه بذلك، أو كان مما أضيف إلى الله عز وجل من غير سند كما يقع في بعض المؤلفات من كتب الوعظ التي لا يهم أصحابها التدقيق في تخريج الأحاديث لتقويمها، بقدر ما يهمهم أن يروجوا للموضوع الذي يستشهدون له ترغيبًا أو ترهيبًا.

وإنما اهتم بعض المؤلفين بالكتابة في هذه الأحاديث على حدة لأن في نسبة النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأحاديث إلى الله عز وجل ما يرفع مستواها، مما يجعل النفوس المؤمنة تتقبلها بقبول حسن، ويهتز الشعور الطيب لها فيقبل على العمل بما تدعو إليه.

والأحاديث القدسية في هذا الكتيب وفي غيره تدور حول الترغيب في فضائل الأعمال والترهيب من رذائلها، ولهذا يحشد فيها كثير من الأحاديث الضعيفة والمنكرة كما لمسنا ذلك في تنبيه أحد المصنفين، وهو الشيخ محمد المدني المتوفى سنة إحدى وتسعين ومائة وألف، فإنه ألف كتابًا في الأحاديث القدسية، وأورد فيه عددًا من الأحاديث أكثر مما عرف فيما ألف من الكتب في هذا الباب، فإن أحاديثه القدسية بلغت أربعًا وستين وثمانمائة، وهي تربو على أضعاف ما في هذا الكتاب الذي لا تتجاوزو أحاديثه اثنين وسبعين ومائتين من الأحاديث القدسية، كما أُحصي ذلك بالأرقام في طبعة الشيخ منير الدمشقي.

وقد تناول المحدثون التفرقة بين الحديث النبوي والقرآن وبينه وبين الحديث القدسي، فأوردوا أن القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، المتعبد بتلاوته المتحدي بأقصر سورة منه، وهذان القيدان: التعبد بالتلاوة والتحدي، يخرج كل منهما الحديث القدسي عن دائرة القرآن، وهذا إذا اعتبرنا أن الأحاديث القدسية منزلة بلفظها على النبي صلى الله عليه وسلم، وبه يقول بعض المحدثين، ثم يعتبرونه فرقًا بين الحديث القدسي والحديث النبوي، وأما إذا قلنا: إن المعنى في الأحاديث القدسية من عند الله عز وجل واللفظ للنبي صلى الله عليه وسلم فإن الأحاديث القدسية تكون بهذا خارجة عن القرآن من أول التعريف؛ لأنها ليست من كلام الله بهذا الاعتبار.

والحق أن الأحديث القدسية معناها من الله تعالى ولفظها من النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تختلف بهذا الاعتبار عن الأحاديث النبوية، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم حين يضيفها إلى الله عز وجل إنما يفعل ذلك في أمر يريد أن ينبه إليه النفوس ويوقظها اعتناء بشأنه، كما يتجلى ذلك في أغراض الأحاديث القدسية ومعانيها التي تدور حولها.



الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب   الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب Emptyالأحد 26 مايو 2024, 7:18 pm

وقد فرق بعضهم1 بين الحديث القدسي والقرآن بفروق:
منها أن نزول القرآن لا يكون إلا بواسطة الروح الأمين ويكون مقيدًا باللفظ المنزل من اللوح المحفوظ، ثم يكون نقله متواترًا قطعيًّا، ومنها عدم صحة الصلاة بالأحاديث القدسية، وعدم حرمة لمسها وقراءتها للجنب والحائض، وعدم تعلق الإعجاز بها، وعدم كفر جاحدها، ونقل عن كل من الكرماني -شارح البخاري- والطيبي وابن حجر ما يؤيد هذه الفروق.

ويرجع مبدأ التأليف في هذا النوع -فيما انتهت إليه دراستنا- إلى القرن السابع الهجري الذي نشأ فيه محيي الدين بن عربي المتوفى سنة ثمان وثلاثين وستمائة للهجرة2 فقد ذكر في بعض تراجمه أنه جمع في الأحاديث القدسية مائة حديث وواحدًا3، وسماه مشكاة الأنوار فيما روي عن الله سبحانه وتعالى من الأخبار، ثم تبعه الشيخ الإمام ملا علي القارئ المتوفى سنة أربع عشرة وألف للهجرة، وقد نقل الزركلي أنه ألف أربعين حديثًا مخطوطة في الأحاديث القدسية4.

ثم جاء من بعده الشيخ عبد الرءوف المناوي5 المتوفى سنة إحدى وثلاثين وألف -على ما ذكره صاحب الرسالة المستطرفة وذكر أنه الصواب في تاريخ وفاته- فألف في الأحاديث القدسية كتابًا سماه الإتحافات السنية، أورد فيه ما وقف عليه منها، مرتبًا إياه على حروف المعجم في مجلد لطيف، لكن بغير إسناد، ثم جاء من بعده الشيخ عبد الغني النابلسي المتوفى سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف، فجمع في الأحاديث القدسية كتابًا لم يذكر عدد أحاديثه، ولكنه يذكر في ترجمة الشيخ النابلسي دون بيان لاسم كتابه هذا أو عدد أحاديثه، ثم جاء من بعد ذلك عالم جليل هو الشيخ محمد المدني من فقهاء الحنفية المتوفى سنة مائتين وألف للهجرة، فألف كتابًا سماه باسم كتابنا هذا -الإتحافات السنية- حشد فيه أكثر ما وصل إليه علمنا من المؤلفات حيث جمع ما بلغ به أربعا وستين وثمانمائة حديث قدسي، وقال في آخره: هذا قصارى ما وجدته من الأحاديث القدسية بالتتبع، والاستقراء يقتضي أكثر من هذا، وبين أن غالبها مأخوذ من جميع الجوامع للسيوطي، ومن غيره قليلًا كما هو مبين في غزو الأحاديث إلى مآخذها.

----------------------------
1 الإتحافات السنية للشيخ محمد المدني ص302 طبع مكتبة الكليات سنة 1970م.
2 شذرات الذهب ج5 ص190.
3 الرسالة المستطرفة ص61.
4 من مقدمة الإتحافات السنية ص8.
5 الرسالة المستطرفة ص61 و138.
----------------------------

وقد عني المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة -بما له من الأهمية والاهتمامات في عصرنا الحاضر- بهذا النوع من الأحاديث، فشكل لجنة لجمعه من مظانه المختلفة من الجوامع والمسانيد، وأبرزت منه جزأين يشتملان على مجموعة كبيرة من الأحاديث القدسية وشرحها، ويبدو أنه خير ما وقفنا عليه ترتيبًا وتنقيحًا وتهذيبًا وتخريجًا، وهي على نظام الجوامع كالبخاري ومسلم، وأحاديثها أقرب إلى القبور لتخير تلك اللجنة لها من أمهات الكتب الحديثية ومشاهيرها.

وبعد هذا يسعنا أن نتناول هذا الكتاب بالدراسة؛ إذ إنه يدخل ضمن عصور كتابنا، وتسري عليه أوصاف تلك العصور.

كتاب الإتحافات السنية للمناوي:
قضت ظروف البحث أن تدرس هذا الكتاب لأنه -كما ذكرنا- أقرب الكتب لمحدث مصري إلى عصورنا التي نتناولها بالدراسة، وعذرنا واضح في وقوع الاختيار على هذا الكتاب لأنه ليس لدينا من الكتب المؤلفة لمصريين في هذا الموضوع من الأحاديث القدسية غيره، وقد يؤيد عذرنا في ذلك أن الفوارق الدقيقة بين العصور ليست مما يظهر له أثر في اختلاف الصفات والمميزات، فإن المؤلف وقد توفي في بداية القرن الحادي عشر ليس بغريب أن يكون قد ألف كتابه هذا في أواخر القرن العاشر، وهو من عصور دراستنا، فقد نقل ناشر الكتاب الشيخ محمد منير الدمشقي أنه وجد في خطبة هذه الرسالة: لمحمد المدعو "تاج الدين المناوي"، وفي طرة الرسالة: جمع الفقير الحقير الراجي فضل ربه القدير محمد المدعو تاج الدين المناوي الحدادي، وفي فهرس دار الكتب المصرية: محمد تاج الدين محمد بن علي بن زين العابدين، وفي كشف الظنون هو الشيخ محمد المعروف بعبد الرءوف المناوي الحدادي... وأوله "الحمد لله الذي نزل أهل الحديث أعلى منازل الشرف"، وقد وجد الشيخ فرصة لاختيار رأي بين هذه الخلافات فقال: والصواب على ما يظهر من ترجمة الحافظ عبد الرءوف بن تاج العارفين علي بن زين العابدين أنه لعبد الرءوف، إلا أنه لم يكمله، بل تركه مسودة، فجاء ولده تاج الدين وأكمله وبيضه ونسبه إلى نفسه؛ لأن والده عجز في آخر عمره -بسبب الأمراض- عن تكميل كثير من مؤلفاته كما جاء في كتاب خلاصة الأثر، فكان ولده محمد تاج الدين يستملي منه التآليف ويسطرها، لذلك نسب محمد تاج الدين الرسالة لنفسه في خطبتها، قال الناشر: وهذا ما اهتديت إليه بعد البحث العميق1.

والكتاب يقع في أربعة وستين صفحة من الحجم الصغير، وأحاديثه كلها دائرة حول الترغيب والترهيب، وهي مرتبة على حروف المعجم، وقد التزم المصنف أن يعزو كل حديث إلى مأخذه، فهو يأخذ من الطبراني في الأوسط، ومن الترمذي، ومن البيهقي، ومن مسلم، ومن أبي نعيم.

----------------------------
1 الإتحافات السنية ص3.
----------------------------

ومن أحمد، ومن أبي يعلى، ومن ابن عدي، ومن الحكيم، وينسب إلى المعاجم الثلاثة أجيانًا، ويأخذ عن البخاري وابن عوانة، وعن حميد بن زنجويه، وعن ابن عساكر، وعن القضاعي والديلمي، كما يأخذ عن النسائي وابن حبان، وتارة يعزو الحديث إلى الشيخين، ويأخذ عن ابن ماجه وابن جرير، وعن الحاكم والبزار، والشيرازي وابن النجار، والخرائطي والخطيب وابن الشيخ، كما يروى عن سمويه والبغوي وعبد بن حميد، وعن ابن أبي الدنيا وابن شاهين وعن الطبراني في الكبير، وعن ابن السني والرافعي والعقيلي، وعن تمام والخليلي وأبي نصر العجلي وعن ابن عبد البر معلقًا، وعن أبي موسى المديني والضياء، ولم يخرج في أخذه وروايته عن هؤلاء.

وكثير من هذه المراجع التي أخذ عنها الشيخ المناوي هذه المختارات الحديثية كنوز مختفية لا يظفر بمثلها المجتمع الإسلامي، لبعد العهد بها، وقلة تداولها لعدم الاهتمام بطبعها، ولكن هذا الكتاب ينقصه أن مؤلفه -رحمه الله- لم يعن بتقويم أحاديثه وبيان مراتبها، ولا سيما ما أخذ منها من غير المشاهير وهي كتب يعز الاطلاع عليها، ومحاولة تعرف السليم من السقيم منها، وكان من شأن هذا الإمام المؤلف أن يبين ذلك، وأن يكفي القارئ مؤنة تتبعها، وبذلك يستكمل الوصف الذي رأيناه في الترغيب والترهيب للعلامة المنذري، وقد كان هو أحق بالعناية بهذه الناحية في كتابه، لا سيما وأن أحاديثه قليلة، وأنه أضاف كثيرًا منها إلى كتب نص علماء الحديث على أنها من مظان الأحاديث الضعيفة كمسند الفردوس للديملي الذي قيل فيه: إنه يروي عددًا من الموضوعات.

وقد رأينا مؤلف كتابنا هذا -عبد الرءوف المناوي- يسلك مسلكًا دقيقًا عجيبًا في شرحه للجامع الصغير -كما سنبين ذلك بإذن الله في كتب الشروح- على كثرة ما في الجامع الصغير من الأحاديث، رأيناه يناقش الإمام السيوطي بالحُجَّة في درجات بعض الأحاديث، ويؤيد رأيه بنقول يرويها عن العلماء، فلعل إهماله في رعاية هذه الناحية في هذا الكتيب مما يؤكد القول بأنه -رحمه الله- توفي قبل أن يبيضه فتولى أمره ولده الذي لم يبلغ مبلغ أبيه في مقدرته العلمية، ومكانته الحديثية.



الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صحيح الترغيب والترهيب لللألباني (3)
» صحيح الترغيب والترهيب لللألباني (7)
» صحيح الترغيب والترهيب لللألباني (6)
» صحيح الترغيب والترهيب لللألباني (4)
» صحيح الترغيب والترهيب لللألباني (8)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: مـدرسـة الحـديث في مـصـــر-
انتقل الى: