منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الفصول في السيرة

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:04 pm



فصل - تحويل القبلة وفرض الصوم
وفي شعبان من هذه السنة حولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، وذلك على رأس ستة عشر شهراً من مقدمه المدينة، وقيل سبعة عشر شهراً، وهما في  الصحيحين.
وكان أول من صلى إليها أبو سعيد بن المعلى وصاحب له كما رواه  النسائي: وذلك أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس ويتلوعليهم تحويل القبلة، فقلت لصاحبي: تعال نصلي ركعتين فنكون أول من صلى إليها، فتوارينا وصلينا إليها، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس الظهر يومئذ.
وفرض صوم رمضان، وفرضت لأجله زكاة الفطر قبيله بيوم.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:05 pm



فصل - غزوة بدر الكبرى
نذكر فيه ملخص وقعة بدر الثانية، وهي الوقعة العظيمة التي فرق الله فيها بين الحق والباطل وأعز الإسلام، ودمغ الكفر وأهله، وذلك أنه لما كان في رمضان من هذه السنة الثانية بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عيراً  مقبلة من الشام صحبة أبي سفيان، صخر بن حرب، في ثلاثين أو أربعين رجلاً من قريش وهي عير عظيمة، تحمل أموالاً جزيلة لقريش، فندب صلى الله عليه وسلم الناس للخروج إليها، وأمر من كان ظهره حاضراً بالنهو ض، ولم يحتفل لها احتفالاً كثيراً، إلا أنه خرج في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، لثمان خلون من رمضان، واستخلف على المدينة وعلى الصلاة ابن أم مكتوم، فلما كان بالروحاء رد أبا لبابة بن عبد المنذر واستعمله على المدينة.
ولم يكن معه من الخيل سوى فرس الزبير، وفرس المقداد بن الأسود الكندي، ومن الإبل سبعون بعيراً يعتقب الرجلان والثلاثة فأكثر على البعير الواحد، فرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيراً، وزيد بن حارثة وأنسة وأبوكبشة موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمزة يعتقبون جملاً، وأبوبكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف على جمل آخر.. وهلم جرا.
ودفع صلى الله عليه وسلم  اللواء إلى مصعب بن عمير، والراية الواحدة إلى علي بن أبي طالب، والراية الأخرى إلى رجل من الأنصار، وكانت راية الأنصار بيد سعد بن معاذ، وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة.
وسار صلى الله عليه وسلم فلما قرب من الصفراء بعث بسبس بن عمرو الجهني، وهو حليف بني ساعدة، وعدي بن أبي الزغباء الجهني حليف بني النجار إلى بدر يتحسسان أخبار العير.
وأما أبو سفيان فإنه بلغه مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصده إياه، فاستأجر ضمضم ابن عمرو الغفاري إلى مكة مستصرخاً لقريش بالنفير إلى عيرهم ليمنعوه من محمد وأصحابه.
وبلغ الصريخ أهل مكة، فنهضوا مسرعين وأوعبوا في الخروج، ولم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أبي لهب، فإنه عوض عنه رجلاً كان له عليه دين، وحشدوا ممن حولهم من قبائل العرب، ولم يتخلف عنهم أحد من بطون قريش إلا بني عدي، فلم يخرج معهم منهم أحد.
وخرجوا من ديارهم كما قال الله عز وجل: " بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله " وأقبلوا في تحمل وحنق عظيم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما يريدون من أخذ عيرهم، وقد أصابوا بالأمس عمرو بن الحضرمي والعير التي كانت معه.
فجمعهم الله على غير ميعاد لما أراد في ذلك من الحكمة كما قال تعالى: "ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولًا".
ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج قريش استشار أصحابه، فتكلم كثير من المهاجرين فأحسنوا، ثم استشارهم وهو يريد بما يقول الأنصار، فبادر سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه فقال: يا رسول الله! كأنك تعرض بنا، فوالله يا رسول الله، لو استعرضت بنا البحر لخضناه معك، فسر بنا يا رسول الله على بركة الله.
فَسُرَّ صلى الله عليه وسلم بذلك وقال: "سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين".
ثم رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل قريباً من بدر، وركب صلى الله عليه وسلم مع رجل من أصحابه مستخبراً ثم انصرف، فلما أمسى بعث علياً وسعداً والزبير إلى ماء بدر يلتمسون الخبر، فقدموا بعبدين لقريش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي، فسألهما أصحابه لمن أنتما.؟ فقالا:نحن سقاة لقريش.
فكره ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وودوا أن لو كانا لعير أبي سفيان وأنه منهم قريب ليفوزوا به، لأنه أخف مؤونة من قتال النفير من قريش لشدة بأسهم واستعدادهم لذلك، فجعلوا يضربونهما، فإذا آذاهما الضرب قالا: نحن لأبي سفيان.
فإذا سكتوا عنهما قالا: نحن لقريش.
فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته قال: والذي نفسي بيده إنكم لتضربونهما إذا صدقا وتتركونهما إذا كذبا.
ثم قال لهما: أخبراني أين قريش؟ قالا: وراء هذا الكثيب.
قال: كم القوم؟ قالا: لا علم لنا.
فقال: كم ينحرون كل يوم؟ فقالا: يوماً عشراً ويوماً تسعاً: فقال صلى الله عليه وسلم: القوم ما بين التسعمائة إلى الألف "
وأما بسبس بن عمرو وعدي بن أبي الزغباء فإنهما وردا ماء بدر فسمعا جارية تقول لصاحبتها: ألا تقضيني ديني؟ فقالت الأخرى: إنما تقدم العير غداً أو بعد غد فأعمل لهم وأقضيك.
فصدقها مجدي بن عمرو .
فانطلقا مقبلين لما سمعا، ويعقبهما أبو سفيان، فقال لمجدي بن عمرو: هل أحسست أحداً من أصحاب محمد؟ فقال: لا إلا أن راكبين نزلا عند تلك الأكمة.
فانطلق أبو سفيان إلى مكانهما وأخذ من بعر بعيرهما ففته فوجد فيه النوى فقال: والله هذه علائف يثرب، فعدل بالعير إلى طريق الساحل، فنجا، وبعث إلى قريش يعلمهم أنه قد نجا هو والعير ويأمرهم أن يرجعوا.
وبلغ ذلك قريشاً، فأبى أبو جهل وقال: والله لا نرجع حتى نرد ماء بدر، ونقيم عليه ثلاثاً، ونشرب الخمر، وتضرب على رؤوسنا القيان، فتهابنا العرب أبداً، فرجع الأخنس بن شريق بقومه بني زهرة قاطبة، وقال: إنما خرجتم لتمنعوا عيركم وقد نجت، ولم يشهد بدراً زهري إلا عما مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله: والد الزهري، فإنهما شهداها يومئذ وقتلا كافرين.
فبادر رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً إلى ماء بدر، ونزل على أدنى ماء هناك، فقال له الحباب بن المنذر بن عمرو : يا رسول الله، هذا المنزل الذي نزلته أمرك الله به؟ أو منزل نزلته للحرب والمكيدة؟ قال: " بل منزل نزلته للحرب والمكيدة ".
فقال: ليس هذا بمنزل، فانهض بنا حتى نأتي أدنى ماء من مياه القوم فننزله، ونعور ما ورائنا من القلب، ثم نبني عليه حوضاً فنملؤه، فنشرب ولا يشربون.
فاستحسن رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ذلك، وحال الله بين قريش وبين الماء بمطر عظيم أرسله، وكان نقمة على الكفار ونعمة على المسلمين، مهد لهم الأرض ولبدها، وبني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش يكون فيه.
ومشى صلى الله عليه وسلم في موضع المعركة، وجعل يريهم مصارع رؤوس القوم واحداً واحداً، ويقول: " هذا مصرع فلان غداً إن شاء الله، وهذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان ".
قال عبد الله بن مسعود: فوالذي بعثه بالحق ما أخطأ واحد منهم موضعه الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة يصلي إلى جذم شجرة هناك، وكانت ليلة الجمعة السابع عشر من رمضان، فلما أصبح وأقبلت قريش في كتائها، قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم هذه قريش قد أقبلت في فخرها وخيلائها، تحادك وتحاد رسولك".
ورام الحكيم بن حزام وعتبة بن ربيعة أن يرجعا بقريش فلا يكون قتال، فأبى ذلك أبو جهل، وتقاول هو وعتبة، وأمر أبو جهل أخا عمرو بن الحضرمي أن يطلب دم أخيه عمرو، فكشف عن أسته وصرخ: واعمراه! واعمراه! فحمي القوم ونشبت الحرب.
وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف، ثم رجع إلى العريش هو وأبوبكر وحده، وقام سعد بن معاذ وقوم من الأنصار على باب العريش يحمون رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، ثلاثتهم جميعاً يطلبون البراز، فخرج إليهم من المسلمين ثلاثة من الأنصار، وهم: عوف ومعوذ ابنا عفراء، وعبد الله بن رواحة،  فقالوا لهم: من أنتم؟ فقالوا: من الأنصار، فقالوا: أكفاء كرام وإنما نريد بني عمنا، فبرز لهم علي وعبيدة بن الحارث وحمزة رضي الله عنهم، فقتل علي الوليد، وقتل حمزة عتبة، وقيل: شيبة، واختلف عبيدة وقرنه بضر بتين، فأجهد كل منهما صاحبه، فكر حمزة وعلي فتمما عليه واحتملا عبيدة وقد قطعت رجله، فلم يزل طمثاً حتى مات بالصفراء رحمه الله تعالى ورضي عنه.
وفي الصحيح أن علياً رضي الله عنه كان يتأول قوله تعالى " هذان خصمان اختصموا في ربهم " في برازهم يوم بدر، ولا شك أن هذه الآية في سورة الحج، وهي مكية، ووقعة بدر بعد ذلك، إلا أن برازهم من أول ما دخل في معنى الآية.
ثم حمي الوطيس، واشتد القتال، ونزل النصر، واجتهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء، وابتهل ابتهالاً شديداً، حتى جعل رداؤه يسقط عن منكبيه، وجعل أبو بكر يصلحه عليه  ويقول: يا رسول الله، بعض مناشدتك ربك، فإنه منجز لك ما وعدك.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض" فذلك قوله تعالى: "إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين" ثم أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءةً، ثم رفع رأسه وهو يقول: "أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثناياه النقع".
وكان الشيطان قد تبدَّى لقريش في صورة سراقة بن مالك بن جعشم زعيم مدلج، فأجارهم، وزين لهم الذهاب إلى ما هم فيه، وذلك أنهم خشوا بني مدلج أن يخلفوهم في أهاليهم وأموالهم، فذلك قوله تعالى: "وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جارٌ لكم فلَمَّا تراءت الفئتان نَكَصَ على عقبيه وقال إني بريءٌ منكم إني أرى ما لا ترون" وذلك أنه رأى الملائكة حين نزلت للقتال، ورأى ما لا قِبَلَ له به، ففر وقاتلت الملائكة كما أمرها الله، وكان الرجل من المسلمين يطلب قرنه، فإذا به قد سقط أمامه.
ومنح الله المسلمين أكتاف المشركين، فكان أول من فر منهم خالد بن الأعلم فأدرك فأسر، وتبعهم المسلمون في آثارهم، يقتلون ويأسرون، فقتلوا منهم سبعين وأسروا سبعين، وأخذوا غنائمهم.
فكان من جملة من قتل من المشركين ممن سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم موضعه بالأمس: أبو جهل، وهو أبوالحكم عمرو بن هشام لعنه الله، قتله معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعوذ بن عفراء، وتمم عليه عبد الله مسعود، فاحتز رأسه وأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسر بذلك.
وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسحبوا إلى القليب، ثم وقف عليهم ليلاً، فبكتهم وقرعهم، وقال: "بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم، كذبتموني وصدقني الناس، وخذلتموني ونصرني الناس - وأخرجتموني وآواني الناس".
ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرصة ثلاثاً.
ثم ارتحل بالأسارى والمغانم، وقد جعل عليها عبد الله بن كعب بن عمرو النجاري.
وأنزل الله في غزوة بدر سورة الأنفال، فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء قسم المغانم كما أمره الله تعالى، وأمر بالنضر بن الحارث فضربت عنقه صبراً، وذلك لكثرة فساده وأذاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرثته أخته، وقيل ابنته قتيلة بقصيدة مشهو رة ذكرها  ابن هشام، فلما بلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما زعموا: "لو سمعتها قبل أن أقتله لم أقتله".
ولما نزل عرق الظبية أمر بعقبة بن أبي معيط فضربت عنقه أيضاً صبراً.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار أصحابه في الأسارى: ماذا يصنع بهم؟ فأشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن يقتلوا، وأشار أبو بكر رضي الله عنه بالفداء، وهو ي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، فحلل لهم ذلك وعاتب الله في ذلك بعض المعاتبة في قوله تعالى: " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم * " الآيات.
وقد روى  مسلم  في  صحيحه  "عن ابن عباس رضي الله عنهما حديثاً طويلاً فيه بيان هذا كله، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداءهم أربعمائة أربعمائة ".
ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة [مؤيداً] مظفراً منصوراً، قد أعلى الله كلمته، ومكن له، وأعز نصره، فأسلم حينئذ بشر كثير من أهل المدينة، ومن ثم دخل عبد الله بن أبي بن سلول وجماعته من المنافقين في الدين تقية.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:06 pm



فصل - عدة أهل بدر
وجملة من حضر بدراً من المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً: من المهاجرين ستة وثمانون رجلا، ومن الأوس أحد وستون رجلاً ومن الخزرج مائة وسبعون رجلاً.
وإنما قل عدد رجال الأوس عن عدد الخزرج وإن كانوا أشد منهم وأصبر عند اللقاء، لأن منازلهم كانت في عوالي المدينة فلما ندبوا للخروج تيسر ذلك على الخزرج لقرب منازلهم.
وقد اختلف أئمة المغازي والسير في أهل بدر: في عدتهم، وفي تسمية بعضهم، اختلافاً كثيراً، وقد ذكرهم  الزهري، وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسحق بن يسار، ومحمد بن عمر الواقدي، وسعيد بن يحيى الأموي  في  مغازيه، والبخاري، وغير واحد من المتقدمين، وقد سردهم - كما ذكرتهم -  ابن حزم  في كتاب السيرة له، وزعم أن ثمانية منهم لم يشهدوا بدراً بأنفسهم وإنما ضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسهمهم، فذكر منهم: عثمان وطلحة وسعيد بن زيد.
ومن أجل من اعتنى بذلك من المتأخرين  الشيخ الإمام الحافظ ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي  رحمه الله تعالى، فأفرد لهم جزءاً وضمنه في أحكامه أيضاً.
وأما المشركون فكانت عدتهم كما قال صلى الله عليه وسلم ما بين التسعمائة إلى الألف.
وقتل من المسلمين يومئذ أربعة عشر رجلاً: ستة من المهاجرين، وستة من الخزرج، واثنان من الأوس.
وكان أول قتيل يومئذ مهجع مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقيل رجل من الأنصار اسمه حارثة بن سراقة.
وقتل من المشركين سبعون، وقيل: أقل، وأسر منهم مثل ذلك أيضاً.
وفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأن بدر والأسرى في شوال.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:06 pm



فصل - غزوة بني سليم
ثم نهض بنفسه الكريمة صلى الله عليه وسلم بعد فراغه بسبعة أيام لغزوبني سليم، فمكث ثلاثاً ثم رجع ولم يلق حرباً، وقد كان استعمل على المدينة سباع بن عرفطة وقيل ابن أم مكتوم.



فصل - غزوة السويق
ولما رجع أبو سفيان إلى مكة وأوقع الله في أصحابه ببدر بأسه، نذر أبو سفيان ألا يمس رأسه بماء حتى يغزورسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج في مائتي راكب، فنزل طرف العريض وبات ليلة واحدة في بني النضير عند سلام بن مشكم، فسقاه وبطن له من خبر الناس، ثم أصبح في أصحابه، وأمر فقطع أصواراً من النخل، وقتل رجلاً من الأنصار وحليفاً له ثم كر راجعاً.
ونذر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج في طلبه والمسلمون فبلغ قرقرة الكدر، وفاته أبو سفيان والمشركون، وألقوا شيئاً كثيراً من أزوادهم،   من السويق، فسميت غزوة السويق، وكانت في ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة، ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وقد كان استخلف عليها أبا لبابة.



فصل - غزوة ذي أمر
ثم أقام صلى الله عليه وسلم بقية ذي الحجة ثم غزا نجداً يريد غطفان، واستعمل على المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه، فأقام بنجد صفراً من السنة الثانية كله، ثم رجع ولم يلق حرباً



فصل - غزوة بحران
ثم خرج صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول الآخر يريد قريشاً، واستخلف ابن أم مكتوم فبلغ بحران معدناً في الحجاز، ثم رجع ولم يلق حرباً.



فصل - غزوة بني قينقاع
ونقض بنو قينقاع -أحد طوائف اليهو دبالمدينة- العهد وكانوا تجاراً وصاغة، وكانوا نحو السبعمائة مقاتل، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم لحصارهم، واستخلف على المدينة بشير بن عبد المنذر، فحاصرهم صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة، ونزلوا على حكمه صلى الله عليه وسلم، فشفع فيهم عبد الله بن أبي بن سلول، لأنهم كانوا حلفاء الخزرج، وهو سيد الخزرج، فشفعه فيهم بعد ما ألح على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا في طرف المدينة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:07 pm



فصل - قتل كعب بن الأشرف
وأما كعب بن الأشرف اليهودي، فإنه كان رجلاً من طيء، وكانت أمه من بني النضير، وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ويشبب في أشعاره بنساء المؤمنين، وذهب بعد وقعة بدر إلى مكة وألب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى قتله، فقال: من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله؟ فانتدب رجال من الأنصار ثم من الأوس وهم محمد بن مسلمة، وعباد بن بشر بن وقش، وأبو نائلة، واسمه سلكان بن سلامة بن وقش، وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة، والحارث بن أوس بن معاذ، وأبوعبس بن جبر، وأذن لهم صلى الله عليه وسلم أن يقولوا ما شاؤوا من كلام يخدعونه به، وليس عليهم فيه جناح، فذهبوا إليه واستنزلوه من أطمه ليلاً، وتقدموا إليه بكلام موهم التعريض برسول الله صلى الله عليه وسلم، فاطمأن إليهم، فلما استمكنوا منه قتلوه لعنه الله وجاؤوا في آخر الليل، وكانت ليلة مقمرة، فانتهو ا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي، فلما انصرف دعا لهم، وكان الحارث بن أوس قد جرح ببعض سيوف أصحابه، فتفل عليه الصلاة والسلام على جرحه فبرئ من وقته، ثم أصبح اليهو ديتكلمون في قتله، فأذن صلى الله عليه وسلم في قتل اليهو د.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:07 pm



فصل - غزوة أحد
يشتمل على غزوة أحد مختصرة، وهي وقعة امتحن الله عز وجل فيها عباده المؤمنين واختبرهم، وميز فيها بين المؤمنين والمنافقين، وذلك أن قريشاً حين قتل الله سراتهم ببدر، وأصيبوا بمصيبة لم تكن لهم في حساب، ورأس فيهم أبو سفيان بن حرب لعدم وجود أكابرهم، وجاء كما ذكرنا إلى أطراف المدينة في غزوة السويق، ولم ينل ما في نفسه: شرع يجمع قريشاً ويؤلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين، فجمع قريباً من ثلاثة آلاف من قريش والحلفاء والأحابيش، وجاؤوا بنسائهم لئلا يفروا، ثم أقبل بهم نحو المدينة، فنزل قريباً من جبل أحد بمكان يقال له: عينين، وذلك في شوال من السنة الثالثة.
واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه: أيخرج إليهم أم يمكث في المدينة؟ فبادر جماعة من فضلاء الصحابة ممن فاته الخروج يوم بدر إلى الإشارة بالخروج إليهم، وألحوا عليه صلى الله عليه وسلم في ذلك،وأشار عبد الله بن أبي بن سلول بالمقام بالمدينة، وتابعه على ذلك بعض الصحابة، فألح أو لئك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهض ودخل بيته ولبس لأمته وخرج عليهم، وقد انثنى عزم أو لئك فقالوا: يا رسول الله، إن أحببت أن تمكث في المدينة فافعل.
فقال: " ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل " وأتي عليه الصلاة والسلام برجل من بني النجار فصلى عليه، وذلك يوم الجمعة، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم.
وخرج إلى أحد في ألف، فلما كان ببعض الطريق انخزل عبد الله بن أبي نحو ثلاثمائة إلى المدينة، فاتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر رضي الله عنهما يوبخهم ويحضهم على الرجوع، فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع.
فلما أبو ا عليه رجع عنهم وسبهم.
واستقل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن بقي معه حتى نزل شعب أحد في عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره إلى أحد، ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم، فلما أصبح تعبأ عليه الصلاة والسلام للقتال في أصحابه، وكان فيهم خمسون فارساً، واستعمل على الرماة -وكانوا خمسين- عبد الله بن جبير الأوسي، وأمره وأصحابه أن لا يتغيروا من مكانهم، وأن يحفظوا ظهو ر المسلمين أن يؤتوا من قبلهم.
وظاهر صلى الله عليه وسلم)يومئذ)بين درعين.
وأعطى اللواء مصعب بن عمير، أخا بني عبد الدار، وجعل على إحدى المجنبتين الزبير بن العوام، وعلى المجنبة الأخرى المنذر بن عمرو المعنق ليموت.
واستعرض الشباب يومئذ، فأجاز بعضهم ورد آخرين، فكان ممن أجاز سمرة بن جندب، ورافع بن خديج، ولهما خمس عشرة سنة.
وكان ممن رد يومئذ أسامة بن زيد بن حارثة، وأسيد بن ظهير، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، وغرابة بن أو س، وعمروبن حزم.
ثم أجازهم يوم الخندق.
وتعبأت قريش أيضاً وهم في ثلاثة آلاف كما ذكرنا، فيهم مائتا فارس، فجعلوا على ميمنتهم خالد بن الوليد، وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل.
وكان أول من برز من المشركين يومئذ أبو عامر الراهب، واسمه عبد عمرو بن صيفي.
وكان رأس الأوس في الجاهلية، وكان مترهباً، فلما جاء الإسلام خذل فلم يدخل فيه، وجاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعداوة، فدعا عليه صلى الله عليه وسلم، فخرج من المدينة، وذهب إلى  قريش يؤلبهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم)ويحضهم على قتاله مع ما هم منطوون على رسول الله)وأصحابه من الحنق، ووعد المشركين أنه يستميل لهم قومه من الأوس يوم اللقاء حتى يرجعوا إليهن فلما أقبل في عبدان أهل مكة والأحابيش تعرف إلى قومه فقالوا له: لا أنعم الله لك عيناً يا فاسق.
فقال: لقد أصاب قومي بعدي شر، ثم قاتل المسلمين قتالاً شديداً.
وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ)أمت أمت)وأبلى يومئذ أبو دجانة سماك بن خرشة، وحمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم،)أسد الله وأسد رسوله رضي الله عنه وأرضاه)وكذا علي بن أبي طالب، وجماعة من الأنصار منهم: النضر بن أنس، وسعد بن الربيع رضي الله عنهم أجمعين.
وكانت الدولة أول النهار للمسلمين على الكفار، فانهزموا راجعين حتى وصلوا إلى نسائهم.
فلما رأى ذلك أصحاب عبد الله بن جبير قالوا: يا قوم، الغنيمة الغنيمة.
فذكرهم عبد الله بن جبير تقديم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه في ذلك، فظنوا أن ليس للمشركين رجعة، وأنهم لا تقوم لهم قائمة بعد ذلك، فذهبوا في طلب الغنيمة، وكر الفرسان من المشركين فوجدوا تلك الفرجة قد خلت من الرماة فجاوزوها وتمكنوا، وأقبل آخرهم، فكان ما أراد الله تعالى كونه، فاستشهد من أكرمهم الله بالشهادة من المؤمنين، فقتل جماعة من أفاضل الصحابة، وتولى أكثرهم.
وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجرح في وجهه الكريم وكسرت رباعيته اليمنى السفلى بحجر، وهشمت البيضة على رأسه المقدس، ورشقه المشركون بالحجارة حتى وقع لشقه، وسقط في حفرة من الحفر التي كان أبو عامر الفاسق حفرها يكيد بها المسلمين، فأخذ علي بيده، واحتضنه طلحة بن عبيد الله.
وكان الذي تولى أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن قمئة وعتبة بن أبي وقاص، وقيل: إن عبد الله بن شهاب الزهري أبا جد محمد بن مسلم بن شهاب هو الذي شجه صلى الله عليه وسلم.
وقتل مصعب بن عمير رضي الله عنه بين يديه، فدفع صلى الله عليه وسلم اللواء إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ونشبت حلقتان من حلق المغفر في وجهه صلى الله عليه وسلم، فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه، فكان الهتم يزينه، وامتص مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدم من جرحه صلى الله عليه وسلم.
وأدرك المشركون النبي صلى الله عليه وسلم فحال دونه نفر من المسلمين نحو من عشرة فقتلوا، ثم جالدهم طلحة حتى أجهضهم عنه صلى الله عليه وسلم، وترس أبو دجانة سماك بن خرشة عليه صلى الله عليه وسلم بظهره، والنبل يقع فيه، وهو لا يتحرك رضي الله عنه، ورمى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يومئذ رمياً (مسدداً) منكئاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ارم فداك أبي وأمي).
وأصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان الظفري، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها عليه الصلاة والسلام بيده الكريمة، فكانت أصح عينيه وأحسنهما.
وصرخ الشيطان - لعنه الله - بأعلى صوته: إن محمداً قد قتل، ووقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين، وتولى أكثرهم، وكان أمر الله.
ومر أنس بن النضر بقوم من المسلمين قد ألقوا بأيديهم، فقال: ما تنتظرون؟ فقالوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما تصنعون في الحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه، ثم استقبل الناس، ولقي سعد بن معاذ فقال: يا سعد، والله إني لأجد ريح الجنة من قبل أحد، فقاتل حتى قتل رضي الله عنه، ووجدت به سبعون ضربة.
وجرح يومئذ عبد الرحمن بن عوف نحو ا من عشرين جراحةً، بعضها في رجله، فعرج منها حتى مات رضي الله عنه.
وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المسلمين، فكان أول من عرفه تحت المغفر كعب بن مالك رضي الله عنه، فصاح بأعلى صوته: يا معشر المسلمين، أبشروا، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم! فأشار إليه صلى الله عليه وسلم أن اسكت، واجتمع إليه المسلمون، ونهضوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه، فيهم أبو بكر وعمر وعلي والحارث بن الصمة الأنصاري وغيرهم.
فلما أسندوا في الجبل، أدركه أبي بن خلف على جواد، يقال له العود، زعم الخبيث أنه يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما اقترب تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من (يد) الحارث بن الصمة فطعنه بها، فجاءت في ترقوته، ويكر عدوالله منهزماً فقال له المشركون: والله ما بك من بأس، فقال: والله لو كان ما بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون، إنه قال لي: إنه قاتلي، ولم يزل به ذلك حتى مات بسرف مرجعه إلى مكة لعنه الله.
وجاء علي رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء ليغسل عنه الدم، فوجده آجناً، فرده.
وأراد صلى الله عليه وسلم أن يعلو صخرة هناك، فلم يستطع لما به صلى الله عليه وسلم، ولأنه ظاهر يومئذ بين درعين، فجلس طلحة تحته حتى صعد، وحانت الصلاة، فصلّى جالساً، ثم مال المشركون إلى رحالهم، ثم استقبلوا طريق مكة منصرفين إليها، وكان هذا كله يوم السبت.
واستشهد يومئذ من المسلمين نحو السبعين.
منهم حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قتله وحشي مولى بني نوفل وأعتق لذلك، وقد أسلم بعد ذلك، وكان أحد قتلة مسيلمة الكذاب لعنه الله، وعبد الله بن جحش حليف بني أمية، ومصعب بن عمير، وعثمان بن عثمان، وهو شماس بن عثمان المخزومي، سني بشماس لحسن وجهه.
فهؤلاء أربعة من المهاجرين، والباقون من الأنصار رضي الله عنهم جميعهم، فدفنهم في دمائهم وكلومهم، ولم يصل عليهم يومئذ.
وفر يومئذ من المسلمين جماعة من الأعيان، منهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد نص الله سبحانه على العفوعنهم، فقال عز وجل: "إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم".
وقتل يومئذ من المشركين اثنان وعشرون.
وقد ذكر سبحانه هذه الوقعة في سورة آل عمران حيث يقول: "وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم *" الآيات.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:08 pm



فصل - غزوة حمراء الأسد
ولما أصبح يوم الأحد، ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم)المسلمين)إلى النهو ض في طلب العدو، إرهاباً لهم، وهذه غزوة حمراء الأسد، وأمر ألا يخرج معه إلا من حضر أحداً، فلم يخرج إلا من شهد أحداً، سوى جابر بن عبد الله، فإنه كان أبو ه استخلفه في مهماته، فقتل أبو ه يوم أحد، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى حمراء الأسد، فأذن له.
فنهض المسلمون كما أمرهم صلى الله عليه وسلم، وهم مثقلون بالجراح، حتى بلغ حمراء الأسد وهي على ثمانية أميال من المدينة، فذلك قوله تعالى: " الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ".
ومر معبد بن أبي معبد النزاعي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأجاره حتى بلغ أبا سفيان والمشركين بالرواء، فأخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد خرجوا في طلبهم، ففت ذلك في أعداد قريش، وكانوا أرادوا الرجوع إلى المدينة فثناها ذلك واستمروا راجعين إلى مكة.
وظفر عليه الصلاة والسلام بمعاوية بن المغيرة بن أبي العاصي فأمر بضرب عنقه صبراً، وهو والد عائشة أم عبد الملك بن مران، فلم يقتل فيها سواه.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:08 pm



فصل - بعث الرجيع
ثم بعث صلى الله عليه وسلم بعد أحد بعث الرجيع، وذلك في صفر من السنة الرابعة، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم بعث إلى عضل والقارة بسؤالهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك حين قدموا عليه وذكروا أن فيهم إسلاماً، فبعث ستة نفر في قول ابن إسحاق، وقال  البخاري  في  صحيحه  كانوا عشرة.
وقال  أبو القاسم السهيلي: وهذا هو الصحيح.
وأمر عليهم مرثد بن أبي االغنوي رضي الله عنهم.
ومنهم خبيب بن عدي، فذهبوا معهم، فلما كانوا بالرجيع، وهو ماء لهذيل بناحية الحجاز بالهدأة غدروا بهم، واستصرخوا عليهم هزيلاً، فجاؤوا فأحاطوا بهم فقتلوا عامتهم، واستأسر منهم خبيب بن عدي ورجل آخر وهو زيد بن الدثنة فذهبوا بهما فباعوهما بمكة، وذلك بسبب ما كانا قتلا من كفار قريش من يوم بدر.
فأما خبيب رضي الله عنه فمكث عندهم مسجوناً ثم أجمعوا لقتله فخرجوا به إلى التنعيم ليصلبوه فاستأذنهم أن يصلي ركعتين فأذنوا له: فصلاهما ثم قال: والله لو لا أن تقولوا أن ما بي جزع لزدت، ثم قال:
ولست أبالي حين أقتل مسلماً        على أي جنب كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ       يبارك على أو صال شلو ممزع
ثم وكلوا به من يحرسه، فجاء عمرو بن أمية فاحتمله بخدعة ليلاً فذهب به فدفنه.
وأما زيد بن الدثنة رضي الله عنه فابتاعه صفوان بن أمية فقتله بأبيه.
وقد قال له أبو سفيان: أيسرك أن محمداً عندنا تضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ فقال: والله ما يسرني أني في أهلي وأن محمداً في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49335

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:08 pm



فصل - بعث بئر معونة
وفي صفر هذا بعث إلى بئر معونة أيضاً، وذلك أن أبا براء عامر بن مالك المدعوملاعب الأسنة، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدعاه إلى الإسلام فلم يسلم ولم يبعد.
فقال: يا رسول الله لو بعثت أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى دينك لرجوت أن يجيبوهم، فقال: إني أخاف عليهم أهل نجد، فقال أبو براء: أنا جار لهم.
فبعث صلى الله عليه وسلم فيما قاله  ابن إسحاق  أربعين رجلاً من الصحابة، وفي  الصحيحين  سبعين رجلاً، وهذا هو الصحيح.
وأمر عليهم المنذر بن عمرو أحد بني ساعدة، ولقبه المعنق ليموت رضي الله عنهم أجمعين، وكانوا من فضلاء المسليمن وسادتهم وقرائهم، فنهضوا فنزلوا بئر معونة، وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم، ثم بعثوا منها حرام بن ملحان أخا أم سليم بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدوالله عامر بن الطفيل، فلم ينظر فيه، وأمر به فقتله رجل ضربه بحربة، فلما خرج الدم قال: فزت ورب الكعبة.
واستنفر عدوالله عامر: بني عامر إلى قتال الباقين، فلم يجيبوه، لأجل جوار أبي براء، فاستنفر بني سليم فأجابته عصية ورعل وذكوان، فأحاطوا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم رضي الله عنهم، إلا كعب بن زيد من بني النجار فإنه ارتث من بين القتلى، فعاش حتى قتل يوم الخندق.
وكان عمرو بن أمية الضمري والمنذر بن محمد بن عقبة في سرح المسلمين، فرأيا الطير تحوم على موضع الوقعة، فنزل المنذر بن محمد هذا فقاتل المشركين حتى قتل مع أصحابه، وأسر عمرو بن أمية، فلما أخبر أنه من مضر جز عامر ناصيته وأعتقه فيما زعم عن رقبة كانت على أمه.
ورجع عمرو بن أمية، فلما كان بالقرقرة من صدر قناة نزل في ظل، ويجيء رجلان من بني كلاب، وقيل من بني سليم فنزلا معه فيه، فلما ناما فتك بهما عمرو وهو يرى أنه قد أصاب ثأراً من أصحابه، وإذا معهما عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشعر به، فلما قدم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فعل، قال: [لقد قتلت قتيلين لأدينهما].         
 وكان هذا سبب غزوة بني النضير كما ورد هذا في  الصحيح.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:09 pm



فصل - غزوة بني النضير
ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة إلى بني النضير ليستعين على ذينك القتيلين لما بينه وبينهم من الحلف، فقالوا: نعم.
وجلس صلى الله عليه وسلم هو وأبوبكر وعمر وعلي وطائفة من أصحابه رضي الله عنهم تحت جدار لهم، فاجتمعوا فيما بينهم وقالوا: من رجل يلقي بهذه الرحا على محمد فيقتله؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش لعنه الله وأعلم الله رسوله بما هموا به، فنهض صلى الله عليه وسلم من وقته من بين أصحابه، فلم يتناه دون المدينة، وجاء من أخبر أنه رآه صلى الله عليه وسلم داخلاً في حيطان المدينة، فقام أبو بكر ومن معه فاتبعوه، فأخبرهم بما أعلمه الله من أمر يهود، فندب الناس إلى قتالهم، فخرج واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم وذلك في ربيع الأول فحاصرهم ست ليال منه وحينئذ حرمت الخمر، كذا ذكره ابن حزم، ولم أره لغيره.
ودس عبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه من المنافقين إلى بنى النضير: أنا معكم نقاتل معكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم.
فاغتر أو لئك بهذا، فتحصنوا في آطامهم، فأمر صلى الله عليه وسلم بقطع نخيلهم وإحراقها، فسألوا رسول الله أن يجليهم ويحقن دماءهم على أن لهم ما حملت إبلهم غير السلاح فأجابهم إلى ذلك، فتحمل أكابرهم كحيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق بأهليهم وأموالهم إلى خيبر فدانت لهم، وذهبت طائفة منهم إلى الشام ولم يُسلم منهم إلا رجلان، وهما أبو سعد بن وهب، ويامين بن عمير بن كعب، وكان قد جعل لِمَنْ قتل ابن عمه عمرو بن جحاش جُعْلاً، لِمَا كان قد هم به من الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحذ أموالهما، وقسم رسول الله أموال الباقين بين المهاجرين الأولين خاصة، إلا أنه أعطى أبا دجانة وسهل بن حنيف الأنصاريين لفقرهما، وقد كانت أموالهم مما أفاء الله على رسوله، فلم يوجف المسلمون بخيل ولا ركاب.
وفي هذه الغزوة أنزل الله سبحانه سورة الحشر، وقد كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يسميها سورة بني النضير.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:09 pm



فصل - غزوة ذات الرقاع
وقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً يدعوعلى الذين قتلوا القراء أصحاب بئر معونة.
ثم غزا صلى الله عليه وسلم غزوة ذات الرقاع، وهي [غزوة نجد] فخرج في جمادى الأولى من هذه السنة الرابعة يريد محارب وبني ثعلبة بن سعد بن غطفان، واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري.
فسار حتى بلغ نخلاً، فلقي جمعاً من غطفان فتوقفوا، ولم يكن بينهم قتال، إلا أنه صلى يومئذ صلاة الخوف فيما ذكره  ابن إسحاق  وغيره من أهل السير، وقد استشكل لأنه قد جاء في رواية  الشافعي  وأحمد  والنسائي  عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم حبسه المشركون يوم الخندق عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء فصلاهن جميعاً، وذلك قبل نزول صلاة الخوف، قالوا وإنما نزلت صلاة الخوف بعسفان كما رواه أبو عياش الزرقي قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان فصلى بنا الظهر، وعلى المشركين يومئذ خالد بن الوليد.
فقالوا: لقد أصبنا منهم غفلة، ثم قالوا: إن لهم صلاة بعد هذه هي أحب إليهم من أموالهم وأبنائهم فنزلت - يعني صلاة الخوف - بين الظهر والعصر.
فصلى بنا العصر ففرقنا فريقين.. وذكر الحديث.
أخرجه  الإمام أحمد  وأبوداود  والنسائي.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نازلاً بين ضجنان وعسفان، محاصراً المشركين، فقال المشركون: إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وإبكارهم، أجمعوا أمركم ثم ميلوا عليهم ميلة واحدة.
فجاء جبريل عليه السلام فأمره أن يقسم أصحابه نصفين... وذكر الحديث.
رواه  النسائي  والترمذي  وقال: حسن صحيح.
وقد علم بلا خلاف أن غزوة عسفان كانت بعد الخندق، فاقتضى هذا أن ذات الرقاع بعدها، بل بعد خبير، ويؤيد ذلك أن أبا موسى الأشعري وأبا هريرة رضي الله عنهما شهدها، أما أبو موسى الأشعري ففي  الصحيحين  عنه أنه شهد غزوة ذات الرقاع، وأنهم كانوا يلفون على أرجلهم الخرق لما نقبت، فسميت بذلك، فأما أبا هريرة فعن مروان بن الحكم أنه سأل أبا هريرة: هل صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ قال: نعم.
قال: متى؟ قال: عام غزوة نجد وذكر صفة من صفات صلاة الخوف، أخرجه  الإمام أحمد  وأبوداود  والنسائي.
وقد قال بعض أهل التاريخ: إن غزوة ذات الرقاع أكثر من مرة واحدة كانت قبل الخندق وأخرى بعدها، قلت: إلا أنه لا يتجه أنه صلى في الأولى صلاة الخوف إن صح حديث أنها إنما فرضت في عسفان.
وقد ذكروا أنه كانت من الحوادث في هذه الغزوة قصة جمل جابر وبيعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك نظر، لأنه جاء أن ذلك كان في غزوة تبوك، إلا أن هذا أنسب لما أنه كان قد قتل أبو ه في أحد، وترك الأخو ات، فاحتاج أن يتزوج سريعاً من يكفلهن له.
ومنها حديث جابر أيضاً في الرجل الذي سبوا امرأته فحلف ليهريقن دماً في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فجاء ليلاً - وقد أرصد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين ربيئة للمسلمين من العدو، وهما عباد بن بشر وعمار بن ياسر رضي الله عنه - فضرب عباداً بن بشر بسهم وهو قائم يصلي، فنزعه ولم يبطل صلاته، حتى رشقه بثلاثة أسهم، فلم ينصرف منها حتى سلم، وأنبه صاحبه، فقال: سبحان الله هلا أنبهتني؟! فقال: إني كنت في سورة فكرهت أن أقطعها.
ومنها حديث غورث بن الحارث الذي هم برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائل تحت الشجرة، فاستل سيفه وأراد ضربه، فصده الله عنه، وحبست يده، واستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه، فدعا أصحابه فاجتمعوا إليه، فأخبرهم عنه وما هم به غورث من قتله، ومع هذا كله أطلقه وعفا عنه صلى الله عليه وسلم. وهذا كان في غزوة ذات الرقاع، إلا أنها التي بعد الخندق كما أخرجاه في الصحيحين، " عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع، قال: كنا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق بالشجرة، فأخذ السيف، فاخترطه، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتخافني؟ قال: لا، قال فمن يمنعك مني؟ قال: الله.
قال: فتهدده أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأغمد السيف وعلقه، قال: فنودي بالصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، وكانت لرسول الله أربع ركعات، وللقوم ركعتان ".
واللفظ  لمسلم.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:10 pm



فصل - غزوة بدر الصغرى
وقد كان أبو سفيان يوم أحد عند منصرفه نادى: موعدكم وإيانا بدر العام المقبل، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه أن يجيبه بنعم، فلما كان شعبان في هذه السنة نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى بدراً للموعد، واستخلف على المدينة عبد الله بن عبد الله بن أبي، فأقام هناك ثماني ليال، ثم رجع ولم يلق كيداً، وذلك أن أبا سفيان خرج بقريش، فلما كان ببعض الطريق بدا لهم الرجوع لأجل جدب سنتهم فرجعوا، وهذه الغزوة تسمى بدراً الثالثة وبدر الموعد.



فصل - غزوة دومة الجندل
وخرج صلى الله عليه وسلم إلى دومة الجندل في ربيع الأول من سنة خمس، ثم رجع في أثناء الطريق ولم يلق حرباً، وكان استعمل على المدينة سباع بن عرفطة.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:10 pm



فصل - غزوة الخندق
يشتمل على ملخص غزوة الخندق التي ابتلى الله فيها عباده المؤمنين وزلزلهم، وثبت الإيمان في قلوب أو ليائه وأظهر ما كان يبطنه أهل النفاق، وفضحهم وقرعهم.
ثم أنزل نصره، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، وأعز جنده، ورد الكفرة بغيظهم، ووقى المؤمنين شر كيدهم، وذلك بفضله ومنه.
وحرم عليهم شرعاً وقدراً أن يغزوا المؤمنين بعدها، بل جعل المغلوبين وجعل حزبه هم الغالبين، والحمد لله رب العالمين.
وكانت في سنة خمس في شوالها على الصحيح من قولي أهل المغازي والسير، والدليل على ذلك أنه لا خلاف أن أحداً كانت في شوال من سنة ثلاث، وقد تقدم ما ذكره أهل العلم في المغازي أن أبا سفيان   واعدهم العام المقبل بدراً، وأنه صلى الله عليه وسلم خرج إليهم فأخلفوه لأجل جدب تلك السنة في بلادهم، فتأخروا إلى هذا العام.
قال  أبو محمد بن حزم الأندلسي  في  مغازيه: هذا قول أهل المغازي، ثم قال: والصحيح الذي لا شك فيه أنها في سنة أربع، وهو قول موسى بن عقبة، ثم احتج  ابن حزم  بحديث ابن عمر: [عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني].
فصح أنه لم يكن بينهما إلا سنة واحدة فقط.
قلت: هذا الحديث مخرج في  الصحيحين  وليس يدل على ما ادعاه لأن مناط إجازة الحرب كانت عنده صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سنة، فكان لا يجيز من لم يبلغها، ومن بلغها أجازه، فلما كان ابن عمر يوم أحد ممن لم يبلغها لم يجزه، ولما كان قد بلغها يوم الخندق أجازه، وليس ينفي هذا أن بلوغه قد زاد عليها بسنة أو بسنتين أو ثلاثاً أو أكثر من ذلك.
فكأنه قال: عرضت عليه يوم الخندق وأنا بالغ أو من أبناء الحرب.
وقد قيل: إنه كان يوم أحد في أول الرابعة عشرة من عمره وفي يوم الخندق في آخر الخامسة عشرة، وفي هذا نظر، والأول أقوى في النظر لمن أمعن وأنصف، والله أعلم.
وكان سبب غزوة الخندق أن نفراً من يهود بني النضير الذين أجلاهم صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى خيبر كما قدمنا وهم أشرافهم: كسلام بن أبي الحقيق، وسلام بن مشكم، وكنانة بن الربيع وغيرهم، خرجوا إلى قريش بمكة فألبوهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعدوهم من أنفسهم النصر، فأجابوهم، ثم خرجوا إلى غطفان فدعوهم فأجابوهم أيضاً، وخرجت قريش وقائدهم أبو سفيان بن حرب، وعلى غطفان عيينة بن حصن، كلهم في نحو عشرة آلاف رجل.
فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيرهم إليه أمر المسلمين بحفر خندق يحول بين المشركين وبين المدينة، وكان ذلك بإشارة سلمان الفارسي رضي الله عنه، فعمل المسلمون فيه مبادرين هجوم الكفار عليهم، وكانت في حفره آيات مفصلة يطول شرحها، وأعلام نبوة قد تواتر خبرها، فلما كمل قدم المشركون، فنزلوا حول المدينة كما قال تعالى: " إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ".
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحصن بالخندق وهو في ثلاثة آلاف على الصحيح من أهل المدينة.
وزعم ابن إسحاق أنه إنما كان في سبعمائة.
وهذا غلط من غزوة أحد، والله تعالى أعلم.
فجعلوا ظهو رهم إلى سلع.
وأمر صلى الله عليه وسلم بالنساء والذراري، فجعلوا في آطام المدينة، واستخلف عليها ابن أم مكتوم رضي الله عنه.
وانطلق حيي بن أخطب النضري إلى بني قريظة، فاجتمع بكعب بن أسد رئيسهم، فلم يزل به حتى نقض العهد الذي كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووافق كعب المشركين على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسروا بذلك.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدين: ابن معاذ، وابن عبادة، وخوات بن جبير، وعبد الله بن رواحة، ليعرفوا له هل نقض بنوقريظة العهد أو لا، فلما قربوا منهم وجدوهم مهاجرين بالعداوة والغدر، فتسابوا ونال اليهود -عليهم لعائن الله- من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسبهم سعد بن معاذ، وانصرفوا عنهم.وقد أمرهم صلى الله عليه وسلم إن كانوا نقضوا أن لا يفتوا بذلك في أعضاد المسلمين، لئلا يورث وهناً، وأن يلحنوا إليه لحناً - أي لغزاً - فلما قدموا عليه، قال: ما وراءكم؟ قالوا: عضل والقارة، يعنون غدرهم بأصحاب الرجيع، فعظم ذلك على المسلمين، واشتد الأمر، وعظم الخطر، وكانوا كما قال الله تعالى: " هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا".
ونجم النفاق وكثر، واستأذن بعض بني حارثة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذهاب إلى المدينة لأجل بيوتهم، قالوا: إنها عورة، وليس بينها وبين العدوحائل، وهم بنوسلمة بالفشل، ثم ثبت الله كلتا الطائفتين.
وثبت المشركون محاصرين رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً، ولم يكن بينهم قتال لأجل ما حال الله به من الخندق بينه وبينهم، إلا أن فوارس من قريش منهم عمرو بن عبد ود العامري وجماعة معه أقبلوا نحو الخندق، فلما وقفوا عليه قالوا: إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تعرفها، ثم يمموا مكاناً ضيقاً من الخندق فاقتحموه وجازوه، وجالت بهم خيلهم في السبخة بين الخندق وسلع ودعوا للبراز، فانتدب لعمروبن عبد ود علي بن أبي طالب رضي الله عنه فبارزه فقتله الله على يديه وكان عمرو لا يجاري في الجاهلية شجاعة، وكان شيخاً قد جاوز المائة يومئذ، وأما الباقون فينطلقون راجعين إلى قومهم من حيث جاؤوا، وكان هذا أول ما فتح الله
به من خذلانهم.
وكان شعار المسلمين تلك الغزوة (حم، لا ينصرون)..
ولما طال هذا الحال على المسلمين أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصالح عيينة بن حصن والحارث بن عوف رئيسي غطفان، على ثلث ثمار المدينة وينصرفا بقومهما، وجرت المراوضة على ذلك ولم يتم الأمر حتى استشار صلى الله عليه وسلم السعدين في ذلك فقالا: يا رسول الله إن كان الله أمرك بهذا فسمعاً وطاعة وإن كان شيئاً تصنعه لنا فلقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قرى أو بيعاً، فحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا؟ والله لا نعطيهم إلا السيف.
فقال صلى الله عليه وسلم:)إ نما هو شيء أصنعه لكم)وصوب رأيهما في ذلك رضي الله عنهما، ولم يفعل من ذلك شيئاً.
ثم إن الله سبحانه وله الحمد صنع أمراً من عنده خذل به بينهم وفل جموعهم، وذلك أن نعيم بن مسعود بن عامر الغطفاني رضي الله عنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله إني قد أسلمت فمرني بما شئت، فقال صلى الله عليه وسلم:"إنما أنت رجل واحد فخذل عنا إن استطعت، فإن الحرب خدعة".فذهب من حينه ذلك إلى بني قريظة -وكان عشيراً لهم في الجاهلية- فدخل عليهم وهم لا يعلمون بإسلامه فقال يا بني قريظة! إنكم قد حاربتم محمداً، وإن قريشاً إن أصابوا فرصة انتهزوها، وإلا شمروا إلى بلادهم وتركوكم ومحمداً فانتقم منكم.
قالوا: فما العمل يا نعيم؟ قال: لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن.
قالوا لقد أشرت بالرأي.
ثم نهض إلى قريش فقال لأبي سفيان ولهم: تعلمون ودي ونصحي لكم؟ قالوا نعم.
قال: إن يهود ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ثم يمالئونه عليكم.
ثم ذهب إلى قومه غطفان فقال لهم مثل ذلك.
فلما كان ليلة السبت في شوال بعثوا إلى يهود: إنا لسنا بأرض مقام فانهضوا بنا غداً نناجز هذا الرجل، فأرسل إليهم اليهود: إن اليوم يوم السبت، ومع هذا فإنا لا نقاتل معكم حتى تبعثوا إلينا رهناً، فلمَّا جاءهم الرسل بذلك قالت قريش: صدقنا والله نعيم بن مسعود، وبعثوا إلى يهود: إنا والله لا نرسل لكم أحداً فاخرجوا معنا، فقالت قريظة: صدق والله نعيم، وأبوا أن يقاتلوا معهم.
وأرسل الله عز وجل على قريش ومن معهم الخور والريح تزلزلهم، فجعلوا لا يقر لهم قرار، ولا تثبت لهم خيمة ولا طنب، ولا قدر ولا شيء.
فلمَّا رأوا ذلك ترحلوا من ليلتهم تلك.
وأرسل صلى الله عليه وسلم حديفة بن اليمان يخبر له خبرهم، فوجدهم كما وصفنا، ورأى أبا سفيان يصلي ظهره بنار، ولو شاء حذيفة لقتله، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً فأخبره برحيلهم.
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غدا إلى المدينة وقد وضع الناس السلاح فجاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل في بيت أم سلمة، فقال: أو ضعتم السلاح؟ أما نحن فلم نضع أسلحتنا، انهض إلى هؤلاء، يعني بني قريظة.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:11 pm



فصل - غزوة بني قريظة
نذكرفيه غزوة بني قريظة، فنهض صلى الله عليه وسلم من وقته إليهم، وأمر المسلمين أن لا يصلي أحد صلاة العصر - وقد كان دخل وقتها - إلا في بني قريظة.
فراح المسلمون أرسالاً، وكان منهم من صلى العصر في الطريق، وقالوا: لم يرد  رسول الله ترك الصلاة، إنما أراد تعجيل السير، وكان منهم من لم يصل حتى غربت الشمس، ووصل إلى بني قريظة، ولم يعنف صلى الله عليه وسلم واحداً من الفريقين.
قال  ابن حزم: وهؤلاء هم المصيبون وأولئك مخطئون مأجورون، وعلم الله لو كنا هناك لم نصل العصر إلا في بني قريظة ولو بعد أيام.
قلت أما ابن حزم فإنه معذور لأنه من كبار الظاهرية، ولا يمكنه العدول عن هذا النص، ولكن في ترجيح أحد هذين الفعلين على الآخر نظر وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لم يعنف أحداً من الفريقين، فمن يقول بتصويب كل مجتهد، فكل منهما مصيب ولا ترجيح، ومن يقول بأن المصيب واحد - وهو الحق لاشك فيه ولامرية، لدلائل من الكتاب والسنة كثيرة - فلا بد على قوله من أن أحد الفريقين له أجران بإصابة الحق، وللفريق الآخر أجر، فنقول وبالله التوفيق: الذين صلوا العصر في وقتها حازوا قصب السبق، لأنهم امتثلوا أمره صلى الله عليه وسلم في المبادرة إلى الجهاد وفعل الصلاة في وقتها، ولا سيما صلاة العصر التي أكد الله سبحانه المحافظة عليها في كتابه بقوله تعالى: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" وهي العصر على الصحيح المقطوع به إن شاء الله من بضعة عشر قولاً، والتي جاءت السنة بالمحافظة عليها.
فإن قيل: كان تأخير الصلاة للجهاد حينئذ جائزاً، كما أنه صلى الله عليه وسلم أخر العصر والمغرب يوم الخندق واشتغل بالجهاد، والظهر أيضاً كما جاء في حديث رواه  النسائي  من طريقين، فالجواب أنه بتقدير تسليم هذا وأنه لم يتركها يومئذ نسياناً، فقد تأسف على ذلك، " حيث يقول لما قال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله! ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب، فقال والله ما صليتها " وهذا يشعر بأنه صلى الله عليه وسلم كان ناسياً لها لما هو فيه من الشغل، كما جاء في  الصحيحين " عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً ".
والحاصل أن الذين صلوا العصر في الطريق جمعوا بين الأدلة، وفهموا المعنى فلهم الأجر مرتين، والآخرين
حافظوا على أمره الخاص، فلهم الأجر رضي الله عن جميعهم وأرضاهم.
وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية علي بن أبي طالب رضي الله عنه، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، ونازل حصون بني قريظة وحصرهم خمساً وعشرين ليلة، وعرض عليهم سيدهم كعب بن أسد ثلاث خصال: إما أن يسلموا ويدخلوا مع محمد في دينه، وإما أن يقتلوا ذراريهم ويخرجوا جرائد فيقاتلوا حتى يقتلوا عن آخرهم أو يخلصوا فيصيبوا بعد الأولاد والنساء، وإما أن يهجموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يوم سبت حين يأمن المسلمون شرهم، فأبوا عليه واحدة منهن.
وكان قد دخل معهم في الحصن حيي بن أخطب حين انصرفت قريش، لأنه كان أعطاهم عهداً بذلك حتى نقضوا العهد وجعلوا يسبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمعون أصحابه بذلك، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخاطبهم، فقال له علي رضي الله عنه: لا تقرب منهم يا رسول الله -خشية أن يسمع منهم شيئاً- فقال: " لو قد رأوني لم يقولوا شيئاً "، فلما رأوه لم يستطع منهم أحد أن يتكلم بشيء.
ثم بعث صلى الله عليه وسلم أبا لبابة بن عبد المنذر الأوسي، وكانوا حلفاء الأوس، فلما رأوه قاموا في وجهه يبكون: رجالهم ونساؤهم، وقالوا: يا أبا لبابة كيف ترى لنا؟ أننزل على حكم محمد؟ قال: نعم فأشار بيده إلى حلقه، يعني أنه الذبح، ثم ندم على هذه الكلمة من وقته، فقام مسرعاً فلم يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاء مسجد المدينة فربط نفسه بسارية المسجد وحلف لا يحله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبداً، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك قال: " دعوه حتى يتوب الله عليه " وكان من أمره ما كان حتى تاب الله عليه رضي الله عنه.
ثم إن بني قريظة نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأسلم ليلتئذ ثعلبة وأسيد ابنا سعية، وأسد بن عبيد، وهم نفر من بني هدل من بني عم قريظة والنضير، وخرج في تلك الليلة عمرو بن سعدى القرظي، فانطلق، فلم يعلم أين ذهب وكان قد أبى الدخول معهم في نقض العهد.
ولما نزلوا على حكمه صلى الله عليه وسلم، قالت الأوس: يا رسول الله، قد فعلت في بني قينقاع ما قد علمت وهم حلفاء أخو تنا الخزرج، وهؤلاء موالينا، فقال: " ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم؟ " قالوا: بلا.
قال: " فذاك إلى سعد بن معاذ "، وكان سعد إذ ذاك قد أصابه جرح في أكحله، وقد ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمةً في المسجد، ليعوده من قريب، فبعث إليه صلى الله عليه وسلم فجيء به وقد وطؤوا له على حمار، وأخو ته من الأوس حوله محيطون به، وهم يقولون: يا أبا عمرو أحسن في مواليك، فلما أكثروا عليه، قال: لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لو مة لائم!! فرجع رجال من قومه إلى بني عبد الأشهل فنعوا إليهم بني قريظة، فلما دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " قوموا إلى سيدكم " فقام إليه المسلمون، فقالوا: يا سعد، قد ولاك رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم في بني قريظة، فقال: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه أن الحكم فيهم كما حكمت؟ قالوا: نعم.
قال: وعلى من هاهنا؟ وأشار إلى الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالاً له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم ".
فقال سعد: إني أحكم فيهم أن يقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة ".
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل من أنبت منهم، ومن لم يكن أنبت ترك، فضرب أعناقهم في خنادق حفرت في سوق المدينة اليوم، وكانوا ما بين الستمائة إلى السبعمائة، وقيل: ما بين السبعمائة إلى الثمانمائة، ولم يقتل من النساء أحداً سوى امرأة واحدة وهي بنانة امرأة الحكم القرظي، لأنها كانت طرحت على راس خلاد بن سويد رحى فقتلته لعنها الله.
وقسم أموال بني قريظة على المسلمين للراجل سهم وللفارس ثلاثة أسهم، وكان في المسلمين يومئذ ستة وثلاثون فارساً.
ولما فرغ منهم استجاب الله دعوة العبد الصالح سعد بن معاذ، وذلك أنه لما أصابه الجرح قال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئاً فأبقني لها، وإن كنت رفعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها، ولا تمتني حتى تشفيني من بني قريظة.
وكان صلى الله عليه وسلم قد حسم جرحه فانفجر عليه فمات منه رضي الله عنه، وشيعه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، وهو الذي اهتز له عرش الرحمن فرحاً بقدوم روحه رضي الله عنه وأرضاه.
وقد استشهد يوم الخندق ويوم قريظة نحو العشرة رضي الله عنهم آمين.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:11 pm



فصل - بعث عبد الله بن عتيك إلى قتل أبي رافع سلام بن أبي الحقيق
ولما قتل الله -وله الحمد- كعب بن الأشرف على يد رجال من الأوس كما قدمنا ذكره بعد وقعة بدر، وكان أبو رافع سلام بن أبي الحقيق ممن ألب الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقتل مع بني قريظة كما قتل صاحبه حيي بن أخطب، رغبت الخزرج في قتله طلباً لمساواة  الأوس في الأجر.
وكان الله سبحانه قد جعل هذين الحيين يتصاولان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخيرات، فاستأذنوا رسول الله في قتله فأذن لهم، فانتدب له رجال كلهم من بني سلمة وهم: عبد الله بن عتيك وهو أمير القوم بأمره صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن أنيس، وأبوقتادة الحارث بن ربعي، ومسعود بن سنان، وخزاعي بن أسود، حليف لهم.
فنهضوا حتى أتوه في خيبر في دار له جامعة، فنزلوا عليه ليلاً فقتلوه ورجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم ادعى قتله، " فقال:)أروني أسيافكم)فلما أروه قال لسيف عبد الله بن أنيس:)هذا قتله أرى فيه أثر الطعام)." وكان عبد الله بن أنيس قد اتكأ عليه بالسيف حتى سمع صوت عظم ظهره، وعدوالله يقول: قطني قطني، يقول: حسبي.



فصل - غزوة بني لحيان
ثم خرج صلى الله عليه وسلم بعد قريظة بستة أشهر، وذلك في جمادى الأولى من السنة السادسة على الصحيح قاصداً بني لحيان ليأخذ ثأر أصحاب الرجيع المتقدم ذكرهم، فسار حتى نزل بلادهم في واد يقال له غران، وهو بين أمج وعسفان، فوجدهم قد تحصنوا في رؤوس الجبال، فتركهم وركب في مائتي فارس حتى نزل عسفان وبعث فارسين حتى نزلا كراع الغميم، ثم كرا راجعين، ثم قفل صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.



فصل - غزوة ذي قرد
ثم أغار بعد قدومه المدينة بليال عيينه بن حصن في بني عبد الله بن غطفان، على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم التي بالغابة فاستاقها وقتل راعيها، وهو رجل من غفار، وأخذوا امرأته.
فكان أول من نذر بهم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي رضي الله عنه، ثم انبعث في طلبهم ماشياً وكان لا يسبق، فجعل يرميهم بالنبل ويقول: خذها أنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع يعني اللئام، واسترجع عامة ما كان في أيديهم.
ولما وقع الصريخ في المدينة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جماعة من الفرسان، فلحقوا سلمة بن الأكوع، واسترجعوا اللقاح، وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ماءً يقال له ذوقرد، فنحر لقحة مما استرجع، وأقام هناك يوماً وليلة، ثم رجع إلى المدينة.
وقتل في هذه الغزوة الأخرم، وهو محرز بن نضلة رضي الله عنه، قتله عبد الرحمن بن عيينة، وتحول على فرسه، فحمل على عبد الرحمن أبو قتادة فقتله، واسترجع الفرس، وكانت لمحمود بن مسلمة وأقبلت المرأة المأسورة على ناقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نذرت: إن الله أنجاها عليها لتنحرنها، " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئس ما جزتها، لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولفي معصية " وأخذ ناقته.
وقد روى  مسلم  في  صحيحه  عن سلمة بن الأكوع في هذه القصة، قال: فرجعنا إلى المدينة، فلم نلبث إلا ثلاث ليال، حتى خرجنا إلى خيبر، ولعل هذا هو الصحيح، والله تعالى أعلم.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:14 pm



فصل - غزوة بني المصطلق
وغزا صلى الله عليه وسلم بني المصطلق من خزاعة في شعبان من السنة السادسة، وقيل: كانت في شعبان سنة خمس، والأول أصح وهو قول  ابن إسحاق  وغيره.
واستعمل على المدينة أبا ذر، وقيل: نميلة بن عبد الله الليثي، فأغار عليهم وهم غارون على ماء لهم يسمى المريسيع، وهو من ناحية قديد إلى الساحل، فقتل من قتل منهم، وسبى النساء والذرية، وكان شعار المسلمين يومئذ: أمت أمت.
وكان من السبي جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار ملك بني المصطلق، وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس، فكاتبها، فأدى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها، فصارت أم المؤمنين، فأعتق المسلمون بسبب ذلك مائة بيت من بني المصطلق قد أسلموا.
وفي مرجعه صلى الله عليه وسلم قال: الخبيث عبد الله بن أبي بن سلول: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، يعرض برسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغها زيد بن أرقم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء عبد الله بن أبي معتذراً ويحلف ما قال فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله عز وجل تصديق زيد بن أرقم في سورة المنافقين.
وكان في هذه الغزوة من الحوادث قصة الإفك الذي افتراه عبد الله بن أبي هذا الخبيث وأصحابه، وذلك أن أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنها كانت قد خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه السفرة، وكانت تحمل في هو دج، فنزلوا بعض المنازل ثم أرادوا أن يرتحلوا أول النهار فذهبت إلى المتبرز، ثم رجعت فإذا هي فاقدة عقداً لأختها أسماء كانت أعارتها إياه، فرجعت تلتمسه في الموضع الذي كانت فيه، فجاء النفر الذين كانوا يرحلون بها فحملوا الهو دج، حملة رجل واحد، وليس فيه أحد، فرحلوه على البعير ولم يستنكروا خفته لتساعدهم عليه، ولأن عائشة رضي الله عنها كانت في ذلك الوقت لم تحمل اللحم، بل كانت طفلة في سن أربع عشرة سنة.
فلما رجعت وقد أصابت العقد لم تر بالمنزل أحداً، فجلست في المنزل وقالت: إنهم سيفقدونها فيرجعون إليها، والله غالب على أمره وله الحكم فيما يشاء.
وأخذتها سنة من النوم فلم تستيقظ إلا بترجيع صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني، وكان قد عرس في أخريات القوم، لأنه كان شديد النوم كما جاء ذلك عنه في رواية  أبي داود، فلما رأى أم المؤمنين قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ثم أناخ بعيره فقربه إليها، فركبته، ولم يكلمها كلمة واحدة، ولم تسمع منه إلا ترجيعه، ثم سار بها يقودها حتى قدم بها وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة.
فلما رأى ذلك الناس تكلم المنافقون بما الله مجازيهم به، وجعل عبد الله بن أبي الخبيث مع ما تقدم له من الخزي في هذه الغزوة يتكلم في ذلك ويستحكيه، ويظهره ويشيعه ويبديه.
وكان الأمر في ذلك كما هو مطول في  الصحيحين  من حديث  الزهري، عن سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعلقمة بن وقاص الليثي، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، كلهم عن عائشة رضي الله عنها الصديقة بنت الصديق المبرأة من فوق سبع سماوات مما اتهمها به أهل الإفك في هذه الغزوة في قوله تعالى: " إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم " الآيات.
فلما أنزل الله تعالى ذلك وكان بعد قدومهم من هذه الغزوة بأكثر من شهر.
جلد الذين تكلموا في الإفك، وكان ممن جلد مسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك صعد على المنبر فخطب المسلمين واستعذر من عبد الله بن أبي وأصحابه، " فقال: من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي؟ والله ما علمت على أهلي إلا خيراً، وذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً، وما يدخل على أهلي إلا معي " فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل فقال: يا رسول الله، أنا أعذرك منه، فإن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان من أخو اننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، فقام سعد بن عبادة فقال كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تستطيع قتله، ولوكان من رهطك لما أحببت أن يقتل.
فقال أسيد بن الحضير: والله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين فتثاور الحيان حتى كادوا يقتتلون، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم ويسكنهم حتى سكنوا.. الحديث.
هكذا وقع في الصحيحين أن المقاول لسعد بن عبادة هو سعد بن معاذ، وهذا من المشكلات التي أشكلت على كثير من أهل العلم بالمغازي، فإن سعد بن معاذ لا يختلف أحد منهم أنه مات إثر قريظة، وقد كانت عقب الخندق، وهي سنة خمس على الصحيح.
ثم حديث الإفك لا يشك أنه في غزوة بني المصطلق هذه، وهي غزوة المريسيع.
وقال الزهري: في غزوة المريسيع.
وقد اختلف الناس في الجواب عن هذا، فقال موسى بن عقبة فيما حكاه البخاري عنه: إن غزوة المريسيع كانت في سنة أربع، وهذا خلاف الجمهو ر، ثم في الحديث ما ينفي ما قال، لأنها قالت: وذلك بعد ما أنزل الحجاب، ولا خلاف أنه نزل صبيحة دخوله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش، وقد سأل صلى الله عليه وسلم زينب عن شأن عائشة في ذلك، فقالت: أحمي سمعي وبصري.
قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد ذكر أهل التواريخ أن تزويجه بها كان في ذي القعدة في سنة خمس فبطل ما كان ولم ينجل الإشكال.
وأما الإمام  محمد بن إسحاق بن يسار  فقال: إن غزوة بني المصطلق كانت في سنة ست، وذكر فيها حديث الإفك، إلا أنه قال: عن  الزهري  عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة، فذكر الحديث.
قال: فقام أسيد بن الحضير فقال: أنا أعذرك منه ولم يذكر سعد بن معاذ.
قال  أبو محمد بن حزم: وهذا الصحيح الذي لاشك فيه، وذلك عندنا وهم.. وبسط الكلام في ذلك مع اعترافه بأن ذكر سعد جاء من طرق صحاح.
قلت: وهو كما قال إن شاء الله.
وقد وقع من هذا النمط في الحديث مما لا يغير حكماً أحاديث ذوات عدد، وقد نبه الناس على أكثرها، وقد حاول بعضهم أجوبة لها فتعسف، والله سبحانه وتعالى أعلم.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:14 pm



فصل - غزوة الحديبية
ولما كان ذوالقعدة من السنة السادسة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمراً في ألف ونيف قيل: وخمسمائة، وقيل: وأربعمائة، وقيل: وثلاثمائة، وقيل: غير ذلك.
فأما من زعم أنه إنما خرج في سبعمائة فقط غلط.
فلما علم المشركون بذلك جمعوا أحابيشهم وخرجوا من مكة صادين له عن الاعتمار هذا العام، وقدموا على خيل لهم خالد بن الوليد إلى كراع الغميم.
وخالفه صلى الله عليه وسلم في الطريق فانتهى صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية، وتراسل هو والمشركون حتى جاء سهيل بن عمرو فصالحه على: أن يرجع عنهم عامهم هذا وأن يعتمر من العام المقبل، فأجابه صلى الله عليه وسلم إلى ما سأل، لما جعل الله عز وجل في ذلك من المصلحة والبركة، وكره ذلك جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، منهم: عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وراجع أبا بكر الصديق في ذلك، ثم راجع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان جوابه صلى الله عليه وسلم، كما أجابه الصديق رضي الله عنه، وهو أنه عبد الله ورسوله وليس يضيعه، وهو ناصره.
وقد استقصى  البخاري هذا الحديث في  صحيحه.
فقاضاه سهيل بن عمرو على: أن يرجع عنهم عامه هذا، وأن يعتمر من العام المقبل على أن لا يدخل مكة ألا في جلبان السلاح، وأن لا يقيم عندهم أكثر من ثلاثة أيام.
وعلى أن يأمن الناس بينهم وبينه عشر سنين.
فكانت هذه الهدنة من أكبر الفتوحات للمسلمين كما قال عبد الله مسعود رضي الله عنه.
وعلى أنه من شاء دخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن شاء دخل في عقد قريش.
وعلى أنه لا يأتيه أحد منهم وإن كان مسلماً إلا رده إليهم، وإن ذهب أحد من المسلمين إليهم لا يردونه إليه.
فأقر الله سبحانه ذلك كله إلا ما استثنى من المهاجرات المؤمنات من النساء: فإنه نهاهم عن ردهن إلى الكفار، وحرمهن على الكفار يومئذ، وهذا أمر عزيز ما يقع في الأصول، وهو تخصيص السنة بالقرآن، ومنهم من عده نسخاً، كمذهب  أبي حنيفة  وبعض الأصوليين، وليس هو الذي عليه أكثر المتأخرين، والنزاع في ذلك قريب، إذ يرجع حاصله إلى مناقشة في اللفظ.
وقد كان صلى الله عليه وسلم قبل وقوع هذا الصلح بعث عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى أهل مكة يعلمهم أنه لم يجيء لقتال أحد وإنما جاء معتمراً، فكان من سيادة عثمان رضي الله عنه أنه عرض عليه المشركون الطواف بالبيت، فأبى عليهم وقال: لا أطوف بها قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولم يرجع عثمان رضي الله عنه، حتى بلغه صلى الله عليه وسلم أنه قد قتل عثمان، فحمي لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعا أصحابه إلى البيعة على القتال، فبايعوه تحت شجرة هناك، وكانت سمرة، وكان عدة من بايعه هناك جملة من قدمنا أنه خرج معه إلى الحديبية إلا الجد بن قيس فإنه كان قد استتر ببعير له نفاقاً منه وخذلانا، وإلا أبا سريحة حذيفة بن أسيد، فإنه شهد الحديبية، وقيل: إنه لم يبايع، وقيل: بل بايع.
إن أول من بايع يومئذ أبو سنان: وهب بن محصن، أخو عكاشة بن محصن، وقيل: ابنه سنان بن أبي سنان، وبايع سلمة بن الأكوع رضي الله عنه يومئذ ثلاث مرات بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم له بذلك، كما رواه  مسلم  عنه، ووضع صلى الله عليه وسلم إحدى يديه عن نفسه الكريمة ثم قال: وهذه عن عثمان رضي الله عنه فكان ذلك أجل من شهو ده تلك البيعة.
وأنزل الله عز وجل في ذلك: "لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك" "وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل أحد ممن بايع تحت الشجرة النار"
فهذه هي بيعة الرضوان.
"ولما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من مقاضاة المشركين كما قدمنا شرع في التحلل من عمرته وأمر الناس بذلك، فشق عليهم وتوقفوا رجاء نسخه، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، فدخل على أم سلمة فقال لها ذلك، فقالت: اخرج أنت يا رسول الله فاذبح هديك واحلق رأسك، والناس يتبعونك يا رسول الله، فخرج ففعل ذلك، فبادر الناس إلى موافقته، فحلقوا كلهم إلا عثمان بن عفان وأبا قتادة الحارث بن ربعي، فإنهما قصراً، " ذكره  السهيلي  في  الروض الأنف.
وكاد بعضهم يقتل بعضاً غماً، لأنهم يرون المشركين قد ألزموهم بشروط كما أحبوا، وأجابهم صلى الله عليه وسلم إليها وهذا من فرط شجاعتهم رضي الله عنهم وحرصهم على نصر الإسلام، ولكن الله عز وجل أعلم بحقائق الأمور ومصالحها منهم، ولهذا لما انصرف صلى الله عليه وسلم راجعاً إلى المدينة أنزل الله عز وجل عليه سورة الفتح بكمالها في ذلك، وقال عبد الله بن مسعود: إنكم تعدون الفتح فتح مكة وإنما كنا نعده فتح الحديبية، وصدق رضي الله عنه، فإن الله سبحانه وتعالى جعل هذه هي السبب في فتح مكة كما سنذكره بعد أن شاء الله تعالى.
وعوض من هذه خيبر سلفاً وتعجيلاً.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:15 pm



فصل - غزوة خيبر
ولما رجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أقام بها إلى المحرم من السنة السابعة، فخرج في آخره إلى خيبر، ونقل عن مالك بن أنس رحمه الله: أن فتح خيبر كان في سنة ست، والجمهو ر على أنها في سنة سبع، وأما  ابن حزم  فعنه أنها في سنة ست بلا شك، وذلك بناء على اصطلاحه، وهو أنه يرى أن أول السنين الهجرية شهر ربيع الأول الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجراً، ولكن لم يتابع عليه، إذا الجمهو ر على أن أول التاريخ من محرم تلك السنة، وكان أول من أرخ بذلك يعلى بن أمية باليمن، كما رواه  الإمام أحمد بن حنبل  عنه بإسناد صحيح إليه، [وقيل: عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك في سنة ست عشرة كما بسط ذلك في موضع آخر].
فسار صلى الله عليه وسلم إليها، واستخلف على المدينة نميلة بن عبد الله الليثي فلما انتهى إليها حاصرها حصناً حصناً يفتحه الله عز وجل عليه ويغنمه، حتى استكملها صلى الله عليه وسلم وخمسها، وقسم نصفها بين المسلمين، وكان جملتهم من حضر الحديبية فقط، وأرصد النصف الآخر لمصالحه ولما ينوبه من أمر المسلمين.
واستعمل اليهو دالذين كانوا فيها بعد ما سألوا ذلك عوضاً عما كان صالحهم عليه من الجلاء على أن يعملوها ولرسول الله صلى الله عليه وسلم النصف مما يخرج منها من ثمر أو زرع، وقد اصطفى صلى الله عليه وسلم من غنائمها صفية بنت حيي بن أخطب لنفسه، فأسلمت، فأعتقها، وتزوجها، وبنى بها في طريق المدينة بعدما حلت.
" وقد أهدت إليه امرأة من يهود خيبر - وهي زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم - شاة مصلية مسمومة، فلما انتهش من ذراعها أخبره الذراع أنه مسموم، فترك الأكل، ودعا باليهو دية فاستخبرها: [أسممت هذه الشاة] فقالت: نعم، فقال: [ما أردت إلى ذلك]؟ فقالت: أردت إن كنت نبياً لم يضرك، وإن كنت غيره استرحنا منك، فعفا عنها صلى الله عليه وسلم.
وقيل: إن بشر بن البراء بن معرور كان ممن أكل منها، فمات، فقتلها به.
وقد روى ذلك أبو داود مرسلاً عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ".
وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر بعد فراغهم من القتال جعفر بن أبي طالب وأصحابه ممن بقي مهاجراً بأرض الحبشة، وصحبتهم أبو موسى الأشعري في جماعة من الأشعريين يزيدون على السبعين.
وقدم عليه أبو هريرة وآخرون رضي الله عنهم أجمعين، فأعطاهم صلى الله عليه وسلم من المغانم كما أراه الله عز وجل، " وقد قال صلى الله عليه وسلم لجعفر: [لا أدري بأيهما أنا أسر، أبفتح خيبر أم بقدوم جعفر]؟ " ولما قدم عليه قام وقبل ما بين عينيه.
وقد استشهد بخبير من المسلمين نحو عشرين رجلاً رضي الله عنهم جميعهم.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:15 pm



فصل - فتح فدك
ولما بلغ أهل فدك ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل خيبر، بعثوا إليه يطلبون الصلح فأجابهم، فكانت مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فوضعها صلى الله عليه وسلم حيث أراه الله عز وجل، ولم يقسمها.



فصل - فتح وادي القرى
ورجع إلى المدينة على وادي القرى فافتحه، وقيل: إنه قاتل فيه.
فالله أعلم.
وفي الصحيحين أن غلاماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى مدعماً، بينما هو يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم غرب فقتله، فقال الناس: هنيئاً له الشهادة يا رسول الله، "فقال: كلاوالذي نفسي بيده، إن الشملة التي أخذها من الغنائم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه ناراً".




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:16 pm



فصل - عمرة القضاء
ولما رجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أقام بها إلى شهر ذي القعدة فخرج فيه معتمراً عمرة القضاء التي قاضى قريشاً عليها.
ومنهم من يجعلها قضاء عن عمرة الحديبية حيث صد.
ومنهم من يقول عمرة القصاص.
والكل صحيح.
فسار حتى بلغ مكة فاعتمر وطاف بالبيت، وتحلل من عمرته، وتزوج بعد إحلاله بميمونة بنت الحارث أم المؤمنين.
وتمت الثلاثة أيام، فبعث إليه المشركون علياً رضي الله عنه يقولون له: اخرج من بلدنا. "فقال: (وما عليهم لو بنيت بميمونة عندهم؟) فأبو عليه ذلك".
وقد كانوا خرجوا من مكة حين قدمها صلى الله عليه وسلم عداوة وبغضاً له.
فخرج عليه الصلاة والسلام فبنى بميمونة بسرف ورجع إلى المدينة مؤيداً منصوراً.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:16 pm



فصل - بعث مؤتة
ولما كان في جمادى الآخرة من سنة ثمان بعث صلى الله عليه وسلم الأمراء إلى مؤتة، وهي قرية من أرض  الشام، ليأخذوا بثأر من قتل هناك من المسلمين.
فأمر على الناس زيد بن حارثة مولاه صلى الله عليه وسلم " وقال: إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة ".
فخرجوا في نحو من ثلاثة آلاف، وخرج صلى الله عليه وسلم معهم يودعهم إلى بعض الطريق، فساروا حتى إذا كانوا بمعان بلغهم أن هرقل ملك الروم قد خرج إليهم في مائة ألف ومعه مالك بن زافلة في مائة ألف أخرى من نصارى العرب من لخم وجذام وقبائل قضاعة من بهراء وبلي، وبلقين فاشتور المسلمون هناك وقالوا: نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بأمره أو يمدنا.
فقال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه: يا قوم! والله إن الذي خرجتم تطلبون: مامكم -يعني الشهادة- وإنكم ما تقاتلون الناس بعدد ولا قوة، وما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا، فهي إحدى الحسنيين: إما ظهو ر، وإما شهادة.
فوافقه القوم، فنهضوا.
فلما كانوا بتخوم البلقاء لقوا جموع الروم فنزل المسلمون إلى جنب قرية مؤتة، والروم على قرية يقال لها مشارف، ثم التقوا فقاتلوا قتالاً عظيماً.
وقتل أمير المسلمين زيد بن حارثة رضي الله عنه والراية في يده، فتناولها جعفر، ونزل عن فرس له شقراء فعقرها، وقاتل حتى قطعت يده اليمنى، فأخذ الراية بيده الأخرى فقطعت أيضاً، فاحتضن الراية ثم قتل رضي الله عنه عن ثلاث وثلاثين سنة على الصحيح.
فأخذ الراية عبد الله بن رواحة الأنصاري رضي الله عنه، وتلوم بعض التلوم ثم صمم وقاتل حتى قتل، فيُقال: إن ثابت بن أقرم أخذ الراية وأراد المسلمون أن يؤمروه عليهم فأبى، فأخذ الراية خالد بن الوليد رضي الله عنه فانحاز بالمسلمين، وتلطف حتى خلص المسلمون من العدو،ففتح الله على يديه كما أخبر بذلك كله رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه الذين بالمدينة يومئذ وهو قائم على المنبر، فنعى إليهم الأمراء، واحداً واحداً وعيناه تذرفان صلى الله عليه وسلم، والحديث في الصحيح.
وجاء الليل فكف الكفار عن القتال.
ومع كثرة هذا العدووقلة عدد المسلمين بالنسبة إليهم لم يقتل من المسلمين خلق كثير على ما ذكره أهل السير، فإنهم لم يذكروا فيما سموا إلا نحو العشرة.
وكر المسلمون راجعين، ووقى الله شر الكفرة وله الحمد والمنة، إلا أن هذه الغزوة كانت إرهاصاً لما بعدها من غزوالروم، وإرهاباً لأعداء الله ورسوله.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:20 pm



فصل - غزوة فتح مكة
نذكر فيه ملخص غزوة فتح مكة التي أكرم الله عز وجل بها رسوله، وأقر عينه بها، وجعلها علما ظاهراً على إعلاء كلمته وإكمال دينه والاعتناء بنصرته.
وذلك لما دخلت خزاعة -كما قدمنا- عام الحديبية في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخلت بنوبكر في عقد قريش وضربت المدة إلى عشر سنين، أمن الناس بعضهم بعضاً، ومضى من المدة سنة ومن الثانية نحو تسعة أشهر، فلم تكمل حتى غدا نوفل بن معاوية الديلي فيمن أطاعه من بني بكر بن عبد مناة فبيتوا خزاعة على ماء لهم يقال له الوتير، فاقتتلوا هناك بذحول كانت لبني بكر على خزاعة من أيام الجاهلية، وأعانت قريش بني بكر على خزاعة بالسلاح، وساعدهم بعضهم بنفسه خفية، وفرت خزاعة إلى الحرم فاتبعهم بنوبكر إليه، فذكر قوم نوفل نوفلاً بالحرم، وقالوا: اتق إلهك.
فقال لا إله له اليوم، والله يا بني بكر إنكم لتسرقون في الحرم أفلا تدركون فيه ثأركم؟ قلت: قد أسلم نوفل هذا بعد ذلك، وعفا الله عنه، وحديثه مخرج في  الصحيحين  رضي الله عنه.
وقتلوا من خزاعة رجلاً يقال له منبه، وتحصنت خزاعة في دور مكة، فدخلوا دار بديل بن ورقاء، ودار مولى لهم يقال له: رافع، فانتفض عهد قريش بذلك.
فخر ج عمرو بن سالم الخزاعي وبديل بن ورقاء الخزاعي [وقوم من خزاعة] حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلموه بما كان من قريش واستنصروه عليهم، فأجابهم صلى الله عليه وسلم وبشرهم بالنصر، وأنذرهم أن أبا سفيان سيقدم عليهم مؤكداً العقد وأنه سيرده بغير حاجة.
فكان ذلك، وذلك أن قريشاً ندموا على ما كان منهم، فبعثوا أبا سفيان ليشد العقد الذي بينهم وبين محمد صلى الله عليه وسلم ويزيد في الأجل، فخرج، فلما كان بعسفان لقي بديل بن ورقاء وهو راجع من المدينة، فكتمه بديل ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهب أبو سفيان حتى قدم المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها، فذهب ليقعد على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعته، وقالت: إنك رجل مشرك نجس.
فقال: والله يا بنية لقد أصابك بعدي شر.
ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليه ما جاء له، فلم يجبه صلى الله عليه وسلم بكلمة واحدة.
ثم ذهب إلى أبي بكر رضي الله عنه فطلب منه أن يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى عليه، ثم جاء إلى عمر رضي الله عنه فأغلظ له، وقال: أنا أفعل ذلك؟! والله لو لم أجد إلا الذر لقاتلتكم به.
وجاء علياً رضي الله عنه فلم يفعل، وطلب من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها أن تأمر ولدها الحسن أن يجير بين الناس، فقالت: ما بلغ بني ذلك، وما يجيل أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأشار عليه علي رضي الله عنه أن يقوم هو فيجير بين الناس، ففعل.
ورجع إلى مكة فأعلمهم بما كان منه ومنهم، فقالوا: والله ما زاد -يعنون علياً- أن لعب بك.
ثم شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجهاز إلى مكة، وسأل الله عز وجل أن يعمي على قريش الأخبار، فاستجاب له ربه تبارك وتعالى، ولذلك لما كتب حاطب بن أبي بلتعة كتاباً إلى أهل مكة يعلمهم فيه بما هم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من القدوم على قتالهم وبعث به مع امرأة، وقد تأول في ذلك مصلحةً تعود عليه رحمه الله، وقبل ذلك منه  رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه، لأنه كان من أهل بدر: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً والزبير والمقداد رضي الله عنهم، فردوا تلك المرأة من روضة خاخ، وأخذوا منها الكتاب وكان هذا من إعلام الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك ومن أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم.
وخرج صلى الله عليه وسلم لعشر خلون من رمضان في عشرة آلاف مقاتل من المهاجرين والأنصار وقبائل العرب،وقد ألفت مزينة وكذا بنوسليم على المشهو ر رضي الله عنهم جميعهم.
واستخلف صلى الله عليه وسلم على المدينة أبا رهم كلثوم بن حصين.
ولقيه عمه العباس بذي الحليفة، وقيل: بالجحفة فأسلم.
ورجع معه صلى الله عليه وسلم، وبعث ثقله إلى المدينة.
ولما انتهى صلى الله عليه وسلم إلى نيق العقاب جاءه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الله بن أبي أمية أخو أم سلمة مسلمين، فطردهما، فشفعت فيهما أم سلمة، وأبلغته عنهما ما رقته عليهما، فقبلهما، فأسلما أتم إسلام رضي الله عنهما، بعد ما كانا أشد الناس عليه صلى الله عليه وسلم.
وصام صلى الله عليه وسلم حتى بلغ ماء يقال له: الكديد، بين عسفان وأمج من طريق مكة، فأفطر بعد العصر على راحته ليراه الناس، وأرخص للناس في الفطر، ثم عزم عليهم في ذلك، فانتهى صلى الله عليه وسلم حتى نزل بمر الظهران فبات به.
وأما قريش فعمى الله عليها الخبر، إلا أنهم قد خافوا وتوهموا من ذلك، فلما كانت تلك الليلة خرج ابن حرب، وبديل بن ورقاء، وحكيم بن حزام يتجسسون الخبر، فلما رأوا النيران أنكروها، فقال بديل: هي نار خزاعة، فقال أبو سفيان: خزاعة أقل من ذلك.
وركب العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلتئذ، وخرج من الجيش لعله يلقى أحداً، فلما سمع أصواتهم عرفهم، فقال: أبا حنظلة! فعرفه أبو سفيان، فقال: أبو الفضل؟ قال نعم.
قال ما وراءك؟ قال ويحك.. هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، واصباح قريش!.. قال: فما الحيلة؟ قال والله لئن ظفر بك ليقتلنك، ولكن اركب ورائي وأسلم.
فركب وراءه وانطلق به، فمر في الجيش كلما أتى على قوم يقولون: هذا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى مر بمنزل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما رآه قال: عدوالله؟ الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد.
ويركض العباس البغلة، ويشتد عمر رضي الله عنه في جريه، وكان بطيئاً، فسبقه العباس، فأدخله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء عمر في أثره، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضرب عنقه، فأجاره العباس مبادرة، فتقاول هو وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فأمره صلى الله عليه وسلم أن يأتيه به غداً، فلما أصبح أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرض عليه الإسلام فتلكأ قليلاً، ثم زجره العباس فأسلم، فقال العباس: يا رسول الله! إن أبا سفيان يحب الشرف، فقال صلى الله عليه وسلم " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن ".
قال  ابن حزم: هذا نص في أنها فتحت صلحاً لا عنوة.
قلت: هذا أحد أقوال العلماء وهو الجديد من مذهب  الشافعي.
واستدل على ذلك أيضاً بأنها لم تخمس ولم تقسم.
والذين ذهبوا إلى أنها فتحت عنوة استدلوا بأنهم قد قتلوا من قريش يومئذ عند الخندمة نحو اً من عشرين رجلاً، واستدلوا بهذا اللفظ أيضاً: [فهو آمن] والمسألة يطول تحريرها ها هنا.
وقد تناظر الشيخان في هذه المسألة -أعني  تاج الدين الفزاري، وأبا ز كريا النووي - ومسألة قسمة الغنائم.
والغرض أنه صلى الله عليه وسلم أصبح يومه ذلك سائراً إلى مكة، وقد أمر صلى الله عليه وسلم العباس أن يوقف أبا سفيان عند خطم الجبل، لينظر إلى جنود الإسلام إذا مرت عليه.
وقد جعل صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه على المقدمة، وخالد بن الوليد رضي الله عنه على الميمنة، والزبير بن العوام رضي الله عنه على الميسرة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في القلب، وكان أعطى الراية سعد بن عبادة رضي الله عنه، فبلغه أنه قال لأبي سفيان حين مر عليه: يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة - والحرمة هي الكعبة - فلما شكا أبو سفيان ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " بل هذا يوم تعظم فيه الكعبة ".
فأمر بأخذ الراية من سعد فتعطى علياً، وقيل: الزبير، وهو الصحيح.
وأمر صلى الله عليه وسلم الزبير أن يدخل من كداء من أعلى مكة، وأن تنصب رايته بالحجون، وأمر خالداً أن يدخل من كدى من أسفل مكة، وأمرهم بقتال من قاتلهم.
وكان عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو ، قد جمعوا جمعاً بالخندمة، فمر بهم خالد بن الوليد فقاتلهم، فقتل من المسلمين ثلاثة وهم: كرز بن جابر من بني محارب بن فهر، وحبيش بن خالد بن ربيعة بن أصرم الخزاعي، وسلمة بن الميلاء الجهني، رضي الله عنهم.
وقتل من المشركين ثلاثة عشر رجلاً، وفر بقيتهم.
ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وهو راكب على ناقته وعلى رأسه المغفر، ورأسه يكاد يمس مقدمة الرحل من تواضعه لربه عز وجل.
وقد أمن صلى الله عليه وسلم الناس إلا عبد العزى بن خطل، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعكرمة بن أبي جهل، ومقيس بن صبابة، والحويرث بن نقيذ، وقينتين لابن خطل، وهما فرتنا وصاحبتها، وسارة مولاة لبني عبد المطلب، فإنه صلى الله عليه وسلم أهدر دمائهم،وأمر بقتلهم حيث وجدوا، حتى ولوكانوا متعلقين بأستار الكعبة فقتل ابن خطل، وهو متعلق بالأستار، ومقيس ابن صبابة، والحويرث بن نقيذ، وإحدى القينتين، وآمن الباقون.
ونزل صلى الله عليه وسلم مكة واغتسل في بيت أم هانئ وصلى ثماني ركعات يسلم من كل ركعتين، فقيل إنها صلاة الضحى.
وقيل: صلاة الفجر.
قال  السهيلي: وقد صلاها سعد بن أبي وقاص في إيوان كسرى، إلا أنه صلى ثماني ركعات بتسليم واحد.
وليس كما قال، بل يسلم من كل ركعتين كما رواه  أبو داود.
وخرج صلى الله عليه وسلم إلى البيت فطاف به طواف قدوم، ولم يسع، ولم يكن معتمراً.
ودعا بالمفتاح، فدخل البيت وأمر بإلقاء الصور ومحوها منه، وأذن بلال يومئذ على ظهر الكعبة، ثم رد
صلى الله عليه وسلم المفتاح إلى عثمان بن طلحة بن أبي طلحة.
وأقرهم على السدانة.
وكان الفتح لعشر بقين من رمضان.
"واستمر صلى الله عليه وسلم مفطراً بقية الشهر يصلي ركعتين، ويأمر أهل مكة أن يُتِمُّوا"، كما رواه  النسائي  بإسناد حسن عن عمران بن حصين رضي الله عنه، وخطب صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح فبين حرمة مكة وأنها لم تحل لأحد قبله ولا تحل لأحد بعده، وقد أحلت له ساعة من نهار، وهي غير ساعته تلك حرام.
وبعث صلى الله عليه وسلم السرايا إلى من حول مكة من أحياء العرب يدعوهم إلى الإسلام، وكان في جملة تلك البعوث بعث خالد إلى بني جذيمة الذين قتلهم خالد حين دعاهم إلى الإسلام، فقالوا: صبأنا، ولم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ من صنيع خالد بهم.
وكان أيضاً في تلك البعوث بعث خالد أيضاً إلى العزى، وكان بيتاً تعظمه قريش وكنانة وجميع مضر، فدمرها رضي الله عنه من إمام وشجاع.
وكان عكرمة بن أبي جهل قد هرب إلى اليمن، فلحقته امرأته وهي مسلمة وهي أم حكيم بنت الحارث بن هشام، فردته بأمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم وحسن إسلامه، وكذا صفوان بن أمية كان قد فر إلى اليمن، فتبعه صاحبه في الجاهلية عمير بن وهب بأمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرده، وسيره صلى الله عليه وسلم أربعة أشهر، فلم تمض حتى أسلم وحسن إسلامه رضي الله عنه.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:21 pm



فصل - غزوة حنين

ولما بلغ فتح مكة هو زان جمعهم مالك بن عوف النصري، فاجتمع إليه ثقيف وقومه بنونصر بن معاوية، وبنوجشم، وبنوسعد بن بكر، وبشر من بني هلال بن عامر، وقد استصحبوا معهم أنعامهم ونساءهم لئلا يفروا، فلما تحقق ذلك دريد بن الصمة شيخ بني جشم -وكانوا قد حملوه في هو دج لكبره تيمناً برأيه- أنكر ذلك على مالك بن عوف النصري وهجنه، وقال: إنها إن كانت لك لم ينفعك ذلك، وإن كانت عليك فإن المنهزم لا يرده شيء.
وحرضهم على ألا يقاتلوا إلا في بلادهم، فأبوا عليه ذلك واتبعوا رأي مالك بن عوف، فقال دريد: هذا يوم لم أشهده ولم يغب عني.
وبعث صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي فاستعلم له خبر القوم وقصدهم، فتهيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم للقائهم، واستعار من صفوان بن أمية أدراعاً، قيل: مائة.
وقيل: أربعمائة.
واقترض منه جملة من المال، وسار إليهم في العشرة آلاف الذين كانوا معه في الفتح، وألفين من طلقاء مكة، وشهد معه صفوان بن أمية حنيناً وهو مشرك، وذلك في شوال من هذه السنة، واستخلف على مكة عتاب بن أسيد بن أبي العيص أمية بن عبد شمس، وله نحو عشرين سنة.
ومر صلى الله عليه وسلم في مسيره ذلك على شجرة يعظمها المشركون يقال لها ذات أنواط، فقال بعض جهال العرب: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط.
فقال: "قلتم -والذي نفسي بيده- كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم ألهة، لتركبن سنن من كان قبلكم".
ثم نهض صلى الله عليه وسلم فوافى حنيناً، وهو واد حدور من أو دية تهامة.
وقد كمنت لهم هو ازن فيه، وذلك في عماية الصبح، فحملوا على المسلمين حملة رجل واحد، فولى المسلمون لا يلوي أحد على أحد، فذلك قوله تعالى: " ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين " وذلك أن بعضهم قال: لن نغلب اليوم من قلة.
وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفر، ومعه من الصحابة: أبو بكر، وعمر، وعلي، وعمه العباس، وابناه: الفضل، وقثم، وأبوسفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وابنه جعفر، وآخرون.
وهو صلى الله عليه وسلم يومئذ راكب بغلته التي أهداها له فروة بن نوفاسة الجذامي، وهو يركضها إلى وجه العدو، والعباس آخذ بحكمتها يكفها عن التقدم، وهو صلى الله عليه وسلم ينوه باسمه يقول:)أنا النبي لا كذب.. أنا ابن عبد المطلب).
ثم أمر العباس، وكان جهير الصوت، أن ينادي: يا معشر الأنصار، يا معشر أصحاب الشجرة، يا معشر أصحاب السمرة، فلما سمعه المسلمون وهم فارون كروا وأجابوه: لبيك لبيك، وجعل الرجل إذا لم يستطع أن يثني بعيره لكثرة المنهزمين، نزل عن بعيره وأخذ درعه فلبسها، وأخذ سيفه وترسه، ويرجع راجلاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا اجتمع حوله عصابة منهم نحو المائة، استقبلوا هو زان فا جتلدوا هم و إياهم، واشتدت الحرب، وألقى الله في قلوب هو ازن الرعب حين رجعوا، فلم يملكوا أنفسهم، ورماهم صلى الله عليه وسلم بقبضة حصى بيده، فلم يبقى منهم أحد إلا ناله منها، وفسر قوله تعالى: " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " بذلك.
وعندي في ذلك نظر، لأن الآية نزلت في قصة بدر كما تقدم.
وتفر هو ازن بين يدي المسلمين، ويتبعونهم يقتلون ويأسرون، فلم يرجع آخر الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا والآسارى بين يده، وحاز صلى الله عليه وسلم أموالهم وعيالهم.
وانحازت طوائف من هو ازن إلى أو طاس، فبعث صلى الله عليه وسلم إليهم أبا عامر الأشعري واسمه عبيد ومعه ابن أخيه أبو موسى الأشعري حاملا راية المسلمين في جماعة من المسلمين، فقتلوا منهم خلقاً.
وقتل أمير المسلمين أبو عامر، رماه رجل فأصاب ركبته، وكان منها حتفه، فقتل أبو موسى قاتله، وقيل: بل أسلم قاتله بعد ذلك، وكان أحد أخو ة عشرة قتل أبو عامر التسعة قبله، فالله أعلم.
ولما أخبر أبو موسى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك استغفر صلى الله عليه وسلم لأبي عامر.
وكان أبو عامر رابع أربعة استشهدوا يوم حنين، والثاني أيمن بن أم أيمن، والثالث يزيد بن زمعة بن الأسود، والرابع سراقة بن الحارث بن عدي من بني العجلان من الأنصار رضي الله عنهم.
وأما المشركون فقتل منهم خلق كثير)نحو الأربعين)
وفي هذه الغزوة قال صلى الله عليه وسلم: " من قتل قتيلاً فله سلبه " في قصة أبي قتادة رضي الله عنه.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:22 pm



فصل - غزوة الطائف -
وأما ملك هو ازن وهو مالك بن عوف النصري فإنه حين انهزم جيشه دخل مع ثقيف حصن الطائف.
ورجع صلى الله عليه وسلم من حنين فلم يدخل مكة حتى أتى الطائف فحاصرهم، فقيل: بضع وعشرون ليلة، وقيل: بضعة عشرة ليلة.
قال ابن حزم  وهو الصحيح بلا شك.
قلت: ما أدري من أين صحح هذا؟ بل كأنه أخذه من قوله صلى الله عليه وسلم لهو ازن حين أتوه مسلمين بعد ذلك: " لقد كنت استأنيت بكم عشرين ليلة " وفي الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: فحاصرناهم أربعين يوماً - يعني ثقيفاً - فاستعصوا وتمنعوا، وقتلوا جماعة من المسلمين بالنبل وغيره.
وقد خرب صلى الله عليه وسلم كثيراً من أموالهم الظاهرة وقطع أعنابهم، ولم ينل منهم كبيرهم شيء، فرجع عنهم فأتى الجعرانة،فأتاه وفد هو ازن هنالك مسلمين، وذلك قبل أن يقسم الغنائم، فخيرهم صلى الله عليه وسلم بين ذراريهم وبين أموالهم، فاختاروا الذرية،فقال صلى الله عليه وسلم: " أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم "، قال المهاجرون والأنصار: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وامتنع الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وقومهما حتى أرضاهما وعوضهما صلى الله عليه وسلم.
وأراد العباس بن مرداس السلمي أن يفعل كفعلهما، فلم توافقه بنوسليم، بل طيبوا ما كان لهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فردت الذرية على هو ازن، وكانوا ستة آلاف، فيهم الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى من بني سعد بن بكر بن هو زان، وهي أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، فأكرمها وأعطاها، ورجعت إلى بلادها مختارةً لذلك، وقيل: كانت هو ازن متوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برضاعتهم إياه.
ثم قسم صلى الله عليه وسلم بقيته على المسلمين، وتألف جماعةً من سادات قريش وغيرهم، فجعل يعطي الرجل المائة بعير، والخمسين، ونحو ذلك.
وفي  صحيح مسلم  عن  الزهري  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى يومئذ صفوان بن أمية ثلاثمائة من الإبل.
وعتب بعض الأنصار، فبلغه،فخطبهم وحدهم، وامتن عليهم بما أكرمهم الله من الإيمان به، وبما أغناهم الله به بعد فقرهم، وألف بينهم بعد العداوة التامة، فرضوا وطابت أنفسهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
وطعن ذوالخويصرة التميمي، واسمه حرقوص - فيما قيل - على النبي صلى الله عليه وسلم في قسمته تلك، وصفح عنه صلى الله عليه وسلم وحلم، بعد ما قال له بعض الأمراء: ألا نضرب عنقه؟ فقال: لا.
ثم قال: " إنه سيخرج من ضئضئ هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم ".
واستعمل صلى الله عليه وسلم مالك بن عوف النصري على من أسلم من قومه، وكان قد أسلم وحسن إسلامه، وامتدح رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصيدة ذكرها  ابن إسحاق.
واعتمر صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ودخل مكة، فلما قضى عمرته ارتحل إلى المدينة، وأقام للناس الحج عامئذ عتاب بن أسيد رضي الله عنه، فكان أول من حج بالناس من أمراء المسلمين.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:22 pm



فصل - غزوة تبوك
ولما أنزل الله عز وجل على رسول " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أو توا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب إلى الجهاد، وأعلمهم بغزوالروم، وذلك في رجب من سنة تسع، وكان لا يريد غزوة إلا ورى بغيرها، إلا غزوته هذه، فإنه صرح لهم بها ليتأهبوا، لشدة عدوهم وكثرته، وذلك حين طابت الثمار، وكان ذلك في سنة مجدبة، فتأهب المسلمون لذلك.
وأنفق عثمان بن عفان رضي الله عنه على هذا الجيش وهو جيش العسرة مالاً جزيلاً فقيل: ألف دينار.
وقال بعضهم: إنه حمل على ألف بعير ومائة فرس وجهزها أتم جهاز حتى لم يفقدوا عقالاً وخطاماً، رضي الله عنه.
ونهض صلى الله عليه وسلم في نحو من ثلاثين ألفاً، واستخلف على المدينة محمد بن مسلمة وقيل: سباع بن عر فطة: وقيل: علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
والصحيح أن علياً كان خليفة له على النساء والذرية، ولهذا لما آذاه المنافقون فقالوا: تركه على النساء والذرية، لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكا إليه ذلك، فقال: " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبي بعدي " وقد خرج معه عبد الله بن أبي رأس النفاق، ثم رجع من أثناء الطريق.وتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء والذرية، ومن عذره الله من الرجال ممن لا يجد ظهراً يركبه أو نفقة تكفيه، فمنهم البكاؤون، وكانوا سبعة: سالم بن عمير، وعلبة بن زيد، وأبوليلى عبد الرحمن بن كعب، وعمر بن الحمام، وعبد الله بن المغفل المزني، وهرمي بن عبد الله وعرباض بن سارية الفزازي، رضي الله عنهم.
وتخلف منافقون كفراً وعناداً وكانوا نحو الثمانين رجلاً.
وتخلف عصاة مثل: مرارة بن الربيع، وكعب بن مالك، وهلال بن أمية.
ثم تاب الله عليهم بعد قدومه صلى الله عليه وسلم بخمسين ليلة.
فسار صلى الله عليه وسلم فمر في طريقه بالحجر، فأمرهم أن لا يدخلوا عليهم بيوتهم إلا أن يكونوا باكين، وأن لا يشربوا إلا من بئر الناقة، وما كانوا عجنوا به من غيره فليطعموه للإبل.
وجازها صلى الله عليه وسلم مقنعاً.
فبلغ صلى الله عليه وسلم تبوك وفيها عين تبض بشيء من ماء قليل، فكثرت ببركته، مع ما شوهد من بركة دعائه في هذه الغزوة، من تكثير الطعام الذي كان حاصل الجيش جميعه منه مقدار العنز الباركة، فدعا الله عز وجل فأكلوا منه وملؤوا كل وعاء كان في ذلك الجيش، وكذا لما عطشوا دعا الله تعالى فجاءت سحابة فأمطرت، فشربوا حتى رووا واحتملوا، ثم وجدوها لم تجاوز الجيش.
ومن آيات أخر كثيرة احتاجوا إليها في ذلك الوقت.
ولما انتهى إلى هناك لم يلق غزواً، ورأى أن دخولهم إلى أرض الشام بهذه السنة يشق عليهم، فعزم على الرجوع.
وصالح صلى الله عليه وسلم يحنة بن رؤبة صاحب أيلة، وبعث خالداً إلى أكيدر دومة، فجيء به فصالحه أيضاً، ورده، ثم رجع صلى الله عليه وسلم وبعد رجوعه أمر بهدم مسجد الضرار، وكان قد أخرج من دار خزام بن خالد، وهدمه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم أخو بني سالم، أحد رجال بدر، وآخر معه اختلف فيه، وهو المسجد الذي نهى الله رسوله أن يقوم فيه أبداً.
وكان رجوعه من هذه الغزاة في رمضان من سنة تسع، وأنزل فيها عامة سورة التوبة، وعاتب الله عز وجل من تخلَّف عنه صلى الله عليه وسلم، فقال عز وجل: " ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلّفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه " الآية والتي تليها، ثم قال: " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهو ا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون "، فبان لك من هذا واتضح ما اختلف فيه، وهو أن طائفة النافرة هم الذين يتفقهو ن في الدين بصحبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة، وإذا رجعوا أنذروا قومهم ليحذروا مما تجدد بعدهم من الدين، والله سبحانه وتعالى أعلم.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:22 pm



فصل - قدوم وفد ثقيف
وقدم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان هذه السنة فأسلموا، وكان سبب ذلك أن عروة بن مسعود سيدهم كان قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من حنين والطائف وقبل وصوله إلى المدينة، فأسلم وحسن إسلامه واستأذن رسول الله  صلى الله عليه وسلم في الرجوع إلى قومه ليدعوهم إلى الله عز وجل، فأذن له وهو يخشى عليه، فلما رجع إليهم ودعاهم إلى الإسلام رموه بالنبل فقتلوه.
ثم إنهم ندموا ورأوا أنهم لا طاقة لهم بحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعثوا وفدهم إليه في رمضان كما قدمنا، وكانوا ستة، فأول من بصر بهم المغيرة بن شعبة الثقفي، وكان يرعى، فترك ذلك وأقبل بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلمهم في الطريق كيف يسلمون عليه، وسبق أبو بكر الصديق رضي الله عنه المغيرة وبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم.
فأنزلهم عليه الصلاة والسلام في المسجد وضرب لهم فيه قبة، وكان السفير بينهم وبينه خالد بن سعيد بن العاص.
وكان الطعام يأتيهم من عند النبي صلى الله عليه وسلم فلا يأكلونه حتى يأكل خالد قبلهم، فأسلموا واشترطوا أن تبقى عندهم طاغيتهم اللات، وأن لا تهدم، فلم يجيبهم صلى الله عليه وسلم إلى ذلك.
وسألوا أن يخفف عنهم بعض الصلوات فلم يجبهم إلى ذلك.
فسألوا أن لا يهدموا بأيديهم طاغيتهم، فأجابهم إليه.
وبعث معهم أبا سفيان صخر بن حرب والمغيرة بن شعبة لهدمها فهدمها.
وعظم ذلك على نساء ثقيف، واعتقدوا أن يصيبهم منها سوء، وقد طنز بهم المغيرة بن شعبة حين هدمها فخر صريعاً، وذلك بتواطؤ منه ومن أبي سفيان، ليوهمهم أن ذلك منها، ثم قام يبكتهم ويقرعهم رضي الله عنه.
فأسلموا وحسن إسلامهم.
وجعل صلى الله عليه وسلم إمامهم أحد الستة الذين قدموا عليه وهو عثمان بن أبي العاص، وكان أحدثهم سناً، لما رأى من حرصه على قراءة القرآن وتعلمه الفرائض وأمره أن يتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً، وأن يقتدي بأضعفهم.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:23 pm



فصل - حجة الصديق وتواتر الوفود وبعث الرسل
وبعث صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه أميراً على الحج هذه السنة، وأردفه علياً رضي الله عنه بسورة براءة: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، وينبذ إليهم عهو دهم إلا من كان ذا عهد مقدر فعهده إلى مدته.
وتواترت الوفود هذه السنة وما بعدها على رسول الله صلى الله عليه وسلم مذعنة بالإسلام وداخلين في دين الله أفواجاً كما قال تعالى: "إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا".
وبعث صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن ومعه أبو موسى الأشعري رضي الله عنهما، وبعث الرسل إلى ملوك الأقطار يدعوهم إلى الإسلام.
وانتشرت الدعوة، وعلت الكلمة، وجاء الحق، وزهق الباطل، إن الباطل كان زهو قاً.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:23 pm



فصل - حجة الوداع
نذكر فيه ملخص حجة الوداع وكيفيتها بعون الله ومنه وحسن توفيقه وهدايته، فنقول وبالله التوفيق: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر يوم الخميس لست بقين من ذي القعدة من سنة عشر بالمدينة، ثم خرج منها بمن معه من المسلمين من أهل المدينة ومن تجمع من الأعراب، فصلى العصر بذي الحليفة ركعتين، وبات بها.
وأتاه آت من ربه عز وجل في ذلك الموضع -وهو وادي العقيق- يأمره عن ربه عز وجل أن يقول في حجته هذه: حجة في عمرة.
ومعنى هذا أن الله أمره أن يقرن الحج مع العمرة، فأصبح صلى الله عليه وسلم فأخبر الناس بذلك، فطاف على نسائه يومئذ بغسل واحد، وهن تسع، وقيل: إحدى عشرة.
ثم اغتسل وصلى في المسجد ركعتين، وأهل بحجة وعمرة معاً.
هذا الذي رواه بلفظه ومعناه عنه صلى الله عليه وسلم ستة عشر صحابياً، منهم خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد رواه عنه صلى الله عليه وسلم ستة عشر تابعياً، وهو صريح لا يحتمل التأويل، إلا أن يكون بعيداً، وما عدا ذلك مما جاء من الأحاديث الموهمة التمتع أو ما يدل على الإفراد، فلها محل غير هذا تذكر فيه.والقران في الحج عند أبي حنيفة هو الأفضل، وروي فيه عن  الإمام أحمد بن حنبل  قول، وعن الإمام  أبي عبد الله الشافعي، وقد نصره جماعة من محققي أصحابه، وهو الذي يحصل به الجمع بين الأحاديث كلها.
ومن العلماء من أو جبه، والله أعلم.
وساق صلى الله عليه وسلم الهدي من ذي الحليفة، وأمر من كان معه هدي أن يهل كما أهل صلى الله عليه وسلم.
وسار صلى الله عليه وسلم والناس بين يديه وخلفه، وعن يمينه وشماله أمماً لا يحصون كثرة، كلهم قدم ليأتم به صلى الله عليه وسلم.
فلما قدم صلى الله عليه وسلم  مكة طاف للقدوم، ثم سعى بين الصفا والمروة، وأمر الذين لم يسوقوا هدياً أن يفسخوا حجهم إلى عمرة ويتحللوا حلاً تاماً، ثم يهلوا بالحج وقت خروجهمم إلى منى، ثم قال: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة " فدلك هذا أنه لم يكن متمتعاً قطعاً، خلافاً لزاعمي ذلك من أصحاب  الإمام أحمد  وغيرهم وقدم علي رضي الله عنه من اليمن فقال صلى الله عليه وسلم: " بم أهللت؟ قال: بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إني سقت الهدي وقرنت ".
روى هذا اللفظ  أبو داود  وغيره من الأئمة بإسناد صحيح، فهذا صريح في القران، وقدم علي رضي الله عنه من اليمن هدياً، وأشركه صلى الله عليه وسلم في هديه أيضاً، وكان حاصلها مائة بدنة.
ثم خرج صلى الله عليه وسلم إلى منى فبات بها وكانت ليلة الجمعة التاسع من ذي الحجة.
ثم أصبح فسار إلى عرفة وخطب تحت سمرة خطبة عظيمة، شهدها من أصحابه نحو من أربعين ألفاً رضي الله عنهم أجمعين، وجمع بين الظهر والعصر ثم وقف بعرفة.
ثم بات بالمزدلقة، وجمع بين المغرب والعشاء ليلتئذ، ثم أصبح فصلى الفجر في أول وقتها.
ثم سار قبل طلوع الشمس إلى منى، فرمى جمرة العقبة، ونحر، وحلق.
ثم أفاض فطاف بالبيت طواف الفرض وهو طواف الزيارة، واختلف أين صلى الظهر يومئذ، وقد أشكل ذلك على كثير من الحفاظ.
ثم حل من كل شيء حرم منه صلى الله عليه وسلم.
وخطب ثاني يوم النحر خطبة عظيمة أيضاً، ووصى وحذر وأنذر وأشهدهم على أنفسهم أنه بلغ الرسالة.
فنحن نشهد أنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً دائماً إلى يوم الدين.
ثم أقبل صلى الله عليه وسلم منصرفاً إلى المدينة، وقد أكمل الله له دينه.




الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصول في السيرة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصول في السيرة   الفصول في السيرة - صفحة 2 Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023, 3:23 pm



فصل - وفاته صلى الله عليه وسلم
فأقام بها بقية ذي الحجة والمحرم وصفر، ثم ابتدأ به صلى الله عليه وسلم وجعه في بيت ميمونة يوم خميس، وكان وجعاً في رأسه الكريم، وكان أكثر ما يعتريه الصداع عليه الصلاة والسلام، فجعل مع هذا يدور على نسائه حتى شق عليه، فاستأذنهن أن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها، فأذن له، فمكث وجعأاثني عشر يوماً.وقيل: أربعة عشر يوماً.
والصديق رضي الله عنه يصلي بالناس بنصه صلى الله عليه وسلم عليه، واستثنائه له من  جيش أسامة الذي كان قد جهزه صلى الله عليه وسلم إلى الشام لغزوالروم.
فلما حصل الوجع، تربصوا لينظروا ما يكون من أمره صلى الله عليه وسلم وقد صلى عليه الصلاة والسلام خلف الصديق جالساً.
وقبض صلى الله عليه وسلم ضحى يوم الإثنين من ربيع الأول، فالمشهو ر أنه الثاني عشر منه، وقيل مستهله.
وقيل: ثانية، وقيل: غير ذلك.
وقال  السهيلي  ما زعم أنه لم يسبق إليه: من أنه لا يمكن أن تكون وقفته يوم الجمعة تاسع ذي الحجة، ثم تكون وفاته يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول بعده، سواء حسبت الشهو ر كاملة أم ناقصة، أم بعضها كاملاً وبعضها ناقصاً.
وقد حصل له جواب صحيح في غاية الصحة ولله الحمد، أفردته مع غيره من الأجوبة، وهو أن هذا إنما وقع بحسب اختلاف رؤية هلال ذي الحجة في مكة والمدينة، فرآه أهل مكة قبل أو لئك بيوم، وعلى هذا يتم القول المشهو ر ولله الحمد والمنة.
وكان عمره يوم مات صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستين سنة، على الصحيح، قالوا: ولها مات أبو بكر وعمر وعلي وعائشة رضي الله عنهم، ذكره أبو زكريا النووي في تهذيبه وصححه، وفي بعضه نظر.
وقيل: كان ستين، وقيل: خمساً وستين وهذه الأقوال الثلاثة في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما.
فاشتدت الرزية بموته صلى الله عليه وسلم، وعظم الخطب وجل الأمر، وأصيب المسلمون بنبيهم، وأنكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك، وقال: إنه لم يمت، وإنه سيعود كما عاد موسى لقومه.
وماج الناس، وجاء الصديق المؤيد المنصور رضي الله عنه أو لا وآخراً وظاهراً وباطناً، فأقام الأود، وصدع بالحق، وخطب الناس وتلا عليهم: " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين "، فكأن الناس لم يسمعوها قبل ذلك، فما من أحد إلا يتلوها.
ثم ذهب المسلمون به إلى سقيفه بني ساعدة وقد اجتمعوا على إمرة سعد بن عبادة، فصدهم عن ذلك وردهم، وأشار عليهم بعمر بن الخطاب أو بأبي عبيدة بن الجراح، فأبيا ذلك والمسلمون، وأبى الله ذلك أيضاً، فبايعه المسلمون رضي الله عنهم هناك، ثم جاء فبايعه الناس البيعة العامة على المنبر.
ثم شرعوا في جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغسلوه في قميصه، وكان الذي تولى ذلك عمه العباس، وابنه قثم، وعلي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد، وشقران -مولياه- يصبان الماء، وساعد في ذلك أوس بن خولي الأنصاري البدري، رضي الله عنهم أجمعين.
وكفنوه في ثلاثة أثواب قطن سحولية بيض ليس فيها قميص.
وصلوا عليه أفراداً واحداً واحداً، لحديث جاء في ذلك رواه البزار -والله أعلم بصحته- أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بذلك.
وقال  الشافعي: إنما صلوا عليه مرة بعد مرة أفذاذاً لعظم قدره، ولمنافستهم أن يؤمهم عليه أحد.
قال  الحاكم أبو أحمد  فكان أو لهم عليه صلاة العباس عمه، ثم بنوهاشم، ثم المهاجرون، ثم الأنصار، ثم سائر الناس، فلما فرغ الرجال صلى الصبيان ثم النساء.
ودفن صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء، وقيل: ليلة الأربعاء سحراً، في الموضع الذي توفي فيه من حجرة عائشة، لحديث رواه  الترمذي  عن أبي بكر رضي الله عنه، وهذا هو المتواتر تواتراً ضرورياً معلوماً من الدفن الذي هو اليوم داخل مسجد المدينة.
أخر الجزء الأول من الترجمة النبوية
على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.
ويتلوه الذي يليه.



الفصول في السيرة - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الفصول في السيرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
 مواضيع مماثلة
-
» الفصول في السيرة: الجزء الثاني
» لماذا ندرس السيرة؟!
» شهر شوال في السيرة النبوية
»  إضاءات استشراقية على السيرة النبوية
» السيرة الذاتية للسيد/ حسن نصر الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: إلا رســـول الله صلى الله عليه وسلم :: فصول سيرة الرسول :: الجزء الأول من الفصول-
انتقل الى: