| الفصول في السيرة: الجزء الثاني | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:16 pm | |
| الفصول في السيرة: الجزء الثاني فصل - حجه واعتماره صلى الله عليه وسلم لم يحج صلى الله عليه وسلم بعدما هاجر إلا حجته هذه، وهي حجة الإسلام وحجة الوداع، وكان فرض الحج في السنة السادسة في قول بعض العلماء، وفي التاسعة في قول آخرين منهم، وقيل: سنة عشر، وهو غريب وأغرب منه ماحكاه إمام الحرمين في النهاية وجهاً لبعض الأصحاب: أن فرض الحج كان قبل الهجرة وأما عمره فكن أربعاً: الحديبية التي صد عنها، وعمرة القضاء بعدها، ثم عمرة الجعرانة، ثم عمرته التي مع حجته. وقد حج صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة مرة، وقيل: أكثر. وهو الأظهر، لأنه كان صلى الله عليه وسلم يخرج ليالي الموسم يدعوالناس إلى الله تعالى، صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً دائماً إلى يوم الدين.
فصل - عدد غزواته وبعوثه أما غزواته، فروى مسلم من حديث عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي عن أبيه قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، قاتل في ثمان منهن، وعن زيد بن أرقم قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة كنت معه في سبع عشرة. وأما محمد بن إسحاق فقال: كانت غزواته التي خرج فيها بنفسه سبعاً وعشرين، وكانت بعوثه وسراياه ثما نياً وثلاثين، وزاد ابن هشام في البعوث على ابن إسحاق، والله أعلم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:18 pm | |
|
فصل - أعلام نبوته في أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم على سبيل الإجمال، لأن تفصيله يحتاج إلى مجلدات عديدة، وقد جمع الأئمة في ذلك ما زاد على ألف معجزة. فمن أبهرها وأعظمها القرآن العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وإعجازه من جهة لفظه ومعناه: أما لفظه ففي أعلى غايات فصاحة الكلام وكل من ازدادت معرفته بهذا الشأن ازداد للقرآن تعظيماً في هذا الباب، وقد تحدى الفصحاء والبلغاء في زمانه مع شدة عدواتهم له، وحرصهم على تكذيبه، بأن يأتوا بمثله أوبعشر سور من مثله، أوبسورة، فعجزوا. وأخبرهم أنهم لا يطيقون ذلك أبداً، بل قد تحدى الجن والإنس قاطبة على أن يأتوا بمثله فعجزوا، وأخبرهم بذلك، فقال الله تعالى: " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولوكان بعضهم لبعض ظهيرا " إلى غير ذلك من الوجوه المثبتة لإعجازه. وأما معناه فإنه في غاية التعاضد والحكمة، والرحمة والمصلحة، والعا قبة الحميدة والاتفاق، وتحصيل أعلى المقاصد، وتبطيل المفاسد، إلى غير ذلك مما يظهر لمن له لب وعقل صحيح خال من الشبه والأهو اء، نعوذ بالله منها ونسأله الهدى. ومن ذلك أنه نشأ بين قوم يعرفون نسبه ومرباه ومدخله ومخرجه، يتيماً بين أظهرهم، أميناً صادقاً، باراً راشداً، كلمهم يعرف ذلك ولاينكره إلا من عاند وسفسط وكابر. وكان أمياً لا يحسن الكتابة ولا يعانيها ولا أهلها، وليس في بلادهم من علم الأولين، ولا من يعرف شيئاً من ذلك فجاءهم على رأس أربعين سنة من عمره يخبر بما مضى مفصلا مبيناً، يشهد له علماء الكتب المتقدمة البصيرون بها المهتدون بالصدق، بل أكثر الكتب المنزلة قبله قد دخلها التحريف والتبديل، ويجيء ماأنزل الله عليه مبيناً عليه، دالاً على الحق منه، وهو مع ذلك في غاية الصدق والأمانة، والسمت الذي لم ير أولوالألباب مثله صلى الله عليه وسلم، والعبادة لله، والخشوع له، والذلة له، والدعاء إليه، والصبر على أذى من خالفه واحتماله، وزهده في الدنيا، وأخلاقه السنية الشريفة: من الكرم والشجاعة والحياء والبر، والصلة صلى الله عليه وسلم، إلى غير ذلك من الأخلاق التي لم تجتمع في بشر قبله ولا بعده، إلا فيه، فبالعقل يدرك أن هذا يستحيل أن يكذب على أدنى مخلوق بأدنى كذبة، فكيف يمكن أن يكون في مثل هذا قد كذب على الله رب العالمين، الذي قد أخبرهو بما لديه من أليم العقاب، وما لمن كذب عليه وافترى؟! هذا لايصدر إلا من شر عباد الله وأجرئهم وأخبثهم، ومثل هذا لا يخفى أمره على الصبيان في المكاتب، فكيف بأولي الأحلام والنهى، الذين بذلوا أنفسهم وأموالهم وفارقوا أولادهم وأوطانهم وعشائرهم في حبه وطاعته؟ رضي الله تعالى عنهم، وصلى الله عليه وسلم في تعاقب الليل والنهار. ومن ذلك ما أخبر صلى الله عليه وسلم به في هذا القرآن، وفيما صح عنه من الأحاديث، من الغيوب المستقبلة المطابقة لخبره حذوالقذة بالقذة مما يطول استقصاؤه ها هنا. ومن ذلك ماأظهره الله تعالى على يديه من خوارق العادات الباهرة: فمن ذلك: ماأخبر الله عز وجل عنه في كتابه العزيز من انشقاق القمر، وذلك أن المشركين سألوه آية وكان ذلك ليلاً، فأشار إلى القمر، فصار فرقتين، فسألوا من حولهم من الأحياء، لئلا يكون قد سحرهم فأخبروهم بمثل ما رأوا، وهذا متواتر عنه عند أهل العلم بالأخبار، وقد رواه غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. ومن ذلك ما ظهر ببركة دعائه في أماكن يطول بسطها، وتضيق مجلدات عديدة عن حصرها، وقد جمع الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله تعالى كتاباً شافياً في ذلك مقتدياً بمن تقدمه في ذلك، كما اقتدى به كثيرون بعده رحمهم الله تعالى: فمن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم دعا الله تعالى في السخلة التي كانت مع ابن مسعود في الرعي، وسمى الله وحلبها، فدرت عليه، فشرب وسقى أبا بكر، وكذلك فعل في شاة أم معبد. ودعا للطفيل بن عمرو، فصارت آية في طرف سوطه، نور يلمع يرى من بعد. وكذلك حصل لأسيد بن الحضير وعباد بن بشر الأنصاري وقد خرجا من عنده في ليلة ظلماء. ودعا الله على السبعة الذي سخروا منه وهو يصلي، فقتلوا ببدر. ودعا على ابن أبي لهب، فسلط الله عليه السبع بالشام وفق دعائه عليه السلام. ودعا على سراقة فساخت يدا فرسه في الأرض، ثم دعا الله فأطلقها ورمى كفار قريش في بدر بقبضة من حصباء فأصاب كلا منهم شيء منها وهزمهم الله. وكذلك فعل يوم حنين سواء. وأعطى يوم بدر لعكاشة بن محصن جذلاً من حطب فصار في يده سيفاً ماضياً. وأخبر عمه العباس -وهو أسير- بما دفن هو وأم الفضل من المال تحت عتبة بابهم، فأقرله بذلك. وأخبر عمير بن وهب بما جاء له من قتله معتذرا بأنه جاء في فداء أسارى بدر، فاعترف له بذلك، وأسلم من وقته رضي الله عنه. ورد يوم أحد عين قتادة بن النعمان الظفري بعد أن سالت على خده. وقيل: بعدما صارت في يده، فصارت أحسن عينيه، فلم تكن تعرف من الأخرى. وأطعم يوم الخندق الجم الغفير الذين يقاربون ألفاً: من سخلة وصاع شعير ببيت جابر. كما أطعم يومئذ من نزر يسير من تمر، جاءت به ابنة بشير. وكذلك أطعم نحو الثمانين من طعام كادت تواريه يده المكرمة. وكذلك فعل يوم أصبح عروساً بزينب بنت جحش. وأما يوم تبوك، فكان أمراً هائلاً، أطعم الجيش وملؤوا كل وعاء معهم من قدر ربضة العنز طعاماً. وأعطى أبا هريرة رضي الله عنه مزوداً فأكل منه دهره، وجهز منه في سبيل الله شيئاً كثيراً ولم يزل معه إلى أيام مقتل عثمان. وأشياء أخرى من هذا النمط يطول ذكرها مجردة، وسنفرد لذلك -إن شاء الله تعالى وبه الثقة- مصنفاً على حدة. ودعا الله تعالى لما قحطوا فلم ينزل عن المنبر حتى تحدرالماء على لحيته صلى الله عليه وسلم من سقف المسجد، وقد كان قبله لا يرى في السماء سحابة ولا قزعة ولا قدر الكف، ثم لما استصحى لهم انجاب السحاب عن المدينة حتى صارت المدينة في مثل الإكليل. ودعا الله على قريش فأصابهم من الجهد ما لا يعبر عنه، حتى استرحموه، فعطف عليهم فأفرج عنهم. وأتي بإناء فيه ماء ليتوضأ به، فرغب إليه أقوام هناك أن يتوضؤوا معه فوضع يده في ذلك الإناء، فما وسعها، ثم دعا الله، فنبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم. وكذلك فعل يوم الحديبية، وكان الجيش ألفاً وأربعمائة، قال جابر: ولوكنا مائة ألف لكفانا. وكذلك فعل في بعض أسفره بقطرة من ماء في سقاء، قال الراوي: لما أمرني أن أفرغها في الوعاء خشيت أن يشربها يابس القربة، فوضع يده فيها، ودعا الله تعالى، فنبع الماء من بين أصابعه لأصحابه، حتى توضؤوا وشربوا. وكذلك بعث سهمه إلى عين الحديبية فوضعت فيها فجاشت بالماء حتى كفتهم. وكذلك فعل يوم ذات السطيحتين، سقى أصحابه وتوضؤوا، وأمر بعضهم فاغتسل من جنابة كانت عليه، ولم ينقص من تلك المزادتين اللتين للمرأة شيء، فذهبت إلى قومها، فقالت: رأيت اليوم أسحر أهل الأرض، أوإنه لنبي..! ثم أسلمت، وأسلم قومها، رضي الله عنهم. في كثير من هذا النمط يطول بسطه، وفيما ذكرنا كفاية إن شاء الله تعالى.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:29 pm | |
|
فصل - الإخبار بالغيوب المستقبلة وقد أخبر بالغيوب المستقبلة المطابقة لخبره، كما أخبر الله عز وجل في كتابه من إظهار دينه، وإعلاء كلمته، واستخلاف الذين آمنوا وعملوا الصالحات من أمته في الأرض، وكذلك كان. وأخبر بغلبة الروم فارس في بضع سنين، فكان كذلك. وأخبر صلى الله عليه وسلم قومه الذين كانوا معه في الشعب أن الله قد سلط على الصحيفة الأرضة فأكلتها إلا ما كان من ذكر الله، وكان كذلك. وأخبر يوم بدر قبل الوقعة بيوم بمصارع القتلى واحداً واحداً، فكان كما أخبر سواء بسواء. وأخبر أن كنوز كسرى وقيصر ستنفق في سبيل الله، فكان كذلك. وبشر أمته بأن ملكهم سيمتد في طول الأرض، فكان كذلك. وأخبر أنه لا تقوم الساعة حتى تقاتل أمته قوماً صغار الأعين ذلف الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة، وهذه حلية التتار، فكان كذلك. وأخبر بقتال الخوارج، ووصف لهم ذا التدية فوجد كما وصف سواء بسواء وأخبر أن الحسن بن علي رضي الله عنهما سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فكان كذلك. وأخبر بأن عماراً ستقتله الفئة الباغية، فقتل يوم صفين مع علي رضي الله عنهما وأخبر بخروج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى، وكان ظهو ر هذه في سنة بضع وخمسين وستمائة، وتواتر أمرها، وأخبرت عمن شاهد إضاءة أعناق الإبل ببصرى، فصلى الله على رسوله كلما ذكره الذاكرون. وأخبر بجزيئات كانت وتكون بين يدي الساعة يطول بسطها، وفيما ذكرنا كفاية، إن شاء الله، وبه الثقة.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:29 pm | |
|
فصل - بشارة الكتب السماوية المتقدمة برسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الكتب المتقدمة البشارة به، كما أخبر الله تعالى أن ذلك في التوراة والإنجيل مكتوب، وكما أخبر عن نبيه عيسى عليه السلام أنه قال: " ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد "، وروى البخاري عن عبد الله بن عمروأنه وجد صفته في التوراة صلى الله عليه وسلم وذكرها. وفي التوراة اليوم التي يقر اليهو د بصحتها في السفر الأول أن الله تعالى تجلى لإبراهيم وقال له ما معناه: [فاسلك في الأرض طولاً وعرضاً لولدك تعظيماً]. ومعلوم أنه لم يملك مشارق الأرض ومغاربها إلا محمد صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيح عنه أنه قال: "إنه زوى لي الأرض مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها". وفيه أيضاً: [إن الله تعالى قال لإبراهيم: إن إسحاق يكون لك منه نسل وأما إسماعيل فإني باركته وكثرته وعظمته، وجعلت ذريته بنجوم السماء...] إلى أن قال: [وعظمته بماذ ماذ - أي بمحمد، وقيل: بأحمد - وقيل: جعلته عظيماً عظيماً وجعل حذاً]. وفيه: [إن الله وعد إبراهيم أن ولده إسماعيل تكون يده عالية على كل الأمم، فكل الأمم تحت يده، وبجميع مساكن أخو ته يسكن]، وقد علم أهل الكتاب وغيرهم أن إسماعيل لم يدخل قط الشام ولا علت يده على أخو ته، وإنما كان هذا لولده محمد صلى الله عليه وسلم، ولا ملك الشام ومصر من العرب أحد قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فإن فتحهما كان في خلافة الصديق والفاروق رضي الله عنهما. وفي السفر الرابع من التوراة التي بأيديهم اليوم ما معناه: [نبي أقيم لهم من أقاربهم من أخيهم مثلك يا موسى، أجعل نطقي بفيه]. ومعلوم لهم ولكل أحد أن الله عز وجل لم يبعث من نسل إسماعيل سوى محمد صلى الله عليه وسلم، بل لم يكن في بني إسرائيل نبي يماثل موسى إلا عيسى عليه السلام، وهم لا يقرون بنبوته، ثم ليس هو من أخو تهم، بل هو منتسب إليهم بأمه صلوات الله وسلامه عليه، فتعين ذلك في محمد صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك ما ختمت به التوراة في آخر السفر الخامس ما معناه: [جاء الله من سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلى من جبال فاران]. ومعنى هذا أن الله جاء شرعه ونوره من طور سيناء الذي كلم موسى عليه، وأشرق من ساعير وهو الجبل الذي ولد به عيسى عليه السلام وبعث فيه، واستعلى من جبال فاران وهي مكة، بدليل أن الله أمر إبراهيم صلى الله عليه وسلم أن يذهب بإسماعيل إلى جبال فاران. وقد استشهد بعض العلماء على صحة هذا بأن الله سبحانه أقسم بهذه الأماكن الثلاثة فترقى من الأدنى إلى الأعلى في قوله تعالى: "والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد الأمين"، ففي التوراة ذكرهن بحسب الوقوع، الأول فالأول، وبحسب ما ظهر فيهن من النور. وفي القرآن لما أقسم بهن ذكر منزل عيسى ثم موسى ثم محمد، صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين، لأن عادة العرب إذا أقسمت ترقت من الأدنى إلى الأعلى. وكذا زبور داود عليه السلام والنبوءات الموجودة الآن بأيدي أهل الكتاب، فيها البشارات به صلى الله عليه وسلم كما يخبر بذلك من أسلم منهم قديماً وحديثاً. وفي الإنجيل ذكر -الفارقليط- موصوفاً بصفات محمد صلى الله عليه وسلم سواء بسواء. وأمَّا كلام أشعيا وأرميا فظاهر جداً لكل مَنْ قرأه. ولله الحمد والمنة والحجة البالغة.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:30 pm | |
|
فصل - أولاده تقدم ذكر أعمامه وعماته عند ذكر نسبه المطهر صلى الله عليه وسلم. فأما أولاده فذكورهم وإناثهم من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، إلا إبراهيم فمن مارية القطبية، وهم: القاسم، وبه كان يُكَنَّى لأنه أكبر أولاده، ثم زينب، ثم رقية، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة. ثم بعد النبوة: عبد الله، ويقال له: الطيب والطاهر، لأنه ولد في الإسلام. وقيل: الطاهر غير الطيب. وصحح ذلك بعض العلماء. ثم إبراهيم من مارية، ولد له صلى الله عليه وسلم بالمدينة في السنة الثامنة، وتوفي عن سنة وعشرة أشهر، فلهذا قال صلى الله عليه وسلم: "أن له مرضعاً في الجنة". وكلهم مات قبله، إلا فاطمة رضي الله عنها فإنها توفيت بعده بيسير، قيل: ستة أشهر على المشهو ر.وقيل: ثمانية أشهر، وقيل: سبعون يوماً، وقيل: خمسة وسبعون يوماً. وقيل: ثلاثة أشهر، وقيل: مائة يوم. وقيل: غير ذلك. وصلى عليها علي، وقيل: أبو بكر. وهو قول غريب. وقد ورد في حديث أنها اغتسلت قبل موتها بيسير، وأوصت ألا تغسل بعد موتها، وهو غريب جداً، وروي أن علياً والعباس وأسماء بنت عميس زوجة الصديق وسلمى أم رافع وهي قابلتها غسلوها، وهذا هو الصحيح.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:30 pm | |
|
فصل - زوجاته في زوجاته رضي الله عنهن: أول من تزوج صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. فكانت وزير صدق له لما بعث، وهي أول من آمن به على الصحيح. وقيل: أبو بكر. وهو شاذ. ولم يتزوج في حياتها بسواها لجلالها وعِظَمِ مَحِلِّهَا عنده. واختلف أيها أفضل هي أو عائشة رضي الله عنهما؟ فرجح فضل خديجة جماعة من العلماء. وقد ماتت قبل الهجرة [بسنة ونصف]. ثم تزوَّج سودة بنت زمعة القرشية العامرية، بعد موت خديجة بمكة، ودخل بها هناك، ثم لَمَّا كبرت أراد صلى الله عليه وسلم طلاقها، فصالحته على أن وهبت يومها لعائشة وقيل: له، فجعله لعائشة. وفيها نزل قوله تعالى: "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أوإعراضًا" الآية. وتوفيت في آخر أيام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقيل: تزوج عائشة قبل سودة، ولكنه لم يبن بها إلا في شوال من السنة الثانية من الهجرة، ولم يتزوج بكراً سواها، [ولم يأته الوحي في لحاف امرأة من نسائه سواها] ولم يحب أحد من النساء مثلها، وقد كانت لها مآثر وخصائص ذكرت في القرآن والسنة، ولا يعلم في هذه الأمة امرأة بلغت من العلم مبلغها، وتوفيت سنة [سبع وقيل] ثمان وخمسين. ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه في السنة الثالثة من الهجرة، وقد طلقها صلى الله عليه وسلم، ثم راجعها، وتوفيت سنة إحدى وأربعين. وقيل: وخمسين. وقيل: سنة خمس وأربعين. ثم أم سلمة، واسمها هند بنت أبي أمية -واسمه حذيفة- ويقال: سهيل بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، القرشية، بعد وفاة زوجها أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن مخزوم، مرجعه من بدر، فلما انقضت عدتها خطبها صلى الله عليه وسلم، وهذا يقتضي أن ذلك أول السنة الثالثة، وقد كان ولي عقدها ابنها عمر، كما رواه النسائي من طريق حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أم سلمة. وقد جمعت جزءاً في ذلك، وبينت أن عمر المقول له في هذا الحديث إنما هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأنه كان الخاطب لها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر الوقدي وغيره أن وليها كان ابنها سلمة، وهو الصحيح إن شاء الله. وقد ذكر أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها بغير ولي، والله تعالى أعلم. قال الواقدي: توفيت سنة تسع وخمسين. وقال غيره في خلافة يزيد بن معاوية سنة اثنتين وستين. ثم تزوج زينب بنت جحش في سنة خمس من ذي القعدة، وقيل: سنة ثلاث، وهو ضعيف. وفي صبيحة عرسها نزل الحجاب، كما أخرجاه في . عن أنس، وأنه حجبه حينئذ وقد كان عمره لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة عشراً، فدل على أنه كان قد استكمل خمس عشرة سنة،. والله أعلم. وقد كان وليها الله سبحانه وتعالى دون الناس، قال الله تعالى: " فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها " وروى البخاري في صحيحه بسند ثلاثي أنها كانت تفخر على نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله في السماء، وكانت أول أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاة، قال الواقدي: توفيت سنة عشرين، وصلى عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ثم تزوج جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية، وذلك أنه لما غزا قومها في سنة ست، بالماء الذي يقال له: المريسيع، وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس، وكاتبها، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها فاشتراها وأعتقها وتزوجها. فقيل: إنها توفيت سنة خمسين. وقال الواقدي: سنة ست وخمسين. ثم تزوج صفية بنت حيي بن أخطب الإسرائيلية الهارونية النضرية ثم الخيبرية رضي الله تعالى عنها، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم اصطفاها من مغانم خيبر، وقد كانت في أوائل سنة سبع، فأعتقها وجعل ذلك صداقها، فلما حلت في أثناء الطريق بنى بها، وحجبها، فعلموا أنها من أمهات المؤمنين. قال الواقدي: توفيت سنة خمسين، وقال غيره: سنة ست وثلاثين، والله أعلم. وفي هذه السنة، وقيل: في التي قبلها -سنة ست- تزوج أم حبيبة، واسمها رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس الأموية. خطبها عليه عمروبن أمية الضمري، وكانت بالحبشة، وذلك حين توفي عنها زوجها عبيد الله بن جحش، فولي عقدها منه خالد بن سعيد بن العاص، وقيل: النجاشي، والصحيح الأول. ولكن أمهرها النجاشي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة دينار، وجهزها، وأرسل بها إليه رضي الله عنه. فأما ما رواه مسلم في صحيحه من حديث عكرمة بن عمار اليماني "عن أبي زميل سماك بن الوليد عن ابن عباس أن أبا سفيان لما أسلم قال في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم: عندي أحسن العرب وأجمله، أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكما.." الحديث. فقد استغرب ذلك من مسلم رحمه الله، كيف لم يتنبه لهذا؟ لأن أبا سفيان، إنما أسلم ليلة الفتح، وقد كانت بعد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بسنة وأكثر، وهذا مما لا خلاف فيه. وقد أشكل هذا على كثير من العلماء: فأما ابن حزم فزعم أنه موضوع وضعف عكرمة بن عمار، ولم يقل هذا أحد قبله ولا بعده. وأما محمد بن طاهر المقدسي فقال: أراد أبو سفيان أن يجدد العقد لئلا يكون تزوجها بغير إذنه غضاضة عليه، أوأنه توهم أن بإسلامه ينفسخ نكاح ابنته، وتبعه على هذا أبو عمروبن الصلاح وأبوزكريا النووي في شرح مسلم، وهذا بعيد جداً، فإنه لوكان كذلك لم يقل: عندي أحن العرب وأجمله، إذ رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ سنة فأكثر، وتوهم فسخ نكاحها بإسلامه بعيد جداً، والصحيح في هذا أن أبا سفيان لما رأى صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم شرفاً أحب أن يزوجه ابنته الأخرى وهي عزة، واستعان على ذلك بأختها أم حبيبة، كما أخرجا في ."عن أم حبيبة أنها قالت: يا رسول الله انكح أختي بنت أبي سفيان، قال: أوتحبين ذلك؟ قالت: نعم.. " الحديث. وفي صحيح مسلم أنها قالت: يا رسول الله، انكح أختي عزة بنت أبي سفيان.. الحديث. وعلى هذا فيصح الحديث الأول، ويكون قد وقع الوهم من بعض الرواة في قوله: وعندي أحسن العرب وأجمله: أم حبيبة. وإنما قال: عزة. فاشتبه على الراوي، أوأنه قال الشيخ: يعني ابنته، فتوهم السامع أنها أم حبيبة، إذ لم يعرف سواها. ولهذا النوع من الغلط شواهد كثيرة قد أفردت سرد ذلك في جزء مفرد لهذا الحديث ولله الحمد والمنة. وتوفيت أم حبيبة رضي الله عنها سنة أربع وأربعين فيما قاله أبو عبيد، وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: سنة تسع وخمسين قبل أخيها معاوية بسنة. ثم تزوج في ذي القعدة من هذه السنة ميمونة بنت الحارث الهلالية واختلف هل كان محرماً أولا؟ فأخرج صاحبا الصحيح عن ابن عباس أنه كان محرماً. فقيل: كان ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم لما رواه مسلم "عن عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب" واعتمد أبو حنيفة على الأول، وحمل حديث عثمان على الكراهة، وقيل: بل كان حلالاً كما رواه مسلم عن ميمونة أنها قالت: تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حلال، وبنى بها وهو حلال. وقد قدم جمهو ر العلماء هذا الحديث على قول ابن عباس، لأنها صاحبة القصة فهي أعلم. وكذا أبو رافع أخبر بذلك كما رواه الترمذي عنه، وقد كان هو السفير بينهما. وقد أجيب عن حديث ابن عباس بأجوبة ليس هذا موضعها. وماتت بسرف حيث بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من عمرة القضاء، وكان موتها سنة إحدى وخمسين، وقيل سنة ثلاث، وقيل: ست وستين، وصلى عليها ابن أختها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.فهؤلاء التسع بعد خديجة اللواتي جاء في أنه صلى الله عليه وسلم مات عنهن وفي رواية في الصحيح أنه مات عن إحدى عشرة، والأول أصح. وقد قال قتادة بن دعامة أنه صلى الله عليه وسلم تزوج خمس عشرة امرأة، فدخل بثلاث عشرة، وجمع بين إحدى عشرة، ومات عن تسع. وقد روى الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي نحو هذا عن أنس في كتابه المختارة فهذا هو المشهور. وقد رأيت لبعض أئمة المتأخرين من المالكية وغيرهم في كتاب النكاح تعداد زوجات لم يدخل بهن مع اللواتي دخل بهن ما ينيف على العشرين. وقد كان له من السراري اثنتان. وهما: مارية بنت شمعون القبطية، أم إبراهيم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أهداها له المقوقس صاحب إسكندرية ومصر، ومعها أختها شيرين وخصي يقال له مابور وبغلة يقال لها: الدلدل، فوهب صلى الله عليه وسلم شيرين إلى حسان بن ثابت فولدت له عبد الرحمن. وتوفيت مارية في محرم سنة ست عشرة، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحشر الناس لجنازتها بنفسه، وصلى عليها ودفنها بالبقيع رضي الله عنها. وأما الثانية فريحانة بنت عمرو، وقيل: بنت زيد، اصطفاها من بني قريظة وتسرى بها، ويقال: إنه تزوجها، وقيل: بل تسرى بها، ثم أعتقها فلحقت بأهلها. وذكر بعض المتأخرين أنه تسرى أمتين أخريين، والله تعالى أعلم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:31 pm | |
|
فصل - مواليه في ذكر موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم على حروف المعجم رضي الله عنهم أجمعين، وذلك حسبما أورده الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر في أول تاريخه وهم: أحمر، ويكنى أبا عسيب، وأسود، وأفلح، وأنس، وأيمن بن أم أيمن، وباذام، وثوبان بن بجدد، وذكوان - وقيل: طهمان، وقبل: كيسان. وقيل: مروان. وقيل: مهران - ورافع، ورباح، ورويفع، وزيد بن حارثة، وزيد جد هلال بن يسار، وسابق، وسالم، وسعيد وسفينة، وسلمان الفارسي، وسليم - ويكنى بأبي كبشة، ذكر فيمن شهد بدراً - وصالح [شقران]، وضميرة بن أبي ضميرة، وعبيد الله بن أسلم، وعبيد، وعبيد أيضاً - ويكنى بأبي صفية - وفضالة اليماني، وقصير، وكركرة - بكسرهما، ويقال: بفتحهما - ومابور القبطي، ومدعم، وميمون، ونافع، ونبيل، وهرمز، وهشام، وواقد، ووردان، ويسار [نوبي]، وأبوأثيلة، وأبوبكرة، وأبوالحمراء، وأبورافع وأسمه أسلم - فيما قيل - وأبوعبيد. فهؤلاء الذين حررهم أبو زكريا النووي رحمه الله تعالى في أول كتابه تهذيب الأسماء واللغات، إلا أني رتبتهم على الحروف ليكون أسهل للكشف. وأما إماؤه: فأمية، وبركة - أم أيمن، وهي أم أسامة بن زيد - وخضرة، ورضوى، وريحانة، وسلمة - وهي أم رافع امرأة أبي رافع - وشيرين، وأختها مارية أم إبراهيم عليه السلام، وميمونة بنت سعد، وأم ضميرة، وأم عياش. قال أبو زكريا رحمه الله تعالى: ولم يكن ملكه صلى الله عليه وسلم لهؤلاء في زمن واحد، بل في أوقات متفرقة.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:31 pm | |
|
فصل - خدمه وقد التزم جماعة من الصحابة رضي الله عنهم بخدمته، كما كان عبد الله بن مسعود صاحب نعليه، إذا قام ألبسه إيَّاهما، وإذا جلس جعلهما في ذراعيه حتى يقوم، وكان المغيرة بن شعبة سيافاً على رأسه. وعقبة بن عامر صاحب بغلته، يقود به في الأسفار. وأنس بن مالك، وربيعة بن كعب، وبلال، وذو مخبر، ويقال: ذو مخمر -ابن أخي النجاشي ملك الحبشة، ويقال: ابن أخته- وغيرهم.
فصل - كتاب الوحي - أما كتاب الوحي: فقد كتب له أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والزبير، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان، ومحمد بن مسلمة، والأرقم بن أبي الأرقم، وأبان بن سعيد بن العاص، وأخو ه خالد، وثابت بن قيس، وحنظلة بن الربيع الأسيدي الكاتب، وخالد بن الوليد وعبد الله بن الأرقم، وعبد الله بن زيد بن عبد ربه، والعلاء بن عتبة، والمغيرة بن شعبة، وشرحبيل بن حسنة، وقد أورد ذلك الحافظ أبو القاسم في كتابه أتم إيراد، وأسند ما أمكنه عن كل واحد من هؤلاء إلا شرحبيل بن حسنة، وذكر فيهم السجل، كما رواه أبو داود والنسائي عن ابن عباس في قوله تعالى: "يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب" قال: هو كاتب كان للنبي صلى الله عليه وسلم. وقد أنكر هذا الحديث الإمام أبو جعفر بن جرير في تفسيره، وقال: لا يعرف في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، بل ولا في أصحابه أحَدٌ يُسَمَّى [سجلاً]. قلت: وقد أنكره أيضاً غير واحد من الحُفَّاظِ، وقد أفردتُ له جُزءاً، وبيَّنتُ طُرُقَهُ وعِلَلَهُ، ومَنْ تكلّم فيه من الأئِمَّةِ، ومَنْ ذهب منهم إلى أنه حديث موضوع، والله تعالى أعلم.
فصل - المؤذنون كان له صلى الله عليه وسلم مؤذنون أربعة: بلال بن رباح، وعمرو بن أم مكتوم الأعمى -وقيل: اسمه عبد الله- وكانا في المدينة يتناوبان في الآذان. وسعد القرظ بقباء، وأبو محذورة بمكة، رضي الله عنهم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:32 pm | |
|
فصل - نوقه وخيوله وكان له صلى الله عليه وسلم من النوق: العضباء، والجدعاء، والقصواء، وروي عن محمد ابن إبراهيم التيمي أنه قال: إنما كان له ناقة واحدة موصوفة بهذه الصفات الثلاث، وهذا غريب جداً، حكاه النووي. وكان له من الخيل السكب -وكان أغر مُحَجَّلاً طلق اليمين، وهو أول فرس غزا عليه - وسبحة، وهو الذي سابق عليه. وهو الذي اشتراه من الأعرابي، وشهد فيه خزيمة بن ثابت. وقال سهل بن سعد: كان له ثلاثة أفراس: لزاز والظرب، واللخيف، وقيل بالحاء المهملة، وقيل النحيف، فهذه ستة، وسابعة وهي الورد، أهداها له تميم الداري. وكانت له بغلة يقال لها الدلدل، أهداها له المقوقس، وحضر بها يوم حنين، وقد عاشت بعده صلى الله عليه وسلم حتى كان يحسى لها الشعير لَمَّا سقطت أسنانها، وكانت عند علي، ثم بعده عند عبد الله بن جعفر. وكان له حمار يُقَالُ له: عفير، بالعين المهملة، وقيل بالمعجمة -قاله عياض- قال النووي، واتفقوا على تغليطه في ذلك. قلت وأغرب من هذا كله رواية أبي القاسم السهيلي في روضه الحديث المشهور في قصة عفير أنه كلم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال إنه من نسل سبعين حماراً كل منها ركبه نبي، وأن اسمه يزيد بن شهاب، وأنه كان يبعثه النبي صلى الله عليه وسلم في الحاجات إلى أصحابه. فهذا شيء باطل لا أصل له من طريق صحيح ولا ضعيف إلا ما ذكره أبو محمد بن أبي حاتم من طريق منكر مردود، ولا شك أهل العلم بهذا الشأن أنه موضوع، وقد ذكر هذا أبو إسحاق الإسفراييني وإمام الحرمين، حتى ذكره القاضي عياض في كتابه الشفاء استطراداً، وكان الأولى ترك ذكره لأنه موضوع. سألت شيخنا أبا الحجاج عنه فقال: ليس له أصل وهو ضحكة. وكان له صلى الله عليه وسلم في وقت عشرون لقحة، ومائة من الغنم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:32 pm | |
|
فصل - سلاحه وكان له من آلات الحرب: ثلاثة أرماح، وثلاث أقواس، وستة أسياف، منها ذوالفقار، تنفله يوم بدر، ودرع، وترس، وخاتم، وقدح غليظ من خشب، وراية سوداء مربعة، ولواء أبيض، وقيل: أسود.
فصل - رسله إلى الملوك في ذكر رسله إلى ملوك الآفاق. أرسل صلى الله عليه وسلم عمروبن أمية الضمري إلى النجاشي بكتاب، فأسلم رضي الله عنه ونور ضريحه. ودحية بن خليفة الكلبي إلى هرقل عظيم الروم، فقارب وكاد ولم يسلم، وقال بعضهم: بل أسلم، وقد روى سنيد بن داود في تفسيره حديثاً مرسلاً فيه ما يدل على إسلامه، وروى أبو عبيد في كتاب الأموال حديثاً مرسلاً أيضاً فيه تصريح بعدم إسلامه. وبعث عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك الفرس، فتكبر ومزق كتابه صلى الله عليه وسلم، فمزقه الله وممالكه كل ممزق بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه بذلك. وحاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس ملك الإسكندرية ومصر، فقارب ولم يذكر له إسلام، وبعث الهدايا إليه صلى الله عليه وسلم والتحف. وعمروبن العاص إلى ملكي عمان فأسلما، وخليا بين عمرووالصدقة والحكم بين الناس، رضي الله عنهما. وسليط بن عمروالعامري إلى هو ذة بن علي الحنفي باليمامة. وشجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك البلقاء من الشام. والمهاجر بن أبي أمية المخزومي إلى الحارث الحميري. والعلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين فأسلم. وأرسل أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل كليهما إلى أهل اليمن فأسلم عامة ملوكهم وسوقتهم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:33 pm | |
|
فصل - صفته الظاهرة في صفته الظاهرة، وقد صنف العلماء في هذا الباب، فأحسن من جمع في ذلك الإمام أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي رحمه الله تعالى، أعني كتاب الشمائل، وتبعه العلماء والأئمة. وقد استوعى ذلك بأسانيد، وشرحه مطولاً الحافظ أبو القاسم بن عساكر رحمه الله تعالى، وشيخنا الإمام الحافظ أبو الحجاج المزي في تهذيب الكلام. وقد ذكر الشيخ أبو زكريا النووي في تهذيبه فصلاً مختصراً فيه قال: كان صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا القصير، ولا الأبيض الأمهق، ولا الآدم، ولا الجعد القطط ولا السبط. وتوفي وليس في رأسه عشرون شعرة بيضاء، وكان حسن الجسم بعيد ما بين المنكبين، له شعر إلى منكبيه، وفي وقت إلى شحمة أذنيه. وفي وقت إلى نصف أذنيه، كث اللحية، شثن الكفين، أي غليظ الأصابع، ضخم الرأس والكراديس، في وجهه تدوير، أدعج العينين طويل أهدابهما، أحمر المآقي ذا مشربة، وهي الشعر الدقيق من الصدر إلى السرة، كالقضيب، إذا مشى تقلع كأنما ينحط من صبب أي يمشي بقوة، والصبب: الحدور. يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، كان وجهه كالقمر، حسن الصوت، سهل الخدين، ضليع الفم، سواء الصدر والبطن، أشعر المنكبين والذراعين وأعالي الصدر، طويل الزندين رحب الراحة، أشكل العينين، أي طويل شقهما، منهو س العقبين، أي قليل لحم العقب، بين كتفيه خاتم النبوة، كزر الحجلة وكبيضة الحمامة. وكان إذا مشى كأنما تطوى له الأرض، ويجدون في لحاقه وهو غير مكترث. وكان يسدل شعر رأسه، ثم فرقه، وكان يرجله، ويسرح لحيته ويكتحل بالإثمد كل ليلة، في كل عين ثلاثة أطراف عند النوم. وكان أحب الثياب إليه القميص والبياض والحبرة، وهي ضرب من البرود فيه حمرة، وكان كم قميصه صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ، ولبس في وقت حلة حمراء وإزاراً ورداء، وفي وقت ثوبين أخضرين، وفي وقت جبة ضيقة الكمين، وفي وقت قباء، وفي وقت عمامة سوداء، وأرخى طرفها بين كتفيه، وفي وقت مرطاً أسود أي كساء، ولبس الخاتم والخف والنعل. انتهى ما ذكره. وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: ما مسستُ ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط. ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلت كذا؟ رواه مسلم. وقال عبد الله بن سلام: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه، فلما نظرت إليه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، صلى الله عليه وسلم صلاة دائمة إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:33 pm | |
|
فصل - أخلاقه الطاهرة وأما أخلاقه الطاهرة، فقد قال الله سبحانه: "ن والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون * وإن لك لأجرًا غير ممنون * وإنك لعلى خُلُقٍ عظيم"، وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن. ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وسلم قد ألزم نفسه ألا يفعل إلا ما أمره به القرآن، ولا يترك إلا ما نهاه عنه القرآن، فصار امتثال أمر ربه خلقاً له وسجية، صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين. وقد قال الله تعالى: " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم " فكانت أخلاقه صلى الله عليه وسلم أشرف الأخلاق وأكرمها وأبرها وأعظمها: فكان أشجع الناس وأشجع ما يكون عند شدة الحروب. وكان أكرم الناس، وأكرم ما يكون في رمضان. وكان أعلم الخلق بالله، وأفصح الخلق نطقاً، وأنصح الخلق للخلق، وأحلم الناس. وكان صلى الله عليه وسلم أشد الناس تواضعاً في وقار، صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين. قالت قيلة بنت مخرمة في حديثها عند أبي داود: فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخشع في جلسته أرعدت من الفرق. وفي السيرة أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة يوم الفتح جعل يطأطئ رأسه من التواضع، حتى إن مقدم رحله ليصيب عثنونه، وهو من شعر اللحية. وكان أشد حياء من العذراء في خدرها، ومع ذلك فأشد الناس بأساً في أمر الله، وروي عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم: " أنا الضحوك القتال ". وهكذا مدح الله عز وجل أصحابه حيث قال تبارك وتعالى: " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ". وستأتي إن شاء الله تعالى بقية أوصافه الجميلة مستقصاة فيما نورده من الأحاديث بعد هذا إن شاء الله تعالى وبه المستعان.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:34 pm | |
|
فصل - الأماكن التي حلها في ذكر الأماكن التي حلها صلوات الله وسلامه عليه. وهي الرحلات النبوية. قدم الشام مرتين: الأولى مع عمه أبي طالب في تجارة له، وكان عمره إذ ذاك ثنتي عشرة سنة، وكان من قصة بحيرا وتبشيره به ما كان من الآيات الي رآها، مما بهر العقول، وذلك مبسوط في الحديث الذي رواه الترمذي مما تفرد به قراد أبو نوح، واسمه عبد الرحمن بن غزوان، وهو إسناد صحيح، ولكن في متنه غرابة قد بسط الكلام عليه في موضع آخر، وفيه ذكر الغمامة ولم أرها ذكراً في حديث ثابت أعلمه سواه. القدمة الثانية في تجارة لخديجة بنت خويلد وصحبته مولاه ميسرة، فبلغ أرض بصرى، فباع ثم التجارة ورجع، فأخبر ميسرة مولاته بما رأى عليه صلى الله عليه وسلم من لوائح النبوة، فرغبت فيه وتزوجته، وكان عمره حين تزوجها -على ما ذكره أهل السير- خمساً وعشرين سنة. وتقدم أنه صلى الله عليه وسلم أسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فاجتمع بالأنبياء وصلى بهم فيه، ثم ركب إلى السماء ثم إلى ما بعدها من السموات سماء سماء، ورأى الأنبياء هناك على مراتبهم، ويسلم عليهم ويسلمون عليه، ثم صعد إلى سدرة المنتهى فرأى هناك جبريل عليه السلام على الصورة التي خلقه الله عليها، له ستمائة جناح، ودنا الجبار رب العزة فتدلى كما يشاء على ما ورد في الحديث الشريف، فرأى من آيات ربه الكبرى كما قال تعالى: " لقد رأى من آيات ربه الكبرى "، وكلمه ربه سبحانه وتعالى على أشهر قولي أهل الحديث، ورأى ربه عز وجل ببصره على قول بعضهم، وهو اختيار الإمام أبي بكر بن خزيمة من أهل الحديث، وتبعه في ذلك جماعة من المتأخرين. وروى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه رآه بفؤاده مرتين. وأنكرت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها رؤية البصر، وروى مسلم عن أبي ذر قلت: يا رسول الله، رأيت ربك؟ فقال: " نور، أنى أراه؟ " وإلى هذا مال جماعة من الأئمة قديماً وحديثاً اعتماداً على هذا الحديث، واتباعاً لقول عائشة رضي الله عنها. قالوا: هذا مشهو ر عنها، ولم يعرف لها مخالف من الصحابة إلا ما روي عن ابن عباس أنه رآه بفؤاده، ونحن نقول به، وما روي في ذلك من إثبات الرؤيا بالبصر فلا يصح شيء من ذلك لا مرفوعاً، بل ولا موقوفاً، والله أعلم. ورأى الجنة والنار والآيات العظام، وقد فرض الله سبحانه عليه الصلاة ليلتئذ خمسين ثم خففها إلى خمس، وتردد بين موسى عليه السلام وبين ربه جل وعز في ذلك، ثم أهبط إلى الأرض إلى مكة إلى المسجد الحرام، فأصبح يخبر الناس بما رأى من الآيات. فأما الحديث الذي رواه النسائي في أول كتاب الصلاة "أخبرنا عمروبن هشام حدثنا مخلد هو ابن يزيد عن سعيد بن عبد العزيز، حدثنا يزيد بن أبي مالك، حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتيت بدابة فوق حمار ودون البغل، خطوها عند منتهى طرفها، فركبت ومعي جبريل عليه السلام، فسرت، فقال: انزل فصل، ففعلت، فقال: أتدري أين صليت صليت بطيبة، وإليها المهاجر. ثم قال: انزل فصل، فصليت، فقال: أتدري أين صليت؟ صليت بطور سيناء، حيث كلم الله موسى. ثم قال: انزل فصل، فصليت فقال: أتدري أين صليت؟ صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى. ثم دخلت بيت المقدس، فجمع لي الأنبياء، فقدمني جبريل حتى أممتهم، ثم صعد بي إلى السماء الدنيا.." وذكر بقية الحديث، فإنه حديث غريب منكر جداً وإسناده مقارب. وفي الأحاديث الصحيحة ما يدل على نكارته، والله أعلم. وكذلك الحديث الذي تفرد به بكر الله زياد الباهلي المتروك، " عن عبد الله بن المبارك، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليلة أسري بي قال لي جبريل: هذا قبر أبيك إبراهيم انزل فصل فيه " لا يثبت أيضاً، لحال بكر بن زياد المذكور. وهكذا الحديث الذي رواه ابن جرير في أول تاريخه من حديث أبي نعيم عمر بن الصبح، أحد الكذابين المعترفين بالوضع عن مقاتل بن حيان، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ذهب إلى يأجوج ومأجوج، فدعاهم إلى الله عز وجل فأبوا أن يجيبوه، ثم انطلق به جبريل عليه السلام إلى المدينتين - يعني [جابلق]، وهي مدينة بالمشرق وأهلها من بقايا عاد، ومن نسل من آمن منهم، ثم إلى جابرس، وهي بالمغرب، وأهلها من نسل من آمن من ثمود - فدعا كل منهما إلى الله عز وجل، فأمنوا به. وفي الحديث أن لكل واحدة من المدينتين عشرة آلاف باب، ما بين كل بابين فرسخ، ينوب كل يوم على باب عشرة آلاف رجل يحرسون، ثم لا تنوبهم الحراسة بعد ذلك إلى يوم ينفخ في الصور، فوالذي نفس محمد بيده لولا كثرة هؤلاء القوم وضجيج أصواتهم لسمع الناس من جميع أهل الدنيا هدة وقعة الشمس حين تطلع وحين تغرب ومن ورائهم ثلاث أمم: منسك وتافيل، وتاريس، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم دعا هذه الثلاث أمم، فكفروا وأنكروا، وهم مع يأجوج ومأجوج. وذكر حديثاً طويلاً لا يشك من له أدنى علم أنه موضوع، وإنما نبهت عليه ها هنا ليعرف حاله فلا يغتر به، ولأنه من ملازم ما ترجمنا الفصل به، ومن توابع ليلة الإسراء، والله أعلم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:34 pm | |
|
فصل - سماعاته قد قدمنا أنه صلى الله عليه وسلم سمع كلام ربه عز وجل وخطابه له ليلة الإسراء، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: " فنوديت أن قد أتممت فريضتي وخففت عن عبادي، يا محمد: إنه لا يبدل القول لدي، هي خمس، وهي خمسون ". فمثل هذا لا يقوله إلا رب العالمين كما في قوله تعالى لموسى: " إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري "، قال علماء السلف وأئمتهم: هذا من أدل الدلائل على أن كلام الله غير مخلوق، لأن هذا لا يقوم بذات مخلوقة، وقال جماعة منهم: من زعم أن قوله تعالى: " إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني " مخلوق، فهو كافر، لأنه بزعمه يكون ذلك المحل المخلوق قد دعا موسى إلى عبادته، وقد بسط هذا في غير هذا الموضع. وقد روى صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل أحاديث كثيرة، كحديث: " يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمته.. " الحديث وقد رواه مسلم، وله أشباه كثيرة. وقد أفرد العلماء في هذا الفصل مصنفات في ذكر الأحاديث الإلهية، فجمع زاهر بن طاهر في ذلك مصنفاً، وكذلك الحافظ الضياء أيضاً، وجمع علي بن بلبان مجلداً رأيته، يشتمل على نحو من مائة حديث. وقد ذهب جماعة من أهل الحديث والأصول أن السنة كلها بالوحي لقوله تعالى: " وما ينطق عن الهو ى * إن هو إلا وحي يوحى " وهذه المسألة مقررة في كتب الأصول، وقد أتقنها الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه المدخل إلى السنن. واختلفوا هل رأى ربه سبحانه كما قدمنا. وقد رأى جبريل عليه السلام هناك علىصورته، وكان قد رآه قبل ذلك منهبطاً من السماء إلى الأرض على الصورة التي خلق عليها، وذلك في ابتداء الوحي، وهو المعني بقوله تعالى: " علمه شديد القوى * ذومرة فاستوى * وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أوأدنى " فالصحيح من قول المفسرين - بل المقطوع به - أن المتدلي في هذه الآية هو جبريل عليه السلام، كما أخرجاه في . " عن عائشة رضي الله عنها: أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: ذاك جبريل " فقد قطع هذا الحديث النزاع وأزاح الإشكال. وقد قدمنا أنه اجتمع بالأنبياء ورآهم على مراتبهم، ورأى خازن الجنة وخازن النار، وشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، وتلقاه المقربون في الأخرى. وفي السنن أنه صلى الله عليه وسلم قال: " ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة إلا قالوا: يا محمد! مر أمتك بالحجامة ". تفرد به عباد بن منصور. وفي حديث آخر إلا قالوا: " مر أمتك يستكثروا من غراس الجنة: سبحان الله والحمد لله... " الحديث. وهما غريبان. ونزل عليه جبريل عليه السلام بالقرآن عن الله عز وجل على قلبه الكريم، وفي . أنه أتاه ملك الجبال يوم قرن الثعالب برسالة من الله تعالى فقال: إن شاء أن يطبق عليهم الأخشبين فقال: بل أستأني بهم. وفي صحيح مسلم أن ملكاً نزل بالآيتين من آخر سورة البقرة. وفي مغازي الأموي عن أبيه قال: وزعم الكلبي " عن أبي صالح عن ابن عباس قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يجمع الأقباض وجبريل عن يمينه، إذ أتاه ملك من الملائكة قال: يا محمد، إن الله يقرأ عليك السلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو السلام، ومنه السلام، وإليه السلام فقال الملك: إن الله يقول لك: إن الأمر: الذي أمرك به الحباب بن المنذر، فقال صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام أتعرف هذا؟ قال: ماكل أهل السماء أعرف، وإنه لصادق وما هو بشيطان ". وهذا وإن كان إسناده ليس بذلك إلا أن له شاهداً، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما نزل على أدنى مياه بدر قال له الحباب بن المنذر: يا رسول الله، إن كنت نزلت هذا المنزل بأمر الله فذاك، وإن كنت إنما نزلته للحرب والمكيدة فليس بمنزل. قال: بل للحرب والمكيدة قال: فانطلق حتى تجلس على أدنى المياه من القوم ونعور ما وراءنا من المياه، كما تقدم في قصة بدر. وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم حدث عن قس بن ساعدة الإيادي بما سمعه يقول بسوق عكاظ، وفي سنده نظر. وفي صحيح مسلم عن فاطمة بنت قيس أنه صلى الله عليه وسلم حدث على المنبر عن تميم الداري بقصة الدجال.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:35 pm | |
|
فصل - السماع منه وسمع منه أصحابه بمكة والمدينة وغيرهما من البلدان التي غزا إليها وحلها، وبعرفة، ومنى، وغير ذلك.وقد سمع منه الجن القرآن وهو يقرأ بأصحابه بعكاظ، وجاؤوه فسألوه عن أشياء، ومكث معهم ليلة شهدها عبد الله بن مسعود، إلا أنه غير مباشر لهم. لكنه كان ينتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكان محوط عليه لئلا يصيبه سوء، فأسلم منهم طائفة من جن نصيبين رضي الله عنهم أجمعين. وقد روينا في الغيلانيات خبراً من حديث رجل منهم يقال له عبد الله سمحج، وفي إسناده غرابة. وقد جاءه جبريل في صورة رجل أعرابي فحدثه عن الإسلام والإيمان والإحسان وأمارات الساعة.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:35 pm | |
|
فصل - عدد المسلمين حين وفاته، وعدد من روى عنه من الصحابة قال الإمام أبو عبد الله الشافعي رحمه الله: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ستون ألفاً، ثلاثون ألفاً بالمدينة، وثلاثون ألفاً في غيرها. وقال الحافظ أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي رحمه الله تعالى: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف. وقال الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري: روى عنه صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف صحابي. قلت: قد أفرد الأئمة أسماء الصحابة في مصنفات على حدة، كالبخاري في أول تاريخه الكبير، وابن أبي خيثمة، والحافظ أبي عبد الله بن مندة، والحافظ أبي نعيم الأصبهاني، والشيخ الإمام أبي عمر بن عبد البر، وغيرهم.وقد أفرد أبو محمد بن حزم أسماءهم في جزء جمعه من الإمام بقي بن مخلد الأندلسي، رحمه الله تعالى، وذكر ما روى كل واحد منهم. وسنفرد ذلك في فصل بعد إن شاء الله تعالى، ونضيف إليه ما ينبغي إضافته، وإن يسر الكريم الوهاب ذكرت من المسانيد والسنن ما روى كل صحابي من الأحاديث، وتكلمت على كل منهما، وبينت حاله من صحة وضعف إن شاء الله تعالى وبه الثقة وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:36 pm | |
|
فصل - خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم - في ذكر شيء من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لم يشاركه فيها غيره. وقد أكثر أصحابنا وغيرهم من ذكر هذا الفصل في أوائل كتب النكاح من مصنفاتهم، تأسياً بالإمام أبي عبد الله صاحب المذهب، فإنه ذكر طرفاً من ذلك هنالك وحكى الصيمري عن أبي علي بن خيران أنه منع من الكلام في خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحكام النكاح، وكذا في الإمامة، ووجهه أن ذلك قد انقضى فلا عمل يتعلق به، وليس فيه من دقيق العلم ما يقع به التدريب، فلا وجه لتضييع الزمان برجم الظنون فيه. قال الشيخ أبو عمروبن الصلاح بعد حكايته ذلك: وهذا غريب مليح، والله أعلم. وقال إمام الحرمين: قال المحققون: وذكر الخلاف في مسائل الخصائص خبط لا فائدة فيه، فإنه لا يتعلق به حكم ناجز تمس الحاجة إليه، وإنما يجري الخلاف فيما لا نجد بداً من إثبات حكم فيه، فإن الأقيسة لا مجال لها، والأحكام الخاصة تتبع فيها النصوص، وما لا نص فيه فالخلاف فيه هجوم على الغيب من غير فائدة. وقال الشيخ أبو زكريا النووي: الصواب الجزم بجواز ذلك، بل باستحبابه ولوقيل بوجوبه لم يكن بعيداً إذ لم يمنع منه إجماع، وربما رأى جاهل بعض الخصائص ثابتاً في الصحيح فيعمل به أخذاً بأصل التأسي، فوجب بيانها لتعرف، فلا يشاركه فيها، وأي فائدة أعظم من هذه؟! وأما ما يقع في أثناء الخصائص مما لا فائدة فيه اليوم فقليل جداً لا تخلوأبواب الفقه عن مثله للتدرب ومعرفة الأدلة. وأمَّا جمهو ر الأصحاب فلم يعرجوا على ما ذكره ابي خيران وإمام الحرمين، بل ذكروا ذلك مستقصى لزيادة العلم، لا سيما الإمام أبو العباس أحمد بن أبي أحمد بن القاص الطبري صاحب كتاب التلخيص. وقد رتب الحافظ أبو بكر البيهقي على كلامه في ذلك سننه الكبير، ولكن فرع كثيراً من ذلك على أحاديث فيها نظر، سأذكرها إن شاء الله تعالى. وقد رتبوا الكلام فيها على أربعة أنحاء: الأول: ما وجب عليه دون غيره. الثاني: ما حرم عليه دون غيره. الثالث: ما أبيح له دون غيره الرابع: ما اختص به من الفضائل دون غيره. فذكروا في كل منها أحكام النكاح وغيرها، وقد رأيت أن أرتبها على نوع آخر أقرب تناولاً مما ذكروا إن شاء الله تعالى، فأقول وبالله التوفيق: الخصائص على قسمين: أحدهما: ما اختص به عن سائر أخو انه من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. الثاني: ما اختص به من الأحكام دون أمته. القسم الأول - ما اختص به دون غيره من الأنبياء - أما القسم الأول: ففي "عن جابر بن عبد الله بن عمروبن حرام الأنصاري رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مسيرة شهر، وجُعِلَتْ لِيَ الأرضُ مسجداً وطهوراً، فأيُّمَا رَجُلٍ من أمَّتِي أدركته الصلاة فليُصَلْ، وأحِلَّتْ لِيَ الغنائم ولم تُحَلْ لأحَدٍ قبلي، وأعْطِيتُ الشَّفاعَةَ، وكان النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلى قومه خاصةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ عَامَّةً". فقوله صلى الله عليه وسلم: "نصرت بالرعب مسيرة شهر"، قيل: كان إذا هم بغزو قوم أرهبوا منه قبل أن يقدم عليهم بشهر، ولم يكن هذا لأحد سواه. وما روي في صحيح مسلم في قصة نزول عيسى عليه الصلاة والسلام إلى الأرض، وأنه لا يدرك نفسه كافراً إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي بصره، فإن كان ذلك صفة له لم تزل من قبل أن يرفع: فليست نظير هذا، وإلا فهو بعد نزوله إلى الأرض أحد أمة محمد صلى الله عليه وسلم، يعني أنه يحكم بشرعه ولا يوحي إليه، بخلافها.والله تعالى أعلم. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً" فمعنى ذلك في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده: "إن من كان قبلنا كانوا لا يصلون في مساكنهم، وإنما كانوا يصلون في كنائسهم". وقوله [وطهوراً] يعني به التيمم، فإنه لم يكن في أمة قبلنا، وإنما شرع له صلى الله عليه وسلم ولأمته توسعة ورحمة وتخفيفاً. وقوله صلى الله عليه وسلم: "وأحلت لي الغنائم"، فكان من قبله إذا غنموا شيئاً أخرجوا منه قسماً فوضعوه ناحية، فتنزل نار من السماء فتحرقه. وقوله صلى الله عليه وسلم: " وأعطيت الشفاعة " يريد بذلك صلوات الله وسلامه عليه المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون، والمقام الذي يرغب إليه الخلق كلهم ليشفع لهم إلى ربهم، ليفصل بينهم ويريحهم من مقام المحشر، وهي الشفاعة التي يحيد عنها أولوالعزم، لما خصه الله به من الفضل والتشريف، فيذهب إلى الجنة قبل الأنبياء، وقول الخازن له: بك أمرت، لا أفتح لأحد قبلك. وهذه خصوصية أيضاً ليست إلا له من البشر كافة، فيدخل الجنة فيشفع إلى الله تعالى في ذلك كما جاء في الأحاديث الصحاح، وهذه هي الشفاعة الأولى التي يختص بها دون غيره من الرسل. ثم تكون له بعدها شفاعات في إنقاذ من شاء الله من أهل الكبائر من النار من أمته، ولكن الرسل يشاركونه في هذه الشفاعة، فيشفعون في عصاة أممهم، وكذلك الملائكة، بل والمؤمنين كما في الصحيح من حديث أبي هريرة وأبي سعد فيقول الله تعالى [شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين] وذكر الحديث. وقد استقصى هذه الشفاعات الإمام أبو بكر بن خزيمة في آخر كتاب التوحيد. وكذلك أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنة له، وكذلك هي مبسوطة بسطاً حسناً في حديث الصور الذي رواه الطبراني في المطولات، وأبوموسى المدني الأصبهاني، وغيرهما ممن صنف في صنف في المطولات. وقد جمع الوليد بن مسلم عليه مجلداً، وقد أفردت إسناده في جزء، فأما رواية أصحاب الكتب الستة كالصحيحين وغيرها، فإنه كثيراً ما يقع عندهم اختصار في الحديث أوتقديم وتأخير، ويظهر ذلك لمن تأمله، والله أعلم. ثم رأيت في صحيح البخاري شيئاً من ذكر الشفاعة العظمى، فإنه قال في كتاب الزكاة [باب من سأل الناس تكثراً]: " حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عبيد الله بن أبي جعفر، قال: سمعت حمزة بن عبد الله بن عمر قال: سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم. وقال: إن الشمس تدنويوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبينما هم كذلك، استغاثوا بآدم ثم موسى ثم بمحمد ". وزاد عبد الله بن يوسف " حدثني الليث عن أبي جعفر: فيشفع ليقضى بين الخلق فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب، فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً، يحمده أهل الجمع كلهم". فهذه هي الشفاعة العظمى التي يمتاز بها عن جميع الرسل أولي العزم، بعد أن يسأل كل واحد منهم أن يقوم فيها، فيقول: لست هناكم، اذهبوا إلى فلان، فلا يزال الناس من رسول إلى رسول حتى ينتهو ا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول: أنا لها، فيذهب فيشفع في أهل الموقف كلهم عند الله تعالى، ليفصل بينهم، ويريح بعضهم من بعض. ثم له بعد ذلك شفاعات أربع أخر، منها في إنقاذ خلق ممن أدخل النار. ثم هو أول شفيع في الجنة، كما رواه الإمام أحمد في مسنده، " عن المختار بن فلفل عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أول شافع في الجنة ". وهو شفيع في رفع درجات بعض أهل الجنة، وهذه الشفاعة اتفق عليها أهل السنة والمعتزلة ودليلها: ما في صحيح البخاري من رواية" أبي موسى أن عمه أبا عامر لما قتل بأوطاس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لعبيد أبي عامر واجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك". "وقال عليه الصلاة والسلام لما مات أبو سلمة بن عبد الأسد: اللهم ارفع درجته ". وسنفرد إن شاء الله تعالى في الشفاعة جزءاً لبيان أقسامها وتعدادها وأدلة ذلك إن شاء الله تعالى. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة "، فمعناه في الكتاب العزيز، وهو قوله عز وجل: " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم "، وقوله تعالى: " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير "، فكان النبي ممن كان قبلنا لا يكلف من أداء الرسالة إلا ما يدعوبه قومه إلى الله، وأما محمد صلوات الله وسلامه عليه فقال الله تعالى: " قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا " وقال تعالى: " لأنذركم به ومن بلغ " وقال تعالى: " ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده " وقال تعالى: " وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد ". وفي آي كثير من القرآن تدل على عموم رسالته إلى الثقلين، فأمره الله تعالى أن ينذر جميع خلقه إنسهم وجنهم، وعربهم وعجمهم، فقام صلوات الله وسلامه عليه بما أمر، وبلغ عن الله رسالته. ومن خصائصه على أخو انه من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين أنه: أكملهم، وسيدهم، وخطيبهم، وإمامهم، وخاتمهم، وليس نبي إلا وقد أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمر أن يأخذ على أمته الميثاق بذلك، قال الله تعالى: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين " يقول تعالى: مهما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول بعد هذا كله فعليكم الإيمان به ونصرته. وإذا كان هذا الميثاق شاملاً لكل منهم تضمن أخذه لمحمد صلى الله عليه وسلم من جميعهم، وهذه خصوصية ليست لأحد منهم سواه. ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم ولد مسروراً مختوناً كما وردفي الحديث الذي جاء من طرق عديدة لكنها غريبة وقد قيل إنه شاركه فيها غيره من الأنبياء كما ذكره أبو الفرج الجوزي في كتاب تلقيح الفهو م. ومن ذلك أن معجزة كل نبي انقضت معه ومعجزته صلى الله عليه وسلم باقية بعده إلى ما شاء الله، وهو القرآن العزيز المعجز لفظه ومعناه، الذي تحدى الإنس والجن أن يأتوا بمثله، فعجزوا، ولن يمكنهم ذلك أبداً إلى يوم القيامة. ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم أسري به إلى سدرة المنتهى، ثم رجع إلى منزله في ليلة واحدة، وهذه من خصائصه صلى الله عليه وسلم، إلا أن يكون في الحديث من قوله بحيث يقول جبريل للبراق حين جمح لما أراد صلى الله عليه وسلم أن يركبه: [اسكن فوالله ما ركبك خير منه]، وكذا قوله في الحديث: " فربطت الدابة في الحلقة التي كانت تربط بها الأنبياء "، ما يدل على أنه قد كان يسرى بهم، إلا أننا نعلم أنه صلى الله عليه وسلم لن يشاركه أحد منه في المبالغة في التقريب والدنومنه، للتعظيم، ولهذا كانت منزلته في الجنة أعلاها منزلة وأقربها إلى العرش كما جاء في الحديث: " ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لاتنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجوا أن أكون أنا هو " صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك أن أمته إذا اجتمعت على قول واحد في الأحكام الشرعية، كان قولها ذلك معصوماً من الخطأ، بل يكون اتفاقها ذلك صواباً وحقاً كما قرر ذلك في كتب الأصول، وهذه خصوصية لهم بسببه لم تبلغنا عن أمة من الأمم قبلها. ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض. ومن ذلك أنه عليه الصلاة والسلام إذا صعق الناس يوم القيامة يكون هو أولهم إفاقة، كما أخرجاه في . " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة اليهو دي لما قال: لا والذي اصطفى موسى على العالمين، فلطمه رجل من المسلمين، وترافعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا تفضلوني على موسى فإن الناس يسعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق، فأجدوا موسى باطشاً بقائمة العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم كان ممن استثنى الله " وفي رواية: أم جوزي بصعقة الطور. وقد حمل بعض من تكلم على هذا الحديث هذه الإفاقة على القيام من القبر. وغيره في ذلك ما وقع روايات البخاري " من حديث يحيى ابن عمروالمديني عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تخيروني على الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من تنشق عنه الأرض، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أكان ممن صعق أم جوزي بصعقته الأولى ". وهذا اللفظ مشكل، والمحفوظ رواية البخاري " عن يحيى بن قزعة، عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن أبي سلمة وعبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكر قصة اليهو دي إلى أن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتخيروني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأصعق معهم، فأكون أول من يفيق، فأجدوا موسى.. " وذكر الحديث فهذا نص صريح لا يحتمل تأويلاً: أن هذه الإفاقة عن صعق لا عن موت، وهذا حقيقة الإفاقة، ثم من تأمل قوله: " فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور " جزم بهذا، والله سبحانه وتعالى أعلم. ومن ذلك أنه صاحب اللواء الأعظم يوم القيامة، ويبعث هو وأمته على نشز من الأرض دون سائر الأمم، يأذن الله له ولهم بالسجود في المحشر دون سائر الأمم، كما رواه ابن ماجه " عن جبارة بن المغلس الحماني: حدثنا عبد الأعلى بن أبي المساور، عن أبي بردة، عن أبيه أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة، أذن لأمة محمد في السجود، فيسجدون له طويلاً، ثم يقال: ارفعوا رؤوسكم فقد جعلنا عدتكم فداءكم من النار ". وجبارة ضعيف. وقد صح من غير وجه أنهم أول الأمم يقضى بينهم يوم القيامة. ومن ذلك أنه صاحب الحوض المورود، وقد روى الترمذي وغيره: أن لكل نبي حوضاً. ولكن نعلم أن حوضه صلى الله عليه وسلم أعظم الحياض وأكثرها وارداً. ومن ذلك أن البلد الذي بعث فيه أشرف بقاع الأرض، ثم مهاجره على قول الجمهو ر، وقيل: إن مهاجره أفضل البقاع كما هو مأثور عن مالك بن أنس رحمه الله وجمهو ر أصحابه. وقد حكى ذلك عياض السبتي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه والله أعلم، ونقل الإتفاق على أن قبره الذي ضم جسده بعد موته أفضل بقاع الأرض. وقد سبقه إلى حكاية هذا الإجماع القاضي أبو الوليد الباجي وابن بطال وغيرهما، وأصل ذلك ما روي أنه لما مات صلى الله عليه وسلم اختلفوا في موضع دفنه فقيل بالبقيع، وقيل بمكة، وقيل ببيت المقدس، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن الله لم يقبضه إلا في أحب البقاع إليه. وذكره عبد الصمد بن عساكر في كتاب تحفة الزائر. ولم أره بإسناد. ومن ذلك أنه لم يكن ليورث بعد موته " كما رواه أبو بكر وأبوهريرة رضي الله عنهما، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا نورث ما تركنا فهو صدقة ". أخرجاه من الوجهين ولكن روى الترمذي بإسناد جيد في غير الجامع "عن أبي بكر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: نحن معشر الأنبياء لا نورث " فعلى هذا يكونون قد اشتركوا في هذه الصفة دون بقية المكلفين.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:36 pm | |
|
فصل: ومما يشترك فيه هو والأنبياء أنه صلى الله عليه وسلم كان تنام عيناه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء. وجاء في الصحيح: "تراصوا في الصف فإني أراكم من وراء ظهري" فحمله كثير على ظاهره، والله أعلم، وقال أبو نصر بن الصباغ: كان ينظر من ورائه كما ينظر من قدامه، ومعنى ذلك التحفظ والحس وجاء في حديث رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده "عن أنس مرفوعاً: الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون". القسم الثاني - ما اختص به دون أمته، وقد يشاركه فيها غيره من الأنبياء القسم الثاني من الخصائص ما كان مختصاً به دون أمته وقد يشاركه في بعضها الأنبياء، وهذا هو المقصود الأول فلنذكره مرتباً على أبو اب الفقه.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:37 pm | |
|
كتاب الإيمان فمن ذلك أنه كان معصوماً في أقواله وأفعاله، لا يجوز عليه التعمد ولا الخطأ الذي يتعلق بأداء الرسالة ولا يقر فيبقى عليه، فلا ينطق عن الهو ى إن هو إلا وحي يوحى. فلهذا قال كثير من العلماء: لم يكن له الاجتهاد، لأنه قادر على النص. وقال آخرون: بل له أن يجتهد، ولكن لا يجوز عليه الخطأ، وقال آخرون: بل لا يقر عليه. فعلى الأقوال كلها هو واجب [العصمة] لا يتصور استمرار الخطأ عليه، بخلاف سائر أمته، فإنه يجوز ذلك كله على كل منهم منفرداً، فأما إذا اجتمعوا كلهم على قول واحد فلا يجوز عليهم الخطأ كما تقدم. ومن ذلك ما ذكره أبو العباس بن القاص أنه كلف وحده من العلم ما كلف الناس بأجمعهم، واستشهد البيهقي على ذلك بحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينا أنا نائم إذ أتيت بقدح فيه لبن فشربت منه حتى إني لأرى الري يجري في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب رضي الله عنه.قالوا: فما أول ذلك يا رسول الله؟ قال: العلم". رواه مسلم. ومن ذلك أنه كان يرى ما لا يرى الناس حوله، ففي الصحيح " عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: هذا جبريل يقرأ عليك السلام، فقالت: عليه السلام. يا رسول الله، ترى ما لا نرى.؟ "! " وعنها في حديث الكسوف الذي في الصحيحين: والله لوتعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ". وقال البيهقي: " أخبرنا الحكم محمد بن علي بن دحيم حدثنا أحمد بن حازم الغفاري حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن مورق، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا " حتى ختمها، ثم قال: إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع قدر أصبع إلا ملك واضع جبهته ساجداً لله، والله لوتعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله، والله! لوددت أني شجرة تعضد ". رواه ابن ماجه، قال البيهقي: يقال إن قوله: شجرة تعضد من قول أبي ذر، والله أعلم. ومن ذلك أن الله أمره أن يختار الآخرة على الأولى، وكان يحرم عليه أن يمد عينيه إلى ما متع به المترفون من أهل الدنيا، ودليله من الكتاب العزيز ظاهر. ومن ذلك أنه لم يكن له تعلم الشعر، قال الله تعالى: " وما علمناه الشعر وما ينبغي له "، " وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبالي ما أتيت إن شربت ترياقاً أوتعلقت تميمة، أوقلت الشعر من قبل نفسي " رواه أبو داود، فلهذا قال أصحابنا: كان يحرم عليه تعلم الشعر. ومن ذلك أنه لم يكن يحسن الكتابة، قالوا: وقد كان يحرم عليه ذلك، قال الله تعالى: " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل " وقال تعالى: " وما كنت تتلومن قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون ". وقد زعم بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى تعلم الكتابة. وهذا قول لا دليل عليه، فهو مردود، إلا مارواه البيهقي من حديث أبي عقيل يحيى بن المتوكل، عن مجالد، عن عون بن عبد الله، عن أبيه قال: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كتب وقرأ. وقال مجالد: فذكرت ذلك للشعبي فقال: قد صدق، سمعت من أصحابنا يذكرون ذلك. ويحيى هذا ضعيف، ومجالد فيه كلام. وهكذا ادعى بعض علماء المغرب أنه كتب صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية، فأنكر ذلك عليه أشد الإنكار وتبرئ من قائله على رؤوس المنابر، وعملوا فيه الأشعار، وقد غره في ذلك ما جاء في بعض روايات البخاري: [فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله..]، وقد علم أن المقيد يقضي على المطلق، ففي الرواية الأخرى: [فأمر علياً فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم]. ومن ذلك أن الكذب عليه ليس كالكذب على غيره، فقد تواترت عنه صلوات الله وسلامه عليه: " أن من كذب عليه متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ". روي هذا الحديث من طريق نيف وثمانين صحابياً: فهو في . من حديث علي وأنس، وأبي هريرة، والمغيرة بن شعبة، وعند البخاري من رواية الزبير بن العوام، وسلمة بن الأكوع، وعبد الله بن عمرو، ولفظه: " بلغوا عني ولوآية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ". وفي مسند أحمد: عن عثمان، وعمر وأبي سعيد وواثلة بن الأسقع، وزيد بن أرقم. وعند الترمذي عن ابن مسعود. ورواه ابن ماجه عن جابر وأبي قتادة. وقد صنف فيه جماعة من الحفاظ كإبراهيم الحربي، ويحيى بن صاعد، والطبراني، والبزار وابن مندة، وغيرهم من المتقدمين وابن الجوزي، ويوسف بن خليل من المتأخرين. وصرح بتواتره ابن الصلاح، والنووي، وغيرهما من حفاظ الحديث، وهو الحق، فلهذا أجمع العلماء على كفر من كذب عليه متعمداً مستجيزاً لذلك. واختلفوا في المتعمد فقط، فقال الشيخ أبو محمد يكفر أيضاً، وخالفه الجمهو ر. ثم لوتاب فهل تقبل روايته؟ على قولين: فأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبوبكر الحميدي قالوا: لا تقبل، لقوله صلى الله عليه وسلم " إن كذباً علي ليس ككذب على أحد من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار "، قالوا: ومعلوم أن من كذب على غيره فقد أثم وفسق، وكذلك الكذب عليه، لكن من تاب من الكذب على غيره يقبل بالإجماع، فينبغي أن لا تقبل رواية من كذب عليه، فرقاً بين الكذب عليه والكذب على غيره. وأما الجمهو ر فقالوا: تقبل روايته، لأن قصارى ذلك أنه كفر، ومن تاب من الكفر قبلت توبته وروايته، وهذا هو الصحيح. ومن ذلك أنه من رآه في المنام فقد رآه حقاً كما جاء في الحديث: " فإن الشيطان لا يتمثل بي "، لكن بشرط أن يراه على صورته التي هي صورته في الحياة الدنيا، كما رواه النسائي عن ابن عباس. واتفقوا أن من نقل عنه حديثاً في المنام أنه لا يعمل به، لعدم الضبط في رواية الرائي، فإن المنام محل فيه تضعف فيه الروح وضبطها. والله تعالى أعلم. ومن ذلك ما ذكره الحافظ أبو بكر البيهقي في سننه الكبير عن أبي العباس بن القاص في قوله تعالى: " لئن أشركت ليحبطن عملك " قال أبو العباس: وليس كذلك غيره حتى يموت، لقوله تعالى " ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم " قال البيهقي: كذا قال أبو العباس، وذهب غيره إلى أن المراد بهذا الخطاب غير النبي عليه الصلاة والسلام، ثم المطلق محمول على المقيد. انتهى كلامه. قلت: وهذا الفرع لم يكن إلى ذكره حاجة لعدم الفائدة منه، وما كان ينبغي أن يذكر، لولا ما يتوهم من إسقاطه إسقاط غيره مما ذكروه وإلا فالضرب عن مثل هذا صفحاً أولى، والله أعلم. ومن ذلك أنه لم يكن له خائنة الأعين، أي أنه لم يكن له أن يومئ بطرفه خلاف ما يظهره كلامه، فيكون من باب اللمز، ومستند هذا قصة عبد الله بن سعد بن أبي سرح حين كان قد أهدر صلى الله عليه وسلم دمه يوم الفتح في جملة ما أهدر من الدماء، فلما جاء به أخو ه من الرضاعة عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال: يا رسول الله بايعه، فتوقف صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقوم إليه رجل فيقتله، ثم بايعه، ثم قال لأصحابه: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني قد أمسكت يدي فيقتله؟! فقالوا: يا رسول الله هلا أومأت إلينا فقال: " إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين ".
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:39 pm | |
|
كتاب الطهارة فمن ذلك أنه كان قد أمر بالوضوء لكل صلاة، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك، ومستنده "ما رواه عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهراً وغير طاهر، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل صلاة". أخرجه أبو داود. فالظاهر من هذا أنه أوجب عليه السواك، وهو الصحيح عند الأصحاب، قاله أبو زكريا، ومال إلى قوته الشيخ أبو عمروبن الصلاح، ويؤيده ما رواه الإمام أحمد "عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أمرت بالسواك حتى ظننت أنه سينزل علي به قرآن أووحي ". " وعن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما زال جبريل يوصيني بالسواك حتى خشيت على أضراسي " رواه البيهقي، وقال: البخاري: هذا حديث حسن. " وقال عبد الله بن وهب: حدثنا يحيى بن عبد الله بن سالم، عن عمرومولى المطلب، عن المطلب عبد الله، عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لقد لزمت السواك حتى تخوفت أن يدردني ". رواه البيهقي، وفيه انقطاع بين المطلب وعائشة، فيشكل على هذا ما رواه الإمام أحمد "عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي "، ولهذا قال بعض أصحابنا: إنه لم يكن واجباً عليه بل مستحباً. ومن ذلك أنه كان لا ينتقض وضوؤه بالنوم، ودليله حديث ابن عباس في . أنه صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ، ثم جاءه المؤذن فخرج فصلى ولم يتوضأ وسببه ما ذكر في حديث عائشة رضي الله عنها أنها سألته فقالت: يا رسول الله تنام قبل أن توتر؟ فقال: " يا عائشة، تنام عيناي ولا ينام قلبي " أخرجاه.واختلفوا: هل كان ينتقض وضوؤه بمس النساء؟ على وجهين، والأشهر منهما الإنتقاض. وكأن مأخذ من ذهب إلى عدم الانتقاض حديث عائشة في صحيح مسلم: أنها افتقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فوقعت يدها عليه وهو ساجد، وهو يقول: " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كماأثنيت على نفسك " وجاء من غير وجه عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل ثم يصلي ولا يتوضأوكان هذا القائل ذهب إلى تخصيص ذلك به صلى الله عليه وسلم، ولكن الخصوم لا يقنعون منه بذلك، بل يقولون: الأصل في ذلك عدم التخصيص إلا بدليل.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:39 pm | |
| مسألة: هل كان يحتلم؟ على وجهين: صحح النووي المنع، ويشكل عليه حديث عائشة في الصحيحين: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من غير جماع، غيراحتلام، ثم يغتسل ويصوم. والأظهر في هذا التفصيل، وهو أن يقال: إن أريد بالاحتلام فيض من البدن، فلا مانع من هذا، وإن أريد به ما يحصل من تخبط الشيطان، فهو معصوم من ذلك صلى الله عليه وسلم. ولهذا لا يجوز عليه الجنون ويجوز عليه الإغماء، بل قد أغمي عليه في الحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها في الصحيح، وفيه أنه اغتسل من الإغماء غير مرة، والحديث مشهو ر. ومن ذلك ماذكره أبو العباس بن القاص أنه لم يكن يحرم عليه المكث في المسجد وهو جنب واحتجبوا بما رواه الترمذي من حديث سالم بن أبي حفصة "عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي، لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك ". قال الترمذي: حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقد سمع البخاري مني هذا الحديث. قلت: عطية ضعيف الحديث. قال البيهقي: غير محتج به، وكذا الرواي عنه ضعيف. وقد حمله ضرار بن صرد على الاستطراق، كذا حكاه الترمذي عن شيخه علي بن المنذر الطريقي عنه، وهذا مشكل، لأن الاستطراق يجوز للناس فلا تخصيص فيه، اللهم إلا أن يدعى أنه لا يجوز الاستطراق في المسجد النبوي لأحد من الناس سواهما، ولهذا قال: " لايحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك ".والله أعلم. وقال محدوج الذهلي، " عن جسرة بنت دجاجة عن أم سلمة قالت: دخل النبي صلى الله عليه وسلم صرحة هذا المسجد فقال: ألا لا يحل هذا المسجد لجنب ولا لحائض، إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين، ألا قد بينت لكم الأسماء أن تضلوا ". رواه ابن ماجه والبيهقي، وهذا لفظه، قال البخاري: محدوج عن جسرة فيه نظر. ثم رواه البيهقي من وجه آخر عن إسماعيل بن أمية، عن جسرة عن أم سلمة مرفوعاً نحو ه. ولا يصح شيء من ذلك، ولهذا قال القفال من أصحابنا: أن ذلك لم يكن من خصائصه صلى الله عليه وسلم وغلط إمام الحرمين أبا العباس بن القاص في ذلك. والله أعلم. ومن ذلك طهارة شعره صلى الله عليه وسلم، كما ثبت في صحيح مسلم عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم: لما حلق شعره في حجته أمر أبا طلحة يفرقه على الناس. وهذا إنما يكون من الخصائص إذا حكمنا بنجاسه شعر من سواه، المنفصل عنه في حال الحياة، وهو أحد الوجهين. فأما الحديث الذي رواه ابن عدي من رواية ابن أبي فديك، "عن بريه بن عمر بن سفينة، عن أبيه عن جده، قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال لي: خذ هذا الدم فادفنه من الدواب والطير. أوقال: الناس والدواب ". شك ابن أبي فديك، قال: فتغيبت به فشربته. قال: ثم سألني، فأخبرته أني شربته، فضحك. فإنه حديث ضعيف لحال بريه هذا واسمه إبراهيم، فإنه ضعيف جداً. وقد رواه البيهقي من طريق أخرى فقال: " أخبرنا أبو الحسن بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا موسى بن إسماعيل - أبو سلمة - حدثنا عبيد بن القاسم سمعت ابن عبد الله بن الزبير يحدث عن أبيه قال: احتجم النبى صلى الله عليه وسلم وأعطاني دمه فقال: اذهب فواره، لايبحث عنه سبع أوكلب أوإنسان قال: فتنحيت فشربته، ثم أتيته فقال: ما صنعت؟ قلت صنعت الذي أمرتني. قال: ما أراك إلا قد شربته. قلت: نعم. قال: ماذا تلقى أمتي منك؟! ". وهذا إسناد ضعيف لحال عبيد بن القاسم الأسدي الكوفي، فإنه متروك الحديث، وقد كذبه يحيى بن معين، لكن قال البيقهي: روي ذلك من وجه آخر عن أسماء بنت أبي بكر وسلمان الفارسي في شرب ابن الزبير دمه صلى الله عليه وسلم. قلت: فلهذا قال بعض أصحابنا بطهارة سائر فضلاته صلى الله عليه وسلم حتى البول والغائط من وجه غريب، واستأنسوا في ذلك لما رواه البيهقي " عن أبي نصر بن قتادة، حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن حامد العطار، حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، حدثنا يحيى بن معن، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرتني حكيمة بنت أميمة، عن أميمة أمها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول في قدح من عيدان ثم يوضع تحت سريره، [فبال فيه ووضع تحت سريره]، فجاء فأراده، فإذا القدح ليس فيه شيء، فقال لامرأة يقال لها بركة كانت تخدم لأم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة: [أين البول الذي كان في هذا القدح؟] قالت شربته يارسول الله ".هكذا رواه، وهو إسناد مجهو ل، فقد أخرجه أبو داود والنسائي من حديث حجاج بن محمد الأعور عن ابن جريح، وليس فيه قصة بركة. كتاب الصلاة فمن ذلك الضحى والوتر، لما رواه الإمام أحمد في مسنده، والبيهقي، من حديث أبي جناب الكلبي - واسمه يحي بن أبي حية - "عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث هن علي فرائض، وهي لكم تطوع: النحر، والوتر، وركعتا الضحى ". اعتمد جمهو ر الأصحاب على هذا الحديث في هذه الثلاث، فقالوا بوجوبها. قال الشيخ تقي الدين بن الصلاح رحمه الله تعالى: [تردد الأصحاب في وجوب السواك عليه، وقطعوا بوجوب الضحى والأضحى والوتر عليه، مع أن مستنده الحديث الذي ذكرنا ضعفه، ولوعكسوا فقطعوا بوجوب السواك عليه وترددوا في الأمور الثلاثة لكان أقرب، ويكون مستند التردد فيها أن ضعفه من جهة ضعف راويه أبي جناب الكلبي، وفي ضعفه خلاف بين أئمة الحديث، وقد وثقه بعضهم، والله أعلم]. قلت: جمهو ر أئمة الجرح والتعديل على ضعفه. وقد حكى الشيخ أبو زكريا النووي في الثلاثة المذكورة تردداً لبعض الأصحاب، وأن منهم من ذهب إلى استحبابها في حقه صلى الله عليه وسلم. وهذا القول أرجح لوجوه: - أحدها: أن مستند ذلك هذا الحديث، وقد علمت ضعفه، وقد روي من وجه آخر في حديث مندل بن علي العنزي وهو أسوأ حالاً من أبي جناب. - والثاني: أن الوتر قد ثبت في . عن ابن عمر: أنه كان صلى الله عليه وسلم يصليه على الراحلة.وهذا من حجتنا على الحنفية في عدم وجوبه، لأنه لوكان واجباً لما فعله على الراحلة، فدل على أن سبيله المندوب، والله أعلم. وأما الضحى فقد جاء عن عائشة رضي الله عنها في الصحيح أنه كان لا يصلي الضحى إلا يقدم من مغيبه.فلو كانت واجبة في حقه لكان أمر مداومته عليها أشهر من أن ينفى. وما في هذا الحديث الآخر أنه كان يصليها ركعتين، ويزيد ما شاء الله، فمحمول على أنه يصليها كذلك إذا صلاها وقد قدم من مغيبه، جمعاً بين الحديثين والله أعلم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:40 pm | |
|
مسألة: وأما قيام الليل - وهو التهجد - فهو الوتر على الصحيح، لما رواه الإمام أحمد "عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوتر ركعة من آخر الليل " وإسناده جيد. وإذا تقرر ذلك فاعلم أنه قد قال جمهو ر الأصحاب: إن التهجد كان واجباً عليه، وتمسكوا بقول الله تعالى: " ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ". قال عطية بن سعيد العوفي، عن ابن عباس في قوله تعالى: " نافلة لك ": يعني بالنافلة أنها للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، أمر بقيام الليل فكتب عليه. وقال عروة، " عن عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: يا رسول الله، تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: يا عائشة، أفلا أكون عبداً شكوراً؟ " رواه مسلم عن هارون بن معروف، عن عبد الله بن وهب، عن أبي صخر، عن ابن قسيط، عن عروة به. وأخرجاه من وجه آخر عن المغيرة بن شعبة. وروى البيهقي " من حديث موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة علي فريضة وهن سنة لكم: الوتر، والسواك، وقيام الليل ". ثم قال: موسى بن عبد الرحمن هذا، ضعيف جداً، ولم يثبت في هذا إسناد، والله أعلم. وحكى الشيخ أبو حامد رحمه الله تعالى، عن الإمام أبي عبد الله الشافعي رحمه الله تعالى: أن قيام الليل نسخ في حقه صلى الله عليه وسلم كما نسخ في حق الأمة، فإنه كان واجباً في ابتداء الإسلام على الأمة كافة.قال الشيخ أبو عمروبن الصلاح: وهذا هو الصحيح الذي تشهد له الأحاديث، منها حديث سعد بن هشام عن عائشة، وهو في الصحيح معروف. وكذا قال أبو زكريا النووي رحمه الله تعالى. قلت: والحديث الذي أشار إليه رواه مسلم من حديث هشام بن سعد أنه دخل على عائشة أم المؤمنين فقال: يا أم المؤمنين، أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: ألست تقرأ بيا أيها المزمل؟ قلت: بلى. قالت: فإن الله افترض القيام في أول هذه السورة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً، حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها اثني عش شهراً في السماء، ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه السورة، فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة. وقد أشار الشافعي إلى الاحتجاج بهذا الحديث في النسخ، ومن قوله تعالى: " ومن الليل فتهجد به نافلة لك " قال: فأعلمه أن قيام الليل نافلة لا فريضة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:41 pm | |
|
مسألة: وفاتته ركعتان بعد الظهر فصلاهما بعد العصر وأثبتهما، وكان يداوم عليهما كما ثبت ذلك في الصحيح.وذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم على أصح الوجهين عند أصحابنا. وقيل: بل لغيره إذا اتفق له ذلك أن يداوم لله عليهما. والله تعالى أعلم.
مسألة: وكانت صلاته النافلة قاعداً كصلاته قائماً إن لم يكن له عذر بخلاف غيره فإنه على النصف من ذلك، واستدلوا على ذلك بما رواه مسلم " عن عبد الله بن عمرورضي الله عنهما قال: حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل قاعداً نصف الصلاة. فأتيته فوجدته يصلي جالساً فوضعت يدي على رأسه فقال مالك يا عبد الله بن عمرو؟ فقلت: حدثت يا رسول الله أنك قلت: صلاة الرجل قاعداً على نصف الصلاة وأنت تصلي قاعداً! فقال: أجل. ولكن لست كأحد منكم ".
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:41 pm | |
|
مسألة: وكان يجب على المصلي إذا دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبه، لحديث أبي سعيد بن المعلى في صحيح البخاري وليس هذا لأحد سواه، اللهم إلا ما حكاه الأوزاعي عن شيخه مكحول أنه كان يوجب إجابةالوالدة في الصلاة، لحديث جريج الراهب: أنه دعته أمه وهو قائم يصلي فقال: اللهم أمي وصلاتي، ثم مضى في صلاته. فلما كانت المرة الثانية فعل مثل ذلك، ثم الثالثة فدعت عليه، فاستجاب الله منها فيه، وكان من قصته ما ذكر في صحيح البخاري وغيره، وقد حكي مقرراً ولم ينكر. والجمهو ر على أن ذلك لا يجب بل لا يصلح في الصلاة شيء من كلام الناس، للحديث الصحيح، اللهم إلا ما جوزه الإمام أحمد من مخاطبة الإمام بما ترك من آخر الصلاة لحديث ذي اليدين. والله أعلم.
مسألة: وكان لا يصلي على من مات وعليه دين لا وفاء له، أخرجه البخاري في صحيحه ثلاثياً عن سلمة بن الأكوع، لكن اختلف أصحابنا: هل كان يحرم عليه أويكره؟ على وجهين، ثم نسخ ذلك بقوله: " من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك ديناً أوضياعاً فإلي " فقيل: كان يقضيه عنه وجوباً، وقيل: تكرماً. ومن ذلك أنه كان إذا دعا لأهل القبور يملؤها الله عليهم نوراً ببركة دعائه صلوات الله وسلامه عليه، كما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها ومن ذلك أنه مر بقبرين فقال: " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين فوضع على كل قبر شقة، ثم قال: لعل الله يخفف عنهما ما لم ييبسا ".أخرجاه عن ابن عباس.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة: الجزء الثاني الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:43 pm | |
|
مسألة: ومن ذلك " أنه صلى الله عليه وسلم وعك في مرضه وعكاً شديداً فدخل عليه عبد الله بن مسعود فقال: يا رسول الله! إنك لتوعك وعكاً شديداً، فقال: أجل إني لأوعك كما يوعك الرجلان منكم، قلت: لأن لك أجرين؟ قال: نعم ".رواه الشيخان.
مسألة: ولم يمت صلى الله عليه وسلم حتى خيره الله تعالى بين أن يفسح له في أجله ثم الجنة، وإن أحب لقي الله سريعاً، فاختار ما عند الله على الدنيا وذلك ثابت في.عن عائشة رضي الله عنها.
مسألة: ومن ذلك أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، والدليل عليه حديث شداد بن أوس، وهو في السنن، وقد صححه بعض الأئمة.
|
|
| |
| الفصول في السيرة: الجزء الثاني | |
|