منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الباب الثاني: السيرة النبوية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الباب الثاني: السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: الباب الثاني: السيرة النبوية   الباب الثاني: السيرة النبوية Emptyالأربعاء 15 يونيو 2022, 5:21 am

الباب الثاني
السيرة النبوية
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]
الباب الثاني: السيرة النبوية Untit832
المقدمة
وصل البشر في فترة انقطاع الرسل (بين عيسى ومحمد) إلى درجة كبيرة من التخبط والضياع، فكانت رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهي جامعة الرسالات وخاتمتها، وناسخة لما قبلها، وكانت لبني البشر كافة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: 28].
وهي لكل زمان ومكان، لذا لا بد أن يكون صاحبها على درجة تؤهله لحمل هذه الرسالة، فاختاره الله بمميزات خاصة.
* * *
مميزات محمد -صلى الله عليه وسلم- (1):-
1 - اختاره الله من العرب وهي أمَّة وسط، وجعله في قريش أفضل قبائل العرب، وجعل نسبه في أشرف قريش (بنو هاشم).
2 - بلاده في موقع وسط، يمكن أن تنطلق منها الدعوة إلى جميع الجهات.
3 - اختاره الله من أمَّةٍ قَلَّ أنبياؤها، لتكون له قيمة عظيمة.
4 - بعثهُ اللهُ على فترة متباعدة من الرسل، لتتهيأ له النفوس، وتنتظره.
قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ} [المائدة: 19].
5 - أخبر الله في الكتب السماوية بمبعث محمد.
--------------------------------
(1)    السيرة/محمود شاكر، ص 25.
--------------------------------

6 - اختاره الله من شعب أقرب إلى البداوة التي لم تفسده المدنية والحضارة.
7 - اختاره الله من شعب أمِّيٍّ، لم يعرف الفلسفة والمعارف والعلوم.
8 - جعل الله سيرته معروفة تماماً بكل تفاصيلها، حتى يكون قدوة لغيره.
9 - سيرته جامعة تشمل جميع نواحي الحياة.
10 - سيرته عملية، وواقعية، ويستطيع الناس ممارستها في كل زمان ومكان.
* * *



الباب الثاني: السيرة النبوية 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الباب الثاني: السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثاني: السيرة النبوية   الباب الثاني: السيرة النبوية Emptyالأربعاء 15 يونيو 2022, 5:24 am

الباب الثاني: السيرة النبوية 2-110
الفصل الأول
النشأة الشريفة
* فترة الطفولة:-
نسبه -صلى الله عليه وسلم-:
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر (قريش) بن مالك بن النضر بن كنانه.
من ولد نزار بن معد بن عدنان وهم من ذرية إسماعيل بن إبراهيم، وأمُّه آمنة بنت وهب الزهرية القرشية.
* * *
مولده:
ولد في مكة، في عام الفيل حوالي عام 570 م/52 ق. هـ وهو نفس العام الذي حاول فيه أبرهة حاكم اليمن هدم الكعبة فأهلكه الله وجنده بالطير الأبابيل التي رمتهم بحجارة من سجيل، والقصة في سورة الفيل.
تُوفي أبوه وهو جنين لم يخرج للدنيا بعد، وبعد مولده سماه جده عبد المطلب محمداً، أخذته حليمة السعدية إلى مضارب بني سعد وتولت رضاعته، ثم توفيت والدته قبل أن يكمل ست سنوات.
لقد شاء الله فيما يبدو أن يتولى هو تربية محمد، وأن ينزعه من أسرته ليصبح
في رعاية الله تمهيداً للأسرة الكبيرة التي سيكون محمد زعيمها.
وقد عبر القرآن عن هذا المعنى في قوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} [الضحى: 6].
وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن نفسه: "أدبني ربي فأحسن تأديبي".
* * *
رعاية جده عبد المطلب:
هو من سادات قريش.
وهو الذي أعاد حفر بئر زمزم، ونازعته قريش، فعز عليه ذلك، ونذر إن رزقه الله بعشرة بنين وبلغوا أن يمنعوه أن ينحر أحدهم لله، فلما تحقق ذلك، وقع الاختيار على عبد الله (والد الرسول -صلى الله عليه وسلم-)، فأراد التنفيذ، فمنعته قريش، واقترع إبلاً بدلاً من عبد الله حتى وصل عددها إلى المائة فنحرها وفدى عبد الله، فكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول عن نفسه: "أنا ابن الذبيحين" عبد الله وإسماعيل.
تولى جده رعايته حتى بلغ الثامنة، فتُوفي، فتولى عمه أبو طالب رعايته.
رعاية عمه: تولى رعايته منذ الثامنة من عمره، وإلى السنة العاشرة من البعثة. وكان عمه قليل المال، كثير العيال، فعمل راعياً ليساعده، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: " ما بعث الله نبياً قط إلا رعي الغنم، فقالوا: وأنت؟ قال: نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة " (1).
لما بلغ الثانية عشر من عمره خرج به عمه إلى الشام في تجارة، فرآه بحيرا (الراهب) وأمر عمه أن لا يقدم به إلى الشام خوفاً عليه من اليهود، حيث سيكون له شأن عظيم، فأعاده وازداد حرصه عليه.
واستمر محمد -صلى الله عليه وسلم- بعدها في رعي الغنم.
--------------------------------
(1) أخرجه أحمد بن حنبل.
--------------------------------

* مرحلة الشباب:-
شارك مجتمعه في الأمور العامة:
1 - حروب الفجار:-
جرت بين قريش وقيس في الأشهر الحرم، وشارك بها وهو في سن العشرين.
* * *
2 - حلف الفضول:-
تعاهدت فيه قريش ألا تجد بمكة مظلوماً إلا نصروه، واشترك مع عمومته في ذلك الحلف.
* * *
3 - التجارة والزواج:-
لما بلغ الخامسة والعشرين، خرج إلى الشام في تجارة لخديجة وبعد عودته طلبته للزواج، لما رأت فيه من رجولة وصدق وأمانة، فتزوجها، فهي أول زوجاته، وأم أبنائه، وأول امرأة أسلمت، ولم ينكح عليها غيرها في حياتها، أمره جبريل: "أن يقرأ عليها السلام من ربِّها -عز وجل-، ويبشرها ببيت في الجنة من قصب" ولها فضائل كثيرة رضي الله عنها.
* * *
4 - تحنثه في غار حراء:-
حبب إليه -صلى الله عليه وسلم- الخلاء فكان يكره أوثان قومه، فيخلو بغار حراء يتعبد ويتفكر في هذا الكون، أنبته الله نباتاً حسناً فكان أفضل قومه في خلقه حتى أطلقوا عليه: "الصادق الأمين".
* * *
5 - سلوكه -صلى الله عليه وسلم- وأخلاقه:-
وقد عُرف محمد -صلى الله عليه وسلم- في جميع مراحل حياته بالخلق الطيب والبعد عن الشبه والخمر ومجالس اللهو.
تقول عائشة -رضي الله عنها-: "كان خُلُقُهُ القرآن".
* * *
6 - بناء الكعبة:-
لمَّا بلغ الخامسة والثلاثين، قامت قريش ببناء الكعبة من جديد لمَّا تضعضعت فتجزأتها القبائل بينها، فبنوا حتى بلغوا موضع الحجر الأسود، فاختصموا فيه، كل قبيلة تريد رفعه إلى موضعه، ثم اتفقوا أن يحكموا بينهم أول داخل إلى المسجد، فكان محمد -صلى الله عليه وسلم-، فأمر بإحضار ثوب، وأن ترفع كل قبيلة بناحية، ففعلوا، حتى إذا بلغوا موضعه، أخذه ووضعه بيده الشريفة، وبنى عليه، وكان ينقل معهم الحجارة.
* * *
7 - ديانة أهل مكة:-
كانوا يعبدون الأصنام وكان يعبدها معظم سكان جزيرة العرب، وأول من أدخلها إلى مكة هو عمرو بن لحي الخزاعي عندما كانت خزاعة تحكم مكة، وقد أحضرها من الشام، فعبدها أهل مكة، ثم عبدتها العرب، ولم يبق من دين إبراهيم سوى تعظيم البيت.
* * *



الباب الثاني: السيرة النبوية 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الباب الثاني: السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثاني: السيرة النبوية   الباب الثاني: السيرة النبوية Emptyالأربعاء 15 يونيو 2022, 5:30 am

الباب الثاني: السيرة النبوية 2-210
الفصل الثاني
البعثة
بدء الوحي:-
قالت عائشة -رضي الله عنها-: "أول ما بدأ برسول الله من الوحي: الرؤيا الصادقة، فلا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء فيتحنَّث فيه".
جاءه جبريل وهو يتحنث بالغار، فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، فكررها.
ثم قال في الثالثة: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ...} الآية [العلق: 1 - 19].
فرجع إلى خديجة مسرعاً يرجف فؤاده وهو يقول: زملوني.. زملوني.
فطمأنته، وأكدت له أن ربه لن يخذله لكرم خلقه، وذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان قد تنصر في الجاهلية.
فأخبراه.
فقال: " هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك ".
كان ذلك في رمضان 13 ق. هـ.
انقطع الوحي 40 يوماً، فحزن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ثم عاد إليه جبريل جالساً على كرسي بين السماء والأرض في هيئته الحقيقة، فارتعب -صلى الله عليه وسلم-، وعاد إلى خديجة وهو يقول: " دثروني.. دثروني.
فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (*) قُمْ فَأَنْذِرْ...} السورة.
فتتابع الوحي بعدها (1).
--------------------------------
(1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما ذكره المؤلف فيه نظر وسورة المدثر من أوائل ما نزل من القرآن والسبب الذي ذكره نزل بعده سورة الضحى والقصة مشهورة.
--------------------------------

أنواع الوحي وتدرج الرسالة:-
على شكل رؤيا أو الإلقاء في الروع، أو يتمثل له رجلاً فيخاطبه أو يأتيه مثل صلصلة الجرس (وهو الأشد عليه)، أو على صورته الحقيقية (وهذا حصل مرتين)، وما أوحى الله إليه فوق السموات ليلة المعراج (1).
وقد تدرَّجت الرسالة، فنبأهُ اللهُ بـ (اقرأ) ثم أرسله بـ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ} فأمره أن ينذر أقاربه، ثم قومه، ثم العرب ثم العالمين.
* * *
مراحل الدعوة
* الدعوة في مكة:-
المرحلة السرية (الفردية):-
كان أول من آمن به من الرجال صاحبه أبو بكر الصديق، ومن النساء زوجه خديجه بنت خويلد، ومن الصبيان علي بن أبي طالب.
ومن الموالي زيد بن حارثة.
استمرت هذه المرحلة ثلاث سنين.
كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يجتمع بالمؤمنين في دار الأرقم بن أبي الأرقم يعلمهم أمور دينهم، وبدأت عداوة قريش فحمى الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- بعمه أبي طالب.
وأما أصحابه فمن له عشيرة أو جيرة حمته، وأما الآخرين فقد تعرضوا لأشد أنواع العذاب فكان أمية بن خلف يلقي عبده بلال على رمضاء مكة في شدة الحر، ويقول له اكفر.
فلا يزيد أن يردد: أحدٌ.. أحدٌ.
وكان أبو جهل يسوم عمار ووالديه سوء
العذاب حتى قتل أمَّهُ سمية، فكانت أول شهيدة في الإسلام.

--------------------------------
(1) مختصر السيرة، محمد بن عبد الوهاب ص: 35.
--------------------------------

وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول لهم: "صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة".
وكان أبو بكر يشتري العبيد المعذبين فيعتقهم، فأعتق بلالاً، وعامر بن فهيرة، وزنيرة، وغيرهم.
* * *
الدعوة الجهرية (العامة):-
أنزل الله {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214].
فصعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الصفا ودعا جماعته، فقال: "أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي، قالوا: نعم.
ما جربنا عليك كذباً.
قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد".
ثم دعاهم إلى الإيمان بالله.
فقال عمه أبي لهب: تباً لك.
ألهذا جمعتنا؟، فأنزل الله: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ...} السورة [المسد: 1 - 5].
أخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- يدعو أقاربه وجماعته.
ثم أنزل الله: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: 94].
فدعا الناس عامة.
* * *
مقاومة قريش للدعوة:-
أسباب المقاومة:
- كان الصراع في الجزيرة يدور لأتفه الأسباب.
وظهور دين جديد يهاجم معتقداتهم سبب وجيه لمحاربته.
- لم تفرق قريش بين النبوة وبين السيادة والملك.
وظنوا أن الدين الجديد يسلم الزعامة لمحمد -صلى الله عليه وسلم-.
- ولأن الإسلام ساوى بين السادة والعبيد وهذا ما لم يتقبلوه.
- إنكار البعث.
حيث أنكروا أن تعاد الحياة للإنسان فيحاسب على أعماله.
- تقليد الآباء.
فقد قالوا: {حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} [المائدة: 104].
- كما ظن أهل مكة أن الكساد سيصيبهم.
إذا بطلت عبادة الأصنام وأعرض الحجيج عن مكة (1).
رأت قريش في دعوة محمد -صلى الله عليه وسلم- غير ما توقعت، فقد بدأت الدعوة تنتشر بين مختلف الفئات والطبقات، فبدأت تشن عليه حرباً شاملة، فكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يدعو الناس في الأسواق والمنازل والأندية والمواسم، ويغتنم موسم الحج فيدعو القبائل.
فكانت قريش توجه وراءه من يقول عنه أنه مجنون وساحر.
فكان يلقى الصد ممن يدعوهم.
اشتد أذى الكفار على أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لهم: "لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكاً لا يُظلم عنده أحد" فكانت الهجرة إلى الحبشة.
* * *
الهجرة الأولى إلى الحبشة (2):-
وكانت في السنة الخامسة من البعثة.
وكانوا عشرة رجال وخمسة نسوة.
وكان أميرهم عثمان بن مظعون.
ولقوا هناك حسن المعاملة، وأقاموا عدة شهور، ثم عادوا إلى مكة، لما سمعوا أن قريش أسلمت، فعادت قريش إلى أذاهم.
--------------------------------
(1) التاريخ الإسلامي. د/أحمد شاكر، ص 194، 197.
(2) السيرة/ابن هشام، جـ 1/ص 343.
--------------------------------

إسلام حمزة بن عبد المطلب (عم الرسول -صلى الله عليه وسلم-):-
أسلم في السنة السادسة من البعثة، حيث علم بعد عودته من رحلة صيد، أن أبا جهل شتم محمداً، فذهب إليه غاضباً، وشج وجهه بقوسه وقال له: تشتم ابن أخي وأنا على دينه.
لما أسلم حمزة عرفت قريش أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- عزَّ، فقد كان حمزة أعزَّ فتًى في قريش.
* * *
إسلام عمر بن الخطاب:-
أسلم في نفس العام، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد دعا: " اللهم أعز الإسلام بأحب العمرين إليك " عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام (أبو جهل)، وبعد إسلامه صار المسلمون يصلون ويطوفون حول الكعبة.
* * *
طلب المعجزات:-
كان الكفار يطلبون منه المعجزات والآيات لتعجيزه -صلى الله عليه وسلم-، فمن ذلك طلبوا منه شق القمر، فتحقق ذلك فقالوا: سحر.
قال تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 1، 2].
وسألوه أن يجعل الصفا ذهباً، قال تعالى على لسانهم: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)} [الإسراء: 90 - 93]. وهذه لم تتحقق لحكمة أرادها الله.
فلو أنها تحققت ثم كذبوا بها، لأتاهم عذاب الاستئصال كما حصل للأمم السابقة.
وكانوا يرسلون إلى أهل الكتاب، يسألونهم عن أمره.
قالت لهم اليهود: سلوه عن الرُّوح، وعن رجل طوَّاف، وعن أهل الكهف.
فنزلت سورة الكهف وفيها الإجابة.
واستمر العناد والضلال.
* * *
قول الوليد بن المغيرة في القرآن:-
استمع إليه فقال عنه: والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر. وإن أسفله لمغدق... الخ، وقال ما هو بمجنون، ولا كاهن، ولا شاعر، هو ساحر، فأنزل الله {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} [المدثر: 11 - 26].
كانوا يعلمون صدقه ونبوته، ولكنهم كفروا حجوداً.
قال أبو جهل: تنازعنا وبنو عبد مناف الشرف، وكنا كفرسي رهان.
فقالوا: منا نبي.
فمتى ندرك هذا.
والله لا نسمع له أبداً.
* * *
صور من أذى الكفار للنبي -صلى الله عليه وسلم-:-
أخذت قريش تفكر في كل وسيلة للتخلص منه، حتى إنهم جاءوا إلى عمه أبي طالب بعمارة بن الوليد، وهو أحسن فتيان قريش.
فقالوا: خذه وادفع إلينا محمد نقتله. فرفض بكل شدة.
فهددوا بالحرب إن لم يفعل.
فبعث إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأخبره بأمرهم، ونصحه بالكف عنهم.
فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: " والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري، ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه "، فقال له عمه: والله لا أسلمك أبداً.
* * *
حصار بني هاشم في الشعب:-
اجتمع بنو هاشم على نصرة محمد، فقررت قريش مقاطعتهم، فلا بيع، ولا شراء، ولا زواج، وكتبوا بذلك صحيفة علقوها في جوف الكعبة، فدخل بنو هاشم شعب أبي طالب. ولبثوا ثلاث سنين حتى اشتد عليهم البلاء، حتى أنهم أكلوا من أوراق الشجر، ثم اتفق نفر من قريش على وجوب نقض الصحيفة فواجهوا بذلك قريشاً، وبعث الله (الأرضة) على الصحيفة فأتت عليها ولم تدع إلا: (باسمك اللهم) وأخبر الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- بذلك فأخبر عمه.
فأخبر قريشاً واشترط عليهم إنهاء الحصار إذا كان الأمر كذلك، فأخرجوها، ووجدوا كما أخبر، فانتهي الحصار، وعادوا إلى مكة.
* * *
الهجرة الثانية إلى الحبشة وإسلام النجاشي:-
لما دخل بنو هاشم في الشعب طلب الرسول -صلى الله عليه وسلم- من المستضعفين الهجرة، فهاجروا بأمرة جعفر بن أبي طالب، وكانوا 83 رجل و19 امرأة. وأرسلت قريش برسالة وهدايا ورسل إلى النجاشي تطلب ردهم فاستمع إلى دفاعهم، فاقتنع أنهم أصحاب حق ورفض ردهم.
وكتب الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى النجاشي يدعوه للإسلام فأسلم.
* * *
وفاة خديجة -رضي الله عنها- وأبي طالب:-
كانت وفاتهما، بعد انتهاء الحصار بأشهر (في السنة العاشرة من البعثة)، وقد حزن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حزناً شديداً لذلك.
واشتد أذى قريش للرسول بعد ذلك؛ إذ كانا يحميانه من كل أذى.
وكان أشد قريش إيذاء للرسول -صلى الله عليه وسلم- عمه أبي لهب وامرأته، وأبو جهل، وعقبة بن أبي معيط.
وكان أذاهم يصل إلى درجة ضرب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإلقاء القاذورات عليه أثناء صلاته.
* * *
خروجه -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف:-
أخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- يفكر في قاعدة تحمي هذا الدين، فخرج إلى الطائف ودعاهم، فرفضوا وآذوه أشد الإيذاء، وأغروا به سفهائهم، فسبوه ورموه بالحجارة حتى دميت قدماه، فلجأ إلى حديقة لشيبة وعتبة ابني ربيعة، ثم خرج من الطائف فأرسل الله إليه ملك الجبال يستأمره أن يطبق الجبلين على أهل مكة، فرفض، وقال: "بل استأني بهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم مَنْ يعبد الله ولا يشرك به شيئاً".
* * *
الجن تؤمن برسول الله -صلى الله عليه وسلم- (1):-
عندما صار الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمنطقة نخلة (وادي بين مكة والطائف) قام من جوف الليل يصلي فمر به نفر من الجن فاستمعوا إلى تلاوته، فلمَّا فرغ من صلاته، ولوا إلى قومهم منذرين قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا.
وأنزل الله في ذلك سورة الجن.
* * *
حادثة الإسراء والمعراج:-
أُسري به -صلى الله عليه وسلم- إلى بيت المقدس راكباً على البراق، يصحبه جبريل، وصلى بالأنبياء -صلى الله عليهم وسلم- إماماً، ثم عُرج به إلى السموات، فقابل الأنبياء. ثم صعد إلى سدرة المنتهي، ثم إلى البيت المعمور ورأى جبريل على صورته، وكلمه ربه وأعطاه ما أعطاه.
وفرض الصلاة على أمته.
فلما أصبح في قومه وأخبرهم، اشتد تكذيبهما فوصف لهم بيت المقدس.
--------------------------------
(1) مختصر السيرة النبوية/ محمد بن عبد الوهاب، ص 75.
--------------------------------

وأخبرهم عن عير لهم في الطريق.
فأبى الظالمون إلا كفوراً.
قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1].
وقال تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 1 - 18].
وهذه الحادثة تعتبر تكريم للرسول، وتخفيف معاناة أذى الكفار عنه، وقد تعددت الروايات حول هذه الحادثة.
والذي نراه هو ضرورة أن نؤمن بالإسراء والمعراج بصورتها الإجمالية الواردة في القرآن، دون الدخول في التفصيلات.
* * *
موافاة المواسم:-
يئس الرسول -صلى الله عليه وسلم- من إيمان قريش، فبدأ يذهب إلى المواسم التي تقام في الأسواق مثل عكاظ وذي مجنه وغيرها فيعرض نفسه على القبائل، ويدعوها إلى الله وإلى نصرة دينه، وكذلك يعرض نفسه في مواسم الحج.
وكانت قريش تحذر هذه القبائل.
* * *
بيعة العقبة الأولى:-
كان الأوس والخزرج (سكان يثرب) سمعوا من اليهود بخروج نبي في هذا الزمان. فلما رأوه في الموسم عرفوا أنه المقصود.
فلقيه ستة من الخزرج وأسلموا على يده -صلى الله عليه وسلم-، ثم رجعوا إلى المدينة ودعوا إلى الإسلام.
وفي العام المقبل، قدم منهم 12 رجلاً وامرأة واحدة، فبعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- معهم مصعب بن عمير ليعلمهم القرآن والإسلام، فأسلم على يديه أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ سيدا الأوس.
وبعد فترة لم تبق داراً في المدينة إلا وفيها مسلمون، وقرروا دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة ونصرته في الموسم المقبل.
* * *
بيعة العقبة الثانية وهجرة المسلمين إلى المدينة:-
قدموا إليه، فقال لهم: " أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم ولكم الجنة "، فبايعوه جميعاً ودعوه -صلى الله عليه وسلم- للهجرة إلى المدينة وكانوا 73 رجل وامرأتين، ثم عادوا إلى المدينة.
أذن الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين بالهجرة إلى المدينة، فخرجوا جميعاً فلم يبق إلا الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعه أبو بكر وعلي.
وهو ينتظر إذن الله.
* * *
عوامل ساعدت على دخول الإسلام إلى يثرب:-
وقبل الحديث عن هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- نقف وقفة صغيرة. لننظر للظروف التي ساعدت على دخول الإسلام إلى يثرب.
* * *
ويبدو أن أهمها:-
- عرب يثرب كانوا أقرب العرب إلى الأديان السماوية لكثرة ما سمعوا من مجاوريهم اليهود.
- كان يهود المدينة يهددون العرب بقرب ظهور نبي وأنهم سيتَّبعونه ويبيدونهم، لذا كان العرب الأسرع إلى إتباع هذا النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- كان عرب المدينة (الأوس والخزرج) على عداء فكانت كل فئة تسارع إلى الإسلام لتقوى به على الأخرى.
* * *



الباب الثاني: السيرة النبوية 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الباب الثاني: السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثاني: السيرة النبوية   الباب الثاني: السيرة النبوية Emptyالأربعاء 15 يونيو 2022, 5:33 am

الباب الثاني: السيرة النبوية 2-310
الفصل الثالث
الهجرة وبناء الدولة الإسلامية
التآمر على قتل الرسول -صلى الله عليه وسلم-:-
انزعجت قريش من هجرة المسلمين وخافت أن ينضم محمد إلى أتباعه.
فيقيم لهم مركزاً حصيناً هناك، فاجتمعت قريش في دار الندوة، وحضرهم إبليس في صورة شيخ من أهل نجد وتشاورت في قتل الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
فأشار أبو جهل باختيار شاب من كل قبيلة من قريش ومعه سيف ثم يضربونه ضربة رجل واحد، فيتفرق دمه في القبائل وتقبل بنو عبد مناف الدية.
فقبلوا وهنأه إبليس.
فيحكي الله خبر هذه المؤامرة فيقول: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30].
* * *
مراحل الهجرة إلى المدينة:-
الخروج من مكة:-
جاء جبريل وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بما اتفق عليه القوم، وأمره بالهجرة تجمع الكفار حول بيته، فخرج إليهم -صلى الله عليه وسلم- وذر التراب على رؤوسهم فغشيوا.
قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [يس: 9].
ذهب الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى أبي بكر -رضي الله عنه- وخرجا معاً.
ونام عليٌّ -رضي الله عنه- مكانه -صلى الله عليه وسلم- فلما استيقظ الكفار دخلوا فوجدوا عليًّا -رضي الله عنه-.
مضى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه إلى غار ثور، وجدَّت قريش في طلبهما، حتى وصلوا إلى باب الغار.
فقال أبو بكر: لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا".
قال تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40].
كان عبد الله بن أبي بكر وعامر بن فهيرة يأتيانهما بالأخبار.
وأسماء بنت أبي بكر تأتي بالطعام والشراب، ولبثا في الغار ثلاث أيام ثم سارا إلى المدينة.
* * *
قصة سراقة بن مالك:-
جعلت قريش لمن يأتي بالرسول -صلى الله عليه وسلم- مائة ناقة، فجد الناس في طلبه، وكان منهم سراقة، وكان قصاص أثر، فوجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولما اقترب منهم، دعا عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فغاصت قدما فرسه في الأرض.
وتكرر ذلك، فقال: "إن الذي أصابني بدعائكما، فادعوا الله لي ولكما أن أرد الناس عنكما"، فدعا له الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
ووعده حينها بسواري كسرى، (وتحققت له هذه النبوءة بعد فتح فارس).
* * *
قصة أم معبد:-
مروا بخيمة أم معبد الخزاعية، ولم يكن عندها طعاماً أو شراباً.
فمسح الرسول -صلى الله عليه وسلم- بيده ضرع شاةٍ عازبة مريضة جاهدة، فتدفقت حليباً فسقاهم وشرب، ثم واصلوا السير.
* * *
دخول الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى يثرب (سنة 13 من البعثة، 1 هـ، 622 م):-
كان الأنصار وهم الأوس والخزرج يترقبون وصول الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشوق.
ولما وصل خرجوا إليه فرحبوا به فما فرحوا بشيء كفرحهم به.
نزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقباء خمسة أيام.
فأسَّسَ مسجد قباء وهو أول مسجد أسِّسَ بعد النبوة.
ثم ركب نحو يثرب، وواصل، والقبائل تأخذ بخطام راحلته، وهو يقول: "خلوا سبيلها فإنها مأمورة" حتى بركت في موضع بني النجار، فنزل عند أبي أيوب، وأقام عنده.
* * *
التسمية الجديدة ليثرب والتأريخ بالهجرة:-
أصبحت يثرب منذ ذلك اليوم تُعرف بالمدينة، وأصبح العام الذي هاجر فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بدءاً للتاريخ الإسلامي، أو التاريخ الهجري.
وتؤكد أكثر الروايات أن عمر بن الخطاب هو أول مَنْ أرَّخ بالهجرة بشكل رسمي ثابت. وكان ذلك في زمن خلافته.
* * *
وضع أسس المجتمع الإسلامي:-
لم يقم المسلمون مجتمعاً إسلامياً في مكة.
لكونهم قلة مغلوبة، وبدأ الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المدينة بوضع هذه الأسس العظيمة لخير مجتمع يترقبه التاريخ.
* * *
أهم أسس هذا المجتمع الجديد:-
1 - بناء المسجد النبوي:-
بركت الناقة عند موضع المسجد، فأمرهم ببنائه، وبنى معهم، وكان ينقل اللبن والحجارة بنفسه، وجعل قبلته إلى بيت المقدس، وجعل عُمده الجذوع، وسقفه الجريد، وبنى حُجَر أزواجه -صلى الله عليه وسلم- إلى جانبي المسجد، فلما انتهي بنى بعائشة -رضي الله عنها- في شوال، وعرفت يثرب يومها بمدينة الرسول أو المدينة المنورة.
وكان المسلمون يلتقون في هذا المسجد للعبادة والتعلم والقضاء والبيع والشراء والاحتفالات، وكان عاملاً كبيراً في التقريب بينهم.
* * *
2 - المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار:-
آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهم، فاقتسموا البيوت والنساء والأموال، وكانت لهذه المؤاخاة قوة أخوة النسب، وبهذه المؤاخاة خلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحدة دينية بدل الوحدة القبلية.
* * *
3 - معاهدة التعاون بين المسلمين وغير المسلمين:-
كان بالمدينة ثلاث طوائف: المسلمون، والعرب الغير مسلمين، واليهود (بنو النضير وبنو قريظة وبنو قينقاع)، فوضع الرسول -صلى الله عليه وسلم- معاهدة لضمان الأمن والسلام، ولخلق جو من التعاون والتسامح بين هذه الطوائف.
* * *
4 - وضع الأسس السياسية والإقتصادية والإجتماعية:-
الإسلام دين ودولة.
فكان لزاماً وضع هذه الأسس، فاتجهت آيات كثيرة من القرآن في هذه الفترة إلى التشريع في كافة هذه الجوانب، كما شرح الرسول -صلى الله عليه وسلم- كل ذلك بقوله وعمله (1).
فعاشت المدينة الحياة الفاضلة، السامية، فأخوة صادقة، وتكافل تام بين أفراد المجتمع.
تكون بذلك أول مجتمع إسلامي وضع الرسول -عليه السلام- أسسه الخالدة.
--------------------------------
(1) التاريخ الإسلامي/ أحمد شلبي.
--------------------------------



الباب الثاني: السيرة النبوية 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الباب الثاني: السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثاني: السيرة النبوية   الباب الثاني: السيرة النبوية Emptyالأربعاء 15 يونيو 2022, 5:42 am

الباب الثاني: السيرة النبوية 2-410
الفصل الرابع
الجهاد في سبيل الله
سبب الجهاد والقتال:-
لا توجد آية واحدة في القرآن الكريم، أو حادثة واحدة في تاريخ صدر الإسلام تشير إلى أن الإسلام انتشر بالقوة، أو أن القتال في الإسلام كان لحمل الناس على اعتناقه وسبب القتال ينحصر في رد العدوان وحماية الدعوة وحرية الدين.
بعد مضي ستة شهور من الهجرة كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد وطد الجبهة الداخلية، ونظم أمورها، وبدأ يستعد للجبهة الخارجية، والقتال المنتظر.
* * *
تدرج الجهاد:-
في البداية كان يأمرهم بالكف والصفح عن المشركين، فلما قويت شوكتهم أذن لهم ولم يفرضه عليهم.
قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39].
ثم فرض عليهم قتال من يقاتلهم.
قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [البقرة: 190].
ثم فُرِض قتال المشركين كافة {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة: 36].
يقول المؤرخون إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- اشترك في 27 غزوة، وقاتل في 9 منها، وأنه أرسل ما يقرب من 60 سرية.
وسنكتفي هنا بالحديث عن الغزوات والسرايا ذات الأثر في سير الإسلام.
* * *
أول لواء في الإسلام (1):-
كانت بقيادة حمزة -رضي الله عنه- في 30 مهاجراً، وقد اعترضوا عيراً لقريش، ولم يتقاتلوا، ثم بعث لواء بقيادة عبيدة بن الجراح، ثم لواء عليه سعد بن أبي وقاص.
وكانت عير قريش تفوتها.
وكان ذلك في عام 1 هـ.
* * *
الغزوات في عام 2 هـ/623 م:-
غزوة الأبواء: أول غزوة خرج فيها -صلى الله عليه وسلم- بنفسه مع مجموعة من المهاجرين يعترض قافلة لقريش ففاتته، ثم خرج في غزوات بوط وودان والعشيرة لاصطياد قوافل قريش ففاتته كلها، وأبقى بعض الصحابة لانتظار عودة قافلة أبو سفيان العظيمة من الشام.
* * *
بعث عبد الله بن جحش:-
بعثه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في 18 مهاجراً إلى نخلة (بين مكة والطائف) يرصدون عير قريش، فمرت بهم عيراً، فقتلوا أميرها عمرو بن الحضرمي، وأسروا اثنين.
واستولوا على القافلة، فكان ذلك أول قتل وأسر في الإسلام.
فأنكره الرسول -صلى الله عليه وسلم- لكونه في الأشهر الحُرُم.
واشتد إنكار قريش فقالوا أحَلَّ مُحَمَّدٌ الشهر الحرام، فأنزل الله:
--------------------------------
(1) البداية والنهاية/ ابن كثير، جـ 3، ص: 234.
--------------------------------

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ...} الآية [البقرة: 217].
* * *
وقعة بدر الكبرى (17 رمضان 2 هـ/623 م):-
سبب المعركة:-
كان لا بد من هذه المواجهة بين محمد وصحبه وبين قريش فهو بالإضافة إلى تهديد أوثان قريش وزلزلة مكانتها الدينية، يهدد أيضاً تجارتها الصاعدة والهابطة بين مكة والشام.
وحدثت حادثة صغيرة كانت هي السبب المباشر لهذه المعركة.
عادت قافلة أبي سفيان من الشام، فخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- في 314 مهاجراً لملاقاتها.
فعلم أبو سفيان وحث قريشاً على إنقاذ قافلتهم.
ولما علم الرسول -صلى الله عليه وسلم- استشار الصحابة، فتكلم المهاجرون وأحسنوا فكررها، فعلم الأنصار أنه يعنيهم.
فقال سعد بن معاذ: "امضِ بنا حيث شئت.
فوالله لئن استعرضت بنا البحر لخضناه، وتكلم غيره.
فأشرق وجه الرسول.
وخرجوا.
غيَّر أبو سفيان طريق القافلة فنجا.
ولكن أبا جهل صمم على الخروج ومعه 950 كافراً.
عسكروا في بدر، استنصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ربه، وبالغ في التضرع ومما قال: " اللهم انجز لي ما وعدتني، اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك.
اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض بعد.."
فأنزل الله: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ] [آل عمران: 125].
ذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بالصبر والثبات.
* * *
فعاليات المعركة ونتائجها:-
ونشبت المعركة وقد بدأت بالمبارزة.
أنزل الله ملائكته تقاتل مع المؤمنين.
فنصر الله جنده، وقتل فيها أكابر صناديد قريش كأبي جهل، وأمية بن خلف، وعتبة وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة وغيرهم.
فقتلوا سبعين وأسروا سبعين، واستشهد من المؤمنين أربعة عشر.
فقسَّم الرسول -صلى الله عليه وسلم- الغنائم، وأما الأسرى فقد أشار عمر بقتلهم، وأشار أبو بكر بمفاداتهم، فأخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- برأي أبي بكر، فنزل الوحي معاتباً الرسول -صلى الله عليه وسلم-، موافقاً لرأي عمر.
قال تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 67].
ونزلت سورة الأنفال في وصف هذه الغزوة.
* * *
أهمية غزوة بدر:-
- غزوة بدر هي الغزوة الوحيدة التي انتصر فيها المسلمون انتصاراً حقيقياً حاسماً فكانت أساساً متيناً لمستقبل الإسلام، ولذلك سمَّاها القرآن (يوم الفرقان) لأنها فرَّقت بين الحق والباطل.
فأعزَّت أهل الحق وأذلَّت أهل الباطل.
- وقد وضعت سورة الأنفال التي نزلت في هذه المعركة أدق التعاليم الإسلامية للحروب مثل: الاستعداد لملاقاة العدو، الوحدة وعدم التنازع، الثبات في المعركة، ذكر الله عند الشدائد خاصة.
- وهناك تشريعات إسلامية ارتبطت بغزوة بدر: كالشورى، والتحذير من البحث عن الأهداف المادية في الحروب، والحرص على إعلاء كلمة الله، وتشريع توزيع الغنائم، لكل هذا كانت لغزوة بدر أهمية خاصة.
* * *
ظهور المنافقين:-
ظهر المنافقون بعد معركة بدر، وعلى رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول، واستمر عملهم الخفي ضد الإسلام.
* * *
خروج السرايا:-
خرج في عدة سرايا لتأديب من تحدثه نفسه بغزو المدينة أو الاستيلاء على قوافل قريش.
* * *
غزوة بني قينقاع:-
وهم من يهود المدينة.
نقضوا العهد فهددوا المسلمين فحاصرهم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقذف الله في قلوبهم الرعب ثم استسلموا فأجلاهم عن المدينة دون سلاح.
* * *
من أحداث سنة 2 هـ:-
شرع الأذان فكان بلال هو مؤذن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وفرض الصوم والزكاة.
وصرف الله قبلة المسلمين من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتمنى ذلك.
قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144].
ولم يعجب ذلك اليهود، فأخذوا يتقولون على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ} [البقرة: 145].
كذلك قامت الحدود في هذه السنة، وفرض الله الحلال والحرام.
* * *
حوادث عام 3 هـ/624 م:-
* غزوة أحد في شوال 3 هـ:-
سببها:-
رغبة قريش في الانتقام لأنفسهم وأخذ الثأر لقتلاهم في بدر، خرج أبو سفيان على ثلاث آلاف مقاتل فعسكروا قريباً من جبل أحد.
فاستشار النبي صحبه، فأشار أكثرهم بالخروج، فخرج في ألف مقاتل، وأثناء الطريق انخذل المنافق ابن أبي سلول بثلث الجيش بحجة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عصاه وخرج، ولم يأخذ رأيه.
فعسكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند جبل أحد (شمال المدينة) وجعله خلفه، وجعل عليه خمسين رامياً بقيادة عبد الله بن جبير، وأمرهم بعدم النزول مهما حصل، ثم نظم الجيش، وأعطى اللواء لمصعب بن عمير.
قاتل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشجاعة، وأبلى أبو دجانة (الذي أعطاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- سيفه)، وطلحة، وحمزة، وعليٌّ وغيرهم، فانتصر المسلمون في أول النهار مظهرين بطولة رائعة، وانهزم الأعداء.
فنزل أكثر الرماة مخالفين أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- لجمع الغنائم، فالتف خالد بن الوليد مع فرقة الخيالة من خلفهما فكانت مفاجأة مفجعة حيث اضطرب المسلمون وعمهم الذعر، فأثخن الكفار فيهم، فاستشهد عدد منهم (أكثر من 70) وولى البعض، وجرح الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكسرت رباعيته.
وممن استشهد مصعب (حامل اللواء)، وحمزة بن عبد المطلب الذي قتله العبد وحشي بحربة، وحنظلة بن أبي عامر، وكان جنباً، فأخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الملائكة تغسله.
انسحب المسلمون بأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- نحو الجبل انسحاباً منظماً.
ثم تحصنوا بهضبة عالية فعجز عنهم المشركون، فقال أبو سفيان: إن موعدكم بدر للعام المقبل.
فقالوا له بأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم-: هو بيننا وبينكم موعد.
فكان يوم أحد يوم بلاء وتمحيص اختبر الله المؤمنين، وفضح المنافقين، وأكرم من أراد بالشهادة.
ونزل تصوير هذه المعركة في سورة آل عمران.
قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 139، 140].
* * *
وقفة عند غزوة أحد:-
إن هزيمة المسلمين المشرفة في هذه المعركة أبرزت أنبل الصفات عندهم من ثبات وتضحية وصمود وعزيمة وإيمان وبطولة.
ووقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- كالطود الأشم لا يتزعزع، وعندما تجمعت قوى الشر كلها ضده وقف سبعة من الأنصار يذودون عنه، وصارعوا صراعاً مريراً حتى قتلوا جميعاً.
وبرزت الكثير من الأدوار البطولية العظيمة.
فكانت هزيمة مشرفة فُتِّت عضد العدو، حتى أنه لم يجرؤ بعدها على الهجوم.
* * *
غزوة حمراء الأسد:-
بعد أُحد خرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع من اشترك في أحد في مكان حمراء الأسد (13 كيلو عن المدينة)، ليبين لليهود والأعراب ما يتمتعون به من معنويات عالية، فخافت قريش وعادت إلى مكة، وقد كانت تريد المدينة.
* * *
حوادث سنة 4 هـ/625 م:-
يوم الرجيع:-
أرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم- ستة من الصحابة بأمرة مرثد الغنوي، إلى الأعراب بطلب منهم ليعلموهم الدين، فلما صاروا قريباً من مكة.
غدروا بهم وقتلوا أربعة.
وباعوا الاثنين في مكة وهما زيد بن الدثنة.
وخبيب بن عدي حيث قُتِلا هناك.
* * *
* حادثة بئر معونة:-
أرسل 40 صحابياً أميرهم المنذر بن عمرو إلى أهل نجد ليعلموهم الدين، فلما نزلوا في بئر معونة (جنوب شرق المدينة) هوجموا.
وقاتلوا حتى استشهدوا جميعاً.
* * *
* إجلاء يهود بني النضير:-
غدروا بعهدهم.
وحاولوا قتل الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
فحاصرهم حتى استسلموا فأجلاهم عن المدينة بدون سلاح.
ونزلت فيهم سورة الحشر.
* * *
* غزوة ذات الرقاع:-
خرج فيها إلى غطفان في نجد، وكانوا يريدون غزو المدينة.
ولم يحصل قتال.
وكان الغرض إرهاب الأعراب.
* * *
* غزوة بني أسد:-
أرادوا غزو المدينة بقيادة طليحة بن خويلد.
فأرسل لهم سرية إلى ديارهم، ففروا وغنم المسلمون.
* * *
تأديب هذيل:-
جمع خالد الهذلي الجموع لغزو المدينة (هذيل قرب مكة) فأرسل له الرسول -صلى الله عليه وسلم- من يقتله، فقُتِل، وانفضت جموعه وانتهى أمره.
* * *
* غزوة بدر الآخرة:-
خرج أبو سفيان بثلاث آلاف مقاتل (حسب الموعد المحدد) ورغب في نفسه عدم القتال. وخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ألف وخمسمائة.
فخافت قريش وعادت.
فكانت هي المتحدية وهي الفارة.
* * *
* غزوة دومة الجندل:-
هاجمهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- تأديباً لهم، ففروا وتركوا الغنائم للمسلمين.
* * *
حوادث عام 5 هـ:-
* غزوة المريسيع:-
أراد بنو المصطلق غزو المدينة، فغزاهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- وملك ديارهم وأموالهم ونسائهم.
ثم تزوج الرسول -صلى الله عليه وسلم- جويرية بنت الحارث (بنت زعيم القوم) فأطلق المسلمون أسراهم.
وقالوا أصهار رسول الله.
بعد هذه الغزوة حصلت حادثة الإفك التي اتهمت فيها عائشة -رضي الله عنها- في عفتها، فأنزل الله براءتها.
* * *
* غزوة الأحزاب (الخندق) سنة 5 هـ/626:-
سبب الغزوة:-
تجمعات قصد منها القضاء على الإسلام والمسلمين.
خرجت قريش وغطفان والأحزاب إلى المدينة في أكثر من عشرة آلاف بتحريض من اليهود (خيبر وبنو النضير)، فاستشار الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصحابه. فأشار سلمان الفارسي بحفر خندق حول المدينة لحمايتها.
فنفذوا (كان عدد المسلمين 3000) استمر الحصار شهراً.
ونقضت بنو قريظة العهد واتفقت مع الأحزاب.
أسلم حينها نعيم بن مسعود الغطفاني، واتفق مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- على تفريق الأحزاب.
فخرب بين قريظة وقريش وغطفان بحيلة بارعة فبين لكل فريق أن الآخر ضده، فتفرقوا، فأرسل الله على المشركين جنداً من الريح فقوضت خيامهما وأكفأت قدورهم ففروا.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9].
وكانت هذه آخر غارة على المدينة.
إذ أصبح المسلمون بعدها هم الأقوياء والأسياد.
* * *
* غزوة بني قريظة (1):-
نقضوا عهدهم وغدروا في أحرج الأوقات فحالفوا قريشاً في الأحزاب، فحاصرهم بعد غزوة الخندق حتى استسلموا، فحكَّم الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيهم سعد بن معاذ، وكان حليفهم في الجاهلية.
فحكم بقتل رجالهم، وسبي نسائهم وذراريهم وهذا يتناسب جدا مع عظم جريمتهم.
فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات".
* * *
* تأديب الأعراب:-
بعد الإنتهاء من قريش واليهود، بقي العدو الثالث وهم الأعراب.
وهؤلاء أرسل إليهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- العديد من السرايا، أرعبتهم وكفَّت شرهم، وأذاهم للمسلمين.
--------------------------------
(1) السيرة/ابن هشام، جـ 3/ص 252.
--------------------------------

حوادث عام 6 هـ/627 م (1):
* صلح الحديبية وبيعة الرضوان:-
خرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- بـ 1500 من أصحابه، يريد العمرة، ونزل الحديبية، وفزعت قريش.
بعث إليهم عثمان يخبرهم قصده.
ثم أشيع أن عثمان قتل، فدعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى البيعة، فتبادر إليه أصحابه وهو تحت الشجرة (لذا سميت بيعة الشجرة أو بيعة الرضوان) بايعوه على ألا يفروا، ثم عاد عثمان.، فتصالح مع قريش.
وتم الاتفاق على هدنة عشر سنوات بينهم.
وأن من يأتي محمد من قريش يرده إليهم، ومن جاء قريش من محمد لا يردوه، ومن أراد عهد محمد دخله، ومن أراد عهد قريش دخله.
(فدخلت خزاعة في عهد محمد وبكر في عهد قريش)، وأنهم سيعودون العام القادم لأداء العمرة.
وفي الطريق أنزل الله سورة الفتح، فبشرهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بفتح مكة.
وقفة عند صلح الحديبية:-
كثير من الصحابة امتعض من هذا الصلح واستاء لهذه النتيجة.
وعد نفسه مغلوباً ذليلاً، ومن بينهم عمر بن الخطاب.
على أن المدقق المنصف يدرك أن هذه المعاهدة كانت عظيمة الخير للمسلمين.
كبيرة النفع لهم.
* * *
ومن مزاياها:-
- اعتراف قريش بكيان المسلمين.
--------------------------------
(1) المصدر السابق، جـ 3/ص 363.
--------------------------------

- إعطاء المسلمين فرصة لنشر الدعوة والتفرغ لها.
- دخول خلق كثير في الإسلام بعد هذا الصلح (من هؤلاء بعض عظماء قريش كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة).
كذلك أرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم- للملوك والحكام يدعوهم للإسلام.
- أعطت هذه المعاهدة للمسلمين فرصة ليفرغوا لليهود، لذا غزا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعدها خيبر، وانتصر واكتملت معظم التشريعات الإسلامية خلال هذه الفترة.
- أمَّا شرط إعادة من يُسلم من قريش إلى قريش.
ولا تلتزم قريش برد مَنْ يعود لها من المسلمين، فذاك وضحه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "إن من ذهب منا إليهم فقد أبعدهُ اللهُ، ومَنْ جاءنا منهم فرددناه، فسيجعل اللهُ له فرجاً ومخرجاً".
وهكذا كان هذا الصلح فتحاً مبيناً كما وصفه القرآن الكريم.
* * *
حوادث عام 7 هـ/628 م:-
* غزوة خيبر:-
{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82] برهنت الأحداث طوال القرون على شدة عداوة اليهود للمسلمين حتى عندما أحسن المسلمون إليهم.
كانت خيبر (في شمال المدينة) من أقوى حصون اليهود وأخطرها.
وكان خطرهم محدقاً على المدينة.
وكان يهود خيبر حرضوا على غزو المدينة، وجمعوا الأحزاب في غزوة الخندق، سار إليهم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وحاصرهم، حتى استسلموا، فصالحهم على شطر ثمرها وزرعها، قالت عائشة: "لما فتحت خيبر، قلنا: الآن نشبع من التمر"، بعد الغزوة أهدت زينت بنت الحارث اليهودية للرسول شاةً مسمومة، فأشعره اللهُ بذلك فكفَّ عنها، وأكل منها بشر بن البراء، فمات فقتلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- قصاصاً، كان ذلك في محرم سنة 7 هـ.
ثم أخضع يهود وادي القرى على شطر نخيلهم.
وقبل الفدية من يهود فدك ويهود تيماء وعدَّهم ذميين.
بعد خيبر أصبح المسلمون أكبر قوة في جزيرة العرب، كما انكسرت بذلك شوكة اليهود، وإن كانت لم تزل نهائياً.
* * *
* دعوة الملوك والحكام إلى الإسلام:-
رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الوقت أصبح مناسباً لذلك، فاليهود انتهوا، وقريش في هدنة معه، والأعراب لا بد من غزو ديارهم باستمرار، فكتب الكتب، وأرسل الرسل إلى:
- هرقل إمبراطور الروم، والمقوقس حاكم مصر، وقد خافا على ملكهما منه.
- المنذر بن ساوي حاكم البحرين، النجاشي ملك الحبشة، الحارث الحميري حاكم اليمن، وملكي عمان جيفر وعياد ابنا جلندي، وهؤلاء دخلوا في الإسلام.
- الحارث بن أبي شمر ملك الغساسنة بالشام، وقد قتل رسول رسول الله وسبَّ المسلمين وهدد بغزو المدينة.
- كسرى ملك الفرس، غضب ومزَّق الخطاب.
فدعا عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فمزَّق اللهُ مُلكه.
* * *
* عُمرة الحديبية:-
خرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه لأداء العمرة حسب صلح الحديبية، وكان عددهم (2000) فيسرها الله لهم، فقاموا بأدائها وعادوا بسلام وطمأنينة.
* * *
حوادث عام 8 هـ/629 م:-
إسلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص: قدما إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المدينة ومعها عثمان بن طلحة، فأسلموا على يديه، وفرح الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثيراً بإسلامهما، وصارا بعد ذلك من أعظم قواد الفتوحات الإسلامية.
* * *
* غزوة مؤتة:-
سبب الغزوة:-
قتل الغساسنة (عمال الروم) دعاة المسلمين إلى الشام، وقتلوا الحارث بن عمير رسول.. رسول الله إليهم.
وهدد ملكهم الحارث الغساني بغزو المدينة.
فأراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يعطي الروم وعملائهم الغساسِنة الصورة الحقيقية عن قوة المسلمين وأهدافهم.
* * *
سير المعركة ونتائجها:-
أهمية المعركة:-
أحس المسلمون أن هناك عدواً عنيداً في الشمال، وأن الإسلام لا أمن له إلا بالقضاء على هذا العدو.
وكانت هذه أول حلقة في النضال للفتوحات الإسلامية خارج جزيرة العرب.
أرسل جيشاً قوامة 3000 مقاتل يقودهم زيد بن حارثة، فإن قتل فالأمير جعفر بن أبي طالب، وإن أصيب فعبد الله بن رواحة.
فنزلوا في معان (شمال الجزيرة العربية على حدود الشام).
وقدم الروم في مائة ألف مقاتل وحلفائهم قضاعة في مائة ألف، فتشاور المسلمون ورأى الأغلبية القتال وعدم الانسحاب، استمر القتال سبعة أيام، وقتل القواد الثلاثة واستشهد عدد كبير من المسلمين، فتولى القيادة خالد بن الوليد، فانسحب بالجيش انسحاباً منظماً.
وقد أثنى عليهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ودعا لهم.
* * *
* معركة ذات السلاسل (1):-
انزعج الروم من قوة المسلمين، فأرادوا القضاء عليهم في عقر دارهم، وكلفوا حليفتهم قضاعة بذلك، فأرسل لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- 300 مقاتل بقيادة عمرو بن العاص، وبينهم من كبار الصحابة، ثم أمدهم بـ 200 بأمرة أبي عبيدة بن الجراح.
التحم الفريقان ففرت قضاعة، رغم جموعهم الهائلة، ومساعدات الروم لهم.
* * *
* غزوة فتح مكة (رمضان 8 هـ/629 م):-
ظروف مهَّدت لفتح مكة:-
- القضاء على اليهود خلال فترة الهُدنة والصُّلح.
وقد كانوا أكبر نصير لقريش.
- امتداد نفوذ المسلمين وإحاطته بمكة من كل جانب.
- ورأت قريش نفسها تقف وحيدة ضد كل العرب.
إضافة إلى انهيار تجارتها.
- كما أن أحوال قريش تغيَّرت فقد هلك كفارها الصناديد.
ودخل كثير من أبطالها المغاوير في الإسلام كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص.
كل هذه الظروف فتت من عضد قريش وجعلتها تيأس من النصر.
* * *
سبب الغزو:-
أن قبيلة بكر (حليفة قريش) تعدَّت على خزاعة (كانت حليفة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم أسلمت كاملة)، فأعانت قريش حليفتها، فنقضت بذلك صلح الحديبية، فاستنجدت خزاعة بالرسول -صلى الله عليه وسلم- فخافت قريش، وأرسلت زعيمها أبي سفيان ليعتذر ويُطيل مدة الهدنة ففشل وعاد خائباً.
وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسلمين بالجهاز لفتح مكة.
كتب الصحابي حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يعلمها وأرسل الرسالة مع امرأة فأخبر الله رسوله بذلك.
فكلف عليًا والزبير فعادا بالكتاب.
فبكى حاطب، وأخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه فعل ذلك ليتخذ عندهم يدًا فلا يأذوا أهله، فسامحه، وحاطب من أهل بدر.
فمضى المسلمون (وهم أكثر من 10.000 مقاتل) وعسكروا قرب مكة، وقدم أبو سفيان زعيم قريش إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأسلم فدعا له الرسول -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل في المسجد فهو آمن " ولم يسمح له بالمغادرة حتى رأى مواكب الجيوش الإسلامية.
ثم دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مكة من أعلاها وهو واضعاً رأسه تواضعاً لله بما أكرمه.
ولم يلق المسلمون مقاومة تذكر.
واستسلمت مكة فدخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسجد، حوله المسلمون، فطاف وفي يده قوس، وحول البيت أكثر من 360 صنم فجعل يطعنها ويقول: " جاء الحق وزهق الباطل " والأصنام تتساقط على وجوهها، فالتفت إلى أهل مكة وقال: " يا معشر قريش.
ما ترون أني فاعل بكم " قالوا: خيرًا.
أخ كريم وابن أخ كريم.
قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء (وهذا منتهي العفو والتسامح والكرم من الرسول -صلى الله عليه وسلم-) ثم بايعته قريش، وأسلمت كلها.
وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقتل نفر ولو تعلقوا بأستار الكعبة، فقتل بعضهم وأسلم البعض، ثم أرسل الصحابة لهدم الأصنام في مكة وحولها.
* * *
أهمية فتح مكة:-
استسلام مكة مهد الطريق لاستسلام الجزيرة العربية كلها.
فقد أصبح المسلمون سادة الكعبة وحماة البيت الحرام.
ووصلت سيرتهم الطيبة إلى كل مكان.
فكان ذلك مطلع عهد جديد سعيد على الإسلام والمسلمين، وكان هدف الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد فتح مكة تطهير الجزيرة كلها من أعداء الإسلام وخلق وحدة إسلامية موحدة مترابطة.
وهذا ما تحقَّق.
* * *
* غزوة حنين:-
سبب الغزوة:-
خضعت أغلب الجزيرة العربية لنفوذ الإسلام.
ولم يبق خارجاً عليه إلا قبائل هوازن وثقيف.
وكان لا بد من المواجهة بينهم وبين المسلمين.
* * *
حنين موقع بين مكة والطائف:
بعد ما سمعت هوازن بفتح مكة، خرجت لقتال الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقيادة مالك بن عوف ومعهم نسائهم وأموالهم لكي يستميتوا في الدفاع عنهم، فخرج إليهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- في 12000 مقاتل.
فاغتر المسلمون يومها بكثرتهم وقالوا: لن نغلب اليوم من قلة فنشب القتال في حنين، حيث انقض الكفار على المسلمين من الشعاب والمرتفعات، فاضطرب المسلمون وتفرقوا وانهزموا، ولم يثبت إلا قلة مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
فنادى الرسول -صلى الله عليه وسلم-: يا أصحاب بيعة الرضوان.
يا للأنصار.
فاجتمعوا وثبتوا حتى انتصروا وانهزم الأعداء، وتركوا أموالهم ونسائهم وفروا إلى الطائف وتحصنوا بها مع ثقيف، وكانت غنائم هائلة.
وأعطى الرسول -صلى الله عليه وسلم- المؤلفة قلوبهم الكثير منها ومنهم أبو سفيان وأبنائه.
فكانت حنين درساً لمن قال: لن نغلب اليوم من قلة.
قال تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [التوبة: 25، 26].
* * *
* غزوة الطائف:-
وهي امتداد لغزوة حنين، حيث سار الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف لقتال هوازن وثقيف، وكانت حصونهم منيعة جداً، ومؤنهم كثيرة.
فلم يأذن الله بفتحها، وطال حصارها، فدعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: اللهم اهد ثقيفاً وأت بهم مسلمين.
وعاد بعدها للمدينة.
وبعد زمن قصير أسلمت هوازن وأسلم زعيمها مالك بن عوف، ورَدَّ لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أموالهم وسباياهم.
وبعد غزوة تبوك أرسلت ثقيف وفدها معلنة إسلام أهل الطائف.
* * *
أهمية غزوة حنين والطائف:-
بعد هذه الغزوة أصبحت الجزيرة العربية لأول مرة في التاريخ دولة متحدة قوية تدين بدين واحد، ولها مبادئ وحضارة.
* * *
حوددث عام 9 هـ/630 م:-
* غزوة تبوك:-
سبب الغزوة: تناهى إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الروم جمعت جموعها الهائلة بالشام لغزو المدينة، والقضاء على الإسلام والمسلمين.
فأمر الناس بالتجهز للخروج، وسمى ذلك الجيش بجيش العسرة لجدب الأرض وشدة الحر، حتى إن المنافقين أعلنوا نفاقهم وتخلفوا عن ركب الجيش، وأنفق المسلمون بسخاء على هذا الجيش، فجهز عثمان نصف الجيش لوحده، وتصدق أبو بكر بكل ماله، وتصدق عمر بنصف ماله، فخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى تبوك، وكان تعداد الجيش ثلاثين، وقيل أربعين وقيل سبعين ألف مقاتل.
ولم يجد أثراً للروم، فقد ارتاعوا وتقهقروا إلى داخل بلادهم مدافعين.
وعسكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بجيشه عند تبوك حيث أرهب الأعداء، ثم آتاه أهل آيلة وجربا وأذرح وأعطوه الجزية، وعاد للمدينة بعد بضع عشرة ليلة، وكانت آخر غزوة غزاها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنفسه.
* * *
خبر المتخلفين (عن غزوة تبوك):-
في غزوة تبوك كانت قصة تخلف كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية، وهم ممن شهدوا بدراً.
ولم يكن لهم عذر في التخلف، فقاطعهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون حتى أنزل الله فيهم {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ...} {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 117، 118].
* * *
وفود العرب (عام الوفود):-
أنزل الله: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} [النصر: 1 - 3].
بعد إسلام قريش وهي سيدة القبائل أسلمت كل قبائل الجزيرة، فأرسلت وفودها إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- لإعلان إسلامها وسمي ذلك العام (9 هـ) عام الوفود.
وهكذا عمت الدعوة الإسلامية شبه الجزيرة العربية، ونعم محمد -صلى الله عليه وسلم- بأن رأى زرعه يثمر، ودين الله ينتشر على يديه.
* * *
* حجة 9 هـ:-
بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر أميراً على الحج، ونزلت سورة براءة (التوبة) في نقض ما بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمشركين من عهود، فأعلن أنه لا يحج بعد العام مشرك.
ومن له عند رسول عهد فهو إلى مُدَّتِهِ.
* * *
حوادث عام 10 هـ/631 م:-
* حجة الوداع:-
حج الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالمسلمين في هذه السنة (وهي حجته الوحيدة) وخرج معه قريباً من مائة ألف حاج، فعلم الناس مناسكهم وسنن حجهم وهو يقول: "خذوا عني مناسككم فلعلكم لا تلقوني بعد عامكم هذا" وخطب خطبته التي بين فيها منهاج المسلمين.
ومنها: " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم"، ومنها: "إني تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي"، ومنها: "أيها الناس إن ربكم واحد.
وأباكم واحد.
كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى"، وعاد بعدها للمدينة وبدأ به مرض الموت.
* * *
حوادث عام 11 هـ/632 م:-
بعث أسامة بن زيد:-
جهز الرسول جيشاً لقتال الروم في البلقاء (الأردن) بقيادة أسامة بن زيد بن حارثة (وعمره 18 عاماً) وفي الجيش كبار الصحابة، ولم يخرج الجيش لمرض الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
* * *
مرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- ووفاته:-
بدأ به الوجع والحمى، فاستأذن نسائه أن يُمَرّض في بيت عائشة، فأذنّ له، وفي آخر مرة صعد فيها المنبر، كان مما قاله: "أوصيكم بالأنصار خيراً.
فإنهم كرشي وعيبتي، وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم.
فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم".
ولمَّا اشتد به المرض قال: مروا أبا بكر، فليصلِّ بالناس.
ثم تُوفي -صلى الله عليه وسلم- في ضحى يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول عام 11 هـ/632 م، وكان عليه السلام في الثالثة والستين من عمره.
وأصاب المسلمين حزن عظيم.
ولم يصدق عمر بموت الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فخطب فيهم أبو بكر وقال: " يا أيها الناس إنه من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات.
ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت.
ثم تلا {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144].
فأفاق الناس، وأفاق عمر حتى إن عمر قال: "والله ظننت أنه ليس في القرآن هذه الآية حتى ذكرنيها أبو بكر".
أسَّس الرسول -صلى الله عليه وسلم- الدولة الإسلامية الأولى في المدينة.
وقامت هذه الدولة على أسس العدل والمساواة والحب والتكافل الاجتماعي التام، فاكتمل منهجها، وضبط نظامها، الذي يجب أن يسير المسلمون على خطاه.
رحم الله محمداً -صلى الله عليه وسلم- لقد كان نفحة سماوية أمدها الله بالتأييد، حباها كريم الصفات ونبيل السجايا.
ومنح العالم على يده ديناً جديراً بأن يكون خاتم الأديان لما يكفله للبشرية من تنظيم أمور الدين والدنيا (1).
--------------------------------
(1) موسوعة التاريخ الإسلامي/د. أحمد شلبي، 1/ 361.
--------------------------------



الباب الثاني: السيرة النبوية 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب الثاني: السيرة النبوية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــافـــــــــة والإعـــــــــلام :: موجز التاريخ الإسلامي-
انتقل الى: