| الفصول في السيرة | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 2:48 pm | |
| الفصول في السيرةللإمـــام ابن كـثــير
الجزء الأولمقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يُحِبُّ رَبُّنَا ويَرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مَنْ أخلص له قلبه وانجابت عنه أكدار الشرك وصفا، وأقَرَّ له بِرِقِّ العبودية، واستعاذ به من شر الشيطان والهو ى، وتمسَّك بحبله المتين المُنَزَّلِ على رسوله الأمين مُحَمَّدٌ خيرُ الورى صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الحشر واللقا، ورضي اللهُ عن أصحابه وأزواجه وذرّيته وأتباعه أجمعين، أولي البصائر والنُّهَى. أمَّا بعد: فإنه لا يجمل بأولِي العِلْمِ إهمالُ معرفةِ الأيَّام النبوية والتواريخ الإسلامية، وهي مُشتملةٌ على علوم جَمَّةٍ وفوائدَ مُهِمَّةٍ، لا يَستغني عَالِمٌ عنها، ولا يُعْذَرُ في العلم بها. وقد أحببتُ أن أعلّق تذكرةً في ذلك لتكون مُدخلاً إليه وأنموذجاً وعوناً له وعليه، وعلى الله اعتمادي، وإليه تفويضي واستنادي، وهي مُشتملةٌ على ذِكْرِ نَسَبِ رسول الله عليه الصلاة والسلام، وسيرته وأعلامه، وذِكْرُ أيَّام الإسلام بعده إلى يومنا هذا، مِمَّا يَمُسُّ حاجة ذَوِي الأرَبِ إليه، على سبيل الاختصار إن شاء اللهُ تعالى.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأحد 15 أكتوبر 2023, 5:13 pm عدل 1 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 2:50 pm | |
| الجزء الأول
فصل ذكر نسبه صلى الله عليه وسلم هو سيد ولد آدم: أبو القاسم محمد، وأحمد، والماحي الذي يُمْحَى به الكفر، والحاشر الذي يحشر الناس، والعاقب الذي ليس بعده نبي، والمُقَفَّي، ونبي الرحمة، ونبي التوبة، ونبي الملحمة. ابن عبد الله، وهو أخو الحارث، والزبير، وحمزة، والعباس، ويكنى أبا الفضل، وأبي طالب، واسمه عبد مناف، وأبي لهب، واسمه عبد العزى، وعبد الكعبة، وهو المقوم، وقيل: هما اثنان، وحجل، واسمه المغيرة، والغيداق، وسمي بذلك لكثرة جوده، وأصل اسمه نوفل، وقيل: حجل، وضرار. وصفية، وعاتكة، وأروى، وأميمة، وبرة، وأم حكيم -وهي البيضاء-. هؤلاء كلهم أو لاد عبد المطلب، واسمه شيبة الحمد على الصحيح، ابن هشام واسمه عمرو ، وهو أخو المطلب -وإليهما نسب ذوي القربى- وعبد شمس، ونوفل، أربعتهم أبناء عبد مناف أخي عبد العزى، وعبد الدار، وعبد، أبناء قصي، واسمه زيد، وهو أخو زهرة، ابنا كلاب أخي تيم، ويقظة أبي مخزوم، ثلاثتهم أبناء مرة أخي عدي، وهصيص، وهم أبناء كعب أخي عامر، وسامة، وخزيمة، وسعد، والحارث، وعوف، سبعتهم أبناء لؤي أخي تيم الأدرم. ابني غالب أخي الحارث، ومحارب، بني فهر أخي الحارث ابني مالك أخي الصلت، ويخلد، بني النضر أخي مالك، وملكان، وعبد مناة، وغيرهم، بني كنانة أخي أسد، وأسدة، الهو ن، بني خزيمة أخي هذيل، ابن مدركة،واسمه عمرو ، وهو أخو طابخة، واسمه عامر، وقمعة، وثلاثتهم أبناء إلياس، أخي الناس، وهو عيلان والدقيس كلها، كلاهما، ولد مضر أخي ربيعة وهما الصريحان من ولد إسماعيل، وأخي أنمار، وإياد، وقد تيامنا، أربعتهم أو لاد نزار أخي قضاعة في قول أكثر أهل النسب، كلاهما ابنا معد بن عدنان. فجميع قبائل العرب ينتسبون إلى من ذكرت من أبناء عدنان. وقد بين ذلك الحافظ أبو عمر النمري في كتاب الإنباه بمعرفة قبائل الرواة بياناً شافياً رحمه الله تعالى: وقريش على قول أكثر أهل النسب هم الذين ينتسبون إلى فهر بن مالك بن النضر بن كنانة وأنشدوا في ذلك: قصي لعمري كان يدعى مجمعاً به جمع الله القبائل من فهر وقيل: بل جماع قريش هو النضر بن كنانة، وعليه أكثر العلماء والمحققين، واستدل على ذلك بالحديث الذي ذكره أبو عمر بن عبد البر -رحمه الله تعالى- "عن الأشعث بن قيس رضي الله عنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد كندة فقلت: ألستم منا يا رسول الله؟ قال: [لا، نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفوا أمنا ولا ننتفى من أبينا]". وقد رواه ابن ماجه في سننه بإسناد حسن، وفيه: فكان الأشعث يقول: لا أوتى برجل نفى رجلاً من قريش من النضر بن كنانة إلا جلدته الحَدّ. وقيل: إن جماع قريش إلياس بن مضر بن نزار. وقيل: بل جماعهم أبو ه مضر. وهما قولان لبعض أصحاب الشافعي، حكاهما أبو القاسم عبد الكريم الرافعي في شرحه، وهما وجهان غريبان جداً. فأمَّا قبائل اليمن كحمير وحضرموت وسبأ، وغير ذلك، فأولئك من قحطان ليسوا من عدنان. وقضاعة فيها ثلاثة أقوال: قيل: إنها من العدنانية، وقيل: قحطانية، وقيل: بطن ثالث لا من هؤلاء ولا من هؤلاء، وهو غريب، حكاه أبو عمر وغيره.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأحد 15 أكتوبر 2023, 3:24 pm عدل 1 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 2:50 pm | |
| فصل -ذكر نسبه صلى الله عليه وسلم بعد عدنان وهذا النسب الذي سقناه إلى عدنان لا مرية فيه ولانزاع، وهو ثابت بالتواتر والإجماع، وإنما الشأن فيما بعد ذلك، لكن لا خلاف بين أهل النسب وغيرهم من علماء أهل الكتاب أن عدنان من ولد إسماعيل نبي الله، وهو الذبيح على الصحيح من قول الصحابة والأئمة، وإسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن عليه أفضل الصلاة والسلام، وقد اختلف في كم أب بينهما على أقوال: فأكثر ما قيل أربعون أباً، وأقل ما قيل سبعة آباء، وقيل: تسعة، وقيل: خمسة عشر، ثم اختلف في أسمائهم. وقد كره بعض السلف والأئمة الانتساب إلى ما بعد عدنان، ويحكى عن مالك بن أنس الأصبحي الإمام رحمه الله أنه كره ذلك. قال الإمام أبو عمر بن عبد البر في كتاب الإنباه والذي عليه أئمة هذا الشأن في نسب عدنان قالوا: عدنان بن أدد، بن مقوم بن ناحور، بن تيرح، ابن يعرب، بن يشجب، بن نابت، بن إسماعيل، بن إبراهيم خليل الرحمن، بن تارح - وهو آزر - بن ناحور، بن شاروخ، بن راعو، بن فالخ، بن عيبر، ابن شالخ، بن أرفخشذ، بن سام، بن نوح بن لامك، بن متوشلخ، بن أخنوخ - وهو إدريس النبي عليه السلام فيما يزعمون، والله أعلم، وهو أول بني آدم أعطي النبوة بعد آدم وشيث، وأول من خط بالقلم، بن يرد، بن مهليل، ابن قينن، بن يانش، بن شيث، بن آدم صلى الله عليه وسلم. هكذا ذكره محمد بن إسحق بن يسار المدني صاحب السيرة النبوية، وغيره من علماء النسب. وقد نظم ذاك أبو العباس عبد الله بن محمد الناشي المعتزلي في قصيدة يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أو ردها الإمام أبو عمر، وشيخنا في تهذيبه، وهي قصيدة بليغة أو لها: مدحت رسول الله أبغي بمدحه وفور حظوظي من كريم المآرب مدحت امرءاً فاق المديح موحداً بأوصافه عن مبعد ومقارب فجميع قبائل العرب مجتمعون معه في عدنان، ولهذا قال الله تعالى: " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى "، قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم يكن بطن من قريش إلا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة. وهو صفوة الله منهم كما رواه مسلم في صحيحه: "عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن الله اختار كنانة من ولد إسماعيل ثم اختار من كنانة قريشاً، ثم اختار من قريش بني هاشم، ثم اختارني من بني هاشم]". وكذلك بنوإسرائيل أنبياؤهم وغيرهم يجتمعون يجتمعون معه في إبراهيم الخليل عله الصلاة والسلام، الذي جعل الله في ذريته النبوة والكتاب، وهكذا أمر الله سبحانه بني إسرائيل على لسان موسى عليه السلام، وهو في التوراة كما ذكره غير واحد من العلماء ممن جمع بشارات الأنبياء به صلى الله عليه وسلم، إن الله تعالى قال لهم ما معناه: [سأقيم لكم من أو لاد أخيكم نبياً كلكم يسمع له، وأجعله عظيماً جداً]. ولم يولد من بني اسماعيل أعظم من محمد صلى الله عليه وسلم، بل لم يولد من بني آدم أحد ولا يولد إلى قيام الساعة أعظم منه صلى الله عليه وسلم، فقد صح أنه قال: " أنا سيد ولد آدم ولا فخر، آدم فمن دونه من الأنبياء تحت لو ائي " وصح عنه أنه قال: " سأقوم مقاماً يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم ".. وهذا هو المقام المحمود الذي وعده الله تعالى، وهو الشفاعة العظمى التي يشفع في الخلائق كلهم، ليريحهم الله بالفضل بينهم من مقام المحشر، كما جاء مفسراً في الأحاديث الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم. وأمه صلى الله عليه وسلم: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 2:51 pm | |
| فصل - ولادته ورضاعه ونشأته ولد صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول، وقيل: ثامنه، وقيل عاشره، وقيل لثنتي عشرة منه، وقال الزبير بن بكار: ولد في رمضان، وهو شاذ، حكاه السهيلي في روضه. وذلك عام الفيل، بعده بخمسين يوماً، وقيل بثمانية وخمسين يوماً، وقيل بعده بعشر سنين، وقيل: بعد الفيل بثلاثين عاماً، وقيل: بأربعين عاماً، والصحيح أنه ولد عام الفيل، وقد حكاه إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري، وخليفة بن خياط وغيرها إجماعاً. ومات أبو ه وهو حمل، وقيل بعد ولادته بأشهر، وقيل بسنة، وقيل بسنتين، والمشهو ر الأول، واسترضع له في بني سعد، فأرضعته حليمة السعدية كما روينا ذلك بإسناد صحيح، وأقام عندها في بني سعد نحو اً من أربع سنين، وشق عن فؤاده هناك، فردته إلى أمه، فخرجت به أمه إلى المدينة تزور أخو اله بالمدينة، فتوفيت بالأبواء، وهي راجعة إلى مكة وله من العمر ست سنين وثلاثة أشهر وعشرة أيام، وقيل: بل أربع سنين وقد روى مسلم في صحيحه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مر بالأبواء وهو ذاهب إلى مكة عام الفتح استأذن ربه في زيارة قبر أمه فأذن له، فبكى وأبكى من حوله وكان معه ألف مقنع [يعني بالحديد] ". فلما ماتت أمه حضنته أم أيمن وهي مولاته، ورثها من أبيه، وكفله جده عبد المطلب، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من العمر ثماني سنين توفي جده، وأوصى به إلى عمه أبي طالب، لأنه كان شقيق فكفله، وحاطه أتم حياطة، ونصره حين بعثه الله أعز نصر، مع أنه كان مستمراً على شركه إلى أن مات، فخفف الله بذلك من عذابه كما صح الحديث بذلك. وخرج به عمه إلى الشام في تجارة وهو ابن ثنتي عشرة سنة، وذلك من تمام لطفه به، لعدم من يقوم إذا تركه بمكة، فرأى هو وأصحابه ممن خرج معه إلى الشام من الآيات فيه صلى الله عليه وسلم ما زاد عمه في الوصاة به والحرص عليه، كما رواه الترمذي في جامعه بإسناد رجاله كلهم ثقات، من تظليل الغمامة له وميل الشجرة بظلها عليه،وتبشير بحيرا الراهب به، وأمره لعمه بالرجوع به لئلا يراه اليهو دفيرمونه سوءاً، والحديث له أصل محفوظ وفيه زيادات أخر ز ثم خرج ثانياً إلى الشام في تجارة لخديجة بنت خويلد رضي الله تعالى عنها مع غلامها ميسرة على سبيل القراض، فرأى ميسرة ما بهره من شأنه، فرجع فأخبر سيدته بما رأى، فرغبت إليه أن يتزوجها، لما رجت في ذلك من الخير الذي جمعه الله لها، وفوق ما يخطر ببال بشر، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وله خمس وعشرون سنة. وكان الله سبحانه قد صانه وحماه من صغره، وطهره من دنس الجاهلية ومن كل عيب، ومنحه كل خلق جميل حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالأمين، لما شاهدوا من طهارته وصدق حديثه وأمانته، حتى إنه لما بنت قريش الكعبة في سنة خمس وثلاثين من عمره فوصلوا إلى موضع الحجر الأسود اشتجروا فيمن يضع الحجر موضعه، فقالت كل قبيلة: نحن نضعها، ثم اتفقوا على أن يضعه أول داخل عليهم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: جاء الأمين، فرضوا به، فأمر بثوب، فوضع الحجر في وسطه، وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب، ثم أخذا الحجر فوضعه موضعه صلى الله عليه وسلم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 2:51 pm | |
|
فصل - مبعثه صلى الله عليه وسلم ولما أراد الله تعالى رحمة العباد، وكرامته بإرساله إلى العالمين، حبب إليه الخلاء، فكان يتحنث في غار حراء، كما كان يصنع ذلك متعبدوذلك الزمان، كما قال أبو طالب في قصيدته المشهو رة اللامية: وثور ومن أرسى ثبيراً مكانه وراق لبر في حراء ونازل ففجأه الحق وهو بغار حراء في رمضان، وله من العمر أربعون سنة،" فجاءه الملك فقال له أقرأ، قال لست بقارىء، فغته حتى بلغ منه الجهد، ثم أرسله فقال له: اقرأ، قال: لست بقارئ ثلاثاً ثم قال: " اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم ". فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره، فأخبر بذلك خديجة رضي الله تعالى عنها، وقال: قد خشيت بها على عقلي، فثبتته وقالت: أبشر كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث وتحمل الكل، وتعين على نوائب الدهر "... في أو صاف أخر جميلة عددتها من أخلاقه صلى الله عليه وسلم وتصديقاً منها له وتثبيتاً وإعانة على الحق، فهي أول صديق له رضي الله تعالى عنها وأكرمها. ثم مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يمكث لا يرى شيئاً، وفتر عنه الوحي، فاغتنم لذلك وذهب مراراً ليتردى من رؤوس الجبال، وذلك من شوقه إلى ما رأى أول مرة، من حلاوة ما شاهده من وحي الله [إليه]، فقيل: إن فترة الوحي كانت قريباً من سنتين أو أكثر، ثم تبدى له الملك بين السماء والأرض على كرسي، وثبته، وبشره بأنه رسول الله حقاً، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق منه وذهب إلى خديجة وقال: زملوني. دثروني. فأنزل الله عليه "يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر". وكانت الحال الأولى حال نبوة وإيحاء، ثم أمره الله في هذه الآية أن ينذر قومه ويدعوهم إلى الله، فشمر صلى الله عليه وسلم عن ساق التكليف، وقام في طاعة الله أتم قيام، يدعوا إلى الله سبحانه الكبير والصغير، والحر والعبد، والرجال والنساء، والأسود والأحمر، فاستجاب له عباد الله من كل قبيلة وكان حائز سبقهم أبو بكر رضي الله عنه، عبد الله بن عثمان التيمي وآزره في دين الله، ودعا معه إلى الله على بصيرة، فاستجاب لأبي بكر عثمان بن عفان، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص. وأما علي فأسلم صغيراً ابن ثماني سنين، وقيل: أكثر من ذلك وقيل: كان إسلامه قبل إسلام أبي بكر، وقيل: لا، وعلى كل حال، فإسلامه ليس كإسلام الصديق، لأنه كان في كفالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذه من عمه إعانة له على سنة محل. وكذلك أسلمت خديجة، وزيد بن حارثة. وأسلم القس ورقة بن نوفل فصدق بما وجد من وحي الله، وتمنى أن لو كان جذعاً، وذلك أول ما نزل الوحي، وقد روى الترمذي: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه في المنام في هيئة حسنة، وجاء في حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [رأيت القس عليه ثياب بيض] " وفي الصحيحين أنه قال: هذا الناموس الذي جاء موسى بن عمران. لما ذهبت خديجة به إليه، فقص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى من أمر جبريل عليه السلام. ودخل من شرح بن صدره للإسلام على نور وبصيرة ومعاينة فأخذهم سفهاء مكة بالأذى والعقوبة، وصان الله رسوله وحماه بعمه أبي طالب، لأنه كان شريفاً مطاعاً فيهم، نبيلاً بينهم، لا يتجاسرون على مفاجأته بشيء في أمر محمد صلى الله عليه وسلم لما يعلمون من محبته له، وكان من حكمة الله بقاؤه على دينهم لما في ذلك من المصلحة، هذا رسول الله يدعوإلى الله ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً لا يصده عن ذلك صاد ولا يرده عنه راد، ولا يأخذه في الله لو مة لائم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 2:52 pm | |
|
فصل - فتنة المعذبين والهجرة إلى الحبشة ولما اشتد أذى المشركين على من آمن وفتنوا منهم جماعة حتى إنهم كانوا يصبرونهم، ويلقونهم في الحر، ويضعون الصخرة العظيمة على صدر أحدهم في شدة الحر، حتى إن أحدهم إذا أطلق لا يستطيع أن يجلس من شدة الألم فيقولون لأحدهم: اللاتي إلهك من دون الله. فيقول مكرهاً: نعم! وحتى إن الجعل ليمر فيقولون: وهذا إلهك من دون الله. فيقول نعم! ومر الخبيث عدوالله أبو جهل عمرو بن هشام بسمية أم عمار وهي تعذب وزوجها وابنها، فطعنها بحربة في فرجها فقتلها، رضي الله عنها وعن ابنها وزوجها. وكان الصديق رضي الله تعالى عنه إذا مر بأحد من الموالي يعذب يشتريه من مواليه ويعتقه، منهم بال، وأمه حمامة، وعامر بن فخيرة، وأم عبس، وزهيرة، والنهدية، وابنتها، وجارية لبني عدي، كان عمر يعذبها على الإسلام قبل أن يسلم. حتى قال له أبو ه أبو قحافة: يا بني، أراك تعتق رقاباً ضعافاً فلوأعتقت قوماً جلداً يمنعونك. فقال له أبو بكر: إني أريد ما أريد. فيقال إنه نزلت فيه " وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى * "، إلى آخر السورة. فلما اشتد البلاء أذن الله سبحانه وتعالى في الهجرة إلى أرض الحبشة وهي في غرب مكة، بين البلدين صحارى السودان، والبحر الآخذ من اليمن إلى القلزم، فكان أول من خرج فاراً بدينه إلى الحبشة عثمان بن عفان رضي الله عنه، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبعه الناس. وقيل: بل أول من هاجر إلى أرض الحبشة أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك. ثم خرج جعفر بن أبي طالب وجماعات رضي الله عنهم وأرضاهم وكانوا قريباً من ثمانين رجلاً. وقد ذكر محمد بن إسحاق في جملة من هاجر إلى أرض الحبشة أبا موسى الأشعري عبد الله بن قيس، وما أدري ما حمله على هذا؟ فإن هذا أمر ظاهر لا يخفى على من دونه في هذا الشأن، وقد أنكر ذلك عليه الواقدي وغيره من أهل المغازي، وقالوا: إن أبا موسى إنما هاجر من اليمن إلى الحبشة إلى عند جعفر، كما جاء ذلك مصرحاً به في الصحيح من روايته رضي الله عنه فانحاز المهاجرون إلى مملكة أصحمة النجاشي فآواهم وأكرمهم، فكانوا عنده آمنين. فلما علمت قريش بذلك بعثت في إثرهم عبد الله بن أبي ربيعة وعمروبن العاص بهدايا وتحف من بلادهم إلى النجاشي، ليردهم عليهم، فأبى ذلك عليهم وتشفعوا إليه بالقواد من جنده، فلم يجبهم إلى ما طلبوا، فوشوا إليه: إن هؤلاء يقولون في عيسى قولاً عظيماً، يقولون: إنه عبد، فأحضر المسلمون إلى مجلسه، وزعيمهم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال: ما يقول هؤلاء إنكم تقولون في عيسى؟! فتلا عليه جعفر سورة " كهيعص " فلما فرغ أخذ النجاشي عوداً من الأرض فقال: ما زاد هذا على ما في التوراة ولا هذا العود، ثم قال: اذهبوا فأنتم شيوم بأرضي، من سبكم غرم، وقال لعمرو وعبد الله: والله لو أعطيتموني دبراً من ذهب يقول: جبلاً من ذهب ما سلمتهم إليكما، ثم أمر فرددت عليهما هداياهما، ورجعا مقبوحين بشر خيبة وأسوئها.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 2:52 pm | |
|
فصل - مقاطعة قريش لبني هاشم وبني المطلب ثم أسلم حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجماعة كثيرون، وفشا الإسلام. فلما رأت قريش ذلك ساءها، وأجمعوا على أن يتعاقدوا على بنى هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف: ألا يبايعونهم، ولا يناكحوهم، ولا يكلموهم، ولا يجالسوهم، حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتبوا يذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة، ويقال إن الذي كتبها منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف، ويقال: بل الضر بن الحارث، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشلت يده. وانحاز إلى شعب بنوهاشم وبنوالمطلب، مؤمنهم وكافرهم إلا أبا لهب لعنه الله)فإنه ظاهر قريشاً، وبقوا على تلك الحال لا يدخل) عليهم أحد نحو اً من ثلاث سنين. وهناك عمل أبو طالب قصيد ته المشهو رة: جزى الله عنا عبد شمس ونوفلاً. ثم سعى في نقص تلك الصحيفة أقوام من قريش، فكان القائم في أمر ذلك هشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، مشى في ذلك إلى مطعم بن عدي وجماعة من قريش، فأجابوه إلى ذلك، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه أن الله قد أرسل على تلك الصحيفة الأرضة، فأكلت جميع ما فيها إلا ذكر الله عز وجل، فكان كذلك. ثم رجع بنوهاشم وبنوالمطلب إلى مكة، وحصل الصلح برغم من أبي جهل عمرو بن هشام. واتصل الخبر بالذين هم بالحبشة أن قريشاً أسلموا، فقدم مكة منهم جماعة، فوجدوا البلاء والشدة كما كانا، فاستمروا بمكة إلى أن هاجروا إلى المدينة، إلا السكران بن عمرو زوج سودة بنت زمعة، فإنه مات بعد مقدمه من الحبشة بمكة قبل الهجرة إلى المدينة وإلا سلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، فإنهما احتبسا مستضعفين، وإلا عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى فإنه حبس فلمَّا كان يوم بدر، هرب من المشركين إلى المسلمين.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 2:53 pm | |
|
فصل - خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف فلما نقضت الصحيفة وافق موت خديجة رضي الله عنها، وموت أبي طالب، وكان بينهما ثلاثة أيام، فاشتد البلاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفهاء قومه، وأقدموا عليه، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لكي يؤووه وينصروه على قومه، ويمنعوه منهم، ودعاهم إلى الله عز وجل، فلم يجيبوه إلى شيء من الذي طلب، وآذوه أذى عظيماً، لم ينل قومه منه أكثر مما نالوا منه. فرجع عنهم، ودخل مكة في جوار المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، وجعل يدعوإلى الله عز وجل، فأسلم الطفيل بن عمرو الدوسي، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله له آية، فجعل الله في وجهه نوراً، فقال: يا رسول الله أخشى أن يقولوا هذا مثله، فدعا له، فصار النور في سوطه، فهو المعروف بذي النور. ودعا الطفيل قومه إلى الله فأسلم بعضهم، وأقام في بلاده، فلما فتح الله على رسوله خيبر قدم بهم في نحو من ثمانين بيتاً.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 2:54 pm | |
|
فصل - الإسراء والمعراج وعرض النبي نفسه على القبائل وأسري برسول الله صلى الله عليه وسلم يجسده على الصحيح من قولي الصحابة والعلماء، من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، راكباً البراق في صحبه جبر يل عليه السلام، فنزل ثم، وأم بالأنبياء ببيت المقدس فصلى بهم. ثم عرج به تلك الليلة من هناك إلى السماء الدنيا، ثم للتي تليها، ثم الثالثة، ثم إلى التي تليها، ثم الخامسة، ثم التي تليها، ثم السابعة. ورأى عندها جبريل على الصورة التي خلقه الله عليها، وفرض الله عليه الصلوات تلك الليلة. واختلف العلماء: هل رأى ربه عز وجل أو لا؟ على قولين: فصح " عن ابن عباس أنه قال: رأى ربه وجاء في رواية عنه: رآه بفؤاده ". وفي الصحيحين "عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها أنكرت ذلك على قائله، وقالت هي وابن مسعود: إنما رأى جبريل ". وروى مسلم في صحيحه من "حديث قتادة عن عبد الله بن شقيق عن أبي ذر أنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟ قال: [نور، أنى أراه!؟] وفي رواية [ رأيت نوراً]. " فهذا الحديث كاف في هذه المسألة. ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه أخبرهم بما أراه الله من آياته الكبرى، فاشتد تكذيبهم له وأذاهم واستجراؤهم عليه. وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل أيام الموسم ويقول: " من رجل يحملني إلى قومه فيمنعني حتى أبلغ رسالة ربي!؟ فإن قريشاً قد منعوني أ ن أبلغ رسالة ربي ". هذا وعمه أبو لهب -لعنه الله- وراءه يقول الناس: لا تسمعوا منه فإنه كذاب. فكان أحياء العرب يتحامونه لما يسمعون من قريش عنه: إنه كذاب، إنه ساحر، إنه كاهن، إنه شاعر، أكاذيب يقذفونه بها من تلقاء أنفسهم، فيصغي إليهم من لا تمييز له من الأحياء. وأما الألباء إذا سمعوا كلامه وتفهموه شهدوا بأن ما يقوله حق وأنهم مفترون عليه، فيسلمون.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 2:54 pm | |
|
فصل - حديث سويد بن الصامت وإسلام إياس بن معاذ وكان مما صنع الله لأنصاره من الأوس والخزرج أنهم كانوا يسمعون من حلفائهم من يهود المدينة أن نبياً مبعوث في هذا الزمن، ويتوعدونهم به إذا حاربوهم، ويقولون: إنا سنقتلكم معه قتل عاد وإرم، وكان الأنصار يحجون البيت،)كما كانت العرب تحجه)وأما اليهو دفلا. فلما رأى الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوالناس إلى الله تعالى، ورأوا أمارات الصدق عليه قالوا: والله هذا الذي توعدكم يهود به فلا يسبقنكم إليه. وكان سويد بن الصامت أخو بني عمرو بن عوف بن الأوس قد قدم مكة فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبعد ولم يجب ثم انصرف إلى المدينة، فقتل في بعض حروبهم، وكان سويد هذا ابن خالة عبد المطلب. ثم قدم مكة أبو الحيسر أنس بن رافع في فتية من قومه من بني عبد الأشهل، يطلبون الحلف، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فقال إياس بن معاذ منهم -وكان شاباً حدثاً-: يا قوم، هذا والله خيرٌ مِمَّا جئنا له، فضربه أبو الحيسر وانتهره، فسكت، ثم لم يتم لهم الحلف، فانصرفوا إلى بلادهم إلى المدينة، فيقال إن إياس بن معاذ مات مسلماً.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 2:55 pm | |
|
فصل - بيعة العقبة الأولى والثانية ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عند العقبة في الموسم نفراً من الأنصار، كلهم من الخزرج، وهم: أبو أمامة أسعد بن زرارة بن عدس، وعوف بن الحارث بن رفاعة، وهو ابن عفراء ورافع بن مالك بن العجلان، وقطبة بن عامر بن حديدة، وعقبة بن عامر بن نابي، وجابر بن عبد الله بن رئاب، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فأسلموا مبادرة إلى الخير، ثم رجعوا إلى المدينة فدعوا إلى الإسلام،ففشا الإسلام فيها، حتى لم تبق دار إلا وقد دخلها الإسلام. فلما كان العام المقبل، جاء منهم اثنا عشر رجلاً: الستة الأوائل خلا جابر بن عبد الله بن رئاب، ومعهم:معاذ بن الحارث بن رفاعة، أخو عوف المتقدم، وذكوان بن عبد قيس بن خلدة - وقد أقام ذكوان هذا بمكة حتى هاجر إلى المدينة فيقال: إنه مهاجري أنصاري - وعبادة بن صامت بن قيس، وأبوعبد الرحمن يزيد بن ثعلبة، فهؤلاء عشرة من الخزرج. واثنان من الأوس وهما: أبو الهيثم مالك بن التيهان. وعويم بن ساعدة. فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كبيعة النساء. ولم يكن أمر بالقتال بعد. فلما انصرفوا إلى المدينة، بعث معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أم مكتوم، ومصعب بن عمير، يعلمان من أسلم منهم القرآن، ويدعوان إلى الله عز وجل، فنزلا على أبي أمامة أسعد بن زرارة، وكان مصعب بن عمير يؤمهم وقد جمع بهم يوماً بالأربعين نفساً، فأسلم على يديهما)بشر كثير منهم:)أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ، وأسلم بإسلامهما يومئذ جميع بني عبد الأشهل، الرجال والنساء، إلا الأصيرم، وهو عمرو بن ثابت بن وقش، فإنه تأخر إسلامه إلى يوم أحد، فأسلم يومئذ، وقاتل فقتل قبل أن يسجد لله سجدة. فأخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " عمل قليلاً وأجر كثيراً ". وكثر الإسلام بالمدينة وظهر، ثم رجع مصعب إلى مكة، ووافى الموسم ذلك العام خلق كثير من الأنصار من المسلمين والمشركين، وزعيم القوم البراء بن معرور رضي الله عنه. فلما كانت ليلة العقبة -الثلث الأول منها- تسلل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم خفية من قومهم ومن كفار مكة، على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم)وأزرهم). وكان أول من بايعه ليلتئذ البراء بن معرور، وكانت له اليد البيضاء، إذ أكد العقد وبادر إليه. وحضر العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم موثقاً مؤكداً للبيعة مع أنه كان بعد على دين قومه. واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم تلك الليلة اثني عشر نقيباً وهم: أسعد بن زرارة بن عدس وسعد بن ربيع بن عمرو ، وعبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس، ورافع بن مالك بن العجلان، والبراء بن معرور بن صخر بن خنساء، وعبد الله بن عمرو بن حرام، وهو والد جابر، وكان قد أسلم تلك الليلة رضي الله عنه، وسعد بن عبادة بن دليم، والمنذر بن عمرو بن خنيس، وعبادة بن الصامت. فهؤلاء تسعة من الخزرج. ومن الأوس ثلاثة وهم: أسيد بن الحضير بن سماك، وسعد بن خيثمة بن الحارث، ورفاعة بن عبد المنذر بن زبير، وقيل: بل أبو الهيثم بن التيهان مكانه. ثم الناس بعدهم. والمرأتان هما: أم عمارة نسيبة بنت كعب بن عمرو، التي قتل مسيلمة ابنها حبيب بن زيد بن عاصم بن كعب. وأسماء بنت عمرو بن عدي بن نابي. فلما تمت هذه البيعة استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يميلوا على أهل العقبة فلم يأذن لهم في ذلك، بل أذن للمسلمين بعدها من أهل مكة في الهجرة إلى المدينة، فبادر الناس إلى ذلك، فكان أول من خرج إلى المدينة من أهل مكة أبو سلمة بن عبد الأسد، هو وامرأته أم سلمة فاحتبست دونه ومنعت سنة من اللحاق به، وحيل بينها وبين ولدها، ثم خرجت بعد السنة بولدها إلى المدينة، وشيعها عثمان بن طلحة، ويقال: إن أبا سلمة هاجر قبل العقبة الأخيرة، فالله أعلم. ثم خرج الناس أرسالاً يتبع بعضهم بعضاً.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 2:55 pm | |
|
فصل - هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق)بمكة)من المسلمين إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوبكر وعلي رضي الله تعالى عنهما أقاما بأمره لهما، وخلا من اعتقله المشركون كرهاً، وقد أعد أبو بكر رضي الله عنه جهازه وجهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم، منتظراً حتى يأذن الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في الخروج. فلما كانت ليلة هم المشركون بالفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرصدوا على الباب أقواماً، إذا خرج عليهم قتلوه، فلما خرج عليهم لم يره منهم أحد، وقد جاء في حديث أنه ذر على رأس كل واحد من هم تراباً ثم خلص إلى بيت أبي بكر رضي الله عنه، فخرجا من خوخة في دار أبي بكر ليلاً، وقد استأجرا عبد الله بن أريقط، وكان هادياً خريتاً، ماهراً بالدلالة إلى أرض المدينة، وأمناه على ذلك مع أنه كان على دين قومه، وسلما إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث، فلما حصلا في الغار عمى الله على قريش خبرهما، فلم يدروا أين ذهبا. وكان عامر بن فهيرة، يريح عليهما غنماً لأبي بكر، وكانت أسماء بنت أبي بكر تحمل لهما الزاد إلى الغار، وكان عبد الله بن أبي بكر يتسمع ما يقال بمكة ثم يذهب إليهما بذلك فيحترزان منه. وجاء المشركون في طلبهما إلى ثور، وما هناك من الأماكن، حتى إنهم مروا على باب الغار، وحازت أقدامهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وعمى الله عليهم باب الغار، ويقال -والله أعلم- إن العنكبوت سدت على باب الغار، وإن حمامتين عششتا على بابه، وذلك تأويل قوله تعالى " إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم " وذلك أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه لشدة حرصه بكى حين مر المشركون، وقال: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر موضع قدميه لرآنا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟". ولما كان بعد الثلاث أتى ابن أريقط بالراحلتين فركباهما، وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة وسار الديلي أمامهما على راحلته. وجعلت قريش لمن جاء بواحد من محمد صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه مائةً من الإبل، فلما مروا بحي مدلج، بصر بهم سراقة بن مالك بن جعشم، سيد مدلج، فركب جواده وسار في طلبهم، فلما قرب منهم سمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وأبوبكر رضي الله عنه يكثر الالتفات حذراً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صلى الله عليه وسلم لا يلتفت، فقال أبو بكر:يا رسول الله هذا سراقة بن مالك قد رهقنا. فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخت يدا فرسه في الأرض فقال: رميت، إن الذي أصابني بدعائكما، فادعوا الله لي، ولكما علي أن أرد الناس عنكما، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلق، وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب له كتاباً، فكتب له أبو بكر في أدم، ورجع يقول للناس: قد كفيتم ما ههنا. وقد جاء مسلماً عام حجة الوداع ودفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب الذي كتبه له، فوفى له رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وعده وهو لذلك أهل. ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره ذلك بخيمة أم معبد فقال عندها، ورأت من آيات نبوته في الشاة وحلبها لبناً كثيراً في سنة مجدبة ما بهر العقول، صلى الله عليه وسلم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 2:56 pm | |
|
فصل - دخول عليه الصلاة والسلام المدينة وقد كان بلغ الأنصار مخرجه من مكة وقصده إياهم، فكانوا كل يوم يخرجون إلى الحرة ينتظرونه، فلما كان يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول على رأس ثلاث عشرة سنة من نبوته صلى الله عليه وسلم وافاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحى، وكان قد خرج الأنصار يومئذ، فلما طال عليهم رجعوا إلى بيوتهم، وكان أول من بصر به رجل من اليهو د- وكان على سطح أطمه - فنادى بأعلى صوته: يا بني قيلة هذا جدكم الذي تنتظرون! فخرج الأنصار في سلاحهم وحيوه بتحية النبوة. ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء على كلثوم بن الهدم، وقيل: بل على سعد بن خيثمة، وجاء المسلمون يسلمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثرهم لم يره بعد، وكان بعضهم أو أكثرهم يظنه أبا بكر لكثرة شيبه، فلما اشتد الحر قام أبو بكر بثوب يظلل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحقق الناس حينئذ رسول الله عليه الصلاة والسلام.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 2:56 pm | |
|
فصل - استقراره عليه الصلاة والسلام بالمدينة فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء أياماً، وقيل: أربعة عشر يوماً، وأسس مسجد قباء ثم ركب بأمر الله تعالى فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي رانوناً، ورغب إليه أهل تلك الدار أن ينزل عليهم فقال: " دعوها فإنها مأمورة " فلم تزل ناقته سائرة به لا تمر بدار من دور الأنصار إلا رغبوا إليه في النزول عليهم، فيقول: " دعوها فإنها مأمورة ". فلما جاءت موضع مسجده اليوم بركت، ولم ينزل عنها صلى الله عليه وسلم حتى نهضت وسارت قليلاً ثم التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول، فنزل عنها صلى الله عليه وسلم، وذلك في دار بني النجار، فحمل أبو أيوب رضي الله عنه رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله. واشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم موضع المسجد، وكان مربداً ليتيمين، وبناه مسجداً، فهو مسجده الآن، وبني لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم حجراً إلى جانبه. وأما علي رضي الله عنه فأقام بمكة ريثما أدى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده وغير ذلك، ثم لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 3:03 pm | |
|
فصل - المواخاة بين المهاجرين والأنصار ووداع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بالمدينة من اليهو د، وكتب بذلك كتاباً وأسلم حبرهم عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وكفر عامتهم وكانوا ثلاث قبائل: بنوقيقناع، وبنوالنصر، وبنوقريظة. وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، فكانوا يتوارثون بهذا الإخاء في ابتداء الإسلام إرثاً مقدماً على القرابة. وفرض الله سبحانه وتعالى إذ ذاك الزكاة رفقاً بفقراء المهاجرين، وكذا ذكر ابن حزم في هذا التاريخ، وقد قال بعض الحفاظ من علماء الحديث: إنه أعياه فرض الزكاة متى كان.
فصل - فرض الجهاد ولما استقر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بين أظهر الأنصار وتكفلوا بنصره ومنعه من الأسود و الأحمر، رمتهم العرب قاطبة عن قوس واحدة، وتعرضوا لهم من كل جانب، وكان الله سبحانه قد أذن للمسلمين في الجهاد في سورة الحج وهي مكية في قوله تعالى: " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير "، ثم لما صاروا في المدينة وصارت لهم شوكة وعضد كتب الله عليهم الجهاد كما قال الله تعالى في سورة البقرة: " كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهو ا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ".
فصل - أول المغازي والبعوث - غزوة الأبواء وكانت أول غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الأبواء، وكانت في صفر سنة اثنتين من الهجرة، خرج بنفسه صلى الله عليه وسلم حتى بلغ ودان، فوادع بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة مع سيدهم مخشي بن عمرو ، ثم كر راجعاً إلى المدينة ولم يلق حرباً، وكان استخلف عليها سعد بن عبادة رضي الله عنه.
بعث حمزة بن عبد المطلب ثم بعث عمه حمزة رضي الله عنه في ثلاثين راكباً من المهاجرين ليس فيهم أنصاري إلى سيف البحر فالتقى بأبي جهل بن هشام، وركب معه زهاء ثلاثمائة، فحال بينهم مجدي بن عمرو الجهني، لأنه كان موادعاً للفريقين.
بعث عبيدة بن الحارث بن المطلب وبعث عبيدة بن الحارث بن المطلب في ربيع الآخر في ستين أو ثمانين راكباً من المهاجرين أيضاً إلى ماء بالحجاز بأسفل ثنية المرة، فلقوا جمعاً عظيماً من قريش عليهم عكرمة بن أبي جهل، وقيل: بل كان عليهم مكرز بن حفص، فلم يكن بينهم قتال، إلا أن سعد بن أبي وقاص رشق المشركين يومئذ بسهم، فكان أول سهم رمي به في سبيل الله، وفر يومئذ من الكفار إلى المسلمين المقداد بن عمرو الكندي، وعتبة بن غزوان رضي الله عنهما. فكان هذان البعثان أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن اختلف في أيهما كان أو ل، وقيل: إنهما كانا في السنة الأولى من الهجرة. وهو قول ابن جرير الطبري، والله تعالى أعلم.
فصل - غزوة بواط ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بواط، فخرج بنفسه صلى الله عليه وسلم في ربيع الآخر من السنة الثانية، واستعمل على االمدينة السائب بن عثمان بن مظعون فسار حتى بلغ بواط من ناحية رضوى، ثم رجع ولم يلق حرباً
غزوة العشيرة ثم كانت بعدها غزوة العشيرة، ويقال بالسين المهملة، ويقال العشيراء. خرج بنفسه صلى الله عليه وسلم في أثناء جماد الأولى حتى بلغها، وهي مكان ببطن ينبع وأقام هناك بقية الشهر وليالي من جمادى الآخرة [وصالح بني مدلج]، ثم رجع ولم يلق كيدا، وقد كان استخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد. وفي صحيح مسلم من حديث أبي إسحاق السبيعي قال: قلت لزيد بن أرقم: كم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: [تسع عشرة غزوة أو لها العشيرة أو العشيراء].
غزوة بدر الأولى ثم خرج بعدها بنحو من عشرة أيام إلى بدر الأولى، وذلك أن كرز بن جابر الفهري، أغار على سرح المدينة، فطلبه فبلغ وادياً يقال له سفوان في ناحية بدر، ففاته كرز،(فرجع) وقد كان استخلف على المدينة زيد بن حارثة رضي الله عنه. وبعث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في طلب كرز بن جابر فيما قيل والله أعلم. وقيل: بل بعثه لغير ذلك.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 3:04 pm | |
|
فصل - بعث عبد الله بن جحش ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله جحش بن رئاب الأسدي وثمانية من المهاجرين، وكتب له كتاباً وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين، ثم ينظر فيه،ولا يكره أحداً من أصحابه، ففعل، ولما فتح الكتاب وجد فيه: (إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل (نخلة) بين مكة والطائف، وترصد بها قريشاً، وتعلم لنا من أخبارهم)، فقال: سمعاً وطاعة، وأخبر أصحابه بذلك، وبأنه لا يستكرهم، فمن أحب الشهادة فلينهض، ومن كره الموت فليرجع، وأما أنا فناهض، فنهضوا كلهم. فلما كان في أثناء الطريق أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيراً لهما كانا يعتقبانه فتخلفا في طلبه، وتقدم عبد الله بن جحش حتى نزل بنخلة، فمرت به عير لقريش تحمل زبيباً وأدماً وتجارة، فيها عمرو بن الحضرمي وعثمان ونوفل ابنا عبد الله بن المغيرة، والحكم بن كيسان مولى بني المغيرة فتشاور المسلمون وقالوا: نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام، فإن قاتلناهم انتهكنا الشهر الحرام، وإن تر كناهم الليلة دخلوا الحرم، ثم اتفقوا على ملاقاتهم فرمى أحدهم عمرو بن الحضرمي فقتله، وأسروا عثمان والحكم، وأفلت نوفل. ثم قدموا بالعير والأسيرين قد عزلوا من ذلك الخمس، فكانت أول غنيمة في الإسلام وأول خمس في الإسلام، وأول قتيل في الإسلام وأول أسير في الإسلام، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكر عليهم ما فعلوه، وقد كانوا رضي الله عنهم مجتهدين فيما صنعوا. واشتد تعنت قريش وإنكارهم ذلك، وقالوا: محمد قد أحل الشهر الحرام، فأنزل الله عز وجل في ذلك " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله " يقول سبحانه: هذا الذي وقع وإن كان خطأ، لأن القتال في الشهر الحرام كبير عند الله، إلا أن ما أنتم عليه أيها المشركون من الصد عن سبيل الله والكفر به وبالمسجد الحرام، وإخراج محمد وأصحابه الذين هم أهل المسجد الحرام في الحقيقة أكبر عند الله من القتال في الشهر الحرام. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الخمس من تلك الغنيمة، وأخذ الفداء من ذينك الأسيرين.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 3:04 pm | |
|
فصل - تحويل القبلة وفرض الصوم وفي شعبان من هذه السنة حولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، وذلك على رأس ستة عشر شهراً من مقدمه المدينة، وقيل سبعة عشر شهراً، وهما في الصحيحين. وكان أول من صلى إليها أبو سعيد بن المعلى وصاحب له كما رواه النسائي: وذلك أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس ويتلوعليهم تحويل القبلة، فقلت لصاحبي: تعال نصلي ركعتين فنكون أول من صلى إليها، فتوارينا وصلينا إليها، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس الظهر يومئذ. وفرض صوم رمضان، وفرضت لأجله زكاة الفطر قبيله بيوم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 3:05 pm | |
|
فصل - غزوة بدر الكبرى نذكر فيه ملخص وقعة بدر الثانية، وهي الوقعة العظيمة التي فرق الله فيها بين الحق والباطل وأعز الإسلام، ودمغ الكفر وأهله، وذلك أنه لما كان في رمضان من هذه السنة الثانية بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عيراً مقبلة من الشام صحبة أبي سفيان، صخر بن حرب، في ثلاثين أو أربعين رجلاً من قريش وهي عير عظيمة، تحمل أموالاً جزيلة لقريش، فندب صلى الله عليه وسلم الناس للخروج إليها، وأمر من كان ظهره حاضراً بالنهو ض، ولم يحتفل لها احتفالاً كثيراً، إلا أنه خرج في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، لثمان خلون من رمضان، واستخلف على المدينة وعلى الصلاة ابن أم مكتوم، فلما كان بالروحاء رد أبا لبابة بن عبد المنذر واستعمله على المدينة. ولم يكن معه من الخيل سوى فرس الزبير، وفرس المقداد بن الأسود الكندي، ومن الإبل سبعون بعيراً يعتقب الرجلان والثلاثة فأكثر على البعير الواحد، فرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيراً، وزيد بن حارثة وأنسة وأبوكبشة موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمزة يعتقبون جملاً، وأبوبكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف على جمل آخر.. وهلم جرا. ودفع صلى الله عليه وسلم اللواء إلى مصعب بن عمير، والراية الواحدة إلى علي بن أبي طالب، والراية الأخرى إلى رجل من الأنصار، وكانت راية الأنصار بيد سعد بن معاذ، وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة. وسار صلى الله عليه وسلم فلما قرب من الصفراء بعث بسبس بن عمرو الجهني، وهو حليف بني ساعدة، وعدي بن أبي الزغباء الجهني حليف بني النجار إلى بدر يتحسسان أخبار العير. وأما أبو سفيان فإنه بلغه مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصده إياه، فاستأجر ضمضم ابن عمرو الغفاري إلى مكة مستصرخاً لقريش بالنفير إلى عيرهم ليمنعوه من محمد وأصحابه. وبلغ الصريخ أهل مكة، فنهضوا مسرعين وأوعبوا في الخروج، ولم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أبي لهب، فإنه عوض عنه رجلاً كان له عليه دين، وحشدوا ممن حولهم من قبائل العرب، ولم يتخلف عنهم أحد من بطون قريش إلا بني عدي، فلم يخرج معهم منهم أحد. وخرجوا من ديارهم كما قال الله عز وجل: " بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله " وأقبلوا في تحمل وحنق عظيم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما يريدون من أخذ عيرهم، وقد أصابوا بالأمس عمرو بن الحضرمي والعير التي كانت معه. فجمعهم الله على غير ميعاد لما أراد في ذلك من الحكمة كما قال تعالى: "ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولًا". ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج قريش استشار أصحابه، فتكلم كثير من المهاجرين فأحسنوا، ثم استشارهم وهو يريد بما يقول الأنصار، فبادر سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه فقال: يا رسول الله! كأنك تعرض بنا، فوالله يا رسول الله، لو استعرضت بنا البحر لخضناه معك، فسر بنا يا رسول الله على بركة الله. فَسُرَّ صلى الله عليه وسلم بذلك وقال: "سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين". ثم رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل قريباً من بدر، وركب صلى الله عليه وسلم مع رجل من أصحابه مستخبراً ثم انصرف، فلما أمسى بعث علياً وسعداً والزبير إلى ماء بدر يلتمسون الخبر، فقدموا بعبدين لقريش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي، فسألهما أصحابه لمن أنتما.؟ فقالا:نحن سقاة لقريش. فكره ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وودوا أن لو كانا لعير أبي سفيان وأنه منهم قريب ليفوزوا به، لأنه أخف مؤونة من قتال النفير من قريش لشدة بأسهم واستعدادهم لذلك، فجعلوا يضربونهما، فإذا آذاهما الضرب قالا: نحن لأبي سفيان. فإذا سكتوا عنهما قالا: نحن لقريش. فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته قال: والذي نفسي بيده إنكم لتضربونهما إذا صدقا وتتركونهما إذا كذبا. ثم قال لهما: أخبراني أين قريش؟ قالا: وراء هذا الكثيب. قال: كم القوم؟ قالا: لا علم لنا. فقال: كم ينحرون كل يوم؟ فقالا: يوماً عشراً ويوماً تسعاً: فقال صلى الله عليه وسلم: القوم ما بين التسعمائة إلى الألف " وأما بسبس بن عمرو وعدي بن أبي الزغباء فإنهما وردا ماء بدر فسمعا جارية تقول لصاحبتها: ألا تقضيني ديني؟ فقالت الأخرى: إنما تقدم العير غداً أو بعد غد فأعمل لهم وأقضيك. فصدقها مجدي بن عمرو . فانطلقا مقبلين لما سمعا، ويعقبهما أبو سفيان، فقال لمجدي بن عمرو: هل أحسست أحداً من أصحاب محمد؟ فقال: لا إلا أن راكبين نزلا عند تلك الأكمة. فانطلق أبو سفيان إلى مكانهما وأخذ من بعر بعيرهما ففته فوجد فيه النوى فقال: والله هذه علائف يثرب، فعدل بالعير إلى طريق الساحل، فنجا، وبعث إلى قريش يعلمهم أنه قد نجا هو والعير ويأمرهم أن يرجعوا. وبلغ ذلك قريشاً، فأبى أبو جهل وقال: والله لا نرجع حتى نرد ماء بدر، ونقيم عليه ثلاثاً، ونشرب الخمر، وتضرب على رؤوسنا القيان، فتهابنا العرب أبداً، فرجع الأخنس بن شريق بقومه بني زهرة قاطبة، وقال: إنما خرجتم لتمنعوا عيركم وقد نجت، ولم يشهد بدراً زهري إلا عما مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله: والد الزهري، فإنهما شهداها يومئذ وقتلا كافرين. فبادر رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً إلى ماء بدر، ونزل على أدنى ماء هناك، فقال له الحباب بن المنذر بن عمرو : يا رسول الله، هذا المنزل الذي نزلته أمرك الله به؟ أو منزل نزلته للحرب والمكيدة؟ قال: " بل منزل نزلته للحرب والمكيدة ". فقال: ليس هذا بمنزل، فانهض بنا حتى نأتي أدنى ماء من مياه القوم فننزله، ونعور ما ورائنا من القلب، ثم نبني عليه حوضاً فنملؤه، فنشرب ولا يشربون. فاستحسن رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ذلك، وحال الله بين قريش وبين الماء بمطر عظيم أرسله، وكان نقمة على الكفار ونعمة على المسلمين، مهد لهم الأرض ولبدها، وبني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش يكون فيه. ومشى صلى الله عليه وسلم في موضع المعركة، وجعل يريهم مصارع رؤوس القوم واحداً واحداً، ويقول: " هذا مصرع فلان غداً إن شاء الله، وهذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان ". قال عبد الله بن مسعود: فوالذي بعثه بالحق ما أخطأ واحد منهم موضعه الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة يصلي إلى جذم شجرة هناك، وكانت ليلة الجمعة السابع عشر من رمضان، فلما أصبح وأقبلت قريش في كتائها، قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم هذه قريش قد أقبلت في فخرها وخيلائها، تحادك وتحاد رسولك". ورام الحكيم بن حزام وعتبة بن ربيعة أن يرجعا بقريش فلا يكون قتال، فأبى ذلك أبو جهل، وتقاول هو وعتبة، وأمر أبو جهل أخا عمرو بن الحضرمي أن يطلب دم أخيه عمرو، فكشف عن أسته وصرخ: واعمراه! واعمراه! فحمي القوم ونشبت الحرب. وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف، ثم رجع إلى العريش هو وأبوبكر وحده، وقام سعد بن معاذ وقوم من الأنصار على باب العريش يحمون رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، ثلاثتهم جميعاً يطلبون البراز، فخرج إليهم من المسلمين ثلاثة من الأنصار، وهم: عوف ومعوذ ابنا عفراء، وعبد الله بن رواحة، فقالوا لهم: من أنتم؟ فقالوا: من الأنصار، فقالوا: أكفاء كرام وإنما نريد بني عمنا، فبرز لهم علي وعبيدة بن الحارث وحمزة رضي الله عنهم، فقتل علي الوليد، وقتل حمزة عتبة، وقيل: شيبة، واختلف عبيدة وقرنه بضر بتين، فأجهد كل منهما صاحبه، فكر حمزة وعلي فتمما عليه واحتملا عبيدة وقد قطعت رجله، فلم يزل طمثاً حتى مات بالصفراء رحمه الله تعالى ورضي عنه. وفي الصحيح أن علياً رضي الله عنه كان يتأول قوله تعالى " هذان خصمان اختصموا في ربهم " في برازهم يوم بدر، ولا شك أن هذه الآية في سورة الحج، وهي مكية، ووقعة بدر بعد ذلك، إلا أن برازهم من أول ما دخل في معنى الآية. ثم حمي الوطيس، واشتد القتال، ونزل النصر، واجتهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء، وابتهل ابتهالاً شديداً، حتى جعل رداؤه يسقط عن منكبيه، وجعل أبو بكر يصلحه عليه ويقول: يا رسول الله، بعض مناشدتك ربك، فإنه منجز لك ما وعدك. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض" فذلك قوله تعالى: "إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين" ثم أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءةً، ثم رفع رأسه وهو يقول: "أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثناياه النقع". وكان الشيطان قد تبدَّى لقريش في صورة سراقة بن مالك بن جعشم زعيم مدلج، فأجارهم، وزين لهم الذهاب إلى ما هم فيه، وذلك أنهم خشوا بني مدلج أن يخلفوهم في أهاليهم وأموالهم، فذلك قوله تعالى: "وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جارٌ لكم فلَمَّا تراءت الفئتان نَكَصَ على عقبيه وقال إني بريءٌ منكم إني أرى ما لا ترون" وذلك أنه رأى الملائكة حين نزلت للقتال، ورأى ما لا قِبَلَ له به، ففر وقاتلت الملائكة كما أمرها الله، وكان الرجل من المسلمين يطلب قرنه، فإذا به قد سقط أمامه. ومنح الله المسلمين أكتاف المشركين، فكان أول من فر منهم خالد بن الأعلم فأدرك فأسر، وتبعهم المسلمون في آثارهم، يقتلون ويأسرون، فقتلوا منهم سبعين وأسروا سبعين، وأخذوا غنائمهم. فكان من جملة من قتل من المشركين ممن سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم موضعه بالأمس: أبو جهل، وهو أبوالحكم عمرو بن هشام لعنه الله، قتله معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعوذ بن عفراء، وتمم عليه عبد الله مسعود، فاحتز رأسه وأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسر بذلك. وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسحبوا إلى القليب، ثم وقف عليهم ليلاً، فبكتهم وقرعهم، وقال: "بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم، كذبتموني وصدقني الناس، وخذلتموني ونصرني الناس - وأخرجتموني وآواني الناس". ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرصة ثلاثاً. ثم ارتحل بالأسارى والمغانم، وقد جعل عليها عبد الله بن كعب بن عمرو النجاري. وأنزل الله في غزوة بدر سورة الأنفال، فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء قسم المغانم كما أمره الله تعالى، وأمر بالنضر بن الحارث فضربت عنقه صبراً، وذلك لكثرة فساده وأذاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرثته أخته، وقيل ابنته قتيلة بقصيدة مشهو رة ذكرها ابن هشام، فلما بلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما زعموا: "لو سمعتها قبل أن أقتله لم أقتله". ولما نزل عرق الظبية أمر بعقبة بن أبي معيط فضربت عنقه أيضاً صبراً. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار أصحابه في الأسارى: ماذا يصنع بهم؟ فأشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن يقتلوا، وأشار أبو بكر رضي الله عنه بالفداء، وهو ي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، فحلل لهم ذلك وعاتب الله في ذلك بعض المعاتبة في قوله تعالى: " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم * " الآيات. وقد روى مسلم في صحيحه "عن ابن عباس رضي الله عنهما حديثاً طويلاً فيه بيان هذا كله، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداءهم أربعمائة أربعمائة ". ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة [مؤيداً] مظفراً منصوراً، قد أعلى الله كلمته، ومكن له، وأعز نصره، فأسلم حينئذ بشر كثير من أهل المدينة، ومن ثم دخل عبد الله بن أبي بن سلول وجماعته من المنافقين في الدين تقية.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 3:06 pm | |
|
فصل - عدة أهل بدر وجملة من حضر بدراً من المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً: من المهاجرين ستة وثمانون رجلا، ومن الأوس أحد وستون رجلاً ومن الخزرج مائة وسبعون رجلاً. وإنما قل عدد رجال الأوس عن عدد الخزرج وإن كانوا أشد منهم وأصبر عند اللقاء، لأن منازلهم كانت في عوالي المدينة فلما ندبوا للخروج تيسر ذلك على الخزرج لقرب منازلهم. وقد اختلف أئمة المغازي والسير في أهل بدر: في عدتهم، وفي تسمية بعضهم، اختلافاً كثيراً، وقد ذكرهم الزهري، وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسحق بن يسار، ومحمد بن عمر الواقدي، وسعيد بن يحيى الأموي في مغازيه، والبخاري، وغير واحد من المتقدمين، وقد سردهم - كما ذكرتهم - ابن حزم في كتاب السيرة له، وزعم أن ثمانية منهم لم يشهدوا بدراً بأنفسهم وإنما ضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسهمهم، فذكر منهم: عثمان وطلحة وسعيد بن زيد. ومن أجل من اعتنى بذلك من المتأخرين الشيخ الإمام الحافظ ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي رحمه الله تعالى، فأفرد لهم جزءاً وضمنه في أحكامه أيضاً. وأما المشركون فكانت عدتهم كما قال صلى الله عليه وسلم ما بين التسعمائة إلى الألف. وقتل من المسلمين يومئذ أربعة عشر رجلاً: ستة من المهاجرين، وستة من الخزرج، واثنان من الأوس. وكان أول قتيل يومئذ مهجع مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقيل رجل من الأنصار اسمه حارثة بن سراقة. وقتل من المشركين سبعون، وقيل: أقل، وأسر منهم مثل ذلك أيضاً. وفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأن بدر والأسرى في شوال.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 3:06 pm | |
|
فصل - غزوة بني سليم ثم نهض بنفسه الكريمة صلى الله عليه وسلم بعد فراغه بسبعة أيام لغزوبني سليم، فمكث ثلاثاً ثم رجع ولم يلق حرباً، وقد كان استعمل على المدينة سباع بن عرفطة وقيل ابن أم مكتوم.
فصل - غزوة السويق ولما رجع أبو سفيان إلى مكة وأوقع الله في أصحابه ببدر بأسه، نذر أبو سفيان ألا يمس رأسه بماء حتى يغزورسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج في مائتي راكب، فنزل طرف العريض وبات ليلة واحدة في بني النضير عند سلام بن مشكم، فسقاه وبطن له من خبر الناس، ثم أصبح في أصحابه، وأمر فقطع أصواراً من النخل، وقتل رجلاً من الأنصار وحليفاً له ثم كر راجعاً. ونذر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج في طلبه والمسلمون فبلغ قرقرة الكدر، وفاته أبو سفيان والمشركون، وألقوا شيئاً كثيراً من أزوادهم، من السويق، فسميت غزوة السويق، وكانت في ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة، ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وقد كان استخلف عليها أبا لبابة.
فصل - غزوة ذي أمر ثم أقام صلى الله عليه وسلم بقية ذي الحجة ثم غزا نجداً يريد غطفان، واستعمل على المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه، فأقام بنجد صفراً من السنة الثانية كله، ثم رجع ولم يلق حرباً
فصل - غزوة بحران ثم خرج صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول الآخر يريد قريشاً، واستخلف ابن أم مكتوم فبلغ بحران معدناً في الحجاز، ثم رجع ولم يلق حرباً.
فصل - غزوة بني قينقاع ونقض بنو قينقاع -أحد طوائف اليهو دبالمدينة- العهد وكانوا تجاراً وصاغة، وكانوا نحو السبعمائة مقاتل، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم لحصارهم، واستخلف على المدينة بشير بن عبد المنذر، فحاصرهم صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة، ونزلوا على حكمه صلى الله عليه وسلم، فشفع فيهم عبد الله بن أبي بن سلول، لأنهم كانوا حلفاء الخزرج، وهو سيد الخزرج، فشفعه فيهم بعد ما ألح على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا في طرف المدينة.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 3:07 pm | |
|
فصل - قتل كعب بن الأشرف وأما كعب بن الأشرف اليهودي، فإنه كان رجلاً من طيء، وكانت أمه من بني النضير، وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ويشبب في أشعاره بنساء المؤمنين، وذهب بعد وقعة بدر إلى مكة وألب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى قتله، فقال: من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله؟ فانتدب رجال من الأنصار ثم من الأوس وهم محمد بن مسلمة، وعباد بن بشر بن وقش، وأبو نائلة، واسمه سلكان بن سلامة بن وقش، وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة، والحارث بن أوس بن معاذ، وأبوعبس بن جبر، وأذن لهم صلى الله عليه وسلم أن يقولوا ما شاؤوا من كلام يخدعونه به، وليس عليهم فيه جناح، فذهبوا إليه واستنزلوه من أطمه ليلاً، وتقدموا إليه بكلام موهم التعريض برسول الله صلى الله عليه وسلم، فاطمأن إليهم، فلما استمكنوا منه قتلوه لعنه الله وجاؤوا في آخر الليل، وكانت ليلة مقمرة، فانتهو ا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي، فلما انصرف دعا لهم، وكان الحارث بن أوس قد جرح ببعض سيوف أصحابه، فتفل عليه الصلاة والسلام على جرحه فبرئ من وقته، ثم أصبح اليهو ديتكلمون في قتله، فأذن صلى الله عليه وسلم في قتل اليهو د.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 3:07 pm | |
|
فصل - غزوة أحد يشتمل على غزوة أحد مختصرة، وهي وقعة امتحن الله عز وجل فيها عباده المؤمنين واختبرهم، وميز فيها بين المؤمنين والمنافقين، وذلك أن قريشاً حين قتل الله سراتهم ببدر، وأصيبوا بمصيبة لم تكن لهم في حساب، ورأس فيهم أبو سفيان بن حرب لعدم وجود أكابرهم، وجاء كما ذكرنا إلى أطراف المدينة في غزوة السويق، ولم ينل ما في نفسه: شرع يجمع قريشاً ويؤلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين، فجمع قريباً من ثلاثة آلاف من قريش والحلفاء والأحابيش، وجاؤوا بنسائهم لئلا يفروا، ثم أقبل بهم نحو المدينة، فنزل قريباً من جبل أحد بمكان يقال له: عينين، وذلك في شوال من السنة الثالثة. واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه: أيخرج إليهم أم يمكث في المدينة؟ فبادر جماعة من فضلاء الصحابة ممن فاته الخروج يوم بدر إلى الإشارة بالخروج إليهم، وألحوا عليه صلى الله عليه وسلم في ذلك،وأشار عبد الله بن أبي بن سلول بالمقام بالمدينة، وتابعه على ذلك بعض الصحابة، فألح أو لئك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهض ودخل بيته ولبس لأمته وخرج عليهم، وقد انثنى عزم أو لئك فقالوا: يا رسول الله، إن أحببت أن تمكث في المدينة فافعل. فقال: " ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل " وأتي عليه الصلاة والسلام برجل من بني النجار فصلى عليه، وذلك يوم الجمعة، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم. وخرج إلى أحد في ألف، فلما كان ببعض الطريق انخزل عبد الله بن أبي نحو ثلاثمائة إلى المدينة، فاتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر رضي الله عنهما يوبخهم ويحضهم على الرجوع، فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع. فلما أبو ا عليه رجع عنهم وسبهم. واستقل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن بقي معه حتى نزل شعب أحد في عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره إلى أحد، ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم، فلما أصبح تعبأ عليه الصلاة والسلام للقتال في أصحابه، وكان فيهم خمسون فارساً، واستعمل على الرماة -وكانوا خمسين- عبد الله بن جبير الأوسي، وأمره وأصحابه أن لا يتغيروا من مكانهم، وأن يحفظوا ظهو ر المسلمين أن يؤتوا من قبلهم. وظاهر صلى الله عليه وسلم)يومئذ)بين درعين. وأعطى اللواء مصعب بن عمير، أخا بني عبد الدار، وجعل على إحدى المجنبتين الزبير بن العوام، وعلى المجنبة الأخرى المنذر بن عمرو المعنق ليموت. واستعرض الشباب يومئذ، فأجاز بعضهم ورد آخرين، فكان ممن أجاز سمرة بن جندب، ورافع بن خديج، ولهما خمس عشرة سنة. وكان ممن رد يومئذ أسامة بن زيد بن حارثة، وأسيد بن ظهير، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، وغرابة بن أو س، وعمروبن حزم. ثم أجازهم يوم الخندق. وتعبأت قريش أيضاً وهم في ثلاثة آلاف كما ذكرنا، فيهم مائتا فارس، فجعلوا على ميمنتهم خالد بن الوليد، وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل. وكان أول من برز من المشركين يومئذ أبو عامر الراهب، واسمه عبد عمرو بن صيفي. وكان رأس الأوس في الجاهلية، وكان مترهباً، فلما جاء الإسلام خذل فلم يدخل فيه، وجاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعداوة، فدعا عليه صلى الله عليه وسلم، فخرج من المدينة، وذهب إلى قريش يؤلبهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم)ويحضهم على قتاله مع ما هم منطوون على رسول الله)وأصحابه من الحنق، ووعد المشركين أنه يستميل لهم قومه من الأوس يوم اللقاء حتى يرجعوا إليهن فلما أقبل في عبدان أهل مكة والأحابيش تعرف إلى قومه فقالوا له: لا أنعم الله لك عيناً يا فاسق. فقال: لقد أصاب قومي بعدي شر، ثم قاتل المسلمين قتالاً شديداً. وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ)أمت أمت)وأبلى يومئذ أبو دجانة سماك بن خرشة، وحمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم،)أسد الله وأسد رسوله رضي الله عنه وأرضاه)وكذا علي بن أبي طالب، وجماعة من الأنصار منهم: النضر بن أنس، وسعد بن الربيع رضي الله عنهم أجمعين. وكانت الدولة أول النهار للمسلمين على الكفار، فانهزموا راجعين حتى وصلوا إلى نسائهم. فلما رأى ذلك أصحاب عبد الله بن جبير قالوا: يا قوم، الغنيمة الغنيمة. فذكرهم عبد الله بن جبير تقديم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه في ذلك، فظنوا أن ليس للمشركين رجعة، وأنهم لا تقوم لهم قائمة بعد ذلك، فذهبوا في طلب الغنيمة، وكر الفرسان من المشركين فوجدوا تلك الفرجة قد خلت من الرماة فجاوزوها وتمكنوا، وأقبل آخرهم، فكان ما أراد الله تعالى كونه، فاستشهد من أكرمهم الله بالشهادة من المؤمنين، فقتل جماعة من أفاضل الصحابة، وتولى أكثرهم. وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجرح في وجهه الكريم وكسرت رباعيته اليمنى السفلى بحجر، وهشمت البيضة على رأسه المقدس، ورشقه المشركون بالحجارة حتى وقع لشقه، وسقط في حفرة من الحفر التي كان أبو عامر الفاسق حفرها يكيد بها المسلمين، فأخذ علي بيده، واحتضنه طلحة بن عبيد الله. وكان الذي تولى أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن قمئة وعتبة بن أبي وقاص، وقيل: إن عبد الله بن شهاب الزهري أبا جد محمد بن مسلم بن شهاب هو الذي شجه صلى الله عليه وسلم. وقتل مصعب بن عمير رضي الله عنه بين يديه، فدفع صلى الله عليه وسلم اللواء إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ونشبت حلقتان من حلق المغفر في وجهه صلى الله عليه وسلم، فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه، فكان الهتم يزينه، وامتص مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدم من جرحه صلى الله عليه وسلم. وأدرك المشركون النبي صلى الله عليه وسلم فحال دونه نفر من المسلمين نحو من عشرة فقتلوا، ثم جالدهم طلحة حتى أجهضهم عنه صلى الله عليه وسلم، وترس أبو دجانة سماك بن خرشة عليه صلى الله عليه وسلم بظهره، والنبل يقع فيه، وهو لا يتحرك رضي الله عنه، ورمى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يومئذ رمياً (مسدداً) منكئاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ارم فداك أبي وأمي). وأصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان الظفري، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها عليه الصلاة والسلام بيده الكريمة، فكانت أصح عينيه وأحسنهما. وصرخ الشيطان - لعنه الله - بأعلى صوته: إن محمداً قد قتل، ووقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين، وتولى أكثرهم، وكان أمر الله. ومر أنس بن النضر بقوم من المسلمين قد ألقوا بأيديهم، فقال: ما تنتظرون؟ فقالوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما تصنعون في الحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه، ثم استقبل الناس، ولقي سعد بن معاذ فقال: يا سعد، والله إني لأجد ريح الجنة من قبل أحد، فقاتل حتى قتل رضي الله عنه، ووجدت به سبعون ضربة. وجرح يومئذ عبد الرحمن بن عوف نحو ا من عشرين جراحةً، بعضها في رجله، فعرج منها حتى مات رضي الله عنه. وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المسلمين، فكان أول من عرفه تحت المغفر كعب بن مالك رضي الله عنه، فصاح بأعلى صوته: يا معشر المسلمين، أبشروا، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم! فأشار إليه صلى الله عليه وسلم أن اسكت، واجتمع إليه المسلمون، ونهضوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه، فيهم أبو بكر وعمر وعلي والحارث بن الصمة الأنصاري وغيرهم. فلما أسندوا في الجبل، أدركه أبي بن خلف على جواد، يقال له العود، زعم الخبيث أنه يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما اقترب تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من (يد) الحارث بن الصمة فطعنه بها، فجاءت في ترقوته، ويكر عدوالله منهزماً فقال له المشركون: والله ما بك من بأس، فقال: والله لو كان ما بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون، إنه قال لي: إنه قاتلي، ولم يزل به ذلك حتى مات بسرف مرجعه إلى مكة لعنه الله. وجاء علي رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء ليغسل عنه الدم، فوجده آجناً، فرده. وأراد صلى الله عليه وسلم أن يعلو صخرة هناك، فلم يستطع لما به صلى الله عليه وسلم، ولأنه ظاهر يومئذ بين درعين، فجلس طلحة تحته حتى صعد، وحانت الصلاة، فصلّى جالساً، ثم مال المشركون إلى رحالهم، ثم استقبلوا طريق مكة منصرفين إليها، وكان هذا كله يوم السبت. واستشهد يومئذ من المسلمين نحو السبعين. منهم حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قتله وحشي مولى بني نوفل وأعتق لذلك، وقد أسلم بعد ذلك، وكان أحد قتلة مسيلمة الكذاب لعنه الله، وعبد الله بن جحش حليف بني أمية، ومصعب بن عمير، وعثمان بن عثمان، وهو شماس بن عثمان المخزومي، سني بشماس لحسن وجهه. فهؤلاء أربعة من المهاجرين، والباقون من الأنصار رضي الله عنهم جميعهم، فدفنهم في دمائهم وكلومهم، ولم يصل عليهم يومئذ. وفر يومئذ من المسلمين جماعة من الأعيان، منهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد نص الله سبحانه على العفوعنهم، فقال عز وجل: "إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم". وقتل يومئذ من المشركين اثنان وعشرون. وقد ذكر سبحانه هذه الوقعة في سورة آل عمران حيث يقول: "وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم *" الآيات.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 3:08 pm | |
|
فصل - غزوة حمراء الأسد ولما أصبح يوم الأحد، ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم)المسلمين)إلى النهو ض في طلب العدو، إرهاباً لهم، وهذه غزوة حمراء الأسد، وأمر ألا يخرج معه إلا من حضر أحداً، فلم يخرج إلا من شهد أحداً، سوى جابر بن عبد الله، فإنه كان أبو ه استخلفه في مهماته، فقتل أبو ه يوم أحد، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى حمراء الأسد، فأذن له. فنهض المسلمون كما أمرهم صلى الله عليه وسلم، وهم مثقلون بالجراح، حتى بلغ حمراء الأسد وهي على ثمانية أميال من المدينة، فذلك قوله تعالى: " الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ". ومر معبد بن أبي معبد النزاعي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأجاره حتى بلغ أبا سفيان والمشركين بالرواء، فأخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد خرجوا في طلبهم، ففت ذلك في أعداد قريش، وكانوا أرادوا الرجوع إلى المدينة فثناها ذلك واستمروا راجعين إلى مكة. وظفر عليه الصلاة والسلام بمعاوية بن المغيرة بن أبي العاصي فأمر بضرب عنقه صبراً، وهو والد عائشة أم عبد الملك بن مران، فلم يقتل فيها سواه.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 3:08 pm | |
|
فصل - بعث الرجيع ثم بعث صلى الله عليه وسلم بعد أحد بعث الرجيع، وذلك في صفر من السنة الرابعة، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم بعث إلى عضل والقارة بسؤالهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك حين قدموا عليه وذكروا أن فيهم إسلاماً، فبعث ستة نفر في قول ابن إسحاق، وقال البخاري في صحيحه كانوا عشرة. وقال أبو القاسم السهيلي: وهذا هو الصحيح. وأمر عليهم مرثد بن أبي االغنوي رضي الله عنهم. ومنهم خبيب بن عدي، فذهبوا معهم، فلما كانوا بالرجيع، وهو ماء لهذيل بناحية الحجاز بالهدأة غدروا بهم، واستصرخوا عليهم هزيلاً، فجاؤوا فأحاطوا بهم فقتلوا عامتهم، واستأسر منهم خبيب بن عدي ورجل آخر وهو زيد بن الدثنة فذهبوا بهما فباعوهما بمكة، وذلك بسبب ما كانا قتلا من كفار قريش من يوم بدر. فأما خبيب رضي الله عنه فمكث عندهم مسجوناً ثم أجمعوا لقتله فخرجوا به إلى التنعيم ليصلبوه فاستأذنهم أن يصلي ركعتين فأذنوا له: فصلاهما ثم قال: والله لو لا أن تقولوا أن ما بي جزع لزدت، ثم قال: ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أو صال شلو ممزع ثم وكلوا به من يحرسه، فجاء عمرو بن أمية فاحتمله بخدعة ليلاً فذهب به فدفنه. وأما زيد بن الدثنة رضي الله عنه فابتاعه صفوان بن أمية فقتله بأبيه. وقد قال له أبو سفيان: أيسرك أن محمداً عندنا تضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ فقال: والله ما يسرني أني في أهلي وأن محمداً في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصول في السيرة الأحد 15 أكتوبر 2023, 3:08 pm | |
|
فصل - بعث بئر معونة وفي صفر هذا بعث إلى بئر معونة أيضاً، وذلك أن أبا براء عامر بن مالك المدعوملاعب الأسنة، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدعاه إلى الإسلام فلم يسلم ولم يبعد. فقال: يا رسول الله لو بعثت أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى دينك لرجوت أن يجيبوهم، فقال: إني أخاف عليهم أهل نجد، فقال أبو براء: أنا جار لهم. فبعث صلى الله عليه وسلم فيما قاله ابن إسحاق أربعين رجلاً من الصحابة، وفي الصحيحين سبعين رجلاً، وهذا هو الصحيح. وأمر عليهم المنذر بن عمرو أحد بني ساعدة، ولقبه المعنق ليموت رضي الله عنهم أجمعين، وكانوا من فضلاء المسليمن وسادتهم وقرائهم، فنهضوا فنزلوا بئر معونة، وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم، ثم بعثوا منها حرام بن ملحان أخا أم سليم بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدوالله عامر بن الطفيل، فلم ينظر فيه، وأمر به فقتله رجل ضربه بحربة، فلما خرج الدم قال: فزت ورب الكعبة. واستنفر عدوالله عامر: بني عامر إلى قتال الباقين، فلم يجيبوه، لأجل جوار أبي براء، فاستنفر بني سليم فأجابته عصية ورعل وذكوان، فأحاطوا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم رضي الله عنهم، إلا كعب بن زيد من بني النجار فإنه ارتث من بين القتلى، فعاش حتى قتل يوم الخندق. وكان عمرو بن أمية الضمري والمنذر بن محمد بن عقبة في سرح المسلمين، فرأيا الطير تحوم على موضع الوقعة، فنزل المنذر بن محمد هذا فقاتل المشركين حتى قتل مع أصحابه، وأسر عمرو بن أمية، فلما أخبر أنه من مضر جز عامر ناصيته وأعتقه فيما زعم عن رقبة كانت على أمه. ورجع عمرو بن أمية، فلما كان بالقرقرة من صدر قناة نزل في ظل، ويجيء رجلان من بني كلاب، وقيل من بني سليم فنزلا معه فيه، فلما ناما فتك بهما عمرو وهو يرى أنه قد أصاب ثأراً من أصحابه، وإذا معهما عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشعر به، فلما قدم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فعل، قال: [لقد قتلت قتيلين لأدينهما]. وكان هذا سبب غزوة بني النضير كما ورد هذا في الصحيح.
|
|
| |
| الفصول في السيرة | |
|