منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 المبحث التاسع

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

المبحث التاسع Empty
مُساهمةموضوع: المبحث التاسع   المبحث التاسع Emptyالسبت 10 سبتمبر 2011, 4:24 pm

المبحث التاسع

رؤية مستقبلية للحرب في الصومال:

أولاً: الاعتبارات المتعلقة بالمصالحة الوطنية في الصومال:

لما كان الصومال دولة ذات هوية ثلاثية: عربية - إفريقية - إسلامية، فإن المحافظة على تلك المكونات الثلاثة تعد مطلبا صوماليا ملحاً، حتى يتواصل التوازن المنشود بينها.

ومن ثم، فإن الحديث عن أي قوات إقليمية أو دولية لحفظ السلام، إن كان أمراً واجباً، فانه يتعين أن يكون في إطار دور الهوية الصومالية مع استبعاد دول الجوار المباشر، على خلفية تاريخية وأخرى معاصرة، عكست ـ ولم تزل تعكس ـ أطماعا ومصالح ذاتية قديمة (تقسيم الصومال وتفتيته وتجنب وجود دولة قوية على حدود دول الجوار)، وأخرى حديثة (بالصومال ثروات معدنية منها يورانيوم وبترول، وحيوانية وبحرية، فضلا عن سعي دول حبيسة الوصول إلي موانئ صومالية).

وقد يكون في ذلك تفسيرا لرفض قيادات المحاكم الإسلامية، بل وغالبية قيادات صومالية أخرى ( بجانب الرفض الشعبي ) لوجود قوات أجنبية على أراضي الصومال، وهو أمر ظهر في أكثر من مناسبة، كان آخرها عقب تشكيل المؤسسات السياسية الانتقالية، في ختام أعمال مؤتمر المصالحة في نيروبي عام 2004، حيث قوبلت الفكرة برفض شبه إجماعي، خاصة أن من بين الدول التي شملها اقتراح تشكيل القوات، دولتي الجوار المباشر للصومال.

1. مستقبل المصالحة والمحاصصة في الصومال:

لماذا لم تتحقق المصالحة الصومالية؟ حتى الوقت الراهن على الرغم من انعقاد الكثير من المؤتمرات الوطنية والإقليمية والدولية للمصالحة والسلام في الصومال، وبوساطات عربية وإقليمية ودولية وأممية، (1991- 2008)، في جيبوتي والقاهرة، واليمن، وأثيوبيا وكينيا، لكن شيئاً لم يتغير، فوتيرة العنف في ارتفاع مستمر والدولة غائبة ومغيبة والأمن مهدد والمصالحة موضع خلاف ومحل اختلاف، وهي مصالحة محكوم عليها بالفشل طالما الظروف والأسباب التي وجدت هذا الانهيار الصومالي قائمة وقوية كالتحزب والتعصب القبلي والسياسي والديني وطالما المناخ الذي أوجد زعماء المليشيات وأمراء وأثرياء الحرب ما زال قائماً كذلك لهذا ما انفك كل اتفاق ينفض حال الاتفاق والتوقيع عليه.

إن الرهان على القوة لنيل الحقوق والاستيلاء على السلطة بين القبائل الصومالية لم ينته بعد، ولا يزال الكل يجمع قوته ليوم الحصاد الذي تقسم فيه تركة الصومال من ثروات وسلطة، وقد أسس لهذا الفشل الواضح الحلول الوسطية والإصلاحية (المحاصصة) التي اعتمدها مؤتمر عرتا بجيبوتي منذ عام 2000، وتقوم على قاعدة قبلية عامة 4.5، الأربعة للقبائل الكبرى والنصف للأقليات أي يتم تقسيم السلطة الحكومية كالآتي، 61 مقعداً في البرلمان لكل قبيلة كبيرة من مجموع 4 قبائل و 31 مقعداً للأقليات والجانب السلبي للقبيلة يتجسد أيضاً في توزيع حصتها في الحكومة أو البرلمان؛ إذ أن المسيطرين على القبيلة غالباً ما يكونون هم سبب المواجهات وعدم الاستقرار، وعندما يختارون ممثليهم في البرلمان والحكومة يكون الأمر خاضعاً لمعاييرهم ما يؤدي إلى استبعاد الكفاءات في القبيلة.

إن التحالف الذي قادته المعارضة الصومالية، الذي اتخذ شكل التحالف القبلي والعشائري بين الشمال والجنوب وأسقط نظام سياد بري عام 1991 لم يكن يملك رؤية متكاملة للديمقراطية والتحول الديمقراطي والعدالة والمساواة والحرية والحقوق لهذا لم يعتمد إقامة نظام ديمقراطي، بل وقع في مشكلة تقاسم السلطة بين أطرافه المختلفة والصراع حول منصب الرئيس، وأحقية طرف دون آخر، وهو ما جعل الصومال تعيش العنف السياسي الأسوأ في المنطقة.

إن ما سبق يشير إلى أن الأوضاع في الصومال تعاني من العديد من المشكلات والتحديات ومنها:

أ. إن أهم ما يميز السياسة الصومالية أهم ـ سواء على مستوى الدولة أو الحركات المختلفةـ أنها تحزب مزمن يقوم أصلا على أساس القبيلة، أما الشعور بالهوية الصومالية والمواطنة الثقافية فلم يقدما الدافع من أجل قيام حكومة وطنية فعالة.

ومن مظاهر ذلك ما يلي:


(1) قيام المجتمع الصومالي على الطابع الرعوي Nomadic Pastoralism وافتقاده لتقاليد تاريخية لتنظيم كيان الدولة Statehood

(2) إن الجمهورية الصومالية عندما أعلن عن قيامها تكونت أساسا من اتحاد الصومال الإيطالي سابقا، والصومال البريطاني سابقا واستطاعت الجمهورية الوليدة أن تحدث توسعا للإقليم الذي تسيطر علية، ولم تراع أنها جمعت بين نقيضين في الإدارة والحكم ذات الطابع الاستعماري وكان ينبغي الأعداد لذلك من خلال اتخاذ الإجراءات وتبني السياسات الكفيلة بالانصهار الفعلي للإقليمين

ب. أن الدولة الصومالية افتقدت المدخلات من الموارد الاقتصادية التي يمكن استخدامها في خلق الانتماء والولاء بين الصوماليين تجاه حكومتهم المركزية، وبدلا من اعتمادها أساسا في مهمتها الوطنية على حلم الصومال الكبير غير المجزأ كان لزاماً عليها البدء في تنظيم وتعظيم قدرتها على الاستخراج وتحسين أدائها في مجال التوزيع السلطوي للقيم.

وإذا كان ما سبق يعد مقدمات لاندلاع الحرب الأهلية التي شاعت في أنحاء البلاد الصومالية المختلفة ،فان إنهاء الحرب الأهلية والبحث عن حل للمشكلة القومية بات يمثل أحد التحديات الهامة للإدارة السياسية داخلياً وخارجياً.

على المستوى الداخلي: مازالت الانقسامات القبيلة /العشائرية قائمة ومتعاظمة، وهو الأمر الذي يصعب تركه دون إيجاد الحلول الملائمة له، وفي إطار إحداث التقارب والصهر للسكان داخل بوتقة الدولة –الأمة، ومن خلال بعث التجانس الذي تتسم به الصومال في عناصر ومكونات الأمة الواحدة، وتحفيز هذا التجانس وتوجيهه بالاتجاه الإيجابي وهي مهمة، الشعب الصومالي ذاته الذي يضطره الواقع السياسي والذي يعايشه حاضراً ومستقبلاً أن يرقى إلى مستوى المسؤولية والنضج السياسي، ليعزز عملية إعادة الإعمار والبناء للدولة الصومالية المنهارة، فالشعوب ذات الحضارة والتاريخ يمكنها القيام من كبواتها بعيدا عن التدني والخضوع لأعمال الوصاية الدولية, وهو أمر قاسٍ على الشعب الصومالي وكيانه، وهذا بدوره يحتاج إلى إعادة هيكلة العلاقات فيما بين المواطنين والمواطنين والدولة.

على المستوى الخارجي: فان ما يتعرض له الصومال من عناصر تهديد لكيانه واستقراره ووحدته وتماسكه ليس بمنأى عن الدول الأخرى، من ثم فان تحرك الإرادات السياسية لمثل تلك الدول باتجاه تكريس مثل تلك التهديدات لمصالح آنية تحسبها من وراء ذلك فمثل تلك التهديدات ليست مصروفة عنها، وبالتالي فإن مثل تلك الدول في حاجة إلى مراجعة مواقفها ومصالحها على ضوء ضرورة استقرار المنطقة والابتعاد بها عن تنامي الصراعات والتهديدات القبيلة والقومية التي تعد منطقة القرن الأفريقي كلها بيئة ملائمة لها.

إن تشكيل مجموعة الاتصال يغلب عليه الصبغة الغربية، ويغيب عنه القوي السياسية الصومالية، والدول العربية والإفريقية المعنية بالشأن الصومالي، كما أن الدول الغربية تضم ممثلين عن دول الشمال النشيطة في مجال المنظمات غير الحكومية والإغاثة (السويد والنرويج)، ودولتي الاستعمار السابق في الصومال، وهو أمر له مغزى عميق واضح الدلالة ، ويتطلب توسيع دائرة المشاركة في المجموعة، ومن المفيد انضمام مصر والجامعة العربية إليها.

وفي الواقع، فإن المصالح العربية القومية تستوجب تنشيطا لدور مصر والجامعة العربية وتحركهما بصدد الملف الصومالي، سواء باتصالات مباشرة مع كافة القيادات وزعماء العشائر الصومالية، أو بالمشاركة في الاجتماعات الإقليمية والدولية التي تعقد بشأنه، وإن الأمر، على ضوء ما شهده الملف وما سيشهده في المرحلة القادمة يدفع بقوة نحو أن يكون هذا الدور وذلك التحرك بأسلوب غير تقليدي وبرؤى جديدة.

ولعل ما يعزز ما تقدم أن مصر خاصة والجامعة العربية عامة هما الوجه الأكثر قبولاً لدي الشعب الصومالي وقياداته أو معظمهم، على الأقل، ولديهما رصيد تراكمي في الصومال يجب الإضافة إليه وعدم تناقصه، ما يستوجب استثماره.

إن هناك تساؤلات من جانب قيادات الشعب الصومالي تتردد، منذ عشرات السنين، عن أسباب غياب مصر والجامعة العربية عن الصومال وإهمالهما له، وتركه فريسة لأطماع قوي إقليمية ودولية.

إن هذه التساؤلات، وإن بدا فيها قدر من الإجحاف، فإنها تجسد مدي حجم الآمال التي يعقدها هذا الشعب وقياداته عليهما، وتقديرهم - طمعا في المزيد - بأن ما قامتا به غير كاف في أوقات عصيبة تمر بها بلادهم.

2. مسارات عملية المصالحة الوطنية:

شهدت مسألة المصالحة الوطنية الصومالية تطورات متلاحقة عديدة في فترة ما بعد الحرب بين القوات الحكومية ـ الإثيوبية وميليشيا المحاكم الإسلامية، ما بين الاستبعاد الكامل للمحاكم الإسلامية من المشاركة في عملية المصالحة الوطنية إلى القبول الجزئي بمشاركة العناصر المعتدلة منها، إلى طرح فكرة عقد مؤتمر موسع للمصالحة الوطنية في الصومال.

وارتبطت هذه التطورات بالتحولات التي طرأت على مواقف الأطراف المعنية من هذه المسألة، لاسيما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فضلاً عن تطورات الوضع السياسي ـ الأمني داخل العاصمة الصومالية مقديشيو ذاتها.

لقد بني موقف الحكومة الانتقالية في الفترة القصيرة التي أعقبت الحرب على رفض كامل لفكرة الحاجة إلى عملية مصالحة وطنية صومالية على اعتقاد أنه لم تعد هناك حاجة لذلك، انطلاقاً من أن المحاكم الإسلامية قد دمرت تماماً في الحرب، وأنها لم تعد قائمة أصلا، سياسياً أو عسكرياً، فضلاً عن وصم من تبقى من قادة المحاكم وأفرادها بـ"الإرهاب"، مع مواصلة مطاردتهم في المناطق التي تحصنوا فيها في جنوب البلاد.

ومن هنا، فإنه لم تعد هناك حاجة لمواصلة مفاوضات الخرطوم التي كانت تجرى برعاية جامعة الدول العربية، على الرغم من أن الأخيرة كانت قد دعت أثناء الحرب إلى عقد جولة محادثات جديدة بين الحكومة والمحاكم في منتصف يناير 2007، ثم تبين أنه لم يعد من المجدي أصلاً عقد هذه الجولة.

وكان موقف الحكومة الانتقالية، عقب الفترة التي أعقبت الحرب مباشرة، متأثراً بحالة واضحة من الانتشاء الناجم عن النصر السريع الذي تحقق ضد المحاكم الإسلامية بصورة غير متوقعة، وهو ما انعكس في اتجاه تبنى الرئيس عبدالله يوسف ورئيس الحكومة على محمد جيدى وبعض كبار مسئولي الحكومة الآخرين لخطاب سياسي رافض تماماً لفكرة الاعتراف بوجود المحاكم الإسلامية أصلاً، استناداً إلى أن الصراع قد حسم عسكرياً بالكامل، ولم تعد المحاكم الإسلامية موجودة، سواء قوة عسكرية أو كياناً سياسياً على الساحة.

وقد أيدها في هذا الموقف إلى حد كبير بعض المسؤولين الأمريكيين والإثيوبيين، بينما كانت هناك على الجانب الآخر أصوات قليلة تطالب بتسوية الأزمة الصومالية سلمياً من خلال عملية مصالحة وطنية شاملة، وأبرزها الاتحاد الأوروبي.

ولكن الأمر سرعان ما شهد تبدلات جوهرية عقب انعقاد اجتماع مجموعة الاتصال الدولية المعنية بالصومال في العاصمة الكينية نيروبي في يناير 2007، للتباحث بشأن مستجدات الشأن الصومالي في فترة ما بعد الحرب.

وتركزت التبدلات التي نجمت عن هذا الاجتماع في حدوث تحول في الخطاب السياسي الأمريكي ذاته، إذ بعدما كانت الإدارة الأمريكية ترفض تماماً مسألة إشراك المحاكم الإسلامية في عملية المصالحة الوطنية الصومالية، فإنها باتت أقرب إلى القبول بفكرة مشاركة العناصر المعتدلة من المحاكم الإسلامية في تلك العملية، ولكن بصفتهم الفردية لا بصفتهم كياناً سياسياً مستقلاً، كما قبلت الحكومة الانتقالية في تلك الفترة فكرة تنظيم مؤتمر للمصالحة الوطنية، ولكن من دون مشاركة المحاكم الإسلامية بأي صورة من الصور.

وكان في واقع الأمر هناك عنصران رئيسيان يقفان وراء هذا التحول في الموقف الأمريكي:

أ. أولهما:

يتمثل في الضغوط التي مارسها الشركاء الأوروبيون في مجموعة الاتصال الدولية المعنية بالصومال، والذين كانوا يؤكدون أن المواجهة العسكرية لا يمكن أن تحل صراعاً معقداً مثل الصراع الصومالي، وإنما لابد من عملية مصالحة وطنية شاملة.

وكان الموقف الأوروبي مدعوماً بحقيقة أن الاتحاد الأوروبي هو المانح الأول للمساعدات الإنسانية للصومال، وهدد مسئولو الاتحاد الأوروبي في بعض الفترات بإيقاف المساعدات الأوروبية للصومال ما لم تكن هناك عملية مصالحة جادة لتسوية الصراع.

ب. ثانيهما:

يتمثل في أن المقاومة المسلحة المتصاعدة ضد قوات الاحتلال الإثيوبي في مقديشيو زادت من خشية الإدارة الأمريكية من إمكان تحول الصومال إلى عراق جديد أو أفغانستان جديدة، ما لم تكن هناك عملية تسوية سلمية للصراع من خلال مؤتمر مصالحة وطنية شامل في البلاد، وهى مسألة شكلت عنصراً ضاغطاً على سياسة الإدارة الأمريكية، لأنها تعانى بالفعل من مأزق كبير في العراق، وليست مستعدة للتورط في مستنقع جديد في الصومال، بما يزيد من إخفاقات حربها الممتدة على الإرهاب على الساحة الدولية.

ولكن الثابت أن الضغوط الأوروبية والتحولات في الموقف الأمريكي لم تفلح في تغيير موقف الحكومة الانتقالية إزاء المحاكم الإسلامية، أو تجاه مشاركة العناصر المعتدلة منها في عملية المصالحة الوطنية، حيث ظل الرئيس يوسف ورئيس الحكومة جيدي مصرين على رفض مشاركة المحاكم بأي شكل من الأشكال، ثم حدث تطور جزئي للغاية من موقفهم بشأن هذه المسألة مع الإعلان في مايو 2007 عن إمكانية مشاركة أعضاء المحاكم في مؤتمر المصالحة الوطنية، ولكن ليس تحت مظلة المحاكم، وإنما من ضمن الوفود الممثلة للعشائر التي ينتمون إليها، بحكم أن المشاركة في هذا المؤتمر سوف تكون على أساس التقسيم العشائري.

أما على جانب المحاكم الإسلامية ذاتها، فقد ظل قادتها يرفضون تماماً المشاركة في أي عملية مصالحة وطنية أو تسوية سلمية مع الحكومة الانتقالية، وبدا واضحاً أن بقايا المحاكم الإسلامية انحازت تماما لمشروع المقاومة المسلحة ضد الوجود العسكري الإثيوبي، وأيضا ضد قوات حفظ السلام الأفريقية التي بدأت في القدوم إلى الصومال.

ولم تبد المحاكم اهتماماً يذكر بالتطورات التي طرأت على المواقف الحكومية والأمريكية بشأن إشراكها أو عدم إشراكها في عملية المصالحة، وإنما دأبت على إصدار بيانات تدعو جميع القوى السياسية في الصومال إلى عدم المشاركة في مؤتمر المصالحة المقترح.

كان هذا الموقف مبنياً على فكرة رئيسة مؤداها أن قادة المحاكم الإسلامية كانوا واثقين من أن من غير الممكن أن تكون الحكومة جادة في إجراء مصالحة معهم أو إشراكهم في السلطة بأي صورة من الصور، وإلا لما كانت الحرب قد اندلعت أصلاً بين الجانبين، ما يعنى أنه على الرغم من أن المحاكم الإسلامية باتت أضعف بكثير، سياسياً وعسكرياً، عقب هزيمتها في الحرب، فإنه لم يكن يمكنها أن تراهن على إمكان إشراكها في عملية المصالحة أو الحصول على أي مكسب سياسي من هذه الحكومة، ومن الجهات الإقليمية والدولية التي تقف وراءها.

وعلى أية حال، فإن التصعيد الشديد في الموقف الأمني في مقديشيو في مارس ـ أبريل 2007، والقتال العنيف للغاية الذي اندلع بين القوات الحكومية ـ الإثيوبية والمسلحين المنتمين إلى عشيرة الهوية وبقايا المحاكم الإسلامية قد أدى إلى تأجيل موعد انعقاد مؤتمر المصالحة الوطنية عدة مرات، حيث كانت الحكومة الانتقالية تصر على عقد هذا المؤتمر في مقديشيو، للتدليل على نجاحها في بسط سيطرتها الكاملة عليها، وعلى نجاحها في تحقيق الأمن والاستقرار، وهو إصرار غير منطقي ظل استمرار الاشتباكات المسلحة، ما تسبب في تأجيل الموعد عدة مرات.

والجدير بالذكر أن الحكومة الانتقالية لم تهتم بماهية الهدف من جراء مؤتمر المصالحة الوطنية، إذ كانت هناك بالفعل عملية مصالحة وطنية جارية بموجب اتفاق نيروبي لعام 2004، لمدة ولاية تستمر 5 سنوات، وتنتهي في عام 2009.

وكان المتغير الجديد الذي طرأ على الساحة يتمثل في بروز المحاكم الإسلامية قوة رئيسة مهيمنة، وهى لم تكن طرفاً في اتفاق نيروبي المذكور، وليست ممثلة في السلطة الاتحادية الانتقالية، وكان الغرض من مفاوضات الخرطوم هو حل هذا الوضع وتسويته.

أما بعدما انهارت المفاوضات، ووقعت المواجهة العسكرية بين الجانبين، فلم يعد هناك ما يسوغ بدء عملية مصالحة وطنية جديدة، وإنما يتعين على الحكومة تنفيذ التفويض الرئيسي الذي كلفت به بموجب اتفاق نيروبي للمصالحة الوطنية، لاسيما على صعيد إعداد البلاد للانتقال إلى وضع دستوري دائم ونزع السلاح وإعادة بناء مؤسسات الدولة المنهارة.

وبالتالي فإن هذا الأمر ربما يفند الجدوى الحقيقية من انعقاد مؤتمر المصالحة الوطنية الذي اعتزمت الحكومة الانتقالية تنظيمه.

ومع أن الحكومة أكدت أن الميزة الاستثنائية في هذا المؤتمر، بالمقارنة مع كافة المؤتمرات السابقة، تتمثل في أنه سوف يكون الأول من نوعه الذي ينعقد على الأرض الصومالية، فيما يشير إلى بدء الخروج من حالة الانهيار والفوضى التي أصابت الصومال ردحاً طويلاً من الزمن.

وبالرغم من أهمية هذه الدلالة الرمزية، فإنها لا تغنى عن أنه كانت هناك أهمية لوجود أهداف واضحة ومحددة لهذا المؤتمر، ومشاركة واسعة ومتوازنة لكافة الفعاليات السياسية والاجتماعية في المجتمع الصومالي، وأجندة عمل واضحة وواقعية لهذا المؤتمر، مع أهمية أن يشرع هذا المؤتمر في التأسيس لوضع دستوري دائم، بدلا من تأسيس نظام سياسي انتقالي جديد على غرار تلك النظم التي برزت منذ عام 2000 على الساحة الصومالية، ولم تنجح في التناول والتعامل مع الشأن الصومالي.

ثانياً: الاعتبارات الإقليمية المتعلقة بالأوضاع في الصومال:

1. مستقبل التدخل الإثيوبي في الصومال:

يترك التدخل العسكري الإثيوبي في الصومال آثاراً بعيدة المدى على العلاقات بين الدولتين، بصورة تتجاوز كثيراً الأثر المباشر لهذا التدخل، بما سوف يترك آثاره لفترة طويلة في المستقبل على التفاعلات السياسية، سواء في الداخل الصومالي أو على مستوى العلاقات الصومالية ـ الإثيوبية أو على مستوى منطقة القرن الأفريقي كله.

إن التدخل العسكري الإثيوبي في الصومال يمثل علاقة فارقة في علاقات البلدين، بصورة سوف تكون لها في المحصلة النهائية آثاراً بالغة الضرر على المدى الطويل.

فعلى الرغم من المكاسب السياسية والعسكرية السريعة التي حققتها إثيوبيا والحكومة الانتقالية الصومالية، والمتمثلة في القضاء على القوة العسكرية للمحاكم الإسلامية وإخراجها من الساحة السياسية، وزيادة نفوذ الحكومة الانتقالية وسلطتها، وتمكينها من الانتقال للعاصمة مقديشيو للمرة الأولى منذ تشكيلها في أكتوبر 2004، فإن ذلك لا ينفي أن التدخل العسكري الإثيوبي سوف يترك آثاراً سالبة على مستويات عديدة.

فعلى الصعيد الداخلي في الصومال، كان التدخل المذكور صدمة عارمة لقطاعات واسعة من الشعب الصومالي، والذين يرون أن الحكومة الانتقالية استعانت بمن يعد عدواً تاريخياً للصومال ضد مواطنيها، فيما لا يحتسب فقط سقطة سياسية فادحة، بل يرقى أيضاً من وجهة نظرهم إلى مرتبة الخيانة العظمى، وهي مسألة قد تثار بقوة مستقبلاً، وربما يكون هناك مجال أوسع للسؤال والمحاسبة بشأنها، لاسيما مع انتهاء العملية السياسية الانتقالية، وإجراء انتخابات عامة تمهيداً للانتقال إلى وضع دستوري دائم في عام 2009.

وهذه المسألة تصب إجمالاً لصالح تيار الإسلام السياسي في الصومال.

فهذا التيار يستفيد من الرصيد الذي حققه أثناء سيطرة المحاكم الإسلامية على مقديشيو ووسط وجنوب البلاد خلال النصف الثاني من عام 2006، وما حققته من الأمن واستقرار، وإعادة الخدمات العامة.. وغير ذلك، ثم يجئ استقواء الحكومة الانتقالية على المحاكم بإثيوبيا والولايات المتحدة ـ اللذان يحظيان بكراهية مطلقة لدى قطاعات واسعة من الشعب الصومالي ـ مسألة قابلة للتوظيف السياسي في أي منافسات انتخابية مستقبلاً من جانب المحاكم أو أي رديف مستقبلي لها، بما قد يكسبها تعاطفاً واسعاً من جانب رافضي التدخل العسكري الإثيوبي في الصومال.

2. مدى فعالية الأدوار الإقليمية في تسوية الأزمة الصومالية:

أ. فرص المصالحة في الصومال:

في النصف الثاني من أغسطس 2008، وتحديدًا في 18 منه أعلنت كلٌّ من الحكومة الصومالية برئاسة نور حسن حسين، والمعارضة الصومالية، (جناح جيبوتي) بقيادة شيخ أحمد الوصول إلى اتفاق مصالحة نهائي، نصَّ الاتفاق على خروجِ القوات الإثيوبية من داخل الأحياء السكنية في البلاد خلال 15 يومًا من تاريخ توقيع الاتفاقية، ووقف إطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية وجيش موحد، وعودة النازحين إلى منازلهم، ووقف ما وصفه الاتفاق بـ"كل ما من شأنه أن يُعيق سير العملية التصالحية من كلا الطرفين".

وفيما يخص انسحاب القوات الإثيوبية، فقد جدولها الاتفاق على مرحلتين، تبدأ أولاهما في 21 نوفمبر المقبل (2008)، بينما تتم الثانية بحلول العام 2009. واستكمل ذلك الاتفاقية التمهيدية الأولى التي وقَّع عليها الطرفان في 9 يونيو 2008 بوساطةٍ من الأمم المتحدة واستضافة ورعاية جيبوتية وأفريقية، ورقابة من جانب جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومصر.

وقد عاد شيخ أحمد إلى الصومال لإقناع المعارضة بالاتفاق الذي وقَّعه مع الحكومة الصومالية المحمية بالقوات الإثيوبية، ووجهة نظره هو وكثير من قيادات المحاكم في الداخل وفي جيبوتي، وحتى القيادات الموجودة في العاصمة الإريترية أسمرا، تنحصر في أن المقاومةَ الصوماليةَ قد حققت أهدافها، وأن المصالحة يجب أن تحتل الآن الأولوية على أجندة كافة القوى السياسية سواء تلك التي تعتمد على العمل السياسي أو على العمل المسلح ضد الإثيوبيين لتحقيق أهدافها. وركَّز على مسألة الجانب الإنساني في الأزمة؛ حيث وصلت الأمور بالصومال لكي تصبح أسوأ مكانٍ على وجه الأرض، فيما يخص الوضع الإنساني والمعيشي.

وهو مبدأ عام التزمه شريف في تصريحاته ومواقفه منذ وصوله لمدينة جوهر الصومالية، فقال شريف في تصريحٍ لـ"رويترز" فور وصوله: "بالنظر إلى معاناة شعبنا في الوقت الحالي، فإننا في المعارضة قررنا أن نشارك في حكومة وحدة وطنية تنهي عقدين من الاضطرابات المدنية"، وأضاف: "إن القتال الذي دخلناه كنا مجبرين عليه، وندعو كل المسلحين إلى التصالح، وهناك مصالحة جارية بيننا وبين الحكومة الانتقالية لحل الأزمة التي تمر بها البلاد".

الأهم من ذلك أن شيخ أحمد أشار إلى أنَّ مسألة خروج القوات الإثيوبية أساس في موقف المعارضة، هذا فيما يخص ترتيبات ما بعد الاتفاق، فقد قال: "كنا نسعى ونجاهد لتحرير البلد، وهذا تحقق بعد الاتفاق، وبعد أن أعلنت إثيوبيا صراحةً أنها ستسحب قواتها من الصومال، حسب ما ينص اتفاق جيبوتي"، وهو ما يعني ربط المحاكم وقف العمل العسكري في الصومال بخروج المحتل الإثيوبي، وهو ما كان داعمًا كبيرًا له في مواجهة مَن عارضوه في خطوته هذه.

فرابطة العلماء أيَّدت، بل بدأت في دعوة مختلف الفرقاء الصوماليين إلى العودة للبلاد؛ تمهيدًا لعقد مؤتمر مصالحة شامل.

كما أنَّ حركةَ الإصلاح في الصومال أعلنت ما وصفته في بيانٍ لها صدر بعد الإعلان عن الاتفاق بـ"تأييدها القوي" للاتفاق، وطالبت في بيانها مختلف ألوان الطيف السياسي والشعبي الصومالي بتأييده وتقديم ما يلزم لتطبيقه على أرض الواقع. وركَّزت الحركة في بيانها على موضوع المصالحة؛ حيث دعت أطرافَ الفرقاء الصوماليين إلى تجاوز خلافاتهم وتقديم المصالح العليا للشعب الصومالي على مصالحهم الخاصة، إلا أنَّ الحركةَ بدورها ربطت كل ذلك بوقف إطلاق النار، و"التنفيذ الفوري لجدولة انسحاب القوات الإثيوبية من جميع الأراضي الصومالية".

ب. مصاعب الوصول إلى تسوية في الصومال:

على الرغم من تفاؤل الأطراف المعنية بالأزمة في الصومال بالوضع الراهن الذي تمخَّض عنه اتفاق جيبوتي، إلا أنه في حقيقة الأمر هناك العديد من المصاعب التي يجب تذليلها قبل الحديث عن نجاحٍ ما في الوضع في الصومال.

المشكلة الأولى هي طبيعة الواقع السياسي في الصومال؛ حيث يسيطر العديد من أمراء الحرب والمنتفعين على مناطق واسعة من البلاد، وهؤلاء موقفهم، غير معروف كما أنَّ سوابق المصالحة في هذا البلد الذي سقط في هاوية الفوضى بعد سقوط نظام الرئيس الصومالي محمد سياد بري في العام 1991م، لا تبشر بالخير، فقبل اتفاق جيبوتي جرت عشرات المحاولات دون جدوى لإرساء السلام في الصومال، الذي قتل فيه نحو 300 ألف شخصٍ بسبب الحرب.

كما أنَّ الصومال شهد فعليًّا محاولتَيْن انفصاليَّتَيْن، الأولى في الشمال، والثانية في الجنوب؛ حيث أعلن ما يُعرف باسم "بلاد بونت" في الشمال، و"جمهورية أرض الصومال" في الجنوب استقلاله الاسمي عن الصومال الأم في سنوات الأزمة الماضية.

ومحاولة جمع كل هذه "الأشلاء" يستغرق وقتًا وجهدًا بالتأكيد، كما أنَّ الملف الإنساني سيكون عبئًا اقتصاديًّا على أيَّةِ حكومةٍ سوف تتولى زمام الأمور في هذا البلد العربي المسلم، مع ضعف الوجود الأممي ودور الدول المانحة في الجانب الإنساني في الصومال.

بجانب ذلك لا يمكن إغفال موقف جماعات المقاومة المسلحة في الداخل الصومالي وتلك الموجودة في أسمرا، والتي رفضت الاتفاق، ومن أبرز الشخصيات التي رفضت الاتفاق الشيخ "حسن طاهر أويس" رئيس "تحالف إعادة تحرير الصومال- جناح أسمرا" ورئيس مجلس شورى المحاكم، وكذلك الشيخ يوسف إنطعدي مسئول الأمن العسكري في تحالف إعادة تحرير الصومال- جناح أسمرا، وكان كلٌّ من أويس وإنطعدي يرغب في بدء التفاوض والتوقيع على الاتفاق مع حكومة "نور حسين" بعد خروج الإثيوبيين وليس قبله.

كما رفضت كلٌّ من الجبهة الإسلامية الصومالية، الجناح المسلح لحركة الاعتصام بالكتاب والسنة، وحركة شباب المجاهدين، التي رفضت الاتفاق على لسان "أبو المنصور مختار ربو" الناطق الرسمي للحركة، كما رفض الشيخ "عبدالقادر علي عمر" رفيق شيخ "شريف شيخ أحمد" في إنشاء المحاكم الإسلامية الاتفاق.

والملاحظ أن أغلب هذه الفصائل رفضت بسبب وجود الإثيوبيين في البلاد، وعلى الرغم أن الاتفاق يجدول الانسحاب، فإنَّ الأمرَ يبقى غير مضمون، ففي أكتوبر الماضي قال رئيس الوزراء الإثيوبي ميلس زيناوي: إن القوات الإثيوبية ستنسحب من الصومال "سريعًا"، هكذا فقط دون ذكر مواعيد رغم تأييد إثيوبيا للاتفاق رسميًّا، كما قال إن قوات بلاده ستظل موجودةً في الصومال "حتى انتشار قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي بشكلٍ كامل"، وهو أيضًا أمرٌ دونه الكثير من المصاعب السياسية والمادية والأمنية، قد تعيق خروج الإثيوبيين من البلاد "سريعًا" كما قال زيناوي.

كما أن الانقسام في الصومال بشأن الاتفاق وصل إلى داخل اتحاد المحاكم بين جناح جيبوتي بزعامة شريف وجناح أسمرا بزعامة أويس، وهنا لن يكون التوفيق بينهما سهلاً؛ لأنَّ الخلافات العميقة ما بين إثيوبيا وإريتريا سوف تلعب دورها في هذا الأمر.

وفيما يلي بعض الاعتبارات المتعلق بمصاعب الوصول إلى تسوية في الصومال:

1. مستقبل تيار الإسلام السياسي في الصومال:

لقد أثارت السياسة التي اعتمدتها الحكومة الانتقالية إزاء اتحاد المحاكم الإسلامية ـ وهى سياسة متطابقة إلى حد كبير مع مواقف كل من إثيوبيا والولايات المتحدة ـ تساؤلات عديدة بشأن مستقبل تيار الإسلام السياسي في الصومال عموماً، والمحاكم الإسلامية خاصة.

وتنبع أهمية هذه المسألة من أن مكانة تيار الإسلام السياسي في الصومال تتحدد في ظل تناقضات عديدة، ربما يعمل بعضها عكس البعض الآخر.

وتتمثل هذه المتغيرات المتناقضة في أن الحكومة الانتقالية وإثيوبيا والولايات المتحدة تتبنى موقفاً رافضاً لوجود تيار الإسلام السياسي في الصومال، لاسيما الجماعات ذات الطبيعة الجهادية، مثل ما كان يعرف بـ "جماعة الاتحاد الإسلامي" أو المحاكم الإسلامية ذاتها، بل وتتهمها تلك الأطراف بالضلوع في عمليات إرهابية، وبالارتباط بعلاقات وثيقة مع تنظيم القاعدة، ومع جماعات الجهاد الأجنبية.

ونتيجة لذلك، فإن هذه الأطراف تتخذ موقفاً إقصائياً ـ استئصالياً ضد هذا التيار، ورفضت بعض تلك الأطراف لرموز هذا التيار بالمشاركة في مؤتمرات المصالحة الوطنية، لاسيما مؤتمر نيروبي خلال الفترة 2002 ـ 2004.

وتكشف التطورات اللاحقة عن أن هذه الأطراف لا ترفض فقط مشاركة جماعات الإسلام السياسي الصومالية في السلطة، وإنما ترفض حتى وجودها قوة سياسية شرعية على الساحة الصومالية، ضمن بقية ألوان الطيف السياسي في الصومال.

ولكن هناك على الجانب الآخر المتغير المتعلق بأن تيار الإسلام السياسي يعد أحد التيارات السياسية الرئيسية على الساحة الصومالية، بل ويتمتع هذا التيار بوجود قوى داخل النسيج الاجتماعي في الصومال، بما يجعله يتخذ أشكالاً مؤسسية وتنظيمية متباينة ومتغيرة حسب طبيعة التحديات والضغوط التي يتعرض لها.

ومن ثم، فإن هذا التيار يحتفظ بوجود سياسي طويل وممتد على الساحة السياسية الصومالية منذ فترة ليست بالقصيرة، تبدأ منذ بداية عقد الثمانينيات، وشاركت جماعات الإسلام السياسي في الصراع المسلح من أجل الإطاحة بنظام سياد برى، كما ظلت حاضرة بقوة منذ فترة انهيار الدولة.

لقد وصل نفوذ جماعات الإسلام السياسي الصومالية وتأثيرها إلى ذروته مع بروز اتحاد المحاكم الإسلامية، ومن بعدها حركة شباب المجاهدين، بوصفها قوة رئيسة مهيمنة على الساحة الصومالية في يونيه 2006، عقب نجاحه في طرد الفصائل المسلحة من العاصمة مقديشيو، ثم نجاحه في توحيد العاصمة للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب الأهلية في الصومال، ثم شروعه بعد ذلك في مد نفوذه وسيطرته إلى العديد من المناطق الأخرى في جنوب ووسط الصومال، بحيث بات خلال النصف الثاني من عام 2006 القوة الرئيسة الفعلية في الصومال، حتى وإن قادته ظلوا يعلنون دوماً عن عدم رغبتهم في السيطرة على الحكم أو الإطاحة بالحكومة الانتقالية التي كانت تقيم في العاصمة المؤقتة بيداوا.

وتمثل الهزيمة العسكرية التي تعرضت لها المحاكم الإسلامية على أيدي القوات الحكومية الإثيوبية، التي كانت مدعومة بقوة من الولايات المتحدة، لطمة عنيفة لتيار الإسلام السياسي في الصومال عامة، بما يطرح تساؤلات وعلامات استفهام حول مستقبل هذا التيار في الساحة السياسية الصومالية.


المبحث التاسع 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

المبحث التاسع Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث التاسع   المبحث التاسع Emptyالسبت 10 سبتمبر 2011, 4:32 pm

إلا أن هذه المسألة تثير بدورها احتمالات متنوعة على النحو التالي:

أ. الأول:


يتعلق بأن تيار الإسلام السياسي عموماً، وبقايا المحاكم الإسلامية خاصة، تمر بمأزق عنيف في فترة ما بعد الحرب، لاعتبارات متعددة، لا تتصل فقط بأنها لقيت هزيمة سريعة وساحقة على أيدي القوات الحكومية ـ الإثيوبية، ولكن أيضا لأن المحاكم وقعت في أخطاء سياسية وعسكرية فادحة في الفترة التي كانت تسيطر فيها على مقديشيو ومناطق واسعة في وسط وجنوب البلاد، لاسيما صعود الوزن النسبي للعناصر المتشددة داخل المحاكم على حساب العناصر المعتدلة، وهو ما انعكس في تنفيذ إجراءات متشددة تحت مظلة تطبيق فرض الشريعة الإسلامية على سكان المناطق التي سيطروا عليها، ثم إفشال مفاوضات الخرطوم والميل إلى تفضيل خيار المواجهة المسلحة، من دون فهم حقيقة موازين القوى السياسية والعسكرية بدقة.

يضاف إلى ذلك أن القطاع الأكبر من المجتمع الصومالي يرفض الفكر الديني المتطرف الذي تؤمن به الجماعات الجهادية، ومنها العناصر المتشددة في المحاكم الإسلامية، ويميل أغلب الصوماليين إلى الفكر الوسطي المعتدل. ويردد الكثيرون أن قطاعات واسعة من الصوماليين كانوا قد رحبوا بالمحاكم، وأيدوها في فترة ما قبل الحرب، ليس قبولاً لأفكارها المتشددة في مجال تطبيق الشريعة الإسلامية، وإنما لما قدمته من خدمات عامة، ولنجاحها في تحقيق الأمن والاستقرار في المناطق التي سيطرت عليها.

ولكن من المهم أيضاً ملاحظة أن جماعات الإسلام السياسي الصومالية، لاسيما بقايا المحاكم الإسلامية، وحركة شباب المجاهدين باتت موضوعة في بؤرة الاستهداف من جانب الحكومة الانتقالية الصومالية وإثيوبيا والولايات المتحدة، حيث تضعهم الحكومة الانتقالية في خانة "المجرمين والإرهابيين"، بحجة أنهم تسببوا في مقتل آلاف المواطنين أثناء الحرب، كما أن الولايات المتحدة وإثيوبيا تحتسبان الحرب على المحاكم الإسلامية جزءاً من الحرب على الإرهاب، بسبب اتهام الولايات المتحدة لهم بمساعدة أعضاء تنظيم القاعدة في عملياتهم الإرهابية، فضلاً عن اتهام إثيوبيا لهم بمحاولة تصدير أفكارهم المتطرفة إلى داخل إثيوبيا ذاتها، سواء داخل أوساط القوميات الإسلامية المضطهدة أو في أوساط صوماليي إقليم الأوجادين الذي استقطعته إثيوبيا من الصومال في فترات سابقة.

وتدفع هذه المتغيرات للاعتقاد بأن تيار الإسلام السياسي عموماً، وبقايا المحاكم الإسلامية خاصة، قد لا يحظى بفرصة حقيقية في الوجود كياناً سياسياً وتنظيمياً مستقلاً، أو القيام بدور فاعل في الحياة السياسية الصومالية، بما في ذلك تلك العناصر المعتدلة منها، الأمر الذي قد يحرم المحاكم الإسلامية من المشاركة في أي عملية للمصالحة الوطنية في الصومال، أو حتى المشاركة في التفاعلات السياسية المختلفة، لاسيما المشاركة في الانتخابات العامة، في فترة ما بعد انتهاء الفترة الانتقالية والانتقال إلى الوضع الدستوري الدائم.

ب.الثانى:

يتمثل في أن تاريخ الجماعات الجهادية في الصومال يظهر قدرتها الفائقة على البقاء، وعلى ابتداع أشكال جديدة لحركتها السياسية، حتى لو أصيبت بضربات شديدة في بعض الفترات، ما يتيح لها القدرة على معاودة الظهور مجدداً على الساحة السياسية الصومالية، إذ كانت إثيوبيا قد وجهت ضربات عسكرية قاضية لجماعة الاتحاد الإسلامي خلال التسعينيات، بحيث ساد الاعتقاد وقتذاك بأنها لم تعد موجودة أصلاً على الساحة الصومالية، إلا أن كثيراً من قادة وأعضاء تلك الجماعة برزوا مجدداً من داخل اتحاد المحاكم الإسلامية، بما في ذلك رئيس مجلس شورى المحاكم الإسلامية الشيخ "طاهر حسن عويس"، والقائد العسكري لميليشيا المحاكم "حاشى عيرو" وبعض كبار القادة العسكريين في المحاكم، ما يدفع للاعتقاد بأن قادة المحاكم وأعضاءها يمكن أن يستعيدوا قوتهم في المستقبل، من خلال أشكال تنظيمية جديدة، لاسيما وأنهم ما زالوا يتحصنون في المناطق الوعرة في جنوب الصومال.

وفى الوقت نفسه، فإن المحاكم الإسلامية باتت تمتلك رصيداً سياسياً مهماً ينبع من الإنجازات التي حققتها خلال الفترة التي سيطرت فيها على مقديشيو والعديد من مناطق وسط وجنوب الصومال خلال النصف الثاني من عام 2006، إذ تمكنت المحاكم خلال تلك الفترة من تحقيق الأمن والاستقرار بصورة غير مسبوقة منذ انهيار الدولة على مدى 15 عاماً.

وهذا الرصيد السياسي يمكن للمحاكم الإسلامية توظيفه بفاعلية بأشكال مختلفة، سواء في حشد الدعم لجهود المقاومة المسلحة التي قد ترغب في تنفيذها ضد قوات الاحتلال الإثيوبي في الصومال، أو ضد الحكومة الانتقالية المتواطئة مع هذا الاحتلال، كما يمكن للمحاكم توظيف هذا الرصيد السياسي في التفاعلات السياسية في فترة ما بعد انتهاء الفترة الانتقالية، لاسيما إذا نجحت المحاكم في البروز قوة سياسية ـ حزبية شرعية في البلاد.

وفى جميع الأحوال، فإن مستقبل جماعة المحاكم سوف يتوقف على الكيفية التي سوف تتطور بها حركة التفاعلات بين بقايا المحاكم وكل من إثيوبيا والحكومة الانتقالية.

فإذا نجحت المحاكم في شن حرب عصابات ناجحة ضد الوجود العسكري الإثيوبي في الصومال، أو حتى ضد قوات حفظ السلام الأفريقية، فإن ذلك يمكن أن يساعد على بروزها مجدداً قوة سياسية وعسكرية فاعلة على الساحة الصومالية، وربما يمثل ذلك عنصراً ضاغطاً على الأطراف الأخرى للاعتراف بها.

والعكس صحيح إذا انهارت المحاكم تماماً، وعجزت عن النهوض مجدداً، أو إذا عجزت عن تنفيذ التعهدات التي ألزمت نفسها بها على صعيد تنفيذ عملية مقاومة مسلحة منظمة ضد القوات الإثيوبية في الصومال.

2. السيناريوهات الرئيسية المحتملة للحرب في الصومال:

يقف الصومال في فترة ما بعد حرب ديسمبر 2006 في مفترق طرق بالغ الخطورة، إما في اتجاه تأجيج الصراع الداخلي فيما بين الحكومة الانتقالية المدعومة من إثيوبيا والولايات المتحدة وكافة معارضيها سواء من بقايا المحاكم الإسلامية أو عشيرة الهوية أو كافة من يرفضون التدخل العسكري الإثيوبي في الصومال وسياسات الحكومة الانتقالية المتواطئة مع إثيوبيا، أو في اتجاه الخروج من حالة الصراع والفوضى التي استمرت طويلاً في الصومال منذ عام 1991.

والعناصر الدافعة لحركة تطور الأحداث في الصومال هي في الحقيقة عناصر متناقضة، فهناك من ناحية عملية المقاومة المسلحة ضد الحكومة والقوات الإثيوبية، وهناك من ناحية أخرى جهود التسوية والمصالحة الوطنية في الصومال التي يجرى الإعداد لها.

وسوف تتوقف احتمالات المستقبل القريب للصومال على نتيجة التفاعل فيما بين هذين العنصرين، أو على من الذي سوف ينتصر أو يتفوق منهما، بحيث يمكن القول أن هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسة محتملة تتمثل في:

أ. سيناريو التسوية والمصالحة:

وهو سيناريو يبدو مستبعداً في ظل انحياز الحكومة الانتقالية وحلفائها الخارجيين لخيار المواجهة العسكرية ضد المحاكم الإسلامية.

ومن غير المتوقع أن يؤدى مؤتمر المصالحة الوطنية المزمع عقده إلى إنهاء حالة الصراع في البلاد، بسبب ما هو متوقع من عدم شمولية هذا المؤتمر لكافة الفعاليات السياسية والاجتماعية في الصومال، لاسيما المحاكم الإسلامية، ما يعنى أن أي ترتيبات سوف ينتهي إليها هذا المؤتمر سوف تكون جزئية، ولن تساعد على الوصول إلى تسوية شاملة ومستقرة للصراع في البلاد.

أضف إلى ذلك أن فرص الوصول إلى تسويات أو حلول وسط فيما بين القوى السياسية المتصارعة في الصومال تبدو مستبعدة في ظل حالة الاصطفاف العشائري الحاد التي تشهدها الساحة السياسية الصومالية، والتي وقفت بموجبها معظم العشائر والقوى السياسية الممثلة في المؤسسات الاتحادية الانتقالية وراء الرئيس والحكومة ضد المحاكم الإسلامية التي صنفت مجرد جماعة تابعة لعشيرة الهوية فحسب، بغض النظر عن إيديولوجيتها الدينية غير العشائرية، ثم تأييدهم للسياسات المتشددة التي طبقتها الحكومة ضد عشيرة الهوية في مرحلة ما بعد الحرب.

وربما يتغير مسار هذا السيناريو تماماً إذا أفلحت الجهود الداخلية والإقليمية والدولية في الضغط على الحكومة الانتقالية للقبول بمشاركة العناصر المعتدلة من المحاكم الإسلامية في مؤتمر المصالحة الوطنية، مع إقناع قادة المحاكم بالتخلي عن مشروع المقاومة المسلحة، وقبول العمل وفق الأطر المشروعة للعمل السياسي، مثل إنشاء حزب سياسي، بحيث يساعد ذلك على تقريب المواقف بين الجانبين، وإزالة جانب رئيسي من أسباب الخلاف بينهما، الأمر الذي قد يساعد كثيراً على الوصول إلى مصالحة وطنية وشاملة في البلاد.

ولكن المشكلة أن الحكومة الانتقالية مازالت أبعد ما تكون عن القبول بمثل هذا الحل الوسط، وتبدو مصرة على استبعاد واستئصال المحاكم الإسلامية تماماً وحرمانها من المشاركة في التفاعلات السياسية في البلاد، وفى مقدمتها مؤتمر المصالحة الوطنية، ما يعنى أنه ليست هناك مؤشرات كافية تدفع للاعتقاد بإمكان نجاح سيناريو التسوية والمصالحة الوطنية في الصومال في المستقبل القريب.

ب‌. سيناريو تصاعد عمليات المقاومة المسلحة:

وهو السيناريو الذي بدأ بصورة محدودة عقب التدخل العسكري الإثيوبي في الصومال.

فعلى الرغم من الهزيمة العسكرية السريعة التي لحقت بالمحاكم الإسلامية، فإنها حرصت في المراحل الأخيرة من الصراع على التحول إلى اعتماد تكتيكات حرب العصابات، ثم أكدت استمرار هذا التوجه في فترات عديدة لاحقة، ثم واصلت بقاياها عمليات المقاومة المسلحة ضد القوات الإثيوبية والأهداف المادية والبشرية التابعة للحكومة الانتقالية، كما انضمت أعداد من أبناء عشيرة الهوية إلى عمليات المقاومة المسلحة، لاسيما بعدما باتت هذه العشيرة مستهدفة بحد ذاتها من جانب القوات الحكومية والإثيوبية في إطار خطة أمن مقديشيو.

وقد سعت المحاكم الإسلامية إلى توسيع عمليات المقاومة المسلحة وتأجيجها، بحيث يزداد معدل العنف المسلح في البلاد، في إطار مقاومة الوجود العسكري الإثيوبي وقوات حفظ السلام الأفريقية، إلا أن هناك عدة قيود تواجه ذلك، لعل أبرزها أن التقسيم العشائري الحاد في المجتمع الصومالي يمنع امتداد مشروع المقاومة لقطاعات فعالة ومؤثرة من العشائر الأخرى في الصومال، باستثناء عشيرة الهوية التي ينتمي إليها أغلب قادة المحاكم وأعضائها، إذ دعمت العشائر الأخرى إلى حد كبير الحكومة الانتقالية، لضرب المحاكم الإسلامية التي رأت فيها العشائر الأخرى محاولة من جانب عشيرة الهوية للسيطرة على الحكم في البلاد تحت مظلة إسلامية.

وكان من الطبيعي بالتالي أن ترفض العشائر الأخرى المشاركة بمعدلات ملموسة ومؤثرة في عمليات المقاومة المسلحة ضد قوات الاحتلال الإثيوبي.

وعلى الرغم من احتمالات تدفق أعضاء الحركات الجهادية الأجنبية إلى الصومال من أجل تأجيج عمليات المقاومة ضد الوجود العسكري الإثيوبي في الصومال، فإن من غير المتوقع أن يؤدى ذلك إلى تكرار النموذجين العراقي أو الأفغاني في الصومال، لاعتبارات عديدة، أبرزها الخريطة القبلية والعشائرية للبلاد التي اختارت بموجبها عشائر رئيسية عديدة عدم الوقوف إلى جانب مشروع المقاومة المسلحة، وربما تعمل ضد ذلك، فضلاً عن الطبيعة الجغرافية التي قد لا تساعد على إدارة مشروع مقاومة مسلحة ممتد ضد القوات الإثيوبية والحكومية والأفريقية.

ولا يقل أهمية عما سبق أن عمليات المقاومة المسلحة ذاتها شهدت تحولات كمية ونوعية مهمة على الساحة الصومالية، حيث تكاد عمليات المقاومة الكبرى تكون قد توقفت تماماً منذ نجاح القوات الحكومية والإثيوبية في أبريل ـ مايو 2007 في فرض سيطرتها ـ عقب معارك دامية.

على الأحياء الحصينة في العاصمة مقديشيو التي كان يسيطر عليها مسلحو الهوية وبقايا المحاكم الإسلامية، بحيث اقتصرت عمليات المقاومة بعد ذلك على أشكال تندرج في إطار العمليات الإرهابية، مثل الاغتيالات وتفجير السيارات المفخخة وزرع الألغام على طرق مرور الأهداف المعادية وغير ذلك.

ومن ثم، فإن من المتوقع أن يتخذ سيناريو المقاومة المسلحة مساراً محدداً، فهو من ناحية سوف يستمر بسبب العجز عن تسوية الصراع القائم بين الحكومة والمحاكم الإسلامية، ولكنه سوف يكون منخفض الحدة أو متوسطها من ناحية ثانية، بحيث لا يمكنه أن يتصاعد إلى مستويات مرتفعة الحدة، كما لن يكون في مقدوره الإطاحة بالحكومة الانتقالية، برغم ضعفها، وحتى لو انسحبت إثيوبيا بالكامل من الصومال، بحكم أن هذه المسألة تظل محكومة.

في نهاية المطاف ـ بتوازنات عشائرية معقدة في الصومال ليس من السهل التغلب عليها أو تجاوزها.

ج. سيناريو استمرار جهود التسوية مع بقاء الفوضى:

وهو السيناريو الأرجح حدوثه في الصومال، فمن المتوقع أن تستمر الحكومة الانتقالية في مساعيها الرامية لعقد مؤتمر مصالحة وطنية، ربما تتمخض عنه اتفاقية جديدة للمصالحة في البلاد، في الوقت الذي تستمر فيه عمليات المقاومة المسلحة من جانب بقايا المحاكم الإسلامية، فيما يعد نتيجة منطقية لبقاء بعض القوى السياسية خارج عملية المصالحة الوطنية في الصومال.

ويتسم هذا السيناريو بشيوع حالة من عدم الحسم على المستويين السياسي والأمني، إذ يصعب على الحكومة الانتقالية أن تقضى بالكامل على بقايا المحاكم الإسلامية أو من يقفون وراء عمليات المقاومة المسلحة، بحكم اندماجهم في النسيج الاجتماعي للعشائر التي ينتمون إليها، لاسيما الهوية، كما أن جماعات المقاومة بدورها لن تستطيع أن تمثل تحدياً جسيماً أو تهديداًُ خطيراً للحكومة الانتقالية.

وعلى الرغم من أن كلا الطرفين ربما يحققان بعض النجاحات في المواجهة العسكرية الدائرة بينهما، إلا أن من الصعب تحقيق انتصار حاسم لصالح أي منهما، بسبب التعقيدات الشديدة لهذا الصراع.

وتدل خبرة الصراعات الداخلية العديدة في أفريقيا وغيرها على أن من غير الممكن الخروج من مثل هذا السيناريو المحتمل إلا من خلال عملية سياسية شاملة تتمخض عنها اتفاقية للتسوية والمصالحة الوطنية بين أطراف الصراع، بما يقضى على الأسباب الرئيسة لهذا الصراع، وبما يخلق حالة من الاعتراف المتبادل فيما بين هذه الأطراف، مع ضمان حق كل طرف في المشاركة السياسية بما يتناسب مع وزنه السياسي في المجتمع.

ولكن المشكلة هنا أن من غير الممكن أن يصل طرفا الصراع في الصومال إلى هذه النتيجة إلا بعد وصولهما إلى حالة من الإنهاك والإعياء التي تدفعهما -لاسيما الحكومة الانتقاليةـ إلى التخلي تماماً عن خيار المواجهة العسكرية، والقبول بالتسوية والمصالحة الوطنية، وفق الشروط سالفة الذكر، إلا أن من غير المعروف بالضبط متى يمكن أن يصل الطرفان إلى هذه الحالة، وما هي التكلفة التي سوف يتعين على الشعب الصومالي البائس أن يتحملها حتى ذلك الحين.

ثالثاً: الاعتبارات الدولية المتعلقة بالأوضاع في الصومال:

إن الأطراف الدولية الفاعلة ومنها الولايات المتحدة والأمم المتحدة قد شاب عملياتهم العديد من أوجه القصور، ما جعلها في موقع التورط أكثر منها في موقع التوسط والسعي لإيجاد تسوية، حيث انطوت عملياتهم هناك على العديد من السلبيات والتحديات، ومنها على سبيل المثال:

1. مدى تمكين الأمم المتحدة: Fix The UN

لقد احتاجت الأمم المتحدة مساعدة رئيسة لتصبح فعالة في حفظ السلم و تعزيزه في مواجهة التحدي المعقد للأمة الصومالية المنهارة ومؤسسات الدولة المتلاشية، ومن ثم فإن تدخل الولايات المتحدة وإن كان بزعم تمكين الأمم المتحدة في مواجهة الصراعات القائمة والمستقبلية وكذلك في مواجهة الكوارث الإنسانية إلا أن هذا الأمر كان بتراخٍ منها إذ إنه لا يتصل مباشرة بالمصالح الأمنية للولايات المتحدة.

2. مدى الاستخدام الاختياري لقوات الولايات المتحدة:

منذ بداية الأزمة الصومالية وتناميها على الوجه السافر المشار إليه سابقاً، تحركت الولايات المتحدة، وبتأثير من جانبها على الأمم المتحدة، للذهاب إلى تلك المنطقة والاضطلاع بمهمة وبدور كبير لها يتناسب مع مكانتها العالمية على المستويات الإستراتيجية والإقليمية لإعادة ترتيب تلك المستويات وتأسيسها وفقا لبدائل وأهداف تخدم سياساتها ومصالحها الدولية، ومع مراعاة أن يكون للولايات المتحدة الدور الريادي لقوات الأمم المتحدة في الصومال، وهو الأمر الذي يتناقض مع مبدأ الاستخدام الاختياري لقوات الولايات المتحدة من خلال الأمم المتحدة.

3. مدى الاختيار المحدد للأهداف المراد والممكن تحقيقها في الصومال:

على الرغم من أن ارتباط الولايات المتحدة بعمليات الأمم المتحدة وتدخلها في الصومال جاء نتيجة القبول والتحديد الواضح للأهداف المراد و الممكن تحقيقها في الصومال، والبقاء حتى إتمام تحقيقها، ومهما كانت طبيعة تلك الأهداف فإن وجود الولايات المتحدة لم يتم من ورائه تحقيق الأهداف المحددة له، ولم يترتب عليها البقاء لإنجاز ما كان مستهدفاً.

4. مدى توافر الوسائل والإمكانيات الضرورية:

دأبت الولايات المتحدة على استثمار كافة المصادر الضرورية لتحقيق الأهداف المتفق عليها بفعالية أكثر من محاولة التحرك الفعال لإنجاز تلك الأهداف، وعلى الرغم من حضور عدد كبير من قادتها وأسلحتها، وعلى الرغم من وجود قوات الأمم المتحدة المتعددة الجنسية إلا أن كل ذلك الحشد بالإضافة إلى العديد من القرارات والتصريحات والجولات، لم تغن في الأمر شيئا، وأيضا فعلي الرغم من أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة اختلفتا أساسا حول كيفية إقامة بنية آمنة في الصومال، فان الاعتبارات السياسية صاغت الموقف الأمريكي أكثر من الاعتبارات الأمنية.

ويمكن ملاحظة ذلك كالتالي:

أ. فرقت بوضوح بين التدخل الإنساني والتدخل الاستراتيجي، ولذلك لم تتورع عن إبداء قلقها تجاه الأوضاع في الصومال للاعتبار الأخير، وأنه لا جدوى من الالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية الصومالية حتى مع الاعتراف الضمني بحالة الحرب الأهلية والصراع على السلطة بين جميع الفرقاء في الصومال والقيام بدور في العمليات السياسية الصومالية.

ب. ارتبط التدخل والوجود الأمريكي في الصومال بالعديد من المخاوف ومنها أن عملية نزع السلاح في الصومال يمكن أن تقترن بكوارث خطيرة، وقد أشار احد كبار القادة الأمريكيين بان الذهاب إلى الصومال ونزع سلاحه في ظل عدم رغبة الشعب الصومالي سيكون ذهابا إلى الحرب مع جميع القبائل الصومالية.

أن حالة اللادولة في الصومال مثلت أحد المخاوف الرئيسة أمام الأمريكيين، خاصة وأن جزءاً كبيراً من الصوماليين كان مسلحاً مجاهراً بذلك في جميع أرجاء البلاد، وفي مثل تلك الظروف فقد كانت الأوضاع حاله من غير الممكن تخيلها Impossible to Imagine من ثم من غير المتصور أن تقود الولايات المتحدة قوات لنزع السلاح الصومالي بأكمله، في ظل ظروف عدم التعاون مع تلك القوات ووجود الرافضين لها والخارجين عن النظام والقانون، والمدافعين عن أنفسهم.

أن هدف نزع السلاح يعد عمليه مكلفة للغاية، ولذلك فالولايات المتحدة كانت حذرة في إطار مشاركتها في الأمم المتحدة، بسبب نفقات القوات في الصومال، والتي كانت تقدر بحوالي 30 مليون دولار يوميا، ولهذا فإن الاعتبارات السياسية في مثل تلك الظروف كانت تقف عقبة أمام عملية إعادة الأمل التي انتهت إلى هدف أجوف أو عملية سينمائية أكثر منها عملية إنسانية/ إستراتيجية.

أن كثيرا من مواطني الولايات المتحدة عارضوا التدخل الكبير الذي تم في الصومال، لاعتقادهم بأن القوة ليست الوسيلة لإنهاء الكارثة الإنسانية هناك.

أو لأن ما يجرى في الصومال لا يرتبط مباشرة بالمصالح الأمنية للولايات المتحدة، وبأنهم ليسوا مصححين لأخطاء العالم وأنهم لا يرغبون في أن يكونوا شرطة عالمية أو أنهم يحيون حياة حضارية تفوق القانون والنظام، وقد أدى ذلك بدوره إلى ارتباك السياسة الأمريكية.

رابعاً: التأثير السلبي للتدخلات العسكرية في الحرب الصومالية:

هناك العديد من الأوجه السالبة التي تركت تأثيراتها ومازالت على أية عملية حقيقية للمصالحة في الصومال ومنها:

1. إن الدرس الكبير من الانسحاب لكل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة من الصومال بدون تحقيق الأهداف المخططة يشير إلى أن التدخلات العسكرية والدبلوماسية يمكن أن تحوز فرصة أكبر من النجاح عندما تتم لإقرار تسوية سياسية جنينيه Genuine أو وجود قدر ما من التفاؤل حول إمكانية القيام بعمل سياسي محدد، ووضعه موضع التنفيذ الفعلي ، وعلى ضوء ذلك يمكن الإشارة إلى أن المشكلات السياسية في الصومال قد ازدادت تعقيداً وتداخلاً نتيجة افتقار التدخل العسكري للسياق السياسي الواضح، ولذا لم يترتب عليه جدوى واضحة.

2. إنه بعد ثمانية أعوام من انهيار حكم محمد سياد بري، وأربعة أعوام بعد انتهاء التدخل الأجنبي، وبعد انتهاء عمليتي الأمم المتحدة العقيمتين في الصومال، ظل الشعب الصومالي يعيش في دولة اللادولة State Of Statelessness ويعانى الأحداث القاسية للحرب الأهلية في البلاد، والتي ترتب عليها الفوضى وتعاظم دور أمراء الحرب ورجال حرب العصابات وتزايد أعداد اللاجئين والقتلى والجرحى لتتشكل من كل هذا كارثة إنسانية بكل المقاييس، في الوقت الذي بذلت الجهود لإنعاش الحكومة المركزية وسط العديد من التوجهات المحلية ذات الطابع القبلي / العشائري والتي تسعى لإقرار الحكم الذاتي ووضعه موضوع التنفيذ الفعلي في الأقاليم المختلفة في الصومال.

3. أية مصالحة وطنية إذا لم تتم على أساس مشاركة جميع أطراف الصراع في الصومال فإن مصيرها سيكون الفشل، وستظل المفوضات والمؤتمرات والاتفاقات تدور في فراغ، وإذا كان الانتماء القبلي هو العامل الأساس في تكوين الفصائل التي يمثل كل منها قبيلة أو عشيرة، وهو ما يحدد مدى قوتها واتساع المساندة الشعبية لها، فإن المصالحة الوطنية لكي تكون مجدية فإنها تستلزم مشاركة شرائح المجتمع الصومالي كافة مع مراعاة التوازن بين الجماعات المحلية، ربما يساعد على ذلك أن أطراف الصراع أصبحوا على قناعة بأن الحرب الأهلية طوال تلك السنوات العجاف والمثقلة بالتناحر والصراعات على السلطة وتعميق الولاءات التحتية وتغليبها على المصلحة القومية الصومالية في ظل سيطرة أمراء الحرب ومحاولة تسخيرها لمصالحهم الذاتية المحدودة.

هو الأمر الذي ساعد على انتشار وسيادة أمد الحرب وخسارة جميع الفرقاء سياسياً وعسكرياً واقتصاديا وقومياً.

4. عدم قبول انقسام أي جزء من أجزاء الصومال تحت أي مسمى من المسميات ووفق أية تعليلات سيكون له عواقب وخيمة؛ حيث يمكن أن تؤدى إلى المزيد من التفسخ للأقاليم الصومالية والمزيد من المشكلات لتلك الأقاليم والمزيد من التدخلات في تلك الأقاليم، وسيكون الخاسر الوحيد هو الشعب الصومالي والقومية الصومالية، التي عانت من تلك الانقسامات من قبل، وهاهي تعانى من إمكان تكرار المأساة مرة أخرى وإذا كانت الانقسامات الأولى قد حدثت بفعل المستعمرين فإن المأساة الأخرى تصنع بأيدي الصوماليين أنفسهم.

5. أيضا فإذا كان خطر الانقسام يهدد الصومال فإن بقية دول المنطقة وخصوصاً دول الجوار الإقليمي ليس بالإمكان استثنائهم من هذا الخطر الداهم، وبالتالي فإن النموذج الصومالي إذا ما تعرض لانقسام حقيقي فإن الرادفة ستكون مستشرية في القرن الأفريقي، ومن ثم فإن دول الجوار الإقليمي مدعوة لتكثيف الجهود المخلصة ليس لإضعاف الصومال والعمل على تعويقه وإنما لإيجاد الحلول الكفيلة لاستقرار المنطقة، والحيلولة دون تفاقم المزيد من النزاعات والمعاناة بها، خصوصاً وأن دول المنطقة تعد من الدول الأكثر فقراً في العالم، فهي -تلك الدول وشعوبها- أحوج ما تكون إلى أن تنعم بشيء من السلام والتنمية.

6. طالما أن التدخلات الأجنبية والأطماع الإقليمية قائمة في الصومال لتحقيق مصالح وامتيازات، سيظل الصومال يعيش دوامة العنف بلا نهاية قريبة وستظل تلك الأطراف الخارجية تسعى لتعميق الانقسامات الداخلية، وتغذية النعرات الانفصالية، وتأجيج بؤر التناحرات القبلية والمسألة ليست في انتخاب رئيس، أو اختيار رئيس الوزراء، أو شغل المقاعد البرلمانية، أو تشكيل الوزارة أو تقاسم الحقائب الوزارية، وشغل المناصب الحكومية الرفيعة، وتعيين السفراء والمندوبين، بل في النظام السياسي الذي يستوعب الجميع ويحقق الحرية والمساواة للجميع في المواطنة والحقوق وأمام القانون وفي الفرص، دون إقصاء وتهميش، والنظام الاقتصادي الذي يحقق الأمن الاقتصادي والعدالة وتقاسم الثروة دون استغلال والنظام الاجتماعي الذي يحقق الوحدة الوطنية والوئام الاجتماعي والسلم الأهلي والاستقرار المجتمعي والأمن الوطني، ويحقق حريات الإنسان ويصون كرامته.

بمعنى أن أي بحث لإيجاد تسويات سياسية وصفقات خاصة لتقاسم السلطة بين القبائل الكبيرة والأقليات أو بين رؤساء الأحزاب وشيوخ وأمراء المليشيات والسلاطين المحليين... الخ، يظل بلا معنى وغير قادر على استحقاقات الديمقراطية والتنمية مهما وصف بالحل الوطني أو الانتقالي أو الأممي، أو العربي...

ومهما نتج عنه من وثائق واتفاقات ودستور وحكومة ووزارات وإدارات ومؤسسات حكومية لن يحقق السلام والأمن والاستقرار والحياة الطبيعية في الصومال أو يخرج الصومال من دوامة العنف المستمر ومحنة الاقتتال الدائم ودولة القبيلة أو قبيلة الدولة؛ إذ تبقى التحديات المعولمة الأمنية والسياسية والاقتصادية واستحقاقات التنمية والتقدم قائمة، ومطالب شعبية بالإصلاح المطلوب لإنقاذ الصومال من وباء التعددية الحزبية وما قاده إليه من حال يرثي له.
يتبع إن شاء الله...


المبحث التاسع 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

المبحث التاسع Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث التاسع   المبحث التاسع Emptyالسبت 10 سبتمبر 2011, 10:54 pm

خامساً: عملية إعادة بناء الدولة الصومالية:

1. التأثيرات السلبية التي تواجه عملية إعادة بناء الدولة الصومالية:

في إطار التحديد لأزمة إعادة بناء الدولة الصومالية يمكن الإشارة إلى الاعتبارات التالية:

أ. إن وجود ميول انفصالية مثل محاولة شمال الصومال في الانفصال، وكذلك وجود جماعات قبلية / عشائرية متناحرة داخل الصومال يؤدى إلى تعميق حالة عدم التكامل الإقليمي نظراً لتوتر العلاقات الاجتماعية بينها ومحاولة كل منها فرض مطالبها الخاصة على ما عداها من الجماعات الأخرى، كما أن تركز هذه الجماعات في بعض الأقاليم الجغرافية يعد عاملاً على زيادة تنامي حدة هذه الانقسامات، والتي قد تصل إلى درجة الانفصال الفعلي وهو ما يبقى على انهيار الدولة الصومالية.

ب. إن أي توجه فيما يتعلق بإعادة بناء الدولة القومية الصومالية يجب أن يراعى ضرورة إحداث تكامل سياسي حقيقي، مقدمة للتكامل الإقليمي، بمعنى تفادي وجود هوة بين الحاكمين والمحكومين والتي تعبر في الأساس غالباً على مطالب قبلية / إقليمية خصوصاً وأن الصومال طالما عانت من هذا الأمر في ظل القوى السياسية والنظم الحاكمة الصومالية.

ولإقرار ذلك تبدو أهمية التركيز على الحقوق الجماعية للجماعات كافة داخل المجتمع الصومالي سواء كانت تلك الحقوق سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية وبما يعنى التحرك نحو إقامة ولاء قومي، ويساعد في إقرار ذلك أدوات مختلفة مثل الفيدرالية والحكم الذاتي الإقليمي وغيرها.

ج. إن أزمة الصومال ستظل قائمة في ظل حلول هشة (المحاصصة) التي تركز على تقاسم المناصب والمراكز على وفاق قبلي، وفي ظل وجود قوات غزو إثيوبية لحماية الحكومة الانتقالية، فلا الحماية الإثيوبية، ولا قوات حفظ السلام الإفريقية، ولا قوات المحاكم الإسلامية، ولا القوات الأمريكية بقادرة على توطين المصالحة في الصومال، فالانتقال من القبيلة إلى الدولة وإلى الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان والمواطنة يتطلب نظاماً سياسياً كفؤاً يستوعب كل التنوع والتعدد والاختلاف.

2. عمليات وآليات إعادة بناء الدولة الصومالية:

إن معظم التصورات التي أثيرت حول مستقبل السياسي الصومالي دارت أساساً حول طبيعة الدول الصومالية المتوقعة فهل ستكون ذات طابع فيدرالي أم مركزي؟ والحكومة ستكون حكومة قومية National أم قبلية؟ وهل ستعزز الوحدة أم الانفصال؟ والطابع ديني أم العلماني؟ وفيما يلي سيتم توضيح بعض النقاط التي تتعلق بآليات إعادة بناء الدولة الصومالية، وذلك انطلاقا من أولويات الاهتمام بالأوضاع في الصومال، وبالأوضاع الدولية ذات الصلة بتلك الأزمة، وتلك التي تتعلق بأفاق المصالحة الوطنية وذلك على ضوء المحاولات السابقة.

وعلى ضوء التطورات الراهنة كالتالي:

أ. عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية:


إن هذا ليس الوقت المناسب للحديث عن الماضي، فيجب على الصوماليين الفكاك من الورطة التي وجدوا أنفسهم واقعين فيها، وهذا الكم الكبير من الإخفاقات السياسية وتقديم تلك التنازلات التي قد تكون ضرورية للسماح للتنمية ذات القاعدة العريضة والحكومة التي تحظى بقبول واسع.

إن التحديات حقيقية، وربما غير قابلة للتحقيق في الظروف الحالية.

ولكن الخيار الوحيد هو الاستمرار في محاولة مواجهة تلك التحديات بالنسبة لجميع أوجه الضعف والعيوب، والحكومة الاتحادية الانتقالية (الحكومة الانتقالية) لا تزال هي الحكومة الوحيدة المعترف بها في الصومال، وأنها قبلت من جانب المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة.

ويلاحظ أن هناك منظمات تسعى لإسقاط الحكومة الانتقالية، وتشمل هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة المعروفة باسم تنظيم الشباب المجاهد والحزب الإسلامي. لم يكن أي من هذه الجماعات قد اقترحت وضع جدول أعمال على أن حكومة الولايات المتحدة تجد قبولا.

وتنظيم الشباب، لديه بعض الاتصالات مع تنظيم القاعدة، ورحب في صفوفه بعدد غير محدد من الجهاديين الأجانب.

ربما يتراوح عدد الجهاديين الأجانب في تنظيم الشباب ما بين 300 إلى 2000 فرد.

إن حركة الشباب تدعو لطرد جميع الأجانب من الصومال، ما عدا، بالطبع، أولئك الأجانب الذين يقاتلون جنبا إلى جنب معها.

حركة الشباب ليست مركزية جدا، ولكن يبدو أن فصائلها مختلفة ذات أهداف مختلفة، وربما في نهاية المطاف فإن بعض الصوماليين الذين انضموا إلى تنظيم الشباب قد لا يكون ملتزما بأيديولوجية تلك المنظمة، ولكن يبدو أن القوة الجاذبة هي مزيج من المغامرة والسعي من أجل تلبية خدماتهم وتحقيق مصالحهم.

إن تنظيم الشباب الممول جيداً يبدو أن يكون منضبطاً ومتمسكا بتحقيق أهدافه.

ونتيجة لذلك، فإنه يشكل تهديدا خطيرا للحكومة الانتقالية.

وهو الأمر الذي قد يعيق أيضا التطلعات الحقيقية الرامية إلى استجلاب الأمن والسلام للصومال، وإنهاء حالة الحرب التي تتفاقم تفاقماً يدعو إلى اليأس من أي إمكان لتسويتها.

لقد حددت المبادرات والمؤتمرات المتعلقة بالمصالحة الوطنية، ومن المهم انعقاد هذه المؤتمرات واستثمار تلك المبادرات، وأن تشارك جميع الأطراف الصومالية، في بما فيهم الصوماليون الشماليون الذين رفضوا من قبل المشاركة في مؤتمر القاهرة وغيرها من المؤتمرات، وأن يجري في هذه المؤتمرات مناقشة جميع المسائل المتعلقة بمستقبل الدولة الصومالية ومستقبل النظام السياسي بها في إطار من المسئولية السياسية والتاريخية والوعي الوطني والقومي، وبحيث يتم تصفية الخلافات وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مقدرات الأمة والدولة الصومالية.

ب. وضع دستور جديد ودائم للبلاد:

من الضروري السعي لوضع دستور جديد للبلاد يتناسب مع المستجدات التي طرأت على واقع الحياة الصومالية وواقع الظروف الدولية المعاصرة وأن يتسم ذلك الدستور بالطابع الديمقراطي، وتبْنى من خلاله المؤسسات المناسبة لإعادة بناء الدولة الصومالية، ومراعاة حقوق الأفراد والجماعات التي يتشكل منها الشعب الصومالي بأسره، وضمان مشاركتهم مشاركة فعالة في الحياة السياسية.

ج. إقامة نظام اتحادي: (فيدرالي)

تكاد معظم الحركات والجبهات الصومالية تجمع على ضرورة إقامة نظام فيدرالي في البلاد، ومن هنا فإن مثل هذا النظام يعد أحد المتطلبات الأساسية لإعادة بناء الدولة الصومالية، ويمكن من خلال تطبيقه إتاحة الفرصة أمام الأقاليم الفيدرالية للحكم الذاتي الحقيقي، مع التسليم بالواقع القبلي الذي ترسخ أثناء ممارسات الأنظمة الوطنية المختلفة منذ الاستقلال.

وفي هذا الصدد فإن هناك حاجة ضرورية لدعم دور الحكومة الاتحادية الانتقالية، وإذا كانت هناك معارضة صومالية كبيرة للعنصر الجهادي في تنظيم الشباب، إلا أن هذا لا يترجم بالضرورة لدعم الحكومة الانتقالية.

فمعظم الصوماليين على ما يبدو لا يزالون يعيشون في ظل التفسير المعتدل للإسلام، كما أن المعتقدات الصوفية لا تزال قوية في كثير من الأوساط.

وإذا كان التخويف من قبل تنظيم الشباب قد يسود في المدى القصير، لكن في النهاية فإن معظم الصوماليين سوف يعترضون على البرنامج المتطرف لتنظيم الشباب.

وفي حين أنه قد يكون من الممكن للحكومة الاتحادية الانتقالية الوصول إلى نوع من المصالحة مع الحزب الإسلامي، إلا أنه من الصعب تصور حدوث ذلك مع القيادات الأساسية لفصائل تنظيم الشباب.

وبناء على ما تقدم فإنه على الرغم من وجود رغبة حقيقية وإرادة فعلية لدى معظم الصوماليين لوضع نهاية للصراع، إلا أنه لا يوجد توافق في الآراء بشأن ما يجب أن تفعله الحكومة الصومالية في المستقبل على ما يبدو.

فهل ينبغي أن يكون النظام الحاكم شديد المركزية Highly Centralized، أم أن تكون هناك كونفدرالية أو فيدرالية؟ لا توجد وسيلة لاستطلاع آراء أكثر الصوماليين لمعرفة ذلك.

كما أنه ليس هناك توافق في الآراء بشأن مستقبل المجتمع نفسه.

فهل ينبغي أن يقوم على الشريعة الإسلامية، وإذا كان الأمر كذلك، فما تفسير تلك الشريعة؟ وهل ينبغي أن يكون مجتمعاً وحكماً علمانياً؟، أو أن يكون هناك نظام يجمع بين الشريعة ومبادئ العلمانية؟ وفضلاً عن ذلك فالصوماليون هم أيضا ممزقون بين النزعات الفردية القوية، والولاء للعشيرة أو شبه العشيرة.

ومما يزيد من تفاقم الأزمة الصومالية هذا المزيج غير المرغوب فيه المتمثل في مشاركة القوات الأجنبية في قوات حفظ السلام الدولية خلال الفترة بين عامي 1992-1995، وكذلك القوات الإثيوبية منذ عام 2006 حتى عام 2009.

وأخيراً قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام منذ عام 2007 وهو الأمر الذي ربما دفع أعداداً متزايدة من الجهاديين الوطنيين والأجانب لدعم حركة شباب المجاهدين، والتي ينظر إليها على أنها منظمة إسلامية متطرفة، على الرغم من كونها حركة مقاومة صومالية وطنية، ولم تتعد بتوجهاتها ولا بأنشطتها خارج الحدود الصومالية.

هو الأمر الذي يبقي على مجمل الأوضاع في الصومال بوصفها واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم التي تؤثر على مئات الآلاف إن لم يكن الملايين من الصوماليين.

د. إقامة تعددية حزبية/ وطنية/ تنافسية:

في إطار التوجه الديمقراطي المقترح للدولة الصومالية الجديدة فإنه من الضروري وجود تعددية حزبية، مع مراعاة أن تكون تلك التعددية الحزبية قائمة على أساس وطني من حيث طبيعتها ومبادئها وبرامجها ودورها، والحيلولة دون قيام مثل تلك الأحزاب على أسس قبلية / عشائرية أو على أسس محلية / إقليمية وذلك لضمان الإبقاء والتعزيز للتوجهات الوطنية وإتاحة الفرصة أمام العناصر الوطنية الصالحة للقيام بدور ملموس في الحياة السياسية الصومالية، وأيضا ضمان وجود تنافس حقيقي في ظل نظم انتخابية سليمة ومشروعة.

هـ . إعادة تخطيط وتدعيم النشاط الاقتصادي:

من القطاعات المهمة التي تستدعى سرعة إعادة تخطيطها وتدعيمها القطاع الاقتصادي وذلك لأن عملية إعادة بناء الدولة بدون الاهتمام بالقطاع الاقتصادي لن يترتب عليها تقدم ملحوظ، كما أن عملية الاستقرار الداخلي مرتهنة أيضاً بإحداث تحسين لمستويات المعيشة لأفراد الشعب الصومالي، وضمان عدالة التوزيع للقيم المتنوعة داخل المجتمع الصومالي.

و. استمرار قوة الدفع الدولية الإقليمية:

ومن المهم أن تستمر قوة الدفع الدولية والإقليمية من جانب الدول والمنظمات الدولية ، التي ينبغي أن تعمل طرفاً ثالثاً ومحايداً بين كل القوى المتصارعة في الصومال، ولمساعدتهم على إجراء مفاوضات مباشرة وتسوية الخلافات، وتقريب وجهات النظر، ومحاولة إقناعهم لدعم الجهود المبذولة من أجل مصالحة وطنية حقيقية وتسوية سلمية عادلة، وإعادة التفكير في عملية بناء الدولة ـ الأمة.

وفي هذا الشأن فإن جميع الدول العربية مدعوة للقيام بدور رئيس في هذا المجال سواء على مستوى المبادرات الأحادية كالتي قامت وتقوم بها مصر أو من خلال الجامعة العربية أو بالتنسيق المشترك، بحيث يكون الدور العربي في مقدمة الجهود المبذولة ولتفادي الآثار السلبية للتدخلات الأخرى، كما أن المنظمات الدولية وخاصة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الوحدة الأفريقية يجب أن تبقى على قوة الدفع لحشد الجهود المتنوعة، ولتشجيع تقديم المساعدات المناسبة من جانب المجتمع الدولي لتحسين الأوضاع في الصومال.


المبحث التاسع 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
المبحث التاسع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المبحث التاسع
» المبحث التاسع
» المبحث التاسع: القتال غرب القناة
» المبحث التاسع: جهود التسوية الدولية
» المبحث التاسع والعشرون: العملية الأخيرة والهدنة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأحداث الفارقة في حياة الدول :: الحرب الأهلية في الصومال-
انتقل الى: