[color=brown]
المبحث التاسعالحرب على الجبهة المصرية "العمليات البرية"أولاً: توزيع القوات المصرية: (عشية بدء الحرب)
(أُنظر خريطة توزيع القوات المصرية)1. الفرقة 20 الفلسطينية: التابعة لجيش التحرير الفلسطيني في قطاع (غزة).
وتتشكل من لوائي مشاة وفوج مغاوير (صاعقة) تدعمها بعض بطاريات المدفعية عيار 25 رطل والمدافع 57مم م/ د ونحو كتيبة دبابات "شيرمان".
2. الفرقة المشاة السابعة: في قطاع (رفح – العريش)
وتتشكل من 4 ألوية مشاة لواءان في (رفح) ولواء في (ممر خروبة)، ولواء في (بير لحفن) وفوج مدرع يضم نحو 100 دبابة "ت 34"، و "ستالين 3"، ومدافع "سي يو 100" موزع بين "رفح"، والشيخ زويد"، ولواء مدفعية متمركز أساساً في "رفح".
3. الفرقة المشاة الثانية: في قطاع (أبو عجيلة – القسيمة)
وتتشكل من لواءي مشاة (أحدهما في أبو عجيلة والثاني في القسيمة) وفوجين مدرعين (أحدهما في أبو عجيلة والثاني في القسيمة) ولوائي مدفعية موزعين على النحو السابق.
4. الفرقة المشاة الثالثة: في قطاع (جبل النبي – بير الحسنة)
على المحور الأوسط في مؤخرة الفرقة الثانية، وتتشكل من ثلاثة ألوية مشاة محمولة وفوج مدرع ولوائي مدفعية، وكانت بمثابة خط دفاعي ثاني على المحور الأوسط.
5. الفرقة المشاة السادسة: في قطاع (الكونتلا – التمد – النخل)
على المحور الجنوبي وتتشكل من 4 ألوية مشاة محمولة وفوج مدرع ولواء مدفعية، وكانت تسطير على طرق الاقتراب المؤدية إلى جنوب صحراء النقب وميناء "إيلات" وتحمي طريق الاقتراب من "السويس" عبر "ممر متلا".
6. وإلى الشمال الغربي من الفرقة السادسة كانت توجد مجموعة مدرعة تعرف بمجموعة "الشاذلي" المدرعة
وتتشكل من لواء مدرع ولواء مغاوير ميكانيكي ولواء مدفعية وهي معدة للهجوم، بالتعاون مع وحدات من الفرقة السادسة لقطع طريق "بئر السبع – إيلات".
7. الفرقة المدرعة الرابعة: في قطاع (بئر جفجافة – بئر تمادة)
وتتشكل من لواءين مدرعين ولواء مشاة محمول ولواء مدفعية، وتشكل خط دفاع ثالث في العمق العملياتي قرب ممري "جفجافة" و"الجدي" وتعد أيضاً احتياط إستراتيجي.
كما يوجد لواء "مغاوير" في "رمانة"،، و"بالوطة" على المحور الشمالي، ولواء مشاة آخر في "جبل الطور" على الساحل الشرقي لخليج السويس، فضلاً عن قوة أخرى مؤلفة من كتيبتي مشاة في "شرم الشيخ" حلتا محل وحدة المظليين التي أمنت الموقع عند بدء إخلاء قوات الطوارئ الدولية.
ويبلغ العدد الإجمالي لهذه القوات نحو 90 ألف مقاتل لديهم حوالـي 950 دبابة ومدفع ذاتي الحركـة، وقانص للدبابات، ونحو 1000 ناقلة جنود مدرعة، إلا أن أكثر من ثلث هؤلاء الجنود كانوا من قوات الاحتياط التي استدعيت على عجل، ولم يعاد تدريبها بصورة مرضية، ثم جرى دمجها داخل التشكيلات العاملة الأصلية في عـديد من الفرق، مما أدى إلى إضعاف القدرة القتالية لهذه الفرق إلى حد كبير، كما أن عدداً من قادة التشكيلات نقلوا إليها أو عينوا عليها قبل نشوب القتال بوقت قصير، مما جعلهم لا يعرفون حقيقة مستوى تشكيلاتهم القتالي ولا يعرفهم رجالها في الوقت نفسه.
ويعكس توزيع القوات المصرية على النحو المذكور آنفاً إضطراباً وعدم وضوح في الخطة الإستراتيجية العامة، التي كان من المفترض فيها تحقيق القدرة على امتصاص الضربة الأولى وتقليل نتائجها إلى أقصى حد مستطاع، ثم الانتقال إلى هجوم مضاد فعال يزيل أي آثار للضربة الإسرائيلية الأولى، ويلحق خسائر كبيرة بالمهاجمين وذلك لردعهم عن مواصلة العدوان والتوسع، والقبول بحدود ونتائج حرب 1948 على أقل تقدير.
ثانياً: خطة الهجوم البري الإسرائيلي في الجبهة المصريةوضعت القيادة العسكرية الإسرائيلية خطتها العامة للعمليات البرية في سيناء وقطاع غزة على أساس أنها لن تبدأ إلا بعد عودة طائرات الموجة الأولى من الهجوم الجوي المفاجئ على المطارات المصرية، والتأكد المبدئي من نجاح الضربة الجوية.
وطبقاً لأوضاع القوات الإسرائيلية والمصرية (أُنظر شكل أوضاع القوات المصرية والإسرائيلية).
وقد قامت الخطة العامة للعمليات البرية على أساس توجيه الضربة الرئيسية في المحور الشمالي، وخرق الدفاعات في "أم قطف" و"أبو عجيلة"، لفتح طريق المحور الأوسط، وتأمين الجناح الجنوبي للهجوم الرئيسي في الشمال، الذي سيتخذ شعبتي تقدم، واحدة أساسية على محور "خان يونس – رفح – العريش" والأخرى ثانوية عبر وادي "الحريضين" الواقع إلى الجنوب من "رفح" بنحو 20 كم في اتجاه "بير لحفن" للالتفاف حول "العريش" من الجنوب أو حول "أبو عجيلة" من الشمال.
وبعد أن تخترق المواقع الأمامية على الحدود، أو ما نستطيع أن نسميه (الخط الدفاعي الأول)، التي تتحكم في مداخل الطريقين الأساسيين في شمال ووسط سيناء المؤديين إلى "القنطرة" و"الإسماعيلية" يتم الاندفاع بسرعة ودون مرحلة توقف مؤقتة لإعادة التجميع والتنظيم نحو الممرات الأربعة المتحكمة في طرق المواصلات.
وبقفل الممرات تعزل بقية القوات المصرية التي لم يجر تحطيمها خلال معارك المرحلة الأولى، ويجري تدميرها أو إجبارها على الاستسلام أثناء محاولتها الانسحاب عبر الممرات نحو القناة، خاصة عبر ممري "الجدي" و"متلا".
أما الاستيلاء على "شرم الشيخ" وفتح الملاحة في "مضائق تيران"، الذي كان المبرر والذريعة الأصلية لنشوب الحرب، فقد ترك أمرهما لعملية تكميلية صغيرة تقوم بها قوة من مشاة البحرية والمظليين بعد الانتهاء من العمليات الرئيسية في شمال ووسط "سيناء"، ولكن اتخذت عدة تدابير لإشعار القيادة المصرية أن "شرم الشيخ" ستكون لها الأولوية في العمليات التعرضية وذلك عن طريق مضاعفة نسبة طلعات الاستطلاع الجوي فوقها بالنسبة للطلعات فوق (قطاع غزة)، وبواسطة إعطاء انطباع مبالغ فيه عن قوة الحشد المدرع على المحور الجنوبي عند "الكونتلا"، حيث حشد هناك في الحقيقة لواء مدرع واحد معزز بقوة إضافية (في مواجهة القوة المدرعة التي يقودها الشاذلي وفرقة المشاة السادسة) إلا أنه جرى حشد لواء آخر من الدبابات الهيكلية على مقربة منه وبطريقة تمويه لم تراع فيها الدقة الكاملة التي يبدو واضحاً في الصور الجوية لطائرات الاستطلاع المصرية.
وتركت مهمة الاستيلاء على قطاع غزة لعملية تكميلية أخرى تقوم بها قوة خاصة من المشاة والمظليين تعززهم كتيبة دبابات "أم أكس – 13" وبعض دبابات "شيرمان" القديمة طراز "م – 3" غير المعدلة، بعد أن يتم اقتحام دفاعات "خان يونس – رفح" في الضربة الرئيسية الأولى بالقطاع الشمالي.
وحشدت القيادة الإسرائيلية الجزء الرئيسي من قوات جيشها تجاه الجبهة المصرية لتنفيذ هذا المخطط (الـذي ستسبقه ضربة الطيران المفاجئة).
وكان تشكيل القيادة العسكرية طبقاً للملحق المرفق (أُنظر جدول القادة الإسرائيليون في حرب يونيه 1967م)
وأخضعت هذه القوات لقائد المنطقة الجنوبية العميد "يشعيا هو جافيش"، الذي قام بتوزيع قواته في شكل 3 مجموعات قتالية لها قوة الفرقة، ويطلق عليها بالعبرية اسم "Ugda"، وهي تشكيلات متباينة الحجم والتشكيل وفقاً لطبيعة مهمة كل مجموعة، وكانت كل منها ذات اكتفاء ذاتي من وحدات المهندسين والخدمات الطبية والإشارة ووحدات الشئون الإدارية (التي كانت تضم شاحنات تحمل إمدادات وتموين يكفي للقوات المقاتلة لمدة ثلاثة أيام بخلاف الكميات المخزونة في القاعدة الإدارية للمجموعة).
وقد سميت كل مجموعة من المجموعات الثلاث باسم قائدها كما هي عادة الجيش الإسرائيلي، وكانت مشكلة على النحو التالي:
.(أُنظر خريطة الهجوم الإسرائيلي)
1. مجموعة "تال": وكانت مؤلفة من أفضل ألوية الجيش الإسرائيلي، وتضم: اللواءين المدرعين السابع والثالث، ولواء مظليين ميكانيكي(باستثناء كتيبة)، ولواء مشاة ميكانيكي، وتدعمها كتائب مدفعية وكتيبة مهندسين، فضلاً عن كتيبة دبابات مستقلة لدعم وحدات المظليين الميكانيكية، وكتيبة دبابات أخرى لدعم لواء المشاة الذي سيهاجم قطاع غزة، وتقدر قوة مجموعة "تال" بنحو 300 دبابة و100 عربة مدرعة نصف مجنزرة ونحو 60 مدفعاً.
وكانت مهمة هذه المجموعة خلال المرحلة الأولى من العمليات (وهي مرحلة اختراق خط الدفاع الأول عند الحدود) خرق دفاعات كل من الفرقة الفلسطينية العشرين في "خان يونس" والفرقة المصرية السابعة في "رفح"، ثم الاندفاع بعد ذلك، لتحقيق أهداف المرحلة الثانية، نحو العمق العملياتي للفرقة في "العريش" من خلال اختراق مواقع "الشيخ زويد" و"ممر خروبة" التي تشكل امتدادا في العمق للفرقة المصرية السابعة، وذلك كجزء من أهداف المرحلة الثانية من العمليات، وهي اختراق خط الدفاع الثاني بسرعة قبل أن تتوفر الفرصة والوقت الكافي للقيادة المصرية كي تعيد توزيع قواتها فيه وتدفع إليه باحتياطياتها المدرعة والميكانيكية بعد أن تفيق من أثر الضربة الأولى، وبعد ذلك كان على قوة "تال" أن تنقسم إلى قسمين: أحدهما ثانوي يواصل الزحف على المحور الشمالي صوب "رمانة" و"القنطرة"، والآخر رئيسي يزحف جنوباً نحو "بير لحفن" ثم "جبل لبنى" ليشارك مجموعة "يوفه" في تدمير الفرقة الثالثة، ثم يزحف على المحور الأوسط تجاه "بير جفجافة" ليدمر الفرقة المدرعة الرابعة، وبذلك ينهي مهام المرحلة الثالثة، ويواصل الزحف بعد ذلك نحو القناة في مواجهة الإسماعيلية.
2. مجموعة "شارون": وكانت مؤلفة من لواء مدرع، ولواء مشاة، وكتيبة مظليين (هي الكتيبة الثالثة من اللواء المظلي الموجود ضمن قوات جافيش)، ومجموعة خاصة تضم كتيبة دبابات ووحـدة استطلاع ووحدة مشاة ميكانيكية، و6 كتائب مدفعية، ووحدات مهندسين اقتحام. وتقدر قوة "شارون" بنحو 200 دبابة و100 عربة مدرعة نصف مجنزرة و100 مدفع.
وكانت مهمة هذه القوات خلال المرحلة الأولى من العمليات هي اختراق دفاعات (أم قطف – أبو عجيلة) التي تدافع عنها فرقة المشاة الثانية بحوالي نصف قوتها، وفي الوقت نفسه يجري تثبيت النصف الآخر من الفرقة في دفاعات "القسيمة" بواسطة لواء مدرع مستقل، إلى أن تنتهي مجموعة "شارون" مهمة المرحلة الأولى وتقوم بعد ذلك في المرحلة الثانية، بمهاجمة دفاعات "القسيمة" من الشمال الغربي. وبعد تصفية هذه الدفاعات تندفع الوحدات المدرعة والميكانيكية من هذه القوة بسرعة نحو "نخل" على المحور الجنوبي لتقيم كميناُ هناك لقوات "مجموعة الشاذلي" وفرقة المشاة السادسة لدى انسحابها المتوقع نحو "ممر متلا"، وبهذا تتم هذه القوة مهامها في المرحلة الثالثة من العمليات، ثم تشارك بعد ذلك في عمليات المطاردة الأخيرة نحو قناة السويس عبر ممري "متلا" و"الجدي" مع قوات مجموعة "يوفة"، وبذلك ينتهي دورها في المرحلة الرابعة والأخيرة من العمليات في سيناء.
3. مجموعة "يوفه": وكانت مؤلفة من لواءين مدرعين فقط، بدون وحدات مشاة أو مدفعية مقطورة (كان بكل لواء كتيبة من المشاة الميكانيكية ومدفعية ذاتية الحركة، ومعظمها من النوع الفرنسي عيار 105 مم المحمل على هيكل دبابة "أم أكس – 13").
وتم حشد لواء من هذه المجموعة في المنطقة الواقعة بين "رفح" و"أبو عجيلة" على مسافة نحو 30 كم إلى الجنوب من مواقع "رفح" الدفاعية للتقدم عبر وادي "الحريضين"، الذي كان عبارة عن مجرى ماء جاف ممتد بين كثبان الرمال غير الصالحة لسير الآليات الممتدة من جنوب "رفح" حتى "أبو عجيلة"، وذلك لمهاجمة الموقع الدفاعي المصري في "بير لحفن"، في بداية المرحلة الثانية من العمليات التي تعقب اختراق مواقع "رفح" و"أبو عجيلة"، وصد الهجمات المعاكسـة التي قد تحاول فرقة المشاة الثالثة القيام بها مـن منطقة "جبل لبنى" ضد قوات "تال" من الجنوب أو قوات "شارون" من الغرب.
وكانت القيـادة الإسرائيلية أثناء احتلالها سيناء عام 1956 قد أرسلت جماعة استطلاع لدراسة طبيعة أرض هذا الوادي وتأكدت من إمكانية اجتيازه بعربات نصف مجنزرة بشيء من الصعوبة.
أما اللواء المدرع الثاني التابع لمجموعة "يوفه" فقد حشد في مؤخرة "مجموعة شارون" وتقرر أن يبقى هناك حتى يتم اختراق دفاعات "أم قطف – أبو عجيلة"، ثم يندفع عبر هذه القوات، ويلتقي باللواء الأول المتقدم من اتجاه "بير لجفن" عند "جبل لبنى" ليستكملا تصفية الفرقة الثالثة، أي الخط الدفاعي الثاني، ثم يتقدما صوب "بير الحسنة" ثم من هناك نحو "بير تمادا" و"ممر متلا" للمشاركة في تصفية الفرقة المدرعة الرابعة والقوات المنسحبة عبر "ممر متلا"، وبذلك ينهيا مهام المرحلة الثالثة من العمليات، وتتقدم القوة بعد ذلك عبر ممري "الجدي" و"متلا" نحو قناة السويس في قطاعها الجنوبي، وبذلك ينهيا مهام المرحلة الرابعة والأخيرة من العمليات. وقدرت "مجموعة يوفه" هذه بنحو 200 دبابة، و100 عربة مدرعة ونصف مجنزرة.
وبالإضافة إلى هذه المجموعات الرئيسية الثلاث التي ستركز ضرباتها الأولى على المحورين الشمالي والأوسط، ثم تطوق المحور الجنوبي بمناورة اقتراب غير مباشر تستهدف القضاء على القوة الرئيسية المصرية هناك عن طريق قطع خطوط مواصلاتها وغلق طرق انسحابها، كان هناك لواء مدرع مستقل حشد أما "القسيمة".
وكانت مهمته المناورة من دون التورط في قتال فعلي، وذلك لتثبيت قوات النصف الثاني من فرقة المشاة الثانية أثناء الهجوم على النصف الأول من الفرقة في "أبو عجيلة".
كما كان هناك لواء مستقل مدعم حشد أمام "الكونتلا" لمشاغلة قوة "الشاذلي" المدرعة وفرقة المشاة السادسة الموجودة هناك إلى أن تصل قوات "شارون" إلى مؤخرتها عند "نخل"، ثم يقوم بمطاردة هذه القوات أثناء انسحابها عبر طريق "الكونتلا – التمد – نخل".
وحشدت كتيبة مشاة معززة ببعض الوحدات الصغيرة الأخرى في "إيلات" لحمايتها أثناء العمليات الهجومية التي تجري بعيداً عنها.
كما حشد لواء مشاة وكتيبة مظليين وكتيبة دبابات "أم أكس – 13"ووحدات مدفعية في مواجهة "قطاع غزة" (بخلاف قوات الدفاع المحلي الموجودة داخل المستعمرات الأثني عشرة القائمة هناك)، وذلك لمهاجمته خلال المرحلة الثانية من العمليات عقب اختراق دفاعات "خان يونس" بواسطة قوات مجموعة "تال".
وسيتم عرض المعارك التي دارت على الجبهة المصرية بشيء من التفصيل وهي:4. المعارك على المحور الشماليبدأ حشد واستعداد القوات الإسرائيلية خلال ليلة 4/5 يونيه67 على الجبهة المصرية وقد سمعت أصوات الجنازير واضحة لنقاط الاستطلاع الأمامية لقواتنا، وأبلغت عن ذلك، إلا أن تحليل قيادة الجيش كان خاطئا، وفسره بأنه إجراء لغيار قوات إسرائيلية بقوات أخرى دون اتخاذ أي إجراءات تأمين أو تكثيف للاستطلاع.
5. معركة رفح: (5 يونيه 1967) (أُنظر شكل معركة رفح)أ. القوتين المتضادتين: القوات الإسرائيلية: "مجموعة عمليات المحور الشمالي بقيادة العميد "إسرائيل طال" وتتكون من 2 لواء مدرع ـ لواء مشاة ـ لواء مشاة ميكانيكي ـ لواء مظلات ـ فوج استطلاع ميكانيكي ـ وتعاونها حشد كبير من المدفعية، والقوات الجوية.
ب. القوات المصرية: الفرقة السابعة المشاة بقيادة اللواء "عبدالعزيز سليمان" الذي لم يحضر المعركة نتيجة لإصابته في أول ضربة جوية وهو متجه إلى محطة العريش لاستقبال الكتيبة الكويتية وتولى اللواء "عبدالوهاب جمال الدين" رئيس أركان الفرقة قيادتها وتتكون من اللواء 11 مشاة بقيادة العميد "مصطفى شاهيـن"، واللواء 16 مشاة بقيادة العميد "محمد كمال حسن"، ويوضع تحت قيادة الفرقة اللواء 27 حرس وطني - واللواء 121 احتياط وتتخذ الفرقـة أوضاع دفاعها على مواجـهة حوالي 15 كم، وبعمق حوالي 12 كم.
وتبدأ هـذه الدفاعات بالقرب من البحر في منطقة المجرونتين ويمتد جنوباً حتى "درب المصري" وتبعد عن الحدود المصرية/ الإسرائيلية بمسافة تراوح من 5 - 10 كم، فيتم تغطيتها بنقط اسـتطلاع ومفارز الأمن. كما تخصص اللواء 27 حرس وطني للدفاع عن رفح - واللواء 121 احتياط في العريش.
وتعتبر الكفاءة القتالية للفرقة متوسطة المستوى، بينما تفتقر بشدة إلى عناصر التأمين من الدفاع الجوي، والأسلحة المضادة للدبابات، والدبابات ذاتها التي كان لا يتعدى الصالح منها في الفرقة عن 50 دبابة متنوعة. أما تنظيم المعركة ومستوى التعاون والتنسيق فكان ضعيفا نتيجة لتغير الخطط القتالية، وسحب قوات، والدعم بقوات جديدة وهكذا.
ثالثاً: الهجوم الإسرائيليالساعة 9.15 بدأ اختراق لواءات العدو المدرعة لخط الحدود الدولية، وتزامنت معه طلعات جوية من طائرات أوراجون، وفوجا ماجستير لقصف مركز قيادة الفرقة والقوات على المحاور الرئيسية وفي اتجاهات الهجوم.
وبنيت الخطة الهجومية لاختراق الدفاعـات الرئيسية على توجيه ثلاث هجمات (في المواجهة للتثبيت ومن الأجناب للتطويق) حيث تدفع القوات في اتجاه الفواصل بين الوحدات ثم تطويقها من الخلف، وقد قام اللواء السابع مـدرع إسرائيلي بقيادة العقيد "شيموئيل جونيه" اعتبارا من الساعة 10.30 باختراق الحد الأمامي للدفاعات من أقصى اليسار وفي الفاصل بين اللواء 16 مشاة واللواء 27 حرس وطني.. عند نقطة "المجرونتين.
ثم اتجه لتطويق اللواء 16 مشاة من اليسار بينما اتجه اللواء المدرع الآخر بقيادة العقيـد "مناحم إفيرام" بالالتفاف من أقصى الجنوب لتطويق اللواء 11 المشاة من الخلف ولضمان عدم قيام القوات المصرية بإجراء أي مناورات للتصدي لهذا التطويق على كلا جانبي الفرق، فقد شن لواء المشاة الميكانيكي بقيادة العقيد "روفائيل إيتان" هجوم تثبيتي بالمواجهة مع التركيز على الاختراق في الفاصل بين لوائي الفرقة 11، 16 المشاة.
ساعد اللواءات الإسرائيلية لتنفيذ هذا الحجم الكبير من المناورة عدم وجود موانع بكثافة مناسبة بينما كانت الموانع المتوفرة (من الألغام أساسا) لا تتوفر لها الحماية، ومن السهل تطهيرها أو فتح ثغرات بها، وهذا ما قام به العدو.
دارت المعركة منذ بداية اكتشاف اختراق العدو لخط الحدود الدولية، وصـوبت القوات المصرية كل إمكانياتها النيرانية ودمرت 6 دبابات إسرائيلية في بداية الاختراق، إلا أن سـرعة اندفاع القوات الإسرائيلية التي حـافظت على هدفها في الاختراق العميق في أقل مواجهة ممكنة حتى تتفادى مناطق تركيز النيران الأمامية، قلل من تأثير نيران قواتنا على العدو.
1. معركة اللواء 16 المشاة (5 يونيه 1967)بنجاح العقيد "جونين" في الوصول إلى منتصف ومؤخرة اللواء، اشتبك مع احتياطي دبابات اللواء 16 مشاة وكتائب المدفعية للواء 49 مدفعية، وقامت الدبابات الإسرائيلية باستخدام أسلوب "اضرب أولا ثم احكم التصويب" والذي يكفل إنتاج نيران كثيفة في وقت قصير لشل مقاومة هذه العناصر إلى أن ظهر الطيران المعادي ليتولى تشتيت عناصر المدفعية والدبابات.
واعتبارا من الساعة الثانية بعد الظهر بدأت مقاومات نسق أول اللواء 16 مشاة تتلاشى من خلال انسحاب كتيبة اليسار لتنضم على النسق الثاني في الخلف ومن هنا ظهرت الثغرة التي استغلها العقيد "جونيه" في اكتسـاح مواقع اللواء من الجنب حيث تمكن من تحقيق مهمته حوالي الثالثة بعد الظهر .
ثم حاول العقيد "جونيه" استغلال النجاح: التقدم غربا تحت حماية القوات الجوية الإسرائيلية التي لم تتخلى عنه في أي لحظة.. واتجه تجاه قيادة الفرقة السابعة واحتياطي دباباتها التي لم تصمد كثيرا وانسحبت غربا.. حيث تابعها الجنرال "جونيه" ليستولي على الشيخ "زويد".
2. معركة اللواء 11 مشاة (5 يونيه 1967)بدأت معركة اللواء في نفس توقيت اللواء 16 مشاة تقريبا.. حيث انسحب نطاق الأمن وانضم إلى القوة الرئيسية للواء وقد أبدى هذا اللواء كفاءة في إدارة معركته الدفاعية، حيث اتخذ قائد اللواء العديد من الإجراءات لمقاومة التفاف العدو على جانبه الأيمن برغم صعوبة الاتصال (نتيجة للتشويش الإلكتروني وانقطاع المواصـلات الخطية) ونتيجة للقصف الجوي المتواصل.. حيث لجأ قائد اللواء باستخدام ضباط الاتصال لتبليغ أوامره.
وظل اللواء متمسكا بأوضاعه حتى انكشف جانبه الأيسر بعد ارتداد اللواء 16 مشاة.
ومن المفارقات أن الجنرال الإسرائيلي "طال" أصدر أوامره حوالي الثالثة والنصف بعد الظهر إلى العقيد "جونيه" لدفع كتيبة دبابات لمعـاونة العقيد "إفيرام" في معركته ضد اللواء 11 مشاة..
وتقدمت الكتيبة من اتجاه الغرب (حيث كانت متوقفة بعد مطاردة اللواء 16 مشاة) إلى الشرق لتهاجم اللواء 11 مشاة من الخلف وقد ظن الجنود المصريون أن هذه الدبابات مصرية، أتت لتعاونهم، وخرج البعض من الخنادق لاستقبال الدبابات، التي باغتتهم بفتح نيرانها وأحدثت فيهم خسائر كبيرة.
اعتباراً من الساعة الرابعة .. أعاد العقيد "إفيرام" تنظيم قواته ليستأنف الهجوم من جديد بمعاونة كثيفة من الطيران الإسرائيلي، حيث تمكن من اختراق مواقع الكتيبة اليمنى للواء 11 مشاة حيث دار قتال متلاحم بين قواتنا والعدو استمرت إلى ما بعد آخر ضوء حيث سقطت مواقع اللواء 11 مشاة.
وارتدت قواتنا غربا (واستمرت معارك اللواء لمدة حوالي عشرة ساعات).
3. معركة العريش (5 - 6 يونيه 1967)بنجاح اللواء السابع المدرع في اجتياح مواقع اللواء 16 مشاة، صدرت الأوامر إلى العقيد "جونيه" للانطلاق بلوائه "السابع" في اتجاه العريش (بعد أن يترك كتيبة لمعاونة لواء "إفيـرام")، وكان يدافع عن العريش مجموعة غير متجانسة من القوات (أساسا من الاحتياط والحرس الوطني، تدعمها قلة من الوحدات العاملة) وتتكون من اللواء 121 مشاة احتياط واللواء 28 حرس وطني والكتيبة 36 المشاة من اللواء 11 مشاة … ويتخذ الجميع مواقع خارجية على طرق الاقتراب المؤدية إلى العريش..
أي تنظم الدفاع على النطاق الخارجي للمدينة وأهمها دفاعات الكيلومتر 38 شرق العريش التي تحتلها كتيبة مشاة اللواء 11، وباستعراض الكفاءة القتالية لهذه القوات نجـد أنها دون المستوى، وتفتقر إلى التسليح الذي يتناسب مع إدارة معركة للدفاع عن هدف حيوي، في نفس الوقت الذي لم توضع خطة محكمة لإنشاء مواقع لتامين هذا الهدف (مدينة العريش).
بدأت المعركة (كاذبة) اعتبارا من الساعة الحادية عشرة صباحا عندما انفجرت عربة ذخيرة في منطقة المساعيد، ثم التبليغ بأنها قصف بحري معادي، وقدرها قائد اللواء 28 حرس وطني بداية لعملية إبرار بحري تجاه منطقة المساعيد مما أحدث إرباكا على جميع المستويات وكان أسوأ ما تعانيه القوات في هذه المنطقة هو انقطاع الاتصالات، وتدفق العناصر المنسحبة من رفح.. مما أثر على الروح المعنوية للقوات المدافعة والذي ترجم عمليا في سرعة اختراق مقدمة اللواء السابع المدرع المعادي المكونة من 15 دبابة + 5 عربات مجنزرة (والتي تم الإبلاغ عنها 20 دبابة) لموقع كيلومتر 38 ثم موقع الجرادة والريسة والأبطال من دون مقاومة تذكر.
صدرت أوامر الجيش بسرعة تنظيم الدفاعات حول العريش والتمسك بالمواقع وقد أدى ذلك إلى توقف رتل الدبابات حتى ينضم إليه باقي اللواء حيث عاودت الهجوم واخترقت الدفاعات ووصلت إلى مشارف العريش حوالي الساعة السادسة مساءا ثم دخلت بعض الدبابات إلى داخل المدينة تطلق نيرانها عشوائيا ضد المباني الرئيسية وتطلق النيران على المناطق الإدارية وأرتال الذخائر المتحركة.
أما القوة الرئيسية للواء، فقد بقيت خارج النطاق الخارجي للعريش، حتى تم إعادة المليء بالذخيرة والوقود، ليعاود اللواء 7 المدرع هجومه ليلا واكتسح باقي المواقع الدفاعية المصرية، وسقطت مدينة العريش في الساعة الثالثة فجر السادس من يونيه 67.. ثم اندفـع "جونيه" بجزء من اللواء ليستولي على مطار العريش قبل أول ضوء، ويسلمه إلى قائد القوات الجوية الإسرائيلية ليستخدم هذا المطار في إعمال الإمداد والإخلاء اعتبارا من ظهر يوم 6 يونيه 67 ولتستولي القوات الإسرائيلية على العديد من الوثائق الهامة والتي توضح بعض تفاصيل الخطط الدفاعية التعرضية فجر، وغسق ووثوب وأسد - حيث يرسلها العقيد "جونيه" لرئاسته في تل أبيب، التي تقوم بدورها بإعلانها عالميا وإرسالها إلى الأمم المتحدة كوثيقة حتى "يشهد العالم النوايا المصرية لتدمير إسرائيل" …!!!
وبهذا النجاح الذي حققه العميد "طال" وأنجز فيه معدلات ممتازة في التقدم (80 كيلو / يوم).. فقد تم إلغاء الإبرار الجوي للواء المظلات بقيادة العقيد "موردخاي جور" .. وإعادة تخصيصه لينضم إلى جبهة الأردن التي يقودها العميد "عوزي ناركيس".
وفي نفس اليوم (6 يونيه 1967) صدرت الأوامر للعميد "إسرائيل طال" بالتمسك بجزء من قواته بالعريش وتقاطع الطرق شرقها، والمطار.. والانطلاق بالجزء الرئيسي للقوات لمتابعة النجاح ومطاردة القوات المصرية في اتجاه القنطرة شرق.
4. معارك قطاع غزة "5 ـ 7 يونيه 1967"الطبيعة الطبوغرافية لقطاع غزة تحدد أسلوب دفاعاته، وطريقة الهجوم عليه، فهي شريحة من الأرض بطول 40 كم، وعرض عشرة كم يحدها البحر شمالا، وإسرائيل جنوبا وشرقا، ورفح المصرية غربا لذلك فقد قسمت دفاعاته إلى قطاعين في (غزة) نفسها، وفي بلدتي (خان يونس ودير البلح) مع توزيع القوات على طول القطاع المعرض للتمزيق في أي جزء يتم مهاجمته.
أ. قوات الجانبين
(1) قطاع غزة: الفرقة 27 حرس وطني فلسطيني.
(2) القوات الإسرائيلية:
مجموعة قتال مكونة من اللواء العاشر المشاة، وكتيبة مظلات وكتيبة مدرعات وفي الاحتياط لواء مشاة ميكانيكي.
ب. سير المعركة
بدأ الهجوم المعادي اعتبارا من الساعة العاشرة صباح الخامس من يونيه من خلال مجموعتي قتال وبدعم كامل من الطيران.. وقد نجحت المجموعة الأولى في الاستيلاء على دير البلح والوصول إلى مشارف غزة مع آخر ضوء، حيث توقف القتال إلى صباح اليوم التالي ثم قامت القوات بمعاودة الهجوم واقتحام مدينة غزة حيث دار القتال المتلاحم داخل المدينة مما دفع اللواء "عبدالمنعم حسني" الحاكم الإداري لقطاع غزة أن يطلب وقـف إطلاق النيران الساعة 1.45 يوم 6 يونيه حفظا للدماء.
أما المجموعة الثانية تجاه بلدة خان يونس، فقد استمرت المعارك طوال أيام 5، 6 يونيه دون أن تتمكن القوات الإسرائيلية من الاستيلاء على البلدة رغم تكرار محاولة الهجوم ثلاث مرات.. وبعد أول ضوء يوم 7 يونيه وبعد تمهيد شديد من قصف الطيران تكررت المحاولة الرابعة لاقتحام المدينة، ونجح الإسرائيليون في الاستيلاء عليها عند منتصف نهار يوم 7 يونيه 1967.
5. المعارك على المحور الأوسطأ. كمين بير لحفن "المصيدة لتدمير احتياطي الجيش الميداني "5/6 يونيه 1967: (أُنظر شكل معركة كمين بير لحفن)
وبير لحفن منطقة تقاطع طرق متسعة جنوب شرق العريش.. وهي منطقة لها تاريخ ديني وعسكري… فعلاقتها بالدين والتاريخ ترجع إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد منذ أن مرت جماعة استطلاع أرسلها النبي موسى عليه السلام من عين قديس "قودش العهد القديم" بقيادة الفتى "عوشيا" نجل "يوشع بن نون"، وبرفقته اثني عشر شابا من الأسباط مدججين بالسلاح لاستطلاع أرض كنعان ومعاينة دفاعات غزة وجات، فعادوا يحملون قطوف العنب، ويقصون على قومهم أنباء على تلك الأرض التي تفيض باللبن والعسل، والتي تحميها الحصون المنيعة ذات الأسوار والأبراج العالية والقوم الجبارين فتقاعس القوم ورفضوا دخول تلك الأرض، وقالوا لموسى: ]إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ
ئدة: الآية 24)
أما في تاريخها العسكري، فقد كانت مسرحا لمعركة في الحرب العالمية الأولى بين القوات البريطـانية (فرقة الإنزاك –ANZAK) بقيادة الجنرال "شوفيل" لاقتحام الدفاعات التركية التي تؤمن آبار المياه العذبة الواقعة إلى الجنوب الشرقي من بير لحقن وكان مسرحا لحرب بين قوات مصر وقـوات إسرائيلية بقيادة العميد "إيجال ألون". يوم 29 ديسمبر 1948.. ثم كانت مسرحاً لعمليات بين اللواء العاشر بقيادة المقدم "إسرائيل طال" وبين دفاعات اللواء السادس المشاة المصري في 2 نوفمبر 1956.
أما فكرة الكمين الذي خططه الجنرال "يشيعا هو جافيتش" فكان نتيجة تقدير سليم تماما في أن الاحتياطيات المصرية سوف تهرع لاستعادة العريش فيما لو سقطت أو هددت بقوات إسرائيلية والطريق الطبيعي التي ستسلكه هذا الاحتياطيات لابد أن يمر ببير لحفن. لذلك كان التخطيط مسبقا، وخصصت مجموعة عمليات خاصة بقيادة العميد "إبراهام يوفيه"، ووضع تحت قيادته 2 لواء مدرع. وفي البداية فقد كان "يوفيه" مستاء لصغر هذه المهمة على مكانته العسكرية ووضعه بين باقي القادة "ولكن الجنرال "رابين" رئيس الأركان أكد له أن عملية الكمين تعتبر أهم المعارك الحاسمة في خطة الملاءة الحمراء ، وأن النجاح فيها سوف يكون الأشد تأثيرا علي سير القتال في الأيام التالية عن أية معارك أخرى تدور في نفس الجبهة.
وفكرة الخطة الإسرائيلية تلخصت في الاستفادة بالموقع الإستراتيجي لبير حفن، وهي عقدة المواصلات الرئيسية بين المحور الشمالي والأوسط، والتي سبق دراستها جيدا للقوات الإسرائيلية خلال حربي 48، 56 ولتقديراتهم السليمة للخطة المصرية في أنه يتم السيطرة عليها مسبقا بقوات مدرعة وإخفاءها جيدا، وانتظار القوات المصرية حتى تصل إلى المنطقة في طريق تحركها في اتجاه العريش، وتدميرها.
ب. القوات المصرية
الدفاع عن بير لحفن:
كتيبة مشاة من اللواء 121 مشاة احتياط تحتل مواقع دفاعية في بير لحفن.
الاحتياطي العام:
عناصر من قيادة الفرقة الثالثة المشاة بقيادة اللواء "عثمان نصار" ومعه اللواء 141 مدرع واللواء 112 مشاة.
المهمة:
تلقاها اللواء "عثمان نصار" من المشير "عامر" شخصيا باستعادة العريش فورا يوم 6 يونيه في نفس الوقت الذي تلقت فيه كتيبة المشاة تعليمات من مختلف مستويات القيادة بضرورة التمسك بأوضاعها لآخر طلقة وآخر رجل ومعاونة مجموعة اللواء "عثمان نصار" بتأمين اندفاعه تجاه العريش.
ج. القوات الإسرائيلية
مجموعة العميد "يوفيه" مكونة من 2 لواء مدرع منهم اللواء 37 مدرع والذي يتصف قائده العقيد "إيسكار شاومي" بكفاءة نادرة في استخدام المدرعات لمثل هذه المهام وقد عدل الجنرال "يشيعا هو جافيتش" في الخطة في أن يوضع اللواء السابع المدرع من مجموعة المحور الشمالي بعد تنفيذ مهامه - تحت قيادة العميد "يوفيه"، ويشترك في الكمين، على أن يتم دفع اللواء المدرع الآخر في اتجاه تقاطع الكيلو 161 غرب الحسنة وإرباك خطة القوات المصرية.
وتقدم اللواء 37 مدرع واجتاز الحدود المصرية بالقرب من بير الملاقي عبر وادي الحريضين في اتجاه بير لحفن، وقطع 50 كم في تسع ساعات نظرا لطبيعة التربة الناعمة التي تتقدم فيها القوات المدرعة.. وكان هذا التحرك مكشوفا تقريبا لكتيبة المشاة المصرية المدافعة عن بير لحفن، والتي قامت -بقدر الإمكان- بتبليغ القيادات المختلفة بتقدم اللواء المدرع.
بوصول اللواء إلى مواقع الكمين المستهدفة تلافي الاشتباكات العنيفة مع القوات المدافعة في سبيل تحقيق مهمته الرئيسية.
وعلى الجانب الآخر:
فقد تلقى اللواء "عثمان نصار" المهمة من المشير "عامر" الذي كان منطوقها "عثمان نصار" يأخذ اللواءين 141، 112، ويطلع بهما فورا على العريش ليطرد منها العدو" حيث اندفع بأقصى سرعة، وبدون اتخاذ أي إجراءات أمن، يقود لواءاته (في أرتال تقدم) وهو في مقدمتها بهدف سرعة الوصول إلى العريش، وجميعها تضيء الأنوار.. كأنه تحرك طبيعي في وقت سلم.. وقد أدى هذا إلى تتبع الكمين لتحرك القوات المصرية وقد حاولت الكتيبة المدافعة إرسال ضابط اتصال لتحذير اللواء "عثمان نصار" وتمت المقابلة فعلا، ولكن لم يؤخذ بها حتى توقفت مجموعة نصار أمام نيران الكمين وظل الموقف متجمدا حتى الصباح حيث أطبقت ثلاثة لواءات مدرعة على القوات المصرية (2 لواء مجموعة "يوفية" من اتجاه الشرق والجنوب الشرقي) واللواء السابع المدرع من اتجاه الشمال والغرب وقبلها انقض الطيران الإسرائيلي يحطم القوات المصرية ويمهد لهجوم المدرعات واستمرت المعركة من الساعة السادسة صباحا حتى الساعة الثانية عشرة حيث تشتت القوات المصرية، واندفعت مجموعة يوفيه في اتجاه الكيلو 161.
6. المعارك على المحور الجنوبي
أ. معركة أم قطف "الثانية" ـ ليلة 5/6 يونيه 1967 (أُنظر شكل معركة أم قطف الثانية)
وهي المعركة الرئيسية على المحور الأوسط، والتي تكمل الخطة الإسرائيليـة في طي الدفاعات المصرية على شكل مروحة في اتجاه الغرب والشمال الغربي… وكانت فلسفة الخطة في تأخير الهجوم على هذا المحور ليتم ليلا بهدف جذب الاحتياطيات المصـرية وتدميرها تجاه الساحل حتى يتوفر أنسب الظروف لإنجاح قوات المحور الأوسط، والذي تتصف دفاعاتها بشدة التحصين.
ب. قوات الجانبين
القوات المصرية: الفرقة الثانية المشاة المكونة من اللواءات 10، 12، 116، ومعها 4 لواء مدفعية (ويتمركز منها في أم قطف اللواء 12 مشاة المدعم).
القوات الإسرائيلية: مجموعة العميد "أرييل شارون" .. 2 لواء مدرع، لواء مشاة، لواء مشاة ميكانيكي، وكتيبة مظلات.
يقول "شارون" في مذكراته عن هذه المعركة " أنه حرص في هجومه، على أن يبدأ المعركة باقتحام "أم قطف" التي إذا سقطت فقدت الدفاعات المصرية في (القصيمة) قيمتها فضلا عن تعرضها للقطع والتطويق إذا ما استمرت في التثبيت بأماكنها المنعزلة".
وهذا يعني أن منطقة (أم قطف) تمثل مفتاح المحور الأوسـط ولذلك آثر باقتحامها برغم طبيعة طبوغرافيتها، وتحصين الدفاعات بها على عكس قرار العقيد "والاش" في حرب 56 الذي آثر أن يهاجم (القصيمة) (على مسافة 30 كم جنوب أم قطف) أولا: وقد احتل "شارون" قاعدة هجومه في منطقة (جيغات راحيل) على الحدود اعتبارا من 27 مايو وراح يدرب قواته على الاختراق من أرض مشابهة (لمكسر الفناجيل) وهي منطقة كثبان رملية على يسار الدفاعات المصرية، وهي التي اخترق منها.
وتلخصت خطة "شارون" في أن يتم الهجوم ليلا بالاختراق من الأجناب وتطويق الدفاعات على أن يتم التخلص من الاحتياطيات المدرعة المصرية في عملية نهارية قبل أن يبدأ الهجوم الرئيسي، وذلك باصطناع معركة محدودة تجذب هذه الاحتياطيات، وتخرجها في الأرض العراء، حيث يتولى الطيران الإسرائيلي تدميرها والتخلص منها.. وهذا ما تم في الساعة الحادية عشرة قبل ظهر الخامس من يونيه في منطقة (الباطور) شمال الدفاعات الرئيسية حيث تدمرت 2 كتيبة + فوج دبابات ومعظم المدفعيات خلال نهار هذا اليوم.
وبينما كانت معارك الاحتياطيات تحتدم مع الطيران المعادي.. كانت القوات الرئيسية الإسرائيلية تتخذ أوضاع الهجوم انتظارا لتوقيت "بدء العملية" العاشرة مساءا حيث بدأ تمهيد عنيف للمدفعية استمر أربعون دقيقة أعقبه حركات المناورة على الأجناب لمحـاولة طي الدفاعات من الأجناب.. ودارت معركة شرسة طوال الليل اعتمدت فيها وحدات المشاة على نيرانهم الذاتية، نتيجة لتدمير الوسائل الأخرى كذلك فإن دبابات التعاون الوثيق لم يتوفر لها وسائل الرؤية الليلية المناسبة - ومع شروق صباح يوم 6 يونيه، كانت الدفاعات قد انهارت نتيجة لعنف الهجوم إلى جانب القصف العنيف للطيران واستشهاد قائد اللواء 12 مشاة بجوار مركز قيادته.
بعدها صدرت الأوامر إلى العميد "شارون" بالتقدم في اتجاه نخل.
ج. الخداع في اتجاه الكونتيلا
اكتشفت القيادة الإسرائيلية أن القيادة المصرية تركز جهودها الرئيسية في اتجاه المحور الجنوبي السينائى، ووصلت الحشود فيه إلى حوالي عشرة لواءات ما بين مشاة ومدرعات ومدفعية وصممت على تجميد أوضاع هذه القوات في أماكنها حتى تضمن عدم القيام بالمناورة بها في اتجاه النجاحات الإسرائيلية شمالا.. لذلك كلفت العقيد "إبراهام مندلر" بلوائه المدرع بالقيام بتحركاته كثيفة، والقيام بهجمات محدودة لتثبيت أوضاع تلك القوات وقد نجح في ذلك تماما طوال أيام 5 ، 6 يونيه 1967.
د. الدفاع عن النطاق الثاني
أمام الموقف الذي تعرضت له القوات في سيناء يوم 5 يونيه.. فقد اقترح رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة "الفريق أنور القاضي" على المشير عامر (يوم 6 يونيه 1967) أن تنسحب القوات من خط الدفاع الأول، وتدافع على النطاق الثاني الممتد من تمد، ونخل، والحسنة إلى جبل لبني.. ولما كانت الاتصالات شبه مقطوعة تماما ما بين التشكيلات والقيادة العامة، فقد صدرت هذه الأوامر إلى قائد حرس الحدود في العريش للاتصال بقادة التشكيلات وتبليغهم.