باب ذكر قول النَّبىِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما بين بيتى ومنـبرى روضة من رياض الجنَّة))
(63) عن عبد الله بن زيدٍ المازنى قال: قال رسول الله صـلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما بين بَيْتِى ومِنْبرَى رَوْضَةٌ من رياضِ الجنَّة)).
---------------------------------------------
(63) صحيح.
أخرجه يحيى بن يحيى((الموطأ)) (1/202)، وأحمد (4/40)، والبخارى (1/207)، ومــسلم (9/161)، والنسائى ((الكبرى)) (1/257/774 و2/489/4289) و((المجتبى)) (2/35)، والحارث بن أبى أسامة (1/471/400. بغية الحارث)، والرويانى (1007)، وأبو نعيم ((المسند المستخرج)) (4/53/3211) و((الحلية)) (6/347)، والبيهقى ((الكبرى)) (5/247) جميعا من طريق مالك عن عبد الله ابن أبى بكر بن محمد بن حزم عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيـدٍ المازنى به.
---------------------------------------------
(64) عن أبى هريرة أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قـال: ((ما بين بَيْتِى ومِنْبرِى رَوْضَةٌ من رياضِ الجنَّةِ، ومِنْبرِى على حَوضِى)).
(بيـان) قوله صلَّى الله عليه وسلَّم ((ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة))؛ قال الحافظ ابن عبد البر: ((قال قومٌ: معناه أن البقعة ترفع يوم القيامة فتجعل روضةً فى الجنة وقال آخرون: هذا على المجاز.
كأنهم يعنون أنَّه لما كان جلوسُه وجلوسُ النَّاس إليها يتعلمون القرآن والإيمان والدين هناك، شبَّه ذلك الموضعَ بالروضة لكرم ما يجْتـَنى منها، وأضافها إلى الجنة لأنها تقود إليها، كما قال صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم ((الجنةُ تحتَ ظلالِ السُّيوف))، يعنى أن الجهاد يوصل به إلى الجنَّة، وكما يقال ((الأمُّ بابٌ من أبوابِ الجنَّة)) يريدون أن برَّها يوصل إلى الجنَّة. وهذا جائزٌ مستعملٌ فى لسان العرب)) اهـ.
قـلت: وليس بمستبعدٍ أن يكون المعنى على حقيقته، فتكون هذه البقعةُ روضةً حقيقةً مقتطعةً من رياضِ الجنَّة، كما صحَّ عن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قوله ((الركنُ والمقامُ ياقوتتان من يواقيتِ الجنَّة)) (**)، أو أنها تنقل بعينها فى الآخرة إلى الجنة وتصيـر روضةً من رياضها.
---------------------------------------------
(64) صحيح.
أخرجه ابن أبى شيبة (6/305/31659)، وابن سعد ((الطبقات الكبرى)) (1/253)، وأحمد (2/376،438)، والبخارى (1/323 و4/142. سندى)، ومسلم (9/162)، وابن أبى عاصم ((كتاب السنة)) (731)، وأبو نعيم ((المسند المستخرج)) (4/54/3213)، والبيهقى ((الكبرى)) (5/246)، وابن عبد البر ((التــمهيد)) (2/287) جميعا مـن طريق عبيد الله بـن عمر عـن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبى هريرة بـه.
وتابعه محمد بن إسحاق عن خبيب بإسناده نحوه.
أخـرجه أحمد (2/397) قال: حدثـنا يعقوب ثنا أبى عـن ابن إسحاق حدثنى خبيب بن عبد الرحمن الأنصارى بنحوه.
وتابعهما مالك عن خبيب، إلا أن أغلب الرواة عنه يروونه ((عن أبى هريرة أو أبى سعيد الخدرى))، ورواه عبد الرحمن ابن مهدى عن مالك بمثل رواية عبيد الله بن عمر.
أخرجه هكذا أحمد (2/236)، والبخارى (4/266. سندى)، وابن عبد البـر ((التمهيد)) (2/286).
(**) صحيح.
أخـرجه ابن خزيمة (2731)، والحاكم (1/456)، والبيهقى ((الكبرى)) (5/75) و((شعب الإيمان)) (3/449/4030) جميعا عن أيوب بن سويد ثـنا يونس بن يزيد عن الزهرى عن مسافع بن شيبة الحجبى عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة، طمس الله نورهما، ولولا ذلك لأضاءت ما بين المشرق والمغرب)).
(بيــان ثانٍ) قوله صلَّى الله عليه وسلَّم ((ومنبرى على حوضى))، أى يُنقلُ منبرى هذا الَّذى أخطبُ عليه فى الدنيا يوم القيامة، فيُنْصَبُ على حوضى، ثمَّ تصيرُ قوائمُه رواتبَ فى الجنَّة كما فى حديث أم سلمة.
وقيل: بل هو منبرٌ آخرُ يُوضعُ لـه هناك على الحوض.
والَّذى يُرجِّحُ الأول: أنَّه ليس فى الخبر ما يقتضى هذا التأويل، وأنَّه قطعٌ للكلام عما قبله بلا ضرورةٍ؛ قاله الإمام أبو الوليد الباجى.
قلت: ويؤيد الأول ما فى حديث أبى هريرة ((منبرى هذا على تُرْعَةٍ من تُرَعِ الجنَّة))، فاسم الإشارة ((هذا)) صريح فى إرادة المنبر النبـوى الَّذى يخطبُ عليه بالمدينة والله أعلم.
---------------------------------------------
باب ذكر قول النَّبىِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَم: ((قوائم منبرى رواتب فى الجنَّة))
(65) عن أم سلمة أنَّ النَّبىَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((إنَّ قوائمَ منبرى هذا رواتبُ فى الجنَّة)).
---------------------------------------------
= قـلت: وأيوب بن سويد الرملى، صدوق يخطئ، ولم يتـفرد.
فقد أخرجه البيهقى (5/75) عن شبيب بن سعيد الحبطى عن يونس عن الزهرى بإسناده نحوه.
وأخرجه أحمد (2/213،214)، والترمذى(878)، والفاكهى ((أخبار مكة)) (1/440/960)، وابن خزيمة (2732)، وابن حبان (3702)، والحاكم (1/456) جميعا عن رجاء بن صبيح عن مسافع بن شيـبة عـن ابن عمرو مرفوعاً بنحوه.
راجع كتابنا ((البشائر المأمـولة فى آداب العمرة المــقبولة)).
(65) صحيـح.
أخرجه ابن سعد ((الطبقات)) (1/253)، وعبــد الرزاق (3/182/5242)، وأحمد (6/292،318)، وأبو يعلى (12/409/6974)، وابن حبان كما فى ((موارد الظمآن)) (1034)، والطبـرانى ((الكبير)) (23/254/519)، والبيهقى (5/248) جميعا من طريق سفيان الثورى عن عمار الدهنى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أم سلمة بـه.
تابعه عن عمار الدهنى: ابن عيينة، وشعبة.
أخرجه الحميدى (290)، وأحمد (6/289)، والنسائى ((الكبرى)) (1/257/775) و((المجتبى)) (2/35) جميعا من طريق سفيان بن عيينة عن عمار الدهنى عن أبى سلمة عن أم سلمة مـثله.
وأخرجه الإسماعيلى ((معجم شيوخه)) (2/665/294)، والطبرانى ((الكبير)) (23/254/520) كلاهما من طريق وكيع عن شعبة عن عمار الدهنى عن أبى سلمة عن أم سلمة مثله.
---------------------------------------------
(66) عن أبى هريرة أنَّ رسـولَ الله صـلَّى الله عليه وسلَّم قـال: ((مِنْبَرِى هذا على تُرْعَةٍ من تُرَعِ الجنَّة)).
(بيــان) قوله ((على تُرْعَةٍ)) الترعة: الروضة على مكانٍ مرتفعٍ، ولا تكون روضةً إلا إذا كان ثمَّ ماءٌ وعشبٌ.
وقوله ((رواتب)): هو جمع راتـبة، وهى القائمة المنتصبة.
باب ذكر بدء شأن المنبر بالمسجد النبوى
(67) عن أبى بن كعبٍ قال: كان رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصلِّى إلى جِذْعٍ إذ كان المسجدُ عريشاً، وكان يخطُبُ إلى ذلك الجِذْعِ، فـقال رجلٌ من أصحابه: هلْ لك أن نجعلَ لك شيئاً تقومُ عليه يوم الجمعة حتَّــى يراك النَّاسُ، وتُسْمِعهم خُطبتك؟، قال: ((نعم))، فصنع له ثلاثَ درجاتٍ، فهى الَّتى أعلى المنبر، فلما وُضع المنبرُ؛ وضعوه فى موضعه الَّذى هو فيه، فلما أراد رسول الله صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم أن يقوم إلى المنبر، مرَّ بالجذعِ الَّى كان يخطب إليه، فلما جاوزه، خارَ حتَّى تصدَّع وانشقَّ.
---------------------------------------------
(66) صحيح.
أخرجه أحمد (2/360)، والنسائى((الكبرى)) (2/488/4288) كلاهما عن مكى بن إبراهيم عن عبد الله ابن سعيد بن أبى هند عن عبد المجيد بن ســهل بن عبد الرحمن بن عوف عن أبى سلمة عن أبى هريرة بـه.
قلت: هذا إسناد رجاله ثقات كلهم غير عبد الله بن سعيد بن أبى هند، فإنه صدوق ربما وهم، وقد احتج به الشيخان، وقد توبع ولم يتفرد.
أخرجه أحمد (2/450) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعا بنـحوه.
وأخرجه (2/412،534) من طريق حماد بن سلمة عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة بنـحوه.
(67) حسن صحيح.
أخرجه الشافعي ((الأم)) (1/199) و((المسند)) (ص65)، وابن سعد((الطبقات)) (1/252)، وأحمد (5/138)، والدارمى (36)، وابن ماجه (1414)، واللألكائى ((أصول الاعتقاد)) (1475)، والمقدسى ((الأحاديث المختارة)) (3/394/1192) جميعاً من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبى بن كعب عن أبيه به.
قـلت: هذا إسناد حسن.
وللحديث شواهد تبـلغ حدَّ الاستـفاضة من أحاديث: ابن عباس، وأنس، وجابر بن عبد الله وأبى سعيد الخدرى.
---------------------------------------------
فنزل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لمَّا سمِع صوتَ الجذعِ، فمسحه بيده حتَّى سَكَنَ، ثمَّ رجع إلى المنبر.
فكان إذا صلَّى صلَّى إليه. فلما هُدِمَ المسجدُ وغُيِّرَ، أخذ ذلك الجذعَ أبىُّ بنُ كعبٍ، فكان عنده فى بيته حتَّى بَلِىَ، فأكلتُه الأرَضَةُ وعادَ رُفاتـاً.
(68) عن سهل بن سعدٍ: ما بقى أحدٌ من النَّاس أعلمُ به منِّى، هـو من أثل الغابة؛ عمله فلانٌ مولى فلانة لرسولِ الله صلَّى اللهُ عليـه وسـلَّم، وقام عليه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين عُمِلَ ووُضـع فاستقبل القبلة كبَّر، وقام النَّاسُ خلفه، فقرأ وركع وركع النَّاس خلفه، ثمَّ رفع رأسه، ثمَّ رجع القَهْقَرى حتَّى سجد بالأرض.
(69) عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا خطب يستند إلى جذع نخلة من سواري المسجد، فلما صنع المنبر واستوى عليه، اضطربت تلك السارية كحنين الناقة، حتى سمعها أهل المسجد، حتى نزل إليها رسول الله صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، فاعتنقها فسكتت.
---------------------------------------------
(68) صحيح.
أخرجـه الشافعـي ((الأم)) (1/169) و((المسند) (ص58)، والحميدى (926)، وأحمد (5/330)، والبخارى (1/79)، ومسلم (5/35)، وابن مـاجه (1416)، والجـندى ((فضائل المدينة)) (54)، وأبو عوانة ((المسند)) (1/470/1744)، والطبرانى ((الكبيـر)) (6/175/5913)، وأبونعيم ((المسند المستخرج)) (2/144/1198)، والبيهقى ((الكبـرى)) (3/108) جميعا من طريق سفيان ابن عيينة عن أبى حازم المدنى عن سـهل بن سعدٍ بـه.
(69) صحيـح.
أخرجه الشافعى ((المسند)) (ص64)، وعبد الرزاق ((المصنف)) (3/ 186/ 5254)، وأحمد (3/295،324)، والنسائى ((الكـبرى)) (1/ 530/ 1710) و((المجتبى)) (3/102) جمـيعا عـن ابن جريج أخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد اللَّه به.
قــلت: هذا إسناد صحيح على رسم مسلم فى ((الصحيح)).
---------------------------------------------
(70) عن أنس وابن عباس: أن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يخطب إلى جذع، فلما اتخذ المنبر ذهب إلى المنبر؛ فحَنَّ الجذع، فأتاه فاحتضنه، فسكن، فقال: ((لو لم أحتضنه لحَنَّ إلى يـوم القيامة)).
---------------------------------------------
(70) صحيـح.
أخرجه أحمد (1/266)، وعبد بن حميد (1336)، والبخارى ((التاريخ الكبيـر)) (7/26/108)، وابن ماجه (1415)، واللألكائى ((أصول الأعتقاد)) (1471)، والضياء ((الأحاديث المختارة)) (5/37/1643،1645) جميعا من طريقى حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس وعن ثابت البنانى عن أنس به.
وأخرجه أبو يعلى (6/114/3384)، والمقدسى ((الأحاديث المختارة)) (5/ 37/ 1644) كلاهما من طريق حماد عن ثابت عن أنس به مثله.
قـلت: وكلا إسنادي الحديث صحيح على رسم مسلم فى ((الصحيح)).