منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- Empty
مُساهمةموضوع: هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-   هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- Emptyالسبت 02 أكتوبر 2021, 5:07 pm

هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
سبب تأخر أبي بكر وعلي في الهجرة
وأقام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن يُؤذن له في الهجرة، ولم يتخلف معه بمكة أحد من المهاحرين إلا من حُبس أو فتن، إلا علي بن أبي طالب، وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق رضي الله عنهما، وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في الهجرة، فيقول له رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا، فيطمع أبو بكر أن يكونه.‏‏

قريش تتشاور في أمره عليه الصلاة والسلام
قال ابن إسحاق: ‏‏ولما رأت قريش أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قد صارت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم قد نزلوا دارا، وأصابوا منهم منعة، فحذروا خروج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إليهم، وعرفوا أنهم قد أجمع لحربهم.
فاجتمعوا له في دار الندوة -وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمرا إلا فيها- يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، حين خافوه.
قال ابن إسحاق: ‏‏فحدثني مَنْ لا أتهم من أصحابنا، عن عبدالله بن أبي نجيح، عن مجاهد بن جبير أبي الحجاج، وغيره ممن لا أتهم، عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: ‏‏لما أجمعوا لذلك، واتعدوا أن يدخلوا في دار الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، غدوا في اليوم الذي اتعدوا له، وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة، فاعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل، عليه بتلة، فوقف على باب الدار، فلمَّا رأوه واقفا على بابها، قالوا: ‏‏من الشيخ؟‏‏ قال: ‏‏شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له، فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى أن لا يُعدمكم منه رأياً ونصحاً، قالوا: ‏‏أجل، فادخل، فدخل معهم، وقد اجتمع فيها أشراف قريش.

 من بني عبد شمس: ‏
‏عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو سفيان بن حرب.

ومن بني نوفل بن عبد مناف:
‏‏طعيمة بن عدي، وجبير بن مطعم، والحارث بن عامر بن نوفل‏‏.

ومن بني عبد الدار بن قصي: ‏‏
النضر بن الحارث بن كلدة.

ومن بني أسد بن عبد العزى: ‏‏
أبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود بن المطلب، وحكيم بن حزام.

ومن بني مخزوم: ‏‏
أبو جهل بن هشام.

ومن بني سهم:
‏‏نُبيه ومنبَّه ابنا الحجاج، ومن بني جمح: ‏‏أمية بن ‏خلف، ومن كان معهم وغيرهم ممن لا يعد من قريش.


فقال بعضهم لبعض: ‏‏

إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم، فإنا والله ما نأمنه على الوثوب علينا فيمَنْ قد اتبعه من غيرنا، فأجمعوا فيه رأياً.
قال: ‏‏فتشاوروا، ثم قال قائل منهم: ‏‏احبسوه في الحديد، وأغلقوا عليه باباً، ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله، زهيراً والنابغة، ومن مضى منهم، من هذا الموت، حتى يصيبه ما أصابهم.
فقال الشيخ النجدي: ‏‏لا والله، ما هذا لكم برأي.
والله لئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلأوشكوا أن يثبوا عليكم، فينزعوه من أيديكم، ثم يكاثروكم به، حتى يغلبوكم على أمركم، ما هذا لكم برأي، فانظروا في غيره.
فتشاوروا.
ثم قال قائل منهم: ‏‏نخرجه من بين أظهرنا، فننفيه من بلادنا، فإذا أُخرج عنا، فو الله ما نبالي أين ذهب، ولا حيث وقع، إذا غاب عنا وفرغنا منه، فأصلحنا أمرنا وأُلْفتنا كما كانت.
فقال الشيخ النجدي: ‏‏لا والله، ما هذا لكم برأي، ألم تروا حُسْن حديثه، وحلاوة منطقه، وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به، والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب، فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم في بلادكم، فيأخذ أمركم من أيديكم، ثم يفعل بكم ما أراد، دبروا فيه رأيا غير هذا.
قال: ‏‏فقال أبو جهل بن هشام: ‏‏والله إن لي فيه لرأياً ما أراكم وقعتم عليه بعد؛ قالوا: ‏‏وما هو يا أبا الحكم؟‏‏ قال: ‏‏أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شاباً جليداً نسيباً وسيطاً فينا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفاً صارماً، ثم يعمدوا إليه، فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه، فنستريح منه.
فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعاً، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعاً، فرضوا منا بالعَقْل، فعقلناه لهم.
قال: ‏‏فقال الشيخ النجدي: ‏‏القول ما قال الرجل، هذا الرأي الذي لا رأي غيره، فتفرَّق القوم على ذلك وهم مجمعون له.‏‏

خروج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- واستخلافه علياً على فراشه
فأتى جبريل عليه السلام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال: ‏‏لا تَبِتْ هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه.
قال: ‏‏فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام، فيثبون عليه؛ فلما رأى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مكانهم، قال لعلي بن أبي طالب: ‏‏نم على فراشي وتسجّ بِبُردي هذا الحضرمي الأخضر، فنم فيه، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم، وكان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ينام في برده ذلك إذا نام.
قال ابن إسحاق: ‏‏فحدثني يزيد بن زياد، عن مُحَمَّد بن كعب القرظي قال: ‏‏لما اجتمعوا له، وفيهم أبو جهل بن هشام، فقال وهم على بابه: ‏‏إن مُحَمَّداً يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره، كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بُعثتم من بعد موتكم، فجُعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح، ثم بُعثتم من بعد موتكم، ثم جعلت لكم نار تحُرقون فيها.
قال‏‏: ‏‏وخرج عليهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأخذ حفنة من تراب في يده، ثم قال: ‏‏أنا أقول ذلك، أنت أحدهم.
وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه، فلا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هؤلاء الآيات من يس:
‏‏‏‏((‏يس والقرآن الحكيم .‏‏ إنك لمن المرسلين .‏‏ على ‏ صراط مستقيم .‏‏ تنزيل العزيز الرحيم)).‏‏‏‏.‏‏.‏‏ إلى قوله: ‏‏‏‏(‏فأغشيناهم فهم لا يبصرون).
حتى فرغ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من هؤلاء الآيات، ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب، فأتاهم آت ممن لم يكن معهم، فقال: ‏‏ما تنتظرون ها هنا؟‏‏ قالوا: ‏‏مُحَمَّداً؛ قال: ‏‏خيبكم الله!‏‏ قد والله خرج عليكم مُحَمَّد، ثم ما ترك منكم رجلاً إلا وقد وضع على رأسه ترابا، وانطلق لحاجته، أفما ترون ما بكم؟‏‏ قال: ‏‏فوضع كل رجل منهم يده على رأسه، فإذا عليه تراب، ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا بِبُرْد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فيقولون: ‏‏والله إن هذا لمُحَمَّد نائماً، عليه بُرْدُهُ.
فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي -رضي الله عنه- عن الفراش، فقالوا: ‏‏والله لقد كان صدقنا الذي حدثنا.‏‏

ما نزل من القرآن في تربص المشركين بالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
قال ابن إسحاق: ‏‏وكان مما أنزل الله عز وجل من القرآن في ذلك اليوم، وما كانوا أجمعوا له: ‏‏‏‏
(‏وإذ يمكر بك الذين كفروا لِيُثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين).
وقول الله ‏عز وجل:
‏‏‏‏(‏أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون .‏‏ قل تربصوا فإني معكم من المتربصين).
قال ابن هشام: ‏‏المنون: ‏‏الموت.
وريب المنون: ‏‏ما يريب ويعرض منها.

قال أبو ذؤيب الهذلي: ‏‏
أمن المنون وريبها تتوجَّع        والدهر ليس بمعتب من يجزع
وهذا البيت في قصيدة له.

قال ابن إسحاق: ‏‏وأذن الله تعالى لنبيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عند ذلك في الهجرة.

أبو بكر يطمع في مصاحبة النبي في الهجرة، وما أعد لذلك
 قال ابن إسحاق: ‏‏وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلاً ذا مال، فكان حين استأذن رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في الهجرة، فقال له رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏لا تعجل، لعل الله يجد لك صاحبا، قد طمع بأن يكون رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، إنما يعني نفسه، حين قال له ذلك، فابتاع راحلتين، فاحتبسهما في داره، يعلفهما إعدادا لذلك.‏‏

حديث الهجرة إلى المدينة
قال ابن إسحاق: ‏‏فحدثني من لا أتهم، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: ‏‏كان لا يخطئ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إما بكرة، وإما عشية، حتى إذا كان اليوم الذي أذن فيه لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في الهجرة، والخروج من مكة من بين ظهري قومه، أتانا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بالهاجرة، في ساعة كان لا يأتي فيها.
قالت‏‏: ‏‏فلما رآه أبوبكر، قال: ‏‏ما جاء رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- هذه الساعة إلا لأمر حدث.
قالت‏‏: ‏‏فلما دخل، تأخر له أبو بكر عن سريره، فجلس رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏أخرج عني من عندك؛ فقال: ‏‏يا رسول الله، إنما هما ابنتاي، وما ذاك؟‏‏ فداك أبي وأمي!‏‏ فقال: ‏‏إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة‏‏.
قالت: ‏‏فقال أبو بكر: ‏‏الصحبة يا رسول الله؛ قال: ‏‏الصحبة.
قالت: ‏‏فو الله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح، حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ، ثم قال: ‏‏يا نبي الله، إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا.
فاستأجرا عبدالله بن أرقط -رجلاً من بني الدئل بن بكر، وكانت أمه امرأة من بني سهم بن عمرو، وكان مشركاً- يدلهما على الطريق، فدفعا إليه راحلتيهما، فكانتا عنده يرعاهم لميعادهما.‏‏

من علم بأمر هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
قال ابن إسحاق: ‏‏ولم يعلم فيما بلغني، بخروج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أحد، حين خرج، إلا علي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق، وآل أبي بكر.
أمَّا علي فإن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- -فيما بلغني- أخبره بخروجه، وأمره أن يتخلف بعده بمكة، حتى يؤدي عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الودائع، التي كانت عنده للناس، وكان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده، لما يُعلم من صدقه وأمانته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.‏‏

قصة الرسول صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر في الغار
قال ابن إسحاق: ‏‏فلما أجمع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الخروج، أتى أبا بكر بن أبي قحافة، فخرجا من خوخة لأبي بكر في ظهر بيته، ثم عمدا إلى غار بثور - جبل بأسفل مكة - فدخلاه، وأمر أبو بكر ابنه عبدالله بن أبي بكر أن يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره، ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من الخبر؛ وأمر عامر بن فُهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاره، ثم يُريحها عليهما، يأتيهما إذا أمسى في الغار.
وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يُصلحهما.
قال ابن هشام: ‏‏وحدثني بعض أهل العلم، أن الحسن بن أبي الحسن البصري قال: ‏‏انتهى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأبو بكر إلى الغار ليلاً، فدخل أبو بكر رضي الله عنه قبل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فلمس الغار، لينظر أفيه سبع أو حية، يقي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بنفسه.‏‏

مَنْ قام بشأن الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في الغار
قال ابن إسحاق: ‏‏فأقام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في الغار ثلاثاً ومعه أبو بكر، وجعلت قريش فيه حين فقدوه مائة ناقة، لِمَنْ يرده عليهم.
وكان عبدالله بن أبي بكر يكون في قريش نهاره معهم، يسمع ما يأتمرون به، وما يقولون في شأن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأبي بكر، ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر.
وكان عامر بن فهيرة، مولى أبي بكر رضي الله عنه، يرعى في رُعْيان أهل مكة، فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبي بكر، فاحتلبا وذبحا، فإذا عبدالله بن أبي بكر غدا من عندهما إلى مكة، اتبع عامر ‏ بن فهيرة أثره بالغنم حتى يعفِّي عليه، حتى إذا مضت الثلاث، وسكن عنهما الناس أتاهما صاحبهما الذي استأجراه ببعيرَيْهما وبعير له، وأتتهما أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها بسفرتهما، ونسيت أن تجعل لها عصاما، فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة، فإذا ليس لها عصام، فتحلّ نطاقها فتجعله عصاما، ثم علقتها به.

سبب تسمية أسماء بذات النطاق فكان يُقال لأسماء بنت أبي بكر: ‏‏ذات النطاق، لذلك.
قال ابن هشام: ‏‏وسمعت غير واحد من أهل العلم يقول: ‏‏ذات النطاقين.
وتفسيره: ‏‏أنها لمَّا أرادت أن تُعلّق السُّفرة شقّت نطاقها باثنين، فعلّقت السُّفرة بواحدٍ، وانتطقت بالآخر.

أبو بكر يُقَدِّمُ راحلةً للرسول صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق: ‏‏فلما قرب أبو بكر، رضي الله عنه، الراحلتين إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قدم له أفضلهما، ثم قال: ‏‏اركب، فداك أبي وأمي؛ فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏إني لا أركب بعيرا ليس لي؛ قال: ‏‏فهي لك يا رسول الله، بأبي أنت وأمي؛ قال: ‏‏لا، ولكن ما الثمن الذي ابتعتها به؟‏‏ قال: ‏‏كذا وكذا؛ قال: ‏‏قد أخذتها به؛ قال: ‏‏هي لك يا رسول الله.
فركبا وانطلقا وأردف أبو بكر الصديق رضي الله عنه عامر بن فهيرة مولاه خلفه، ليخدمهما في الطريق.
أبو جهل يضرب أسماء

قال ابن إسحاق: ‏‏فحُدثت عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: ‏‏لما خرج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأبو بكر رضي الله عنه، أتانا نفر من قريش، فيهم أبو جهل بن هشام، فوقفوا على باب أبي بكر، فخرجت إليهم؛ فقالوا: ‏‏أين أبوك يا بنت أبي بكر؟‏‏ قالت: ‏‏قلت: ‏‏لا أدري والله أين أبي؟‏‏ قالت: ‏‏فرفع أبو جهل يده، وكان فاحشا خبيثا، فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي.

خبر الهاتف من الجني الذي تغنى بمقدمه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
قالت: ‏‏ثم انصرفوا.
فمكثنا ثلاث ليال.
وما ندري أين وجه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، حتى أقبل رجل من الجن من أسفل مكة، يتغنى بأبيات من شعر غناء العرب، وإن الناس ليتبعونه، يسمعون صوته وما يرونه، حتى خرج من أعلى مكة.

وهو يقول: ‏‏
جزى الله ربُّ الناس خير جزائه        رفيقين حلا خيمتَـيْ أم مـعـبـدِ
هما نزلا بالبـر ثـم تـروَّحـا        فأفلح من أمسى رفيق مُحَمَّد
ليهنِ بنو كعب مكانُ فتـاتـهـم        ومقعدها للمؤمنـين بـمـرصـد



هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- Empty
مُساهمةموضوع: رد: هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-   هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- Emptyالسبت 02 أكتوبر 2021, 5:12 pm

نَسَبُ أمُّ مَعْبَدٍ
قال ابن هشام: ‏‏أم معبد بنت كعب، امرأة من بني كعب، من خزاعة.
وقوله ‏‏(‏حلا خيمتي)‏‏ و‏‏(‏هما نزلا بالبر ثم تروحا)‏‏ عن غير ابن إسحاق.
قال ابن إسحاق: ‏‏قالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: ‏‏فلما سمعنا قوله، عرفنا حيث وَجْه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وأن وجهه إلى المدينة وكانوا أربعة: ‏‏رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وأبو بكر الصديق رضي الله عنه، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، وعبدالله بن أرقط دليلهما.
قال ابن هشام: ‏‏ويُقال: ‏‏عبدالله بن أُرَيْقط.‏‏

موقف آل أبي بكر بعد الهجرة
قال ابن إسحاق: ‏‏فحدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير أن أباه عبادا حدثه عن جدته أسماء بنت أبي بكر، قالت: ‏‏لمَّا خرج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وخرج أبو بكر معه، احتمل أبو بكر ماله كله، ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف، فانطلق بها معه.
قالت: ‏‏فدخل علينا جدي أبو قحافة، وقد ذهب بصره، فقال: ‏‏والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه.
قالت: ‏‏قلت: ‏‏كلا يا أبت!‏‏ إنه قد ترك لنا خيراً كثيراً.
قالت: ‏‏فأخذت أحجارا فوضعتها في كوة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها، ثم وضعت عليها ثوبا، ثم أخذت بيده، فقلت: ‏‏يا أبت، ضع يدك على هذا المال.
قالت: ‏‏فوضع يده عليه، فقال: ‏‏لا بأس، إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغ لكم.
ولا والله ما ترك لنا شيئا، ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك.‏‏

سراقة بن مالك وركوبه في أثر الرسول صلى الله وسلم
قال ابن إسحاق: ‏‏وحدثني الزهري أن عبدالرحمن بن مالك بن جعشم حدثه، عن أبيه، عن عمه سراقة بن مالك بن جعشم، قال: ‏‏لما خرج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من مكة مهاجرا إلى ‏‏ المدينة، جعلت قريش فيه مائة ناقة لمن رده عليهم.
قال: ‏‏فبينا أنا جالس في نادي قومي إذ أقبل رجل منا، حتى وقف علينا، فقال: ‏‏والله لقد رأيت ركبة ثلاثة مروا علي آنفا، إني لأراهم مُحَمَّداً وأصحابه، قال: ‏‏فأومأت إليه بعيني: ‏‏أن اسكت، ثم قلت: ‏‏إنما هم بنو فلان، يبتغون ضالة لهم؛ قال: ‏‏لعله، ثم سكت.
قال: ‏‏ثم مكثت قليلاً، ثم قمت فدخلت بيتي، ثم أمرت بفرسي، فقيد لي إلى بطن الوادي، وأمرت بسلاحي، فأُخرج لي من دبر حجرتي، ثم أخذت قداحي التي أستقسم بها، ثم انطلقت، فلبست لأمتي، ثم أخرجت قداحي، فاستقسمت بها؛ فخرج السهم الذي أكره ‏‏(‏لا يضره)‏‏.
قال: ‏‏وكنت أرجو أن أرده على قريش، فآخذ المائة الناقة.
قال: ‏‏فركبت على أثره، فبينما فرسي يشتد بي عثر بي، فسقطت عنه‏‏.
قال: ‏‏فقلت: ‏‏ما هذا؟‏‏ قال: ‏‏ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها، فخرج السهم الذي أكره ‏‏(‏لا يضره)‏‏ قال: ‏‏فأبيت إلا أن أتبعه.
قال: ‏‏فركبت في أثره، فبينا فرسي يشتد بي، عثر بي، فسقطت عنه.
قال: ‏‏فقلت: ‏‏ما هذا؟‏‏ قال: ‏‏ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها، فخرج السهم الذي أكره ‏‏(‏لا يضره)‏‏ قال: ‏‏فأبيت إلا أن أتبعه، فركبت في أثره.
فلمَّا بدا لي القوم ورأيتهم، عثر بي فرسي، فذهبت يداه في الأرض، وسقطت عنه، ثم انتزع يديه من الأرض، وتبعهما دخان كالإعصار.
قال: ‏‏فعرفت حين رأيت ذلك أنه قد مُنع مني، وأنه ظاهر‏‏.
قال: ‏‏فناديت القوم: ‏‏فقلت: ‏‏أنا سراقة بن جعشم: ‏‏انظروني أكلمكم، فو الله لا أريبكم، ولا يأتيكم مني شيءٌ تكرهونه.
قال: ‏‏فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لأبي بكر: ‏‏قل له: ‏‏وما تبتغي منا؟‏‏ قال: ‏‏فقال ذلك أبو بكر، قال: ‏‏قلت: ‏‏تكتب لي كتاباً يكون آية بيني وبينك.
قال: ‏‏اكتب له يا أبا بكر.‏‏

إسلام سراقة بن جعشم
قال: ‏‏فكتب لي كتاباً في عظم، أو في رقعة، أو في خزفة، ثم ألقاهُ إليَّ، فأخذته، فجعلته في كنانتي، ثم رجعت، فسكت فلم أذكر شيئاً مما كان، حتى إذا كان فتح مكة على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وفرغ من حُنين والطائف، خرجتُ ومعي الكتاب لألقاه، فلقيتُهُ بالجعرانة.
قال: ‏‏فدخلت في كتيبة من خيل الأنصار.
قال: ‏‏فجعلوا يقرعونني بالرماح ويقولون: ‏‏إليك إليك، ماذا تريد؟‏‏ قال: ‏‏فدنوتُ من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وهو على ناقته، والله لكأني أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة.
قال‏‏: ‏‏فرفعت يدي بالكتاب، ثم قلت: ‏‏يا رسول الله، هذا كتابُك لِي، أنا سُراقة بن جعشم؛ قال: ‏‏فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏يوم وفاءٍ وبرٍ، ادنُهْ.
قال: ‏‏فدنوت منه، فأسلمتُ.
ثم تذكرتُ شيئاً أسأل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عنه فما أذكره، إلا أني قلت: ‏‏يا رسول الله، الضالة من الإبل تغشى حياضي، وقد ملأتها لإبلي، هل لي من أجر في أن أسقيها؟‏‏ قال: ‏‏نعم، في كل ذات كَبِدٍ حرّى أجر.
قال: ‏‏ثم رجعتُ إلى قومي، فسقت إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- صدقتي.

تصويب نسب عبدالرحمن الجعشمي
قال ابن هشام: ‏‏عبدالرحمن بن الحارث بن مالك بن جعشم.

طريق الهجرة
قال ابن إسحاق: ‏‏فلمَّا خرج بهما دليلهما عبدالله بن أرقط، سلك بهما أسفل مكة، ثم مضى بهما على الساحل، حتى عارض الطريق أسفل من عسفان، ثم سلك بهما على أسفل أمج، ثم استجاز بهما، حتى عارض بهما الطريق، بعد أن أجاز قديدا، ثم أجاز بهما من مكانه ذلك، فسلك بهما الخرار، ثم سلك بهما ثنية المرة، ثم سلك بهما لقفا.
قال ابن هشام: ‏‏ويُقال: ‏‏لفتا.

قال معقل بن خويلد الهذلي: ‏‏
نزيعا محلبا من أهل لفت        لحي بين أثلة والـنـحـام

قال ابن إسحاق:

‏‏ثم أجاز بهم مدلجة لِقْف ثم استبطن بهما مدلجة محاج -ويُقال: ‏‏مجاج، فيما قال ابن هشام- ثم سلك بهما مرجح محاج، ثم تبطن بهما مرجح من ذي العضوين -قال ابن هشام: ‏‏ويُقال: ‏‏العَضَوين- ثم بطن ذي كشر، ثم أخذ بهما على الجداجد، ثم على ‏الأجرد، ثم سلك بهما ذا سلم، من بطن أعداء مدلجة تعهن، ثم على العبابيد.
قال ابن هشام: ‏‏ويُقال: ‏‏العبابيب؛ ويُقال: ‏‏العثيانة.
يريد: ‏‏العبابيب.
قال ابن إسحاق: ‏‏ثم أجاز الفاجَّة؛ ويُقال: ‏‏القاحة، فيما قال ابن هشام.

قال ابن هشام:

‏‏ثم هبط بهما العرج، وقد أبطأ عليهما بعض ظهرهم، فحمل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رجل من أسلم، يُقال له: ‏‏أوس بن حجر، على جمل له - يُقال له: ‏‏ابن الرداء - إلى المدينة، وبعث معه غلاما له، يُقال له: ‏‏مسعود بن هنيدة، ثم خرج بهما دليلهما من العرج، فسلك بهما ثنية العائر، عن يمين ركوبة - ويُقال: ‏‏ثنية الغائر، فيما قال ابن هشام - حتى هبط بهما بطن رئم، ثم قدم بهما قباء، على بني عمرو بن عوف، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول يوم الاثنين، حين اشتد الضَّحاء، وكادت الشمس تعتدل.

قدومه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قباء
قال ابن إسحاق: ‏‏فحدثني مُحَمَّد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن عبدالرحمن بن عويمر بن ساعدة، قال: ‏‏حدثني رجال من قومي من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قالوا: ‏‏لما سمعنا بمخرج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من مكة، وتوكفنا قدومه، كنا ‏نخرج إذا صلينا الصبح، إلى ظاهر حرتنا ننتظر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فو الله ما نبرح حتى تغلبنا الشمس على الظلال فإذا لم نجد ظلا دخلنا، وذلك في أيام حارة.
حتى إذا كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، جلسنا كما كنا نجلس، حتى إذا لم يبق ظل دخلنا بيوتنا، وقدم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين دخلنا البيوت، فكان أول من رآه رجل من اليهود، وقد رأى ما كنا نصنع، وأنَّا ننتظر قدوم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- علينا، فصرخ بأعلى صوته‏‏: ‏‏يا بني قيلة، هذا جدكم قد جاء.
قال: ‏‏فخرجنا إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وهو في ظل نخلة، ومعه أبو بكر رضي الله عنه في مثل سنه، وأكثرنا لم يكن رأى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قبل ذلك، وركبه الناس وما يعرفونه من أبي بكر، حتى زال الظل عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقام أبو بكر فأظله بردائه، فعرفناه عند ذلك.‏‏

منزله عليه الصلاة والسلام بقباء
قال ابن إسحاق: ‏‏فنزل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، -فيما يذكرون- على كلثوم بن هدم، أخي بني عمرو بن عوف، ثم أحد بني عبيد: ‏‏ويُقال: ‏‏بل نزل على سعد بن خيثمة.
ويقول من يذكر أنه نزل على كلثوم بن هدم: ‏‏إنما كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إذا خرج من منزل كلثوم بن هدم جلس الناس في بيت سعد بن خيثمة.
وذلك أنه كان عزباً لا أهل له، وكان منزل ‏ الأعزاب من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من المهاجرين، فمن هنالك يُقال: ‏‏نزل على سعد بن خيثمة، وكان يُقال لبيت سعد بن خيثمة: ‏‏بيت الأعزاب.
فالله أعلم أي ذلك كان، كلا قد سمعنا.‏‏

منزل أبي بكر بقباء
ونزل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على خبيب بن إساف، أحد بني الحارث بن الخزرج بالسنح.
ويقول قائل: ‏‏كان منزله على خارجة بن زيد بن أبي زهير، أخي بني الحارث بن الخزرج.‏‏

منزل علي بن أبي طالب بقباء
وأقام علي بن أبي طالب عليه السلام بمكة ثلاث ليال وأيامها، حتى أدى عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الودائع التي كانت عنده للناس، حتى إذا فرغ منها، لحق برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فنزل معه على كلثوم بن هدم.‏‏

من فضائل سهل بن حنيف
فكان علي بن أبي طالب، وإنما كانت إقامته بقباء ليلة أو ليلتين يقول: ‏‏كانت بقباء امرأة لا زوج لها، مسلمة.
قال: ‏‏فرأيت إنساناً يأتيها من جوف الليل، فيضربُ عليها بابها، فتخرج إليه فيعطيها شيئاً معه فتأخذه.
قال: ‏‏فاستربتُ بشأنه، فقلت لها: ‏‏يا أمَة اللهِ، مَنْ هذا الرجل الذي يضرب عليكِ بابكِ كُلَّ ليلةٍ، فتخرجين إليه فيُعطيكِ شيئاً لا أدري ما هو، وأنتِ امرأةٌ ‏مسلمةٌ لا زوجَ لكِ؟‏‏ قالت: ‏‏هذا سهل بن حنيف بن واهب، قد عرف أني امرأةٌ لا أحَدَ لي، فإذا أمسى عدا على أوثان قومه فكسرها، ثم جاءني بها، فقال: ‏‏احتطبي بهذا، فكان علي -رضي الله عنه- يأثر ذلك من أمر سهل بن حنيف، حتى هلك عنده بالعراق.
قال ابن إسحاق: ‏‏وحدثني هذا، من حديث -علي رضي الله عنه-، هند بن سعد بن سهل بن حنيف، رضي الله عنه.‏‏

بناء مسجد قباء
قال ابن إسحاق: ‏‏فأقام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بقباء، في بني عمرو بن عوف، يوم الإثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس، وأسس مسجده.‏‏

خروج الرسول صلى الله وسلم من قباء وذهابه إلى المدينة
ثم أخرجه الله من بين أظهرهم يوم الجمعة.
وبنو عمرو بن عوف يزعمون أنه مكث فيهم أكثر من ذلك، فالله أعلم أي ذلك كان.
فأدركت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الجمعة في بني سالم بن عوف، فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي، وادي رانُوناء، فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة.‏‏

اعتراض القبائل له صلى الله عليه وسلم تبغي نزوله عندها
فأتاه عتبان بن مالك، وعباس بن عبادة بن نضلة في رجال من بني سالم ابن عوف، فقالوا: ‏‏يا ‏رسول الله.
أقم عندنا في العدد والعدة والمنعة؛ قالوا: ‏‏خلوا سبيلها، فإنها مأمورة، لناقته: ‏‏فخلوا سبيلها، فانطلقت حتى إذا وازنت دار بني بياضة، تلقاه زياد بن لبيد، وفروة بن عمرو، في رجال من بني بياضة، فقالوا: ‏‏يا رسول الله: ‏‏هلم إلينا، إلى العدد والعدة والمنعة؛ قال: ‏‏خلوا سبيلها فإنها مأمورة، فخلوا سبيلها.
فانطلقت، حتى إذا مرت بدار بني ساعدة، اعترضه سعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، في رجال من بني ساعدة، فقالوا: ‏‏يا رسول الله، هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة؛ قال: ‏‏خلوا سبيلها، فإنها مأمورة، فخلوا سبيلها، فانطلقت، حتى إذا وازنت دار بني الحارث بن الخزرج، اعترضه سعد بن الربيع، وخارجة بن زيد، وعبدالله بن رواحة، في رجال من بني الحارث بن الخزرج، فقالوا: ‏‏يا رسول الله، هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة قال: ‏‏خلوا سبيلها، فإنها مأمورة، فخلوا سبيلها.
فانطلقت، حتى إذا مرت بدار بني عدي بن النجار، وهم أخواله دنيا - أم عبدالمطلب، سلمى بنت عمرو، إحدى نسائهم - اعترضه سليط بن قيس، وأبو سليط، أُسيرة بن أبي خارجة، في رجال من بني عدي بن النجار، فقالوا: ‏‏يا رسول الله، هلم إلى أخوالك، إلى العدد والعدة والمنعة؛ قال: ‏‏خلوا سبيلها فإنها مأمورة، فخلوا سبيلها، فانطلقت.‏‏



هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- Empty
مُساهمةموضوع: رد: هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-   هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- Emptyالسبت 02 أكتوبر 2021, 5:15 pm

مَبْرِكُ النَّاقةِ بدار بني مالك بن النجار
حتى إذا أتت دار بني مالك بن النجار، بركت على باب مسجده -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وهو يومئذ مِرْبد لغلامين يتيمين من بني النجار، ثم من بني مالك بن النجار، وهما في حجر معاذ بن عفراء، سهل وسهيل ابني عمرو.
فلمَّا بركت، ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عليها لم ينزل، وثبت فسارت غير بعيد، ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- واضع لها زمامها لا يثنيها به، ثم التفتت إلى خلفها، فرجعت إلى مبركها أول مرة، ‏ فبركت فيه، ثم تحلحلت وزمَّت وألقت بجرانها، فنزل عنها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فاحتمل أبو أيوب خالد بن زيد رحله، فوضعه في بيته، ونزل عليه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وسأل عن المربد لمن هو؟‏‏ فقال له معاذ بن عفراء: ‏‏هو يا رسول الله لسهل وسهيل ابني عمرو، وهما يتيمان لي، وسأرضيهما منه، فاتخذه مسجداً.‏‏

قال: ‏‏فأمر به رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أن يُبنى مسجدا، ونزل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- على أبي أيوب حتى بنى مسجده ومساكنه، فعمل فيه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ليرغب المسلمين في العمل فيه، فعمل فيه المهاجرون والأنصار، ودأبوا فيه، فقال قائل من المسلمين: ‏‏‏لئن قعدنا والنبي يعمل لذاك منـا العمل الـمضلِّل.‏‏

وارتجز المسلمون وهو يبنونه يقولون: ‏‏
لا عيش إلا عيش الآخـره        اللهم ارحم الأنصار والمهاجره

قال ابن إسحاق:

‏‏فيقول رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏

لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم ارحم المهاجرين والأنصار.‏‏

عمَّار والفئة الباغية
قال: ‏‏فدخل عمار بن ياسر، وقد أثقلوه باللبن، فقال: ‏‏يا رسول الله، قتلوني، يحملون علي ما لا يحملون.
قالت أم سلمة زوج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏فرأيت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ينفض وفرته بيده، وكان رجلاً جعداً، وهو يقول: ‏‏ويح ابن سمية، ليسوا بالذين يقتلونك، إنما تقتلك الفئة الباغية.‏‏

ارتجاز علي بن أبي طالب في بناء المسجد
وارتجز علي بن أبي طالب رضي الله عنه يومئذ: ‏‏
لا يستوي من يعمر المساجدا        يدأب فـيه قـائمـا وقـاعـدا
ومن يُرى عن الغبار حائداً
قال ابن هشام: ‏‏سألتُ غيرَ واحدٍ من أهل العلم بالشعر، عن هذا الرجز، فقالوا: ‏‏بلغنا أن علي بن أبي طالب ارتجز به، فلا يُدرى: ‏‏أهو قائله أم غيره.‏‏

ما كان بين عمَّار وأحد الصحابة من مشادة
قال ابن إسحاق: ‏‏فأخذها عمار بن ياسر، فجعل يرتجز بها.
قال ابن هشام: ‏‏فلمَّا أكثر، ظن رجل من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أنه إنما يعرض به، فيما حدثنا زياد بن عبدالله البكائي، عن ابن إسحاق، وقد سمَّى ابن إسحاق الرجل.‏‏

وصاة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بعمار
قال ابن إسحاق: ‏‏فقال: ‏‏قد سمعت ما تقول منذ اليوم يا ابن سمية، والله إني لأراني سأعرض هذه العصا لأنفك.
قال: ‏‏وفي يده عصا.
قال: ‏‏فغضب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ثم قال: ‏‏ما لهم ولعمار، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار، إن عماراً جلدة ما بين عيني وأنفي، فإذا بلغ ذلك من الرجل فلم يُستبق فاجتنبوه.‏‏

من بنى أول مسجد
قال ابن هشام: ‏‏وذكر سفيان بن عيينة عن زكريا، عن الشعبي، قال: ‏‏إن أول من بنى مسجداً عمار بن ياسر.‏‏

الرسول ينزل في بيت أبي أيوب
قال ابن إسحاق: ‏‏فأقام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في بيت أبي أيوب، حتى بُني له مسجده ومساكنه، ثم انتقل إلى مساكنه من بيت أبي أيوب، رحمة الله عليه ورضوانه.‏‏

من أدب أبي أيوب
قال ابن إسحاق: ‏‏وحدثني يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبدالله اليزني، عن أبي رهم السماعي، قال: ‏‏حدثني أبو أيوب، قال: ‏‏لمَّا نزل عَلَيَّ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في بيتي، نزل في السفل، وأنا وأم أيوب في العلو، فقلت له: ‏‏يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، إني لأكره وأعظم أن أكون فوقك، وتكون تحتي، فاظهرْ أنت فكن في العلو، وننزل نحن فنكون في السفل؛ فقال: ‏‏يا أبا أيوب، إنّ أرفق بنا وبمن يغشانا، أن نكون في سفل البيت.
قال: ‏‏فكان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في سفله، وكنا فوقه في المسكن؛ فلقد انكسر حُبّ لنا فيه ماء، قال: ‏‏فجئته فزعا، فقلت: ‏‏يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، رددت عشاءك، ولم أر فيه موضع يدك، وكنت إذا رددته علينا، تيمَّمْتُ أنا وأم أيوب موضع يدك، نبتغي بذلك البركة؛ قال: ‏‏إني وجدتُ فيه ريح هذه الشجرة، وأنا رَجُلٌ أُناجَى، فأمَّا أنتم فكُلُوهُ.
قال: ‏‏فأكلناه، ولم نصنع له تلك الشجرة بعد.

تلاحق المهاجرين إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة
قال ابن إسحاق: ‏‏وتلاحق المهاجرون إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فلم يبق بمكة منهم أحد، إلا مفتون أو محبوس، ولم يوعب أهل هجرة من مكة بأهليهم وأموالهم إلى الله تبارك وتعالى وإلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلا أهل دور مُسمَّون: ‏‏بنو مظعون من بني جمح؛ وبنو جحش بن رئاب، حلفاء بني أمية؛ وبنو البكير، من بني سعد بن ليث، حلفاء بني عدي بن كعب، فإن دورهم غلقت بمكة هجرة، ليس فيها ساكن.‏‏

أبو سفيان يعتدي على دار بني جحش، والقصة في ذلك
ولمَّا خرج بنو جحش بن رئاب من دارهم، عدا عليها أبو سفيان بن حرب، فباعها من عمرو بن علقمة، أخي بني عامر بن لؤي؛ فلمَّا بلغ بني جحش ما صنع أبو سفيان بدارهم، ذكر ذلك عبدالله بن جحش لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال له رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏ألا ترضى يا عبدالله أن يعطيك الله بها داراً خيراً منها في الجنة؟‏‏ قال: ‏‏بلى؛ قال: ‏‏فذلك لك.
فلمَّا افتتح رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مكة، كلمه أبو أحمد في دارهم، فأبطأ عليه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-؛ فقال الناس لأبي أحمد: ‏‏يا أبا أحمد، إن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يكره أن ترجعوا في شيء من أموالكم أُصيب منكم في الله عز وجل، فأمسك عن كلام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

وقال لأبي سفيان: ‏‏
أبلغ أبا سفـيان عـن        أمر عواقبـه نـدامـه
دار ابن عمك بعتهـا        تقضي بها عنك الغرامه
وحليفكم بالـلـه رب        الناس مجتهد القسـامـه
اذهب بها، اذهب بها        طُوّقتها طوق الحمامـه


انتشار الإسلام ومَنْ بقي على شركه من أهل المدينة
قال ابن إسحاق: ‏‏فأقام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بالمدينة إذ قدمها شهر ربيع الأول، إلى صفر من السنة الداخلة، حتى بُني له فيها مسجده ومساكنه، واستجمع له إسلام هذا الحي من الأنصار، فلم يبق دار من دور الأنصار إلا أسلم أهلها، إلا ما كان من خطمة، وواقف، ووائل، وأمية، وتلك أوس الله، وهم حي من الأوس، فإنهم أقاموا على شركهم.‏

أول خطب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
وكانت أول خطبة خطبها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فيما بلغني عن أبي سلمة بن عبدالرحمن -نعوذ بالله أن نقول على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ما لم يقل- أنه قام فيهم، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: ‏‏أما بعد، أيها الناس، فقدموا لأنفسكم.
تَعْلَّمُنَّ والله لَيُصعقن أحدكم، ثم ليدعن غنمه ليس لها راع، ثم ليقولن له ربه، وليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه: ‏‏ألم يأتك رسولي فبلغك، وآتيتك مالا وأفضلت عليك؟‏‏ فما قدمت لنفسك؟‏‏ فلينظرن يمينا وشمالا فلا يرى شيئا، ثم لينظرن قدامه فلا يرى غير جهنم.
فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق من تمرة فليفعل، ومن لم يجد فبكلمة طيبة، فإن بها تجُزى الحسنة عشر أمثالها، إلى سبع مئة ضعف، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏‏

خطبته الثانية -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
قال ابن إسحاق: ‏‏ثم خطب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الناس مرة أخرى، فقال: ‏‏إن الحمد لله، أحمده وأستعينه، نعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
إن أحسن الحديث كتاب الله تبارك وتعالى، قد أفلح من زينه الله في قلبه، وأدخله في الإسلام بعد الكفر، واختاره على ما سواه من أحاديث الناس، إنه أحسن الحديث وأبلغه، أحبوا ما أحب الله، أحبوا الله من كل قلوبكم، ولا تملوا كلام الله وذكره، ولا تقس عنه قلوبكم، فإنه من كل ما يخلق الله يختار ويصطفي، وقد سماه الله خيرته من الأعمال، ومصطفاه من العباد، والصالح من الحديث؛ ومن كل ما أوتي الناس الحلال والحرام، فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، واتقوه حق تقاته، واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم، وتحابوا بروح الله بينكم، إن الله يغضب أن يُنكث عهده، والسلام عليكم.

الرسول صلى الله عليه وسلم يوادع اليهود وكتابه بين المسلمين من المهاجرين والأنصار
قال ابن إسحاق: ‏‏وكتب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كتابا بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه يهود وعاهدهم، وأقرهم على دينهم وأموالهم، وشرط لهم، واشترط عليهم: ‏‏بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من مُحَمَّد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، بين ‏المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم، فلحق بهم، وجاهد معهم، إنهم أمة واحدة من دون الناس، المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم، وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين؛ وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، كل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين؛ وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين؛ وبنو الحارث على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين؛ وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين؛ وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين؛ وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين؛ وبنو النبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين؛ وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين؛ وإن المؤمنين لا يتركون مُفْرَحا بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل.
قال ابن هشام: ‏‏المُفْرح: ‏‏المثقل بالدين والكثير العيال.

قال الشاعر: ‏‏
إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانة        وتحمل أخرى أفرحتك الودائع

وأن لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه؛ وإن المؤمنين المتقين على من بغى منهم، أو ابتغى دسيعة ظُلم، أو إثم، أو عدوان، أو فساد بين المؤمنين؛ وإن أيديهم عليه جميعا، ولو كان ولد أحدهم؛ ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر، ولا ينصر كافرا على مؤمن؛ وإن ذمة الله واحدة، يجير عليهم أدناهم؛ وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس؛ وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة، غير مظلومين ولا متناصرين عليهم؛ وإن سلم المؤمنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله، إلا على سواء وعدل بينهم؛ وإن كل غازية غزت معنا يُعقب بعضها بعضا؛ وإن المؤمنين يُبيء بعضهم على بعض بما نال دماءهم في سبيل الله؛ وإن المؤمنين المتقين على أحسن هدي وأقومه؛ وإنه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفساً، ولا يحول دونه على مؤمن؛ وإنه من اعتبط مؤمناً قتلاً عن بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولي المقتول، وإن المؤمنين عليه كافة، ولا يحل لهم إلا قيام عليه؛ وإنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة، وآمن بالله واليوم الآخر، أن ينصر مُحْدثا ولا يُؤويه؛ وأنه من نصره أو آواه، فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، ولا يؤخذ منه صرف ‏ولا عدل؛ وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيء، فإن مرده إلى الله عز وجل، وإلى مُحَمَّد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-؛ وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين؛ وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم، إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يُوتِغُ إلا نفسه، وأهل بيته، وإن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف؛ وإن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف؛ وإن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف؛ وإن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف؛ وإن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف؛ وإن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف؛ إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يُوتغ إلا نفسه وأهل بيته؛ وإن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم؛ وإن لبني الشُّطَيبة مثل ما ليهود بني عوف، وإن البر دون الإثم؛ وإن موالي ثعلبة كأنفسهم؛ وإن بطانة يهود كأنفسهم؛ وإنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن مُحَمَّد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-؛ وإنه لا ينحجز على نار جرح؛ وإنه من فتك فبنفسه فتك، وأهل بيته، إلا من ظلم؛ وإن الله على أبر هذا؛ وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم؛ وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة؛ وإن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم؛ وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه؛ وإن النصر للمظلوم؛ وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين؛ وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة؛ وإن الجار كالنفس غير مُضار ولا آثم؛ وإنه لا تجُار حُرمة إلا بإذن أهلها؛ وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخُاف فساده، فإن مرده إلى الله عز وجل، ‏وإلى مُحَمَّد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-؛ وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره؛ وإنه لا تجُار قريش ولا من نصرها؛ وإن بينهم النصر على من دهم يثرب، وإذا دُعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه، فإنهم يصالحونه ويلبسونه؛ وإنهم إذا دُعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين، إلا من حارب في الدين، على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قِبَلَهم؛ وإن يهود الأوس، مواليهم وأنفسهم، على مثل ما لأهل هذه الصحيفة.
مع البر المحض؟‏‏ من أهل هذه الصحيفة.
قال ابن هشام: ‏‏ويُقال: ‏‏مع البر المحسن من أهل هذه الصحيفة.



هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- Empty
مُساهمةموضوع: رد: هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-   هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- Emptyالسبت 02 أكتوبر 2021, 5:23 pm

قال ابن إسحاق: ‏‏
وإن البر دون الإثم، لا يكسب كاسب إلا على نفسه؛ وإن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره؛ وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم، وإنه من خرج آمنٌ، ومن قعد آمن بالمدينة، إلا من ظلم أو أثم؛ وإن الله جار لمن بر واتقى، ومُحَمَّد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار
من آخى بينهم صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق: ‏‏وآخى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقال - فيما بلغنا، ونعوذ بالله أن نقول عليه ما لم يقل-: ‏‏تآخَوْا في الله أخوين أخوين؛ ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب، فقال: ‏‏هذا أخي.
فكان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين، الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، أخوين؛ وكان حمزة بن عبدالمطلب، أسد الله وأسد رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وعم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وزيد بن حارثة، مولى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، أخوين، وإليه أوصى حمزة يوم أحُدٍ حين حضره القتال إن حدث به حادث الموت؛ وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين، الطيار في الجنة، ومعاذ بن جبل، أخو بني سلمة، أخوين.
قال ابن هشام: ‏‏وكان جعفر بن أبي طالب يومئذ غائباً بأرض الحبشة.
قال ابن إسحاق: ‏‏وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ابن أبي قحافة، وخارجة بن زهير، أخو بلحارث بن الخزرج، أخوين؛ وعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعتبان بن مالك، أخو بني سالم بن عوف ابن عمرو بن عوف بن الخزرج، أخوين؛ وأبو عبيدة بن عبدالله بن الجراح، واسمه عامر بن عبدالله، وسعد بن معاذ بن النعمان، أخو بني عبد الأشهل، أخوين.
وعبدالرحمن بن عوف، وسعد بن الربيع، أخو بلحارث بن الخزرج، أخوين.
والزبير بن العوام، وسلامة بن سلامة ابن وقش، أخو بني عبد الأشهل، أخوين.
ويُقال: ‏‏بل الزبير وعبدالله بن مسعود، حليف بني زهرة، أخوين.
وعثمان بن عفان، وأوس بن ثابت بن المنذر، أخو بني النجار، أخوين.
وطلحة بن عبيد الله، وكعب بن مالك، أخو بني سلمة، أخوين.
وسعد بن زيد بن عمرو ابن نفيل، وأُبي بن كعب، أخو بني النجار‏‏: ‏‏أخوين.
ومصعب بن عمير بن هاشم، وأبو أيوب خالد بن زيد، أخو بني النجار: ‏‏أخوين؛ وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وعباد بن بشر بن وقش، أخو بني عبد الأشهل: ‏‏أخوين.
وعمار بن ياسر، حليف بني مخزوم، وحذيفة بن اليمان، أخو بني عبد عبس، حليف بني عبد الأشهل: ‏‏أخوين.
ويُقال: ‏‏ثابت بن قيس بن الشماس، أخو بلحارث بن الخزرج، خطيب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وعمار بن ياسر: ‏‏أخوين.
وأبو ذر، وهو بُرير بن جنادة الغفاري، والمنذر بن عمرو، المُعْنِق ليموت، أخو بني ساعدة بن كعب بن الخزرج: ‏‏أخوين.
قال ابن هشام: ‏‏وسمعت غير واحد من العلماء يقول‏‏: ‏‏أبو ذر، جُنْدَب ابن جنادة.
قال ابن إسحاق: ‏‏وكان حاطب بن أبي بلتعة، حليف بني أسد بن عبدالعزى، وعويم بن ساعدة، أخو بني عمرو بن عوف، أخوين؛ وسلمان الفارسي، وأبو الدرداء، عويمر بن ثعلبة، أخو بلحارث بن الخزرج، أخوين.
قال ابن هشام: ‏‏عويمر بن عامر؛ ويُقال: ‏‏عويمر بن زيد.
قال ابن إسحاق: ‏‏وبلال، مولى أبي بكر رضي الله عنهما، مؤذن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وأبو رُوَيحة، عبدالله بن عبدالرحمن الخثعمي، ثم أحد الفزع، أخوين.
فهؤلاء من سُمِّي لنا، ممن كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- آخى بينهم من أصحابه.‏‏

بلال يُوصي بديوانه لأبي رُويحة
فلما دوّن عمر بن الخطاب الدواوين بالشام، وكان بلال قد خرج إلى الشام، فأقام بها مجاهداً، فقال عمرُ لبلال: ‏‏إلى مَنْ تجعل ديوانك يا بلال؟‏‏ قال: ‏‏مع أبي رويحة، لا أفارقه أبداً، للأخوة التي كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عقد بينه وبيني، فضم إليه، وضُم ديوان الحبشة إلى خثعم، لمكان بلال منهم، فهو في خثعم إلى هذا اليوم بالشام.‏‏

أبو أمامة
قال ابن إسحاق: ‏‏وهلك في تلك الأشهر أبو أمامة، أسعد بن زرارة، والمسجد يُبنى، أخذته الذبحة أو الشهقة.

موته وما قاله اليهود في ذلك
قال ابن إسحاق: ‏‏وحدثني عبدالله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عمرو بن حزم، عن يحيى بن عبدالله بن عبدالرحمن بن أسعد بن زرارة: ‏‏أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قال: ‏‏بئس الميت أبو أمامة، ليهود ومنافقي العرب يقولون: ‏‏لو كان نبياً لم يَمُتْ صاحبه، ولا أملك لنفسي ولا لصاحبي من الله شيئاً.‏‏

نقابته عليه الصلاة والسلام لبني النجار
قال ابن إسحاق: ‏‏وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري: ‏‏أنه لَمَّا مات أبو أمامة، أسعد بن زرارة، اجتمعت بنو النجار إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وكان أبو أمامة نقيبهم، فقالوا له: ‏‏يا رسول الله، إن هذا قد كان منا حيث قد علمت، فاجعل منا رجلاً مكانه يُقيم من أمرنا ما كان يقيم؛ فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لهم: ‏‏أنتم أخوالي، وأنا بما فيكم، وأنا نقيبكم؛ وكره رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أن يَخُصَّ بها بعضهم دون بعض.
فكان من فضل بني النجار الذي يَعُدّون على قومهم، أن كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- نقيبهم.‏‏

خبر الأذان
التفكير في اتخاذ بوق أو ناقوس علامة لحلول وقت الصلاة
قال ابن إسحاق: ‏‏فلمَّا اطمأن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بالمدينة، واجتمع إليه إخوانه من المهاجرين، واجتمع أمر الأنصار، استحكم أمر الإسلام، فقامت الصلاة، وفُرضت الزكاة والصيام، وقامت الحدود، وفرض الحلال والحرام، وتبوَّأ الإسلام بين أظهرهم، وكان هذا الحي من الأنصار هم الذين تبوءوا الدار والإيمان.
وقد كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين قدمها إنما يجتمع الناس إليه للصلاة مواقيتها، بغير دعوة، فهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين قدمها أن يجعل بوقا كبوق يهود الذين يدعون به لصلاتهم، ثم كرهه؛ ثم أمر بالناقوس، فنحت ليضرب به للمسلمين للصلاة.‏‏

رؤيا عبدالله بن زيد في الأذان
فبينما هم على ذلك، إذ رأى عبدالله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه، أخو بلحارث بن الخزرج، النداء، فأتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال له: ‏‏يا رسول الله، إنه طاف بي هذه الليلة طائف: ‏‏مر بي رجل عليه ثوبان أخضران، يحمل ناقوسا في يده، فقلت له: ‏‏يا عبدالله، أتبيع هذا الناقوس؟‏‏
قال: ‏‏وما تصنع به؟‏‏ قال: ‏‏قلت: ‏‏ندعو به إلى الصلاة، قال: ‏‏أفلا أدلك على خير من ذلك؟‏‏
قال: ‏‏قلت: ‏‏وما هو‏‏؟‏‏
قال: ‏‏تقول:

‏‏الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن مُحَمَّداً رسول الله، أشهد أن مُحَمَّداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.‏‏

أمره بلالا بالأذان
فلما أخبر بها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قال: ‏‏إنها لرؤيا حق، إن شاء الله، فقم مع بلال فألقها عليه، فليؤذن بها، فإنه أندى صوتا منك.
فلما أذن بها بلال سمعها عمر بن الخطاب، وهو في بيته، فخرج إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وهو يجر رداءه، وهو يقول: ‏‏يا نبي الله، والذي بعثك بالحق، لقد رأيت مثل الذي رأى؛ فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏فلله الحمد على ذلك.‏‏

رؤيا عمر في الأذان، وسبق الوحي إليه
قال ابن إسحاق: ‏‏حدثني بهذا الحديث مُحَمَّد بن إبراهيم بن الحارث، عن مُحَمَّد بن عبدالله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه، عن أبيه.
قال ابن هشام: ‏‏وذكر ابن جريج، قال لي عطاء: ‏‏سمعت عبيد بن عمير الليثي يقول: ‏‏ائتمر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأصحابه بالناقوس للاجتماع للصلاة، فبينما عمر بن الخطاب يريد أن يشتري خشبتين للناقوس، إذ رأى عمر بن الخطاب في المنام: ‏‏لا تجعلوا الناقوس، بل أذنوا للصلاة.
فذهب عمر إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ليخبره بالذي رأى، وقد جاء النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الوحي بذلك، فما راع عمر إلا بلال يؤذن، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين أخبره بذلك: ‏‏قد سبقك بذلك الوحي.‏‏

ما كان يدعو به بلال قبل أذان الفجر
قال ابن إسحاق: ‏‏وحدثني مُحَمَّد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن امرأة من بني النجار، قالت: ‏‏كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، فكان بلال يؤذن عليه الفجر كل غداة، فيأتي بسحر، فيجلس على البيت ينتظر الفجر، فإذا رآه تمطى، ثم قال: ‏‏اللهم إني أحمدك وأستعينك على قريش أن يُقيموا على دينك.
قالت: ‏‏والله ما علمته كان يتركها ليلة واحدة.‏‏

أمر أبي قيس بن أبي أنس
قال ابن إسحاق: ‏‏فلما اطمأنت برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- داره، وأظهر الله بها دينه، وسره بما جمع إليه من المهاجرين والأنصار من أهل ولايته، قال أبو قيس صرمة بن أبي أنس، أخو بني عدي بن النجار.‏‏

نسبه
قال ابن هشام: ‏‏أبو قيس، صرمة بن أبي أنس بن صرمة بن مالك ابن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار.‏‏

إسلامه وشيء من شعره
قال ابن إسحاق: ‏‏وكان رجلاً قد ترهَّب في الجاهلية، ولبس المُسوح، وفارق الأوثان، واغتسل من الجنابة وتطهَّر من الحائض من النساء، وهمّ بالنصرانية، ثم أمسك عنها، ودخل بيتاً له، فاتخذه مسجداً لا تدخله عليه فيه طامث ولا جُنُب، وقال: ‏‏أعبد رب إبراهيم، حين فارق الأوثان وكرهها، حتى قدم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- المدينة، فأسلم وحَسُنَ إسلامه، وهو شيخ كبير، وكان قوَّالاً بالحق، مُعظِّماً لله عز وجل في جاهليته، يقول أشعاراً في ذلك حساناً.

 وهو الذي يقول: ‏‏
يقول أبو قيس وأصبح غـاديا: ‏‏        ألا ما استطعتم من وصاتي فافعلوا
فأوصيكم بالله والبر والـتـقـى        وأعراضكم، والبـر بـالله أول
وإنْ قومكم سادوا فلا تحسدنهـم        وإن كنتم أهل الرياسة فـاعـدلـوا
وإن نزلت إحدى الدواهي بقومكم        فأنفسكم دون العشيرة فاجـعـلـوا
وإن ناب غرم فادح فارفقوهـم        وما حمَّلوكم في الملمات فاحملـوا
وإن أنتم أمعرتمُ فتـعـفـفـوا        وإن كان فضل الخير فيكم فأفضلوا


قال ابن هشام: ‏‏ويُروى: ‏‏
وإن ناب أمر فادح فارفدوهمُ

قال ابن إسحاق: ‏‏وقال أبو قيس صرمة أيضاً: ‏‏
سبِّحوا الله شرق كل صـبـاح        طلعت شمـسـه وكـل هـلالِ
عالم السـر والـبـيان لـدينـا        ليس ما قـال ربـنـا بـضـلال
وله الطير تسـتـريد وتـأوي        في وكور من آمنات الـجـبـال
وله الوحش بالفـلاة تـراهـا        في حقاف وفي ظلال الـرمـال
ولـه هـوّدت يهـود ودانـت        كل دين إذا ذكـرتَ عُـضــال
وله شمّس النصارى وقـامـوا        كل عيد لـربـهـم واحـتـفـال
وله الراهب الحـبـيس تـراه        رهن بُؤس وكـان نـاعـم بـال
يا بَنيَّ الأرحامَ لا تقطعـوهـا        وصِلُوها قصـيرة مـن طـوال
واتقوا الله في ضعاف اليتامـى        ربما يُستـحـل غـيرُ الـحـلال
واعلمـوا أن لـلـيتـيم ولـيا        عالما يهتـدي بـغـير الـسـؤال
ثم مالَ الـيتـيم لا تـأكـلـوه        إن مـال الـيتـيم يرعـاه والـي
يا بَنيّ، التخوم لا تخزلـوهـا        إن خزل الـتـخـوم ذو عُـقَّـال
يا بني الأيام لا تـأمـنـوهـا        واحذروا مكرها ومر الـلـيالـي
واعلموا أن مَرّها لـنـفـاد الْ        خلق ما كان من جـديد وبـالـي
واجمعوا أمركم على البر والتَّقْ        وى وترك الخنا وأخـذ الـحـلال


وقال أبو قيس صرمة أيضاً، يذكر ما أكرمهم الله تبارك وتعالى به من الإسلام، وما خصهم الله به من نزول رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عليهم: ‏‏
ثوى في قريش بضع عشرة حجة        يذكِّر لو يلقـى صـديقـا مُـواتـيا
ويعرض في أهل المواسم نفسـه        فلم ير مـن يُؤوي ولـم ير داعـيا
فلما أتانا أظـهـر الله دينـه        فأصبح مسرورا بـطـيبة راضـيا
وألفى صديقا واطمأنت به النوى        وكان له عونـا مـن الله بـاديا
يقص لنا ما قال نوح لـقـومـه        وما قال موسى إذ أجاب المـنـاديا
فأصبح لا يخشى من الناس واحدا        قريبا ولا يخشى من الـنـاس نـائيا
بذلنا له الأموال من حلّ مالـنـا        وأنفسنا عند الوغـى والـتـآسـيا
ونعلم أن الله لا شـيء غـيره        ونعلم أن الله أفـضـل هـاديا
نعادي الذي عادى من الناس كلهم        جميعا وإن كان الحبيب المصـافـيا
أقول إذا أدعوك في كل بـيعة: ‏‏        تباركت قد أكثرتُ لاسمـك داعـيا
أقول إذا جاوزت أرضا مخوفة: ‏‏        حنانيك لا تُظهر عـلـي الأعـاديا
فطأْ معرضا إن الحتوف كثـيرة        وإنك لا تُبقي لنـفـسـك بـاقـيا
فو الله ما يدري الفتى كيف يتقي        إذا هو لم يجعل لـه الله واقـيا
ولا تحفِلُ النخل المُعيمة ربـهـا        إذا أصبحت ريّا وأصـبـح ثـاويا


قال ابن هشام: ‏‏البيت الذي أوله: ‏‏
فطأ معرضاً إن الحتوف كثيرة
والبيت الذي يليه: ‏
‏فو الله ما يدري الفتى كيف يتقي لأفنون التغلبي.
وهو صُريم بن معشر، في أبيات له.‏‏



هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من دلائل نبوته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
» صفة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من الإنجيل
» ذكر ما قيل لآمنة عند حملها برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
» ذكر سرد النسب الزكي من محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى آدم -عليه السلام.
» مُحَمَّدٌ بنْ عَبْدِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: رســول الله صلى الله عليه وسلم :: خيـر البـريـة مُـحَـمُّـدٌ-
انتقل الى: