|
| الدرس (6) من مدرسة الحياة | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الدرس (6) من مدرسة الحياة الأحد 15 مايو 2011, 11:42 pm | |
| المحاضرة السادسة أعتذر للإخوة على تغيبي في اليومين الماضيين من أيام الاعتكاف لظروف ألمت بي وأسأل الله تبارك وتعالى أن يعينني على أداء واجبي نحوكم, اليوم الخميس والذي يوافق الثالث والعشرين من شهر رمضان سنة ألف وأربعمائة وواحد وثلاثين من هجرة خير من وطئ الحصى نبينا محمد ﷺ ، والذي يوافق الثاني من شهر سبتمبر سنة ألفين وعشرة. ، وهذا هو الدرس السادس من شرح خاطرة من كتاب ابن الجوزي المسمى بصيد الخاطر والتي أسميتها : ( نَفْثَةِ مَصْدُوْر) وأنا أعلم أن كثير من الحضور لم يكونوا يتابعوننا منذ أول رمضان فنَفْثَةِ مَصْدُوْر معناها النفث والنفخ، مصدور مصاب بداء الصدر أي صاحب هم، الإنسان إذا كان مهموماً نفخ. فابن الجوزي رحمه الله تعالى يشتكي حاله، يشتكي علو همته مع كثرة الشواغل الصارفة له عما يحب فوضع همه ولواعج نفسه في هذه الخاطرة والتي اخترت لها العنوان السابق. يقول ابن الجوزي رحمه الله: ( قلتُ يوماً في مجلسي: لَو أَن الْجِبَال حملت مَا حملت ُلَعَجَزْت فَلَمَّا عُدْتُ إِلَى مَنْزِلِي قَالَت لِي الْنَّفْس كَيْف قُلْت هَذَا ؟ وَرُبَّمَا أَوْهَم الْنَّاس أَن بِك بَلاءً وَأَنْت فِي عَافِيَة فِي نَفْسِك وَأَهْلِك ، وَهَل الَّذِي حُمِلَّتَ إِلَا الْتَّكْلِيْف الَّذِي يَحْمِلُه الْخُلُق كُلُّهُم؟ فَمَا وَجْه هَذِه الشَّكْوَى؟ فَأَجَبْتُهَا: إِنِّي لِمَا عَجَزَتُ عَمَّا حُمِلّتُ قُلْت هَذِه الْكَلِمَة لَا عَلَى سَبِيِل الشَّكْوَى وَلَكِن للاسترواح ، وَقَد قَال كَثِيْر مِن الْصَّحَابَة وَالْتَّابِعِيْن قَبْلِي لَيْتَنَا لَم نُخْلَق وَمَا ذَاك إِلَّا لِأَثْقَال عَجَزُوُا عَنْهَا، ثُم مِن ظَن أَن التَّكَالِيف سَهْلَةً فَمَا عَرَفَهَا ، أَتُرَى يَظُن الْظَّان أَن الْتَّكَالِيَف غَسْل الْأَعْضَاء بَرْطَل مِن الْمَاء أَو الْوُقُوْف فِي مِحْرَابٍ لأداء رَكْعَتَيْن ؟ هَيْهَات هَذَا أَسْهَل الْتَّكْلِيْف ، وَإِن الْتَّكْلِيْف هُو الَّذِي عَجَزَت عَنْه الجبال وَمَن جُمْلَتِه أَنَّنِي إِذَا رَأَيْت الْقَدْر يَجْرِي بِمَا لَا يَفْهَمُه الْعَقْل أَلْزَمَت الْعَقْل الْإِذْعَان لِلْمُقَدِّّر ، فَكَان مِن أَصْعَب الْتَّكْلِيْف وَخُصُوصاً فِيْمَا لَا يَعْلَم الْعَقْل مَعْنَاه كَإِيُلام الْأَطْفَال وَذَبَح الْحَيَوَان مَع الاعتقاد بِأَن الْمُقَدِّر لِذَلِك وَالْآمِر بِه أَرْحَم الْرَّاحِمِيْن ، فَهَذَا مِمَّا يَتَحَيَّر الْعَقَل فِيْه فَيَكُوْن تَكْلِيْفِه التَّسْلِيْم وَتَرْك الاعتراض ، فَكَم بَيْن تَكْلِيْف الْبَدَن وَّتَكْلِيْف الْعَقْل ؟وَلَو شَرَحْت هَذَا لَطَال غَيْر أَنِّي أَعْتَذِر عَمَّا قُلْته فَأَقُوْل عَن نَّفْسِي وَمَا يَلْزَمُنِي حَال غَيْرِي إِنِّي رَجُل حُبِّب إِلَي الْعِلْم مِن زَمَن الَّطُفُوْلَة فَتَشَاغَلْت بِه ، ثُم لَم يُحبَبَ إِلَي فَن وَاحِد مِنْه بَل فُنُوْنُه كُلَّهَا ، ثُم لَا تَقْتَصِر هِمَّتِي فِي فَن عَلَى بَعْضِه بَل أَرُوْم اسْتِقْصَاءه وَالْزَّمَان لَا يَسْعَى وَالْعُمْر أَضْيَق وَالْشَّوْق يَقْوَى ، وَالْعَجْز يُظْهِر فَيَبْقَى وُقُوْف بَعْض الْمَطْلُوْبَات حَسَرَات, ثُم إِن الْعِلْم دَّلَّنِي عَلَى مَعْرِفَة الْمَعْبُوْد وَحَثَّنِي عَلَى خِدْمَتِه ، ثُم صَاحَت بِي الْأَدِلَّة عَلَيْه إِلَيْه فَوَقَفْت بَيْن يَدَيْه فَرَأَيْتُه فِي نَعْتِه وَعَرَفْتُه بِصِفَاتِه وَعَايَنْت بَصِيْرَتِي مِن أَلْطَافِه مَا دَعَانِي إِلَى الْهَيْمَان فِي مَحَبَّتِه ، وَحَرَّكَنِي إِلَى الْتَّخَلِّي لِخِدْمَتِه وَصَار يَمْلِكُنِي أَمَرٌ كَالوَجد كُلَّمَا ذَكَرْتُه ، فَعَادَت خَلْوَتِي فِي خِدْمَتِي لَه أَحْلَى عِنْدِي مِن كُل حَلَاوَة,فَكُلَّمَا مَلّت إِلَى الانْقِطَاع عَن الْشَّوَاغِل إِلَى الِخْلوَة صَاح بِي الْعِلْم أَيْن تَمْضِي؟ أَتُعرِضُ عَنِّي وَأَنَا سَبَب مَعْرِفَتِك بِه ؟فَأَقُوْل لَه: إِنَّمَا كُنْت دَلَيْلَاً ، وَبَعْد الْوُصُول يُسْتَغْنَى عَن الْدَّلِيل ، قَال: هَيْهَات كُلَّمَا زِدْتَ زَادَت مَعْرِفَتُك لْمَحْبُوَبك وَفَهِمْت كَيْف الْقُرْبُ مِنْه وَدَلِيْل هَذَا أَنَّك تعلم غَدَا أَنَّك الْيَوْم فِي نُقْصَان ، أَوَ مَا تَسْمَعُه يَقُوْل لِنَبِيِّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم﴿ وَقُل رَّب زِدْنِي عِلْما ﴾ثُم أَلَسْت تَبْغِي الْقُرْب مِنْه ، فَاشْتَغِل بِدَلَالَة عِبَادِه عَلَيْه ، فَهِي حَالِات الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الْصَّلاة وَالْسَّلام ، أَمَا عَلِمْت أَنَّهُم آَثَرُوْا تَعْلِيْم الخّلق عَلَى خَلَوَات الْتَّعَبُّد لِعِلْمِهِم أَن ذَلِك آَثَر عِنْد حَبِيْبِهِم، أُمَّا قَد قَال الْرَّسُوْل ﷺ لَعَلِّي رَضِي الْلَّه عَنْه :" لِأَن يَهْدِي الْلَّه بِك رَجُلا خَيْر لَك مِن حُمْر الْنَّعَم ". كُنَّا وَصَلْنَا فِي الْمَرَّة الْمَاضِيَة عِنْد قَوْلِه : ( وَعَايَنْت بَصِيْرَتِي مِن الْطافِه مَا دَعَانِي إِلَى الْهَيْمَان فِي مَحَبَّتِه وَحَرَّكَنِي إِلَى الْتَّخَلِّي لِخِدْمَتِه وَصَار يَمْلِكُنِي أَمَرٌ كَالوَجد كُلَّمَا ذَكَرْتُه,فَعَادَت خَلْوَتِي فِي خِدْمَتِي لَه أَحْلَى عِنْدِي مِن كُل حَلَاوَة .)كنا قد وصلنا إلى هذا المقطع من الخاطرة ، . خلاصة الخاطرة السابقة : أن الذكر يتعلق تعلقاً أكيداً بالمحبة ، وذلك أننا نعلم ضرورةً أن من أحبَّ شيئاً كلِفَ به ، وصار كلفه به ككلف الصبي باللعبة . وصية عمر لمولاه أسلم: ولذلك كان عمر _رضي الله عنه _يوصي إلى الإعتدال في هذا الباب كما رواه الإمام البخاري في كتاب الأدب المفرد بسند صحيح ، قال عمر لمولاه أسلم : "يا أسلم لا يكن حُبكَ كلفاً ولا يكن بُغضك تلفاً ". لا يكن حبك كلفاً :أي إذا أحببت شيئاً كلفت فيه ككلف الصبي الصغير إذا أراد شيئاً يظل يصرخ حتى تأتي له بما يحب لا يكف عن الصُراخ ، هذا اسمه الكلف وهو تجاوز الإعتدال في طلب الشيء.ولا يكن بغضك تلفاً : إذا كرهت لا تتمنى التلف لمن تكرهه أي توسط. كما يُنسب إلى علي رضي الله عنه أنه كان يقول : أَحْبِب حَبِيْبَك هَوْنَا مَّا | عَسَى أَن يَكُوْن بَغِيْضَك يَوْما مَا | وَابْغَض بَغِيْضَك هَوْنَا مَا ... | عَسَى أَن يَكُوْن حَبِيْبَك يَوْما مَا |
أَحْبِب حَبِيْبَك هَوْنَا مَّا– على مهل يعني ، لا تحبه حب العاشق عَسَى أَن يَكُوْن بَغِيْضَك يَوْما مَا .كلام ذهب ، وكلنا جربنا هذا ، ألم يمر بك يوم مثلاً كنت تحب إنسانا ًإلى درجة الكلف والوله ، ولا تستطيع أن تفارقه وأعطيته حُشاشة نفسك وخلاصة قلبك وبقية سرك ، فانقلب عدواً ففضحك ؟هذا يحدث كثيراً ، وأنت ما تتوقع أبداً أن يكشف الجلسات الخاصة وما كنت تقوله على سبيل الاسترواح إلى هذا الصديق ، فإذا به يكون بلا مروءة ويكشف سرك كله حتى ما يُعاب أن يذكره المرء بينه وبين نفسه كشفه للناس!. نصيحة من الشيخ _حفظه الله_:فلابد أن تحتاط لنفسك مع كل الخلق لا أستثني أحداً من الخلق ببعض سرك لا تقل كل شيء ، ولكن قل ما لو ظهر يكون له تأويل عندك ولا يشينك ، لكن خلجات نفسك احتفظ بها إلا لمن قال في مثله علي بن أبي طالب رضي الله عنه : (ولا تشتكي الداء إلا لمن تجد البرء عنده) .عندما تريد أن تفضفض وتقول ما يهمك ويحزنك لكل إنسان صرت مثل الكتاب المفتوح ، أولاً حكيت له ولم يُزل همك ، لكن فضحت نفسك عنده فيمكن يكون هذا الجالس الذي يعرف سرك ولم يُزل همك ، جالساً مع بعض الناس على الطريق وأنت تمر ، يقول له : هل ترى هذا الرجل ظروفه كذا وكذا ، ادعوا له .في النهاية فضحه ، مع قطع النظر عن قصده أيقصد أن يفضحه أم لا ، لكن فضحه في النهاية ، والكل أصبح يعرف حال هذا الإنسان ، بالرغم أنه قبل أن يعرف الناس هذا السر كان محترماً وكان الناس يظنونه في عافية ,فلا تشتكي الداء إلا لمن تجد البرء عنده . المحبة مرتبطة ارتباطاً كاملاً بالذكر: وهذا الكلام الذي ذكرته فيما يتعلق بالعباد بعضهم مع بعض,أما إذا تكلمنا عن محبة العبد لربه سبحانه وتعالى ، فهو إذا كان واسع الخطو في عبادته يفعل كل ما يستطيع ويبذل حُشاشة نفسه وبقية قلبه ، لا يستطيع أن يؤدي لله حقه من المحبة أبداً,إذ أن صفاتك محدودة ، وصفاته لاتُحد ، فأنى للمحدود أن يُدرك غير المحدود ؟ إذا أردت أن تسبّح الله عز وجل له بأقصى ما يمكن لك أن تسبّحه لن تجد أفضل من لفظ النبي ﷺفي ذكر الله عز وجل: ولذلك أقول لإخواننا الذين يصلون بالناس لا تؤلف في الدعاء : ( وزوج بناتنا وأعن إخواننا على إعفاء لحاهم وأخواتنا على النقاب!!)تشعر أن الدعاء فيه ابتذال ، مع أن الدعاء فيه استعطاف ، فلا تخرج عن منظومة الدعاء النبوي ، تخير منها كل ما تحب ، ولن تجد شيئاً في خيري الدنيا والآخر إلا ودعا به النبي ﷺ لكن الفرق كبير بين من أوتي أفصح العبارات وبين من يؤلف من رأسه,ثانياً: كان النبي ﷺ لا يدعوا إلا بالمحبوب من الكلمات عند الله ، فأنت إذا دعيت بدعائه فقد أصبت أحبَّ الكلام إلى الله ، لأنك مهما اجتهدت في الدعاء لا تدري أهذا محبوب لربك أم لا ؟. من الأدعية الخاطئة:وكثير من الناس قد يدعوا بالدعاء ولا يظن أنه خطأ بل قد يظن أنه من جوامع الكلم ، يقول: (اللهم أعني على ذكرك حتى لا يبقى للذاكرين شيئاً!كيف ذلك ؟؟ وصلي على محمد حتى لا يبقى من الصلاة عليه شيء!!)فهو كذلك يظن أنه وصل إلى القاع ولا يعرف أحد ينزل تحته ولا يطلع فوقه عندما تسمع هذا الكلام وتسمع الكلام الآتي ، ترى الفرق بين عذوبة العبارة واستحواذها على المعنى عندما كان النبي ﷺ يسجد كما في حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم قالت :" تحسست النبي ﷺ يوماً في فراشي ، فلم أجده ، فغرت وظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه ، فقامت ، من على السرير ونزلت ولم يكن في البيوت آنذاك مصابيح الدنيا مظلمة تماماً ، نزلت تفتح الباب وترى أين ذهب.قالت : "فلما نزلت وتحسست إذا بيدي تقعان على قدميه وهو ساجد يقول: أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، أعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك "أنا أريد أبلغ البلغاء يأتي بهذه العبارات ,انظر حتى الكلام تشعر أنه هز قلبك وحركه أعوذ برضاك من سخطك: أي منه وإليه ، لأن الفرار تفر من وإلى ، رجل يطلب فتفر منه إلى من تحتمي به ، لكن الذي يملك السماوات والأرض تفر منه إلى أين ؟ ستعود له مرة أخرى ,فيقول: أعوذ برضاك من سخطك ، كله مردود إلى الله,وبمعافاتك من عقوبتك ، أعوذ بك منك ، وفي الثناء قال: لا أحصي ثناءً عليك,:لا العبارات توافيني ولا ذهني يستطيع أن يأتي بألفاظ ، أنت كما أثنيت على نفسك . إذن عندما تتخير من الدعاء النبوي إذن لم تخرج عن أحب الألفاظ إلى الله : وكما قلت لكم نبينا ﷺ ما ترك شاردة ولا واردة يمكنك أن تفكر فيها إلا وذكرها ,يعني دعاء واحد يجمع كل شتات ما قال به في حياته المباركة ، دعاء واحد فقط ،. من الأدعية الجامعة: يقول : " اللهم إني أسألك من كل خير سألك منه نبيك ﷺ ، وأستعيذ بك من كل شر استعاذتك منه نبيك ﷺ" هذا الدعاء هل ترك شيئاً؟ ما ترك شيئاً ، كل خير جُمع في كلمة ، وكل شر جمع في كلمة إذن أفضل الذكر هو ما علمناه النبي ﷺ: وهو الذي ذكرت في الخاطرة السابقة أن الإمام البخاري رحمه الله ختم به صحيحه ,بدأ صحيحه إنما الأعمال بالنيات أول حديث في الصحيح ، وختمه بحديث أبي هريرة عن النبي ﷺ: "كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان للرحمن ، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم"وبينت العلة لماذا بدأ البخاري بهذا الحديث وانتهى بهذا الحديث ولا أريد أن أكرر المعاني وإن كنت أشرت إليها مجملة نظراً لإخواننا الذين لم يحضروا معنا في هذه الخاطرة فهو هنا يقول: ( لمَّا عَايَنْت بَصِيْرَتِي مِن الْطافِه دَعَانِي ذلك إِلَى الْهَيمان فِي مَحَبَّتِه ) الهيمان :هذه أحد مراتب الحب ، الحب هذا شيء كبير ويمكن أنا كثير الكلام في المحبة والحب ومتعلقات الحب والذكر لأنني أرى أن هذا هو لب الدين ، ومن استطاع أن يصل ويترقى في مراتب الحب سيصل إلى أن يكون عبداً لله كما أمر . لكن لا يستطيع المرء أن يصل إلى آخر درجة إلا إذا مر بكل الدرجات السابقة:فدرجات المحبة كثيرة جداً ، نص ابن القيم رحمه الله على خمسين منها وقال أنه أعرض عن ذكر كثير من الدرجات لأنها ليست من درجات المحبة ولكن من أحكامها فأنا سأذكر لكم الآن ما ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى في درجات المحبة ، ولكل درجة تقتضي عملاً بخلاف الأخرى ، مثل التدريس , عندما يدخل حضانة ومن ثم ‘ابتدائي سنة أولى وثانية وثالثة ورابعة وخامسة وسادسة وبعد ذلك أول إعدادي وثاني وثالثة إعدادي ومن ثم بعد ذلك جامعة حسب الكلية ست سنوات أو خمسة أو أربعة ، وبعد ذلك بعدما يصل إلى آخر سنة يكون رجل رأسه فاهمة ، يمكن يتوظف في هذه الحالة ويقوم بما يجب عليه من الوظيفة, نحن وظيفتنا الأولى هي العبودية . العبودية أقدم ميثاق أخذه الله على بني آدم: التي من أجلها خلقنا الله عز وجل ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ ليس معني يعبدون أنهم يجلسون في الجامع ويصوموا رمضان ويحجون وهذا الكلام العبادة بعدد الأنفاس, أنت مربع الآن يمكن هذه تكون عبادة ، أنت تهز رأسك يمكن هذه تكون عبادة ، الشهيق والزفير عبادة . كل صفة في الحياة مع ضدها عبادة :فالحزن له عبادة والفرح له عبادة ، والنوم له عبادة والاستيقاظ له عبادة ، الغضب له عبادة والحلم له عبادة ، كل شيء ، أي صفة تخطر على بالك لابد أن ترى لها ضداً كل شيء يريد عبودية لله عز وجل,إذن الإنسان لا ينفك لا بالشهيق ولا بالزفير عن العبودية ، هذه هي العبودية ، وليس العبودية أداء الصلوات وهذا الكلام فقط,إذن لا أستطيع أن أأتي بولد في روضة أطفال وأجعله يتولي وظيفة هذا الكلام لا يعقل متى يتولي الوظيفة ؟إذا ترقي في التعليم من أول روضة إلى أن يتخرج من الجامعة نقول له أنت توظف في هذا الكلام,فلا تطمع أن توظف وأنت في ابتدائي,كذلك درجات المحبة ، الذي يريد أن يصل إلى درجة الهيمان المرتبة السابعة والأربعون ، قبلها ست وأربعين مرحلة من المحبة ، لو تريد أن تصل إلى التعبد ، لا،هذه رقم خمسين ,آخر درجة في المحبة أن تصل إلى أن تقول لمن تحب أنا أعبدك ، إذا وصل المرء إلى أعلى درجات المحبة سواء كان لله عز وجل أو لغيره من الخلق يكون يعبده فلا يستقبح شيئاً ممن يحب حتى ولو كان قبيحاً ، فإن استقبحه كانت محبته ناقصة . ولا يستحق أن يُعبد على الحقيقة إلا الله:لأنه كل أفعاله حكمة ، أنت عندما تحب إنسان لدرجة التعبد وتقول له أنا بعبدك ، فهل هو معصوم ؟ هاهو يسيء إليك ويؤذيك وأنت من محبتك له صابر وأعمى عما يفعله بك, لكن الله عز وجل الذي يستحق العبادة وحده لا يأتيك منه إلا كل خير حتى الشر الذي من وجهة نظرك خير لك ,أُنظر في القرآن قال كثيرا﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ﴾ما لا ينفعهم ، ماشي ،لا يعطيني شيئاً لا أعبده ، لكن يضرني وأعبده ؟! هذه عجيبة من العجائب,. إذن من خصائص الإله أن يضر وينفع:هل يضرك أنت أيها الولي ، لن أقول أنك إنسان عادي ، لا وصلنا إلى درجة الولاية ، أنت وصلت إلى درجة الولاية الحقة هل يضرك ؟ نعم يضرك ، هو عندك ضرر ، لكن تقديره مصلحة لك ، بأن يحجب عنك الدنيا وملذاتها, كثير من الناس الفضلاء كانوا يقولون هذا ، إذا اشتهى إنسان شهوة وإن كان ولياً لكن علقة الشيطان في قلبه ، فلازال يلاعبه ، نعم يغلبه صحيح ولكن بعد مجاهدات ، فيمكن يقل إيمانه فيغلب الشيطان مثلاً ، ويقع في فاحشة كبيرة. مثل الحديث الذي رواه أبو موسى الأشعري موقوفاً في ابن أبي شيبة وغيره وسنده صحيح ، عن أبي بُردةَ قال: أنه كان مع أبيه ، وكل أخواته مع أبي موسى الأشعري وهو يموت ،اذكروا صاحب الرغيف ، يا أبانا ومن صاحب الرغيف؟ حكي لهم حكاية واحد راهب من بني إسرائيل عبد الله سبعين سنة وكان ينزل في السنة أسبوعاً يقضي مصالحه وما إلى ذلك وفي مرة من المرات وجد امرأة جميلة جداً لم يملك نفسه عنها ، فظل معها سبعة أيام ,ثم كُشف الغطاء عنه وعرف الجريمة النكراء التي فعلها وكيف السبعين سنة عبادة لا أرفع وجهي من الأرض وأنا أذكره كيف أقع في هذه الفاحشة ؟!! فاستهول الذي صنع فهام على وجهه في الأرض فلا يمشي خطوة إلا ويسجد سجدة ، ويستغفر ويسبح ويقوم ، ويبكي ويندم ويستغفر الله فظلَّ ماشياً إلى أن وجد جماعة من المساكين مجتمعين في مكان ، فكان تعب جداً ، فألقى بنفسه في وسطهم,هؤلاء كانوا اثنا عشر واحد أصبحوا ثلاثة عشر ، وكان هناك راهب يرسل لهم اثني عشر رغيفاً كل يوم, فلما ألقي نفسه بينهم ، فعندما رمى له الرغيف أخذه فبقي واحداً بلا رغيف فقال له : أين رغيفي؟ قال: ما كتمتك شيئاً فسأل : هل أخذ أحد منكم رغيفين ؟ قالوا لا ، كل واحد وجد معه رغيف واحد فالرجل قال له أريد رغيفي، قال له : والله لا أعطيك اليوم شيئاً ,وغضب عليه ، فهذا الرجل الجديد الضيف بينهم ، سمع الحوار ، فرمى الرغيف للرجل الذي يأخذه كل يوم ومات من ليلته ، هذا الراهب العاصي ,فوزنت عبادة سبعين سنة بسبع ليالٍ فرجحت السبع ليال أضاعت عبادة سبعين سنة ووزنت السبع ليال بالرغيف فرجح الرغيف ، فنجا,فأبو موسى يقول لأولاده : ( يا بني اذكروا صاحب الرغيف) يريد أن يقول : (لا تستحقرن من المعروف شيئاً ، ولا تستحقرن من الشر شيئاً قد يكون نجاتُك في هذا الرغيف مثلما حدث للراهب ، وقد يكون تلفك في هرة) مثل حديث الهرة المعروف حبستها حتى ماتت ,إذن كلام أبي موسى الأشعري هذا يدل على هذا المعنى الكبير، المتعلق بالكلام الذي أقوله في مسألة الترقي. إذا لم تأخذ المحبة بالترقي الخاص بها لن تصل تماماً:أعلى درجات المحبة العبادة ، وهذه لا تكون إلا لله وحده لا شريك له في ذلك ,فأنت تريد تصل إلى عبادة الله وحده لا شريك له في ذلك وأنت لم تكمل مراتب الحب التي قبلها ؟ مثل الذي يريد أن يتوظف وهو في الحضانة تماماً. فمراتب المحبة التي ذكرها ابن القيم أنا سأقولها وطبعا ًكل مرتبة من هذه تريد محاضرات ، أتمنى إني في يوم من الأيام أوفق إلى شرح ووضع ضوابط لكل مرتبة من هذه المراتب لأنها تساعدك على أن تترقى هذا السلم أو هذا الدرج حتى تصل إلى أعلى درجة وهي العبادة وهي آخر درجات المحبة. يتبع إن شاء الله... |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الدرس (6) من مدرسة الحياة الأحد 15 مايو 2011, 11:46 pm | |
| درجات المحبة: هي المحبة والعَلاقة والهوى والصبوةُ والصبابةُ والشغف والمِقهُ والوجد والكلف والتتيم والعشق والجوى والدنف والشجو والشوق و الخِلابة والبلابل والتباريح والسدم والغمرات والوهل والشجن واللاعج والاكتئاب والوصب والحَزن والكمد واللزع والحرق والسهد والأرق واللهف والحنين والاستكانة والتباله واللوعة والفتون والجنون واللمم والخبل والرسيس والداء المخامر والود والخلة والخلم والغرام والهيام والتدليه والوله والتعبد . هذه كلها كما قلت لكم هي عبارة عن مراتب كل مرتبة من هذه المراتب تأخذ معنى يرقيك إلى المعنى الذي فوقه بحيث لا تكرر المعاني ولا تلتبس عليك لكي يكون ترقيك ترقياً سليماً . يقول ابن الجوزي رحمه الله : ( لما عرفت ربي بأسمائه وصفاته ونعوته دعاني ذلك إلى الهيمان في محبته) إذا كان هذا الترتيب ترتيباً صحيحاً، إذن الهيمان في كلام ابن القيم وصل إلى المرتبة السابعة والأربعون. وقفة : قال تعالي ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ﴾ الولي لم يضره ويذوي عنه والدينا وشهواتها إلى آخره ؟ لأنه سبق في علمه تبارك وتعالى أن ذلك لا يُصلحه وإن كان في وقاع الأمر يعد شرا ًعند ذلك الولي أو عند ذلك الإنسان أنا أتمنى شيئاً ما ، ومع ذلك لم يأتي تجد قصير النظر متسخطاً ولا يسلِّم في حين أنه لو سلَّم وتمعن في الحكمة يعلم أن الله عز وجل منعه ذلك لصالحه ، ففعل معه ما اعتبره ضرراً ، هذا فيما يتعلق بأولياء الله لأن لو عندك مريض وأجري جراحة ً ما الطبيب هو الذي يقول بعد العملية ممنوع يشرب ماء لمدة خمس ساعات أو ست ساعات,أو ولدك الأثير الذي تحبه وليس لك غيره وعلى استعداد تبذل روحك في سبيل أي شيء يريده ، وهذا الولد قام بعمل عملية وبدمع العين ، وهو يقول ارحموني أعطوني قليل من الماء و قلبك يتقطع وتبكي ولا تريد أن تعطيه الماء ، يسمى هذا حب أم كره؟إذن لأنك تحبه لماذا تمنع عنه ما يشتهي ؟ لأن هذا سيضره ، لو شرب الماء سيموت أو تزيد علته ، فأنا قلبي يتقطع أيضاً ولكن لا أقدر أن أعطيه ، وهذا فيما يتعلق بنا .أنت تريد الدنيا ، إذا أتتك غرقت فيها كان مآلك النار فيحجبها عنك ، لكرامتك عليه المعنى الثاني بالنسبة للأعداء أنه يضرهم لصالحك ، لأن الضرر متعلق بصفات الله عز وجل مثل الجبار والقهار والقوي والمهيمن والعزيز ، لا يُغلب وإذا دخلت في جواره لا أحد أبداً يستطيع أن يصل إليك كما قال تعالى﴿ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ﴾ يحميك ولا يوجد من يستطيع أن يأتي بك ، إذن يضر أعداءك كما قال تعالى ﴿ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فحمد نفسه أنه أزال عدوك وأوقع به النكاية لصالحك. فمن خصائص الإله أن يضر وأن ينفع :هذا معنى الضرر ولن نتكلم عن النفع لأنه مفهوم بالنسبة لنا جميعاً بخلاف الضرر يعني ما يكون شراً في مقياسك يكون هو عين الحكمة عند الله ، وكان من دعاء النبي ﷺ أنه كان يقول:" والشر ليس إليك" أي الشر المحض الذي لا تنطوي عليه حكمة لا يكون من الله ، إنما صار شراً باعتبار توصيف البشر فظنوه شراً ، الذي حدث للنبي ﷺ في حادثة الإفك ، هل هناك أعظم من أن تُتهم الطاهرة العفيفة ، طاهرة البيت الصديقة بنت الصديق حبيبة النبي ﷺ أن تُتهم بالزنا ، هل هذا شيء بسيط ؟!!ليس على النبي ولا على الصديق أو الصحابة ، بل على المجتمع كله ، لا هذا لم يكن بسيطاً ، فالمجتمع زُلزل ، والذي زلزله أكثر أن الوحي انتظر ولم ينزل فوراً فالنبي ﷺ ولا يستطيع أن يتكلم عن هوى نفسه ، كما قال تعالى : ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ لو نطق عن هوى نفسه ماذا سيقول: هي بريئة والله ، لو نطق عن هوى نفسه في مرة من المرات لكان في هذا الموضع ، وساكت والناس يخوضون وعائشة تتمنى أن يقول كلمة يبرئها وكانت تبتهل الله أن يرى النبي رؤيا ﷺ ليقول عائشة بريئة ومع ذلك كل هذا لم يحدث والدنيا تغلي والكلام ينتشر ودليل البراءة غير موجود قال الله عز وجل في هذه المنظومة المبكية ،﴿ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾أين الخير فيما نظن نحن قبل أن نعرف نهاية الحادثة وما أنزل الله عز وجل فيها من الآيات والعبر وتميز الخبيث من الطيب وعرفت عدوك من صديقك ، أين الخير؟ فاجعلنا نحن نحيا هذا الحدث ، وحدث ما حدث ، وجئت قلت لك صدقني هو خير، هل ستقبلها مني؟ !أهو خير أن تبكي عائشة _رضي الله عنها_ ثلاثة أيام لا تكتحل بنوم حتى كاد البكاء أن يفلق كبدها ، أين الخير هنا؟!أين الخير في أن يتكدر خاطر النبي ﷺ وأن تُتهم امرأته بالزنا ، وهذه لم تحدث إطلاقا ًقبل ذلك ، ولا اتهمت امرأة نبي بالزنا فكيف بسيدهم ﷺ ، أين الخير ؟الذي فيها قل لي لو نحن نتكلم والحادثة الآن موجودة وهذا الكلام أنت ستعود للافتراضات والاحتمالات وتقول: ولعل ولربما ، وهذا لن يشفي غيظك هذا الكلام ، ومع ذلك كانت خيراً للمسلمين والمجتمع كله, أي خير مثلاً لو أننا نناقش بعض على الكلام السابق ، في أن يتساور الحيَّان الأوس والخزرج في المسجد وبالسلاح أيضاً ، ويخرج النبي ﷺ الذي لم يشتكي قط إلا إلى ربه ، فيشتكي خلق الله إلى خلق الله يقول وهو صاعد على المنبر :" من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي والله ما أعلم عن أهلي إلا خيراً "من يأخذ لي حقي من رجل أشاع الفاحشة على أهلي وأنا لا أعلم عن أهلي إلا خيراً ؟يقوم سعد بن معاذ :" أنا أعذرك منه_ ، وأنتم تعرفون سعد بن معاذ كان سيد الأوس وكانت له كلمة ماضية ، وهو الذي اهتز له عرش الرحمن ومناقب سعد رضي الله عن سعد. قال: "إن كان من الأوس ضربت عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، "فانظر حتى وهو يتكلم عن الخزرج يراعي مشاعرهم لأنه كانت بين الأوس والخزرج في الجاهلية حرب طاحنة ، وسيد الخزرج سعد ين عُبادة وجالس عندما تكلم عن الأوس تكلم كلاماً ماضياً لا يحتمل التأويل , وإن كان من الخزرج تكلم بلطف شديد لكي لا يثير حفيظة سعد بن عُبادة .فقال:" إن كان من إخواننا "، هذا أول احتراز ، من الخزرج ،" أمرتنا ففعلنا أمرك " لم يقل ، وإن كان من الخزرج ضربت عنقه ، لا تستوي ,ومع هذا الاحتراز غضب سعد بن عبادة وقال : "والله لا تقتل ولا تستطيع" !لماذا؟ في تقديري وفهمي ، أن قاتل مؤذي النبي ، شرف، فأنت تريد تفوت علي هذا الشرف ,عندما يكون المجتمع يغلي كل هذا الغليان وأنا أقول لك ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ولم تكن آية نزلت ، لن تقتنع بهذا الكلام لأن من هو أجل مني ومنك ، عرض له هذا المعنى ولم يشفي قلبه ، وهو عمر بن الخطاب كما في صلح الحديبية عندما جاء عمر بن الخطاب قالت قريش لن تأتوا البيت هذا العام ، لماذا ، لن نأتي البيت ونحن محرمين وأتينا بالهدي معنا ، فما الموضوع؟ أطلقنا عليهم ونحن نربيهم مثلما ربيناهم في بدر وأُحد وكل هذه الغزوات فقط أطلقنا عليهم ونحن سنربيهم ، ولكن يمنعوننا عن البيت؟!فذهب عمر بكل هذا الإحساس والشعور إلى النبي ﷺ ، فيقول له :" ألست رسول الله حقاً؟ قال: بلى ، ألسنا على الحق وعدونا على الباطل، قال له : بلى ، ألم تخبرنا أننا نأتي البيت ونطوف به؟ ، قال: أأخبرتك أنك تأتيه العام؟ قال بلا: لا ، قال : فإنك آتيه ومطوف به ، أنا رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري" ، ولكن هذا لم يشفي ما في قلب عمر ذهب إلى أبي بكر الصديق "يا أبا بكر ، أليس رسول الله حقاً قال له: بلى ، قال: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ، قال له: بلى ، قال له: ألم يخبرنا أننا نأتي البيت ؟ قال : أأخبرك أنك تأتيه العام ؟ قال له : لا ، قال: فإنك آتيه ومطوف به ، ثم قال له أيها الرجل إنه رسول الله وليس يعصيه وهو ناصره فاستمسك بغرزه" ومع ذلك لم يششتفي غليل عمر بن الخطاب , لكن حط راحلته وخشي ينزل فيه قرآن,لأنه كان يكلم النبي ﷺ بلغة المعترض ويكلم أبو بكر وجده كأن النبي ﷺ لقنه العبارات فقال: أكيد قرآن سينزل في .فاستحث راحلته وطلع في الأمام ، حتى أرسل النبي ﷺ إليه ونزلت الآيات ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ ما هو المبين ؟ عندما ترى هذا المنظر ، تقول ما المبين فيها ؟ فانظر آخر القصة وما كان فيها ، وأن هذه نزلت في صلح الحديبية ولم تنزل في فتح مكة فكثير مما يقع بالمؤمنين من البلايا والضرب والتشديد والتضييق ، خير لهم: ، لأنهم إذا استراحوا إلى الدنيا واستروحوها ضاعوا ,إذن المضرة هنا أنت تسميها مضرة ، لكن هي عين الحكمة ,لذلك عندما تقرأ قوله تعالى ﴿مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ﴾ أو﴿ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ﴾مثل هذه المعاني لابد أن تستحضر هذه المعاني أن هذا الضرر خير كله ، خير لك أنه حاجب عنك ما يؤذيك ، والنوع الثاني من الضرر أنه يوقع الضرر بأعدائك نصرة لك كما قال تعالى ﴿ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ إذن منظومة الذكر كلها متعلقة بأصل المحبة :وقد ذكرت لكم درجاتها لتترقوا فيها شيئاً فشيئاً بجد واهتمام لأنه يمكن منزلة واحدة تستغرق عمرك كله, تجد نفسك على منزلة الجنون ولا تفيق ، ماذا سنفعل ؟ لابد من تحرير معنى الجنون ، ليس الجنون أن تفقد عقلك ، أن تفعل فعل المجانين عند الناس ,مثال: أن تبذل روحك في سبيل الله يقولون مجنون مجنون ، مثلما حدث في حديث أبي أيوب كانوا مع الروم ودخل أحدهم دخل في وسط الأعداء وكانوا كثرة ، وأخذ يضرب فيهم يمنة ويسرة ، وطبعا ًسوف يقتلوه ، فقال الجميع :" ألقى بيديه إلى التهلكة" ، فقال أبو أيوب : "على رسلكم أيها الناس إن هذه الآية ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ نزلت فينا معشر الأنصار" ، نحن نعرف لماذا نزلت وما سبب نزولها ,قال :" لما نصر الله دينه وأعز جنده ، قلنا نجلس في زراعاتنا وتجاراتنا نُصلح ما فسد منها ،" فكل يوم هم في غزوة لا يلبثوا أن يضعوا السلاح إلا ويُقال له ألبس السلاح يوجد غزوة كذا , وهكذا وبالتالي من يُفلِّح لا يستطيع أن يُفلِّح الأرض ، والذي يتاجر لا يستطيع أن يتاجر فيقول :" طالما أن الله أعز جنده ونصر دينه "، نجلس ونصلح تجاراتنا وزراعاتنا فأنزل الله عز وجل هذه الآية ، قال:" فكانت التهلكة ترك الجهاد "، وليس التهلكة أن يفسد مالك ، إذن من دخل في صفوف الروم قالوا عنه :" ألقى بيديه إلى التهلكة" أي مجنون ، فليس معنى الجنون أن يرتدي أحداً ما لا يليق به في الطريق ويفعل كذا وكذا, ، الجنون في الحب له معنى ، يوصلك له المعنى الذي قبله لكي ترتقي في المعنى الذي بعده , وأتمنى أن أقف عند مراحل المحبة وأتكلم عنها وأضع لها ضوابط لكي تتخذها مثالاً ثم تزيد عليها والناس يتفاوتون تفاوتاً عظيماً في فهم المعاني , غداً إن شاء الله نتمم الكلام عن كلام ابن الجوزي, أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم. انتهي الدرس السادس (أختكم أم محمد الظن) |
| | | | الدرس (6) من مدرسة الحياة | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |